تشيزوكو
21-9-2014, 02:56 AM
http://feker.net/ar/wp-content/uploads/2012/05/64322628-e1336512459775.jpg
هي هلوسات تصيبني كل يوم.. قررت أخيراً أن أحولها إلى كلمات..!
~
في كل يوم.. أصعد جسماً حديدياً متحركاً يأخذني إلى دوامات الحياة اللانهائية..
رحلتي داخله هي مرحلة فاصلة.. فارغة.. بعيدة عن تلك الدوامات.. سابحة في المشاهد التي تطالعني من شاشته السحرية..
لا.. هي ليست مجرد مشاهد.. بل هي حكايات تسير على الأرض..!
~
هناك سيارةٌ يسأل صاحبها المارة عن الطريق.... لعله قادم من مدينة أخرى..؟ ربما لأجل رحلة عمل كئيبة أرسلته شركته إليها رغم أنه يطلب منهم دائماً ألا يرسلوه بعيداً.. بالكاد يقضي وقتاً مع عائلته..!
أو ربما هو قادمٌ لزيارة شقيقه الذي لم يره منذ سنوات.. هي أول مرة يزوره فيها رغم أنهما يقطنان البلد نفسها.. لا يجتمعان إلا مرة كل بضعة سنوات إذا تصادف أن زارا منزل العائلة في الوقت نفسه..!
لماذا طرأ له أن يزوره الآن بعد كل تلك السنوات..؟ ربما هو نفسه لا يدري.. ربما فقط أحس أخيرا كم أخذته الحياة بعيداً..! ربما أراد محطة حنين قصيرة قبل أن تبتلعه الحياة مجدداً..
وربما لا يكون أي من هذا صحيحاً.. ربما يكون الرجل الذي يسأل المارة عن الطريق قد قدم إلى هذا الحي للمرة الأولى لإنهاء بعض المعاملات الرسمية الهامة في المبنى الحكومي القابع هنا.. ربما هي معاملات لأجل.......
لا.. مهما كانت طبيعة المعاملات.. ومهما كان السبب الذي أتى به إلى هنا.. ما يهم الآن هو أن معنى وجودي بالنسبة له هو مجرد سيارة أخرى عابرةٍ ليومه الطويل..!
~
مشهد آخر يطالعني الآن من الشاشة السحرية.. إنه طفل صغير لا يتجاوز طوله الثلاثة أشبار يجري حافياً على بلاط الرصيف الحامي متوجها إلى دكان الحي.. لعلّ أمه أرسلته لشراء مكوّنٍ اكتشفت أنه ينقص غداء اليوم..
أو لعله تسلل مسرعاً ليشتري بعض الحلوى بالنقود القليلة التي كافأه بها والده ليلة الأمس.. ربما بدوتُ مريبةً بالنسبة له.. أي سيارةٍ تعبر الحي تكون محل شبهةٍ بالنسبة للأطفال الذين يتجولون وحدهم.. قد تكون خطراً مرتقباً..!
~
اختفى الطفل بسرعة.. وحلّ محله الآن رجلٌ راشد.. في ثياب عمله المرتبة التي تكاد تقطر عرقاً.. يضع حقيبته الجلدية فوق رأسه حائلاً دون اختراق أشعة الشمس العمودية لجمجمته..! يشير بيده بيأس إلى كل سيارةٍ مارة..
لعلّه تأخر عن عمله لسبب ما.. ربما سيارته معطلة أو أنه لا يملك واحدة.. أو ربما هو يقوم بهذه العملية اليائسة كل يوم.. ما الذي يفكر فيه وهو ينتظر..؟ عائلته في المنزل..؟ أكوام العمل الذي ينتظره..؟ نوع الشخص الذي سيقلّه..؟ أو ربما يختلق قصصاً لأصحاب السيارات العابرة..! سيكون مثيراً أن أعرف أن أحداً ما غيري يقوم بذلك..!
مهما كان ما يفكر فيه فهو لا يزال يقف بتعب ويأس وحر.. ولا يتوقف أحد لأجله.. لطالما تساءلت أي قلوب يملك أصحاب السيارات العابرة ليروا مشهده المتعب دون أن يتوقفوا لأجله..؟ ما الذي كانوا سيخسرونه لو أقلّوه معهم..؟ ألا يمكن أن يكونوا مكانه يوماً ما..؟ ألن يتمنوا عندها أن......
انقطعت أفكاري فجأة عندما مرت نظراته بسيارتنا العابرة.. استوعبت عندها حقيقة أننا لم نتوقف لأجله أيضاً..!
ولكن.. هناك فتاة في السيارة فمن الطبيعي ألا نتوقف صحيح..؟ كما أني مستعجلة و........
ألا يملك كل أصحاب السيارات العابرة أعذاراً يمكن أن يتذرعوا بها كهذه..؟ مجدداً أدرك أني مجرد سيارة عابرة..!
~
مشهدٌ جديد..! آه.. كم تشدني هذه المشاهد دوماً.. تشدني بجانبها المؤلم.. تذهب بأفكاري بعيداً بعيداً..
إنهم مجموعةٌ من العمال.. يعملون تحت أشعة الشمس اللاهبة التي لا ترحم..! لا يتوقفون أبداً رغم أنهم يبدون كما لو كانوا سيسقطون في أية لحظة..!
وهناك..! هناك عاملٌ مستلقٍ على ظهر شاحنته الصغيرة.. لا شك أن يدي كانت ستحترق لو لمست جسم السيارة المعدني ذاك.. فكيف ينام عليها..!!
آه.. ها هو واحدٌ آخر منهم.. إنه يمسح زجاج مبنى مرتفعٍ جداً.. لماذا عليهم أن يعملوا بهذه الطريقة المهينة وغير الإنسانية..؟ لو كنتُ غنية لاشتريت لهم مبنىً كبيراً ملأته بالثلاجات والمكيفات..! بالإضافة إلى وحدات التدفئة والأغطية لأجل الشتاء..!
لا يوجد شيء هم غير مستعدين للقيام به.. ولأجل ماذا..؟ لأجل حفنةٍ من النقود يعطيهم إياها كفيلهم على مضض وهي لا تكاد تساوي وجبة غداءٍ لفخامته..!!
بل ربما يجمع لهم أجرهم كل بضعة أشهر بحجة أنه يدخرها لهم!! ويزيد عليهم العمل بحجة أنه لا يريدهم أن يتكاسلوا ويتذكروا وطنهم..!
ما الذي يضطرون لعمله كي يتمكنوا من أكل شيءٍ ما على الأقل..؟ لماذا جاءوا إلى هنا..؟ أيعيلون عائلة..؟ كيف عاشوا طفولتهم..؟ كيف الجو في بلادهم..؟ أعاشوا وسط طبيعةٍ أم حضارة..؟ كيف سمعوا بهذه البلاد..؟ من نصحهم بالقدوم إلى هنا..؟
ما نوع القصص التي سمعوها قبل أن يحضروا..؟ أسمعوا أنه سيكون عليهم تدبر أمر معيشتهم وطعامهم بدون نقود تقريبا..؟ أسمعوا أنهم لو مرضوا فبالكاد سيتبرع الإسعاف بإيصالهم..؟ سيتركونهم كالكلاب المرمية على عتبات المشفى..؟ سيحمّل كل من الكفيل وشركة التأمين الصحية المسئولية للآخر لأنه لا يريد أن يتورط ويدفع..؟ سيجد المشفى نفسه حائراً بالعبء الزائد الذي لا يرغب به أحد..؟ ربما ستحل المشكلة وستكون التكاليف أقل لو مات..! المشفى سيساعد على عمل ذلك.. أو على الأقل لن يحاول منعه لو اقترب..!
لماذا قدم هؤلاء المساكين إلى هذه البلاد حتى بعد أن سمعوا بهذه الحكايات..؟ أي حياة تلك التي كانوا يعيشونها هناك والتي يمكن أن تكون أسوأ حتى من هذه..؟ أم أنهم لا يمانعون الموت هنا إن كانت بضع دريهمات ستحيي أهلهم هناك..؟
انقطعت كل هذه الأفكار عندما تجمد المشهد الذي يطالعني عبر الشاشة السحرية.. فتحت الباب وترجلت وسحبتني دوامات الحياة معها..
في النهاية.. كنت مجرد سيارة عابرة..!
~
مجرد هلوسات يومية..! :/
http://up.msoms.ae/do.php?img=1145
هي هلوسات تصيبني كل يوم.. قررت أخيراً أن أحولها إلى كلمات..!
~
في كل يوم.. أصعد جسماً حديدياً متحركاً يأخذني إلى دوامات الحياة اللانهائية..
رحلتي داخله هي مرحلة فاصلة.. فارغة.. بعيدة عن تلك الدوامات.. سابحة في المشاهد التي تطالعني من شاشته السحرية..
لا.. هي ليست مجرد مشاهد.. بل هي حكايات تسير على الأرض..!
~
هناك سيارةٌ يسأل صاحبها المارة عن الطريق.... لعله قادم من مدينة أخرى..؟ ربما لأجل رحلة عمل كئيبة أرسلته شركته إليها رغم أنه يطلب منهم دائماً ألا يرسلوه بعيداً.. بالكاد يقضي وقتاً مع عائلته..!
أو ربما هو قادمٌ لزيارة شقيقه الذي لم يره منذ سنوات.. هي أول مرة يزوره فيها رغم أنهما يقطنان البلد نفسها.. لا يجتمعان إلا مرة كل بضعة سنوات إذا تصادف أن زارا منزل العائلة في الوقت نفسه..!
لماذا طرأ له أن يزوره الآن بعد كل تلك السنوات..؟ ربما هو نفسه لا يدري.. ربما فقط أحس أخيرا كم أخذته الحياة بعيداً..! ربما أراد محطة حنين قصيرة قبل أن تبتلعه الحياة مجدداً..
وربما لا يكون أي من هذا صحيحاً.. ربما يكون الرجل الذي يسأل المارة عن الطريق قد قدم إلى هذا الحي للمرة الأولى لإنهاء بعض المعاملات الرسمية الهامة في المبنى الحكومي القابع هنا.. ربما هي معاملات لأجل.......
لا.. مهما كانت طبيعة المعاملات.. ومهما كان السبب الذي أتى به إلى هنا.. ما يهم الآن هو أن معنى وجودي بالنسبة له هو مجرد سيارة أخرى عابرةٍ ليومه الطويل..!
~
مشهد آخر يطالعني الآن من الشاشة السحرية.. إنه طفل صغير لا يتجاوز طوله الثلاثة أشبار يجري حافياً على بلاط الرصيف الحامي متوجها إلى دكان الحي.. لعلّ أمه أرسلته لشراء مكوّنٍ اكتشفت أنه ينقص غداء اليوم..
أو لعله تسلل مسرعاً ليشتري بعض الحلوى بالنقود القليلة التي كافأه بها والده ليلة الأمس.. ربما بدوتُ مريبةً بالنسبة له.. أي سيارةٍ تعبر الحي تكون محل شبهةٍ بالنسبة للأطفال الذين يتجولون وحدهم.. قد تكون خطراً مرتقباً..!
~
اختفى الطفل بسرعة.. وحلّ محله الآن رجلٌ راشد.. في ثياب عمله المرتبة التي تكاد تقطر عرقاً.. يضع حقيبته الجلدية فوق رأسه حائلاً دون اختراق أشعة الشمس العمودية لجمجمته..! يشير بيده بيأس إلى كل سيارةٍ مارة..
لعلّه تأخر عن عمله لسبب ما.. ربما سيارته معطلة أو أنه لا يملك واحدة.. أو ربما هو يقوم بهذه العملية اليائسة كل يوم.. ما الذي يفكر فيه وهو ينتظر..؟ عائلته في المنزل..؟ أكوام العمل الذي ينتظره..؟ نوع الشخص الذي سيقلّه..؟ أو ربما يختلق قصصاً لأصحاب السيارات العابرة..! سيكون مثيراً أن أعرف أن أحداً ما غيري يقوم بذلك..!
مهما كان ما يفكر فيه فهو لا يزال يقف بتعب ويأس وحر.. ولا يتوقف أحد لأجله.. لطالما تساءلت أي قلوب يملك أصحاب السيارات العابرة ليروا مشهده المتعب دون أن يتوقفوا لأجله..؟ ما الذي كانوا سيخسرونه لو أقلّوه معهم..؟ ألا يمكن أن يكونوا مكانه يوماً ما..؟ ألن يتمنوا عندها أن......
انقطعت أفكاري فجأة عندما مرت نظراته بسيارتنا العابرة.. استوعبت عندها حقيقة أننا لم نتوقف لأجله أيضاً..!
ولكن.. هناك فتاة في السيارة فمن الطبيعي ألا نتوقف صحيح..؟ كما أني مستعجلة و........
ألا يملك كل أصحاب السيارات العابرة أعذاراً يمكن أن يتذرعوا بها كهذه..؟ مجدداً أدرك أني مجرد سيارة عابرة..!
~
مشهدٌ جديد..! آه.. كم تشدني هذه المشاهد دوماً.. تشدني بجانبها المؤلم.. تذهب بأفكاري بعيداً بعيداً..
إنهم مجموعةٌ من العمال.. يعملون تحت أشعة الشمس اللاهبة التي لا ترحم..! لا يتوقفون أبداً رغم أنهم يبدون كما لو كانوا سيسقطون في أية لحظة..!
وهناك..! هناك عاملٌ مستلقٍ على ظهر شاحنته الصغيرة.. لا شك أن يدي كانت ستحترق لو لمست جسم السيارة المعدني ذاك.. فكيف ينام عليها..!!
آه.. ها هو واحدٌ آخر منهم.. إنه يمسح زجاج مبنى مرتفعٍ جداً.. لماذا عليهم أن يعملوا بهذه الطريقة المهينة وغير الإنسانية..؟ لو كنتُ غنية لاشتريت لهم مبنىً كبيراً ملأته بالثلاجات والمكيفات..! بالإضافة إلى وحدات التدفئة والأغطية لأجل الشتاء..!
لا يوجد شيء هم غير مستعدين للقيام به.. ولأجل ماذا..؟ لأجل حفنةٍ من النقود يعطيهم إياها كفيلهم على مضض وهي لا تكاد تساوي وجبة غداءٍ لفخامته..!!
بل ربما يجمع لهم أجرهم كل بضعة أشهر بحجة أنه يدخرها لهم!! ويزيد عليهم العمل بحجة أنه لا يريدهم أن يتكاسلوا ويتذكروا وطنهم..!
ما الذي يضطرون لعمله كي يتمكنوا من أكل شيءٍ ما على الأقل..؟ لماذا جاءوا إلى هنا..؟ أيعيلون عائلة..؟ كيف عاشوا طفولتهم..؟ كيف الجو في بلادهم..؟ أعاشوا وسط طبيعةٍ أم حضارة..؟ كيف سمعوا بهذه البلاد..؟ من نصحهم بالقدوم إلى هنا..؟
ما نوع القصص التي سمعوها قبل أن يحضروا..؟ أسمعوا أنه سيكون عليهم تدبر أمر معيشتهم وطعامهم بدون نقود تقريبا..؟ أسمعوا أنهم لو مرضوا فبالكاد سيتبرع الإسعاف بإيصالهم..؟ سيتركونهم كالكلاب المرمية على عتبات المشفى..؟ سيحمّل كل من الكفيل وشركة التأمين الصحية المسئولية للآخر لأنه لا يريد أن يتورط ويدفع..؟ سيجد المشفى نفسه حائراً بالعبء الزائد الذي لا يرغب به أحد..؟ ربما ستحل المشكلة وستكون التكاليف أقل لو مات..! المشفى سيساعد على عمل ذلك.. أو على الأقل لن يحاول منعه لو اقترب..!
لماذا قدم هؤلاء المساكين إلى هذه البلاد حتى بعد أن سمعوا بهذه الحكايات..؟ أي حياة تلك التي كانوا يعيشونها هناك والتي يمكن أن تكون أسوأ حتى من هذه..؟ أم أنهم لا يمانعون الموت هنا إن كانت بضع دريهمات ستحيي أهلهم هناك..؟
انقطعت كل هذه الأفكار عندما تجمد المشهد الذي يطالعني عبر الشاشة السحرية.. فتحت الباب وترجلت وسحبتني دوامات الحياة معها..
في النهاية.. كنت مجرد سيارة عابرة..!
~
مجرد هلوسات يومية..! :/
http://up.msoms.ae/do.php?img=1145