MELO
11-10-2011, 02:41 AM
http://images.msoms-anime.net/images/22525592179119343338.gif
http://images.msoms-anime.net/images/09466131941652598477.jpg
● [ رحلتي في ثورة أحفاد المختار ] ●
بسم الله الرحمن الرحيم ..
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتّقين ولا عدوان إلا على الطغاة الظالمين، وصلّى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، خير خلق الله أجمعين وعلى من اتّبع سنّته واهتدى بهديه إلى يوم الدين .. أما بعد :
إخوتي أخواتي، أحييكم بتحيةٍ يطيب شذاها مسكًا وريحانا .. تحيةً من القلب إلى القلب، تحيةُ أهل الجنّة يوم يلقونه سلامٌ، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أقدّم لكم في أول موضوعٍ لي في هذا القسم الرائع قصتي مع ثورة [أحفاد المختار] ثورة الـ(17) فبراير ..
قبل أن أبدأ بسرد قصّتي، أود أن أعرّف عن نفسي .. اسمي إيهاب مهندس في قسم الهندسة الكهربائية والإلكترونية، من عائلة ميسورة الحال ولله الحمد.
http://images.msoms-anime.net/images/30648793770874276700.jpg
● [ العلم الليبي ] ●
(الجديد القديم) وهو علم استقلال ليبيا وأيضًا علم الثورة الحالي وعلم ليبيا المستقبلي إن شاء الله
http://dl.dropbox.com/u/9992261/LibYan%20FlaG.JPG
( خضرٌ مرابعنا .. سودٌ حدودنا ومواقعنا على العدوّ .. حمرٌ مواضينا "دماء أبطالنا حمراء" وبيضٌ قلوبنا )
● [ النشيد الوطني للبلاد ] ●
هنــا (http://dl.dropbox.com/u/9992261/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B4%D9%8A%D8%AF%20%D8%A7%D9%8 4%D9%88%D8%B7%D9%86%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D9%84%D9% 8A%D8%A8%D9%8A%D9%91.mp3)
يا بِلادي .. يا بِلادي .. بِجِهادي وجِلادي ادفعي كَيدَ الأعادي والعَوادي
واسْلَمـي .. اسلمـي .. اسلمـي
اسلمي طُولَ المدَى إنّنـا نحنُ الفِدا
لـيـبـيـا لـيـبـيـا لـيـبـيـا
* * *
يابِلادي أنتِ مِيراثُ الجُدود لا رَعَى الله يدًا تَمتـدُّ لكّ
فاسلَمي إنّا علَى الدّهرِ جُنود لا نُبالي إن سلِمتِ مَن هَلَكّ
وخُذي مِنّا وثيقاتِ العُهود إننا يا ليبيا لن نخذِلَكّ
لن نَعُدود .. للقُيودّ .. قد تحرّرنا وحرّرنا الوطنّ
لـيـبـيـا لـيـبـيـا لـيـبـيـا
* * *
جَرّدَ الأجدادُ عَزمَا مُرهَفـا يومَ ناداهُم مُنادٍ لِلكِفـاحّ
ثمّ ساروا يحمِلونَ المُصحَفـا باليدِ الأولَى وبالأخرى السَّلاحّ
فَإذا في الكونِ دِينٌ وَصَفَـا وإذا العالَمُ خَيرٌ وصلاحّ
فالخُلودّ .. للجُدودّ .. إنّهُم قد شرّفوا هذا الوطن
لـيـبـيـا لـيـبـيـا لـيـبـيـا
* * *
يا ابْنَ ليبيا يابْنَ آسَـادِ الشّرَى إنّنـا للمجدِ والمجدُ لنا
مُذْ سَرَوْنا حَمَدَ القَومُ السُّرَى بَـارَكَ اللهُ لنا استِقلالنا
فابتَغوا العلْياءَ شَأوًا في الوَرَى واسْتَعِدّوا للوَغَى أشبالَنا
للغِلاب .. ياشباب .. إنّما الدُّنيا كِفاحٌ للوطنّ
لـيـبـيـا لـيـبـيـا لـيـبـيـا
● ليبيا واجهت أشرس واعنف حملتين في تاريخها؛ حملة الاستعمار الإيطالي سنة 1911 وحتى 1950 والتي انتهت بعد ذلك باستقلاها عام 1951 على يد الملك محمد إدريس السنوسي ( رحمه الله - والذي دُفن في البقيع - ) ومن ثم استمر الشعب الليبي في عيشه حتى عام 1969 بالتزامن مع حملات الرئيس المصري الأسبق ( جمال عبد الناصر ) مع تأثّر العرب حينها بقوميته .. كان قد وُلد سفّاح مجهول الهوية والأصل يدّعي أنه من مدينة تسمى سرت في وسط خارطة ليبيا الجغرافيّة وقد كان برتبة ( ملازم ) في الجيش الملكي حيث قام بانقلاب عسكري في فترة كان الملك الراحل يقضي فيها فترة نقاهة بعد مرضه خارج البلاد .. الخدعة الكبرى هنا كانت الحملات التي قادها ( الملازم معمّر القذّافي ) وهي دعمه للوحدة العربية والأمة الإسلامية الواحدة ودعمه لناصر ودعم ناصر له فما الذي يريده الشعب المسكين الذي عانى مُرّ احتلال مرعب - بخلاف الاحتلال الإنجليزي لمصر والفرنسي لتونس والمغرب والجزائر - غير الراحة والطمأنينة ؟! وإنّ ما يريده هو شخص يدّعي القومية والوحدة العربية .
http://images.msoms-anime.net/images/30648793770874276700.jpg
● شيئًا فشيئًا حتى بدت تلك المظاهر تختفي وتتلاشى، بدأت القبضة الفولاذية تشتد أكثر فأكثر والتصفيات للمعارضين في الداخل والخارج وارتكاب المجازر في كل مكان سواءً كانت داخل البلاد أم خارجها واسكات فم من يتكلم من "العالم الخارجي" بالمال الذي أنعم الله البلاد به .
الشعب الليبي شعب محافظ على عاداته وتقاليده حتى يومنا هذا، ولا يرضى بالظلم .. ما حدث في عام 2011 وتأثّر الليبيين بثورة الياسمين ( ثورة تونس ) الشقيقة ومن ثم ثورة التحرير (ثورة مصر) الشقيقة أشعل النار في قلوبهم .. كما أيقظ نار الحسرة فيها، كيف لا وأشقّائهم قد تحرّروا ممّن طغى عليهم وهم لا !
وشاء الله أن تكون حادثة قديمة هي شرارة بداية ثورة السابع عشر من فبراير .
● الحادثة باختصار شديد هي مجزرة حصلت في سجن بمدينة طرابلس يسمى بـ( سجن أبو سليم ) وهو سجن مخصص للـ"سياسيين" و"الإسلاميين" و"طبعًا" لا يتبع أو بالأحرى لا "يخضع" لأي جهاز أو وزارة كانت .. وفي يوم [1996/6/29] تم اعطاء الأمر المباشر من معمّر القذافي إلى صهره
"السفّاح الأول في ليبيا" المدعو [ عبد الله السنوسي – رئيس جهاز المخابرات الليبية طوال 42 سنة ( والعقل المدبر في العملية التي كان مغزاها التخطيط لاغتيال الملك عبد الله بن عبد العزيز أيام كان وليًّا للعهد ) ] بقتل 1269 سجين في قرابة الـ3 ساعات بدمٍ بارد .
ولكي لا نخرج على سياق القصّة، محامي عائلات الضحايا تم سجنه يوم [2011/2/15] "بدون سبب طبعًا" ! وحينها بدأ الأهالي بالمطالبة باطلاق سراحه من السجن .. وبدأت تتعالى الأصوات حينها إلى أن وصلت إلى : ( الشعب يريد اسقاط النظام ) .. [كل هذا يحدث في بنغازي الآن] .
http://images.msoms-anime.net/images/30648793770874276700.jpg
● يجب الوقوف قليلاً عن القصة والدخول في توضيح مهم جدًا خاص بالأحداث ..
- أولاً : القسم السياسي : في مصر وتونس كان هناك وزراء ونظام وبرلمان بغض النظر عن حاكمه .. فعندما سقط النظام أثّر على الرئيس فاقتُلع من مكانه ..
أما في ليبيا، فلا وجود للنظام، القذافي كشخص وهذه كلمة حق ( مدرسة ) بحالها وبدون مبالغة وأختلف مع من يقولون أنه مجنون أو مختلّ عقليًا ..
لكنّه مصاب بـ"مرض" جنون العظمة، ليس بمجنون بل على العكس من ذلك، أستطيع أن أقول أنه من أذكى الزعماء والرؤساء في القرن الـ(21) لسبب بسيط لأنه صنع نظام يحركه رجل واحد، ومؤسس لخدمة رجل واحد وتسيير بلدان ورؤساء عن طريقه وماله .
- ثانيًا : الجانب العسكري أو بالأحرى " الدموي " : هنا وبكل وضوح لا أقلل من شان ثورتين عظيمتين كتونس ومصر ولكن لوضع النقاط على الحروف ..
الثائر التونسي والثائر المصري أو دعونا نقول "المتظاهر" عندما خرج من عتبة منزله أو من مقر اقامته للتظاهر كان "يجهل" رد النظام .
لكن الـ"ثائر" أو المتظاهر الليبي كان يعلم علم اليقين ردّ النظام الدموي والشرس .. وأعتقد أنّ العالم بأكمله رأى الرد ذلك صراحةً ..
زين العابدين بن علي ومحمد حسني مبارك عندما ردّا على المتظاهرين ( الغازات المسيلة للدموع، الماء الساخن، الرصاص في بعض الأحيان ) ..
أما الطاغية القذّافي فأول سلاح نزل به واستخدمه هو ( الأسلحة المضادة للطائرات ) Anti-Aircraft Gun fire!! (كالذي في الصورة )
http://dl.dropbox.com/u/9992261/Battles%20%2887%29.jpg
ركّزوا معي يا عباد الله ! يعني أسلحة صُنعت لاختراق الطائرات والدبابات والمدرعات .. فإذا بها توجّه إلى "متظاهرين" !!
لهذا المتظاهر الليبي كان يعلم علم اليقين أنه إذا خرج، لن يرجع على خير .
- ثالثًا : الجيش الليبي :- للتوضيح هنا فمعمّر القذافي قام يتفكيك الجيش الليبي الـ(كتلة الواحدة) ..
فمن المعروف عندما نقول مثلاً ( الجيش الليبي |Libya Army ) فنحن نتكلم عن كل شي من قوات برية وجوية وبحرية و "قوات خاصة"
هنا القذافي قام بتفريق الجيش الليبي وتقسيمه إلى مجموعات من الـ(قوات الخاصة) يعني تخيلوا أنه يمتلك جيش كامل من القوات الخاصة ..
ولكن هدفها ليس حماية الوطن من المعتدي بل حماية ( القائد ) كما يسمي هذا الطاغية نفسه، ملئُ فكر الجنود بمعمر القذافي هو أبوهم وموجّههم وولي امرهم وفي الوقت نفسه ليس رئيسهم وليس لديه منصب وما إلى ذلك، وقام بتوزيع هذه الفرق أو الكتائب على أبنائه وأبناء عمومته .. كل مجرم منهم لديه كتيبة يقودها، مهمتها تتلخص في حماية الطاغية .
http://images.msoms-anime.net/images/30648793770874276700.jpg
نعود لسرد القصّة ...
عند بداية الانتفاضة يوم 17 فبراير أرسل القذافي تلك القوات ( المصحوبة بمرتزقة !!! نعم مرتزقة !! ) وبدأ في السفك والقتل وامتد الأمر من بنغازي إلى مدينة البيضاء إلى طبرق ( في اتجاه شرق البلاد ) وبدأ الوضع يتصاعد شيئًا فشيئًا حتى يوم 20 ( الذي أشيع فيه أنه هرب إلى فنزويلا ) حيث انتفضت العاصمة طرابلس وحصلت فيها مجزرة في منتصف الليل فيما كان يعرف بـ(الساحة الخضراء) [ الآن اسمه ميدان الشهداء ] .. مجزرةٌ لوحدها تعدم القذافي ألف مرة !!
ومن ثم بدأت حكاية الدّمار في العاصمة، قمع مرعب وترهيب في النفوس، التهديد والوعيد وحينها بدأت الأنظار تتجه للشرق بعد تحررهم من الطاغية وطردهم لقواته فبدأ بـ(الزحف) عليهم كما أعلن في خطابه التاريخي [ سأزحف أنا والملايين لتطهير ليبيا شبر شبر، بيت بيت، دار دار، زنقة زنقة ... إلخ ] وبدأ القصف الجوي والدبابات وأعتد أنواع الصواريخ [ من سام 5 وسام 6 وسام 7 إلى صواريخ غراد ومن ثم كروز وأخيرًا بصواريخ سكود العابرة للحدود ] حتى بدأ الشعب الليبي ينادي بفرض حظرٍ جوي على ليبيا لكبت قوات الطاغية .
أُسس المجلس الوطني الانتقالي الذي سيقود ليبيا بعد زوال الطاغية وتم رفع رسالة الطلب للجامعة العربية وأصدرت الجامعة قرارًا بتحويل أوراق ليبيا لمجلس الأمن ومن ثم تم إصدار القرار التاريخي 1973 بفرض حظر جوي على ليبيا واستخدام جميع الوسائل العسكرية المتاحة لحماية المدنيين من الطاغية .
ومن ثم بدأ القذافي بتوجيه قواته في كل ربوع البلاد بعد انتفاضتها في كل مكان من الشرق إلى الجنوب إلى الغرب وفي الشمال "مناطق الساحل الليبي" ومنها مصراتة الصامدة والتي لم يترك الطاغية صاروخًا أو قذيفة من أي نوع إلا وأسقطهم عليها .
● طبعًا مركز البلد وأي بلد بالعالم دائمًا هي العاصمة وعاصمتنا هي طرابلس .. حوصرت من جميع الجهات ! فما أن "يُشاع" أن هنالك مظاهرة خرجت في المكان الفلاني حتى تتجه إليه أشرس القوات لنسفه ! وبقينا على هذه الحالة .. قوات الشرعية الدولية "التحالف الدولي" تقصف من فوق في قوات الطاغية والطاغية يقصفنا نحن ونحن بقينا هكذا مطاردين كما قال من دار الى دار ومن شارع لآخر .
طرابلس التي كانت بالكاد تنام يومًا أمست ظلامًا دامسًا على أهلها .. بعد الساعة الـ(8) مساءً لا يوجد بشر في الطريق، قوات الطاغية في كل مكان تنتشر وتُرعب البشر تقتّل وتسرق وتفعل ما تشاء باسم ( نحن جنود القائد ونفعل ما نشاء ) .. حتى تقرّر تأسيس مجلس محلي وعسكري سرّي للغاية في العاصمة وبدأت النداءات والمظاهرات الخفيفة والمطالبات بالانضمام .. وهنا قمع الطاغية استمر حتى وصل الامر إلي .. اشتد بي الحال مكبوتًا لا أستطيع فعل شيء، لا السفر ولا التحرك ووسائل الاتصال مقطوعة عن البلاد والعباد .. فقررت الانضمام إليهم وبدأنا في العمليات النوعية، مرة نفجّر لهم سيارة مرة نحرق لهم خيمة مرة اقتناص مجموعة من الأفراد والخناق يشتد علينا أكثر فأكثر كلما اقترب حبل المشنقة من الطاغية .. حتى قررنا الخروج (مكرهين) من العاصمة والذهاب لمدن الجبل للتدرب على السلاح حتى نستعد لدخول العاصمة .. فخرجنا منها في مجموعة سمّت نفسها [ كتيبة شهداء العاصمة ] والتي تحوي الكثير والكثير من الثوّار، منهم الشيخ ومنهم الهرم ومنهم المهندس ومنهم الطبيب ومنهم الميكانيكي ومنهم العامل ومنهم ومنهم ومنهم ... خيرة شباب البلد يتدربون في كل مكان .. وصلنا للمعسكرات ( بعد أن خرجنا من ليبيا ودخلنا إليها عبر معبر آخر يربطها بتونس من جهة الجنوب ) تدربنا على الأسلحة جميعها، الخفيف منها والثقيل الرشاش منها والمدفعي .. واكتسبنا خبرةً في التكتيك العسكري والتخطيط ما أفادنا وزاد من خبرتنا ..
http://images.msoms-anime.net/images/30648793770874276700.jpg
● في حياتي كلّها لم أتنقل في ربوع بلدي كما اتنقلتُ في فترة الثورة .. عشنا مع بعضنا الحلو والمرّ نأكل ونشرب ونقاتل مع بعضنا حتى أصبحنا عائلة واحدة فبدأنا التحرك من مدينة إلى مدينة في القسم الغربي من البلاد .. من نالوت ( القريبة من الحدود الليبية التونسية ) إلى الزنتان وبدر وتيجي وغريان وغيرها من مدن ( الجبل الغربي ) .
فقدتُ في المعاركِ الكثير والكثير من رفاقي .. إخوتي الذين لم تلدهم أمي .. شعور الانسان عندما يفقد رفيقه ! اليوم نأكل ونشرب مع بعضنا وغدًا يصلّي أحدنا الجنازة على الآخر ويودعه .. والأمر الذي لن أنساه أبدًا والذي كان يمزّق القلب يومًا بعد يوم هو منظر الأم التي نوصل لها جثمان ابنها لتراه قبل دفنه، تودّعه وتقبِّل جبينه، وتدعو له بالمغفرة والثواب ( كيف أتخيّل أمي وهي في مكان والدة هذا الشهيد ) .. منظرٌ والله ينزل كسكاكين تمزق أحشائي .. أمٌّ تودّع ابنها ..
لا اله الا الله، محمد رسول الله
● تعلمتُ معنى أن التاريخ سيذكرني يومًا أني كنت من المقاتلين الذين ساهموا في تحرير البلد وأن أحفاذي سيفتخرون أن جدّهم شارك في الحرب ضد فرعون هذا العصر .
تعلمتُ معنى العيش بكرامة، أن أعيش فوق الأرض حرًا منتصرًا أو أن أكون تحتها شهيدًا مدافعًا عن ترابها .. تعلمتُ من الدروس ما غيّر نظرتي للحياة بأكملها .. تعلمتُ أن التقرب من الله عز وجل هو السبيل الوحيد للعيش حرًا مطمئنًّا، في الدنيا وهنيئًا في الآخرة .. تعلمتُ عند بداية التحرك في الجبهة أن الرصاصة أو القذيفة التي لم يكتب الله سبحانه وتعالى اسمي عليها لن تصيبني .. كلُّ ما كنّا نردده في جبهات القتال عند الاشتباك شيئان، لا ثالث لهما ..
الأول : (هو آيةٌ من ذكر الله الحكيم "وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى") صدق الله العظيم .
والثاني : ( القول العظيم، الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد .. الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولا إله إلا الله ..
النداء الملائكي .. شعار رسول الله يوم فتح مكّة ) .. هذا ما ننادي به من الفجر إلى الفجر !
وهنا أذكر لكم موقفًا بسيطًا عشته شخصيًا لأبيّن لكم أيها الأحبة هدفنا من القتال .. في جبهة قتال في منطقة تسمّى ( القواليش "في الجبل الغربي" ) وهي منطقة جبلية التضاريس تبعد عن العاصمة قرابة الـ(130) كم .. تقدمتُ برفقة ابن عمي مع مجموعة من الثوار في عملية استطلاع .. فأصيب ابن عمي فيها ووقع ! ظن الجميع أنه قد فارق الحياة ولكني لاحظت أنه قد أصيب في قدمه لأني كنت الأقرب إليه ! فأسرعت في اتجاهه ووجدته يتألّم ولا يستطيع النهوض، فاقتربتُ منه وقلت له : "يا ابن العم قمْ فالجنّة ليست اليوم "فأجابني وهو يقصد من رمى الرصاصة عليه "ابن الكلب ! لم يضربها في الرأس" كانت هذه هي العقيدة التي نتحرّك بها .. عقيدة أننا على حق وهم على باطل عقيدة أن قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار بإذن الله تعالى .
نحن نقاتل لنحرر وطننا وهم يقاتلون لابقاء طاغيةٍ على كرسي الحكم، وأخيرًا وليس آخرًا عرفتُ قيمة النضال الذي خاضه أجدادنا المجاهدين في حربهم ضد الاستعمار الإيطالي وأن التاريخ خلّدهم هم ولم يخلّد الخونة أو الطليان المستعمرين حينها .
● حتى دخل شهر رمضان، شهر المغفرة والغفران .. وأقسم بالله لجميع من يقرأ هذا الكلام أننا عندما كنّا نتحرك في الجبهات وفي أشد درجات الحرارة كان السحاب يتحرك معنا، لم نشعر بالعطش على الرغم من أن هناك من أفتى لنا بالافطار .. ولكن رفضنا وأصرّينا على الاستمرار وقد كان خير شهر .. شهر الفتوحات
فولله ما أن نبدأ في الدخول إلى مدينة أو بلدة في خط سيرنا نحو العاصمة إلا ويكتب الله لنا النصر المؤزّر .. وعندها يزداد الاصرار والعزيمة والرغبة في أن يكون شهر رمضان .. هو شهر تحرير العاصمة، ومن ثم أتى القرار العسكري بأن دخول مدينة طرابلس سيكون يوم 20 من شهر أغسطس الموافق 20 من شهر رمضان المبارك، تيمنًا بيوم فتح مكّة، مما زاد في اصرارنا على الوصول للعاصمة في ذلك اليوم وسرنا على النهج ذاته .. سدد الله رمياتنا ووفقنا حتى دخلنا إلى مدينتي ومسقط رأسي طرابلس الأسيرة حينها بعد غيابٍ طويل عنها ! وبدأتْ وقتها عملية تحرير ( فجر عروس البحر ) وهو الاسم الذي اختير لعملية تحرير مدينة طرابلس وبدأت معها العمليات والمداهمات حتى تم اسقاط أقوى وأشرس وأعنف معسكر ومقر رئاسي شهده تاريخ العرب !! وهو ما يعرف بـ( باب العزيزية يوم 8/23 والذي أحمد الله سبحانه وتعالى أن منّ علي وكنتُ ممن شاركوا في دكّ ذلك الحصن اللعين ) ألا وهو مقر معمر القذافي المحرّم على العباد ..
أكثر من 90% (على أقل تقدير) من ليبيا الآن محرّرة .. بقيت الجيوب في بعض البلدات فليبيا بلد كبيرة جدًا من حيث المساحة .
الآن التمشيط لا يزال معمولاً به على مدار الـ24 ساعة في اليوم والحراسات هي مهمة الثوار في طرابلس الآن .. أما بقية ثوار المدن فمنهم من رجع لمدينته ومنهم من يشارك في معارك التحرير الأخيرة لتحرير ما تبقى من المناطق التي لا تزال تحت قبضة الطاغية .
http://images.msoms-anime.net/images/30648793770874276700.jpg
هذه هي قصتي باختصار شديد .. لم تنتهي حربنا ضد الطاغية بعد ولن تنتهي حتى نرى رأسه تحت أقدامنا فهذا أقلّ شيء يمكن أن نجازيه به ..
كانت هذه آخر الكلمات التي وضعتها في هذا الموضوع بتاريخ 2011/10/11، واليوم ونحن في 2011/11/20
انهِ الموضوع بهذا الكلام ..
الحمد لله رب العالمين، نصرنا الله سبحانه وتعالى، ومكّننا من القضاء على الطاغية وتشريد عائلته
فبتاريخ 2011/10/20 تم قتل الطاغية ( معمّر القذافي )، ونجله ( المعتصم القذافي )
و بالأمس بتاريخ 2011/11/19 تم اعتقال ابنه المجرم ( سيف الإسلام القذافي ) - وحاشا الإسلام من اسم هذا الفاجر ..
أودّ أن أتقدم بجزيل الشكر والامتنان والعرفان لكل من صلّ وسجد ودعا لنا بالنصر .. من اتصل بي وأوصلني سلام الأحبة .. أود أن أشكر كل من ساند ثورتنا .. فليبيا هي بلدكم الثانية ومنزلكم وأنتم مرحبٌ بكم في أي وقت وأي ساعة .. هذا هو العشم أيها الأحبة ..
في النهاية .. نسأل الله العظيم، رب العرش العظيم .. أن ينصر الشعب التونسي، والشعب المصري، والشعب الليبي، والشعب اليمني، والشعب السوري، وكل شعوب الأمة العربية .. نسأل الله تعالى أن يوحد صف إخوتنا في تونس ومصر .. وأن ينصرنا في ليبيا للقضاء على الطاغية، وأن ينصر أهل اليمن السعيد في هدم عرش المعتوه ابن صالح .. وأن يزلزل الأرض من تحت أقدام بشارٍ اللعين .. اللهم يا رب العالمين، زلزل الأرض تحت أقدام هؤلاء الطغاة، اللهم كن معينًا ونصيرًا لأهل الشام .. اللهم احمهم وانصرهم من عندك يا الله، إنك لا تضيّع أجر المحسنين ..
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد آخر الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين .
أخوكم ومحبكم في الله : إيهاب الفلاح :)
تصميم فواصل الموضوع، الأخت Hope Tear
جزاها الله كل خير ووفقها لما يحب ويرضى
http://images.msoms-anime.net/images/65469131431191694373.jpg
http://images.msoms-anime.net/images/09466131941652598477.jpg
● [ رحلتي في ثورة أحفاد المختار ] ●
بسم الله الرحمن الرحيم ..
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتّقين ولا عدوان إلا على الطغاة الظالمين، وصلّى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، خير خلق الله أجمعين وعلى من اتّبع سنّته واهتدى بهديه إلى يوم الدين .. أما بعد :
إخوتي أخواتي، أحييكم بتحيةٍ يطيب شذاها مسكًا وريحانا .. تحيةً من القلب إلى القلب، تحيةُ أهل الجنّة يوم يلقونه سلامٌ، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أقدّم لكم في أول موضوعٍ لي في هذا القسم الرائع قصتي مع ثورة [أحفاد المختار] ثورة الـ(17) فبراير ..
قبل أن أبدأ بسرد قصّتي، أود أن أعرّف عن نفسي .. اسمي إيهاب مهندس في قسم الهندسة الكهربائية والإلكترونية، من عائلة ميسورة الحال ولله الحمد.
http://images.msoms-anime.net/images/30648793770874276700.jpg
● [ العلم الليبي ] ●
(الجديد القديم) وهو علم استقلال ليبيا وأيضًا علم الثورة الحالي وعلم ليبيا المستقبلي إن شاء الله
http://dl.dropbox.com/u/9992261/LibYan%20FlaG.JPG
( خضرٌ مرابعنا .. سودٌ حدودنا ومواقعنا على العدوّ .. حمرٌ مواضينا "دماء أبطالنا حمراء" وبيضٌ قلوبنا )
● [ النشيد الوطني للبلاد ] ●
هنــا (http://dl.dropbox.com/u/9992261/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B4%D9%8A%D8%AF%20%D8%A7%D9%8 4%D9%88%D8%B7%D9%86%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D9%84%D9% 8A%D8%A8%D9%8A%D9%91.mp3)
يا بِلادي .. يا بِلادي .. بِجِهادي وجِلادي ادفعي كَيدَ الأعادي والعَوادي
واسْلَمـي .. اسلمـي .. اسلمـي
اسلمي طُولَ المدَى إنّنـا نحنُ الفِدا
لـيـبـيـا لـيـبـيـا لـيـبـيـا
* * *
يابِلادي أنتِ مِيراثُ الجُدود لا رَعَى الله يدًا تَمتـدُّ لكّ
فاسلَمي إنّا علَى الدّهرِ جُنود لا نُبالي إن سلِمتِ مَن هَلَكّ
وخُذي مِنّا وثيقاتِ العُهود إننا يا ليبيا لن نخذِلَكّ
لن نَعُدود .. للقُيودّ .. قد تحرّرنا وحرّرنا الوطنّ
لـيـبـيـا لـيـبـيـا لـيـبـيـا
* * *
جَرّدَ الأجدادُ عَزمَا مُرهَفـا يومَ ناداهُم مُنادٍ لِلكِفـاحّ
ثمّ ساروا يحمِلونَ المُصحَفـا باليدِ الأولَى وبالأخرى السَّلاحّ
فَإذا في الكونِ دِينٌ وَصَفَـا وإذا العالَمُ خَيرٌ وصلاحّ
فالخُلودّ .. للجُدودّ .. إنّهُم قد شرّفوا هذا الوطن
لـيـبـيـا لـيـبـيـا لـيـبـيـا
* * *
يا ابْنَ ليبيا يابْنَ آسَـادِ الشّرَى إنّنـا للمجدِ والمجدُ لنا
مُذْ سَرَوْنا حَمَدَ القَومُ السُّرَى بَـارَكَ اللهُ لنا استِقلالنا
فابتَغوا العلْياءَ شَأوًا في الوَرَى واسْتَعِدّوا للوَغَى أشبالَنا
للغِلاب .. ياشباب .. إنّما الدُّنيا كِفاحٌ للوطنّ
لـيـبـيـا لـيـبـيـا لـيـبـيـا
● ليبيا واجهت أشرس واعنف حملتين في تاريخها؛ حملة الاستعمار الإيطالي سنة 1911 وحتى 1950 والتي انتهت بعد ذلك باستقلاها عام 1951 على يد الملك محمد إدريس السنوسي ( رحمه الله - والذي دُفن في البقيع - ) ومن ثم استمر الشعب الليبي في عيشه حتى عام 1969 بالتزامن مع حملات الرئيس المصري الأسبق ( جمال عبد الناصر ) مع تأثّر العرب حينها بقوميته .. كان قد وُلد سفّاح مجهول الهوية والأصل يدّعي أنه من مدينة تسمى سرت في وسط خارطة ليبيا الجغرافيّة وقد كان برتبة ( ملازم ) في الجيش الملكي حيث قام بانقلاب عسكري في فترة كان الملك الراحل يقضي فيها فترة نقاهة بعد مرضه خارج البلاد .. الخدعة الكبرى هنا كانت الحملات التي قادها ( الملازم معمّر القذّافي ) وهي دعمه للوحدة العربية والأمة الإسلامية الواحدة ودعمه لناصر ودعم ناصر له فما الذي يريده الشعب المسكين الذي عانى مُرّ احتلال مرعب - بخلاف الاحتلال الإنجليزي لمصر والفرنسي لتونس والمغرب والجزائر - غير الراحة والطمأنينة ؟! وإنّ ما يريده هو شخص يدّعي القومية والوحدة العربية .
http://images.msoms-anime.net/images/30648793770874276700.jpg
● شيئًا فشيئًا حتى بدت تلك المظاهر تختفي وتتلاشى، بدأت القبضة الفولاذية تشتد أكثر فأكثر والتصفيات للمعارضين في الداخل والخارج وارتكاب المجازر في كل مكان سواءً كانت داخل البلاد أم خارجها واسكات فم من يتكلم من "العالم الخارجي" بالمال الذي أنعم الله البلاد به .
الشعب الليبي شعب محافظ على عاداته وتقاليده حتى يومنا هذا، ولا يرضى بالظلم .. ما حدث في عام 2011 وتأثّر الليبيين بثورة الياسمين ( ثورة تونس ) الشقيقة ومن ثم ثورة التحرير (ثورة مصر) الشقيقة أشعل النار في قلوبهم .. كما أيقظ نار الحسرة فيها، كيف لا وأشقّائهم قد تحرّروا ممّن طغى عليهم وهم لا !
وشاء الله أن تكون حادثة قديمة هي شرارة بداية ثورة السابع عشر من فبراير .
● الحادثة باختصار شديد هي مجزرة حصلت في سجن بمدينة طرابلس يسمى بـ( سجن أبو سليم ) وهو سجن مخصص للـ"سياسيين" و"الإسلاميين" و"طبعًا" لا يتبع أو بالأحرى لا "يخضع" لأي جهاز أو وزارة كانت .. وفي يوم [1996/6/29] تم اعطاء الأمر المباشر من معمّر القذافي إلى صهره
"السفّاح الأول في ليبيا" المدعو [ عبد الله السنوسي – رئيس جهاز المخابرات الليبية طوال 42 سنة ( والعقل المدبر في العملية التي كان مغزاها التخطيط لاغتيال الملك عبد الله بن عبد العزيز أيام كان وليًّا للعهد ) ] بقتل 1269 سجين في قرابة الـ3 ساعات بدمٍ بارد .
ولكي لا نخرج على سياق القصّة، محامي عائلات الضحايا تم سجنه يوم [2011/2/15] "بدون سبب طبعًا" ! وحينها بدأ الأهالي بالمطالبة باطلاق سراحه من السجن .. وبدأت تتعالى الأصوات حينها إلى أن وصلت إلى : ( الشعب يريد اسقاط النظام ) .. [كل هذا يحدث في بنغازي الآن] .
http://images.msoms-anime.net/images/30648793770874276700.jpg
● يجب الوقوف قليلاً عن القصة والدخول في توضيح مهم جدًا خاص بالأحداث ..
- أولاً : القسم السياسي : في مصر وتونس كان هناك وزراء ونظام وبرلمان بغض النظر عن حاكمه .. فعندما سقط النظام أثّر على الرئيس فاقتُلع من مكانه ..
أما في ليبيا، فلا وجود للنظام، القذافي كشخص وهذه كلمة حق ( مدرسة ) بحالها وبدون مبالغة وأختلف مع من يقولون أنه مجنون أو مختلّ عقليًا ..
لكنّه مصاب بـ"مرض" جنون العظمة، ليس بمجنون بل على العكس من ذلك، أستطيع أن أقول أنه من أذكى الزعماء والرؤساء في القرن الـ(21) لسبب بسيط لأنه صنع نظام يحركه رجل واحد، ومؤسس لخدمة رجل واحد وتسيير بلدان ورؤساء عن طريقه وماله .
- ثانيًا : الجانب العسكري أو بالأحرى " الدموي " : هنا وبكل وضوح لا أقلل من شان ثورتين عظيمتين كتونس ومصر ولكن لوضع النقاط على الحروف ..
الثائر التونسي والثائر المصري أو دعونا نقول "المتظاهر" عندما خرج من عتبة منزله أو من مقر اقامته للتظاهر كان "يجهل" رد النظام .
لكن الـ"ثائر" أو المتظاهر الليبي كان يعلم علم اليقين ردّ النظام الدموي والشرس .. وأعتقد أنّ العالم بأكمله رأى الرد ذلك صراحةً ..
زين العابدين بن علي ومحمد حسني مبارك عندما ردّا على المتظاهرين ( الغازات المسيلة للدموع، الماء الساخن، الرصاص في بعض الأحيان ) ..
أما الطاغية القذّافي فأول سلاح نزل به واستخدمه هو ( الأسلحة المضادة للطائرات ) Anti-Aircraft Gun fire!! (كالذي في الصورة )
http://dl.dropbox.com/u/9992261/Battles%20%2887%29.jpg
ركّزوا معي يا عباد الله ! يعني أسلحة صُنعت لاختراق الطائرات والدبابات والمدرعات .. فإذا بها توجّه إلى "متظاهرين" !!
لهذا المتظاهر الليبي كان يعلم علم اليقين أنه إذا خرج، لن يرجع على خير .
- ثالثًا : الجيش الليبي :- للتوضيح هنا فمعمّر القذافي قام يتفكيك الجيش الليبي الـ(كتلة الواحدة) ..
فمن المعروف عندما نقول مثلاً ( الجيش الليبي |Libya Army ) فنحن نتكلم عن كل شي من قوات برية وجوية وبحرية و "قوات خاصة"
هنا القذافي قام بتفريق الجيش الليبي وتقسيمه إلى مجموعات من الـ(قوات الخاصة) يعني تخيلوا أنه يمتلك جيش كامل من القوات الخاصة ..
ولكن هدفها ليس حماية الوطن من المعتدي بل حماية ( القائد ) كما يسمي هذا الطاغية نفسه، ملئُ فكر الجنود بمعمر القذافي هو أبوهم وموجّههم وولي امرهم وفي الوقت نفسه ليس رئيسهم وليس لديه منصب وما إلى ذلك، وقام بتوزيع هذه الفرق أو الكتائب على أبنائه وأبناء عمومته .. كل مجرم منهم لديه كتيبة يقودها، مهمتها تتلخص في حماية الطاغية .
http://images.msoms-anime.net/images/30648793770874276700.jpg
نعود لسرد القصّة ...
عند بداية الانتفاضة يوم 17 فبراير أرسل القذافي تلك القوات ( المصحوبة بمرتزقة !!! نعم مرتزقة !! ) وبدأ في السفك والقتل وامتد الأمر من بنغازي إلى مدينة البيضاء إلى طبرق ( في اتجاه شرق البلاد ) وبدأ الوضع يتصاعد شيئًا فشيئًا حتى يوم 20 ( الذي أشيع فيه أنه هرب إلى فنزويلا ) حيث انتفضت العاصمة طرابلس وحصلت فيها مجزرة في منتصف الليل فيما كان يعرف بـ(الساحة الخضراء) [ الآن اسمه ميدان الشهداء ] .. مجزرةٌ لوحدها تعدم القذافي ألف مرة !!
ومن ثم بدأت حكاية الدّمار في العاصمة، قمع مرعب وترهيب في النفوس، التهديد والوعيد وحينها بدأت الأنظار تتجه للشرق بعد تحررهم من الطاغية وطردهم لقواته فبدأ بـ(الزحف) عليهم كما أعلن في خطابه التاريخي [ سأزحف أنا والملايين لتطهير ليبيا شبر شبر، بيت بيت، دار دار، زنقة زنقة ... إلخ ] وبدأ القصف الجوي والدبابات وأعتد أنواع الصواريخ [ من سام 5 وسام 6 وسام 7 إلى صواريخ غراد ومن ثم كروز وأخيرًا بصواريخ سكود العابرة للحدود ] حتى بدأ الشعب الليبي ينادي بفرض حظرٍ جوي على ليبيا لكبت قوات الطاغية .
أُسس المجلس الوطني الانتقالي الذي سيقود ليبيا بعد زوال الطاغية وتم رفع رسالة الطلب للجامعة العربية وأصدرت الجامعة قرارًا بتحويل أوراق ليبيا لمجلس الأمن ومن ثم تم إصدار القرار التاريخي 1973 بفرض حظر جوي على ليبيا واستخدام جميع الوسائل العسكرية المتاحة لحماية المدنيين من الطاغية .
ومن ثم بدأ القذافي بتوجيه قواته في كل ربوع البلاد بعد انتفاضتها في كل مكان من الشرق إلى الجنوب إلى الغرب وفي الشمال "مناطق الساحل الليبي" ومنها مصراتة الصامدة والتي لم يترك الطاغية صاروخًا أو قذيفة من أي نوع إلا وأسقطهم عليها .
● طبعًا مركز البلد وأي بلد بالعالم دائمًا هي العاصمة وعاصمتنا هي طرابلس .. حوصرت من جميع الجهات ! فما أن "يُشاع" أن هنالك مظاهرة خرجت في المكان الفلاني حتى تتجه إليه أشرس القوات لنسفه ! وبقينا على هذه الحالة .. قوات الشرعية الدولية "التحالف الدولي" تقصف من فوق في قوات الطاغية والطاغية يقصفنا نحن ونحن بقينا هكذا مطاردين كما قال من دار الى دار ومن شارع لآخر .
طرابلس التي كانت بالكاد تنام يومًا أمست ظلامًا دامسًا على أهلها .. بعد الساعة الـ(8) مساءً لا يوجد بشر في الطريق، قوات الطاغية في كل مكان تنتشر وتُرعب البشر تقتّل وتسرق وتفعل ما تشاء باسم ( نحن جنود القائد ونفعل ما نشاء ) .. حتى تقرّر تأسيس مجلس محلي وعسكري سرّي للغاية في العاصمة وبدأت النداءات والمظاهرات الخفيفة والمطالبات بالانضمام .. وهنا قمع الطاغية استمر حتى وصل الامر إلي .. اشتد بي الحال مكبوتًا لا أستطيع فعل شيء، لا السفر ولا التحرك ووسائل الاتصال مقطوعة عن البلاد والعباد .. فقررت الانضمام إليهم وبدأنا في العمليات النوعية، مرة نفجّر لهم سيارة مرة نحرق لهم خيمة مرة اقتناص مجموعة من الأفراد والخناق يشتد علينا أكثر فأكثر كلما اقترب حبل المشنقة من الطاغية .. حتى قررنا الخروج (مكرهين) من العاصمة والذهاب لمدن الجبل للتدرب على السلاح حتى نستعد لدخول العاصمة .. فخرجنا منها في مجموعة سمّت نفسها [ كتيبة شهداء العاصمة ] والتي تحوي الكثير والكثير من الثوّار، منهم الشيخ ومنهم الهرم ومنهم المهندس ومنهم الطبيب ومنهم الميكانيكي ومنهم العامل ومنهم ومنهم ومنهم ... خيرة شباب البلد يتدربون في كل مكان .. وصلنا للمعسكرات ( بعد أن خرجنا من ليبيا ودخلنا إليها عبر معبر آخر يربطها بتونس من جهة الجنوب ) تدربنا على الأسلحة جميعها، الخفيف منها والثقيل الرشاش منها والمدفعي .. واكتسبنا خبرةً في التكتيك العسكري والتخطيط ما أفادنا وزاد من خبرتنا ..
http://images.msoms-anime.net/images/30648793770874276700.jpg
● في حياتي كلّها لم أتنقل في ربوع بلدي كما اتنقلتُ في فترة الثورة .. عشنا مع بعضنا الحلو والمرّ نأكل ونشرب ونقاتل مع بعضنا حتى أصبحنا عائلة واحدة فبدأنا التحرك من مدينة إلى مدينة في القسم الغربي من البلاد .. من نالوت ( القريبة من الحدود الليبية التونسية ) إلى الزنتان وبدر وتيجي وغريان وغيرها من مدن ( الجبل الغربي ) .
فقدتُ في المعاركِ الكثير والكثير من رفاقي .. إخوتي الذين لم تلدهم أمي .. شعور الانسان عندما يفقد رفيقه ! اليوم نأكل ونشرب مع بعضنا وغدًا يصلّي أحدنا الجنازة على الآخر ويودعه .. والأمر الذي لن أنساه أبدًا والذي كان يمزّق القلب يومًا بعد يوم هو منظر الأم التي نوصل لها جثمان ابنها لتراه قبل دفنه، تودّعه وتقبِّل جبينه، وتدعو له بالمغفرة والثواب ( كيف أتخيّل أمي وهي في مكان والدة هذا الشهيد ) .. منظرٌ والله ينزل كسكاكين تمزق أحشائي .. أمٌّ تودّع ابنها ..
لا اله الا الله، محمد رسول الله
● تعلمتُ معنى أن التاريخ سيذكرني يومًا أني كنت من المقاتلين الذين ساهموا في تحرير البلد وأن أحفاذي سيفتخرون أن جدّهم شارك في الحرب ضد فرعون هذا العصر .
تعلمتُ معنى العيش بكرامة، أن أعيش فوق الأرض حرًا منتصرًا أو أن أكون تحتها شهيدًا مدافعًا عن ترابها .. تعلمتُ من الدروس ما غيّر نظرتي للحياة بأكملها .. تعلمتُ أن التقرب من الله عز وجل هو السبيل الوحيد للعيش حرًا مطمئنًّا، في الدنيا وهنيئًا في الآخرة .. تعلمتُ عند بداية التحرك في الجبهة أن الرصاصة أو القذيفة التي لم يكتب الله سبحانه وتعالى اسمي عليها لن تصيبني .. كلُّ ما كنّا نردده في جبهات القتال عند الاشتباك شيئان، لا ثالث لهما ..
الأول : (هو آيةٌ من ذكر الله الحكيم "وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى") صدق الله العظيم .
والثاني : ( القول العظيم، الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد .. الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولا إله إلا الله ..
النداء الملائكي .. شعار رسول الله يوم فتح مكّة ) .. هذا ما ننادي به من الفجر إلى الفجر !
وهنا أذكر لكم موقفًا بسيطًا عشته شخصيًا لأبيّن لكم أيها الأحبة هدفنا من القتال .. في جبهة قتال في منطقة تسمّى ( القواليش "في الجبل الغربي" ) وهي منطقة جبلية التضاريس تبعد عن العاصمة قرابة الـ(130) كم .. تقدمتُ برفقة ابن عمي مع مجموعة من الثوار في عملية استطلاع .. فأصيب ابن عمي فيها ووقع ! ظن الجميع أنه قد فارق الحياة ولكني لاحظت أنه قد أصيب في قدمه لأني كنت الأقرب إليه ! فأسرعت في اتجاهه ووجدته يتألّم ولا يستطيع النهوض، فاقتربتُ منه وقلت له : "يا ابن العم قمْ فالجنّة ليست اليوم "فأجابني وهو يقصد من رمى الرصاصة عليه "ابن الكلب ! لم يضربها في الرأس" كانت هذه هي العقيدة التي نتحرّك بها .. عقيدة أننا على حق وهم على باطل عقيدة أن قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار بإذن الله تعالى .
نحن نقاتل لنحرر وطننا وهم يقاتلون لابقاء طاغيةٍ على كرسي الحكم، وأخيرًا وليس آخرًا عرفتُ قيمة النضال الذي خاضه أجدادنا المجاهدين في حربهم ضد الاستعمار الإيطالي وأن التاريخ خلّدهم هم ولم يخلّد الخونة أو الطليان المستعمرين حينها .
● حتى دخل شهر رمضان، شهر المغفرة والغفران .. وأقسم بالله لجميع من يقرأ هذا الكلام أننا عندما كنّا نتحرك في الجبهات وفي أشد درجات الحرارة كان السحاب يتحرك معنا، لم نشعر بالعطش على الرغم من أن هناك من أفتى لنا بالافطار .. ولكن رفضنا وأصرّينا على الاستمرار وقد كان خير شهر .. شهر الفتوحات
فولله ما أن نبدأ في الدخول إلى مدينة أو بلدة في خط سيرنا نحو العاصمة إلا ويكتب الله لنا النصر المؤزّر .. وعندها يزداد الاصرار والعزيمة والرغبة في أن يكون شهر رمضان .. هو شهر تحرير العاصمة، ومن ثم أتى القرار العسكري بأن دخول مدينة طرابلس سيكون يوم 20 من شهر أغسطس الموافق 20 من شهر رمضان المبارك، تيمنًا بيوم فتح مكّة، مما زاد في اصرارنا على الوصول للعاصمة في ذلك اليوم وسرنا على النهج ذاته .. سدد الله رمياتنا ووفقنا حتى دخلنا إلى مدينتي ومسقط رأسي طرابلس الأسيرة حينها بعد غيابٍ طويل عنها ! وبدأتْ وقتها عملية تحرير ( فجر عروس البحر ) وهو الاسم الذي اختير لعملية تحرير مدينة طرابلس وبدأت معها العمليات والمداهمات حتى تم اسقاط أقوى وأشرس وأعنف معسكر ومقر رئاسي شهده تاريخ العرب !! وهو ما يعرف بـ( باب العزيزية يوم 8/23 والذي أحمد الله سبحانه وتعالى أن منّ علي وكنتُ ممن شاركوا في دكّ ذلك الحصن اللعين ) ألا وهو مقر معمر القذافي المحرّم على العباد ..
أكثر من 90% (على أقل تقدير) من ليبيا الآن محرّرة .. بقيت الجيوب في بعض البلدات فليبيا بلد كبيرة جدًا من حيث المساحة .
الآن التمشيط لا يزال معمولاً به على مدار الـ24 ساعة في اليوم والحراسات هي مهمة الثوار في طرابلس الآن .. أما بقية ثوار المدن فمنهم من رجع لمدينته ومنهم من يشارك في معارك التحرير الأخيرة لتحرير ما تبقى من المناطق التي لا تزال تحت قبضة الطاغية .
http://images.msoms-anime.net/images/30648793770874276700.jpg
هذه هي قصتي باختصار شديد .. لم تنتهي حربنا ضد الطاغية بعد ولن تنتهي حتى نرى رأسه تحت أقدامنا فهذا أقلّ شيء يمكن أن نجازيه به ..
كانت هذه آخر الكلمات التي وضعتها في هذا الموضوع بتاريخ 2011/10/11، واليوم ونحن في 2011/11/20
انهِ الموضوع بهذا الكلام ..
الحمد لله رب العالمين، نصرنا الله سبحانه وتعالى، ومكّننا من القضاء على الطاغية وتشريد عائلته
فبتاريخ 2011/10/20 تم قتل الطاغية ( معمّر القذافي )، ونجله ( المعتصم القذافي )
و بالأمس بتاريخ 2011/11/19 تم اعتقال ابنه المجرم ( سيف الإسلام القذافي ) - وحاشا الإسلام من اسم هذا الفاجر ..
أودّ أن أتقدم بجزيل الشكر والامتنان والعرفان لكل من صلّ وسجد ودعا لنا بالنصر .. من اتصل بي وأوصلني سلام الأحبة .. أود أن أشكر كل من ساند ثورتنا .. فليبيا هي بلدكم الثانية ومنزلكم وأنتم مرحبٌ بكم في أي وقت وأي ساعة .. هذا هو العشم أيها الأحبة ..
في النهاية .. نسأل الله العظيم، رب العرش العظيم .. أن ينصر الشعب التونسي، والشعب المصري، والشعب الليبي، والشعب اليمني، والشعب السوري، وكل شعوب الأمة العربية .. نسأل الله تعالى أن يوحد صف إخوتنا في تونس ومصر .. وأن ينصرنا في ليبيا للقضاء على الطاغية، وأن ينصر أهل اليمن السعيد في هدم عرش المعتوه ابن صالح .. وأن يزلزل الأرض من تحت أقدام بشارٍ اللعين .. اللهم يا رب العالمين، زلزل الأرض تحت أقدام هؤلاء الطغاة، اللهم كن معينًا ونصيرًا لأهل الشام .. اللهم احمهم وانصرهم من عندك يا الله، إنك لا تضيّع أجر المحسنين ..
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد آخر الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين .
أخوكم ومحبكم في الله : إيهاب الفلاح :)
تصميم فواصل الموضوع، الأخت Hope Tear
جزاها الله كل خير ووفقها لما يحب ويرضى
http://images.msoms-anime.net/images/65469131431191694373.jpg