المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مع خواطر إبن الجوزي رحمه الله " الجزء الثاني : متجدد"



عثمان بالقاسم
13-12-2010, 03:00 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

http://j.imagehost.org/0595/1_34.png

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيرا ، أما بعد:

فحياكم إخواني في الله، وطبتم وطاب ممشاكم وتبوأتم من الجنة منزلا

فقد رأيت ولله الحمد وفكرت بأن أكمل ما بدأت قديما في موضوع لي بالمنتدى بعنوان : " مع خواطر إبن الجوزي رحمه الله " ، وبما أني أهملت الموضوع لفترة طويلة ولما رجعت إليه لأرفعه لم يُرفع رأيت أن أضع بين أيديكم جزءا ثاني أكمل فيه ما بدأت راجيا من المولى أن تستفيدوا من خواطر إبن الجوزي الرائعة التي أنتقيها من كتابه الماتع " صيد الخاطر" ويُعد الكتاب من أفضل كتب الرقائق والمواعظ إن لم يكن أفضلها، حواه إبن الجوزي خبرته وتجربته في الحياة، فما أحوجنا جميعا إلى قراءته وتدبره والعمل بنصائحه والإستفادة من تجاربه، فأنعم به من مرب وأكرم به من موجه والله ولينا ووليه، وفقنا الله جميعا إلى سلوك المنهج القويم، والرجوع إلى الصراط المستقيم.

ولمن أراد الإستمتاع بالجزء الأول والإستفادة منه فإليه رابط الموضوع :

http://www.msoms-anime.net/t86866.html (http://www.msoms-anime.net/t86866.html)

ونبدأ الجزء الثاني في هذا الموضوع المتجدد وبالله نستعين :

http://j.imagehost.org/0547/3_15.png

تفاوت الناس في تقبل المواعظ:

قد يعرض عند سماع المواعظ للسامع يقظة، فإذا انفصل عن مجلس الذكر عادت القساوة والغفلة، فتدبرت السبب في ذلك فعرفته.

ثم رأيت الناس يتفاوتون في ذلك، فالحالة العامة أن القلب لا يكون على صفته من اليقظة عند سماع الموعظة وبعدها، لسببين:

أحدهما: أن المواعظ كالسياط ، والسياط لا تؤلم-بعد انقضائها-إيلاَمَها وقت وقوعها " يعني أن الضرب بالسياط يكون أشد إيلاما ساعة وقوعه".

والثاني:أن حالة سماع المواعظ يكون الإنسان فيها مُزاح العلة، قد تخلى بجسمه وفكره عن أسباب الدنيا، وأنصت بحضور قلبه، فإذا عاد إلى الشواغل اجتذبته بآفاتها، وكيف يصح أن يكون كما كان؟.

وهذه حالة تعم الخلق إلا أن أرباب اليقظة يتفاوتون في بقاء الأثر:

فمنهم من يعزم بلا تردد، ويمضي من غير التفات، فلو توقف بهم ركبُ الطبع لَضجوا، كما قال حنظلة عن نفسه: نافق حنظلة. ومنهم أقوام يميل بهم الطبع إلى الغفلة أحيانا ، ويدعوهم ما تقدم من المواعظ إلى العمل أحيانا، فهم كالسنبلة تميلها الرياح ، وأقوام لا يؤثر فيهم إلا بمقدار سماعه ، كماء دحرجته على صفوان "أي حجر أملس لا يثبت عليه الماء"

http://j.imagehost.org/0547/3_15.png

جواذب النفس بين الدنيا والآخرة:

جواذب الطبع إلى الدنيا كثيرة ، ثم هي من داخل ، وذكر الآخرة أمر خارج عن الطبع من خارج ، وربما ظن من لا علم له أن جواذب الآخرة أقوى، لِما يسمع من الوعيد في القرآن ، وليس كذلك ، لأن مثل الطبع في ميله إلى الدنيا، كالماء الجاري فإنه يطلب الهبوط ، وإنما رفعه إلى فوق يحتاج إلى التكلف .

ولهذا أجاب معاون الشرع : بالترغيب والترهيب يقوى جند العقل .فأما الطبع فجواذبه كثيرة ، وليس العجب أن يغلب ، إنما العجب أن يُغلَب.


وانتظرونا إن شاء الله تعالى مع مزيد من خواطر إبن الجوزي رحمه الله.


http://j.imagehost.org/0887/2_8.png

Marshen Guy
13-12-2010, 07:02 AM
بوركت يا عـثمان ، أسأل الله لك الفردوس الأعـلى

صهيب
13-12-2010, 07:26 AM
بوركت أخي عثمان ، أرى لك من المواضيع ما بشرح صدري

وفقك الله وثبتك ورزقك الإخلاص

لا تتوقف

سُلوان
13-12-2010, 09:58 AM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ماشاء الله اللهم بارك
رائع جدا كم نحن بحاجة لمثل هذه الخواطر
جزاكم الله خيرا وشكرا الله لكم
استمر بارك الله فيكم

blue star
13-12-2010, 10:35 AM
وعليكمــ السلامــ ورحمة الله وبركاتهــ ..

جزاك الله خيراً اخى عثمان ,, وبارك فيك ..
رائعة هى تلك الخوااطر ..
جعل الله هذا العمل فى موازين حسناتك باذنه ..

تاابع ,, فنحن بحااجة لمثلها ..

معتزة بديني
13-12-2010, 11:21 AM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيراً مشرفنا الفاضل
رائعة فعلا تلك الخواطر ، فأرجو أن تستمر
في سرد المزيد منها لننهل منها ونستفيد
بارك الله فيك

نارتو ساما
13-12-2010, 02:20 PM
شكرا لك يايها الرائع المبدع عثمان

كرتوووش
13-12-2010, 04:27 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جميلة تلك الخواطر ، إستمر في طرحها
جزاك الله خيراً ووفقك لك خير

[ اللــيـــث ]
16-12-2010, 07:18 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا اخي الفاضل ابا طلحة
حفظك ربي من كل مكروه

أبو رويم
16-12-2010, 07:47 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا أخى عثمان على الخواطر الجميلة
وبارك الله فيك ووفقك لكل خير

عثمان بالقاسم
19-12-2010, 12:11 AM
فروم إرث

أبو قدامة

رحمة طارق

بلو ستار

معتزة بديني

نارتو ساما

كرتوووش

الليث

أبو رويم


جزاكم الله خيرا إخواني أخواتي على المرور الطيب وبارك الله فيكم .

ونستمر بإذن الله عز وجل مع خواطر إبن الجوزي :


نقد الصوفية :


تفكرت فرأيت أن حفظ المال من المتعين، وما يسميه جهلة المتزهدين توكلا من إخراج ما في اليد ليس بالمشروع. فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن مالك : " أمسك عليك بعض مالك" أخرجه البخاري ومسلم . أو كما قال له ، وقال لسعد: " لأن تترك ورثتك أغنياء خير من أن تتركهم عالة يتكففون الناس ".

فإن اعترض جاهل فقال : فقد جاء أبو بكر رضي الله عنه بكل ماله.

فالجواب أن أبا بكر صاحب جأش وتجارة ، فإذا أخرج الكل أمكنه أن يستدين عليه، فيتعيش.

فمن كان على هذه الصفة لا أذم إخراجه لماله، وإنما الذم مُتطرق إلى من يخرج ماله وليس من أرباب المعائش.

أو يكون من أولائك ، إلا أنه ينقطع عن المعاش فيبقى كلاً على الناس، يستعطيهم " أي يطلب عطاءهم" ويعتقد أنه على الفُتوح " أي يظن أنه من المفتوح عليهم بالبركة والرزق"، وقلبه متعلق بالخلق، وطمعه ناشب فيهم.

ومتى حُرك بابه " أي طرق عليه الباب أحد الناس" نهض قلبه . وقال : رزقٌ قد جاء.

وهذا أمر قبيح بمن يقدر به على المعاش، وإن لم يقدر كان إخراج ما يملك أقبح، لأنه يتعلق قلبه بما في أيدي الناس.

وربما ذل لبعضهم ، أو تزين له بالزهد، وأقل أحواله أن يزاحم الفقراء والمكافيف والزمنى"مفردها الزمين، وهو من به مرض يدوم" في الزكاة.

فعليك بالشرب الأول ، فانظر هل فيهم من فعل ما يفعله جهلة المتزهدين؟

وقد أشرت في أول هذا إلى أنهم كسبوا وخلفوا الأموال.

فرد إلى الشرب الأول ، الذي لم يُطرق فإنه الصافي.

واحذر من المشارع المطروقة بالآراء الفاسدة الخارجة في المعنى على الشريعة مذعنة بلسان حالها أن الشرع ناقص يحتاج إلى ما يتم به.

واعلم وفقك الله تعالى ، أن البدن كالمطية ، ولا بد من علف المطية، والإهتمام به.

فإذا أهملت ذلك كان سببا لوقوفك عن السير.

وقد رُئي سلمان رضي الله عنه يحمل طعاما على عاتقه، فقيل له: أتفعل هذا وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال: " إن النفس إذا أحرَزَت قوتَها اطمأنت".

وقال سفيان الثوري: إذا حصلت قُوت شهرِ فتعبد.

وقد جاء أقوام ليس عندهم سوى الدعاوي فقالوا : هذا شك في الرازق، والثقة به أولى. فإياك وإياهم.

وربما ورد مثل هذا عن بعض صدور الزهاد من السلف فلا يُعولُ عليه، ولا يهولنك خلافهم.

فقد قال أبو بكر المروزي: سمعت أحمد بن حنبل يُرغب في النكاح. فقلت له: قال ابن أدهم " وكأنه يحتج على الإمام أحمد ، بما يقوله إبراهيم بن أدهم من تزهيد الناس في النكاح" ، فما تركني أتمم حتى صاح علي، وقال: أذكر لك حال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وتأتيني ببنيات الطريق؟

واعلم وفقك الله: أنه لو رَفَض الأسباب شخص يدعي التزهد . وقال: لا آكل ولا أشرب، ولا أقوم من الشمس في الحر ، ولا أستدفئ من البرد ، كان عاصيا بالإجماع.

وكذلك لو قال وله عائلة: لا أكتسب، ورزقهم على الله تعالى ، فأصابهم أذى، كان آثما.

كما قال عليه الصلاة والسلام : " كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت"

واعلم أن الإهتمام بالكسب يجمع الهم ، ويفرغ القلب ، ويقطع الطمع في الخلق، فإن الطبع له حق يتقاضاه .

وقد بين الشرع ذلك فقال : " إن لنفسك عليك حقا، وإن لعينك عليك حقا" أخرجه البخاري كتاب الصوم باب: حق الجسم في الصوم ، وأخرجه مسلم .

ومثال الطبع من المريد السالك ، كمثل كلب لا يعرف الطارق ، فكل من رآه يمشي ، نبح عليه ، فإن ألقى إليه كِسرة سكت عنه.

فالمراد من الإهتمام بذلك جمع الهم لا غير، فافهم هذه الأصول، فإن فهمها مهم ..


لله در ابن الجوزي ، وما أجهل هؤلاء الصوفية المبتدعة ،وانتظرونا إن شاء الله تعالى مع خواطر إبن الجوزي رحمه الله.
لا تنسونا من صالح دعائكم.

عثمان بالقاسم
27-12-2010, 01:49 AM
شكرا لكل من مر

ونستمر مع خواطر إبن الجوزي رحمه الله بإذن الله عز وجل :


حقيقة الزهد


بلغني عن بعض زهاد زماننا أنه قُدم إليه طعام فقال : لا آكل . فقيل له : لم ؟ قال: لأن نفسي تشتهيه، وأنا منذ سنتين ما بلغت نفسي ما تشتهي.

فقلت: لقد خَفِيَت طريق الصواب عن هذا من وجهين، وسبب خفائها عدم العلم.

أما الوجه الأول : فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن على هذا ولا أصحابه ، وقد كان عليه الصلاة والسلام يأكل لحم الدجاج ، ويحب الحلوى والعسل .

ودخل فرقد السبخي على الحسن وهو يأكل الفالوذج . فقال : يا فرقد ما تقول في هذا؟ فقال: لا آكله ولا أحب من أكله . فقال الحسن: لعاب النحل ، بلباب البر ، مع سمن البقر ، هل يعيبه مسلم؟

وجاء رجل إلى الحسن فقال : إن لي جارا لا يأكل الفالوذج . فقال ولم؟ قال يقول: لا أؤدي شكره ، فقال إن جارك جاهل وهل أدى شكر الماء البارد ؟.

وكان سفيان الثوري يحمل في سفره الفالوذج ، والحمل المشوي ، ويقول : إن الدابة إذا أحسن إليها عملت .

وما حدث في الزهاد بُعدهم من هذا الفن فأمور مسروقة من الرهبانية . وأنا خائف من قوله تعالى: " لا تُحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا" المائدة 87.

ولا نحفظ عن أحد من السلف الأول من الصحابة من هذا الفن شيئا إلا أن يكون ذلك لعارض .

وسبب ما يُروى عن ابن عمر رضي الله عنهما : أنه اشتهى شيئا فآثر به فقيرا ، وأعتق جاريته رُمَيثة ، وقال : إنها أحب الخلق إلي ، فهذا وأمثاله حسن ، لأنه إيثار بما هو أجود عند النفس من غيره ، وأكثر لها من سواه .

فإذا وقع في بعض الأوقات ، كسرت الفعل سورة هواها أن تطغى بنيل كل ما تريد.

فأما من دام على مخالفتها على الإطلاق، فإنه يُعمي قلبها ، ويُبلد خواطرها ، ويُشتت عزائمها ، فيؤذيها أكثر مما ينفعها.

وقد قال إبراهيم بن أدهم : إن القلب إذا أكره عمى. وتحت مقالته سر لطيف وهو أن الله عز وجل قد وضع طبيعة الآدمي على معنى عجيب ، وهو أنها تختار الشيء من الشهوات مما يُصلحها، فتعلم باختيارها له صلاحه، وصلاحها به.

وقد قال حكماء الطب : ينبغي أن يُفسح للنفس فيما تشتهي من المطاعم ، وإن كان فيه نوع ضرر، لأنها إنما تختار ما يلائمها، فإذا قمعها الزاهد في مثل هذا عاد على بدنه بالضرر.

ولولا جواذب الباطن من الطبيعة ما بقي البدن، فإن الشهوة للطعام تثور، فإذا وقعت الغنية بما يتناول كفت الشهوة.

فالشهوة مريد ورائد، ونعم الباعث هي على مصلحة البدن.

غير أنها إذا أفرطت وقع الأذى، ومتى مُنعت ما تريد على الإطلاق مع الأمن من فساد العاقبة عاد ذلك على النفس بالفساد، ووهن الجسم، واختلاف السقم الذي تتداعى به الجملة ، مثل أن يمنعها الماء عند اشتداد العطش ، والغذاء عند الجوع ، والجماع عند قوة الشهوة، والنوم عند غلبته، حتى إن المغتم إذا لم يتروح بالشكوى قتله الكمد.

فهذا أصل إذا فهمه هذا الزاهد ، علم أنه قد خالف طريق الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه. من حيث النقل ، وخالف الموضوع من حيث الحكمة .

ولا يلزم على هذا قول القائل: فمن اين يصفو المطعم ؟ لأنه إذا لم يَصفُ كان الترك ورعا، وإنما الكلام في المطعم الذي ليس فيه ما يؤذي في باب الورع وكان ما شرحته جوابا للقائل : ما أبلغ نفسي شهوة على الإطلاق.

والوجه الثاني : أني أخاف على الزاهد أن تكون شهوته انقلبت إلى الترك فصار يشتهي ألا يتناول ، وللنفس في هذا مكر خفي، ورياء دقيق، فإن سلمت من الرياء للخلق، كانت الآفة من جهة تعلقها بمثل هذا الفعل، وإدلاها في الباطن به، فهذه مخاطرة وغلط .

وربما قال بعض الجهال: هذا صد عن الخير وعن الزهد . وليس كذلك، فإن الحديث قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد " أخرجه مسلم ، كتاب الأقضية من حديث عائشة رضي الله عنها .

ولا ينبغي أن يغتر بعبادة جريج " جريج العابد كان من عباد بني إسرائيل ، وقد روى الشيخان في صحيحهما قصته" ، ولا بتقوى ذي الخويصرة " هو رجل من بني تميم من الأعراب قيل اسمه حرقوص" ، ولقد دخل المتزهدون في طرق لم يسلكها الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا أصحابه ، من إظهار التخشع الزائد في الحد ، والتنوق في تخشين الملبس ، وأشياء صار العوام يستحسونها .

وصارت لأقوام كالمعاش يجتنون من أرباحها: تقبيل اليد ، وتوفير التوقير وحراسة الناموس.

وأكثرهم في خلوته، على غير حالته في جلوته.

وقد كان ابن سيرين يضحك بين الناس قهقهة ، وإذا خلا بالليل فكأنه قتل أهل القرية.

فنسأل الله تعالى علما نافعا فهو الأصل ، فمتى حصل أوجب معرفة المعبود عز وجل، وحرك إلى خدمته بمقتضى ما شرعه وأحبه، وسلك بصاحبه طريق الإخلاص.

وأصل الأصول: العلم، وأنفع العلوم النظر في سير الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه " أولائك الذين هدى الله فبِهُداهم اقتده" الأنعام 90.

-------------------------

لله درك يا ابن الجوزي وهدا ديدن جهال المتزهدين وأهل البدع من الصوفية وغيرهم .
وكل خير في اتباع من سلف---وكل شر في ابتداع من خلف

وانتظرونا إن شاء الله تعالى مع المزيد من خواطر إبن الجوزي رحمه الله.
ومن أراد أن يضيف تعليقا فمرحبا به .

XVIPX
27-12-2010, 09:43 AM
جهد كبير مبذول من قبلكم . بــــــــارك الله فيكم ورزقكم الجنة .

عثمان بالقاسم
5-1-2011, 01:43 AM
الأخ XVIPX

شكرا لمرورك وفيك بارك المولى ، ورزقنا الله وإياكم الجنة آمين.

ونستمر إن شاء الله تعالى مع خواطر إبن الجوزي رحمه الله :


لا تجزع إذا تأخرت إجابة الدعاء


رأيت من البلاء أن المؤمن يدعو فلا يجاب، فيكرر الدعاء وتطول المدة، ولا يرى أثرا للإجابة، فينبغي له أن يعلم أن هذا من البلاء الذي يحتاج إلى الصبر.

وما يعرض للنفس من الوسواس في تأخير الجواب مرضٌ يحتاج إلى طب، ولقد عرض لي من هذا الجنس. فإنه نزلت بي نازلة، فدعوتُ، فلم أر الإجابة، فأخذ إبليس يجول في حلبات كيده.

فتارة يقول: الكلام واسع والبخل معدوم، فما فائدة تأخير الجواب؟

فقلت له: اخسأ يا لعين، فما أحتاج إلى تقاضي، ولا أرضاك وكيلا.

ثم عدت إلى نفسي فقلت: إياكِ ومساكنة وسوسته، فإنه لو لم يكن في تأخير الإجابة إلا أن يبلوك المقدر في محاربة العدو لكفي في المحكمة.

قالت: فسلني عن تأخير الإجابة في مثل هذه النازلة.

فقلت: قد ثبت بالبرهان أن الله عز وجل مالك، وللمالك التصرف بالمنع والعطاء، فلا وجه للإعتراض عليه.

والثاني: أنه قد ثبتت حكمته بالأدلة القاطعة، فربما رأيتِ الشيء مصلحة والحكمة لا تقتضيه، وقد يخفى وجه الحكمة فيما يفعله الطبيب، من أشياء تؤذي في الظاهر يُقصد بها المصلحة، فلعل هذا من ذاك.

والثالث: أنه قد يكون التأخير مصلحة، والإستعجال مضرة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يزال العبد في خير ما لم يستعجل، يقول: دعوت ، فلم يُستجب لي" أخرجه البخاري ، كتاب الدعوات، ومسلم كتاب الذكر .

الرابع: أنه قد يكون امتناع الإجابة لآفة فيك فربما يكون في مأكولك شبهة، أو قلبك وقت الدعاء في غفلة، أو تزاد عقوبتك في منع حاجتك لذنب ما صدقت في التوبة منه.

فابحثي عن بعض هذه الأسباب لعلك تقفي بالمقصود ، كما رُوي عن أبي يزيد " هو أبو يزيد الأنصاري أحد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم " رضي الله عنه : أنه نزل بعض الأعاجم في داره فجاء، فرآه فوقف بباب الدار ، وأمر بعض أصحابه فدخل، فقلع طينا جديدا قد طينه، فقام الأعجمي وخرج. فسئل أبو يزيد عن ذلك فقال : هذا الطين من وجه شبهة ، فلما زالت الشبهة زال صاحبها.

وعن إبراهيم الخواص رحمه الله عليه أنه خرج لإنكار منكر ، فنبحه كلب له ، فمنعه أن يمضي ، فعاد ودخل المسجد، وصلى ثم خرج، فبَصبَصَ الكلب له "أي هز ذيله له" ، فمضى ، وأنكر فزال المنكر .

فسئل عن تلك الحال فقال: كان عندي منكر ، فمنعني الكلب ، فلما عدت تبت من ذلك، فكان ما رأيتم.

والخامس: أنه ينبغي أن يقع البحث عن مقصودك بهذا المطلوب ، فربما كان في حصوله زيادة إثم، أو تأخير عن مرتبة خير، فكان المنع أصلح.

وقد رُوي عن بعض السلف أنه كان يسأل الله الغزو، فهتف به هاتف : إنك إن غزوتَ أسرتَ، وإن أسرتَ تنصرت.

والسادس : أنه ربما كان فقدُ ما فقدته سببا للوقوف على الباب واللجأ ، وحصوله سببا للإشتغال به عن المسؤول." أي وكان حصول ما تتطلبين سببا لك في الإشتغال عن الله تعالى والبعد عنه "

وهذا هو الظاهر ، بدليل أنه لولا هذه النازلة ما رأيناك على باب اللجأ.

فالحق عز وجل من الخلق اشتغالهم بالبر عنه فلذعهم في خلال النعم بعوارض تدفعهم إلى بابه ، يستغيثون به ، فهذا من النعم في طي البلاء." يعني أن المنع من الإجابة خير في باطنه، وإن كان شرا في ظاهره"

وإنما البلاء المحض ، ما يشغلك عنه ، فأما ما يقيمك بين يديه، ففيه جمالك.

وقد حكي عن يحيى البكاء أنه رأى ربه عز وجل في المنام ، فقال: يا رب كم أدعوك ولا تجيبني؟ فقال: يا يحيى إني أحب أن أسمع صوتك.

وإذا تدبرت هذه الأشياء ، تشاغلت بما هو أنفع لك، من حصول ما فاتك من رفع خلل، أو اعتذار من زلل، أو وقوف على الباب إلى رب الأرباب.


--------------------------

لله درك يا ابن الجوزي نحب من يحبك ونبغض من يبغضك
وانتظرونا إن شاء الله تعالى مع المزيد من خواطر إبن الجوزي رحمه الله .
ومن أراد أن يضيف تعليقا فمرحبا به .

لا تنسونا من خالص دعائكم .

مدمنة قراءة
5-1-2011, 06:19 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

لله درك , لافظ فوك ..

استمر على نهجك ونحن معك بإذن الله ..

لم اعرج على الموضوع سوى هذا اليوم

واعجبت بما ورد فيه ..

رحم الله ابن الجوزي رحمة واسعة , مأجمل خواطره

ومأقيمها ..

جزاك الله خير أخي عثمان , وبارك فيك ..

جهد تثاب عليه بإذن الله ..

معتزة بديني
6-1-2011, 02:58 PM
وعليكم السلام ورحمةالله وبركاته
جزاك الله خيرا مشرفنا الفاضل
وأثابك الله خير الثواب على تلك الخواطر الرائعة
ورحم الله ابن الجوزي رحمة واسعة
وننتظر المزيد من الخواطر القيمة
في حفظ المولى

Hope Tear
7-1-2011, 10:49 AM
سأعود بإذن الله ..
قرأت البداية ولكن سأكمل
رغم أن الكتاب عندي
لكن مع الجميع له طعم آخر
جزاكم الله خيراً

عثمان بالقاسم
12-1-2011, 01:54 AM
مدمنة قراءة

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
شكرا لمرورك، وأنت من أهل الجزاء وفيك بارك المولى.
آمين نسأل الله ذلك

معتزة بديني

وأنت من أهل الجزاء أختي الفاضلة .
آميين، نسأل الله ذلك.
شكرا لمرورك.
ربي يحفظك.

Hope Tear

وأنت من أهل الجزاء ، وشكرا لمرورك

------------------------


ونستمر بإذن الله عز وجل مع خواطر إبن الجوزي رحمه الله :


العلم والعمل


لما رأيت نفسي في العلم حسنا ، فهي تقدمه على كل شيء وتعتقد الدليل وتفضل ساعة التشاغل به على ساعات النوافل، وتقول: أقوى دليل لي على فضله على النوافل: أني رأيت كثيرا ممن شغلتهم نوافل الصلاة والصوم عن نوافل العلم، عاد ذلك عليهم بالقدح في الأصول ، فرأيتها في هذا الإتجاه على الجادة السهلة والرأي الصحيح .

إلا أني رأيتها واقفة مع صورة التشاغل بالعلم، فصِحتُ بها: فما الذي أفادكِ العلم ؟ أين الخوف؟ أين القلق؟ أين الحذر؟

أو ما سمعتِ بأخبار أخيار الأحبار في تعبدهم واجتهادهم؟

أما كان الرسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الكل، ثم إنه قام حتى وَرِمت قدماه؟

أما كان أبو بكر رضي الله عنه شجي النشيج ، كثير البكاء؟

أما كان في خد عمر رضي الله عنه خطان من آثار الدموع؟

أما كان عثمان رضي الله عنه يختم القرآن في ركعة؟

أما كان علي رضي الله عنه يبكي بالليل في محرابه حتى تخضل لحيته بالدموع؟ ويقول: يا دنيا غُري غيري؟

أما كان الحسن البصري يحيا على قوة القلق؟

أما كان سعيد بن المسيب ملازما للمسجد فلم تفته صلاة في جماعة أربعين سنة ؟

أما صام الأسود بن يزيد " تابعي فقيه من الحفاظ كان عالم الكوفة في عصره " حتى اخضر واصفر ؟

أما قالت بنت الربيع بن خيثم له: مالي أرى الناس ينامون وأنت لا تنام ؟ فقال : إن أباكِ يخاف عذاب البيات " أي يخاف العذاب الذي يأتي بالليل وهذا إشارة منه إلى قوله تعالى : " أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون"".

أما كان أبو مسلم الخولاني " تابعي فقيه عابد زاهد نعته الذهبي بريحانة الشام ، أصله من اليمن، أدرك الجاهلية ، وأسلم قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره" يعلق سوطا في المسجد يؤدب به نفسه إذا فتر؟

أما صام يزيد الرقاشي أربعين سنة ؟ وكان يقول : والهفاه سبقني العابدون ، وقُطع بي .

أما صام منصور بن المعتمر " هو منصور بن المعتمر بن عبد الله السلمي ، أبو عتاب، من أعلام رجال الحديث ، من أهل الكوفة، لم يكن فيها أحفظ للحديث منه ، وكان ثقة ثبتا " أربعين سنة؟

أما كان سفيان الثوري يبكي الدم من الخوف ؟

أما كان إبراهيم بن أدهم يبول الدم من الخوف؟

أما تعلمين أخبار الأئمة الأربعة في زهدهم وتعبدهم : أبو حنيفة ، ومالك، والشافعي، وأحمد؟ فاحذري من الإخلاد إلى صورة العلم، مع ترك العمل به فإنها حالة الكسالى الزمنى:

وخذ لك منك على مهلة---ومقبل عيشك لم يُدبرِ
وخف هجمة لا تقيل العثا---رَ وتطوي الورود على المصدر
ومَثل لنفسك أي الرعيل---يضمك في حلبة المحشر

----------------------

لله در ابن الجوزي رحمه الله تعالى .
فالعلم لا ينفصل عن العمل
وعلم بلا عمل مآله الخسران والخزي والندامة .
فاللهم اجعلنا ممن يعلمون فيعملون .

أين نحن من هؤلاء الشوامخ الذي ذكر إبن الجوزي رحمه الله ، أين نحن ولو بمقدار من المقدار اليسير ثم اليسير ثم اليسير من أعمالهم .

همُ الرجال وعيب أن يقال بمن--- لم يتصف بوصف معانيهم رجلُ

غفر الله لنا ، إننا لمفرطون ، نرجو غفران المولى عز وجل .

وانتظرونا إن شاء الله تعالى مع خواطر إبن الجوزي رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.
ومن أحب أن يضيف تعليقا فمرحبا به .
وأستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه ، ولا تنسوا أخوكم المقصر بدعوات بظهر الغيب.

عثمان بالقاسم
21-1-2011, 12:54 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

عدنا ومع خواطر إبن الجوزي نستمر إن شاء الله تعالى :



السبب والمُسبب


مما يزيد العلم عندي فضلا، أن قوما تشاغلوا بالتعبد عن العلم ، فوقفوا عن الوصول إلى حقائق الطلب.

فرُوي عن بعض القدماء أنه قال لرجل: يا أبا الوليد ، إن كنت أبا الوليد . يتورع أن يكنيه ولا ولد له ..

ولو أوغل هذا في العلم لعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم : كنى صهيبا أبا يحيى ، وكنى طفلا فقال : " يا أبا عمير ، ما فعل النغير ؟ " أخرجه البخاري ، كتاب الأدب ، باب : الإنبساط للناس ، ومسلم ،كتاب الآداب من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه .

وقال بعض المتزهدين : قيل لي يوما : كُل من هذا اللبن . فقلت : هذا يضُرني ، ثم وقفت بعد مدة عند الكعبة ، فقلت : اللهم إنك تعلم أني ما أشركت بك طرفة عين ، فهتف بي هاتف ، ولا يوم اللبن؟

وهذا لو صح أن جاز أن يكون تأديبا له ، لئلا يقف مع الأسباب ناسيا للمسبب وإلا فالرسول صلى الله عليه وسلم قد قال : ما زالت أكلة خيبر تعاودني حتى الآن قطعت أبهري " أخرجه البخاري ، كتاب المغازي ". وقال : " ما نفعني مالٌ كمال أبي بكر" صحيح أخرجه ابن ماجة ، كتاب المقدمة .

ومن المتزهدين أقوام يرون التوكل قطع الأسباب كلها، وهذا جهل بالعلم فإن النبي صلى الله عليه وسلم : دخل الغار ، وشاور الطبيب ، ولبس الدرع ، وحفر الخندق ، ودخل مكة في جوار المطعم بن عدي وكان كافرا ، وقال لسعد : " لأن تدع ورثتك أغنياء خير لك من أن تدعهم عالة يتكففون الناس ".

فالوقوف مع الأسباب مع نسيان المسبب غلط .

وكل هذه الظلمات إنما تقطع بمصباح العلم .

ولقد ضل من مشي في ظلمة الجهل أو في زقاق الهوى .


--------------------------

لله در ابن الجوزي رحمه الله ، فكيف يجرأ أن يطعن بهذا العالم أي جاهل مركب ، ولكن كما قيل : والجاهلون لأهل العلم أعداءُ


وانتظرونا إن شاء الله تعالى مع المزيد من خواطر ابن الجوزي رحمه الله تعالى.
ولا تنسونا من صالح دعائكم .
ومن أحب أن يضيف تعليقا فمرحبا به .
ودمتم في رعاية الله .

عُبيدة
27-1-2011, 11:32 PM
اروع ما قرات
بارك الله فيك و جزاك الله خيرا و نفع بك
الف شكر على الروائع جزاك الله خيرا و نفع بك الإسلام و المسلمين
دمت في حفظ المولى
{وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا}:


يقول ابن الجوزي:
ضاق بي أمر أوجب غماً لازماً دائماً، وأخذت أبالغ في الفكر في الخلاص من هذه الهموم بكل وجه، فما رأيت طريقاً للخلاص، فعرضت لي هذه الآية: **وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} فعلمت أنّ التقوى سبب للمخرج من كل غم، فما كان إلا أن هممت بتحقيق التقوى فوجدت المخرج، فلا ينبغي أن يتوكل المؤمن إلا على الله، فالله عزّ وجل كافيه، فيقوم بالأسباب ولكن لا يعلق قلبه بها.
من ترك شيئا لله عوضه خير منه:
يقول الإمام ابن الجوزي : قدرت في بعض الأيام على شهوة للنفس، هي عندي أحلى من الماء الزلال في فم الصادي، وقال التأويل: ما ههنا مانع ولا معوق إلا نوع ورع، وكان ظاهر الأمر امتناع الجواز، فترددت بين الأمرين فمنعت نفسي عن ذلك، فبقيت حيرتي، فقلت لها: يا نفسي، والله ما من سبيل إلى ما تودين ولا ما دونه، فتقلقلت، فصحت بها، كم وافقتك في مراد ذهبت لذته، وبقي التأسف على فعله، فقدري بلوغ الغرض من هذا المراد، أليس الندم يبقى في مجال اللذة أضعاف زمانها.
فقالت: كيف أصنع؟
فقلت: هأنذا أنتظر من الله عزّ وجل حسن الجزاء على هذا العمل فأسطره إن شاء الله، فإنه قد يعجل جزاء الصبر، وقد يؤخره، فإن عجل سطرته، وإن أخر فما أشك في حسن الجزاء لمن خاف مقام ربه، فإنّ من ترك شيئاً لله، عوضه الله خيراً منه.
والله إني ما تركته إلا لله تعالى، ويكفيني تركه ذخيرة، حتى لو قيل لي: أتذكر يوماً آثرت الله على هواك؟
قلت: يوم كذا وكذا.
وكان هذا في سنة 561 هجرية، فلما دخلت سنة 565 هجرية عوضت خيراً من ذلك، فقلت هذا جزاء الترك لأجل الله سبحانه في الدنيا، ولأجر الآخرة خير والحمد لله.