المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشخشيخة



Yonko Akagami
15-8-2015, 07:50 PM
سلامٌ من الله عليكم

http://im71.gulfup.com/AjAwzI.jpg


...

هكذا وجدتُ نفسي في ذلك العالم، لم أختر أبداً مصيري، كما لم يختر البؤساء مصائرهم.

جعلوني ملكاً مدللاً في مملكة لا تعرف الميزان، أرتدي ثوبي الحريري
وأجلس إلى مائدة عامرة يزيد طولها عن الأمتار السبعة، عن يميني مقدم الطعام
وعن يساري حامل الشراب، مهنته أنه يرقب جيدا ملامح وجهي
حتى إذا ما لاحظ ما قد يوحي بالرغبة في الشراب، يسارع إلى تقديمه فوراً، مع انحناءتين ملكيتين.


انتهي من طعامي، أخرج إلى جموع الشعب الجائع، فألقمه بعض وعود وابتسامات ملكية.
ثم أخرج في موكبي، فتصطف الجموع على الجانبين
يتدافعون بشدة طمعاً في لمحة من طلتي القدسية.
أحسبهم أحيانا يستحقون بؤسهم، فهم الذين منحوني كل هذا، وصنعوا قدسيتي.


هذا الصباح، دلفتْ إلى حجرتي والدتي، حاملةً عصا ذهبية
تبدو كتحفة فنية صغيرة، سألتها ما تلك، أجابتني بفخر، تلك شخشيختك صغيراً
عصا من الذهب الخالص، بها قطعة مفرغة، تحوي مجموعة من أندر الأحجار الكريمة
عندما كنت تشعر بالملل، كعادة الأطفال الذين لم يكملوا عامهم الأول
كنت أعطيك إياها، تشخشخ، فتملأ عالمي ابتسامتك.


صدمني حديثها، لم أستطع الرد، فكلما تخيلت ثمن تلك الشخشيخة
وما يمكنها فعله بمئات المحرومين، شعرتُ برغبة قوية لتقيوء أجزائي، ومعاقبة روحي بالألم الأبدي.


ياله من عالم مجنون، أراهن أن أولئك البؤساء لو علموا بأمر تلك الشخشيخة
لصفقوا فرحا وسبحوا بحمد جلالة الملك، فالحمقى يغرسون أشجار بؤسهم.


أتمنى أن أساعدهم على تهشيم الآلهة
لكنهم مؤمنون بها غاية الإيمان ولست بإبراهيم، ولا آمن نيران الثورة.


غادرتُ أمي وخرجتُ إلى حديقة القصر
بدت لي ثمار البرتقال على الأشجار وجوهاً حزينة جائعة، تفوح من أغصانها رائحة الخوف.


التقطتُ ثمرة منها بأصابع مترددة، ورحتُ أتأملها جيداً
لعلي أمسح عن مرآة ضميري صورها الحزينة، وأرى برتقالاً لامعاً شهياً
زُرع خصيصاً من أجل، قداسة الملك.


انتشلني من أفكاري صوت الشخشيخة، يدوي بصراخ أمة كاملة، تعتصرها أصابع طفل صغير.



http://i.imgur.com/YZQiBjm.gif

بوح القلم
16-8-2015, 11:56 PM
وعليكم السلام ،،

قصة جميلة متناسقة حكت لنا بحروف مشعة عبرة وحكمة قد حوتها السطور

وروت لنا كيف غدت الشعوب ومصائرهم خشخيشة بيد الظالمين

يتسلون بها في وقت مللهم واكتئابهم ويستأنسوا بآهات المحرومين ويتلذذوا بعبرات البائسين

لكن ما صدمني أن ذلك الجالس على كرسيه وأحضرت له خشخيشته ..

أن عنده ضمير وفكر بمصائر المحرومين وإن كان للحظة .. فهي بالفعل كثير على أمثاله

سلمت يونكو وباركك الله وبارك في قلمك فدوماً ما يأسرني زلاله

شكراً لك مع وردة

عذراً منك يونكو التبس علي العنوان فما أعرفه أنه الخُشخيشة وظننتك أخطأت

لكني كنت أنا المخطئة فـ الشخشيخة أيضاً صحيحة لكنها غريبة علي .. لم أقصد ادعاء المعرفة ^^"

يالبى ران
19-8-2015, 03:44 AM
ممتعة ، مختصرة ، وهادفة !

لكني تعجبت من وجود الضمير هنا !!
وخصوصا بهذه القوة ! ألم يكن مبالغا !

صدمني حديثها، لم أستطع الرد، فكلما تخيلت ثمن تلك الشخشيخة
وما يمكنها فعله بمئات المحرومين، شعرتُ برغبة قوية لتقيوء أجزائي، ومعاقبة روحي بالألم الأبدي.
الصدمة ! عدم الرد ! "كلما تخيلت الثمن " من ملك يعيش حياة فارهة !

أو ربما أراها كذلك لأني أنا صدمت ولم أتخيل أن يكون لدى هذه الكائنات ضميرا !

..
للأسف ، صدقت في :

أحسبهم أحيانا يستحقون بؤسهم، فهم الذين منحوني كل هذا، وصنعوا قدسيتي.

****************

,zoro,
25-8-2015, 05:01 PM
عجبتني الكتابة وكانت حقيقة نعيشها في معظمها .. نراها ونعيشها في زماننا


أحسبهم أحيانا يستحقون بؤسهم، فهم الذين منحوني كل هذا، وصنعوا قدسيتي.
عجبتني كثيرا وكمثال ما يحدث وحدث في ما يسمى بالربيع العربي

تحياتي لك ..