المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العدد 2 @ { ألفا } |عالم لا نعرفه|@



صائد المكافآت
2-8-2010, 05:17 PM
<<بسم الله الرحمن الرحيم>>

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته،،،
تحياتي لكم جميعاً إخواني و أخواتي رواد منتدى مسومس.. أخيراً آن اوان تقديم العدد الثاني من @{ ألفا } |عالم لا نعرفه|@ كما يقول العنوان،، إذاً و قبل ان أبدأ السرد ، أريد التنبيه على شيء ما في العدد الاول، هناك موضوع هام لم أطرحه -للأسف- في العدد السابق icon114، و هو "الملحق" لذا سأطرحه أولاً، و ما إن يتم عرضه في المنتدى سأضع أول مقطع من العدد الثاني في ردي الأول، إذاً دعونا مع ملحق العدد الاول، آمل أنني وُفقتُ فيه aq4...



الملحق
هذا الجزء من القصة مخصص لأجل التساؤلات الغامضة التي وردت بين طيات الأحداث، و لمْ تتسنى ليَ الفرصة كي أوضحها حرصاً على عدم الاستطراد –الذي أجيده منذ نعومة أظفاري- ،لا بأس من عدم قراءة هذا الباب. سيرد بين طيات هذه الصفحات -إن شاء الله- ما يلي :
n تفصيل عن حياة ”سياف“ و شخصيته.
n كيف استحق ”مازن“ رخصة القيادة. (ليس تافهاً!)



الآن دعونا نبدأ..



الجاما : سياف

إنه شاب في السابعة عشرة، ودود بطبعه، ملامحه هادئة لكنها تخبر عن شخصية قيادية لا تُقاد.
و يعد ”سياف“ أباً لأبطال قصتنا، فهو العاقل الوحيد بينهم، خبراته التقنية محدودة، لكنه يعرف كل ما يحتاجه شخص مثله ليواكب العصر. قلنا من قبل أنه تعلم الطهو فيما يسمى بـ ”أكواخ التدريب اليابانية“ و هي أماكن نائية في شمال و جنوب اليابان، تعلم المتحولين ذوي الطاقة كيفية استغلال طاقاتهم و تحريرها في صورة أسلحة أو أساليب مبتكرة. و قد درس ”سياف“ و تعلم القتال في كوخ تدريب ياباني شمالي، و تم ذلك بأن نشط جين التحول خاصته، و تحددت طبيعة طفرته :أنه يمتلك طاقة قابلة للإخضاع و التطويع. و بتنشيط ذلك الجين يظهر باب فجأة أمام ذلك المتحول ليأخذه إلى الكوخ المناسب متخطياً بذلك كل حواجز المكان و الزمان، و ظهور الباب عبارة عن تــأثير طاقة المعلمين في تلك الأكواخ، و هذا يحدث تلقائياً؛ بحيث أن المعلم ذاته لا يستطيع أن يحدد ما إذا كان هناك متحول جديد أم لا، و لا أن يتحكم في ظهور الأبواب .و في الأكواخ الشمالية يتعلم المتدربون بعض الأمور مثل : فهم الطاقة و تحديد نوعها و كيفية تطويعها إلى جانب علمٍ عادي يبرعون فيه فيستطيعون أن يزاولوا حياتهم و يكسبوا رزقهم حتى و لو في مجال بشري –للعوام-.
و الكوخ الذي اُجتُذِبَ إليه ”سياف“ و هو في السادسة من عمره يعد الكوخ الرئيسي بين كل أكواخ شمال اليابان التدريبية، لأن كل المتحولين فيه يمتلكون طاقة خاصة يمكن وضعها في ”سلاحٍ أزلي“، و الأسلحة الأزلية هي معدات قتال عتيقة صنعها ”راسبوتين“ شخصياً قبل عدة قرون ليحفظ انتقامه من الاندثار؛ فابتكر أسلحةً مهيبة و قسَّم رغبته في الانتقام و الاستيلاء على كل ما تقع عيناه عليه على تلك الأسلحة؛فصارت أشياءً مدمرة تخاطب صاحبها بأسلوب التخاطر و تدفعه لإيذاء الناس من حوله بحجة تطهير العالم من المفسدين، و مِن ثمَّ يأتي يوم يحتاج فيه حامل السلاح إلى المساعدة أمام كل هؤلاء الذين رأوا فساده و يسعون لدحر هذا الشر، و طبعاً تتجه أنظارهم إلى الشخص لا السلاح الجامد، و في اللحظة التي يحتاج فيها ذلك الشخص إلى قوة السلاح..يخرس ذلك الشيء و يتوقف تماماً عن التخاطر كأنما قرر تدمير صاحبه لأنه غير ذي منفعة !! باختصار،إنها أسلحة كـيد ميداس يعتقد المرء أنه يسيطر عليها و على نفسه بينما تدفع به نحو التهلكة خطوةً تلو الخطوة.
و قد استطاع أحد المعلمين حبس على تلك الأسلحة باستخدام طاقته في حجرات معزولة منفصلة، و في أحد الأيام أتاه متحول استطاع السيطرة على سلاح : الرمح، و هو أكثر الأسلحة الأزلية شراً ،و ذلك بسبب هدوئه –المتحول- و طبيعته الرزينة الرصينة التي كانت لا تتأثر بإلحاح الرمح و لا بقدرته على إقناع الناس بضرورة القتل لتعميم السلام، بل و صار الرمح أهدأ و أقل إلحاحاً و رغبةً في القتل و الانتقام يوماً بعد يوم..و من هنا قصر ذلك المعلم –الذي حبس الأسلحة- طاقة فتح الأبواب على الذين يتمتعون بصفات ذلك المتحول الذي كبح بطش سلاح أزلي. و لأن هؤلاء الناس قلائل، فمتدربو هذا الكوخ يعدون على أصابع اليد الواحدة في كل جيل. و ”سياف“ صار واحداً منهم و قد تمكن من كبح سلاح : السيف. و هو ليس سيفاً عادياً، لكننا سنتحدث عنه في ملحق آخر -بإذن الله-.
بين أسطر القصة، نبهنا إلى أن "سياف" إنما هو لقب لا اسم أصلي. و الاسم الحقيقي مذكور مرة واحدة فحسب في سجلات ألفا السرية و لا يعرفه سوى السيد/ رءوف مدير ألفا العرب، و الرئيس الألفي -الذي يعد مديراً لكل المدراء و لكن هذا ليس وقته- ،و "سياف" نفسه قد بدأ ينسى اسمه الحقيقي. سيأتي ذكر ماضي "سياف" الأكحل الدامي في عدد قادم -إن شاء الله-، لكن الملف العام الذي يسمح لقليل جداً من طلاب ألفا بقراءته كما يسمح بذلك لمعلميه -دوناً عمّن سواهم- يضم الملخص التالي:
" عندما عاد "سياف" من كوخ التدريب بعد أربع سنوات أمضاها في تطويع طاقته و كبح سلاحه، كان قد صار في العاشرة، و في منزله بدولة (....) العربية ، وجد منزل العائلة الذي كان يضم أسرة والده كلها -من الجد و حتى الأحفاد- غارقاً في الدماء القاتمة و جثث عائلته ملقاة على بقايا المقاعد و الطاولات، بينما وليد عمته -الذي كتبوا إليه أنه جاء إلى الدنيا منذ شهرين- منكل بجسده الصغير و هو يطفو فوق بركة من السائل الأحمر، فتراجع ابن العاشرة في خوف و شعر بشيء ما تحت قدمه اليمنى فإذا به جسد والده الحبيب مخضب بدماء متجلطة و فيه رصاصات في كل صوب !! كم صرخ! كم بكى الطفل الفتيّ و هو يرى أن كل أحبائه قتلى متناثرين في صالة المنزل أكثر من الأثاث.. خرج إلى الشاعر و دموعه المالحة تغمر وجهه ،دخل كل البيوت المجاورة، بيتاً بعد بيت،و جثث بعد جثث..
و من خلفه جاءه صوت طفلة في السابعة شاحبة الوجه بارزة الضلوع تحتضن دميتها المشوهة بين ذراعيها الضعيفين قائلة: - لقد جاء رجال كثيرون معهم أشياء مؤذية و كانوا يترنحون يمنة و يسرة، رآهم بابا فطلب مني أن أختبئ لكنه لم يختبئ مثلي، راحوا يدورون حول المنزل و فجأة سمعتُ صراخ أمي و أُختَيّ ثم بووم! و بعدها الكثير من الصراخ و الصراخ و البووم !! لكن هؤلاء الرجال كانوا يضحكون بشكل غريب، و يدخلون كل منزل ثم يخرجون بأحجار صفراء لامعة كعقد أمي ، و عندما خرجتُ من مخبأي لم أجد أحداً مستيقظاً ،جميعهم نائمون، و عصير الطماطم يغطي الأرض..هل تستطيع إيقاظ أبي؟ لقد طلب مني ألّا أوقظه أبداً و أن تكون أمي وحدها مَن يوقظه عند نومه، لكنها هي أيضاً لا تريد أن تستيقظ.. سألها و قد التمعت في عينيه نظرات قاسية - مذعورة لكنها قاسية : - متى جاء هؤلاء الرجال؟ - مساء أمس و رحلوا قبل ..(و هي تعد على أصابعها).4 ساعات.هل هم أصدقاؤك؟ - لا...
قالها و غادر تاركاً الطفلة وحدها تتداعب دميتها بعد أن ألقى إليها بحقيبته التي حمل فيها طعاماً و ماءً ، ألقى نظرة أخيرة على جثث عائلته ثم ذهب بعيداً، و منذ ذلك اليوم انتشر خبر وجود سفاح متوحش يقتل الجنود السكارى و يفرغ في أجسادهم طلقات أسلحتهم ، و القتل يتم دائماً بآلةٍ حادة كالسيف أو السكين ..
حتى جاء اليوم الذي ذهب فيه الرئيس الألفي بنفسه ليحقق في الأمر بعد أن وصل عدد القتلى إلى الخمسين ،و هو متأكد أن السفاح متحول نظراً لنجاحه في أفعاله الشنيعة باستخدام سلاح أبيض بدائي..حتى وجده..وجده و هو يقتل ثلاثة جنود بسيفه دفعة واحدة ثم يمسح الدماء عن نصل السيف بعباءة حمراء -فيها بعض الفراغات بيضاء اللون- يرتديها على ظهره كالفرسان القدامى -و يا له من فارس لطيف- ..اقترب منه في هدوء فالتفتَ إليه الفتى بوجه خاوٍ لا ملامح فيه، لا حزن و لا غضب و لا فرح و لا انتشاء..فقط وجه خاوٍ.لكنه رأى السيف يتلوى كأنما يضحك و فجأة انتصب السيف لما رأى الرجل القادم -الرئيس الالفي- يشهر رمحاً من الأسلحة الأزلية ، و بصوت هادئ -رغم الموقف - هتف:
- أيها الفتى مَن تكون؟
لا إجابة فقط نظرة خاوية و فم لا تنفرج شفتاه على جسد طفل بائس أشعث مغبر.. لكن الرجل صاح بصوت عال:
- أيها السيف الأزلي..أقسم بالله لئن لم تترك الفتى لأحبسنَّـك كما فعل معلمي قبلاً.أتفهم؟
توقف الفتى لحظة و بدأت بعض ملامح الحياة تغزو وجهه، بينما انسلّ السيف من يده ليدخل غمده المعلق في حزام الفتى من جهة الظهر، راح الصبي يغمض عينيه و يفتحهما مرة تلو مرة و هو ينقل بصره بين الرجل -الرئيس الألفي- و الجثث الثلاث. لم يبال بالجثث و إنما اتجه إلى الرئيس الالفي في هدوء لكن بخطا سريعة ثم توقف على بعد خطوتين و سأله :
- هل أنتَ هنا كي تقتلني؟
- لا..أنا هنا كي أسألك عما تفعله؟
- أخلص الأرض من الفاسدين.
- و من هم الفاسدين من وجهة نظرك؟؟
- إنهم (و التفتَ إلى الجثث) هؤلاء الجنود السكارى الذين يسرقون بيوت الناس و يقتلونهم و ينكلون بالأطفال.إن الفاسدين هم الذين قتلوا أهل بيتي و جيراني و أصدقائي بسبب الخمر المقيتة.
- و ما الفرق بينك و بينهم؟! صحيح أنك لستَ ثملاً لكن عقلك تحت سيطرة هذا المؤذي (قالها و هو يدير وجهه نحو الغمد ) .
- لستُ تحت سيطرته. سَلْـه.
قالها و استل السيف في وضع عمودي أمام الرجل الذي راح يحدق بتمعن في السلاح و فجأة اتسعت عيناه في ذهول و هتف :
- السيف كان مرغماً على القتل !! لقد رفض السيف أن يقتل بعد أن كبحتَهُ أثناء تدريبك يا فتى..أنتَ أجبرتَ سلاح "راسبوتين" الأزلي على أن يقتل!!
أومأ الفتى برأسه إيجاباً و هو بعيد السلاح إلى غمده خلف ظهره في هدوء و ما إن رفع عينيه إلى الرئيس حتى هوت كف على وجهه الصغير ألقته عدة امتار إلى الوراء. و بصوت غاضب لكن مشفق قال الرئيس الألفي :
- أي طفلٍ أنت؟ أي حياة قاسية عشتها؟؟ أي سبب دفعك إلى أن تقتل ما يزيد عن الخمسين رجلاً في عدة أيام ؟
انهار الصبي و هو يتحسس خده المصفوع فاغرورقت الدموع في عينيه و صاح باكياً :
- لقد قتلوا ابي و امي و اعمامي و إخوتي و زوجات أعمامي و عماتي و أزواجهن و نكلوا بأبنائهم الرضع..أي إنسان يرى الموت و يظل إنساناً ؟!
لاح العطف و الشفقة على وجه الرئيس فتقدم من الصبي و عاونه على النهوض ثم ضمه إليه في حنو أبوي و قال:
- من اليوم لن أدع عينيك تريان الموت ..ستعيش في ألفا ككل الفتية في عمرك و لن تقتل مجدداً هيا انزع عباءتك الحمراء عن ظهرك. هيا..
- ليست حمراء ،إنها عباءة أبي البيضاء و لكنها تلونت بدماء الجنود .
و بلمح البصر انتزع الرئيسُ العباءةَ و ألقاها بكل قوته بعيداً و بحب لم يعتده أحد على الرئيس الألفي راح يضم الفتى إلى صدره أكثر و أكثر بينما الدموع تنهمر من عيني الطفل الصغيرتين.."
و بعد هذا بفترة، سلَّم الرئيسُ الفتى إلى السيد/ رءوف، و ألزمه أن يعامله باعتباره ابناً له و أن يربيه بنفسه، و لم يُكذِّب مدير ألفا العرب خبراً.
و يوماً بعد يوم ،عام بعد عام، اشتدّ عود الصبي و اشتهر بلقب "سياف" بعد أن حظر عليه المدير أن يخبر أحدا باسمه الذي يخبر بوضوح عن بلده الأصلي ممـــــا قد يجعل أصدقاء أولئك الجنود ينتقمون منه أو على الاقل من أهل وطنه لأجل أصدقائهم. و قد التزم "سيــــاف" بهذا و قد صــــار أفضل خريجي ألفا بعد أن درس مختلف لغات العالم -وقد بدأ دراسته لها في الـــــكوخ اليابــاني الشمالي و لا زال يدرس رغم تخرجه- و قد هزم الجاما السابق فاحتل موقعه ، أما الجاما السابق فكان مصيبة حلَّت على ألفا العرب و فضحها في مختلف الفروع -و هـــــو يدعى "عصام"- لن نتحدث عنه هنا، لكن يكفي أن نقول أن "سياف" تقدم إلى بطولة ألفا السنوية و صــــار ثاني أفضل مقاتل ألفي في العالم. أمَّا الأول فلا أرى سبباً لأكتب عنه هنا ..



كيف حصل مازن...؟
تعد ألفا مدرسة داخلية و تنظيماً اجتماعياً عالمياً يعده و ينتمي إليه و يحتمي به كل المتحولين الأخيار في هذا العالم. و أنا أقصد بـ“الأخيار“ هؤلاء الذين لا يستغلون تحولهم في سرقة المتحولين الآخرين أو العوام ،و لا في ارتكاب أية جريمة بلا مبرر حقيقي. و لأن ”مازن“ صار أحد هؤلاء ”الأخيار“ فدرس مادة علمية في صفوف ألفا – هي الرياضيات- و تعلم القتال معتمداً على طبيعة تحوله، بل و صار من أفضل المقاتلين التابعين لفرع ألفا العرب، فقد حصل على عدة امتيازات منها حقه في قيادة سيارته برخصة سليمة قانونياً ، و ببعض التعاون و الوساطة من السيد/ رءوف ،دخل ”مازن“ اختبار القيادة العام الماضي رغم أن عمره لا يسمح له بذلك، و لكنه ملأ الاستمارة و الأوراق الرسمية على أنه في الـ18 من عمره بعد زيادة ثلاثة أعوام فحسب على شهادة ميلاده –عن طريق ألفا طبعاً- و لم تساور الشكوك أحداً لأن طوله و بنيانه الجسدي يجعله يبدو في هذه السن بالفعل. بالمناسبة، يحق لكل متحول تابع لألفا أن يدرس مادة أو علماً يؤهله ليكون ذا منفعة في بنيان ألفا إن لمْ يُجِدِ القتال أو لمْ يرُقْ له. فـ ”سياف“ يجيد عدة لغات حية، و ”درادران“ خبير في الجغرافيا خاصة منطقة جنوب افريقيا ، و ”مازن“ بارع في الحساب و لديه قدرة على الملاحظة و الاستنتاج. ”شيماء“ عالمة تقنيات و تجيد شيئاً آخر نعرفه لاحقاً. ”هانز“ ميكانيكي بارع في إصلاح السيارات. ”سميث“ طبيب تحت التمرين. ”ميرا“ تجيد الأشغال اليدوية و تحبها. و ”رشا“ لديها حس عالٍ بالشعر و الموسيقى و الجمال .


إلى لقاء آخر في عدد آخر.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

==============
إذاً هنا ينتهي الملحق، لاحظوا انه بطول القصة ذاتها !! عذراً على عدم تنظيمه، لكن سأحاول تحسين الوضع مع ردي التالي..

صائد المكافآت
5-8-2010, 03:25 PM
هـأنذا قد عدتُ إليكم من جديد :d،، و مع المقطع الاول من العدد الثانيicon30 .. رجاءً ضعوا و لو رداً واحداً؛ لأني قد عزمتُ ألّا أضع مقطعاً إضافياً إلا بعد مشاهدة الرد الأول icon14 >> و بيتشرط كمانthumbdown !!
ملاحظة: القصة ستبدو مبهمة بعض الشيء في البداية و تأخذكم من مشهد إلى مشهد آخر لا علاقة بينهما لكن ستترابط الأحداث تباعاً.


المهم.. دعونا نبدأ ^ ^.




المكان: قمة جبل عالٍ في اليابان.
الزمان : عام 2009 –نفس الزمان الذي تجري فيه القصة- .
الحدث:
وقفت فتاة حازمة الملامح ، بيضاء البشرة، تتشح باللون ذاته، ملابسها عبارة عن ”كيمونو“ ياباني أبيض اللون بلا أية نقوش أو زخارف، ترتدي حجاباً أبيض أيضاً، ثبتت عليه قطعة من نفس اللون و الخامة لتنسدل على كتفيها و تتطاير مع النسائم الذاهبة و الآيبة ، راحت تنظر إلى كل تلك المساحات الخضراء الممتدة عند سفح الجبل لتحميه من تمدد المدن الصناعية التي بدت كوحوش نائمة في الظلام، رفعتْ عينيها ببطء إلى السماء ترقب خيط الفجر الأول و هو يشق طريقه في ظلام الليل، شعاع يلي الشعاع، و قبضتها الرقيقة تزداد ضغطاً على اللفافة التي تمسكها. و ما إن غُمرت الأنحاء بأشعة الشمس الذهبية حتى دسّت اللفافة في ملابسها ثم تنهدتْ، و تقدمت خطوة باتجاه الهوة! و دون مقدمات، ألقت بنفسها رأسياً من علِّ...



******

القلب الصافي
6-8-2010, 03:12 PM
محجوز...
ولي عودة بعد القراءة بإذن الله...
تحياتي...

ماشاء الله تبارك الرحمن...
كما اعتدنا منك اخي كاتب مرموق تحب ما تكتب وتغدق عليه بالكلمات
والتعابير المؤثرة الرائعة...
استمر قدما نحو القمة فقلمك يحتاج حقا لان يرى النور الكامل لاشعة شمس طريق الكتاب...


ملاحظة هامة:لا تلتفت لعدد الردود فهناك من يتابع بصمت...
صحيح يبدو هذا مستفز بعض الشئ ولكن قلمك لا يحتاج تعليقا
فقو مبدع بحق...

تحياتي...

صائد المكافآت
8-8-2010, 12:59 AM
في انتظار عودتك أختي، و في انتظار بقية الأخوة..

الفجر القريب
8-8-2010, 07:55 AM
سأحجز هذا المكان ..لأرى المقطع التالي ..

وأتمنى ألا أكون هدفاً لك إن لم أعد ..
مضطر حالياً لأرى العدد الأول ..

شكراً لك وفيك بارك الله

ميوا
8-8-2010, 02:32 PM
الله الله الموضوع القصة رائع بارك الله فيك يا راوي لي متابعة في الحلقة التالية
شكرا و في امان الله

صائد المكافآت
9-8-2010, 02:18 PM
شكراً جزيلاً لكما..و الآن مع المقطع الثاني Icon33 ==> إنه طويل بعض الشيء ^ ^!!


V
V
V


- (في براءة و حذر) مَن تكونين؟
- إنني صديقة أختك.لقد طلبتْ مني أن آخذك إلى مكان معين اليوم.
- شقيقتي لم تخبرني شيئاً عن هذا.ثم إنني لا أعرفك، و أبي قال لي ألا أكلم الغرباء..
- لستُ غريبة، إنني "رندا" صديقة شقيقتك، و أنا لن أؤذيك، فقط سآخذك إلى تلك السيارة الواقفة أمام منزلكم هنا في لبنان، إنها سيارة كبيرة و قد وضعتُ فيها هدية رائعة.
- أي هدية؟؟ قال لي "مازن" أن الغرباء الأشرار يقنعون الصغار أمثالي بالذهاب بعيداً بواسطة خدعة كهذه.
- لكن هذه الهدية ليست خدعة، إنها شريط مصور لفيلم وثائقي عن شباب والدتك.أعلم أن شقيقك "مازن" أحبَ والدته كثيراً و يتمنى أن يحصل على هدية كهذه.
- إذاً أعطِها له بنفسك..
- هذا لا يصح، كما أنني لا أفضل إعطاءها لشقيقتك "رشا" إنها أنانية و قد ترفض إعطاء الشريط له.
- صحيح..لكن عديني ألا تؤذينني..
- (بابتسامة صفراء دبلوماسية) أعدك.
ففتح الطفل باب المنزل و خرج ثم تقدم في حذر من السيارة الكبيرة و هو يخشى أن يغضب منه والده عندما يعود من العمل لكنه ابتسم في براءة و هو يتخيل فرحة "مازن" بالشريط...


*****



تعالى صوت كعب حذاء "رشا" و هي تركض عبر الممر المؤدي لمكتب السيد/ رءوف في الطابق السادس عشر إياه، كانت الدموع قد بدأت تحتشد في عينيها و كلام المدير لازال يتردد في أذنيها ،كلامه الذي سمعته قبل قليل عبر الهاتف الداخلي:
- أيتها الطالبة "رشا"، لقد حدث ما خشيناه.لقد اختُطِفَ "باسم"!!
حبست دموعها في عينيها، و هي تطرق باب المدير مرة واحدة ثم تدخل دون أن تسمع الإذن بالدخول، و في الواقع كان الرجل عملياً للغاية فما إن رآها تدلف إلى غرفة مكتبه حتى قال بصوت متوتر :
- لقد اتصل والدكِ بي صباح اليوم، أخبرني أن "باسم" لم يكن بالمنزل لدى عودته من العمل، لكنه وجد شريطاً مصوراً في الجهة الداخلية للباب، شاهده و أرسل لي نسخة منه وصلتني قبل 10 دقائق بسبب بطء البريد، شاهدتُ الشريط و لمْ أجد ما يسر.
- سيدي، ماذا تعني؟
- لا داعي للكلام، شاهدي بنفسك.
قالها ثم ضغط زراً أمامه في المكتب فعمل جهاز تشغيل الشرائط، مسلطاً الضوء على الجدار الأبيض خلف المدير،الذي نهض متفادياً الضوء ليقف بعيداً عن مسار الأشعة الضوئية الساطعة،
و اتسعت عينا "رشا" و هي تحدق في "رندا" التي تراءت لها صورتها على الجدار -الذي يؤدي دور شاشة العرض هنا- بابتسامتها الساخرة، الجالسة على أريكة فاخرة في صالة منزل، لا..إنه ليس مجرد منزل، إنه منزلها هي! لكنها تناست كل هذي الخواطر لمَّا بدأت تلك الـ"رندا" بالحديث:
- مرحباً، قد يكون المُشاهد لهذا الشريط هو السيد/ فاروق، أو "مازن" و لربما تكون "رشا" الواهنة تلك هي التي تشاهدني الآن، على كل حال..الأمر واضح، إن الصغير -باسم- معي، لقد خدرته و هو نائم الآن ،سأجعل الأمر بسيطاً، ستأخذون طفلاً مقابل بالغ، بمعنى أن على شخصٍ ما المجيء إلي و أخذ الصبي. سأنتظر على الساحل الصخري للبحر الاحمر في مصر، العنوان بالتحديد سيظهر في نهاية العرض، أمَّا الآن فسأحدد مطالبي، خصم واحد، لا أبالي إن كان طفلاً كبيراً كـ"رشا" أو حتى البيتا "مازن" ،جلّ ما أريده هو خصم واحد لا أكثر، أستطيع مراقبة ذلك المكان جيداً، حتى تحت الأرض لذا لا داعي لإرسال جرذانكم القارضة أعضاء الفريقين التاسع و العاشر. الساعة الخامسة مساءً من يوم الاربعاء قد تكون آخر ساعات الحياة لذلك الطفل ما لمْ أحصل على مطلبي.
ثم ضحكة مجلجلة من حلقها و هي تلوح بيدها مودعة في تهكم. أخيراً غابت "رندا" عن الشاشة التي تلونت بلون اسود و تراصت عليها كلمات خضراء تحدد إحداثيات موقعها ،و بعد دقيقتين اختفى كل شيء عن الشاشة فضغط السيد/ رءوف زراً آخر في مكتبه -المليء بالأزرار لا أدري من أين- فعاد الجدار أبيض صامتاً كما كان. تطلّع إلى "رشا" فوجدها تعضّ شفتها السفلى في مرارة و دموعها تتأرجح على رموشها تحاول أن تنهمر لكنها حبيسة في عينيها ، فقال في وقار:
- يبدو أن تلك الفتاة الغريبة هي نفسها التي قاتلتكِ و "ميرا" في المهمة السابقة، "رشا" لا أظنك قادرة على مواجهتها، و أحسبها صادقة بشأن مراقبتها للمنطقة بالكامل. الموقع مطلّ على البحر، و هي بيئة مناسبة للفريق السابع ،سأعطيهم الأمر الآن لكنني فضلتُ أن تعلمي بهذا أولاً.
رفعت إليه رأسها و قد اختفت دموعها تماماً، و قد ارتسمت نظرة غاضبة جادة على وجهها ثم قالت:
- سيدي، في المرة السابقة لمْ أعرف ما أنا بصدده، الآن أعرف جيداً. إن "رندا" هذه مجرد قاتلة ،لا أحسبها في الثالثة أو الرابعة عشرة من عمرها كما تبدو، أنا لا أعرف كيف ،لكن.. رجاءً سيدي المدير، أرسلني.إن الخطأ خطأي، كان عليّ الاعتناء بـ"باسم" هذا الأسبوع لكنني أهملتُ كثيراً و ها هي النتيجة بين يدي..لن أضحي بقرن آخر.
(قالتها و تحسستْ رأسها من الجهة اليسرى و هي لازالت تذكر يوم أغضبت "مازن" بسبب شيء مماثل فانتابته نوبة غضب عارمة كانت نتيجتها انكسار قرنها الأيسر فلمْ يبقَ منه سوى جزء ضئيل للغاية).


ملاحظة : أتذكرون "رندا" التي ظهرت في العدد الأول، و أرادت معرفة المزيد من الأمور عن "باسم"، و بدت قاسية أكثر من المعقول... أرجو ان تكونوا قد تذكرتم ^_^

القلب الصافي
10-8-2010, 12:16 AM
لا يمكنني الحكم هذة المرة فألجزء قصير بالفعل...
في انتظار التتمة...
تحياتي

صائد المكافآت
10-8-2010, 12:35 PM
حسناً، و تعويضاً عن المقطع المزعج السابق..
سأقوم بعرض مقاطع غزيرة في تتابع >> أصلاً انتَ المزعج >> المهم..



لنكمل ،،


- أيتها الطالبة، أنا على استعداد ألَّا أخبر "مازن" لكنني سأضطر لمواجهته إذا ما اختطفتِ أنتِ أيضاً أو تدهورت الأمور أكثر.
شدت قامتها في هيئة عسكرية و هي تقول :
- رجاءً سيدي.
تنهد المدير و أبعد يده عن سماعة الهاتف الداخلي -إذْ كان ينوي إسناد المهمة للفريق السابع البرمائي-، ثم قال بصوت ملْؤه الحزم:
- ستنتقلين من هنا إلى مقرنا الفرعي في مصر بصحراء سيناء عن طريق "الحرق" و بعدها ستستقلين سيارة من نوع الجيب يقودها سائق متحول سينتظر عودتكِ من موقع القتال مدة ثلاث ساعات و إلا سأرسل فريقاً أو اثنين من رتبة أعلى بواسطة مروحية تستخدم الجمان.أي أنني سأرفع مستوى المهمة من الجيم إلى الالف (أبجد هوز..)، مفهوم؟
أومأت برأسها إيجاباً و هتفت :
- مفهوم سيدي.
- هذا إذن ببدء المهمة .ستذهبين وحدك دون "ميرا". انصراف.
- عُلِم.
قالتها و ركضت خارجة من مكتبه متجهة إلى غرفة أخرى في الممر و التي أدّتْ بها إلى ممر آخر فيه غرف قليلة ،دلفت إلى واحدة من تلك الغرف حيث وجدت ما يشبه معملاً كبيراً ذا جدران بيضاء و طاولات عديدة تناثر حولها العلماء بمعاطفهم الطبية الطويلة بعضهم يدون ملاحظاته على الأوراق و آخرون يشرحون لطلابهم -الذين يرتدون ملابس مماثلة- نظريات و معادلات كيميائية. تجاوزتهم "رشا" جميعاً و التقطتْ معطفاً من رجل أمن قدّم لها واحداً -كإجراءٍ وقائي- ثم اسرعت بخطواتٍ سريعة نحو ركن في المعمل توزعت فيه ما يشبه الغرف الصغيرة المتجاورة ،و حينما اقتربت من إحدى تلك الغرف الصغيرة التفتَ إليها عالم شاب ثم سألها عن اسمها فأجابته ،فهمهم قليلاً و هو يجري بعينيه على أوراق في يده ثم قال لها:
- إذاً انتِ "رشا" العضو الزميل في الفريق الرابع عشر. لا اعلم إن كنتِ قد جربتِ أسلوب "الحرق" في الانتقال لكن عليّ أن أخبركِ بالكيفية.
عدّل منظاره الطبيّ بسبابته ثم أردف موضحاً:
- سيكون الامر كالتالي: تدخلين إحدى هذه الحجرات -و كل منها تكفي شخصاً واحداً - بعدها يغلق الباب بإحكام، ثم ينطلق غاز قابل للاشتعال ليملأ الغرفة ،يتم سحب غاز النيتروجين من الداخل ثم ترين ومضة كالفلاش فيشتعل الغاز المحيط بك..
- ألا بارك الله فيك، هلّا أوجزت؟
كان أسلوبها فظاً لكنها لم يكن لديها وقت لهذا الشرح، فأكمل في ضيق:
- ستشعرين بحرارة شديدة لكن النار لن تضرم فيك؛ بل إن الغاز الخاص الذي تمّ ضخه سيحلل جسدك و قبل أن تستعر النار تنتقلين بسرعة الضوء إلى قناة مماثلة في المقر الفرعي بمصر -الحبيبة- حيث يستقبل غاز مختلف خلاياك المتفرقة فيعيد تقريبها من بعضها ثم تزداد برودة الغرفة فجأة فيعود جسدكِ كما كان. فائدة الشرارة أنها تنشط الغاز أية اسئلة؟
- لا. هل أدخل الآن؟
كان متضايقاً من أسلوبها، لكنه قام بعمله فأومأ برأسه إيجاباً ، وأشار لها بالدخول ففعلت،ثم كان ما قال: أُغلق الباب تلقائياً ،تم الضخّ و السحب و رأتْ "رشا" الومضة -التي ما هي إلا شرارة - شعرت بحرارة حارقة و بجسدها يذوب ثم وجدت نفسها لمْ تعد موجودة !!
تلاشت من عندها القدرة على الإحساس لثوانٍ معدودات ثم عادت إليها تلك القدرة و هي ترى باباً يُفتح أمامها بينما اسنانها تصطك من شدة البرد ..فخرجت بسرعة حيث ناولوها معطفاً سميكاً للبرد و من ثم مرت داخل قناة تشبه الانبوب حيث ارتفعت درجة الحرارة تلقائياً حتى وصلت إلى نهاية القناة و هي تشعر بالحر فنزعت عن نفسها المعطف و ناولته لموظفة كانت واقفةً هناك لتأخذه و تلقيه في آلة كالكرة يضيء داخلها بلون بلوري فيروزي ثم يخرج المعطف -سواء كان واحداً او اكثر- و قد تم تعقيمه.
غادرت "رشا" المعمل ثم سألت عامل نظافة كان يمارس عمله في الممر عن الطريق إلى غرفة مكتب مدير المقر فأرشدها إليها، و هناك ،كانت أمارات التوتر لاتزال مرتسمة على وجهها، حياها مدير الفرع بإيماءة من رأسه فبادلته التحية ثم قالت في جدية:
- حضرة المدير، أعتقد أنني لستُ في حاجة إلى الشرح، صحيح؟
- محقة. لقد وصلني ملف مهمتكِ بالفاكس قبل قليل؛ و إلَّا فكيف أعددنا الغاز المُجَمِّع في الانبوب الذي استقبلك؟؟
- صحيح..هلَّا أخبرتني سيدي بمكان السيارة التي ستقلني؟
- بالتأكيد، لكن هناك أمر أكثر أهمية...
صمتَ مدير المقر الفرعي للحظات ثم أتبع بصوت أبوي حازم:
- أيتها الطالبة "رشا"، لا تدعي مشاعركِ الخاصة تحركك. أعلمْ أن مهمتكِ تتلخص في إعادة شقيقكِ الأصغر سالماً، لكن انتبهي فأنتِ ستواجهين مجرمة حقيقية استطاعتْ تجاوز رادارانا الكاشف و أقامت لنفسها حصناً صغيراً بين التلال و الصخور.ربما هزمتكِ تلك المختطفة سابقاً لكنّكِ لمْ تنتقلي إلى جوار ربك على عكس عميل أرسلناه قبل بضعة ساعات لتحري ما يحدث في ذلك الموقع لمَّا ظهرت على الراصد عدة اجسام هناك..المهمة ليستْ سهلة كما تبدو، لعلّك تريدين استعادة شقيقك لكننا نريد استعادتكِ أيضاً، على قيد الحياة...
ازدردت لعابها و قد أخذ منها القلق و الفرق مأخذاً لكنها حافظتْ على ثباتها و قالت :
- أستوعب المغزى و أقدره حضرة المدير.
تنهد الرجل ثم قال بصوت حازم و هو يقدم صندوقاً صغيراً لـ"رشا" :
- ستتبعين علامات الخروج (المخرج= Exit ) عندها تصلين لموقف السيارات ، اتجهي إلى الموقف ب3 حيث توجد سيارة دفع رباعي "جيب" تنتظرك و بداخلها السائق. هذا الصندوق يحوي هاتفاً نقالاً و ساعة بتوقيت مصر-سيناء، يصدر الهاتف إشارة يتلقاها الراصد هنا، سينتظرك السائق ثلاث ساعات بعدها يعود إلى هنا و تبدأ عملية استعادتك مع الصبي على يد فريق أو اثنين من مستوى أعلى كالسابع أو الثامن.انصراف.
أومأت برأسها و هي تأخذ ما في الصندوق ثم غادرت الغرفة سالكة الطريق خلف إشارات الخروج حتى وصلت إلى الموقف و منه إلى المقعد الخلفي في السيارة المنشودة التي راحت تنهب الطريق نهباً حتى توقفت على بُعد ستين متراً من مجموعة صخور فأشار السائق بيده قائلاً:
- أترين تلك التلال الصغيرة و هذه الصخور يا آنسة؟ تجاوزيها و تكونين في الموقع المحدد.
- شكراً..
قالتها و خرجت من السيارة بخطى سريعة، و ما لبثت أن اختفت عن أنظار السائق خلف صخرةٍ ضخمة.

صائد المكافآت
10-8-2010, 12:56 PM
ما إن أعطى السيد/ رءوف الإذن بالبدء لـ"رشا" و خرجت من عنده حتى أسر لنفسه :
- أنتِ صلبة فعلاً يا "رشا" ،لعلك لستِ قوية البنيان، لكنك تتحكمين في أعصابك و مشاعرك على عكس شقيقكِ "مازن" الذي بكى و غضب و اهتاج يوم وفاة أمكما لكنكِ دمعتِ قليلاً فحسب، كنتِ في الحادية عشرة بعد . لربما اختليتِ بنفسكِ بعد ذلك و بكيتِ بحرقة لكنكِ حقاً ذات أعصاب فولاذية؛ لمْ تبكي أمام "رندا" لأنكِ جبانة بل لأنكِ كنتِ في حاجة للبكاء..
كان يفكر في تلك الخواطر بينما يسرع بالاتصال بصديقينا "هانز" و "سميث" و قد أمرهما ان يكونا على اهبة الاستعداد -و هدد بتغريم "هانز" اللي ورآه و اللي قدامه في حال تأخرا عن تلبية نداء الواجب عندما يتلقيانه- ،ثم استدعى "ميرا" التي وصلتْ مسرعة ،و بعد التحيات و الاطمئنان على رقبتها المسكينة من أثر المهمة السابقة ،قال لها:
- "ميرا" اسمعيني جيداً..
ثم شرح لها الموقف و نقر سطح مكتبه في نفاد صبر لمَّا راحت تشخط و تنطر لأن المدير لمْ يرسلها مع "رشا" منذ البداية و عندما هدأت ، قال بلهجته العملية الصارمة:
- أيتها الطالبة ، أنا لا أثق في "رندا" تلك و لا أظنها كانت لتقاتل "مازن" بنفسها كما ادّعت في الشريط ،لذا أريدك أن تنفذي مهمتكِ الجديدة بدقة بالغة، لو سقطتِ في شباك سفينة القرصان فلن يستطيع أحدٌ تخليصك و لا حتى البيتا أنفسهم..إن مهمتك تتلخص في..
أصغتْ له جيداً و تلاحقت أنفاسها لأن هذه هي أول مرة تُسند إليها مهمة من مستوى الباء، بل هي لربما أخطر مهمة قامتْ بها في حياتها و في حال لمْ تعدْ فلن يذهب أحدٌ لإنقاذها و لا حتى لانتشال جثتها من عرض البحر...


******

كان "مازن" جالساً تحت شجرة وارفة الظلال في حديقة قريبة من البرج و هو يغمغم في نفسه بأمور من طراز: ( أنا البيتا اللي أقول للأرض اتهدي ما عليكِ أدي..أنا يضمون إلىَّ طفلة في الرابعة عشرة تلعق السكاكر..بل و بتوصية من الرئيس الالفي!! ما دخله هو بألفا العرب؟! لماذا يضمونها إليَّ ؟لماذا؟ )
كان يغلي من شدة الغضب و لن يغدو الأمر غريباً لو انتابته نوبة غضب؛ لكن -و لله الحمد- فهو لا يغضب لأمور كهذه خاصة و قد أصيب بنوبة قبل ثلاثة أسابيع راحت ضحيتها فتاة تدعى "زبيدة" انضمت إليه -و الشهادة لله- لمْ يكن لديها أي عيب جوهري، لكنه -مازن- تسبب في كسر ذراعها في مهمة -دون قصد طبعاً- فتماسكت قليلاً لكنها ما لبثتْ أن بكت في المشفى و هم يعدون الأدوات لتجبير العظم المكسور، و هنا ثارت ثورة البيتا ،كيف تتجرأ تلك الفتاة و تبكي؟؟ ماذا تحسب نفسها حتى تذرف الدموع ؟! في الواقع، "مازن" يمقت أشدّ ما يمقت أن تتباكى فتاة أو تتصرف بأنوثة لأي سبب من الاسباب -رغم أن البكاء لكسر الذراع ليس تباكياً و لا أنوثة- لكنها -و بقدرة قادر- انتقلت من قسم العظام بالمشفى إلى غرفة العناية المركزة و لا تزال هناك حتى هذه الساعة.
راح يسترجع حواره مع السيد/ رءوف حالما عاد من الكويت:
مازن: سيدي، أتضمّ إليّ صيادة مكافآت؟؟
المدير: و ما المشكلة في هذا؟ إنها قوية في القتال و تتحمل إزعاجك،أليس هذا هو ما طلبته؟
مازن: بلى، لكنها تزعجني و تهزأ بي ..
المدير: تهزأ بكَ كما تهزأ بها أنتَ، إن لمْ يكن لديك اعتراض فِعليّ فغادر الآن، أنا أدير مقر ألفا هنا لا روضة أطفال.
مازن: إإإ..إنها فتاة ،و أنا شاب الآن لذا أرفض التعامل معها. أهذا اعتراض فِعْليّ يا حضرة المدير؟
المدير: صحيح، لكن لن تكون هناك مشكلة، خاصةً و هي تصطحب حيوانها معها في كل مكان حتى المهمّات، ثم إنّ كونها فتاة يزيد من مزاياك، فبدل أن تتشارك مع زميلك نفس الغرفة في سكن الطلاب ،ستحصل وحدك على حجرة كاملة، كما أنك لن تراها كثيراً و أظن أنك تفضل هذا..
مازن : و ماذا عن اللقاء؟ كيف أحدد لها مثلاً الخطة ؟
المدير : لدينا مقاعد تَجَمُّع أمام المطعم حسبما أذكر، ثم إنها أعطتك جهاز اتصال خاص، أليس كذلك؟
مازن : (بِغِلّ) بلى. سيدي، أريد أن أتحدث بصراحة.
المدير : تفضل..
مازن : حرام عليك يا سيادة المدير، أنا في سن أولادك ! اتقِ الله فيَّه! إيه يعني لمّا أبقى لوحدي من غير زميل و لا شريك في الفريق؟؟ هوّه لازم يعني حكاية الفريق الثنائي؟!
المدير : ( و هو يكتم ضحكة) "مازن"، تعلم أنّه لابد من اتباع النظام، كما أن الأمر لمْ يكن من تدبيري هذه المرة؛ بل إن "الرئيس الألفي" شخصياً هو من رشّح الطالبة الجديدة "شيماء" لتصير زميلتك في الفريق.
مازن : "الرئيس الالفي"! و ما علاقته بالأمر؟ ثم لماذا رشحها هي دوناً عن الاثني مليار آدمي الذين يعيشون على هذه الأرض؟!
المدير : إن "الرئيس الألفي" هو مدير جميع المدراء، يمكن القول أنه رئيس عالم المتحولين التابعين لألفا في كل مكان، و قد أخبرتُه -بنفسي- عن سلوكك و كيف أنك جعلت حياة كل زملائك السابقين جحيماً مستعراً؛ فنصحني بأن أضم إليك تلك الفتاة؛ لأنه يعرفها شخصياً.
مازن : يعرفها شخصياً ؟! ربما كانت ابنته أوشيء من هذا القبيل..
المدير : ربما .المهم الآن، أهناك شيء آخر تريد أن تعترض عليه؟؟
مازن : (و قد بدأ يستعيد ثقته بنفسه) و كيف ستعمل تلك الفتاة قبل أن تتم دراسة الثلاث سنوات؟؟
المدير : (بابتسامة شامتة خبيثة) يمكنها أن تدمج تلك السنوات الثلاث في فترة أقل بكثير كما تعلم. فهي ستتقاتل اليوم ضد المعلمة المكلفة باختبارها متجاوزةً بذلك أصعب اختبار.
مازن : اليوم؟! اختبارها العملي النهائي اليوم؟! لكنها لمْ تدرس الأساسيات بعد، و لمْ تتعلم شيئاً عن السلالات أو الطبيعة و لا حتى النشوء أو الثقافات، كيف تختبر اليوم إذاً ؟
المدير : (الابتسامة إياها تتسع) إنها تعرف الأساسيات جيداً فقد تعلمتها عند السيد/ كارل، و قتالها عالي المستوى، و بالنسبة للمواد الدراسية النظرية فهي تعرف الكثير عنها و لمْ يبق سوى أجزاء صغيرة يمكنها أن تدرسها في بضعة أشهر...و حتى المادة الخاصة -التي يختارها كل متحول ليستفيد منها عندما يحتاجها - كالميكانيكا عند "هانز" - فقد اختارتْ تلك الطالبة الذكية أن تتخصص في التقنيات الحديثة و أصدقك القول أنها أبرع من علمائنا في هذا المجال! يبدو أن تحولها متشعب بمعنى الكلمة؛ فهي تقاتل ببراعة و تحسن ابتكار و فهم و برمجة الأجهزة و برامج التقنية، و تقاوم السـ.. أم أقول لك، دعْ الامور تأخذ مجراها و ستعرف كل شيء في الوقت المناسب..
مازن : (و هو منهار تقريباً) لكن.. لكن القوانين تحتم أن تختبر العلمي قبل العملي.
المدير : (سيقيم مأدبة بمناسبة انهيار "مازن" ) القوانين لها استثناءات، استثناءات أقرَّها "الرئيس الالفي" بنفسه لأجل هذه الحالة فقط..لقد سمح لها بالبدء في العمل فور تجاوزها أحد الامتحانيْن.
مازن : ماذا ؟! أتنصُّون قوانين جديدة لأجل تلك الطفلة؟! هذا تمييز عنصري! افتراء! اعتداء على حقوقي الشخصية! ظلم..ظلم أن تضمَّها إليّ ،إنها تلعق السكاكر!
المدير : (لقد بدأ في توزيع الدعوات إلى المأدبة بالفعل) "مازن"، لقد تقرر الأمر، إمَّا أن ترفض هي العمل معكَ أو لا..و الآن تفضل فلديَّ عمل كثير.
ها هو "مازن" بتمتم بكلامه الطيب المهذب كعادته و قد برزت عروقه كلها، و عيناه لونهما شرع في التغير تمهيداً للنوبة -لكنها لن تصيبه- ،إنه يعتصر مقبض الباب لكنه لم ينتزعه بعد، المهم أنه ذهب خالي الوفاض ..
" أتمنى أن يسقط عليها نيزك بحجم المجموعة الشمسية" هكذا غمغم "مازن" و هو جالس تحت تلك الشجرة عاقداً ساعديه خلف رأسه ، كان يعلم أن "شيماء" الآن تخوض الاختبار العملي -القتال- .استسلم أخيراً للأمر الواقع خاصةً و قد شعر بأن عقله الباطن يلح عليه أن يفكر في أمر آخر ،أمر يتعلق بـ"رندا" ،هناك حلقةٌ مفقودة ، ترى أي خطر تشكله فتاة في الصف الثامن؟؟ - كل هذا و هو لا يعلم باختطافها لشقيقه الأصغر- ...



*****

صائد المكافآت
10-8-2010, 01:40 PM
و مع كل خطوة تخطوها "رشا" كانت تحول جزءاً في جسدها ، قرن أيمن فارع الطول، قرن أيسر لا يظهر منه سوى بضعة سنتيمترات، ساق يمنى لأيل، و أخرى يسرى، أذنان حساستان، و ذراعا -طرفا- أيل .. و تدريجياً أحنت ظهرها إلى زاوية قائمة لتسير على أطراف اربعة ..هذه هي "رشا" الأيل ذو القرن الواحد.
تقدمت إلى ما خلف الصخور و عيناها تنضحان بغضب هادر، تعلمْ جيداً أنها أضعف بمراحل من "مازن"، لكنها لن تطلب مساعدته هذه المرة أيضاً ، يستطيع والدها السيد/ فاروق أن يشعر بحال ابنائه الثلاثة، و قد كان فيما مضى أحد المقاتلين في الفا الذين لا يشق لهم غبار، حالياً، هو يستطيع أن يأتي إلى هنا و ينقذ ابنه الصغير بنفسه، لكنه قرر أن يترك رعاية "باسم" لـ"مازن و رشا" و لن يتدخل سوى مع الأنفاس الأخيرة..هكذا أخبرها و أخبر "مازن".
شعرت بطلتنا بقشعريرة و هي تتخطى الصخور، أدركت أنها دخلتْ بهذا "مجال الطفرة" و هو عبارة عن مساحة محددة تشبه المجال المغناطيسي لا يستطيع أي مخلوق غير متحول أن يدخلها أو يرى ما يحدث فيها فهي تبدو للعوام كصخرة ضخمة للغاية لا أكثر و لا أقل.
ها هي "رشا" تتقدم في المجال ،إنها لا تكره شيئاً أكثر من أن يقارنها أحد بقوة "مازن" الهائلة، إنه تقريباً السبب الوحيد الذي يجعلها تبكي. إنها في الموقع بالضبط الآن ، لكن لا احد في الجوار فقط نسائم حارة و بعض الأتربة في وسطها أيلٌ بوجه فتاة ..دارت "رشا" ببصرها في المكان ثم قالت :
- "رندا"، لقد أتيتُ كي أستعيد شقيقي..هيا اخرجي الآن و واجهيني.
قالتها و عادت تجوب المكان بعينيها باحثة عن غريمتها لكن شعوراً غريباً طفق بقلبها، ساقاها ..ساقاها تريدان القفز لأعلى..ترى ما الأمر؟؟ الغريزة الحيوانية لديها حساسةٌ للغاية..حسناً .
ضربت الارض بقوائمها و قفزت لارتفاع نصف متر..لكن فجأةً.....يد رملية تشق طريقها من أسفل "رشا" لتحيط بقائمتيها الخلفيتين، ثم ظهرها و قائمتيها الأماميتين ......اتسعت عيناها رعباً و هي تشعر بمذاق الرمال في فمها بينما عنقها يقاوم بشدة ذلك الضغط الهائل.....لا تستطيع.....لا تستطيع أن تتحمل أكثر من ذلك.....لقد جاءت هنا لتعيد شقيقها لكن.....جفنيها ثقيلان.. ...لابد من غفوة قصيرة......لابد من ...
ثم سقطت على الأرض بلا حراك..



*****


نهض "مازن" عن الأرض و التقط سترته الزرقاء ليلقي بها على كتفه الأيمن داساً يده اليمنى في جيب بنطاله، ثم قطع الطريق سيراً حتى البرج، و بالتحديد الطابق السادس عشر، و دون مقدمات- اجتاز باباً ليدخل إلى ممر ما ، بعدها اجتاز باباً آخر ليدخل ممراً آخر، ثم باب و ممر فباب و ممر. و أخيراً باب يفتح على غرفة خافتة الإضاءة يقسمها من المنتصف حاجز زجاجي عازل للصوت و من احد جانبيه باب -من نفس المادة- يصل بين جزئي الغرفة، فُتح الباب من الجهة المعزولة فتقدمت عبره سيدة في الثلاثينيات تحمل أوراقاً و من خلفها "شيماء" فالتفتَ "مازن" إلى السيدة قائلاً:
- صباح الخير حضرة المعلمة.
- صباح الخير أيها البيتا..
بدتْ كأنها ستقول شيئاً آخر ، لكنها استدركت في سرعة لتطلب من "شيماء" الذهاب إلى اختبار المادة الخاصة الآن ففعلتْ و قد أدركتْ أن المعلمة تريد أن تقول : { روحي العبي مع الأسد} ..
و ما إن غادرت صائدة المكافآت و غابت عن عيني المعلمة حتى التفتتْ الأخيرة إلى "مازن" و قالت بصوت جاد :
- أهي زميلتكَ الجديدة حقاً ؟؟
- صحيح، أهناك ما يريب في هذا؟
- نتائج امتحانها قريبة من نتائج امتحانك ..على خلاف كل زملائك السابقين.انظر بنفسك. (قالتها و هي تعطيه بعض الاوراق التي كانت تحملها فأخذها و راح يطالعها)
قلّب الأوراق التي تحوي النتائج حتى وصل إلى النتيجة النهائية فارتفع حاجبه الأيسر و ما لبث أن عاد إلى موضعه بينما أصابع "مازن" تضغط الورقة في غيظ فتلتقطها المعلمة بسرعة قبل أن يمزقها إرباً ، و ساد الصمت لحظة قبل أن يقول:
- إذاً فقد تغلبت الفتاة عليكِ في دقيقة و نصف..بينما تغلبتُ أنا على معلمي قبل عامين في دقيقة و 15 ثانية...كيف فعلتْ ذلك؟؟ أنا فزتُ بلكمات سريعة في المفاصل على ذاك المعلم، و كان متحولاً دُغْلَاً إلى ”وحيد قرن“ ، أما حضرتكِ فمتحولة إلى ”فولاذ“، كيف هزمتْكِ إذاً ؟!
- لا باس سأخبرك لكن حذار أن تخبر أحداً، يكفيني أنني هُزمتُ في هذا الوقت الضيق . بدأ القتال بركلة منها فتصديتُ لها بساقي الفولاذية، ثم حاولَت إصابتي بالركلات مجدداً لعدة مرات و في كل مرة كنتُ أحول أي جزء في جسدي إلى فولاذ و أصدُّ ركلتها، و إن كانت ذراعي تؤلمني من كثرة ما تصدتْ لركلاتها القوية؛ حتى أن الفولاذ في ذراعي قد انثنى ،المهم أن ركلاتها لم تسقطني أرضاً ، ثم هاجمتُ أنا ، حاولتُ أن أكبح قوتي لئلا أكسر ساقها، لكن لم أتمكن من فعل شيء، لقد ضربتها بيدي على ركبتها و مع ذلك استطاعت النهوض !!
لن أطيل عليك، أظنك خمنتَ الباقي، بينما كنتُ مذهولة من قدرتها على الوقوف بشكل سليم تحركتْ هي بسرعة لمْ أرَ لها مثيلاً لتركل ظهري بساقها اليسرى ، شعرتُ بعمودي الفقاري يتفتت لكنني تماسكتُ و حولتُ جسدي كاملاً إلى لوح من فولاذ؛ و يا ليته نفع ، فما كدتُ أفعل ذلك حتى وجدتُها تركلني بساقها الأخرى و رغم أن ظهري كان مصفحاً إلا أنه – و وقفت بحيث يكون ”مازن“ عن يسارها – تقوس كالهلال!
و إذا بـ“مازن“ يتراجع خطوة و هو يرى لوحاً فولاذياً مقوساً كالهلال –حقيقةً لا مجازاً- بدلاً من ظهر المعلمة..
و غمغم غاضباً لنفسه :
- إذاً فهي ليستْ طفلةً فحسب..
عادتْ المعلمة تواجه ”مازن“ مجدداً ، ثم قالت :
- أنتم البيتا ينبغي ألا نختبركم نحن، ليت المدير يختبركم بنفسه منعاً لهذا النَصَب و اللغوب.
- ربما..على كلٍّ ، شكراً لكِ حضرة المعلمة.
قالها و غادر قاعة الاختبار تاركاً المعلمة تبحث في ذاكرتها عن طبيبة تجميل ناجحة للمتحولين لتقويم ظهرها هذا.


*****

- لقد مرت ثلاث ساعات ..أين هي؟
هكذا غمغم السائق في توتر حقيقي و هو ينظر إلى ساعته بحدة كأنما سيعيدها بضع دقائق إلى الوراء، و هكذا أجرى اتصالاً بالمركز الفرعي ، و قد تم تحويله مباشرةً إلى المدير نظراً لخطورة المهمة، و جاءه الصوت من الجهة الأخرى قائلاً :
- علاء، هل عادت إلى السيارة أم لا؟
- لا يا سيدي المدير، المشكلة أنني لا أرى شيئاً ، و لا أسمع صراخاً حتى، يبدو الأمر و كأنها في عالم غير عالمنا..لمْ يعد لها وجود..
- علاء! انتبه لكلامك، إن تلك الفتاة هي ابنة السيد/ فاروق، لا أحسبها بهذا الضعف..على كل حال سأبعث بإشارة إلى هاتفها النقال، أخبرني إن تلقيت أي بيانات على شاشة الراصد عندك، سأبقي الخط مفتوحاً..
- حاضر حضرة المدير..
ثم انطلقت إشارات لاسلكية من المركز بينما عينا علاء –السائق- معلقة بالراصد و قبل أن يرى أي شيء سمع صوتا خافتا من خلفه فاستدار ليجد.. الهاتف النقال إلى جوار الساعة ملقيين على المقعد الخلفي !!
لقد نستْ ”رشا“ أن تأخذهما معها..نستْ تماماً . لكنه لم يتسمَّر بل استعاد تركيزه بسرعة فالتقط سماعة الهاتف و صاح في انفعال –لأن الخط ما زال مفتوحاً- :
- إن الهاتف هنا..إن الهاتف هنا !!
- ماذا ؟!!

القلب الصافي
10-8-2010, 06:57 PM
ماتزال محافظا على مستوى كتابتك المتألق ماشاء الله...
انتظر التتمة في شوق...
تحياتي...

صائد المكافآت
11-8-2010, 11:27 AM
و نتابع معاً ==> "رشا" مفقودة Icon10، و "باسم" مختطَف iconbaye4، و "مازن" لا يعلم بأمر شقيقيه هذين. icon1440.

*****

شعرت ”رشا“ بدوار أيما دوار، لم تكن قادرة على تحديد ما تراه، فقـــط صورة مشوشة. كان الأمر هكذا حينما فتحت عينيها لأول مرة، بعد ساعتين و نصف من الإغماء –أي قبل أن يدرك الســـائق الأمر بنصف ساعة-، لكنها استعادت توازنها العقلي بعد بضعة دقائق فأدركت أنها في هيئتها الطبيعية –البشرية- ، و أنها مقيدة اليدين و الرجلين، و ملقاة على الأرض بحيث يكون ظهرها مستنداً إلى جدار معدني، لكنها ما لبثت أن هتفت بقوة في كومة رمال كالهرم أمامها على بعد متر و نصف :
- ”رندا“!
رأتْ ”رشا“ كومة الرمال تتمايز لتصبح كالعمود، ثم تبرز أطراف أربعة على الجانبين و تجمعت الرمال في شكل بيضة لتحل محل الرأس ، و كثقب أسود – شكلت الرمال شقين فانفرج الشقان محل الفم ليخرج صوت بارد مألوف:
- إذاً فقد أدركتِ الأمر. يبدو أنكِ لستِ غبية كما اعتقدتُ.
- كيف؟؟ كيف تصيرين رملاً و خشباً أيضاً؟! ما طبيعة تحولكِ؟
- (ضحكة مجلجلة تبعث الغصة في الحلق) رمل و خشب؟ يبدو أنني أخطأتُ التقدير، أنتِ غبية حقاً (ضحكة اخرى). أنتِ لمْ تفهمي بعد..
- إذاً أفهميني!
- لا داعي لذلك، أنا لستُ من هواة التفاخر، لكن التاريخ يشهد على مهارتي..
- التاريخ؟!
- أجل ، التاريخ. ترى أكان ”مازن“ سيستيقظ من الإغماء في ساعتين و نصف مثلك، أم كان سيستيقظ في نصف ساعة كالمتحولين المقاتلين الأقوياء؟؟
- ما كان ليفقد الوعي منذ البداية يا ”رندا“ ، إنه البيتا.
- إذاً هذا اعتراف آخر بتفوقه عليك، أليس كذلك؟! (ضحكة أخرى) .
- ”رندا“ قاتليني بشرف..أريد أن أقاتلك .. دعيني أريكِ من هي ”رشا الأيل ذو القرن الواحد“ .
- و كيف أقاتلكِ و أنتِ مقيدة؟؟
- ( هاتفةً بعلو صوتها) ”رندا“ !
- لا أعرف سبباً لهذا، لكنكِ تثيرين شفقتي.. إليكِ اتفاقاً : إن حللتِ قيودك فسأقاتلك،اتفقنا؟
قالتها و هي تلوح بيدها مودعة بينما تغادر المكان –الذي بدا و كأنه مخزن قديم- ثم وقفت أمام ثقب في أحد جدران المخزن، و كان قطر الثقب حوالي بوصتين، ثم تحولت إلى رمال مجدداً لتبدو كخيط رفيع و هي تنساب عبر الثقب الصغير..
هنا تمتمت ”رشا“ و عيناها تبرقان كالنجوم:
- سترين يا ”رندا“ ، سترين من هي ”رشا الأيل ذو القرن الواحد“ .

ثم التفتت بعينيها إلى القيد خلف ظهرها ..



*****

أسقط في يد مدير المركز الفرعي عندما عرف أن ”رشا“ نستْ الهاتف في السيارة، لكنه حافظ على رباطة جأشه –كما ينبغي لأي مدير متمكن- ثم قال في حزم :
- ”علاء“، استدرْ و عدْ بسرعة، لربما ينوي خصمها أن يأسرك أنتَ أيضاً.
- سيدي، ماذا لو عادت بعد قليل؟ ماذا ستفعل إن لمْ تجد أحداً؟
- هي تعرف أنكَ ستغادر بعد المدة المحددة.الآن عُدْ ، هذا أمر يا ”علاء“.
- عُلِم يا سيدي المدير .
قالها السائق ثم أغلق الخط و مِن ثَمّ استدار بالسيارة عائداً إلى المركز الفرعي لكنه ألقى نظرة أخيرة على الصخور –بواسطة مرآة السيارة الجانبية- لكنه رفع عينيه عنها مسرعاً و صورة شقيقته الصغرى التي ماتت قبل عامين –عندما كانت في الثامنة عشرة من عمرها- لا تفارق ذهنه، فالمسكينة لمْ تمتْ بحادث سيارة، بل قتلاً بسكين قاتل مأجور متحول، فقط لأنها كانت مقاتلة قوية..أو هكذا كانت تعتقد الفقيدة، الغريب أن اسمها كان ”رشا“!


*****

و في غضون ثوانٍ معدودات صار السيد/ رءوف على علمٍ بأمر غياب ”رشا“، و تلقائياً اتصل بـ“هانز“ و ”سميث“ كما قرَّر من قبل ؛فهو يعلم أن تدني مركز الفريق السابع عشر ليس بسبب الضعف بل لأنهما –الذئب و الثعبان- لا يراعيان النظام و يثيران الشغب ، و تذكر كيف كانا في المركز الثاني عشر ثم راحا يهملان القوانين حتى صارا الفريق السابع عشر!
و حفاظاً على أمواله – أسرع ”هانز“ جاراً ”سميث“ إلى غرفة المدير ، و قد كانا في المطعم يتناولان وجبة خفيفة بينما الساعة هي الواحدة ظهراً بتوقيت الإمارات ، المهم أن المدير شرح لهما الموقف بإيجاز –دون أن يذكر شيئاً عن ”ميرا“ – ثم أعطاهما الأمر بالبدء، و هكذا :
- عُلِم.
أسرعا بخطى واسعة إلى السطح حيث مهبط المروحيات و استقلا الطائرة العمودية و في غضون 20 دقيقة كانا يهبطان على سطح المقر الفرعي على أرض ”سيناء“، و لمَّا كان ”هانز“ يجيد قيادة السيارات و إصلاحها فقد أعطوه الإحداثيات و انطلق هو بالسيارة مع ”سميث“، و أثناء الطريق الذي يستغرق حوالي 10 دقائق ، بدء ”سميث حواراً لقطع الصمت :
- ما الأمر يا ”هانز“ ؟ إنكَ متحمس حقاً لهذه المهمة على خلاف العادة.
- كن عملياً يا ”سميث“، أولاً إن نجحنا في هذه المهمة قد يرتفع ترتيبنا بين الفرق، و ثانياً: إن فشلنا في تأدية المطلوب فسيجعلنا ”مازن“ خردة . هل فهمتَ الآن؟؟
- و أنا الذي ظننتُكَ تريد المساعدة بنوايا حسنة! يا لك من مستغل!!
ابتسم ”هانز“ ابتسامة خافتة بينما قلبه يخفق بعنف فهو الوحيد الذي يتذكر اسم ”رندا“ و يعرف ما يعنيه..



*****

صائد المكافآت
11-8-2010, 11:35 AM
و كعادة ”مازن“ كلما أراد أن يركز أفكاره، فقد ذهب إلى المطعم –الذي يطل على ساحة واسعة – و قد وصل إليه عبر ممر بعد ممر سبقه ممر بعد ممر في الطابق السادس عشر بفندق برج العرب –أهم شيء يتعلمه الطلاب المتحولون في ألفا أن يجدوا طريقهم- ، و هكذا انتقى طاولة و جلس إليها بعد أن طلب كوب عصير فجرعه على دفعتين ثم وضعه أمامه على الطاولة و راح يحدق فيه شارداً؛ بينما الأفكار و الاحداث تأخذ في التسلسل على صفحات عقله :

لقد صارت تلك الفتاة ”شيماء“ كيس رملٍ لن ينقلع بسهولة، و لكن لا وقت لترتيب خطة التخلص منها في الوقت الحاضر، ربما لاحقاً.
هناك شيء مريب يجري من حوله، فهو لمْ يقابل ”سميث“ أو ”هانز“ طيلة اليوم، و كما هو مفترض فالثعبان –سميث- يحضر دروساً طبية و ليس اليوم يومها ،أما المستذئب – هانز- فدورة الميكانيكا الأخيرة قد انتهت و التالية تبدأ الاسبوع القادم ؛ إذاً هما في مهمة ، مهمة لا يريدانه أن يعرف بأمرها – على عكس المعتاد.
3. ”رشا“ لم تأتي لتطلب ”مالاً“ من اجل فستانٍ جديد، و أين ”ميرا“؟؟ لقد كانت معجبة بما سمعته عن ”شيماء“ –من هزيمة الاخيرة للمطلوبة الدولية ”رعد“- لماذا لمْ تحاول معرفة نتيجة اختبارها العملي؟!
4. المدير لمْ يخبره بشيء. هناك مصيبة و هو الأصم في العرس.
5. إنّ إحساسا داخلياً يلحّ عليه أن يبحث في امر ”رندا“، حسناً إذاً.. هذا الإحساس لمْ يخطئ من قبل ؛ ليتبعه.
كان لا يزال يحدق في الكوب ؛ لكن لا احد ممن حوله سأله عن شيء فالجميع بمن فيهم العمال و الموظفون يعرفونه ، من ذا الذي لا يعرف البيتا ”مازن“ في ألفا العرب..




*****
وصل ”هانز“ و رفيقه إلى نفس النقطة التي كان فيها السائق قبل فترة وجيزة، كانت الخطة بسيطة: ”سميث“ يتقدم اولاً – كطعم – و يلحقه ”هانز“ على مسافة متوسطة تسمح بالرؤية، يخرج الخصم –أو الخصوم- لمواجهة الأفعوان، فيعرف المستذئب عددهم و مقدار قوتهم و يهاجم بينما ”سميث“ يدافع عن نفسه ريثما يصل ”هانز“.
ربما تبدو خطة فاشلة و مزرية و قديمة – وهكذا قال ”سميث“ في تهكم؛ لكن قائده كان واثقاً انه يلعب في منطقة محظورة و أن لا فائدة من الخطط حتى لو طبق خطة عسكرية لـ“خالد بن الوليد“ –رضي الله عنه-؛ الأمر و ما فيه أنه وحده يعرف الحقيقة..هو لن يعود، هدفه الآن أن يحيا ”سميث“ و ”رشا“ إن لمْ تكن قد لفظت آخر أنفاسها بالفعل...
و هكذا انطلق ”سميث“ تبعاً للخطة – غير عالمٍ بخواطر ”هانز“ – و ما هي إلا خمس دقائق حتى ترجل ”هانز“ عن السيارة و اتخذ هيئة المستذئب و راح يشق طريقه متبعاً رائحة ”سميث“، و ما إن صار في البقعة المنشودة حتى وجد ما كان يخشاه: لا أحد....
ترى ماذا حدث في خمس دقائق؟ دعونا نتبع خطى ”سميث“ هذه المرة و هو بين الصخور..
راح الأفعوان يتلوى على الرمال الساخنة و قد تبدل جلده ليصير أملساً ملوناً – لكن باهتاً ، كان يشعر بشيء غير طبيعي لكنه استمر حسب الخطة المتفق عليها، و صار في البقعة الشؤم إياها ..لا اثر لـ“رشا“ كما هو واضح، و عيناه –التي تريان بشكل حراري- تبيَّنتا جسماً يقترب تحت الرمال !! يا له من خصم أحمق! كيف ينتوي أن يتغلب على ثعبان صحراوي في الصحراء؟؟
و هكذا لجأ ”سميث“ إلى صخرة ضخمة قريبة فالتف بجسده حولها و هو لا زال يستشعر اقتراب ذاك الخصم منه ، و كما توقع..فقد انبثق شيء ما من بين حبيبات الرمل لكنه – بأسلوب رؤيته- وجد أن اللون الأحمر – الذي يعبر عن الدماء- قليل جداً، تقريباً هو غير موجود !
لا وقت للذهول الآن، يستطيع أن يأخذه إلى غرفة التشريح لاحقاً، أما الآن...
انطلق فكا ”سميث“ كالسهم ليطبقا على الخصم و دون تأخير فقد انساب السم – ضعيف التأثير- من أنيابه ليبدأ الانتشار في أنحاء الجسد..يا لها من معركة قصيرة، لا حاجة لـ“هانز“ هنا و ... ما هذا؟ ما هذا الطعم الغريب ؟ إنه يشبه ابتلاع الرمل !! إنه يقبض على رمالٍ لا أكثر! أفلتَ الافعوانُ فكيه مسرعاً خشية ان يهدر مزيداً من السم، و تراجع بنصفه الأعلى إلى الصخرة لكنه فوجئ بلكمة قوية في وجهه فارتطم رأسه بالصخرة و هنا شعر بشيء يحيط رقبته – أقرب جزء إلى رأسه- و من ثمَّ يهوي برأسه إلى أسفل، اتسعت عيناه و هو ينظر –بعينين حراريتين- إلى جسم جامد لا دماء فيه يقترب بسرعة مخيفة من رأسه – الواقع أنه هو من كان يهوي على الجسم (الصخرة)- لكنه متدرب لا بأس به و قبل الارتطام بعشرة سنتيمترات على الأكثر كان قد أعاد نصفه العلوي لهيئته البشرية فمنعه طوله – الذي قلَّ كثيراً – من الارتطام ؛ لكنه صرخ عالياً من شد ما ألمه تمدد جسده على هذا النحو مجذوباً من عنقه ، و يبدو ان الخصم تنبه لهذا فعاد يرفع ”سميثَ“ – من عنقه ايضاً- و للمرة الاولى يرى الأفعوان خصمه كما ينبغي أن يراه، رمال..رمال فوقها رمال و جوارها رمال، تجمعت مع بعضها كمتظاهرين غاضبين لتتخذ هيئة إنسان بجذع و رأس و أربعة أطراف، لقد رأى شيئاً كهذا من قبل مثل المعلمة التي تتحول إلى فولاذ ، و زميله الذي يتحول إلى ضباب و آخرين..لكنه للمرة الأولى يجد شخصاً يستطيع أن يدمج صفة التنسيق العصبي – صفة بشرية- إلى رمال ! رمال تعتصر عنقه في غضب مستعر، و تلذذ مرضي بسماع تلك الحشرجة التي راحت تصدر عن حلق الأفعوان و ذيله يتلوى و يموج من تحته – هو لمْ يحول نصفه السفلي- ، لنْ ييأس بهذه السهولة، لقد وضع كل طاقته في محاولة يائسة أخيرة ؛ لقد رفع الجزء المتحول من جسده ( طرف ذيله) و لطم به ما يمثل الرأس لدى خصمه المفترس ، فأفلته هذا الاخير و تراجع خطوتين إلى الوراء..
- إذاً التنسيق العصبي ليس فقط تزامناً عصبياً و توازناً بل ايضاً هذا الكائن يشعر و يتألم..
دارت هذه الخاطرة بذهن ”سميث“ و هو ينهض من على الارض متحسساً عنقه معلقاً ناظريه بهذا المتحول الشرس ، و فجأة ذابت شجاعة الأفعوان أمام تلك النظرة الغاضبة الساخطة المطلة من عيني خصمه، صحيح أن الرمال ليس لها أعين؛ لكنه شعر كأنما رأى شظيتين من جهنم في موضع العينين* و قبل ان يدرك الأمر أو يتمالك أعصابه مَرق الخصم نحوه كالصاروخ حاملاً في كفه صخرة ضخمة – لمْ يملك ”سميث“ الوقت الكافي لرؤيته يلتقطها- .. و هوت الصخرة.. هوت حتى تفتت قطعاً صغيرة و تناثرت حولها الرمال.. أجل، لقد أطاحت دفعةٌ مباغتة عن يمين المُهاجِم بالأخير مع صخرته ليسقط على بعد متر و نصف و تلقائياً ، التفتَ ”سميث“ نحو مصدر الدفعة فرأى أيلاً بوجه كمُحيَّا فتاة ، و يعلو الرأس قرن طويل متفرع


(*) طبعاً لم تكن هناك شظيتان أو عينان أو شيء من هذا القبيل لكن الأشرار يعرفون كيف ينظرون للآخرين على نحو يقتلع القلوب !!


، لكنه قرن واحد لا ثاني له و بفرحة هتف ”سميث“ :
- ”رشا“ !
تقدمت فتاتنا في ثقة و إن بدا عليها الإرهاق و الإجهاد و أجابته بصوتٍ واهن لكنه غاضب شامت :
- مرحباً يا ”سميث“، أرى أنك قابلتَ ”رندا“.
- (ناقلاً بصره بينها و بين ”رندا“) لكنكِ قلتِ أنها تتحول إلى خشب، فسري لي..
- لاحقاً، انجُ بحياتكَ الآن ! هذه معركتي وحدي!!
- لا تكوني غبية ، ”هانز“ قادم هو الآخر، سنعود جميعنا سالمين و يرتقي الفريق الـ17 في الترتيب.
- لا أحد سينجو!!
كانت أول مرة يسمع ”سميث“ عبارة متشائمة كهذه من حلق ”رشا“..ترى، كم بقي على تدخل ”هانز“ ؟
نهضت ”رندا“ بسرعة و التفتت في غضب إلى المقاتلَيْن، لكنها ابتسمت على نحو شنيع منفر – ابتسامتها هي فراغ في وجهها الرملي- ثم قالت بصوت جهور :
- لستِ سيئة جداً يا ”رشا“ ،لمَ لا تخبرينني عن كيفية خروجك؟؟
- لستُ ميالة إلى التفاخر؛ لكنني سأخبركِ فقط لتعرفي أنني لستُ بالضعف و الغباء اللذين تظنينهما، لقد أبعدتُ جسدي عن الجدار ثمّ حوَّلتُ رأسي – بما في ذلك قرني- فملتُ للخلف حتى وصل قرني إلى الحبل الذي أوثقتِ يديّ به، و ظللتُ أحكه بشدة حتى اهترأ و قُطع ..ما رأيك؟
- ( و هي تتقدم نحوهما ببطء) جيدة؛ لكنني بارعة.
ظلّ ”سميث“ صامتاً و عيناه متعلقتان بحركة ”رندا“ البطيئة ، ركّز قليلاً و مِن ثمَّ تراقصت على شفتيه ابتسامة المُنتصر..
و بين لحظة و أخرى كان يتمايل و ينخفض بمستوى جسده نحو الأرض حتى صار يزحف بالكامل – عدا رأسه و جزء من صدره- و راح يتموَّج على الرمال نحو ”رندا“ ؛ فتوقفتْ الأخيرة متسائلة عن سبب هذه الثقة الانتحارية ، و تلاشت تساؤلاتها عندما توقف أمامها و انتصب نصفه العلوي –لو كان للثعابين نصف علوي و آخر سفلي!- و قال لها في ثقة :
- لقد تأثرتِ بالسم ، أليس كذلك؟!
- هل تتأثر الرمال بالسم أيها الجاهل؟
- لا تماطلي! سمي يسبب إغماءة طفيفة، حسبتكِ لا تتأثرين عندما لمْ يحدث لكِ شيء حين عضضتُك؛ لكنني طبيب –تحت التمرين- و أستطيع أن ألاحظ هذا : لقد بدأت أطرافكِ بالتخدر، لا أعرف كيف لكنني محق.
- (ابتسمت بخبث و بنبرة أكثر خبثاً قالت) إذا كان سمك يسبب الإغماء، فأخبرني سبباً آخر لذلك ما دُمْتَ طبيباً...
- (قطَّب جبينيه في استنكار) ماذا تقصدين؟!
- أقصد..هذا !
قالتها و هَوَتْ على رأسه بصخرة ضخمة – الله أعلم بمصدر هذه الصخور كلها- و لم يجد الأفعوان وقتاُ للصراخ إذْ تفجرت الدماء من جبينه و معها تفجرت صرخة ”رشا“ و انطلقت ركضاً إليه – طبعاً كان هو ملقًى على الثرى- فألقتْ نظرة عليه ثم التفتتْ إلى ”رندا“ و هي تقول غير مصدقة:
- كيف؟؟ كيف واتتكِ القسوة لتضربي ثعباناً على رأسه؟؟ لن يلبث أن يموت..و هو لمْ يفعل لكِ شيئاً أيتها المتوحشة- ”مازن“ سيقتلك..“مازن“ سيقتلك؛ لكنـني سأهزمكِ أولاً !
لم تكد تلفظها حتى قفزت إلى الخلف – بقوائمها الأربعة- لتنحني برأسها إلى الأمام و تنهب الأرض نحو ”رندا“. بدا قرنها كرمح من العصور الوسطى و هو يستعد ليخترق جسد ”رندا“ الرملي، التي ابتسمت في توحش و مالت بجذعها كله للخلف لتطيح بـ“رشا“ المُندفِعة أرضاً بواسطة ساقها..ثم وقفتْ تلك الرملية معتدلة و هي ترمق جسد ”رشا“ الذي تخضب بالدماء، و من ثم نظرتْ إلى ساقها –ساق ”رندا“- و قالتْ بصوت خفيض :
- من الجيد أن سم ذلك الأفعوان ليس سريع الانتشار و إلا لما استطعتُ تحويل ساقي إلى صخر في الوقت المناسب..(هزت كتفيها بلامبالاة ثم أردفت) ...عليّ الآن أن أقتل واحداً آخر فحسب ثم يأتي البيتا انتقاماً.
ضحكت حتى جلجلتْ الصحراء، ثم جعلت كل جسدها رملاً و تناثرت على الأرض – الرملية- لتمتزج حبيبات جسدها برمال الصحراء...



*****
>>>No comment

القلب الصافي
12-8-2010, 01:06 AM
رائع كالعادة ماشاء الله...
والاحداث تزداد اثارة وحماسا...
مازلت متابعة وانتظر التتمة...
تحياتي...

dark-girl
15-8-2010, 10:22 PM
مآشاء الله القصّه جدّا رآئعه .. جزآك الله كل خير ^^..)*

صائد المكافآت
17-8-2010, 10:54 AM
و نعود للقصة




*****

اتسعت عينا ”مازن“ لوهلة – و هو لا زال يحدق في الكوب- ثم نهض مسرعاً تاركاً ثمن العصير تحت الكوب، و أسرع يغادر المطعم و القاعة و الممر ثم الممر ثم يدخل ممراً و ... و هكذا حتى وصل إلى حيث تجلس ”شيماء“ أمام شاشة حاسب آلي، لقد أدرك أخيراً سبب التناقض في أفكاره : لقد تذكر حوار والديه قبل 11 سنة – عندما كان في الخامسة- عندما راحت والدته السيدة/ ليلى رحمها الله تحذر زوجها السيد/ فاروق من عودة ”رندا“ أي أن تلك الاخيرة كانت في الرابعة أو حتى الثالثة من عمرها آنذاك !! كيف يمكن أن تشكل طفلة صغيرة خطراً حقيقياً بالنسبة لبيتا سابقة – هي ”ليلى“- إضافة أن السيدة كانت تتحدث عن عودة ”رندا“ فهل هي عائدة من (اللَّفة) إذاً ؟؟ لا تفسير إلا أن تلك المخلوقة من ذوي العمر المديد.

نتوقف هنا لحظة لنعرف من هم ذوو العمر المديد، إنهم متحولون –هذا أمر مفروغ منه- طبيعة تحولهم يطلق عليها ”العمر المديد“ كما يطلق على طبيعة تحول ”درادران“ و ”رشا“ و ” هانز“ و ”سميث“ و غيرهم : ”الدغل“ .و من الاسم ”ذوي العمر المديد“ فهذا يعني أن عمرهم مديد!! – شكراً للثناء على براعتي في التعليق الذكي icon159- المهم أننا سنأخذ مثالاً ليمكن توضيح الأمر: ”ليني“ صياد مكافآت يحتل المرتبة العاشرة عالمياً و هو يبدو في الـ32 من عمره، لكنه في الواقع في عامه الـ220 !
يبدأ نشاط جين التحول لدى هذه الفئة عندمـا يتمون العاشرة من عمرهم،و منذ تلك اللحظة ، تصبح كل عشرة أعوام يعيشونها حقيقةً لا تزيد في هيئتهم الظاهرية سوى عامٍ واحد! و بالتطبيق على ”رندا“ نكتشف أنها في عامها الخامس و الثلاثين أو نحو ذلك!! و هناك خاصية أخرى لهذه الفئة من المتحولين: أنهم يمتلكون قدرتين في العادة، العمر المديد و قدرة أخرى تختلف باختلافهم ، هؤلاء الأشخاص نادرين لحسن الحظ، وعادة ما يقتلهم مرض جرثومي أو إصابات ، نادرين هم مَن عمَّروا كفايةً ليموتوا بالشيخوخة و أمراضها..خطرهم الحقيقي هو أنهم يكتسبون خبرات و مهارات عبر العقود و السنين لا الحكمة فحسب..

الآن نكتفي بهذا الشرح الممل و نعود إلى ”مازن“ الذي اقتحم غرفة قاعة التقنيات و العلوم التكنولوجية – التابعة لألفا- حيث تجلس ”شيماء“ مع عالمةٍ في الأربعينات، تتابعان أحدث البرامج التي ابتكرها مصممو و علماء ألفا هاهنا، راحا يتناقشان بشأن البيت و العيال و المدارس و الدروس الخصوصية –الله أكبر على التقنيات icon110-..المهم أن ”مازن“ قاطع حديثهما العلمي البحت ليدق –أقصد يحفر و يحطم و يهشم icon146- المكتب بقبضته ثم يقول آمراً:
- جدي لي كل المعلومات عن فتاة تُدعى ”رندا“ من ذوي العمر المديد..
راح خاطر أسود يطوف بذهنه: الآن فقط أدرك سبب تكتم الجميع اليوم؛ لقد اُختُطِفَ ”باسم“ و ربما الجميع..
لمْ يكن أصماً في العرس...بل الأصم في الميتم..



*****

صائد المكافآت
17-8-2010, 10:58 AM
*****

ثارت حواس و أعصاب ”هانز“ ما إن التقطت أنفه الحساسة رائحة الدم الطازج، فانحنى على أربع و راح يتشمم الأرض متتبعاً الرائحة حتى صار يشعر بالأرض الرطبة تحته، لم يكن الأمر يحتاج لمزيد من الذكاء بعد أن ارتطمت أنفه بشيء أملس ملون، جسد ”سميث“ الذي روى الصحراء القاحلة بدمائه، فاعتدل على اثنين و قبل أن يجد ”هانز“ الوقت الكافي للحزن أو حتى التأكد من موته كانت أنفاس ”رشا“ اللاهثة المتلاحقة تتناهى إلى مسامعه فاتجه إليها بخطى سريعة ليجدها على شفا الموت و الدماء تنزف بغزارة من جرح في كتفها، و في هدوء عجيب علَّق :
- مسكينة فعلاً..
هكذا فقط!! بلا أدنى لمحة من التأثر!! على الأقل تظاهر بالحزن أيها الذئب .
- ما دامت تتنفس فهى على قيد الحياة .
هكذا قدَّر ”هانز“ و غمغم لنفسه، ثم عاد إلى موضع ”سميث“ و انحنى معتمداً على ركبته اليسرى، و قد وضع يده على جبين صديقه ثم أبعدها ليقول ببروده المزعج :
- حرارته ليست منخفضة، إذاً هو حي!!
و للحق نقول أن ”هانز“ لا يفقه في الطب أكثر مما يفقه بواب بيتك عن علم الأنثروبولوجي.. ربما كان هذا سبب انضمام ”سميث“ إلى ”هانز“ في فريق واحد، فالأول ينقذ صديقه من الموت بالإصابات، و الثاني ينقذ صديقه من الموت بالرصاص و السكاكين..مثل التماسيح التي تترك العصافير تنظف لها أسنانها من بقايا الطعام و ...ما دخل التماسيح و العصافير بقصتنا؟! ما علينا . قام ”هانز“ بإبعاد الجسدين و تركهما في ظل صخرة كبيرة – رغم أن أول الإرشادات فيما يتعلق بالمغشي عليهم بسبب إصابة او حادث هي ألا تحركهم خشية أن يزداد الضرر بعظامهم فتتأذى الشرايين الرئيسية- متجاهلاً صوت الـ كراك ، تك و غيرها من الاصوات- أبقاهما في الظل الممتد، ثم اتجه إلى نقطة مركز مجال الطفرة – الذي شعر به- و هتف بصوت عالٍ :
- ”رندا“! إنني أعلم من تكونين، أعلم أنكِ تقاتلتِ منذ عدة سنوات ضد السيدة/ ليلى و بالكاد نجوتِ من الموت بينما يمكن القول أنها لمْ تتضرر بل و أودعتكِ في السجن لعدة سنوات ..لا اعلم كيف خرجتِ لكن لابد و أنكِ تعلمين أن السيدة توفت، و إلا لمَا حاولتِ أن تثأري لنفسك في أبنائها..أعلم أنكِ قد تكونين بين حبيبات الرمال تحت قدميّ أو ربما صخرة جامدة من خلفي..
فأتاه صوتٌ أنثوي- لكنه مخيف- من خلفه يقول :
- لا تنسَ أهمَّ التفاصيل، لقد فقدتُ كل هيبتي و ما ظللتُ أبنيه لـ15 عاماً..و أنا جد حانقة منها حاقدة عليها . (تقصد السيدة/ ليلى)
- (دون أن يلتفتَ إليها) لن أسألك كيف خرجتِ من السجن، لكنني سأعرض عليكِ عرضاً سخياً : لقاء مباشر مع السيد/ فاروق مقابل أن تتركي صديقيّ يعيشان، هاه..ما رأيك؟
- هذا عرض سخيف لا يشبع انتقامي الشخصي، فأنا أنوي أن ألقي بثلاث جثث أما ذلك البيتا السابق..ثم أقتله بيدي ليعلم أي وحش لا يرحم طبَّعته زوجته ، التي أظنها ستبكي في قبرها على الجثامين الأربعة التي ستوضع بجوارها..لكن لأجلك..(بنبرة ساخرة متهكمة) و لأجلك وحدك أيها الشاب سأعقد معك اتفاقاً بسيطاً لن تنال أكثر منه في الواقع: أنا لن أقتل ”باسم“ و هو مستيقظ بل سأخدر الصغير حتى لا يتألم !! و في المقابل ستطرب أذني بلقبي الحبيب الذي لمْ أسمعه منذ زمن، هاه.. ما رأيك؟!
- لا بأس إن لقبك يقترن بالموت الوحشي و هو ما لا أريده لطفل صغير مثل ”باسم“، إن لقبكِ هو....


*****
انتظروا التكملة بعد أن أرى ردودكم ^_^

القلب الصافي
18-8-2010, 02:19 AM
ماشاء الله ابداع يتلوه ابداع...
مازلت اتتبع اثر القصة وحتى ارى النهاية بإذن الله...
تحياتي...

صائد المكافآت
20-8-2010, 10:01 AM
شكراً على مرورك و ردك أختي "القلب الصافي" ؛ لكن أين بقية الأعضاء؟؟ Icon1938

المهم ==> نكمل باقي القصة..
و أحذركم، سيصبح الموضوع درامياً بعض الشيء.. مَن لا يحب الــIcon07>>Icon10>> Icon039 لا انصحه بالمتابعة.

-------------------------------------------------------------------------------------------------------------


- لا بأس إن لقبك يقترن بالموت الوحشي و هو ما لا أريده لطفل صغير مثل ”باسم“، إن لقبكِ هو....



*****


- ”رندا المادة“ ..
هكذا قالتْ ”شيماء“ مُجيبة طلب –أمر- ”مازن“، ثم أتبعت –من ذاكرتها الخاصة-:
- و هي من صيادي القوائم السوداء، اشتهرت ببراعتها و سرعتها و أسلوبها الغادر في القتل، و قد كانت في أوج نجاحها قبل حوالي 12 عاماً و صار ترتيبها بين الـ10 الأوائل في هذا المجال ثم ألقي بها في السجن ..
بدا ”مازن“ غير عالم بما ينبغي فعله، أيقتلها لأنها تتحدث بهدوء و دون أن تضغط مفتاحاً في لوحة المفاتيح بالحاسوب، أم يقتلها لأنها تتحدث بمصطلحات لا تزيد الغموض إلا غموضاً؟؟ على كل حال فقد حاول أن يتناسى فكرة القتل مؤقتاً و يسألها : - و مَن هم صيادو القوائم السوداء هؤلاء؟
- (مطّت شفتيها ثم أجابته) صحيح..صحيح، فعملاء ألفا لا يعرفون شيئاً يذكر عن عالم صيد المكافآت..لا وقت للشرح إذ تبدو لي متعجلاً أيها القائد، لنقل أن صيادي القوائم السوداء هم قتلة مأجورون للقضاء على الناس الجيدين في هذا العالم، و المكافآت يدفعها لهم زعماء العصابات بالطبع، أعمالهم غير مشروعة؛ لكنهم بارعون في الاختفاء عن أعين ألفا المباشرة..و ”رندا“ كانت واحدة منهم.
- هل تعرفين كيف دخلتْ السجن؟
- لقد حاولت قتل أحد البيتا التابعين لألفا العرب آنذاك لكنها لمْ تنجح..أو هكذا قال لي أصدقائي، آمل أن هذا لا يصدمك!
ازدرد ”مازن“ لعابه في صعوبة و قد اتضحت له الأحداث و قبل أن تفهم ”شيماء“ ما حدث كان قد غادر القاعة و يركض عبر الممرات حتى وصل إلى مكتب المدير الذي قرأ كل شيء في عينيّ طالبه البيتا ، فأغمض عينيه و أومأ برأسه أن نعم، نعم ، أنتَ محق يا ”مازن“..
شقيقك في قبضتها..
شقيقتك في قبضتها..
و ربما صديقيك أيضاً...
و لم يدرِ ”مازن“ ماذا يقول.


*****

- إذاً أنتَ تعرفني حقاً.
- صحيح ، إنه الدرس الوحيد الذي كنتُ متيقظاً فيه !! كان ذلك عندما ذهبتُ مع ”ميرا“ و ”رشا“ و ”سميث“ إلى ألفا U.S.Aفحذرني المدير – بصفتي أقوى الجميع- من صيادي القوائم السوداء..و ضرب المثال بكِ أمام السيدة/ ليلى –رحمها الله-..
- هل أبدو لك متفرغة كي تروي لي قصة حياتك المملة؟؟ على كل حال هذا يثبت أن مديركم غبي لأنه لمْ يتذكرني عندما رآني في شريط الفيديو .
- و ما أدراكِ؟! ربما أراد أن تكمل الابنة –رشا- ما بدأته الأم –ليلى-!
- يا لك من وقح..أهكذا تحدث من هي أكبر منك سناً؟
- أعتذر أيتها العجوز!
- (بحنق) لقد أغضبتني فعلاً..أرني أفضل ما لديك إن كنتَ تريد ان تعيش و لو لبضع دقائق أخرى.
لم يرد ”هانز“ فقط اكتفى بابتسامة –بدت شيطانية على وجهه المتحول- ثم عدّل وقفته ليقدم رجله اليسرى و يثني ركبته و قد برزت أنيابه و اصفرّت عيناه و ارتفعت أذناه المكسوتان بالشعر الرمادي فوق رأسه ، بينما مخالبه الداكنة تخرج ببطء من أطراف أصابعه التي صارت رمادية اللون و كذا باقي جسده..لقد قرر المستذئب..إما أن يظفر برقبة فريسته أو يتمدد شهيداً على الثرى. و في نفسه تمتم:
- أشهد أن لا إله إلا الله، و أن محمداً رسول الله .
سمع ”هانز“ صوت رمال تتساقط خلف ظهره فتقدم للأمام في عدة قفزات ، ثم التفتَ إلى حيث كانت ”رندا“ واقفة عندما تحاورا و طبعاً لم يجد سوى الرمال و الرمال مع بعض الحصى و الرمال و قبل أن يدرك الامر راحت الأرض تتزلزل من تحته و الرمال تتحرك في دوائر تتسع ثم تختفي كالموجات الصوتية فقفز عالياً بينما انبثقت دفقة رمال كاليد من تحته لكنها لم تصل إليه لحسن الحظ، لكنه لم ينتظر حركتها التالية بل إنه ما إن لامست قدماه الأرض –بعد قفزته- حتى أطبق بفكيه حول الرمال المُنبثقة ليسمع صوت تأوه مكتوم قبل أن تنساب الرمال من بين أنيابه عائدة إلى الصحراء. مرت بضع لحظات دون أن يحدث شيء لكن المستذئب لم يتخلَّ عن حذره قطّ بل ظل على أهبة الاستعداد حتى التقطت أذناه حركة مريبة بين الرمال عن يمينه و ما إن التفتَ حتى أصابته صخرة ضخمة في وجهه فسقط أرضاً و الدماء تنحدر من جبينه المصاب، لمْ يتخاذل أو يتأوه بل هبّ واقفاً ليجد صخرة أخرى تنطلق إليه لكنه تفاداها ببراعة و تفادى التي بعدها، و قبل أن تنطلق نحوه صخرة أخرى راح يلتهم الطريق التهاماً نحو مصدر الصخور فوجد ذات الهيئة العجيبة –ما يشبه الجسد الآدمي لكن بلا ملامح- لكن هذه المرة كان الهيكل مكوناً من حجارة و صخور و لم يفته أن يلاحظ اختفاء أحد الذراعين بينما اليد – في الذراع الأخرى- تحمل صخرة ضخمة لتضعها في موضع الذراع الخالي ، ثم التأمت الحجارة لتعود الذراع !! و دون إبطاء أكمل ”هانز“ طريقه نحو ”رندا“ –التي صارت حجراً هذه المرة-، لكنه ما إن صار على بعد خطوة واحدة منها حتى هوت عليه بذراعها الصخري ليسقط أرضاً ، بل إنها لم تمهله حتى يسقط فقد دفعته بما يشبه الساق – أي ركلته – ليندفع طائراً في الهواء عدة أمتار ثم تدوي سقطته التي تفجرت معها الدماء من عدة أجزاء في جسده لتبلل رمال الصحراء..و بكل ما أوتي من قوة، تحامل على نفسه ليقف من جديد و قد صارت الرؤية مشوشة ، لكنه أدرك كنه هذا الجسم الذي يقترب..
أدرك أنه لن ينال رقبة الفريسة..
لقد هلك..هلك حقاً هذه المرة..
كان يعلم منذ البداية أنه لن يفوز..
لن يعيش.. لكن الأم يختلف كثيراً الآن..
التضحية و الفداء كلمات بسيطة.. لكن كأفعال..
إنه لا يستطيع..لا يستطيع أن يواجه الموت..
إنه لا يزال غراً متهوراً لم يتجاوز الـ 17 من عمره..
قدماه تتراجعان..كل ذرة في جسده تريد الهرب..
لااااااااااااااااااااااااا
هكذا دوت الصيحة بداخله و تبعها عواء ذئبي من حلق المستذئب الكسير..لن أهرب.. إما الموت أو الشهادة.
و بخطى متعثرة، مع دماء تنزف من ساقيه، تقدم، ببطء - لكنه تقدم نحو الجسم الصخري و رأى ابتسامة متوحشة على وجه عدوته التي رفعت ذراعها الحجرية لتهوي بها على رأسه.. فأظلمت الدنيا في وجهه و طعم الدماء يبلل فمه...



*****



طلب: إلى كل الأعضاء و العضوات الذين يكتفون بالقراءة دون الردIcon06 >> أرجو أن يردّ بعضكم.

القلب الصافي
23-8-2010, 08:44 PM
http://www.ykuwait.org/up/up/wh_77518403.gif

قارورة عسل
24-8-2010, 05:28 PM
,, السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,

,, كنت أقرأ بصمت ، لكنك شجعتني على الرد ,,

,, سلمت أناملك المبدعة ,,

,, دمت كاتبا في مسومس ,,

صائد المكافآت
25-8-2010, 12:08 PM
شكراً لكما أختيّ {القلب الصافي}، و {قارورة عسل}
و التتمة قريباً إن شاء الله

في وداعة الرحمن

القلب الصافي
29-8-2010, 01:54 AM
مازلت انتظر التتمه...
تحياتي...

صائد المكافآت
11-9-2010, 01:50 AM
*****

- لماذا؟! لماذا لمْ يخبرني أحد؟
كانت نبرة ”مازن“ خليط من الغضب و الحزن، الذل و النحيب و هو ينطق هذه العبارة بينما قبضتاه تضربان المكتب حتى تشقق، و المدير لا يعرف ما ينبغي قوله..يبدو أنه وجد الكلمات المناسبة و ها هو يرفع عينيه إلى ”مازن“ ليقول بصوتٍ رصين:
- لو فقدتَ سيف صديقكَ الجاما ”سياف“ أما خصمٍ لا يحترمك و لا تعرف عنه شيئاً ، هل كنتَ لترغب في مواجهة ”سياف“ بالأمر و تتركه يذهب لاستعادة سلاحه من الخصم الذي هزمكَ و أذلك؟
- سيف ؟! أتشبه شقيقي ”باسم“ بسيف جامد لا حياة فيه؟؟
- ”مازن“!! أجبني، أكنتَ لتقبل بهذه الإهانة ؟؟
- لـ..لا ادري..
قالها ”مازن“ و ازدرد لعابه بينما أخفض عينيه و قال في مرارة:
- أيها المدير، هل هما على قيد الحـ..؟
- والدكَ لم يتدخل و هذا يعني أنهما لا زالا يتنفسان حتى هذه اللحظة.
- أريد أن أذهب ، أين أجدهما؟
- لن أخبرك!!
قالها المدير ببساطة و برود لا يناسبان الموقف، و قبل أن ينفجر ”مازن“ في وجهه أردف قائلاً :
- والدتكَ رحمها الله كانت تكره التهور، و لن أساعد ولدها الأكبر على التهور..
هنا فقد ”مازن“ كل الأدب و قال غاضباً، حائراً:
- هل جننتَ يا رجل؟
راح المدير يدور بكرسيه و هو يبتسم ابتسامة خافتة دون أن يهتم بعبارة ”مازن“ الوقحة، ثم أخيراً ثبت كرسيه على النحو الصحيح و استند بمرفقيه على المكتب ثم قال بنبرة ابوية لمْ تخلُ من الحزم:
- ”مازن“، أنا لمْ أجن. لكنني لن اسمح لك بأن تضخم شعور شقيقتك الدائم بالضعف، ثق بها قليلاً، إنها ”رشا“ الأيل ذو القرن الواحد.
لم يتحمل ”مازن“ و لمْ تسعفه الكلمات ليرد، و هكذا ألقى بنفسه فوق الكرسي المقابل للمكتب، ثم قال في مرارة:
- هل أنتَ واثق أن أبي سيتمكن من إنقاذهما في الوقت المناسب؟
- أجل.
- ماذا عن المسافة؟ كيف سيتمكن والدي من قطع المسافة قبل ان تقع الفأس في الرأس؟؟
- على نفس النحو الذي أنقذكَ به أنتَ و والدتكَ –رحمها الله- قبل عامين..

- لـ..لكنها لم تُكمل..لقد ماتت، فهل تسمي ذلك إنقاذاً؟
- باختيارها ! أنتَ تعلم أن ملكت الاختيار، و فضلت أن تترك هي عالمنا هذا في ذلك الحين.
- لكنها تركت أخويَّ أمانة في عنقي، فهل تريدني أن أدعهما يلحقان بها؟؟
- صحيح أن ”رشا“ و ”باسم“ أمانة في عنقك، لكن ثلاثتكم أمانة في عنق ”فاروق“.لا تنسَ هذا مطلقاً. هيا غادر الآن، سأخبركَ لدى عودتهما مع باقي رفاقك.
و هكذا نهض ”مازن“ متثاقلاً و اجتاز الباب في صمت لكن ملامحه قالت الكثير.. حتى هو لمْ يستطع أن يلتزم التجلد أكثر فما إن أغلق الباب خلفه حتى استند إلى جدار الممر و ارتجفت شفتاه و كذلك يداه عندما همس لنفسه:
- ليس مجدداً..فقدتكِ و ها انا افقد الجميع..ليس مجددا. .ليس مجدداً..
ترقرقت في عينه دمعة شفافة و قبل ان تنحدر من القنوات الدمعية وصل إلى مسامعه صدى صوت خطوات ركض قادمة إليه عبر الرواق، فالتفتَ و قطّب جبينيه – و ده وقته ده ؟!- و ما إن رأى القادم حتى اكتشف أنه أحد العاملين – قصيري القامة- بمعمل التقنيات –الذي كان فيه قبل قليل- ، وقف الرجل أمامه يلتقط أنفاسه و هو يلهث و خرجت الكلمات متقطعة من بين شفتيه :
- أسرع..المستجـ..لقـ.. لا أدري ما أصابهـ..
كان ”مازن“ على أهبة الاستعداد للانفجار في أول أحمق يقدر له أن يقابله فأمسك بياقة قميص الرجل و جذبه إليه و قال بكل ما اعتمل في صدره من غضب و حنق :
- هل تريد أن تجرب غضبي؟..لا أظن! إذاً تحدث بوضوح و إلا جعلتكَ تجربه!!
راح الرجل يتملص من ”مازن“ كالسحلية التي قُطع ذيلها ، و هو يقول و الخوف يملأ كلماته:
- أرجوك لا تفعل..أرجوك..هااا (يلهث و يعب رئتيه بالهواء) ..أسرع إلى المعمل..إن المستجدة قد..إنها على الارض تتلوى و هي تمسك رأسها..أسرع!!
أفلته ”مازن“ ثم علَّق بصوت خالٍ من التأثر بل ملؤه الحيرة:
- هذا فحسب؟! ظننتُ الأمر مهماً !!
ثمّ هزّ كتفيه غير مبالٍ و تجاوز الرجل – اللي يصعب على الكافر- و هو يغمغم :
- يبدو انني سأتخلص منها أسرع مما تصورتُ ،ربما أصابها مرض نادر –دوناً عن باقي الخلق- و سيكون أفضل لو انه بلا علاج!!
- استند الرجل على الجدار و هو يرمق ”مازن“ الذي يبتعد ببطء، وتمتم:
- - يا إلهي!! كنتُ مراهقاً ذات يوم لكنني لم أمسك أحداً بهذه الطريقة. حمداً لله أن بقية البيتا ليسوا وحوشاً مثله و إلا هلكنا..فقط لو لمْ يكن ذاك الوقح من بين أقوى خمسة مقاتلين ألفيين في العالم!! كان زماني وريته شغله كويس !!
- حين وصل ”مازن“ إلى المعمل رأى ”شيماء“ و قد أحاط بها الجميع، و ما إن رأوه حتى أفسحوا له المجال نحوها – و قد كانت جالسة على ركبتيها أرضاً- ، فقال لها :
- ما الأمر؟ هل حان أجلك أخيراً؟!
- (ضاغطةً على مقاطع كلماتها بسبب الألم) أين ”هانز“؟؟
- ليس هنا ، هل معه دواء ما؟
- لا، أين ”هانز“؟
- قلتُ أنني لا اعرف، حافظي على نبرتكِ معي.
- إنه يتألم !! أخي الأكبر يتألم!!
اتسعت عيناه لوهلة ثم قال باهتمام –أخيراً افتكر البيه إنه يهتم- :
- ماذا تعنين؟؟
- .....................
لمْ ترد.. أهذا وقت الصداع؟؟ لحظة.. .إلى أين تذهب ؟؟إنها تغادر المعمل بكل بجاحة بعد أن تركت ”مازن“ يشتعل ! صحيح أنها لا تزال ممسكةً برأسها لكن ..“مازن“ أيضاً يفكر بنفس الطريقة، إنه يجدّ السير خلفها ، يعترض طريقها بأن يقف كالجدار أمامها ، ينظر قليلاً لعينيها الذابلتين، يشعر أنه يفهم مقصدها ، يتنهد في سأم و يبتعد عن سبيلها، تكمل الفتاة سيرها و تشق طريقها بين العلماء و الموظفين المتزاحمين، لا تجيبهم عن أسئلتهم بشأن (هل أنتِ بخير؟ ماذا حدث؟ إلى أين تذهبين؟..) ، تسير نحو المطعم – بعد ممر عبر ممر ثم ممر لا ادري كيف تذكرت الطريق و هي مصابة بهذا الصداع الرهيب- و من خلفها ”مازن“ ، أشارت للموظف أن يعطيها حلوى السكاكر ثم تناولتها في نهم و ”مازن“ يقف أمامها يعد الدقائق حتى تنتهي، إنها تلعق الحلوى قليلاً ثم تفلت يدها الأخرى عن رأسها و يبدو عليها الراحة ثم الاستمتاع ، ”مازن“ يطرق الطاولة بقبضته فتلتفت ”شيماء“ إليه و تقول:
- ما الأمر؟!
يحافظ البيتا على تماسكه و لباقته ثم يرد كمن يمضغ الحروف :
- ماذا قصدتِ بشأن تألم ”هانز“؟
- ماذا تظنني قصدتُ يا قائد؟ إنه يقاتل و هو مصاب بجراح بالغة و يتألم.
- و ما أدراك؟ هل تشعرين بحالة الآخرين؟
ليس دائماً ، لكن عندما تقل الطاقة في جسدي يحصل هذا في بعض الأحيان.
- و.. و هل يمنكِ أن تشعري بحالة ”رشا“ أو ”ميرا“ أو ”سميث“ على الأقل؟
- إممم..لا !
يتراجع ”مازن“ خطوة إلى الوراء مندهشاً و يقرر أنها تستحق ان يهشم رأسها عقاباً لها على الحماسة الزائفة، ثم يعدل عن قراره – يؤجله- و يعود يسألها:
- هل تستطيعين تحديد مكانه؟ أو حتى تخمينه بشيء من الدقة؟
- أجل أستطيع أن أخمن و أن أخرجه من ورطته الحالية أياً تكن.
- إذاً لماذا لا تفعلين الآن ؟
- لأنه سيكرهني، ثم إنني بهذا أهينه كرجل!
- ( فقد أعصابه تماماً) لماذا تتصرفون جميعاً بهذه الطريقة الغبية المستهترة؟
- لأنها الصواب!
- أي صواب؟ أن يفقد حياته ؟!
- لا، بل أن يعرف معنى القتال الحقيقي..
- ماذا لو عرفه متأخراً؟؟ لن يعود حينها.
- -( و هي تخفض عينيها إلى الطاولة..) صحيح.
- لكنها ترفع عينيها فجأة و تبتسم ثم تضيف :
- على كل حال، هو يعرف كيف يتصل بي، إن أصابه مكروه فسيكون هذا و هو يدرك تمام الإدراك موقفه..
- (بهدوء و حيرة) أنتِ مجنونة!
- (و هي تبتسم) الجميع يقولون هذا !!
- تركها جالسةً في المطعم مغادراً ثم أجرى اتصالاً مع والده – السيد/ فاروق- و بعد حوار كسابقَيه – لا داعي لذكره منعاً للملل الممل- و وعده والده أن يتصرف متى احتاج الأمر، و أخبره أن يهدئ أعصابه و يشرب كوباً من الليمون المثلج.. و هكذا قرر ”مازن“ أن لا دخل له و لا ذنب فيما سيحدث .لكن على الجهة الأخرى من الخط ، كان أحدهم متوتراً ، متوتراً للغاية و راح يقول في عصبية :
- - كان ينبغي لي أن أتذكر ”رندا“ حين رأيتها في الشريط.. لقد أضعتُ ابني و أرسلتُ ابنتي إلى المجهول، فلتكونا في رعاية الرحمن..


*****

ارتجاج غريب هذا الذي أشعر به، كأن رأسي تحت مطرقة حداد.. و أي طعمٍ هذا الذي في فمي؟؟ كأنه دم، لا..إنه دم بالفعل، الحرارة مرتفعة فعلاً و هذه الرمال من تحتي تزيد الأمور سوءاً..ماذا حدث لي يا ترى؟ كنتُ واقفاً ثم رأيتُ صخرة ضخمة تقترب و.. لا شيء، فقط الظلام، الظلام الدامس، آآآي!! أحدهم يضرب رأسي بقوة.آآآه الضرب مستمر، أهو شخص استدنتُ.. آآآآي ..منه و لم أرد المال؟؟ لحظة..هذه الرائحة، لقد شممتها منذ مدة قصيرة، ”رندا“ ! إذاً هي التي تضربني. لنرى إن كان فكاي قويان كفاية مع هذا الشيء الذي يحيط برقبتي، (ععنن) .تباً !! أسناني و أنيابي كالصلصال أمام هذا الشيء! حجر..لابد و أن هذا الجسم حجر..لكن، سمعت صرخة مكتومة حين عضضتُ الشيء، و الآن فتات صخري يتسلل إلى فمي، إنها تلك الـ“رندا“ و لا شك. فلأكـ..آآآآه !! إنها تضربني مجدداً – كفى تفكيراً و لأعش الواقع- . إنها تسبني الآن، لابد أن أنيابي لم تزل قوية، و ها هي تهتف بي :
- أيها التافه.
- لو كنتُ تافهاً فماذا تكونين أنتِ؟!
- بؤساً لك..تألم .
- ماذا تقصـ..؟
” آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه“
يا إلهي! هذا مؤلم حقاً..
”آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه“
ثم ”آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه“ و بعدها ”آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه“
لا أستطيع أن أرى ، كان ينبغي لي أن أجد قطعة الحجر الحقيقي التي تحملها تلك القاتلة ، لا أصدق أنني نسيتُ آنذاك أن تحولها لأي مادة يعتمد أساساً على.. ”آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه“

ألا تستطيعين الانتظار حتى أنهي خواطري؟؟- ما علينا..أين كُنَّا؟آه، إن تحولها يعتمد على المادة التي تمسكها، بحيث إذا لمست حجراً أو رملاً أو ذهباً أو فضة أو حديداً أو حتى فحماً بأي جزء في جسدها فإنها تتحول بالكامل إلى تلك المادة، لكنني لم أعلم أنها تتألم و هي في حالة التحول. لابد أنها تمسك قطعة حجرٍ صغيرة أو تعلقها حول عنقها او ذراعها ، ربما تحمل مواد أُخر.. آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه
يا إلهي..إنني لا أرى أي شيء، الضباب الأصفر في كل مكان، لحظة..ما هذا الشيء؟ هناك جسم أبيض يقترب..لسبب ما أعتقد انها فتاة..إنني أخرف ..ربما مَلَك الموت، يتقدم مني الآن ليقبض روحي..فقط الذين يقتربون من الموت هم مَن يهلوسون برؤية فتاة في الصحراء!! لماذا لا أرى شريط حياتي؟! هه.. إن الجسم –الفتاة- يقترب، و الشريط إياه لم يظهر بعد..هل ستطول هذه الهلوسة؟؟ يبدو أن ”رندا“ تبتعد بجسمها الصخري عني ،ياه..كم هي ثقيلة ! ماذا كانت تأكل طوال هذه السنوات؟! الفتاة تقترب، أهذه هلوسة؟؟ لا أعتقد..إن الرؤية تتضح.هذه الفتاة حقيقية، إن ”رندا“ تتقدم إليها، أهما شريكتان؟؟
و هنا هتفت ”رندا“ بصوت عالٍ مخيف :
- مَن تكونين يا هذه؟؟ لمَ انتِ هنا؟
فأجابت الفتاة بصوت حازم لكنه هادئ:
- دعيه!

القلب الصافي
15-9-2010, 09:07 PM
كما تعودنا منك...
ابداع يدوم اثره طويلا...
لكنني الاحظ بأن الجزء يتقلص في كل مرة؟؟
فهل هذا تأثير قلة الردود؟؟
إن كان كذالك فتذكر اخي بأن البراعة لا تقاس بعدد الردود
ولكن تقاس بمن بقي ومن رحل...
فأن اكسب زبونا جديدا شئ وان احافظ على الزبون شئ آخر...
لذا ارجوا ان تكمل بالمستوى ذاته وترقى....
تحياتي...

صائد المكافآت
16-9-2010, 02:20 PM
الاحظ بأن الجزء يتقلص في كل مرة؟؟
فهل هذا تأثير قلة الردود؟؟
إن كان كذالك فتذكر اخي بأن البراعة لا تقاس بعدد الردود
ولكن تقاس بمن بقي ومن رحل...




ربما تضايقني قلة الردود فعلاً icon115، لكن هذا ليس سبب قِصَر المقاطع، بل لأنني لمْ ألحظ أن الاجزاء تقصر أساساً icon114 لأن مستوى نباهتي عاااااااااااالي No comment... سأحاول الانتباه لهذا الامر في المقاطع القادمة.
و شكراً على تنبيهي. Icon-yes0
في امان الله. و سأضع التتمة قريباً - إن شاء الله -.
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

صائد المكافآت
16-9-2010, 02:37 PM
و نعود لنكمل ::



فأجابت الفتاة بصوت حازم لكنه هادئ:
- دعيه!
- ماذا؟! أنا لا أعرف مَن أنتِ لكنني سأقتلكِ لو اقتضى الأمر؟
- (بنفس الهدوء لكن الفتاة تشير إلى ”هانز“ بسبابتها هذه المرة ..)..دعيه!
- مَن تحسبين نفسكِ أيتها المخبولة؟
قالتها ”رندا“ و اندفعت على هيئة رمال باتجاه الفتاة –تحولت إلى رمل لأن قدمها تلمس رمل الصحراء- ،و لمْ يستطع“هانز“ أن يفعل شيئاً بعد أن صارت شفتاه عاجزتان عن فعل أي شيء غير التأوه و الأنين..لكن عينيه اتسعتا عن آخرهما و هو يرى ”رندا“ على بعد خطوة من الفتاة، ثم فجأة تصلبت الرملية عن الحركة لثانية، و دون مقدمات..رأى المستذئب حبيبات الرمل تتفرق في كل الأنحاء في الهواء مرتفعة عن الأرض ، ثم تحرك الفتاة الغريبة يدها إلى أعلى لترتفع حبيبات الرمال المبعثرة حوالي ثلاث أمتار عن الأرض ثم تتساقط قطرات دماء على وجه ”هانز و جبينه...
ما الذي حدث؟؟ لم يفهم المستذئب أي شيء،لكنه أجفل حين رآها تتقدم نحوه، ثم تفرد أصابعها باتجاهه ، لم يدرِ معنى هذا التصرف ، فقط أدرك انه يرتفع عن الارض مع دمائه!!
أخيراً طاوعته شفتاه ليقول بضع كلمات:
- ماذا تريدين؟
لمْ تجبه ، فقط..أشارت إلى معصمه الأيسر ، فتحول ”هانز“ إلى حالته البشرية، و قد أدرك أنها تعني العلامة –نصف نجم و حوله نصفي دائرة- فنظر إليها متسائلاً، لكنه لمْ يستمر في حيرته فقد قالت له بنفس الحزم و الهدوء:
- أين الفتاة التي تحمل النصف الآخر من العلامة؟
- (قطب حاجبيه)..لا شأن لكِ بها.
- (رفعت سبابتها و لوحت بها عشوائياً بينما راح هو يصرخ و يتألم..) لا تكن وقحاً . ستكون نهايتك مؤلمة ما لمْ تفعل كما آمرك.
- ربما آآه ستكون نهايتي و نهايتها آآآه مؤلمة أيضا عندما آآه آخذكِ إليها..آآه.
- أنا لن أؤذيها، و لن أؤذيكَ ايضاً.
- ربما انتِ كاذبة.
لم ترد، فقط فرقت بين أصابعها ببطء ثم قبضتها ببطء ايضاً بينما جحظت عيناه و برزت عروقه ، و بدا كأنه سينفجر في أية لحظة! هنا قالت بهدوئها الحازم :
- أستطيع أن أقتلكَ هنا و الآن لكن هذا سيغضبها.. كن واثقاً من أنني صديقة لها!
قالتها ثم أرخت يدها ليعود إلى هيئته التي كان عليها قبل أن (تفعصه) ، ثم حركت يدها إلى أسفل لتضعه أرضاً ، كل هذا و هو يلهث من فرط الخوف و التعب، لقد رأى الموت هذه المرة..إنه مؤلم حقاً، و مخيف.. أحقاً كان ليضحي بنفسه لو خيرته ”رندا“ بين حياته و حياة أصدقائه؟ هذا..شعور مخيف و مرعب... إنه يدرك الآن قيمته الحقيقية، رما هو ليس سوى مراهق متحول في السادسة عشرة.. رفع عينيه ببطء إلى الفتاة و قال لها بصوته الواهن –من كثرة الضرب-:
- لو أخذتكِ إليها أتقسمين بالله أن تتركي أصدقائي يعيشون؟
- أجل ، أقسم لكَ على هذا؛ كما أن هذين المخلوقين يحتاجان إلى الدفن أو العناية المركزة على أقل تقدير.. على كلٍّ سأساعدكَ في إعادتهم مِن حيث جاؤوا. سأعطيكَ نصف ساعة لتقف على حيلك، و بعدها إما أن تساعدني على إيجاد مَن تحمل العلامة المماثلة أو أفعل بكَ كما فعلتُ بتلك الرملية..
راح يتحامل على نفسه لينهض و اخيراً استطاع ذلك، ثم سألها:
- كيف فعلتِ هذا بـ“رندا“؟
- إنها لا تتحول إلى هواء على ما يبدو ، بينما يُعد –الهواء- جسماً مادياً جداً بالنسبة لي و استطيع ان أؤثر ببراعة في ضغطه و اتجاهه، كما ان طاقتي تجعل جزيئاته تقترب اكثر من بعضها –ليس إلى درجة السيولة- لكنها تجعله قابلاً للإمساك بالنسبة لي..لقد فرقتُ ذراتها في الهواء و ما إن عادت إلى هيئتها البشرية حتى صارت كل (فتفوتة) منها في مكان مختلف، و كل حبيبة رمال فيها كانت تمثل شيئاً من جسدها البشري، بعض تلك الحبيبات كانت الدماء الذي تساقط على وجهك قبل قليل.
- لكن هذا يعني انها عادت على الرمال مجدداً !
- لا تكن غبياً! لقد ماتت ، يمكنك أن تقول انها انفجرت!!
تراجع ”هانز“ خطوة للوراء و عيناه لا تفارقان وجهها، أبيض كالثلج البارد، جامد الصخور الصماء ..أحقاً هناك مَن يتحمل فكرة انفجار الآخرين بهذا الهدوء حتى لو كانوا اعدائه؟؟
لمْ يبدُ عليها التأثر إطلاقاً ، بل إنها قالت له بنفس الهدوء الحازم و هي تشير إلى موضع ”رشا“ و ”سميث“ :
- اذهب و اعنِ بهما ، بعد نصف ساعة سنتحرك.
أومأ برأسه ثم مشى مترنحاً إلى صديقيه. بينما ذهبت الفتاة لتجلس داخل السيارة التي جاء بها المستذئب و الأفعوان.

*****

قطب القرصان جبينيه و هو ينظر عبر المنظار المقرب ليرى أن ”رندا“ لمْ يعد لها وجود. فالتفتَ إلى أحد أفراد طاقمه –الذي يُلَقّب على السفينة الخشبية القديمة بـ شارك- و أومأ له برأسه بحركة ذات مغزى فابتسم ”شارك“ و التفتَ إلى باقي أفراد الطاقم –الذين هم قراصنة متحولون- ليهتف فرحاً :
- ماتت!! ”رندا“ ماتت!
نظر باقي الافراد إلى بعضهم لحظة ليستوعبوا الموقف، و ما لبثوا أن صاحوا معاً في وقتٍ واحد:
- أجل!!
ارتسمت ابتسامة على وجه القرصان الشاب ثم قال محدثاً رجلاً قريباً :
- نريد وليمة دسمة اليوم. أخيراً تخلصنا من تلك المتأمِّرة السخيفة. سنقيم اليوم حفلاً بهيجاً.
- (الجميع..) أجل!!
عاد القرصان ينظر عبر المنظار –الذي يخرج من كفه!!- كأنما يتحقق من موت ”رندا“ ، فاتسعت ابتسامته و هو يفكر في نفسه :
” لقد أجبرني ”رشيد“ على العمل تحت إمرته، بل و أجبرني على طاعة تلك القاتلة الأجيرة و حمايتها لو لزم الأمر! مِن حسن الحظ أن تلك الفتاة الغريبة قتلتها بهذه السرعة و إلا لاتهمني بعدم تنفيذي لأوامره، و قضى على طاقمي..“
لكنه حدق مطولاً في تلك البقعة الداكنة المتسعة تحت الجزء العميق من المياه ثم أنزل المنظار عن عينيه ليعيد كفه من هيئة التحول- إلى منظار قديم الطراز- إلى هيئتها البشرية ، ثم يتساءل في نفسه عن سبب تحرك تلك البقعة في اتجاه سفينته لكنه ما لبث أن تجاهل خواطره تلك لحظة عندما أحضر إليه أحد الرجال هاتفاً يرن، فأجاب القرصان:
- مرحباً، ”ريك القرصان“ معك. مَن المتحدث؟
- إنه أنا أيها القرصان.. سيدك.
- (جزّ القرصان على أسنانه لمَّا سمع صوت محدثه ..) لا سيد لي يا ”رشيد“ .لمَ تتصل؟
- السبب بسيط، أنتَ لم تحاول حتى أن تحمي ”رندا“ ، ألمْ آمرك بأن تحميها ؟
- (و هو يقبض يده بقوة حانقاً) بلى، لكنها قُتلت بسرعة و بأسلوب لمْ أعهده. لا ذنب لي!
- صحيح..إذن أشكرني لأنني سأتيح لك فرصة تعرف هذا الأسلوب. (صمت لحظة ثم أتبع بصوت صارم ..) تخلص مِن كل المتحولين الذين على الساحل. الآن.
- ثم أغلق الخط في وجه القرصان الذي أطلق زفرة حارة ثم التفتَ إلى ”شارك“ الذي بادره بالسؤال:
- ما الامر أيها القبطان ”ريك“؟
- (و هو يشير إلى الساحل) تخلصوا من الجميع.
- (و هو ينظر إليه متسائلاً ثم يغمغم..) فهمت.
قالها ”شارك“ ثم التفت إلى زملائه ليصيح فيهم:
- ”ميجور“، ”كانون“، ”أوشي“، ”روكيا“ اقصفوا كل مَن شاهد أو شارك في قتل ”رندا“ على الساحل. أسرعوا.
- حاضر.
هكذا صاح الأربعة في نفس واحد و هم يركضون باتجاه فتحة مبطنة بالمعدن في جانب السفينة الخشبية المقابل للساحل ليقفوا جوار بعضهم البعض بحيث يكون ”ميجور“ موجِّهاً للطلقة، بينما ”كانون“ و ”روكيا“ فرجا بين اصابع أيديهما التي توهجت باللون الأزرق البلوري باتجاه الفتحة ، و هكذا بدأت أشعة من نفس اللون تمتد ببطء من راحات أيديهما في نفس الوقت الذي عبّ فيه ”أوشي“ نفساً عميقاً ثم زفره في كتلة الضوء المتجمعة لتنطلق عبر الفتحة.. انطلقت بقوة و سرعة لا مثيل لها، تشق طريقها نحو ”هانز“ المُترنَّح ، و ”سميث“ المغشي عليه و ”رشا“ الجريحة ، و تلك الفتاة، تلك الفتاة التي التفتتْ ترقب الطلقة في ذهول دون أن تحرك ساكناً. كم هي سريعة تلك الطلقة! إنها تكاد تصل.. لتنتشل المستذئب من سعادته بنجاة الجميع..بعد كل هذا، أيموتون هكذا؟

صائد المكافآت
16-9-2010, 02:51 PM
************
- ”مهمتكِ هي إبعاد القرصان..“
************
- ” مهمتكِ هي تأخيره عن المشاركة..“
************
- ” قد تكون حياتك هي الثمن..لكن لا تدعيه يقتل رفاقك..أيتها الطالبة ”ميرا“
************
شيء ضخم مهول أوقف الطلقة، كأنه سد لردعها، لقد انبثق من تحت الماء في نفس اللحظة التي كادت فيها الطلقة أن تقتل الجميع ! شيء كبير، طويل، مقسوم في نهايته العلوية كأنه ذيل سمكة!
انعقد حاجبا القرصان في ذهول، بينما تعالت أصوات رفاقه :
- ما هذا الشيء؟؟
- إنه يبدو كذيل حوت! لمَ أوقف الطلقة؟؟
- لماذا يوجد حوت هنا؟ المياه ليست بالعمق المناسب لحوت بهذا الحجم!
هتف القرصان ”ريك“ برجاله :
- هذا ليس حوتاً. بل متحول برمائي..و يتجه نحونا! ألقوا الشبااااك .
و دون إبطاء، أسرع خمسة رجال يلقون بشباك الصيد على ذلك المتحول الذي يتقدم نحوهم في سرعة و تحدٍ . كانت الضوضاء الناجمة عن ردع الطلقة كافية لجذب انتباه ”هانز“ الذي وقف يراقب المشهد مذهولاً، حوت صغير يتقدم، و شباك تُلقى، و ذيل الحوت يخرج بين لحظة و أخرى ليضرب سطح الماء كإشارة خفية..هنا فهم ”هانز“؛ لماذا لمْ تتدخل ”ميرا“ منذ البداية، إنها تعطيهم الوقت ليهربوا الآن أياً تكن النتائج....لا وقت للذهول، لقد التفتَ إلى السيارة –حيث خرجت الفتاة- و هتف:
- يا آنسة ، ابحثي عن طفلٍ صغير ثم ساعديني في نقل الجميع إلى السيارة، أسرعي رجاءً.
أومأت الفتاة برأسها إيجاباً و راحت تلوح بيدها عشوائياً بينما عيناها مغمضتان و جفناها مكتسيان بلون أزرق شاحب ، و فجأة توقفت عن التلويح لتثبت يديها في اتجاه واحد ثم تقبض أصابعها و ترفع ذراعيها ، لتنزلهما فجأة مُبعدة إياهما عن بعضهما أفقياً فانزاحت الرمال عن بقعة بعينها ليظهر مكعب حديدي ضخم تحت الأرض، بدا كأنه مخزن قديم و هنا تلاشى اللون الأزرق عن جفنيها لتفتح عينيها ثم تكور قبضتها اليمنى و تضرب بها الهواء ضربةً خفيفة ، جعلت باب المخزن المواجه لها –على بعد بضعة أمتار- ينثني على نفسه ، ثم لكمة أخرى جعلت الباب يطير بمعنى الكلمة لثانيتين أو حتى أقل ثم يسقط في موضعه، فتقدمت هي إلى داخل المخزن بخطوات سريعة لتخرج و بين يديها طفل صغير نائم –بفعل مخدرٍ ما- لتضعه في السيارة على حين كان ”هانز“ يجر الجسدين جراً على الرمال إلى السيارة متجاهلاً : كراك، تك، كرااك، كل هذا و الفتاة تراقبه و في عينيها نظرة ازدراء واضحة، لكنها حوَّلت نظرها إلى البحر حيث ”ميرا“ تدور بسرعة في حلقات حول سفينة القرصان بعد أن لاحظت الشباك المزودة بأشواك معدنية صغيرة كمقدمة الرمح..
كان القرصان ”ريك“ غاضباً و عصابة عينه السوداء –التي يضعها و يزيلها متى يشاء- تشير إلى غضبه بوضوح ، خاصة و هو يرفع يده اليسرى –التي زودها بخطاف معقوف – ليهتف و هو ينزله :
- أخرجوا ”ميرمايد“..اقتلوا الحوت.
ما إن نطقها حتى فُتح باب إحدى القمرات الصغيرة لتخرج منه شابة في العشرينات من عمرها لتتجه نحو جانب السفينة ثم تقفز منه إلى الماء في رشاقة و ما هي إلا لحظة حتى كانت حركة ذيلها بادية واضحة ثم غابت تماماً و هي تغوص لأسفل بسرعة جنونية لتمر من أسفل الشباك! طبعاً لن يرفعوا الشباك حتى لا تسنح و لو رائحة الفرصة لـ“ميرا“ أن تهوي على السفينة بذيلها –مثلاً-. كان المشهد غريباً بالنسبة لـ“ميرمايد“و هي ترى حوتاً صغيراً نسبياً –مقارنة بالحيتان الأخرى- زعنفتيه الجانبيتين غير متطابقتين في الحجم ، طول الحوت هو حوالي 10-12 م ، لكن لا يوجد أي دليل على أن هذا الحوت متحول ؛ إنه صغير لم يكتمل نموه بعد فحسب..لكن ”ريك“ قبطان السفينة يعرف جيداً ما يفعل، كانتا تسبحان في حلقات غير مكتملة،و نظرة الألم و الضعف تبرق في عيني ”ميرا“ لسبب مجهول..لفتَ هذا انتباه ”ميرمايد“ لكنها لم تبالي، بل تقدمت بسرعتها المهولة نحو ”ميرا“ و لطمت وجه الحوت بذيلها المكسو بالحراشف الفيروزية الحادة، كان فارق الحجم كبيراً لكن حراشف الحورية حادة حقاً حتى أنها جرحت ”ميرا“ ، طبعاً الجرح صغير نسبةً إلى حجمها لكنه غائر كفاية ؛ فتحوُّل ”ميرا“ لم يصل بعد إلى ظهور طبقات الشحم السميكة تحت الجلد، المهم أن الحوت سبحت متراجعة قليلاً إلى الوراء لكنها ما لبثت أن غاصت بزعنفتها اليمنى في جسد ”ميرمايد“ الضئيل لترتد الأخيرة إلى الوراء على حين استدارت ”ميرا“ بجسدها نصف دورة لتهوي بذيلها الضخم على ”ميرمايد“، التي انتبهت في اللحظة الأخيرة فتفادت الضربة بصعوبة و ارتفعت سابحةً لأعلى بحركة مباغتة كأنما تستثير ”ميرا“ للحاق بها، و لم تُكَذّب الأخيرة خبراً بل ضربت الماء بذيلها في غضب و جرح رأسها لا يزال يئن، كانت ”ميرمايد“ قد وصلت إلى سطح المياه فالتقطت نفساً عميقاً ثم غاصت بنصفها العلوي في الماء تاركةً ذيلها يتحرك فوق السطح فانعكست أشعة الشمس على حراشفها إلى رفاقها على السفينة ، ففهموا مقتضى رسالتها هذه و رفعوا الشباك، في نفس اللحظة التي ارتجت فيها السفينة كلها على إثر قفزة استعراضية من ”ميرا“ جعلتْ ”ميرمايد“ تبتسم في جذل تحت الماء حيث عادت تغوص بكامل جسدها لكن على مقربة من سطح الماء هذه المرة، و تفادت لطمة أو اثنتين من ذيل الحوت لتمرق نحو موضع البطن فتُعمل ذيلها الحاد في الجسد الضخم لتتلوى ”ميرا“ في ألم و هي لا تدري حلاً لموقفها هذا، إنها بالكاد تستطيع أن ترى الحورية و هي تسبح إلى جوارها، و مهما ضربت المياه بذيلها فهي لا تصيب الخصم أبداً..حقاً إن سفينة القرصان تحمل على متنها مجموعة من أقوى المتحولين من جميع أنحاء العالم، و لا حل للتخلص منهم إلا إلقاء قنبلة هيدروجينية عليهم و هم في عرض البحر. لحظة..كأن سفينة القرصان صارت أقرب؟! لا، بل هي كذلك بالفعل، إن كل هذا التلوي جعل ”ميرا“ تبتعد لا شعورياً عن مصدر الـ(الخربشة) ، لقد كانت ”ميرمايد“ تهاجمها من الجانب المقابل للسفينة لتجعلها تتجه نحوها...لكنها لن تقع في الفخ بهذه السهولة ، لقد غاصت متجاهلة الألم و الدماء رغم أنها قد صارت قريبة من السفينة، و خلفها ”ميرمايد“ لكن على مسافة متوسطة..ترى ماذا تنوي؟ هل تريد أن تترك الحوت لتموت على يد –أسنان- أسماك القرش أم هناك خدعة ما؟ يبدو أنهم واثقون حقاً في قدرات الحورية فقد رفعوا الشباك، و..لـ..لحظة! هذه هي الخدعة، إن ”ميرا“ الآن في البقعة الخطرة من البحر- في مرمى شباك سفينة قرصان البحور ”ريك“.
ما هذا الشيء الذي يهبط من أعلى؟؟ تباً، إنها الشبـ..

*****
و نتوقف هنا لنعود قريباً - إن شاء الله - لنعرف ما حدثَ لـ"ميرا" بعد ذلك. Icon0e0

القلب الصافي
17-9-2010, 02:47 AM
عاد طول الجزء للاعتدال...
بينما الكتابة فما تزال محافظا على اسلوبك الممتاز...
اقتراح:لما لا تعرض روايتك في احد المنتديات الادبية الشهيرة
او ان تبحث عن مسابقة للقصة او شخص ذو خبرة عميقة لتحصل منه على
تقييم دقيق بنسبة 100% غالبا...
تحياتي...

صائد المكافآت
19-9-2010, 03:28 PM
لما لا تعرض روايتك في احد المنتديات الادبية الشهيرة
او ان تبحث عن مسابقة للقصة او شخص ذو خبرة عميقة لتحصل منه على
تقييم دقيق بنسبة 100% غالبا...



في الواقع، لا أعرف أياً من المنتديات الأدبية الشهيرة!!
كما أنني لا أعتقد أن الانترنت مناسب للبحث عن شخصٍ ذي خبرة عميقة في هذا المجال أو غيره.
شكراً على النصيحة أختي "القلب الصافي"،،

صائد المكافآت
22-9-2010, 08:55 AM
نعود للقصة :d.. و نعرف ما حدث لـ"ميرا". icon145

ما هذا الشيء الذي يهبط من أعلى؟؟ تباً، إنها الشبـ..
و راحت قطرات الدماء تتناثر هنا و هناك ، و صوت الحوت الغنائي الحزين يمزق الآذان بينما الأشواك الصغيرة المثبتة في نسيج الشباك يجرح جسد ”ميرا“ الحبيس. و ها هو ”ريك“ القرصان ، يتأمل المياه و يرى بقعاً من اللون الأحمر تطفو فوق سطح الماء، كان مدركاً تماماً أن أي قرش –على بعد ميل- على وشك الوصول على هنا لالتهام الجثة ، و جاءه من خلفه صوت معاونه ”شارك“ يسأله:
- ما رأيك أيها القبطان؟ إن الرجال قد شحذوا الرماح استعداداً لغرسها في الحوت الصغير! ما هي أوامرك؟
- هذا ليس حوتاً صغيراً – كما أخبرتك من قبل- بل متحول متهور لا أكثر، و نحن لا نأكل المتحولين..
صمت القرصان برهةً ثم التفتَ إلى ”شارك“ و تابع :
- مُر الرجال أن يسحبوا ذلك المخلوق إلى الشاطئ..هيا أسرعوا قبل ان تتجمع القروش و ..
لمْ يكد يلفظ بالكلمة حتى راحت السفينة ترتج بعنف كأنما بركان قد انبثق أسفلها، و قبل أن يسأل أحد أو يدرك ما يحدث كان صوت الحوت الحزين أشبه بالصراخ و الاستغاثة هذه المرة، راحت ”ميرمايد“ تتشبث بجانب السفينة –بعد أن صعدت إليها من جانب لا شباك فيه- في محاولةٍ يائسة لئلا تسقط. ظن القرصان و بعض رجاله أن القروش كانت أقرب مما تصوروا لكنهم ألغوا هذا الاحتمال عندما صاح أحد الرجال بصوت جهور – و كان متحولاً إلى حوت هو أيضاً- :
- مرحلة جديدة من التحول تحدث للخصم..
ارتاع القرصان و اتسعت عيناه و هو ينظر للبحر المهتاج و هتف بصوت كاد ألا يكون مسموعاً بسبب صوت الأمواج المتلاطمة:
- ماذا؟! الآن! إن السفينة قد لا تتحمل بعد معركتنا السابقة عند خليج عدن..
بدا الأمر كأنه نهاية هذه السفينة، صحيح أن جميع من على متنها يجيدون السباحة إلا أن ألواح الخشب العتيقة هذه هي منزلهم و مأواهم..و فجأة..هدأ الموج و سكن البحر كأن شيئاً لم يكن لكن الصبغة الحمراء التي عَلَتْ سطح الماء روت القصة بوضوح، راحت أصوات التعجب تعلو، لكنها انقطعت مع صيحة القرصان :
- القروش ظهرت..ألقوا جثة المتحول على الشاطئ ثم أعيدوا القصف.
تحرك الجميع في نشاط دون أن يسأل أيٌّ منهم عما يجب فعله فالجميع هنا يفعلون ما يستطيعونه و كفى. أربعة رجال أشداء يقتلعون الشبكة من مكانها و يلقونها بقوة مهولة نحو الشاطئ – و قد أثار تساؤلهم أن وزنها اخف من المتوقع- . أربعة آخرون يستعدون للقصف، رجلان يفردان الأشرعة – التي ما هي إلا ذراعي متحول- و ”شارك“ يقفز إلى الماء مع ”ميرمايد“ و عشرة آخرون لمواجهة القروش المفترسة، و بينما العمل في أوجه، صاح المراقب في أعلى الصارية :
- شيء مريب على الساحل..
و بعده هتف رجل الشراع :
- حركة الهواء تتغير..
عاد المراقب يقول و عيناه –الواسعتان للغاااااية – معلقتان باتجاه الساحل:
- أحدهم يلوح بحركاتٍ غريبة.. و آخر يلتقط الجثة ..
أخذ رجل الشراع دوره في الصياح و الهتاف بالتناوب قائلاً :
- الرياح..إنها تزداد قوة و عنفاً، و الاتجاه هو عكس الساحل..كأن العاصفة ستهب.
و هنا علا صوت القرصان –الجميع يصيح ها هنا- :
- أديروا الدفة لتناسب اتجاه الرياح الجديد، فلتتماسك يا ”سايْل“ –يقصد رجل الشراع- . ما إن ننتهي من القروش حتى نقصف الساحل و نغادر هذا المكان العجيب.
أسرع أحد الرجال ليدير الدفة كما تقتضي الأوامر، بينما همس ”ريك“ الشاب لنفسه :
- بؤساً لكَ يا ”رشيد“. سأخسر العدة و العتاد بسببك.
و فجأة نفض القرصان عنه هذه الخواطر و هو يلتقط سماعة الهاتف إياها ليجيب المتصل :
- أجل. مَن معي؟ ... ”رشيد“؟! أهذا انت؟.. أنتَ تعرف الموقف جيداً فلا داعي للشرح... فلتعلم انه لو اقتضى الامر فأنا لن أقـ...لا يهمني إن كنتَ تصر، أنا لن أخسر رجالي لأجل سواد عيونك...ليستا سوداوين؟! غريب ، لكن هذا لا يهم الآن...يا إلهي الرحيم! إن الرياح تشتد... اسمعني جيداً انا لن أقصف... لمَ لم اقصف بالفعل ؟؟ لأن ضباط المدفعية هنا يحتاجون إلى وقت لتجميع طاقتهم... يا لهذه الرياح إنها عاصفة حقيقية... لا تحدثني بهذا الاسلوب الآمِر...لا أسمعك وششش..إن الجو عاصف يصعب الإرسال وششش ...لا تريدني أن أقصف؟!! كما تريد .
قالها في عناد و هو يغلق الخط ، ثم اشار لرفاقه الذين في الماء بعض الإشارات ، أشار بسبابته على الأمام، ثم ضم أصابعه عدا الإبهام فأشار به إلى أعلى، و فهم الرجال ، فأصدر أحدهم صوت الدلفين دلالة على الموافقة، و هكذا صاح القرصان في رجاله:
- لا قصف..فلنغادر الآن!!
و على الفور ارتفعت المرساة –من عرض البحر- و سارت السفينة تدفعها الرياح العاتية التي راحت تضعف كلما زادت المسافة بينها و بين الساحل، و فارت المياه قليلاً – في موضع مقاتلي القروش إياهم – ثم راح دلفينان – أي : متحولان - يتقافزان باتجاه السفينة يتبعهم الآخرون..ثم غابت السفينة تماماً عن أعين المستذئب و الفتاة .....

صائد المكافآت
22-9-2010, 09:06 AM
أرخت الفتاة ذراعيها و تنفست الصعداء بعد أن تأكدت من ابتعاد السفينة ، بينما ”هانز“ يرمقها في تشكك و فزع ، إنها تشبه وجهاً مألوفاً.. مألوفاً للغاية... وجه أخته العزيزة ”شيماء“ !!
التفتتْ إليه في حركة حادة و قالت بنبرة صارمة قاسية و مخيفة :
- لماذا تنظر إليَّ هكذا؟ ألم ترَ قتالاً حقيقياً من قبل؟ و لماذا لمْ تبدِ أية مشاركة فعلية؟ كل ما فعلتَه كان التقاط هذه الفتاة من الماء..أنتَ لم تضعها في السيارة حتى.أتتوقع لها الحياة هكذا؟
تلعثم ”هانز“ و لمْ يدر ما ينبغي عليه قوله بعد أن أدرك الحقيقة : إن ”شيماء“ مصابة بانفصام الشخصية! يعلم الله وحده كيف تمتلك كل هذه القدرات، لكنها نفس الملامح بالتأكيد! الاختلاف الوحيد هو تلك النظرات القاسية على هذا الوجه و ...
- ألا يمكنك حتى أن تجيب؟
أومأ ”هانز“ برأسه و همهم بكلمات غير مفهومة و هو يجر ”ميرا“ جراً نحو السيارة، و قد هاله كم الدماء التي خضبتها، و هنا فقط أدرك حقيقة ما حدث- لقد قدمت ”ميرا“ حياتها كي ينجو مع الآخرين، و لِمَن؟ لشباك القرصان! و لكن تلك الحركة الغريبة في الماء قبل قليل...لقد كان تحولاً جديداً و لا ريب. يبدو أن ”ميرا“ ستغادر عالم العقلاء إلى عالم الحيتان في الخلجان عما قريب..إنها تقطع الطريق في خطواتٍ حثيثة..


ظل ”هانز“ طوال الطريق يقود متوجساً من هذه المريضة النفسية الجالسة في المقعد الخلفي . لكنه لم يستطع قولاً أو فعلاً بعد تجربة صغيرة و مريرة : لقد حاول أن يسألها عن اسمها في الطريق و كانت النتيجة أنها حركت شفتيها في صوت غير مسموع كالـ(برطمة) و فجأة دوى صوت فظيع عالٍ في أذنيه كهزيم الرعود يقول بوضوح :
اخرس
أطبق المسكين بكفيه على أذنيه و هو يصيح و يصرخ، و ما إن هدأ حتى قالت الفتاة الرقيقة الرفيقة بنفس الصرامة و الحزم :
- لقد قلتُ الكلمة و حبست الموجات الصوتية في حيز محدد من الهواء ثم حركته تجاهك و أطلقته ، لا تسأل عن أي شيء مجدداً و إلا كررتُ لك العذاب.
طبعاً ظل المسكين صامتاً طوال الطريق حتى المركز الفرعي في سيناء، و بعد الحرق – لا اعرف كيف حرقوا و نقلوا ثلاثة جثث تلفظ آخر الانفاس- و حتى التقى المدير بهما ، و جرى الحوار التالي :
رءوف : مرحباً بك يا ”هانز“، لقد عدتَ حياً، أفترض أنك لستَ الوحيد؟
هانز : عدتُ مع الثلاثة و إن كانوا مرضى.
رءوف : مرضى؟! كيف؟
هانز : كانوا ينزفون بلا توقف، و وجوههم شاحبة جداً...
رءوف : ينزفون؟! هل ضمدتَ جراحهم على الأقل؟؟
هانز : و لماذا ؟ فقط المومياوات هي التي تُضمَّد عند الدفن!!
رءوف : مومياوات!! يا لك من أحمق! هذا في أفلام الخيال العلمي فحسب..ألا تعرف شيئاً عن النزيف؟
هانز : إنه عبارة عن خروج الدماء من أماكنها..هذا يؤلم قليلاً فحسب كما أذكر عندما جرحتُ من قبل ، أليس كذلك؟؟
رءوف : ستنضم لدورة تأسيس طبي أيها الأخرق .
هانز : لمَ العقاب؟؟ لقد عدتُ حياً !!
رءوف : اغرب عن وجهي....
يخرج ”هانز“ ركضاً تاركاً المدير يغلي و يثور و يفور و يفعل كما تفعل أمك عندما ترى ورقة امتحانك، ثم أجرى عدة اتصالات لنقل الثلاثة المصابين إلى المستشفى حالاً و إجراء فحص شامل لـ“هانز“ –جسدياً و عقلياً- . ثم التفتَ محدثاً الفتاة :
- مرحباً بك في ألفا.
- مرحباً.
- أرى انكِ مقتضبة في الرد ، و صموتة، كما انك شديدة الشبه بإحدى الطالبات المستجدات هنا، ما اسمك؟
- أدعى ”لما“ و أنا هنا لمقابلة هذه الطالبة التي تشبهني.
- لا بأس ، لكن هل تنضمين لطالبات مدرستنا؟ ما رواه ”هانز“ عن عبثكِ بالهواء يذكرني بتدريبات أكواخ التدريب اليابانية..هل أن محق؟
- نعم. و أنا موافقة بشأن الانضمام. سأحتاج لمكان للمبيت .
- لا بأس ستقيمين في سكن الطالبات، حاولي ألا تموتي كمداً حتى ذلك الحين.
- أي حين؟
- الحين الذي تنضمين فيه رسمياً إلى مقاتلي ألفا..سيرشدكِ الموظف إلى المكان.
- حسناً..عن إذنك.
- قالتها و استدارت لتخرج من غرفة المكتب إلا ان الباب فُتح عنوة و عبره شاب في السادسة عشرة و فتاة في الرابع عشرة تلعق قطعة حلوى (سكاكر) و كلاهما غاضب يتهم الآخر بأنه مزعج و عديم الفائدة و لا يحترم الآخرين و ... توقفت الفتاتان ، ”شيماء“ و ”لما“ ، نفس الوجه لكن الملامح مختلفة، ”لما“ تبدو ثابتة صارمة لا يطرف لها جفن بينما ”شيماء“ مذهولة مشدوهة، و ببطء تحركت مقلتاها في محجريهما إلى اليمين لترى ”لما“ التي بادلتها النظرات ثم أكملت طريقها خارج المكتب و ”شيماء“ تتابعها ببصرها...إنها لا تصدق..لا تصدق أن هذه الفتاة التي -لا تذكرُ منها سوى الملابس البيضاء و القلب الجامد كالثلج الأبيض- قد عادت..إن هذا يفسر الألم المفاجئ، لكن لماذا؟؟ لماذا تركت اليابان لتعود مجدداً بعد سنوات طوال من الغياب؟؟


مبارك عليكم انتهاء العدد الثاني من
||ألفا ~ قصة عالمٍ لا نعرفه||
لمْ يبقَ سوى الملحق، و أقدمه في ردي القادم..
طلب خاص: أرجو أن يزداد عدد الردود و لو قليلاً >< ><

القلب الصافي
29-9-2010, 05:13 PM
http://www.msoms-anime.net/images/icons/icon14.gif جزء آخر موفق...
ومازلت اتابع...
بإنتظار الملحق والجزء الثالث...
تحياتي...

القلب الصافي
6-10-2010, 03:46 PM
up up
up up

Erromi-san
22-10-2010, 01:22 AM
السلام عليكم

آآآآآآآآآسفة جداً على التأخير في الرد

لقد قرأت الجزء الأول ووضعت رداً عليه (إذا كنت تذكر)

وانتظرت الجزء الثاني بفارغ الصبر ومع إنشغالي لم استطع قراءته مبكراً


كلما تقدمت في قراءة القصة ازداد إبداعك فيها أخي

تابع إبداع قلمك

امضي قدما وسأتابع القراءة حتى النهاية
لو لم أستطع الرد

(أتمنى أن يكون هذا تشجيعاً مناسباً)

وشكراً لقرائتك

قارورة عسل
27-10-2010, 08:22 PM
أتابع بصمت كما هي العادة

أرجوا أن تسامحني

صائد المكافآت
8-11-2010, 09:09 PM
شكراً جزيلاً لجميع الأخوات اللاتي رددن على الموضوع، و بالتأكيد شكراً لكل من يتابع حتى و إن لمْ يضع ردً، عل كل حال فالملحق سيعرض بإذن الله غداً أو بعد غد.. و بهذا ينتهي هذا الموضع، و نبدأ في موضع جديد بعون الله .

انتظروني
أخوكم "صائد المكافآت"

صائد المكافآت
17-11-2010, 03:17 PM
أولاً: كل عام و أنتم بخير.


ثانياً: كل و عام و أنتم جميعاً بخير.


ثالثاً: -من جديد- كل عام و أنتم بخير.





اعذروني على التأخير فالأشغال كثيرة، لكن المهم أن الملحق بين أيديكم الآن، تفضلوا بالهناء و الشفاء icon145


^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^


الملحــــق



n ها نحن أولاء في ملحق جديد . انتهت القصة في هذا العدد، لكن التساؤلات لا تنتهي ، أليس كذلك؟

n أنا لستُ على ثقة من أسئلتكم، لكنني سأبذل جهدي كي أوضح ما أستطيع إيضاحه..

n إذاً...هذه هي القضية –العويصة- التي سأثرثر – بأسلوبي الممل – عنها :


التحول المتواصل – ميرا.




دعونا نبدأ على بركة الله








التحول المتواصل - ميرا




بدايةً، أذكركم بما قلته في العدد السابق بشأن التحول المتواصل، فهو لا يتوقف عند حد معين بل يمتد ليأخذ العقل و الذكريات من المتحول. المثال الذي سنضربه – ليس بالعصا بل سنأخذ به للشرح !! – هو ”ميرا“.

”ميرا“ متحولة إلى حوت أزرق، الذي يبلغ طوله – غالباً – حوالي 30 م، و لأن تحول ”ميرا“ متواصل ، فهي تتغير يوماً بعد يوم، لقد بدأت أولى مراحل التحول عندها عندما كانت في السابعة من العمر ، و هي سن مبكرة للتحول خاصة لمن هم من أبناء العوام مثل ”ميرا“، كانت تلك المرحلة متمثلة في قدرتها على حبس أنفاسها تحت الماء لمدة تزيد عن الثلث ساعة ! و قد انتبهت ألفا شمال آسيا – روسيا - و هو موطن ”ميرا الأصلي – لهذا الأمر في مسابقات النشء للسباحة ، و قد أبدت صغيرتنا المتحولة براعة منقطعة النظير في هذه الرياضة، و في الغوص كذلك، و بإجراء بعض التحاليل تبين أنها متحولة بشكل متواصل، و لم تلبث أن زاد حجم جسدها على نحو مخيف بعد شهرين، و هو ما اضطر والديها لإرسالها إلى مدرسة ألفا بعد أن كانا رافضَين للفكرة لمَّا لم يثبت أمامهما دليل قاطع على قصة التحول هذه. بعد شهر و نصف بدأ جلدها يأخذ اللون الأزرق عند التحول، و قدرتها على كتم أنفاسها تتطور، و ظلت دون جديد طوال ستة أشهر لكن الزعنفة اليمنى بدأت بالظهور بعد ذلك، لم تكن مكتملة النمو آنذاك، بل احتاجت لعدة أشهر أخرى كي تكتمل و تنضج، ثم بدأ التحول النفسي ؛ لقد صارت ”ميرا“ عصبية، و زادت شهيتها للأسماك كثيراً، و هو ما أقلق مدير فرع ألفا هناك لأنهم لا يملكون تجهيزات ملائمة لـ“حوت“ ، و هكذا حاول عبثاً أن يقنع والديها بالسماح لها بالسفر إلى ألفا العرب، لكن والدها –اليهودي- رفض الفكرة تماماً لعام و نيف؛ لكن حينما صارت ”ميرا“ في الحادية عشرة، جرت أحداث كثيرة لوالديها انتهت بإعدام الأم الروسية و مقتل الأب، و هكذا لم يعد لـ“ميرا“ من مفر من الذهاب إلى ألفا العرب، بعد أن صارت يتيمة تماماً، و يائسة بائسة حزينة. هناك تعرفت على ”رشا“ و البقية و كانت السيدة / ليلى لا تزال على قيد الحياة، و مع مرور الأيام و الأشهر بلغ حجمها عند التحول – ثمانية أمتار كاملة، و اكتمل نمو الذيل في نهاية عامها الثالث عشر، ثم صار التحول وجدانياً؛ حيث زاد حنينها إلى الماء و البحر و المحيط، و صارت ترتعب عند رؤية زيت كبد الحوت، و تهتاج عند سماع أخبار صيد الحيتان..
ملحوظة: كل مرحلة تحول جسدي تعد عذاباً مستعراً بالنسبة لأي متحول بشكل متواصل، و لنا أن نتصور كم الصرخات التي أفزعت الفتيات ليلاً في سكن الطالبات و أثارت لوعة المشرفة و قلق ”رشا“ التي صارت تقيم معها في نفس الحجرة، كانت ”ميرا“ تمضغ الوسادة و تمزق الغطاء و تبكي و هي تتلوى في الفراش بينما ذيلها يبرز فجأة ثم يختفي و مرة تخرج زعنفتها اليمنى أو يتحول جسدها بالكامل ليكسر المكان و الجدار إلا أن الفراش كان مصنوعاً خصيصاً من أجلها فلم ينكسر حتى الآن.

لابد من أن أشير إلى نقطة هامة، يعد تحول ”ميرا“ المتواصل سريعاً جداً مقارنة بغالبية المتحولين، إذ أن المعتاد هو أن تتم المرحلة الأخيرة – وهي التحول الكامل للدماغ- في عمر 30 – 40 عاماً، أما و الحال هكذا فإن ”ميرا“ ستسبح في المحيط المتجمد الشمالي في عمر العشرين!!

خلاصة القول أن التحول المتواصل يبدأ تدريجياً جسمانياً و نفسياً و وجدانياً و ينتهي بتحول الدماغ حيث يفقد المتحول كل قدرة على استعادة الذكريات أو العودة إلى الهيئة البشرية. في التحول العادي تتحدد هيئة التحول مباشرة دون تأخير.

كان الله في عونكِ يا ”ميرا“، لقد امتلأتِ ألماً و حزناً حينما تحولت زعنفتكِ اليسرى قبل تلقيكِ المهمة بقليل و لم يكن المدير على علمٍ بأمر تحولك بعد ، و جاهدتِ لتقاتلي ”ميرمايد“ التي لاحظت نظراتكِ الحزينة المتألمة الواهنة، ثم تحولتِ مجدداً في وقتٍ حرج ؛ تحولت داخل شباك القرصان و مزقت الأشواك الحادة جلدك ، لتمزق صرخاتكِ الآذان و تبكي لأجلكِ حيتان المحيط.... ترى ما كنه هذه المرحلة من التحول؟ هل يمكنكِ أن تعيشي بشكل سليم بعد أن فقدتِ كماً مهولاً من الدماء؟ حقاً ، إن قدركِ أن تشقي و تتألمي ، أكثر مما تألمتِ سابقاً، كان أبوكِ مجرماً مخادعاً و عاشت أمكِ ضحية الخديعة حتى جاءتها طعنة غادرة في الظهر من أقرب الأقربين.. لقد أسلمتِ بعد أن كنتِ يهودية، ربما كان إسلامكِ غضباً على والدكِ و عناداً و انتقاماً منه، و ربما كان إسلاماً عن قناعة..“ميرا“، حاولي ألا تفقدي الأمل، ربما يكون البحر هو مأواكِ الحقيقي، قلبكِ يحن إليه و عقلكِ يحلم به ، لذا لا تحزني أنتِ بين أصدقاء و أحسبكِ ستظلين دوماً مع الأصدقاء...



من/ صديق من البحر

و إلى لقاء آخر في عدد آخر

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

صائد المكافآت
26-11-2010, 08:34 PM
كثرة الردود مفزعة فعلاً! لم يكن عليكم أن تكتبوا أي رد مطلقاً ! شكراً بكل ما للكلمة من معنى..

القلب الصافي
29-11-2010, 04:31 PM
... السلام عليكم ورحمة الله ...
فوجئت فعلا بعودت الموضوع إلى اعلى....
من طول الانتظار اعتقد انك لن تكمل وفي الحقيقة
خف دخولي لقسم قلم الاعضاء....
بالنسبة للملحق:
الموضوع:به الكثير من التوضيح لشخصية ميرا
وهو مفصل ويجيب عن اي تساؤل قد يرد عدى تساؤل واحد وهو:
هل ستتحول ميرا مبكرا عما هو متوقع ام ان الامور ستكون لصالحها...
في الحقيقة توقعت انك ستكشف الستار عن السيدة ليلى
لكن توقعي لم يكن في محله...
بالنسبة للاسلوب:كما عهدنا منك الاسلوب المميز
على الرغم من وجود بعض الحدة ويظهر فيه جليا غضبك من قلة الردود...
بأنتظار الجزء الثالث...
لكن قد ارد عليه متأخرا نظرا لظروف الدراسه....
تحياتي...

صائد المكافآت
2-12-2010, 09:56 PM
حسناً.. أعتقد أن الدراسة تأخذ الجميع و لا عجب.
المهم، نحن الآن على وشك البدء في عدد جديد.. و بالتالي موضوع جديد.
و بهذا الرد أغلق هذا الموضوع ، و أفتح الباب لموضوع جديد بعنوان:
{{ العدد (3) "ألفا" عالم لا نعرفه }}