الدافور
20-3-2012, 02:38 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
بسم الله الرحمن الرحيم..
قصة قصيرة بمناسبة مئويتي الرابعة.. أتمنى أن تكون هذه القصة و400 رد.. قد أيقظت نائماً.. أو أرشدت تائهاً.. أو أخبرت سائلاً.. أو أراحت شاكياً.. والله لا يحرمني الأجر..
الأخيرة
"1"
ـ ماما.. أين ذهب بابا؟
سألها طفلها.. آسف أقصد طعن قلبها ببراءة.. لم تستطع النطق.. فأجابت بدمعة خرساء.. وسكتت..
ـ أين ذهب؟
كرر سؤاله ليفجر كل ينابيع الذكريات.. ليحيي أراضي الماضي القاحلة.. التي جفت بمرور الأيام.. فتجيب:
ـ إلى الجنة..
أجابتْ وحضنته.. وكأنها لا تريد أن يرحل عنها بعيداً كما رحل غيره.. ولتعلن من الآن الحب رغم الألم..
"2"
شمس تشرق وقمر يغيب.. يوم يمر وجوع يزيد.. حب يقوى وآخر يحيد.. مرت الأيام بخطى حثيثة.. لتجعل الأم الأرملة عجوزاً.. والطفل اليتيم رجلاً.. فتقول:
ـ بني.. إلى أين ستذهب؟
ـ وما شأنك؟ أنا رجل كبير لا أحتاج لحرصك..
ـ حسناً.. أنا آسفة..
ـ بالمناسبة.. أين حليّك؟ أحتاج النقود للسفر مع أصدقائي..
ـ ماذا؟!
ـ كلامي واضح.. سأسافر مع أصدقائي.. أين حليك؟
ـ هناك..
أخذها وعندما أراد الخروج.. أوقفته أمه وقد نزفت أولى دمعاتها:
ـ بني.. خذ النقود.. ولكن أرجوك لا تذهب..
ضحك وقال:
ـ أتظنين أن هذه الدموع الزائفة ستوقفني؟
ـ بني..
ـ ...
لا جواب لأنه لا يوجد ابن.. لقد ذهب..
"3"
استمتاع وطرب.. بين النساء واللعب.. والخمر والخبث والعجب.. هتف هاجس بين عقله المخمور وقلبه المشغوف.. ليقول:
ـ لقد نسيت أحداً.. لقد نسيت أمك..
لم يعره اهتماماً.. بل أخمد نار الغيرة المشتتة.. برشفة خمر باردة.. عاد ليقول:
ـ إنها أمك!
نهض مذهولاً.. واهتز خائفاً.. للتو استيقظت بقايا شتات من مشاعره وأحاسيسه.. نسي الحب الأول.. نسي الوفاء الأعظم.. نسي أمه..
أسرع خارجاً.. تاركاً نداءات أصدقائه بلا إجابة.. وانطلق مسرعاً خائفاً.. لا يدري لماذا؟ إلى المجهول..
"4"
وصل إلى المنزل فدخله فرآه مظلماً.. أظلم قلبه رغم ظلامه.. بحث عن حركة فلا شيء.. ذهب إلى غرفة أمه.. فلم ير إلا رسالة.. كتب عليها:
إلى ابني (رغم كل شيء)..
فتحها بسرعة.. فوجد:
" بني..
كيف سأعيش بدونك؟ أرجوك ارجع.. منذ ولادتك وحين مات والدك.. وأنا لا أبتسم إلا لابتسامتك.. لا أبكي إلا لبكائك.. لا أنام إلا بعد نومك.. لا أدعو إلا بصلاحك..
ولكن أتت صحبتك لتغرقك وترفض أن أغرق لتنجو.. أن أموت لتحيا.. أن أبكي لتضحك.. وكأن حياتي ليست بحياتك.. وموتي ليس بموتك..
بني.. ربيتك كثيراً بصعوبة.. فكيف تذهب هكذا وبكل سهولة؟ لا أمانع خذ كل نقودي وحليي.. خذ كل ما في بيتي.. بل خذ نفسي.. ولكن هبني القليل من حبك ووجودك حولي.. أشعرني أني أمك.. أمنيتي الوحيدة أن تعود لتناديني بـ "ماما".."
لم يستطع الإكمال.. وسقطت دموع حارة.. دموع للحب وأخرى للوفاء.. ذهب إلى مصلاها فرآها ساجدة.. انتظرها ليقبل رأسها ويرتمي في حضنها.. ولكنه لم يعلم أنها سجدتها الأخيرة..
النهاية..
الدافور
20/3/12
http://images.msoms-anime.net/images/26569717661556608354.gif
بسم الله الرحمن الرحيم..
قصة قصيرة بمناسبة مئويتي الرابعة.. أتمنى أن تكون هذه القصة و400 رد.. قد أيقظت نائماً.. أو أرشدت تائهاً.. أو أخبرت سائلاً.. أو أراحت شاكياً.. والله لا يحرمني الأجر..
الأخيرة
"1"
ـ ماما.. أين ذهب بابا؟
سألها طفلها.. آسف أقصد طعن قلبها ببراءة.. لم تستطع النطق.. فأجابت بدمعة خرساء.. وسكتت..
ـ أين ذهب؟
كرر سؤاله ليفجر كل ينابيع الذكريات.. ليحيي أراضي الماضي القاحلة.. التي جفت بمرور الأيام.. فتجيب:
ـ إلى الجنة..
أجابتْ وحضنته.. وكأنها لا تريد أن يرحل عنها بعيداً كما رحل غيره.. ولتعلن من الآن الحب رغم الألم..
"2"
شمس تشرق وقمر يغيب.. يوم يمر وجوع يزيد.. حب يقوى وآخر يحيد.. مرت الأيام بخطى حثيثة.. لتجعل الأم الأرملة عجوزاً.. والطفل اليتيم رجلاً.. فتقول:
ـ بني.. إلى أين ستذهب؟
ـ وما شأنك؟ أنا رجل كبير لا أحتاج لحرصك..
ـ حسناً.. أنا آسفة..
ـ بالمناسبة.. أين حليّك؟ أحتاج النقود للسفر مع أصدقائي..
ـ ماذا؟!
ـ كلامي واضح.. سأسافر مع أصدقائي.. أين حليك؟
ـ هناك..
أخذها وعندما أراد الخروج.. أوقفته أمه وقد نزفت أولى دمعاتها:
ـ بني.. خذ النقود.. ولكن أرجوك لا تذهب..
ضحك وقال:
ـ أتظنين أن هذه الدموع الزائفة ستوقفني؟
ـ بني..
ـ ...
لا جواب لأنه لا يوجد ابن.. لقد ذهب..
"3"
استمتاع وطرب.. بين النساء واللعب.. والخمر والخبث والعجب.. هتف هاجس بين عقله المخمور وقلبه المشغوف.. ليقول:
ـ لقد نسيت أحداً.. لقد نسيت أمك..
لم يعره اهتماماً.. بل أخمد نار الغيرة المشتتة.. برشفة خمر باردة.. عاد ليقول:
ـ إنها أمك!
نهض مذهولاً.. واهتز خائفاً.. للتو استيقظت بقايا شتات من مشاعره وأحاسيسه.. نسي الحب الأول.. نسي الوفاء الأعظم.. نسي أمه..
أسرع خارجاً.. تاركاً نداءات أصدقائه بلا إجابة.. وانطلق مسرعاً خائفاً.. لا يدري لماذا؟ إلى المجهول..
"4"
وصل إلى المنزل فدخله فرآه مظلماً.. أظلم قلبه رغم ظلامه.. بحث عن حركة فلا شيء.. ذهب إلى غرفة أمه.. فلم ير إلا رسالة.. كتب عليها:
إلى ابني (رغم كل شيء)..
فتحها بسرعة.. فوجد:
" بني..
كيف سأعيش بدونك؟ أرجوك ارجع.. منذ ولادتك وحين مات والدك.. وأنا لا أبتسم إلا لابتسامتك.. لا أبكي إلا لبكائك.. لا أنام إلا بعد نومك.. لا أدعو إلا بصلاحك..
ولكن أتت صحبتك لتغرقك وترفض أن أغرق لتنجو.. أن أموت لتحيا.. أن أبكي لتضحك.. وكأن حياتي ليست بحياتك.. وموتي ليس بموتك..
بني.. ربيتك كثيراً بصعوبة.. فكيف تذهب هكذا وبكل سهولة؟ لا أمانع خذ كل نقودي وحليي.. خذ كل ما في بيتي.. بل خذ نفسي.. ولكن هبني القليل من حبك ووجودك حولي.. أشعرني أني أمك.. أمنيتي الوحيدة أن تعود لتناديني بـ "ماما".."
لم يستطع الإكمال.. وسقطت دموع حارة.. دموع للحب وأخرى للوفاء.. ذهب إلى مصلاها فرآها ساجدة.. انتظرها ليقبل رأسها ويرتمي في حضنها.. ولكنه لم يعلم أنها سجدتها الأخيرة..
النهاية..
الدافور
20/3/12
http://images.msoms-anime.net/images/26569717661556608354.gif