Yonko Akagami
9-4-2015, 09:22 PM
http://i.imgur.com/JRGFTzf.png
icon101 صراخ صامت icon101
أصابتني (اللولوة) بلعنتها، ولمن لا يعرفها: فهي قول الإنسان لنفسه (لو) فعلت (كذا) لكان (كذا)
فقلت لنفسي: آاااه لو أمكنني أن آخذ البطولة في أي شيء وأسجل رقما قياسيا لسُطّر اسمي في موسوعة جينيس للأرقام القياسية ، ولما ذهبت حياتي هباءً منثوراً !!
, ثم تذكرت أنني لم أكن يوماً رياضياً مميزاً , ولست أملك موهبة ما , حتى لعبة الورق والشطرنج والدومينو لم أعد أتذكر أيّ منها جيداً , كما أنه ليست لدي القدرة على أكل أو شرب كميات ضخمة من الأطعمة والمشروبات , فقد وهن العظم مني واشتعل الرأس شيباً , وما كنت يوماً مغنياً كخوليو ولا راقصاً كزوربا , ففي أي شيء سأحصل على بطولة أو ميدالية ذهبية وأحقق حلم حياتي بتسجيل رقمي القياسي ؟
النوم ، الذي يقف على مبعدة مني ساخراً ومخرجاً ليّ لسانه ... جافاني , فقد إنصب كل تفكيري في البطولة، ووسيلة الحصول عليها، وأخيراً هداني تفكيري - بعد جهد جهيد - إلى محاولة أن أكون أول من يحصل على بطولة العالم في ... " الصراخ الصامت " :icon100:
قد يظن البعض – مخطئاً – أنه أمر هيّن , غير أن الحقيقة أنه أمر في غاية الصعوبة , والأصعب منه أن تحصل على بطولة العالم فيه , ولكوني - ولحسن الحظ – ممن لاييأسون من شيء أو يستسلمون بسهولة , فقد بدأت العمل بجد ونشاط ومثابرة لأتمكن من الحصول على تدريب كاف يؤهلني للفوز.
جاءتني فرصة التدريب , على طبق من ذهب , حين صرخت زوجتي في وجهي: أما زلت نائمًا، تسهر في الليل على هذا الملعون المسمى " الفيسبوك" ؟؟ أذهب واشتري لنا حاجات المنزل !
وفيما هي تناولني قائمة طلباتها أخذت أصرخ فيها صامتاً ومعترضاً - في صمت أيضاً - علي شرائها لهذه الكميات الهائلة من الأطعمة وكأن البلد سوف تدخل حالة حرب!! حدقت في وجهي للحظات ثم قالت بحدة:
مالك.. مالك لا ترد ؟؟
, وعلى الفور أدركت أنني قد بدأت رحلتي مع النجاح , فها هي لا تسمع صراخي الصامت , فصرخت صامتاً بصوت أعلى , لكي أحقق الإستفادة القصوى من فرصة التدريب الأولى لي , ظنت أنني قد جننت أو أصابني مس من الشيطان اخرسني فما عدت قادراً على النطق , وأخذت تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم , و سمعتها تقول لابنتنا الكبرى: تعالي بسرعة، وأحضري إخوتك معك ! لنرى ما حل بوالدكم، يبدو بأنه أصابه الجنون والخرف، ينظر في وجهي ولا ينطق بكلمة !! ورغم غضبي من الأوصاف التي وصفتني بها , إلا إنني شعرت بسعادة بالغة , فقد أيقنت أن تجربتي الأولى في الصراخ الصامت قد كللت بالنجاح ...
عقدت العائلة اجتماع قمة طارئ ،وانهمكوا في التداول في أمري ، وبينما كنت مشتمئزًا منهم جميعاً , أخذت أصرخ فيهم صامتاً بغضب شديد: إتركوني واغربوا عن وجهي !
بعد المداولة , أصدروا البيان الختامي , الذي أعلنوا فيه عن شجبهم وإستنكارهم لما أصابني من أذى وأوصوا بضرورة عرضي على طبيب الأمراض العصبية في العاصمة , إنصعت لأوامرهم – صامتاً - وقدت سيارتي بصحبتهم في طريقنا الى الطبيب , طوال الطريق وأنا أتدرب على الصراخ الصامت في وجه السائقين المتهورين , بينما كانت زوجتي وأولادي يبكون على التغيير السيء الذي حدث لي, وهم يرونني أنظر شزراً ولا أنطق بكلمة واحدة وكأن الأمر لا يعنيني في شيء , بعدما كنت أشتم وأسب كل السائقين المخالفين بصوت عال , بل وكثيراً ماكنت أشيح لهم بيدي لاعنا, إلتمست لأسرتي الأعذار , فأنى لهم أن يعرفوا حقيقة الأمر , وهم غير قادرين على سماع صوت صراخي الصامت.
إلي اليمين من مدخل العاصمة مباشرة تقع طاحونة ضخمة , تتصل بالطريق العام بواسطة طريق فرعي قصير , بالكاد تمكنت من السيطرة على السيارة والتوقف حين توقفت فجأة شاحنة محملة بـ القمح كانت تسيرأمامي , وأخذ سائقها في الرجوع للخلف , ليتمكن من دخول الطريق الفرعي , الذي يبدو أنه قد تخطاه دون أن يتنبه له , أمتار قليلة تفصل بين الشاحنة وسيارتي , نظرت خلفي فوجدت طابوراً من السيارات المتوقفة , أخذت في التراجع للخلف خوفاً من الشاحنة التي اقتربت مؤخرتها حتى لامست مقدمة سيارتي , داخلني رعب هائل فأخذت في الضغط على بوق السيارة بكلتا يديّ , ونسيت البطولة وأرقامها القياسية وموسوعة جينيس وأخرجت رأسي من النافذة صارخاً بأعلى صوتي : إنتبه !! ... إنتبه يا غبي !!
إستمر السائق في الرجوع إلى إلخلف , ظناً منه أنّ لا أحد وراءه , وأخذت مؤخرة الشاحنة تضغط على مقدمة سيارتي بينما تضغط مؤخرة سيارتي على مقدمة السيارة التي وراءها , والتي راح صاحبها يصرخ هو الآخر مطلقاُ العنان لبوق سيارته , ومع سيل منهمر من الشتائم بكل ألوان الطيف , بدأ جميع السائقين يصرخون بصوت عال , للأسف لم يكن صراخاً صامتاً , بل مزعجا ملأ الدنيا ضجيجاً , حتى وصل إلى أذني السائق المصاب بالصمم، فأوقف الشاحنة أخيرا ونزل يحاول الاعتذار عما أحدثه من تلفيات.
ذهلت حين نظرت بأسى داخل سيارتي فوجدت كل أفراد أسرتي يهللون ويكبرون فرحاً , ويحمدون الله على أن فك عقدة لساني , إذ أني كنت قد نسيت أمر المسابقة تماماً , وأخذت أصرخ شاتمًا سائق الشاحنة الغبي الذي تسبب في تلف مقدمة سيارتي وتحطم أحد مصابيح الإضاءة الأمامية , والأسوأ من ذلك كله أنه أضاع عليّ فرصة الحصول على الميدالية الذهبية وتسجيل إسمي بحروف من نور في موسوعة جينيس للأرقام القياسية كأول بطل للعالم في ...
الصراخ الصامت :icon100:
http://i.imgur.com/J5HPKlj.png
http://i.imgur.com/mT8p0Fp.gif
icon101 صراخ صامت icon101
أصابتني (اللولوة) بلعنتها، ولمن لا يعرفها: فهي قول الإنسان لنفسه (لو) فعلت (كذا) لكان (كذا)
فقلت لنفسي: آاااه لو أمكنني أن آخذ البطولة في أي شيء وأسجل رقما قياسيا لسُطّر اسمي في موسوعة جينيس للأرقام القياسية ، ولما ذهبت حياتي هباءً منثوراً !!
, ثم تذكرت أنني لم أكن يوماً رياضياً مميزاً , ولست أملك موهبة ما , حتى لعبة الورق والشطرنج والدومينو لم أعد أتذكر أيّ منها جيداً , كما أنه ليست لدي القدرة على أكل أو شرب كميات ضخمة من الأطعمة والمشروبات , فقد وهن العظم مني واشتعل الرأس شيباً , وما كنت يوماً مغنياً كخوليو ولا راقصاً كزوربا , ففي أي شيء سأحصل على بطولة أو ميدالية ذهبية وأحقق حلم حياتي بتسجيل رقمي القياسي ؟
النوم ، الذي يقف على مبعدة مني ساخراً ومخرجاً ليّ لسانه ... جافاني , فقد إنصب كل تفكيري في البطولة، ووسيلة الحصول عليها، وأخيراً هداني تفكيري - بعد جهد جهيد - إلى محاولة أن أكون أول من يحصل على بطولة العالم في ... " الصراخ الصامت " :icon100:
قد يظن البعض – مخطئاً – أنه أمر هيّن , غير أن الحقيقة أنه أمر في غاية الصعوبة , والأصعب منه أن تحصل على بطولة العالم فيه , ولكوني - ولحسن الحظ – ممن لاييأسون من شيء أو يستسلمون بسهولة , فقد بدأت العمل بجد ونشاط ومثابرة لأتمكن من الحصول على تدريب كاف يؤهلني للفوز.
جاءتني فرصة التدريب , على طبق من ذهب , حين صرخت زوجتي في وجهي: أما زلت نائمًا، تسهر في الليل على هذا الملعون المسمى " الفيسبوك" ؟؟ أذهب واشتري لنا حاجات المنزل !
وفيما هي تناولني قائمة طلباتها أخذت أصرخ فيها صامتاً ومعترضاً - في صمت أيضاً - علي شرائها لهذه الكميات الهائلة من الأطعمة وكأن البلد سوف تدخل حالة حرب!! حدقت في وجهي للحظات ثم قالت بحدة:
مالك.. مالك لا ترد ؟؟
, وعلى الفور أدركت أنني قد بدأت رحلتي مع النجاح , فها هي لا تسمع صراخي الصامت , فصرخت صامتاً بصوت أعلى , لكي أحقق الإستفادة القصوى من فرصة التدريب الأولى لي , ظنت أنني قد جننت أو أصابني مس من الشيطان اخرسني فما عدت قادراً على النطق , وأخذت تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم , و سمعتها تقول لابنتنا الكبرى: تعالي بسرعة، وأحضري إخوتك معك ! لنرى ما حل بوالدكم، يبدو بأنه أصابه الجنون والخرف، ينظر في وجهي ولا ينطق بكلمة !! ورغم غضبي من الأوصاف التي وصفتني بها , إلا إنني شعرت بسعادة بالغة , فقد أيقنت أن تجربتي الأولى في الصراخ الصامت قد كللت بالنجاح ...
عقدت العائلة اجتماع قمة طارئ ،وانهمكوا في التداول في أمري ، وبينما كنت مشتمئزًا منهم جميعاً , أخذت أصرخ فيهم صامتاً بغضب شديد: إتركوني واغربوا عن وجهي !
بعد المداولة , أصدروا البيان الختامي , الذي أعلنوا فيه عن شجبهم وإستنكارهم لما أصابني من أذى وأوصوا بضرورة عرضي على طبيب الأمراض العصبية في العاصمة , إنصعت لأوامرهم – صامتاً - وقدت سيارتي بصحبتهم في طريقنا الى الطبيب , طوال الطريق وأنا أتدرب على الصراخ الصامت في وجه السائقين المتهورين , بينما كانت زوجتي وأولادي يبكون على التغيير السيء الذي حدث لي, وهم يرونني أنظر شزراً ولا أنطق بكلمة واحدة وكأن الأمر لا يعنيني في شيء , بعدما كنت أشتم وأسب كل السائقين المخالفين بصوت عال , بل وكثيراً ماكنت أشيح لهم بيدي لاعنا, إلتمست لأسرتي الأعذار , فأنى لهم أن يعرفوا حقيقة الأمر , وهم غير قادرين على سماع صوت صراخي الصامت.
إلي اليمين من مدخل العاصمة مباشرة تقع طاحونة ضخمة , تتصل بالطريق العام بواسطة طريق فرعي قصير , بالكاد تمكنت من السيطرة على السيارة والتوقف حين توقفت فجأة شاحنة محملة بـ القمح كانت تسيرأمامي , وأخذ سائقها في الرجوع للخلف , ليتمكن من دخول الطريق الفرعي , الذي يبدو أنه قد تخطاه دون أن يتنبه له , أمتار قليلة تفصل بين الشاحنة وسيارتي , نظرت خلفي فوجدت طابوراً من السيارات المتوقفة , أخذت في التراجع للخلف خوفاً من الشاحنة التي اقتربت مؤخرتها حتى لامست مقدمة سيارتي , داخلني رعب هائل فأخذت في الضغط على بوق السيارة بكلتا يديّ , ونسيت البطولة وأرقامها القياسية وموسوعة جينيس وأخرجت رأسي من النافذة صارخاً بأعلى صوتي : إنتبه !! ... إنتبه يا غبي !!
إستمر السائق في الرجوع إلى إلخلف , ظناً منه أنّ لا أحد وراءه , وأخذت مؤخرة الشاحنة تضغط على مقدمة سيارتي بينما تضغط مؤخرة سيارتي على مقدمة السيارة التي وراءها , والتي راح صاحبها يصرخ هو الآخر مطلقاُ العنان لبوق سيارته , ومع سيل منهمر من الشتائم بكل ألوان الطيف , بدأ جميع السائقين يصرخون بصوت عال , للأسف لم يكن صراخاً صامتاً , بل مزعجا ملأ الدنيا ضجيجاً , حتى وصل إلى أذني السائق المصاب بالصمم، فأوقف الشاحنة أخيرا ونزل يحاول الاعتذار عما أحدثه من تلفيات.
ذهلت حين نظرت بأسى داخل سيارتي فوجدت كل أفراد أسرتي يهللون ويكبرون فرحاً , ويحمدون الله على أن فك عقدة لساني , إذ أني كنت قد نسيت أمر المسابقة تماماً , وأخذت أصرخ شاتمًا سائق الشاحنة الغبي الذي تسبب في تلف مقدمة سيارتي وتحطم أحد مصابيح الإضاءة الأمامية , والأسوأ من ذلك كله أنه أضاع عليّ فرصة الحصول على الميدالية الذهبية وتسجيل إسمي بحروف من نور في موسوعة جينيس للأرقام القياسية كأول بطل للعالم في ...
الصراخ الصامت :icon100:
http://i.imgur.com/J5HPKlj.png
http://i.imgur.com/mT8p0Fp.gif