Yonko Akagami
14-3-2015, 03:47 AM
http://i.imgur.com/J5HPKlj.png
*_*
صالةٌ واسعةٌ في طابقٍ علويِ , لها نوافذ طولية تمتد من الأرض إلى السقف , شرع بِفتح إحداها وقد ارتسمت على وجهه آيات الشعور بالثقة والاطمئنان وهو في طريقه لتلك المغادرة الغريبة التي يبدو أنه معتاد عليها , استدار ناحيتي ماداً يده وصافحني وعلى وجهه ابتسامة واسعة , وقف على الحافة وظهره للخارج ثم ترك نفسه يسقط للخلف سقوطاً حراً , الغريب أني لم أفزع أو أنزعج كأن ذلك كان أمراً عادياً , تقدمت نحو النافذة وألقيت نظرة للأسفل فرأيته يهبط في هدوء وقد اتخذ وضعية من يجلس على كرسي ليس له وجود , ذكّرني وضعه ليديه فوق ركبتيه , بصورة طيار حربي قذف بكرسيه خارج طائرة محترقة إنقاذاً لحياته.
*_*
بعد برهه قصيرة غير اتجاههُ في انسيابيةٍ تامةٍ لينزلق داخلاً إلى الطابق السفليّ , الآن لم يعد بمقدوري رؤيته من حيث أقف , لست أدري ما الذي قام بدفعهُ للداخل , ربما كان تيار الهواء الساخن الذي يندفع إلى هذا الاتجاه في أيام القيظ هو السبب , أو أنّ هناك قوى خفية تقوم بهذا العمل , ممسكا بإطار النافذة – خشية السقوط - انحنيت بشدة في محاولة مستميتة لرؤية موضع هبوطه , باءت محاولتي بالفشل , في الأسفل .. ليس ثمة صوت ولا دليل على نجاح عملية الهبوط أو فشلها , أقنعت نفسي أنّ السكون الذي يعتري المكان هو علامة على هبوطهِ بسلام.
*_*
أحدّق بنظري للأسفل تماماً , هناك .. في القاع , أستطيع رؤية سور الفناء الصغير الذي يحيط بالمبني , يبدو المنظر معتماً بعض الشيء , بكل تأكيد لم يهبط صديقي في هذا المكان فقد رأيته وهو ينحرف عنه , ليس ثمة مايدعو أيضاً إلى الاعتقاد أنّه مكان يصلح لهبوط آمن .
*_*
أفكر في كيفية خروجي من هذا الطابق بعد انتهاء مهمتي الضبابية , أتراني سأهبط مثله في هدوء , أم أنّ حادثاً مأساوياً سيكون بانتظاري , بمرور الوقت , صار الأمر يقلقني بشدة , لم لا توجد وسيلة أخرى للخروج من هذا الطابق سوى تلك القفزة إلى المجهول! أتعجب وأدور أبحث حولي دون جدوى !
*_*
رغم عدم إدراكي لكيفية وصولي إلى هذا المكان , إلا أنه من الجليّ أنّ الوسيلة الوحيدة للوصول إليه هي بالنزول من طابق أعلى منه , ألمح من بعيد زوجتي وأولادي معي في نفس الطابق , لم أعرهم إهتماماً كبيراً , مع ذلك شعرت بضرورة .. بل بأنّه من الواجب عليّ – رغم صعوبة الأمر - وداعهم قبل اقتفاء أثر صديقي , أتراهم سيقتنعون بتلك الطريقة الغريبة للمغادرة ويسمحون لي باستعمالها , أم سيمنعونني من ذلك فزعاً من نتائجها غير المضمونة.
*_*
أخذت أفكّر في الوسيلة التي سمحت لصديقي بذلك الهبوط الآمن, ربما كان بالأسفل في ذلك المكان – الذي لا يمكنني رؤيته - أكياس مليئة بالقطن أو القش يسقط عليها من يبتغي المغادرة فلا يصيبه أذى , تخيلت ملابسه وقد التصق بها القش فاصبحت بحال يرثي لها , بالتأكيد سيصبح تنظيفها من الصعوبة بمكان , أميل للإعتقاد بوجود أكياس هوائيّة منفوخة كتلك التي يلعب عليها الأطفال في الملاهي أو التي تستخدم في حالة الهبوط الاضطراري للطائرات لينزلق عليها الركاب كي يهبطوا إلى الأرض بسلام.
*_*
أعلم أني قد جئت لمعاملةٍ ماليّةٍ ما في هذا الطابق الغريب , الذي يفرض على من يريد مغادرته أن يقوم بتلك القفزة الرهيبة , وسط ذلك الجو البائس والهموم التي تكتنفني من كل جانب , وقنوطي من الحصول على وسيلة هبوط مأمونة , إشتد بي الكرب , وأوشك عقلي على الانفجار , وشلّت الرهبة تفكيري تماماً! وهنا ... أنقذتني ساعتي التي كادت أن تنفجر هي الأخري جرّاء الرنين .
*_*
اليوم ... وبينما الخادمة تنظف السلالم الداخلية للفيلا , صاحت تحذرني من خطورة نزولي الآن وهي مازالت رطبة!. للأسف ... جاء التحذير متأخراً قليلاً , انزلقت على ظهري ثم غيرت اتجاهي ليصبح وجهي ويداي الى الأمام متخذاً وضعية ممارسي رياضة السقوط الحر في الهواء حتى نهاية السلالم.
للأسف لم يكن هبوطي آمنا كهبوط صديقي.
http://i.imgur.com/J5HPKlj.png
http://i.imgur.com/YZQiBjm.gif
*_*
صالةٌ واسعةٌ في طابقٍ علويِ , لها نوافذ طولية تمتد من الأرض إلى السقف , شرع بِفتح إحداها وقد ارتسمت على وجهه آيات الشعور بالثقة والاطمئنان وهو في طريقه لتلك المغادرة الغريبة التي يبدو أنه معتاد عليها , استدار ناحيتي ماداً يده وصافحني وعلى وجهه ابتسامة واسعة , وقف على الحافة وظهره للخارج ثم ترك نفسه يسقط للخلف سقوطاً حراً , الغريب أني لم أفزع أو أنزعج كأن ذلك كان أمراً عادياً , تقدمت نحو النافذة وألقيت نظرة للأسفل فرأيته يهبط في هدوء وقد اتخذ وضعية من يجلس على كرسي ليس له وجود , ذكّرني وضعه ليديه فوق ركبتيه , بصورة طيار حربي قذف بكرسيه خارج طائرة محترقة إنقاذاً لحياته.
*_*
بعد برهه قصيرة غير اتجاههُ في انسيابيةٍ تامةٍ لينزلق داخلاً إلى الطابق السفليّ , الآن لم يعد بمقدوري رؤيته من حيث أقف , لست أدري ما الذي قام بدفعهُ للداخل , ربما كان تيار الهواء الساخن الذي يندفع إلى هذا الاتجاه في أيام القيظ هو السبب , أو أنّ هناك قوى خفية تقوم بهذا العمل , ممسكا بإطار النافذة – خشية السقوط - انحنيت بشدة في محاولة مستميتة لرؤية موضع هبوطه , باءت محاولتي بالفشل , في الأسفل .. ليس ثمة صوت ولا دليل على نجاح عملية الهبوط أو فشلها , أقنعت نفسي أنّ السكون الذي يعتري المكان هو علامة على هبوطهِ بسلام.
*_*
أحدّق بنظري للأسفل تماماً , هناك .. في القاع , أستطيع رؤية سور الفناء الصغير الذي يحيط بالمبني , يبدو المنظر معتماً بعض الشيء , بكل تأكيد لم يهبط صديقي في هذا المكان فقد رأيته وهو ينحرف عنه , ليس ثمة مايدعو أيضاً إلى الاعتقاد أنّه مكان يصلح لهبوط آمن .
*_*
أفكر في كيفية خروجي من هذا الطابق بعد انتهاء مهمتي الضبابية , أتراني سأهبط مثله في هدوء , أم أنّ حادثاً مأساوياً سيكون بانتظاري , بمرور الوقت , صار الأمر يقلقني بشدة , لم لا توجد وسيلة أخرى للخروج من هذا الطابق سوى تلك القفزة إلى المجهول! أتعجب وأدور أبحث حولي دون جدوى !
*_*
رغم عدم إدراكي لكيفية وصولي إلى هذا المكان , إلا أنه من الجليّ أنّ الوسيلة الوحيدة للوصول إليه هي بالنزول من طابق أعلى منه , ألمح من بعيد زوجتي وأولادي معي في نفس الطابق , لم أعرهم إهتماماً كبيراً , مع ذلك شعرت بضرورة .. بل بأنّه من الواجب عليّ – رغم صعوبة الأمر - وداعهم قبل اقتفاء أثر صديقي , أتراهم سيقتنعون بتلك الطريقة الغريبة للمغادرة ويسمحون لي باستعمالها , أم سيمنعونني من ذلك فزعاً من نتائجها غير المضمونة.
*_*
أخذت أفكّر في الوسيلة التي سمحت لصديقي بذلك الهبوط الآمن, ربما كان بالأسفل في ذلك المكان – الذي لا يمكنني رؤيته - أكياس مليئة بالقطن أو القش يسقط عليها من يبتغي المغادرة فلا يصيبه أذى , تخيلت ملابسه وقد التصق بها القش فاصبحت بحال يرثي لها , بالتأكيد سيصبح تنظيفها من الصعوبة بمكان , أميل للإعتقاد بوجود أكياس هوائيّة منفوخة كتلك التي يلعب عليها الأطفال في الملاهي أو التي تستخدم في حالة الهبوط الاضطراري للطائرات لينزلق عليها الركاب كي يهبطوا إلى الأرض بسلام.
*_*
أعلم أني قد جئت لمعاملةٍ ماليّةٍ ما في هذا الطابق الغريب , الذي يفرض على من يريد مغادرته أن يقوم بتلك القفزة الرهيبة , وسط ذلك الجو البائس والهموم التي تكتنفني من كل جانب , وقنوطي من الحصول على وسيلة هبوط مأمونة , إشتد بي الكرب , وأوشك عقلي على الانفجار , وشلّت الرهبة تفكيري تماماً! وهنا ... أنقذتني ساعتي التي كادت أن تنفجر هي الأخري جرّاء الرنين .
*_*
اليوم ... وبينما الخادمة تنظف السلالم الداخلية للفيلا , صاحت تحذرني من خطورة نزولي الآن وهي مازالت رطبة!. للأسف ... جاء التحذير متأخراً قليلاً , انزلقت على ظهري ثم غيرت اتجاهي ليصبح وجهي ويداي الى الأمام متخذاً وضعية ممارسي رياضة السقوط الحر في الهواء حتى نهاية السلالم.
للأسف لم يكن هبوطي آمنا كهبوط صديقي.
http://i.imgur.com/J5HPKlj.png
http://i.imgur.com/YZQiBjm.gif