المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دور العلماء و الدعاة فى الأزمات



عُبيدة
17-4-2011, 06:08 AM
http://www.islam2you.com/forums/islam2youup/Allah/besmallah16.gif



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه، وبعد:

فإن الله تعالى قد أمر في كتابه الكريم بالدعوة إليه بالحكمة والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن، فقال: «ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ» [النحل: 125]، وقال: «وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ..» [العنكبوت: 46]، وإذا كان الجدال بالتي هي أحسن قد أُمرنا به عند مجادلة أهل الكتاب؛ فإن الجدال مع المخالفين من أهل الإسلام أولى بأن يكون بالحسنى والمعروف، لقول الله تعالى: «أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ» [المائدة: 54]، ولقوله جل وعلا: «وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ» [الحجر: 88].
http://j.imagehost.org/0591/3_25.png
وفي الأوضاع التي تمر بها بلادنا، نحن في أشد الاحتياج لتيار دعوي مخلص يحسن عرض دينه عرضًا يليق بعظمة هذا الدين، ويليق بعظمة الداعية الأول رسول الله صلى الله عليه وسلم، خاصة وأن البلاد تعيش أزمات كأنها عنق الزجاجة، تحتاج إلى حكمة بالغة لتجاوز هذه المرحلة الحرجة.
أولاً: ما هي الأزمة الراهنة؟
الأزمة الراهنة تتمثل في:
أ- ضبابية الرؤية للواقع الحالي وعدم الاطمئنان إلى المستقبل المجهول:
فمع تجاوز البلاد فترة ظلم وفساد – بفضل رب العباد – الذي لطف بالناس لطفًا عظيمًا، إلا أن كثيرًا من المشاكل التي تسبب عدم الاستقرار لا تزال عالقة، فالقبضة ليست محكمة على البلاد، والسيطرة ليست تامة على المنحرفين والمتجمهرين والمعتصمين، فهناك الفوضى باسم الحرية التي يمارسها كثير من العوام والجهال، مما يؤدي إلى كثرة الحوادث والانتهاكات.
http://j.imagehost.org/0591/3_25.png
ب- تربص الأعداء بالبلاد:
لا شك أن أعداءً كثيرين لا يريدون لهذا البلد أمانًا ولا استقرارًا ولا رخاء ولا ازدهارًا، فيحركون من يصلحون لإحداث ما يسمى بالثورة المضادة لإحداث الخلل وزعزعة الأمن ليسهل التآمر والتفكيك لتوجهات البلاد، وزرع الفتن بين أبناء الوطن، وهؤلاء الأعداء كثيرون من الداخل والخارج، وقانا الله شرهم، فهم يرغبونها فوضى، ويبغونها عوجًا.
http://j.imagehost.org/0591/3_25.png
ج- قيادات غير مؤهلة شرعيًّا ومدنيًّا:
الفترة التي مضت بالبلاد قبل أحداث 25 يناير كان لها سمة سيئة، وهي إعدام الكفاءات ووأد الخبرات، وعدم الترحيب بمن ينفع الناس، فلذلك ظهر حاليًا آثار هذه السياسة المقيتة، فصار من الصعب استبدال الطاقم كله بطاقم جديد كامل يقود البلاد بحكمة ورشاد، فمن قلة الخبرة إلى ضعف الحنكة السياسية، وفوق كل ذلك أن قيادة الناس تحتاج إلى سياسة شرعية، وهذه يفتقر إليها عدد غير قليل ممن يلي أمر البلاد والعباد، إلا من رحم الله، وقيل ما هم.
http://j.imagehost.org/0591/3_25.png
د- تصارع الكثير من القوى والتيارات مع ضعف الوازع الديني والخلقي:
وهذا أيضًا من الطوام الكبرى، فحينما يقع مثل هذا فإن المتصارعين لا يهمهم عند ذلك مصلحة البلاد أو أمنها، وإنما الذي يعني هؤلاء مصالحهم الخاصة، مهما كلف البلاد من ضياع للمصالح وضعف الاقتصاد، ومهما تأخر الأمن وتباطأ الاستقرار.
وضعف الوازع الديني ينزع الرحمة من القلوب، ويُبعد الخوف من الله جل وعلا، عندها لا تقود قسوة القلوب وعدم الخوف من الله إلا إلى المجازفة بمصائر الناس.
http://j.imagehost.org/0591/3_25.png
هـ- الدولة المدنية ومغازلة أعداء الإسلام:
لا شك أن أعداء الإسلام لا يحبون أن يبقى المسلمون على إسلامهم، وسيعلنون العداء الصريح الفجّ إذا أعلن أحد أن الدولة ستحتكم إلى شرع الله تعالى في حكمها، ولذلك فالكثير ممن يرغب في اعتلاء كرسي الحكم في هذا البلد يلوح بأن الدولة ستكون مدنية، والبعض يريدها علمانية، والله المستعان على ما يصفون، وهذا من التدليس مع كثير من الناس، لأنهم لا يعلنون مرادهم من الدولة المدنية، وأنها تعني عندهم تنحية شرع الله عن الحكم، فيكون الحكم في الدولة وفق النظم الغربية.
http://j.imagehost.org/0591/3_25.png
و- التباين في مواقف الدعاة والمشايخ:
هذا التباين كان واضحًا قبل الأحداث، وقلنا لعل السبب في ذلك كان النظام الفاسد القديم، وكان التباين واضحًا أيضًا في أثناء الأحداث، فمن مشارك في الأحداث، ومن ممتنع، والأشد من ذلك؛ انتقاد كل منهما للآخر.
http://j.imagehost.org/0591/3_25.png
الواجب المحتوم على أهل العلم والدعاة:
1- توحيد الصفوف على الكتاب والسنة، والحرص على إظهار قوة المسلمين وثقلهم:
فإن الله سبحانه ذم الاختلاف والتشرذم، وبين أن ثمرته مُرّة حنظلية وهي الفشل الذريع، فقال عز وجل: «وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا» [الأنفال: 46]، وإذا لم تجمعنا الشدائد فما الذي يجمعنا؟ فيا أهل الإسلام اجتمعوا على كلمة سواء.
وهذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتفقد رجلاً يعرفه، فقيل له: إنه يتابع الشراب (الخمر)، فما كان منه رضي الله عنه إلا أن كتب إليه: «إني أحمد إليك الله، الذي لا إله إلا هو، غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول، لا إله إلا هو إليه المصير، وحين وصل كتابُ أمير المؤمنين الرجلَ، أخذ يردد ما جاء فيه وهو يبكي، حتى صحت توبته وأحسن النزع، وبلغت توبته عمر رضي الله عنه، فقال لمن حضر مجلسه: «هكذا فاصنعوا؛ إذا رأيتم أخًا لكم زل زلةً، فسددوه ووفقوه، وادعوا الله أن يتوب عليه، ولا تكونوا أعوانًا للشيطان عليه». [حلية الأولياء: 4/98].
وذكر أن يحيى بن يزيد النوفلي كتب إلى أخيه في الله مالك بن أنس النصيحة الآتية:
«بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على رسوله محمد في الأولين والآخرين؛ من يحيى بن يزيد إلى مالك بن أنس، أما بعد: فقد بلغني أنك تلبس الدقاق، وتأكل الرقاق، وتجلس على الوطيء، وتجعل على بابك حاجبًا، وقد جلست مجلس العلم، وقد ضربت إليك المطيّ، وارتحل إليك الناس واتخذوك إمامًا، ورضوا بقولك، فاتق الله يا مالك، وعليك بالتواضع؛ كتبتُ إليك بالنصيحة مني كتابًا ما اطلع عليه غير الله سبحانه وتعالى، والسلام».
فكتب إليه مالك رحمه الله: «بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، من مالك بن أنس إلى يحيى بن يزيد، سلام الله عليك، أما بعد؛ فقد وصل إليَّ كتابك، فوقع مني موقع النصيحة والشفقة والأدب، أمتعك الله بالتقوى، وجزاك بالنصيحة خيرًا، وأسأل الله تعالى التوفيق، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فأما ما ذكرت لي أني آكل الرقاق وألبس الدقاق، وأحتجب، وأجلس على الوطيء؛ فنحن نفعل ذلك، ونستغفر الله تعالى، فقد قال الله تعالى: «قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ» [الأعراف:32]، وإني لأعلم أن ترك ذلك خير من الدخول فيه، ولا تدعنا من كتابك، فلسنا ندعك من كتابنا، والسلام. [إحياء علوم الدين: 1/17].
فهذا أدب النصيحة الذي يثمر توحيد الصف، وذلك أدب الرد والإجابة الذي يثمر التقدير والإنصاف، وواجب على الدعاة أن يكونوا قدوة في ذلك، وألا يُغرقوا في الخلاف فيما يسع فيه الخلاف، وإحسان الظن ببعضهم، فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: «ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن إلا خيرًا وأنت تجد لها في الخير محملاً». [الدر المنثور: 7/565].
http://j.imagehost.org/0591/3_25.png
2- تعليم العامة احترام العلماء والدعاة:
إن الدعاة إذا أظهروا حبهم لإخوانهم فلن يسع العامة إلا ذلك، وإذا ظهر من الدعاة لمزًا وهمزًا لإخوانهم تبعهم العامة في ذلك، فينبغي أن يُعلّم العامةُ احترام العلماء، فإن من عادى لله وليًا فقد بارز الله تعالى بالمحاربة، كما ورد بالصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فإن علماء المسلمين ودعاتهم لهم احترامهم ومكانتهم التي أعطاهم الشرع الشريف إياها، فهم ورثة الأنبياء، والواقفون على منابرهم، القائلون بقولهم، فينبغي التعامل معهم بكل احترام وأدب يليق بهم، وإن صدرت عنهم آراء مجانبة للصواب والحق، ولا يحق لأحد مهما كان أمره أن يتناول العلماء بلسانه، فإن لحوم العلماء مسمومة، كما قال الحافظ ابن عساكر في كلمته الموفَّقة التي ينبغي لها أن تُكتب بحروف من ذهب، حيث قال: «اعلم أخي – وفقني الله وإياك لمرضاته، وجعلني وإياك ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته- أن لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، وأن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب ابتلاه الله قبل موته بموت القلب.
وقال: لأن الوقيعة فيهم بما هم منه براء أمره عظيم، والتناول لأعراضهم بالزور والافتراء مرتعه وخيم، والاختلاف على من اختاره الله منهم خُلُق ذميم».
http://j.imagehost.org/0591/3_25.png
3- تفقيه الناس في دينهم وتعليمهم وما ينفعهم:
وقد جاء عن أحد المستشرقين الفرنسيين «هنري سيرويه» في كتابه فلسفة الأدب الإسلامي، يقول: «محمد –صلى الله عليه وسلم- لم يغرس في نفوس الأعراب مبدأ التوحيد وحسب، وإنما غرس فيهم المدنية والأدب». وتلك شهادة شهد بها أعداء الملة، فينبغي أن يظهر ذلك على أتباع محمد صلى الله عليه وسلم.
http://j.imagehost.org/0591/3_25.png
4- الإخلاص ففيه بركة، والتقوى ففيها قبول:
والله تعالى يقول: «إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ» [المائدة:27]، وذلك يحتاج إلى الاجتهاد فيما يلي:
أ- اغتنام الفرصة وعدم تضييعها في الخلاف والموضوعات المثيرة والمسائل الشاذة.
ب- تدعيم وتفعيل الالتفاف حول مرجعيات المسلمين وأئمتهم، وإلا فالظاهر أن كل واحد في نفسه إمام، والحمد لله وكفى.
ج- تفعيل مجلس شورى العلماء الذي تصدر عنه القرارات والفتاوى التي تجمع شمل المسلمين وتوحدهم.
د- عدم الانفراد بالرأي، ومفاجأة الأمة بالجديد المتفرد.
هـ- نبذ التعصب فإنه يفرّق ويورث الكراهية والتنابز، بل يجب احترام الآخرين.
إحسان الظن بالآخرين، فإن الظن السيء أكذب الحديث، كما بيّن رسولنا صلى الله عليه وسلم، والله تعالى يقول: «لَوْلاَ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا» [النور:12].
و- الاتفاق والتوافق على خطة دعوية وتوحيد الخطاب خاصة في الأزمات.
ز- إيجاد منهج للتربية وتدريسه لتعليم الأمة التعامل الحضاري والأدب.
ح- الحرص على التزاور والتواصل في المناسبات وغيرها.
ط- حسن العرض لبضاعة الإسلام، حتى يقبل الناس دعوتنا، ويثقوا بنا، ولا ينفروا منا، ويكون ذلك بالاقتداء بسيد البشر صلى الله عليه وسلم في قوله وفعله وسلوكه.
ي- هذا؛ وإننا لنتفاءل وندعو الناس إلى التفاؤل بأن ما مضى من أحداث سيكون – إن شاء الله – ما بعده أفضل مما قبله، إذا خصلت النوايا وتضافرت الجهود، وتعامل الجميع بوعي وحرص على المصلحة العامة قبل المصلحة الفردية، وعلى العقلاء أن يستثمروا المستقبل لصالح خير الأمة وسعادتها.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
http://h.imagehost.org/0599/by_layan201_4_3.png

أبو رويم
18-4-2011, 04:24 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا أخى على الموضوع وبارك الله فيك
واللهم فك هذه الأزمات عن الأمة
فى حفظ الله ورعايته

عُبيدة
19-4-2011, 10:18 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خيرا أخى على الموضوع وبارك الله فيك
واللهم فك هذه الأزمات عن الأمة
فى حفظ الله ورعايته



بارك الله فيك اخى وحبيبى وصديقى الغالى ابو رويم
بارك الله فيك و وفقك دنيا واخره ورزقك رزقا طيبا من عنده
اسعدك الله