جهاد الكلمة
8-5-2011, 11:37 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له.
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله.
-( يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته و لا تموتنّ إلا و أنتم مسلمون )-
-( يا أيها الذين ءامنوا اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ و خلق منها زوجها و بث منهما رجالاً كثيرا و نساء و اتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحامَ إن الله كان عليكم رقيباً )-
-( يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله و قولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم و من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزاً عظيماً )-
أما بعد:
فيسرني أن أقدّم لكم من باب نشر الخير :-
-[ صـيـانَـة الـحَــيـاء ]-
http://images.msoms-anime.net/images/51508110785882556094.jpg (http://www.almunajjid.com/lecture/1285)
محاضرة رائعة و ممتعة
للشيخ محمد بن صالح المنجد
حفظه الله
.:. تاريخ إلقاء المحاضرة : 8 / 4 / 1431 هـ .:.
.:. للتحميل إضغط على الصورة .:.
.:. عناصر تضمنتها المحاضرة لمن يحب القراءة .:.
-- الحياءُ رأسُ مكارم الأخلاق ، و نِظامُ عقدِ الإيمان ، و لباسُ التقوى و عنوانُ الوقار ، و منبَعُ الفضيلة و جلباب العفيفة و سِتْرُ الشريفة ، و حُلَّة الجمال و حِلْيَة الكمال ، و هو مسلكُ الشرفاء و حُجّة الأتقياء ، و خُلُق الأنبياء ، و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم أشد حياءً من العذراء في خِدرها [ 1 ] .
-- الحياء فرقان ما بين النفيس و الخسيس ، و خُلُق يبعث على فعل كل مليح ، و ترك كل قبيح ، أفضل الأخلاق و أعظمها و أرفعها .
-- مَنْ لبس ثوبَ الحياء استوجب من الخلق الثناء ، و مالت إليه القلوب و نال كل محبوب .
-- الحياء مِنْ خصائص الإنسان فطرة ، فخصَّ به الإنسان من دون المخلوقات ، فــمَـنْ لا حياء له ليس معه إنسانية .
-- قال الشاعر :
فلا و الله ما في العيش خير .:. و لا الدنيا إذا ذهب الحياء
يعيش المرء ما استحيا بخير .:. و يبقى العود ما بقي اللحاءُ
= فالشجرة تبقى ما دامت قشرتها عليها ، و هو اللّحاء ، فإذا أزيلت القشرة يبست الشجرة و تلِفت و هكذا يعيش بنوا آدم في سعادة مع هذا الخُلُق الكريم ، فإذا فقدوه هلكوا .
-- مَنْ لا حياءَ فيه فهو ميّت في الدنيا شقيّ في الآخرة .
-- الحياءُ فطرةٌ و غريزة في الإنسان ؛ قال الله تعالى [ فَلَمَّا ذَاقَا ٱلشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَٰتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ ] -- الآية 22 من سورة الأعراف -- .
-- الحياءُ فطرة و لا يتعرّى و يتكشّف الإنسان إلا بفساد هذه الفطرة .
-- الإزدياد من الحياء يكون بالاكتساب ، و ليس هنالك خُلُق إلاّ و يمكن للإنسان الاستزادة منه بالمجاهدة و حمل النفس عليه .
-- " إنما العلم بالتعلّم ، و إنمّا الحِلم بالتحلّم ، و مَنْ يتحرّى الخيرَ يُـعْـطَـهُ " [ 2 ] .
-- لم يزل الحياء ممدوحاً على ألسن الأنبياء و المرسلين ، و مأموراً به في شرائع الأوّلين و الآخِرين ، و كان مِنْ توصية الأنبياء من قبل .
-- قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى : إذا لم تستح فاصنع ما شئتَ " [ 3 ] .
-- قال الحسن -- رحمه الله -- ( أربعٌ مَنْ كُـنَّ فيه كان كاملاً ، و مَنْ تعلّق بواحدة منهنّ كان مِنْ صالحي قومه :
دينٌ يُرشِدهُ
و عقلٌ يٌسدِّدهُ
و حَسَبٌ يصونُه
و حَياءٌ يقوده ، يُكسِبُ صاحبَه وقاراً و بهاءً ، و يحملُه على ترك المقابح و فعل المكارم ) .
-- الحياءُ مِنْ صفات الله تعالى ؛ قال عليه الصلاة و السلام " إن الله حيّيٌ كريم " [ 4 ] .
-- الحياءُ مِنَ الأخلاق التي يُحبّها الله عز و جل ؛ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن الله عز و جل حليمٌ ، حييٌّ ، سِتّيرٌ يحب الحياءَ و السَّترَ " [ 5 ] .
-- الحياءُ من أخلاق ملائكة الرحمن ؛ كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة " [ 6 ] .
-- الحياءُ مِنْ أخلاق محمد صلى الله عليه و سلم و هو علّمنا و قال " الحياءُ لا يأتي إلا بخير " [ 7 ] ، و في لفظ " الحياءُ كلُّه خير " [ 8 ] .
-- الحياءُ من الإيمان ؛ كما مرَّ النبي صلى الله عليه و سلم على رجل و هو يعظ أخاه في الحياء [ 9 ] ، فقال صلى الله عليه و سلم [ 10 ] " دعه فإن الحياء من الإيمان " [ 11 ] .
-- قـلّـة الحياء شعبة من الكفر ؛ كما قال ابن القيّم رحمه الله .
-- الحياءُ و الإيمان قرينان ؛ كما قال ابن عمر -- رضي الله عنهما -- " إن الحياءَ و الإيمان قُرنا جميعاً فإذا رُفِعَ أحدُهما رُفِعَ الآخَر " [ 12 ] .
-- يقول إياسُ بن معاوية : كنتُ عند عمر بن عبد العزيز فذُكرَ عنده الحياء ، فقالوا " الحياءُ من الدين " ، فقال عمر " بل هو الدين كلّه " .
-- الحياءُ حياة القلوب ، فإذا فقده القلب استحسنَ القبيح و استقبح الحَسَنَ و حينئذٍ فقد استحكم فساده .
-- الحياءُ مطلوب في كل شيء : في الأقوال ، في الأفعال ، في الألبسة ، في التصرّفات ، في الحركات ؛ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ما كانَ الفُحشُ في شيءٍ قط إلاّ شانَه ، و لا كانَ الحياءُ في شيءٍ قط إلا زانَه " [ 13 ] .
-- إنعدام الحياء علامة على موت القلب و الروح .
-- الحياءُ مشتق من الحياة اسماً و حقيقة ، فأكمل الناسِ حياة أكملهم حياءً ، و نُقصانُ حياءِ المرء من نُقصان حياته ؛ قال مالكُ بن دينار " ما عاقب الله قلباً بأشد من أن يسلب منه الحياء " .
-- الحياءُ يحول بين المرء و بين المزجورات كلها ، و بقوّته يَضعُفُ ارتكابُهُ لها ، و بضعفه تقوى المباشرة بهذه المزجورات ؛
و رُبَّ قبيحة ما حال بيني و بين ركوبها إلا الحياءُ
فكان هو الدواء و لكن إذا ذهب الحياءُ فلا دواء
-- أعظم الحياءِ و رأسُه الحياءُ من الله تعالى .
-- الحياءُ حياة المرأة و حِليتها ، جميلٌ و بالمرأة أجمل ؛ لأنه بالمرأة ألصق ، و قد جعل الله فيها هذه الخصلة كي تستتر و تحتجب ، فتكفّ و تعف و لا يطمعُ فيها الذي في قلبه مرض .
-- لمّا قلَّ الحياءُ حصلَ الانحراف ، و كثرت الفواحش ، و وصلنا إلى حال نجد فيها أشياء عجيبة منكرة من الفتيات في سن مبكّرة :
إن الفتاة حديقة و حياؤها كالماء موقوفاً عليه بقاؤها
لا خير في حُسْنِ الفتاة و علمها إن كان في غير الصلاح رضاؤها
فجمالُها وقفٌ عليها إنما للناس منها دينها و حياؤها
= و قال الله تعالى في قصّة موسى -- عليه السلام -- مع بنت الرجل الصالح [ فَجَآءَتْهُ إِحْدَىٰهُمَا تَمْشِى عَلَى ٱسْتِحْيَآءٍۢ قَالَتْ إِنَّ أَبِى يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ] -- من الآية 25 من سورة القصص -- ، ذكرَ الشيخ حفظه الله هنا كلاماً من ذهب .
= و حتى أهل الجاهلية كان الحياء عند بعض نسائهم معروفاً ، فكيف ينبغي أن يكون عند نساء اليوم .
= رأى رجل شعر امرأة قرشيّة فقصّتُه و قالت " لا أريد شعراً إكتحل به نظر غير ذي محرَم " .
-- كان الحياء السِّمة البارزة عند نساء السلف ، فــكن دُرراً مصونة و لآلئ مكنونة ، لا خرّاجات ولاّجات ، و إنما طاهرات عفيفات :-
= عن عائشة أم المؤمنين -- رضي الله عنها -- قالت : جاءت هند بنت عتبة بن ربيعة تبايع النبي صلى الله عليه و سلم ، فأخذ عليها [ 14 ] [ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُؤْمِنَـٰتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰٓ أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِٱللَّهِ شَيْـًۭٔا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَـٰدَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَـٰنٍۢ يَفْتَرِينَهُۥ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِى مَعْرُوفٍۢ ۙ فَبَايِعْهُنَّ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُنَّ ٱللَّهَ ۖ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌۭ رَّحِيمٌۭ ] -- الآية 12 من سورة الممتحنة -- ، قالت : فوضعت يدها على رأسها حياءً [ 15 ] ، فأعجبَ رسول الله صلى الله عليه و سلم ما رأى منها . [ 16 ] .
= و قالت فاطمة -- رضي الله عنها -- لأسماء بنت عُميس -- رضي الله عنها -- : إني قد استقبحتُ ما يُصنع بالنساء [ 17 ]، أن يُطرح على المرأة الثوبَ فيصفها [ 18 ] .
فقالت : يابنت رسول الله -- صلى الله عليه و سلم -- ألا أريكِ شيئاً رأيتُه بأرض الحبشة ؟
فدَعَت بجرائدَ رطبة ، ثم حَـنَـتها ، ثمَّ طرحت عليها ثوباً ، فصارَ كالـقُـبَّـة المستورة .
فقالت فاطمة -- رضي الله عنها -- " ما أحسنَ هذا و أجملَه " [ 19 ] .
===================[ هوامش ] :-
[ 1 ] أخرجه البخاري رحمه الله برقم 6119 .
[ 2 ] حسّنه الألباني رحمه الله في صحيح الجامع برقم 2328 ، و روى البخاري رحمه الله شطره الأول " إنما العلم بالتعلّم " ، في كتاب العلم ، الباب العاشر باب العلم قبل القول و العمل ، و بيّنَ الحافظ ابن حجر رحمه الله أن الحديث ورد عن النبي صلى الله عليه و سلم بلفظ " يا أيها الناس تعلّموا ، إنما العلم بالتعلّم ، و الفقه بالتفقّه ، و مَنْ يرد الله به خيراً يفقّهه في الدين " و قال " إسناده حسن " ، ثم قال " و المعنى ليس العلم المعتبر إلا المأخوذ من الأنبياء و ورثتهم على سبيل التعلّم " .
[ 3 ] أخرجه البخاري رحمه الله برقم 6120 .
[ 4 ] رواه الترمذي برقم 3556 ، و هو حديث صحيح .
[ 5 ] رواه النسائي ، و هو حديث صحيح كما في " صحيح سنن النسائي للشيخ الألباني برقم 404 .
[ 6 ] رواه مسلم برقم 2401 ، و الرجل عثمان رضي الله عنه .
[ 7 ] رواه البخاري برقم 6117 ، و مسلم برقم 37 .
[ 8 ] رواه مسلم برقم 37 .
[ 9 ] أي : ينهاه عنه و يزجره عن كثرته ، و كأنه يقول أضر بك و أذهب حقوقك و عطّل مصالحكَ .
[ 10 ] لهذا الإنسان .
[ 11 ] رواه البخاري برقم 24 و مسلم برقم 36 ، مع اختلاف يسير .
[ 12 ] و جاءَ مرفوعاً أيضاً .
[ 13 ] رواه ابن ماجه ، و صحّحه الألباني كما في صحيح سنن ابن ماجه برقم 3393 .
[ 14 ] تعني : العهد و الميثاق .
[ 15 ] ؛ مجرّد مرور ذكر الزنا !
[ 16 ] رواه أحمد و قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح .
[ 17 ] يعني إذا حُملت على النعش .
[ 18 ] إستقبحت أن الميّتة تُغطّى بغطاء ينسدل على جسمها فتظهر من فوق الغطاء بعض أعضاءها ، و كون الغطاء يلتصق فوق بعض أعضاء الميّتة .
و أسماءُ بيت عُميس -- رضي الله عنها -- من المهاجرات الأُوَل ، و ذهبت إلى الحبشة ثم جاءت إلى المدينة ، فهي من أهل الهجرتيْن .
[ 19 ] رواه البيهقي ، و حسّنه الذهبي .
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له.
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله.
-( يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته و لا تموتنّ إلا و أنتم مسلمون )-
-( يا أيها الذين ءامنوا اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ و خلق منها زوجها و بث منهما رجالاً كثيرا و نساء و اتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحامَ إن الله كان عليكم رقيباً )-
-( يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله و قولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم و من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزاً عظيماً )-
أما بعد:
فيسرني أن أقدّم لكم من باب نشر الخير :-
-[ صـيـانَـة الـحَــيـاء ]-
http://images.msoms-anime.net/images/51508110785882556094.jpg (http://www.almunajjid.com/lecture/1285)
محاضرة رائعة و ممتعة
للشيخ محمد بن صالح المنجد
حفظه الله
.:. تاريخ إلقاء المحاضرة : 8 / 4 / 1431 هـ .:.
.:. للتحميل إضغط على الصورة .:.
.:. عناصر تضمنتها المحاضرة لمن يحب القراءة .:.
-- الحياءُ رأسُ مكارم الأخلاق ، و نِظامُ عقدِ الإيمان ، و لباسُ التقوى و عنوانُ الوقار ، و منبَعُ الفضيلة و جلباب العفيفة و سِتْرُ الشريفة ، و حُلَّة الجمال و حِلْيَة الكمال ، و هو مسلكُ الشرفاء و حُجّة الأتقياء ، و خُلُق الأنبياء ، و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم أشد حياءً من العذراء في خِدرها [ 1 ] .
-- الحياء فرقان ما بين النفيس و الخسيس ، و خُلُق يبعث على فعل كل مليح ، و ترك كل قبيح ، أفضل الأخلاق و أعظمها و أرفعها .
-- مَنْ لبس ثوبَ الحياء استوجب من الخلق الثناء ، و مالت إليه القلوب و نال كل محبوب .
-- الحياء مِنْ خصائص الإنسان فطرة ، فخصَّ به الإنسان من دون المخلوقات ، فــمَـنْ لا حياء له ليس معه إنسانية .
-- قال الشاعر :
فلا و الله ما في العيش خير .:. و لا الدنيا إذا ذهب الحياء
يعيش المرء ما استحيا بخير .:. و يبقى العود ما بقي اللحاءُ
= فالشجرة تبقى ما دامت قشرتها عليها ، و هو اللّحاء ، فإذا أزيلت القشرة يبست الشجرة و تلِفت و هكذا يعيش بنوا آدم في سعادة مع هذا الخُلُق الكريم ، فإذا فقدوه هلكوا .
-- مَنْ لا حياءَ فيه فهو ميّت في الدنيا شقيّ في الآخرة .
-- الحياءُ فطرةٌ و غريزة في الإنسان ؛ قال الله تعالى [ فَلَمَّا ذَاقَا ٱلشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَٰتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ ] -- الآية 22 من سورة الأعراف -- .
-- الحياءُ فطرة و لا يتعرّى و يتكشّف الإنسان إلا بفساد هذه الفطرة .
-- الإزدياد من الحياء يكون بالاكتساب ، و ليس هنالك خُلُق إلاّ و يمكن للإنسان الاستزادة منه بالمجاهدة و حمل النفس عليه .
-- " إنما العلم بالتعلّم ، و إنمّا الحِلم بالتحلّم ، و مَنْ يتحرّى الخيرَ يُـعْـطَـهُ " [ 2 ] .
-- لم يزل الحياء ممدوحاً على ألسن الأنبياء و المرسلين ، و مأموراً به في شرائع الأوّلين و الآخِرين ، و كان مِنْ توصية الأنبياء من قبل .
-- قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى : إذا لم تستح فاصنع ما شئتَ " [ 3 ] .
-- قال الحسن -- رحمه الله -- ( أربعٌ مَنْ كُـنَّ فيه كان كاملاً ، و مَنْ تعلّق بواحدة منهنّ كان مِنْ صالحي قومه :
دينٌ يُرشِدهُ
و عقلٌ يٌسدِّدهُ
و حَسَبٌ يصونُه
و حَياءٌ يقوده ، يُكسِبُ صاحبَه وقاراً و بهاءً ، و يحملُه على ترك المقابح و فعل المكارم ) .
-- الحياءُ مِنْ صفات الله تعالى ؛ قال عليه الصلاة و السلام " إن الله حيّيٌ كريم " [ 4 ] .
-- الحياءُ مِنَ الأخلاق التي يُحبّها الله عز و جل ؛ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن الله عز و جل حليمٌ ، حييٌّ ، سِتّيرٌ يحب الحياءَ و السَّترَ " [ 5 ] .
-- الحياءُ من أخلاق ملائكة الرحمن ؛ كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة " [ 6 ] .
-- الحياءُ مِنْ أخلاق محمد صلى الله عليه و سلم و هو علّمنا و قال " الحياءُ لا يأتي إلا بخير " [ 7 ] ، و في لفظ " الحياءُ كلُّه خير " [ 8 ] .
-- الحياءُ من الإيمان ؛ كما مرَّ النبي صلى الله عليه و سلم على رجل و هو يعظ أخاه في الحياء [ 9 ] ، فقال صلى الله عليه و سلم [ 10 ] " دعه فإن الحياء من الإيمان " [ 11 ] .
-- قـلّـة الحياء شعبة من الكفر ؛ كما قال ابن القيّم رحمه الله .
-- الحياءُ و الإيمان قرينان ؛ كما قال ابن عمر -- رضي الله عنهما -- " إن الحياءَ و الإيمان قُرنا جميعاً فإذا رُفِعَ أحدُهما رُفِعَ الآخَر " [ 12 ] .
-- يقول إياسُ بن معاوية : كنتُ عند عمر بن عبد العزيز فذُكرَ عنده الحياء ، فقالوا " الحياءُ من الدين " ، فقال عمر " بل هو الدين كلّه " .
-- الحياءُ حياة القلوب ، فإذا فقده القلب استحسنَ القبيح و استقبح الحَسَنَ و حينئذٍ فقد استحكم فساده .
-- الحياءُ مطلوب في كل شيء : في الأقوال ، في الأفعال ، في الألبسة ، في التصرّفات ، في الحركات ؛ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ما كانَ الفُحشُ في شيءٍ قط إلاّ شانَه ، و لا كانَ الحياءُ في شيءٍ قط إلا زانَه " [ 13 ] .
-- إنعدام الحياء علامة على موت القلب و الروح .
-- الحياءُ مشتق من الحياة اسماً و حقيقة ، فأكمل الناسِ حياة أكملهم حياءً ، و نُقصانُ حياءِ المرء من نُقصان حياته ؛ قال مالكُ بن دينار " ما عاقب الله قلباً بأشد من أن يسلب منه الحياء " .
-- الحياءُ يحول بين المرء و بين المزجورات كلها ، و بقوّته يَضعُفُ ارتكابُهُ لها ، و بضعفه تقوى المباشرة بهذه المزجورات ؛
و رُبَّ قبيحة ما حال بيني و بين ركوبها إلا الحياءُ
فكان هو الدواء و لكن إذا ذهب الحياءُ فلا دواء
-- أعظم الحياءِ و رأسُه الحياءُ من الله تعالى .
-- الحياءُ حياة المرأة و حِليتها ، جميلٌ و بالمرأة أجمل ؛ لأنه بالمرأة ألصق ، و قد جعل الله فيها هذه الخصلة كي تستتر و تحتجب ، فتكفّ و تعف و لا يطمعُ فيها الذي في قلبه مرض .
-- لمّا قلَّ الحياءُ حصلَ الانحراف ، و كثرت الفواحش ، و وصلنا إلى حال نجد فيها أشياء عجيبة منكرة من الفتيات في سن مبكّرة :
إن الفتاة حديقة و حياؤها كالماء موقوفاً عليه بقاؤها
لا خير في حُسْنِ الفتاة و علمها إن كان في غير الصلاح رضاؤها
فجمالُها وقفٌ عليها إنما للناس منها دينها و حياؤها
= و قال الله تعالى في قصّة موسى -- عليه السلام -- مع بنت الرجل الصالح [ فَجَآءَتْهُ إِحْدَىٰهُمَا تَمْشِى عَلَى ٱسْتِحْيَآءٍۢ قَالَتْ إِنَّ أَبِى يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ] -- من الآية 25 من سورة القصص -- ، ذكرَ الشيخ حفظه الله هنا كلاماً من ذهب .
= و حتى أهل الجاهلية كان الحياء عند بعض نسائهم معروفاً ، فكيف ينبغي أن يكون عند نساء اليوم .
= رأى رجل شعر امرأة قرشيّة فقصّتُه و قالت " لا أريد شعراً إكتحل به نظر غير ذي محرَم " .
-- كان الحياء السِّمة البارزة عند نساء السلف ، فــكن دُرراً مصونة و لآلئ مكنونة ، لا خرّاجات ولاّجات ، و إنما طاهرات عفيفات :-
= عن عائشة أم المؤمنين -- رضي الله عنها -- قالت : جاءت هند بنت عتبة بن ربيعة تبايع النبي صلى الله عليه و سلم ، فأخذ عليها [ 14 ] [ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُؤْمِنَـٰتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰٓ أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِٱللَّهِ شَيْـًۭٔا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَـٰدَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَـٰنٍۢ يَفْتَرِينَهُۥ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِى مَعْرُوفٍۢ ۙ فَبَايِعْهُنَّ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُنَّ ٱللَّهَ ۖ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌۭ رَّحِيمٌۭ ] -- الآية 12 من سورة الممتحنة -- ، قالت : فوضعت يدها على رأسها حياءً [ 15 ] ، فأعجبَ رسول الله صلى الله عليه و سلم ما رأى منها . [ 16 ] .
= و قالت فاطمة -- رضي الله عنها -- لأسماء بنت عُميس -- رضي الله عنها -- : إني قد استقبحتُ ما يُصنع بالنساء [ 17 ]، أن يُطرح على المرأة الثوبَ فيصفها [ 18 ] .
فقالت : يابنت رسول الله -- صلى الله عليه و سلم -- ألا أريكِ شيئاً رأيتُه بأرض الحبشة ؟
فدَعَت بجرائدَ رطبة ، ثم حَـنَـتها ، ثمَّ طرحت عليها ثوباً ، فصارَ كالـقُـبَّـة المستورة .
فقالت فاطمة -- رضي الله عنها -- " ما أحسنَ هذا و أجملَه " [ 19 ] .
===================[ هوامش ] :-
[ 1 ] أخرجه البخاري رحمه الله برقم 6119 .
[ 2 ] حسّنه الألباني رحمه الله في صحيح الجامع برقم 2328 ، و روى البخاري رحمه الله شطره الأول " إنما العلم بالتعلّم " ، في كتاب العلم ، الباب العاشر باب العلم قبل القول و العمل ، و بيّنَ الحافظ ابن حجر رحمه الله أن الحديث ورد عن النبي صلى الله عليه و سلم بلفظ " يا أيها الناس تعلّموا ، إنما العلم بالتعلّم ، و الفقه بالتفقّه ، و مَنْ يرد الله به خيراً يفقّهه في الدين " و قال " إسناده حسن " ، ثم قال " و المعنى ليس العلم المعتبر إلا المأخوذ من الأنبياء و ورثتهم على سبيل التعلّم " .
[ 3 ] أخرجه البخاري رحمه الله برقم 6120 .
[ 4 ] رواه الترمذي برقم 3556 ، و هو حديث صحيح .
[ 5 ] رواه النسائي ، و هو حديث صحيح كما في " صحيح سنن النسائي للشيخ الألباني برقم 404 .
[ 6 ] رواه مسلم برقم 2401 ، و الرجل عثمان رضي الله عنه .
[ 7 ] رواه البخاري برقم 6117 ، و مسلم برقم 37 .
[ 8 ] رواه مسلم برقم 37 .
[ 9 ] أي : ينهاه عنه و يزجره عن كثرته ، و كأنه يقول أضر بك و أذهب حقوقك و عطّل مصالحكَ .
[ 10 ] لهذا الإنسان .
[ 11 ] رواه البخاري برقم 24 و مسلم برقم 36 ، مع اختلاف يسير .
[ 12 ] و جاءَ مرفوعاً أيضاً .
[ 13 ] رواه ابن ماجه ، و صحّحه الألباني كما في صحيح سنن ابن ماجه برقم 3393 .
[ 14 ] تعني : العهد و الميثاق .
[ 15 ] ؛ مجرّد مرور ذكر الزنا !
[ 16 ] رواه أحمد و قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح .
[ 17 ] يعني إذا حُملت على النعش .
[ 18 ] إستقبحت أن الميّتة تُغطّى بغطاء ينسدل على جسمها فتظهر من فوق الغطاء بعض أعضاءها ، و كون الغطاء يلتصق فوق بعض أعضاء الميّتة .
و أسماءُ بيت عُميس -- رضي الله عنها -- من المهاجرات الأُوَل ، و ذهبت إلى الحبشة ثم جاءت إلى المدينة ، فهي من أهل الهجرتيْن .
[ 19 ] رواه البيهقي ، و حسّنه الذهبي .