المحققة آي
19-4-2012, 07:14 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
بعد ركودي الطويل في المياه الملطخة بالدراسة والأمتحانات والكد العظيم، آتيكم بعنوان جديد وقصة مثيرة تبين الحب الأخوي بما فيه من معاني الاخلاص و الوفاء، فهيا نبدأ رحلتنا...
المقدمة:
تحكي هذه القصة عن أخوين في المرحلة المتوسطة، يمر الأخ الأكبر في حالة من الحزن العميق فتهب أخته الصغرى لأعادة البهجة في قلبه ... والمزيد في القصة
سبب هذه القصة:
أحدات هذه القصة خيالية ومناسبتها أن شخصا عزيزا في قلبي لم يبتسم لي منذ فترة طويلة أشعرني فيها بالإحباط الشديد.
الشخصيات:
أكاري كويانو
أكيرا كويانو
المكان والزمان:
منتصف الربيع، في أماكن متعددة: المدرسة والمنزل و الملاهي
العقدة:
تحاول أكاري إعادة البهجة والسرور في قلب أكيرا بعد أن فقدها...
إليكم القصة...
أأشكو إليه لم حزين؟
أم أنتظره يبتسم حتى حين!!
على الكرسي أجلس، أراقب النجوم وأتأمل: لماذا لا أراه يبتسم؟!! دائما عابس، لم أره منذ مدة يبتسم، ما الذي جعله بهذا العبوس؟ ما الذي بدل الابتسام؟
أشياء كثيرة تدور في بالي أنا أكاري كويانو، بلغت من العمر منذ فترة وجيزة 12 عاما، في الصف الأول من المرحلة الإعدادية، ومن أتحدث عنه هو شقيقي الأكبر أكيرا كويانو البالغ من العمر 15 في الصف الثالث من المرحلة ذاتها.
في صباح اليوم التالي، وعلى أصوات أمي الحنون استيقظت من نومي، والابتسامة برزت ملامحي، سألتني أمي في حيرة: لم تبتسمين؟
فأجبتها: لقد تحقق نصف حلمي يا أمي.
أنظف أسناني بسعادة، فقد رأيت أخي يبتسم، لم تكن فحسب ابتسامة ، لقد كان يضحك بشدة، لم أعرف أين كنا وما السبب في تلك الضحكة، لقد كان يضحك في منامي، فإما أن يعني هذا بشارة جيدة أو سيئة؛ لست أدري، لذا عزمت في أن أجعله يضحك، فأنا أرغب بشدة أن أراه سعيدا.
كنت قد خرجت من الحمام وهو في أقصى درجات الغضب التي توشك على الانفجار، لم أستطع التحديق في عينيه لفترة طويلة، كان يتأفف كما لو أنه يرغب في تفريغ قلبه من الغضب الشديد، وربما الحزن، فلست أدري بمشاعر هذا النوع من البشر، اتجهت إلى غرفته أسرح شعري، لقد أردت حقا أن أتحدث إليه، و أن أقترب منه، فعسى ولعلي أستطيع سرقة قلبه، فيبوح لي بكل همه، لكنه حينما دخل إلى الغرفة، قال غاضبا وبصوت مخيف: من أذن لك بالدخول إلى هنا يا ذات الشريطة الغبية؟
لم أستطع الإجابة عن السؤال، فقال لي: أخرجي من هنا في الحال، لا يجب عليك أن تدخلي غرفتي بعد الآن.
تمالكت نفسي وتشجعت لأقول له: أردت أن أريك تسريحة شعري.
لم أكن بحاجة في الأصل إلى أن أقولها، فقد أعطاني رأيه قبل أن أسأله، لكني رأيت بأنه يتوجب علي أن أثبت أو أعلل سبب وجودي، فقال لي: أيتها الغبية، لا جديد فيها، فهي ككل مرة.
غادرت إلى غرفتي تاركة قطرات الدموع التي دلت على دخولي، فالحزن أوصلني لمرحلة اليأس والإيمان بالفشل، ما عدت أرغب في إسعاده، ما عدت أقوى على احتماله، أوصدت الباب على نفسي واتكأت عليه وأنا أبكي.
صدفة رأيت حصالتي، كل ما ادخرته من مصروفي ، أخذت أعد النقود التي فيها والأفكار تدور في ذهني، لا أدري ما الدافع الذي غير فكري، وأظنني بهذا المال أستطيع إدخال السعادة في قلب أخي، كانت طرقات أمي المتتالية لباب غرفتي قد شتت انتباهي، خرجت على عجل من غرفتي، وتناولت إفطاري، ثم أخذت وجبة غدائي، ثم ارتديت حذائي ذوات الزلاجات الأربع، خرجت مسرعة أسابق الريح إلى المدرسة التي أدرس فيها.
هناك خلعت حذائي وارتديت حذاء المدرسة وأسرعت أركض في الممرات متجهة إلى الصف 3-A فصل أخي، كتبت رسالتي التي قد فكرت في محتواها في طريقي للمدرسة ثم تركتها في درجه وغادرت مسرعة إلى فصلي، ومن حسن حظي أن لا أحد في صفه آنذاك أي أن هويتي ستبقى مجهولة حتى موعد اللقاء.
لم أستطع توقع ردة فعله حينما يقرأ رسالتي، ولست بقادرة على الاقتراب منه حتى لا أثير شكوكه، مر اليوم الدراسي وأنا في قلق، عدت إلى المنزل مسرعة كي أختلي بوقتي، فعليّ أن أفكر فيما سأفعله إن قابلته في الموعد وماذا أصنع إن لم أقابله.
قبيل غروب الشمس بلحظات، طرقت باب غرفة أخي، انتظرت كثيرا وعاودت طرق الباب؛ إلا أنني لم ألق الجواب، دخلت إلى غرفته ودون أن ينتبه إلىّ حتى، وجلست على الأرض أنظر إليه بشدة، ففضولي يلح عليّ أن أعرف ماذا يصنع بدقة، وما هي العدة التي جعلته يتجاهلني بحدة، جلست أترقبه ينظر إلي، لكنه أنغمس في إكمال ما يقوم به، حتى تهيجت مشاعره، وتبدل هدوءه، وثار غضبه، مزق الورقة التي كان يعمل عليها ورماها للخلف، سقطت الورقة بالقرب مني فرحت أنظر إليها ، حينما التفت لينظر إليها أدرك وجودي، نهض من كرسيه فقد سخط من الغضب، فقال : منذ متى وأنت هنا؟؟ من أذن لك بالدخول إلى هنا؟
أجبته ببراءة:قبيل غروب الشمس ، عدة مرات طرقت الباب لكني لم ألق الجواب.
إلى الظلام قد نظر، فحتى الشفق الأحمر لم ينتظر، وها قد أعلن ظهوره القمر، ولست أدري ماذا يخبأ القدر، هدوءه الغريب كان قد استتر، وها هو يعلنه بظهور البدر، فقال في الهدوء الذي حضر: ، لا مكان لكم إلا القبر، فليس معي من بقي إلا الكدر، ولست أعلم أين يوصلني الدهر، بسلامٍ توصلينه إليّ فأستقر، وغضبي سيزول مع اختفاء من ظهر.
لن أرضخ للقدر، ولن أستسلم لمن يحسب أن بصالحه الدهر، فقلت وكلي آمال لا فشل: لن أخرج حتى أحصل على مبتغاي.
بغرابة جلس أمامي وأنتظر، أراد حقا أن يعرف ما الأمر، فقلت في عزيمة دون أن أخفي الأمل: أرغب في أن أكون معك، لم لا نخرج سويا يوم الأحد، فأنت أخي الكبير وعلى الأقل أشعرني بالأمان، أرغب أن أعيش بسلام، دون قصف من سواد الأحلام، وغطني بسعادة الأيام . رهينة متكسرة هي سعادتي، تنصاع لبنادقِ كوابيسي ، تنقاد بذلٍ إلى سجني، فتحبسها الأيام في ذاكرتي، وأحيانا يعاد إخراجها من ذاكرتي، فيحدث الصراع الدامي، لكنها تخسر فتغيب عن فكري، وأنا من الخلف أعاني، من آلام ما خلفه الماضي.
صمت تام، هذا الصمت المعتاد الذي أشهده في كل مرة منه، ليس من النوع الذي يحب أن يطيل الأمر بالجدال، فقلت: لنخرج، نلعب، نتسلى، وننس العلل، ونبني عالما من العزيمة و الأمل.
لست أدري ماذا حل به؛ 180 درجة قد تغير، فصرخ في وجهي بلا مبرر: لن أخرج معك، غادري من هنا في الحال.
وقفت لأتحداه قبل أن يشن هجومه المكتوب، فقلت: ما الذي جعلك تغضب؟ أنا لم أقل أي شيء يغضب.
كنت أدرك بأنني لن أخفف من حدة الغضب، فأنا أمامه ما تبقى من الحطب، ولا أساوي شيئا مقابل الذهب، دعوت ربي في هذه الجولة لأكسب، فقال وأنا جاهلة ما في عقله كُتِبَ: أنت فتاة غبية.
هذه المرة عارضته، لا أستطيع طوال الوقت تحمله، فأنا أيضا بشر مثله، لا أحب أن أنصاع لأوامره: أعطني مبررا واحدا على رفضك.
غريب هو أخي، برده لم يعلمني، بل جمع قواه وصفعني، وسقطت على سجاده دون أن يخيرني، غادر الغرفة دون أن يطردني، من مرارة الألم أخذت أبكي، ليس لأنه صفعني، إنما مرارة الفشل الذي أذاقني، فقد أدركت بأنه يكرهني، بحق هو لا يقدر وجودي، ومن بين أفراد الأسرة أخرجني، مع ذلك مسارُ ما يحدث بصالحي، نهضت وأنا أفكر فيما سيجري، فعلى الجبال بنيت خطتي، قبل أن أغادر لمحت الورقة التي كان قد اندمج في العمل بها، أخذتها، ثم فتحتها، وكلي أمل أن أعرف ما فيها، وها قد علمت ما تخفيها ، من مشاعر لم يحسن إخفاؤها.
اليوم هو اللقاء المنتظر، وكغير عادته استيقظ من النوم في وقت أبكر، وأسرع في تناول الإفطار دون أن يتذمر، وذهب ليتألق كما لو أنه على موعد مع رئيس دولة لا مع شخص يأمل في أن يغيّر، أعذره فهو لا يعرف بمن سيلتقي ومن هو المنتظر. دونما أي ابتسام غادر، جعلني أقلق منه بخاطر، وأخشى أن لا أوفق فيما أفكر، صليت لله وأنا أقرر؛ بأن لا أسمح له أن يظل كاسر؛ لمشاعري دون أن أتذمر.
انتظرته نصف ساعة اختبأت خلالها خلف شجرة كرز كبيرة في الموقع، كلي أمل بأن لا يغضب، فإن حدث هذا فيعني أن تعبي وجهدي ضاع سدى، وها هو هذا قد أتى، ونوع من التوتر عندي قد ولى، فخرجت إليه وقلت: صباح الخير يا أخي.
شعرت بغضبه، و بنظرة أسفه، فهو بالطبع لم يضع لهذا أي حساب، فلربما ظن بأنه مقلب من أحد الأصحاب، فأراد أن ينال منه بهذا الجواب، فكنت أمكر مما فعله الغراب، في ما جناه الحطاب، في قصص الجدة التي ترويها للأحباب، غفلت تماما ماذا صنعت لأخي من إحباط، فها هي دموعه تنساب، مسحها كي يظهر لي لأحد الأقباط، الذين عاشوا في عهد الفراعنة القدماء، لم يرد تصديق الواقع، فقال: غادري في الحال؛ إنني انتظر لقاء شخص آخر.
أجبته: أنا من أرسل لك بطاقة الدعوة، أردت أن أبقى معك بعض الوقت، فأنا بحاجة لأن أكون معك، إننا في العادة لا نتحدث معا، لا نبتسم معا، كما لو أننا لسنا بأخوة، لا أريد من هذا أن يستمر أكثر.
توقفت لبرهة ثم أكملت: أرجوك، أني أرجوك أن تفهم ما بداخلي.
لكنه أعرض عن هذا وقال: كيف لي أن أفهمك وقد تلاعبت بمشاعري، لم تفكري في مدى الحزن الذي سببته لي، أنت لم تفكري في مشاعري البتة، لا يمكنني البقاء معك، الجميع يهدف إلى إشباع ذاته ورغباته، لا أحد يفكر في مشاعري، لا أحد يبالي بما أعاني، أريد فقط أن أختلي بوقتي، وأفكر فيما على هذا الكون يجري.
قلت:أخي الكبير، فكر فقط من منظوري، إنك لم ترى المعاناة التي أشعر بها، يكاد قلبي يتفطر من رؤيتك حزينا متكسرا، قدر فقط فيما أحاول فعله، أريد أن يعود كل شيء إلى عهده، ويعود الهدوء والسلام كما كان.
أحداث، أحداث، أحداث، كلما ابتسمت أرى عبوسه يزداد، لست أدري أي نوع من المشاعر يكن، وأي نوع من البشر يحقد، باختفاء أشعة الشمس بدأ الظلام، وحتى الآن لم أحقق الأحلام، وهو لم يبتسم ولم يغير المنوال، حزين وتعيس هكذا الأحوال، فقلقت أن تختفي الآمال، خشيت أن يستمر حزنه أكثر من هذه الساعات، فاصطحبته إلى بيت الرعب حيث تختفي الضحكات، من شخص مثلي يخاف الظلمات ويخش المرتفعات، دخلنا وكلي أمل أن أجتاز هذه الصعوبات، لكنني لم أحتمل أول العقبات، فتمسكت به راجية أن يمر كل شيء دون اعتراضات، لكن الأمر تعقد، أكثر مما أعتقد، فتشبت به أطلب برجاء أن يحميني ويذهب عني الخوف من الظلمات، لكن حينما الظلام قد فات، وبدأ النور بالانتشار قاضيا على الظلمات، صرخت خوفا لا للسرور، بمن تشبت به ليس بأخي، بل مصاص دماء يريد أن يمتص دمي، فبدأت شيئا فشيئا بالبكاء، وأبيت أن أخفي الدمعات، أردت الهرب لكن شيئا أمسك بيدي، وقال: إلى أين؟
كان يضحك، بتلك الطريقة التي رأيته في منامي، زالت همومه، وزال حزنه، ورحل غمه، وودعته كربته، بدى سعيدا وفرحا أكثر مما توقعت، ولست أدري ما هو السبب، لكن لا يهم فقد استطعت أخيرا إسعاده، استطعت أن أدخل الفرحة في قلبه، تمكنت من تغيير حالة الكآبة التي يعيشها، لقد حققت بالفعل مبتغاي، كان انجازا عظيما، شعرت بالسعادة أنا الأخرى ورحت أضحك معه، خرجنا من هناك وأعين الناس تتركز حولنا: من منزل الرعب خرجا ضاحكين، أهما بمجنونين؟
هكذا كانت تعليقات البشر، فهم يتجاهلون تلاعبنا بالقدر، وكيف أمكننا التغلب على الكدر، بابتسامة مشينا أمام القمر، وإلى العجلة الدوارة قصدنا، ونحو المقصورة 16 اتجهنا، وفي المقصورة جلسنا، فساد الصمت في الدنا، وأقداما عن الأرض ارتفعنا، بخوف أشعر لا الهناء، ومن المرتفعات أخش فلا مأمنا، أردت منه أن يبادر بالحديث، ففعل هذا فقال: أكاري...
منذ مدة لم يناديني باسمي، أردت حقا أن أسمع منه اسمي، لقد هجره فكان ينعتني، بالغبية تارة والخرقاء أخرى، أكمل قائلا: أنا آسف، أعرف بأنني تسببت بالكثير.
- قد يفشل الحب في إسعاد الناس أحيانا، لكنه أن نجح فهذا يعني بأنه حب حقيقي، ولربما كان الفراق أفضل لك.
- أنني بحق في حيرة من أمري، لماذا بعد كل هذا تعاملينني هكذا؟
ضممته بقوة، متجاهلة ما أشهر به من خوف من المرتفعات، بادلني الحنان ذاته، فاستشعرت تلك الصورة التي تدور في ذهني، رسم نفسه حزينا ذائبا ينظر من خلف الجدار إلى صديقة طفولته تهدي هدية لفتى غيره، والأمر الأكثر صدمة أن ذاك الفتى ما هو إلا صديقه المقرب، أي نوع من الخيانة هذه، ومن هذا الذي سيستطيع بالفعل تحمل إهانة هكذه، لا زلت في حضنه استشعر منه الأمان، وأمتص منه ما تبقى من الأحزان، ليعيش أيامه بأمان، ويترك كل همه والأحزان، بعد صمت دام قصيرا قلت له:
أحبك يا أخي.
النهاية...
http://images.msoms-anime.net/images/64012189444203404819.gif
بعد ركودي الطويل في المياه الملطخة بالدراسة والأمتحانات والكد العظيم، آتيكم بعنوان جديد وقصة مثيرة تبين الحب الأخوي بما فيه من معاني الاخلاص و الوفاء، فهيا نبدأ رحلتنا...
المقدمة:
تحكي هذه القصة عن أخوين في المرحلة المتوسطة، يمر الأخ الأكبر في حالة من الحزن العميق فتهب أخته الصغرى لأعادة البهجة في قلبه ... والمزيد في القصة
سبب هذه القصة:
أحدات هذه القصة خيالية ومناسبتها أن شخصا عزيزا في قلبي لم يبتسم لي منذ فترة طويلة أشعرني فيها بالإحباط الشديد.
الشخصيات:
أكاري كويانو
أكيرا كويانو
المكان والزمان:
منتصف الربيع، في أماكن متعددة: المدرسة والمنزل و الملاهي
العقدة:
تحاول أكاري إعادة البهجة والسرور في قلب أكيرا بعد أن فقدها...
إليكم القصة...
أأشكو إليه لم حزين؟
أم أنتظره يبتسم حتى حين!!
على الكرسي أجلس، أراقب النجوم وأتأمل: لماذا لا أراه يبتسم؟!! دائما عابس، لم أره منذ مدة يبتسم، ما الذي جعله بهذا العبوس؟ ما الذي بدل الابتسام؟
أشياء كثيرة تدور في بالي أنا أكاري كويانو، بلغت من العمر منذ فترة وجيزة 12 عاما، في الصف الأول من المرحلة الإعدادية، ومن أتحدث عنه هو شقيقي الأكبر أكيرا كويانو البالغ من العمر 15 في الصف الثالث من المرحلة ذاتها.
في صباح اليوم التالي، وعلى أصوات أمي الحنون استيقظت من نومي، والابتسامة برزت ملامحي، سألتني أمي في حيرة: لم تبتسمين؟
فأجبتها: لقد تحقق نصف حلمي يا أمي.
أنظف أسناني بسعادة، فقد رأيت أخي يبتسم، لم تكن فحسب ابتسامة ، لقد كان يضحك بشدة، لم أعرف أين كنا وما السبب في تلك الضحكة، لقد كان يضحك في منامي، فإما أن يعني هذا بشارة جيدة أو سيئة؛ لست أدري، لذا عزمت في أن أجعله يضحك، فأنا أرغب بشدة أن أراه سعيدا.
كنت قد خرجت من الحمام وهو في أقصى درجات الغضب التي توشك على الانفجار، لم أستطع التحديق في عينيه لفترة طويلة، كان يتأفف كما لو أنه يرغب في تفريغ قلبه من الغضب الشديد، وربما الحزن، فلست أدري بمشاعر هذا النوع من البشر، اتجهت إلى غرفته أسرح شعري، لقد أردت حقا أن أتحدث إليه، و أن أقترب منه، فعسى ولعلي أستطيع سرقة قلبه، فيبوح لي بكل همه، لكنه حينما دخل إلى الغرفة، قال غاضبا وبصوت مخيف: من أذن لك بالدخول إلى هنا يا ذات الشريطة الغبية؟
لم أستطع الإجابة عن السؤال، فقال لي: أخرجي من هنا في الحال، لا يجب عليك أن تدخلي غرفتي بعد الآن.
تمالكت نفسي وتشجعت لأقول له: أردت أن أريك تسريحة شعري.
لم أكن بحاجة في الأصل إلى أن أقولها، فقد أعطاني رأيه قبل أن أسأله، لكني رأيت بأنه يتوجب علي أن أثبت أو أعلل سبب وجودي، فقال لي: أيتها الغبية، لا جديد فيها، فهي ككل مرة.
غادرت إلى غرفتي تاركة قطرات الدموع التي دلت على دخولي، فالحزن أوصلني لمرحلة اليأس والإيمان بالفشل، ما عدت أرغب في إسعاده، ما عدت أقوى على احتماله، أوصدت الباب على نفسي واتكأت عليه وأنا أبكي.
صدفة رأيت حصالتي، كل ما ادخرته من مصروفي ، أخذت أعد النقود التي فيها والأفكار تدور في ذهني، لا أدري ما الدافع الذي غير فكري، وأظنني بهذا المال أستطيع إدخال السعادة في قلب أخي، كانت طرقات أمي المتتالية لباب غرفتي قد شتت انتباهي، خرجت على عجل من غرفتي، وتناولت إفطاري، ثم أخذت وجبة غدائي، ثم ارتديت حذائي ذوات الزلاجات الأربع، خرجت مسرعة أسابق الريح إلى المدرسة التي أدرس فيها.
هناك خلعت حذائي وارتديت حذاء المدرسة وأسرعت أركض في الممرات متجهة إلى الصف 3-A فصل أخي، كتبت رسالتي التي قد فكرت في محتواها في طريقي للمدرسة ثم تركتها في درجه وغادرت مسرعة إلى فصلي، ومن حسن حظي أن لا أحد في صفه آنذاك أي أن هويتي ستبقى مجهولة حتى موعد اللقاء.
لم أستطع توقع ردة فعله حينما يقرأ رسالتي، ولست بقادرة على الاقتراب منه حتى لا أثير شكوكه، مر اليوم الدراسي وأنا في قلق، عدت إلى المنزل مسرعة كي أختلي بوقتي، فعليّ أن أفكر فيما سأفعله إن قابلته في الموعد وماذا أصنع إن لم أقابله.
قبيل غروب الشمس بلحظات، طرقت باب غرفة أخي، انتظرت كثيرا وعاودت طرق الباب؛ إلا أنني لم ألق الجواب، دخلت إلى غرفته ودون أن ينتبه إلىّ حتى، وجلست على الأرض أنظر إليه بشدة، ففضولي يلح عليّ أن أعرف ماذا يصنع بدقة، وما هي العدة التي جعلته يتجاهلني بحدة، جلست أترقبه ينظر إلي، لكنه أنغمس في إكمال ما يقوم به، حتى تهيجت مشاعره، وتبدل هدوءه، وثار غضبه، مزق الورقة التي كان يعمل عليها ورماها للخلف، سقطت الورقة بالقرب مني فرحت أنظر إليها ، حينما التفت لينظر إليها أدرك وجودي، نهض من كرسيه فقد سخط من الغضب، فقال : منذ متى وأنت هنا؟؟ من أذن لك بالدخول إلى هنا؟
أجبته ببراءة:قبيل غروب الشمس ، عدة مرات طرقت الباب لكني لم ألق الجواب.
إلى الظلام قد نظر، فحتى الشفق الأحمر لم ينتظر، وها قد أعلن ظهوره القمر، ولست أدري ماذا يخبأ القدر، هدوءه الغريب كان قد استتر، وها هو يعلنه بظهور البدر، فقال في الهدوء الذي حضر: ، لا مكان لكم إلا القبر، فليس معي من بقي إلا الكدر، ولست أعلم أين يوصلني الدهر، بسلامٍ توصلينه إليّ فأستقر، وغضبي سيزول مع اختفاء من ظهر.
لن أرضخ للقدر، ولن أستسلم لمن يحسب أن بصالحه الدهر، فقلت وكلي آمال لا فشل: لن أخرج حتى أحصل على مبتغاي.
بغرابة جلس أمامي وأنتظر، أراد حقا أن يعرف ما الأمر، فقلت في عزيمة دون أن أخفي الأمل: أرغب في أن أكون معك، لم لا نخرج سويا يوم الأحد، فأنت أخي الكبير وعلى الأقل أشعرني بالأمان، أرغب أن أعيش بسلام، دون قصف من سواد الأحلام، وغطني بسعادة الأيام . رهينة متكسرة هي سعادتي، تنصاع لبنادقِ كوابيسي ، تنقاد بذلٍ إلى سجني، فتحبسها الأيام في ذاكرتي، وأحيانا يعاد إخراجها من ذاكرتي، فيحدث الصراع الدامي، لكنها تخسر فتغيب عن فكري، وأنا من الخلف أعاني، من آلام ما خلفه الماضي.
صمت تام، هذا الصمت المعتاد الذي أشهده في كل مرة منه، ليس من النوع الذي يحب أن يطيل الأمر بالجدال، فقلت: لنخرج، نلعب، نتسلى، وننس العلل، ونبني عالما من العزيمة و الأمل.
لست أدري ماذا حل به؛ 180 درجة قد تغير، فصرخ في وجهي بلا مبرر: لن أخرج معك، غادري من هنا في الحال.
وقفت لأتحداه قبل أن يشن هجومه المكتوب، فقلت: ما الذي جعلك تغضب؟ أنا لم أقل أي شيء يغضب.
كنت أدرك بأنني لن أخفف من حدة الغضب، فأنا أمامه ما تبقى من الحطب، ولا أساوي شيئا مقابل الذهب، دعوت ربي في هذه الجولة لأكسب، فقال وأنا جاهلة ما في عقله كُتِبَ: أنت فتاة غبية.
هذه المرة عارضته، لا أستطيع طوال الوقت تحمله، فأنا أيضا بشر مثله، لا أحب أن أنصاع لأوامره: أعطني مبررا واحدا على رفضك.
غريب هو أخي، برده لم يعلمني، بل جمع قواه وصفعني، وسقطت على سجاده دون أن يخيرني، غادر الغرفة دون أن يطردني، من مرارة الألم أخذت أبكي، ليس لأنه صفعني، إنما مرارة الفشل الذي أذاقني، فقد أدركت بأنه يكرهني، بحق هو لا يقدر وجودي، ومن بين أفراد الأسرة أخرجني، مع ذلك مسارُ ما يحدث بصالحي، نهضت وأنا أفكر فيما سيجري، فعلى الجبال بنيت خطتي، قبل أن أغادر لمحت الورقة التي كان قد اندمج في العمل بها، أخذتها، ثم فتحتها، وكلي أمل أن أعرف ما فيها، وها قد علمت ما تخفيها ، من مشاعر لم يحسن إخفاؤها.
اليوم هو اللقاء المنتظر، وكغير عادته استيقظ من النوم في وقت أبكر، وأسرع في تناول الإفطار دون أن يتذمر، وذهب ليتألق كما لو أنه على موعد مع رئيس دولة لا مع شخص يأمل في أن يغيّر، أعذره فهو لا يعرف بمن سيلتقي ومن هو المنتظر. دونما أي ابتسام غادر، جعلني أقلق منه بخاطر، وأخشى أن لا أوفق فيما أفكر، صليت لله وأنا أقرر؛ بأن لا أسمح له أن يظل كاسر؛ لمشاعري دون أن أتذمر.
انتظرته نصف ساعة اختبأت خلالها خلف شجرة كرز كبيرة في الموقع، كلي أمل بأن لا يغضب، فإن حدث هذا فيعني أن تعبي وجهدي ضاع سدى، وها هو هذا قد أتى، ونوع من التوتر عندي قد ولى، فخرجت إليه وقلت: صباح الخير يا أخي.
شعرت بغضبه، و بنظرة أسفه، فهو بالطبع لم يضع لهذا أي حساب، فلربما ظن بأنه مقلب من أحد الأصحاب، فأراد أن ينال منه بهذا الجواب، فكنت أمكر مما فعله الغراب، في ما جناه الحطاب، في قصص الجدة التي ترويها للأحباب، غفلت تماما ماذا صنعت لأخي من إحباط، فها هي دموعه تنساب، مسحها كي يظهر لي لأحد الأقباط، الذين عاشوا في عهد الفراعنة القدماء، لم يرد تصديق الواقع، فقال: غادري في الحال؛ إنني انتظر لقاء شخص آخر.
أجبته: أنا من أرسل لك بطاقة الدعوة، أردت أن أبقى معك بعض الوقت، فأنا بحاجة لأن أكون معك، إننا في العادة لا نتحدث معا، لا نبتسم معا، كما لو أننا لسنا بأخوة، لا أريد من هذا أن يستمر أكثر.
توقفت لبرهة ثم أكملت: أرجوك، أني أرجوك أن تفهم ما بداخلي.
لكنه أعرض عن هذا وقال: كيف لي أن أفهمك وقد تلاعبت بمشاعري، لم تفكري في مدى الحزن الذي سببته لي، أنت لم تفكري في مشاعري البتة، لا يمكنني البقاء معك، الجميع يهدف إلى إشباع ذاته ورغباته، لا أحد يفكر في مشاعري، لا أحد يبالي بما أعاني، أريد فقط أن أختلي بوقتي، وأفكر فيما على هذا الكون يجري.
قلت:أخي الكبير، فكر فقط من منظوري، إنك لم ترى المعاناة التي أشعر بها، يكاد قلبي يتفطر من رؤيتك حزينا متكسرا، قدر فقط فيما أحاول فعله، أريد أن يعود كل شيء إلى عهده، ويعود الهدوء والسلام كما كان.
أحداث، أحداث، أحداث، كلما ابتسمت أرى عبوسه يزداد، لست أدري أي نوع من المشاعر يكن، وأي نوع من البشر يحقد، باختفاء أشعة الشمس بدأ الظلام، وحتى الآن لم أحقق الأحلام، وهو لم يبتسم ولم يغير المنوال، حزين وتعيس هكذا الأحوال، فقلقت أن تختفي الآمال، خشيت أن يستمر حزنه أكثر من هذه الساعات، فاصطحبته إلى بيت الرعب حيث تختفي الضحكات، من شخص مثلي يخاف الظلمات ويخش المرتفعات، دخلنا وكلي أمل أن أجتاز هذه الصعوبات، لكنني لم أحتمل أول العقبات، فتمسكت به راجية أن يمر كل شيء دون اعتراضات، لكن الأمر تعقد، أكثر مما أعتقد، فتشبت به أطلب برجاء أن يحميني ويذهب عني الخوف من الظلمات، لكن حينما الظلام قد فات، وبدأ النور بالانتشار قاضيا على الظلمات، صرخت خوفا لا للسرور، بمن تشبت به ليس بأخي، بل مصاص دماء يريد أن يمتص دمي، فبدأت شيئا فشيئا بالبكاء، وأبيت أن أخفي الدمعات، أردت الهرب لكن شيئا أمسك بيدي، وقال: إلى أين؟
كان يضحك، بتلك الطريقة التي رأيته في منامي، زالت همومه، وزال حزنه، ورحل غمه، وودعته كربته، بدى سعيدا وفرحا أكثر مما توقعت، ولست أدري ما هو السبب، لكن لا يهم فقد استطعت أخيرا إسعاده، استطعت أن أدخل الفرحة في قلبه، تمكنت من تغيير حالة الكآبة التي يعيشها، لقد حققت بالفعل مبتغاي، كان انجازا عظيما، شعرت بالسعادة أنا الأخرى ورحت أضحك معه، خرجنا من هناك وأعين الناس تتركز حولنا: من منزل الرعب خرجا ضاحكين، أهما بمجنونين؟
هكذا كانت تعليقات البشر، فهم يتجاهلون تلاعبنا بالقدر، وكيف أمكننا التغلب على الكدر، بابتسامة مشينا أمام القمر، وإلى العجلة الدوارة قصدنا، ونحو المقصورة 16 اتجهنا، وفي المقصورة جلسنا، فساد الصمت في الدنا، وأقداما عن الأرض ارتفعنا، بخوف أشعر لا الهناء، ومن المرتفعات أخش فلا مأمنا، أردت منه أن يبادر بالحديث، ففعل هذا فقال: أكاري...
منذ مدة لم يناديني باسمي، أردت حقا أن أسمع منه اسمي، لقد هجره فكان ينعتني، بالغبية تارة والخرقاء أخرى، أكمل قائلا: أنا آسف، أعرف بأنني تسببت بالكثير.
- قد يفشل الحب في إسعاد الناس أحيانا، لكنه أن نجح فهذا يعني بأنه حب حقيقي، ولربما كان الفراق أفضل لك.
- أنني بحق في حيرة من أمري، لماذا بعد كل هذا تعاملينني هكذا؟
ضممته بقوة، متجاهلة ما أشهر به من خوف من المرتفعات، بادلني الحنان ذاته، فاستشعرت تلك الصورة التي تدور في ذهني، رسم نفسه حزينا ذائبا ينظر من خلف الجدار إلى صديقة طفولته تهدي هدية لفتى غيره، والأمر الأكثر صدمة أن ذاك الفتى ما هو إلا صديقه المقرب، أي نوع من الخيانة هذه، ومن هذا الذي سيستطيع بالفعل تحمل إهانة هكذه، لا زلت في حضنه استشعر منه الأمان، وأمتص منه ما تبقى من الأحزان، ليعيش أيامه بأمان، ويترك كل همه والأحزان، بعد صمت دام قصيرا قلت له:
أحبك يا أخي.
النهاية...
http://images.msoms-anime.net/images/64012189444203404819.gif