المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وَ يَبْقَى القَلْبُ بَاذِخَ الكَمَدِ !



الجاثوم
5-11-2014, 11:27 PM
|[ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته]|


" اقرأ بعناية .. أنا أتألم الآن -مجددًا- و أنا أكتب هذا .
السطور التي أمامك الآن في هاته اللحظة تخرج -مرة أخرى- عبر الشرايين مدببة
و شائكة تفتح الجراح التي التأمت و تخمش ما نجى مني .
اقرأ بعناية تامة .. شيء شامخ يعلو .. منبعه وديان حزينة نساها الظلام تقبع في أعماقي ..
هذا الصوت الشجي الذي لازال خلفي و بقايا الدموع البلورية على الأرض،
ما هـما إلا رفـاتي التشرد في الكمد "


لم يلح الصبح بعد على أرضنا القصية التي ناءت عنهم ..
لازال الأفق متصلًا بالسماء و الأرض بذلك السواد القاتم
و لازال القلب باذخ الكمد مترعًا حتى الذؤابة .. لم يتغير شيء منذ رحلت ؛
ما لم نحسب الفجيعة التي هشمت أصغر أحفادك رغم أنه لا يبلغ من العمر إلا ستة سنوات
و لا يعرف معنى الفقد أو اليتم ،
مثلما سحقت أكبر أبناءك و هو يبلغ من العمر الستين و يعي جيدًا فحوى الفقدان و التشرد في أزقة الكمد ،
و مدلول خسارة عجوزٍ كفيفة مشلولة النصف السفلي من جسدها كانت فيما مضى أمه ،
و كافحت و هي سليمة البصر و الرجلين في فترة الثورة الجزائرية و زمن المذابح و الدم لأجل ما خلفته اليوم من بعدها من رجال و نساء يبكونها حد الانفجار ..

كان بإمكاننا أن نتجاوز كل شيء ، أن نترك الماضي عالقًا خلفنا لنكمل المسير
مع من تبقى منهم كما يفعلون جميعًا ، و لكنَّا لم نملك إلاك ، فكيف نتجاوز كل ما نملك ،
بأي شيء نملأ الفراغ الذي خلفت .. هذه الوهدة السحيقة التي تركت لا تناسب إلا مقاسك يا مرأة الدهر ..
فإما أن تقومي من قبرك و إما فلا !

و أنت لن تقومي مهما بكيت و صرخت و أنا على حافة لحدك
مثلما توسلت إليك تلك الساذجة الصغيرة أن تستيقظي من نومك
و أنت على الشاطئ الآخر في نوم سرمدي ..
كيف كان لنا أن نؤمن أنك قد متِّ قبل لحظات من وصولنا
و قد ولى ذلك الانتفاخ و التضخم بسبب السرطان الذي جعلك أكثر مهابة و وقارًا ،
ذلك الذي تصديت له لعشر سنوات دون أي علاج و جابهته بالصلاة و الأعشاب ..
كيف للجثث أن تكون نضرة هكذا لنصدق ..
بل كيف لها أن تبتسم بهذا الشكل و كل أموات مدينتنا يعبسون في ذلك الكفن الأبيض ..
أنت ما كنت لتقومي ، و نحن لن ننهض بذلك ..


مَّا .. أنت تذكرين كيف رجوتك ألا تبكي من مقامك ذاك و أنت تبصرين هذا الحزن البالغ الذي يترعرع
و أن لا تقلقي علينا لأنَّا نرتاح من الدنيا فقط على حافة الطريق لنكمل سيرنا مع البقية ..
و تذكرين كيف أخبرتك أن لا يعكر راحة روحك الطاهرة في السماء أو رفاتك في الأرض شيء لأنَّا حقًا بخير ... لم أكن سوى أكذب دون أن أقصد ذلك .. لازلنا من بعدك نتحسس السبيل في الظلام و لا نبصر شيئًا مَّا ..
لازالت الخيبات و الفجائع الأخرى تدق أبوابنا كل يوم ، لازال الصباح لهم جميعًا و الليل لنا ..
لم يتوقف أبدًا هذا النحيب مَّا .. لم يخلفك بعد من يدعو لي في جوف العتمة فلا يمسني ضرر و لا هم ،
ما زلت أجوب الشوارع خائفة من الدوس على قنبلة تنتظرني تحت التراب ..
صدقيني ، ما عاد الزمن آمنًا حين رحلت مَّا ..

أعلم أنك تذكرين جيدًا كيف كانت تمطر تلك الليلة و أنا أكتب لك و لأجلك ،
و كيف تمنيتُ أن لا تكون دموعك هاته بل مياه من الكوثر جاءت لتسقينا و تطهرنا ...
إنها تكاد تثلج اليوم ، السماء تعتصر كما هذا الفؤاد الدامي ..
ألهذه الدرجة بلغ شجنك لشجننا ؟!!
دعيني أكذب مجددًا مَّا لأهدئ من روعك كما كنت أنت تفعلين ،
و اعذريني لأني سأكذب مثلما لم تكوني تفعلين ..

سنلملم شتاتنا هذا الصيف حقًا و نكبر أعوامًا أخرى ،
ستعرف البسمة طريقها إلينا و سنشارك الطير في شدوه و النهر في خريره
و الشمس في ضمها للأشياء مهما صغرت أو كبرت ، و سنغدو يوما ما بخير ..


مَّا ..لا زالت حقًا ذلك الطائر الحزين الذي كُسِرَت جنحاه ، لكن ريشه يحاول النمو من جديد!!


ذكرى 27/07/1435هـ الموافق لـ 27/05/2014م
في يوم 11/01/1436هـ الموافق لـ 04/11/2014م
23:55

سيناري لاشا ~

http://up.msoms.ae/do.php?img=1674

أثير الفكر
7-11-2014, 09:17 AM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته سيناري :(


آه قلبي ، رحم الله جدتك وأسكنها فسيح جنانه

كعادة قلمك لغة ثرية وأسلوب يأبى إلا القلب مستقرًا

نفع الله بك وزادكِ بقلمك رفعة

ستكون لي عودة إن شاء الله ^_^

[ اللــيـــث ]
7-11-2014, 10:27 AM
لله در قلمك :"( .. حزين وعميق ..

ومن بعدِ صوتكِ
أينِي
أينَ ملاذي ودنيايْ
حينَ أُعدُّ أصابعَ نهارِي
ليلِي،
وباقاتٍ منَ الياسمينِ
تناثرتْ على أديمِ عمري
حينَ تغتالُني المسافاتُ
على غفلةٍ منْ رُؤايْ
أينِي
أينَ ملاذي ودنيايْ
حينَ يسائلُني الهِي عن بسمتِي
الّتي فارقتْ محياي
ومسائِي لا يقرأ إلّا
حكايةَ الانتظارِ والنّارِ

الجاثوم
11-11-2014, 06:37 PM
سعيدة بكما و لمروركما الطيب العطر ♥ :}

اشكركما جدا