المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الغنيمة الباردة



عُبيدة
29-10-2010, 06:07 PM
بسـم الله الرحمن الرحيم
بدلا من أن تعيش وفق آمال وتصورات وهمية، يحسن أن تحدد مهمتك وأملك في الحياة وتكتبه بيدك وتعلقه أمام مكتبك لكي تطالعه وتراجع نفسك عليه دائما.· أسعى إلى مرضاة الله أولا.
· أتذكر الإخلاص دائما.
· أحفظ كتاب الله كاملا.
· أنمي علمي الشرعي.
· أهتم بصلاح القلوب وشفائها.
مما يفرح العبد المسلم، ما في الشريعة من الثواب الجزيل والعطاء الضخم، يتجلى ذلك في المكفرات العشر، كالتوحيد وما يكفّره من الذنوب.

والحسنات الماحية، كالصلاة والجمعة إلى الجمعة، والعمرة إلى العمرة، والحج والصوم ونحو ذلك من الأعمال الصالحة، كالحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف من أضعاف كثيرة.

ومنها التوبة تجب ما قبلها من الذنوب والخطايا.

ومنها المصائب المكفّرة فلا يصيب المؤمن من أذى إلاّ كفّر الله به من خطاياه.

ومنها دعوات المسلمين له بظهر الغيب.

ومنها ما يصيبه من الكرب وقت الموت.

ومنها شفاعة المسلمين له وقت الصلاة عليه، ومنها شفاعة سيد الخلق صلى الله عليه وسلم ورحمة أرحم الراحمين تبارك وتعالى {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا}، {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} [سورة لقمان: من الآية 20].
الغنيمة الباردة
والحمد لله الواحد القهار ، العزيز الغفار ، مكور الليل على النهار تبصرة لأولي القلوب والأبصار أحمده سبحانه {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} [الرحمن:17].

قال مجاهد {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ} لِلشَّمْسِ فِي الشِّتَاءِ مَشْرِقٌ وَمَشْرِقٌ فِي الصَّيْفِ {ورَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} مَغْرِبُهَا فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ .

والله سبحانه رب الدهر كله وحديثني سيكون عن الشتاء والكلام عن الشتاء يطول والحديث فيه ذو شجون، فإذا أقبل الشتاء فحيا هلاً بـغنيمة العابدين وربيع المؤمنين

ألم تعلموا أنّ الصوم في الشتاء غنيمة باردة

فقد روى الترمذي في سننه عَنْ عَامِرِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : «الْغَنِيمَةُ الْبَارِدَةُ الصَّوْمُ فِي الشِّتَاءِ» وكان أبو هريرة رضي الله عنه يقول : ألا أدلكم على الغنيمة الباردة ، قالوا : بلى، فيقول : الصيام في الشتاء [وصححه الألباني رحمه الله]

ومعنى الغنيمة الباردة: أي السهلة ولأن حرارة العطش لا تنال الصائم فيه .

قال ابن رجب رحمه الله: "قيام ليل الشتاء يعدل صيام نهار الصيف".

وثبت عن عمر رضي الله عنه أنّه قال: "الشتاء غنيمة العابدين". رواه أبو نعيم بإسناد صحيح

وجاء في حديث حسن لغيره : "الشتاء ربيع المؤمن: طال ليله فقامه، و قصر نهاره فصامه".

قال ابن رجب: "إنما كان الشتاء ربيع المؤمن لأنّه يرتع في بساتين الطاعات ويسرح في ميادين العبادات ويُنْزِّه قلبه في رياض الأعمال الميسرة فيه".

وقد أكد السلف على ذلك وعلى رأسهم الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وكانوا يعتنون بالشتاء ويرحبون بقدومه ويفرحون بذلك ويحثون الناس على اغتنامه .

فعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "مرحبًا بالشتاء، تنزل فيه البركة ويطول فيه الليل للقيام ويقصر فيه النهار للصيام".

ولله در الحسن البصري من قائل: "نعم زمان المؤمن الشتاء ليله طويل يقومه، ونهاره قصير يصومه".

وعن الحسن أيضاً أنّه قال: "الشتاء ذَكْر وفيه اللقاح والصيف أنثى وفيه النتاج".

وعن عبيد بن عمير- رحمه الله - : أنه كان إذا جاء الشتاء قال: "يا أهل القرآن! طال ليلكم لقراءتكم فاقرؤوا، وقصر النهار لصيامكم فصوموا".

فإذا لم نصم صيام داود "وهو أن نصوم يوماً ونفطر يوماً" أفلا نصوم الاثنين والخميس، وإذا كان ذلك صعبا علينا في هذا الزمان أفلا نصوم الأيام البيض وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر قمري، بل إن «من صام ثلاثة أيام من كل شهر فقد صام الدهر كله» سواء كان من أول الشهر أو وسطه أو آخره .

فرصة ذهبية للمُتَنفْْل الذي يبتغي الأجر من الله رب العالمين وغنيمة باردة له ولمن عليه قضاء من أهل الأعذار أو من عليه كفارات هؤلاء يغتنموا جميعاً هذه الغنيمة الباردة

ومن الأجور العظيمة التي ثبت لفاعلها الثواب الجزيل في الشتاء الوضوء على المكاره:

قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ ؟». قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ : «إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ» [رواه مسلم].

وهكذا دلنا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على هذا الأجر العظيم المتثمل في مَحْو الْخَطَايَا وغُفْرَانهَا وَرَفْع الدَّرَجَات بإِعْلَاء الْمَنَازِل فِي الْجَنَّة.

فمن الأعمال التي جاء ذكرها في الحديث َإِسْبَاغ الْوُضُوء عَلَى الْمَكَارِهِ يعني إِتْمَامُهُ وَإِكْمَالُهُ بِاسْتِيعَابِ الأعضاء بِالْغُسْلِ وَتَطْوِيلِ الْغُرَّةِ وَتَكْرَارِ الْغُسْلِ ثَلَاثًا وتطبيق السنن الوادرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمَكَارِه تَكُون فِي مُدَّةِ الْبَرْدِ أوعند ِشِدَّةِ الْبَرْد وَأَلَمِ الْجِسْم وَنَحْو ذَلِكَ وَأَطْلَقَ عَلَيْهَا الْمَكَارِهَ لِمَشَقَّتِهَا عَلَى الْعَامِلِ وَصُعُوبَتِهَا عَلَيْهِ ولذلك أُمِرَ الْمُكَلَّفُ بِمُجَاهَدَةِ نَفْسِهِ وأنت ترى أن مما يكرهه الشخص وَيَشُقُّ عَلَيْهِ أن يَتوَضَّأُ مَعَ بَرْدٍ شَدِيدٍ وَعِلَلٍ يَتَأَذَّى مَعَهَا بِمَسِّ الْمَاءِ.

فمن علم ذلك هانت عليه مشقة القيام من النوم للوضوء والقيام بين يدي الرب جل في علاه وترك لذة الفراش الدافىء إلى لذة الصلاة ومناجاة العليم الخبير بل صارت المشقة والألم الحاصل في الوضوء عند البرد لذة لا تعدلها لذة.

مع التنبيه على أنّ بعض أهل العلم ذكروا أنّ "تسخين الماء لدفع برده ليقوي على العبادة لا يمنع من حصول الثواب المذكور".

كانوا كثيرا من الليل ما يصلون

إنّ الشتاء أمره عجيب لمن تذوق طعم العبادة فيه وقد ذكر الله تعالى من أوصاف أهل الجنة أنهم {كَانُوا قَلِيلًا مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [سورة الذاريات:17] ومما يدخل الجنّة بسلام الصلاة بالليل والنّاس نيام.

وقد كان العابد منهم كالنجم الساطع في ليالي الشتاء وضّاءً منيراً ولهذا أثُِر عن غير واحد من السلف عند مشهد الاحتضار أنهم يبكون قيام ليالي الشتاء: ومنها أنه لما احتضر أحد السلف بكى فقيل له: أتجزع من الموت وتبكي. فقال: ما لي لا أبكي ومن أحق بذلك مني؟ والله ما أبكى جزعاً من الموت، ولا حرصاً على دنياكم، ولكني أبكي على ظمأ الهواجر وقيام ليل الشتاء. وجاءت هذه االقصة عن عدد السلف.

وقال معضد: "لولا ثلاث: ظمأ الهواجر، وقيام ليل الشتاء، ولذاذة التهجد بكتاب الله ما باليت أن أكون يعسوباً".

وليس هذا بغريب فإنّ في العبادة لذة لا يعلمها إلاّ الله ومن فقدها فهو محروم قال عبد الله بن وهب: "كل ملذوذ إنّما له لذة واحدة إلاّ العبادة فإنّ لها ثلاث لذات: إذا كنت فيها، وإذا تذكرتها، وإذا أعطيت ثوابها".

وأحسبهم رحمهم الله ذاقوا اللذة الأولى والثانية وأسال الله أن لا يحرمنا وإيّاهم الثالثة.

وكانوا رحمهم الله يستثمرون الليل عموماً وليل الشتاء على وجه الخصوص في طلب العلم.

فكان أبو هريرة - رضي الله عنه - يقسّم ليله ثلاثة أقسام بين القيام والنوم وطلب العلم فعنه رضي الله عنه قال: "جزّأت الليل ثلاثة أجزاء: ثُلثاً أصلي، وثُلثاً أنام، وثُلثاً أذكر فيه حديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". وروي مثله عن عمرو بن دينار وسفيان الثوري.

وكانوا يرشدون إلى ذلك أيضاً

قال أحمد بن الفرات: "لم نزل نسمع شيوخنا يذكرون أشياء في الحفظ فأجمعوا أنّه ليس شيئ أبلغ فيه من كثرة النظر، وحفظ الليل غالب على حفظ النهار"، وقال: "سمعت إسماعيل بن أبي اويس يقول: إذا هممت أن تحفظ شيئا فنم وقم عند السحر فأسرج، وانظر فيه فإنّك لا تنساه بعد إن شاء الله".

وهذا الخطيب البغدادي يقول: "واعلم أنّ للحفظ ساعات ينبغي لمن أراد التحفظ أن يراعيها.. فأجود الأوقات: الأسحار، ثم بعدها وقت انتصاف النهار، وبعدها الغدوات دون العشيات، وحفظ الليل أصلح من حفظ النهار"، قيل لبعضهم: بم أدركت العلم؟ قال: بالمصباح والجلوس إلى الصباح، وقال آخر: بالسفر والسهر والبكور في السحر.

وسمعنا عن كثير من العلماء من المتقدمين والمتأخرين أنهم يعكفون على طاعة الله وطلب العلم في وقت غفل النّاس فيه عن هذا وناموا وتجد الواحد منهم يسهر الليالي الطوال مجتهداً في ذلك طلباً وتحصلياً وتحقيقاً للمسائل وتخريجاً وتثبتاً في الأحاديث وتبحراً في العلوم.

هناك فرق كبير بين هؤلاء ومن يضيّع أوقات الشتاء بل وسائر أيام العام في اللهو وارتكاب المعاصي. فطوبى لمن رقد إذا نعس، واتقى اللّه إذا استيقظ فحاله أحسن وأطيب من هذا العاصي لربه.

قال يحيى بن معاذ: "الليل طويل فلا تقصره بمنامك، والإسلام نقي فلا تدنسه بآثامك".

[ اللــيـــث ]
30-10-2010, 08:04 PM
وعليكمــ السلامــ ورحمة الله وبركاتهــ


ما شاء الله عليك اخي عبد الله
دائما تعيننا على الخير بمواضيعك القيمة
ماشاءالله موضوع يزخز بالفوائد و الأحكام
التي تدل على اليسر في ديننا
وفعلا نعم الغنيمة الباردة..ياحبذا لواستغلينا نهار الشتاء بالصيام
اللهم اجعلنا من الصائمين القائمين لوجهه الكريم
سلمت يداك أخي عبد الله


في امان الله

SobeKodo
30-10-2010, 09:26 PM
جزاك الله خيراً أخي عبيدة على نصحنا

أعاننا الله على الصيام, فهو والله سلوة المؤمن في عصر الفتن
ومن صام يوم لله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً

أما القيام فحدث ولا حرج
(تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون,
فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاءً بما كانوا يعملون)

وأما الوضوء فيكفيه أنه شطر الإيمان
وانه علامتنا التي يعرفنا بها حبيبنا صلى الله عليه وسلم يوم الدين

بارك الله لنا ولكم ورزقنا العمل بما نقول

أخوكم

نارتو ساما
30-10-2010, 09:52 PM
...

مشكور اخـوي عُبيدة ع الموضوع

المفيد والمليء بالفوائد ..!

اتمنى ان ار جديدكـ من المواضيع المتميزه

وبنفس الوقت المفيده جزاك الله خيراً

اخــوك :
نارتو ساما

...

ابن القلعة
31-10-2010, 01:10 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لا حرم منك المنتدى ولا حرمنا من مواضيعك القيمة

التي تفيد المسلم في حياته العملية

فبارك الله فيك وأجزل لك المثوبة وشكر الله لك

لي تعليق وقد تكون ممن يعرفه قبلي


وجاء في حديث حسن لغيره : "الشتاء ربيع المؤمن: طال ليله فقامه، و قصر نهاره فصامه".

هذا حديث فيه كلام للشيخ الألباني يضعفه في أكثر من كتاب


«من صام ثلاثة أيام من كل شهر فقد صام الدهر كله»

جاء في بعض الاحاديث "وإنه حسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثا فذلك صيام الدهر كله والحسنة بعشر أمثالها" فثلاثة أيام والحسنة بعشر تساوي ثلاثين وتلك ايام الشهر وهكذا...

أسأل الله أن لا أكون قد اثقلت عليك وأنا أعلم ان بينك وبين التذمر مني المحبة في الله فأنى تذوب بفعل حرارة زائلة

أدام الله المحبة لله

أخوك ابن القلعة

ابن الصحراء
31-10-2010, 06:46 PM
جميل جدااااا اثابك الله على هدا ................ لا تنسانا من الدعاء