المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سد الذرائع المتعلقة بالنبوة والرسالة



عُبيدة
18-3-2011, 06:43 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، أحمدك ربي حمدًا طيبًا مباركًا فيه، ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد، وكلنا لله عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد.
وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا، وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت سبحانك، أنت ربي وأنا عبدك، ظلمت نفس واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعا إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك، والخير كله في يديك، والشر ليس إليك، أنا بك وإليك لا ملجأ ولا منجى لي منك إلا إليك، أستغفرك وأتوب إليك.
وصلى وسلم على سيدنا محمد تسليما
اختص الله سبحانه وتعالى أنبياءه ورسله بآيات بينات وبراهين ساطعات تدل على صدقهم وتوجب اتباعهم ويطلق عليها المعجزات، وإن كان الدليل على صدق الأنبياء لا ينحصر في المعجزات، إلا أنها من الأدلة الصحيحة على ثبوت النبوة، وما أجري على يد الأنبياء من المعجزات لا يقع لغيرهم بحال وذلك سدًا لذريعة تكذيبهم، والاختلاف عليهم والكفر بما أرسلوا به، وحتى يتميزوا عن الكاذبين.
يقول ابن تيمية: «ولهذا يجب في آيات الأنبياء أن لا يعارضها من ليس بنبي، فكل ما عارضها صادرًا ممن ليس من جنس الأنبياء فليس من آياتهم، ولهذا طلب فرعون أن يعارض ما جاء به موسى لما ادَّعى أنه ساحر، فجمع السحرة ليفعلوا مثل ما يفعل موسى، فلا تبقى حجته مختصة بالنبوة، وأمرهم موسى أن يأتوا أولاً بخوارقهم، فلما أتت وابتلعتها العصا التي صارت حية، علم السحرة أن هذا ليس من جنس مقدورهم فآمنوا إيمانًا جازمًا». [النبوات: 12، 13]
ويقول أيضًا: «وخوارق الأنبياء لا يمكن غيرهم أن يعارضها ولا يمكن أحدٌ إبطالها، لا من جنسهم ولا من غير جنسهم، فإن الأنبياء يصدق بعضهم بعضًا، فلا يتصور أن نبيًا يبطل معجزة آخر وإن أتى بنظيرها فإنه يصدقه، ومعجزة كل منهما آية له وللآخر أيضًا، كما أن معجزات أتباعهم آيات لهم بخلاف خوارق السحرة، فإنها تدل على أن صاحبها ساحر، يؤثر آثارًا غريبة مما هو فساد في العالم، ويُسَرُّ بما يفعله من الشرك والكذب والظلم، ويستعين على ذلك بالشياطين، فمقصوده الظلم والفساد، والنبي مقصوده العدل والصلاح، وهذا يستعين بالشياطين، وهذا بالملائكة وهذا يأمر بالتوحيد لله وعبادته وحده لا شريك له، وهذا إنما يستعين بالشرك وعبادة غير الله، وهذا يعظم إبليس وجنوده، وهذا يذم إبليس وجنوده». [المرجع السابق]
والقرآن الكريم هو أعظم معجزات النبي صلى الله عليه وسلم وهو المعجزة الباقية إلى يوم الدين، وأهم دليل على ثبوت نبوته صلى الله عليه وسلم ، وقد تحدى الله به الإنس والجن مجتمعين على أن يأتوا بمثله، فما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً.
يقول البيهقي: فأما العلم الذي اقترن بدعوته ولم يزل يتزايد أيام حياته، ودام في أمته بعد وفاته، فهو القرآن العظيم، المعجز المبين، وحبل الله المتين، الذي هو كما وصفه من أنزله، فقال تعالى: http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIFوإنه لكتاب عزيز (41) لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميدhttp://www.altawhed.com/Images/BRAKET_L.GIF [فصلت:41، 42]، [دلائل النبوة 1/10]
ومع تأييد الله لنبيه بالآيات الكثيرة إلا أنه لم يُجِب المشركين إلى ما طلبوه من آيات لم يُرد الله أن تكون لهم، وذلك سدًا لذريعة التكذيب بها، فيهلكهم الله، كما هي سنته في ذلك، قال تعالى: http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIFوما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفاhttp://www.altawhed.com/Images/BRAKET_L.GIF [الإسراء:59].
قال ابن جرير في تفسيره: «يقول تعالى ذكره: وما منعنا يا محمد أن نرسل بالآيات التي سألها قومك إلا أن من كان قبلهم من الأمم المكذبة سألوا ذلك مثل سؤالهم، فلما أتاهم ما سألوا كذبوا رسلهم فلم يصدقوا مع مجيء الآيات فعوجلوا، فلم نرسل إلى قومك بالآيات، لأنا لو أرسلنا بها إليهم فكذبوا بها سلكنا في تعجيل العذاب لهم مسلك الأمم قبلهم». ثم ساق روايات كثيرة في سبب نزول هذه الآية منها ما ذكره ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصفا ذهبًا، وأن ينحي عنهم الجبال فيزرعوا، فقيل له: إن شئت أن نستأنى بهم، وإن شئت أن نؤتيهم الذي سألوا، فإن كفروا أهلكوا كما أهلك من قبلهم، قال: بل نستأنى بهم، قأنزل الله الآية.
[جامع البيان في تفسير القرآن 15/74]

ثانيًا: النهي عن المفاضلة بين الأنبياء
سدًا لذريعة الانتقاص من أحدهم


دل القرآن الكريم على أن الله فضل بعض النبيين على بعض كما قال تعالى: http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIFتلك الرسل فضلنا بعضهم على بعضhttp://www.altawhed.com/Images/BRAKET_L.GIF [البقرة: 253]، ومع هذا وردت أحاديث صحيحة تنهى عن تفضيل بعض النبيين على بعض كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: «بينما يهودي يعرض سلعته أُعطي بها شيئًا كرهه، فقال: لا والذي اصطفى موسى على البشر، فسمعه رجل من الأنصار فقام فلطم وجهه، وقال: تقول والذي اصطفى موسى على البشر والنبي صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا؟ فذهب إليه فقال: أبا القاسم، إن لي ذمة وعهدًا، فما بال فلان لطم وجهي؟ فقال: لم لطمت وجهه؟ فذكره، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم حتى رؤي في وجهه، ثم قال: لا تفضلوا بين أنبياء الله، فإنه يُنفخ في الصور فيُصْعَق من في السماوات ومن في الأرض إلا ما شاء الله، ثم يُنفخ فيه أخرى فأكون أول من بُعِثَ، فإذا موسى آخذ بالعرش، فلا أدري أحوسب بصعقته يوم الطور، أم بعث قبلي». [متفق عليه]
وعن ابن عباس- رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما ينبغي لعبد أن يقول: إني خير من يونس بن متَّى، ونسبه إلى أبيه». [متفق عليه]
وهذه الأحاديث لا تعارض آية التفضيل المذكورة آنفًا، وينبغي أن يحمل النهي الوارد فيها عن التفضيل إذا كان على وجه الحمية والعصبية، سدًا لذريعة الانتقاص من المفضول.
قال النووي: قال العلماء: هذه الأحاديث تحتمل وجهين:
أحدهما: أنه صلى الله عليه وسلم قال هذا قبل أن يعلم أنه أفضل من يونس، فلما علم ذلك قال: «أنا سيد ولد آدم». [أبو داود 5/354]
والثاني: أنه صلى الله عليه وسلم قال هذا زجرًا عن أن يتخيل أحد من الجاهلين شيئًا من حط مرتبة يونس صلى الله عليه وسلم .
[شرح النووي على مسلم 15/132]
وقد ذكر القرطبي أقوالاً كثيرة لأهل العلم في هذه المسألة منها: «إنما نهى عن الخوض في ذلك، لأن الخوض في ذلك ذريعة إلى الجدال، وذلك يؤدي إلى أن يذكر منهم ما لا ينبغي أن يذكر ويقل احترامهم عند المماراة». [الجامع لأحكام القرآن 2/1070]
وقال ابن حجر: قال العلماء: «إنما قال صلى الله عليه وسلم ذلك تواضعًا، إن كان قاله بعد أن أُعْلِم أنه أفضل الخلق، وإن كان قاله قبل علمه بذلك فلا إشكال، وقيل: خص يونس بالذكر لما يخشى على من سمع قصته أن يقع في نفسه تنقيص له، فبالغ في ذكر فضله لسد هذه الذريعة». [فتح الباري 6/1070]
وقال شارح الطحاوية بعد أن ذكر حديث أبي هريرة السابق: «فكيف يجمع بين هذا وبين قوله صلى الله عليه وسلم : أنا سيد ولد آدم ولا فخر». فالجواب: أن هذا كان له سبب، لأن التفضيل إذا كان على وجه الحمية والعصبية وهوى النفس كان مذمومًا، بل نفس الجهاد إذا قاتل الرجل حمية وعصبية كان مذمومًا، فإن الله حرم الفخر، وقد قال الله تعالى: http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIFولقد فضلنا بعض النبيين على بعضhttp://www.altawhed.com/Images/BRAKET_L.GIF [الإسراء:55]، وقال تعالى: http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIFتلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجاتhttp://www.altawhed.com/Images/BRAKET_L.GIF [البقرة:253]، فعلم أن المذموم إنما هو التفضيل على وجه الفخر، أو على الانتقاص بالمفضول».
وقد جاء في أبحاث اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ما يلي: «ومن هذا القبيل تفضيل بعض الأنبياء على بعض، هو نفسه جائز، فقد فضل الله بعضهم على بعض ورفع بعضهم درجات، ولكنه يمنع حينما يجر إلى الفتنة والعصبية، وقد تخاصم مسلم ويهودي في العهد النبوي، ولطم المسلم وجه اليهودي، لأنه أقسم بالذي اصطفى موسى على العالمين، وأقسم المسلم بالذي اصطفى محمدًا على العالمين، فلما بلغت الخصومة خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم غضب حتى عرف الغضب في وجهه، وقال: «لا تخيروني على موسى». [مسلم 4/1844]، ثم أثنى عليه بما هو أهله، ونهاهم أن يفضلوا بين أنبياء الله سدًا لذريعة الفتن، وحرصًا على وقارهم- صلوات الله وسلامه عليهم- وإذا كانت الدول تشدد في سد الذرائع، وترى ذلك ركنًا من أركان السياسة والأمن والنظام والمعاملات الدنيوية، فإنه في العقائد أخلق وفي مقام النبوة أوجب وأحق». [حكم تمثيل الصحابة ص41]
والحمد لله رب العالمين.
يا من ألوذ به فيما أؤمله
ومن أعوذ به مما أحاذره
لا يجبر الناس عظمًا أنت كاسره
ولا يُهيضون عظمًا أنت جابره
اللهم اجبر عجزنا، وارحم ضعفنا، واستر عوراتنا واغفر ذنوبنا، واستر عيوبنا، وتول أمرنا، واجمع شملنا، وألف بين قلوبنا، وانصرنا على من عادانا، اللهم صل على عبدك ونبيك محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على طريقته واتبع نهجه إلى يوم الدين، وعلى رسل الله أجمعين، وألحقنا بهم بمنك وكرمك يا أكرم الأكرمين http://www.altawhed.com/Images/BRAKET_R.GIFومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا (69) ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليماhttp://www.altawhed.com/Images/BRAKET_L.GIF [النساء:69-70].

نارتو ساما
21-3-2011, 02:30 PM
جـــــــــــــــــــزاك اللـــــــــــــــــــــــــــــــه كل خير يا عبيده .

تم التقييم + شكر

عُبيدة
21-3-2011, 08:48 PM
جـــــــــــــــــــزاك اللـــــــــــــــــــــــــــــــه كل خير يا عبيده .

تم التقييم + شكر

بارك الله فيك وجزاك الله كل خير
وفقك الله دنيا واخرة
استودعك الله