المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحياء من الله تعالى ، صُوَره ، وأنواعه ، وآثاره



ابن القلعة
1-5-2011, 03:45 PM
http://img196.imageshack.us/img196/6789/48789341.jpg


الحياء من الله تعالى ، صُوَره ، وأنواعه ، وآثاره


http://img228.imageshack.us/img228/4606/77347505.jpg



السؤال: كيف - يا شيخ - أستحي من الله ؟ فالله يراني في الخلاء ، وعند قضاء الحاجة ، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول : إنه يجب علينا أن نستحي من الله كما نستحي من الرجل الصالح منا ، فمَن أستحي منه مِن البشر لا أريده أن يراني على هذه الأوضاع التي ذكرتها سابقاً ، فأخجل منه مِن أن يطلع على عورتي ويراني كذلك ، ولكن هذا يستحيل مع الله ، فكيف أستحي من الله ؟ وهل لهذا الحياء ثواب عند الله ؟


http://img217.imageshack.us/img217/4527/62335544.jpg


الجواب:
الحمد لله
سؤالك أخي الفاضل في محله ، وهو يدل على انتباه ، ونباهة ، فنسأل الله أن يزيدك هدى وتوفيقاً ، وأن تكون من حملة العلم والدعاة إلى الله .
وجواباً عليه نقول :


http://img217.imageshack.us/img217/4527/62335544.jpg

1. الحياء لغةً مصدر حيي ، وهو : تغيّر وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يعاب به ويذمّ ، وفي الشّرع : خلق يبعث على اجتناب القبيح من الأفعال والأقوال ، ويمنع من التّقصير في حقّ ذي الحق .
" الموسوعة الفقهية " ( 18 / 259 ) .


http://img217.imageshack.us/img217/4527/62335544.jpg


2. الحديث الذي ورد في سؤالك هو :
عَنْ سَعِيدِ بن يَزِيدَ الأَزْدِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَوْصِنِي ، قَالَ : أُوصِيكَ أَنْ تَسْتَحِيَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَمَا تَسْتَحِي مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ .
رواه الإمام أحمد في " الزهد " ( 46 ) ، والبيهقي في " شعب الأيمان " ( 6 / 145 ) والطبراني في " المعجم الكبير " ( 7738 ) ، وصححه الألباني في " الصحيحة " ( 741 ) .
قال المناوي – رحمه الله - :
( أوصيك أن تستحي من الله كما تستحي من الرجل الصالح من قومك ) قال ابن جرير : هذا أبلغ موعظة وأبْين دلالة بأوجز إيجاز ، وأوضح بيان ، إذ لا أحد من الفسقة إلا وهو يستحي من عمل القبيح عن أعين أهل الصلاح ، وذوي الهيئات والفضل ؛ أن يراه وهو فاعله ، والله مطلع على جميع أفعال خلقه ، فالعبد إذا استحى من ربه استحياءه من رجل صالح من قومه : تجنَّب جميع المعاصي الظاهرة ، والباطنة ، فيا لها مِن وصية ، ما أبلغها ، وموعظة ما أجمعها " انتهى .
" فيض القدير " ( 3 / 74 ) .

http://images.msoms-anime.net/images/58232608808487787018.jpg

ولذلك قال بعض السلف : خف الله على قدر قدرته عليك، واستحي منه على قدر قربه منك !!
قال الراغب الأصفهاني ـ رحمه الله ـ :
( حق الإنسان إذا همَّ بقبيح أن يتصور أجل من في نفسه حتى كأنه يراه ، فالإنسان يستحي ممن يكبر في نفسه ، ولذلك لا يستحي من الحيوان ، ولا من الأطفال ، ولا من الذين لا يميزون ، ويستحي من العالم أكثر مما يستحي من الجاهل ، ومن الجماعة أكثر ما يستحي من الواحد .
والذين يستحي منهم الإنسان ثلاثة : البشر ، وهم أكثر من يستحي منه ، ثم نفسه ، ثم الله تعالى ، ومن استحى من الناس ولم يستحي من نفسه : فنفْسه عنده أخس من غيره ، ومن استحى منها ولم يستح من الله : فلعدم معرفته بالله ، فالإنسان يستحيي ممن يعظمه ، ويعلم أنه يراه أو يسمع نجواه ، فيبكته ؛ ومن لا يعرف الله فكيف يعظمه، وكيف يعلم أنه مطلع عليه ؟"
انتهى . "الذريعة إلى مكارم الشريعة" ص (289) .


http://img217.imageshack.us/img217/4527/62335544.jpg

3. وما ذكرتَه أخي الفاضل ليس له دخل بالحياء في أصل صورته ؛ لأنه لا قضاء للحاجة ، ولا جماع ، ولا اغتسال إلا بكشف عورة ، وهذا أمرٌ معلوم ، لكن قد يفعل ذلك بعض من نزع الحياء من قلبه ، فتراه يتمشى في البيت وهو عريان ! أو يعبث بعورته أثناء قضائه لحاجته ، أو تراه يغتسل ولا يبالي بمن يراه من الناس ، وهكذا تختلف صور أولئك الذين يقضون حاجتهم ، أو يغتسلون بحسب ما في قلوبهم من الحياء .
عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنَ حَيْدَةَ الْقُشَيْرِيّ قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ ؟ قَالَ : احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ ، أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ ، قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا كَانَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ ، قَالَ : إِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا يَرَيَنَّهَا أَحَدٌ فَلَا يَرَيَنَّهَا ، قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا كَانَ أَحَدُنَا خَالِياً ، قَالَ : اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنْ النَّاسِ .
رواه الترمذي ( 2794 ) وأبو داود ( 4017 ) وابن ماجه ( 1920 ) ، وحسنه الألباني في " صحيح الترمذي " .
وقوله في الحديث : ( فَاَللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحَيَا مِنْهُ ) " أَيْ : فَاستتر [ يعني : مما أمر الله بالاستتار منه ] ، طَاعَة لَهُ وَطَلَبًا لِمَا يُحِبّهُ مِنْك وَيُرْضِيه ؛ وَلَيْسَ الْمُرَاد فَاسْتَتِرْ مِنْهُ ؛ إِذْ لَا يُمْكِن الِاسْتِتَار مِنْهُ جَلَّ ذِكْرُهُ وَثَنَاؤُهُ "
قاله السندي في حاشية ابن ماجة .

http://images.msoms-anime.net/images/58232608808487787018.jpg

وقد سئل ابن عباس ، رضي الله عنهما ، عن قول الله عز وجل : ( أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) هود/5 ، فَقَالَ : ( أُنَاسٌ كَانُوا يَسْتَحْيُونَ أَنْ يَتَخَلَّوْا فَيُفْضُوا إِلَى السَّمَاءِ وَأَنْ يُجَامِعُوا نِسَاءَهُمْ فَيُفْضُوا إِلَى السَّمَاءِ فَنَزَلَ ذَلِكَ فِيهِمْ ) . رواه البخاري (4681) .
يعني : أنهم كانوا يكرهون أَنْ يَقْضُوا الْحَاجَة فِي الْخَلَاء وَهُمْ عُرَاة .
كان الصدِّيق يقول : استحيوا من الله ؛ فإني أذهب إلى الغائط فأظل متقنعا بثوبي حياءً من ربي عز وجل !!
وكان أبو موسى إذا اغتسل في بيت مظلم لا يقيم صلبه حياء من الله عز وجل .
" فتح الباري " لابن رجب ( 1 / 52 ) .
ولكن هذا قدر زائد ، ومكرُمة عالية ، لا يؤمر بها كل الناس ، والإخلال بمثل هذا المقام ، لا يخل بأدب ولا دين ، مادام المرء قد حفظ عورته ، كما أمره نبيه صلى الله عليه وسلم ، وأعطى الحياء حقه ؛ فلم يقدم على قبيح في الشرع ، ولا مرذول في الأدب والأخلاق .

http://images.msoms-anime.net/images/58232608808487787018.jpg

وللفائدة :
ففي المسألة حديث مشهور ، لكنه ضعيف ، ينهى عن التعري عند قضاء الحاجة ، وعند الجماع ، وهو : ( إِيَّاكُمْ وَالتَّعَرِّيَ ؛ فَإِنَّ مَعَكُمْ مَنْ لَا يُفَارِقُكُمْ إِلَّا عِنْدَ الْغَائِطِ ، وَحِينَ يُفْضِي الرَّجُلُ إِلَى أَهْلِهِ ، فَاسْتَحْيُوهُمْ وَأَكْرِمُوهُمْ ) رواه الترمذي ( 2800 ) ، وفيه ليث بن أبي سليم ، وكان قد اختلط ، وضعفه الألباني في " إرواء الغليل " ( 64 ) .

http://images.msoms-anime.net/images/58232608808487787018.jpg

وانظر :
جواب السؤال رقم ( 45514 (http://www.islam-qa.com/ar/ref/45514)) هل يجوز للزوجين التجرد من الثياب وقت الجماع بدون أي غطاء ؟ .
وجواب السؤال رقم ( 6894 (http://www.islam-qa.com/ar/ref/6894) ) هل يجوز الاستحمام عرياناً ؟ .
وجواب السؤال رقم ( 21388 (http://www.islam-qa.com/ar/ref/21388) ) النوم عارياً .
والله أعلم

http://img232.imageshack.us/img232/8898/57861771.jpg

[ اللــيـــث ]
1-5-2011, 05:53 PM
ا
لسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا اخي الحبيب على الموضوع المهم جدا ..
تجرؤ العبد على المعاصي واستخفافه بالأوامر والنواهي الشرعية يدل على عدم إجلاله لربه وعدم مراقبته لربه
فالحياء من الله يكون باتباع الأوامر واجتناب النواهي.
قال يحيي بن معاذ: ( من استحى من الله مطيعاً استحى الله منه وهو مذنب ).
أي من غلب عليه خلق الحياء من الله حتى في حال طاعته فهو دائماً يحس
بالخجل من الله في تقصيره فيستحي أن يرى من يكرم عليه في حال يشينه عنده.
ثم قال يحيي بن معاذ: ( سبحان من يذنب عبده ويستحي هو ).
وفي الأثر: ( من استحيا الله منه ) ويجدر هنا أن ننبه إلى أن حياء الرب صفة من صفاته الثابتة بالكتاب
والسنة وهي كسائر صفاته عز وجل لا تدركها الأفهام ولا تكيفها العقول بل نؤمن بها من غير تشبيه ولا تكييف.
وحياء الله عز وجل صفة كمال تدل على الكرم والفضل والجود والجلال.

[مِسعَرُ حَرب
1-5-2011, 06:11 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

الله ينور عليك ،، هذا السؤال كان في بالي من زمان ،، رد شافي وكافي ..

وفق الله الشيخ ، وجزاه خيراً

وبارك الله فيك يا ابن القلعة الحبيب ... رزقك الله الفردوس الأعلى

Forest Girl
2-5-2011, 02:40 AM
وعليكم السلام ورحمة الله

بارك الله فيك
واردت ان اسالك
مالفرق بين الحياء والخشية من الله
ام انها نفس المعنى


وفقك الله
والسلام عليكم

سميد
2-5-2011, 11:17 AM
وعليكم سلام
الله يجزاك جنة عدن اخوي ابن القلعه
هنا يظهر معدن كل انسان
المنافق و المؤمن الحق
الخشيه من الله
يخشون البشر و لا يخشون رب الكون
الله يحفظك من كل مكروه و الله يبارك فيك

azooozs
2-5-2011, 03:22 PM
انار الله طريقك اخي المكرم ورفع الله قدرك

وهذا جواب صريح (لبعض النساء) لمن يزعم انه لابأس بمن يقوم بتغيير ملابسه امام جنسه من النساء


فبارك الله في عمرك وفي مجهودك المبارك


اخيك
azooozs

أبو رويم
2-5-2011, 10:59 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا أخى على الموضوع المهم جدا
ولقد سبقتنى بوضعك لهذا الموضوع
فبارك الله فيك ووفقك لكل خير

توفيا
3-5-2011, 12:20 AM
بارك الله فيك

أنس أسامة
4-5-2011, 04:38 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مشكور على هذا الموضوع المتميز و أتمنى أن يحفظك الرحمن من كل شر و سوء. تحياتي لك و للجميع.

ابن القلعة
6-5-2011, 03:13 PM
;2878303']ا
لسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا اخي الحبيب على الموضوع المهم جدا ..
تجرؤ العبد على المعاصي واستخفافه بالأوامر والنواهي الشرعية يدل على عدم إجلاله لربه وعدم مراقبته لربه
فالحياء من الله يكون باتباع الأوامر واجتناب النواهي.
قال يحيي بن معاذ: ( من استحى من الله مطيعاً استحى الله منه وهو مذنب ).
أي من غلب عليه خلق الحياء من الله حتى في حال طاعته فهو دائماً يحس
بالخجل من الله في تقصيره فيستحي أن يرى من يكرم عليه في حال يشينه عنده.
ثم قال يحيي بن معاذ: ( سبحان من يذنب عبده ويستحي هو ).
وفي الأثر: ( من استحيا الله منه ) ويجدر هنا أن ننبه إلى أن حياء الرب صفة من صفاته الثابتة بالكتاب
والسنة وهي كسائر صفاته عز وجل لا تدركها الأفهام ولا تكيفها العقول بل نؤمن بها من غير تشبيه ولا تكييف.
وحياء الله عز وجل صفة كمال تدل على الكرم والفضل والجود والجلال.

بسم الله الرحمن الرحيم

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

سلمنا كلانا فمن يرد علينا :)

وجزاك الله خيرا أخي الصغير على المرور المشرف فنورتنا بنورك وفقك الله

وشكر الله لك لا عدمنا إضافاتك أبدا أخي العزيز