المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فلنحيينه حياة طيبة...



غربة روح
23-10-2010, 06:38 PM
الإمام ابن تيمية:



يحكي لنا تلميذه ابن القيم عن بعض أحواله فيقول:



سمعتُ شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: إنَّ في الدنيا جنة من لم يدخلْها؛ لا يدخل جنة الآخرة.
وقال لي مَرَّةً: ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري، أينما رحلتُ فهي معي لا تفارقني،
إنَّ حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة....
وكان يقول في محبسه في القلعة: لو بذلت ملء هذه القاعة ذهباً.. ما عدل عندي شكر هذه النعمة، أو قال: ما جزيتهم على ما تسبَّبوا لي فيه من الخير.. ونحو هذا، وكان يقول في سجوده وهو محبوس: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك..
وقال لي مَرَّةً: المحبوس من حُبِس قلبه عن ربه تعالى، والمأسور من أسره هواه.
ولما دخل إلى القلعة وصار داخل سورها نظر إليه وقال: {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ}.
وبعد ذلك يقول ابن القيم حاكياً عن حاله: "وعَلِم الله ما رأيتُ أحداً أطيب عيشاً منه قط مع ما كان فيه من ضيق العيش وخلاف الرفاهية والنعيم بل ضدها، ومع ما كان فيه من الحبس والتهديد والإرهاق، وهو مع ذلك من
أطيب الناس عيشاً، وأشرحهم صدراً،
وأقواهم قلباً، وأسرَّهم نفساً،
تلوح نضرة النعيم على وجهه,,,
وكنَّا إذا اشتدَّ بنا الخوف، وساءت منَّا الظنون، وضاقت بنا الأرض؛ أتيناه، فما هو إلا أنْ نراه ونسمع كلامه؛ فيذهب ذلك كله، وينقلب انشراحاً وقوةً ويقيناً وطمأنينةً؛ فسبحان من أشهد عباده جنته قبل لقائه، وفتح لهم أبوابها في دار العمل؛ فآتاهم من روحها ونسيمها وطيبها ما استفرغ قواهم لطلبها والمسابقة إليها"
(الوابل الصيب لابن القيم).
-قال بعض العارفين:
إنَّه ليمرُّ بالقلب أوقاتٌ أقول: إنْ كان أهل الجنة في مثل هذا؛ إنَّهم لفي عيشٍ طيبٍ،
وقال بعض المحبين:
مساكين أهل الدنيا؛ خرجوا من الدنيا وما ذاقوا أطيب ما فيها،،،،
قالوا: وما أطيب ما فيها؟!
قال: محبة الله والأنس به والشوق إلى لقائه، والإقبال عليه والإعراض عما سواه.
(مدارج السالكين لابن القيم).


وبعد هذه نقول فقد يستصعب أحدٌ وصولَه إلى هذه المرتبة من الحياة الطيبة؛ بحجَّة أنَّ هؤلاء علماء وأئمة وعارفين.. إلخ، وهذا فَهْمٌ خاطئ؛

لأنَّ الله عز وجل ما جعل وَعْده في القرآن الكريم لأفرادٍ من الناس يُعَدُّون على الأصابع، بل كلُّ من يتحقَّق فيه الشرط المذكور في الآية ينال نصيباً من الحياة الطيبة، فمعادلة الحياة الطيبة كما بيَّنها القرآن الكريم هي:

{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}




نسأل الله العظيم من فضله..


وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.....




محبتي،،،،،

ابن القلعة
24-10-2010, 02:58 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

عدنا بحمد الله وقوته

موضوع جميل يتحدث عن جانب من جوانب هذا الشيخ الإمام ابن تيمية عليه رحمة الله

شيخ أذهب التعصب وأوقف دخائل العقائد على هذا الدين

بوركت احتي ولك مني جزيل الشكر

شكر الله لك صنيعك هذا

معتزة بديني
24-10-2010, 06:36 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيراً اخيتي على هذا الموضوع الذي تنشرح له الصدور
فلقد تحدثتي عن شيخ الإسلام ابن تيمية على لسان تلميذه
فارس الآمة وروحاني الإسلام ابن القيم رحمهما الله وأسكنهم فسيح جناتة
وتلك نبذة صغيرة عن شيخ الإسلام رحمة الله
هو أحمد تقي الدين أبوالعباس بن عبدالحليم بن عبدالسلام بن عبدالله بن أبي القاسم الخضر بن محمد بن الخضر بن علي بن عبدالله بن تيمية الحراني
ولد رحمه الله يوم الأثنين عاشر وقيل ثاني عشر من ربيع الأول سنة 661 هـ في حران وفي سنة 667 هـ أغار التتار على بلده فأضطرت عائلته إلي ترك حران متجهين إلي دمشق وبها كان مستقر العائلة حيث طلب العلم على أيدي علمائها منذ صغره فنبغ ووصل إلى مصاف العلماء من حيث التأهل للتدريس والفتوى قبل أن يتم العشرين من عمره
ويعتبر شيخ الإسلام ابن تيمية من القليلون الذين كانت حياتهم كلها لله والذين دعوا إلي الله على بصيرة شاهداً لله سبحانه وتعالى انه لا إله إلا هو قائماً بالقسط فقد كتب وألف عشرات المجلدات بل مئات المجلدات في هذين المعنينين :
- إثبات وحدانية الله سبحانه وتعالى وتحذير المة من الشرك الذي تفشى فيها بعد صدر الإسلام
- إثبات عدل الله في تشريعاته وقضائه وقدره .
ولقد تصدى بالرد على الفلاسفة وأذنابهم والرافضة واكاذيبهم والباطنية وخبثهم ونفاقهم والصوفية وعقائدهم الفاسدة وترهاتهم وللمتكلمين وخلفائهم وتأويلاتهم الباطلة وللمقلدين وعبادتهم لشيوخهم وتعصبهم لارائهم المنخالفة للكتاب والسنة ، والنصارى وضلالهم واليهود وخبثهم وأفسادهم وألف في كل ذلك وكتب ودرس وسافر وارتحل وناقش ولم يكتف بهذا بل جرد سيفه لقتال التتار فجمع الجموع لعلاقاتهم ووحد صفوف المسلمين لحربهم وخاض المعارك ونصره الله عليهم ، ورغم كل هذا كان عازف عن الدنيا لم يتزوج ولم يكتنز مالاً أو يبني داراً ويتخذ عقاراً إلا ما أراده من دار الأخرة
وعالم كهذا لابد وان يكثر اعداءه وحساده فقد عادى الدنيا كلها في الله وخاصم كل منحرف في ذات الله ولم يداهن أميراً ولا وزيراً في الحق بل صدع به حيث كان ولذلك كثرت ابتلاءاته ومحنه فلا يخلص من محنة إلا ودخل في اخرى ولا ينتهي من سجن إلا ويزج في سجن آخر ولا ينصر محاكمة حتي تعقد له محاكمة جديدة وكل ذلك وهو صابر محتسب بل فرح مستبشر أن اكرمه الله بكل هذه الكرامات وهيأ له كل هذه الأسباب لينشر علمه وتعظم محبة أهل الخير له فكان قدوة للعالمين من أهل الخير في زمانه ونموذجا للعلماء العاملين في وقته بل كان من تلاميذه جهابذة الأمة في كل فرع من فروع المعرفة الدينية ومنهم ابن كثير إمام المؤرخين والمفسرين ، والذهبي علم المحققين ، والحافظ المزي إمام من أئمة النقل والرجال الحديث وابن عبدالهادي علم التحقيق ، وابن القيم ، وخلق كثيرون ...
توفي رحمه الله في ليلة الأثنين لعشرين من ذي القعدة من سنة 728 هـ بقلعة دمشق التي كان محبوساً فيها وأذن للناس بالدخول فيها ثم غسل فيها وقد أجتمع الناس بالقلعة والطريق إلي جامع دمشق وصلى عليه بالقلعة
رحمه الله رحمة واسعة ، وجعل اعماله في ميزان حسناته
ونفعنا الله بعلمه
في أمان الله