المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ][يَــــــــوْمَ تُبْـــلَى السَّــــــرَائِرُ][



هالة
20-10-2011, 08:19 AM
بـسم اللهالرحمن الرحيم

http://i.cubeupload.com/aT5ycr.gif



إنَّ المتأمل في نفْسه ومَنْ حوله من الناس ليرى اهتمامًا بالغًا وانصرافًا تامًّا - إلا مَن رحم الله -
إلى العناية بالمظاهر المرئية، والأشكال السطحية، وغفلة تكاد تكون عامَّة عن العناية بالأعمال القلبيَّة، والذخائر الخفيَّة،
فكم يُتعب كثيرٌ من الناس نفْسَه، ويُرهق بدنه، ويذهب ماله دون أجر أو ثواب،
بل لربما لَحِقه من ذلك الوزر والعقاب - والعياذ بالله تعالى.

أليس يعمل بعض الناس ويُنفق طلبًا لمصالح دنيوية، وأغراض شخصية ؟،
وآخرون يُظهرون الحبَّ والتصنيع، ويُبطنون البُغض والقطيعة؟،
وغيرهم يتزيَّنون للناس بالطاعة، وإذا خلَوْا بارزوا الله بالمعصية!!
فالمظاهر زاهية والبواطِن واهية، وهم في ذلك ما بين مستقلٍّ ومستكثرٍ، والله المستعان؟!
مظاهرُ تخلب الأبصار، ولكن ماذا لو انكشف الخمار، وأزحنا الستار عمَّا تكنه القلوب وتخفيه، ويُجلله الظلام ويغطيه؟
مما لا يطلع عليه إلا الله، ولا يعلمه أحد سواه؟!

http://i.cubeupload.com/HceD5h.jpg

يقول الله - تعالى -: ﴿ قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 29]،
﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴾ [غافر: 19]،
﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ ﴾ [الحديد: 4].
إنَّها الغفلة التي تجعل العبد يُبدي ما لا يُخفيه، ويُخفي ما لا يُبديه؛
﴿ أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى ﴾ [العلق: 14]،
﴿ يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ ﴾ [النساء: 108]،
إنَّ العناية بالسريرة وهي ما يستتر عن الناس، ولا يطلع عليه إلا الله مِن أعمال القلب أو الجوارح، لهو أمرٌ في غاية الأهمية،
ويزداد أهميةً كلما رأينا إغفالَ الناس له مع قلة التذكير به، قال حذيفةُ بن قتادة: "إنْ أطعتَ الله في السِّر أصلح قلبَك شئت أو أبيت"

^
كانت هذه مقدمة من خطبة الذخيرة في إصلاح السريرة للشيخ محمد بن ابراهيم بن سعود السبر
http://i.cubeupload.com/HceD5h.jpg

الفهرس :
محاضرة ومقتطفات
تفسير أية الطارق
أحوال السلف مع السرائر
علامات صفاء السريرة
نصائح لأصلاح السريرة
أقوال في السريرة

http://i.cubeupload.com/HceD5h.jpg
http://i.cubeupload.com/1LwsHU.jpg

http://i.cubeupload.com/EYpsJV.jpg

محاضرة بعنوان : إياكم وشرك السرائر
للشيخ : محمد سعيد رسلان
للتحميل من :هنا
(http://www.4shared.com/audio/uPC96c_H/255_01.html)http://i.cubeupload.com/Rr4uBr.jpg
يوم تبلى السرائر/ الشيخ صالح المغامسي مؤثر~

http://www.youtube.com/watch?v=cGkO6U8sql0

http://i.cubeupload.com/Rr4uBr.jpg
السريره-الشيخ صالح المغامسي

http://www.youtube.com/watch?v=DAzmau8bd9g

السرائر هي الطريق الأعظم لحسن الخاتمة
هنا (http://www.mashahd.net/video/37850e70ab47fa300453&s=1)


http://i.cubeupload.com/HBY1A4.jpg

http://i.cubeupload.com/n2TzUA.jpg


يقول الله عز وجل : (( إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ * يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ * فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلاَ نَاصِرٍ ))( الطارق : 8-10 ).
هذه آية عظيمة من كتاب الله عز وجل يذكِّر الله سبحانه عباده فيها بشأن القلوب وأعمالها وسرائرها مما لا يعلمه الناس وهو بها عالم.

كما ينبه الله عز وجل من خلال هذه الآية إلى أن هذه السرائر ستبلى وتُختبر يوم القيامة،
ويظهر ما فيها من الإخلاص والمحبة والصدق أو ما يضادها من النفاق والكذب والرياء.

http://i.cubeupload.com/HceD5h.jpg

قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : " يبدي الله يوم القيامة كل سر فيكون زيناً في الوجوه، وشيناً فيها،
والمعنى: تختبر السرائر بإظهارها، وإظهار مقتضياتها من الثواب والعقاب، والحمد والذم " .

مما سبق يتبين لنا عِظَمُ شأن القلب وخطورة السريرة حيث إنها محط نظر الله عز وجل وعليها مدار القبول عنده سبحانه،
وحسب صلاحها وفسادها يكون حسن الخاتمة وسوؤها.
كما قال صلى الله عليه وسلم: ( إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ).
وكلما صلحت السريرة تمت الأعمال الصالحة وزكت ولو كانت قليلة، والعكس من ذلك في قلة بركة الأعمال حينما تفسد السريرة ويصيبها من الآفات ما يصيبها.
وهذا هو الذي يفسر لنا تفوُّق أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم على غيرهم ممن جاء بعدهم، ممن قد يكون أكثر من بعض الصحابة عبادة وقربات؛
حيث إن أساس التفاضل بين العباد عند الله عز وجل هو ما وقر في القلب من سريرة صالحة مطابقة لما ظهر في العلانية من أعمال وأقوال.
ويوضح هذا الأمر قوله صلى الله عليه وسلم : ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ).

ويشرح هذا ما نقله صاحب الحلية رحمه الله تعالى عن وهب من قوله:
" ولا تظنن أن العلانية هي أنجح من السريرة؛ فإن مثل العلانية مع السريرة كمثل ورق الشجر مع عرقها العلانية ورقها والسريرة عِرقها،
إن نُخِرَ العرق هلكت الشجرة كلها ورقها وعودها، وإن صلح صلحت الشجرة كلها : ثمرها ، وورقها.
فلا يزال ما ظهر من الشجرة في خير ما كان عرقها مستخفياً لا يُرى منه شيء.
كذلك الدين لا يزال صالحاً ما كان له سريرة صالحة يصدق الله بها علانيته؛
فإن العلانية تنفع مع السريرة الصالحة كما ينفع عِرق الشجرة صلاح فرعها، وإن كان حياتها من قِبَلِ عرقها فإن فرعها زينتها وجمالها.
وإن كانت السريرة هي ملاك الدين فإن العلانية معها تزين الدين وتجمِّله إذا عملها مؤمن لا يريد بها إلا رضاء ربه عز وجل" .

http://i.cubeupload.com/1LwsHU.jpg



قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :
وقوله : {يوم تبلى السرائر} أي تختبر السرائر ، وهي القلوب ، فإن الحساب يوم القيامة على ما في القلوب ،
والحساب في الدنيا على ما في الجوارح ، ولهذا عامل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم المنافقين معاملة المسلمين
حيث كان يُستأذن في قتلهم فيقول : «لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه» ،
فكان لا يقتلهم وهو يعلم أن فلانًا منافق ، وفلانًا منافق ، لكن العمل في الدنيا على الظاهر ويوم القيامة على الباطن .

http://i.cubeupload.com/Rr4uBr.jpghttp://i.cubeupload.com/Rr4uBr.jpg

قال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله تعالى :
{يوم تبلى السرائر} أي تختبر سرائر الصدور ، ويظهر ماكان في القلوب من خير وشر على صفحات الوجوه ،
قال تعالى :" يوم تبيض وجوه وتسود وجوه " ، ففي الدنيا تنكتم كثير من الأمور ، ولا تظهر عيانا للناس ،
وأما في القيامة ، فيظهر برُّ الأبرار ، وفجور الفجّار ، وتصير الأمور علانية )

http://i.cubeupload.com/Rr4uBr.jpghttp://i.cubeupload.com/Rr4uBr.jpg


ويقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى
في تفسير قوله تعالى : (( يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ )) : " وفي التعبير عن الأعمال بالسر لطيفة، وهو أن الأعمال نتائج السرائر الباطنة؛
فمن كانت سريرته صالحة كان عمله صالحاً، فتبدو سريرته على وجهه نوراً وإشراقاً وحياء.
ومن كانت سريرته فاسدة كان عمله تابعاً لسريرته، لا اعتبار بصورته،فتبدو سريرته على وجهه سواداً وظلمة وشيناً،
وإن كان الذي يبدو عليه في الدنيا إنما هو عمله لا سريرته فيوم القيامة تبدو عليه سريرته، ويكون الحكم والظهور لها " .

وقال أيضاً في تفسير : قوله تعالى : (( يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ )) [ الطارق : 9 ] أي : تختبر.
وقال مقاتل: تظهر وتبدو؛ وبلوتَ الشيء إذا اختبرتَه ليظهر لك باطنه، وما خفي منه.
والسرائر جمع سريرة، وهي سرائر الله التي بينه وبين عبده في ظاهره وباطنه لله؛
فالإيمان من السرائر، وشرائعه من السرائر،
فتختبر ذلك اليوم حتى يظهر خيرها من شرها، ومؤديها من مضيعها،
وما كان لله مما لم يكن له.

http://i.cubeupload.com/Rr4uBr.jpghttp://i.cubeupload.com/Rr4uBr.jpg

قال عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما-:
يُبدي الله يوم القيامة كل سرٍ فيكون زيناً في الوجوه، وشينًا فيها، والمعنى تختبر السرائر بإظهارها، وإظهار مقتضياتها من الثواب والعقاب، والحمد والذم ).



http://i.cubeupload.com/HBY1A4.jpg
http://i.cubeupload.com/fPOiIK.jpg


لقد كان سَلَفُ الأمَّة أشدَّ عنايةً بإصلاح سرائرهم، وحفظ جوارحهم،
وأخبار في ذلك كثيرة ومتنوعة، وبخاصة فيما يتعلق بمحبة الله عز وجل، والخوف منه وإخلاص العمل له سبحانه، ومن ذلك:
http://i.cubeupload.com/HceD5h.jpg

x في الصلاة : يقول سلام بن أبي مطيع: كان أيُّوب يقوم الليل يُخفِي ذلك، فإذا كان قبيل الصبح رفَع صوته كأنَّه إنما قام تلك الساعة.
في الصيام : عن إسحاق بن خف قال: أقام عمرُو بن قيس عشرين سنَةً صائمًا ما يعلم به أهلُه، يأخذ غداءَه، ويغدو إلى الحانوت فيتصدَّق بغدائه ويصوم وأهلُه لا يدرون.
في القرآن : عن الأعمشِ قال: كنت عند إبراهيم النَّخَعي، وهو يقرأ في المصحف، واستأذن عليه رجل، فغطَّى المصحف، وقال: لا يرَى هذا أني أقرأ فيه كلَّ ساعة.
وفي البكاء: عن حمَّاد بن يزيد قال: كان أيُّوبُ ربَّما يُحدِّث بالحديث فيُرى، فيلتفت ويمتخط، فيقول: ما أشدَّ الزكامَ!

x عن القاسم بن محمد قال: كنَّا نُسافر مع ابن المبارك، فكثيرًا ما كان يخطرُ ببالي فأقول في نفسي: بأيِّ شيءٍ فُضل هذا الرجل علينا، حتى اشتهر في الناس هذه الشهرة،
إن كان يصلي إنا لنصلي، ولئن كان يصوم إنا لنصوم، وإن كان يغزو فإنَّا لنغزو، وإن كان يحجَّ إنا لنحج.
قال : فكنَّا في بعض مسيرنا في طريق الشام، ليلة نتعشى في بيتٍ إذ طفئ السراج،
فقام بعضنا فأخذ السراج وخرج يستصبح، فمكث هنيهةً ثم جاء بالسراج، فنظرتُ إلى وجه ابن المبارك ولحيته قد ابتلت من الدموع،
فقلت في نفسي: بهذه الخشية فُضل هذا الرجل علينا، ولعلهُ حين فقد السراج، فصار إلى الظلمة ذكر القيامة .

x وعن نعيم بن حمـاد قال: سـمعت ابن المبـارك يـقول: ما رأيـتُ أحدًا ارتفع مثـل مالك، ليس لهُ كثيرُ صلاة ولا صيام، إلاَّ أن تكون له سريرة . .

x وعن خالد بن صفوان قال: لقيتُ مسلمة بن عبد الملك فقال: يا خالد: أخبرني عن حسن أهل البصرة (يعني الحسن البصري)
قلت: أصلحك الله، أخبرك عنه بعلمٍ أنا جاره إلى جنبه، وجليسه في مجلسه، وأعلم من قبلي به، أشبه الناس سريرةً بعلانية، وأشبهه قولاً بفعل،
إن قعد على أمرٍ قام به، وإن قام على أمرٍ قعد عليه، وإن أمر بأمرٍ كان أعمل الناس به، وإن نهى عن شيءٍ كان أتركُ الناس له، رأيتهُ مستغنيًا عن الناس،
ورأيت الناس محتاجين إليه، قال: حسبك كيف يضل قوم هذا فيهم.
http://i.cubeupload.com/HceD5h.jpg

هؤلاء رجالٌ مؤمنون يحفظ الله بهم الأرْض، بواطنهم كظواهرِهم بل أجْلَى، وسرائرهم كعلانيتهم بل أحْلَى، وهمتهم عند الثريا بل أعْلَى، إن عُرِفوا تنكَّروا، وإن رُئيت لهم كرامةٌ أنكروا، فالناس في غفلاتهم وهم في قطع فلاتهم، تحبُّهم بقاع الأرض، وتفْرَح بهم أملاك السماء.فهلا استيقظت الهمَّة وانكشفت الغُمَّة، واتضحت الطريق للحاق بهم ولو في الساقة أو من بعيد، فلله هاتيك القلوب وما انطوتْ عليه من الضمائر، وماذا أودعنه مِن الكنوز والذخائر، ولله طيب أسرارِها يوم تُبْلَى السرائر.
قيل للحسن: سبقَنَا القوم على خيلٍ دُهمٍ، ونحن على حُمُرٍ معقرة،
فقال: إن كنتَ على طريقهم فما أسرعَ اللحاق بهم.نسأل الله - عزَّ وجلَّ - التوفيقَ لاتباعهم، وأَن يجعلنا من أتباعهم.

http://i.cubeupload.com/HBY1A4.jpg
http://i.cubeupload.com/R9eUca.jpg

هذه بعض العلامات الدالة على صفاء وصلاح سريرة العبد، وسلامة قلبه، وضدها سيدل على فساد سريرتة ومرض قلبه.
ومن هذه العلامات:




http://i.cubeupload.com/u90Ieh.jpgعناية العبد بأعمال القلوب، ومنها إخلاص الأعمال والأقوال لله عز وجل، ومحاولة إخفائها عن الناس، وكراهة الشهرة والظهور، والزهد في ثناء الناس. ويضاد ذلك الرياء، وإرادة الدنيا بعمل الآخرة، وحب الظهور.
http://i.cubeupload.com/u90Ieh.jpgالتواضع والشعور بالتقصير، والانشغال بإصلاح النفس وعيوبها، ويضاد ذلك الكبر والعجب، والولع بنقد الآخرين.
http://i.cubeupload.com/u90Ieh.jpgالإنابة إلى الدار الآخرة، والتجافي عن الدنيا، والاستعداد للرحيل، وحفظ الوقت، وتدارك العمر، ويضاد ذلك الركون إلى الدنيا، وامتلاءُ القلب بهمومها ومتاعها الزائل، ونسيان الآخرة، وقلة ذكر الله عز وجل، وتضييع الأوقات.
http://i.cubeupload.com/u90Ieh.jpgسلامة القلب من الحقدِ والغلِ والحسد، ويضادُ ذلك امتلاؤه بهذه الأمراض- عياذًا بالله -.
http://i.cubeupload.com/u90Ieh.jpgالتسليم لأمر الله عز وجل، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم دون لماذا وكيف؟؟ ويضاد ذلك الولوع بالمتشابهات، والخواطر الرديئة.
http://i.cubeupload.com/u90Ieh.jpgالاهتمام بأمر الدين والدعوة إلى الله عز وجل، والجهاد في سبيلـه جلَّ وعلا، ومحبة كل داعيةٍ إلى الخير والحق، والدعاء له والتعاون معه على البر والتقوى، ويضاد ذلك القعود عن تبليغ دين الله عز وجل، وعدم الاهتمام به، بل إذا صفى له مأكله ومشربه ومسكنه، وغير ذلك من متاع الدنيا الزائل، فلا يهمه بعد ذلك شيء، وقد لا يقفُ الأمر في فساد السريرةِ عند هذا الحد، بل قد يتعداه إلى مناصبة الداعين إلى الحق العداء، أو التشهير بهم، والتشكيك في نواياهم، ومحاولة إحباط جهودهم الخيرة.
http://i.cubeupload.com/u90Ieh.jpgشدة الخوف من الله عز وجل، ومراقبته في السر والعلن، والمبادرةِ بالتوبة والإنابة من الذنب، ويضاد ذلك ضعف الوازع الديني، وقلة الخوف من الله جلَّ وعلا، بحيث إذا خلا بمحارم الله عز وجـل انتهكها، وإذا فعل معصيةً لم يتب منها، بل أصر عليها وكابر وتبجح.
http://i.cubeupload.com/u90Ieh.jpgالصدق في الحديث، والوفاء بالعهود وأداء الأمانة، وإنفاذ الوعد، وتقوى الله عز وجل في الخصومة، فكلُّ هذه الخصال تدلُ على صلاحٍ في السريرة، لأنَّ أضداد هذه الصفات إنما هـي من خصال المنافقين، الذين فسدت سرائرهم،كما أخبر بذلك الرسـول صلى الله عليه وسلم بقوله: (( أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خلة منهن كان فيه خلة من نفاق:إذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا وعد أخلف وإذا خاصم فجر)) البخاري ، كتاب الإيمان ( 34 ) ، مسلم ( 58 ) واللفظ له ، ويدخل في ذلك ذو الوجهين، الذي يلقى هؤلاء بوجه، وهؤلاء بوجه.
http://i.cubeupload.com/u90Ieh.jpgقبول الحق والتسليم له، من أي جهة كان، ويضاد ذلك التعصب للأخطاء، والجدال بالباطل، وإتباع الهوى في ذلك.






http://i.cubeupload.com/HBY1A4.jpg
http://i.cubeupload.com/R8KGPV.jpg
بعض الثمرات العظيمةِ لصلاح السريرة:




http://i.cubeupload.com/u90Ieh.jpgنزول الطمأنينة والسكينة في قلبِ من صلحت سريرته وثباته، أمام فتن الشبهات والشهوات، وابتلاءات الخير والشر.
http://i.cubeupload.com/u90Ieh.jpg إلقاء المحبة لمن صلحت سريرته بين الناس، مما يكون لهُ الأثر في قبول كلامه ونصحه، وأمره ونهيه.
http://i.cubeupload.com/u90Ieh.jpg أثر صلاح الباطن والسريرة في حسن الخاتمة، حيث ما سمع ولا علم - ولله الحمد - بأن صاحب السريرة الصالحة، والقلب السليم قد خُتم له بسوء، وإنما يكون ذلك لمن فسدت سريرته، وباغتهُ الموت قبل إصلاح الطوية.
http://i.cubeupload.com/u90Ieh.jpg القبول عند الله عز وجل يوم القيامة، ومضاعفة الحسنات، وتكفير السيئات، قال الله عز وجل: (( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً )) ( الطلاق : 5 ) .
وقال تعالى : (( إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)) (المائدة: 27) .
http://i.cubeupload.com/u90Ieh.jpg تفريج الكربات، وإعانة الله عز وجل للعبد عند حدوث الملمات والضائقات، كما حصل لأصحاب الغار.
http://i.cubeupload.com/u90Ieh.jpg الهداية إلى الحق، والتوفيق إلى الصواب، عندما تحتار العقول والأفهام.




http://i.cubeupload.com/HBY1A4.jpg

http://i.cubeupload.com/iwNPzm.jpg

إنَّ العناية بإصلاح أعمال القلوب مِن أهمِّ المهمات، وأوجب الواجبات، وأجلِّ القربات والطاعات؛ لذا كان ينبغي للعبد أن يتعرَّف على ما يحبُّ الله ويرضاه، وأن يُخلص قلبه ممَّا يضاده.
وهناك وسائلُ تُعدُّ ذخيرةً لإصلاح السريرة، وهي كثيرة منها :



http://i.cubeupload.com/u90Ieh.jpgالخلوة المشروعة : إنه لا بدَّ للعبد من أوقات يخلو بها مع نفسه، يَذكُره ويناجيه، ويحاسب نفسه ويعاتبها، ويتدبَّر ويَتَفَكَّر، وإلا وقَع في شِراك الغفلة، وقساوة الخُلطة.
يقول ابن القيِّم - رحمه الله -: "من فقَدَ أُنسه بين الناس ووجدَه في الوحدة فهو صادق ضعيف، ومَن وجده بين الناس وفقدَه في الخلوة فهو معلول، ومن فقَدَه بين الناس وفي الخلوة فهو ميِّت مطرود، ومن وَجَده في الخلوة وبين الناس فهو المحب الصادق القويُّ في حاله، ومَن كان فتحه في الخلوة لَم يكن مزيدُه إلا منها، ومن كان فتحُه بين الناس ونصحهم وإرشادهم كان مزيدُه معهم، ومَن كان فتحه في وقوعه مع مراد الله حيث أقامه وفي أيِّ شيءٍ استعمله، كان مزيدُه في خلوته ومع الناس".
قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ورجلٌ ذَكَر الله خاليًا ففاضتْ عيناه)).



http://i.cubeupload.com/HceD5h.jpg



http://i.cubeupload.com/u90Ieh.jpgالمراقبة : وهي أن يتيقَّن العبد بأنَّ الله تعالى مطلعٌ عليه، وأنه لا تخفَى عليه خافية، مهما بالَغ العبدُ في إخفائها؛
قال - تعالى -: ﴿ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ [التغابن: 4].
فمتى ما أحسَّ العبدُ بانفراده وخلوته، وتحرَّكَ في نفسه داعي المعصية، فليتذكَّر أنَّ الله يعلم خائنةَ الأعين وما تُخفي الصدور، فيدفع تلك الخاطِرة، ولسان حاله يقول:ذ
وإذا خلوت بريبة في ظلمة *** والنفس داعية إلى الطغيانِ
فاستحيي من نظر الإله وقل لها *** إن الذي خلق الظلام يراني







http://i.cubeupload.com/HceD5h.jpg





http://i.cubeupload.com/u90Ieh.jpgالحياءُ من الله - جل وعلا - :وهي مِن أعظمِ وسائل إصلاح السرائر؛ لأنَّ الحياء من الله تعالى يدفع إلى تَرْك كلِّ قبيح يكرهه الله، وفِعْل كل خير يحبُّه الله بحيث لا يراك أبدًا حيث نهاك، ولا يفقدك حيث أمرَك،
قال رجلٌ ذات يوم للنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: أوْصِني قال: ((أوصيك أن تستحي الله كما تستحي رجُلاً صالحًا مِن قومك))؛ حديث صحيح السلسلة الصحيحة ، قال عبدُالله بن مسعود - رضي الله عنه -: مَن صلَّى صلاةً والناسُ ينظرون إليه، فإذا خلا فليصلِّ مثلها، فإن لم يفعلْ فإنَّه استهانةٌ يستهين بها ربه، ألا يستحي أن يكونَ الناسُ أعظمَ في عينه مِن الله تعالى؟



http://i.cubeupload.com/HceD5h.jpg


http://i.cubeupload.com/u90Ieh.jpg تذكُّر المسائلة بين يدي الرب - عزَّ وجلَّ - : فيتذكر العبدُ موقف الحساب والعرْض على ربِّ الأرباب؛ قال - تعالى -: ﴿ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ ﴾ [الحاقة: 18]، ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ ﴾ [الصافات: 24]، وقد وقَف الناسُ للحساب، ودنت الشمس من رؤوس العباد، وجِيء بجهنمَ تُقاد بسبعين ألف زِمام، ووقَف الملائكة الكِرام، واشتدَّ الزحام، ﴿ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا ﴾ [طه: 108]، فيتذكر ذلَّه وفرَقَه عندما يُدْعَى للوقوف بين يدي الجليل؛ قال - تعالى -: ﴿ إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ﴾ [مريم: 93 - 95]، بأيِّ قدَم تقف بين يدي الله، وبأيِّ عمل تَقْدَمُ عليه؟ وبأيِّ لسانٍ تتحدَّث إليه، وفي يدِك كتاب عملك لا يُغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلا أحْصاها.فأعِدَّ للسؤال جوابًا، وللجواب صوابًا.



http://i.cubeupload.com/HceD5h.jpg



http://i.cubeupload.com/u90Ieh.jpgالتوبة: فإنَّ التائب من الذنب كمَن لا ذنبَ له، فيتوبُ العبدُ توبةً نصوحًا خاصَّة لله تعالى، يقلعُ معها عن معاصيه، ويندم على ما سَلَف في ماضيه، ويعزم على ألاَّ يعود.

يقول الربيع بن خثيم: السرائر اللاتي يخفين من الناس وهُنَّ لله بواد، الْتمسوا دواءَهنَّ، وما دواؤهن؟ إلا أن تتوبَ فلا تعود.




http://i.cubeupload.com/HceD5h.jpg



http://i.cubeupload.com/u90Ieh.jpgالإكثارُ مِن الأعمال الصالِحة : في السرِّ والعَلَن والاشتغال بما ينْفَع:فالأعمال الصالحة مِن المحافظة على الفرائِض، والإكثار من النوافِل، والمداومة على الذِّكْر سببٌ في الهداية والتوفيق، والمحبَّة والحفظ من الله ربِّ العالمين؛ قال - تعالى -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ ﴾ [يونس: 9]، وقال: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ﴾ [العنكبوت: 69]، قال أبو الحسن الزاهِد - رحمه الله - عندما سُئِل: كيف الطريق إلى الله تعالى؟ قال: كما عصيتَ الله تعالى سرًّا، تطيعه سرًّا، حتى يدخلَ إلى قلبك لطائفُ البر.



http://i.cubeupload.com/HceD5h.jpg



http://i.cubeupload.com/u90Ieh.jpg الدعاء: فيُكثر العبدُ مِن الدعاء والتضرُّع لله - عزَّ وجلَّ - أن يُصلِح سريرتَه، ويطهر باطنَه ويتحرَّى بذلك أوقاتَ الإجابة، وأسباب الاستجابة. ومِن تلك الأدعية: قوله تعالى: ﴿ رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ ﴾ [إبراهيم: 38]، وقوله تعالى: ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [آل عمران: 8]، وقوله تعالى: ﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 10].ومما ورد في السُّنة المطهَّرَة عن علي - رضي الله عنه - قال: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذا قام إلى الصلاة يكون مِن آخِر ما يقول بين التشهُّد والتسليم: ((اللهمَّ اغفِرْ لي ما قدمتُ وما أخَّرْت، وما أسررتُ وما أعلنت، وما أسرفتُ، وما أنتَ به أعلم مني، أنتَ المقدِّم وأنت المؤخِّر لا إله إلا أنت))؛ رواه مسلم.



http://i.cubeupload.com/HBY1A4.jpg
http://i.cubeupload.com/MPLUYn.jpg




عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: " أنتم أطول صلاة وأكثر اجتهاداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم كانوا أفضل منكم، قيل له: بأي شيء؟ قال: إنهم كانوا أزهد في الدنيا وأرغب في الآخرة منكم".

وعن الحسن- رحمه الله تعالى- قال: ابن آدم، لك قولٌ وعمل، وعملك أولى بك من قولك، ولك سريرةٌ وعلانية، وسريرتك أولى بك من علانيتك .

وعن ابن عيينة- رحمه الله تعالى- قال : (( إذا وافقت السـريرة العـلانية فذلك العدل، وإذا كانت السريرة أفضل من العلانية فذلك الفضـل، وإذا كانت العلانية أفضل من السريرة فذلك الجور)).

وعن عبد الله بن المبارك- رحمه الله تعالى- قال: قيل لحمدون بن أحمد، ما بال كلام السلف أنفعُ من كلامنا؟! قال: لأنَّهم تكلموا لعزِّ الإسلام، ونجاة النفوس، ورضا الرحمن، ونحن نتكلمُ لعز النفوس، وطلب الدنيا، ورضا الخلق.

ويقول ابن القيم- رحمه الله تعالى- : (( فكل محبةٍ لغيره فهي عذابٌ على صاحبها، وحسرةٌ عليه، إلاَّ محبته، ومحبة ما يدعو إلى محبته، ويعين على طاعته ومرضاته، فهذه هي التي تبقى في القلب يوم تبلى السرائر)).

قال الشيخ تقي الدين - رحمه الله -: "فأخبر أنَّ صلاح القلب مستلزمٌ لصلاح سائرِ الجسد، وفساده مستلزمٌ لفساده، فإذا رأى ظاهر الجسد فاسدًا غير صالح علم أنَّ القلب ليس بصالِح بل فاسد، ويمتنع فساد الظاهر مع صلاحِ الباطن، كما يمتنع صلاح الظاهر مع فساد الباطن؛ إذ كان صلاح الظاهر وفساده ملازمًا لصلاح الباطن وفساده"، وقال أبو حاتم: "قطبُ الطاعات للمرءِ في الدنيا: هو إصلاح السرائر، وترْك إفساد الضمائر"، وسُئل أحمد بن الخضر: أيُّ الأعمال أفضل؟ فقال: "رعاية السِّرِّ عن الالتفات إلى شيءٍ غيرِ الله - عزَّ وجلَّ" اهـ.فينبغي للمرء المسلم أن يعتنيَ بهذا الباب العظيم بالقلْب وإصلاحه، وتزكيته وتهذيبه؛ قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: "أعمال القلوب أفضلُ مِن أعمال الجوارح"

قال الحسن البصري رحمه الله:
(والله ما سبقهم أبو بكر بصلاة ولا صوم ، وإنما سبقهم بما وقر في قلبه من الإيمان ) ، والإيمان إذا وقر في القلب حمل الإنسان على العمل ، لكن العمل الظاهر قد لا يحمل الإنسان على إصلاح قلبه ، فعلينا أن نعتني بقلوبنا وأعمالها ، وعقائدها ، واتجاهاتها ، وإصلاحها ، وتخليصها من شوائب الشرك والبدع ، والحقد والبغضاء ، وكراهة ما أنزل الله على رسوله وكراهة الصحابة رضي الله عنهم ، وغير ذلك مما يجب تنزيه القلب عنه .

إذا ما قال لي ربي *** أما استحييت تعصيني
وتخفي الذنب عن خلقي *** وبالعصيان تأتيني

قال بعض السلف : " اتق الله أن يكون أهون الناظرين إليك ".

وقال بعضهم : " خف الله على قدر قدرته عليك ، واستحي منه على قدر قربه منك " .

قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : (( القوة في العمل أن لا تؤخر عمل اليوم للغد، والأمانة ألاَّ تخالف سريرةٌ علانية، واتقوا الله عز وجل،فإنما التقوى بالتوقي،ومن يتق الله يقه ))

وعن عثمان رضي الله عنه قال : ( ما أسرَّ أحدٌ سريرة إلاَّ أظهرها الله على صفحاتِ وجهه، وفلتات لسانه) .


يقول الشيخ / صالح المغامسي :
( على المرء أن يتخذ لنفسه سريرة يتاجر بها مع الله .. فالمتاجرة مع الله تجارة رابحة ، بهذه السريرة يحقق الله لك الغايات .. ويدفع عنك المكروهات ) .

قال ابن رجب رحمه الله :"خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لايطلع عليها الناس".

وقال بعضهم : ( كم من معصية في الخفاء منعني منها قوله تعالى : " ولمن خاف مقام ربه جنتان " ) .

قال العلامة ابن قيم الجوزية -رحمه الله تعالى-من كتابه " إغاثة اللهفان " :
((ولله هاتيك القلوب وما انطوت عليه من الضمائر ،،وماذا أودعته من الكنوز والذخائر ،،ولله طيب أسرارها ولا سيما ،،يوم تبلى السرائر.

سيبدو لها طيب ونور وبهجة *** وحسن ثناء يوم تبلى السرائر"

روي عن سلمان الفارسي رضي الله عنه أنه قال : ( إن لكل امرئ جوانيا وبرانيا ... فمن يصلح جوانيه يصلح الله برانيه ... ومن يفسد جوانيه يفسد الله برانيه ) .

كان لقمان الحكيم يقول لابنه : يا بني اتق الله ، ولا ترِ الناس أنك تخشى الله عز وجل ليكرموك بذلك وقلبك فاجر .

قال شيخ الإسلام رحمه الله : أعمال القلوب أفضل من أعمال الجوارح .

وقال بعض السلف : إذا استوى علانية العبد مع سريرته قال الله هذا عبدي حقاً .

وقال أبو الدرداء رضي الله عنه : استعيذوا بالله من خشوع النفاق ، وقيل له وما خشوع النفاق ؟ قال أن يُرى الجسد
خاشعاً والقلب ليس بخاشع .

قال الحسن البصري رحمه الله : من النفاق اختلاف القلب واللسان ، واختلاف السر والعلانية ، والمدخل والمخرج .

قال بعض العلماء : أقرب الناس من النفاق من يرى أنه بريء من النفاق .

قال ابن الجوزي رحمه الله :
·والله لقد رأيت من يكثر الصلاة والصوم والصمت، ويتخشع في نفسه ولباسه، والقلوب تنبو عنه، وقدره في النفوس ليس بذاك.
· ورأيت من يلبس فاخر الثياب وليس له كبير نفل ولا تخشع، والقلوب تتهافت على محبته.
فتدبرت السبب فوجدته السريرة، كما روي عن أنس بن مالك أنه لم يكن له كبير عمل من صلاة وصوم، وإنما كانت له سريرة.

فالله الله في السرائر، فإنه ما ينفع مع فسادها صلاح ظاهر.





http://i.cubeupload.com/1LwsHU.jpg



ختاما :

مما سـبق يتبين لنا عظم شأن القلب والسريرة، حيثُ إنَّها محطُّ نظر الله عز وجل، وعليها مـدارُ القبـول عنده سبحانه،
وحسب صلاحها وفسادها يكون حسـن الخاتمة وسوؤها، وكلما صلحت الســريرة نمـت الأعمال الصالحة، وزكت،
ولو كانت قليلةً والعكس، من ذلك في قلة بركة الأعمال، حينما تفسد السريرة ويصيبها من الآفات ما يصيبها.

فلنحرص على إصلاح السرائر ... قبل أن تبلى السرائر .
أسأل الله أن يرزقنا الحياء منه تعالى ... في سرنا ... وعلانيتنا .
كما أسأله تعالى أن يصلح قلوبنا ، ونياتنا ... وأن يديم علينا ستره ... ويرحمنا بمغفرته ، وعفوه .

أمين

http://i.cubeupload.com/HBY1A4.jpg



http://i.cubeupload.com/87q0A3.gif

ابن القلعة
20-10-2011, 06:24 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

إلى حين تتمة الموضوع ...

جزاك الله خيرا وبارك الله فيك

والحمد لله على كثرة المواضيع المميزة هذه الأيام دمتم داعين إلى الله

بأحسن حلة وأجمل طريقة

أبو رويم
20-10-2011, 06:41 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ماشاء الله ماشاء الله موضوع مميز أختى
جزاكِ الله خيرا عليه وبارك فيكِ وجعله فى ميزان حسناتك
ووفقكِ لكل خير

معاذة
20-10-2011, 09:59 PM
ماشاء الله تبارك الله
جهدٌ تشكرين عليه
كتب الله أجرك ونفع بك ..

[ اللــيـــث ]
20-10-2011, 10:34 PM
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته ،،

أحسن الله إليكم و زادكم علما و فقها وقبولا،،
و لاتزال الأمة بخير ما دام يتدبر كتابها العزيز،،
و يرعى أفرادها بواطنهم
جعلكم الله مباركين أينما كنتم،،
ونفع بكم الاسلام و المسلمين،،
و كتب لكم التوفيق و القبول .

فــي آمـــان الله

حلم انسانهـ
20-10-2011, 11:38 PM
موضوع أكثر من رآئع وقيم جدا

زآدك الله من فضله ونفع بك الاسلام والمسلمين

[مِسعَرُ حَرب
20-10-2011, 11:48 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

ما شاء الله ، أحسنتِ في الطرح ووفقت في الانتقاء ..

صلاح السريرة وسلامتها من صلاح الظاهر ..

وفقكم الله وبارك فيكم

معتزة بديني
21-10-2011, 01:37 AM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ما شاء الله ، موضوع متميز بحق
رعاكِ الله وحفظك اخية من كل مكروه وسوء
ودامك الله داعية متميزة ، وجعل عملك في ميزان حسناتك
وإلى تكملة القراءة ، أتركك في حفظ الله ورعايته

Forest Girl
26-10-2011, 06:58 PM
وعليكم السلام ورحمة الله
جزاكِ الله خير أختي هالة http://www.smo-3shg.com/vb/images/icons/ks1.gif على هذه المواضيع النافعه والمذكره لنا ،
وترتيبك للموضوع وجميع هذه الكلمات والمقاطع يشدني لأقراء الموضوع
باذن الله سأقرأه ولكِ الأجر والثواب ..
الله يسعدك ويسر أمورك يارب ..
شُكراً لكِ ..
أسأل الله لي ولكم الثبات حتى الممات