مشاهدة النسخة كاملة : ۩ دفاعاً عن الآل والأصحاب | وردُّ كل مفترٍ كذّاب ۩ "
[مِسعَرُ حَرب
25-12-2011, 11:14 AM
http://i.cubeupload.com/ZAv998.jpg
http://i.cubeupload.com/G57OOp.png
الحمد لله ؛ إله الأولين والآخرين ، وصلى الله على محمد ؛ خاتم النبيين ، وعلى آله الطيبين الطاهرين ، وصحابته العدول الراشدين ، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين .
إخواني ،، أخواتي .... حياكم الله وبياكم وجعل الجنة مثوانا ومثواكم
بادئ الأمر كلنا يعرف فضل الصحابة الكرام -رضوان الله تعالى عليهم- ، وكبير قدرهم ومكانتهم ، وما يثار عنهم من طعن وتشويه لصورتهم وتكفير وقدح في عدالتهم ، ومما نعجب منه أن بعض أبناء المسلمين لا يعرفون فضل أصحاب نبيهم صلى الله عليه وسلم ، وأيضاً قد تستهويهم أي شبهة ولو كانت دنيئة وحقيرة كحال أصحابها ..
لهذا ؛ إخواني الكرام ،، سنعرض لكم شُبه الروافض المارقين التي تثار عن أصحاب نبينا محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- ، وسيكون الرد على كل شبهة برد مفصل ، بإذن الله ،، نسأل الله المعونة والتوفيق ..
وقبل أن نبدأ بسرد الشُبه ، سنذكر مقدمة في فضل الصحابة -رضي الله عنهم- ، وجليل قدرهم ومكانتهم .
وأدلة فضلهم من كتاب الله والسنة ، والتأكيد على عدالتهم وخطر الطعن فيهم ...
راجين من الله الواحد القهار أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم
ودفاعاً عن أصحاب نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- ...
فدفاعنا عن الصحابة -رضي الله عنه- قربة نتقرب بها إلى الله .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وقبل الختاام :سيكون موعدي معكم على حسب "الوقت والفراغ"
وسأعرض لكم "شبهة الرافضة" والرد عليها ، بالتفصيل
......
من استشكل عليه ولم يفهم ، وفي نفسه شبهة فاليتفضل
وسنستمر بسرد الشبه والرد عليها ، بإذن الله الواحد الأحد
لكم منا أجمل تحية وشكر ،، وعزاؤنا فيكم أن تقرأوا
.........
والشكر موصول للأخ : |[ رمـــآد ]|
على الفواصل والبوستر
..........
وكذا جزيل الشكر للإخوة المشرفين : أبوعبدالله وابن القلعة وعثمان
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
[مِسعَرُ حَرب
25-12-2011, 04:39 PM
http://i.cubeupload.com/lEhmC9.png
~ المقدمة :
إن الله يتفضل على من شاء من عباده بما شاء من مننه وهباته ، نظر إلى قلوب خلقه جميعاً ، فلم يجد بعد الأنبياء أنقى ولا أطهر من قلوب الصحابة ، فاختارهم وزراء لنبيه ، وجعلهم حواريين لصفيه .. رضي الله عنهم وأرضاهم ...
لفظ "الصحابي"
الصحبة في اللغة : " تطلق على الملازمة والمعاشرة " .
وفي الإصطلاح : "كل من رأى النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به ومات على ذلك" .
http://i.cubeupload.com/Tny4rZ.png
~ فضلهم :
لقد شهدت نصوص القرآن بعدالتهم وفضلهم ، وتواترت السنة بالثناء عليهم ، كما شهدت لكثير منهم على وجه التخصيص بالعدالة ، والفضل .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- : "ومَن استقرأ أحوال العالم في جميع الفرق تبين له أنه لم يكن قط طائفة أعظم اتفاقاً على الهدى ، وأبعد عن الفتنة والتفرق والاختلاف من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين هم خير الخلق بشهادة الله بذلك ؛ إذ يقول تعالى : {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} " .
قــــل إن خيـر الأنبيـــاء محمـــدٌ ... وأجل مــن يمشي على الكثبــــــانِ
وأجل صحب الرسل صحـب محمدٍ ... وكذاك أفضل صحبه العمــــرانِ
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ومما ورد في فضلهم في كتاب الله :
قوله تعالى :
{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}
.........
وقوله تعالى :
{لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا}
..........
أما في السنة المطهرة :
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- :
((لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ)) متفق عليه .
وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :
((خيرُ الناسِ قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)) متفق عليه .
ومن ذلك أيضاً قول النبي -صلى الله عليه وسلم- :
((النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ فَإِذَا ذَهَبَتْ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ وَأَنَا أَمَنَةٌ لِأَصْحَابِي فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ)) رواه مسلم .
إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث الكثيرة ، الدالة على فضلهم وعلو قدرهم .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
قال ابن مسعود -رضي الله عنه- : "إن الله نظر في قلوب العباد ، فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد ؛ فاصطفاه لنفسه ؛ فابتعثه برسالته ، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد ، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد ، فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون عن دينه "
ولقد عرف السلف الصالح فضل الصحابة الكرام وبيَّنوا ذلك وردوا على كل من أراد انتقاصهم رضي الله عنهم ، قال ابن عمر -رضي الله عنهما- : " لا تسبوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فلمقام أحدهم ساعة خير من عمل أحدكم عُمره " .
وقال الإمام محمد بن صُبيح بن السماك -رحمه الله تعالى- لمن انتقص الصحابة :
" علمتَ أن اليهود لا يسبون أصحاب موسى -عليه السلام- وأن النصارى لا يسبون أصحاب عيسى -عليه السلام- فما بالك ياجاهل سببت أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- ؟؟!
وقد علمتُ من أين أوتيتَ لم يشغلك ذنبك أما لو شغلك ذنبك لخفت ربك ، ولقد كان في ذنبك شغل عن المسيئين فكيف لم يشغلك عن المحسنين ؟؟
أما لو كنت من المحسنين لما تناولت المسيئين ، ولرجوت لهم أرحم الراحمين ، ولكنك من المسيئين فمن ثَمَّ عبت الشهداء والصالحين ،،،
أيها العائب لأصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- لو نمتَ ليلك ، وأفطرت نهارك لكان خيرا لك من قيام ليلك ، وصوم نهارك مع سوء قولك في أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ،،،
فويحك لا قيام ليل ، ولا صوم نهار ، وأنت تتناول الأخيار فأبشر بما ليس فيه البشرى إن لم تتب مما تسمع وترى .. وبم تحتج يا جاهل إلا بالجاهلين ، وشر الخلف خلف شتم السلف لواحد من السلف خير من ألف من الخلف " ا.هـ
http://i.cubeupload.com/LpLKoN.png
اعتقاد أهل السنة والجماعة في الصحابة :
إن الاعتقاد الحق في الصحابة الكرام رضي الله عنهم ، يتلخص في :
" حبهم ، والترضي عنهم ، واعتقاد عدالتهم ، والاعتراف بسابقتهم ، والحرص على نشر فضائلهم ، والكف عما شجر بينهم ، والتبرؤ من طريقة الذين يبغضونهم ويسبونهم ، بل والدافع عنهم بكل وسيلة ممكنة " .
وَيْــــــلٌ لِـــعَبْــدٍ خــانَ آلَ مُحَمَّـــــدٍ ... بِعَــــــدَاوةِ الأزواجِ والأخْتـــــــانِ
طُوبى لِمَنْ والى جماعةَ صَحْبِهِ ... ويكونُ مِن أحْبَابِهِ الحَسَنانِ
بينَ الصحـابـــةِ والقرابـــةِ أُلْفَــةٌ ... لا تستحيــــلُ بِنَزْغَـــةِ الشيطـانِ
هُمْ كالأَصـابِع في اليدينِ تواصُلاً ... هـل يَسْتَوي كَـفُّ بغير بَنَـانِ
قال تعالى :
{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}
http://i.cubeupload.com/fZqiOf.png
الطعن في الصحابة :
إن ظاهرة الطعن في الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم ليست بجديدة، بل قديمة متجددة، فهي بضاعة كل من أراد أن يعبث بأحكام الشريعة أو يمحو آثار الدين الحنيف ويثبت عبادة الطاغوت بدلا عنه؛ وبيان ذلك:
أن الصحابة هم نقلة وحملة الدين الأمناء، الذين نقلوا لنا الشريعة بكل تجرد وأمانة، واتخذوا كل الحيطة لينتشر في الناس كما أنزل، فجمعوا القرآن، وحدثوا الناس بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكتموا شيئا سمعوه أو رأوه منه، ولم يقدر أحد أن يشتري ذممهم ويعبث بدينهم، رضي الله عنهم ، ومات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ ، وحفظوا العهد من بعده، حتى بلغوا وأدوا الأمانة إلى سائر الأمة ،،
فكل من اتبعهم وقلدهم وسار على دينهم فهو على الدين الصحيح لا ريب ،
وكل من خالفهم فهو مبطل ضال مبتدع لا ريب .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ولو نظرنا للطاعنين في الصحابة -رضي الله عنهم- وهم الروافض الخبثاء لوجدناهم أصحاب حقد دفين فكانوا ولا زالوا معول هدم، وخنجراً مسموماً في ظهر الأمة الإسلامية ..
فأصبحت الشيعة بذلك مأوى وملجأ لكل من أراد هدم الإسلام لعداوة أو حقد، أو لكل من يريد إدخال تعاليم آبائه من يهودية ونصرانية أو مجوسية وهندوسية وغيرها.
وهكذا تطورت عقائدهم إلى حد إنكار الكثير من المسلمات والأسس التي قام عليها الإسلام،
ومن أبرز سمات الشيعة الروافض : أنهم من أسرع الناس سعيا إلى الفتن في تاريخ الأمة قديما وحديثا.
نسأل الله أن يكفي المسلمين شرهم ، ويقطع دابرهم ويجعلهم عبرة لغيرهم
قال الإمام القحطاني –رحمه الله- في نونيته الشهيرة :
إِنَّ الرَّوَافِضَ شَرُّ مَنْ وَطِئَ الحَصَى ... مِنْ كُلِّ إِنْسٍ نَاطِقٍ أَوْ جَانِ
لاَ تَرْكَنَــنَّ إِلَـــى الرَّوَافِــضِ إِنَّــهُـمْ ... شَتَمُوا الصَّحَــابَـةَ دُونَمَــا بُرْهَــانِ
لُـعِنُوا كَمَـا بَغَضُـوا صَحَابَةَ أَحْمَدٍ ... وَوِدَادُهُمْ حَـــقٌّ عَلَـــى الإِنْسَـــــانِ
حُــبُّ الصَّحَـــابَــةِ وَالـقَـرَابَــةِ سُنَّــــةٌ ... أَلْقَـــى بِهَــــــا رَبِّـــي إِذَا أَحْيَانِـــي
http://i.cubeupload.com/6tWRdr.png
كيف يعقل هذا !! :
كيف يرضى الله سبحانه أن يُوكِل أمر هذا الدِّين لهؤلاء النَّاس(أي: الصحابة) ؛ حيث يعتقد فيهم الرَّافضة الأنجاس ما يعتقدون من كُفْرِهم ورِدِّتِهم وكذبهم وافترائهم، إلى غير ذلك من الأكاذيب والأباطيل، والعقائد الفاسدة التي يعتقدونها فيهم؟!
حتى وصل بهم الأمر إلى أن قالوا: "إنَّ الصحابة كلَّهم كفَرُوا وارتدُّوا بعد موت النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- إلاَّ ثلاثة فقط"، وفي رواية: "إلا سبعة فقط" ،
هذا على أعلى تقدير عندهم! -قبحهم الله وأخزاهم-
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ثم إن كل إنسان عاقل مؤمن بالله عز وجل ومؤمن بالقرآن ومؤمن برسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليقطع أن الله عز وجل ما كان ليختار لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم في الحياة وبعد الممات من هم شر الناس !!
فهذا لا يقبله عقل ولا يقوله من يؤمن بالنقل , بل لا يقول هذا إلا من يطعن في الرسول -صلى الله عليه وسلم- الذي يرضى بهؤلاء الأصحاب ليكونوا وزراءه وحوارييه طول حياته ويقربهم منه ويستشيرهم في كل صغيرة وكبيرة ،
وإنما يدل ذلك على حبه لهم وتقريبه لهم وتزكيته لهم ولا شك في هذا عقلا ولا نقلا .
ولكن الزنادقة المنافقون من الرافضة أرادوا التوصّل لهدم الدين فأتضح سبب شتمهم ولعنهم لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم .
http://i.cubeupload.com/mT2YFD.png
حقيقة الطعن في الصحابة :
إخواني الأفاضل :
نعلم جيداً أن بين هؤلاء الطاعنين المفترين ، والصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ، "مئات السنين" !! ،،
فهي ليست لعداوة شخصية ،، بل لهدف أعظم وأدهى وأمرّ ،، وهو : إبطال الاحتجاج بالكتاب والسنة ،، فإذا كان نقلتهما كفار مرتدين فلا يصح الاحتجاج بهما !!
قال الإمام أبو زرعة الرازي -رحمه الله- : "إذا رأيت الرجل يطعن في أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاعلم أنه زنديق؛ وذلك أن القرآن عندنا حق والسنة عندنا حق، وإنما نقل لنا القرآن والسنن أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- ،،
وهؤلاء يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى وهم زنادقة" اهـ.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
يقول الدكتور ناصر القفاري:
" وأي فائدة اليوم في اللعن والسب والتكفير الذي ملأوا به كتبهم وأسواقهم ومزاراتهم،
وقد انقضى العصر الأول بكل ما فيه؟!
لا هدف في الحقيقة إلا : الطعن في القرآن والسنة والدين بعامة، وإلا إثارة الفتنة وتفرقة الأمة.
وماذا يبقى من أمجادنا وتاريخنا إذا كان أولئك السادة القادة الأتقياء الأصفياء الأوفياء الرواد الذين نشروا الإسلام وأقاموا دولته، وفتحوا البلاد وأرشدوا العباد، وبنوا حضارة لم تعرف لها الدنيا مثيلاً، إذا كان هؤلاء الرواد الأوائل لكل معالم الخير والعدل والفضائل يستحقون اللعن من أحفادهم، وتشويه تاريخهم، وهم الذين أثنى الله عليهم ورسوله -صلى الله عليه وسلم- ، وسجل التاريخ الصادق مفاخرهم بمداد من نور.
فمن الذي يستحق الثناء والمديح؟! وأين أمجادنا وتاريخنا إذا كان أولئك كذلك؟؟" اهـ.
كما إنَّ الطَّعن والنقيصة في صحابة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - هو طعنٌ ونقيصة في رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال الإمام مالكٌ - رحمه الله تعالى - وغيره: "إنَّما أراد هؤلاء الاثنا عَشْرية الطَّعْنَ في رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- ليقول القائل: رَجُل سُوء، كان له أصحاب سوء، ولو كان رجلاً صالحًا لكان أصحابُه صالحين"
لهِذَا قال أهلُ العلم: " إنَّ الرَّافضة دَسِيسة الزَّندقة " .
http://i.cubeupload.com/9w4bn3.png
الخلاصة في الصحابة رضي الله عنهم :
وخلاصة القول في ذلك أنَّنا نُحبُّ صحابة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- ، ونترَضَّى عنهم دون إفراط ولا تفريط، فلا نُغالي فيهم ونرفعهم فوق مَنْزِلتهم كبَشَر ،، ولا نجافي ونُفْرِط في بُغضهم ؛ مِن تكفيرهم، والنَّيْل والطَّعْن فيهم، ولَعْنهم ليلَ نهار ، ولا نتبَرَّأ من أحد منهم .
ونُبْغِض مَن يُبْغِضهم وينتَقِصهم ،، فبُغض الرَّافضة الزَّنادقة والخوارجِ الفجَرِة دِينٌ يُدان لله به، وحُبُّ الصحابة -رضوان الله عليهم- دين وعلامة على صِدْق الإيمان وسلامة المعتقد، وبُغْضهم والتنقُّص منهم والنَّيل منهم كُفْرٌ ونفاق وضلال وطُغْيان، وعلامة واضحة على فساد المِلَّة، وخراب العقيدة، نسأل الله السلامة والعافية.
إخواني وأخواتي ،،، إنَّ محبَّة الصَّحابة الكرام دِين يُدان لله به، وقُربة يُتَقرَّب إلى الله بها، والدِّفاع عنهم واجبٌ متأكِّد الفرضيَّة على جميع المسلمين؛ كلٌّ على حسب قدرته وطاقته وإمكانياته.
.........
قال تعالى :
{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ}
http://i.cubeupload.com/0mpkUU.png
[مِسعَرُ حَرب
25-12-2011, 05:42 PM
الشبهة الأولى :
http://i.cubeupload.com/geU72V.png
عدالة الصحابة :
من أعظم الشبهات التي يرددها الطاعنون في الصحابة رضي الله عنهم ويشنعون على من يعتقد بها مسألة عدالة الصحابة .
معنى "العدالة" في اللغة : الاستقامة وأن العدل هو الذي لم يظهر منه ريبة وهو الذي يرضى الناس عنه ويقبلون شهادته ويقتنعون به .
وفي الاصطلاح : ملكة في النفس تحمل صاحبها على ملازمة التقوى والمروءة ، ولا يتحقق للإنسان إلا بفعل المأمور وترك المنهي والمحظور ، وأن يبعد عما يخل بالمروءة ، ولا يتحقق إلا بالإسلام والبلوغ والعقل والسلامة من الفسق .
ولم تتحقق العدالة في أحد كتحققها في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجميعهم رضي الله عنهم عدول تحققت فيهم صفة العدالة .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وقد تضافرت الادلة من الكتاب والسنة على تعديل الصحابة الكرام ، مما لا يبقى معها لمرتاب شك في تحقيق عدالتهم .
فكل حديث له سند متصل إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم لا يكون حجة إلا بعد أن تثبت عدالة رجاله، وذلك عن طريق النظر في تراجمهم وأحوالهم إلا الصحابي، لأن عدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل الله لهم وإخباره عن طهارتهم واختياره لهم بنص القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
ولبيان هذه المسألة نقول أولاً وقبل كل شيء: لابد لنا من بيان أن الأصل عندنا هو ثناء الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم على الصحابة رضي الله عنهم.
فالقرآن الكريم مليء بعشرات النصوص الدالة على إيمان وفضل هؤلاء الصحابة رضوان الله عليهم
قال تعالى : {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً}
ومعنى كلمة (وسطاً) عدولاً خياراً، ولأنهم المخاطبون بهذه الآية مباشرة.
وقد ذكر بعض أهل العلم أن اللفظ وإن كان عاماً إلا أن المراد به الخصوص، وقيل: إنه وارد في الصحابة دون غيرهم. فالآية ناطقة بعدالة الصحابة ، قبل غيرهم ممن جاء بعدهم من هذه الأمة.
وقوله سبحانه : {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ}
فهذه الآية ؛ أثبتت الخيرية المطلقة لهذه الأمة على سائر الأمم قبلها، وأول من يدخل في هذه الخيرية المخاطبون بهذه الآية مباشرة عند النزول هم الصحابة الكرام -رضي الله عنهم- ، وذلك يقتضي استقامتهم في كل حال وجريان أحوالهم على الموافقة دون المخاطبة، ومن البعيد أن يصفهم الله عز وجل بأنهم خير أمة ولا يكونوا أهل عدل واستقامة، وهل الخيرية إلا ذلك، كما أنه لا يجوز أن يخبر الله تعالى بأنه جعلهم أمة وسطاً أي عدولاً وهم غير ذلك .
قال سبحانه وتعالى : {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}
أخبر الله سبحانه وتعالى ، برضاه عنهم، ولا يثبت الله رضاه إلا لمن كان أهلاً للرضا، ولا توجد الأهلية لذلك إلا لمن كان من أهل الاستقامة في أموره كلها عدلاً في دينه، بل إن الله تعالى لا يرضى إلا عن رضي؛ لأنه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ولا شك أن الله سبحانه لا يرضى لعباده اتباع من خالف نهجه ثم يعدهم الجنات والفوز العظيم لولا أنهم تمسكوا بهدية ونالوا رضاه .
فبمجموعهم ارتفع عنهم الخطأ والضلالة فكانوا القدوة وأصبحوا بذلك أولى .
قال عليه الصلاة والسلام : ((عليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة، ولم يجمع الله عزوجل أمتي إلا على هدى)).
وقال صلى الله عليه وسلم : ((لا يجمع الله عزوجل أمر أمتي على ضلالة أبداً)).
وفي هذا قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه: «وما كان الله ليجعلهم أي المهاجرين والأنصار - وفي لفظ: ليجمعهم- على ضلالة ولا يضربهم بالعمى»
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وهكذا.. لا تكاد تخلو سورة من سور القرآن الكريم المدنية إلا وتحدثت عن جهادهم في سبيل الله عزوجل، فاقرأ - مثلاً - قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ * يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ }
وقوله تعالى: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ}
وقوله تعالى: {لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}
وقوله جل ثناؤه: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ * الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ}
..........
وقد ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، أنه قال لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في قصة حاطب بن أبي بلتعة -رضي الله عنه- ، لما سأله أن يدعه يضرب عنقه، قال: ((وما يدريك يا عمر لعل الله اطلع على أهل بدر فغفر لهم، فقال لهم: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم)) .
قال ابن القيم -رحمه الله- : " والله أعلم، إن هذا الخطاب لقوم قد علم الله سبحانه أنهم لا يفارقون دينهم، بل يموتون على الإسلام، وأنهم قد يقارفون بعض ما يقارفه غيرهم من الذنوب، ولكن لا يتركهم سبحانه مصرين عليها، بل يوفقهم لتوبة نصوح واستغفار وحسنات تمحو أثر ذلك، ويكون تخصيصهم بهذا دون غيرهم؛ لأنه قد تحقق ذلك فيهم، وأنهم مغفور لهم. ولا يمنع ذلك كون المغفرة حصلت بأسباب تقوم بهم، كما لا يقتضي ذلك أن يعطلوا الفرائض وثوقاً بالمغفرة. فلو كانت حصلت بدون الاستمرار على القيام بالأوامر لما احتاجوا بعد ذلك إلى صلاة ولا صيام ولا حج ولا زكاة ولا جهاد وهذا محال" أهـ .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
قال تعالى : {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً}
ففي هذه الآية مع غيرها من الدلائل دليل على أن الله يغيظ بالصحابة رضوان الله عليهم من ينتقص من حقهم ومنزلتهم التي أنزلهم الله.
قال الإمام مالك –رحمه الله- : "من أصبح من الناس في قلبه غل على أحد من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام فقد أصابته الآية" .
وقال ابن الجوزي -رحمه الله- : "وهذا الوصف لجميع الصحابة عند الجمهور" .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ويقول الله عزوجل: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً} .
وهذه الآية فيها دلالة واضحة على تعديل الصحابة الذين كانوا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ، يوم الحديبية، ووجه دلالة الآية على تعديلهم أن الله تعالى أخبر برضاه عنهم وشهد لهم بالإيمان وزكاهم بما استقر في قلوبهم من الصدق والوفاء والسمع والطاعة، ولا تصدر تلك التزكية العظيمة من علام الغيوب الذي لا تخفى عليه خافية إلا لمن بلغ الذروة في تحقيق الاستقامة على طاعة الله.
وكان عدد الصحابة رضوان الله عليهم يوم بيعة الرضوان ألفاً ومائتين، وقيل: وأربعمائة، وقيل: وخمسائة، وقيل: وثمانمائة .
فالآية ظاهرة الدلالة على تزكية الله لهم، تزكية لا يخبر بها، ولا يقدر عليها إلا الله.
وهي تزكية بواطنهم وما في قلوبهم، ومن هنا رضي عنهم. (ومن رضي عنه تعالى لا يمكن موته على الكفر؛ لأن العبرة بالوفاة على الإسلام. فلا يقع الرضا منه تعالى إلا على من علم موته على الإسلام) .
وقال ابن حزم -رحمه الله- : "فمن أخبرنا الله عزوجل أنه علم ما في قلوبهم، ورضي عنهم، وأنزل السكينة عليهم، فلا يحل لأحد التوقف في أمرهم أو الشك فيهم البتة" .
والآيات في فضلهم والثناء عليهم ؛كثيرة جدا ويطول ذكرها هنا
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
أما ما رواه الرافضة عن أئمتهم ، وحاشا والله أن يكونوا أئِمةً لهؤلاء الشرذمة بل هم أئمة لأهل السنة :
روى الإمامية أن نفراً من أهل العراق وفدوا على الإمام زين العابدين ، فقالوا في أبي بكر وعمر وعثمان -رضي الله عنهم- ، فلما فرغوا من كلامهم، قال لهم: "ألا تخبروني: أنتم المهاجرون الأولون {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} ؟ قالوا: لا. قال: فأنتم {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} قالوا: لا، قال: أما أنتم قد تبرأتم أن تكونوا من أحد هذين الفريقين، وأنا أشهد أنكم لستم من الذين قال الله فيهم: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}اخرجوا عني فعل الله بكم" ..
المصدر : (كشف الغمة للإربلي (2/291)، الفصول المهمة لابن الصباغ (2/864)، الصوارم المهرقة لنور الله التستري (249)، الشيعة في الميزان لمحمد جواد مغنية (293)، الإمامة وأهل البيت لمحمد بيومي مهران (3/39)) .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وعن الباقر -رحمه الله- قال: «صلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالناس الصبح بالعراق، فلما انصرف وعظهم فبكى وأبكاهم من خوف الله تعالى. ثم قال: أما والله لقد عهدت أقواماً على عهد خليلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنهم ليصبحون ويمسون شعثاً غبراً خمصاً بين أعينهم كركب المعزى، يبيتون لربهم سجداً وقياماً، يراوحون بين أقدامهم وجباههم، يناجون ربهم، ويسألونه فكاك رقابهم من النار، والله لقد رأيتهم مع ذلك وهم جميع مشفقون منه خائفون»
المصدر : (الكافي للكليني (2/236)، شرح أصول الكافي للمازندراني (9/166)، وسائل الشيعة للحر العاملي (1/65)، الإرشاد للمفيد (1/237)، الأمالي للطوسي (102)، حلية الأبرار لهاشم البحراني (2/182)، بحار الأنوار للمجلسي (22/306، 64/302، 66/303)، وقال في بيانه: جميع، أي، مجتمعون على الحق لم يتفرقوا كتفرقكم. جامع أحاديث الشيعة للبروجردي (1/408)، مستدرك سفينة البحار للنمازي (6/174)، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) لهادي النجفي (6/5، 85)، تفسير نور الثقلين للحويزي للحويزي (5/141)، منتقى الجمان لحسن صاحب المعالم (2/344)، أعلام الدين في صفات المؤمنين للديلمي (111)، جامع السعادات لمحمد مهدي النراقي (1/209).)
وقال مادحاً لهم ومعاتباً أصحابه بعد أن تخاذلوا عنه: «أين القوم الذين دعوا إلى الإسلام فقبلوه، وقرأوا القرآن فأحكموه. وهيجوا إلى القتال فولهوا وله اللقاح إلى أولادها، وسلبوا السيوف أغمادها. وأخذوا بأطراف الأرض زحفاً زحفاً وصفاً صفاً. بعض هلك وبعض نجا. لا يبشرون بالأحياء، ولا يعزون عن الموتى. مره العيون من البكاء. خمص البطون من الصيام. ذبل الشفاه من الدعاء. صفر الألوان من السهر. على وجوههم غبرة الخاشعين. أولئك إخواني الذاهبون. فحق لنا أن نظمأ إليهم ونعض الأيدي على فراقهم»
المصدر : (نهج البلاغة (1/234)، الاختصاص للمفيد (156)، بحار الأنوار للمجلسي (33/362، 40/112، 66/308)، رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) للشيرازي (2/108)، فهارس رياض السالكين للمظفر، المعجم الموضوعي لنهج البلاغة لأويس كريم محمد (414)، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (3/210، 291)، جواهر التاريخ لعلي الكوراني (1/341)، سنن الإمام علي (ع) لجنة الحديث معهد باقر العلوم (ع، 186)، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري (6/229، 7/188)، نفس الرحمن في فضائل سلمان للنوري الطبرسي (169).) .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وقد كان الأصحاب من مهاجرين وأنصار وكذا أهل البيت رضي الله عنهم أجمعين ، يختصمون لا في حب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لهم فحسب، فإن ذلك من المسلمات، ولكن في أيهم أولى بذلك الحب، وأيهم أحب إليه، فعن كعب بن عجرة، أن المهاجرين والأنصار وبني هاشم اختصموا في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (أينا أولى به وأحب إليه؟) فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أما أنتم يا معشر الأنصار فإنما أنا أخوكم، فقالوا: الله أكبر! ذهبنا به ورب الكعبة، وأما أنتم يا معشر المهاجرين فإنما أنا منكم، فقالوا: الله أكبر! ذهبنا به ورب الكعبة، وأما أنتم يا بني هاشم فأنتم مني وإلي، فقمنا وكلنا راضٍ مغتبط برسول الله صلى الله عليه وسلم))
المصدر : (بحار الأنوار للمجلسي (22/312)، مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب (3/112).) .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وسرد كل ما ورد في الباب يطول. وفيما ذكرناه كفاية لمعرفة أن الأصل هو ثناء الله عزوجل ورسوله صلى الله عيله وآلله وسلم وأئمة آل البيت على الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.
فخلاصة أقوال العلماء في كل ما ورد يتلخص في:
أولاً: إن الله عزوجل زكى ظاهرهم وباطنهم .
ثانياً: بسبب توفيق الله عزوجل لهم لأعظم خلال الخير ظاهراً وباطناً أخبرنا أنه رضي عنهم وتاب عليهم، ووعدهم الحسنى .
ثالثاً: وبسبب كل ما سبق أمرنا بالاستغفار لهم، وأمر النبيُ صلى الله عليه وسلم بإكرامهم، وحفظ حقوقهم، ومحبتهم. ونُهينا عن سبهم وبغضهم. بل جعل حبهم من علامات الإيمان، وبغضهم من علامات النفاق .
رابعاً: ومن الطبيعي بعد ذلك كله أن يكونوا خير القرون، وأماناً لهذه الأمة. ومن ثم يكون اقتداء الأمة بهم واجباً، بل هو الطريق الوحيد إلى الجنة .
رضي الله عنهم وأرضاهم وجزاهم عنا خيراً لما قدموه للإسلام
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
سنُتْبِعُها بآُخْرى .....
[مِسعَرُ حَرب
26-12-2011, 06:56 PM
الشبهة الثانية :
http://i.cubeupload.com/baP7EV.png
حَدِيث الحَوضِ :
روى البخاري ومسلم ، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ليرِدنّ عليّ ناسٌ من أصحابي الحوض، حتى عرفْتُهُمُ اخْتُلِجوا دوني فأقول: أُصيحابي، فيقول: لا تَدْري ما أحدثوا بعدك)).
وعن أبي حازم عن سهل بن سعد -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : ((إني فرطكم على الحوض، من مرَّ عليَّ شرب، ومن شرب لم يظمأ أبداً، ليردنّ عليَّ أقوامٌ أعرفهم ويعرفونني، ثم يُحال بيني وبينهم. قال أبو حازم: فسمعني النعمان بن أبي عياش فقال: هكذا سمعت من سهل؟ فقلت: نعم. فقال: أشهَدُ على أبي سعيد الخدري لسمعتُهُ وهو يزيد فيها: فأقول: إنهم مني.
فيُقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك. فأقول: سحقاً سحقاً لمن غيّر بعدي)).
وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما ، قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((إنّي على الحوض حتى انظر مَنْ يَرِد عليّ منكم، وسيؤخذ ناسٌ دوني، فأقول: يا ربّ! منّي ومن أُمتي؟ فيُقال: هل شعرت ما عملوا بعدك؟ والله ما بَرِحوا يرجعون على أعقابهم. فكان ابن أبي مُليكة يقول:اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا أو نُفتن عن ديننا)).
وفي رواية ابن مسعود رضي الله عنه : ((وليُرفَعَنّ رِجال منكم)).
وفي أخرى: ((يرد عليّ يوم القيامة رهطٌ من أصحابي، فيُجلون عن الحوض)) .
وفي ثالثة: ((فإذا زُمرةٌ حتى إذا عرفتهم)).
وفي رواية ابن المُسَيّب عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : ((يَرِد على الحوض رجال من أصحابي فيُحلؤون عنه)).
وغيرها من الألفاظ وما سبق مروي في الصحيحين ..
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
[*=center]شبهة الزنادقة :
(إن المتمعن في هذه الأحاديث العديدة التي أخرجها علماء أهل السنة في صحاحهم ومسانيدهم، لا يتطرق إليه الشك في أن أكثر الصحابة قد بدلوا وغيروا، بل ارتدوا على أدبارهم بعده صلى الله عليه وسلم ، إلا القليل الذي عبر عنه "بهمل النعم" ، ولا يمكن بأي حال من الأحوال حمل هذه الأحاديث على القسم الثالث وهم المنافقون؛ لأن النص يقول: فأقول: أصحابي، ولأن المنافقين لم يبدلوا بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وإلا فأصبح المنافق بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً!)
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
الجواب :
للعلماء في تأويل هذه الروايات أقوال ليس منها أنهم أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ، منها:
أنه : كيف يجوز أن يرضى الله عزوجل عن أقوام ويحمدهم، ويضرب لهم مثلاً في التوراة والإنجيل، وهو يعلم أنهم يرتدون على أعقابهم بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا أن يقولوا: إنه لم يعلم ، وهذا هو شر الكافرين .
ولم يرتد من الصحابة أحد، وإنما ارتد قوم من جفاة العرب، ممن لا نصرة له في الدين، وذلك لا يوجب قدحاً في الصحابة المشهورين، ويدل قوله: (أصيحابي) على قلة عددهم. وجاء في رواية أخرى بلفظ (رهط) فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- ، أنه كان يحدث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((يرد علي يوم القيامة رهط من أصحابي فيجلون عن الحوض فأقول: يا رب أصحابي. فيقول: أنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى)) رواه البخاري ، والرهط كما هو معلوم ما دون العشرة من الرجال .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
إنا لا نسلم أن المراد بالأصحاب ما هو المعلوم في عرفنا، فالصحبة اسم جنس ليس له حد في الشرع ولا في اللغة، والعرف فيها مختلف، والنبي -صلى الله عليه وسلم- لم يقيد الصحبة بقيد ولا قدّرها بقدْرٍ بل علّق الحكم بمطلقها ولا مطلق لها إلا الرؤية.
بل المراد بهم مطلق المؤمنين به صلى الله عليه وسلم المتبعين له، وهذا كما يقال لمقلدي أبي حنيفة: أصحاب أبي حنيفة، ولمقلدي الشافعي: أصحاب الشافعي، وهكذا وإن لم يكن هناك رؤية واجتماع،
وكذا يقول الرجل للماضين الموافقين له في المذهب: أصحابنا، مع أنه بينه وبينهم عدة من السنين، ومعرفتة صلى الله عليه وسلم لهم مع عدم رؤيتهم في الدنيا بسبب أمارات تلوح عليهم...
ولو سلمنا أن المراد بهم ما هو المعلوم في العرف، فهم الذين ارتدوا من الأعراب على عهد الصديق، وقوله: أصحابي أصحابي، لظن أنهم لم يرتدوا كما يُؤْذِن به ما قيل في جوابه: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وإذا ثبت هذا ، فاعلم أن العلماء قد اختلفوا في أولئك "المذادين" عن حوض النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد اتفاقهم أن الصحابة -رضي الله عنهم- غير مرادين بذلك :
أن المراد به المنافقون والمرتدون، فيجوز أن يحشروا بالغرة والتحجيل، فيناديهم النبي -صلى الله عليه وسلم- ، للسيما التي عليهم، كما يوضحها الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ترد عليَّ أمتي الحوض وأنا أذود الناس عنه كما يذود الرجل إبل الرجل عن إبله، قالوا: يا نبي الله أتعرفنا؟ قال: نعم لكم سيما ليست لأحد غيركم، تردون عليّ غراً محجلين من آثار الوضوء. وليُصدَّن عني طائفة منكم فلا يصلون، فأقول: يا رب هؤلاء من أصحابي فيجبني ملك فيقول: وهل تدري ما أحدثوا بعدك؟)) رواه مسلم .
فهذا الحديث يفيد أن أهل الأهواء والنفاق يحشرون بالغرة والتحجيل، وقوله: (منكم) الميم ميم الجمع وهذا يعني أنهم يحشرون جميعاً بنفس سيما المؤمنين كما في حديث الصراط في قوله صلى الله عليه وسلم : ((... وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها)) متفق عليه .
فدل على أنهم يحشرون مع المؤمنين.
وما من شكٍّ أن المنافقين ليسوا بحالٍ من أقسام الصحابة ولا يدخلون عند أهل السنة في الصحابة، ولا يشملهم مصطلح (الصحبة) إذا ما أطلق. فالصحابي كما مر بك من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به ومات على الإسلام.
ولكن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذكرهم وذكر المرتدين في بعض روايات الحديث «بأصيحابي» أو بـ «من صاحبني» لأنهم صحبوه ورأوه في الدنيا وذلك تصغيراً لهم وتحقيراً لا تعظيماً ولا يقول ذلك لأصحابه من المهاجرين والأنصار الذين كانت لهم رواياته في حقهم بصيغة الإجلال والتقدير والتعظيم والتكريم.
وذلك أن المنافقين كانوا يظهرون الإسلام للنبي -صلى الله عليه وسلم- كما قال الله جل وعلا: {إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ }.
والنبي صلى الله عليه وسلم كان يعرف بعض المنافقين، ولم يكن يعرفهم كلهم، ولذلك قال الله تبارك وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : {وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ } ، فبين أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم جميع المنافقين، وكان يظن أن أولئك من أصحابه وليسوا كذلك بل هم من المنافقين.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
قد يكون المعنى أن كل من صحب النبي -صلى الله عليه وسل-م ، ولو لم يتابعه، وإن كان النبي يعلم ذلك كعبد الله بن أبي ابن سلول وهو كما هو معلوم رأس المنافقين وهو الذي قال: {لإن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل} ، وهو الذي قال: (ما مثلنا ومثل محمد وأصحابه إلا كما قال الأول: سمن كلبك يأكلك) .
فهذا سماه النبي -صلى الله عليه وسلم- من أصحابه، فيكون هذا هو المقصود، ولذلك إن تعريف الصحابة بأنه كل من لقي النبي مؤمناً به ومات على ذلك تعريف متأخر.
وأما كلام العرب كل من صحب الرجل فهو من أصحابه مسلماً أو غير مسلم متبع له أو غير متبع هذا أمر آخر. ولذلك لما قال عبد الله بن أبي ابن سلول كلمته الخبيثة: «ليخرجن الأعز منها الأذل» قام عمر إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- لما بلغته هذه الكلمة قال: يا رسول الله! دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال -صلى الله عليه وسلم- : ((لا يا عمر، لا يقول الناس: إن محمدا يقتل أصحابه)) متفق عليه ، فسماه من أصحابه صلوات الله وسلامه عليه وهو رأس المنافقين، فهو غير داخل في الذين نحن نسميهم صحابة رضي الله عنهم .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وقيل أن المراد من كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم ارتد بعده فيناديهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن لم يكن عليهم سيما الوضوء، لما كان يعرفه صلى الله عليه وسلم في حياته من إسلامهم، فيقال: "ارتدوا بعدك".
وقيل أن المراد به أصحاب المعاصي والكبائر الذين ماتوا على التوحيد، وأصحاب البدع الذين لم يخرجوا ببدعتهم عن الإسلام، وعلى هذا لا يقطع لهؤلاء الذين يذادون بالنار، يجوز أن يذادوا عقوبة لهم، ثم يرحمهم الله عزوجل فيدخلهم الجنة بغير عذاب ... ذكره النووي .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
لا يمتنع أن يكون أولئك المذادون عن الحوض هم من مجموع تلك الأصناف المذكورة، فإن الروايات محتملة لكل هذا
قال ابن عبد البر -رحمه الله- وغيره:
"وكل من أحدث في الدين ما لا يرضاه الله ولم يأذن به الله فهو من المطرودين عن الحوض المبعدين عنه، والله أعلم.
وأشدهم طرداً من خالف جماعة المسلمين وفارق سبيلهم مثل الخوارج على اختلاف الفرق..
إلى أن قال: فهؤلاء كلهم يبدلون، وكذلك الظلمة المسرفون في الجور والظلم وتطميس الحق وقتل أهله وإذلالهم والمعلنون بالكبائر المستخفون بالمعاصي وجميع أهل الزيغ والأهواء والبدع؛ كل هؤلاء يخاف عليهم أن يكونوا عنوا بهذا الخبر" .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وإذا ما تقرر هذا ... ظهرت براءة الصحابة من كل ما يرميهم به أعداؤهم، فالذود عن الحوض إنما هو بسبب الردة أو الإحداث في الدين، والصحابة من أبعد الناس عن ذلك، بل هم أعداء المرتدين الذين قاتلوهم وحاربوهم في أصعب الظروف وأحرجها بعد موت النبي -صلى الله عليه وسلم- على ما روى الطبري في تاريخه بسنده عن عروة بن الزبير عن أبيه قال: (قد ارتدت العرب إما عامة وإما خاصة في كل قبيلة، ونجم النفاق، واشرأبت اليهود والنصارى والمسلمون كالغنم في الليلة المطيرة الشاتية، لفقد نبيهم صلى الله عليه وسلم ، وقلتهم وكثرة عدوهم) .
ومع هذا تصدى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، لهؤلاء المرتدين وقاتلوهم قتالاً عظيماً وناجزوهم حتى أظهرهم الله عليهم، فعاد للدين من أهل الردة من عاد، وقتل منهم من قتل، وعاد للإسلام عزه وقوته وهيبته على أيدي الصحابة رضي الله عنهم ، وجزاهم عن الإسلام خير الجزاء.
وهذه المواقف العظيمة للصحابة من أهل الردة وأهل البدع، من أكبر الشواهد الظاهرة على صدق تدينهم، وقوة إيمانهم، وحسن بلائهم في الدين، وجهادهم أعدائه بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى أقام الله بهم السنة وقمع البدعة، الأمر الذي يظهر به كذبهم في رميهم لهم بالردة والإحداث في الدين، والذود عن حوض النبي صلى الله عليه وسلم .
بل هم أولى الناس بحوض نبيهم لحسن صحبتهم له في حياته، وقيامهم بأمر الدين بعد وفاته.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم)) رواه البخاري .
والاحتجاج به على تكفير الصحابة إلا القليل منهم فلا حجة له فيه، لأن الضمير في قوله: (منهم) إنما يرجع على أولئك القوم الذين يدنون من الحوض ثم يذادون عنه، فلا يخلص منهم إليه إلا القليل، وهذا ظاهر من سياق الحديث فإن نصه: ((بينما أنا قائم فإذا زمرة، حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلَمّ فقلت: أين؟ قال: إلى النار والله، قلت: وما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى، ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم، فقال: هلم، قلت: أين؟ قال: إلى النار والله، قلت: ما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى، فلا أراه يخلص منهم إلا مثل هَمَل النعم)).
فليس في الحديث للصحابة ذكر، وإنما ذكر زمراً من الرجال يذادون من دون الحوض ثم لا يصل إليه منهم إلا القليل.
قال ابن حجر- رحمه الله- في شرح ((فلا أراه يخلص منهم إلا مثل هَمَل النعم)) :
"يعني من هؤلاء الذين دنوا من الحوض وكادوا يردونه فصدوا عنه... والمعنى لا يرده منهم إلا القليل، لأن الهَمَل في الإبل قليل بالنسبة لغيره" .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وأخيراً: لو قال أحد "النواصب" وهم الذين يبغضون آل البيت -رحمهم الله- :
إن هؤلاء الذين ارتدوا وهؤلاء الذين يذادون عن الحوض هم علي والحسن والحسين كيف تردون عليهم؟؟!
فيرد عليهم بأنهم ليسوا من هؤلاء بل هؤلاء جاءت فيهم فضائل.
وكذلك نحن نقول: أبو بكر وعمر وعثمان وأبو عبيدة جاءت فيهم فضائل، فما الذي يخرج علياً ويدخل أبا بكر وعمر!!
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وسنُتْبِعُها بآُخْرى .....
[مِسعَرُ حَرب
28-12-2011, 05:37 PM
الشبهة الثالثة :
http://i.cubeupload.com/TacSva.png
رَزِيّةُ الخَمِيس :
روى البخاري ومسلم وغيرهما من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، أنه قال: "لما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي البيت رجال فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((هلموا أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده))، فقال بعضهم: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غلبه الوجع، وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله" ، فاختلف أهل البيت واختصموا، فمنهم من يقول: "قربوا يكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده" ، ومنهم من يقول غير ذلك، فلما أكثروا اللغو والاختلاف.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((قوموا)) .
قال عبيد الله: فكان ابن عباس رضي الله عنه يقول: "إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب لاختلافهم ولغطهم " رواه البخاري .
وفي رواية مسلم أن القائل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم : "قد غلبه الوجع"... إلخ هو عمر .
وفي رواية أخرى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (يوم الخميس وما يوم الخميس، اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه فقال: ((ائتوني أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبدا )).
فتنازعوا، ولا ينبغي عند نبي نزاع، فقالوا: ما شأنه؟ أَهَجَر، اسْتَفْهِمُوه، فذهبوا يردون عليه، فقال: ((دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه))، وأوصاهم بثلاث، قال: ((أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفود بنحو ما كنت أجيزهم،وسكت عن الثالثة، أو قال: فنسيتها)) متفق عليه .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
[*=center]قالت الروافض :
أن اختلاف الصحابة هذا هو الذي منع رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ من كتابة الكتاب، وبالتالي حرم الأمة من العصمة من الضلالة، واستدل على ذلك بقول ابن عباس رضي الله عنهما :(إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب).
أن الرسول صلى الله عليه وسلم ، أراد أن ينص على خلافة علي رضي الله عنه .
وأن عمر هو الذي عارض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال: (إنه يهجر)، ثم قال: (عندكم القرآن)، (حسبنا كتاب الله) .
وأن تعليل أهل السنة بأن عمر قال ذلك شفقة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا يقبله بسطاء العقول فضلاً عن العلماء .
أن الأكثرية الساحقة من الصحابة كانت على قول عمر ذلك، ولذلك رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عدم جدوى كتابة الكتاب، لأنه علم بأنهم لن يمتثلوه بعد موته !!.
أن الصحابة في هذه الحادثة تعدوا حدود رفع الأصوات إلى رميه ص بالهجر والهذيان.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
[*=center]جواب العلماء على هذه الشبهة :
أما اختلافهم فثابت، وقد كان سببه اختلاف في فهم قول الرسول صلى الله عليه وسلم ، ومراده لا عصيانه.
قال القرطبي رحمه الله: "وسبب ذلك أن ذلك كله إنما حمل عليه الاجتهاد المسوغ، والقصد الصالح، وكل مجتهد مصيب، أو أحدهما مصيب، والآخر غير مأثوم بل مأجور كما قررناه في الأصول".
ثم ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم ، لم يعنفهم ولا ذمهم بل قال للجميع: ((دعوني فالذي أنا فيه خير)).
وهذا نحو ما جرى لهم يوم الأحزاب حيث قال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم: ((لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة)) متفق عليه ، فتخوف ناس فوات الوقت، فصلوا دون بني قريظة، وقال آخرون: لا نصلي إلا حيث أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما عنف أحد الفريقين .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
-وأما استدلالهم بقول ابن عباس رضي الله عنهما : (ان الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب)، فلا حجة له فيه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في معناه: "يقتضي أن الحائل كان رزية، وهو رزية في حق من شك في خلافة الصديق، واشتبه عليه الأمر، فإنه لو كان هناك كتاب لزال الشك، فأما من علم أن خلافته حق فلا رزية في حقه، ولله الحمد".
ويوضح هذا أن ابن عباس رضي الله عنهما ؛ ما قال ذلك إلا بعد ظهور أهل الأهواء والبدع، من الخوارج وغيرهم.
وأيضاً فقول ابن عباس هذا قاله اجتهاداً منه، وهو معارض بقول عمر واجتهاده، وقد كان عمر أفقه من ابن عباس قطعاً .
بل هو معارض بقول عمر، وطائفة من الصحابة معه، كما جاء في الحديث: (فاختلف أهل البيت واختصموا، فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده، ومنهم من يقول غير ذلك).
ويعضد هذا القول موافقة النبي صلى الله عليه وسلم ، له بعد ذلك وتركه كتابة الكتاب، فإنه صلى الله عليه وسلم ؛ لو أراد أن يكتب الكتاب ما استطاع أحد أن يمنعه، وقد ثبت أنه عاش بعد ذلك أياماً باتفاق المسلمين فلم يكتب شيئاً.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وأما القول بأن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أراد بذلك الكتاب أن ينص على خلافة علي رضي الله عنه ، فمردود من وجوه :
فالإمامية يقولون: إن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ قد نص على خلافة علي، ونصَّبه وصياً من بعده بأمر الله له قبل حادثة الكتاب .
وقد نقل إجماعهم على هذه العقيدة المفيد حيث قال: (واتفقت الإمامية على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استخلف أمير المؤمنين عليه السلام في حياته، ونص عليه بالإمامة بعد وفاته، وأن من دفع ذلك دفع فرضاً من الدين) أوائل المقالات (ص:44) .
ولذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ومن توهم أن هذا الكتاب كان بخلافة علي فهو ضال باتفاق عامة الناس، من علماء السنة والشيعة، أما أهل السنة فمتفقون على تفضيل أبي بكر وتقديمه، وأما الشيعة القائلون بأن علياً كان هو المستحق للإمامة فيقولون: إنه قد نص على إمامته قبل ذلك نصاً جلياً ظاهراً معروفاً، وحينئذ فلم يكن يحتاج إلى كتاب" .
فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أراد من ذلك الكتاب النَّصَ على خلافة علي في ذلك الوقت المتأخر من حياته، دل هذا على عدم نصه عليها قبل ذلك، إذ لا معنى للنص عليها مرتين، وإذا ثبت باتفاق المسلمين أن النبي صلى الله عليه وسلم ، مات ولم يكتب ذلك الكتاب، بطلت دعوى الوصية من أصلها.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وإذا تقرر هذا: فليعلم أن العلماء اختلفوا في مراد النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك الكتاب، فذهب بعضهم إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يكتب كتاباً ينص فيه على الأحكام ليرتفع الاختلاف.
وقيل: إن مراده صلى الله عليه وسلم من الكتاب: بيان ما يرجعون إليه عند وقوع الفتن.
وقيل: إن المراد بيان كيفية تدبير الملك، وهو إخراج المشركين من جزيرة العرب، وإجازة الوفد بنحو ما كان يجيزهم، وتجهيز جيش أسامة .
والذي عليه أكثر العلماء المحققين: أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن ينص على استخلاف أبي بكر ، ثم ترك ذلك اعتماداً على ما علمه من تقدير الله تعالى .
وقد استدل من قال بهذا القول بما جاء في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ادعي لي أبا بكر وأخاك، حتى أكتب كتاباً، فإني أخاف أن يتمنى متمن، ويقول قائل: أنا أولى، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر)) متفق عليه .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ولم يثبت أن عمر رضي الله عنه قال : إنه يهجر، وإنما قالها بعض من حضر الحادثة من غير أن تعين الروايات الواردة في الصحيحين وإنما الثابت فيها (فقالوا: ما شأنه أهجر؟)، هكذا بصيغة الجمع دون الإفراد.
ولهذا أنكر بعض العلماء أن تكون هذه اللفظة من كلام عمر رضي الله عنه .
قال ابن حجر رحمه الله: "ويظهر لي أن قائل ذلك بعض من قرب دخوله في الإسلام، وكان يعهد أن من اشتد عليه الوجع، قد يشتغل به عن تحرير ما يريد" .
ثم أن هذه اللفظة لا مطعن فيها على عمر إن ثبتت عنه، ولا الصحابة. وذلك من عدة وجوه:
الأول: أن الثابت الصحيح من هذه اللفظة أنها وردت بصيغة الاستفهام هكذا (أهجر؟) وهذا بخلاف ما جاء في بعض الروايات بلفظ: (هجر، ويهجر) وتمسك به الطاعنون فإنه مرجوح على ما حقق ذلك المحدثون ، فقد نصوا على أن الاستفهام هنا جاء على سبيل الإنكار على من قال: (لا تكتبوا) .
الثاني: أنه على فرض صحة رواية (هجر) من غير استفهام، فلا مطعن فيها على قائلها، لأن الهجر في اللغة يأتي على قسمين: قسم لا نزاع في عروضه للأنبياء، وهو عدم تبيين الكلام لبحّة الصوت، وغلبة اليبس بالحرارة على اللسان، كما في الحميات الحارة ، وقسم آخر:وهو جريان الكلام غير المنتظم، أو المخالف للمقصود على اللسان لعارض بسبب الحميات المحرقة في الأكثر.
وهذا القسم محل اختلاف بين العلماء في عروضه للأنبياء، فلعل القائل هنا أراد القسم الأول، وهو أنا لم نفهم كلامه بسبب ضعف ناطقته، ويدل على هذا قوله بعد ذلك: «استفهموه».
الثالث: أنه يحتمل أن تكون هذه اللفظة صدرت عن قائلها عن دَهَشٍ وحَيْرةٍ أصابته في ذلك المقام العظيم، والمصاب الجسيم، كما قد أصاب عمر وغيره عند موت النبي صلى الله عليه وسلم.
الرابع: أن هذه اللفظة صدرت بحضور رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكبار أصحابه، فلم ينكروا على قائلها، ولم يؤثموه، فدل على أنه معذور على كل حال.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وأما الادعاء من معارضة عمر رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: (عندكم كتاب الله، حسبنا كتاب الله) ، وأنه لم يمتثل أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ، فيما أراد من كتابة الكتاب! فالرد عليه:
الوجه الأول: أنه ظهر لعمر رضي الله عنه ؛ ومن كان على رأيه من الصحابة، أن أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بكتابة الكتاب ليس على الوجوب، وأنه من باب الإرشاد إلى الأصلح .
ثم إنه قد ثبت بعد هذا صحة اجتهاد عمر رضي الله عنه ، وذلك بترك الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ كتابة الكتاب، ولو كان واجباً لم يتركه لاختلافهم، لأنه لم يترك التبليغ لمخالفة من خالف.
ولهذا عد هذا من موافقات عمر رضي الله عنه .
الوجه الثاني: أن قول عمر رضي الله عنه : (حسبنا كتاب الله) رد على من نازعه لا على أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا ظاهر من قوله: (عندكم كتاب الله) فإن المخاطب جمع وهم المخالفون لعمر رضي الله عنه في رأيه.
الوجه الثالث: أن عمر رضي الله عنه قد رأى أن الأولى ترك كتابة الكتاب -بعد أن تقرر عنده أن الأمر به ليس على الوجوب- وذلك لمصلحة شرعية راجحة للعلماء في توجيهها أقوال :
فقيل: شفقته على رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يلحقه من كتابة الكتاب مع شدة المرض، ويشهد لهذا قوله: (إن رسول الله صصلى الله عليه وسلم قد غلبه الوجع) فكره أن يتكلف رسول الله ص ما يشق ويثقل عليه، مع استحضاره قوله تعالى: {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ}، {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ ... } .
وقيل: إنه خشى تطرق المنافقين، ومن في قلبه مرض، لما كتب في ذلك الكتاب في الخلوة، وأن يتقولوا في ذلك الأقاويل .
ولا يبعد أن يكون عمر رضي الله عنه لاحظ هذه الأمور كلها، أوكان لاجتهاده وجوه أخرى لم يطلع عليها العلماء، كما خفيت قبل ذلك على من كان خالفه من الصحابة، ووافقه عليها الرسول صلى الله عليه وسلم بتركه كتابة الكتاب، ولهذا عد العلماء هذه الحادثة من دلائل فقهه ودقة نظره.
الوجه الرابع: أن عمر رضي الله عنه كان مجتهداً في موقفه من كتابة الكتاب، والمجتهد في الدين معذور على كل حال، بل مأجور لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر)) متفق عليه ، فكيف وقد كان اجتهاد عمر بحضور رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يؤثمه، ولم يذمه به، بل وافقه على ما أراد من ترك كتابة الكتاب.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وأما القول: إن الأكثرية الساحقة كانت على قول عمر، ولذلك رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عدم جدوى كتابة الكتاب، لأنه علم بأنهم لن يمتثلوه بعد موته.
فجوابه: أن الرسول صلى الله عليه وسلم مأمور بالتبليغ سواء استجاب الناس أم لم يستجيبوا، قال تعالى: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ ... }، وقال تعالى: {فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ}، فلو كان الرسول صلى الله عليه وسلم ، أمر بكتابة الكتاب، ما كان ليتركه لعدم استجابة أصحابه، كما أنه لم يترك الدعوة في بداية عهدها لمعارضة قومه وشدة أذيتهم له، بل بلَّغ ما أُمر به، وما ثناه ذلك عن دعوته، حتى هلك من هلك عن بينة، وحيا من حيي عن بينة.
فظهر بهذا أن كتابة الكتاب لم تكن واجبة عليه، وإلا ما تركها .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ثم إن علياً رضي الله عنه ؛ كان حاضراً في هذه الحادثة؟ فلماذا لم يكتب؟ لماذا لم يذهب ويأت بالدواة والقلم ويكتب؟ وهل كان علي مع الذين منعوا أو مع الذين لم يمنعوا؟!.
نترك الإجابة للرافضة ، ولا ننتظر جواب ذلك منهم
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وسنُتْبِعُها بآُخْرى .....
[مِسعَرُ حَرب
29-12-2011, 06:13 PM
الشبهة الرابعة :
http://i.cubeupload.com/aWzhAu.png
سَرِيةُ أسامَةَ بنُ زَيد رضي الله عنهما
[*=center]شبهتهم :
(أن النبي صلى الله عليه وسلم ، جهز جيشاً لغزو الروم قبل وفاته بيومين، وأمّر على هذه السرية: أسامة بن زيد بن حارثة، وعمره ثمانية عشر عاماً، وقد عبأ صلى اله عليه وسلم في هذه السرية وجوه المهاجرين والأنصار، كأبي بكر وعمر، وأبي عبيدة، وغيرهم من كبار الصحابة المشهورين، فطعن قوم منهم في تأمير أسامة ،،
وقالوا: كيف يؤمر علينا شاباً لا نبات بعارضيه، وقد طعنوا من قبل في تأمير أبيه، وقد قالوا في ذلك وأكثروا النقد، حتى غضب صلى الله عليه وسلم غضباً شديداً مما سمع من طعنهم وانتقادهم، فخرج معصّب الرأس محموماً، يتهادى بين رجلين ورجلاه تخطان في الأرض، من شدة ما به من لغوب، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس ما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأمير أسامة، ولئن طعنتم في تأميري أسامة فقد طعنتم في تأميري أباه من قبله، وأيم الله إنه كان خليقاً بالإمارة، وإن ابنه من بعده لخليق بها).
وقالوا: (وإذا أردنا أن نتمعن في هذه القضية، فإننا سنجد عمر من أبرز عناصرها، إذ أنه هو الذي جاء بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخليفة أبي بكر وطلب منه أن يعزل أسامة ويبدله بغيره.
فقال أبو بكر: ثكلتك أمك يا ابن الخطاب، أتأمرني أن أعزله وقد ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!).
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
[*=center]رد العلماء على هذه الشبهة:
الثابت في هذه الحادثة أن الرسول صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي توفي فيه ، أمر أصحابه بالمسير إلى تخوم البلقاء من الشام ، والإغارة على أهل مؤتة، حيث قتل زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن رواحة ، الذين كانوا أمراء الرسول صلى الله عليه وسلم على غزوة مؤتة المعروفة، فلما تجهز الصحابة لما أمرهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، جعل الرسول صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد أميراً عليهم، فتكلم في تأمير أسامة قوم منهم عياش بن أبي ربيعة المخزومي، فرد عليه عمر وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم ، فخطب وقال: ((إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل، وأيم الله إن كان لخليقاً للإمارة وإن كان من أحب الناس إليّ، وإن هذا لمن أحب الناس إليّ بعده)) متفق عليه من قول الرسول صلى الله عليه وسلم .
فظاهر أن من تكلم في إمارة أسامة كانوا أفراداً من الصحابة وليس كل الصحابة، وكانوا بذلك مجتهدين في ما قالوا؛ لأنهم خشوا أن يضعف عن الإمارة لصغر سنه، ومع هذا فقد أنكر عليهم عمر وأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرهم إنه جدير بالإمارة فما يعرف أن أحداً منهم تكلم فيه بعد ذلك.
فأي لوم على الصحابة رضي الله عنهم بقول أفراد منهم أنكره عليهم بعضهم، ثم نهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانتهوا.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
القول بتباطئ الصحابة رضي الله عنهم في الخروج مع أسامة حتى مات رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحصل، بل إنهم بادروا بالاستعداد للقتال، وأعدوا العدة لذلك، فعن ابن إسحاق قال: (بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد بن حارثة إلى الشام وأمره أن يوطئ تخوم البلقاء والداروم من أرض فلسطين، فتجهز الناس وأوعب مع أسامة المهاجرون الأولون).
وفي الطبقات لابن سعد: (وعسكر بالجرف فلم يبق أحد من وجوه المهاجرين الأولين والأنصار، إلا انتدب في تلك الغزوة).
فكان الصحابة قد تهيئوا للخروج مع أسامة، وخرج بهم وعسكر بالجرف استعداداً للانطلاق، لكن الذي حصل بعد ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم اشتد عليه المرض فجاءه أسامة وقال: (يا رسول الله قد أصبحت ضعيفاً وأرجو أن يكون الله قد عافاك فأذن لي فأمكث حتى يشفيك الله، فإني إن خرجت وأنت على هذه الحالة خرجت وفي نفسي منك قرحة، وأكره أن أسأل عنك الناس، فسكت عنه رسول الله).
فكان أسامة هو الذي طلب من النبي صلى الله عليه وسلم التأخر في الخروج حتى يطمئن على رسول صلى الله عليه وسلم ، فأذن له الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولو أراد أسامة الخروج ما تأخر عنه أحد ممن كان تحت إمرته.
فهذا هو حقيقة ما حصل، ولم يكن تأخر خروج أسامة إلا بطلب منه أذن له فيه النبي صلى الله عليه وسلم، على أنه لم يكن بين أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالتهيؤ للغزو، ووفاته إلا ستة عشر يوماً، ومعلوم أن هذه المدة ليست طويلة في تجهيز جيش.
وبهذا تبطل دعوى القول في تثاقل الصحابة عن الخروج بل إن هذا يدل على سرعة امتثالهم لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك بتجهيزهم جيشاً كهذا قيل: إن قوامه ثلاثة آلاف مقاتل ، بكل ما يحتاج إليه من مؤونة وعتاد في خلال ثلاثة أيام على ما هم فيه من فاقة وفقر وحاجة في جميعاً، وجزاهم على جهادهم، وحسن بلائهم في الإسلام، خير ما جازى به المحسنين.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
لم يثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر وعمر أن يلتحقا بجيش أسامة، بل ولا أمر غيرهما بذلك، إذ لم يكن من عادته إذا أراد أن يجهز سرية أو غزوة أن يعين من يخرج فيها بأسمائهم، وإنما كان يندب أصحابه لذلك ندباً عاماً، ثم إذا اجتمع عنده من يقوم بهم الغرض عين لهم أميراً منهم.
فالتحق بالجيش كبار المهاجرين والأنصار.
وكان من بين هؤلاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، كما نص على ذلك المؤرخون، وثبت أنه فيمن خرج في معسكر أسامة بالجرف، ثم عاد للمدينة مع أسامة، لما بلغه احتضار رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إن عمر رضي الله عنه بقي مكتتباً في جيش أسامة فلما استخلف أبو بكر وأمر بمسير الجيش (استأذن أبو بكر أسامة أن يأذن لعمر بالبقاء معه لحاجته إليه، فأذن له) ذكر هذا الطبري وابن سعد وابن كثير وابن تيمية رحمهم الله جميعاً .
فثبت بهذا أن التحاق عمر بجيش أسامة كان برغبته واختياره، وأن خروجه منه كان بطلب الخليفة، وإذن الأمير، فأي لوم على عمر رضي الله عنه في ذلك ؟؟
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وأما أبو بكر رضي الله عنه فالذي عليه أكثر المؤرخين: أنه لم يكن في جيش أسامة أصلاً، فإنهم سموا من التحق بجيش أسامة من كبار الصحابة، ولم يذكروا فيهم أبا بكر.
بل كان رضي الله عنه يستخلفه في الصلاة من حين مرضه إلى أن مات.
وأسامة قد روى أنه عقد له الراية قبل مرضه، ثم لما مرض أمر أبا بكر أن يصلي بالناس فصلى بهم إلى أن مات النبي صلى الله عليه وسلم ، فلو قُدر أنه أُمر بالخروج مع أسامة قبل المرض، لكان أمره بالصلاة تلك المدة، مع إذنه لأسامة أن يسافر في مرضه، موجباً لنسخ إمرة أسامة عنه، فكيف إذا لم يُؤمر عليه أسامة بحال .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وأما القول: إن عمر رضي الله عنه ؛ كان من أبرز عناصر المعارضة، وهو الذي جاء بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر، وطلب منه أن يعزل أسامة ويبدله بغيره.
فجوابه:أنه لم تكن هناك معارضة أصلاً حتى يكون لها عناصر بارزة أو غير بارزة، والعبرة في هذا بصحة النقل، ولا نقل صحيح في هذا.
وأما القول: إن عمر طلب من أبي بكر عزل أسامة فليس هذا رأي عمر وحده، بل رأى بعض الصحابة، وسبب هذا أنه لما مات النبي صلى الله عليه وسلم ارتدت كثير من قبائل العرب، ونجم النفاق، وتربص الأعداء بالمسلمين من كل ناحية، وقد كان في جيش أسامة جل الصحابة وخيارهم، فخشى كبار الصحابة على المدينة بعد خروج الجيش منها أن يحيط بها الأعداء، وفيها خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمهات المؤمنين، والنساء، والذراري، فأشاروا على أبي بكر أن يؤجل بعث أسامة حتى يستقر الحال، ويفرغ من قتال المرتدين، فلما أبى عليهم ذلك أشار عليه بعضهم أن يولي الجيش من هو أسن من أسامة، وأعرف بالحرب منه حرصاً منهم على سلامة الجيش في ذلك الوقت العصيب الذي يمرون به .
والصحابة على كل حال مجتهدون في شأن جيش أسامة سواء من رأى منهم تسيير الجيش، أو لم ير ذلك، أو رأى عزل أسامة، أو لم ير ذلك، فما أرادوا من ذلك إلا الخير، والنصح لدين الله والمسلمين، وهم أبعد ما يكونون على كل ما يرميهم به هؤلاء من التهم الباطلة الجائرة.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وختاماً : لم يصح في قصة سرية أسامة حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لعن الله من تخلف عن جيش أسامة)
فهذا كذب على النبي صلى الله عليه وسلم .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وسنُتْبِعُها بآُخْرى .....
[مِسعَرُ حَرب
31-12-2011, 12:00 PM
الشبهة الخامسة :
http://i.cubeupload.com/Eo5KjS.png
صُلح الحُدَيبِية
[*=center]قالوا في مجمل القصة :
( ..... أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، خرج في السنة السادسة للهجرة يريد العمرة مع ألف وأربعمائة من أصحابه فأمرهم أن يضعوا سيوفهم في القرب، وأحرم هو وأصحابه بذي الحليفة وقلدوا الهدي ليُعلِم قريش أنه إنما جاء زائراً معتمراً وليس محارباً، ولكن قريشاً بكبريائها خافت أن يسمع بأن محمداً دخل عنوة إلى مكة وكسر شوكتها، فبعثوا اليه بوفد يرأسه سهيل بن عمرو وطلبوا منه أن يرجع في هذه المرة من حيث أتى على أن يتركوا له مكة في العام القادم ثلاثة أيام، وقد اشترطوا عليه شروطاً قاسية قبلها رسول الله لاقتضاء المصلحة التي أوحى إليه ربه عزوجل، ولكن بعض الصحابة لم يعجبهم هذا التصرف من النبي وعارضوه في ذلك معارضة شديدة .
وجاءه عمر بن الخطاب فقال: ألست نبي الله حقاً؟ قال: ((بلى))، قال عمر: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: ((بلى))، قال عمر: فلم نعطي الدنية في ديننا إذاً؟ ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري))، قال عمر: أولست كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: ((بلى، فأخبرتك أنا نأتيه العام؟)) قال عمر: لا، قال: ((فإنك آتيه ومطوف به))، ثم أتى عمر بن الخطاب إلى أبي بكر فقال: يا أبا بكر أليس هذا نبي الله حقاً؟ قال: بلى، ثم سأله نفس الأسئلة التي سألها رسول الله، وأجابه أبو بكر بنفس الأجوبة قائلاً له: أيها الرجل إنه لرسول الله وليس يعصي ربه وهو ناصره، فاستمسك بغرزه.
ولما فرغ رسول الله من كتاب الصلح قال لأصحابه: ((قوموا فانحروا ثم احلقوا)).
فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يمتثل لأمره منهم أحد دخل خباءه ثم خرج فلم يكلم أحداً منهم بشيء حتى نحر بدنة بيده، ودعا حالقه فحلق رأسه، فلما رأى أصحابه ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضاً حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
هذا مجمل قصة الصلح في الحديبية وهي من الأحداث المتفق عليها عند الشيعة والسنة، وقد ذكرها المؤرخون وأصحاب السير.
قالوا:لا يمكن لنا أن نقرأ مثل هذا ولا نتأثر ولا أعجب من تصرف هؤلاء الصحابة تجاه نبيهم، وهل يقبل عاقل قول القائلين بأن الصحابة كانوا يمتثلون أوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم وينفذونها، فهذه الحادثة تكذبهم وتقطع عليهم ما يرومون، هل يتصور عاقل بأن هذا التصرف في مواجهة النبي هو أمر هين، أو مقبول، أو معذور وقد قال تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً} [النساء : 65].
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
[*=center]رد العلماء على هذه الشبهة :
مراجعة عمر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم في أمر الصلح، وكذلك تأخر الصحابة رضي الله عنهم في بداية الأمر عن النحر والحلق حتى نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحلق، كل هذا صحيح ثابت في الصحيحين.
وعلى هذين الأمرين مدار الطعن على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا مطعن في شيء من هذا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا عمر ولا غيره من الصحابة الذين شهدوا الحديبية.
وبيان ذلك: أن الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ كان قد رأى في المنام أنه دخل مكة وطاف بالبيت فأخبر أصحابه بذلك وهو بالمدينة، فلما ساروا معه عام الحديبية لم يشك جماعة منهم أن هذه الرؤيا تتحقق هذا العام، فلما وقع أمر الصلح وفيه أن يرجعوا عامهم هذا، ثم يعودوا العام القادم شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل عمر رضي الله عنه على ما عرف به من القوة في الحق والشدة فيه- يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ويراجعه في الأمر، ولم تكن أسئلته التي سألها رسول الله صلى الله عليه وسلم لشك في صدق الرسول صلى الله عليه وسلم، أو اعتراض عليه، لكن كان مستفصلاً عما كان متقرراً لديه، من أنهم سيدخلون مكة ويطوفون بالبيت، وأراد بذلك أن يحفز رسول الله صلى الله عليه وسلم على دخول مكة، وعدم الرجوع إلى المدينة، لما يرى في ذلك من عز لدين الله وإرغام للمشركين.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
فعمر رضي الله عنه كان في هذا مجتهداً حمله على هذا شدته في الحق، وقوته في نصرة الدين، والغيرة عليه، مع ما كان قد عودهم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من المشورة وإبداء الرأي، امتثالاً لأمر الله تعالى: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ...} [آل عمران : 159]
وقد كان كثيراً ما يستشيرهم ويأخذ برأيهم، كما استشارهم يوم بدر في الذهاب إلى العير، وأخذ بمشورتهم، وشاورهم يوم أحد في أن يقعد في المدينة أو يخرج للعدو، فأشار جمهورهم بالخروج إليهم فخرج إليهم، وشاورهم يوم الخندق في مصالحة الأحزاب فأبى عليه السعدان (سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة) فترك ذلك، وشاورهم يوم الحديبية أن يميل على ذراري المشركين، فقال أبو بكر: إنا لم نجيء لقتال، وإنما جئنا معتمرين فأجابه إلى ما قال ، في حوادث كثيرة يطول ذكرها.
فقد كان عمر رضي الله عنه يطمع أن يأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم برأيه في مناجزة قريش وقتالهم، ولهذا راجعه في ذلك، وراجع أبا بكر، فلما رأى اتفاقهما أمسك عن ذلك وترك رأيه، فعذره رسول الله صلى الله عليه وسلم لما يعلم من حسن نيته وصدقه.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
أما توقف الصحابة رضي الله عنهم عن النحر والحلق حتى نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحلق، فليس معصية لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر العلماء له عدة توجيهات كقولهم كأنهم توقفوا لاحتمال أن يكون الأمر بذلك للندب، أو لرجاء نزول وحي بإبطال الصلح المذكور، أو تخصيصه بالإذن بدخولهم مكة ذلك العام لإتمام نسكهم، وسوّغ لهم ذلك لأنه كان زمان وقوع النسخ، ويحتمل أنهم ألهتهم صورة الحال فاستغرقوا في الفكر لما لحقهم من الذل عند أنفسهم، مع ظهور قوتهم واقتدارهم في اعتقادهم على بلوغ غرضهم، وقضاء نسكهم بالقهر والغلبة، أو أخروا الامتثال لاعتقادهم أن الأمر المطلق لا يقتضي الفور، ويحتمل مجموع هذه الأمور لمجموعهم.
وجاء في بعض الروايات أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما رأى عدم امتثالهم، دخل على أم سلمة فذكر لها ذلك فقالت: (يا رسول الله لا تكلمهم فإنهم قد دخلهم أمر عظيم مما أدخلت على نفسك من المشقة في أمر الصلح ورجوعهم بغير فتح).
فأشارت عليه كما جاء في رواية البخاري: (أن اخرج ثم لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك. فخرج فلم يكلم أحداً منهم حتى فعل ذلك، نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا) رواه البخاري.
قال ابن حجر رحمه الله: (ويحتمل أنها فهمت عن الصحابة رضي الله عنهم أنه احتمل عندهم أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالتحلل أخذاً بالرخصة في حقهم، وأنه يستمر على الإحرام أخذاً بالعزيمة في حق نفسه، فأشارت عليه أن يتحلل لينتفي عنهم هذا الاحتمال، وعرف النبي صلى الله عليه وسلم صواب ما أشارت به ففعله)...
ونظير هذا ما وقع لهم في غزوة الفتح من أمره لهم بالفطر في رمضان، فلما استمروا على الامتناع، تناول القدح فشرب، فلما رأوه شرب شربوا.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وهذا الوجه حسن، وهو اللائق بمقام أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فإنهم كانوا على قدر كبير من تعظيم الإحرام والحرص على إكمال النسك، فلما أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالتحلل ولم يفعل، ظنوا أن الذي حمله على هذا هو الشفقة عليهم، كما كانت سيرته معهم، فكأنهم رضي الله عنهم آثروا التأسي به على ما رخص لهم فيه من التحلل، ثم لما رأوه قد تحلل أيقنوا أن هذا هو الأفضل في حقهم، فبادروا إليه، وهذا مثل ما حصل منهم في الحج مع النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغوا مكة وطافوا وسعوا أمرهم أن يحلوا، وأن يصيبوا النساء ويجعلوها عمرة، فكبر ذلك عليهم لتعظيمهم لنسكهم، وقالوا: نذهب إلى عرفة ومذاكيرنا تقطر من المني؟! ، فلما علم بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم وكان لم يتحلل، قال لهم: ((أيها الناس أحلوا فلولا الهدي الذي معي فعلت كما فعلتم )).
قال جابر رضي الله عنه راوي الحديث: "فحللنا وسمعنا وأطعنا" متفق عليه .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ما بدر من الصحابة رضي الله عنهم يوم الحديبية كان بحضور رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كان الوحي ينزل عليه، فهل ذمهم الله بذلك؟ فإن الله لا يقر على باطل. وهل أنكر عليهم رسوله صلى الله عليه وسلم ؟
إن الله عزوجل قال في سورة الفتح التي أنزلها على رسوله صلى الله عليه وسلم بعد رجوعه من الحديبية في طريقه إلى المدينة ... {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً * وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً} [الفتح :18-19].
وكان عدد أهل الحديبية الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة ألفاً وأربعمائة رجلٍ، كما ذكر جابر رضي الله عنه ، وفي صحيح مسلم أن أم بشر سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يدخل النار -إن شاء الله- من أصحاب الشجرة أحد الذين بايعوا تحتها)) رواه مسلم .
فثبت بصريح الكتاب والسنة أن الله رضي عنهم، وأنزل السكينة في قلوبهم، وشهد لهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة، والنجاة من النار، فالطعن فيهم بعد هذا تكذيب صريح لما دلت عليه النصوص، ورد على الله ورسوله، ولهذا لم يتوقف العلماء في تكفير من كفّر، أو فسق عامة الصحابة لمناقضته لصريح الكتاب والسنة.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ثبت في الصحيحين من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: "كتب علي بن أبي طالب رضي لالله عنه الصلح بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين المشركين يوم الحديبية، فكتب: هذا ما كاتب عليه محمد رسول الله، فقالوا: لا تكتب رسول الله فلو نعلم أنك رسول الله لم نقاتلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((امحه)) ، فقال: "ما أنا بالذي أمحاه"، فمحاه النبي صلى الله عليه وسلم بيده" متفق عليه.
وفي بعض الرويات أن علياً رضي الله عنه قال: "والله لا أمحاه أبداً".
فما ثبت عن علي رضي الله عنه هنا نظير ما ثبت عن عمر رضي الله عنه هناك ؛ في مراجعته رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر الصلح، فإذا لم يكن في هذا مطعن على علي رضي الله عنه وهو الحق، لم يكن فيما ثبت عن عمر رضي الله عنه.
فإن قيل: إنما منعه من محو كلمة (رسول الله) محبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيمه.
قلنا: وإنما حمل عمر على ما فعل نصرته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإعزاز دينه.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وسنُتْبِعُها بآُخْرى .....
[مِسعَرُ حَرب
4-1-2012, 12:37 PM
عذراً ثم عذراً لمن يتابع (إن وجد) كان عندي اختبارات ولم استطع الإضافة :)
الشبهة السادسة :
http://i.cubeupload.com/jY0Ni4.png
آيات وأحاديث حملت على أنها في ذم الصحابة رضي الله عنهم :
هناك آيات عدة حُملت على أنها وردت في ذم الصحابة رضي الله عنهمم ؛ وهذه ردود عامة عليها:
أن كل ما يُستدل به من آيات في الطعن على الصحابة رضي الله عنهم لا يخلو من ثلاثة أقسام:
- إما أن تكون آيات نزلت في الكفار والمنافقين.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
- وإما أن تكون آيات عامة نزلت في حث الأمة على الخير، وأمرها به، أو تحذيرها من الشر ونهيها عنه، والخطاب فيها للصحابة ولمن بعدهم من الأمة ..
وهي مصدرة في الغالب: بـ(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ).
والأمثلة على هذا كثيرة جداً في القرآن، وليس فيها أي طعن على الصحابة رضي الله عنهم .
وقد خاطب الله تعالى بمثل هذا رسوله صلى الله عليه وسلم كما في قوله: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [المائدة : 67].
وقوله: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر : 65] .
وقوله: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ} [البقرة : 145].
وقوله: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ ...} [الأحقاف : 35].
وقوله: {وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ * وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ } [المدثر:6-7].
وغيرها من الآيات في معناها، فكما أن هذه الآيات بما تضمنته من الأوامر والنواهي من الله لرسوله، ليس فيها أي مطعن عليه، فكذلك ما ثبت من ذلك في حق الصحابة ليس فيه أي مطعن عليهم.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
- وأما القسم الثالث من الآيات فآيات تضمنت نوع عتاب من الله لبعض الصحابة، كما في قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ ...} [الحديد : 16].
وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ ...} [التوبة : 38].
وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ ...} [الممتحنة : 1].
فهذه الآيات وما في معناها ليس فيها كذلك مطعن على الصحابة رضي الله عنهم، وإنما عاتب الله بها أفراداً منهم، بل ربما كان العتاب لفرد واحد منهم، كما في الآية الأخيرة، فإنها نزلت في حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه ، ومن الخطأ تعميم ذلك على الصحابة كلهم، وأيضاً فإن الله تعالى خاطبهم فيها بوصف الإيمان الدال على تزكية الله لهم وثنائه عليهم، ولهذا أُطلق على هذه الآيات وأمثالها على أنها عتاب من الله للمؤمنين، ولهذا عاتب الله رسوله وخليله صلى الله عليه وسلم في أكثر من آية كما في قوله تعالى: {عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَن جَاءهُ الْأَعْمَى} [عبس:1-2].
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم بعدها يكرم ابن أم مكتوم ويقول له إذا رآه: ((مرحباً بمن عاتبني فيه ربي)).
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [التحريم : 1].
وقال تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ ...} [الأحزاب : 37].
إلى غير ذلك من الأمثلة في هذا الباب.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
والمقصود هنا:هو التأكيد على أن كل ما ثبت في حق الصحابة من عتاب الله تعالى لهم، لا يوجب انتقاصهم به، إذا ما ثبت جنس ذلك في حق الرسول صلى الله عليه وسلم وهو بالمكانة المعروفة من ربه.
لو سلمنا جدلاً أن في تلك الآيات ذماً لبعض الصحابة، فمن أين لنا الحكم على بعضهم أنهم هم المعنيون بها دون البعض الآخر، فإن هذا التعيين يحتاج إلى دليل، وإلا فلغيره أن يدعي ما يشاء، وينزل تلك الآيات على من شاء من الصحابة، كما لو احتج الخوارج بتلك الآيات على تكفير علي رضي الله عنه أو النواصب على تفسيقه، فلن يجد هؤلاء حجة يدفعون بها عن علي رضي الله عنه ، إلا بقول أهل السنة واعتقاد عدالة الصحابة جميعاً.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
أن الله تعالى أثنى في كتابه على الصحابة أبلغ الثناء، وزكاهم أعظم تزكية، وأخبر أنه رضي عنهم ورضوا عنه، ووصفهم بالإيمان والتقوى، ووعدهم بالحسنى.
فقد تضمنت هذه الآيات ثناء الله عز وجل العظيم على الصحابة ووصفه لهم بتلك الصفات الفاضلة الدالة على علو شأنهم في الدين، وسمو مكانتهم فيه، وإخباره بما أعد لهم في الآخرة من الأجر والثواب والمغفرة والرضوان، والخلود في جنات تجري من تحتها الأنهار، مما يدل دلالة واضحة على بطلان ما ادعاه المبطلون من أن بعض الآيات جاءت بذمهم وتنقصهم، وذلك أنه كتاب محكم لا يناقض بعضه بعضاً كما قال تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً} [النساء : 82].
ولو افترض وجود بعض الآيات تدل بظاهرها على ما ادعى هؤلاء الطاعنون، فالواجب حملها على هذه الآيات الصريحة القاطعة بعدالة الصحابة جميعاً، فكيف والنصوص كلها من الكتاب والسنة بعدالتهم متواترة، وبإيمانهم قاطعة.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
أن الله تعالى أثنى على المستغفرين لهم السائلين الله تعالى أن لا يجعل في قلوبهم غلاً عليهم، فقال بعد أن ذكر المهاجرين والأنصار: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [الحشر : 10].
فكيف يتصور بعد هذا أن يذمهم الله تعالى في آيات أخرى بما يوجب تنقصهم وبغضهم، فإن هذا من أبعد ما يكون عند أصحاب العقول، أن يتضمن مثل ذلك كتاب الله المحكم المنزه عن الاختلاف والاضطراب.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
أن الله تعالى جعل أصحاب نبيه يغاظ بهم الكفار فقال: {لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ...} [الفتح : 29] ، فمن المحال بعد ذلك أن يجعل للكفار حجة عليهم بذمهم في كتابه، وقد قال الله تعالى: {وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} [النساء : 141].
وبهذا يظهر زيف القول بأن القرآن قد جاء بذم الصحابة.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
أما الروايات والآثار فإن ما نقل عن الصحابة من المثالب نوعان:
أحدهما: ما هو كذب: إما كذب كله، وإما محرَّف قد دخله من الزيادة والنقصان ما يُخرجه إلى الذم والطعن.
وأكثر المنقول من المطاعن الصريحة هو من هذا الباب يرويها الكذّابون المعروفون بالكذب، مثل أبي مخنف لوط بن يحيى، ومثل هشام بن محمد بن السائب الكلبي وأمثالهما من الكذّابين.
ولهذا كثيراً ما يستشهد الطاعنون بما صنّفه هشام الكلبي في ذلك، وهو من أكذب الناس، وهو يروي عن أبيه وعن أبي مخنف، وكلاهما متروك كذّاب.
والنوع الثاني: ما هو صدق: وأكثر هذه الأمور هم فيها معذورون تخرجها عن أن تكون ذنوباً، وتجعلها من موارد الاجتهاد، التي إن أصاب المجتهد فيها فله أجران وإن أخطأ فله أجر.
وعامة المنقول الثابت عن الصحابة رضي الله عنهم من هذا الباب، وما قُدِّر من هذه الأمور ذنبا محققا فإن ذلك لا يقدح فيما عُلم من فضائلهم وسوابقهم وكونهم من أهل الجنة، لأن الذنب المحقق يرتفع عقابه في الآخرة بأسباب متعددة، منها: التوبة الماحية، والحسنات الماحية للذنوب؛ فإن الحسنات يذهبن السيئات. وقد قال تعالى: {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيماً} [النساء : 31].
ومنها: المصائب المكفِّرة.
ومنها: دعاء المؤمنين بعضهم لبعض، وشفاعة نبيهم، فما من سبب يسقط به الذنب والعقاب عن أحد من الأمة إلا والصحابة أحق بذلك، فهم أحق بكل مدح، ونفي كل ذم ممن بعدهم من الأمة.
وغيرها من أسباب المغفرة وتكفير الذنوب.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
أمثلة على آيات حملت على أنها وردت في الطعن في الصحابة رضي الله عنهم :
آية الانقلاب:
من هذه الآيات ما يسمى (آية الانقلاب) وهو قول الله عزوجل: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران : 144].
حيث زعموا أن هذه الآية الكريمة صريحة وجلية في أن الصحابة سينقلبون على أعقابهم بعد وفاة الرسول مباشرة ولا يثبت منهم إلا القليل كما دلت على ذلك الآية في تعبير الله عنهم، أي: عن الثابتين الذين لا ينقلبون بالشاكرين، فالشاكرون لا يكونون إلا قلة قليلة كما دل على ذلك قوله: {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ : 13] ، وكما دلت عليه أيضاً الأحاديث النبوية الشريفة التي فسرت هذا الانقلاب بزعمهم.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وقد رد العلماء على هذه الشبهة بما يلي:
أولاً: يجب على المفسر لكتاب الله أن يلم بأصول التفسير كأسباب النزول والناسخ والمنسوخ والخاص والعام وغيره ليكون تفسيره حسب أصول التفسير .
ثانياً: ذكر المفسرون في سبب نزول الآية أنه في يوم أحد صاح الشيطان: قد قتل محمد.
فقال بعض المنافقين: قد قتل محمد فأعطوهم بأيديكم فإنما هم إخوانكم .
وقال بعض الصحابة: إن كان محمد قد قتل ألا تمضون على ما مضى عليه نبيكم حتى تلحقوا به فأنزل الله تعالى في ذلك: : {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ...} [آل عمران : 144].
ومن علماء الإمامية الاثني عشرية من أقر بأن هذا هو سبب نزول الآية.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وعلى ذلك فمعنى الآية : (هو معاتبة الله لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم على ما كان منهم من الهلع والجزع حين قيل لهم بأحد إن محمداً قتل) ،، (فلو مات محمد أو قتل لا ينبغي لهم أن يصرفهم ذلك عن دينه وما جاء به، فكل نفس ذائقة الموت، وما بعث محمد صلى الله عليه وسلم ليخلد لا هو ولا هم بل ليموتوا على الإسلام والتوحيد فإن الموت لا بد منه، سواء مات رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بقي، فقوله : {أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} ، أي: كيف ترتدون وتتركون دينه إذا مات أو قتل مع علمكم أن الرسل تخلو ويتمسك أتباعهم بدينهم وإن فقدوا بموت أو قتل).
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ثالثاً: هذه الآية تعتبر أعظم دليل على عظمة أبي بكر رضي الله عنه وشجاعته وثباته وذلك عندما صدع بهذه الآية يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
وثبوته في ذلك الموطن، وثبوته في أمر الردة، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قبض وشاع موته هاج المنافقون وتكلموا وهموا بالاجتماع والمكاشفة ، أوقع الله تعالى في نفس عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقبض فقام بخطبته المشهورة المخوفة للمنافقين برجوع النبي صلى الله عليه وسلم ففتَّ ذلك في أعضاد المنافقين وتفرقت كلمتهم، ثم جاء أبو بكر بعد أن نظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسمع كلام عمر فقال له: اسكت، فاستمر في كلامه فتشهد أبو بكر فأصغى الناس إليه ، فقال: أما بعد "فإنه من كان يعبد الله تعالى فإن الله حي لا يموت ومن كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، : {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ}" . ، وتلا الآية كلها فبكى الناس ولم يبق أحد إلا قرأ الآية كأن الناس ما سمعوها قبل ذلك اليوم، قالت عائشة رضي الله عنها في البخاري: "فنفع الله بخطبة عمر ثم بخطبة أبي بكر..." فهذا من المواطن التي ظهر فيها شكر أبي بكر وشكر الناس بسببه.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
رابعاً: القول بأن: (هذه الآية صريحة وجلية «هكذا!» في أن الصحابة سينقلبون على أعقابهم بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم مباشرةً) ،، يدل على عظيم الجهل بأصول التفسير وبأقوال المفسرين.
وإذا فسرت الآية بهذه العقليته لأصبح المعنى أن الله عزوجل يبشر صحابة نبيه صلى الله عليه وسلم أنهم سينقلبون في المستقبل القريب!!؟
فهو يجزم بحدوث انقلاب أكثر الصحابة والنبي صلى الله عليه وسلم لما يتوفاه الله بعد، وليس هذا فقط بل ويؤكد أنهم سينقلبون بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم مباشرةً !!!
ومن جزم بأن أكثر الصحابة سينقلبون بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم مباشرةً فلابد أن يوضح من هم الصحابة المنقلبون ومن هم الصحابة الثابتون وإلا اختلط الأمر على الأمة فلم يُعْرَفِ الصحابي من المنقلب على عقبه.
وبالإضافة إلى أن عدم تحديد الصحابة من المنقلبين سيفتح المجال للطعن بالقرآن الكريم؛ لأنه في عدة مواضع يمدح الصحابة ويشهد لهم بالإيمان وصلاح الظواهر والبواطن، وفي مواضع أخرى يذم الصحابة ويبشر بارتدادهم عن الدين وهذا هو عين ما يسعى إليه الطاعنون، والحق الذي يجب أن يعرفه كل مسلم هو أن الصحابة إنما هم بشر يخطئون وتقع منهم الزلات والهنات، ولكنهم أهل عدل وصدق شهد لهم القرآن الكريم في غير ما موضع كما في قوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة : 100].
فهذه بشارة الله سبحانه لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا أن يبشرهم بالارتداد والانقلاب عن الدين.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
خامساً: يجب على المفسر لآية أن يربطها بالآيات التي قبلها والتي بعدها؛ لأن تمام التفسير ووضوحه مرتبط بذلك، وهذه الآية هي من ضمن غزوة أحد والأخطاء التي وقعت فيها والسورة بصدد عتاب الله للمؤمنين لما حدث لهم في هذه الغزوة، وذلك أن الله أنكر عليهم أنهم بمجرد الايمان سيدخلهم الجنة دون الجهاد والابتلاء والتمحيص فقال تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ * وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ} [آل عمران :142-143]. ثم ذكر بعدها مباشرة قوله: : {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ ...} [آل عمران : 144] استمرار بعتابهم على ما كان منهم في تلك الغزوة، ثم ذكرهم بالآيات التي بعدها أن هناك من الأنبياء من قاتل معه الصالحون فما وهنوا وما ضعفوا وما ذلوا كما حدث من بعضكم، وفي الآية التي بعدها أثبت الله لصحابة نبيه صلى الله عليه وسلم الإيمان وحذرهم من طاعة الكافرين بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ} [آل عمران : 149] ، وبعد عتابهم ذكر الله بعد آيات أنه عفا عمن تولى يوم القتال بسبب بعض ذنبه بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [آل عمران : 155] ، ثم يذكر الله سبحانه أن المؤمنين قد استجابوا للرسول صلى الله عليه وسلم من بعد ما أصابهم القرح في غزوة أحد لملاحقة أبي سفيان إلى حمراء الأسد فقال تعالى: {الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ * الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران :172-173].
ولا شك أن هؤلاء الموصوفين بهذه الصفات وهذا المديح هم الصحابة المنقلبون بنعمة من الله وفضل، فكيف يدعي هؤلاء أن الله يبشر صحابة نبيه صلى الله عليه وسلم بالارتداد والانقلاب بناء على تحريف للكلم عن مواضعه؟!
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
آية الجهاد:
ومنها آية ما يسمى بـ (آية الجهاد) وهو قول الله عزوجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ * إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التوبة:38-39].
قالوا:هاتان الآيتان صريحتان أيضاً في أن الصحابة تثاقلوا عن الجهاد واختاروا الركون إلى الحياة الدنيا والدعة، رغم علمهم بأنها متاع قليل، حتى استوجبوا توبيخ الله سبحانه وتهديده إياهم بالعذاب الأليم، وباستبدالهم بغيرهم من المؤمنين الصادقين.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وقد رُد على هذه الشبهة من وجوه:
منها اتفاق المفسرين بأن هذه الآية نزلت في الحض على "غزوة تبوك" ، وذلك بعد فتح مكة وبعد رجوعه صلى الله عليه وسلم من الطائف وحنين وقد أمروا بالنفير بالصيف حيث فرقت النخل وطابت الثمار، وكان من عادة النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد غزوة ورّى بغيرها حتى كانت هذه الغزوة في حر شديد وسفر بعيد وعقبات كثيرة وعدو غفير فشق عليهم الخروج فأنزل الله هذه الآيات تحضهم على الجهاد وترهبهم من التثاقل عنه.
وقد ذكر ذلك بعض علماء الإمامية.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ولا شك أن هذا التثاقل لم يصدر من الكل، إذ من البعيد أن يطبقوا جميعاً على التباطؤ والتثاقل وإنما هو باب نسبة ما يقع من البعض إلى الكل، وهو كثير شائع، والصحابة بشر يعتريهم ما يعتري أي إنسان من الكسل وغيره ولذلك نزل القرآن في كثير من المواطن يعلم الصحابة ويوجههم ويحضهم ويرهبهم ليجعل منهم خير أمة أخرجت للناس.
وهذا الأمر معلوم لمن تدبر القرآن فنزلت الآيات التي تبدأ بـ{يا أيها الذين آمنوا} تسع وثمانون مرة وهي كلها للتعليم والتوجيه.
لذلك يقول ابن مسعود رضي الله عنه : "إذا سمعت الله يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فأرعها سمعك فإنه إما خيرٌ تؤمر به أو شر تنهى عنه" ، فالسياق القرآني جاء لتعليم الصحابة الخير أو نهيهم عن الشر، ولكن من اعتقد العصمة في البشر جعلهم يعتقدون أن أي خطأ أو تقصير يصدر من الصحابة يعتبر قدحاً بهم.
أما بالنسبة لقوله تعالى: {إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً} [التوبة:39].
فهذا فيه توعد من الله تعالى لمن ترك الجهاد وقال ابن عباس رضي الله عنهما: "استنفر رسول الله صلى الله عليه وسلم حياً من العرب فتثاقلوا عنه فأمسك الله عنهم القطر فكان عذابهم" .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
الصحابة رضي الله عنهم قد خرجوا مع نبيهم صلى الله عليه وسلم إلى غزوة تبوك ولم يمسهم من عذاب الله شيء، وعلى رأس هؤلاء الشيخين رضي الله عنهما ، فأما أبو بكر رضي الله عنه فقد جاء بجميع ماله إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليجهز الجيش ولم يبق لأهله إلا الله ورسوله ، بالإضافة إلى أن الله سبحانه أثبت له الصحبة لنبيه فذكر بالآية التي تلي الآية التي نحن بصددها مباشرة {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا} [التوبة : 40].
وأما عمر رضي الله عنه فقد جاء بنصف ماله للنبي صلى الله عليه وسلم ، وجاء عثمان رضي الله عنه بألف دينار فنثرها في حجر النبي صلى الله عليه وسلم وجهز جيش العسرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم مرتين)) رواه الترمذي.
وأما عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه فقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم خلفه في غزوة تبوك (رواه مسلم).
وعفى الله عن الجميع حيث قال: {لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [التوبة : 117].
يقول ابن عباس رضي الله عنهما: " من تاب الله عليه لم يعذبه أبداً " .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ثم أعلم أن غزوة تبوك هذه كانت آخر غزوات النبي صلى الله عليه وسلم مع صحابته رضي الله عنهم، وكانوا قد أبلوا أعظم البلاء في جميع الغزوات الأخرى التي غزوها مع النبي صلى الله عليه وسلم ، كبدر وأحد والخندق ثم فتح مكة ثم غزوة حنين ومؤتة فكان النصر والفتح حليفهم، ثم إنهم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم أكملوا طريق الجهاد فحفظوا الدين من المرتدين وفتح الله على أيديهم بلاد فارس والعراق والشام ومصر.
فكيف يقال بعد هذا أن الصحابة تثاقلوا عن الجهاد واختاروا الركون إلى الحياة الدنيا؟!
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
آية الردة:
وقالوا: (وكقوله تعالى أيضاً: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة : 54].
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
والرد أن يقال:
أن هذه الآية أعظم دليل على عظمة هؤلاء الصحابة وأنهم هم القوم الذين يحبهم الله ويحبونه، فقد روى جمع من المفسرين أنها نزلت في أبي بكر وأصحابه رضي الله عنهم وذكر الطبري في تفسيره أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "نزلت في أبي بكر وأصحابه!!".
وقال بعض المفسرين: نزلت في الأنصار.
وقال بعضهم: في أهل اليمن قوم أبي موسى الأشعري.
وعلى كل حال الآية عامة في كل هؤلاء، ولا شك أن أولهم دخولاً في الآية أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وبقية الصحابة.
ويؤكد على ذلك الطبرسي-وهو من كبار علماء الإمامية- في تفسيره عند ذكر الآية: (.. واختلف فيمن وصف بهذه الأوصاف منهم فقيل: هم أبو بكر وأصحابه الذين قاتلوا أهل الردة .. وقيل: هم الأنصار.. وقيل: هم أهل اليمن.. وقيل: أنهم أهل فارس..... وقيل: هم أمير المؤمنين علي عليه السلام وأصحابه)(البيان).
والدليل على أن الصحابة وفي مقدمتهم الخلفاء الأربعة رضي الله عنهم هم أول الداخلين في عموم هذه الآية، أن الله يقول فيها: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}.
أما قوله: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ}. دليل واضح وصفة لازمة لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بدليل قوله تعالى: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ} [الفتح:29].
وأما قوله: {يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ} ، فمعلوم أن الصحابة كانوا من أوائل المجاهدين في سبيل الله، والآيات التي تؤكد ذلك تملأ القرآن لمن تدبره.، فهذه صفة دائمة لهم، فلا يعقل لمن استخدم عقله أن يعتقد أن الصحابة ارتدوا بدليل الآية، لأن الصحابة في زمن خلافة أبي بكر رضي الله عنه قاتلوا المرتدين وانتصروا عليهم فلا يعقل أن ينتصر المرتدون على المؤمنين.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
شبهة التبعيض في قول الله عزوجل: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} :
ومن الشبهات أن {منهم} في قول الله عزوجل: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} [الفتح : 29] ، تدل على التبعيض وأوحت أن البعض من هؤلاء لا تشملهم مغفرة الله ورضوانه، ودلت أيضاً على أن البعض من الصحابة انتفت منهم صفة الإيمان والعمل الصالح، فهذه الآيات المادحة والقادحة في آن واحد فهي بينما تمدح نخبة من الصحابة تقدح في آخرين ...
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وقد رُد علي هذه الشبهة من وجوه:
منها إن هذه الآية الكريمة تضمنت أبلغ الثناء والمدح من الله تعالى لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ووصفه لهم بتلك الصفات العظيمة، الدالة على علو قدرهم في الدين، ورسوخ قدمهم في الإيمان والعمل الصالح.
أما القول أن {منهم} في قوله تعالى: { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} : للتبعيض ، فجل وخطأ، فالذي عليه المفسرون وأهل العلم أن (من) في الآية لبيان الجنس فيكون المعنى: {وعد الله الذين آمنوا من هذا الجنس} وهم : الصحابة.
وهذا كقوله تعالى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج : 30] فلا يقصد للتبعيض، لكنه يذهب إلى الجنس، أي: فاجتنبوا الرجس من جنس الأوثان إذ كان الرجس يقع من أجناس شتى، منها الزنى والربا وشرب الخمر والكذب فأدخل (من) يفيد بها الجنس وكذا (منهم) أي: من هذا الجنس، يعني: جنس الصحابة، ويقال: أنفق نفقتك من الدراهم أي: اجعل نفقتك هذا الجنس ...
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
شبهة قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} :
حيث قالوا: أن أكثر الصحابة انفضوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى العير التي جاءت من الشام وتركوه وحده في خطبة الجمعة وتوجهوا إلى اللهو واشتغلوا بالتجارة، وذلك دليل على عدم الديانة.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
والجواب:
أن هذه القصة إنما وقعت في بدء زمن الهجرة، ولم يكونوا إذ ذاك واقفين على الآداب الشرعية كما ينبغي، وكان للناس مزيد رغبة في الغلة، وظنوا أن لو ذهبت الإبل يزيد الغلاء ويعم البلاء، ولم يخرجوا جميعهم بل كبار الصحابة كأبي بكر وعمر كانوا قائمين عنده صلى الله عليه وسلم كما ثبت في الأحاديث الصحيحة، ولذا لم يشنع عليهم ، ولم يتوعدهم سبحانه بعذاب ولم يعاتبهم الرسول صلى الله عليه وسلم أيضاً، ولما بين الله لهم الحكم ما تخلف منهم أحد، وحالهم بعد نزول الآية خير شاهد.
ثم أن إنفضاض الصحابة رضي الله عنهم كان للتجارة وليس اللهو، بدليل قوله تعالى: {إِلَيْهَا} ، ولم يقول إليهما بصيغة المثنى .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
شبهة فرار الكثير من الصحابة يوم أحد ويوم حنين ونزول قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} :
والجواب:
أن الفرار يوم أحد كان قبل النهي، ولئن قلنا: كان بعده فهو معفو عنه، بدليل قوله تعالى: {وَلَقَدْ عَفَا اللّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [آل عمران : 155].
فالله قد عذرهم وعفا عنهم، وهو الذي زكاهم وأثنى عليهم فهل لأحد أن يعترض على الله؟!
وأما الفرار يوم حنين فقد أخبر تعالى أنه كان ابتلاء لهم وتربية لهم حتى لا يعتمدوا على كثرتهم، بل الاعتماد يكون على الله وحده، فقال تعالى: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ} [التوبة:25-26] .
ولا يخفى أن في هذه المعركة كان منهم قريبو عهد بإيمان .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
شبهة القول: إن الصحابة سبوا بعضهم وقتلوا بعضهم: يقول الله تعالى: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ{ .
الجواب:
إن الله أثبت لهم الإيمان والأخوة مع أنهم قاتلوا بعضهم بعضاً، وإذا كانت هذه الآية يدخل فيها المؤمنون فالأولى دخول الصحابة فيها، وأهل السنة يقولون: إن أهل الجنة ليس من شرط دخولها سلامتهم عن الخطأ والزلل، بل ولا حتى الكبائر، فيجوز أن يذنب الرجل منهم ذنباً صغيراً أو كبيراً ويتوب منه فيتوب الله عليه, كيف وقد شهد الله لهم بالجنة، ولو لم نعلم أن أولئك المعينين في الجنة لم يجز لنا أن نقدح في استحقاقهم للجنة بأمور لا نعلم أنها توجب النار.
فإن هذا لا يجوز في آحاد المؤمنين الذين لم يعلم أنهم يدخلون الجنة، فليس لنا أن نشهد لأحد منهم بالنار لأمور محتملة لا تدل على ذلك، فكيف يجوز مثل ذلك في خيار المؤمنين !!؟ فكان كلامنا في ذلك كلاماً فيما لا نعلمه، والكلام بلا علم حرام، ولهذا كان الإمساك عما شجر بين الصحابة خيراً من الخوض في ذلك بغير علم بحقيقة الأحوال .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وسنُتْبِعُها بآُخْرى .....
[مِسعَرُ حَرب
5-1-2012, 11:48 AM
الشبهة السابعة :
http://i.cubeupload.com/7dXFmI.png
شبهة أن الصحابة آذوا علياً وحاربوه ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ((من آذى علياً فقد آذاني)) :
إعلم أن أعظم ما تداولت الألسن من الاختلاف الواقع بين الصحابة رضي الله عنهم ما وقع في زمن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، فنشأ منه وقعتان عظيمتان: وقعة الجمل، ووقعة صفين.
وسبب ذلك مقتل عثمان رضي الله عنه، ولو أنكر ذلك من أنكر، وإنكار ذلك مكابرة لا يلقى لها بال، لأن الخبر متواتر في جميع مراتبه.
وتلخيص الأول: أنه لما قتل عثمان رضي الله عنه ؛ سار طلحة والزبير وعائشة رضي الله عنهم نحو البصرة، فلما علم علي بمخرجهم اعترضهم من المدينة لئلا يحدث ما يشق عصا الإسلام، ففاتوه، وأرسل ابنه الحسن وعماراً يستنفران أهل المدينة وأهل الكوفة، ولما قدموا البصرة استعانوا بأهلها وبيت مالها، حتى إذا جاءهم الإمام رضي الله عنه حاول الصلح واجتماع الكلمة وسعى الساعون بذلك، فثار قتلة عثمان وكان ما كان، وانتصر علي رضي الله عنه، وكان قتالهم من ارتفاع النهار يوم الخميس إلى صلاة العصر لعشر خلون من جمادى الآخرة.
ولما ظهر علي رضي الله عنه جاء إلى أم المؤمنين رضي الله عنها فقال: "غفر الله لك". قالت: "ولك. وما أردت إلا الإصلاح".
ثم أنزلها دار عبد الله بن خلف في البصرة وزارها بعد ثلاث ورحبت به وبايعته وجلس عندها فقال رجل: يا أمير المؤمنين! إن بالباب رجلين ينالان من عائشة.
فأمر القعقاع بن عمرو أن يجلد كل واحد منهما مائة جلدة وأن يجردهما من ثيابهما ففعل.
ولما أرادت الخروج من البصرة بعث إليها بكل ما ينبغي من مركب وزاد ومتاع وأذن لمن نجا من الجيش أن يرجع إلا أن يحب المقام، وأرسل معها أربعين امرأة وسير معها أخاها محمداً.
ولما كان اليوم الذي ارتحلت فيه جاء علي رضي الله عنه فوقف على الباب في الهودج فودعت الناس ودعت لهم وقالت: «يا بني لا يغتب بعضكم بعضاً، إنه ما كان بيني وبين علي بن أبي طالب رضي الله عنه في القديم إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها، وإنه لمن الأخيار».
فقال علي رضي الله عنه: «صدقت، والله ما كان بيني وبينها إلا ذلك، وإنها زوجة نبيكم صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة» (تاريخ الطبري) وسار معها مودعاً أميالاً.
وكانت رضي الله تعالى عنها بعد ذلك إذا ذكرت ما وقع ، تبكي حتى تبل خمارها.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ففي هذه المعاملة من أمير المؤمنين رضي الله عنه دليل على خلاف ما يزعمه مبغضوها من كفرها وفي ندمها وبكائها على ما كان دليل على أنها لم تذهب إلى ربها إلا وهي نقية من غبار المعركة، على أن في كلامها ما يدل على أنها كانت حسنة النية في ذلك.
وقال غير واحد: إنها اجتهدت ولكنها أخطأت في الاجتهاد ولا إثم على المجتهد المخطئ بل له أجر على اجتهاده.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وأما طلحة والزبير رضي الله عنهما فلم يموتا إلا على بيعة الإمام علي رضي الله عنه.
فقد روى الحكم عن ثور بن مجزأة أنه قال: «مررت بطلحة يوم الجمل في آخر رمق فقال لي: من أنت؟ قلت: من أصحاب أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، فقال: أبسط يدك أبايعك، فبسطت يدي فبايعني وقال: هذه بيعة علي، وفاضت نفسه. فأتيت علياً رضي الله عنه فأخبرته فقال: الله أكبر صدق الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، أبى الله سبحانه أن يدخل طلحة الجنة إلا وبيعتي في عنقه».
وأما الزبير رضي الله عنه فقد ناداه علي رضي الله عنه وخلا به وذكره قول النبي صلى الله عليه وسلم له: ((لتقاتلن علياً وأنت له ظالم، فقال: لقد ذكرتني شيئاً أنسانيه الدهر، لا جرم لا أقاتلك أبداً))( مستدرك الحاكم (3/413)، الاستيعاب لابن عبد البر (8/515)، تاريخ الطبري (3/37).)، فخرج من العسكرين نادماً وقتل بوادي السباع مظلوماً قتله عمرو بن جرموز.
وقد ثبت عند الفريقين أنه جاء بسيفه واستاذن على علي رضي الله عنه فلم يأذن له، فقال: أنا قاتل الزبير، فقال: أبقتل ابن صفية تفتخر؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((بشر قاتل ابن صفية بالنار)) رواه أحمد .
وروى أيضاً أن عليا رضي الله عنه قال لما جاءه عمر بن طلحة بعد موت أبيه: "مرحباً بابن أخي، إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير من الذين قال الله تعالى فيهم: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ} " ،، وهذا ونحوه يدل على أنهما رضي الله تعالى عنهما لم يذهبا إلا طاهرين متطهرين.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وأما تلخيص الواقعة الثانية: فقد ذكر المؤرخون أن معاوية كان قد استنصراه أبناء عثمان رضي الله عنه ووكلاه في طلب حقهما من قتلة أبيهما، فلما بلغه فراغ علي رضي الله عنه من وقعة الجمل ومسيره إلى الشام خرج عن دمشق ..
وقبل هذا قد أرسل علي رضي الله عنه ؛ جرير بن عبد الله البجلي إلى معاوية في دمشق يدعوه إلى طاعته، فجمع معاوية رؤوس الصحابة وقادة الجيوش وأعيان أهل الشام واستشارهم فيما يطلب علي.
فقالوا: لا نبايعه حتى يقتل قتلة عثمان، أو يسلمهم إلينا ، فرجع جرير إلى علي بذلك.
فاستخلف علي على الكوفة أبا مسعود عقبة بن عامر وخرج منها فعسكر بالنخيلة أول طريق الشام من العراق.
وبلغ معاوية أن علياً تجهز وخرج بنفسه لقتاله فخرج هو أيضاً قاصداً صفين.
حتى وردوا جميعاً صفين ،،، فلما ورد علي رضي الله عنه دعاهم إلى البيعة فلم يفعلوا، وطلبوا منه قتلة عثمان وكثر القيل والقال حتى اتهم بنو أمية علياً رضي الله عنه بأنه الذي دلس على قتلة عثمان.
وكان علي رضي الله عنه يبرأ من القتلة ويقول: "يا معاوية، لو نظرت بعين عقلك دون عين هواك لرأيتني أبرأ الناس من قتلة عثمان".
ثم بعد هذا وقعت بينهما الحرب ، وحدث ما حدث ..
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وأهل السنة إلا من شذ يقولون: إن علياً رضي الله عنه ، في كل ذلك على الحق لم يفترق عنه قيد شبر، وعن مقاتليه في الوقعتين مخطئون باغون وليسوا بكافرين خلافاً لغيرهم، ولا فاسقين ..
وأما أن الحق مع علي رضي الله عنه فغني عن البيان، وأما كون المقاتل باغياً فلأن الخروج على الإمام الحق بغي، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ويح عمار تقتله الفئة الباغية)) رواه البخاري ،، وقد قتله عسكر معاوية.
وأما كونه ليس بكافر فلما في نهج البلاغة أن علياً رضي الله عنه خطب يوماً فقال: "أصبحنا نقاتل إخواننا في الإسلام على ما دخل فيه من الزيغ والإعوجاج والشبهة"،، وقوله تعالى: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}،، فسمى الله تعالى الطائفتين المقتتلين (مؤمنين) وأمر بالإصلاح بينهما.
ومما يدل على أن المحارب غير كافر صلح الحسن رضي الله عنه مع معاوية.
وبعد هذا كله قد ثبت عند الجميع أن معاوية ندم على ما كان منه في المقاتلة والبغي على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ؛ واتفق أن بكى عليه.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ولا يجوز كثرة الخوض في مثل هذه الوقائع والحروب بين الصحابة لأنها تثير الأحقان والأحقاد وقد يتجرأ البعض على السب والطعن فيهم ،، وأيضاً الكثير من الروايات ؛ فيها من المغالطات والدس الخبيث من الرافضة ما لا يعلمه إلا الله ..
قال عمر بن عبد العزيز –رحمه الله- عندما سُئل عن القتال الذي حصل بين الصحابة :
"تلك دماء طهّر الله يدي منها؛ أفلا أُطهر منها لساني؟؟ ، مَثَلُ أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مَثَلُ العيون؛ ودواء العيون ترك مسها"
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وسنُتْبِعُها بآُخْرى .....
[مِسعَرُ حَرب
6-1-2012, 09:51 PM
الشبهة الثامنة والتاسعة :
http://i.cubeupload.com/8BIjl2.png
شبهة القول أن الصحابة شهدوا على أنفسهم بتغيير سنة النبي صلى الله عليه وسلم :
وإستدلوا بأثرٍ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى، فأول شيء يبدأ به الصلاة، ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس، والناس جلوس على صفوفهم، فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم، فإن كان يريد أن يقطع بحثاً قطعه، أو يأمر بشيء أمر به، ثم ينصرف، قال أبو سعيد: فلم يزل الناس على ذلك حتى خرجت مع مروان وهو أمير المدينة في أضحى أو فطر، فلما أتينا المصلى إذا منبر بناه كثير بن الصلت، فإذا مروان يريد أن يرتقيه قبل أن يصلي، فجبذت بثوبه فجبذني، فارتفع فخطب قبل أن يصلي، فقلت له: غيرتم والله، فقال: أبا سعيد قد ذهب ما تعلم، فقلت: ما أعلم والله خير مما لا أعلم، فقال: إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة فجعلتها قبل الصلاة" رواه البخاري.
وقالوا: أن الأمويين وأغلبهم من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم بزعمهم، وعلى رأسهم معاوية بن أبي سفيان كان يحمل الناس ويجبرهم على سب علي بن أبي طالبولعنه من فوق المنابر، وقد أخرج مسلم في صحيحه في باب فضائل علي بن أبي طالب مثل ذلك، وأمر معاوية عماله في كل الأمصار باتخاذ ذلك اللعن سنة يقولها الخطباء على المنابر . . . .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
من ردود العلماء على هذه الشبهة:
أثر أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، على ما زعموا من تغيير الصحابة للسنة من أعجب العجب، فليس فيه ما يدل على زعمهم، بل فيه دلالة على قيام الصحابة بأمر السنة وإنكارهم على من خالفها، وهذا يتمثل في إنكار الصحابي الجليل أبي سعيد الخدري رضي الله عنه على مروان في تقديمه الخطبة على صلاة العيد.
ومروان بن الحكم ليس من الصحابة، ولم تثبت له صحبة، فقد توفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير وكان في الطائف.
وعلى هذا فلا يُحَمّل الصحابة فعل مروان، فكيف وقد أنكره من حضره من الصحابة وهو أبو سعيد الخدري رضي الله عنه .
تقديم مروان للخطبة على صلاة العيد، وإن كان خطأً إلا أن العلماء ذكروا أنه إنما فعله مجتهداً.
القول بأن الأمويين وأغلبهم من الصحابة...ألخ، فغير صحيح فلم يتولى منهم سوى معاوية، أما عثمان رضي الله عنه فإن خلافته كانت في عهد الخلفاء الراشدين.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وأما قولهم: إن معاوية كان يحمل الناس على سب علي ولعنه فوق المنابر، وهذه دعوى تحتاج إلى صحة النقل.
ومعاوية منزه عن مثل هذه التهم، بما ثبت من فضله في الدين، فقد كان كاتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
ومن أبعد المحال على من كانت هذه سيرته، أن يحمل الناس على لعن عليا على المنابر وهو من هو في الفضل.
ما استُدل به على تلك الفرية بما عزوه إلى صحيح مسلم فليس فيه ما يدل على زعمهم، وهم بهذا إنما يشيرون إلى حديث عامر بن سعد بن أبي وقّاص عن أبيه قال: "أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال: ما منعك أن تسب أبا تراب؟ فقال: أمّا ما ذكرت ثلاثاً قالهن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فلن أسبه، لأن تكون لي واحدة منهن أحب إليّ من حمر النعم.." الحديث .
قال النووي رحمه الله : "قول معاوية هذا ليس فيه تصريح بأنه أمر سعداً بسبه، وإنما سأله عن السبب المانع له من السب".
كأنه يقول: هل امتنعت تورعاً، أو خوفاً، أو غير ذلك، فإن كان تورعاً وإجلالاً له عن السب فأنت مصيب محسن، وإن كان غير ذلك فله جواب آخر، ولعل سعد قد كان في طائفة يسبون فلم يسب معهم، وعجز عن الإنكار، أو أنكر عليهم، فسأله هذا السؤال..
وقال القرطبي رحمه الله : "قوله لسعد بن أبي وقاص: (ما يمنعك أن تسب أبا تراب؟) وهذا ليس بتصريح بالسب، وإنما هو سؤال عن سبب امتناعه ليستخرج من عنده من ذلك، أو من نقيضه، كما قد ظهر من جوابه، ولما سمع ذلك معاوية سكت وأذعن، وعرف الحق لمستحقه" . فحاشا معاوية أن يصدر منه مثل ذلك .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
معاوية كان معظماً لأمير المؤمنين علي رضي الله عنه ، معترفاً له بالفضل والسبق إلى الإسلام، كما دلت على ذلك أقواله الثابتة عنه.
قال ابن كثير رحمه الله : "أن أبا مسلم الخولاني وجماعة معه دخلوا على معاوية فقالوا له: هل تنازع علياً أم أنت مثله؟ فقال: (والله إني لأعلم أنه خير مني وأفضل، وأحق بالأمر مني) .." .
ونقل ابن كثير أنه لما جاء خبر قتل علي إلى معاوية جعل يبكي، فقالت له امرأته: أتبكيه وقد قاتلته؟ فقال: "ويحك إنك لا تدرين ما فقد الناس من الفضل والفقه والعلم" .
فهل يسوغ في عقل ودين أن يسب معاوية علياً بل ويحمل الناس على سبه وهو يعتقد فيه هذا!!.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
لا يعرف بنقل صحيح أن معاوية تعرض لعلي بسب أو شتم أثناء حربه له في حياته، فهل من المعقول أن يسبه بعد انتهاء حربه معه ووفاته.
ثم أن معاوية انفرد بالخلافة بعد تنازل الحسن بن علي له واجتمعت عليه الكلمة والقلوب ودانت له الأمصار بالملك، فأي نفع له في سب علي ؟؟
http://i.cubeupload.com/gb8pDz.png
شبهة أن الصحابة رضي الله عنهم غيروا في الصلاة :
ومن الشبهات قولهم بأن الصحابة غيروا في الصلاة:
يقول أحدهم: (قال أنس بن مالك: "ما عرفت شيئاً مما كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، قيل: الصلاة، قال: أليس ضيعتم ما ضيعتم فيها" .
وقال الزهري: دخلت على أنس بن مالك بدمشق وهو يبكي فقلت: ما يبكيك؟ فقال: "لا أعرف شيئاً مما أدركت إلا هذه الصلاة وقد ضيعت".
وأن أول من غير سنة الرسول في الصلاة هو خليفة المسلمين عثمان بن عفان وكذلك أم المؤمنين عائشة، فقد أخرج الشيخان البخاري ومسلم في صحيحيهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بمنى ركعتين وأبو بكر بعده وعمر بعد أبي بكر وعثمان صدراً من خلافته ثم أن عثمان صلى بعد أربعاً).
كما أخرج مسلم في صحيحه قال الزهري: قلت لعروة: (ما بال عائشة تتم الصلاة في السفر؟ قال أنها تأولت كما تأول عثمان) ..... ).
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ردود العلماء:
هناك خلط بين حديثين في هذه الشبهة، حيث جعلتا حديثاً واحداً، فالحديث الأول رواه مهدي عن غيلان عن أنس قال: "ما أعرف شيئاً مما كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، قيل: الصلاة، قال: أليس صنعتم ما صنعتم فيها" رواه البخاري.
والحديث الثاني عن عثمان بن أبي روّاد أخي عبد العزيز قال: سمعت الزهري يقول: "دخلت على أنس بن مالك بدمشق وهو يبكي فقلت: ما يبكيك؟ فقال: "لا أعرف شيئاً مما أدركت إلا هذه الصلاة وهذه الصلاة قد ضيعت" رواه البخاري.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
أما بالنسبة لحديث أنس بن مالك الأول فإنه قصد من قوله: "أليس صنعتم ما صنعتم فيها" أنهم يؤخرونها حتى يخرج وقتها، وقد كان هذا في زمن الحجاج وليس زمن الصحابة رضي الله عنهم.
أما حديث أنس الآخر الذي رواه الزهري فكان في إمارة الحجاج على العراق أيضاً، وقد قدم أنس دمشق لكي يشكوا الحجاج للخليفة وهو إذ ذاك الوليد بن عبد الملك، أما المراد بقول أنس: "لا أعرف شيئاً مما أدركت إلا هذه الصلاة وقد ضيعت" أي بتأخيرها عن وقتها، فقد صح أن الحجاج وأميره الوليد وغيرهما كانوا يؤخرون الصلاة عن وقتها،، لما رواه عبد الرزاق عن أبي جريح عن عطاء قال: "أخَّر الوليد الجمعة حتى أمسى، فجئت وصليت الظهر قبل أن أجلس ثم صليت العصر وأنا جالس إيماء وهو يخطب".
وما رواه أبو نعيم شيخ البخاري في كتاب الصلاة من طريق أبي بكر بن عتبة قال: "صليت إلى جنب أبي جحيفة فمسّى الحجاج بالصلاة فقام أبو جحيفة فصلى، ومن طريق ابن عمر أنه كان يصلي مع الحجاج فلما أخّر الصلاة ترك أن يشهدها معه".
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
إطلاق أنس لا يفهم منه أن هذا موجوداً في جميع بلاد الإسلام بل هو محمول على ما شاهده من أمراء الشام والبصرة خاصة، وإلا فإنه قدم المدينة فقال: "ما أنكرت شيئاً إلا أنكم لا تقيمون الصفوف" رواه البخاري، والسبب فيه أنه قدم المدينة وعمر بن عبد العزيز أميرها حينئذ.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
أما قوله عن عثمان وعائشة في أنهما غيّرا في الصلاة ،، فأقول: الصلاة المقصودة هنا هي في باب السفر هل تقصر أم تتم؟؟ ، وهذا الأمر فيه خلاف بين أهل العلم لمن له أدنى إلمام بالفقه، وقد روي الخلاف بين الصحابة أيضاً في ذلك.
ومن هنا نعلم أن القصر في السفر هو رخصة من الله، والإنسان مخير بين الأخذ به أو تركه كسائر الرخص، فالصحابة لم يغيّروا في الصلاة، فجعلوا الصبح أربعاً! أو قصروا صلاة المغرب فجعلوها ركعة!!؟
لكن ما نقول اليوم ؛ عن صلاة الرافضة ؟؟ أهي صلاة المسلمين ؟! ، أم لدينٍ آخر ؟! ..
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وسنُتْبِعُها بآُخْرى .....
[مِسعَرُ حَرب
7-1-2012, 01:15 PM
الشبهة العاشرة :
http://i.cubeupload.com/sFdzfw.png
شبهة أن اختلاف الصحابة هو الذي حرم الأمة العصمة وأدى إلى تفرقها وتمزقها :
قال أحدهم : ( والمشكل الأساسي في كل ذلك هو الصحابة، فهم الذين اختلفوا في أن يكتب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الكتاب، الذي يعصمهم من الضلالة إلى قيام الساعة، واختلافهم هذا هو الذي حرم الأمة الإسلامية من هذه الفضيلة، ورماها في الضلالة، حتى انقسمت وتفرقت وتنازعت وفشلت وذهبت ريحها، وهم الذين اختلفوا في الخلافة، فتوزعوا بين حزب حاكم، وحزب معارض، وسبب ذلك تخلف الأمة، وانقسامها إلى: شيعة علي، وشيعة معاوية، وهم الذين اختلفوا في تفسير كتاب الله، وأحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم ، فكانت المذاهب والفرق والملل والنحل، ونشأت من ذلك المدارس الكلامية والفكرية المختلفة، وبرزت فلسفات متنوعة أملتها دوافع سياسية محضة، تتصل بطموحات الهيمنة على السلطة والحكم.
فالمسلمون لم ينقسموا ولم يختلفوا في شيء لولا الصحابة، وكل خلاف نشأ وينشأ إنما يعود إلى اختلافهم في الصحابة ).
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
الرد على هذه الترهات :
يشير هذا الطاعن إلى ما ذكرناه سابقاً (رزية الخميس) ، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: "لما اشتد بالنبي صلى الله عليه وسلم وجعه، قال: ((ائتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده)) ، قال عمر: إن النبي صلى الله عليه وسلم غلبه الوجع، وعندنا كتاب الله حسبنا، فاختلفوا، وكثر اللغط، قال: ((قوموا عني)) ولا ينبغي عندي التنازع " .
وقد رددنا عليها بالتفصيل من قبل .. فراجعها إن شئت ..
أما الزعم أن اختلافهم هذا هو الذي حرم الأمة الإسلامية من العصمة ورماها في الضلالة والتفرق إلى قيام الساعة، فالجواب على هذا أن يقال: إن هذا القول باطل، وهو يعني أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد ترك تبليغ أمته ما فيه عصمتها من الضلال، ولم يبلغ شرع ربه لمجرد اختلاف أصحابه عنده حتى مات على ذلك، وأنه بهذا مخالف لأمر ربه في قوله: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} .
فالرسول الكريم قد بلغ كل ما أُمر به، ولا يسوغ في دين ولا عقل أن يؤخر رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابته إلى ذلك الوقت الضيق، ولو أخره ما كان ليتركه لمجرد اختلاف أصحابه عنده.
قد ثبت من سيرته أنه لربما راجعوه أحياناً في بعض المسائل مجتهدين، فما كان يترك أمر ربه لقولهم، كمراجعة بعضهم له في فسخ الحج إلى عمرة في حق من لم يسق الهدي، وذلك في حجة الوداع، وكذلك مراجعة بعضهم له يوم الحديبية، وفي تأمير أسامة رضي الله عنه ، فهل يتصور بعد هذا أن يترك أمر ربه فيما هو أعظم من هذا لخلافهم، ولو قدر أنه تركه في ذلك الوقت لتنازعهم عنده لمصلحة رآها فما الذي يمنعه من أنه يكتبه بعد ذلك، وقد ثبت أنه عاش بعد ذلك عدة أيام فقد كانت وفاته صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين على ما جاء مصرحاً به في رواية أنس في الصحيحين ،، وحادثة الكتاب يوم الخميس بالاتفاق.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
والقول بأنه خشي أن لا يقبلوه منه، ويعارضوه فيه، كما تنازعوا عنده أول مرة، قلنا: لا يضره ذلك وإنما عليه البلاغ كما قال تعالى: {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً }.
فإذا ثبت هذا باتفاق المسلمين، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكتب ذلك الكتاب حتى مات، علمنا أنه ليس من الدين الذي أمر بتبليغه.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
أما القول : (وهم الذين اختلفوا في الخلافة فتوزعوا بين حزب حاكم وحزب معارض، وسبب ذلك تخلف الأمة وانقسامها إلى شيعة علي وشيعة معاوية..).
فجوابه: أن الخلاف بين الصحابة رضي الله عنهم في عهد علي رضي الله عنه لم يكن في الخلافة، بل في المطالبة بدم عثمان.
وأما قوله: (وهم الذين اختلفوا في تفسير كتاب الله، وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت المذاهب والفرق، والملل والنحل، ونشأت من ذلك المدارس الكلامية والفكرية المختلفة وبرزت فلسفات متنوعة.... إلى أن قال: فالمسلمون لم ينقسموا، ولم يختلفوا في شيء لولا الصحابة، وكل خلاف نشأ وينشأ إنما يعود إلى اختلافهم في الصحابة).
فجوابه: أن هذا من أكبر التلبيس والتمويه، والطعن على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بما هم منه برآء، فما ينقل عن الصحابة من اختلاف في التفسير، وفي فهم بعض الأحاديث، لم يترتب عليه ما ذكر من نشأة الفرق والمدارس الكلامية والفلسفات المتنوعة.
وذلك أن الاختلاف ينقسم إلى قسمين: اختلاف تنوع، واختلاف تضاد ، وغالب ما ينقل عن الصحابة في تفسير بعض الآيات، من باب اختلاف التنوع.
أما اختلاف التضاد فما يثبت عنهم من ذلك سواء في التفسير، أو في الأحكام، فقليل وهو ليس في الأصول العامة المشهورة في الدين، وإنما في بعض المسائل الدقيقة التي هي محل اجتهاد ونظر.
وإذا ثبت هذا فاعلم أن هذه الفرق المبتدعة على كثرتها واختلاف مشاربها لا ترجع بحمد الله في أصل نشأتها لأحد من الصحابة، ولا تستند في بدعها لقول واحد منهم وإن كان بعض هذه الفرق تدعي الانتساب لبعضهم.
وفي الحقيقة إن عامة هذه الفرق المبتدعة، إنما أحدثها أول من أحدثها، إما كفار أصليون أو منافقون ظاهِرو النفاق ، كحال مؤسس دين الرفض ابن سبأ اليهودي .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وسنُتْبِعُها بآُخْرى .....
[مِسعَرُ حَرب
8-1-2012, 12:24 PM
الشبهة الحادية عشر :
http://i.cubeupload.com/1BD7ic.png
شبهة أن الصحابة كانوا يجتهدون مقابل النصوص :
ومن هذه الشبهات القول أن الصحابة كانوا يجتهدون مقابل النصوص، وأن أول من فتح هذا الباب عمر رضي الله عنه.
حيث قال أحدهم: "استنتجت من خلال البحث أن مصيبة الأمة الإسلامية انجرت عليها من الاجتهاد الذي دأب عليه الصحابة مقابل النصوص الصريحة، فاخترقت بذلك حدود الله، ومحقت السنة النبوية، وأصبح العلماء والأئمة بعد الصحابة يقيسون على اجتهادات الصحابة، ويرفضون بعض الأحيان النص النبوي، إذا تعارض مع ما فعله الصحابة... ومن أول الصحابة الذين فتحوا هذا الباب على مصراعيه هو الخليفة الثاني، الذي استعمل رأيه مقابل النصوص القرآنية بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، فعطل سهم المؤلفة قلوبهم، الذين فرض الله لهم سهماً من الزكاة، وقال: لا حاجة لنا فيكم" .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ردود العلماء على هذه الشبهة:
أن هذه دعوى مجردة عن الحجة والدليل، لا قيمة لها عند أهل النظر والتحقيق، إذ الطاعن لم يقدم عليها دليلاً واحداً، يدل على ثبوت ما ادعاه.
الطعن في عمر بهذا قدح في النبي صلى الله عليه وسلم الذي أوصى الأمة باتباع سنته، وسنة الخلفاء الراشدين، وقد كان عمر منهم، وذلك في قوله كما في حديث العرباض بن سارية ((... عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ)).
وكذلك أمرهم صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بأبي بكر وعمر كما في حديث حذيفة رضي الله عنه أنه قال: ((اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر)).
فاذا كان عمر على ما يدعي هذا الطاعن من العمل بالرأي، واطراح السنة، وأنه أول من غير وبدل، لزم من هذا أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم غاشاً لأمته غير ناصح لها بأمره باتباع سنة عمر والاقتداء به.
ولو كان حال عمر خفي على النبي صلى الله عيله وسلم، أفكان يخفى على رب العالمين!! فلما جاء الأمر بالاقتداء بعمر ممن لا ينطق عن الهوى، علمنا أن عمر كان على الحق والهدى.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
عمر رضي الله عنه شهد له الصحابة الذين لا يخافون في الله لومة لائم، أنه كان يعمل فيهم بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وما كان عليه أبو بكر في خلافته، فقد روى ابن أبي شيبة في خبر مقتل عمر وفيه أن الصحابة اجتمعوا إلى عمر بعد طعنه فقالوا له: "جزاك الله خيراً قد كنت تعمل فينا بكتاب الله، وتتبع سنة صاحبيك لا تعدل عنها إلى غيرها، جزاك الله أحسن الجزاء..".
ولهذا كان علي بن أبي طالب يغبطه على ما كان عليه من الخير، وتمنى لو لقي الله بمثل عمله.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
القول أن عمر عطل سهم المؤلفة قلوبهم جهل بالشرع ومقاصده، وذلك أن سهم المؤلفة قلوبهم فرض في الشرع تألفاً لبعض الناس من سادات الناس وكبرائهم على الإسلام وللحاجة إليهم، فلما قوي الإسلام وكثر أتباعه اجتمع رأي الصحابة رضي الله عنهم على عدم إعطاء المؤلفة قلوبهم شيئاً، لعدم الحاجة إليهم، ولزوال السبب الذي كانوا يعطون من أجله. حتى قال ابن قدامة رحمه الله: "لم ينقل عن عمر، ولا عثمان، ولا علي، أنهم أعطوهم شيئاً".
وهذا يدل على اتفاق الصحابة على هذا.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وسنُتْبِعُها بآُخْرى .....
[مِسعَرُ حَرب
9-1-2012, 07:09 PM
الشبهة الثانية عشر :
http://i.cubeupload.com/nX2KIw.png
تنافس الصحابة على الدنيا :
ومنها ما رواه مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو ابن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا فتحت عليكم خزائن فارس والروم أى قوم أنتم ؟ فقال عبد الرحمن بن عوف : كما أمرنا الله تعالى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كلا بل تتنافسون ثم تتدابرون ثم تتباغضون ثم تنطلقون إلى مساكن المهاجرين فتحملون بعضهم على رقاب بعض )) فإن هذا صريح في وقوع التنافس والتدابر والتباغض فيما بين الصحابة .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
والجواب : ان الخطاب وإن كان للصحابة لكن باعتبار وقوع ذلك فيما بينهم ، وهو لا يستدعى ان يكون منهم ، ويدل على ذلك أن الصحابة إما مهاجرون أو أنصار ، والحديث صريح في أن أولئك الفرقة ليسوا مهاجرين ، والواقع ينفى كونهم من الأنصار لأنهم ما حملوا المهاجرين على التحارب ، فتعين أنهم من التابعين ، وقد وقع ذلك منهم ، فإنهم حملوا المهاجرين على التحارب بينهم كمالك الأشتر وأضرابه ، ولا كلام لنا فيهم .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وقالوا : "أن حديث النبي صلى الله عليه وسلم : (( إني فرط لكم وأنا شهيد عليكم وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن وإني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض -أو مفاتيح الأرض- وإني والله ما أخاف عليكم ان تشركوا بعدي ولكن أخاف عليكم أن تتنافسوا فيها )) .
فقد تنافسوا على الدنيا حتى سلت سيوفهم وتحاربوا وكفر بعضهم بعضا، وقد كان بعض هؤلاء الصحابة المشهورين يكنز الذهب والفضة، ويحدثنا المؤرخون كالمسعودي في (مروج الذهب) والطبري وغيرهم أن ثروة الزبير وحده بلغت خمسين ألف دينار وألف فرس وألف عبد وضياعاً كثيرة في البصرة وفي الكوفة وفي مصر وغيرها.
كما بلغت غلّة طلحة من العراق وحده كل يوم ألف دينار، وقيل أكثر من ذلك.
وكان لعبد الرحمن بن عوف مائة فرس، وله ألف بعير وعشرة آلاف شاة، وبلغ ربع ثمن ماله الذي قسم على زوجاته بعد وفاته أربعة وثمانين ألفاً.
وترك عثمان بن عفان يوم مات مائة وخمسين ألف دينار عدا المواشي والأراضي والضياع مما لا يحصى وترك زيد بن ثابت من الذهب والفضة ما كان يكسر بالفؤوس حتى مجلت أيدي الناس، ما عدا الأموال والضياع بقيمة مائة ألف دينار.
هذه بعض الأمثلة البسيطة وفي التاريخ شواهد كثيرة لا نريد الدخول في بحثها الآن ونكتفي بهذا القدر للدلالة على صدق الحديث وأنهم حليت الدنيا في أعينهم وراقهم بهرجها" إنتهى كلامهم قبحهم الله .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
الرد عليهم :
فالرد على هذا هو القول ما دخل هذا الحديث في أن جمعاً من الصحابة يمتلكون مالاً أو متاعاً فالحديث يخبر أنّ هذه الأمة سوف تمتلك خزائن الأرض وأنه سوف يقع التنافس في الدنيا وهذه من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم فإنه قد وقع ما أخبر به ولكن الحديث لا ينطبق على هؤلاء الصحابة لأن الصحابة لم يمتلكوا خزائن الأرض بعد، بالإضافة إلى أن القتال الذي وقع بينهم لم يكن من أجل التنافس على حطام الدنيا ولكن الفتنة التي وقعت بسبب مقتل عثمان هي التي أدت لذلك مع أنهم لم يكونوا يريدون القتال، وعلى العموم فكل من الفريقين مأجور على إجتهاده.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ومن الردود أن هذا الطاعن يحشد من الأدلة التي يظن بجهله أنها تسيء للصحابة ، وما درى أنه باستدلاله بها يتناقض مع نفسه تمام التناقض فبينما هو يدَّعي في المبحث السابق أن أكثر الصحابة قد إرتدوا على أدبارهم القهقري يستشهد هنا بهذا الحديث الذي يفيد صراحة أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يخشى على أصحابة من الإرتداد ، ولكنه يخاف عليهم أن يتنافسوا فيها ،، فكيف يوفِّق بين هذا التخبط الذي يتمتع به هذا الطاعن ؟؟ ،
بالإضافة إلى أنه باستشهاده بهذا الحديث يطعن في علي بن أبي طالب وأصحابه لأن الحديث جاء بصيغة الجمع أي أن التنافس على الدنيا يشمل الطرفين وقد أكد ذلك الطاعن نفسه بقوله: (صدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقد تنافسوا على الدنيا حتى سُلّت سيوفهم وتحاربوا وكفر بعضهم بعضاً) ،، ومن المسلّم به أن القتال الذي وقع بين جيش طلحة والزبير كان مع جيش علي بن أبي طالب وعلى هذا تصبح التخطئة لكلا الطرفين ويقتضي أيضاً حسب فهم هذا الطاعن أن علياً تنافس من أجل الإمارة والسلطة.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ومنها قولهم : (كان بعض هؤلاء الصحابة المشهورين (هكذا) يكنز الذهب والفضة)
فنقول: أين دعواكم على هذا الادعاء ومن أي المصادر المعتمدة جئتم بهذا الزعم وما دخل الثروة التي يمتلكها أحد الصحابة ممن يكنز الذهب والفضة، فسبحان الله على هذا الجهل المرّقع!!
لاشك أن غنى هؤلاء الصحابة ليس فيه ما يدعو إلى الذم أو التجريح فسيرة هؤلاء الصحابة الكرام تثبت أنهم من خيار الصحابة، فعثمان بن عفان ثالث الخلفاء ومن أقرب الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومن أجودهم وأكرمهم فعن عبد الرحمن بن سمرة قال: جاء عثمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم بألف دينار حين جهز جيش العسرة فنثرها في حجره. قال عبد الرحمن: فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقلبها في حجره ويقول: ((ما ضرّ عثمان ما عمل بعد اليوم)) ، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ((من يحفر بئر رومة فله الجنة)) فحفرها عثمان ،، وكل ذلك من ماله طاعة لله ورسوله.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وأما طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه فقد بشره النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة وكان من المجاهدين في سبيل الله ودافع عن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد حتى شلّت يده وعن الزبير قال: كان على رسول الله صلى الله عليه وسلم درعان فنهض إلى الصخرة فلم يستطع فأقعد تحته طلحة فصعد النبي صلى الله عليه وسلم حتى استوى على الصخرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ((أوجب طلحة)) ، وكان رضي الله عنه يخشى أن يبيت وقد جمع مالاً فعن طلحة بن يحيى قال : "حدثتني سعدى بنت عوف المرّية قالت: دخلت على طلحة يوماً وهو خاثر فقلت: مالك؟ لعل رابك من أهلك شيء؟ قال: لا والله ونعم حَليلةُ المسلم أنت ولكن مالٌ عندي قد غَمَّني ، فقلت: ما يغمك؟ عليك بقومك، قال: يا غلام ادع لي قومي، فقسمه فيهم.فسألت الخازن: كم أعطى؟ قال: أربعة مئة ألف" .
وعن الحسن البصري أن طلحة بن عبيد الله باع أرضاً له بسبع مئة ألف فبات أرقاً من مخافة ذلك المال حتى أصبح وفرّقه.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وأما الزبير بن العوام فقد بشره النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة وكان حوارى النبي صلى الله عليه وسلم فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إن لكل نبي حوارياً وإن حوارىَّ الزبير بن العوام)) .
فقد وصى ابنه عبد الله بن الزبير على سداد دينه وهو على شفا الموت فقد أخرج البخاري في صحيحه عن عبدالله بن الزبير قال: "لما وقف الزبير يوم الجمل دعاني فقمت إلى جنبه، فقال: يا بُنيَّ إنه لا يقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم وإني لا أراني إلا سأقتل اليوم مظلوماً، وإن من أكبر همي لَدَيْني أَفترى يبقي ديننا من مالنا شيئاً؟ فقال: يا بني بِعْ ما لنا فاقض ديني وأوصي بالثلثُ، وثلثه لبنيه -يعني بني عبد الله بن الزبير- يقول ثلث الثلث فإن فَضَل من مالنا فضلٌ بعد قضاء الدين فثلثه لولدك" . قال هشامٌ: وكان بعض ولد عبد الله قد وازى بعض بني الزبير، حبيب وعبّاد، وله يومئذ تسعة بنين وتسع بنات.
قال عبد الله: فجعل يوصيني بدينه ويقول: يا بنيّ إن عجزت عنه في شيء فاستعن عليه مولاي. قال: فوالله ما دريتُ ما أراد حتى قلتُ: يا أبت من مولاك؟ قال: الله، قال: فوالله ما وقعتُ في كربةٍ من دينه إلا قلتُ: يا مولى الزبير اقض عنه دينه فيقضيه" .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وهذا عبد الرحمن بن عوف الصحابي الجليل الذي بشره النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة وله فضيلة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم خلفه ، بالإضافة إلى إحسانه إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته فعن عائشة أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول: ((إن أمركنّ لمِما يهمني بعدي، ولن يصبر عليكن إلا الصابرون)) ثم تقول عائشة: "فسقى الله أباك من سلسبيل الجنة -تريد عبد الرحمن بن عوف- وقد كان وصل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بمال بيعت بأربعين ألفاً " .
وعن أبي سلمة: "أن عبد الرحمن بن عوف أوصى بحديقة لأمهات المؤمنين بيعت بأربعمائة ألف" .
فهذا هو عبد الرحمن بن عوف الذي يدعي هذا الطاعن أنه ممن يكنز الذهب والفضة!؟
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وأما الصحابي زيد بن ثابت فهو أحد الأربعة الذين جمعوا القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فعن أنس بن مالك قال: "جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة كلهم من الأنصار أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد" .
أخرج البخاري في صحيحه عن البراء قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ادع لي زيداً وقل له يجيء بالكتف والدواة ، قال:فقال: اكتب {لا يستوي القاعدون}... )) وهو أحد الذين إنتدبهم أبو بكر الصديق لجمع القرآن في عهده وقال عنه النبي صلى الله عليه وسلم ((أفرض أمتي زيد بن ثابت)) .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
فهؤلاء هم الصحابة الذي لم يجد هذا الطاعن إلا أن يشفي غليله في الطعن بهم وهم الذين شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالصدق والعدالة والرضا والجنة!؟
وأما الإستشهاد برجلٍ ليس من أهل السنة "كالمسعودي" وهو مجروح عندهم فقد ترجم له ابن حجر في (لسان الميزان) بقوله "وكتبه طافحة بأنه كان شيعياً معتزلياً.." ، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية عن كتابه مروج الذهب "وفي تاريخ المسعودي من الأكاذيب ما لا يحصيه إلا الله تعالى" .
فاحتجاج هذا الطاعن بالمسعودي ليس حجة علينا، وللتدليل على أن المسعودي ليس من أهل السنة فقد ذكره إمام الشيعة الاثني عشرية القمي في كتابه (الكنى والألقاب) وقال عنه: "شيخ المؤرخين وعمادهم أبو الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي الهذلي...ذكره العلامة (ره ) في القسم الأول من (صه) وقال: له كتاب في الإمامة وغيرها، ومنها كتاب إثبات الوصية لعلي بن أبي طالب وهو صاحب مروج الذهب... قال العلامة المجلسي في مقدمة البحار: والمسعودي عده (جش ) أي النجاشي في فهرسته من رواة الشيعة" .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ومع أن هذا الطاعن استدل من كتاب المروج على ما يظن أنه يدين عثمان فقد ترك مالا يستطيع المسعودي كتمانه حين قال: "وكان عثمان في نهاية الجود والكرم والسماحة والبذل في القريب والبعيد فسلك عماله وكثير من أهل عصره طريقته وتأسوا به في فعله" ، إضافةً إلى أن هذا الطاعن يقوِّل عن المسعودي ما لم يقله حينما ادعى على الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف أنه قسم ثمن ماله البالغ أربعاً وثمانين ألفاً على زوجاته ويعزوه لكتابه المروج ولم نجده في المصدر المذكور، فماذا نقول عن هذا الموتور؟!
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
سنبدأ بعد هذا ، بسرد شبه ؛ خُصّ بها بعض الصحابة رضي الله عنهم
وبالله التوفيق
[مِسعَرُ حَرب
13-1-2012, 10:53 AM
شبهات حول الصديق رضي الله عنه -1- :
http://i.cubeupload.com/hHzLrd.png
شبهة آية الغار:
قولهم أن قوله تعالى: {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة : 40] ، لا يدل على إيمان أبي بكر، فإن الصحبة قد تكون من المؤمن والكافر كما قال تعالى: {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً} [الكهف : 37] .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ردود العلماء :
معلوم أن لفظ الصاحب في اللغة يتناول من صحب غيره كالرفيق في السفر والزوجة، وليس فيه دلالة بمجرد هذا اللفظ على أنه وليه أو عدوه أو مؤمن أو كافر إلا لما يقترن به،.
وهذا بخلاف إضافة الصحبة إليه كقوله تعالى: {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا} ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه)) وقوله: ((هل أنتم تاركو لي صاحبي)) ، وأمثال ذلك.
فإن إضافة الصحبة إليه في خطابه وخطاب المسلمين تتضمن صحبة موالاة له، وذلك لا يكون إلا بالإيمان به فلا يطلق لفظ صاحبه على من صحبه في سفره وهو كافر به.
والقرآن يقول فيه: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا }، فأخبر الرسول أن الله معه ومع صاحبه، وهذا المعية تتضمن النصر والتأييد وهو إنما ينصره على عدوه وكل كافر عدوه، فيمتنع أن يكون الله مؤيداً له ولعدوه معاً ولو كان مع عدوه لكان ذلك مما يوجب الحزن ويزيل السكينة فعلم أن لفظ صاحبه تضمن صحبة ولاية ومحبة وتستلزم الإيمان له وبه، وأيضاً فقوله: {لاَ تَحْزَنْ}، دليل على أنه وليه وإنه حزن خوفاً من عدوهما فقال له: {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا} ولو كان عدوه لكان لم يحزن إلا حيث يتمكن من قهره ؟ فلا يقال له: "لا تحزن إن الله معنا" لأن كون الله مع نبيه مما يسر النبي، وكونه مع عدوه مما يسوءه فيمتنع أن يجمع بينهما لا سيما مع قوله: {إلا تنصروه} ثم قوله: { إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ }، ونصره لا يكون بأن يقترن به عدوه وحده وإنما يكون باقتران وليه ونجاته من عدوه.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
قوله: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ} حال من الضمير في أخرجه، أي: أخرجوه في حال كونه نبيا ثاني اثنين فهو موصوف بأنه أحد الاثنين فيكون الاثنان مخرجين جميعا، فإنه يمتنع أن يخرج ثاني اثنين إلا مع الآخر فإنه لو أخرج دونه لم يكن قد أخرج ثاني اثنين فدل على أن الكفار أخرجوه ثاني اثنين، فأخرجوه مصاحبا لقرينه في حال كونه معه فلزم أن يكونوا أخرجوهما وذلك هو الواقع فإن الكفار أخرجوا المهاجرين كلهم كما قال تعالى: {لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} ، وقال تعالى: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ} وقال: {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ }.
وذلك أنهم منعوهم أن يقيموا بمكة مع الإيمان وهم لا يمكنهم ترك الإيمان فقد أخرجوهم إذا كانوا مؤمنين، وهذا يدل على أن الكفار أخرجوا صاحبه كما أخرجوه، والكفار إنما أخرجوا أعداءهم لا من كان كافراً منهم. فهذا يدل على أن صحبته صحبة موالاة وموافقة على الإيمان لا صحبة مع الكفر.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وإذا قيل: هذا يدل على أنه كان مظهراً للموافقة وقد كان يظهر الموافقة له من كان في الباطن منافقاً وقد يدخلون في لفظ الأصحاب في مثل قوله لما استؤذن في قتل بعض المنافقين قال: ((لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه)) . دل على أن هذا اللفظ قد كان الناس يدخلون فيه من هو منافق.
نقول : قد ذكرنا فيما تقدم أن المهاجرين لم يكن فيهم منافق، وينبغي أن يعرف أن المنافقين كانوا قليلين بالنسبة إلى المؤمنين وأكثرهم انكشف حاله لما نزل فيهم القرآن وغير ذلك وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف كلاً منهم بعينه فالذين باشروا ذلك كانوا يعرفونه، والعلم يكون الرجل مؤمناً في الباطن أو يهودياً أو نصرانياً أو مشركاً أمر لا يخفى مع طول المباشرة، فإنه ما أسر أحد سريرة إلا أظهرها الله على صفحات وجهه وفلتات لسانه. قال تعالى: {وَلَوْ نَشَاء لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ} [محمد : 30].
فالمضمر للكفر لا بد أن يعرف في لحن القول، وأما بالسيما فقد يعرف وقد لا يعرف، وقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة : 10].
والصحابة المذكورون في الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم والذين يعظمهم المسلمون على الدين كلهم كانوا مؤمنين به، ولم يعظم المسلمون ولله الحمد على الدين منافقاً، والإيمان يعلم من الرجل كما يعلم سائر أحوال قلبه من موالاته ومعاداته وفرحه وغضبه وجوعه وعطشه وغير ذلك فإن هذه الأمور لها لوازم ظاهرة، والأمور الظاهرة تستلزم أموراً باطنة، وهذا أمر يعرفه الناس فيمن جربوه وامتحنوه، ونحن نعلم بالاضطرار أن ابن عمر وابن عباس وأنس بن مالك وأبا سعيد الخدري وجابراً أو نحوهم كانوا مؤمنين بالرسول محبين له معظمين له ليسوا منافقين، فكيف لا يعلم ذلك في مثل الخلفاء الراشدين الذين أخبارهم وإيمانهم ومحبتهم ونصرهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم قد طبقت البلاد مشارقها ومغاربها.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
فهذا مما ينبغي أن يعرف، ولا يجعل وجود قوم منافقين موجباً للشك في إيمان هؤلاء الذين لهم في الأمة لسان صدق.
قال الإمام أحمد رحمه الله : "أن المهاجرين لم يكن فيهم منافق أصلاً؛ وذلك لأن المهاجرين إنما هاجروا باختيارهم لما آذاهم الكفار على الإيمان وهم بمكة لم يكن يؤمن أحدهم إلا باختياره بل مع احتمال الأذى فلم يكن أحد يحتاج أن يظهر الإيمان ويبطن الكفر لا سيما إذا هاجر إلى دار يكون فيها سلطان الرسول عليه، ولكن لما ظهر الإسلام في قبائل الأنصار صار بعض من لم يؤمن بقلبه يحتاج إلى أن يظهر موافقة قومه؛ لأن المؤمنين صار لهم سلطان وعز ومنعة وصار معهم السيف يقتلون من كفر".
وثانياً: عامة عقلاء بني آدم إذا عاشر أحدهم الآخر مدة يتبين له صداقته من عداوته، فالرسول يصحب أبا بكر بمكة بضع عشرة سنة ولا يتبين له هل هو صديقه أو عدوه وهو يجتمع معه في دار الخوف وهل هذا إلا قدح في الرسول.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وزعموا أيضاً أنه لم ينزل الله السكينة على أبي بكر وخص السكينة رسوله دون صاحبه، إذ قال تعالى: {فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ} ،، ولم يقل: عليهما، فلو كان له فضل لكانت هذه.
والرد: أن "عَلَيْهِ" تعود على الصديق فالرسول صلى الله عليه وسلم لم تزل السكينة معه . فعلمنا أنها نزلت على الذي يحتاج إليها وهو أبو بكر رضي الله عنه .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
قالوا: أن الحزن هنا إما طاعة أو معصية، فإن كان طاعة لم يكن للنبي صلى الله عليه وسلم أن يمنعه وإن كان معصية فتستحق النهي فلا فضيلة له فيها.
والجواب: لو كان حزن أبي بكر حزن معصية لنصحه الذي لا ينطق عن الهوى لأنه لا يقر المنكر ولما قال له: {إِنَّ اللّهَ مَعَنَا} ولقال: {إن الله معي}، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يقول بأن الله مع أعدائه أبدا قال تعالى: {قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه : 46] ، ولم يدخل فرعون في معية الله لأنه من أعدائه.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ولنا بقية . . .
[مِسعَرُ حَرب
16-1-2012, 11:26 AM
شبهات حول الصديق رضي الله عنه -2- :
http://i.cubeupload.com/ZeCcSR.png
مسألة فدك
أرض فدك قرية في الحجاز كان يسكنها طائفة من اليهود، ولمّا فرغ الرسول عليه الصلاة والسلام من خيبر، قذف الله عزوجل في قلوبهم الرعب، فصالحوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على فدك، فكانت ملكاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأنها مما لم يُوجف عليها بخيل ولا ركاب.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وأرض فدك هذه لا تخلو من أمرين:
إما أنها إرث من النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضوان الله عليها أو هي هبة وهبها رسول الله لها يوم خيبر لفاطمة.
فأما كونها إرثاً فبيان ذلك ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما من أنه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم جاءت فاطمة رضوان الله عليها لأبي بكر الصدّيق رضي الله عنه تطلب منه إرثها من النبي صلى الله عليه وسلم في فدك وسهم النبي صلى الله عليه وسلم من خيبر وغيرهما.
فقال أبو بكر الصدّيق: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنّا لا نورّث، ما تركناه صدقة)) متفق عليه ، وفي رواية عند أحمد ((إنّا معاشر الأنبياء لا نورّث))، ولم ينفرد أبو بكر برواية هذا الحديث، بل أمهات المؤمنين وعلي والعباس وعثمان وعبد الرحمن بن عوف والزبير وسعد رضي الله عنهم أجمعين.
فوجدت فاطمة على أبي بكر ؛ بينما استدلت رضوان الله عليها بعموم قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} ، ولقد صح حديث ((إنّا معاشر الأنبياء لا نورّث)) عند الفريقين السنة والشيعة، فقد روى الكليني في الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام قوله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((...وإنّ العلماء ورثة الأنبياء، إنّ الأنبياء لم يورّثوا ديناراً ولا درهماً ولكن ورّثوا العلم فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر)) .
قال عنه المجلسي: (حسن أو موثق لا يقصران عن الصحيح)!!
وقد إستشهد بهذا الحديث الخميني في كتابه الحكومة الإسلامية حيث قال : رجال الحديث كلهم ثقات .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وأما الاستدلال بقول الله تبارك وتعالى عن زكريا عليه السلام : {فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً} ، على جواز توريث الأنبياء لأبنائهم استدلال غريب وذلك لعدة أمور هي:
أولاً: لا يليق برجل صالح أن يسأل الله تبارك وتعالى ولداً لكي يرث ماله فكيف نرضى أن ننسب ذلك لنبي كريم كزكريا عليه السلام في أن يسأل الله ولداً لكي يرث ماله ! ، وإنما يسأل الصالحون ما ينتفعون به كالذرية الصالحة التي يرجون نفعها يوم القيامة، فأراد زكريا عليه السلام من الله عزوجل أن يهب له ولداً يحمل راية النبوة من بعده، ويرث مجد آل يعقوب العريق في النبوة.
ثانياً: المشهور أنّ زكريا عليه السلام كان فقيراً يعمل نجاراً، فأي مال كان عنده حتى يطلب من الله تبارك وتعالى أن يرزقه وارثاً، بل الأصل في أنبياء الله تبارك وتعالى أنهم لا يدخرون من المال فوق حاجتهم بل يتصدقون به في وجوه الخير.
ثالثاً: إنّ لفظ (الإرث) ليس محصور الاستخدام في المال فحسب بل يستخدم في العلم والنبوة والملك وغير ذلك كما يقول الله تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} ، وقوله تعالى: {أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} ، فلا دلالة في الآية السابقة على إرث المال.
رابعاً: حديث ((إنّ الأنبياء لم يورّثوا ديناراً ولا درهماً ولكن ورّثوا العلم)) الذي ذكرناه آنفاً يتضمن نفي صريح لجواز إرث أموال الأنبياء، وهذا كاف بحد ذاته.
وكذلك الحال في قوله تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} ، فإنّ سليمان عليه السلام لم يرث من داود عليه السلام ؛ المال، وإنما ورث النبوة والحكمة والعلم لأمرين اثنين: الأول: أنّ داود عليه السلام قد اشتُهر أنّ له مائة زوجة وله ثلاثمائة سريّة أي أمة، وله كثير من الأولاد فكيف لا يرثه إلا سليمان عليه السلام ؟!!
فتخصيص سليمان عليه السلام حينئذ بالذكر وحده ليس بسديد.
الثاني: لو كان الأمر إرثاً مالياً لما كان لذكره فائدة في كتاب الله تبارك وتعالى، إذ أنّه من الطبيعي أنّ يرث الولد والده.
وقد اعترف بهذا المعنى مفسرو الشيعة الاثني عشرية فصاحب التفسير المبين محمد جواد مغنية من كبار علمائهم المعاصرين يقول عند تفسير هذه الآية: "الملك والنبوة".
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ثم أعلم أن المرأة لا ترث في مذهب الإمامية من العقار والأرض شيئاً، فقد بوّب الكليني باباً مستقلاً في الكافي بعنوان (إنّ النساء لا يرثن من العقار شيئاً) روى فيه عن أبي جعفر قوله: "النساء لا يرثن من الأرض ولا من العقار شيئاً".
ورووا عن ميسر قوله: "سألت أبا عبد الله عليه السلام عن النساء ما لهن من الميراث؟ فقال: لهن قيمة الطوب والبناء والخشب والقصب فأما الأرض والعقار فلا ميراث لهن فيهما" بحار الأنوار (101/351)، الانتصار للعاملي (7/287)..
وعن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: "النساء لا يرثن من الأرض ولا من العقار شيئاً"، وعن عبد الملك بن أعين عن أحدهما إ قال: "ليس للنساء من الدور والعقار شيئاً" الكافي للكليني (7/129)، تهذيب الأحكام للطوسي (9/299). .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
فدك لو كانت إرثاً من النبي صلى الله عيله وسلم لكان لنساء النبي ومنهن عائشة بنت أبي بكر وزينب وأم كلثوم بنات النبي حصة منها، لكن أبا بكر لم يعط ابنته عائشة ولا أحد من نساء النبي ولا بناته شيئاً استناداً للحديث، فلماذا لا يُذكر هؤلاء كطرف في قضية فدك ؟!!
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
إذا كانت فدك هبة وهدية من رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضوان الله عليها كما يروي ذلك الكاشاني في تفسيره، فهذا يتعارض مع نظرية العدل بين الأبناء التي نص عليها الإسلام.
فكيف يهب صلى الله عليه وسلم السيدة فاطمة فدك دون غيرها من بناته؟!!
فكلنا يعرف أنّ خيبر كانت في السنة السابعة من الهجرة بينما توفيت زينب بنت رسول الله في الثامنة من الهجرة، وتوفيت أم كلثوم في التاسعة من الهجرة، فكيف يُتصور أن يُعطي رسول الله فاطمة رضوان الله عليها ويدع أم كلثوم وزينباً؟!!
والثابت من الروايات أنّ فاطمة رضوان الله عليها لمّا طالبت أبا بكر بفدك كان طلبها ذاك على اعتبار وراثتها لفدك ، لا على أنها هبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ولذا فإنّ فدك لم تكن لا إرثاً ولا هبة، وهذا ما كان يراه الإمام علي نفسه إذ أنه لمّا استُخلف على المسلمين لم يعط فدك لأولاده بعد وفاة أمهم فاطمة.
يقول المرتضى (الملقب بعلم الهدى):"إنّ الأمر لمّا وصل إلى علي بن أبي طالب عليه السلام كُلّم في رد فدك، فقال: (إني لأستحيي من الله أن أرد شيئاً منع منه أبو بكر وأمضاه عمر) الشافي في الإمامة (4/76). .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وقد احتج الخليفة العباسي أبو العباس السفاح على بعض مناظريه في هذه المسألة على ما نقل ابن الجوزي في تلبيس إبليس قال: (وقد روينا عن السفاح أنه خطب يوماً فقام رجل من آل علي رضي الله عنه قال: أنا من أولاد علي رضي الله عنه ، فقال: يا أمير المؤمنين أعدني على من ظلمني.
قال: ومن ظلمك؟ قال: أنا من أولاد علي والذي ظلمني أبو بكر حين أخذ فدك من فاطمة، قال: ودام على ظلمكم؟ قال: نعم، قال: ومن قام بعده؟ قال: عمر ، قال: ودام على ظلمكم؟ قال: نعم، قال: ومن قام بعده؟ قال: عثمان ، قال: ودام على ظلمكم؟ قال: نعم، قال: ومن قام بعده؟ فجعل يلتفت كذا وكذا ينظر مكاناً يهرب منه..).
وعن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رحمه الله : «أما لو كنت مكان أبي بكر، لحكمت بما حكم به أبو بكر في فدك» .
وعن الباقر رحمه الله أنه لما سئل: "أرأيت أبا بكر وعمر، هل ظلماكم من حقكم شيئاً - أو قال: ذهبا من حقكم بشيء؟ فقال: لا، والذي أنزل القرآن على عبده ليكون للعالمين نذيراً، ما ظلمنا من حقنا مثقال حبه من خردل، قلت: جعلت فداك أفأتولاهما؟ قال: نعم ويحك! تولهما في الدنيا والآخرة، وما أصابك ففي عنقي، ثم قال: فعل الله بالمغيرة وبنان، فإنهما كذبا علينا أهل البيت" شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (16/220)، السقيفة وفدك للجوهري (ص: 110). .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
أن فاطمة رضي الله عنها قد رجعت عن قولها في المطالبة بإرث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما نص على ذلك غير واحد من الأئمة الحديث والسير.
قال القاضي عياض رحمه الله: (وفي ترك فاطمة منازعة أبي بكر بعد احتجاجه عليها بالحديث: التسليم للإجماع على القضية، وأنها لما بلغها الحديث وبين لها التأويل، تركت رأيها ثم لم يكن منها ولا من ذريتها بعد ذلك طلب ميراث، ثم ولي علي الخلافة فلم يعدل بها عما فعله أبو بكر، وعمر رضي الله عنهم ).
وقال القرطبي رحمه الله: (فأما طلب فاطمة ميراثها من أبيها من أبي بكر فكان ذلك قبل أن تسمع الحديث الذي دل على خصوصية النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وكانت متمسكة بما في كتاب الله من ذلك، فلما أخبرها أبو بكر بالحديث توقفت عن ذلك ولم تعد إليه).
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
فظهر بهذا رجوع فاطمة رضي الله عنها إلى قول أبي بكر وما كان عليه عامة الصحابة، وأئمة أهل البيت من القول بعدم إرث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا هو اللائق بمقامها في الدين والعلم.
أما جملة (فهجرته فلم تكلمه) الواردة في الرواية، فقد بين الترمذي في سننه، وعمر بن شبة في تاريخ المدينة، أن المقصود هو أن فاطمة رضي الله عنها تركت تكليم الصديق رضي الله عنه في أمر الميراث.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
أنه ثبت عن فاطمة رضي الله عنها أنها رضيت عن أبي بكر بعد ذلك، وماتت وهي راضية عنه، يقول ابن الميثم البحراني وهو من كبار علماء الإمامية: "أن أبا بكر قال لها - أي فاطمة -: أن لك ما لأبيك، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ من فدك قوتكم، ويقسم الباقي، ويحمل منه في سبيل الله، ولك على الله أن أصنع بها كما كان يصنع، فرضيت بذلك وأخذت العهد عليه" شرح نهج البلاغة - لابن ميثم البحراني ج 5 (ص:107) ط طهران..
ومثل هذ الكلام ذكره الدنبلي في شرحه(الدرة النجفية (ص:331، 332) ط. إيران.).
وقال: إن أبا بكر كان يطبق ما وعد به فاطمة رضوان الله عليها.. حيث ذكروا: (إن أبا بكر كان يأخذ غلتها (أي فدك) فيدفع إليهم (أي أهل البيت) منها ما يكفيهم، ويقسم الباقي، فكان عمر كذلك، ثم كان عثمان كذلك، ثم كان علي كذلك) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 4. ( شرح نهج البلاغة لابن ميثم البحراني ج 5 (ص:107) ( الدرة النجفية (ص:332) ( شرح النهج - فارسي لعلي نقي ج 5 (ص:960) ط طهران ). .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
إرث النبي صلى الله عليه وسلم لو كان يورث يرثه ثلاثة: فاطمة وأزواجه وعمه العباس.
أما فاطمة فلها نصف ما ترك لإنها فرع وارث. أنثى.
وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم يشتركن في الثُمُن لوجود الفرع الوارث وهي فاطمة.
والعباس عم النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ الباقي تعصيباً.
فلماذا لم يأت العباس وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ويطالبون بإرثهم من النبي صلى الله عليه وسلم ؟!.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وسنُتْبِعُها بآُخْرى .....
مستر وليد
16-1-2012, 12:43 PM
كلاتمك عبر من ريحان
قراتة بتمعن واعرف انك كتبت يمنع الرد
لكن يستحيل ان ادع موضوع ابداعى كهذا وال لاارد
[مِسعَرُ حَرب
18-1-2012, 02:10 PM
شبهات حول الصديق رضي الله عنه -3- :
http://i.cubeupload.com/nsDjjg.png
طعن الشيعة في أسانيد روايات صلاة الصديق في الناس في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم
قال علي الميلاني في بداية رسالته : ( لقد بحثت عن الخبر من أهم نواحيه ، وسبرت ما قيل فيه ، وتوصلت على ضوء ذلك إلى واقع الحال ... وحق المقال .... فإلى أهل التحقيق والفضل ... هذا البحث غير المسبوق ولا المطروق من قبل ، أرجو أن ينظروا فيه بعين الإنصاف ... بعيداً عن التعصب والاعتساف ... وما توفيقي إلا بالله ) ،،،
وكنا نود والله أن يكون الميلاني صادقاً في كلامه لنرى هل نحن على صواب أم لا ؟؟؟
ولكن يعلم الله أنه هو أبعد الناس عن الإنصاف ، وأقربهم إلى التعصب والاعتساف ، وفيما يأتي أكبر دليل ، وأصدق شاهد ، وأوضح برهان .
ثم إن من القواعد المتفق عليها عند علماء الجرح والتعديل عند عرض الروايات أن يؤخذ رأي الفريق الذي أخذ الرواية من كتبه عند الحكم عليها ، فمثلاً عندما يأتي أحدنا بحديث من كتاب الكافي للكليني ، لا بد أن يحكم على الرواية بالاستناد على أقوال علماء الشيعة ، وكذلك الحال إذا استشهد أحدنا بحديث من صحيح البخاري ، فلا بد أن نأخذ بأقوال علماء أهل السنة والجماعة في الحكم على الرواة ، أما من أراد أن يحكم على رواة الأحاديث في كتب السنة بآراء علماء الشيعة ، فهذا لا بد له أن يرضى – أيضاً - بآراء علماء أهل السنة والجماعة في حكمهم على رواة الشيعة ، لأن معظم رواة الشيعة غير مقبولي الرواية عند علماء أهل السنة والجماعة ، وكذلك فإن معظم رواة أهل السنة والجماعة غير مقبولي الرواية عند علماء الشيعة ، إذاً فلا بد من الحكم على كل فريق بكتبه وبأقوال علمائه .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
والملاحظ في الرسالة المذكورة أن المؤلف الميلاني قد ضرب بهذه القاعدة عرض الحائط !!
حيث حكم على عبدالله بن عمر ، وعائشة ، وأبي موسى الأشعري ، وأنس بن مالك ، وأبي بردة بن أبي موسى ، وعروة بن الزبير ، وأبي وائل ، رضوان الله عليهم بحكم لم يكن في محله ، حيث اعتمد في طعنه على مرويات في كتب الشيعة ، أو في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد الشيعي المعتزلي ، وعلى ذلك ؛ فلا أقل من المقابلة بالمثل ، وهي إسقاط جميع الروايات التي وردت في كتب الشيعة برمتها ، لأن رواتها مطعون فيهم عند أهل السنة والجماعة ، وهكذا وبكل سهولة يكون المذهب الشيعي قد انهار إلى أبد الآبدين ، ولم أكن أتصور أن مسألة الرد ستكون بهذه السهولة !!!
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
في بداية الرسالة ذكر المؤلف الروايات التي ذكرت في الكتب الستة عن هذا الخبر بالإضافة إلى مسند الإمام أحمد ، والطريف اللطيف الذي يدل على تبحر هذا الناقد في كتب الحديث وعلومه هو إدراجه موطأ الإمام مالك في الكتب الستة !! فاقرأ وتعجب ، إضافة إلى أن إدراجة للموطأ قد أوقعه في مأزق كبير جداً ..
ثم إن المؤلف المتتبع قد أغفل بعض الأسانيد التي جاءت تذكر هذا الخبر ، ولكن ولله الحمد فرواية واحدة من الروايات التي ذكرها تغنينا عن تتبع باقي الأسانيد التي لم يذكرها أو النظر فيها ، لأن أسانيد الخبر لا يرقى إليها الشك بأي حال من الأحوال ، ولنحكم بما اختاره هو من روايات .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ولنبدأ الآن معه في نقده للأسانيد التي ذكرها ، وهي مرتبة حسب الرواة كالتالي :
أحاديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه :
البخاري : عن إسحاق بن نصر ، عن حسين ، عن زائدة ، عن عبدالملك بن عمير ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى .
مسلم : عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن حسين بن علي ، عن زائدة ، عن عبدالملك بن عمير ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى .
الإمام أحمد : عبدالله ، عن أبيه ، عن حسين بن علي ، عن زائدة ، عن عبدالملك ابن عمير ، عن أبي بردة بن أبي موسى ، عن أبي موسى .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
قال في نقده لهذه الأسانيد ما يلي :
( إنه مرسل ، نص عليه ابن حجر وقال : يحتمل أن يكون تلقاه عن عائشة ) ، وأحال إلى مصدره وهو فتح الباري ، ولكن لنلق نظرة على ما قاله ابن حجر عن هذا الإسناد ، حيث قال : ( قوله عن أبيه عن عائشة كذا رواه جماعة عن مالك موصولا وهو في أكثر نسخ الموطأ مرسلا ليس فيه عائشة ... والظاهر أن حديث أبى موسى من مراسيل الصحابة ويحتمل أن يكون تلقاه عن عائشة أو بلال ) .
فهنا ذكر ابن حجر أن أكثر نسخ الموطأ ليس فيه ذكر لعائشة رضي الله عنها ،
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ومن باب التنازل مع الخصوم : فحتى لو كان الحديث من مراسيل أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ؛ فإنه نقل إما عن عائشة ، أو عن بلال رضي الله عنهما ، ومع ذلك لم يذكر عائشة فقط لحاجة في نفس يعقوب ، ومع ذلك كله ، ومن باب التنازل مع الخصوم إلى آخر درجة ؛ فحتى لو كان الحديث مرسلاً عن عائشة ؛ فهذا ليس بقادح فيه على الإطلاق ، لأن الصحابة كلهم عدول ، فنقل بعضهم عن بعض دون التصريح ليس فيه حرج ، وهذا كثير شائع .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ثم قال في طعنه بأبي بردة رحمه الله : (وهذا الرجل فاسق أثيم ، له ضلع في قتل حجر بن عدي ، حيث شهد عليه ـ في جماعة شهادة زور أدت إلى شهادته ) .
وكنا نتمنى من هذا المحقق بالإضافة إلى تحقيقه وطعنه لما تواتر من الأخبار ؛ أن يقوم بتحقيق الشاذ منها أيضاً ، وأن يفرغ نفسه قليلاً لها ، ولكن العقول المنكوسة قد أعيت الأطباء ، وبالرجوع إلى تاريخ الطبري رحمه الله نجد أن مدار هذه الروايات التي تطعن في أبي بردة رحمه الله يدور على أبي مخنف يحيى بن لوط الشيعي المحترق ، وقد قال عنه يحيى بن معين : ليس بثقة ، وقال أبو حاتم : متروك الحديث ، وقال الدارقطني : أخباري ضعيف !!! فهنيئاً مريئاً له هذا الإسناد .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وأما الخبر الثاني الذي ذكره فهو : ( وروي أيضاً أنه قال لأبي الغادية ـ قاتل عمار ابن ياسر رضي الله تعالى عنه ـ : أ أنت قتلت عمار بن ياسر؟ قال : نعم . قال : فناولني يدك . فقبلها وقال : لا تمسك النار أبداً ! ) ، وقد أحال المرجع إلى شرح النهج لابن أبي الحديد الشيعي ، وقد رواه ابن أبي الحديد الشيعي بإسناد منقطع عن عبدالرحمن المسعودي عن ابن عياش المنتوف ، وابن عياش لم أجد له ترجمة ، والمسعودي إن كان هو المؤرخ المشهور فهو ساقط في مقام الاحتجاج لتشيعه المغالي .
ثم انظروا في محصلة الأمر لهذا الميلاني المائل عن الحق : يحتج بالمنقطع المبتور من الروايات ، وبخزعبلات يحيى بن لوط الفاسق الأثيم لتضعيف أبي بردة رحمه الله تعالى الثقة الثبت ، والذي قال فيه علماء الجرح والتعديل وصيارفة الحديث والنقل : ( الإمام الفقيه الثبت ... وكان من أئمة الاجتهاد ... قال ابن سعد كان ثقة كثير الحديث وقال العجلي كوفي تابعي ثقة ) . ( راجع الترجمة في سير أعلام النبلاء ) ، فياللعجب !!
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ثم ذكر تضعيف عبدالملك بن عمير بقوله : ( وهو« مدلّس » و« مضطرب الحديث جداً » و« ضعيف» .
فما ذكره عن هؤلاء الأعلام صحيح إلى حد كبير ، وإن كان قد ابتلع تتمة كلام هؤلاء الأعلام ، وهو أن عبدالملك بن عمير رحمه الله إنما تغير حفظه في آخر حياته ، حيث عاش 103 سنين ، ولا يستغرب أن يتغير حفظ من بلغ هذا العمر ، ولكن هل معنى ذلك أن نرمي بجميع رواياته في البحر ؟! بالطبع لا ، وإنما يتم التفريق بين ما رواه كبار تلامذته ، وما رواه صغارهم ، وعلى هذا فروايات قدماء أصحابه عنه صحيحة موثقة ، أما روايات الأصاغر عنه فلا ، والراوي عن عبدالملك بن عمير هنا هو زائدة بن قدامة رحمه الله ، وهو من كبار أتباع التابعين كما نص عليه ابن حجر في تهذيب التهذيب الذي قام الميلاني بالرجوع إليه لقراءة الترجمة ، ومعنى كونه من كبار أتباع التابعين أنه في الطبقة التي تلي عبدالملك بن عمير بقليل ، لأن عبدالملك بن عمير من طبقة صغار التابعين ، بل كان زائدة من كبار أصحاب عبدالملك بن عمير ، وممن رووا له الكثير من الروايات ، وممن لازموه فترة طويلة قبل اختلاطه ، ولذلك فرواية زائدة عن عبدالملك بن عمير لا غبار عليها .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
إضافة إلى ما سبق ؛ فكان من الأمانة العلمية والإنصاف ذكر من وثّق عبدالملك بن عمير ، وإليك ما قاله العلماء في عبدالملك بن عمير ، فقد وثقه العجلي وابن معين والنسائي وابن نمير ، وقال ابن مهدي : كان الثوري يعجب من حفظ عبدالملك ، وقال أحمد بن حنبل : مضطرب الحديث تختلف عليه الحفاظ ، وقال ابن البرقي عن ابن معين : ثقة إلا أنه أخطأ في حديث أو حديثين ، وقال ابن حجر : احتج به الجماعة ( أي أصحاب الكتب الستة ) ، وأخرج له الشيخان من رواية القدماء عنه في الاحتجاج ، ومن رواية بعض المتأخرين عنه في المتابعات ، وإنما عيب عليه أنه تغير حفظه لكبر سنه لأنه عاش مائة وثلاث سنين ، ولم يذكره ابن عدي في الكامل ، ولا ابن حبان …… فواضح مما سبق أن التضعيف إنما كان لسوء حفظه في آخر حياته ، أما رواية القدماء عنه ( ومنهم زائدة بن قدامة ) فهي مقبولة ، وقائمة في مقام الاحتجاج .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
أما بالنسبة لتهمة التدليس ؛ فيبدو أن حجة الإسلام في الحديث السيد الميلاني بحاجة لتوضيح معنى التدليس عند المحدثين .
فالتدليس هو : أن يروي الراوي عمن لقيه ما لم يسمعه منه ، أو عمن عاصره ولم يلقه موهماً أنه سمع منه ، أو أن يصف من روى عنه يصفة لا تبين من هو ؟ وينتفي التدليس تماماً إذا صرح الثقة بتحديث شيخه له ، حتى وإن كان من كبار المدلسين إن كان صدوقاً ، فضلاً عن أن يكون دلَّس مرة أو مرتين لخطأ ورد عنه ، والملاحظ أن تهمة التدليس ليس لها أي مقام هنا ، لأن عبدالملك بن عمير رحمه الله صرح بتحديث أبي بردة رحمه الله له ، وعلى هذا فجميع الطعون في عبدالملك بن عمير ساقطة لا اعتبار لها .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ثم يواصل هراءه الذي لا ينتهي بقوله : ( وعبدالملك ـ هذا ـ هو الذي ذبح عبدالله بن يقطر أو قيس بن مسهر الصيداوي ، وهو رسول الإمام الحسين عليه السلام إلى أهل الكوفة ، فانه لما رمي بأمر ابن زياد من فوق القصر وبه رمق ؛ أتاه عبدالملك بن عمير فذبحه ، فلما عيب ذلك عليه قال : « إنما أردت أن أريحه ! » ) .
فنقول لهذا المائلاني : إن الرواية التي احتججت ساقطة باطلة ، وما أعجب الرافضة في معارضتهم للمتواتر من الأحاديث بالباطل منها ، ومع أن ابن كثير رحمه الله قد ذكر هذه الحادثة في كتابه البداية والنهاية ( جزء 8 ص 168 ) إلا أنها ساقطة أيضاً لأنها من روايات أبي مخنف يحيى بن لوط هذا أولاً .
ثانياً : وهي الطامة التي ما بعدها من طامة : أن الشخص الذي قتل قيس بن مسهر هو عبدالملك بن عمير البجلي ، أما الراوي الذي نحن بصدده ، فهو عبدالملك بن عمير القرشي ويقال اللخمي ويقال الكوفي ويعرف بالقبطي ، ولكن إطلاقاً لا يعرف بالبجلي !!! وهذه هي قمة النزاهة الشيعية المشهورة .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ثم يجترئ هذا الميلاني بالطعن على أبي موسى الأشعري رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حيث يقول عنه : ( ثم الكلام في أبي موسى الأشعري نفسه ، فإنه من أشهر أعداء مولانا الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، فقد كان يوم الجمل يقعد بأهل الكوفة عن الجهاد مع الإمام علي عليه السلام ، وفي صفين هو الذي خلع الإمام عليه السلام عن الخلافة ، وقد بلغ به الحال أن كان الإمام عليه السلام يلعنه في قنوته مع معاوية وجماعة من أتباعه ) .
أقول رداً على هذا الجاهل : إن الحكم على أبي موسى الأشعري من كتب الشيعة خاضع لما ذكرناه سابقاً من أن ذلك يستلزم رضا الشيعة بنقد رواياتهم من وجهة نظر أهل السنة والجماعة ، وهذا ما لا يرضاه الشيعة على الإطلاق ، وأبو موسى الأشعري صحابي ، والصحابة كما ذكرنا مراراً وتكراراً كلهم عدول عند أهل السنة والجماعة ، أما الاستشهاد على عداء أبي موسى الأشعري رضي الله عنه لعلي بن أبي طالب في نهيه الناس عن القتال ، فهذا كاتهام النصارى للمسلمين ببغض عيسى بن مريم عليهما السلام لأنهم ينهون الناس عن اعتقاد الألوهية فيه !!!!!!
وقد كان الزمان زمان فتنة ، والقاعد في الفتنة خير من الماشي ، والماشي خير من الساعي ، ففعل أبي موسى الأشعري رضي الله عنه هو عين الصواب ، وقد وردت الروايات الكثيرة في اعتزال الفتن عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فلماذا يُلام أبو موسى رضي الله عنه لاتباعه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟؟!!
وأعجب من ذلك كله أن يوكل علي بن أبي طالب عنه في مسألة التحكيم رجلاً يضمر له العداء والبغض ويكون من أشهر المنحرفين عنه ، ومن المثبطين عنه في موقعة الجمل !!!!!
فهل كان علي بن أبي طالب أحمقاً إلى هذه الدرجة أن يوكل رجلاً يضمر له كل هذا العداء والبغض ؟؟!!!
ومهما قيل في الأسباب التي دعته إلى توكيل أبي موسى ، وأنه قد أكره على ذلك !!!
فهل كان علي رضي الله عنه متساهلاً في أمر الإمامة والأمة بأن يوكل في تحديد مصيرها رجلاً هذه صفته فيما يزعم الشيعة ؟؟؟!!!
ثم أين شجاعة علي بن أبي طالب في الحق ؟؟!! وأين طاعة شيعته وأتباعه له ؟؟!!!
إذا كان هذا هو حال الرعيل الأول من الشيعة في مخالفتهم لأئمتهم ؛ فما بالكم بمن وراءهم ؟؟؟!!!
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وأما ما روي أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان يلعن أبا موسى الأشعري ومعاوية رضي الله عنهما في صلاته فإن هذا مردود من وجهين : الأول : أن الروايات خالية من الأسانيد ، ونحن هنا في مقام نقاش علمي ، وكل رواية لا تحمل إسناداً ثابتاً فإنما هي كالهباء المنثور ، ليس لها أي وزن أو قيمة ، وأما الثاني : فقد كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه ينهى أهل العراق عن لعن أهل الشام ، ويقول لهم : إني أكره لكم أن تكونوا لعانين ، وهذا هو المتوقع من علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ثم لماذا يلعن رجلاً هو الذي وكله عن نفسه بنفسه ؟؟؟!!!
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ثم إن أبا موسى الأشعري رضي الله عنه قد روى بعض الروايات في مدح أهل البيت ، فمن ذلك ما رواه ابن ماجة : ( عن أبي موسى الأشعري قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فأقبل حسن وحسين عليهما قميصان أحمران يعثران ويقومان فنزل النبي صلى الله عليه وسلم فأخذهما فوضعهما في حجره ، فقال ((صدق الله ورسوله {إنما أموالكم وأولادكم فتنة} رأيت هذين فلم أصبر)) ثم أخذ في خطبته ) . قال الشيخ الألباني : صحيح .
فجميع الطرق الثلاثة التي وردت عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه صحيحة لا غبار عليها ، والعاقل المنصف يكتفي بهذه الروايات ، وحسبه بها ، وقد ذكر البقية وفيها من الغثيان ما لا يحتمل ..
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
كتب الشيعة :
وبالنظر البسيط إلى أسانيد كتب الشيعة ؛ يعلم المنصف علم اليقين أن هذه الأسانيد إنما وضعت بأسماء رجال لا مسمى لهم ، فلا يكاد إسناد واحد عندهم يسلم من مجهول ضمن رجاله ، ودونكم كتب الشيعة جربوا فيها بأنفسكم ، ووافونا بالنتائج .
وقد يعجب البعض من تضعيف علماء السنة لأكثر من 99 في المائة من مرويات الشيعة في كتبهم ، حتى لو حكموا عليها من وجهة النظر الشيعية البحتة ، وقد يجعله البعض تحاملاً من أهل السنة والجماعة على الشيعة ، ولكن ليطمئن الجميع ،،،،
فهذا يوسف البحراني الشيعي يقول في كتابة "لؤلؤة البحرين" : ( والواجب إما الأخذ بهذه الأخبار ، كما هو عليه متقدمو علمائنا الأبرار ، أو تحصيل دين غير هذا الدين ، وشريعة أخرى غير هذه الشريعة لنقصانها وعدم تمامها ، لعدم الدليل على جملة من أحكامها ، ولا أراهم يلتزمون شيئاً من الأمرين ، مع أنه لا ثالث لهما في البين ، وهذا بحمد الله ظاهر لكل ناظر ، غير متعسف ولا مكابر ) !!!!!!!!!!
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وسيظل الشيعة إلى أبد الآبدين ينتقلون من مأزق إلى مأزق في هذا الموضوع ، ولذلك نراهم قد أفرغوا أذهانهم من مسألة نقد كتبهم ، وتفرغوا تماماً لنقد روايات أهل السنة والجماعة ، في حين نراهم يجهلون الكثير والكثير عن كتبهم ، ولو فرغوا أنفسهم لنقد مروياتهم لتبين لهم بطلان المذهب ، ولهذا فالشيعة يتهربون وبشدة من إظهار الروايات الصحيحة عندهم مع التصريح بصحة إسنادها ، لأنهم إن سلموا من انقطاع السند لم يسلموا من تضمن السند على مجاهيل ، وإن سلموا من المجاهيل لم يسلموا من روايات الضعفاء المردودي الرواية ، وإن سلموا بعد الترميمات الجبارة التي قام بها الخوئي والعاملي ليتم اتصال الإسناد ، ويتبين حال كل راو لم يسلموا من وجود حديث آخر بنفس هذا الإسناد ، وخاضع لنفس شروط السند الأول يرفض الشيعة الاعتراف به ، لأن فيه ما يخزيهم ، ولهذا فهم يدورون في حلقة مفرغة إلى ما شاء الله ، ولكن لعل المتبصرين منهم يقومون بتلك الخطوات الجريئة ، ولهم في تجربة الشيخ إبي الفضل بن البرقعي في كتابه كسر الصنم خير دليل على ذلك ، فلعل الله أن يفتح على قلوبهم ويهدينا وإياهم إلى سواء السبيل ، والله أعلم .
وهذا حالهم :
كناطح صخرة يوماً ليوهينها ... فلم يضرها وأوهى قرنه الوَعِل
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وسنُتْبِعُها بآُخْرى .....
[مِسعَرُ حَرب
22-1-2012, 06:52 PM
شبهات حول الصديق رضي الله عنه -4- :
http://i.cubeupload.com/qJQcWD.png
الإدعاء بأن الصديق رضي الله عنه قد تخلف عن جيش أسامة رضي الله عنه :
ومنها أنه تخلف عن جيش أسامة المجهز للروم مع انه صلى الله عليه وآله وسلم أكد غاية التأكيد عليه حتى قال : ((جهزوا جيش اسامة ، لعن الله من تخلف )).
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وجوابه : إن كان الطعن من جهة عدم التجهيز فهذا أفتراء صريح لأنه جهز وهيأ .
وإن كان من جهة التخلف فله عدة أجوبة :
الأول : أن الرئيس إذا ندب رجلاً مع جيش ثم أمره بخدمة من خدمات حضوره فقد أستثناه وعزله ، والصديق لأمره بالصلاة كذلك ، فالذهاب إما ترك الأمر الأهم ومحافظة المدينة المنورة من الأعراب .
الثاني: أن الصديق قد أنقلب له المنصب بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأنه كان من آحاد المؤمنين فصار خليفة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأنقلبت في حقه الأحكام ، ألا ترى كيف أنقلبت أحكام الصبي إذا بلغ ، والمجنون إذا افاق ، والمسافر إذا اقام ، والمقيم إذا سافر إلى غير ذلك .
والنبي صلى الله عليه وآله وسلم لو عاش لما ذهب في جيش أسامة ، فالخليفة لكونه قائماً مقامه يكون كذلك .
الثالث: أن الأمر عند الشيعة ليس مختصاً بالوجوب كما نص عليه المرتضى في (الدرر والغرر) فلا ضرر في المخالفة وجملة لعن الله من تخلف مكذوبة لم تثبت في كتب السنة .
الرابع: أن مخالفة آدم ويونس لحكم الله تعالى بلا واسطة عند الشيعة فالإمام لو خالف أمراً واحداً لاضير فتدبر .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
قال الرافضي:«وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرض موته، مرة بعد أخرى، مكرراً لذلك: أنفذوا جيش أسامة، لعن الله المتخلف عن جيش أسامة. وكان الثلاثة معه، ومنع أبو بكر عمر من ذلك».
والجواب:أن هذا من الكذب المتفق على أنه كذب عند كل من يعرف السيرة، ولم ينقل أحد من أهل العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل أبا بكر أو عثمان في جيش أسامة.
وإنما رُوي ذلك في عمر، وكيف يرسل أبا بكر في جيش أسامة، وقد استخلفه يصلِّي بالمسلمين مدة مرضه!!، وكان ابتداء مرضه من يوم الخميس إلى الخميس إلى يوم الاثنين، اثني عشر يومًا، ولم يقدِّم في الصلاة بالمسلمين إلا أبا بكر بالنقل المتواتر، ولم تكن الصلاة التي صلاَّها أبو بكر بالمسلمين في مرض النبي صلى الله عليه وسلم صلاةً ولا صلاتين، ولا صلاة يوم ولا يومين، حتى يُظَنّ ما تدعيه الرافضة من التلبيس، وأن عائشة قدّمته بغير أمره، بل كان يصلِّي بهم مدة مرضه؛ فإن الناس متفقون على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصلِ بهم في مرض موته إلا أبو بكر، وعلى أنه صلّى بهم عدة أيام.
وأقل ما قيل: إنه صلّى بهم سبع عشرة صلاة؛ صلَّى بهم صلاة العشاء الآخرة ليلة الجمعة، وخطب بهم يوم الجمعة.
هذا مما تواترت به الأحاديث الصحيحة، ولم يزل يصلّي بهم إلى فجر يوم الاثنين: صلّى بهم صلاة الفجر، وكشف النبي صلّى الله عليه وسلم الستارة، فرآهم يصلّون خلف أبي بكر، فلما رأوه كادوا يفتتنون في صلاتهم، ثُم أرخى الستارة.
وكان ذلك آخر عهدهم به، وتوفي يوم الاثنين حين اشتد الضحى قريباً من الزوال.
وقد قيل: إنه صلّى بهم أكثر من ذلك من الجمعة التي قبل؛ فيكون قد صلّى بهم مدة مرضه كلها، لكن خرج النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة واحدة لما وجد خفةً في نفسه، فتقدَّم وجعل أبا بكر عن يمينه، فكان أبو بكر يأتمُّ بالنبي صلى الله عليه وسلم، والناس يأتمُّون بأبي بكر، وقد كَشَف الستارة يوم الاثنين، صلاة الفجر، وهم يصلّون خلف أبي بكر، ووجهه صلى الله عليه وسلم كأنه ورقة مصحف، فَسُرَّ بذلك لمّا رأى اجتماع الناس في الصلاة خلف أبي بكر، ولم يَرَوْه بعدها.
وقد قيل: إن آخر صلاة صلاَّها كانت خلف أبي بكر.
وقيل: صلَّى خلفه غيرها.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
فكيف يُتصور أن يأمره بالخروج في الغزاة وهو يأمره بالصلاة بالناس؟!
وأيضاً فإنه جهَّز جيش أسامة قبل أن يمرض؛ فإنه أمَّره على جيش عامتهم المهاجرون؛ منهم عمر بن الخطاب في آخر عهده صلى الله عليه وسلم، وكانوا ثلاثة آلاف، وَأَمَرَه أن يغير على أهل مُؤتة، وعلى جانب فلسطين، حيث أصيب أبوه، وجعفر وابن رواحة.
فتجهّز أسامة بن زيد للغزو، وخرج في ثقله إلى الجرف، وأقام بها أياماً لشكوى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة فقال: «اغد على بركة الله والنصر والعافية ثم أَغِر حيث أمرتك أن تغير». قال أسامة: يا رسول الله قد أصبحتَ ضعيفاً، وأرجو أن يكون الله قد عافاك، فَأْذَنْ لي فَأَمْكُث حتى يشفِيَك الله، فإني إن خرجت وأنت على هذه خرجت وفي نفسي منك قرحة، وأكره أن أسأل عنك الناس» فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتُوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بأيام، فلما جلس أبو بكر للخلافة أنفذه مع ذلك الجيش، غير أنه استأذنه في أن يأذن لعمر بن الخطاب في الإقامة؛ لأنه ذو رأي ناصح للإسلام، فأَذِن له، وسار أسامة لوجهه الذي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأصاب في ذلك العدو مصيبة عظيمة، وغَنِم هو وأصحابه، وقتل قاتل أبيه، وردّهم الله سالمين إلى المدينة.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وإنما أنفذ جيش أسامة أبو بكر الصدّيق بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: لا أُحِلُّ رايةً عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأشار عليه غير واحد أن يردَّ الجيش خوفاً عليهم؛ فإنهم خافوا أن يطمع الناس في الجيش بموت النبي صلى الله عليه وسلم، فامتنع أبو بكر من ردّ الجيش وأمر بإنفاذه.
فلما رآهم الناس يغزون عقب موت النبي صلى الله عليه وسلم، كان ذلك مما أيَّد الله به الدين، وشدَّ به قلوب المؤمنين، وأذلَّ به الكفار والمنافقين، وكان ذلك من كمال معرفة أبي بكر الصدِّيق وإيمانه ويقينه وتدبيره ورأيه .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وسنُتْبِعُها بآُخْرى .....
نصراوي مو8ت
23-1-2012, 01:18 AM
الموضوع صراحه ممتع من حلاوته قرييته كله
[مِسعَرُ حَرب
24-1-2012, 11:07 PM
شبهات حول الصديق رضي الله عنه -5- :
http://i.cubeupload.com/3GfeSL.png
شبهة أن أبا بكر يشهد على نفسه
ومن الشبهات حول الصديق رضي الله عنه الإدعاء بأن أبا بكر يشهد على نفسه.
حيث ذكر احدهم ذلك قائلاً:
"كما سجل التاريخ لأبي بكر مثل هذا، قال لما نظر أبو بكر إلى طائر على شجرة: (طوبى لك يا طائر تأكل الثمر وتقع على الشجر وما من حساب ولاعقاب عليك، لوددت أنّي شجرة على جانب الطريق مرّ عليّ جمل فأكلني وأخرجني في بعره ولم أكن من البشر).
وقال مرة أخرى: (ليت أمي لم تلدني، ليتني كنت تبنة في لبنة) ..ألخ
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
فالرد بالنسبة للرواية الأولى فقد عزاها لتاريخ الطبري والرياض النضرة وكنز العمال ومنهاج السنة لابن تيمية ولكنني لم أجدها في منهاج السنة ولا في الرياض النضرة ولا في تاريخ الطبري الذي عزا هذا القائل اليها اللهم إلا في كنز العمّال وهذا دليل على مصداقية هذا الطاعن.
وأما بالنسبة للرواية الثانية فقد عزاها للمصادر السابقة أيضاً فلم أجدها في كنز العمّال ولا في تاريخ الطبري ولا في الرياض النضرة اللهم إلا في منهاج السنّة.
يرد هذا الطاعن أن يوهم القارئ بعزوه كلام أبي بكر إلى المصادر السابقة على أنها من أقوالهم وكأنهم موافقون لما ذهب إليه ولكن بعداً، فكتاب منهاج السنة لابن تيمية اسمه بتمامه منهاج السنة النبوية في نقد كلام الشيعة القدرية ويرد فيها على كتاب منهاج الكرامة في إثبات الإمامة لابن المطهر الحلّي وهو شيعي إمامي والرواية المنقولة عن أبي بكر هي من ادعاء هذا الطاعن.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وأما كتاب الرياض النضرة الذي طالما يعزو إليه هذا الطاعن فعنوانه كاملاً الرياض النضرة في مناقب العشرة أي العشرة المبشرين بالجنة وهم أبوبكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة والمؤلف يشير هنا إلى الحديث المشهور عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما بشر هؤلاء العشرة وهم على جبل أحد بالجنة وهذا الطاعن ممن ينكر هذا الحديث فكيف يستدل بالكتاب؟ هذا أولاً.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وثانياً: لم أجد الفقرتين المذكورتين عن أبي بكر في الكتاب بالإضافة إلى أن صاحب الكتاب يثبت أن أبا بكرٍ هو الأحق بالخلافة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وذكر بيعة عليٍّ لأبي بكر وردّ فيه على المخالفين بل وأفرد في ذكر مناقب أبي بكر واستغرق منه أكثر من ربع الكتاب ثم يأتي بعد ذلك هذا الطاعن ليستشهد بهذا الكتاب على ما يظنه من مثالب أبي بكر موهماً أنه ينقد أبابكر ولكن قد حصحص الحق ولولج الباطل.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ثالثاً: لو فرضنا جدلاً ثبوت هذا عن أبي بكرٍ فإنه يدل على قوة إيمانه وخوفه من الله سبحانه وتعالى وهذا لا يقدح في إيمانه قط فقد جاء في الصحيحين خبر الرجل الذي أمر أهله بتحريقه وتذرية نصفه في البحر ونصفه في البر مع أنه لم يعمل خيراً قط، وقال: والله لئن قدر اللهُ عليّ ليعذبني عذاباً لا يعذبه أحداً من العالمين فأمر الله البر فجمع ما فيه وأمر البحر فجمع ما فيه ثم سأله الله: ما حملك على ما صنعت. قال: من خشيتك يارب فغفر له، فإذا كان مع شكِّه في قدرة الله على بعثه، إذا فعل ذلك غُفر له بخوفه من الله، عُلم أن الخوف من الله من أعظم أسباب المغفرة للأمور الحقيقة إذا قدِّر أنها ذنوب.
وقد ورد مثل ذلك عن عدة صحابة منهم عبد الله بن مسعود فقد روى الإمام أحمد بن حنبل عن مسروق قال: قال رجل عند عبد الله بن مسعود: ما أحب أن أكون من أصحاب اليمين، أكون من المقربين أحب إليّ ، فقال عبد الله بن مسعود: لكن ههنا رجل ودَّ أنه إذا مات لم يبعث يعني نفسه.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وروى الترمذي في سننه وابن ماجة عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون، أطَّت السماء وحقّ لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملكٌ واضعٌ جبهته لله ساجداً، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً، وما تلذذتم بالنساء على الفرش ولخرجتم إلى الصُّعداء تجأرون إلى الله.)) لوددت أني كنت شجرة تعضد .. قال أبو عيسى(أي الترمذي) ، ويروى من غير هذا الوجه أن أباذر قال: "لوددت أني كنت شجرة تعضد".
فعلى ذلك نقول لهذا الطاعن أنه ثبت بالرواية الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لوددت أني كنت شجرة تعضد فهل يعتبر هذا القول شهادة على نفسه؟!
وهل سينطبق عليه ما وصفت به الخليفة أبا بكر؟! ولو فرضنا أن هذا القول صادر عن أبي ذر فهل هو أيضاً يشهد على نفسه وإلا فما الفرق بين هذا القول وقول أبي بكر يا أولي الألباب؟!
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
بل روى البخاري عن ابن مسعود أنه قال قال لي النبي صلى الله عليه وآله وسلم ((اقرأ عليّ))، قلت يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أُنزل؟ قال: ((نعم)) فقرأت سورة النساء حتى أتيت على هذه الآية { فكيف إذا جئنا من كل أمةٍ بشهيد، وجئنا بك على هؤلاء شهيداً } قال: حسبك الآن، فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان فأقول أليس هذا يدل على أن من يخاف الله سبحانه في الدنيا دليلٌ على قوة صدق إيمانه بالله؟
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
رابعاً: أما بالنسبة لتاريخ الطبري فلم أجد لهاتين الروايتين أثراً يذكر به ومن أراد التثبت ممن يريد الحق فليرجع لتاريخ الطبري من حوادث السنة الحادية عشرة إلى أواخر السنة الثالثة عشرة.
بالنسبة لكتاب كنز العمّال في سنن الأقوال والأفعال لعلاء الدين الهندي فلا تعتبر رواياته حجة لأنه لم يراعِ وضع الروايات الصحيحة فقط بل جعله جامعاً لجميع الأقوال والأفعال النبوية والأثرية والعجيب أنه أفرد قسماً خاصاً للأحاديث التي ذكرت في نقد المخالفين مع العلم أنه لم يوجد فيها حديث صحيح عند علماء الحديث من أهل السنة الذي يدعي هذا الطاعن بأنهم يضعفون الأحاديث في أهل البيت ويختلقون الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة زعم فلو كان كلامه حقاً لصحح علماء الجرح والتعديل من أهل السنة الأحاديث التي تطعن في الشيعة ولكنهم لم يفعلوا لأن تصحيح الأحاديث يخضع لضوابط ثابتة ومتفق عليها عند علماء الحديث من حيث المتن والسند وليست حسب الأهواء والكذب الرخيص الذي هو من سمات أهل الطاعن ، إضافةً إلى أنه أفرد باباً خاصاً في ذكر الصحابة وفضلهم في ثلاثة فصول وابتدأ بالخلفاء الأربعة وأولهم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي إشارة إلى الأفضلية والسبق في الإسلام والخلافة.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ثم يسترسل هذا الطاعن فيقول وهذا كتاب الله يبشر عباده المؤمنين بقوله { ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، الذين آمنوا وكانوا يتقون، لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم } ويقول أيضاً { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألاّ تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلاً من غفور رحيم } صدق الله العلي العظيم. فكيف يتمنى الشيخان أبو بكر وعمر أن لا يكونا من البشر الذي كرّمه الله على سائر مخلوقاته!!.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
- هذه الآيات لا تنافي خوف العبد من ربه وقد ذكرنا بالفقرة السابقة ثبوت خوف الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه من الله.
- وبالنسبة لقوله تعالى في سورة يونس { ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ....} قال ابن كثير في تفسير هذه الآية : "يخبر تعالى أن أولياءه هم الذين آمنوا وكانوا يتقون كما فسرهم ربهم، فكل من كان تقياً كان لله ولياً (فلا هم يحزنون) ، أي فيما بستقبلونه من أهوال الآخرة ولا هم يحزنون على ما وراءهم في الدنيا "..
فالخوف في هذه الآية هو في الآخرة والصحابة جميعاً كانوا يخافون الله في الدنيا وليس في الآخرة وقوله تعالى ولا هم يحزنون أي على ما وراءهم في الدنيا، ولا شك أن خوف أبي بكر والصحابة لا يدل على أنهم يحزنون على شيء من الدنيا.
أما قوله تعالى { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة....} قال ابن جرير الطبري في تفسير هذه الآية : "يقول تعالى ذكره إن الذين قالوا ربنا الله وحده لا شريك له، وبرئوا من الآلهة والأنداد ثم استقاموا على توحيد الله، ولم يخلطوا توحيد الله بشرك غيره به، وانتهوا إلى طاعته فيما أمر ونهى " ،، ثم أورد الإمام الطبري في تفسير الاستقامة عدة أحاديث عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، منها عن سعيد بن عمران قال: قد قرأت عند أبي بكر الصديق رضي الله عنه هذه الآية { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا } قال: "هم الذين لم يشركوا بالله شيئا1".
ومن هنا نعلم أن هذه الآية المستدل بها لا تنطبق على الخليفة الأول أبي بكر، فلا يقول من عنده مسكة من عقل أن أبا بكر الذي قاتل المشركين والمرتدين وجاهدهم أعظم جهاد وحفظ لله به بيضة المسلمين يكون مشركاً فسبحانك اللهم هذا جهلٌ عظيم.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ثم يقول هذا الطاعن : (وإذا كان المؤمن العادي الذي يستقيم في حياته تتنزل عليه الملائكة وتبشره بمقامه في الجنة فلا يخاف من عذاب الله ولا يحزن على ما خلف وراءه في الدنيا وله البشرى في الحياة الدنيا قبل أن يصل إلى الآخرة، فما بال عظماء الصحابة الذين هم خير الخلق بعد رسول الله كما تعلمنا ذلك يتمنون أن يكونوا عذرة وبعرة وشعرة وتبنة، ولو أن الملائكة بشرتهم بالجنة ما كانوا ليتمنوا أنّ لهم مثل طلاع الأرض ذهباً ليفتدوا به من عذاب الله قبل لقاه. قال تعالى { ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الأرض لافتدت به وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وقضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون } وقال أيضاً { ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعاً ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون، وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤون } وإنني أتمنى من كل قلبي أن لاتشمل هذه الآيات، صحابةً كباراً أمثال أبي بكر الصديق وعمر الفاروق) !!.
أقول: فإن الآيتين اللتين سقتهما هما إخبار الله عن عذاب يوم القيامة حيث لا ينفع الندم ولا التوبة، وليس في الدنيا، ومعلوم لكل عاقل الفرق بين خوف العبد ربه في الدنيا وخوفه منه في الآخرة فقد أخرج أبو نعيم في الحلية عن شداد بن أوس، وابن المبارك في الزهد عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال قال الله عزوجل: ((وعزتي لا أجمع لعبدي أمنين ولا خوفين، إن هو أمنني في الدنيا أخفته يوم أجمع فيه عبادي، وإن هو خافني في الدنيا أمنته يوم أجمع فيه عبادي)) .
وروى مثل هذا الحديث إمام الاثني عشرية الصدوق ابن بابويه القمي في كتابه الحجة الخصال عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ((قال الله تبارك وتعالى وعزتي وجلالي لا أجمع على عبدي خوفين، ولا أجمع له أمنين، فإذا أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة، وإذا خافني في الدنيا آمنته يوم القيامة)) ،، وهذا لمن له أدنى فهم لهذه الحقيقة فمن خاف الله في الدنيا أمنه يوم القيامة ولأن خوف العبد ربه في الدنيا مثاب عليه فمن جعل خوف المؤمن من ربه في الدنيا كخوف الكافر في الآخرة فهو كمن جعل الظلمات كالنور، والظل كالحرور، والأحياء كالأموات .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ومن هذه الطعون إحتجاجهم بما رواه الإمام مالك رحمه الله أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لشهداء أحد: ((هؤلاء أشهد عليهم))، فقال أبو بكر الصديق: "ألسنا يا رسول الله إخوانهم أسلمنا كما أسلموا، وجاهدنا كما جاهدوا" ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((بلى ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي!)) فبكى أبو بكر ثم بكى ثم قال "إننا لكائنون بعدك" ....ألخ.
والرد أن هذا الحديث مرسل ومنقطع عند جميع رواة الموطّأ، ومعلوم أن الحديث المرسل مردود عند جمهور المحدثين والفقهاء للجهل بحال الراوي فيفقد شروط الصحة، وحجة عند أبي حنيفة ومالك وأحمد في الراجح من مذهبه.
أما بالنسبة لشرح الحديث فهو خلاف ما اخترعه هذا الطاعن حسب فهمه المقلوب فإن قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : ((هؤلاء أشهد عليهم) أي بالإيمان والبذل في سبيل الله فلما قال ذلك سأله أبو بكر الصديق: "ألسنا يا رسول الله إخوانهم أسلمنا كما أسلموا وجاهدنا كما جاهدوا؟" فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم (بلى!) أي أنتم مسلمون مثلهم ومجاهدين في سبيل الله ولكن لا أدري ما تحدثون أي لا أعلم ما سوف تفعلون بعد وفاتي وأبو بكر لم يسأله عن نفسه ولكنه سأله بصيغة الجمع، فأجاب بنفس الصيغة أنه لا يعلم ما سيكون بعده ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يعلم الغيب أي ما سيحدث في المستقبل وبعد مماته إلا بما أخبره به الله سبحانه وتعالى يقول الله سبحانه وتعالى { قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله، ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء أن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون } ، فبكى أبو بكر لأنه علم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سيفارقهم وذلك واضح في قول أبي بكر "أئنا لكائنون بعدك" أي سنعيش بعدك يا رسول الله وبالطبع لم يبك لأنه يعلم أنه سيحدث بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم !!
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
لو كان تفسير الآيات وفهم النصوص النبوية يعتمد على الأهواء والكذب الرخيص لكانت حجج المستشرقين أقوى من حجج هؤلاء الطاعنون ولأصبح الطعن بالكتاب والسنة حجة لكل أبله مثله والعجيب أنه يقول في كتابه فكتاب الله صامت، وحمّال أوجه، وفيه المحكم والمتشابه ولا بد لفهه من الرجوع إلى الرّاسخين في العلم حسب التعبير القرآني وإلى أهل البيت حسب التفسير النبوي .
فهل رجع هذا الطاعن في فهم الحديث إلى أهل البيت؟ وعلى أضعف الإيمان هل رجع إلى الراسخين في العلم حتى تفهم معنى الحديث؟ وإذا قلت أن الحديث مرو عن طريق أهل السنة فإما أن ترفض الحديث أو ترجع فيه لشرح علماء أهل السنة مرغماً وإليك شروحهم ..
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
هذا وقد شرح الموطأ لمالك مجموعة من أهل العلم لا بد لنا أن نأتي بأقوالهم وشروحهم لهذا الحديث:
- يقول الزرقاني : ((هؤلاء أشهد عليهم)) بما فعلوه من بذل أجسامهم وأرواحهم وترك من له الأولاد أولاده فقال أبو بكر الصديق "ألسنا يا رسول الله بإخوانهم أسلمنا كما أسلموا وجاهدنا كما جاهدوا " فلم خص هؤلاء بشهادتك عليهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (بلى أنتم إخوانهم) ألخ ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي فلذا خصصتهم بالشهادة المستفادة من حصر المبتدأ في الخبر بقوله هو لا أشهد عليهم فبكى أبو بكر ثم بكى كرّره لمزيد أسفه على فراق المصطفى ثم قال "أئنا لكائنون" أي موجودون بعدك استفهام تأسف لا حقيقي لاستحالته من أبي بكر بعد أن أخبره النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
- يقول ابن عبد البر : ومعنى قوله: ((أشهد عليهم)) أي أشهد لهم بالإيمان الصحيح والسلامة من الذنوب الموبقات، ومن التبديل والتغيير، والمنافسة في الدنيا، ونحو ذلك والله أعلم.
وفيه من الفقه دليل على أن شهداء أحد ومن مات من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبله أفضل من الذين تخلفهم بعده والله أعلم.
وهذا عندي في الجملة المحتملة للتخصيص، لأن من أصحابه من أصاب من الدنيا بعده وأصابت منه، وأما الخصوص والتعيين، فلا سبيل إليه إلا بتوقيف يجب التسليم له.
وأما أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذين تخلفهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعده، فأفضلهم: أبو بكر وعمر، على هذا جماعة علماء المسلمين إلا من شذ، وقد قالت طائفة كثيرة من أهل العلم: إن أفضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبو بكر وعمر لم يستثنوا من مات قبله ممن مات بعده ،، ثم قال : وأما قوله ((أنا أشهد لهؤلاء)) وأنا شهيد لهؤلاء ونحو هذا فقد روى هذا اللفظ ومعناه من وجوه ثم ساق عدة روايات ومنها هذه الرواية . وأخبرنا خلف بن القاسم، قال حدثنا ابن أبي العقب، حدثنا أبو زرعة، حدثنا الحكم بن نافع أبواليمان، حدثنا شعيب عن الزهري، أخبرني أيوب بن بشير الأنصاري عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين خرج تلك الخرجة استوى على المنبر فتشهد، فلما قضى تشهده كان أول كلام تكلم به: ((أن استغفر للشهداء الذين قتلوا يوم أحد،)) ثم قال: ((إن عبداً من عباد الله خيّر بين الدنيا وبين ما عند ربه فاختار ما عند ربه)) ففطن بها أبو بكر الصديق أوّل الناس وعرف إنما يريد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نفسه، فبكى أبو بكر فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ((على رسلك سدوا هذه الأبواب الشوارع في المسجد إلا باب أبي بكر، فإني لا اعلم امرءاً أفضل عندي يداً في الصحبة من أبي بكر)) .
ثم يقول بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد شك في أبي بكر؟ فيا للعجب!
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
-يقول الإمام الباجي : وقول أبي بكر رضي الله عنه "ألسنا يا رسول الله باخوانهم أسلمنا كما أسلموا وجاهدنا كما جاهدوا" على وجه الإشفاق لما رأى من تخصيصهم بحكم كان يرجوا أن يكون حظه منه وافراً وأن يكون حظ جميع من شركه فيه من الصحابة ثابتاً فقال أن عملنا كعملهم في الإيمان الذي هو الأصل والجهاد الذي هو آخر عملهم فهل تكون شهيداً لنا كما أنت شهيدا لهم فقال صلى الله عليه وآله وسلم بلى ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي، قال قوم إن الخطاب وإن كان متوجهاً إلى أبي بكر فإن المراد به غيره ممن لم يعلم صلى الله عليه وآله وسلم بما آل حاله وعمله وما يموت عليه وأما أبو بكر رضي الله عنه فقد أعلم أنه من أهل الجنة، والنبى صلى الله عليه وآله وسلم شهيد له بذلك لظاهر عمله الصالح ولما قد أوحي إليه وأُعْلِمَ من رضوان الله تعالى عنه ولكنه لما سأل أبو بكر واعترض بلفظ عام ولم يخص نفسه بالسؤال عن حاله كان الجواب عاماً، وقد بيّن تخصيصه بأنه ليس ممن يحدث بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم شيئاً مما يحبط عمله بما تقدم وتأخر عن هذا الحال من تفضيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم له واخباره بما له عند الله من الخير وجزيل الثواب وكريم المآب.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
قال القاضي أبي الوليد رضي الله عنه ويحتمل عندي وجهاً آخر، وهو أن يكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((هؤلاء أشهد عليهم)) بما شاهدت من عملهم في الجهاد الذي أدى إلى قتلهم في سبيل الله ولذلك لم يقل أنه شهيد لمن حضر هذا اليوم وقاتل وسلم من القتل كعليّ وطلحة وأبي طلحة وغيرهم ممن أبلى ذلك اليوم، ومن هو أفضل من كثير ممن قتل ذلك اليوم، لكنه خصّ هذا الحكم بمن شاهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم جهاده إلى أن قتل، ويكون على معنى هذا قوله لأبي بكر رضي الله عنه: بلى ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي، لم يرد به الحدث المضاد للشريعة وإنما أراد به جميع الأعمال الموافقة للشريعة والمخالفة لها، فيكون معنى ذلك أن ما تعملونه بعدي لاأشاهده، فلا أشهد لكم به وأن علمت أن منكم من يموت على ما يرضي الله من الأعمال الصالحة، إلاّ أنها لم تعين لي فيقال لي أنه يجاهد في الموطن كذا وأن الواحد منكم يقتل زيداً أو يقتله عمرٌ، وكما شاهدت من حال هؤلاء، فلذلك لا أكون شهيداً لكم بنفس الأعمال وتفصيلها، كما أشهد على تفصيل عمل هؤلاء وأن شهدت لبعضكم بجملة العمل بالوحي واعلام الله، فعلى هذا يكون قوله: ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي متوجّهاً إلى جميع الصحابة من أبي بكر وغيره.
وقوله: فبكى أبو بكر ثم بكى ثم قال أئنا لكائنون بعدك، يريد أنه أطال البكاء وكرره وأظهر معنى بكائه بقوله: أئنا لكائنون بعدك كأنه للإشفاق من البقاء بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم والإنفراد دونه وفقد بركته ونعمة الله على أمته به، وهذا يدل على أنه قد فهم أبو بكر رضي الله عنه من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : بلى ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي أنه لا يخاف أو يجوز أن يكون من أبي بكر حدث يضاد الشريعة ويخالف به من أجله عن سبيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأن بكاءه لذلك كان أولى له وكان حكمه على ذلك بأن يقول ائنا لمحدثون بعدك حدثاً يصد عن سبيلك ونخالف به طريقتك ولما لم يقل ذلك ولا بكى من أجله وإنما بكى من أجل فراقه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبقائه بعده علمنا أنه فهم منه ما قدمنا ذكره والله أعلم فهذا هو قول أهل العلم في هذا الحديث والذي يظهر جلياً مدى جهل هذا الطاعن بفقه الحديث وتحامله على الصحابة العظام.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
أما قوله : فقلت: إذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو أول من شك في أبي بكر ولم يشهد عليه لأنه لا يدري ماذا سوف يحدث بعده ،، فأقول:
- قد ظهر واضحاً لكل عاقل من خلال الشروح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يقصد أبا بكر الصديق بقوله: ((لا أدري ما تحدثون بعدي)).
ولكن كلامه عام على جميع الصحابة بخلاف هؤلاء الذين شهد لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
- من المسلم به أنّ اليقين لا ينتفي بالشك، ومن المعلوم يقيناً أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم شهد لأبي بكر بالجنة في الكثير من الروايات، منها ما رواه الترمذي والطبراني في الكبير عن عائشة قالت: أن أبا بكر دخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال ((أنت عتيق الله من النار)) ، وفي الحديث الذي رواه البخاري عن أبي موسى الأشعري في جزء منه فجاء أبو بكر فدفع الباب، فقلت من هذا؟ فقال: أبو بكر . فقلت على رسلك، ثم ذهبت فقلت: يا رسول الله هذا أبو بكر يستأذن، فقال: ((ائذن له وبشِّرْهُ بالجنة)). فأقبلتُ حتى قلتُ لأبي بكر: ادخُل ورسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم يبشِّرك بالجنةِ وأخرج الترمذي عن عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ((أبو بكر في الجنة)) و....الخ
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وأخرج الترمذي أيضاً عن علي بن أبي طالب قال: "كنت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إذ طلع أبو بكر، وعمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((هَذَان سيِّدا كهول أهل الجنة، من الأولين والآخرينَ، إلاالنَّبينَ والمُرْسلينَ))، يا عليُّ: لاتُخْبِرهُما" ، وقد أثبت الله لهذا الصحابي الجليل الصحبة لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم في قوله تعالى { إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا...} ،، ففي الآية فضل أبي بكر الصديق لأنه انفرد بهذه المنقبة حيث صاحب رسول صلى الله عليه وآله وسلم ، في تلك السفرة ووقاه بنفسه ولهذا قال سفيان بن عيينة وغيره: "إن الله عاتب الخلق جميعهم في نبيه إلا أبابكر".
وقال: "من أنكر صحبة أبي بكر فهو كافر، لأنه كذَّب القرآن".
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ثم يدع بعد ذلك هذا الطاعن أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد شك في أبي بكر! ولكن من خلال هذه الأدلة من الكتاب والسنة يعلم طالب الحق يقيناً لا شكاً أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي شهد لأبي بكر بالجنة لا يشك به قطعاً وإلا لكان هذا تناقضاً منه وحاشاه ذلك فيكون قوله : لا أدري ما تحدثون بعدي. على سبيل اليقين والرؤية كما عاين ورأى شهداء أحد.
ثم يقول : فمن حقي أن أشك وأن لا أفضّل أحداً حتى أتبيّن وأعرف الحقيقة، ومن المعلوم أن هذين الحديثين يناقضان كل الأحاديث الواردة في فضل أبي بكر وعمر ويبطلانها، لأنهما أقرب للواقع المعقول من أحاديث الفضائل المزعومة: قال الحاضرون وكيف ذلك؟ قلت: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يشهد على أبي بكر وقال لو إنني لا أدري ماذا تحدثون بعدي! فهذا معقول جداً وقد قرّر ذلك القرآن الكريم والتاريخ يشهد أنهم بدّلوا بعده ولذلك بكى أبو بكر وقد بدّل وأغضب فاطمة الزهراء بنت الرسول كماسبق وقد بدل حتى ندم قبل وفاته وتمنّى ألا يكون بشراً.
أما الحديث الذي يقول لو وزن إيمان أمتي بإيمان أبي بكر لرجح إيمان أبي بكر فهو باطل وغير معقول: ولا يمكن أن يكون رجلاً قضى أربعين سنة من عمره يشرك بالله ويعبد الأصنام أرجح إيماناً من أمة محمد بأسرها، وفيها أولياء الله الصالحين والشهداء والأئمة الذين قضوا أعمارهم كلها جهاداً في سبيل الله، ثم أين أبو بكر من هذا الحديث؟ لو كان صحيحاً لما كان في آخر حياته يتمنى ألا يكون بشراً.
ولو كان إيمانه يفوق إيمان الأمة ما كانت سيدة النساء، فاطمة بنت الرسول ص، تغضب عليه وتدعو الله عليه في كل صلاة تصلِّيها .!!!!!
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
- قوله : (أن هذين الحديثين يناقضان كل الأحاديث الواردة في فضل أبي بكر وعمر ويبطلانها من أشد أقواله عجباً!)
فلست أدري على أي مبدأ استند في إبطال أحاديث صحيحة؟ فالحديث الذي يستند عليه هذا الطاعن هو حديث مرسل كما بينت سابقاً في حين أنه يرى ضعف الحديث المرسل ففي مكان آخر من كتابه يحتج على أهل السنة بحديث يا أيها الناس إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي تراه يضعّف حديث كتاب الله وسنتي بحجة أنه حديث مرسل!؟ فيقول بالهامش: ( أخرج مسلم في صحيحه والنسائي والترمذي وابن ماجه وأبي داود في سننهم الحديث المذكور بلفظ كتاب الله وعترتي مسنداً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما لفظ سنتي فلم يرد في أي من الصحاح الست، وأخرج الحديث بهذا اللفظ مالك بن أنس في موطّئه ونقله مرسل غير مسند !!!، وأخذ عنه بعد ذلك البعض كالطبري وابن هشام ونقلوه مرسلاً كما ورد عن مالك فكيف يحتج هنا بالحديث المرسل على بطلان الأحاديث الصحيحة المسندة؟!)
السبب بسيط أنه يريد أن يظهر حقيقة إنصافه المزعوم وتلاعبه المأثوم بالقراء الكرام فمرحا بالهداية!
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
- يبدو أن هذا الطاعن عنده من الشجاعة العلمية في إثبات الأحاديث التي يهواها فتتحول إلى أحاديث مسندة في نظره، أما الأحاديث التي تثبت فضائل الصحابة فليس عنده هذه الشجاعة العلمية في نقدها سنداً ومتناً فتتحول بدون مقدمات إلى أحاديث باطلة ولو كانت من أصح الأسانيد!
وأقول: إذا كانت كل الأحاديث التي تذكر فضائل أبي بكر باطلة فأظن أن شهادة الله سبحانه بفضل أبي بكر وتقواه وبصحبته النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليست باطلاً!؟ فشهادة الله هذه لأبي بكر تقتضي أن أحاديث فضائل أبي بكر صحيحة وهذه قضية منطقية ومعقولة جداً، لأن من شهد الله له بالتقوى والطهارة لا بد أن يشهد له النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذلك.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
- أما قوله : أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لم يشهد على أبي بكر وقال له إنني لا أدري ماذا تحدثون بعدي.
قلت: بل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم شهد لأبي بكر في هذا الحديث عندما قال له أبو بكر "ألسنا يا رسول الله إخوانهم أسلمنا كما أسلموا وجاهدنا كما جاهدوا؟!" فقال له: (بلى!) فهذه شهادة منه صلى الله عليه وآله وسلم بذلك ولكنه استدرك بأنه لا يعلم ما سيكون منهم على سبيل الرؤية والتعيين بالإضافة إلى أن سياق الجملة لا يستساغ بلاغياً فكيف يقول هذا الطاعن أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لم يشهد على أبي بكر ويقول له أنني لا أدري ما تحدثون بعدي، فكيف يخاطب أبا بكر بصيغة الجمع وهو مفرد، بل لأن أبا بكر خاطبه بصيغة الجمع واعترض بلفظ عام ولم يخص نفسه بالسؤال عن حاله، كان الجواب عاماً وعلى أقل تقدير أن يكون هو من ضمن المخاطبين، وبما أننا علمنا أن علياً بن أبي طالب كان من المقاتلين في أحد ولم يستشهد فيها فعلى ذلك لا بد أن يشمله الخطاب لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يعلم ما سيحدث له بعده مثله كمثل بقية المخاطبين فكل ما بناه هذا الطاعن الوبيّ على هذا الحديث من الطعن على أبي بكر وعمر يدخل فيه علي!! فهذا معقول جداً؟!
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
أما قوله : وقد قرر ذلك القرآن الكريم والتاريخ يشهد أنهم بدّلوا بعده...!!!
فهذا من أقبح الكذب إذ كيف يقرر القرآن أن الصحابة بدلوا ؟!
فأين هذه الآيات التي تدل على هذا التخرص ؟ فلو كانت عنده بينة لأتى بها اللهم إن كان يقصد مصحف فاطمة؟! وأما إذا ادعى أنه بيّن هذه الكذبة في فصل رأي القرآن في الصحابة فقد دحضت افتراءاته بحول الله تعالى وفضله منه بما يقنع كل من يريد الحق ويرتضيه وأما بالنسبة لما قرره القرآن حقاً فيتضح في قوله تعالى { لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات وأولئك هم المفلحون، أعدّ الله لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم } ،، فأسأل هذا الطاعن هل هؤلاء المذكورون في الآية هم علي وابناه الحسن والحسين اللذان لم يكونا قد بلغا الحلم؟؟
بالإضافة إلى الثلاثة أو السبعة الذين يبقي البعض على صحبتهم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم عدا جميع الصحابة وفي مقدمتهم أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير؟!
وهل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم جاهد المشركين في بدر والذين وصل تعدادهم إلى ألف مقاتل، وفي أحد وكانوا ثلاثة آلاف مقاتل، وغيرها من الغزوات بهؤلاء النفر الذين لم يتجاوزوا العشرة يا أيها الطاعن؟ وقوله تعالى { والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعدّ لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم } ، فنسأل هذا الطاعن من هم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار؟!..
هل هم علي والسبعة المرضيون عندكم؟!!
سبحان الله !! فوالله لست أدري كيف يُهدى البعض إلى عقيدة تخالف النقول وتهين العقول؟!
فأسأل الله الكبير المتعال أن يقينا شرور هؤلاء المرجفين وشرور ما يرددون من أباطيلهم وجميع المسلمين اللهم آمين.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
-يقول الله سبحانه { للفقراء المهاجرين الذين أُخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون، والذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شحّ نفسه فؤلئك هم المفلحون } ،، وإنني لن أسأل هذا الطاعن فيمن تعنيهم هذه الآية وسأوفر عليه الجواب وسأدع الإمام الرابع عند الاثني عشرية وهو عليّ بن حسين يجيب عن ذلك.
روى عليّ بن أبي الفتح الأربلي في كتابه كشف الغمّة في معرفة الأئمة عن علي بن الحسن أنه قدم عليه نفر من أهل العراق فقالوا في أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، فلما فرغوا من كلامهم، قال لهم: "ألا تخبروني أنتم { المهاجرون الأولون الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون }؟ قالوا: لا، قال: فأنتم { الذين تبوأوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة }؟ قالوا: لا، قال: أما أنتم قد تبرأتم أن تكونوا من أحد هذين الفريقين وأنا أشهد أنكم لستم من الذين قال الله فيهم{ والذين جاؤا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا } أخرجوا عني فعل الله بكم" !
فهذا هو قول الإمام الرابع فيمن نزلت فيهم هذه الآيات، وهو يرد على من أغلقت عقولهم وعمّيت أبصارهم، فأخذوا يطعنون بأبي بكر وعمر وعثمان فأخرسهم بهذه الآيات البينات.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
- وأما قوله : أما الحديث الذي يقول (لو وزن إيمان أمتي بأيمان أبي بكر) فهو باطل وغير معقول ولا يمكن أن يكون رجلاً قضى أربعين سنة من عمره يشرِك بالله ويعبد الأصنام أرجح إيماناً من أمة محمد بأسرها..ألخ
وللإجابة على ذلك أقول:
- يلاحظ القارئ أن هذا الطاعن أبطل حديثاً لا لشئ سوى أن عقله الواعي لا يقبله، فمعنى ذلك أن علم الجرح والتعديل علم لا قيمة له لأن العقل هو الحاكم الذي يحكم على الحديث بالقبول أو الرد، وهذا يعني أيضاً أنه لو اختلق البعض أحاديث مدعياً أنها من فم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم واستساغتها عقول بعضهم لأصبحت أحاديث صحيحة؟! وهذا القول سيفتح الباب على مصراعيه للمستشرقين وأفراخهم للطعن بالسنة بحجة أن عقولهم الصدئة لا تستسيغ أحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بفضل العلم الجديد الذي استحدثه هذا الطاعن في قبول الأحاديث أو ردها؟! فابحث أخي القارئ بعد ذلك عن دينك؟؟!
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
- أما الحديث( لو وزن) ... فهو حديث موقوف على عمر فقد رواه أسحاق بن راهويه والبيهقي في الشعب بسند صحيح عنه ورواية عن عمر هذيل بن شرحبيل، وهو عند ابن المبارك في الزهد، ومعاذ بن المثنى في زيادات مسند مسدد، وكذا أخرجه ابن عدي في ترجمة عيسى بن عبد الله من كامله، وفي مسند الفردوس، معاًمن حديث ابن عمر مرفوعاً، بلفظ: (لو وضع أيمان أبي بكر على إيمان هذه الأمة لرجح بها) ، وفي سنده عيسى بن عبدالله بن سليمان، وهو ضعيف، لكنه لم ينفرد به، فقد أخرجه بن عدي أيضاً من طريق غيره بلفظ: (لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان أهل الأرض لرجحهم). وله شاهد في السنن أيضاً، عن أبي بكرة مرفوعاً: (أن رجلاً قال: يا رسول الله، رأيت كأن ميزاناً أنزل من السماء فوزنت أنت وأبو بكر فرجحت أنت، ثم وزن أبو بكر بمن بقي فرجح)، ، وعلى ذلك إن كانت هذه الرواية في رفعها إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ضعف ولكن حديث أبي داود يشهد لها بالصحة وعلى العموم فأبو بكر الصديق من أكثر الناس إيماناً وتقوى وصلاحاً!
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
- أما قوله : ولا يمكن أن يكون رجل قضى أربعين سنة من عمره يشرك بالله ويعبد الأصنام أرجح إيماناً من أمة محمد بأسرها، وفيها أولياء الله الصالحين والشهداء والأئمة الذين قضوا أعمارهم كلّها جهاداً في سبيل الله .
وجواب ذلك من وجوه:
- كيف علم هذا الطاعن أن أبا بكر قضى أربعين سنة يشرك بالله ويعبد الأصنام !! ، فهل جاء ببينة على دعواه هذه بدل أن يتقيأ هذا الكذب الذي استمرأه؟
فإن احتج أنه لم يكن أحد مؤمناً قبل مبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكانوا يعبدون الأصنام ولا شك أن أبا بكركان واحداً منهم.
قلت: وكذلك الصبيان كانوا يعبدون الأصنام كعليّ لأن الصبي المولود بين أبوين كافرين يجري عليه حكم الكفر باتفاق المسلمين وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : ((ما من مولودٍ إلا يولد على الفطرة، فأبواه يُهوَّدانه، أو ينصِّرانه، أو يمجِّسانه، كما تُنْتَج البهيمة بهيمةً جمعاء، هل تُحسون فيها من جَدْعاء)) ، وإن ادّعى هذا الطاعن أن كفر الصبي ليس مثل كفر البالغ، قلت ولا إيمان الصبي مثل إيمان البالغ، فإسلام أبي بكر مخرجاً له من الكفر باتفاق المسلمين، وأما إسلام علي فهل يكون مخرجاً له من الكفر علي قولين مشهورين ومذهب الشافعي أن إسلام الصبي غير مخرج له من الكفر بالإضافة إلى أن أبابكر لم يتلعثم عند إسلامه فعن محمد بن أبي بكر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال ((ما عرضّت الإسلام على أحد، إلا كانت له عنده كبوة وتردد، غير أبي بكر، فإنه لم يتلعثم )) والغريب في الأمر أن الشيعة الاثني عشرية يروون أن علياً تردّد في قبول الإسلام وطلب الإمهال من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وقال ... (إن هذا مخالف دين أبي، وأنا أنظر فيه؟)
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
- أما بالنسبة لعبادة أبي بكر للأصنام ؛ فإنه لم يثبت أنه سجد لصنم قط قال أبو بكر رضي الله عنه في مجمع من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "ما سجدت لصنم قط، وذلك أني لما ناهزت الحكم أخذني أبو قحافة بيدي فانطلق بي إلى مُخدع فيه الأصنام ، فقال لي: هذه آلهتك الشمّ العوالي، وخلاّني وذهب، فدنوت من الصنم وقلت: إني جائع فأطعمني فلم يجبني، فقلت: إني عار فاكسني فلم يجبني، فألقيت عليه صخرة فخرّ لوجهه" ،، فكيف يدعي إذاً هذا الطاعن على أبي بكر أنه قضى أربعين سنة يشرك بالله ويعبد الأصنام!؟...
وبالنسبة لعلي وأنه سجد لصنم أم لا فليس عندنا نقل يثبت ذلك فلا نجزم بعدم سجوده للأصنام ولأنّ أهل قريش كانوا يسجدون للأصنام الرجال والنساء والصبيان!
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
- ولو فرضنا أن أبا بكر مكث أربعين سنة يشرك بالله ويعبد الأصنام فما من شك أن المشرك إذا تحول للإسلام فإن الله يغفر له ما قد سلف كما يقول الله سبحانه { قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف } ،، وفي الحديث الطويل أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخبر عمرو بن العاص عندما جاء للنبي صلى الله عليه وآله وسلم يريد الإسلام ولكنه إشترط أن يغفر الله له فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم ((أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله؟)).... فاعتناق الإنسان للإسلام يَجُبُّ ما اقترفه وأصابه ويمحوه.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
- وهذه الحقيقة يؤكدها أيضاً الإمامية فقد روى إمامهم الكليني في كتابه أصول الكافي تحت باب ( أنه لا يؤاخذ المسلم بما عمل في الجاهلية) فعن أبي جعفر عليه السلام قال : "إنّ ناساً أتوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعدما أسلموا فقالوا: يا رسول الله أيؤخذ الرجل منا بما كان عمل في الجاهلية بعد إسلامه؟ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (من حسن إسلامه وصحَّ يقين إيمانه لم يؤاخذه الله تبارك وتعالى بما عمل في الجاهلية، ومن سَخُفَ إسلامه ولم يصحّ يقين إيمانه أخذه الله تبارك وتعالى بالأوّل والآخر)" .. وحتى هذا الطاعن نفسه يعترف بهذه الحقيقة فيقول وليست لي أي عداوة لأبي بكر ! ولا لعمر ولا لعثمان ولا لعلي ولا حتى لوحشي قاتل سيدنا حمزة ما دام أنه أسلم والإسلام يجب ما قبله وقد عفى عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم!؟
فكيف يؤاخذ أبو بكر على جاهليته، والإسلام بجب ما قبله؟ الجواب واضح وهو أنه ليست له أي عداوة لأبي بكر؟؟!
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
- أنه ليس كل من ولد على الإسلام بأفضل ممن أسلم بنفسه كأبي بكر وعمر، بل قد ثبت بالنصوص المستفيضة أن خير القرون القرن الأول وعامتهم أسلموا بأنفسهم بعد الكفر، وهم أفضل من القرن الثاني الذين ولدوا على الإسلام.
- أما إدعاؤه أن أبا بكر لا يمكن أن يكون أرجح إيماناً من أمة محمد وفيها أولياء الله الصالحين والشهداء والأئمة الذين قضوا أعمارهم كلها جهاداً في سبيل الله.
قلت: لا يشك أي منصف أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه من كبار أولياء الله الصالحين والأئمة المهتدين الذين قضوا أعمارهم كلها جهاداً في سبيله فهو من أحب وأقرب الناس إلى سيد الأولياء والصالحين محمد صلى الله عليه وآله وسلم لدرجة أنه كان يغضب لمن يؤذي أبا بكر فقد أخرج البخاري فيى صحيحه عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال كنت جالساً عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، إذ أقبل أبو بكر آخذ بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبتيه، قفال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : أما صاحبكم فقد غامر، فسلّم وقال: يا رسول الله، إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيءٌ، فأسرعت إليه ثم ندمتُ، فسألته أن يغفر لي فأبى علىَّ، فأقبلت إليك. فقال: يغفر الله لك ياأبابكر ثلاثاً . ثمّ إن عمر ندم، فأتى منزل أبي بكر فسأل: أثمَّ أبو بكر؟ فقالوا: لا. فأتى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فجعل وجه النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتمعَّرُ، حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه فقال: يا رسول الله، والله أنا كنت أظلم مرتين .
فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ((إن الله بعثني إليكم، فقلتم: كذبتَ، وقال أبو بكر: صدقَ، وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركو لي صاحبي؟)) ، مرتين ، فما أوذي بعدها.
وعن أبي عثمان قال حدّثني عمرو بن العاص رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعثه على جيش ذات السلاسل، فأتيته فقلت: أي الناس أحبُّ إليك؟ قال: ((عائشة)). فقلت من الرجال؟ قال: ((أبوها))، قلت ثم من؟ قال: ((ثم عمر بن الخطاب)، فعدّ رجالاً.
وهذا رأي عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أيضاً، فعن محمد بن الحنفية وهو ابن عليّ قال قلت لأبي: أي الناس خيرٌ بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟ قال: أبو بكر. قلت ثم من؟ قال: ثم عمر. وخشيت أن يقول عثمان، قلت: ثم أنت؟ قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وكان أبو بكر أكثر الصحابة عملاً للصالحات فقد أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أصبح منكم اليوم صائماً؟ قال أبو بكر: أنا، قال: فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر: أنا، قال: فمن أطعم اليوم مسكيناً؟ قال أبو بكر: أنا، قال: فمن عاد منكم اليوم مريضاً؟ قال أبو بكر: أنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ما اجتمعن في امرئٍ إلا دخل الجنة إضافة إلى شهوده جميع الغزوات مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومباشرته الأهوال التي كان يباشرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أول الإسلام إلى آخره، ولم يجبن ولم يحرج ولم يفشل، وكان يقدم على المخاوف، يقي النبي صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه، يجاهد المشركين تارة بيده وتارة بلسانه وتارة بماله، وهو في ذلك كله مقْدِم.
وعن علي رضي الله عنه قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم بدرٍ ولأبي بكر: مع أحدكما جبريل، ومع الآخر ميكائيل، وإسرافيلُ ملكٌ عظيم يشهد القتال أو يكون في القتال.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
فبعد هذه الأدلة الواضحة يتّضح لكل طالب للحق أن أبا بكر كان من كبار أئمة الدين وأوليائه الصالحين، المجاهدين في سبيل الله، ولعل هذا الطاعن لا يقتنع بهذه الحقائق الواضحة فاضطر لإيراد رأي أحد كبار الأئمة الاثني عشرية لتصبح الحقائق دامغة وحجةً على المكابرين والمعاندين وسلسبيلاً للمطمئنين ، فقد أورد أبي الحسن الأربلي الاثني عشري في كتابه كشف الغمة عن عروة بن عبد الله قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام عن حلية السيوف، فقال: لا بأس به، قد حلّى أبو بكر الصديق رضي الله عنه سيفه، قلت: فتقول: الصديق؟ قال: فوثب وثبة واستقبل القبلة وقال: نعم الصديق، نعم الصديق، نعم الصديق فمن لم يقل له الصديق فلا صدّق الله له قولاً في الدنيا ولا في الآخرة فهل يرتدع هذا الطاعن ويكفينا إيراداً للأدلة المكذوبة؟!
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
....
[مِسعَرُ حَرب
31-1-2012, 02:17 PM
شبهات حول الصديق رضي الله عنه -6- :
http://i.cubeupload.com/UZvgyu.png
شبهة خلافة الصديق رضي الله عنه:
يقول أحدهم: (لقد آليت على نفسي عند الدخول في هذا البحث أن لا أعتمد إلاّ ما هو موثوق عند الفريقين وأن أطرح ما انفردت به فرقة دون أخرى، وعلى ذلك أبحث في فكرة التفضيل بين أبي بكر وعلي بن أبي طالب وأنّ الخلافة إنّما كانت بالنص على علي كما يدّعي الشيعة أو بالانتخاب والشورى كما يدّعي أهل السنة والجماعة)... وقال أيضاً: (والباحث في هذا الموضوع إذا تجرّد للحقيقة فإنّه سيجد النص على علي بن أبي طالب واضحاً جلياً كقوله صلى الله عليه وسلم : ((من كنت مولاه فهذا علي مولاه)) قال ذلك بعدما انصرف من حجة الوداع فعُقد لعلي موكب للتهنئة حتى أنّ أبا بكر نفسه وعمر كانا من جماعة المهنئين للإمام يقولان: (بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة).
وهذا النص مجمع عليه من الشيعة والسنّة، ولم أخرّج أنا في البحث هذا إلا مصادر السنّة والجماعة...ألخ.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ردود العلماء:
اختلف أهل السنة في خلافة أبي بكر، فقالت جماعة:
- ان خلافة أبي بكر ثبتت بالنص الجلي أو الخفي.
- في حين قالت جماعة أخرى من أهل السنة أن الخلافة كانت بموافقة أهل الحل والعقد.
وقد استدل الطرف الأول على وجود النص بالخلافة على أدلة قوية، فعلى التقديرين لم يخرج الحق عن أهل السنة.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
أما قوله أن الشيعة يدعون بأن الخلافة كانت بالنص على علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، مستندين على عدة أحاديث فهذا فيه نظر كما سيأتيً، ومن جانب آخر لو فرضنا أن القول بالنص على الخلافة هو الحق لم يكن لهذا الأمر دليل على ما يدعيه الشيعة الاثني عشرية، فإن "الراوندية" القائلين بإمامة العباس بن عبد المطلب يدعون النص الثابت عليه كما يدعي الشيعة أن النص الثابت هو في علي.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
أما قوله: أن الباحث عن الموضوع إذا تجرّد للحقيقة فإنه سيجد النص على عليّ بن أبي طالب واضحاً جلياً كقوله صلى الله عليه وسلم : ((من كنت مولاة فهذا عليّ مولاه)).
الرد:
أ- اختلف أهل الحديث في تصحيح وتضعيف هذا الحديث فمنهم من ضعفه ومنهم من حسّنه.
ب- الإدعاء أن هذا الحديث نص واضح وجلي على عليّ فأقول: البرهان على عدم وجود هذا الوضوح والجلاء هو في نفس النص لأن النص كان بعد رجوع النبي صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع عند "غدير خُم"، ومعلوم أنه بعد حجة الوداع لم يرجع المسلمون كلهم مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بل رجع أهل مكة إلى مكة وأهل الطائف إلى الطائف وأهل اليمن إلى اليمن فلم يرجع معه إلا أهل المدينة، فلو كان ما ذكره في غدير خُم بلاغاً للناس كافّة لذكره في حجة الوداع التي اجتمع فيها المسلمون كافة، ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الحجة الإمامة بشيءٍ ولا ذكر علياً أصلاً، ومن هنا نعلم أن إمامة عليّ لم تكن وحياً منزلاً ولا منصوصاً عليها في دين الله عزوجل، ولا مما أُمر ببلاغها، فهذا الحديث ليس حُجّة على خلافته فضلاً عن وضوحه وجلائه!
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
جـ- وبالنسبة لكلمة مولاه فلم يَرد بها الخلافة قطعاً ولا اللفظ يدل على ذلك لتعدّد معاني المولى، ففي مختار الصحاح يقول الرازي: (المولى المُعتِقِ والمُعْتَقُ وابن العَمِّ والناصر والجار والحليف.. والموالاة ضد المعاداة. وقال: الوِلاية بالكسر السلطان والوَِلايةُ بالفتح والكسر النصرة) ، وقال الفيروزآبادي: (الوَلْيُ: القرب والدنو،... والوَلِيُّ: الاسم منه، والمحب والصديق، والنصير، وولي الشيء، وعليه وِلايَةً وَوَلايَةً أو هي المصدر وبالكسر: الخطة والإمارة والسلطان... والمَوْلَى: المالك، والعبد، والمُعْتِقُ، والمُعتَقُ، والصاحب، والابن، والعم، والنزيل، والشريك، وابن الأخت، والوَلِيُّ، والرب، والناصر، والمُنْعِمُ، والمُنْعَمُ عليه، والمحب والتابع، والصهر).
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ومن هنا نعلم أن المولى جاءت بمعنى النصرة وغيرها من التعريفات السابقة فجعلها في معنى السلطان يحتاج إلى دليل واضح لإثبات ذلك، هذا بالاضافة لتعذر حمل المولى على الوالي.
يقول شيخ الإسلام: (وليس في الكلام ما يدل دلالة بيّنة على أن المراد به الخلافة.
وذلك أن المولى كالولي، والله تعالى قال: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ} ، وقال سبحانه : {وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ}، فبيّن أن الرسول وليّ المؤمنين، وأنهم مواليه أيضاً، كما بيّن أن الله ولي المؤمنين، وأنهم أولياؤه، وأن المؤمنين بعضهم أولياء بعض، فالموالاة ضد المعاداة، وهي تثبت من الطرفين، وإن كان أحد المتواليين أعظم قدراً، وولايته إحسان وتفضل، وولاية الآخر طاعة وعبادة، كما أن الله يحب المؤمنين، والمؤمنون يحبونه، فإن الموالاة ضد المعاداة والمحاربة والمخادعة، والكفّار لا يحبون الله ورسوله، ويحادّون الله ورسوله ويعادونه.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
.....
[مِسعَرُ حَرب
1-3-2012, 01:11 PM
شبهات حول الصديق رضي الله عنه -7- :
http://i.cubeupload.com/m4Ccu8.png
شبهة موقف أبي بكر من خالد بن الوليد ومقتل مالك بن نويرة
يقول أحدهم: "أن خالد بن الوليد الذي قتل مالك بن نويرة صبراً ونزا على زوجته فدخل بها في نفس الليلة.
وكان عمر يقول لخالد: يا عدوّ الله قتلت امرءاً مسلماً ثم نزوت على امرأته، والله لأرجمنّك بالأحجار، ولكن أبا بكر دافع عنه وقال هبه يا عمر، تأوّل فأخطأ فارفع لسانك عن خالد، وهذه فضيحةٌ أخرى سجّلها التاريخ لصحابي من الأكابر!!
إذا ذكرناه، ذكرناه بكل احترام وقداسة، بل ولقبناه بسيف الله المسلول!!
ماذا عساني أن أقول في صحابي يفعل مثل تلك الأفعال يقتل مالك بن نويرة الصحابي الجليل!!!
سيد بني تميم وسيد يربوع وهو مضرب الأمثال في الفتوة والكرم والشجاعة.
وقد حدّث المؤرخون أن خالداً غدر بمالك وأصحابه وبعد أن وضعوا السّلاح وصلّوا جماعة أوثقوهم بالحبال وفيهم ليلى بنت المنهال زوجة مالك وكانت من أشهر نساء العرب بالجمال ويقال أنه لم ير أجمل منها وفتن خالد بجمالها، وقال له مالك: يا خالد! ابعثنا إلى أبي بكر فيكون هو الذي يحكم فينا، وتدخّل عبد الله بن عمر وأبو قتادة الأنصاري وألحّا على خالد أن يبعثهم إلى أبي بكر فرفض خالد وقال: لا أقالني الله إن لم أقتله.
فالتفت مالك إلى زوجته ليلى وقال لخالد: هذه التي قتلتني، فأمر خالد بضرب عنقه وقبض على ليلى زوجته ودخل فيها في تلك الليلة".
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
الرد:
هذا الطاعن لا يذكر إلا الرواية المكذوبة ويتجاهل الروايات التي أوردتها كل كتب التاريخ المعروفة ، ومن هذه الروايات : لما قدم خالد البطاح بث السرايا وأمرهم بداعية الإسلام وأنْ يأتوا بكل من لم يجب وإن امتنع أنْ يقتلوه. وكان قد أوصاهم أبو بكر أن يؤذّنوا إذا نزلوا منزلاً فإن أذّن القوم فكفوا عنهم وإن لم يؤذنوا فاقتلوا وانهبوا، وإن أجابوكم إلى داعية الإسلام فسائلوهم عن الزكاة، فإن أقروا فاقبلوا منهم وإن أبوا فقاتلوهم.
قال: فجاءته الخيل بمالك بن نويرة في نفر معه من بني ثعلبة بن يربوع فاختلفت السرية فيهم.
وكان فيهم أبو قتادة فكان فيمن شهد أنهم قد أذنوا وأقاموا وصلّوا فلما اختلفوا أمر بهم فحبسوا في ليلة باردة لا يقوم لها شيء، فأمر خالد منادياً فنادى دفئوا أسراكم وهي في لغة كنانة القتل، فظن القوم أنه أراد القتل ولم يرد إلا الدفْء فقتلوهم فقتل ضرار بن الأزور مالكاً، وسمع خالد الواعية فخرج وقد فرغوا منهم.
فقال: إذا أراد الله أمراً أصابه).
وأما الرواية الأخرى: أن خالداً استدعى مالك بن نويرة فأنّبه على ما صدر منه من متابعة سجاح، وعلى منعه الزكاة وقال: ألم تعلم أنها قرينة الصلاة؟ فقال مالك: إن صاحبكم يزعم ذلك، فقال: أهو صاحبنا وليس بصاحبك؟ يا ضرار اضرب عنقه، فضربت عنقه.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
أما ادعاؤه أن عمر قال لخالد: (يا عدوَّ الله قتلت امرءاً مسلماً ثم نزوت على امرأته، والله لأرجمنَّك بالأحجار).
ويعزوها إلى تاريخ الطبري وأبي الفداء واليعقوبي والإصابة، فهذا من المين الواضح، فبمجرد مراجعة تاريخ اليعقوبي والإصابة فلا تجد لهذه الجملة أثراً؟!
وأما تاريخ الطبري فقد أوردها ضمن رواية ضعيفة لا يحتج بها مدارها على ابن حميد ومحمد بن اسحاق، فمحمد بن اسحاق مختلف في صحته، وابن حميد هو محمد بن حميد بن حيان الرازي ضعيف، قال عنه يعقوب السدوسي: كثير المناكير، وقال البخاري: حديثه فيه نظر، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال الجوزجاني: رديء المذهب غير ثقة، وضعّفه ابن حجر في التقريب، فهذه الرواية ضعيفة الإسناد لا يحتج بها، ولو فرضنا جدلاً أن عمر قد أشار بقتله فيقال: غاية هذا أن تكون مسألة اجتهاد، كان رأي أبي بكر فيها أن لا يَقْتُل خالداً، وكان رأي عمر فيها قتله، وليس عمر بأعلم من أبي بكر: لا عند السنة ولا عند الشيعة.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
أما قوله: (وهذه فضيحة أخرى سجلها التاريخ لصحابي من الأكابر، إذا ذكرناه، ذكرناه بكل احترام وقداسة بل ولقبناه بسيف الله المسلول).
نقول: أما لقب سيف الله المسلول فالذي لقبه بذلك هو إمام الخلق محمد صلى الله عليه وسلم كما ثبت في صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى زيداً وجعفراً وابن رواحة للنَّاس قبل أن يأتيهم خبرهم"، فقال: (أخذ الراية زيدٌ فأُصيبَ، ثمَّ أخذها جعفر فأُصيب، ثمَّ أخذ بن رواحة فأُصيبَ. وعيناه تذرفانِ: حتى أخذها سيفٌ من سيوف الله، حتى فتح الله عليهم) .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
أما قوله: (بأن مالك بن نويرة صحابي جليل) فهذا الذي لا يقره الواقع والتاريخ، فالمؤرخون أثبتوا أن مالكا كان قد ارتدَّ بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن يؤدي الزكاة وفرق الصدقات بين قومه، وعندما جيء به لخالد وجادله بأمر الزكاة قال له: قد كان صاحبكم يزعم ذلك؟!
ومعنى قوله ذلك أنه لم يقر بالزكاة هذا أولاً، وثانياً ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: صاحبكم، وهذا هو قول المشركين الذين لم يقروا بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وعدم الإقرار وحده بالزكاة كافياً لقتله، وهذه الرواية ذكرها جميع المؤرخين بما في ذلك الأصفهاني في الأغاني وابن خلكان بخلاف اليعقوبي المعروف بالكذب فكيف يقال بعد ذلك أن مالكاً صحابيٌّ جليل؟
بل قد ذكر المؤرخون دليلاً آخر على موت مالك مرتداً فقالوا: التقى عمر بن الخطاب متمم بن نويرة أخو مالك، واستنشد عمر متمماً بعض ما رثى به أخاه، وأنشده متمم، فلما سمع عمر ذلك قال: هذا والله التأبين، ولوددت أني أحسن الشعر فأرثي أخي زيداً بمثل ما رثيت أخاك.
قال متمم: لو أن أخي مات على ما مات عليه أخوك ما رثيته، فسر عمر رضي الله عنه لمقالة متمم وقال: ما عزاني أحد عن أخي بمثل ما عزاني به متمم.
وجاء في سياق آخر قول متمم صريحاً فقال: يا أمير المؤمنين! إن أخاك مات مؤمناً ومات أخي مرتداً، فقال عمر رضي الله عنه : "ما عزاني أحد عن أخي بأحسن مما عزيتني به عنه" ، فهل يوجد أوضح من ذلك دليلاً على ردة مالك؟!
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
أما زواجه بامرأة مالك ودخوله بها في نفس الليلة فهو خلاف الحق، فقد ذكر ابن كثير أن خالداً اصطفى امرأة مالك ولما حلت بَنَا بها، وذكر الطبري زواج خالد بقوله: (.. وتزوج خالد أم تميم ابنة المنهال، وتركها لينقضي طُهرها)، وفي الكامل: (وتزوج خالد أم تميم امرأة مالك).
ويقول ابن خلكان الذي استشهد به هذا الطاعن: (وقبض خالد امرأته، فقيل: أنه اشتراها من الفيء وتزوج بها، وقيل: أنها اعتدت بثلاث حيض ثم خطبها إلى نفسه فأجابته؟!).
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
[مِسعَرُ حَرب
4-3-2012, 01:11 PM
شبهات حول الصديق رضي الله عنه -8 . . 9- :
http://i.cubeupload.com/yW7YaB.png
شبهة تاخر بيعة علي للصديق رضي الله عنهما :
ومن هذه الشبهات الإستشهاد بالروايات التي تتحدث عن تأخر علي عن بيعة الصديق رضي الله عنهما ، إلى ما بعد وفاة فاطمة رضي الله عنها.
فالرد: هذه البيعة هي البيعة الثانية لعلي رضي الله عنه ، وذلك أن عليا رضي الله عنه بايع أبا بكر بيعتين، الأولى : بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم. والثانية: بعد وفاة فاطمة رضي الله عنها.
ومن هنا جاء الالتباس فحسب البعض أن علياً لم يبايع أبا بكر إلا بعد وفاة فاطمة ، رضوان الله عليهم أجمعين؛ وفي ذلك يقول ابن كثير – رحمه الله : ( ولكن لما وقعت هذه البيعة الثانية ، اعتقد بعض الرواة أن علياً لم يبايع قبلها فنفى ذلك ، والمثبت مقدم على النافي كما هو مقرر ، والله أعلم).
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
أما البيعة الأولى فقد أخرجها الحاكم ، والبيهقي ، وفيما يلي نصها : عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال : ( لما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قام خطباء الأنصار ، فجعل الرجل منهم يقول : يا معشر المهاجرين ، إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا استعمل رجلاً منكم قرن معه رجلاً منا ، فنرى أن يلي هذا الأمر رجلان ، أحدهما منكم ، والآخر منا ، قال : فتتابعت خطباء الأنصار على ذلك ، فقام زيد بن ثابت فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان من المهاجرين ، وإن الإمام يكون المهاجرين ، ونحن أنصاره كما كنا أنصار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
فقام أبو بكر – رضي الله عنه – فقال : جزاكم الله خيراً يا معشر الأنصار ، وثبت قائلكم ، ثم قال : أما لو فعلتم غير ذلك لما صالحناكم ، ثم أخذ زيد بن ثابت بيد أبي بكر فقال : هذا صاحبكم فبايعوه ، ثم انطلقوا.
فلما قعد أبو بكر على المنبر نظر في وجوه القوم فلم ير علياً فسأل عنه ، فقام ناس من الأنصار فأتوا به ، فقال أبو بكر : ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وختنه ، أردت أن تشق عصا المسلمين ؟! فقال: لا تثريب يا خليفة رسول الله ، فبايعه.
ثم لم ير الزبير بن العوام فسأله عنه حتى جاؤوا به.
فقال : ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحواريه ، أردت أن تشق عصا المسلمين ؟!
فقال مثل قوله: لا تثريب يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فبايعاه).
قال الحاكم : (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه).
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وقال البيهقي : ( قال أبو علي الحافظ : سمعت محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول : جاءني مسلم بن الحجاج فسألني عن هذا الحديث : فكتبته له في رقعة وقرأته عليه فقال : هذا حديث يسوى بدنة ، فقلت : يسوى بدنه ، بل يسوى بدرة !)
وقال ابن كثير: (هذا إسناد صحيح).
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وهنا توجب سؤال عن سبب تجديد علي رضي الله عنه البيعة لأبي بكر رضي الله عنه ؟
وجواب ذلك : أن فاطمة رضي الله عنها كانت أشد الناس توجعاً لوفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، حيث حزنت لفراق والدها صلى الله عليه وآله وسلم حزناً شديداً ، وأخذت تذبل رضوان الله عليها من جراء ذلك يوماً بعد يوم ، حتى توفيت بعد ستة أشهر من وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
قال ابن كثير عن توجع فاطمة – رضي الله عنها – : ( ويقال: إنها لم تضحك في مدة بقائها بعده عليه السلام ، وأنها كانت تذوب من حزنها عليه ، وشوقها إليه).
وقد أدى ذلك إلى كثرة ملازمة علي رضي الله عنه لأم الحسنين رضوان الله عليهم أجمعين ، وقلة ملازمته لأبي بكر الصديق رضي الله عنه فأشاع المنافقون أن علياً رضي الله عنه ، كاره لخلافة الصديق رضي الله عنه مما دفع علياً إلى تجديد بيعته لأبي بكر الصديق بعد وفاة فاطمة رضوان الله عليهم أجمعين وذلك حسماً منه لمادة الفتنة ، ورداً عملياً على هذه الشبهة.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
شبهة القول أن علياً إنما سكت عن النزاع في أمر الخلافة لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أوصاه بذلك:
قولهم أن علياً إنما سكت عن النزاع في أمر الخلافة لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أوصاه أن لا يوقع بعده فتنة ولا يسل سيفاً ..
وجوابها : أن هذا جهل ، إذ كيف يعقل مع هذا الذي زعموه أنه جعله إماماً والياً على الأمة بعده ومنعه من سل السيف على من امتنع من قبول الحق ؟
ولو كان ما زعموه صحيحاً لما سل على السيف في حرب صفين وغيرها ، ولما قاتل بنفسه وأهل بيته وشيعته وجالد وبارز الألوف منهم وحده وأعاذه الله من مخالفة وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأيضاً فكيف يتعقلون أنه صلى الله عليه وآله وسلم يوصيه بعدم سل السيف على من يزعمون فيهم أنهم يجاهرون بأقبح أنواع الكفر مع ما أوجبه الله من جهاد مثلهم.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
قال بعض أئمة أهل البيت النبوي والعترة الطاهرة :
" وقد تأملت كلماتهم فرأيت قوماً أعمى الهوى بصائرهم ، فلم يبالوا بما ترتب على مقالاتهم من المفاسد .
ألا ترى إلى قولهم : إن عمر قاد علياً بحمائل سيفه وحصر فاطمة فهابت ، فأسقطت ولدا اسمه المحسن ، فقصدوا بهذه الفرية القبيحة والغباوة التي أورثتهم العار والبوار والفضيحة وإيغار الصدور على عمر رضي الله عنه ، ولم يبالوا بما يترتب على ذلك من نسبة على رضي الله عنه الى الذل والعجز والخور بل ونسبة جميع بنى هاشم وهم أهل النخوة والنجدة والأنفة إلى ذلك العار اللاحق بهم الذي لا أقبح منه عليهم ، بل ونسبة جميع الصحابة رضي الله عنهم إلى ذلك، وكيف يسع من له أدنى ذوق أن ينسبهم إلى ذلك مع ما استفاض وتواتر عنهم من غيرتهم لنبيهم صلى الله عليه وآله وسلم وشدة غضبهم عند انتهاك حرماته حتى قاتلوا وقتلوا الآباء والأبناء في طلب مرضاته لا يتوهم إلحاق أدنى نقص أو سكوت على باطل بهؤلاء العصابة الكمل الذين طهرهم الله من كل رجس ودنس ونقص على لسان نبيه في الكتاب والسنة ، بواسطة صحبتهم له صلى الله عليه وآله وسلم وموته وهو عنهم راض وصدقهم في محبته واتباعه إلا عبداً أضله الله وخذله فباء منه تعالى بعظيم الخسار والبوار ، وأحله الله تعالى نار جهنم وبئس القرار "
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
[مِسعَرُ حَرب
7-3-2012, 02:33 PM
شبهات حول الصديق رضي الله عنه -10- :
http://i.cubeupload.com/r1g3ON.png
شبهة جهل الصديق ببعض المسائل الشرعية :
ومنها : أن أبا بكر ما كان يعلم بعض المسائل الشرعية ، فقد أمر بقطع يد السارق اليسرى ، واحرق لوطياً ، لم يعلم مسألة الجدة والكلالة ، فلا يكون لائقاً للإمامة غذ العلم بالأحكام الشرعية من شروط الإمامة بإجماع الفريقين.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
الجواب عن الأمر الأول أن قطع يد السارق اليسرى في السرقة الثالثة موافق للحكم الشرعي .
فقد روى الإمام محيى السنة البغوى في ( شرح السنة ) عن ابي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حق السارق (( إن سرق فأقطعوا يده ، ثم إن سرق فاقطعوا رجله ، ثم إن سرق فاقطعوا يده ، ثم إن سرق فأقطعوا رجله )) .
قال البغوي : أتفق أهل العلم على أن السارق أول مرة تقطع يده اليمنى ، ثم إذا سرق ثانياً تقطع رجله اليسرى ، ثم إذا سرق ثالثاً تقطع يده اليسرى بناء على قول الأكثر ، ثم إذا سرق رابعاً تقطع رجله اليمنى ثم إذا سرق بعده يعزر ويحبس .
والذى قطع أبو بكر يده اليسر كان في المرة الثالثة فحكمه موافق لحكمة صلى الله عليه وآله وسلم .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
والجواب عن الثاني أن الصديق لم يحرق أحداً في حال الحياة ، لأن الرواية الصحيحة إنما جاءت عن سويد عن أبي ذر أنه امر بلوطي فضربت عنقه ثم أمر به فأحرق ، وإحراق الميت لعبرة الناس جائز كالصلب ، ولذلك فإن الميت لا تعذيب له بمثل هذه الأمور لعدم الحياة .
وعلى فرض تسليم روايتهم فالذى يجيبون به عن إحراق علي بعض الزنادقة فهو جوابنا ، وقد ثبت ذلك في كتبهم ، فقد روى المرتضى الملقب عندهم بعلم الهدي في كتاب ( تنزيه الأنبياء والأئمة ) أن علياً أحرق رجلاً أتى غلاماً في دبره .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
والجواب عن الثالث أن هذا الطعن لا يوجب إلزام أهل السنة ، إذ العلم بجميع الأحكام بالفعل ليس شرطاً في الإمامة عندهم ، بل الإجتهاد .
ولما لم تكن النصوص مدونه في زمنه ولا روايات الأحاديث مشهورة في ايام خلافته استفسر من الصحابة .
أما مسألة الجدة والكلالة فليست بدعاً من المجتهدين ، إذ يبحثون عن مدارك الأحكام ويسألون من أحاط بها علماً ، ولهذا رجع علي في بيع أمهات الأولاد إلى قول عمر ، وذلك لا يدل على عدم علمه ، بل هذا التفحص والتحقيق يدل على أن أبا بكر الصديق كان يراعي في أحكام الدين كمال الاحتياط ويعمل في قواعد الشريعة بشرائط الاهتمام التام .
ولهذا لما أظهر المغيرة مسألة الجدة سأله : هل معك غيرك ؟ وإلا فليس التعدد شرطاً في الرواية ، فهذا الأمر في الحقيقة منقبه عظمى له . وقد روى عبدالله بن بشر أن علياً سئل عن مسألة فقال (( لا علم لي بها )) .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
جواب آخر: أن قول القائل: إن أبا بكر يجهلُ هذا، من أظهر الكذب.
ولو قُدِّر أن أبا بكر كان يجيز ذلك، لكان ذلك قولاً سائغاً؛ لأن القرآن ليس في ظاهره ما يعيِّن اليمين، لكن تعيين اليمين في قراءة ابن مسعود: «فاقطعوا أيمانهما» وبذلك مضت السنة.
ولكن أين النقل بذلك عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قطع اليسرى؟ وأين الإسناد الثابت بذلك؟ وهذه كتب أهل العلم بالآثار موجودة ليس فيها ذلك، ولا نقل أهل العلم بالاختلاف ذلك قولاً، مع تعظيمهم لأبي بكر رضي الله عنه .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
رد آخر على زعمهم أنه لو كان أهلاً للخلافة لما قال لهم (أقيلونى أقيلونى) لأن الإنسان لا يستقيل من الشىء إلا إذا لم يكن أهلاً له .
وجوابها : منع الحصر فيما عللوا به ، فهو من مفترياتهم ، وكم وقع للسلف والخلف التورع عن أمورهم لها أهل وزيادة ، بل لا تكمل حقيقة الورع والزهد إلا بالإعراض عما تأهل له المعرض ، وأما مع عدم التأهل فالإعراض واجب لا زهد، ثم سببه هنا أنه إما خشى من وقوع عجز ما منه عن استيفاء الأمور على وجهها الذي يليق بكماله له ، أو أنه قصد بذلك استبانة ما عندهم ، وأنه هل فيهم من يود عزله فأبرز ذلك كذلك ، فرآهم جميعهم لا يودون ذلك لو أنه خشى من لعنه صلى الله عليه وآله وسلم لإمام قوم وهم له كارهون ، فاستعلم أنه هل فيهم أحد يكرهه أو لا والحاصل أن زعم ذلك يدل على عدم أهليته غاية في الجهالة والغباوة والحمق فلا ترفع بذلك رأساً .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
[مِسعَرُ حَرب
14-3-2012, 12:39 PM
شبهات حول الفاروق رضي الله عنه -1- :
http://i.cubeupload.com/tqPitH.png
إلقام الحجر لمن طعن في نسب عمر
"الإمام السيوطي"
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
هذا هو نسب امير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الحقيقي وليس الذي يفتريه الرافضه فهم معروفين بالكذب والحقد على امير المؤمني عمر رضي الله عنهأولا : اسمه ونسبه : هو عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبدالعزى بن رياح بن عبدالله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي القرشي العدوي . أبو حفص (1)
ثانيا : اسم أمه ونسبها : هي حنتمه بنت هاشم بن المغيره بن عبدالله بن عمر بن مخزوم . وقيل حنتمه بنت هشام بن المغيره فعلى هذا تكون أخت أبي جهل وعلى الأول تكون أبنت عمه. قال أبو عمر ومن قال ذالك يعني بنت هشام فقد اخطأ ولو كانت كذلك لكانت أخت أبي جهل والحارث ابني هشام وليسا كذلك إنما هي أبنت عمهما لأنه هاشماَ وهشاما ابني المغيره أخوان . فهاشم والد حنتمه وهشام والد الحارث وأبي جهل وكان يقال لهاشم جد عمر( ذو الرمحين ) .
وقال أبن منده : أم عمر أخت أبي جهل قال أبو نعيم : هي بنت هشام أخت أبي جهل وأبو جهل خاله . ورواه عن ابن إسحاق .
وقال الزبير : حنتما بنت هاشم فهي أبنت عم أبي جهل كما قال أبو عمر وكان لهاشم أولاد فلم يعقبوا . (2)
أما أم حنتمه : فهي الشفاء بنت عبد قيس بن عدي بن سعد بن سهم بن عمرو بن هصيص وقد كان لهاشم بن المغيره ولد فلم يعقبوا . (3)
ثالثاَ : اسم الخطاب ونسبه : هو الخطاب بن نفيل بن عبدا لعزى بن رياح بن عبدالله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي القرشي العدوي . أمه حيه بنت جابر بن أبي حبيب الفهميه . وولد نفيل بن عبدالعزى : الخطاب بن نفيل, وعبد نهم (4) لا بقيه له قتل في الفجار , وأمهما : حيه بنت جابر بن أبي حبيب , بن فهم و أخوهما لأمهما : زيد بن عمر بن نفيل . (5)
قلت : هذا هو نسب أميرالمؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الصحيح و ليس الذي يرويه الرافضة في كتبهم لان الرافضة معروفين بالكذب و الزندقة وحقدهم على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
أما الأحاديث التي رواها المجلسي في بحار الأنوار في الجزء ( 31 ) صفحه ( 203 ) باب نسب عمر وولادته ووفاته وبعض نوادر أحواله وما جرى بينه وبين أمير المؤمنين صلوات الله عليه رقم ( 26 ) :
الحديث الأول الذي رواه قال :
1- تفسير القمي : قال علي بن إبراهيم : ثم حرم الله عز وجل نكاح الزواني فقال : ( الزاني لا ينكح إلا زانيه أو مشركه والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك حرم ذلك على المؤمنين ) (6) وهو رد على من يستحل التمتع بالزواني والتزويج بهن وهن المشهورات المعروفات بذلك في الدنيا لا يقدر الرجل على تحصينهن .
و نزلت هذه الآية في نساء مكة كن مستعلنات بالزنا : ساره و حنتمه (7) و الرباب كن يغنين بهجاء رسول الله فحرم الله نكاحهن وجرت بعدهن في النساء من أمثالهن . (8)
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
أقول : عندما رجعت إلى المصدر الذي أشار إليه ( تفسير القمي ) وجدت هذا السند هكذا ( وفي رواية أبي الجار ود عن أبي جعفر ع ) (9) ثم ذكر نفس الحديث السابق وانظر ماذا قال علماء الرافضة عن أبي الجار ود :
أ- قال الكشي في رجاله :
حكي أن أبا الجار ود سمي سرحوب ونسبت إليه السرحوبيه من الزيديه وسماه بذلك أبو جعفر ع وذكر إن سرحوبا اسم شيطان أعمى يسكن البحر وكان أبو الجار ود مكفوفا أعمى , أعمى القلب .
وذكر بعض الأحاديث التي تدل على أن أبي الجار ود فاسق أعمى البصر والقلب (10)
ب- وقال العلامة الحلي :
زياد بن المنذر أبو الجارود الهمداني بالدال المهملة الخارقي بالخاء المعجمه بعدها ألف وراء مهملة و قاف و قيل الحرقي بالحاء المضمومة المهملة والراء والقاف الكوفي الأعمى التابعي زيدي المذهب واليه تنسب الجاروديه من الزيديه كان من أصحاب أبي جعفر عليه السلام روي عن الصادق عليه السلام وتغير لما خرج زيد ( رض ) وروي عن زيد وقال ابن الغضائري حديثه في حديث أصحابنا اكثر منه في الزيديه و أصحابنا يكرهون ما رواه محمد بن سنان عنه ويعتمدون ما رواه محمد بن بكر الارجني وقال الكشي زياد بن المنذر أبو الجار ود الأعمى السرحوب بالسين المهملة المضمومة والراء والحاء المهملة والباء المنقطع تحتها نقطه واحده بعد الواو مذموم ولا سبه في ذمه ويسمى سرحوبا باسم شيطان أعمى يسكن البحر . (11)
قلت : فيتبين لكل قارئ منصف إن هذا الحديث ضعيف لا يحتج به لان الأمام المعصوم عند الرافضة وهو أبي جعفر قد طعن في راوي الحديث وهو أبو الجارود السرحوب .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
2- الحديث الثاني وقال المجلسي :
وقال العلامة نور الله ضريحه في كتاب كشف الحق وصاحب كتاب إلزام النواصب : روى الكلبي وهو من رجال أهل السنه (12) في كتاب "المثالب" قال : كانت صهاك أمه حبشيه لهاشم بن عبد مناف فوقع عليها نفيل بن هاشم ثم وقع عليها عبد العزى بن رياح فجاءت بنفيل جد عمر بن الخطاب.
وقال الفضل بن روزبهان الشهرستاني في شرح بعد القدح في صحة النقل : إن أنكحت الجاهلية على ما ذكره أرباب التواريخ على أربعة اوجه : منها : أن يقع جماعه على أمراه ثم إن ولد منها ولد يحكم فيه القائف أو تصدق المرأة وربما كان هذه من أنكحت الجاهلية .
و أورد عليه شارح الشرح : بأنه لو صح ما تحقق زنا في الجاهلية . لماعد مثل ذلك في المثالب وكان كل من وقع على أمراه كان ذلك نكاحا منه عليها ولم يسمع من أحد إن من انكحة الجاهلية كون أمراه واحده في يوم واحد أو شهر واحد في نكاح جماعه من الناس . (13)
قلت : أما كلام الفضل بن روزبهان الشهرستاني , فهو صحيح ولكن ليس موضوعنا انكحة الجاهلية بل نسب عمر بن الخطاب رضي الله عنه
والرواية التي أوردها صاحب كتاب كشف الحق الذي لا يعرف الحق مردودة عليه لأنه كذب وقال إن الكلبي من رجال أهل ألسنه وهذا كذب كما سوف نبين فيما بعد . (14)
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ثم عاد المجلسي للكذب من جديد ويحاول أن يوهم القراء بكذبه وقال : ثم إن الخطاب على ما ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب : ابن نفيل بن عبدالعزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب القرشي وأمه حنتمه بنت هاشم بن المغيره بن عبد الله بن عمر بن مخزوم قال وقالت طائفة في أم عمر : حنتمه بنت هشام بن المغيره ومن قال ذلك فقد اخطأ ولو كانت كذلك لكانت أخت أبي جهل بن هشام والحارث بن هشام بن المغيره وليس كذلك وإنما هي بنت عمه لان هشام بن المغيره والحارث بن هشام بن المغيره إخوان لهاشم والد حنتمه أم عمر وهشام والد الحارث وأبي جهل . (15)
قلت : هذا كذب لان المجلسي ذكر إن ابن عبدالبر ذكر في الاستيعاب قال : ( ثم إن الخطاب على ما ذكره ابن عبدالبر في الاستيعاب ابن نفيل ....الخ ) هذا الكذب يتضح لكل قارئ عندما يرجع إلى كتاب الاستيعاب وقال الآتي : عمر بن الخطاب بن نفيل ...الخ . ثم ذكر نفس الكلام السابق . وهو حاول أن يبين إن اسم أم الخطاب مثل اسم أم عمر وهذا كذب لان المجلسي اسقط اسم عمر من ترجمة ابن عبد البر في الاستيعاب . (16)
أما الذي أورده المجلسي عن محمد بن شهراشوب وقال : وحكى بعض لصحابنا عن محمد بن شهراشوب وغيره : إن صهاك كانت أمه حبشيه لعبد المطلب و كانت ترعى له الإبل فوقع عليها نفيل فجاءت بالخطاب .
ثم إن الخطاب لما بلغ الحلم رغب في صهاك فوقع عليها فجاءت بابنه فلفتها في خرقه من صوف ورمتها خوفا من مولاها في الطريق . فرآها هاشم بن المغيره مرمية فأخذها ورباها وسماها حنتمه فلما بلغت رآها الخطاب يوما فرغب فيها وخطبها من هاشم فانكحها إياه فجاءت بعمر بن الخطاب فكان أبا وجدا و خالا لعمر وكانت حنتمه أما وأختا وعمه له فتدبر . (17)
أقول : إن محمد بن شهراشوب من علماء الرافضة ولم يحدد المجلسي من أين نقل عن ابن شهراشوب هذا الكلام ولا نعلم هل هذا الخبر من كذب المجلسي أو من الأخبار الضعيفة كالعادة .
وقال صاحب كتاب الكنى والألقاب عباس القمي : ابن شهراشوب : رشيد الدين ابوجعفر محمد بن علي بن شهراشوب السروري المازندراني فخر الشيعة ومروج الشريعة محيي آثار المناقب والفضائل والبحر المتلاطم الزخار ... الخ . (18)
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
3- الحديث الثالث :
قال : وجدت في كتاب عقد الدرر لبعض الأصحاب بإسناده عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن ابن الزيات عن الصادق ع
انه قال : كانت صهاك جاريه لعبد المطلب وكانت ذات عجز وكانت ترعى الإبل وكانت حبشيه وكانت تميل إلى النكاح فنظر إليها نفيل جد عمر فهواها وعشقها في مرعى الإبل فوقع عليها فحملت منه بالخطاب فلما أدرك البلوغ نظر إلى أمه صهاك فأعجبه عجزها فوثب عليها فحملت منه بحنتمه فلما ولدتها خافت من أهلها فجعلتها في صوف وألقتها بين اشحام مكة فوجدها هشام بن المغيره بن الوليد فحملها إلى منزله ورباها وسماها بالحنتمه و كانت شيمة العرب انه من ربى يتيما يتخذه ولدا فلما بلغت حنتمه نظر إليها الخطاب فمال إليها وخطبها من هشام فتزوجها فأولد منها عمر فكان الخطاب أباه وجده وخاله وكانت حنتمه أمه وأخته وعمته , وينسب إلى الصادق ( ع ) في هذا المعنى :
من جده خاله ووالده وأمه أخته وعمته اجدر أن يبغض الولي وان ينكر يوم الغدير بيعته. (19)
قلت : وهذا الحديث ضعيف لا يحتج فيه لان فيه علتين :
الأولى : إن أبا حنتمه ليس هشام ولكنه هاشم .
الثانية : ورجعت إلى المصدرالذي أشار إليه المجلسي الكذاب (عقد الدرر ) ووجدت إن المجلسي حرف يحيى بن محبوب ووضع الحسن بن محبوب بدلا عنه لان الحسن بن محبوب ثقة و أما يحيى بن محبوب فهو مجهول .
أما ما ذكره المجلسي عن ابن أبي الحديد فقال : قال ابن أبي الحديد في شرح قوله عليه السلام " لم يسهم فيه عاهر ولا ضرب فيه فاجر " في الكلام رمز إلى جماعه من أصحابه في أنسابهم طعن وكما يقال : إن آل سعد بن أبي وقاص ليسوا من زهره بن كلاب وانهم من بني عذره من قحطان وكما يقال : إن آل الزبير بن العوام من ارض مصر من القبط , وليسوا من بني أسد بن عبد العزى . (20)
ثم قال : قال شيخنا أبو عثمان في كتاب مفاخرات قريش : بلغ عمر بن الخطاب إن أناسا من رواة الأشعار حملت الآثار يقصبون الناس ويثلبونهم في أسلافهم فقام على المنبر فقال : إياكم وذكر العيوب والبحث عن الأصول فلو قلت : لا يخرج القوم من هذه الأبواب إلا من لا وصمه فيه لم يخرج منكم أحد .
فقال رجل من قريش نكره أن نذكره فقال : إذا كنت أنا وأنت يا أمير المؤمنين نخرج فقال : كذبت بل كان يقال لك يا قين بن قين اقعد .
قلت: الرجل الذي قام هو المهاجر بن خالد بن الوليد بن المغيره المخزومي وكان عمر يبغض أباه خالدا ولان المهاجر كان علوي الرأي جدا وكان أخوه عبد الرحمن مع معاوية وكان المهاجر مع علي يوم الجمل وفقئت ذلك اليوم عينه لكن الكلام الذي بلغ عمر بلغه من المهاجر.
وكان الوليد بن المغيره مع جلالته في قريش وكونه ريحانة قريش ويسمى العدل ويسمى الوحيد حدادا يصنع الدروع بيده ذكر ذلك فيه ابن قتيبه في كتاب المعارف .
وروى أبو الحسن المدائني هذا الخبر في كتاب أمهات الخلفاء وقال انه روي عنه جعفر بن محمد عليه السلام في المدينه فقال : لا تلمه يا أبن أخي انه أشفق أن يحدج بقصة نفيل بن عبدالعزى وصهاك أمة الزبير بن عبد المطلب ثم قال : رحم الله عمر فانه لم يعدو السنه وتلا " إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب اليم " (21) انتهى .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
بيان : قال الجوهري : حدجه بذنب غيره رماه به انظر كيف بين عليه السلام رداءة نسب عمر وسبب مبالغته في النهي عن التعرض للأنساب ثم مدحه تقيه . (22)
و أقول : إن ابن أبي الحديد هذا معتزلي شيعي وقال عنه القمي : عز الدين عبد الحميد بن محمد بن محمد بن الحسين بن أبي الحديد المدائني الفاضل الأديب المؤرخ الحكيم الشاعر شارح نهج البلاغة الكرمه وصاحب القصائد السبع المشهورة كان مذهبه الاعتزال كما شهد لنفسه في إحدى قصائده في مدح أمير المؤمنين ( ع ) بقوله :
ورأيت دين الاعتزال وإنني . . . . أهوى لاجلك كل من يتشيع
وذكره الالوسي في مختصر التحفه الاثنى عشريه فقال :
الفرق الرابعة الشيعة الغلاة : هم عبارة عن القائلين بألوهية الأمير علي كرم الله وجهه , ونحوه من الهذيان . قال الجد روح الله روحه : وعندي إن ابن أبي الحديد في بعض عباراته ـ وكان يتلون تلون الحرباء وكان من هذه الفرقة , وكم له في قصائده السبع الشهيرة من هذيان , كقوله يمدح الأمير كرم الله تعالى وجهه :
ألا إنما الإسلام لولا حسامه . . . . كعفطة عنز أو قلامة ظافر .(23)
وقوله :
يجل عن الأعراض والاين والمتى . . . . ويكبرعن تشبيهه بالعناصر.(24)
وقال أيضا :
تقليت أخلاق الربوبيه التي . . . . عذرت بها من شك انك مربوب .(25)
ومنه سرق الطوفي الرافضي قوله في أبي بكر وعلي رضوان الله وسلامه عليهما :
كم بين من شك في خلافته . . . . وبين من قيل انه الله . (26)
قلت : فلا حجه في كلام ابن أبي الحديد لأنه من غلاة الشيعة الذين يألهون علي بن أبي طالب رضي الله عنه ويحقدون على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
4- الحديث الرابع قال المجلسي :
وما أومى إليه من قصة أمة الزبير , هو ما رواه الكليني طيب الله تربته في روضة الكافي عن الحسين عن احمد بن هلال عن زرعة عن سماعه قال : تعرض رجل من ولد عمر بن الخطاب بجاريه رجل عقيلي فقالت له : إن هذا العمري قد آذاني , فقال لها عديه وادخليه الدهليز , فأدخلته , فشد عليه فقتله و ألقاه فالطريق. فاجتمع البكريون والعمريون والعثمانيون , وقالوا : ما لصاحبنا كفو ولن نقتل به إلا جعفر بن محمد , وما قتل صاحبنا غيره , وكان أبو عبد الله (ع) قد مضى نحو قبا , فلقيته وقد اجتمع القوم عليه , فقال : دعهم , قال : فلما جاءوا وراءه وثبوا عليه , وقالوا : ما قتل صاحبنا أحد غيرك , وما نقتل به أحد غيرك ! فقال : لتكلمني منكم جماعه , فاعتزل قوم منهم , فاخذ بأيديهم فادخلهم المسجد , فخرجوا وهم يقولون شيخنا أبو عبد الله جعفر بن محمد , معاذ الله أن يكون مثله يفعل هذا , ولا يأمر به , فانصرفوا . قال : فمضيت معه فقلت : جعلت فداك ما كان اقرب رضاهم من سخطهم؟! قال : نعم دعوتهم فقلت : امسكوا وإلا أخرجت الصحيفة ! فقلت : ما هذه الصحيفة جعلني الله فداك ؟ فقال : أم الخطاب كانت أمة للزبير بن عبد المطلب , فسطر بها نفيل فاحبها , فطلب الزبير فخرج هاربا إلى الطائف . فخرج الزبير خلفه فبصرت به ثقيف , فقالوا له : يا أبا عبد الله ما تعمل هاهنا ؟ قال : جاريتي سطر بها نفيل , فهرب منه إلى الشام . وخرج الزبير في تجاره له إلى الشام فدخل على ملك الدومه فقال له : يا أبا عبد الله لي إليك حاجه , قال : وما حاجتك أيها الملك ؟ فقال : رجل من اهلك قد أخذت ولده , فاحب أن ترده عليه , قال : ليظهر لي حتى اعرفه , فلما أن كان من الغد دخل على الملك فلما رآه الملك ضحك , فقال : ما يضحكك أيها الملك : ما أظن هذا الرجل ولدته عربيه , لما رآك قد دخلت لم يملك أسته إن جعل يضرط ! فقال : الملك إذا صرت إلى مكة قضيت حاجتك . فلما قدم الزبير تحمل عليه ببطون قريش كلها , أن يدفع إليه ابنه , فأبى ثم تحمل عليه بعبد المطلب فقال : ما بيني وبينه عمل , أما علمتم ما فعل في ابني فلان ولكن امضوا انتم إليه . فقصدوه وكلموه , فقال لهم الزبير : إن الشيطان له دوله وان ابن هذا ابن الشيطان , وليس آمن أن يترأس علينا , ولكن ادخلوه من باب المسجد على أن احمي له حديد واخط في وجهه خطوطا , وكتب عليه وعلى ابنه ألا يتصدر في مجلس , ولا تأمر على أولادنا ولا يضرب معنا بسهم. قال : ففعلوا وخط وجهه بالحديد , وكتب عليه الكتاب , فذلك الكتاب عندنا , فقلت لهم : إذا أمسكتم وإلا أخرجت الكتاب ففيه فضيحتكم , فامسكوا .
وتوفى مولى لرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخلف وأرثا وخاصم فيه ولد العباس أبا عبد الله عليه السلام .
وكان هاشم بن عبد الملك قد حج في تلك السنه فجلس لهم , فقال : داود بن علي : الولاء لنا وقال أبو عبد الله بل الولاء لي , فقال داود بن علي إن أباك قاتل معاوية, فقال : والله لأطوقنك غدا أطواق الحمام فقال له داود بن علي : كلامك هذا أهون علي من بعرة وادي الأزرق . فقال : أما انه واد ليس لك ولا لأبيك فيه حق , قال فقال هشام : إذا كان غدا جلست لكم . فلما أن كان من الغد خرج أبو عبد الله ومعه كتاب في كرباسه وجلس لهم هشام . فوضع أبو عبد الله الكتاب بين يديه فلما قراه قال : ادعوا لي الجندل الخزاعي وعكاشة الضميري وكانا شيخين قد أدركا الجاهلية فرمى الكتاب إليهما فقال : تعرفون هذه الخطوط؟ قالا : نعم خط العاص بن أميه وقال هشام : يا أبا عبد الله أرى خطوط أجدادي عندكم ؟ فقال : نعم قال : قضيت. بالولاء لك قال فخرج وهو يقول :
إن عادت العقرب عدنا لها . . . . وكانت النعل لها حاضرة
قال قلت : ما هذا الكتاب جعلت فداك ؟ قال : فان نثيله كانت أمة لأم الزبير ولأبي طالب وعبد الله فأخذها عبد المطلب فأولدها فلان فقال له الزبير : هذه الجارية ورثناها من أمنا وابنك هذا عبد لنا فتحمل عليه ببطون قريش .
قال فقال : أجبتك على خله على أن لا يتصدر ابنك هذا في مجلس ولا يضرب معنا بسهم فكتب عليه كتابا واشهد عليه فهو هذا الكتاب . (27)
قلت : هذا الحديث ضعيف فيه احمد بن هلال الكرخي العبرتائي وذكره :
1- ابن داود في رجاله فقال :
احمد بن هلال ابن جعفر . العبرتائي بالعين المهملة المفتوحة والباء المفردة المفتوحة والراء الساكنة والتاء المثناه فوق والمد . منسوب إلى عبرتا قريه بناحية اسكاف ( كش ) صالح الرواية يعرف منها وينكر وقد روى فيه ذموم كثيره من سيدنا أبي محمد العسكري عليه السلام ( كش ) مذموم ملعون ( ست ) غال متهم في دينه ( غض ) أرى التوقف في حديثه إلا فيما رواه عن الحسن بن محبوب من كتاب المشيخة و محمد بن أبي عمير من نوادره وقد سمع هذين الكتابين منه جله أصحابنا و اعتمدوه فيها ولد سنة ثمانين ومائه ومات سنه سبع وستين ومائتين . ( 28)
وذكره في كتابه أيضا في , فصل فيمن وردة فيه اللعنه . (29)
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
2- الطوسي في الفهرست أيضا :
احمد بن هلال العبرتائي . عبرتا قريه بناحية اسكاف بني جنيد ولد سنة ثمانين ومائه ومات سنة سبع وستين ومائتين وكان غاليا متهم في دينه وقد روى اكثر أصول أصحابنا . (30)
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
3- الحلي في رجاله :
احمد بن هلال العبرتائي . بالعين المهملة والباء المنقطعة تحتها نقطه واحده وبعدها راء ثم التاء المنقطعة فوقها نقطتين منسوب إلى عبرتا قريه بناحية اسكاف بني مائه ومات سنة تسع وستين ومائتين . قال النجاشي انه صالح الرواية يعرف منها وينكر . وتوقف ابن الفضائري في حديثه إلا في ما يرويه عن الحسن بن محبوب من كتب المشيخة ومحمد بن أبي عمير من نوادره وقد سمع هذين الكتابين جل أصحاب الحديث واعتمدوه فيها . وعندي إن روايته غير مقبولة . (31)
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
5- الحديث الخامس ذكر المجلسي في البحار :
قد مر في باب كفر الثلاثة من تفسير علي بن إبراهيم (32) في تفسيره قول الله تعالى " ذرني ومن خلقت وحيدا " بإسناد عن أبي عبد الله عليه السلام انه قال : الوحيد ولد الزنى وهو زفر إلى آخر الآية . (33)
قلت : وعندما رجعة إلى تفسير علي بن إبراهيم القمي وجدت هذه الرواية هكذا : " قال حدثنا أبو العباس قال حدثنا يحيى بن زكريه عن علي بن حسان عن عمه عبد الرحمن بن الكثير عن أبي عبد الله ع في قوله " ذرني ومن خلقت وحيدا " قال الوحيد ولد الزنى وهو زفر . (34)
قلت : وهذه الرواية ضعيفة لان فيها علي بن حسان وعنه عبد الرحمن بن كثير وقالوا علماء الرافضة فيهم التالي :
1- قال الكشي في رجاله : في علي بن حسان الواسطي وعلي بن حسان الهاشمي :
قال محمد بن مسعود سالت علي بن الحسن بن علي بن فضال عن علي بن حسان قال عن أيهما سألت أما الواسطي فهو ثقة وأما الذي عندنا يروي عن عمه عبد الرحمن بن كثير فهو كذاب وهو واقفي أيضا ولم يدرك أبا الحسن موسى عليه السلام . ( 35 )
2- ووافق العلامة الحلي كلام الكشي . ( 36 )
3- وقال النجاشي في رجاله : علي بن حسان بن كثير الهاشمي مولى عباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس . ضعيف جدا ذكره بعض أصحابنا في الغلاة فاسد الاعتقاد له كتاب تفسير الباطن تخليط كله . ( 37 )
قلت : أما عمه عبد الرحمن بن كثير فقال عنه النجاشي في رجاله :
1- عبد الرحمن بن كثير الهاشمي مولى عباس بن محمد بن علي بن عبدالله
بن عباس كان ضعيفا غمزه أصحابنا عليه وقالوا كان يضع الحديث . له كتاب فضل سورة أنا أنزلناه اخبرنا احمد بن عبد الواحد قال حدثنا علي بن حبشي قال حدثنا احمد بن محمد بن لاحق قال حدثنا علي بن الحسن بن فضال عن علي بن حسان عن عمه عبد الرحمن بن كثير به . وله كتاب صلح الحسن عليه السلام .
اخبرنا محمد بن جعفر الأديب في آخرين قال حدثنا احمد بن محمد قال حدثنا محمد بن مفضل بن إبراهيم بن قيس بن رمانه الأشعري عن علي بن حسان عن عمه عبد الرحمن بن كثير بكتاب الصلح . وله كتاب فدك وكتاب ألاظله كتاب فاسد مختلط . ( 38 )
2- وقال ابن داود في رجاله :
عبد الرحمن بن كثير الهاشمي مولى عباس بن محمد بن علي بن عبدالله بن العباس كان ضعيفا غمز بعض أصحابنا فيه وقالوا كان يضع الحديث .( 39)
3- وقال العلامة الحلي نفسه .( 40 )
قلت : إن هذا الحديث ضعيف جدا لان عبد الرحمن كان يضع الحديث وعلي بن حسان ضعيف جدا .
فبينا ضعف الأحاديث السابقة كلها و لا يوجد عند الرافضة دليل صحيح على دعواهم الباطلة فلعنة الله على الكاذبين .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
أما ما ذكرته مجلة المنبر الرافضية في العدد ( 13 ) السنه الثانية ربيع الأول 1422 هجري ذكر الكاتب عبد العزيز قمبر في ( خط احمر!! ) :
"ويصعب ـ للوهلى الأولى استيعاب هذه الشبكة المعقدة فأم هذا الرجل هي في الوقت نفسه أخته وعمته ! وأبوه هو في الوقت ذاته جده وخاله ! فيما جدته هي أيضا زوجة عمه !!.
وعندما يترك الحديث للتاريخ , فانه يقول : (( وأما تفصيل نسبه وبيانه فهو إن ( نفيل ) كان عبدا لكلب بن لؤي بن غالب القرشي فمات عنه ثم وليه عبد المطلب وكانت ( صهاك ) قد بعثت لعبد المطلب من الحبشة فكان ( نفيل ) يرعى جمال عبد المطلب و ( صهاك ) ترعى غنمه وكان يفرق بينهما في المرعى . فاتفق يوما اجتماعهما في مراح واحد فهواها وعشقها ( نفيل ) وكان قد البسها عبد المطلب سروالا من الأديم ( الجلد المدبوغ ) وجعل عليه قفلا وجعل مفتاحه معه لمنزلتها منه ( 41 ) فلما راودها قالت : مالي إلى ما تقول سبيل وقد ألبست هذا الأديم ووضع عليه قفل فقال( نفيل ) : أنا احتال عليه . فاخذ سمنا من مخيض الغنم ودهن به الأديم وما حوله من بدنها حتى استله إلى ****** و واقعها فحملت منه ( بالخطاب ) فلما ولدته ألقته على بعض المزابل بالليل خفيه من عبد المطلب فالتقطت ( الخطاب ) أمراه يهودية جنازه وربته فلما كبر كان يقطع الحطب فسمي الخطاب لذلك بالحاء المهملة فصحف بالمعجمة ( 42 ) وكانت ( صهاك ) ترتاده في الخفية فراها ذات يوم وقد تطأطأت عجيزتها ولم يدر من هي فوقع عليها فحملت منه ( بحنتمه ) فلما وضعتها ألقتها على مزابل مكة خارجها فالتقطها هاشم بن المغيره بن الوليد ورباها فنسبت إليه ( 43 ) فلما كبرت وكان( الخطاب ) يتردد على هشام فرأى ( حنتمه ) فأعجبته فخطبها إلى هشام فزوجه إياها فولدت الرجل وكان الخطاب والده لانه أولد حنتمه إياه حيث تزوجها وحده لانه سافح صهاك فاولدها حنتمه والخطاب من أم واحده وهي صهاك !!.))"
"ولم يورد هذه المعلومة قاص خيالي لقصص ألف ليله وليله ! بل أوردها اشهر نسابه في الإسلام وهو محمد بن السائب الكلبي الذي يقول عنه عز الدين بن الأثير الجزري وهو من أكابر علماء السنه في كتابه المشهور ( أسد الغابة في معرفة الصحابة ) : إن الكلبي واحد من النسابين الكبار حيث لا يرقى إليه من انتحلها من المؤرخين والمحدثين وهو من أقواهم في الأنساب في مالو راجعنا ابن خلكان في و فيات الأعيان . كما روى ( قصة النسب العظيم ) هذه النساب أبو مخنف لوط بن يحيى الازدي في كتابه المعروف ( الصلابة في معرفة الصحابة ) وكذلك في كتاب ( التنقيح في النسب الصريح ) . ( 44 )"
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
قلت :إن هذا الكذب قد ورثوه الرافضة أبا عن جدلأنهم يعلمون إن أنسابهم ملوثه بالمتعة فيريدون أن يطعنوا بأنساب الأشراف أمثال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه و لكن لم يستطيعوا إلا عن طريق الكذب الذي قام عليه دينهم المنحرف .
أما النسابة الذين يدعون الرافضة انهم من رجال أهل السنه و يطعنون بنسب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهم :
الأول : محمد بن السائب الكلبي وهو شيعي سبأي :
قال أبو بكر بن خلاد الباهلي عن معتمر بن سليمان عن أبيه : كان في الكوفة كذابان أحدهما الكلبي . وقال عمرو بن الحصين عن معتمر بن سليمان عن ليث ابن أبي سليم : بالكوفة كذابان : الكلبي والسدي يعني محمد بن كروان . وقال عباس الدوري عن يحيى بن معين : ليس بشيء وقال معاوية بن صالح عن يحيى بن معين : ضعيف . وقال أبو موسى محمد بن المثنى : ما سمعت يحيى ولا عبدالرحمن يحدثان عن سفيان عن الكلبي . وقال البخاري : تركه يحيى بن سعيد وابن مهدي . وقال عباس الدوري عن يحيى بن يعلي المحاربي : قيل لزائده : ثلاثة لا تروي عنهم : أبن أبي ليلى وجابر الجعفي والكلبي . قال : أما أبي ليلى فبيني وبينه آل ابن أبي ليلى حسن فلست اذكره و أما جابر الجعفي فكان والله كذابا يؤمن بالرجعة و أما الكلبي فكنت اختلف إليه فسمعته يقول يوما : مرضت مرضه فنسيت ما كنت احفظ فأتيت آل محمد فتفلوا في فمي فحفظت ما كنت نسيت . فقلت : والله لا اروي عنك شيئا فتركته . وقال الاصمعي عن أبي عوانه : سمعت الكلبي يتكلم بشيء من تكلم به كفر . وقال مره : لو تكلم به ثانيه كفر فسألته عنه فجحده .
وقال عبد الواحد بن غياث عن ابن مهدي : جلس إلينا أبو جزء على باب أبي عمرو بن العلاء فقال : اشهد إن الكلبي كافر . قال فحدثت بذلك يزيد بن زريع فقال : سمعته يقول : اشهد انه كافر . قال : فماذا زعم ؟ قال : سمعته يقول : كان جبريل يوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقام النبي صلى الله عليه وسلم لحاجه وجلس علي فأوحى إلى علي . قال يزيد : أنا لم اسمعه يقول هذا , ولكني رايته يضرب على صدره ويقول : أنا سبايء . قال أبو جعفر العقيلي : هم صنف من الرافضة أصحاب عبد الله بن سبا . ( 45 )
الثاني : أبو مخنف لوط بن يحيى الازدي وهو شيعي أيضا :
قال يحيى بن معين : ليس بثقة وقال أبو حاتم : متروك الحديث وقال الدارقطني : أخباري ضعيف . ( 46 )
وقال عنه القمي صاحب كتاب الكنى والألقاب الشيعي الشهير :
لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف بن سليم الازدي شيخ أصحاب الأخبار بالكوفة ووجههم كما عن ( جش ) وتوفى سنة 157 يروي عن الصادق ( ع ) ويروي عن هشام الكلبي وجده مخنف بن سليم صحابي شهد الجمل في أصحاب علي ( ع ) حاملا راية الازد فاستشهد في تلك الواقعة سنة 36 وكان أبو مخنف من أعاظم مؤرخي الشيعة ومع اشتهار تشيعه اعتمد عليه علماء السنه في النقل عنه كالطبري وابن الأثير وغيرهما ( 47 )
قلت : وبعد ما بينا إن الكلبي وأبو مخنف من رجال الشيعة وليسوا من رجال أهل السنه وهم من الكذابين المعروفين فلا حجه في طعنهم في أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
شبهات والرد عليها :
1- من هي صهاك ؟ هي أسطورة لم نجد لها اصل في كتب المسلمين ولكن يوجد لها ذكر في كتب الرافضة المعروفين في الكذب أمثال المجلسي وغيره من الذين يحقدون على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
2- من هي حنتمه هل هي أخت أبي جهل أم بنت عمه ؟ هي بنت عمه لان اسم حنتمه هو حنتمه بنت هاشم بن المغيره أما اسم أبو جهل هو عمرو بن هشام بن المغيره . وهشام وهاشم ابني المغيره .
3- ما هو اسم أم الخطاب ؟ هي حيه بنت جابر بن أبي حبيب , من فهم . وليست كما يدعون الزنادقة .
4- هل المعادلة المزعومة تنطبق على نسب أميرالمؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه . وهي الأب = الجد = الخال . و الأم = الأخت =العمة ؟
اصل هذه المعادلة من روايات الرافضة المكذوبة والتي بينا ضعفها من قبل والتي تفرد بذكرها الرافضة الكذابين أمثال المجلسي وغيره وسوف أبين كذب هؤلاء الرافضة في هذه المعادلة أيضا :
1- يقصد بالأب الخطاب : وهذا صحيح , لان أبو عمر هو الخطاب
2- ويقصد بالجد إن الخطاب هو أبو حنتمه : وهذا كذب لان أبو حنتمه هو هاشم بن المغيره وليس الخطاب .
3- ويقصد بالخال إن الخطاب أخو حنتمه من صهاك : وهذا كذب أيضا لان أم الخطاب اسمها ( حيه ) أما أم حنتمه فهي ( الشفاء ) فيتبين انهم ليسوا من أم واحده وهي صهاك .
4- ويقصد بالأم حنتمه : وهذا صحيح , لان أم عمر حنتمه .
5- ويقصد بالأخت إن حنتمه ابنة الخطاب من صهاك : وهذا كذب لان أبو حنتمه هو هشام بن المغيره وليس الخطاب .
6- ويقصد بالعمة إن حنتمه أخت الخطاب من صهاك : وهذا كذب لان أم الخطاب اسمها ( حيه ) أما أم حنتمه فهي ( الشفاء ) فيتبين انهم ليسوا من أم واحده وهي صهاك .
فبعد ما بينا إن هذه المعادلة من افتراء الرافضة على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله وهذا يأكده قول شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله إن الرافضة هم اكذب الطوائف على الإطلاق .
5- كيف يكون الخطاب عم و أخو زيد بن عمرو بن نفيل ؟
لان نفيل عنده اكثر من زوجه فالخطاب أمه ( حيه ) وعمرو أمه ( قلابة ) فعندما توفا نفيل ورث عمرو زوجة أبيه ( حيه ) فولدت له زيد فعلى هذا يكون الخطاب عم و أخو زيد من أمه وهذا عرف سائد في الجاهلية أن يرث الرجل زوجة أبيه لانهم كانوا يرون إن زوجة الأب تورث .
6- ما هو سبب نزول آية( يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤ كم ) المائدة 101 ؟
هناك اكثر من سبب لنزول هذه الايه :
1- حديث البخاري , عن انس رضي الله تعالى عنه قال : خطب النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم خطبه ما سمعت مثلها قط وقال : لو تعلمون ما اعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا , قال : فغطى أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وجوههم , لهم خنين فقال رجل من أبي قال : فلان فنزلت هذه الايه ( لا تسألوا عن أشياء إن تبدلكم تسؤ كم ) .
2- حديث البخاري أيضا عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان قوم يسألون رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم استهزاء فيقول الرجل من أبي ؟ ويقول الرجل : تضل ناقته : أين ناقتي ؟ فانزل الله فيهم هذه الايه ( يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبدلكم تسؤكم ) حتى فرغ من الايه .
3- حديث الطبري عن محمد بن زياد قال : سمعت أبا هريرة يقول : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال : " يا أيها الناس كتب الله عليكم الحج " فقام محصن الاسدي فقال : أفي كل عام يا رسول الله ؟ فقال " أما أني لو قلت نعم لوجبت ولو وجبت ثم تركتم لضللتم اسكتوا عني ما سكت عنكم فإنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم " فانزل الله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبدلكم تسؤكم )
إلى آخر الايه .
فهذه ثلاث أسباب لان الأول وهو عبدالله بن حذافه لم يسال استهزاء لكن قال الحافظ في الفتح ج 9 ص 351 : لا مانع أن يكون الجميع سبب نزولها والله اعلم . وقال ص 352 : والحاصل انهما نزلت بسبب كثرة المسائل , أما على سبيل الاستهزاء والامتحان , و أما على سبيل التعنت عن الشيء الذي لو لم يسال عنه لكان على الاباحه .
أما الزيادة التي فيها إن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قام فقال : رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا وبالقران إماما , فهي صحيحه ولكن تفسير الرافضة لها غير صحيح لانهم يقولون إن عمر رضي الله عنه قام يطلب العفو لكي لا يفضح نسبه , و كما بينا من قبل إن نسب أمير الؤمنين اطهر واشرف من انساب الرافضة أولاد المتعة واحفاذ المجوس , و لكنه قام لأنه فهم إن تلك الاسئله قد تكون على سبيل التعنت أو الاستهزاء أو الشك فخشى أن تتنزل العقوبة بسبب ذلك فقال رضينا بالله ربا ...الخ , وهذا من حرصه رضي الله عنه على رضى الرسول صلى الله عليه وسلم فرضى الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك , وكان من الممكن لو لا لم يقم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه لنزلت العقوبة على المسلمين .
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
الهوامش :
1- يلتقي نسب أمير المؤمنين مع الرسول صلى الله عليه وسلم في كعب
2- أسد ألغابه ج 4 ص 137- 138
3- نسب قريش ص 301
4- عبد نهم اسم رجل وهو أخو الخطاب
5- نسب قريش ص 347
6- سورة النور آيه ( 3 )
7- ويقصد حنتمه أم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه
8- بحار الأنوار ج 31 ص 203
9- تفسير القمي ج2 ص 95- 96
10- رجال الكشي ص 229
11- رجال العلامة الحلي ص 223
12- وهذا كذب لان الكلبي ليس من رجال أهل السنه كما سيأتي ص 12
13- بحار الأنوار ج 31 ص 203 - 204
14- راجع ص 14 - 15
15- بحار الأنوار ج 31 ص 204
16- الاستيعاب ج ص
17- بحار الأنوار ج 31 ص 204
18- الكنى والألقاب ج 1 ص 321- 322
19-بحار الأنوار ج 31 ص 304 - 205
20- وهذا كذب ليس عليه دليل
21- سورة النور آيه ( 11 )
22- بحار الأنوار ج 31 ص 206
23- ولاحظ كيف يدعي إن الإسلام لولى حسام علي رضي الله عنه لكان كعفطة عنز والعياذ بالله
24- ولاحظ كيف يصف علي رضي الله عنه بصفات الله تعالى
25- وهنا يقول يعذر من شك إن علي رضي الله عنه مربوب
26- ويقصد في من شك في خلافته هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه ويقصد من قيل انه الله بعلي بن أبي طالب رضي الله عنه
27- بحار الأنوار ج 31 ص 206 - 208
28- رجال بن داود ص 425
29 رجال بن داود ص 551
30- الفهرست للطوسي ص 36
31- رجال العلامة الحلي ص 202
32- هو صاحب التفسير المشهور تفسير القمي
33- بحار الأنوار ج 31 ص 209
34- تفسير القمي ج 2 ص 395
35- رجال الكشي ص 451
36- رجال العلامة الحلي ص 233
37- رجال النجاشي ص 251
38- رجال النجاشي ص 234
39- رجال بن داود ص 474
40- رجال العلامة الحلي ص 239
41- انظر خيال الرافضة العجيب
42- وهذا جهل مركب لان الذي يقطع الحطب يسمى حطاب وليس خطاب
43- حنتمه لم تنسب إلي هشام ولكن نسبت إلي أبيها هاشم
44- إن الكلبي وأبو مخنف من الشيعة الكذابين كما سوف نبين بعد قليل
45- تهذيب الكمال ج 25 ص 246 - 253 رقم 5234
46- سير أعلام النبلاء ج 7 ص 301
47- الكنى والألقاب ج 1 ص 148 - 149
[مِسعَرُ حَرب
21-3-2012, 01:51 PM
شبهات حول الفاروق رضي الله عنه -2- :
http://i.cubeupload.com/aE2iir.png
القول بأن عمر يخالف النبي صلى الله عليه وسلم :
شبهة ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم يمتثل لأوامر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وضاق صدره من قضاء الرسول في صلح الحديبية بل ودفع بقية الصحابة للتخلّف عن أوامر النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
(مر الكلام على هذه الشبهة)
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
قولهم أن عمر رضي الله عنه يخالف النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن ذلك ما حصل عندما حكموا بأن النبي أخطأ في قضية أسرى بدر وأصاب عمر بن الخطاب، ويروون في ذلك روايات مكذوبة بأنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((لو أصابنا الله بمصيبة لم يكن ينج منها إلا بن الخطاب))
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
الرد:
ثبت في الصحيح أن عمر قد وافقه ربه في عدة أمور فقد أخرج البخاري في صحيحه عن أنس قال (( قال عمر: وافقتُ ربي في ثلاث: فقُلتُ يا رسول الله، لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلّى فنزلت { واتخذوا من مقام إبراهيم مصلّى }. وآية الحجاب، قلت: يا رسول الله، لو أمرت نساءك أن يحتجبن، فإنه يكلِّمهن البرُّ والفاجر فنزلت آية الحجاب، واجتمع نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الغيرة عليه فقلت لهنَّ: عسى ربه إن طلَّقكنَّ أن يُبدلَهُ أزواجاً خيراً منكُنَّ فنزلت هذه الآية ))
وأخرجه البخاري في موضع آخر بلفظ (( قال عمر: وافقت ربي في ثلاث، أو وافقني ربي في ثلاث، قلت: يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر، فلو أمرت أمّهات المؤمنين بالحجاب، فأنزل الله آية الحجاب، قال: وبلغني معاتبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعض نسائه، فدخلتُ عليهن، قلت: إن انتهيتُنَّ أو ليبدِّلنّ الله رسوله صلى الله عليه وآله وسلم خيراً منكن، حتى أتيت إحدى نسائه قالت: يا عمر، أما في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما يعظُ نساءه، حتى تعظهنّ أنت؟ فأنزل الله { عسى ربُهُ إن طلَّقكنّ أن يبدِّله أزواجاً خيراً منكنَّ مُسلِمات }. الآية ))
أخرج مسلم في صحيحه عن ابن عمر قال (( قال عمر: وافقت ربي في ثلاث في مقام إبراهيم، وفي الحجاب، وفي أسارى بدر ))
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وأخرج أيضاً عن عمر من حديث طويل ((... قال ابن عباس: فلما أسروا الأُسارى قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي بكر وعمر: ما ترون في هؤلاء الأُسارى؟ فقال أبو بكر يا نبي الله! هم بنوا العمّ والعشرة، أرى أن تأخذ منهم فدية، فتكون لنا قوة على الكفار فعسى الله ان يهديهم للإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ما ترى يا ابن الخطاب؟ قلت: لا والله يا رسول الله! ما أرى الذي رأى أبو بكر، ولكني أرى أن تمكّنا فنضرب أعناقهم، فمتُكّن علياً من عقيل فيضرب عنقه، وتُمكّني من فلان (نسيباً لعمر) فأضرب عنقه، فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها، فهوِي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما قال أبو بكر ولم يهْوَ ما قلتُ، فلما كان من الغد جئت فإذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبو بكر قاعدين يبكيان، قلت يارسول الله: أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك، فإن وجدت بكاءً بكيت وإن لم أجد بكاءً تباكيتُ لبكائكما، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أبكي للذي عرض عليّ أصحابك من أخذهم الفداء، لقد عرض عَليّ عذابهم أدنى من هذه الشجرة (شجرة قريبة من نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم) وأنزل الله عز وجل { ما كان لنبيٍ أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض إلى قوله فكلوا مما غنمتم حلالاً طيباً } ، فأحلّ الله الغنيمة لهم ))
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وهذه الروايات كما ترى ثابته وصحيحة وإذا قال عنها هذا الطاعن روايات مكذوبة فليُظهر ذلك بالدليل الواضح، لا بالجهل الفاضح والعقل الخرب، وهذه الروايات لا تعني أبداً أن بعض الصحابة عندهم من العلم والتقوى أكثر من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فالرسول يجتهد في بعض الأمور التي لم ينزل بها الوحي، بحسب المصلحة وليس كل ما يصدر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعتبر وحياً كما صلّى على رأس المنافقين عبد الله بن أبي فقال له عمر(( يا رسول الله تصلّي عليه وقد نهاك ربك أن تصلي عليه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إنما خيرني ربي فقال { استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة }وسأزيده على السبعين، قال: إنه منافق، قال: فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأنزل الله { ولا تصلِّ على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره } ))
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وهذا الأمر ثابت بالكتاب، كما هو واضح، وثبت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في سَوْقه الهدْي في حجة الوداع (( لو استقبلت من أمري ما استدبرت، ما أهديت، ولولا أن معي الهدْي لأحللت ))
وأيضاً عندما رجع لرأي زوجتاه عائشة وحفصة عندما حلف أن لا يشرب عسلاً عند زينب بنت جحش فأنزل الله قوله { يا أيها النبي لم تحرّم ما أحل الله لك تبتغي مرضاتَ أَزواجك والله غفور رحيم } ( التحريم 1) فلو كان كل ما يقوم به عن طريق الوحي لما نزل القرآن يبين له هذه الأمور وليس أن يوافق الله في حادثة أو أكثر أحد الصحابة يُعتبر هذا إنقاص من قدر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو أن بعض الصحابة يملكون علماً أكثر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلا يقول ذلك إلا من هو أجهل الناس بأفعال النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد ثبت أن النبي كان يستشير أصحابه في كثير من الأمور التي لم ينزل بها الوحي كما في قضية الأسرى.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
أما رواية أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لو أصابنا الله بمصيبة لم يكن ينج منها إلا ابن الخطاب!؟)
فهي باطلة.
وبالطبع لم يعزوها لأي مصدر لأنها مكذوبة وباطلة متناً قبل البحث في سندها، فكيف يصيب الله نبيه صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه الكرام بمصيبة! وليس كذلك فقط فالمصيبة يقع بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وجميع أصحابه أللهم إلا عمر !؟ فلا حول ولا قوة إلا بالله.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
[مِسعَرُ حَرب
22-3-2012, 11:03 AM
شبهات حول الفاروق رضي الله عنه -2- :
http://i.cubeupload.com/OgxDFm.png
شبهة في عدالة عمر رضي الله عنه :
قالوا : (( وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإننا نسمع الكثير عن عدل عمر الذي سارت به الركبان حتى قيل ( عدلت فنمت ) وقيل دفن عمر واقفاً لئلا يموت العدل معه وفي عدل عمر حدّث ولا حرج، ولكن التاريخ الصحيح يحدثنا بأن عمر حين فرض العطاء في سنة عشرين للهجرة لم يتوّخ سُنة رسول الله ولم يتقيّد بها، فقد ساوى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بين جميع المسلمين في العطاء فلم يفضّل أحداً على أحد، واتّبعه في ذلك أبو بكر مدة خلافته (!)، ولكن عمر بن الخطاب اخترع طريقة جديدة وفضّل السابقين على غيرهم وفضل المهاجرين من قريش على غيرهم من المهاجرين، وفضل المهاجرين كافة على الأنصار كافة، وفضّل العرب على سائر العجم، وفضّل الصريح على المولى وفضل مضر على ربيعة، ففرض لمضر ثلاثمائة ولربيعة مائتين وفضّل الأوس على الخزرج، فأين هذا التفضيل من العدل يا أولي الألباب؟ )).
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
نعم كان عمر يفضّل بالعطاء وليس ذلك مما يعاب عليه لأنه لا يوجد دليل في وجوب التسوية في العطاء ولم يقل به أحد من أهل العلم، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان أحياناً يفضّل بالعطاء فقد أخرج البخاري في صحيحه عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال (( قسّم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم خيبر للفرس سهمين وللراجل سهماً، قال: فسّره نافع فقال: إذا كان مع الرجل فرس فله ثلاثة أسهم، فإن لم يكن معه فرس فله سهم )).
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
- والمجوّزون للتفضيل قالوا: بل الأصل التسوية، وكان أحيانا، يفضّل، فدلّ على جواز التفضيل، وهذا القول أصح: أن الأصل التسوية، وأن التفضيل لمصلحة راجحة جائز.
وعمر لم يفضّل لهوى ولا حابى، بل قسّم المال على الفضائل الدينية، فقدَّم السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، ثم من بعدهم من الصحابة، ثم من بعدهم وكان ينقص نفسه وأقاربه عن نظائرهم، فنقص ابنه وابنته عمّن كانا أفضل منه، وإنما يطعن في تفضيل من فضَّل لهوى، أما من كان قصده وجه الله تعالى وطاعة رسوله، وتعظيم من عظّمه الله ورسوله وتقديم من قدّمه الله ورسوله فهذا ُيمدح ولا يُذم، ولهذا كان يُعطي علياً والحسن والحسين ما لا يعطي لنظائرهم، وكذلك سائر أقارب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولو سوّى لم يحصل لهم إلا بعض ذلك . .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
- قسم عمر أهل العطاء إلى طبقات: الطبقة الأولى فئة البدرّيين من المهاجرين، ثم فئة البدرّيين من الأنصار، ثم المهاجرين الذين لم يشتركوا في بدر، ثم الأنصار الذين لم يشتركوا في بدر واشتركوا في بقية الغزوات، ثم الذين شهدوا الحديبية وفتح مكة، ثم الذين اشتركوا في فتح القادسية واليرموك، ثم فرض لأناس رواتب خاصة منهم الحسن والحسين، وكان يساوي بين العربي والمولى بخلاف ما يقوله هذا الطاعن، فقد أعطى أهل بدر العرب والموالي على السواء وكتب إلى أمراء الجند: ومن أعتقتم من الحمراء الموالي فأسلموا فألحقوهم بمواليهم، لهم ما لهم وعليهم ما عليهم، وإن أحبوا أن يكونوا قبيلة وحدهم فاجعلوهم أسوتكم في العطاء والمعروف.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
[مِسعَرُ حَرب
24-3-2012, 12:49 PM
شبهات حول الفاروق رضي الله عنه -3- :
http://i.cubeupload.com/DYuf0y.png
شبهة جهل عمر بالأحكام
إدعاء البعض على عمر بالجهل كقولهم: (( ونسمع عن علم عمر بن الخطاب الكثير الذي لاحصر له حتى قيل أنه أعلم الصحابة وقيل أنه وافق ربّه في كثير من آرائه التي ينزل القرآن بتأييدها في العديد من الآيات التي يختلف فيها عمر والنبي. ولكنّ الصحيح من التاريخ يدلّنا على أنّ عمر لم يوافق القرآن حتى بعد نزوله، عندما سأله أحد الصحابة أيام خلافته فقال: ياأمير المؤمنين إني أجنبت فلم أجد الماء فقال له عمر: لا تصلّ واضطّر عمار بن ياسر أن يذكّره بالتيمم ولكن عمر لم يقنع بذلك وقال لعمار: إنا نحمّلك ما تحملت، فأين علم عمر من آية التيمّم المنزّلة في كتاب الله وأين علمه من سنة النبي الذي علّمهم كيفية التيمم كما علّمهم الوضوء )).
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
- لم يرو البخاري هذا الأثر بهذا اللفظ، إنما جاء عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه قال (( جاء رجل إلى عمر بن الخطاب فقال: إني أجنبت فلم أُصب الماء، فقال عمار بن ياسر لعمر بن الخطاب: أما تذكر أنّا كنّا في سفر أنا وأنت، فأما أنت لم تُصلِّ، وأما أنا فتمعّكت فصلّيت، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : إنما كان يكفيك هكذا، فضرب النبي صلى الله عليه وآله وسلم بكفيه الأرض ونفخ فيهما، ثم مسح بهما وجهه وكفيه )) .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
- من المعلوم أن عمر بن الخطاب كان لا يجيز للجنب التيمم ويأخذ بظاهر قوله تعالى { وإن كنتم جُنباً فاطّهروا } وقوله { ولا جُنُباً إلا عابري سبيل حتى تغْتسلوا } وبقي عمر كذلك حتى ذكره عمار بالحادثة بينهما ولكنه لم يتذكر ذلك، ولهذا قال لعمار كما جاء في رواية مسلم، اتّق الله يا عمار قال النووي شارح مسلم (( معنى قول عمر ( اتق الله يا عمار ) أي فيما ترويه وتتثبّت فيه، فلعلك نسيت أو اشتبه عليك، فإني كنت معك ولا أتذكرشيئاً من هذا )) ولما قال له عمار:إن شئت لم أحدّث به فقال له عمر: نوليك ما توليت وليس نحملك ما تحملت (( أي لا يلزم من كوني لا أتذكّره أن لا يكون حقاً في نفس الأمر، فليس لي منعك من التحدّث به )) فكلّ ما في الأمر أن عمر لم يتذكر هذه الحادثة وأعتقد أنه ليس معصوماً حتى يُجعل هذا مما يعاب عليه.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
- وأما قوله ( فأين عمر من آية التيمم المنزلة في كتاب الله، وأين علمه من سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي علّمهم كيفية التيمم كما علّمهم الوضوء )
فهذا لا يدل إلا على عظيم جهله وسخفه، فعمر يعلم هذه الآية ولم يجهلها ويعلم كيفيّة التيمم، ولكن المشكلة عنده هي هل تشمل الجنب أم لا؟ فالله سبحانه يقول { وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحدٌ منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماءً فتيمموا صعيداً طيباً } وعمر لم ير الجنب داخلاً في هذه الآية، والملامسة التي في الآية فسّرها بملامسة اليد لا بالجماع لذلك كان يرى وجوب الوضوء لمن لمس المرأة.
ثم يقول ((... وتجرّأ على كتاب الله وسنة رسوله فحكم في خلافته بأحكام تخالف النصوص القرآنية والسنة النبوية الشريفة ))
ويقول في موضع آخر (( وكان عمر بن الخطاب يجتهد ويتأول مقابل النصوص الصريحة من السنن النبوية بل في مقابل النصوص الصريحة من القرآن الحكيم فيحكم برأيه، كقوله: متعتان كانتا على عهد رسول الله وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما ))
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
فأقول وبالله التوفيق:
بالنسبة لتحريم متعة الحج فالصحيح أن عمر لم يحرّمها نهي تحريم، وإنما كان يريد إرشاد الناس إلى ما هو أفضل والنهي هنا هو نهي أولوية للترغيب في القران بدل التمتع بالعمرة إلى الحج، وحتى لايخلو بيت الله الحرام من المعتمرين باقي أيام السّنة، ولأن التمتّع كان من السهولة بحيث تُرك الاعتمار في غير أشهر الحج، ولهذا أراد عمر ألاّ يخلوا بيت الله من المعتمرين فنهاهم عن التمتع على سبيل الإختيار لا على التحريم، وإلا فقد ثبت عن عمر إباحته فعن ابن عباس قال (( سمعت عمر يقول والله إني لا أنهاكم عن المتعة، وإنها لفي كتاب الله، وقد فعلها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعني العمرة في الحج )) وعن الصُّبي بن معبد في جزء من الحديث أنه قال لعمر: إني أحرمت بالحج والعمرة، فقال له عمر: هديت لسنة نبيك صلى الله عليه وآله وسلم ، ولا شك أن الاعتمار في غير أشهر الحج أفضل من المتعة باتفاق الكثير من الفقهاء.
ثبت أيضاً عن أبي ذر أنه كان يحرِّم متعة الحج مطلقاً كما ثبت ذلك في صحيح مسلم عن إبراهيم التيِّمي عن أبيه عن أبي ذر رضي الله عنه قال (( كانت المتعة في الحج لأصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم خاصة ))، وأبو ذر من الصحابة المرضيين عندكم فإذا كان الخطأ في مسألة يقتضي القدح والطعن فينبغي أن يشمل أبو ذر أيضاً اللهم إذا كانت القضية هي البحث عن مثالب عمر فقط!
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وبالنسبة لمتعة النساء فلم يحرِّمها عمر من تلقاء نفسه بل لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حرَّمها فقد أخرج مسلم في صحيحه عن الربيع بن سبرة الجهني أن أباه حدَّثه، أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال (( يا أيها الناس إني قد كنت أذنتُ لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرَّم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهنَّ شيء فليخلِّ سبيله ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً ))
وأخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عن الزهري عن الحسن بن محمد بن علي، وأخوه عبد الله عن أبيهما (( أن علياً رضي الله عنه قال لابن عباس: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن المتعة، وعن لحوم الحمر الأهلية، زمن خيبر ))
فنكاح المتعة حُرِّم عام الفتح ولا إشكال في الرواية الأخرى التي فيها أنها حرِّمت يوم خيبر والصحيح أنها لم تحرَّم عام خيبر (( بل عام خيبر حرِّمت لحوم الحمر الأهلية، وكان ابن عباس يبيح المتعة ولحوم الحمر فأنكر علي بن أبي طالب رضي الله عنه ذلك عليه، وقال له: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حرَّم متعة النساء وحرَّم لحوم الحمر يوم خيبر، فقرن علي رضي الله عنه بينهما في الذِّكْرِ لما روى ذلك لابن عباس رضي الله عنهما، لأن ابن عباس كان يبيحهما. وقد روى ابن عباس رضي الله عنه أنه رجع عن ذلك لمَّا بلغه حديث النهي عنهما ))ولهذا كان سفيان بن عيينة يقول (( قوله ( يوم خيبر) يتعلق بالحمر الأهلية لا بالمتعة ))وقال (( أبو عوانة في صحيحة سمعت أهل العلم يقولون: معنى حديث علي أنه نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر، وأما المتعة فسكت عنها وإنما نُهي عنها يوم الفتح ))وقيل أنها حرِّمت يوم خيبر ثم أبيحت، ثم حرِّمت مرة أخرى، وعلى العموم فقد ثبت تحريمها بالاتفاق عام الفتح من فم النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
لقد اعترف بهذه الحقيقة بعض علماء الإمامية وبيَّن أن متعة النساء حرِّمت في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأن عمر لم يحرَّمها من تلقاء نفسه وقد أقرَّه على ذلك علي بن أبي طالب رضي الله عنه فيقول (( إن النظرية الفقهية القائلة بأن المتعة حُرِّمت بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب يفندها عمل الامام علي الذي أقر التحريم في مدة خلافته ولم يأمر بالجواز وفي العرف الشيعي وحسب رأي فقهائنا عمل الامام حجة لا سيما عندما يكون مبسوط اليد ويستطيع إظهار الرأي وبيان أوامر الله ونواهيه. والامام علي كما نعلم اعتذر عن قبول الخلافة واشترط في قبولها أن يكون له اجتهاده في ادارة الدولة. فإذن اقرار الامام علي على التحريم يعني أنها كانت محرمه منذ عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولولا ذلك لكان يعارضها ويبين حكم الله فيها وعمل الامام حجة على الشيعة ولست أدري كيف يستطيع فقهائنا أن يضربوا بها في عرض الحائط ))
ومن هنا نعلم أن (( أهل السنة اتبعوا علياً وغيره من الخلفاء الراشدين فيما رووه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ،والشيعة الاثني عشرية خالفوا علياً فيما رواه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، واتبعوا قول من خالفه )).
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ولما لم يعلم الكثير من الناس بأمر التحريم نبه على ذلك عمر وأعلنه للناس فعن ابن عمر قال (( لما ولي عمر بن الخطاب، خطب الناس فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أذن لنا في المتعة ثلاثاً، ثم حرمها. والله! لا أعلم أحداً يتمتع وهو محصن إلا رجمته بالحجارة. إلا أن يأتيني بأربعة يشهدون أن رسول الله أحلَّها بعد إذ حرمها )) لذلك قال سعيد بن المسيب (( رحم الله عمر لولا أنه نهى عن المتعة لصار الزنا جهاراً ))
فأسأل هذا الطاعن هل عرفت حقاً من يخالف النصوص القرآنية والأحاديث النبوية إنهم شيعتك الذين هديت إليهم فحيهلا من هداية!
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ثم يقول ((... وهذا عمر يقول:لولا علي لهلك عمر ))
فأقول:
هذه الجملة لها سبب وهو أن عمر أراد أن يرجم امرأة فأخبره علي بأنها مجنونة فترك حدَّها وقال هذه المقولة وفي أثر آخر أن عمر أراد أن يرجم امرأة حامل فنبهه علي فقال هذه المقولة، والذي أشار إلى ذلك ابن عبد البر في الاستيعاب ومحب الطبري في الرياض النضرة، إضافة إلى ابن المطهر الذي ذكر هاتين الروايتين بهذا السياق، وأما بالنسبة للرواية الأولى فقد ذكرها أحمد في الفضائل، عن ابن ظبيان الجنبي أن عمر بن الخطاب (( أتى امرأة قد زنت فأمر برجمها فذهبوا بها ليرجموها فلقيهم علي فقال ما لهذه؟ قالوا زنت، فأمر عمر برجمها فانتزعها علي من أيديهم وردهم فرجعوا إلى عمر فقال ما ردكم؟ قالوا ردنا يعني علي، قال ما فعل هذا علي إلا لشيء قد علمه فأرسل إلى علي فجاء وهو شبه المغضب فقال ما لك رددت هؤلاء؟ قال أما سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المبتلي حتى يعقل؟ قال بلى قال علي هذه مبتلاة بني فلان فلعله أتاها وهو بها. فقال عمر لا أدري قال وأنا لا أدري فلم يرجمها ))، وقد تتبعت الرواية من مظانها فلم أجد في أي منها مقولة عمر (( لولا علي لهلك عمر ))!
المقولة نفسها تثبت عدم قول عمر لهذه المقولة وهي أنه كان لا يعرف بجنون المرأة عندما قال ( لا أدري ) ولا شك أن عمر يكون في هذه الحالة معذور لأنه خفي عنه أمر المرأة ولا ذنب عليه فلماذا يقول إذاً لولا علي لهلك عمر؟ ولماذا يهلك عمر؟! فإن كان قال ذلك تواضعاً منه فهل هذا مما يعتبر ذماً له!؟
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
أما الرواية الأخرى وهي أن عمر أراد أن يرجم امرأة حامل فقد بحثت عنها فوجدت ابن أبي شيبة قد روى عن أبي سفيان عن أشياخه (( أن امرأة غاب عنها زوجها، ثم جاء وهي حامل فرفعها إلى عمر، فأمر برجمها فقال معاذ: إن يكن لك سبيل عليها فلا سبيل لك على ما في بطنها، فقال عمر: احبسوها حتى تضع، فوضعت غلاماً له ثنيتان، فلما رآه أبوه قال: ابني، فبلغ ذلك عمر فقال: عجزت النساء أن يلدن مثل معاذ، لولا معاذ هلك عمر ))
ثم قال ابن أبي شيبة ((حدثنا خالد الأحمر عن حجاج عن القاسم عن أبيه عن علي مثله ))
وفي سنده الحجاج وهو ابن أرطاه ضعيف، كثير التدليس، ويقول الذهبي (( الحجاج بن أرطاه لا يحتج به )) فهذه الرواية ضعيفة لا حجة فيها، أما الرواية التي ذكرها محب الطبري (( أن عمر أراد رجم المرأة التي ولدت لستة أشهر، فقال له علي: إن الله تعالى يقول { وحمله وفصاله ثلاثون شهراً } وقال تعالى { وفصاله في عامين } فالحمل ستة أشهر والفصال في عامين، فترك عمر رجمها وقال: لولا علي لهلك عمر، أخرجه العقيلي، وأخرجه ابن السمان عن أبي حزم بن أبي الأسود )) قلت: قوله أبو حزم خطأ والصواب أبو حرب بن أبي الأسود، وفي سند هذه الرواية عثمان بن مطر الشيباني
(( قال يحيى بن معين: ضعيف لا يكتب حديثه، ليس بشيء، وقال علي بن المديني: عثمان بن مطر ضعيف جداً، وقال أبو زُرعة: ضعيف الحديث، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث، منكر الحديث، وقال صالح البغدادي: لا يكتب حديثه، وقال أبو داود: ضعيف، وقال النسائي: ليس بثقة ))
(( وقال البخاري: منكر الحديث، وقال ابن حبان: كان عثمان بن مطر ممن يروي الموضوعات عن الأثبات ))
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ولو فرضنا أن هذه الروايات صحيحة، فهي لا تقدح في فضل عمر وعلمه، وليس هو معصوماً عن الوقوع في الخطأ والزلل حتى تصبح هذه القضية منقصة له، ولا تقدح في علمه ولا أن الله وضع الحق على لسانه، فقد وافق حكم الله في اكثر من قضية (( فإذا خفيت عليه قضية من مائة ألف قضية ثم عرفها أو كان نسيها فذكرها فأي عيب في ذلك ))(*)، والذي يدل على علمه وفقهه هو رجوعه إلى الحق وعدم تمسكه برأيه فهل في ذلك مذمة أو مثلبة؟
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ثم يقول (( وهذا عمر بن الخطاب يقول ( كل الناس أفقه من عمر حتى ربات الحجال ) ويسأل عن آية من كتاب الله فينتهر السائل ويضربه بالدرة حتى يدميه ويقول { لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم } )).
أقول هذه الرواية ليست بهذا اللفظ بل روي عنه قوله ( كل أحد أفقه من عمر) ولا شك أن لهذا القول سبب ولكن هذا الطاعن أخفاه ليوهم أن عمر يقول ذلك دون سبب، فالرواية بتمامها هي ما أخرجه سعيد بن منصور في سننه عن الشعبي قال (( خطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه الناس، فحمد الله وأثنى عليه، وقال: ألا لا تغالوا في صداق النساء، فإنه لا يبلغني عن أحد ساق أكثر من شيء ساقه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو سيق إليه إلا جعلت فضل ذلك في بيت المال، ثم نزل فعرضت له امرأة من قريش فقالت: يا أمير المؤمنين أكتاب الله أحق أن يتبع أم قولك؟ قال: بل كتاب الله عز وجل، فما ذلك؟ قالت: نهيت الناس آنفاً أن يغالوا في صداق النساء، والله عز وجل يقول في كتابه: { وءاتيتم إحداهن قِنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً } فقال عمر: ( كل أحد أفقه من عمر ) مرتين أو ثلاثاً، ثم رجع إلى المنبر فقال للناس: إني نهيتكم أن لا تغلوا في صداق النساء ألا فليفعل رجل في ماله ما بدا له ))
قلت: هذه الرواية باطلة سنداً ومتناً، فأما من ناحية السند: ففيه علّتان، الأولى الانقطاع، قال البيهقي عقب روايته: ( هذا منقطع ) لأن الشعبي لم يدرك عمر، يقول ابن أبي الرازي في كتاب ( المراسيل ) (( سمعت أبي وأبا زُرعة يقولان: الشعبي عن عمر مرسل ))والعلّة الثانية: أن في سنده مجالد وهو ابن سعيد، قال عنه البخاري (( كان يحي القطان، وكان ابن مهدي لا يروي عنه عن الشعبي ))
وقال النسائي (( كوفي ضعيف ))
وقال الجوزجاني (( مجالد بن سعيد يضعّف حديثه ))
وقال ابن عدي سألت أحمد بن حنبل عن مجالد فقال (( ليس بشيء، يرفع حديثاً منكراً لا يرفعه الناس وقد احتمله الناس، وقال ابن عدي أيضاً عامة ما يرويه غير محفوظ، وقال ابن معين، لا يحتج بحديثه وقال أيضاً: ضعيف واهي الحديث ))
وقال ابن حجر (( ليس بالقوي، لقد تغير في آخر عمره ))
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وأما من ناحية المتن: ففيه نكارة وذلك للأسباب التالية:(أ) أنه ثبت عن عمر صريحاً نهيه عن المغالاة في المهور بالسند الصحيح، فقد روى أبو داود عن أبي العجفاء السلمي قال (( خطبنا عمر فقال: ألا لا تغالوا بصُدْقِ النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا، أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم إمرأة من نسائه، ولا أُصْدِقَتِ امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشرة أوقية ))
فهذا الحديث الصحيح يظهر نهي عمر عن المغالاة في المهور وهو يظهر بطلان الرواية الأخرى.(ب) مخالفتها لنصوص صحيحة صريحة في الحث على عدم المغالاة في المهور وتيسير أمر الصداق منها: ما أخرجه أبو داود في سننه عن عمر قال (( خير النكاح أيسره))
وأيضاً ما أخرجه الحاكم وابن حبان في موارد الظمآن عن عائشة قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (( من يُمن المرأة تسهيل أمرها وقِلّة صداقها ))
وما أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال (( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إني تزوجت امرأة من الأنصار. فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم : هل نظرت إليها؟ فإن في عيون الأنصار شيئاً، قال: قد نظرت إليها، قال: على كم تزوجتها؟ قال: على أربعة أواق، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم : على أربع أواق؟ كأنّما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل، ما عندنا ما نعطيك، ولكن عسى أن نبعثك في بعث تصيب منه ))
وغير هذه الأحاديث التي تحث على تقليل الصداق.(ت) هذه الآية التي استدلت بها المرأة { وآتيتم إحداهُنَّ قِنطاراً } معترضة بمفهومها على عمر في نهيه عن المغالات في مهور النساء، لا تنافي توجيه عمر، فغاية ما تدل عليه جواز دفع القادر على الصداق الكثير المنوه عنه بالآية بالقنطار لا تكليف العاجز ما لا يقدر عليه أو يستطيعه، بدليل إنكار النبي على الرجل المتزوج امرأة من الأنصار بأربع أواق صنيعهما لكون ذلك لا يتناسب وحالهما أو لكثرته، هذا فيما لو كانت الآية تدل على المغالاة في المهور.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
أما وأنها لا تدل على إباحة المغالاة في الصداق لأنه تمثيل على جهة المبالغة في الكثرة، قال القرطبي رحمه الله بعد أن حكى قول من أجاز المغالاة في المهور (( وقال قوم: لا تعطي الآية جواز المغالاة، لأن التمثيل بالقنطار إنما هو على جهة المبالغة، كأنه قال: وآتيتم هذا القدر العظيم الذي لا يؤتيه أحد، وهذا كقوله صلى الله عليه وآله وسلم ( من بنى لله مسجداً ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتاً في الجنة) ومعلوم أنه لا يكون مسجداً كمفحص قطاة ))هذا من جهة وأما من جهة ثانية فما نقله أبو حيان عن الفخر الرازي أنه قال ( لا دلالة فيها على المغالاة لأن قوله تعالى { وآيتيم } لا يدل على جواز إيتاء القنطار، ولا يلزم من جعل الشيء شرطاً لشيء آخر كون ذلك الشرط في نفسه جائز الوقوع كقوله صلى الله عليه وآله وسلم ( من قتل له قتيل فأهله بين خيرتين )نستخلص مما سبق أن الآية الكريمة لا علاقة لها بإباحة غلاء المهور وأن نصها ومفهومها يفيدان أن الرجل القادر لو أحب إعطاء زوجته تطوعاً من نفسه فدفع إليها قنطاراً أو قناطير فهذا جائز، وهذا ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فقد قال (( ومن كان له يسار ووجد فأحب أن يعطي امرأته صداقاً كثيراً فلا بأس بذلك، كما قال تعالى { وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً} ))
وبعد هذا البيان نخلص إلى بطلان هذا الحديث سنداً متناً، ونعلم مقدار فقه وعلم عمر!
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
- أما قوله أن عمر ضرب من سأله عن آية بالدرة حتى أدماه وقال (لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ) والتي عزاها إلى سنن الدارمي وتفسير ابن كثير والدر المنثور، فقد بحثت عنها في هذه المصادر فلم أجد لها أثراً؟!؟ ولا يوجد لها أثر أصلاً، والحمد لله أن هذه الكتب موجودة في كل مكان.
ثم يقول (( وقد سئل عن معنى الكلالة فلم يعلمها، أخرج الطبري في تفسيره عن عمر أنه قال: لئن أكون أعلم الكلالة أحبّ إليّ من أن يكون لي مثل قصور الشام، كما أخرج ابن ماجة في سننه عن عمر بن الخطاب قال: ثلاث لئن يكون رسول الله بيّنهنّ أحب إليّ من الدنيا وما فيها الكلالة والربا والخلافة ))
فأقول:- هذا من التدليس الرخيص على القارئ ولتوضيح ذلك أنقل ما أخرجه مسلم في صحيحه عن معدان بن أبي طلحة (( أن عمر بن الخطاب خطب يوم جمعةٍ فذكر نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم وذكر أبا بكر. ثم قال: إني لا أدَعُ بعدي شيئاً أهم عندي من الكلالة، ما راجعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في شيء ما راجعته في الكلالة، ما أغلظ لي في شيء ما أغلظ لي فيه، حتى طعن بإصبَعهِ في صدري، وقال: يا عمر ألا تكفيك آيةُ الصيف التي في آخر سورة النساء؟ وإني إن أعش أقْض فيها بقضية، يقض بها من يقرأ القرآن ومن لا يقرأ القرآن ))
ومن هذا الحديث نعلم أنّ عمر لم تكن عدم معرفته بالكلالة سببه قصوره في العلم بل لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أراد له وللصحابة الاعتناء بالاستنباط من النصوص، فأخفى النص الصريح بذلك واكتفى بإرشاده إلى الآية التي تكفيه للوصول لمعنى الكلالة كما في قوله ( ياعمر! ألا تكفيك أية الصيف التي في آخر سورة النساء ) وهي قوله تعالى { يستفتونك قُل الله يُفْتيكم في الكَلالَة } ويقول النووي (( ولعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أغلظ له لخوفه من اتكاله واتكال غيره على ما نص عليه صريحاً وتركهم الاستنباط من النصوص وقد قال الله تعالى { ولو ردوه إلى الرسول وإلى أُولي الأمْرِ منهم لعلِمه الذين يستَنْبِطونه منهُم } فالاعتناء بالاستنباط من آكد الواجبات المطلوبة لأن النصوص الصريحة لا تفي إلا بيسير من المسائل الحادثة، فإذا أهمل الاستنباط فات القضاء في معظم الأحكام النازلة أو في بعضها والله أعلم ))
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وكان عمر يرى رأي أبي بكر في أن الكلالة من لا والد له ولا ولد وهذا ما اتفقت عليه جماهير العلماء ومن بعدهم وكان عليّ أيضاً يرى رأيهم، مما يدلل على عظيم علم عمر وفقهه، وكيف لا والرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول (( إن الله وضع الحق على لسان عُمر يقول به )).
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
- ذكر الطبري في تفسيره خمس عشرة أثراً عن عمر بن الخطاب في الكلالة منها حديث مسلم السالف الذكر، ولكن هذا الطاعن لا يستطيع أن ينفكّ من عقدة الإنصاف المصاب بها فلا ترى عيناه إلا قول عمر: لئن أعلم الكلالة، أحب إليّ من أن يكون لي مثل جزية قصور الروم. وليس قصور الشام كما نقل هذا الطاعن فسبحان الله حتى مجرّد النقل لا يحْسِنه فكيف بالإنصاف؟ أما هذا الأثر إن صح فغاية ما فيه أن عمر أراد معرفة الكلالة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم لكي يكون حكمه موافقاً للصواب، ولا أن يخضع للاجتهاد فقط، وهذا من حرصه على معرفة الحق والصواب في هذه المسألة فهل هذا مما يذم عليه؟!
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
- أما الخبر الذي أخرجه ابن ماجة في سننه عن عمر أنه قال: ثلاث لئن يكون رسول الله بينهن...الخ فهو منقطع لأن مرة بن شراحيل الهمداني لم يدرك عمر وضعّفه الألباني في ضعيف سنن ابن ماجة)فلا يحتج به لضعفه.
ثم يتابع فيقول (( ومن أول الصحابة الذين فتحوا هذا الباب على مصراعيه هو الخليفة الثاني الذي استعمل رأيه مقابل النصوص القرآنية بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فعطّل سهم المؤلّفة قلوبهم الذين فرض الله لهم سهماً من الزكاة وقال: لا حاجة لنا فيكم ))،
أقول:
- الاجتهاد والرأي ثابت عن سائر الصحابة منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ وابن مسعود وفي هذا يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم (( إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر ))
ولا يكون اجتهادهم مقابل النصوص فهذا من الجهل البيّن، بل اجتهادهم هو في فهم النصوص القرآنية والنبوية، أو في الأمور العارضة المستجدّة، (( لأن الصحابي شاهد التنزيل ووقف على حكمة التشريع وأسباب النزول ولازم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ملازمة طويلة أكسبته معرفة الشريعة ))
إضافة إلى أن بعض الصحابة كانوا يجتهدون بما يخالف النصوص لأنها لم تصلهم فإذا تبيّنوا الحق أنابوا إليه
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
- أما بالنسبة لعمر فإنه رأى أن سهم المؤلّفة قلوبهم كان يصرفه النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما كان المسلمون في ضعف تأليفاً لقلوبهم واتقاءً لشرّهم، أما والحال أنّ الأمة في قوة ومنعة، فإنه لا يجوز أن يُعطى هؤلاء الزكاة، ولا شك أن هذا هو اجتهاد عمر في هذه المسألة، وقد وافقه الصحابة على ذلك فكان إجماعاً منهم في وقته، ولا شك أن هذا ليس اجتهاداً في مقابل النص القرآني بل المراد من النص، ولكن أن يأتي في آخر القرن العشرين رويبض لا يفهم النصوص ومدلولاتها ولا يعلم الاجتهاد وصلاحيّاته، يظن نفسه أدرى من صحابي عايش النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتلّقى النصوص القرآنية والحديثية طرية نقية من فمه صلى الله عليه وآله وسلم ليدعي عليه أنه يجتهد في مقابل النصوص، ويسمح لنفسه من أول كتابه إلى آخره أن يفسر الآيات القرآنية والأخبار النبوية حسب الكم الهائل من الجهل والكذب والتدليس الذي يتمتع به فهذا هو المصاب الأليم.
3 لقد اجتهد عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه عندما قاتل في الجمل وصفين الذي أفضى بعد ذلك إلى قتل آلاف المسلمين، ولم يصل إلى ماقصده وطلبه، وبالطّبع لم يأتي بنص من النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعزز به دليله على القتال وإنما كان من رأيه ولم يوافقه عليه أكثر الصحابة، فإذا كان هذا من الاجتهاد المغفور لصاحبه فاجتهاد عمر أولى وأقنى.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ثم يقول (( وقد وقعت له حادثة أخرى مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلها تعطينا صورة أوضح لنفسية عمر الذي أباح لنفسه أن يناقش ويجادل ويعارض صاحب الرسالة تلك هي حادثة التبشير بالجنة إذ بعث رسول الله أبا هريرة وقال له من لقيته يشهد أن لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه فبشّره بالجنة، فخرج ليبشّر فلقيه عمر ومنعه من ذلك وضربه حتى سقط على إسته، فرجع أبو هريرة إلى رسول الله يبكي وأخبره بما فعل عمر فقال رسول الله لعمر ما حملك على ما فعلت؟ قال: هل أنت بعثته ليبشّر بالجنة من قال لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه؟ قال رسول الله نعم، قال عمر: لا تفعل فإني أخشى أن يتكل الناس على لا إله إلا الله! ))
أقول:
هذا الحديث من أعظم الدلائل على فقه عمر وأن الحق على لسانه دائماً، وهذا مصداقاً لقوله صلى الله عليه وآله وسلم (( إن الله وضع الحق على لسان عمر يقول به ))
وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (( رأيت كأني أتيت بقدح لبن فشربت منهُ فأعطيت فضلي عمر بن الخطاب، قالوا: فما أولته يا رسول الله؟ قال: العلم ))
وأخرج مسلم حديث أبي هريرة هذا وهو حديث طويل وفي جزء منه (( فقال أي النبي صلى الله عليه وآله وسلم يا أبا هريرة ( وأعطاني نعليه ) قال: إذهب بنعلي هاتين، فمن لقيتَ من وراء هذا الحائط يشهد أنْ لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه فبشِّره بالجنة، فكان أول من لقيت عمر، فقال: ما هاتان النعلان يا أبا هريرة! فقلتُ: هاتان نعلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعثني بهما من لقيت يشهد أن لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه، بشرتُه بالجنة فضرب عمر بيده بين ثدييَّ فخررتُ لإستي، فقال: ارجع يا أبا هريرة، فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . فأجهَشْتُ بُكاءً. وَرَكِبني عُمَرُ. فإذا هو على أثري. فقال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : مالك يا أبو هريرة؟ قلت: لقيتُ عُمَرَ فأخبرته بالذي بعثْتني بِهِ. فضرب بينَ ثدْييَّ ضرْبةً. خررتُ لإِسْتى. قال: ارْجع. فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( يا عمر! ما حملك على ما فعلتَ؟ ) قال: يا رسول الله! بأبي أنت وأمِّي. أَبعثتَ أبا هريرةَ بِنَعليكَ، منْ لقيَ يشهدُ أن لا إله إلا الله مُستَيْقِناً بها قلبه، بشَّره بالجنة؟ قال: نعم. قال: فلا تفعل. فإني أخشى أن يتَّكل الناس عليها. فخَلِّهم يعملون. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : فَخَلَّهِمْ. ))
ففي هذا الحديث خشي عمر أن يسمع الناس هذا الخبر فيتكلوا عليه ويتركوا العمل فعرض رأيه على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأخذ به تصويباً له! قال القاضي عياض وغيره من العلماء رحمهم الله: (( وليس فعل عمر رضي الله عنه ومراجعته النبي صلى الله عليه وآله وسلم اعتراضاً عليه ورداّ لأمره إذ ليس فيما بعث به أبا هريرة غير تطبيب قلوب الأمة وبشراهم، فرأى عمر رضي الله عنه أن كتم هذا أصلح لهم وأحرى أن لا يتكلوا، وأنه أعود عليهم بالخير من معجّل هذه البشرى، فلما عرضه على النبي صلى الله عليه وآله وسلم صوّبه فيه والله تعالى أعلم ))
وأما دفع عمر رضي الله عنه له فلم يقصد به سقوطه وإيذاءه، بل قصد رده عما هو عليه، وضرب بيده في صدره ليكون أبلغ في زجره
وبعد ذلك أقول هل يوجد دليل على أن الحق على لسان عمر وقلبه أبلغ من هذا الحديث الذي احتججت به عليه؟!
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ومنها أن عمر كان لا يعلم بعض المسائل الشرعية التى هي شرط في الإمامة والخلافة كأمره برجم الحامل من الزنا ، فرده الأمير وقال له : إن كان لك عليها سبيل فليس لك على ما في بطنها ، فندم حينئذ وقال : لولا علي لهلك عمر . وكما أراد رجم أمرأة مجنونة فرده الأمير بقوله صلى الله عليه وآله وسلم (( رفع القلم عن ثلاثة : عن النائم حتى يستيقظ ، وعن الصبي حتى يبلغ ، وعن المجنون حتى يفيق )) ، وكإتمامة عدد الضربات في حد أبنه أبي شحمة بعد ان مات في اثناء الحد ، مع أن الميت غير معقول ، وكعدم علمه بحد شرب الخمر حتى قرره بمشورة الصحابة ورأيهم .
والجواب عن الأول أن عمر رضي الله عنه لم يكن على علم بحمل المرأة لأن هذا أمر لا يدرك بالبصر إلا بعد تمام مدة الحمل وما يقاربه ، والأمير كان مطلعاً على ذلك وأخبر بحملها فنبه عمر إلى ذلك فشكره ، والقضاء على ظاهر الحال لا يوجب النقص في الإمامة ، بل ولا في النبوة . ألا ترى أن موسى عليه لسلام أخذ برأس أخيه الكبير ولحيته مع انه نبي وأهانه حين لم يطلع على حقيقة الآمر. وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم (( إنما أن بشر ، وإنكم تختصمون إلى ، وإن بعضكم ألحن بحجته من بعض ، فمن قضيت له بحق أخيه فإنما أقطع له قطعة من نار )). وقد روى عند الفريقين أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر علياً بإقامة الحد على أمرآة حديثة بنفاس فلم يقم عليها الحد خشية أن تموت ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال (( أحسنت ، دعها حتى ينقطع دمها )) فقد تبين أن عدم الاطلاع على حقيقة الحال غير الجهل بالمسائل الشرعية . وعن الثاني أن عمر رضي الله عنه لم يكن واقفاً على جنونها أيضاً ، فقد روى الإمام أحمد عن عطاء بن السايب عن أبي ظبيان الحصين بن جندب الجنبي أن امرأة أتوابها مأخوذة إلى عمر بجريمة الزنا فحكم برجمها بعدما ثبت ، فقادوها للرجم ، فإذا على لا قاهم في الطريق فسألهم : أين تذهبون بهذه المرأة ؟ فقالوا : إن الخليفة أمر برجمها لثبوت الزنا عنده ، فأخذها الأمير من ايديهم وجاء بها إلى عمر وقال : هذه المرأة مجنونة من بني فلان أنا أعلمها كما هي ، وقال (( رفع القلم عن المجنون حتى يفيق )) فمنع عمر من رجمها . فقد علم أن عمر كان يعلم أن المجنونة لا ترجم ، ولكن لم يكن له علم بجنونها . وعن المحدود بقى حياً بعد الحد ، نعم قد غشى عليه أثناء الحد ، ولذا توهم الناس موته . وعن الرابع أن عدم العلم بشئ لم يحدث من قبل ولم يعين في الشرع حكمه ليس محلاً للطعن ، لأن العلم تابع المعلوم ، وحد شارب الخمر لم يكن في عهده صلى الله عليه وآله وسلم معيناً ومقرراً ، بل كانوا يضربون الشارب بالنعال والجرائد والأسواط ، وقد خمن الصحابة ذلك من زمن أبي بكر بأربعين ضربة ، وقد تعدد شرب الخمر في خلافة عمر فجمع الصحابة كلهم وشاورهم في ذلك فقال الأمير وعبد الرحمن بن عوف : ينبغي أن يكون كحد القذف ثمانين جلدة ، لأن السكران يزول عقله بالسكر فربما يسب أحداً ويشتمه ، فأرتضى جميع الصحابة ذلك الاستنباط وأجمعوا عليه. وقد ذكر هذه القصة ابن المطهر الحلي أيضاً في ( منهاج الكرامة وبما ذكرنا من أن عمر زاد حد الخمر بقول الأمير أندفع الخامس. هذا مع أن معرفة جميع الأحكام الشرعية بالفعل ليست شرطاً للإمامة ، بل ولا النبوة ، فقد كانت توحي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأحكام الشرعية على حسب الوقائع . والإمام يعلم بعض الأحكام بالاجتهاد ، وربما يخطئ فيه كما روى الترمذي عن عكرمة أن علياً أحرق قوماً أرتدوا عن الإسلام ، فبلغ ذلك ابن عباس فقال (( لو كنت أنا لقتلتهم )) فبلغ ذلك علياً فقا ل (( صدق ابن عباس )) والله تعالى الهادي .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وقال الطاعن : (( وكان قليل المعرفة بالأحكام : أمر برجم حامل . فقال له عليّ: إن كان لك عليها سبيل ، فلا سبيل لك على ما في بطنها . فأمسك . وقال : لولا عليّ لهلك عمر )).
والجواب : أن هذه القصة إن كانت صحيحة ، فلا تخلو من أن يكون عمر لم يعلم أنها حامل ، فأخبره عليٌّ بحملها . ولا ريب أن الأصل عدم العلم، والإمام إذا لم يعلم أن المستحقة للقتل أو الرجم حامل ، فعرَّفه بعض الناس بحالها ، كان هذا من جملة إخباره بأحوال الناس المغيَّبات ،ومن جنس ما يشهد به عنده الشهود . وهذا أمر لا بد منه مع كل أحد من الأنبياء والأئمة وغيرهم ، وليس هذا من الأحكام الكلية الشرعية . وإما أن يكون عمر قد غاب عنه كون الحامل لا ترجم ، فلما ذكَّره عليّ ذكر ذلك ، ولهذا أمسك . ولو كان رأيه أن الحامل ترجم لرجمها ، ولم يرجع إلى رأي غيره . وقد مضت سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الغامدية ، لما قالت : (( إني حبلى من الزنا فقال لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم (( اذهبي حتى تضعيه )).ولو قدِّر أنه خفى عليه علم هذه المسألة حتى عرفه، لم يقدح ذلك فيه ، لأن عمر ساس المسلمين وأهل الذمّة ، يعطي الحقوق ، ويقيم الحدود ، ويحكم بين الناس كلهم. وفي زمنه انتشر الإسلام ، وظهر ظهورا لم يكن قبله مثله ، وهو دائما يقضى ويُفتى ، ولولا كثرة علمه لم يُطق ذلك .
فإذا خفيت عليه قضية من مائة ألف قضية ثم عرفها ،أو كان نسيها فذكرها ، فأي عيب في ذلك ؟! وعلي ّرضي الله عنه قد خَفِيَ عليه من سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أضعاف ذلك ، ومنها ما مات ولم يعرفه .
قال الطاعن : (( وأمر برجم مجنونة ، فقال له عليّ رضي الله عنه : إن القلم رُفع عن المجنون حتى يفيق ، فأمسك. وقال: لولا عليّ لهلك عمر )).والجواب : أن هذه الزيادة ليست معروفة في هذا الحديث . ورجم المجنونة لا يخلو : إما أن يكون لم يعلم بجنونها فلا يقدح ذلك في علمه بالأحكام ، أو كان ذاهلا عن ذلك فذُكِّر بذلك ، أو يظن الظان أن العقوبات لدفع الضرر في الدنيا . والمجنون قد يُعاقب لدفع عدوانه على غيره من العقلاء والمجانين . والزنا هو من العدوان ، فيُعاقب على ذلك حتى يتبين له أن هذا من باب حدود الله تعالى التي لا تقام إلا على المكلف .والشريعة قد جاءت بعقوبة الصبيان على ترك الصلاة ،كما قال صلى الله عليه وآله وسلم : ((مروهم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر،وفرِّقوا بينهم في المضاجع)).
والمجنون إذا صال ولم يندفع صياله إلا بقتله قُتل ، بل البهيمة إذا صالت ولم يندفع صيالها إلا بقتلها قُتلت ، وإن كانت مملوكة لم يكن على قاتلها ضمان للمالك عند جمهور العلماء ، كمالك والشافعي وأحمد وغيرهم . وبالجملة فما ذكره من المطاعن في عمر وغيره يرجع إلى شيئين : إما نقص العلم ، وإما نقص الدين .
ونحن الآن في ذكره . فما ذكره من منع فاطمة ومحاباته في القَسْم ودرء الحد ونحو ذلك يرجع إلى أنه لم يكن عادلا بل كان ظالما .
ومن المعلوم للخاص والعام أن عدل عمر رضي الله عنه ملأ الآفاق ، وصار يُضرب به المثل ، كما قيل : سيرة العمرين ، وأحدهما عمر بن الخطاب ، والآخر قيل : إنه عمر بن عبد العزيز ، وهو قول أحمد بن حنبل وغيره من أهل العلم والحديث وقيل : هو أبو بكر وعمر ، وهو قول أبي عبيدة وطائفة من أهل اللغة والنحو .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وأما قوله : (( وغيَّر حكم الله في المنفيين )).
فالجواب : أن التغيير لحكم الله بما يناقض حكم الله ، مثل إسقاط ما أوجبه الله ، وتحريم ما أحلّه الله . والنفي في الخمر كان من باب التعزير الذي يسوغ فيه الاجتهاد .
وذلك أن الخمر لم يقدِّر النبي صلى الله عليه وآله وسلم حدَّها: لا قَدْرُهُ ولا صفتُهُ ، بل جوّز فيها الضرب بالجريد والنعال ، وأطراف الثياب وعُثْكول النخل . والضرب في حد القذف والزنا إنما يكون بالسوط . وأما العدد في الخمر فقد ضرب الصحابة أربعين ، وضربوا ثمانين . وقد ثبت في الصحيح عن علي ّ رضي الله عنه أنه قال : ((وكُلٌّ سُنَّة )).
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
[مِسعَرُ حَرب
29-3-2012, 10:20 PM
شبهات حول الفاروق رضي الله عنه -3- :
http://i.cubeupload.com/3z4KZQ.png
شبهة شهادة عمر على نفسه :
شبهة أن عمر يشهد على نفسه فقد قال أحدهم:
(( أخرج البخاري في صحيحه في باب مناقب عمر بن الخطاب: لمّا طعن عمر جعل يألم فقال له ابن عبّاس وكأنه يجزعه: يا أمير المؤمنين ولئن كان ذاك لقد صحبت رسول الله فأحسنت صحبته ثم فارقته وهو عنك راض ثم صحبت أبا بكر فأحسنت صحبته ثم فارقته وهو عنك راض ثم صحبت صحبتهم فأحسنت صحبتهم ولئن فارقتهم لتفارقنّهم وهم عنك راضون، قال: أمّا ما ذكرت من صحبة رسول الله ورضاه فإنما ذاك من منّ الله تعالى منّ به عليّ، وأما ما ذكرت من صحبة أبي بكر ورضاه فإنما ذاك من منّ الله جلّ ذكره منّ به عليّ، وأما ما ترى من جزعي فهو من أجلك وأجل أصحابك والله لو أن لي طلاع الأرض ذهباً لافتديت به من عذاب الله عز وجل قبل أن أراه.
وقد سجل التاريخ له أيضاً قوله: ليتني كنت كبش أهلي يسمّنونني ما بدى لهم حتى إذا كنت أسمن ما أكون زارهم بعض من يحبون فجعلوا بعضي شواء ويعطوني قديداً ثم أكلوني وأخرجوني عذرة ولم أكن بشراً )).
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
لا شك أن قول عمر عند وفاته إن دل فإنما يدل عن شديد خوفه من الله سبحانه وتعالى وهذا يدل على مدى قوة إيمانه بربه جل وعلا.
فعن شداد بن أوس أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال (( قال الله عز وجل: وعزتي لا أجمع لعبدي أمنين وخوفين، إن هو أمنني في الدنيا أخفته يوم أجمع فيه عبادي، وإن هو خافني في الدنيا أمنته يوم أجمع فيه عبادي )).
إضافة إلى أن الحديث يثبت الصحبة لعمر، وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم توفِّي وهو عنه راضٍ، فخوفه من الله إنما يدل على شدة تقواه رضي الله عنه إضافة إلى أن قاتله ليس رجلاً من المسلمين، وإنما هو مجوسي فارسي كافر وهذه مكرمة له. وأخرج مسلم في صحيحه عن عوف بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال (( خيار أئمَّتكم الذين تُحبّونهم ويحبّونكم، ويصلّون عليكم وتُصلّون عليهم، وشرارُ أئمّتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم ))
وعمر كان عادلاً تحبه رعيته وتترضى عنه فقد أخرج البخاري في صحيحه من حديث عمرو بن ميمون في جزء منه (( فاحتُمل إلى بيته، فانطلقنا معه وكأن الناس لم تصِبهم مصيبة قبل يومئذٍ، فقائل يقول: لا بأسَ، وقائل يقول: أخافُ عليه، فأُتي بنبيذٍ فشربه، فخرج من جوفه، ثم أُتي بلبن فشربه، فخرج من جرحه، فعلموا أنه ميت، فدخلنا عليه وجاء الناس، فجَعلوا يثْنون عليه، وجاء رجل شابٌّ فقال: أَبشر يا أمير المؤمنين بِبشرى الله لكَ، من صحبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وقدِم في الإسلام ما قد علِمتَ، ثمّ وَلِيتَ فعَدَلْتَ، ))
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وهذا علي أيضا أثنى على عمر بعد وفاته فعن ابن أبي مليكة (( أنه سمع ابن عباس يقول: وُضع عمر على سريره، فتكفَّنهُ الناس يدْعون ويصلُّون قبل أن يُرفع، وأنا فيهم، فلم يَرُعني إلا رجلٌ آخذٌ منكبي، فّإذا علي بن أبي طالب، فترحَّم على عمر وقال: ما خلَّفت أحداً أحبَّ إليَّ أن ألقى الله بمثْلِ عملِهِ منك، وايْمُ الله إن كنت لأظُنُّ أن يجعلكَ الله مع صاحبيك، وحسبت: إني كنت كثيراً أسمعُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ذهبت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلتُ أنا وأبو بكر وعمر، وخرجتُ أنا وأبو بكر وعمر ))
ويرد على البقية كرد شبهة شهادة أبوبكر الصديق -رضي الله عنه- على نفسه
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
قال أحدهم يبين موقفه من عمر رضي الله عنه:
(( ثم فتحت صحيح البخاري وفيه دخل عمر بن الخطاب على حفصة وعندها أسماء بنت عميس فقال حين رآها من هذه؟ قالت: أسماء بنت عميس، قال عمر: الحبشية هذه، البحرية هذه. قالت أسماء: نعم، قال: سبقناكم بالهجرة فنحن أحق برسول الله منكم. فغضبت وقالت كلا والله، كنتم مع رسول الله يطعم جائعكم ويعظ جاهلكم وكنّا في دار أو في أرض البعداء البغضاء بالحبشة وذلك في الله وفي رسوله وأيّم الله لا أطعم طعاماً ولا أشرب شراباً حتى أذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونحن كنا نؤذى ونخاف وسأذكر ذلك للنبي اسأله والله لا أكذب ولا أزيغ ولا أزيد عليه، فلما جاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالت: يا نبي الله، عمر قال كذا وكذا. قال: فما قلت له، قالت: كذا وكذا. قال: ليس بأحق بي منكم وله ولأصحابه هجرة واحدة ولكم أنتم أهل السفينة هجرتان قالت فلقد رأيت أبا موسى وأصحاب السفينة يأتوني أرسالاً يسألونني عن هذا الحديث ما من الدنيا هم به أفرح ولا أعظم ما في أنفسهم مما قال لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
ثم يقول ، فقلت: إذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو أول من شك في أبي بكر ولم يشهد عليه لأنه لا يدري ماذا سوف يحدث من بعده، وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يقر بتفضيل عمر بن الخطاب على أسماء بنت عميس بل فضّلها عليه، فمن حقي أن أشك وأن لا أفضّل أحداً حتى أتبين وأعرف الحقيقة ومن المعلوم أن هذين الحديثين يناقضان كل الأحاديث الواردة في فضل أبي بكر وعمر ويبطلانها، لأنهما أقرب للواقع المعقول من أحاديث الفضائل المزعومة ))
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
- والله لست أدري كيف يفهم هذا الطاعن وكيف يكتب، بحيث يجعل هذا الحديث يمثّل مطعناً لعمر؟!.. كل ما في الأمر أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فضّل أهل السفينة وهم الذين هاجروا إلى الحبشة ثم إلى المدينة على أصحاب الهجرة الواحدة من صحابة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولكن تفضيلهم هذا ليس على الاطلاق بل من هذا الجانب فقط.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
- أما قوله ( أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يقر بتفضيل عمر بن الخطاب على أسماء بنت عميس بل فضّلها عليه ) جهلٌ مركّب لأن الرسول عندما أجاب أسماء قال ( ليس بأحق بي منكم وله ولأصحابه هجرة واحدة ولكم أنتم أهل السفينة هجرتان )
فقد جمعه مع أصحابه الذين هاجروا هجرة واحدة ولم يعنيه وحده، وعلى ذلك فأسماء خير من أصحاب الهجرة الأولى حسب الفهم المهترئ لهذا الطاعن، ولا شك أن هذا التفضيل سيطال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لأنه من أصحاب الهجرة الأولى! ولكن الفهم الصحيح هو الذي أثبتناه من أن هذا التفضيل ليس على إطلاقه بل من هذه الحيثية فقط.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
- أما قوله ( من المعلوم أن هذا الحديث يناقض كل الأحاديث الواردة في فضل عمر ويبطلها )
فأقول: بالطبع معلوم، وكيف لايكون معلوماً أن جميع الأحاديث الواردة في فضل عمر باطلة.
ثم يقول (( فالشيعة ليس كما يدّعي بعض علمائنا، بأنهم الفرس والمجوس الذين حطّم عمر كبرياءهم ومجدهم وعظمتهم في حرب القادسية ولذلك يبغضونه ويكرهونه! وأجبت هؤلاء الجاهلين بأنّ التشيع لأهل البيت النبوي لا يختص بالفرس بل الشيعة في العراق وفي الحجاز وفي سوريا ولبنان وكل هؤلاء عرب كما يوجد الشيعة في الباكستان والهند وفي أفريقيا وأمريكيا وكل هؤلاء ليسوا من العرب ولا من الفرس.
ولو اقتصرنا على شيعة إيران فإن الحجة تكون أبلغ إذ أنني وجدت الفرس يقولون بإمامة الأئمة الأثنى عشر وكلهم من العرب من قريش من بني هاشم عترة النبي، فلو كان الفرس متعصّبين ويكرهون العرب كما يدعي البعض لأتخذوا سلمان الفارسي إماماً لهم لأنه منهم وهو صحابي جليل عرف قدره كل من الشيعة والسنة على حدّ سواء. بينما وجدت أهل السنة والجماعة ينقطعون في الإمامة إلى الفرس فأغلب أئمتهم من الفرس كأبي حنيفة والإمام النسائي والترمذي والبخاري ومسلم وابن ماجة والرازي والإمام الغزالي وابن سينا والفرابي وغيرهم كثيرون يضيق بهم المقام فإذا كان الشيعة من الفرس يرفضون عمر بن الخطاب لأنه حطّم كبرياؤهم وعظمتهم فبماذا نفسر رفض الشيعة له من العرب وغير الفرس فهذه دعوى لا تقوم على دليل، وإنما رفض هؤلاء عمر للدور الذي قام به في إبعاد أمير المؤمنين وسيد الوصيين علي بن أبي طالب عن الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما سبّب ذلك من فتن وقلاقل وانحلال لهذه الأمة ويكفي أن يزاح الحجاب عن أي باحث حر (!) وتكشف له الحقيقة حتى يرفضه بدون عداوة سابقة ))
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
الرد عليه :
- أول ظهور الرفض كان على يد اليهودي عبد الله بن سبأ فهو الذي ابتدع إمامة علي بن أبي طالب بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهذا الأمر يعترف به الإمامية الاثني عشرية ولا يستطيعون إنكاره لذلك يقول إمامهم المتكلم الحسن بن موسى النوبختي في كتابه الحجة عند الإمامية ( فرق الشيعة ) (( وحكى جماعة من أصحاب علي عليه السلام أن عبد الله بن سبأ كان يهودياً فأسلم ووالى علياً عليه السلام وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون بعد موسى عليه السلام بهذه المقالة فقال في إسلامه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وآله في علي عليه السلام بمثل ذلك وهو أول من شهر القول بفرض إمامة علي عليه السلام وأظهر البرآءة من أعدائه وكاشَفَ مخالفيه فمن هناك قال من خالف الشيعة أن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية ))
وبما أن عمر بن الخطاب كسر بجيوشه شأفة الفرس وأزال مملكتهم فنقموا عليه فتمالئوا فيما بينهم للكيد للإسلام وأهله فكانت أسلم طريقة لذلك في تلك الفترة وهي فترة ضعف لهم، هو التمسك بشيء مقدس لدي المسلمين فلم يجدوا إلا فكرة عبد الله بن سبأ اليهودي التي تتخذ من آل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم مدخلاً للطعن في دين الله عز وجل فتمسّكوا بها واتخذوها ستاراً لبث ضلالهم العريض في أوساط المسلمين.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
- أما ادعاؤه أن نشأة التشيع ليس في الفرس وحدهم، إنما يوجد في العرب وغير العرب فليس هذا مما يغيّر من الحق شيئاً، لأن القضية التي يجب أن تبحث هي في أصل الرفض والتشيع، وقد أثبتُّ أن الأصل هم الفرس، أما أن يسري هذا الداء إلى العرب وغيرهم فهذا شيء سنني في الكون ولا توجد دعوة في الأرض إلا وتجمّع حولها جمع من المؤمنين بفكرتها، فلا يعتبر ذلك دليلاً على الحق، ألا ترى أن الفكرة الشيوعية في فترة سطوتها قد تأثر بها بالاضافة لأصحابها الكثير من العرب والفرس أيضاً فهل هذا يغني من الباطل شيئاً؟!
فإذا كانت فكرة إنكار وجود الله قد آمن بها بعض العرب بل وقامت على أرضهم دولاً تؤمن بهذه الفكرة فالأولى أن يتأثر الكثير من العرب بفكرة الرفض خصوصاً إذا كانت تتمسح بشعار موالاة أهل البيت والانتصار لهم! فليس في ذلك أي حجة لهذا الطاعن على صحة مذهبة.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
- أما أن العرب وغير العرب دون الفرس يبغضون عمر فهذا شيء طبيعي لأن أصل هذه العقيدة هي الطعن في أبي بكر وعمر، فكل من آمن بهذه الفكرة لا بدّ أن يؤمن بتبعاتها، لذلك أردّ حب الكثير من الفرس لعمر بن الخطاب بالدرجة الأولى لإيمانهم بعقيدة الحق، عقيدة أهل السنة والجماعة، وهذا شيء طبيعي أيضاً فهذا هو الذي يفسر عداوة بعض العرب لعمر بن الخطاب رضي الله عنه.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
- أما قوله أنه وجد أهل السنة والجماعة ينقطعون في الإمامة إلى الفرس فهذا جهل فاضح، فالصحيح أن يقال أن كل العلماء من العرب وغيرهم ينقطعون في الاعتقاد لمنهج أهل السنة والجماعة، لأن منهج أهل السنة لا يمثله عرب ولا فرس فهو ليس منهجاً طارئاً ومشوهاً مثل غيره الذي يمثّله أشخاصه، إنما هو منهجاً يمثل أصل الإسلام وجوهره باعتماده على كتاب الله سبحانه وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم وكل من ارتضى له هذا المنهج فهو من أهل السنة والجماعة سواءٌ كان عربياً أو غير عربي وليس العكس.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
- أما قوله ( فلو كان الفرس متعصبين ويكرهون العرب كما يدعي البعض لاتخذوا سلمان الفارسي إماماً لهم لأنه منهم وهو صحابي جليل عرف قدره كل من الشيعة والسنة )
فأقول : سلمان وإن كان صحابياً جليلاً فهذه مكرمة يتمتّع بها جميع الصحابة بل حتى الكثير من الصحابة يسبقونه بالمنزلة والصحبة، إضافة إلى أنه فارسي الأصل، فلو اتخذوه إماماً من دون الصحابة فستنْفضح اللعبة وتحوم الشبهات، إذن فمن الحنكة والدهاء أن يتخذ هؤلاء من آل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ملاذاً لهم، وأما سلمان فقدَّروا أصله الفارسي وجعلوه من الصحابة المرضيين إتماماً للعبة واتقاناً للمخطط.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
- أنا لا أزعم أن كل من التوى تحت لواء هؤلاء يعرف ذلك بل على العكس فأكثر عوام هؤلاء لا يعرفون هذه الحقيقة ويعتقدون أنهم على الحق والصراط المستقيم، والكثير من هؤلاء إذا ظهر لهم الحق يؤوبون إليه ويتمسّكون به، وبالفعل فقد رأينا الكثير منهم يرجعون إلى منهج أهل السنة والجماعة، بل ويصبحون من أنشط الدعاة إليه، بل وحتى العلماء منهم كالدكتور موسى الموسوي وأحمد الكسروي.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ويقول هذا الطاعن: (( وكانت خلافة عثمان مهزلة تاريخية، وذلك أن عمر رشّح ستةً للخلافة وألزمهم أن يختاروا من بينهم واحداً وقال إذا اتفق أربعة وخالف إثنان فاقتلوهما وإذا انقسم الستة إلى فريقين ثلاثة في كل جهة فخذوا برأي الثلاثة الذين يقف معهم عبد الرحمن بن عوف. وإذا مضى وقت ولم يتّفق الستة فاقتلوهم، والقصة طويلة وعجيبة، والمهم أن عبد الرحمن بن عوف اختار علياً واشترط عليه أن يحكم فيهم بكتاب الله وسنة رسوله وسنة الشيخين أبي بكر وعمر فرفض عليّ هذا الشرط، وقَبِله عثمان فكان هو الخليفة، وخرج عليّ من البيعة وهو يعلم مسبقاً النتيجة وتحدث عن ذلك في خطبته المعروفة بالشقشقية ))
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
- ما أكذب هذا الطاعن وما أشد تحامله فلماذا لم يشر إلى المصدر الذي يستقي منه كذبه؟!
أليس لأنه أقل من أن ينظر إليه لتهافته وكذب رواته ولكن ماذا نقول لهؤلاء البشر فهم (( لفرط جهلهم وهواهم يقلبون الحقائق في المنقول والمعقول، فيأتون إلى الأمور التي وقعت وعُلم أنها وقعت، فيقولون: ما وقعت، وإلى أمور ما كانت ويُعلم أنها ما كانت، فيقولون: كانت، ويأتون إلى الأمور التي هي خير وصلاح، فيقولون: هي فساد، وإلى الأمور التي هي فساد، فيقولون: هي خير وصلاح، فليس لهم لا عقل ولا نقل، بل لهم نصيب من قوله { وقالوا لو كنّا نسمعُ أو نعقلُ ما كنّا في أصحاب السّعير } )).
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
- الحق الثابت في هذه القضية هو فيما أخرجه البخاري في صحيحه في الحديث الطويل عن عمرو بن ميمون في جزء منه ((... أوصِ يا أمير المؤمنين استخلِف، قال: ما أجدُ أحداً أحقّ بهذا الأمر من هؤلاء النّفر، أو الرهط، الذين تُوفّي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو عنهم راض، فسمَّي علياً وعثمان والزبير وطلحة وسعداً وعبد الرحمن، وقال: يشهدُكُم عبد الله بن عمر، وليس له من الأمر شيءٌ كهيئةِ التعْزِية فإن أصابت الإمْرَة سعداً فهو ذاك، وإلا فليستعن به أيُّكم ما أُمّر، فإني لم أعزلْه عن عجزِ ولا خيانَة. وقال: أُوصي الخليفة من بعدي، بالمهاجرين الأولين، أن يعرف لهم حقّهم ويحفظ لهم حُرمتهُم، وأوصيه بالأنصار خيراً، الذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم أن يُقبل من مُحسنهم، وأن يُعفى عن مسيئهم، وأُوصيه بأهل الأمصار خيراً، فإنهم ردْءُ الإسلام. وجُباة المال وغيظُ العدوِّ، وأن لا يؤخذ منهم إلا فضلُهُم عن رضاهمُْ، وأوصيه بالأعراب خيراً، فإنهم أصلُ العربِ ومادةُ الإسلام أن يُؤخذَ من حواشيِ أموالِهم ويُردَّ على فُقرائهم، أُوصيه بذمَّة الله تعالى، وذمَّة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم أن يُوفي لهم بعهدهم، وأن يقاتل من ورائهِم، ولا يُكلَّفوا إلا طاقَتَهم ))
فعمر كما ترى جعل الأمر في هؤلاء الستة، الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو عنهم راضٍ، أما أنه أمر بقتلهم أو قتل بعضهم فهذا أولى به أن يلحق في قصص ألف ليلة وليلة!؟
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
- ولو فرضنا أن عمر أمر بقتلهم، فلا شك أن أمره هذا هو منع للفتن والافساد، فأتساءل هل الأمر بقتلهم يمنع الفتن أم يشعلها؟! وهل قتل الستة من خيار الأمة سيمر دون سلام؟! وهل سيقبل به المسلمون؟!
ثم لو أمر عمر بالقتل كما يدعي هذا الطاعن ، لأَمَرَ بأن يتولّى الأمر أحد من الناس فهل أمر بذلك عمر؟!
ومن هنا نعلم أنه لا يحتج بذلك ويصدقه ويكتبه إلا أشدّ الناس غباءً!!
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
- أما قوله أن عمر قال ( فخذوا برأي الثلاثة الذين يقف معهم عبد الرحمن بن عوف )
فهذا من الكذب أيضاً على عمر، فإنه جعل الأمر في هؤلاء الستة ليختاروا منهم واحداً ولم يأمر بأخذ رأي من يقف معهم عبد الرحمن بن عوف، ولكن الصحيح أن الستة هم الذين اختاروا عبد الرحمن بن عوف ففي نفس الحديث الذي أخرجه البخاري يقول (( فلما فُرغ من دفنه اجتمع هؤلاء الرهط، فقال عبد الرحمن: اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم، فقال الزبير: قد جعلتُ أمري إلى عليّ، فقال طلحة: قد جعلتُ أمري إلى عثمان، وقال سعد: قد جعلت أمري إلى عبد الرحمن بن عوف. فقال عبد الرحمن: أيُّكُما تبرَّأ من هذا الأمر، فنجعله إليه والله عليه والإسلام، لَيَنظُرنَّ أفضلهم في نفسه؟ فأُسكتَ الشيخان، فقال عبد الرحمن: أفَتَجعلوُنه إليَّ والله عليَّ أن لا آلو عن أفضلِكم؟ قالا: نعم، فأخذ بيد أحدهما فقال: لك قرابةٌ من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والقدم في الإسلام ما قد علمت، فالله عليك لئن أمَّرتُك لتعدلنّ ولئن أمَّرت عثمان لتسمعنّ ولتُطيعنّ، ثم خلا بالآخر فقال له مثل ذلك، فلما أخذ الميثاق قال: ارفع يدك يا عثمان، فبايعه، فبايع له علي، وولج أهل الدّار فبايَعوه)).
(http://www.fnoor.com/)http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
(http://www.fnoor.com/)
(http://www.fnoor.com/)
[مِسعَرُ حَرب
7-4-2012, 01:34 PM
شبهات حول الفاروق رضي الله عنه -4- :
http://i.cubeupload.com/qvwlap.png
شبهة عدم إعتقاد عمر بعصمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
يقول أحدهم: (( ومن مواقف عمر المتعددة تجاه النبي وسنته نفهم بأنه ما كان يعتقد يوماً بعصمة الرسول بل كان يرى أنه بشر يخطئ ويصيب.
ومن هنا جاءت الفكرة لعلماء أهل السنّة والجماعة بأن رسول الله معصوم في تبليغ القرآن فقط وما عدا ذلك فهو يخطيء كغيره من البشر ويستدلون على ذلك بأن عمر صوّب رأيه في العديد من القضايا ))
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
روى البخاري في صحيحه عن الزهري: قال: أخْبَرني عليُّ بن حسين: أن حسين بن عليٍّ أخبره: أن عليَّ بن طالب أخبره: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم طرقهُ وفاطمة بنت النبي عليه السلام ليلةً، فقال: ألا تُصلِّيان. فقُلت: يا رسول الله، أنْفُسنا بِيَدِ الله، فإذا شاءَ أن يَبعَثَنا بَعَثَنا، فانصرف حين قلنا ذلك ولَمْ يَرْجع إليّ شيئاً، ثمَّ سمعتُهُ وهو مولَّ يضربُ فخذهُ وهو يقول: وكان الإنسان أكثر شيءٍ جدلا ))
فهل من موقف علي هذا تجاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي رفض طلبه وأغضبه نفهم بأنه يرى أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم معصوم بتبليغ القرآن فقط، وما عدا ذلك فهو يخطئ ويصيب كغيره من البشر، لذلك لم يُعر طلبه اهتماماً؟! فما هو جواب هذا الطاعن؟!
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
هذا الطاعن يدّعي أن علماء أهل السنة يعتقدون أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم معصوم بتبليغ القرآن وفقط، وما عدا ذلك فلا عصمة له وأنا لا أريد من هذا الطاعن إلا أن يأتي ولو بمصدر واحد لأهل السنة يقولون به مثل هذا القول المكذوب، وأنّا له ذلك، والمضحك هنا أن هذا الطاعن لم ينتبه إلى أن أهل السنة لم يُسمَّوا بأهل السنة إلا لأنهم المتبعون لسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم المقتفون لها فهنيئاً لهم!.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ثم يقول (( وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما يروي البعض من الجهلة يقبل مزمارة الشيطان في بيته وهو مستلق على ظهره والنسوة يضربن الدفوف والشيطان يلعب ويمرح إلى جانبه حتى إذا دخل عمر بن الخطاب هرب الشيطان وأسرع النسوة فخبأن الدفوف تحت أستهن وقال رسول الله لعمر ما رآك الشيطان سالكاً فجاً حتى سلك فجاً غير فجك.
فلا غرابة إذا أن يكون لعمر بن الخطاب رأي في الدين ويسمح لنفسه لمعارضة النبي في الأمور السياسية وحتى في الأمور الدينية كما تقدم في تبشير المؤمنين بالجنة ))
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
لا يوجد حديث في أيٍّ من كتب السنة بهذا اللفظ، والحمد لله أن كتب الحديث السنية موجودة وتملأ الأسواق فعلى طالب الحق أن يبحث عن هذه الرواية المكذوبة.
لا شك أن هذا الطاعن يشير إلى بعض الأحاديث الصحيحة التي يعرفها، ولكن عقدة الإنصاف أبت عليه إلا أن يتلاعب بسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويخلط ما يريده منها ليُخرج لنا كذباً يعزوه لأهل السنة!؟
وسأسوق روايتين أعتقد أنه حاول خلطهما فأخرج ما يسميه رواية لأهل السنة :
الحديث الأول: رواه البخاري في صحيحه (( عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل أبو بكر، وعندي جاريتان من جواري الأنصار، تُغَنِّيان بما تَقَاولت الأنصار يوم بُعاثَ، قالت: وليْستا بِمُغنِّيتين، فقال أبو بكرٍ: أمَزامير الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وذلك في يوم عيدٍ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا أبا بكرٍ إن لكلِّ قومٍ عيداً، وهذا عيدُنا ))
والحديث الآخر: أخرجه الترمذي في سننه عن بريدة: قال: (( خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بعض مغازيه، فلما انصرف جائت جارية سوداء فقالت: يا رسول الله إني كنت نذرت إن ردّك الله سالماً أن أضرب بين يديك بالدُّفّ وأتغنّى، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن كنت نذرت فاضربي، وإلا فلا، فجعلت تضرب فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل عليّ وهي تضرب، ثم دخل عثمان هي تضرب، ثم دخل عمر فألقت الدف تحت إستها، ثم قعدت عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إن الشيطان ليخاف منك يا عمر، إني كنت جالساً وهي تضرب فدخل أبو بكر وهي تضرب ثم دخل عليّ وهي تضرب ثم دخل عثمان وهي تضرب، فلما دخلت أنت يا عمر ألقت الدف ))
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وهذان الحديثان لا يوجد ما يقدح بهما فهما حديثان صحيحان، والجاريتان اللتان ذكرتا في الحديث الأول هما فتاتان لم تبلغا الحلم، وكانتا تغنّيان في يوم عيد وبالطبع ليس كالغناء المعروف الذي يحرّك الساكن ويبعث الكامن ويثير الغريزة من الغناء المحرّم، وهذا ظاهر بقول عائشة ( وليستا بمغنّيتين )
وأما انتهار أبو بكر لهما وإضافة الضرب بالدف لمزمار الشيطان فلأنها تلهي وتشغل القلب عن الذكر، ولكن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال له: (دعهما) وعلل ذلك بقوله ( إن لكل قوم عيداً، وهذا عيدنا )
والحديث الآخر فيه أن جارية سوداء قالت للرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنها نذرت إن رجع سالماً أن تضرب بالدف فقال لها ( إن كنت نذرت فاضربي، وإلا فلا ) فأباح لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن تضرب لايفاء النذر وإلا فلا ..... ثم بعد ذلك دخل أبو بكر ثم عليّ ثم عثمان وعندما دخل عمر ألقت الجارية بالدف ثم قعدت عليه فقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مقولته التي أثقلت هذا الطاعن( إن الشيطان ليخاف منك ياعمر )
فهل بعد هذا المدح من النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعمر من مديح.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ثم يقول (( وزاد عمر في الطين بلة عندما ولي أمور المسلمين فأحل ما حرّم الله ورسوله وحرّم ما أحل الله ورسوله )) ثم يشير بالهامش بقوله (( كقضية إمضائه الطلاق الثلاث وكتحريمه متعة الحج ومتعة النساء ))
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
بالنسبة الإدعاء أن عمر حرّم متعة الحج ومتعة النساء فقد أجبنا عن ذلك وافياً فيما مضى بما يغني عن الاعادة هنا.
وبالنسبة لامضائه الطلاق الثلاث فعن ابن عباس قال (( كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر، طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم ))
هذا الحديث يبين أن الرجل إذا طلّق امرأته ثلاثاً تقع طلقة واحدة، وظل الأمر على ذلك حتى جاءت خلافة عمر وفي السنتين الأولتين أبقى عمر الطلقة الواحد البائنة، ولكن عندما رأى تهاون الناس في التطليق وعبثهم فيه أراد أن يشدد عليهم في ذلك تأديباً وردعاً لهم فأوقع الطلاق ثلاثاً وهذا من اجتهاده وفقهه رضي الله عنه وقد وافقه الصحابة في زمانه على ذلك ولا شك أن علياً واحداً منهم وليس ذلك تحليلاً لما حرم الله ورسوله فإنه لم ينسخ الحكم إنما جعله مرتبطاً بالعلة وهو أعلم بمراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك إضافةً إلى أنه الامام المسؤول عن رعيته أمام الله عز وجل، فيجب عليه أن يسوسهم ويرشدهم لما يصلحهم وأن يردهم للصواب إن تقاعسوا عن المطلوب أو قصّروا في الحقوق، وأن يعمل على ما يصلحهم وينفعهم، وعمر قد ثبت أنه من أفاضل الصحابة وأعلمهم بالدين، واجتهاده هذا اجتهاد سائغ، وعلى فرض أنه أخطأ فهذا من الخطأ الذي يرفع الله به المؤاخذة.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وقد اعترف بفضله وعلمه خيار الصحابة، فقد روى الشعبي عن عليّ قال (( ما كنّا نبعد أن السكينة تنطق على لسان عمر ))
وقال ابن مسعود: (( كان عمر أعلمنا بكتاب الله، وأفقهنا في دين الله وأعرفنا بالله، والله لهو أبين من طريق الساعين، يعني أن هذا أمر بيّن يعرفه الناس ))
وقال أيضاً : (( لو أن علم عمر وُضع في كفّة ميزان ووضع علم أهل الأرض في كفّة لرجح عليهم وقال إني لأحسب تسعة أعشار العلم ذهب يوم ذهب عمر ))
وقال مجاهد (( إذا اختلف الناس في شيء فانظروا ما صنع عمر فخذوا به ))
وقال أبو عثمان النهدي (( إنما كان عمر ميزاناً لا يقول كذا ولا يقول كذا ))
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ولكن لعل هذا الطاعن لن يقتنع بهذا الكلام، فسأضطر لكي أنقل من الإمامية الاثني عشرية والمعتمدة لديهم رأي أهل البيت رضي الله عنهم في عمر:
يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه واصفاً زمن حكم عمر بقوله (( لله بلاء فلان فقد قوّم الأوَد وداوى العمَد، خلّف الفتنة وأقام السنّة، ذهب نقيَّ الثوب قليل العيب أصاب خيرها وسبق شرّها، أدّى إلى الله طاعته، واتقاه بحقّه، رحل وتركهم في طرقٍ متشعّبة، لا يهتدي فيها الضاّل ولا يستيقن المهتدي ))
وقال عنه أيضاً (( ووليهم والٍ فأقام واستقام حتى ضرب الدين بجرّانه ))
وفي كتاب ( الغارات ) لابراهيم الثقفي يذكر أن علياً وصف ولاية عمر بقوله (( ... وتولى عمر الأمر وكان مرضيّ السيرة، ميمون النقيبة ))
وعندما شاوره عمر في الخروج إلى غزو الروم قال له (( إنك متى تسر إلى هذا العدو بنفسك، فتَلْقَهُم بشخصك فتُنكب، لا تكن للمسلمين كانفة دون أقصى بلادهم، ليس بعدك مرجع يرجعون إليه، فابعث إليهم رجلاً محْرَباً، واحفز معه أهل البلاء والنصيحة، فإن أظهرك الله فذاك ما تحب، وإن تكن الأُخرى كنت ردءاً للناس ومثابة للمسلمين ))
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ويقول محمد آل كاشف الغطاء في كتابه ( أصل الشيعة وأصولها ) الذي ادعى هذا الطاعن أنه تمتع بقراءته! (( وحين رأى ( أي عليّ بن أبي طالب ) أن الخليفتين أعني الخليفة الأول والثاني ( أي أبو بكر وعمر! ) بذلا أقصى الجهد في نشر كلمة التوحيد وتجهيز الجنود وتوسيع الفتوح ولم يستأثرا ولم يستبدا ( انظر؟! ) بايع وسالم ))
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
لذلك زوّج علي ابنته أم كلثوم من عمر بن الخطاب
وليس ذلك وفقط بل وسمى أحد أولاده باسم عمر باعتراف الأربلي
تدليلاً على حبه وتقديره للخليفة عمر بن الخطاب فهل بعد ذلك يشك أحد بأنّ الله وضع الحق على لسان عمر وقلبه؟!
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
و عليكم سلام
جزاك الله كل خير اخوي عمر
والحمد الله رد مسموح
والله احترت وش اكتب من ابيات المدح لك
والله ان موضوعك هذا مهم جدا لكل من فيه قلب ذرات غبار من كره خير الصحب و الاهل
بصراحه لم افهم هولاء القوم لو يكرهون صحابة الرسول عليه صلاة وسلم
لو ترا كلامهم تجده كلام اطفال و غير معقول
و كان عصر الصحابه عصر كابوي او الهنود الحمر
ينسبون لهم افعال حتى شخص الوضيع لا يفعلها
الله يخسف فيه الارض على كلامهم اللي و كنت الجبال تتكلم لا رمات عليهم صخر والحجز
و كمان اكاذيب هولاء القوم ليست على خط واحد
مثلا يصفون على رضي الله عنه اوصاف غريبه و شجاعه ف=غير طبيعيه
و صحيح على رضي الله عنه لا احد يجادل في شجاعته
لكن ان يسكت و يرا زوجته تهن و زيادة بهارات الكذبه ~ اسقط حملها ~ ويصمت فهذا قمة الجبن
الا ليس هذا فيه نوع من اتهام على رضي الله عنه بالخوف و جبن
ومن غير كتم الوصيه المزعومه
اللي هي مثل وصيةاليهود
نفس طبع
اللي ابي ا وصل له كل شخص يسب صحابة الرسول عليه سلم
اعرف ان في قلبه مرض
و اسود الوجه ولا بارك الله فيه
ويضل مهان بين الناس و من دون كرامه
هذا يكذب الله سبحانه و الله شهد للصحابه رضي الله عنهم ب الايمان وحسن الاسلام
و يجي واحد في اخر الازمان من مذهب اساسه يهودي ويقول كلام معتوه و يكفر صحابة الرسول
و الله انهم قوم لا يعقلون
فقط انظر الى حالهم الان
هل هولاء لهم اعتبار بين الناس
صدقني رافضي لا يتفخر برفضه امام احد
و حتى في البلاك بري ~
لان هو يعرف ان لا احد يحب شخص لسانه متعود على سب خير الاصحاب رضي الله عنهم
معليش كثرت الكلام
متابع
بارك الله فيك
تحياتي
[مِسعَرُ حَرب
8-4-2012, 07:24 PM
حياك الله أخي سميد ، نعم مسموح كما أخبرتك :)
صدقت ينسبون للصحابة أبشع الأفعال والأوصاف
لكن لا تعجب من هؤلاء الزنادقة
فهمهم "هدم دين الإسلام" ، الذي قضى على أحلامهم
وقضى على إمبراطورياتهم وحكامهم المجوس
فهذا ردت فعلٍ منهم وانتقام > لكن ليس من الخارج بل من الداخل
دينهم لا يمكن أن ينسب لدين الإسلام فليس منه في شيء
وهذه سنة الله في الابتلاء والامتحان وخروج أقوام يدعون للباطل والبهتان
وبإذن الله لن يعدوا قدرهم ولهم يوم ، ولن يخلف الله وعده
جزاكم الله كل خير وبارك فيكم
أشكرك لك جميل كلماتك ومتابعتك
حفظك الله
[مِسعَرُ حَرب
2-5-2012, 01:51 PM
شبهات حول الفاروق رضي الله عنه -5- :
http://i.cubeupload.com/eVWfkh.png
شبهة شجاعة عمر :
شبهة القول إن الصحابة كانوا معروفين بالشجاعة والكرم والعبادة والعلم ... فنسال : كم كافرا قتل عمر ابن الخطاب في معارك بدر احد الخندق خيبر وحنين ؟
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
الـردّ :
لسنا بحاجة إلى معرفة الأعداد ، لأننا لو أردنا معرفة ذلك بالنسبة لِكبار الصحابة فلن نتمكّن من معرفة ذلك بِدِقّـة ، ليس ذلك في حق كبار الصحابة ، بل في حق سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام ، لا يُعلَم كم قَتَل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيده على وجه التحديد والدقّـة .
وذلك راجع إلى أمور ، منها :
أولاً : أن دواعي الإخلاص تمنع من التحدّث بمثل هذا .
ثانياً : أن الحروب تدور رحاها حتى يذهل الابن عن أبيه ، والأب عن ابنه ، فضلا عن أن يعدّ كم قَتَل .
ثالثاً : أن هذا ليس مما يُتفاخَر به ، أي كثرة من قَتَل ، ولم يكن هذا من شأن القوم ولا من دأبهم .
فإننا لو سألنا على وجه التحديد والدِّقّـة : كم قَتَل علي بن أبي طالب رضي الله عنه ؟ما استطاعوا الإجابة بِدِقّـة .وقد يُعرف ذلك في حق آحادٍ منهم ، كخالد بن الوليد ، وذلك ليس على وجه الدقّـة ، وإنما يكون على التقريب والظنّ .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ثم يُقال لهذا الطاعن : لماذا خصصت عُمر رضي الله عنه ، وهو المشهود له بالشجاعة في الجاهلية والإسلام ؟
فالجواب : أن عمر رضي الله عنه كما تقدّم هو من أطفأ نيران المجوس !
من اجل هذا يحقد هؤلاء على عمر رضي الله عنه ، وتحيك ضدّه الأساطير وتُلفّق الأكاذيب ، وتختلق القصص في حق رجل أحبه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبشّره بالجنة ، وتزوّج ابنته ، وهي حفصة بنت عمر رضي الله عنها وارضاها ، وهي أم المؤمنين ، ومن لم يَرض بها أُمّـاً للمؤمنين ، فقد طعن في عرض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وكذّب القرآن ؟
كيف ؟
قال الله عز وجل : { النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ } .
فمن لم يعتقد أن زوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمهات للمؤمنين فليس هو من المؤمنين بِنصّ الآية .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وحفصة وعائشة رضي الله عنهن من زوجات نبينا صلى الله عليه وآله وسلم ، ومات عليه الصلاة والسلام وهو في حجر عائشة رضي الله عنها .
أيُعقل أن يموت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو راض عنها ثم لا نرضى عنها ، وندّعي اتِّباع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومحبته ؟ أُيعقل أن يرضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن زوجاته ، ويموت وهو عنهن راضٍ ، ولا يأتيه الوحي من السماء يُخبره بخبرهن ؟
إن نبينا أفضل من نوح ومن لوط ، وقد جاء القرآن بالإخبار عما فعلته امرأة نوح وامرأة لوط ، فقال الله تعالى : { ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ } .
بل لقد جاء القرآن وتنـزّل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قضايا عديدة ، وفي إخباره عليه الصلاة والسلام بما قيل من قول . وهؤلاء يزعمون أن أمهات المؤمنين –خاصة عائشة وحفصة– خانتا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فأين هو الوحي الذي أخبرهم بهذا ؟
وهل تَرَك الله رسوله صلى الله عليه وآله وسلم يعيش مع من لا يُناسِبن مقام النبوة في حياته وبعد مماته؟
سبحانك هذا بهتان عظيم .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ღالفارس النبيلღ
3-5-2012, 11:22 AM
وعليك السلام ورحمة الله تعالى وبركاته
صراحة لم أقراء إلى الآن في موضوعك المسترسل والجميل إلا القليل لاكن بإذن الله
لن أتركه وسأقراءه كاملاً
وكما قلت وقال الأخ من قبلي: لن تجد نوراً في قلب أو حتى وجه من يتجراء على الكلام عنهم
فما بالكم في من يتجراء ويتقول عليهم الأقاويل الباطلة بهتاناً وزورا
((سبحانك هذا بهتان عظيم))
وكما هو واضح لمن تفكر بأن فكرة من يقول بهذا الكلام الباطل لايريد منه إلا شيئ واحد لاثاني له
وهو إبطال القراءن الكريم والسنة النبوية الشريفة ( على صاحبها أفضل الصلاة والسلام )
وهذا لن يكون لهم بإذن واحد أحد فقد تكفل بحفظ كتابه
فكل من له قلب وعقل لن يصدق مايفتريه هاؤلاء المبطلون إذا تفكر في كلامهم
في الأخير...جزاك الله خير الجزاء على مجهودك الجميل...
واسأل من الله أن يجعله في ميزان حسناتك
,,, ولايحرمنا جميعاً أجرهـ,,, من كتبه وقراءهـ وعمل على نشرهـ...
لكل أخ حبيب محب لربه ونبيه ودينه والصالحين من عباد الله
أن لانتوانا أو نتأخر في نشر كل ماهو دال على الخير
وكل مايعرفنا بربنا وديننا ونبينا محمد ( صلى الله عليه وسلم ) وبصحابته الكرام وأزواجه الطاهرات
والتابعين والعلماء وكل من كان لهم دور في نشر هذا الدين الحنيف.
الكلام كثير...لا أطيل عليكم...ووفقنا الله وإياكم إلى مافيه الخير
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
[مِسعَرُ حَرب
10-5-2012, 12:39 AM
شبهات حول الفاروق رضي الله عنه -6- :
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
شبهة القول: لماذا تقبلون ابتداعه للطلاق الثلاث في مجلس واحد ؟
الـردّ :
لم يَبْتَدِع عُمر رضي الله عنه ذلك ، وما كان عمر رضي الله عنه ليَبْتَدِع ، بل لا يُعرف في الصحابة مُبتدِعاً .
وما فعله عمر رضي الله عنه يُعتبر من السياسة الشرعية لا من التشريع ، وبينهما فَرْق .
ما هو الفرق بين التشريع وبين السياسة الشرعية ؟
التشريع : هو سنّ أمر لم يكن في شريعة الإسلام ، كأن يأتي أحد فَيَسُنّ ويُشرِّع للناس الحج لغير مكة ، كالحج إلى كربلاء أو إلى النجف !
أو فَرْض خُمس في أموال الناس ، ونحو ذلك !
والسياسة الشرعية : أن يأخذ الناس بالحزم في أمر مشروع .
وهذا باب واسع عند أهل العلم ، بل عند العقلاء .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
فللحاكم أن يأخذ الناس بالسياسة الشرعية ، ويُلزِمهم بأمر رآهم توسّعوا فيه ، ولهذا أصل في السنة النبوية ، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نَهَى عن الوصال في الصيام ، فقال له رجال من المسلمين : فإنك يا رسول الله تواصل . فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أيكم مثلي ؟ إني أبيت يطعمني ربي ويسقين ، فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال واصَلَ بهم يوماً ، ثم رأوا الهلال ، فقال : لو تأخر لزدتكم ، كالمنكل بهم حين أبوا . رواه البخاري ومسلم .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ومثل ذلك ما يُفرض على الناس من عقوبات إذا تساهلوا في أمر كان لهم فيه سَعة .
بل للحاكم العفو عن الحدود في سِنيّ المجاعات ، وهذا ما عمِل به عُمر ، وهؤلاء يعيبون عُمر رضي الله عنه بذلك !
عابوا عُمر بأنه تَرَك إقامة الحدود عام المجاعة !
وتلك شَكَاة ظاهر عنك عارها أبا حفص !
فإن الحدود تُدرأ وتُدفع بالشُّبُهات ، والمجاعة شُبهة أن الجائع ما دَفَعه على السرقة إلا الجوع .
وهذا موافق لِهَدْيِه عليه الصلاة والسلام
كما أن هذا له أصل في الشريعة ، فقد فعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع ماعز رضي الله عنه وقد اعترف ماعز بما اقترف .
فكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول له : لعلك قبلت ، أو غمزت ، أو نظرت . رواه البخاري.
فكأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يُلقنه ، وهو مع ذلك يُردّه .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وكان عُمر رضي الله عنه يقول : لأن أُعَطِّل الحدود بالشبهات أحب إلي من أن أُقيمها بالشبهات
ولم يَنْفَرِد عمر رضي الله عنه بهذا ، فقد جاء هذا عن معاذ وعبد الله بن مسعود وعقبة بن عامر أنهم قالوا : إذا اشتبه عليك الحدّ فادرأه . رواه ابن أبي شيبة .
وقالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : ادرأوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم ، فإذا وجدتم للمسلم مَخْرَجاً فخلوا سبيله ، فإن الإمام إذا اخطأ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة . رواه ابن أبي شيبة .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ومن باب السياسة الشرعية إلزام الناس بالطلاق الثلاث ، أي بإيقاعها .
وهذا ليس تشريعا ، فإن التشريع لو أن أحداً قال : يُزاد طلقة رابعة – مثلا – فإن هذا هو التشريع .
أما إلزام الناس بأمر مشروع فهذا ليس من باب التشريع ، وإنما هو من باب السياسة الشرعية ، والناس إذا رأوا أنه ضُيِّق عليهم في أمر كان لهم فيه سَعة كان أدعى للزّجر .
وهذا الذي ذَهَب إليه عمر رضي الله عنه .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
قال ابن عباس : كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة ، فقال عمر بن الخطاب : إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة ، فلو أمضيناه عليهم ، فأمضاه عليهم . رواه مسلم .
وهذا قد وافقه عليه الصحابة وهم مُتوافرون .
كما أن عمر رضي الله عنه لم يزعم نسخ العمل بالثلاث أن تكون واحدة ، وإنما أخذ بذلك .
وهذا كالذي يأخذ بأمر واحد من كفارة اليمين ، أو يَصرف الزكاة لصنف واحد من الأصناف الثمانية .
فالذي يُكفِّر عن يمينه بالإطعام ، ويلتزم هذا لا يُعتبَر مُشرِّعاً ، وإنما أخذ ببعض ما شُرِع ، وتركه لبعض ما فيه اختيار .
وكذلك الذي يصرف الزكاة لصنف واحد من الأصناف الثمانية [ أهل الزكاة ] لا يُعتبر مُعطّلاً لما شرعه الله ، وإنما أخذ ببعض ما له فيه خيار .
وكذلك القول بالنسبة للطلاق الثلاث ، وما اختاره عُمر رضي الله عنه فيها .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وقد أذِن لنساء بني إسرائيل الخروج إلى أماكن العبادة ، ثم مُنِعن لما توسّعن في الزينة والطِّيب .
قالت عائشة رضي الله عنها : لو أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأى ما أحدث النساء لمنعهن المسجد كما منعت نساء بني إسرائيل . قال يحيى بن سعيد : فقلت لعمرة : أنساء بني إسرائيل منعهن المسجد ؟ قالت : نعم . رواه البخاري ومسلم .
وإنما مُنعت نساء بني إسرائيل من المساجد لما أحدثن وتوسعن في الأمر من الزينة والطيب وحسن الثياب . ذكره النووي في شرح مسلم .
قال ابن حجر في موضوع آخر مشابه : وفائدة نهيهن – أي النساء – عن الأمر المباح خشية أن يَسْتَرْسِلْن فيه فيُفضي بهن إلى الأمر المحرَّم لضعف صبرهن ، فيستفاد منه جواز النهي عن المباح عند خشية إفضائه إلى ما يحرم . اهـ.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وقد غضب النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما تلاعب الناس بالطلاق ، فقد أُخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعا ، فقام غضبانا ، ثم قال : أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم ؟ حتى قام رجل وقال: يا رسول الله ألا أقتله ؟ رواه النسائي .
ثم إن اعتبار الثلاث واحدة له أصل في السنة ، ففي قصة الملاعنة أن الرجل طلقها ثلاثا قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . قال ابن شهاب : فكانت تلك سنة المتلاعنين . رواه البخاري
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
ღالفارس النبيلღ
10-5-2012, 02:24 PM
جزاك الله خيراً أخي
في إنتظار المزيد ^_^
تقبل خالص تحية وتقدير وأحترام
[مِسعَرُ حَرب
14-5-2012, 08:57 PM
شبهات حول الفاروق رضي الله عنه -7..8- :
http://i.cubeupload.com/6c3J7j.png
شبهة تحريم عمر لمتعة النساء والحج :
قولهم أن عمر منع من متعة النساء ومتعة الحج ، مع أن كلتا المتعتين كانتا في زمنه صلى الله عليه وآله وسلم ، فنسخ حكم الله تعالى وحرم ما أحله سبحانه ، بدليل ما ثبت عند أهل السنة من قوله ( متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وانا أنهي عنهما ) .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
والجواب : أن أصح الكتب عند أهل السنة الصحاح الست ، وأصحها البخاري ومسلم ، وقد روى مسلم في صحيحه عن سلمة بن الأكوعا .وسبرة بن معبد الجهني أنه صلى الله عليه وآله وسلم قد حرم هو المتعة بعد ما كان أحلها ورخصها لهم ثلاثة أيام ، وجعل تحريمها إذ حرمها مؤبداً إلى يوم القيامة .
ومثل هذه الرواية في الصحاح الآخر ، وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما من كتب أهل السنة رواية الأئمة عن الأمير بتحريمها ، فإن ادعت الشيعة ان ذلك كان في غزوة خيبر ثم أحلت في غزوة الأوطاس فمردود ، لأن غزوة خيبر كانت مبدأ تحريم لحوم الحمر الأهلية لا متعة النساء ، فقد روى جمع من أهل السنة عن عبد الله والحسن ابني محمد ابن الحنفية عن أبيهما عن الأمير رضي الله عنه أنه قال : ( امرني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن أنادي بتحريم المتعة ) فقد علم ان تحريم المتعة كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مرة أو مرتين ، فالذى بلغه النهي أمتنع عنها ومن لا فلا ، ولما شاع في عهد عمر أرتكابها أظهر حرمتها واشاعها وهدد من كان يرتكبها . وآيات الكتاب شاهدة على حرمتها وقد سبق ذلك في المسائل الفقيه فنذكر فما في العهد من قدم .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
والجواب عن متعة الحج – اعنى تادية أركان العمرة مع الحج في سفر واحد في أشهر الحج قبل الرجوع إلى بيته – ان عمر لم يمنعها قط ، ورواية التحريم عنه افتراء صريح .
نعم إنه كان يرى إفراد الحج والعمرة أولى من جمعها في إحرام واحد وهو القران ، أو في سفر واحد وهو التمتع ، وعليه الإمام الشافعي وسفيان الثوري وإسحاق بن راهويه ، وغيرهم لقوله تعالى { وأتموا الحج والعمرة لله – إلى قوله – فمن تمتع بالعمرة إلى الحج } الآية ، فأوجب سبحانه الهدى على المتمتع لا على المفرد جبراً لما فيه من النقصان ، كما أوجبه تعالى في الحج إذا حصل فيه قصور ونقص ، لأنه صلى الله عليه وآله وسلم حج في حجة الوداع منفرداً واعتمر في عمرة القضاء وعمرة جعرانة كذلك ولم يحج فيها بل رجع إلى المدينة مع وجود المهلة .
وأما ما رووا من قول عمر( وأنا أنهي عنهما) فمعناه أن الفسقة وعوام الناس لا يبالون بنهي الكتاب وهو قوله تعالى { فمن أبتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون } وقوله تعالى { وأتموا الحج والعمرة لله } إلا أن يحكم عليهم الحاكم والسلطان ويجبرهم على مراعاة ما أمروا به وما نهوا عنه فلذلك أضاف النهي إلى نفسه ، فقد تبين لك ولله تعالى الحمد زيف أقوالهم وظهر لك مزيد ضلالهم ، والحق يعلو وكلمة الصدق تسمو .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
http://i.cubeupload.com/97jps4.png
شبهة زيادة عمر في حد شارب الخمر
الجواب:
أن علي بن أبي طالب كان ممن يُشير على عُمر بمثل ذلك .
روى عبد الرزاق عن عكرمة أن عمر بن الخطاب شَاوَرَ الناس في جلد الخمر ، وقال : (إن الناس قد شربوها واجترؤوا عليها) . فقال له عليّ : إن السكران إذا سكر هذى ، وإذا هذى افترى فاجعله حَـدّ الفرية .
فجعله عمر حد الفرية ثمانين .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
وروى الحاكم عن وبرة الكلبي قال : أرسلني خالد بن الوليد إلى عمر رضي الله عنه ، فأتيته وهو في المسجد معه عثمان بن عفان وعليّ وعبد الرحمن بن عوف وطلحة والزبير رضي الله عنهم متكئ معه في المسجد ، فقلت : إن خالد بن الوليد أرسلني إليك وهو يقرأ عليك السلام ، ويقول : إن الناس قد انهمكوا في الخمر وتحاقروا العقوبة .
فقال عمر : "هم هؤلاء عندك فَسَلْهُم" . فقال عليّ رضي الله عنه : نراه إذا سكر هذى ، وإذا هذى افترى ، وعَلَى المفتري ثمانون .
فقال عمر : أبلغ صاحبك ما قال . فَجَلَدَ خالد ثمانين ، وجَلَدَ عُمر ثمانين .
فهذا رأي علي بن أبي طالب ، وهذه مشورته التي أخذ بها عُمر وأخذ بها الخلفاء من بعدِه ، وعليها العَمَل إلى يومنا هذا .
ولم يقتصر الأمر على المشورة فحسب بل كان علي بن أبي طالب يَفعل مثل ذلك من غير نكير ، لأن باب السياسة الشرعية واسع ، وليس هو من باب البِدع .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
روى البخاري ومسلم من طريق عمير بن سعيد النخعي قال : سمعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : ما كنت لأقيم حَـدّاً على أحد فيموت فأجِد في نفسي إلا صاحب الخمر ، فإنه لو مات وَدَيتُـه ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يَسُـنَّـه ،( يعني: حـدّ الخمر)
فَلَم نَقُل نحن ولا الإمامية إن علياً يُشرِّع من دون الله !
بل نرى هذا من باب السياسة الشرعية التي فيها مُتّسَع للأمة .
وأن الناس إذا توسّعوا في أمر كان لهم فيه سَعة ، أنه يُضيّق عليهم من باب السياسة الشرعية ، وأخذ الناس بالْحَزم .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
[مِسعَرُ حَرب
11-6-2012, 02:00 PM
شبهات حول الفاروق رضي الله عنه -9..10- :
http://i.cubeupload.com/YDmurn.png
عطاء عمر رضي الله عنه لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهن :
وقوله: ((وكان يعطي أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم من بيت المال أكثر مما ينبغي.وكان يعطي عائشة وحفصة من المال في كل سنة عشرة آلاف درهم)).
فالجواب: أما حفصة فكان ينقصها من العطاء لكونها ابنته ، كما نقص عبد الله بن عمر.
وهذا من كمال احتياطه في العدل ، وخوفه مقام ربه ، ونهيه نفسه عن الهوى.
وهو كان يرى التفضيل في العطاء بالفضل ، فيعطي أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم أعظم مما يعطي غيرهن من النساء، كما كان يعطي بني هاشم من آل أبي طالب وآل العباس أكثر مما يعطي من عداهم من سائر القبائل .
فإذا فضّل شخصاً كان لأجل اتصاله برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أو لسابقته واستحقاقه.
وكان يقول: "ليس أحد أحق بهذا المال من أحد، وإنما هو الرجل وغناؤه، والرجل وبلاؤه ، والرجل وسابقته ، والرجل وحاجته" .
فما كان يعطي من يُتهم على إعطائه بمحاباة في صداقة أو قرابة ، بل كان ينقص ابنه وابنته ونحوهما عن نظرائهم في العطاء ، وإنما كان يفضِّل بالأسباب الدينية المحضة ، ويفضِّل أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم على جميع البيوتات ويقدِّمهم .
وهذه السيرة لم يسرها بعده مثله لا عثمان ولا عليّ ولا غيرهما .
فإن قُدح فيه بتفضيل أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فليُقدح فيه بتفضيل رجال أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، بل وتقديمهم على غيرهم .
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
الكلام في دعاء فاطمة على عمر بما فعله أبولؤلؤة به :
قال الطاعن : (( ولما وعظت فاطمة أبا بكر في فَدَك ، كتب لها كتابا بها ، وردها عليها ، فخرجت من عنده ، فلقيها عمر بن الخطاب فحرق الكتاب ، فدعت عليه بما فعله أبو لؤلؤة به وعطّل حدود الله فلم يحدّ المغيرة بن شعبة ، وكان يعطي أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم من بيت المال أكثر مما ينبغي ، وكان يعطي عائشة وحفصة في كل سنة عشرة آلاف درهم . وغيَّر حكم الله في المنفيين ، وكان قليل المعرفة في الأحكام )).
والجواب : أن هذا من الكذب الذي لا يستريب فيه عالم ، ولم يذكر هذا أحد من أهل العلم بالحديث ، ولا يُعرف له إسناد .
وأبو بكر لم يكتب فَدَكا قط لأحد : لا لفاطمة ولا غيرها ، ولا دعت فاطمة على عمر .
وما فعله أبو لؤلؤة كرامة في حق عمر رضي الله عنه ، وهو أعظم ممّا فعله ابن ملجم بعلي ّ رضي الله عنه ، وما فعله قتلة الحسين رضي الله عنه به .
فإن أبا لؤلؤة كافرٌ قتل عمر كما يقتل الكافر المؤمن .
وهذه الشهادة أعظم من شهادة من يقتله مسلم ؛ فإن قتيل الكافر أعظم درجةً من قتيل المسلمين ، وقتل أبي لؤلؤة لعمر كان بعد موت فاطمة ، بمدة خلافة أبي بكر وعمر إلا ستة أشهر ، فمن أين يُعرف أن قتله كان بسبب دعاء حصل في تلك المدة.
والداعي إذا دعا عَلَى مسلم بأن يقتله كافر ، كان ذلك دعاء له لا عليه، كما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يدعو لأصحابه بنحو ذلك ، كقوله : (( يغفر الله لفلان )) فيقولون : لو أمتعتنا به !
وكان إذا دعا لأحد بذلك استُشهد.
ولو قال قائل أن عليًّا ظلم أهل صفِّين والخوارج حتى دعوا عليه بما فعله ابن ملجم ، لم يكن هذا أبعد عن المعقول من هذا .
وكذلك لو قال إن آل سفيان بن حرب دعوا على الحسين بما فُعل به.
http://i.cubeupload.com/scMCVA.gif
Powered by vBulletin® Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir