المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هذا رمضان الاخير وسوف نرحل جمعيا (هام جدا جدا)



Game Boy
9-8-2010, 08:11 AM
كثيرًا ما تضيع منا الأيام الأولى في رمضان؛ لأننا لم نحسن الاستعداد لها، فلا نشعر بقيمة الصيام، ولا بحلاوة القرآن، ولا بخشوع القيام.. وهذه لحظات غالية، وأوقات فريدة ينبغي للمسلم الفاهم أو المسلمة الواعية ألاَّ يفرِّطوا فيها أبدًا.

لكني أرى أن الأهم من ذلك، والذي قد نغفله كثيرًا، هو الاستعداد "ذهنيًّا" لهذا الشهر الكريم.. بمعنى أن تكون مترقبًا له، منتظرًا إياه، مشتاقًا لأيامه ولياليه.. تَعُدُّ الساعات التي تفصل بينك وبينه، وتخشى كثيرًا ألاَّ تبلغه!

هذه الحالة الشعورية صعبة، ولكن الذي يصل إليها قبل رمضان يستمتع حقيقةً بهذا الشهر الكريم.. بل ويستفيد بكل لحظة من لحظاته.



وقد وجدتُ أنه من أسهل الطرق للوصول إلى هذه الحالة الشعورية الفريدة أن تتخيل بقوَّة أن رمضان القادم هو رمضانك الأخير في هذه الدنيا!!



إن رسولنا الأكرمأوصانا أن نُكثِر من ذكر الموت، فقال: "أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ"[1]. ولم يحدِّد لنا وردًا معينًا لتذكُّرِه،وفي إشارة من الرسول الكريم إلى تذكُّر الموتى كل يومين قال: "مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلاَّ وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ"[3].

رمضان الأخير مطلب نبوي
إذن افتراض أن رمضان القادم هو رمضان الأخير افتراض واقعي جدًّا، ومحاولة الوصول إلى هذا الإحساس هو مطلب نبويٌّ، والمشاهدات العملية تؤكِّد هذا وترسِّخه.. فكم من أصحابٍ ومعارفَ كانوا معنا في رمضان السابق وهم الآن من أصحاب القبور! والموت يأتي بغتةً، ولا يعود أحدٌ من الموت إلى الدنيا أبدًا.. قال تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون: 99، 100].



فالعودة من الموت مستحيلة، وكل الذين يموتون يتمنون العودة، إنْ كان مسيئًا ليتوبَ، وإن كان مُحسِنًا ليستزيد! فماذا لو مِتنا في آخر رمضان المقبل؟! إننا -على كل الأحوال- سنتمنَّى العودة لصيام رمضان بشكل جديد، يكون أكثر نفعًا في قبورنا وآخرتنا.. فلنتخيَّلْ أننا عُدْنا إلى الحياة، وأخذنا فرصة أخيرة لتجميل حياتنا في هذا الشهر الأخير، ولتعويض ما فاتنا خلال العمر الطويل، ولتثقيل ميزان الحسنات، ولحسن الاستعداد للقاء الملك الجبَّار.



وما أروع الكلمات التي قالها سيف الله المسلول خالد بن الوليدلزعيم الفرس هُرمز عندما وصف الجيش الإسلامي المتَّجِه إلى بلاد فارس فقال: "جئتك برجالٍ يحبون الموت كما تحبون أنتم الحياة"[4]!!



ولقد حقق هؤلاء الرجال الذين يحبون الموت كل مجدٍ، وحازوا كل شرفٍ.. ومات بعضهم شهيدًا، وعاش أكثرهم ممكَّنًا في الأرض، مالكًا للدنيا، ولكن لم تكن الدنيا أبدًا في قلوبهم.. كيف وهم يوقنون أن الموت سيكون غدًا أو بعد غدٍ؟!

أعمال رمضان الأخير
والآن ماذا أفعل لو أني أعلم أن هذا هو رمضاني الأخير؟!

لو أني أعلم ذلك ما أضعتُ فريضة فرضها الله عليَّ أبدًا، بل ولاجْتهدتُ في تجميلها وتحسينها، فلا أصلي صلواتي إلا في المسجد، ولا ينطلق ذهني هنا وهناك أثناء الصلاة، بل أخشع فيها تمام الخشوع، ولا أنقرها نقر الغراب، بل أطوِّل فيها، بل أستمتع بها.. قال رسول الله: "وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاَةِ"[5].



ولو أني أعلم أن هذا هو "رمضاني الأخير" لحرصت على الحفاظ على صيامي من أن يُنقصِه شيءٌ؛ فرُبَّ صائمٍ ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش.. بل أحتسب كل لحظة من لحظاته في سبيل الله، فأنا أجاهد نفسي والشيطان والدنيا بهذا الصيام.. قال رسول الله: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"[6].



ولو أني أعلم أن هذا هو رمضاني الأخير، لحرصت على صلاة القيام في مسجد يمتِّعني فيه القارئ بآيات الله، فيتجول بين صفحات المصحف من أوَّله إلى آخره.. وأنا أتدبَّرُ معه وأتفهَّم.. بل إنني أعود بعد صلاة القيام الطويلة إلى بيتي مشتاقًا إلى كلام ربي، فأفتح المصحف وأستزيد، وأصلي التهجد وأستزيد، وبين الفجر والشروق أستزيد.. إنه كلام ربي.. وكان عكرمة بن أبي جهل يفتح المصحف ويضعه فوق عينيه ويبكي، ويقول: "كلام ربي.. كلام ربي"[7].



ولو أني أعلم أن هذا هو رمضاني الأخير ما تجرأت على معصية، ولا فتحت الجرائد والمجلات أبحث ملهوفًا عن مواعيد التمثيليات والأفلام والبرامج الساقطة.. إن لحظات العمر صارت معدودة، وليس معقولاً أن أدمِّر ما أبني، وأن أحطم ما أشيد.. هذا صرحي الضخم الذي بنيته في رمضان من صيام وقيام وقرآن وصدقة.. كيف أهدمه بنظرة حرام، أو بكلمة فاسدة، أو بضحكة ماجنة؟!



إنني في رمضان الأخير لا أقبل بوقت ضائع، ولا بنوم طويل، فكيف أقبل بلحظات معاصي وذنوب، وخطايا وآثام؟! إن هذا ليس من العقل في شيء.



ولو أني أعلم أن هذا هو رمضاني الأخير ما كنزتُ المال لنفسي أو لورثتي، بل نظرت إلى ما ينفعني عند ربي، ولبحثت بكل طاقتي عن فقيرٍ محتاج، أو طالب علم مسكين، أو شاب يطلب العفاف ولا يستطيعه، أو مسلمٍ في ضائقة، أو غير ذلك من أصناف المحتاجين والملهوفين.. ولوقفت إلى جوار هؤلاء بمالي ولو كان قليلاً، فهذا هو الذي يبقى لي، أما الذي أحتفظ به فهو الذي يفنى!




رمضان وأمتنا الجريحة


ولو أني أعلم أن هذا رمضاني الأخير ما نسيت أُمَّتي؛ فجراحها كثيرة، وأزماتها عديدة، وكيف أقابل ربي ولست مهمومًا بأمتي؟! فلسطين محاصَرة.. والعراق محتلَّة.. وأفغانستان كذلك.. واضطهاد في الشيشان، وبطش في كشمير، وتفتيت في السودان، وتدمير في الصومال.. ووحوش الأرض تنهش المسلمين.. والمسلمون في غفلة!



ماذا سأقول لربي وأنا أقابله غدًا؟!



هل ينفع عندها عذرٌ أنني كنت مشغولاً بمتابعة مباراة رياضية، أو مهمومًا بأخبار فنية، أو حتى مشغولاًَ بنفسي وأسرتي؟!



أين شعور الأمة الواحدة؟!



هل أتداعى بالحُمَّى والسهر لما يحدث من جراح للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها؟!



وحتى -والله- لو كنت مشغولاً بصلاتي وقيامي، هل يَقبل ربي عذري أنني نسيت رجالاً تُقتَّل، ونساءً تُغتَصب، وأطفالاً تُشرَّد، وديارًا تُدمَّر، وأراضي تُجرَّف، وحُرمات تُنتَهك؟!

رمضان وفقه الرسول
لقد أفطر رسول الله وأمر المسلمين بالفطر وهم يتَّجِهون إلى مكة ليفتحوها بعد خيانة قريش وبني بكر..

إن الصيام يُؤخَّر، والجهاد لا يُؤخَّر..

ليس هذا فقهي أو فقهك، إنما هو فقه رسول الله.

هكذا كان يجب أن يكون رمضاني الأخير، بل هكذا يجب أن يكون عمري كله.. وماذا لو عشت بعد رمضان؟! هل أقبل أن يراني اللهفي شوال أو رجب لاهيًا ضائعًا تافهًا؟!



وما أروع الوصية التي أوصى بها أبو بكر الصديقأبا عبيدة بن الجراحوهو يودِّعه في رحلته الجهادية إلى الشام.. قال أبو بكر: "يا أبا عبيدة، اعمل صالحًا، وعش مجاهدًا، ولتتوفَّ شهيدًا"[8].



يا الله! ما أعظمها من وصية! وما أعمقه من فهم!

فلا يكفي العمل الصالح بل احرص على ذروة سنام الإسلام.. الجهاد في سبيل الله.. في كل ميادين الحياة.. جهاد في المعركة مع أعداء المسلمين.. وجهاد باللسان مع سلطان جائر.. وجهاد بالقرآن مع أصحابٍ الشبهات.. وجهاد بالدعوة مع الغافلين عن دين الله.. وجهاد للنفس والهوى والشيطان.. وجهاد على الطاعة والعبادة، وجهاد عن المعصية والشهوة.



إنها حياة المجاهد..



وشتَّان بين من جاهد لحظة ولحظتين، وبين من عاش حياته مجاهدًا!



ثم إنه لا يكفي الجهاد!!

بل علينا بالموت شهداء!

وكيف نموت شهداء ونحن لا نختار موعد موتتنا، ولا مكانها، ولا طريقتها؟!

إننا لا نحتاج إلى كثير كلام لشرح هذا المعنى الدقيق، بل يكفي أن نشير إلى حديث رسول اللهليتضح المقصود.. قال: "مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ، بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ"[9].



ليست النائحة كالثكلى!

إننا في رمضاننا الأخير لا نتكلف الطاعة، بل نعلم أن طاعة الرحمن هي سبيلنا إلى الجنة، وأن اللهلا تنفعه طاعة، ولا تضرُّه معصية، وأننا نحن المستفيدون من عملنا وجهادنا وشهادتنا.

فيا أمتي، العملَ العملَ.. والجهادَ الجهاد.. والصدقَ الصدق؛ فما بقي من عمر الدنيا أقل مما ذهب منها، والكيِّس ما دان نفسه وعمل لما بعد الموت.





منقول

أيومي يوشيدا
10-8-2010, 07:46 AM
شكرااا جزيلا على الموضوع الرائع

كريس اينجل
10-8-2010, 08:38 AM
جزاك الله خيرا اخى العزيز على هذا الموضوع

Marshen Guy
10-8-2010, 09:27 AM
اللهم أعنا فيه ووفقنا فيه لكل ما يرضيك

Game Boy
11-8-2010, 07:47 AM
وشكرا لكم اخوانى الكرام على مروركم الطيب
وجزاكم الله خيرا
وكل عام وانتم بخير

TIGEROF.ISLAM
11-8-2010, 12:10 PM
بسم الله ماشاء الله , ماأروع ما قد قمت بذكره حقاً لقد جئت بالخلاصه في هذا الموضوع الرائع , فكم من أقاربنا كانوا معنا العام الماضي ولم يدركوه هذا العام , وهذه نعمه تستحق الشكر أولاً ثم استغلالها ثانياً فلعل رمضان هذا العام هو فرصتنا الاخيره .

وأما مايجب علينا من ذكر الامه وأحزانها , فحقاً لايجب أن ننسي القدس من دعائنا في هذا الشهر المبارك فهو شهر الجهاد ومادمنا لانقدر عليه , ليس أمامنا سوي الدعاء .

بارك الله فيك وجزاك كل خير ونفع بك وبنا وبجميع المسلمين دين الاسلام , وأعاننا جميعاً علي طاعته دائماً وأبداً .

Ayato
11-8-2010, 12:29 PM
بوركت أخي الكريم ... موضوع راائع ومعبر .. الله يجعلنا من التأبيين والمغفروين في رمضان ... اللهم آميييييييييين ...

عائش
11-8-2010, 02:48 PM
جزاك الله خيرا
اللهم اجعلنا من عتقائك من النار في رمضان

يا أرحم الراحمين

[ اللــيـــث ]
11-8-2010, 03:14 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أدعوك دعاء المحب لحبيبه ، دعاء الناصح لأخيه ، أدعوك أن تعتبر هذا الشهر
الفرصة التي قد لا تعود ، والحياة التي قد لاتتكرر مرة أخرى ..
كن إيجابياً ، وانظر إلى الفرص بعين المتسابق التي يتمنى أن تلوح له .
سائلاً الله تعالى لك الهداية والتوفيق والسداد .

blue star
11-8-2010, 04:25 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

جزاك الله كل الخير على هذا الموضوع الراآآئع ..
كلامك صحيح .. فلا احد يعلم هل سيبلغ رمضان القادم ام لا ..

بانتظار جديدك باستمرار .. باذن الله ..
وبالتوفيق .. أعانك الله ..

فى امان الله ..

Game Boy
26-8-2010, 05:39 PM
جزاك الله خيرا
اللهم اجعلنا من عتقائك من النار في رمضان

يا أرحم الراحمين


اللهم آمين

Game Boy
26-8-2010, 05:41 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

جزاك الله كل الخير على هذا الموضوع الراآآئع ..
كلامك صحيح .. فلا احد يعلم هل سيبلغ رمضان القادم ام لا ..

بانتظار جديدك باستمرار .. باذن الله ..
وبالتوفيق .. أعانك الله ..

فى امان الله ..

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاتة
وجزاك الله اخى الحبيب
والحمد لله قد من الله علينا وادركنا رمضان فماذا نحن فاعلون فيما بقى

كازوها1996
27-8-2010, 05:45 PM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

الحث على إغتنام الأوقات بالأعمال الصالحات قبل الندم عليها". و الحث للاستعداد للاخرة.


قال تعالى: وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ، وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُون، أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ، أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ، أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ [الزمر:54-58]، وقال تعالى: حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ، لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [المؤمنون:99-100].


وما هذه الأيام إلا مراحل *** يحث بها داع إلى الموت قاصد

ندعوا الله أن ينفع بها المسلمين ويغفر لنا ذنوبنا وتقصيرنا إنه غفور رحيم.

وشكرا أخي ع الموضوع.