المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الوازع الدينى والطريق المستقيم



عُبيدة
16-9-2011, 12:57 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... وبعد
إن الإنسان المسلم يقوم بتطبيق شرع الله ومنهجه على قدر إيمانه وعلمه وثقته بالله _سبحانه وتعالى_ فهناك صلة وثيقة بين ما يلتزم به المسلم في سلوكياته وأفعاله وبين درجة إيمانه، فكلما ازداد إيماناً وعلماً كان تطبيقه للشرع على قدر ذلك الإيمان وقوته، وكلما ضعف إيمانه وقلَّ علمه انعكس على التزامه فابتعد عن طريق الشرع وركن إلى نفسه وأهوائها، وذلك تصديقاً لقوله _تعالى_: "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ" (فاطر: من الآية28).
"ولما كان الجهل بالشرع ومقاصده أحد الأسباب الكبيرة التي تؤدي إلى الفتن وغوائلها فإن الفقه في الدين وتجريد اتِّباع الرسول _صلى الله عليه وسلم_ هما الواقيان _بإذن الله تعالى_ من شر الفتن قبل وقوعها، كما أنهما الدواءان والعلاجان للفتن بعد وقوعها؛ كل ذلك على افتراض الإخلاص ونبذ الهوى؛ لأن دور العلم هو كشف الشبهات وبيان الغي من الرشد والحق من الباطل".
اعلم اخى واختى ان
الطريق إلى الجنة صراط مستقيم، وهو الطريق الذي يسير عليه أنبياء الله ورسله، والصالحون من عباده الذين هداهم الله تعالى صراطًا مستقيمًا، وآتاهم من لدنه أجرًا عظيمًا، وهو الطريق الذي يطلب العابدون من ربهم الهداية إليه في صلواتهم قال الله جل ثناؤه إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ الفاتحة
وقال تعالى وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا وَإِذًا لآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا النساء
http://up.hnona.com/uploads/images/hnona.com-11357b3f05.gif
الاستقامة طريقك إلى الجنة

والسائرون على هذا الطريق المستقيم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، يسيرون خلف الدليل الهادي إلى باب الجنة؛ ليستفتح لهم، فيدخلون الجنة بغير
حساب ولا عذاب
قال رسول الله «أنا أكثر الأنبياء تبعًا يوم القيامة، وأنا أول من يقرع باب الجنة» مسلم
وقَالَ «آتِي بَابَ الْجَنّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَسْتَفْتِحُ فَيَقُولُ الْخَازِنُ مَنْ أَنْتَ؟ فَأَقُولُ مُحَمّدٌ، فَيَقُولُ بِكَ أُمِرْتُ لاَ أَفْتَحُ لأَحَدٍ قَبْلَكَ» مسلم
وقال الله جل ثناؤه إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ فصلت
وقال الله تبارك وتعالى إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ الأحقاف
وقال رب العزة والجلال وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا الجن
وعن سفيان بن عبد الله الثقفي رضي الله عنه قال «قلت يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحدًا غيرك قال قل «آمنت بالله، ثم استقم» مسلم
قال ابن القيم سئل صديق الأمة، وأعظمها استقامةً أبو بكر الصديق رضي الله عنه عن الاستقامة؟ فقال أن لا تشرك بالله شيئًا يريد الاستقامة على محض التوحيد
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه الاستقامة أن تستقيم على الأمر والنهي، ولا تروغ روغان الثعالب
وقال عثمان بن عفان رضي الله عنه استقاموا أخلصوا العمل لله
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه وابن عباس رضي الله عنهما استقاموا أدوا الفرائض
وقال الحسن استقاموا على أمر الله، فعملوا بطاعته، واجتنبوا معصيته
وقال مجاهد استقاموا على شهادة أن لا إله إلا الله حتى لحقوا بالله
وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول استقاموا على محبته وعبوديته؛ فلم يلتفتوا عنه يمنة ولا يسرة

http://www.mamarocks.com/np27.gif
المطلوب من العبد الاستقامة،
وهي السداد؛ فإن لم يقدر عليها، فالمقاربة، فإن نزل عنها فالتفريط والإضاعة، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال «سددوا، وقاربوا، واعلموا أنه لن ينجو أحدٌ منكم بعمله قالوا ولا أنت يا رسول الله؟ قال ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل» متفق عليه
فجمَع في هذا الحديث مقامات الدين كلها، فأمر بالاستقامة، وهي السداد والإصابة في النيات والأقوال والأعمال، وأخبر أنهم لا يطيقونها، فنقلهم إلى المقاربة، وهي أن يقربوا من الاستقامة بحسب طاقتهم كالذي يرمي إلى الغَرَض؛ فإن لم يُصبْه؛ يُقاربه، ومع هذا فأخبرهم أن الاستقامة والمقاربة لا تنجّي يوم القيامة؛ إلا إذا صاحبَها فضل الله وعفوه ورحمته، فلا يركن أحد إلى عمله، ولا يُعجب به، ولا يرى أن نجاته به وحده، بل إنما نجاته برحمة الله وعفوه وفضله، كما قال رسول الله «استقيموا، ولن تُحْصُوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن» ابن ماجه وصححه الألباني
فالاستقامة كلمة جامعة، آخذة بمجامع الدين، وهي القيام بين يدي الله على حقيقة الصدق والوفاء بالعهد، والاستقامة تتعلق بالأقوال والأفعال، والأحوال والنيات، فالاستقامة فيها وقوعها لله، وبالله، وعلى أمر الله
http://www12.0zz0.com/2010/08/22/12/182773500.gif
وقال بعضهم كن صاحب الاستقامة، لا طالب الكرامة؛ فإن نفسك متحركة في طلب الكرامة، وربك يطالبك بالاستقامة
وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله تعالى روحه يقول أعظم الكرامة لزوم الاستقامة اهـ مدارج السالكين منزلة الاستقامة
فالاستقامة إذن كلمة جامعة للخير، ولجميع السجايا الحميدة، والخلال الكريمة، وأسمى ما يطلبه الإنسان في هذه الحياة أن يُوصف بأنه مستقيم
وكلمة الاستقامة تفيد معنى الاعتدال والاستواء، يقال استقام له الأمر، أي اعتدل، كما في الحديث عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله «سووا صفوفكم؛ فإن تسوية الصف من تمام الصلاة» متفق عليه
وفي رواية للبخاري «فإن تسوية الصفوف من إقام الصلاة» أي جعلها سليمة معتدلة
وكلمة الاستقامة مشتقة من مادة القيام ، وفي هذه المادة معنى الملازمة والمحافظة والثبات، وعلى هذا جاء قول الحق سبحانه وتعالى إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا آل عمران أي ملازمًا محافظًا
وقد تأتي المادة بمعنى الإصلاح والنهوض بالتبعات، ومن ذلك قول الله تبارك وتعالى الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ النساء
ومن هذا نفهم أن الاستقامة في الإسلام هي الإقامة على دين الله، والدوام على هدى الله عز وجل، والاستمرار في التقيد بقيوده، والوقوف عند حدوده، والاستجابة لأوامره، والانتهاء عن محارمه
إن جميع الأنبياء صلوات الله عليهم كانت رسالاتهم والهدف منها أن يستقيم الناس، وتستقيم بهم أحوالهم، وتستقيم بهم دنياهم، وتستقيم بهم أمور آخرتهم
قال الله تعالى لنبيه محمد فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ هود
فأمر الله عز وجل نبيه محمدًا أن يستقيم، ومن تاب معه على جادة الحق، وألا يجاوزوا ما أُمروا به، فذلك هو الطغيان
والمسلم يجب أن يكون ملتزمًا بمنهاج الاستقامة، وما يتطلبه هذا المنهاج من آداب وأخلاق حسنة
http://www.ibtesama.com/vb/imgcache2/153310.gif
الابتعاد عن الطرق الشيطانية المنحرفة
قال الله جل جلاله وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الأنعام
أي أن صراط الله تعالى وطريقه الذي جعله منهجًا للسلوك مستقيمًا لا عوج فيه، وأن على الناس أن يتبعوا الطريق السوي، وأنهم إذا اتبعوه، وساروا عليه؛ أمنوا من الزيغ والضلال في الدنيا، وسعدوا برضوان الله تعالى ونعيمه في الآخرة
وإذا انحرفوا عن صراط الله، واتخذوا طرقًا أخرى ابتدعوها من تلقاء أنفسهم؛ تفرقوا عن سبيل الله، وحادوا عنه، واستحقوا الضلال، وتعرضوا للنكال بإعراضهم عن هداية الله تعالى
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالاً بَعِيدًا إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا النساء
إن هذه وصايا الله العلي القدير لعباده؛ لتحصل لهم الاستقامة كما في الحديث «خط النبي خطًا مستقيمًا، وخط عن يمينه خطوطًا، وعن شماله خطوطًا، ثم قال مشيرًا إلى الخط المستقيم هذه سبيل الله، وقال مشيرًا إلى الخطوط التي عن يمينه وعن شماله هذه سُبُل، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه، ثم قرأ الرسول الكريم وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الأنعام رواه أحمد والحاكم وصححه ووافقه الذهبي
لقد جعل الله تعالى «الصراط المستقيم» مطلبًا للمؤمنين، يرجون ربهم لتحقيقه لهم، فيدعون بذلك في كل ركعة من صلواتهم حينما يقولون اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ
http://www.al-wed.com/pic-vb/869.gif
وإذا كان الإنسان محتاجًا دون شك إلى دليل يدله على طريق الاستقامة، وإلى رائد يقوده على ذلك الطريق؛ فإن خير دليل وأصدق رائد في هذا المجال هو كتاب الله تعالى، وسنة نبيه
قال جل جلاله إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا الإسراء
فالآية تخبرنا أن كتاب الله تعالى يهدي إلى الحالة التي هي أقوم الحالات، وإلى الطريقة التي هي أعدل الطرق، وهي طريقة الإيمان بالله تعالى، وشهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، والإيمان برسل الله، والإيمان بكتبه، والإيمان بالملائكة، والإيمان باليوم الآخر، والإيمان بالقضاء والقدر، والعمل بطاعة الله، وقد أكد الله تبارك وتعالى لعباده هذا المعنى حين قال عن كتابه إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ التكوير
يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا النساء
وعن عثمان بن حاضر الأزدي قال دخلت على ابن عباس رضي الله عنهما فقلت أوصني، فقال نعم عليك بتقوى الله والاستقامة، اتبع ولا تبتدع
http://www9.0zz0.com/2010/07/16/03/607621550.gif
إن الإيمان والاستقامة
هما دعامتا الإسلام، وهما مصدر كل خير، فالإيمان بالمولى تبارك وتعالى نورٌ في القلب، وحكمةٌ في النفس، وعفةٌ للجوارح، والاستقامة هي مظهر الإيمان وميزانه ونتيجته، فلا إيمان لمن لا يستقيم في حياته وسلوكه، ولا استقامة لمن لا إيمان في قلبه
الاجتراء على الحرمات
عَنْ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ضَرَبَ مَثَلاً صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا، عَلَى كَنَفَيِ الصِّرَاطِ سُورَانِ فِيهِمَا أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ، وَعَلَى الأَبْوَابِ سُتُورٌ، وَدَاعٍ يَدْعُو عَلَى رَأْسِ الصِّرَاطِ وَدَاعٍ يَدْعُو مِنْ فَوْقِهِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ، فَالأَبْوَابُ الَّتِي عَلَى كَنَفَيِ الصِّرَاطِ حُدُودُ اللَّهِ، لا يَقَعُ أَحَدٌ فِي حُدُودِ اللَّهِ حَتَّى يُكْشَفَ» الحاكم وصححه، وقال الذهبي على شرط مسلم ولا علة له
قال ابن رجب ففي هذا المَثَل الذي ضربه النبي أن الإسلام هو الصراط المستقيم الذي أمر الله بالاستقامة عليه، ونهى عن مجاوزة حدوده، وإن من ارتكب شيئًا من المحرمات؛ فقد تعدى حدوده
فضرب النبي مثل الإسلام في هذا الحديث بصراط مستقيم، وهو الطريق السهل الواسع الموصل سالكه إلى مطلوبه، وهو مع هذا مستقيم لا عوج فيه؛ فيقتضي ذلك قربه وسهولته، وعلى جنبتي الصراط يمنة ويسرة سوران، وهما حدود الله، وكما أن السور يمنع من كان داخله من تعديه ومجاوزته؛ فكذلك الإسلام يمنع من دخل فيه من الخروج عن حدوده ومجاوزتها، وليس وراء ما حد الله من المأذون فيه إلا ما نهى عنه، ولهذا مدح سبحانه الحافظين لحدوده، وذم من لا يعرف حد الحلال من الحرام، كما قال تعالى الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ التوبة
والمراد أن من لم يجاوز ما أُذِنَ له فيه إلى ما نُهِيَ عنه؛ فقد حفظ حدود الله، ومن تعدى ذلك؛ فقد تعدى حدود الله، وقد تُطلق الحدود ويُراد بها نفس المحارم، وحينئذ يقال لا تقربوا حدود الله كما قال تعالى تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ البقرة
والمراد النهي عن ارتكاب ما نهى عنه في الآية من محظورات الصيام، والاعتكاف في المساجد
ومن هذا المعنى وهو تسمية المحارم حدودًا قول النبي «مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا؛ كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا » الحديث البخاري
وأراد بالقائم على حدود الله المنكِر للمحرمات، والناهي عنها، وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي قال إني آخذ بحُجَزكم، اتقوا النار، اتقوا الحدود قالها ثلاثًا أخرجه الطبراني
وأراد بالحدود محارم الله ومعاصيه، ومنه قول الرجل الذي قال للنبي فإني أصبت حدًّا فأقمه عليَّ، وقد تسمى العقوبات المقدرة الرادعة عن المحارم المغلظة حدودًا، كما يقال حد الزنا، وحد السرقة، وحد شرب الخمر، ومنه قول النبي لأسامة «أتشفع في حد من حدود الله » متفق عليه ، يعني في القطع في السرقة، وهذا هو المعروف من أسماء الحدود في اصطلاح الفقهاء اهـ
والسبيل إلى الاستقامة والثبات على الدين هو الاستعانة بالله تعالى، والالتجاء إليه سبحانه بطلب الهداية إلى صراطه المستقيم، والعمل بمقتضى كتابه، واتباع هدي رسوله ، ومصاحبة أهل الخير الذين يدلون على طاعة الله تعالى ويرغّبون فيها، ويحذرون من طاعة الهوى، وإغواء الشيطان، مع البعد عن قرناء السوء المنحرفين عن سبيل الهدى، الداعين إلى طريق الردى
فنسأل الله لنا ولجميع المسلمين الاستقامة على طاعته، والثبات على دينه، فالاستقامة على طاعة الله والثبات عليها يجب أن يكونا في هاجس كل مؤمن بلقاء الله تعالى؛ لأنهما السبيل الوحيدة للسعادة في الدنيا والآخرة
والحمد لله رب العالمين

Miaka Yuki
16-9-2011, 02:44 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزيت خيرا أخي وجعله الله في موازيين حسناتك

بوركت

في حفظ الله ورعايته

أنس أسامة
17-9-2011, 03:09 PM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

أخي الكريم عُبيدة أثابك الله الجنة موضوع مهم جدا لنا نحن المسلمون، و أشكرك على هذا الموضوع الرائع و الجميل جدا

تحياتي لك و للجميع

مع السلامة وفي حفظ الرحمن

متفائل جداً
20-9-2011, 08:52 PM
مقال طويل يستحق منا الصبر و التحمل على إتمامه . جهد مبارك أخ عبيدة . ربي يزيدك و يوسع في علمك . إلا أن هذا الكلام كله لا ينفع حتى يتم إلغاء جميع الأنظمة العلمانية في الوطن العربي و الأمة الإسلامية .

أبو رويم
21-9-2011, 08:39 AM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا أخى عبيدة على الموضوع المهم جدا
وبارك الله فيك ووفقك لكل خير
ودمت فى حفظ الله ورعايته

عُبيدة
27-9-2011, 12:07 AM
بارك الله فيكم جميعا
و وفقكم الى ما يحب ويرضى
ورعاكم الله وحماكم
وجعل الجنه مثواكم

مناكير اورنج
3-10-2011, 08:13 AM
http://photos.azyya.com/store/up3/090308000035wCHq.gif= 750) this.width = 750; return false;">

عُبيدة
3-10-2011, 04:40 PM
بارك الله فك وجزاك الله كل خير
اسعدك الله