المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من روائع القرآن روح الإسلام



عُبيدة
28-4-2011, 06:39 AM
http://www.islam2you.com/forums/islam2youup/Allah/besmallah03.gif
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد..
أن القرآن روح الإسلام، وأن التوحيد روح القرآن، وأن مجتمعًا بغير قرآن كالجسد بغير روح، وأن الجسد بغير روح لا يصدر عنه إلا العفن والنتن، وأن بطن الأرض أوْلى به من ظهرها، فالأمة بغير قرآن أمة متهالكة ومتفرقة؛ تشتّت شملها، وتفرّق جَمْعها، وتمزق صفّها، وهانت كرامتها، وضاعت عزتها، ومزّقتها الأهواء والشهوات والأغراض كل ممزق.
أما التوحيد فهو الهدف من إرسال الرسل ونزول الكتب، بل هو الهدف من خلق الإنسان والجان، وفي هذا يقول الله تعالى: «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ» [الذاريات:57، 58]. والتوحيد هو قلب القرآن فإذا فسد القلب توقفت ضرباته، وسكنت نبضاته وضاع الإيمان وهلك الإنسان، وفي هذا يقول الله تعالى لأشرف خلقه وخاتم رسله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: «وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ» [الزمر:65].
http://www.xzx4ever.com/vb/www.xzx4ever.com/vb/Extras/Fwasel%20%281%29.gif
ومن ثم فإن جماعة أنصار السنة المحمدية تركّز في دعوتها على التوحيد؛ لأن التوحيد يمنح المسلمَ مفتاحَ الحكمة، ويرقى به في معارج السمو، ويفتح له أبواب الكمال، فلا يتصرف إلا بهدي القرآن، ولا يسعى إلا بنوره، ولا يقتدي إلا برسول الله عليه الصلاة والسلام، ولا ينطق إلا بالصدق، ولا يتكلم إلا بالحق، ولا يتعامل مع زوجه وأولاده وعشيرته ووطنه وولي الأمر في بلده إلا بالإخلاص، حتى اللفظة يحسب حسابها، وحتى اللفتة يخشى خطرها؛ لأنه قد أدرك بالتوحيد أن الله وحده هو الذي يعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور.
والتوحيد مَدْعَاة للعزة، فهو يأمر المسلم ألا يذلَّ لأحد سوى الله، وأن يعلم أن الغيب لله، فلا يكتب الحجاب، ولا يفتح الكتاب، ولا يقبّل الأحجار والأعتاب، والتوحيد يدعو المسلم إلى معرفة الله في أسمائه وصفاته؛ كيما يدرك أنه وحده المَلِك كما يقول جل شأنه: «قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» [آل عمران:26].
http://www.xzx4ever.com/vb/www.xzx4ever.com/vb/Extras/Fwasel%20%281%29.gif
فإذا كان الله وحده هو الملك، فمن ذا الذي يتصرف في ملكه من نبي أو ولي أو شيخ؟!! ومن ذا الذي يتصرف في قوة أو ضعف؟! أو حياة أو موت؟! أو عز وذل؟! أو غنى وفقر؟! أو حياة وموت؟! أو سعة في الرزق أو تقتير فيه، إلا الله الملك؟!
والتوحيد هو عبادة الله الواحد، والإيمان به وحده لا شريك له، وأن الحُكْم له بوصفه الملك؛ فلا تستقر الأمور ولا تستقيم الأوضاع، ولا تسمو الأخلاق، ولا ينتصر الحق ويسود العدل، ولا يهدأ الاضطراب، ولا يسكن القلق إلا إذا رضي الملك، ولا يرضى الملك إلا إذا حُكِّمَ، وحكمُه وتشريعُه العدلُ، ودستورُه الخيرُ والبرُّ، وكتابُه النورُ، وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم هي الحكمة، وقانونه ونظامه الصدقُ، والهدى خير الهدى والإصلاح عين الإصلاح لا يكون إلا منه سبحانه.


وهو – أي التوحيد – يحفظ على المسلم إنسانيته، ويصون كرامته، فلا يَذِلّ للحجر، ولا يتبرك بالشجر، ولا يطوف بمقصورات الموتى، ولا يطلب النصرة إلا من الله، ولا يسأل إلا إياه، ولا يستعين إلا به، ولا يضرع إلا إليه وحده؛ لأن الله يقول وقوله الحق:

«تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» [الملك:1]، ومن ثم يأخذ المسلم أُهبته ويعُدّ عُدّته لمجابهة مشكلات الحياة وصروف الدهر في أناةٍ وحزم وصبر وعزم، ويسلك السنن الكونية التي أمر الله بها في كتابه، والتزمها الرسول صلى الله عليه وسلم في سنته وسلوكه.
http://www.xzx4ever.com/vb/www.xzx4ever.com/vb/Extras/Fwasel%20%281%29.gif
فإذا كان حاكمًا التزم العدلَ، ونبذ الظلمَ، وجعل الرحمةَ فوق العدل، والكرمَ فوق الرحمة، وبذا يستقيم له الأمر، ويثبت له السلطان في الأرض.
وإذا كان تاجرًا وجب أن يصدق الوعدَ، وأن يوفي بالعهد، وأن يقيم الوزن بالقسط ولا يخسر الميزان فزعًا وفَرَقًا من قوله تعالى: «وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ» [المطففين:1]، وبهذا تنمو ثروته وتربح تجارته.
وإذا كان موظفًا التزم الأمانة، ونبذ الخيانة ويسَّر على الناس أحوالَهم، وهوَّن عليهم أمورَهم، وصرَّف لهم شئونهم، فيرقى بذلك درجات عند الله، ويستولي على قلوب الناس، فتنطلق ألسنتُهم له بالدعاء والثناء، وإن كان عاملاً أحسن عملَه، وأتقن صنعتَه، ووفَّى لصاحب العمل حقَّه؛ تنفيذًا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه» [البيهقي في شعب الإيمان (5312) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، 3 / 106].
وإذا كان فلاحًا أو زارعَ أرض، فلح أرضه، وزرع حقله، وأحسن صنعه؛ متوكلاً على الله مؤمنًا بقوله تعالى في سورة الواقعة: «أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ» [الواقعة:63، 64]، فلا يلبث الزرع أن يبلغ نماءه حتى يسارع بإخراج زكاته؛ تنفيذًا لأمر الله عز وجل: «وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ» [الأنعام:141].
والقائد في جنده، والوالد في أهله وولده، والزوجة في بيتها، والغني في ماله، والموظف في ديوانه، كُلٌّ يخشى الله في تصرفاته، ويرقبه في كل أحواله، ويخافه في تدبير أموره، ويتقيه؛ طمعًا في رحمته، وخوفًا من عذابه؛ فتستقيم الأمور، وتصلح الأعمال، وتطيب الأقوال، والله يقول: «إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ» [فاطر:10].
http://www.xzx4ever.com/vb/www.xzx4ever.com/vb/Extras/Fwasel%20%281%29.gif
وفوق هذا، فإن تحقيق لا إله إلا الله تعدل السماوات والأرض وعامرهن غير الله،
عن أنس بن مالك رضي الله قال: شُجّ النبي صلى الله عليه وسلم يوم أُحُد وكُسرت رَباعيته، فقال: كيف يفلح قوم شجوا نبيهم، فنزل قول الله تعالى: «لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ» [آل عمران:128]. [متفق عليه].
وقضية التوحيد إذا أُثيرت وشابها شيء من الشرك، فإننا نرى غضب الله سبحانه يبدو أشد ما يكون وأوضح ما يكون، وإذا شئت فاقرأ قوله تعالى من سورة المائدة: «قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعًا» [المائدة:17].
ويتجلى ذلك أيضًا حينما تسمع القرآن الكريم وهو يعلن أن الله يغفر الذنوب جميعًا إلا الشرك فيقول الله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ» [النساء:48].
وقال تعالى: «وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ» [الزمر: 65]
فهذا إغلاظ في القول وعنف في الخطاب لأكرم خلق الله على الله ومصطفاه: محمد صلى الله عليه وسلم وللناس جميعًا؛ لأن التوحيد أخطر القضايا فهو قاعدة الانطلاق إلى البر والخير والهدى، والصلاح والإصلاح، والمودة والألفة، والوفاء والوئام، والمحبة والأخوة والسلام، وإذا انتفى التوحيد واستعلن الشرك، فالشر والضرّ والعقوق، والعبث والبغي والعَسَف والخسف، والكذب والفحش والغش والطغيان والظلم، وكل الموبقات، ومن بعد ذلك نَذْر لوليٍّ أو عَهْد من شيخ كفيل بتكفير تلك الذنوب!!!! وهذه المعاصي ومن ثَم فلا داعي لصيام ولا صلاة ولا ضرورة لحج أو زكاة، ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من كنّ فيه ذاق حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يُقذف في النار» [منفق عليه]. إيذانًا بأن الشرك والكفر سبيل إلى الجحيم في الدنيا والآخرة.
وبعدُ فالتوحيد هو سر السلام الكوني.
والحمد لله رب العالمين.
استودعكم الله
اللهم ثبتنا على دينك واختم بالصالحات اعمالنا اللهم اجعلنا بارين طائعين بوالدينا اللهم يا ذا الجلال و الإكرام يا حي يا قيوم ندعوك باسمك الأعظم الذي إذا دعيت به أجبت اللهم امين يا رب