المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : [منقول] الحــــب لا ... الرحمــــة نعـــم‏



Fifa san
27-12-2010, 11:13 PM
http://174.132.118.28/img/all/Dec08/FClI5O12250056.gif


الحــــب لا ... الرحمــــة نعـــم



* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *



من تحف د. مصطفى محمود رحمه الله




بالرغم من قيمة مشاعر الحب عندي و عندكم معاشر القراء و القارئات ، و بالرغم من أن الحب يكاد يكون صنم هذا العصر الذي يُحرق له البخور ، و يُقدم له الشباب القرابين من دمائهم ، و يُقدم له الشيوخ القرابين من سمعتهم ، و تُرتل له الأناشيد ، و يُزمر له الزامر ، و تعمل بلاتوهات السينما و ستوديوهات التليفزيون ، ليكون المعبود الأول و المقصود الأول ، و الشاغل الأوحد و الهدف الأوحد و الغاية المثلى للحياة التي بدونها لا تكون الحياة حياة .



و بالرغم من أننا جميعا جناة أو ضحايا لهذا الحب ، و ليس فينا إلا من أصابه جرح أو سهم أو حرق ، أو أصاب غيره بجرح أو سهم أو حرق .



بالرغم من هذه الأهمية القصوى ، و الصدارة المطلقة لموضوع الحب في هذا الزمان ، فإني أستأذنكم في إعادة نظر و في وقفة تأمل ، و في محاولة فهم لهذا التيه الذي نتيه فيه جميعا شيوخا و شبابا و صبايا .



http://174.132.118.28/img/all/Dec08/IKYH3q12250057.gif




و أسأل نفسي أولا و أسألكم :



هل تعلمون لماذا يرتبط الحب دائما بالألم ، و لماذا ينتهي بالدموع و خيبة الآمال ؟!



دعوني أحاول الإجابة فأقول : إن الحب و الرغبة قرينان .. و إنه لا يمكن أن تحب امرأة دون أن ترغبها ، و لهذا ما تلبث نسمات الحب الرفافة الحنون أن تمازج الدم و اللحم ، و الجبلة البشرية فتتحول إلى ريح و إعصار و زوبعة ، حيث ينصهر اللحم و العظم في أتون من الشهوة العارمة ، و اللذة الوقتية التي ما تكاد تشتعل حتى تنطفئ .



هل أقول إن الحب يتضمن قسوة خفية ، و عدوانا مستترا ؟.



نعم هو كذلك إذا اصطبغ بالشهوة ، و هو لابد أن يتلون بالشهوة بحكم البشرية .



و المرأة التي تشعر أن الرجل استولى على روحها ، تحاول هي الأخرى أن تنزع روحه و تستولي عليها .. و في ذلك عدوان خفي متبادل، و إن كان يأخذ شكل الحب.



http://174.132.118.28/img/all/Dec08/IKYH3q12250057.gif




و المرة الوحيدة التي جاء فيها ذكر الحب في القرآن هي قصة امرأة العزيز التي شغفها فتاها ( يوسف ) حبّا.



فماذا فعلت امرأة العزيز حينما تعفف يوسف الصدّيق؟ و ماذا فعلت حينما دخل عليهما الزوج؟ لقد طالبت بإيداع يوسف السجن و تعذيبه.



قال تعالى: { ... قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءاً إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [يوسف : 25]



و ماذا قالت لصاحباتها و هي تروي قصة حبها؟



قال تعالى: { ...وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِّنَ الصَّاغِرِينَ } [يوسف : 32]



إن عنف حبها اقترن عندها بالقسوة و السجن و التعذيب.



و ماذا قال يوسف الصدّيق؟



قال تعالى: { قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ... }[يوسف : 33]



لأنه أدرك ببصيرته أن الحب سجن، و أن الشهوة قيد إذا استسلم له الرجل أطبق على عنقه حتى الموت.. و رأى أن مكثه في السجن عدة سنوات، أرحم من الخضوع للشهوة التي هي سجن مؤبد إلى آخر الحياة.



http://174.132.118.28/img/all/Dec08/IKYH3q12250057.gif




إن الحب لا يظل حبا صافيا رفافا شفافا، و إنما ما يلبث بحكم الجبلة البشرية أن يصبح جزءا من ثالوث هو: الحب و الجنس و القسوة، و هو ثالوث متلاحم يقترن بعضه ببعض على الدوام.



و لأن قصة الحب التي خالطتها الشهوة ما تلبث أن تنتهي إلى الإشباع في دقائق، ثم بعد ذلك يأتي التعب و الملل و الرغبة عند الإثنين في تغيير الطبق، و تجديد الصنف لإشعال الشهوة و الفضول من جديد.. لهذا ما يلبث أن يتداعى الحب إلى شك في كل طرف من غدر الطرف الآخر.. و هذا بدوره يؤدي إلى مزيد من الارتياب و التربص و القسوة و الغيرة، و هكذا يتحول الحب إلى تعاسة و آلام و دموع و تجريح.



و الحب لا يكاد ينفك أبدا عن هذا الثالوث.. (( الحب و الجنس و القسوة )).. و هو لهذا مقضى عليه بالإحباط و خيبة الأمل، و محكوم عليه بالتقلب من الضد إلى الضد، و من النقيض إلى النقيض.. فيرتد الحب عداوة و ينقلب كراهية و تنتحر العواطف كل يوم مائة مرة.. و ذلك هو عين العذاب.



و لهذا لا يصلح هذا الثالوث أن يكون أساسا لزواج.. و لا يصلح لبناء البيوت، و لا يصلح لإقامة الوشائج الثابتة بين الجنسين.


http://174.132.118.28/img/all/Dec08/IKYH3q12250057.gif




و من دلائل عظمة القرآن و إعجازه أنه حينما ذكر الزواج، لم يذكر الحب و إنما ذكر المودة و الرحمة و السكن.



سكن النفوس بعضها إلى بعض.



و راحة النفوس بعضها إلى بعض.



و قيام الرحمة و ليس الحب.. و المودة و ليس الشهوة.



قال تعالى: { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ...} [الروم : 21]



إنها الرحمة و المودة.. مفتاح البيوت.



و الرحمة تحتوي على الحب بالضرورة.. و الحب لا يشتمل على الرحمة، بل يكاد بالشهوة أن ينقلب عدوانا.



و الرحمة أعمق من الحب و أصفى و أطهر.



و الرحمة عاطفة إنسانية راقية مركبة، ففيها الحب، و فيها التضحية، و فيها إنكار الذات، و فيها التسامح، و فيها العطف، و فيها العفو، و فيها الكرم.



و كلنا قادرون على الحب بحكم الجبلة البشرية.



و قليل منا هم القادرون على الرحمة.



و بين ألف حبيبة هناك واحدة يمكن أن ترحم، و الباقي طالبات هوى و نشوة و لذة.



و لذلك جاء كتاب الحكمة الأزلية الذي تنزل علينا من الحق.. يذكرنا عند الزواج بالرحمة و المودة و السكن.. و لم يذكر كلمة واحدة عن الحب، محطما بذلك صنم العصر و معبوده الأول، كما حطم أصنام الكعبة من قديم.



و الذين خبروا الحياة و باشروا حلوها و مرّها، و تمرسوا بالنساء يعرفون مدى عمق و أصالة و صدق هذه الكلمات المنزلة.


http://174.132.118.28/img/all/Dec08/IKYH3q12250057.gif




و ليس في هذه الكلمات مصادرة للحب، أو إلغاء للشهوة و إنما هي توكيد، و بيان بأن ممارسة الحب و الشهوة بدون إطار من الرحمة و المودة و الشرعية هو عبث لابد أن ينتهي إلى الإحباط.



و الحيوانات تمارس الحب و الشهوة و تتبادل الغزل.



و إنما الإنسان وحده هو الذي امتاز بهذا الإطار من المودة و الرحمة و الرأفة، لأنه هو وحده الذي استطاع أن يستعلي على شهواته؛ فيصوم و هو جائع و يتعفف و هو مشتاق.



و الرحمة ليست ضعفا و إنما هي غاية القوة، لأنها استعلاء على الحيوانية و البهيمية و الظلمة الشهوانية.



الرحمة هي النور و الشهوة هي النار.



و أهل الرحمة هم أهل النور و الصفاء و البهاء، و هم الوجهاء حقا.



و القسوة جبن و الرحمة شجاعة.



و لا يؤتى الرحمة إلا كل شجاع كريم نبيل.



و لا يشتغل بالانتقام و التنكيل إلا أهل الصغار و الخسة و الوضاعة.



و الرحمة هي خاتم الجنة على جباه السعداء الموعودين من أهل الأرض.. تعرفهم بسيماهم و سمتهم و وضاءتهم.



و علامة الرحيم هي الهدوء و السكينة و السماحة، و رحابة الصدر، و الحلم و الوداعة و الصبر و التريث، و مراجعة النفس قبل الاندفاع في ردود الأفعال، و عدم التهالك على الحظوظ العاجلة و المنافع الشخصية، و التنزه عن الغل و ضبط الشهوة، و طول التفكير و حب الصمت و الائتناس بالخلوة و عدم الوحشة من التوحد، لأن الرحيم له من داخله نور يؤنسه، و لأنه في حوار دائم مع الحق، و في بسطة دائمة مع الخلق.



و الرحماء قليلون، و هم أركان الدنيا و أوتادها التي يحفظ بها الله الأرض و من عليها.



و لا تقوم القيامة إلا حينما تنفد الرحمة من القلوب، و يتفشى الغلّ، و تسود المادية الغليظة، و تنفرد الشهوات بمصير الناس، فينهار بنيان الأرض و تتهدم هياكلها من القواعد.




http://174.132.118.28/img/all/Dec08/IKYH3q12250057.gif


اللهم إني أسألك رحمة..



اللهم إني أسألك مودة تدوم..



اللهم إني أسألك سكنا عطوفا و قلبا طيبا..



اللهم لا رحمة إلا بك و منك و إليك..


د. مصطفـــــى محمـــــود


http://174.132.118.28/img/all/Dec08/IKYH3q12250057.gif
مما راق لي نقله لكم


وإلى أن ألقاكم


http://174.132.118.28/img/all/Dec08/AbpL8012250107.gif

أفنانـْ
28-12-2010, 04:08 PM
و الرحمة عاطفة إنسانية راقية مركبة، ففيها الحب، و فيها التضحية، و فيها إنكار الذات، و فيها التسامح، و فيها العطف، و فيها العفو، و فيها الكرم.



و الرحمة ليست ضعفا و إنما هي غاية القوة، لأنها استعلاء على الحيوانية و البهيمية و الظلمة الشهوانية.


جميل جداً ، راق لي هذا التعبير عن الرحمة و هي في أغلب الأحيان غير معترف بها في إطار الحب، و لكنها في الحقيقة من أكثر العوامل التي توثق الصلة و تجعل النفس أكثر حناناً و عطفاً و سكينة، و هذا كل يطلبه أي باحث عن الحب ظناً منه أنه شفاء داءه جاهلاً بأنه الداء الحقيقي و المسبب الأول للألم و القهر.
شكراً لك على النقل المميز.

Fifa san
28-12-2010, 09:11 PM
جميل جداً ، راق لي هذا التعبير عن الرحمة و هي في أغلب الأحيان غير معترف بها في إطار الحب، و لكنها في الحقيقة من أكثر العوامل التي توثق الصلة و تجعل النفس أكثر حناناً و عطفاً و سكينة، و هذا كل يطلبه أي باحث عن الحب ظناً منه أنه شفاء داءه جاهلاً بأنه الداء الحقيقي و المسبب الأول للألم و القهر.
شكراً لك على النقل المميز.



أهلا بك أخيتي

صدقت فيما قلتي

ولكن هل سيعترفون من يتخذون الحب شعارا لهم بهذا

هل سيعترفون أن ما يقومون به إن خرج عن هذا الاطار فإنه فقط عذاب لهم

لقد أصبحت المنتديات تمتلأ بالخواطر الحزينة التي تتحدث عن هجر الحبيب أو الحبيبة

والعذاب الذي يعيشوه

ماذا حصلتم من هذا الحب غير الألم

شكرا لك أفنان على مرورك ومشاركتك المميزة

حفظك المولى

Beso San
29-12-2010, 05:39 PM
جميل جدا كلمات الدكتور

جميل هذا التعبير الرائع عن الرحمة

جزاك الله خير على الموضوع الرائع

ورحم الله الدكتورمصطفى محمود
تحيتي للجميع

Fifa san
30-12-2010, 02:46 AM
جميل جدا كلمات الدكتور

جميل هذا التعبير الرائع عن الرحمة

جزاك الله خير على الموضوع الرائع

ورحم الله الدكتورمصطفى محمود
تحيتي للجميع

نعم كلمات جميلة بحق
شكر لك أختي على مرورك بالموضوع

ورحم الله الدكتور

شكرا لك وفي حفظ الله ورعايته

Marshen Guy
31-12-2010, 02:24 AM
مية بالمية عطونا الخلاصات بزبدية ^^

Fifa san
14-1-2011, 09:13 PM
مية بالمية عطونا الخلاصات بزبدية ^^


شكرا لك أخوي لمرورك الظريف