المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أيامي المطبخية



أ. عمر
2-1-2019, 06:15 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


بين القُدُور والصحون


بين الفرن والمجلى

ذكريات وحكايات

ما بين الماضي البعيد

والحاضر القريب والمستمر

تابعونا في حكايتنا هذه

سأبتدئ بها في الغد بإذن الله تعالى

دمتم في أمان الله وحفظه ورعايته


(http://www.msoms-anime.net/showthread.php?t=191235&p=3578339&viewfull=1#post3578339)البداية (http://www.msoms-anime.net/showthread.php?t=191235&p=3578339&viewfull=1#post3578339)
حكاية أخرى (http://www.msoms-anime.net/showthread.php?t=191235&p=3578809&viewfull=1#post3578809)
الأخت المملحة (http://www.msoms-anime.net/showthread.php?t=191235&p=3580526&viewfull=1#post3580526)
دموع التأثر (http://www.msoms-anime.net/showthread.php?t=191235&page=2&p=3582151&viewfull=1#post3582151)
هلكافيه (http://www.msoms-anime.net/showthread.php?t=191235&page=2&p=3582776&viewfull=1#post3582776)
الكاتو المشوي (http://www.msoms-anime.net/showthread.php?t=191235&page=2&p=3583084&viewfull=1#post3583084)

أ. عمر
4-1-2019, 09:58 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

البداية

مع أنني لم أبلغ الأربعين بعد، إلا أن حكايتي في الطبخ ترجع بنا زمانيًا ما يقارب ثلاثًا وثلاثين سنة في مَرِّ سنوات الزمان، وشتَّان ما بين حالتنا الآن وحالتنا آنذاك، الآن الجسد مرهق، النَّفَس صعب، والبياض في الشعر يزداد موحيًا أن صراعًا عنيفًا سيأتي في السنوات القليلة القادمة، بينه وبين السواد، وآنذاك كنا أطفالًا صغارًا، نمتلئ بالحيوية والنشاط (رغم بعض الضيق في التنفس)، كنا نمشي ساعات، ونركض كيفما أردنا ومتى أردنا.
وفي الحالتين هاتين، حالة بداية العجز الحالية، وحالة بداية الخلاص من عجز الطفل واحتياجه إلى كل مَن حوله، ما بين هذا التناقض الغريب، لا زالت أيامي المطبخية مستمرة، لم تنتهِ فصولها بعد!
وإذًا، لنبدأ حكايتنا الفعلية، وأولى تجاربنا المطبخية المؤثرة، كانت مع قلي البيض! ولا يعني هذا أن قلي البيض كان أول مرة أستخدم فيها فرن الغاز (البوتوجاز)، بل إنني جربت سلق البيض قبل ذلك، ونجحت فعلًا، رغم أنني لم أستفد شيئًا من ذلك، وأعتقد أن السبب يتمثل في الغش الذي يملأ الأنفس، فإما أن الماء مغشوش، وإما أن الدجاجة نفسها غشَّت لنا في بيضها، ولا أرى أمامي أي تفسير آخر!
لقد وضعت بيضتين معًا في الركوة، وأشعلت النار تحتها، ورششت بعض الملح طبعًا، وذلك لأنه يحمي البيض من التكسير، وانتظرت مدة ثلاث دقائق (كاملة)، وبعدها خففت حِدَّة النار دقيقتين إضافيتين، وأغلقت الغاز، وحملت الركوة بمحتواها الثمين لأصب فوقها الماء البارد، لأتمكن من مدِّ يدي فيها واستخراج البيض، وجلست كي آكل مستبشرًا بأنني سآكل أول مرة من صنع يديَّ أنا، وأنني طباخ ماهر فعلًا!
أتمنى ألا تبدو لكم هذه المشاعر غريبة، فوقتها كنت في الخامسة من عمري تقريبًا، وفوق ذلك لم أكن أتخيل، وأنا أسلق البيض، أنني سأفهم يومًا كيف يَتِمُّ طبخ الرز، أو اللوبياء أو الفاصولياء، وما إلى ذلك، أو كيف يمكن لي أصنع صينية (بيتي فور) على سبيل المثال، لذا بدا لي ما أقوم به الآن من سلق البيض إنجازًا ما بعده إنجاز، إنجازًا يستحق أن أسجله لأحتفل بذكراه كل سنة، بسلق بيضتين أو ثلاث!
جلست على كرسي أمام طاولة الطعام، وأمامي طبق فيه البيضتان المسلوقتان، وأنا أشعر بالسعادة، ويا له من إحساس رائع إذ أمسكت بالبيضة الأولى وأخذت أدقها لأكسر قشرتها قليلًا، وما إن ابتدأت التقشير قليلًا حتى سال محتواها من البياض والصفار منها ليملأ أصابعي والطاولة وملابسي وقدمي والأرض معًا!
زال الفخر لِيَحُلَّ الاشمئزاز بدلًا منه، وقمت مسرعًا لأغسِّل بالماء ما أستطيع تغسيله، غير أن الأمر زاد سوءًا، بدا لي منظري بعد الغسيل بالماء كأنني خارج من مياه البحر مثلًا، لكني رجعت _ بعناد _ لأتذوق ما طبخته يداي، وقشرت البيضة الثانية لأحصل على النتيجة ذاتها، غير أنني كنت منتبهًا هذه المرة، فاكتفى محتوى البيضة بتلويث الطاولة والأرض فقط لا أكثر!
وبعد أن تم كشف هذه الفعلة، إذ لا يمكن إخفاء آثارها هذه، وما كنت لأحاول مسح الطاولة والأرض، كي لا تكبر البقع المتسخة كما حصل حينما حاولت تنظيف ملابسي منذ قليل، عرضت إحدى أخواتي عليَّ أن أكتفي بإخبارها فقط حينما أريد، وستتولى هي سلق البيض لي، بل وتقشيره كذلك، و(تكرم عينك يا أخي)!
لكن عيني لم (تكرم) قط! كل ما أشتهي أكل البيض المسلوق أقول لأختي هذه، فتسرع متحسمة إلى المطبخ، وتخرج البيض من البراد، وتأتي بالمقلاة هاتفة بانفعال:
_ سأقلي البيض هذه المرة (فقط)، لأنه أطيب!
ومن دون انتظار ردي، تنفذ ما اعتزمته، وللأمانة لم أعرف ما معنى كلمة (فقط) في مفهوم أختي، إذ إنها تكرر فعلتها هذه كل مرة، ولا أدعي أنني أكره البيض المقلي، فهو طعام طيب، وكنت أعتبره من المعجزات الحقيقية، كيف تكسر البيض فوق المقلاة ليسيل محتواه عشوائيًا فيها، وبعد دقائق تجد قطعة متماسكة تخرجها أختي من المقلاة لتبدأ بتقطيعها، وكنت أتوق إلى تجربة مثل هذه، لا بل إنني لو نجحت في قلي البيض فإنني سأعتبر نفسي قد امتلكت كل مقومات الطبخ من دون استثناء، لكن متى ستسلق لي أختي البيض؟ وإذا ما طلبت هذا الطلب من أيِّ أخت أخرى كانت تحيلني إلى أختي المتطوعة هذه، فأتجه نحوها قائلًا لها:
_ أختي، الله يوفقك، أريد بيضًا مسلوقًا.
فتهتف هي مستبشرة:
_ تكرم عينك يا أخي!
وتنطلق مسرعة لتقلي البيض بعدها، والحجة نفسها، هذه المرة (فقط)، حتى كرهت البيض المقلي كرهًا تامًا، والحال لا يتغير للأسف...
ومن البديهي أنني لم أستسلم، لقد حاولت مرارًا أن أسلق البيض بعدها، فلم أنجح، والنتيجة المتمثلة في المحتويات السائلة الذائبة هي ذاتها كل مرة، هذا ومن العدل أن أذكر أن أمي (رحمها الله تعالى) لم تكن تبخل علينا، لكني أحيانًا كنت أشتهي أن آكل البيض المسلوق في غير أوقات الفطور، ثم إننا لم نكن نأكله يوميًا، ما كان يزيد شوقي إلى أكله، وهناك سبب آخر، أمي لم تكن تتركني _ لا أنا ولا أخي _ أدخل المطبخ إذ تشتغل في أمور الطعام، أما مع أختي فكنت أقف متفرجًا، ولكم تمنيت أن أراها تسلق البيض حتى أفهم الطريقة الصحيحة، وأطبِّقها بنفسي بعد ذلك، لكن أختي لم تفعل ذلك ولا مرة آنذاك.
ويومًا ما، بعد سنوات من محاولتي المطبخية الأولى، كانت أختي _ كعادتها _ تريد أن تقلي البيض، ولا يعني هذا أنني طلبت ذلك منها لا سمح الله، فلقد استسلمت من زمان بعيد، مدركًا أن لا إفادة تُرجَى من هذه الطلبات، لا علينا، لقد وضعت أختي المقلاة على النار، وملأتها بالزيت، واستعدت لتفتح الغاز وتشعل النار، لولا أن ناداها أحدهم، ربما أبي، ربما أمي، ربما إحدى أخواتي، ربما أخي، ليس مهمًا! المهم أنها قد غادرت المطبخ، وها هي فرصتي أنا، سألقِّن أختي درسًا حقيقيًا كيف يقومون بقلي البيض، بعيدًا عن طريقتها الخرقاء، إذ كنت أراها تشعل النار تحت الزيت، حتى يغلي، ويتطاير يمينًا ويسارًا، ثم تقوم بكسر البيض وهي تقفز مبتعدة عن قطرات الزيت النارية المتطايرة، أما أنا فطريقتي أكثر أمانًا قطعًا، سأكسر البيض وأشعل النار، وسأقلي البيض محققًا المعجزة التي ظننتها مستحيلة، والآن هي في متناول يدي!
آه! ألم أقل لكم إن الغش في كل مكان! حتى حافة المقلاة مغشوشة يا جماعة! كسرت البيضة الأولى عليها، فسقطت محتوياتها خلف المقلاة، أما المقلاة فلم تستقبل سوى القشر فحسب، جربت مع البيضة الثانية وكنت أكثر حذرًا، أَدَرْتُ الأمر بمنتهى الاحتراف، ونجحت! نعم نجحت! لم تسقط قشرة واحدة في المقلاة، يا لي من عبقري! صحيح أن البيضة بمحتوياتها وقشرتها نزلت خلف المقلاة لكن لا بأس، المهم أن حذري أتى بنتيجة إيجابية فعلًا!
أما محاولتي الثالثة والأخيرة فكانت أكثر احترافًا، خبطت البيضة الثالثة والأخيرة بعنف على حافة المجلى، لأفاجأ بها تتلاشى بأكملها من يدي، ما هذا السحر؟ ماذا يحدث؟ حتى في أفلام الكرتون الهزلية لم أر مثل هذا المشهد إطلاقًا، ولكن... آه، لقد سقطت البيضة بأكملها متهشمة بين حافة المجلى وفرن الغاز الكبير، لكن لا علينا، لم ألوث الغاز نفسه هذه المرة، بل لوثت الأرض، لا علينا، التجديد جميل، بل إنني بهذا التجديد أسترجع ذكريات الماضي حينما كسرت أول بيضة سلقتها، الآن أكسر بيضة أريد قليها، لم أكن قد سمعت بمقولة التاريخ يعيد نفسه وقتها، لكني أعتقد أنها مناسبة جدًا لوصف هذا الموقف، والآن ماذا أفعل؟
لا، لم أهرب مُدَّعيًا البراءة كما يتداعى إلى أذهانكم، بل إنني بدأت عملًا ولا بد لي من إتمامه، البيضة الأولى سقط قشرها في المقلاة، ربما سقط بعض محتواها كذلك ولم أعرف ذلك لاختلاط لونه بلون الزيت، فهل أترك تعبي يضيع؟ هل احتملت هذه اللزوجة المزعجة بين أصابعي من آثار محتويات البيض عبثًا؟ أبدًا!
أشعلت النار وانصرفت ناويًا الرجوع بعد عدة دقائق لأرى قطعة البيض المتماسكة، سأزيل القشور منها، وآكل، حتى لو كانت قطعة صغيرة تكفي لقمة واحدة، فلا بأس، سأتذوق (طبختي) الناجحة الأولى، و...
ما هذا الصراخ يا ترى؟ ولماذا تركض أخواتي هكذا؟ لم أميِّز شيئًا من الصراخ بادئ الأمر، إلى أن أدركت ما يحصل بعدها مع الحوار الحامي بين أخواتي، ودفاع أختي المسكينة عن نفسها، وهي تتلقى اللوم والعتاب الساخر حول فكرتها المذهلة في قلي قشور البيض حتى تتفحم!
انتهى الصراخ بعد مدة لا بأس بها، ورأيت أخواتي الأكبر يخرجن من المطبخ غاضبات، فأسرعت إليه لأرى أختي المتطوعة المتحمسة إلى سلق البيض، تقف أمام المجلى ذاهلة، تتمتم لنفسها كالمصعوقة:
_ كيف؟ هل كان البيض في يدي حينما تركت المطبخ قبل أن أبدأ بالقلي؟ هل أخافني الصوت الذي ارتفع يناديني حتى وقع البيض من يدي بدون انتباه مني؟ ولكن، غير معقول! كيف حملت ثلاث بيضات في يدي دفعة واحدة؟
قلت لها بحماسة إن عليها أن تكون أكثر وعيًا من ذلك، كي لا تقف مثل هذا الموقف السخيف مرة أخرى، وإنني لم أتوقع منها أن تقلي قشور البيض بدلًا من البيض نفسه، متسائلًا من أين أتت بكل هذا (الذكاء)؟ وإن كانت هي (البنت) لا تعرف كيف تقلي بيضة، فما المنتظر من...
وكان لا بد لي من أن أولي فرارًا! تغيرت ملامح أختي حتى ظننت أنها ستلتهمني حقيقة لا مجازًا، إذ سمعت اتهامي إياها بأنها لا تعرف كيف تقلي بيضة، ولكن، ترى لماذا يحزن الناس إذا ما ذكرنا لهم الحقائق الواقعية؟ أختي نفسها مقتنعة أنها هي من ارتكب هذا الفعل، وإذًا هي مقتنعة بينها وبين نفسها حتى لو لم تعترف لنا، بأنها لا تعرف كيف تقلي البيض، فلماذا أغضبتها هذه الحقيقة يا ترى؟ لا أعلم! لكني أعلم أمرًا مهمًا، محاولاتي في المطبخ في بدايتها، ولن تكون هذه المرة الوحيدة التي أتدخل فيها لأوجِّه طبخ أختي الوجهة الصحيحة!
تابعوا معنا.
(عمر قزيحة: 4_1_2019: الساعة: 20:58) ليلًا

بوح القلم
5-1-2019, 11:10 AM
_ أختي، الله يوفقك، أريد بيضًا مسلوقًا.
فتهتف هي مستبشرة:
_ تكرم عينك يا أخي!
وتنطلق مسرعة لتقلي البيض بعدها، والحجة نفسها، هذه المرة (فقط)، حتى كرهت البيض المقلي كرهًا تامًا، والحال لا يتغير للأسف...
آه يا أستاذ كم أحسد أختك، قد كنت طفلًا صبورًا وتقطر طاعة، ليس كجيل اليوم

أتعلم ما فعل أخي الصغير طلب مني أن أعمل له بيض عيون، تناولت بيضتين ووضعتهما على الطاولة، ثم وجدت الزيت قد نفد فذهبت لأحضره،

وعندما رجعت، لم أجد البيض بمكانه، سألته أين هما؟

فأخذني نحو الجدار وإذا به قد رسم بهما لوحة جدارية، وجعل من صورة الفراولة هدفًا للتصويب، بعدها لم أجرؤ على تجاهل طلبه~


آه! ألم أقل لكم إن الغش في كل مكان! حتى حافة المقلاة مغشوشة يا جماعة!
تعس الغش ما أقساه!!

أختي نفسها مقتنعة أنها هي من ارتكب هذا الفعل، وإذًا هي مقتنعة بينها وبين نفسها حتى لو لم تعترف لنا، بأنها لا تعرف كيف تقلي البيض، فلماذا أغضبتها هذه الحقيقة يا ترى؟ لا أعلم!
ياللبراءة! لا يكفي أنك ورطتها بل أصبحت لها من الواعظين! أنا أتراجع عما قلته آنفًا

سلمك ربي وباركك سرد ممتع جدًا لاتمل قراءته

بانتظار باقي اليوميات

Jomoon
6-1-2019, 08:47 PM
وعليكمـ السلامـ ورحمة الله وبركاته~

ماهذه المواهب المتعددة؟!! :"),
أضحكتني يالله كل ما أتذكر ما قمت به!!!،
ربي يسعدك يارب
مالذي فعلته بأختك؟!،
كدت تصيبها بالجنون_بسم الله عليها_!!،
هداك ربي،
ولآا بعد تقتل القتيل وتمشي بجنازته!!
ربي يبعد الشر عنكم
تخيل تقرأ كلامك وتعلم!،
ربي يبارك بك
سرد ممتع ومميز كالعادة
تدخل البهجة ربي يسعدك
متابعة بإذن الله
في حفظ المولى،،
~

أ. عمر
14-1-2019, 05:11 PM
أعتذر لتأخري في المتابعة
لظروف انتكاس الوالد صحيًا ورجوعه إلى المستشفى مرة أخرى من عدة أيام
ولا يزال أمامنا ثلاثة أيام أخرى على الأقل قبل أن يخرج
نتابع _ بإذن الله _ من بعد أن أستقر قليلًا، معظم وقتي بين مدرستي والمستشفى

Jomoon
14-1-2019, 07:21 PM
ربي يشفيه ويعافيه يارب العالمين،
ربي يحفظه لكم ويبارك في عمره قادر كريم،
~

بوح القلم
14-1-2019, 09:48 PM
سبحان الله طهورًا إن شاء الله أسأل الله أن يلبسه لباس الصحة والعافية

اللهمّ يا رحمن يا رحيم يا مالك الملكوت ألبس والد الأستاذ عمر ثوب الصحّة والعافية، عاجلاً غير آجل يا أرحم الرّاحمين

اللهمّ إنّي أسألك من عظيم لطفك، وكرمك، وسترك الجميل، أن تشفي والد الأستاذ عمر وتمدّه بالصحّة والعافية،

لا ملجأ ولا منجا منك إلّا إليك، إنّك على كلّ شيءٍ قدير.

أ. عمر
19-1-2019, 09:49 PM
آه يا أستاذ كم أحسد أختك، قد كنت طفلًا صبورًا وتقطر طاعة، ليس كجيل اليوم

جيل اليوم نشعر به كأنه لا يمتُّ إلى جيلنا بأدنى صلة

أتعلم ما فعل أخي الصغير طلب مني أن أعمل له بيض عيون، تناولت بيضتين ووضعتهما على الطاولة، ثم وجدت الزيت قد نفد فذهبت لأحضره،

وعندما رجعت، لم أجد البيض بمكانه، سألته أين هما؟

فأخذني نحو الجدار وإذا به قد رسم بهما لوحة جدارية، وجعل من صورة الفراولة هدفًا للتصويب، بعدها لم أجرؤ على تجاهل طلبه~

كيف احتملتِ ذلك؟ لا أظن أن تنظيف الجدار كان هينًا بعدها

تعس الغش ما أقساه!!

وما أكثر الغش في أيامنا!


ياللبراءة! لا يكفي أنك ورطتها بل أصبحت لها من الواعظين! أنا أتراجع عما قلته آنفًا

لم أشأ أن أخيب رأيها في نفسها! استحيت من فعل ذلك كونها أكبر مني!


سلمك ربي وباركك سرد ممتع جدًا لاتمل قراءته

بانتظار باقي اليوميات



جزاكِ الله كل الخير لمروركِ الطيب ولرأيكِ المشرف
وإن شاء الله لن أتأخر في المتابعة

أ. عمر
19-1-2019, 09:52 PM
وعليكمـ السلامـ ورحمة الله وبركاته~

ماهذه المواهب المتعددة؟!! :"),
أضحكتني يالله كل ما أتذكر ما قمت به!!!،
ربي يسعدك يارب
مالذي فعلته بأختك؟!،
كدت تصيبها بالجنون_بسم الله عليها_!!،
هداك ربي،
ولآا بعد تقتل القتيل وتمشي بجنازته!!
ربي يبعد الشر عنكم
تخيل تقرأ كلامك وتعلم!،
ربي يبارك بك
سرد ممتع ومميز كالعادة
تدخل البهجة ربي يسعدك
متابعة بإذن الله
في حفظ المولى،،
~


أضحك الله سنكِ وأسعدكِ دومًا
لدينا هذا المثل كذلك (يقتل القتيل ويمشي بجنازته)
لكن أنا لم أشأ أن أخيب آمالها ونظرتها في نفسها
الحمد لله أنها لا تتابع المنتديات، لكن أظنها قد علمت، فلم تكن هذه المرة
الوحيدة التي أفسدت فيها عملها، سواء علانية أمامها أم باكتشافها ذلك...
كل الشكر لمروركِ المشرف ولرأيكِ المشرف
حفظكِ الله تعالى

أ. عمر
19-1-2019, 09:53 PM
ربي يشفيه ويعافيه يارب العالمين،
ربي يحفظه لكم ويبارك في عمره قادر كريم،
~

جزاكِ الله تعالى كل الخير لدعائكِ الطيب
حفظكم الله تعالى من كل سوء

أ. عمر
19-1-2019, 09:54 PM
سبحان الله طهورًا إن شاء الله أسأل الله أن يلبسه لباس الصحة والعافية

اللهمّ يا رحمن يا رحيم يا مالك الملكوت ألبس والد الأستاذ عمر ثوب الصحّة والعافية، عاجلاً غير آجل يا أرحم الرّاحمين

اللهمّ إنّي أسألك من عظيم لطفك، وكرمك، وسترك الجميل، أن تشفي والد الأستاذ عمر وتمدّه بالصحّة والعافية،

لا ملجأ ولا منجا منك إلّا إليك، إنّك على كلّ شيءٍ قدير.

جزاكِ الله تعالى كل الخير لدعائكِ الطيب
حفظكم الله تعالى من كل سوء

أ. عمر
20-1-2019, 12:10 PM
بسم الله الرحمن الرحيم




حكاية أخرى


البنات _ بإتقانهن الطبخ _ ساحرات! وهذا وفق رأيي المتواضع بكل تأكيد، ولا أعني أن هذا رأيي الآن فحسب، بل هو رأي كنت أؤكده لنفسي منذ الطفولة.
نحن في البيت سبعة أولاد، أنا وأخي الأكبر مني، وخمس بنات لا تصغرني منهن سوى واحدة، وعلاقتي التخريبية، أقصد الإبداعية في أمور الطبخ، كان ضحيتها دائمًا أختي الأكبر مني مباشرة.
وكما كنت أنظر إلى البيض المقلي على أنه من أطيب الأكلات، كنت أرى البطاطا المقلية كذلك، على أن البطاطا المقلية كانت تتميز بغموض أكثر فعلًا، يؤكد لي أن هناك ألغازًا حقيقية تختبئ خلف أصابع البنات، ولا أحد منا _ نحن الصبيان المساكين _ يستطيع إدراكها، إذ كيف تستطيع البنات تقطيع البطاطا كأصابع رفيعة تتساوى ارتفاعًا وعرضًا؟!
أما تقشير البطاطا فتلك كارثة أخرى! أذكر يومًا ما أرادت أخت لي _ غير الأخت الضحية المعتادة_ أن تقلي البطاطا، وقررت مساعدتها، لا؛ بل قررت مفاجأتها للحقيقة، بأن تأتي لترى كل حبات البطاطا قد تم تقشيرها، فحملت أكبر حبة منها بيدي اليمين، وأخذت السكين بيدي اليسار وانقضضت بها بمنتهى الرقة واللطف على حبة البطاطا لتتجاوز السكين الحبة وتضرب بيدي اليمين قليلًا، ورغم الألم لم أستسلم، لقد أخطأت قليلًا، فأنا لست بالأعسر إطلاقًا، وهكذا حملت حبة البطاطا بيدي اليسار، وأخذت السكين بيدي اليمين الدامية وبدأت تقشير البطاطا بحماسة، و...
_ ولي!!
ما شاء الله! البطاطا (تولول) يا جماعة! لم أكن أعلم أنني بارع في التقشير إلى هذا الحد! لكن كيف يمكن للبطاطا أن (تولول) بالفعل؟
_ أَ...أَبعد السكين عني!
شعرت بالانبهار التام هنا! البطاطا تتكلم كذلك! ثم انتبهت؛ فجأة؛ إلى الموقف، السكين اخترقت حبة البطاطا في أعلاها، وتكاد تنغرس في رقبة أختي (أختي الضحية المعتادة) التي كانت قادمة إلى المطبخ لتتولى عملية تقشير البطاطا بدلًا من أختها الأكبر، و...
_ ولي! ولي!
شعرت بالغيظ من البنات وطبعهن الذي يميل إلى المبالغة في كل شيء، لقد عرفتُ أنا أن التي تولول وتتكلم ليست حبة البطاطا، فلماذا عادت تولول مرة أخرى؟ وليت الأمر توقف هنا، بل انطلقت أختي في صراخ لم أفهم بسببه تلك الكلمات التي تصرخ بها، واجتمعت العائلة على صراخها، لتتمالك هي نفسها متمتمة برعب:
_ بطاطا... دم!
انتبهت هنا إلى أن حبة البطاطا التي أحملها مليئة بالدم، غريب! كيف جرحتها؟ ثم هل ينزل من البطاطا دم؟ يبدو أن هذا العالم مليء بالاكتشافات العلمية التي لا نعرف عنها شيئًا، و... فوجئت بأن أخواتي ينظرن إليَّ بعطف، وأن إحداهن تأخذ بيدي برفق إلى صيدلية البيت لتضع عليها شيئًا ما من قنينة صغيرة، جعلت النيران تلتهب في كياني، قبل أن تضع القطن عليها، متمتمة:
_ لا تخف! لا تخف! جرح بسيط إن شاء الله!
نظرت إلى أختي هنا متسائلًا أين عقلها؟ هل سأخاف لأن حبة البطاطا قد جُرِحَت جُرحًا بسيطًا؟ لكن، لماذا تدمع عينا أختي يا ترى؟ أإلى هذا الحد تحب البطاطا؟ لماذا تقليها بالنار وتأكلها بلا شفقة أو رحمة إذًا؟ من الواضح؛ كذلك؛ أن عقول النساء فيها ألغاز لا نفهمها نحن إطلاقًا!
غير أن التجربة الرهيبة التي عاشتها أختي ضحيتي المعتادة لم تتوقف عند هذه الحادثة، بل كان لها تجربة ظلت تذكرها حتى بعد أن تخرجنا من الجامعة بسنوات، نظرًا لما تركته في نفسها من الرعب، رغم أنها لم تَبْدُ لي مرعبة إلى هذا الحد، بل لم تَبْدُ لي مرعبة إطلاقًا، إذ إنها كانت مسلية نوعًا ما، وأثبتُّ فيها شجاعة حقيقة، وقلبًا ثابتًا لا يهتز أمام المخاطر، رغم أنني كنت آنذاك، على الأرجح، في السابعة من عمري تقريبًا.
لا أعرف حقيقة لماذا غادر أهلي المنزل جميعًا، ولم أبق سوى أنا وأختي هذه، ولقد فوجئت بها تقول مبتسمة:
_ ما رأيك بصحن بطاطا مقلية من يديَّ الطيبتين؟
شعرتُ بأمعائي تتقلص هنا، لهول هذه الفكرة، رغم أنني أحب البطاطا المقلية جدًا، لكن هذه الأخت تحديدًا لا تعرف كيف تقلي بشكل جيد، وأجبتها متحمسًا:
_ لا، لا أريد.
وإذ بها تهتف متحمسة بدورها:
_ سأقلي لك البطاطا اليوم، تكرم عينك!
نظرت إليها غير فاهم أين موطن (إكرامية عيني) هنا، ويبدو أن أختي سمعتني أتمتم باستنكار:
_ {قل أعوذ برب الفلق}!
لكنها لم تستسلم لمشاعر (الود) هذه، فقالت لي بلهجة فيها توكيد تام:
_ سأقليها وستعجبك لأنك ستكون معي وأنا أقليها! ما رأيك؟ لم أفهم وقتها _ ولا بعدها _ أين الإغراء في هذا العرض؟ هي تدرك _ حتمًا _ أن قليها البطاطا كارثة حقيقية، فهل تظن نفسها أنها ستصبح عبقرية في قلي البطاطا إذا ما وقفتُ بكل تواضعي أتفرج عليها وهي تفعل ذلك!
قلت لها بصراحة تامة:
_ ولكن أنتِ...
فقاطعتني هاتفة بسعادة:
_ هييييه! يعني موافق موااااافق مواااااافق، ياااااااااي!
احكوا ضميركم يا جماعة! هل قلتُ لها إنني موافق؟ متى؟ الله يعيننا على عقول البنات يا رب! لتقل إنها تريد أن تقلي البطاطا سواء أوافقتها أم لا، وانتهينا!
دخلت المطبخ معها، لأتفرج على (السحر) محاولًا أن أفهمه عبثًا، تقشير بسرعة خيالية، وتغسيل حبات البطاطا وتقطيعها لتكون بحجم واحد، كل هذا جميل، لكن المصيبة قادمة بعد قليل، حينما تبدأ أختي بـ(النق) فوق رأسي لآكل هذه البطاطا التي تقليها بشكل غريب، ابتلعت ريقي اشمئزازًا، وهي تضع قليلًا من زيت القلي في المقلاة، وتدير النار تحته، قبل أن تلقي بالبطاطا فوقه ليفور الزيت، وأختي تثب مبتعدة عن تلك القطرات النارية، ولكن أتى الإنقاذ فجأة، إذ دُقَّ الباب، لأرى أن ابنة عمتي أتت تسأل عن أختي، وقد كانتا صديقتين لا تكادان تفترقان، هتفت مناديًا أختي فأتت مسرعة لترحب بابنة عمتها، وأنا أنظر متعجبًا لا أفهم لماذا تحتضنان بعضهما وتتبادلان القبل، وقد كانتا معًا أول أمس؟! متى اشتاقتا إلى بعضهما؟ لا علينا! الإبداع ينتظرني في المطبخ، سأحول قلي البطاطا وفق طريقتي أنا، لألقن أختي درسًا في كيفية قلي البطاطا بشكل صحيح، وسترجوني بعدها أن أقلي البطاطا بكل تأكيد، رأيتها بعين الخيال تركض نحوي بحبات البطاطا المقشرة المقطعة تكاد تبكي كي (أتكرم) عليها بقليها...
وهكذا، اتجهت بثبات إلى المطبخ، متناولًا زجاجة زيت الزيتون، الزيت الأصلي الصافي، لا زيت القلي المغشوش، وصببت بسخاء فوق المقلاة (مدركًا) أن هذا سيؤدي إلى نتيجتين إيجابيتين، أولاهما قلي البطاطا بوقت أسرع بكثير، وثانيهما الطعم الطيب الذي لا يُعلَى عليه، كنت واثقًا من ذلك لولا أمر بسيط جدًا، لا يستحق الكلام عنه كثيرًا، وهل من مشكلة في أن الزيت كان متحمسًا، لم يستجب إلى لمسة يدي الرقيقة، بل انطلق (هاربًا) من زجاجته لينزل في كل مكان، إلا المقلاة؟
وهكذا هبَّت النيران بغتة وبدأت ترتفع بمنظر مذهل، لتختفي المقلاة بين ألسنتها المتصاعدة يمينًا ويسارًا، ولا أعرف لماذا أتت أختي إلى المطبخ ومتى، لكني سمعتها تصرخ في رعب شديد، أما أنا فلم أهتزَّ أبدًا، مددت يدي لأغلق قارورة الغاز، ولكنْ، لم تنطفئ النار، ولم تتوقف الصرخات من خلفي، انضمت بنت عمتي إلى المشهد لترى لماذا تصرخ أختي، فأخذت تصرخ معها، فحملت غالون المياه، لأحسم الأمر نهائيًا، لطالما درسنا أن النار تطفئها المياه، لكن يبدو أن المياه التي في بيتنا لم تسمع بدرس العلوم هذا من قبل، يبدو أنها لا تدرس دروسها، فما كادت تنزل على النيران، حتى هبَّت الأخيرة بعنف شديد لترتفع ملامسة السقف تقريبًا!
صرخت أختي هنا بانهيار تام: (افتح الهواء)، لأرد عليها معلمًا إياها: (وهل الهواء يُفْتَح أو يُغْلَق؟ قولي لي افتح النافذة، لأن)...
ولكني لم أتم كلامي، فلقد حصل أمران هنا، استحت المياه التي كانت لدينا على نفسها، وقررت أن تتوقف عن كونها مغشوشة، فانطفأت النيران، ولكنني كنت أمام مشكلة أخرى، أختي وبنت عمتي نائمتان أرضًا في المطبخ، نظرت إليهما ببعض الغيظ متسائلًا عن (الذوق) الذي لدى بنت عمتي تحديدًا حتى تنام أرضًا، في بيوت الناس، وفي المطبخ! أما أختي، فسأنصحها أن تنام المرة المقبلة داخل فرن الغاز نفسه، كي لا يلحقها البرد من البلاط!
ولولا أنني خفت على أختي أن تختنق بسبب الدخان الأسود الذي يملأ المطبخ، لتركتها تنام براحتها، لكني خشيت عليها أن تتعرض إلى (التلوث) بسبب الدخان، فأخذت أسحبها بيدي، ووزنها _ بالنسبة إليَّ _ ليس هينًا، خرجت بها من المطبخ، وتوقفت لاهثًا من الإرهاق، ورغم ذلك لم آخذ أي وقت للراحة، بل أخذت أهز أختي هاتفًا بها: (قومي، هيا، استيقظي، ليس هذا وقت النوم يا أم التنابل)!
غير أن أختي لم تستيقظ رغم كل هذا، ما دفع بي إلى التساؤل إن كانت تظن نفسها من أصحاب الكهف مثلًا، كيف أستطيع إيقاظها؟ نعم، سآتي ببعض الماء وأصبه عليها فتستيقظ، ولكن... لا! الماء مغشوش! بدلًا من أن يطفى النار زادها اشتعالًا، فماذا سيحلُّ بأختي المسكينة لو صببت الماء عليها لتستيقظ؟ ربما تصاب بإغماء طويل بدلًا من الاستيقاظ بسبب غياب الضمير في هذا العالم، ما دفع بالناس إلى أن يغشوا المياه ليبيعوه لنا!
لا تخافوا ولا تحملوا الهم، الحل موجود، رفعت يديَّ عاليًا، هاتفًا بحماسة شديدة: (الصفعة المزدوجة) لتفتح أختي عينيها هنا ولم أنتبه إليها، وعمومًا كان الأوان قد فات، نزلت الصفعة مزدوجة مدوية على خديها، برنين رائع أحببته جدًا لأنه كان دليلًا على نجاحي، وأختي تهب من نومها صارخة بي بجنون شديد، تصيح وتولول وتسب، لأقول لها ببرود: (عيب! استحي! أهلك ربَّوكِ جيدًا، فلا تتصرفي بقلة تربية)!
تابعت أختي الصراخ في وجهي، وأنا أتساءل مستنكرًا إن كان هذا رد الجميل منها لي، أنا الذي أنقذتها من الغيبوبة المستمرة، وعذَّبت يديَّ المسكينتين بهذه الصفعة المدوية، ولكني تجاهلت عدم رد المعروف، لأقول لها:
_ اذهبي إلى بنت عمتك، أيقظيها، إنها نائمة في المطبخ!
بدت أختي كأنها لم تسمع ببنت عمتي، ولا بالمطبخ في حياتها، وظلت ساهمة بعض الوقت، ثم انتفضت لتنطلق مسرعة إلى المطبخ، صارخة بي بتوحش طالبة إليَّ أن أفتح الهواء، فنظرت إليها مشفقًا على حالتها العقلية، إنها كسول في دراستها لا شك في ذلك، لقد (أفهمتها) منذ قليل أن الهواء لا يُفْتَح لكنها نسيت، فقلت لها مذكرًا إياها:
_ وهل الهواء كان بابًا لنفتحه مثلًا؟
صرخت بجنون:
_ افتحه ليخرج الدخان من المطبخ إلى...
قاطعتها مستنكرًا:
_ وهكذا يتلوث الهواء، وتنتشر الكارثة بالهواء الملوث إلى كل الناس، لأنه...
لم أتمَّ كلامي، فلقد (هجمت) أختي على النافذة كأنها تريد قتالها، وهي تصرخ مغتاظة:
_ هذا أفضل من أن تختنق بنت عمتك!
أعتقد أن أختي كانت تفكر في أن تحملني وتلقي بي من النافذة، إذ أجبتها في كبرياء:
_ تختنق! ماذا أفعل لها؟ هل أنا من طلب إليها أن تنام على الأرض؟
لا، يبدو أن أختي تلميذة مجتهدة جدًا، رغم أنها لم تكن واعية إلى ما فعلته معها، إلا أنها أعادته ما أكد لي أنني قدوة حقيقية في عالم الإنقاذ، فها هي تمسك ببنت عمتي وتجرها على بلاط المطبخ لتخرج بها، ولكن أختي أخطأت مرتين (فقط)، الأولى أنها لم تنتبه إلى أن بنت عمتي قد أفاقت على صراخنا، وكانت تهم بالنهوض فعلًا، حينما أمسكت أختي بها وأخذت تجرها، والثانية أنها أمسكت برقبة بنت عمتي، ولقد أخذت المسكينة تصدر أصواتًا كمن يختنق وتحاول تخليص نفسها، وأختي تجري بها متحمسة، لتصدم جسم المسكينة بالكنبة الكبيرة، ما دفع ببنت عمتي إلى إطلاق صرخة متألمة، أثارت شفقتي عليها، ولكن أختي هتفت بذكاء:
_ لا داعي للصراخ يا أخي! الآن تصرخ بعد أن انطفأت النيران كلها؟
والحمد لله أن باب بيتنا فُتِحَ هنا بعنف ليدخل والداي والخوف يملأ قلبيهما، إذ لاحظا الدخان الأسود المنبعث من المطبخ، وسمعا صراخنا، وربما كانا عند أهل والدي قبل أن ينزلا لقضاء مشوارهما ففوجئا بهذا المنظر، وربما كانا عائِدَين من مشوارهما، وكان أن تعرضت أختي إلى تأنيب عنيف، وبعض الشد والجذب في أذنيها، وهي تحاول جاهدة _ سامحها الله _ أن تلقي بالمسؤولية عليَّ أنا، متجاهلة دوري في إنقاذ حياتها! لا علينا! لم أتوقع منها غير ذلك، وهي التي أنكرت فضلي فور عودتها إلى هذه الحياة بعد تلك الغيبوبة التي وقعت فيها!
وبعد سنوات قليلة، حينما شاهدنا غرندايزر، أدركت أن الأجانب يقلدون طريقتي، مع هتاف الدوق فليد: (الرزة المزدوجة)، طبعًا لم أكن أعرف أنه ياباني، لكني كنت أعرف أنه كرتون أجنبي بسبب بعض المقاطع التي لم تتم دبلجتها في بعض الحلقات، بل تركوا الحوار فيها ينطلق بالصوت الأجنبي الأصلي، أنا من هتف بأختي (الصفعة المزدوجة)، وها هم الأجانب يقلدونني، ما جعلني أشعر بمدى أهميتي الشديدة في هذا العالم!
ورغم أهميتي أنا متواضع جدًا، وهذه هديتي أقدِّمها إلى كل الفيزيائيين والكيميائيين في العالم، تتمثل في أسئلة ثلاثة فقط، ربما ينال من يصل إلى حقائقها جائزة نوبل مثلًا، أو على الأقل تقديرًا وثناء عالميين، ويصبح شهيرًا، ترى هل سيذكرني من ينال ذلك، ويقول للعالم إنني صاحب الفضل الأول والأخير إذ أتساءل: (ما المادة التي يجب أن نضيفها إلى الماء، حتى نستطيع إذكاء النار بدلًا من إطفائها)؟ (كيف يمكن تعديل مقادير تلك المادة المجهولة الآن، بعد اكتشافها، لِيَهُبَّ لسان النار بقوة، وقد حققت أنا ذلك فعليًا، لكن من دون أن ينطفئ بعد ذلك)؟ وأخيرًا السؤال الذي لا يقل أهمية على الإطلاق: (لقد أصاب الزيت النار تحت المقلاة، فلماذا ارتفعت النار يمينًا ويسارًا، ولم ترتفع وسط المقلاة نفسها، ترى هل السبب بسيط؟ والإجابة أن ذلك لأن الزيت زيت زيتون أصلي، لا زيت قلي مغشوش)؟!
لا علينا! ربما تنتهي قصتنا هذه الآن، ولكن لا يزال للمساتي الساحرة دورها في المطبخ، بإبداعاتي الفردية، وبإبداعاتي الثنائية مع أختي هذه، وكان لا بد لها من أن تنال ثأرها مني يومًا ما...
تابعوا معنا.

(عمر قزيحة: 20/1/2019: الساعة: 11:09 صباحًا).

Jomoon
12-2-2019, 10:50 AM
يالله
مالذي عملته بأختك؟!!،
الغريب أنها تمالكت نفسها ولم تذبحك ذلك اليوم!،
ما شاء الله عليها ربي يسعدها
حقيقة شيء خيالي
آخرتها تصفعها حتى تفيقها!!،
رحمتها مرا
ابنة عمك لا أدري إن كان وقفت مع أختك وقالت أنك السبب!!،
انقهرت وأنا مالي دخل!!،
لكن تركك وحدك في المطبخ خطير وأنت سوابق،
ياربي يلطف بأختك المسكينة!!،
أما حكاية البطاطا ذات الدم!!xD,
البطاطا أصبحت تتكلم!!xD,
ربي يعين أخواتك
صراحة حكاية ما شاء الله أضفت عليها الجمال بأسلوبك الرائع،
كالعادة سرد ممتع وتدخل البهجة
وربي شيء جميل
وفقك ربي لكل خير
وأسعدك دوماً :"),
بالنسبة لسؤالاتك زيت الزيتون مع النار خطير
يعني لا يصح وضعه بكمية كبيرة في قدر
هكذا يشتعل!، لما؟!، لا أدري!!،
زادك ربي من فضله
أحسنت
في حفظ المولى،،
~

أ. عمر
16-2-2019, 10:59 PM
كنت أظن أنني أحسن صنعًا ذلك اليوم، والحقيقة أن أختي كانت بطلة لأنها لم تذبحني فعلًا لما تسببت لها به من الرعب الشديد من جهة، وتلك الصفعة المدوية الرنانة من جهة أخرى، وفوق ذلك نالها الضرب من أهلي...
أما ابنة عمتي فأظن أنها كانت مشغولة بتحسس رقبتها التي كادت تنخلع من موضعها، وبمحاولة معرفة مواضع الورم في عظامها بعد ارتطامها العنيف بالكنبة...
وحكاية البطاطا ذات الدم والتي تولول وتتكلم أضحكتني من كل قلبي كذلك، أما في ذلك الوقت فربما لم أكن لأدرك ما حصل حقيقة، وأنا متحمس إلى تقشيرها وتقطيعها وإثبات مواهبي المتعددة...
كل الشكر لمروركِ الطيب ولرأيكِ المشرف، بارك الله بكِ ولكِ أختي الكريمة.

أ. عمر
16-2-2019, 11:00 PM
والمتابعة _ إن شاء الله تعالى _ قريبة، بعد أن خفَّ بعض الضغط في العمل علينا...
سأحاول أن تكون الحلقة القادمة في أقرب وقت ممكن، وعلى الله الاتكال.

أ. عمر
21-3-2019, 10:35 PM
نتابع قريبًا إن شاء الله تعالى

B7or
22-3-2019, 06:49 AM
ما هذا يا رجل !!
صراحة لو كنت أحد أفراد عائلتك، لقصيت رجلك من المطبخ XD

أهني أخواتك على صبرهم وطولة بالهم عليك .. يستاهلوا التحية 3>


الحمد لله أنا من صغري وأنا في المطبخ، من غسيل مواعين وطبخ حتى أفضل من أخواتي XD
لدرجة أن الوالد والوالدة حفظهم الله، يطلبوا مني تجهيز الأكل سواء فطور أو غداء أو عشاء بدلاً من أخواتي


الطبخ فن لمن أحبه 3>

أ. عمر
14-6-2019, 09:23 PM
ما هذا يا رجل !!
صراحة لو كنت أحد أفراد عائلتك، لقصيت رجلك من المطبخ XD

أهني أخواتك على صبرهم وطولة بالهم عليك .. يستاهلوا التحية 3>


الحمد لله أنا من صغري وأنا في المطبخ، من غسيل مواعين وطبخ حتى أفضل من أخواتي XD
لدرجة أن الوالد والوالدة حفظهم الله، يطلبوا مني تجهيز الأكل سواء فطور أو غداء أو عشاء بدلاً من أخواتي


الطبخ فن لمن أحبه 3>

الطبخ فن لمن أحبه صحيح
وقد أحببته أنا لكني لم أبدع فيه إطلاقًا
وكل محاولات الطبخ معي تنتهي بكارثة حقيقية... والحمد لله دائمًا :)
أحاول أن أطور أسلوبي فيه لكني لا أجد الوقت الكافي لذلك، فخففت محاولاتي هذه السنوات الماضية
واعتمدت الأكل الجاهز...
حفظ الله لك الوالد والوالدة.

أ. عمر
15-6-2019, 02:01 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

الأخت المملَّحَة



وما زلْتُ (أبدع) في مواهبي المطبخية كل الإبداع، مهما تغيرت الظروف وتناقضت! ولا أبالغ في ما أقول طبعًا، وسأثبت لكم ذلك، إذ (ملَّحْتُ) أختي حينما كنت أحب السكر كل المحبة، كما أنني (ملَّحْتُها) بعد ذلك بسنوات طوال، وأنا أكره السكر كرهًا شديدًا!
في ذلك اليوم، من العام 1988م، وكان عمري، آنذاك، يقترب من السنوات التسع، قرَّرَت أختي، الضحية المعتادة لإبداعاتي المطبخية، أنها ستصنع لنا (البوظة) بنفسها، وستكون أطيب بوظة وألذها على الإطلاق، وربما نرفض أن نأكل البوظة من بعد ذلك، ما لم تكن من صناعتها هي، (هكذا تقول بكل تواضع)! طبعًا، قالت لنا أختي ذلك، وهي تدير عينيها في ما بيننا بفخر، وكأنها (أنجزت) ما تريده، وحصلت على النتيجة المبتغاة فعلًا، مع أنها لم تفعل شيئًا بعد، وارتفعت الهتافات السعيدة التي تهتف بأختي وحياتها، على غرار (تعيش، تعيش، تعيش)، وكان على أختي أن تنفذ وعدها، وإلا!
ولم تكذب (المسكينة) خبرًا، ما كادت حماسة تلقي بشارتها الرائعة هذه لنا تخفت، حتى انطلقت إلى المطبخ، لتعمل بأصابعها السحرية على تنفيذ ما تريده، واستغرقت في عملها، وهي لا تعلم أن عينين متلهفتين تراقبانها، وترصدان حركاتها في صناعة البوظة، وصاحبها يجري في ذهنه عملية تقييم شاملة لما تفعله أخته، ليحكم عليها بالفشل الأكيد، إذ لم تضع كمية (كافية) من السكر في الخلطة التي تقوم بإعدادها، بل اكتفَتْ بملعقة صغيرة جدًا منه، والسكر بالنسبة إلى هذا المراقب حياة ثانية من الفرحة والسعادة، وحتى فنجان الشاي الصغير يجب أن يحتوي من السكر على ما يقارب نصفه أو ثلاثة أرباعه، وبالتالي لا بد من تصحيح الخطأ، وبأسرع وقت ممكن!
وطبعًا لا داعي لإخباركم باسم هذا المراقب، أعتقد، مجرد اعتقاد، أنكم قد عرفتموه! المشكلة الحقيقية أن أختي تحمست فعلًا لعملها، وبالتالي لا يمكن أن نعتمد عليها في شيء! ستبقى تعمل في خلطتها السخيفة هذه، ولن تتركها حتى تنتهي، وكان لا بد من (الحيلة) لإبعادها من المطبخ، وبكل حماسة اندفعت نحوها أهتف بانفعال شديد: (أسرعي، أسرعي، إنهم يريدونكِ، الهاتف يرن)، وأسرعت أختي فعلًا لِتَرُدَّ على الهاتف، مع أنه لم يكن عندنا أي هاتف آنذاك، ولم نكن نحلم بوجوده، لا الهاتف المحمول ولا الهاتف الأرضي.
وإلى الآن، وقد مضت إحدى وثلاثون سنة، لا أدري كيف وقعت أختي في هذا الفخ الغريب! كنت أدرك، آنذاك، أن الوقت أمامي قليل جدًا، وأنني سأرى أختي عائدة إلى المطبخ خلال ثوانٍ، وهي تصرخ في وجهي لهذا المقلب، فحملت علبة السكر، وأفرغتها بالكامل تقريبًا في الخلطة، وانطلقت مسرعًا لأختبئ، وأنا أسمع صراخ أختي الهدار، بعد أن (فهمت) أخيرًا أنه لا يوجد في بيتنا هاتف، وبالتالي يستحيل أن يطلبها أحد عبر الهاتف!
ولم أتمالك نفسي من إطلاق الضحكات الشامتة، والتي أعتقد أنها رَجَّتْ البيت ودوَّت في أذني أختي مثل القنابل، وسمعتها، من حيث أختبئ، تتمتم بأمثال وحِكَم، ربما من وزن (العقل زينة والمجانين بالدزينة)! و(الله يجيرنا نحن البنات من عقول الصبيان)! وليتكِ تخبرينني، يا عزيزتي، أين كانت هذه الزينة العقلية التي تتحدثين عنها، وأنتِ تركضين بلا وعي لتجيبي نداء هاتف غير موجود! أما أنا فإن عقلي شغال وبقوة، رغم أنني أصغركِ سنًا، لأنني أقوم بتصحيح أخطائكِ لتقدمي بوظة طيبة، يشكركِ الناس بفضل طعمها الطيب!
تابعت أختي عملها بحماستها المعتادة، لكني لم أتابع مراقبتها، لقد أدَّيْتُ واجبي، وانتهى الأمر، فانسحبتُ مرتاح الضمير إلى غرفتي لأرتاح، ومرَّت ساعات طوال، ثم ارتفع صوت أختي تهتف بسعاة غامرة: (تجمدت البوظة تجمدت، تجمدت البوظة تجمدت، إلى البوظة، هياااااااا)!
تركت غرفتي لأتجه أنا وإخوتي نحو غرفة الجلوس، وهتافاتهم السعيدة ترتفع مرة أخرى، ودوَّت (تعيش، تعيش، تعيش) بقوة، وعادت أختي تقول فَرِحةً جَذِلةً: (ستأكلون البوظة المميزة الآن)، وارتفعت الهتافات السعيدة مرة ثالثة، ولكني لم أشارك في شيء، كنت أشعر بالسعادة نعم، لكني كنت في تلك الآونة شديد التواضع، لذا لم أعلن عن نفسي، ولم أتكلم عن إبداعي، انسحبت إلى غرفتي مرة أخرى، وقد اتخذت قرارًا (نبيلًا)، سأنسب الفضل كله إلى أختي، وذلك جبرًا بخواطرها، و...
_ أووووووووع! ياااااااااااااااء! آآآآآآآآآآآآآآآء!
انطلقت تلك الأصوات بغتة، وأحسست بإخوتي يركضون في كل اتجاه، وأصوات مثل التقيؤ تتردد، ما سبب لي شعورًا بالاستنكار، فأنا واثق كل الثقة مما قدَّمْتُه، لكن هل ارتكبت أختي خطأ غبيًا وهي تتابع عملها؟ ليتني راقبتها حتى النهاية إذًا!
_ أين أنتِ؟
_ تعالي إلى هنا حالًا يا (...)!
_ ما هذا أيتها الحمقاء؟
_ هل تمزحين معنا؟
_ ستأكلين ورغمًا عن أنفكِ!
الله المستعان فعلًا، يبدو أن إخوتي لا يعرفون (طعمة فمهم)، ولا يستحقون ما قدَّمْتُه لهم من (المعروف)، ويا له من منظر مؤثر فعلًا! لقد أمسكوا بأختي (التعيسة)، وملأوا ملعقة كبيرة من البوظة بضعف ما تحتمله، وأدخلوها فم أختي ليطعموها إياها رغمًا عنها، وتنطلق صرخة المسكينة مدوية، تحمل كل معاني القرف والاشمئزاز، وتسرع إلى المغسلة لتفرغ ما في فمها، وصوت ذلك يصل إليَّ واضحًا، وأخي يسألها غاضبًا: (من أين أتيتِ بهذا الذكاء؟ من يضع هذا الـ... مع البوظة؟ أتظنين أنكِ تصنعين لنا بوظة على نكهة طعمة البحر مثلًا)؟ ولا أعلم هل أرادت أختي الرد أم لا، إذ تابع أخي بلهجته الغاضبة ذاتها: (وسنفترض أنكِ جُنِنْتِ وفعلتِها، هل من الضروري أن تضعي لنا كل هذا الملح يا بنت)؟
شعرتُ بالغيظ هنا، ووجدتُ نفسي أندفع نحو إخوتي _ وكانت أختي المسكينة قد عاودت الانضمام إليهم _ هاتفًا بهم بغضب شديد: (ألا تعرفون طعمة أفواهكم يا أغبياء)؟ _ بدا الامتنان على وجه أختي هنا_ (يا ضياع المعروف معكم)! _ كادت عينا أختي تدمعان هنا تأثرًا _ (كل هذا السكر الذي وضعتُه لكم، وتقولون الآن إنه ملح؟! يبدو أنكم قادمون من المريخ بحق)! أعتقد أن أختي أصيبَتْ بصدمة كهربائية! صحيح أن أعين إخوتي جميعًا اتسعت دهشة لهذا الاعتراف الخطير، لكن أختي انتفضت بعنف، وشعرت بالنيران تندلع في عينيها من دون مبالغة، فأسرعت أحاول التصحيح: (أقصد الذي وضعَتْه لكم، هي وضعَتْه لكم، ولكن)... وارتفع صوت أختي هنا صارخة بصوت ربما لا يستطيع طرزان شخصيًا تقليده (مع أننا لم نكن نعرف هذا الطرزان آنذاك)، وانقضت أختي عليَّ صارخة مثل الوحوش: (كدت أتحول إلى سمكة مملحة بسببك، سترى الآن)!
هربْتُ بأقصى ما تستطيعه قدماي، وأنا أفكر في مدى قلة التركيز في ذهن أختي! ما معنى أنني سأرى (الآن)؟ هل تظنني أعمى لا يرى، وعلمَتْ أنني سأرى الآن؟ لكنْ، لم يكن هناك وقت لسؤالها، وصوت خطواتها يتردد بعنف شديد خلفي، دخلت غرفتي وأغلقت الباب، ولكن...
ارتد الباب نحوي بعنف، ودخلت أختي، وفي يدها العصا الغليظة التي يتكئ عليها والدي أحيانًا، اتسعت عيناي هنا من المفاجأة غير المتوقعة، وأختي تعيد إغلاق الباب، وتهوي بالعصا بعنف شديد، ولا أعلم لماذا شعرتُ بحرارة فظيعة في ساعدي وقتها، ودهشتْ لذلك، فالطقس معتدل، غير أن أكثر ما أثار الدهشة أن الباب نفسه صرخ بصوت متألم: (آآآآآآآآي)!! شعرتُ بالتعاطف مع الباب، لكن العصا ارتفعت مرارًا وتكرارًا، وانطلقت صرخات الباب المسكينة، وأنا أشعر كأن عظامي باتت في فرن مشتعل، والآلام تنبعث في جسدي هائلة، ولا أعرف سبب ذلك!
مرت الأيام والسنوات تباعًا، وتدريجيًا كرهت السكر _ ولا علاقة لهذا بحادثة أختي هذه _ وأخذت أشرب الشاي من دونه نهائيًا، مستطيبًا طعمه اللذيذ، ولأنني أكره السكر ولا أستخدمه، حصلت تلك الحادثة، في العام 2007م، أي بعد حوالي تسع عشرة سنة من حادثة تمليح أختي بالبوظة التي قمْتُ بــ(تصحيح) إعدادها لها في طفولتنا :)
كانت أختي، كلما دخلت البيت تسرع لِتُعِدَّ لي كوب الشاي المفضل عندي، بزجاج شفاف ومن دون سكر، وفعل (دخلت) يشملنا معًا، كلما (دخلْتُ) أنا، وهي حاضرة، أو كلما (دخلَتْ) هي، وأنا حاضر، وفي ذلك اليوم كنتُ راجعًا من التعليم، ونزلتُ عند أهلي، وقامت أختي كعادتها، فهتفت بها أن تبقى مكانها، وأنا (شخصيًا) من سأقوم بإعداد الشاي لها، ولا أعلم لماذا ظهر الامتعاض على وجهها! يجب أن تقبِّل يديها عرفانًا وامتنانًا، فهي ستتذوق الشاي (المميز) الذي كنت أشتهر بإعداده لنفسي حينما لا أطيق صبرًا على رجوعها، ولم يتذوقه أحد من أهلي وأعاد التذوق مرة ثانية بعدها، لكن ربما لأن طعمته المذهلة تجعلهم يشبعون الشاي الخاص بي إلى آخر عمرهم!
وأختي هذه تحديدًا لم يسبق لها تذوقه من قبل قط، وآن أوان رد الجميل لها الآن، وتجاهلت تمتماتها المذعورة: (كوسا)، (متبل)، (زيت)، (نعناع)، موقنًا أنها أصيبَتْ بنوبة هذيان فظيعة، لأنها لم تحتمل هذا (الحنان) المفاجئ مني، يا لها من مسكينة! تفتقد الحنان ولا تقول؟ سأحِنُّ عليها دائمًا بعد الآن!
وبكل حماسة، وامتنان، انطلقتُ نحو المطبخ، ولا أعرف لماذا وقعتْ ثلاثة طناجر كانت على حرف المجلى أرضًا، مع أنني لم ألمسها (هكذا أعتقد)، واخترت الركوة التي أريد إعداد الشاي بها، متجاهلًا سقوط (زميلتين) لها كذلك، وقمت بغلي الماء جيدًا، ولأن أختي تحب السكر، وضعتُ لها كمية جيدة في الكوب الكبير، ولم أحركه جيدًا، لأنني أعلم أن من يحبون السكر زيادة عن اللزوم، يفرحون إن رأوا بعضًا منه لم يَذُبْ تمامًا، ويتناولونه بالملعقة بعد انتهائهم من شرب الشاي.
وما إن انتهى إعداد هذا الشاي، حتى أسرعت بالكوب إلى أختي، والتي أرادت أن تشرب كعادتها، تتناول جرعة منه، وتضعه جانبًا حتى تخف سخونته قليلًا وتتابع شربه، وكنت مترقبًا متلهفًا إلى سماع رأيها في (شايي) الذي أقوم بإعداده بطريقتي التي لا أبوح بسرها لأحد، ولم تخيب أختي نظرتي فيها، تناولتْ مباشرة رشفة من الشاي، ولسان حالي يقول لي بفخر شديد:
أنا الذي هرب الأعمى من شايي ___ وأفحمَتْ محتوياتُه من به صمَمُ!

_ نياااااااااااااااااوو!!
ما هذا؟ هل تحولت أختي قطة فجأة؟ ماذا يحصل يا ترى؟ أختي تضع يدها على فمها، وصوت آخر ينطلق، يتردد صداه في الغرفة: (أووووووووووه)! بكل الألم الماحق، فهتفت بها مستنكرًا: (عيب عليكِ! إلى هذا الحد تشعرين أنكِ "مشحوتة" على الشاي؟ اشربي قليلًا قليلًا! صحيح أنني أنا من قمتُ بإعداد الشاي، ولكن)...
قاطعني صوتها مرة أخرى يتردد: (أووووووووووه)! وأختي تسرع نحو المغسلة، وعيناها تدوران في مكانهما، وأنا أهتف بها، داعيًا إياها ألا تكون (قليلة ذوق) إلى هذا الحد مرة أخرى، وأن تشرب بالتدريج، كي لا تضيع من فمها طعمة (أطيب شاي) في الكرة الأرضية كلها، وأن...
وخرجت أختي من الحمام، وأخذت تنظر إليَّ كأنها قد أصبحَتْ (تمثال الحرية) الجديد، فقلت لها واعظًا: (اشربي متمهلة المرة المقبلة، من المؤكد أن لسانكِ قد احترق من الجرعة الهائلة التي تناولتِها بكل شراهة، استحي على دمكِ)! وصرخت أختي كأنها ريح هدارة: (أتضع لي الملح في الشاي يا أخي؟ آآآآآآآآه)؟ ومع أنني لم أفهم ماذا تقصد بادئ الأمر، فأنا أشرب الشاي من دون سكر، فكيف أضع الملح لأختي؟ الإجابة المنطقية (الوحيدة) هنا أنني أخذت علبة الملح، ودلقت منها تلك الكمية في كوب أختي، ولكني لا أُلام، فأنا لا أعرف أين تضع أمي السكر أساسًا!
أردت أن أشرح لأختي هذه النظرية وتلك الفرضية، لتزيد معلوماتها (العلمية) :) لكنها لم تمهلني ولا ثانية، فهتفت متحمسًا: (أتريدين أي شيء مني يا مامااااااااااا)؟ وطبعًا الـ(ما) الثانية في كلمة (ماما) مددتها طويلًا، وأنا أسرع نحو باب المنزل لأفِرَّ بروحي المسكينة، وأسنان أختي تهدف إلى انتزاع ذراعي من مكانها! فتحت الباب وألقيت بنفسي خارجًا، وإن كنت لم أنجح في تفادي أسنان أختي تمامًا قبل ذلك، لكن على الأقل خففتُ كثيرًا من الضرر الذي كان يمكن أن يقع، ولم أهرب لأنني أخاف العض، بل لأنني فم أختي مليء بالملح، وأنا لا أحب أن أملح ذراعي، فقط لأجل ذلك، (لا) تصدقوني!


انتهت حكاية اليوم...
لكن لا بد من أذكر لكم مقصد أختي من (الكوسا) و(المتبل) و(الزيت) و(النعناع) يومًا ما...
ولا بد كذلك من الرجوع زمانيًا إلى عام 1994م، أيام كانت لي مساعدة (قيمة) لأختي المتزوجة حديثًا، أدت إلى تعانق ثلاث أخواتي لي، بمنتهى الحنان، ومن أعينهن تسيل دموع الامتنان...
تابعوا معنا.


عمر قزيحة: 15_6_2019م: الساعة: 12:50 دقيقة ليلًا.

Jomoon
15-6-2019, 03:59 PM
أهلاً^^,

يالله ما هذا؟!،
شيء صراحة يقهررxD,:Emoji Smiley-26:
استغفرالله
لما كشفوك أحس ارتاحت نفسيxD,:Emoji Smiley-57:
لأني رحمت أختك المسكينة!!،
بس اللي ما فهمته إنك تقول لا أدري سبب ذلك!!،
اللي فهمته إنك أخذت علقه محترمة
استغفرالله
يا ربي،
بس اللي سويته مو هين أبد،
وربي أختك مسكينة ربي يحفظها يارب،
شقاوتك طلعتها كلها في المطبخ!!،
وفي الأخير شاي بالملح!!icon60،
هذي آخرتها!!،
تعبت وأنا أضحك
بس فعلاً وأنا أقرا كله أتحسر على أختك
يللآ المهم عرفت، ردت روحي!!،

ربي يبارك بك
فرحت لما أنزلت جزء
سرد ممتع للآخر،
وأسلوب شيق ورائع،
ما شاء الله تبارك الرحمن
ربي يسعدكم يارب
متابعين بإذن الله
استمر:Emoji Smiley-108:،
في حفظ المولى،،

~

أ. عمر
16-6-2019, 12:18 AM
أهلاً^^,

يالله ما هذا؟!،
شيء صراحة يقهررxD,:Emoji Smiley-26:
استغفرالله
لما كشفوك أحس ارتاحت نفسيxD,:Emoji Smiley-57:
لأني رحمت أختك المسكينة!!،
بس اللي ما فهمته إنك تقول لا أدري سبب ذلك!!،
اللي فهمته إنك أخذت علقه محترمة
استغفرالله
يا ربي،
بس اللي سويته مو هين أبد،
وربي أختك مسكينة ربي يحفظها يارب،
شقاوتك طلعتها كلها في المطبخ!!،
وفي الأخير شاي بالملح!!icon60،
هذي آخرتها!!،
تعبت وأنا أضحك
بس فعلاً وأنا أقرا كله أتحسر على أختك
يللآ المهم عرفت، ردت روحي!!،

ربي يبارك بك
فرحت لما أنزلت جزء
سرد ممتع للآخر،
وأسلوب شيق ورائع،
ما شاء الله تبارك الرحمن
ربي يسعدكم يارب
متابعين بإذن الله
استمر:Emoji Smiley-108:،
في حفظ المولى،،
⥤
~


أهلًا بحضرتكم
كانت النوايا سليمة طبعًا رغم النتائج التخريبية الواضحة :)
وكلمة (لا أدري سبب ذلك)، ربما لأنني لم أعد أعرف من أين يأتي الضرب على جسدي المسكين
العلقة كانت قوية فعلًا، ولا ألوم أختي عليها، أتفهم ردة فعلها بعد ما أضعت لها تعبها وتسببت لها بتمليحها بتلك اللقمة الكبيرة من البوظة
أما الشاي بملح، فما أردت وقتها إلا رد بعض جميل أختي، ولم أعرف كيف تحول السكر ليصبح ملحًا هكذا :)
وأنا نفسي أتحسر على أختي لما عانته معي :) ولا أعلم كيف تمكنت من الصبر حقيقة :)
وملحوظة جانبية هنا، بعد هذه الحادثة بفترة بسيطة، قامت أختي بإعداد الشاي لأمي، وملأت لها الكوب بالملح بدلًا من السكر بالخطأ :)
أضحك الله سنكِ دومًا، وأدام لكِ الفرحة، وإن شاء الله أقوم بالعمل على إعداد جزء مقبل، ابتداء من الغد، ليتم عرضه خلال وقت قريب..
أسعدكم الله في الدنيا والآخرة، وحفظكم من كل سوء.

أ. عمر
12-9-2019, 12:28 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

دموع التأثر!



وتتغيَّر الأيام وتتبدَّل السنوات، وما أزال أتابع في عالم المطبخ بكل (براعة) لا شكَّ فيها، ومن المؤكد فعلًا أنه لا شكَّ فيها، ذلك لأنني أشهد لنفسي بها، بكل تواضع!
تلك الأيام البعاد في مساري الزمان، وحدث سعيد في بيتنا، لقد تزوجت أختي، وللدقة تزوجت إحدى أخواتي وانتقلت إلى بيت زوجها، وأنا أنظم لها قصائد شعرية مؤثرة، أقول فيها بكل ود:
أختي تزوجت وع بيت زوجها قَحَّطَتْ!!
أختي تزوجت، وغراضها من بيتنا لَمْلَمَتْ!!
لم أكن أعتقد أننا سنرى أختي هذه مرة أخرى! لقد (تزوجت) أي أنها (غادرت بيتنا) لأنه (لم يَعُدْ بيتها)، بكل بساطة!
ولكن الوالدة رحمها الله، قالت لأخواتي بعد زواج أختهن بأيام قلائل:
_ أختكن ستقوم بتنظيف شامل لبيتها، فمن تساعدها؟
تطوعت اثنتان من الأخوات لذلك، ومن بينهما الضحية المعتادة لإبداعاتي المطبخية، وفوجئَتْ أمي بي أهتف متحمسًا:
_ وأنا!!
سألتني الوالدة في دهشة:
_ وماذا تريد أن تفعل؟
أجبتُها في حزم:
_ سأوصل المسكينتين إلى بيت أختي، كي لا تمشيا وحدهما في الشارع، وبعدها سأساعدهن جميعهن هناك.
لم يَبْدُ على أمي أنها اقتنعت باستعدادي للمساعدة، لكني كنت فعلًا متحمسًا إلى ذلك، وذلك لأسخر من أختي التي انتقلت إلى بيت (غير نظيف) وتحتاج إلى تنظيفه، وألقنها درسًا يكون عبرة لسواها من أخواتي، كي تتأكد كل واحدة منهن من نظافة بيتها قبل الانتقال إليه حينما يأتيها نصيبها، ولا تكون (مدلوقة) توافق على أي رجل يأتي ليطلب يدها!
والأكثر أهمية من كل ذلك أنني لم أكن أنوي القيام بالأعمال المنزلية من كنس وشطف ومسح غبار، ومن هذا الكلام الفارغ، لأنني أعتقد أن تعلم اللغة السنسكريتية شخصيًا سيكون أكثر يُسْرًا من هذا بكثير! أما مجال (اختصاصي) فهو الطبخ بكل تأكيد، وأختي هذه لم يسبق لي أن (تكرمت عليها) بأية مساعدة سابقة في هذا الخصوص، لذا؛ تحمست إلى الذهاب تحت دعوى المساعدة!
لكن، ما كدنا نصل حتى فوجئت بأختي (الضحية المعتادة) تناولني المكنسة، بل تقذفها في أصابعي قذفًا، وفوجئت أكثر أن أصبعي عَلِق بثقب مسكة المكنسة في أعلاه! وأخذت أحاول تخليصه وأنا أشعر بأنه يكاد ينقطع، وأختي الصغيرة تهتف في ذهول:
_ ما... ماذا يحدث؟ هذه مكنسة عادية! كيف تكهربْتَ بها؟
لم أردَّ عليها طبعًا، ولكني تمالكت نفسي بصعوبة كي لا أضربها لهذا التعليق الأحمق! أصبعي يكاد يزرق لونه، والمكنسة اللعينة لا تريد أن تتخلى عنه، وبغيظ شديد هتفت في المكنسة:
_ يخرب بيتك! تِضْرَبِي بهذا الرأس الذي بين أكتافكِ إن شاء الله!
لتهتف أختي غاضبة:
_ أنا يِضْرَب رأسي؟!
تخلصت أخيرًا من المكنسة، ولا أعرف كيف حصل هذا، ولكنْ بوقوعها أرضًا لم أجرؤ على النظر إلى يدي بادئ الأمر، خوفًا أن يكون إصبعي قد وقع معها، وأظن أنني وقفت مدة لا بأس بها أحاول استعادة انتظام أنفاسي التعيسة، قبل أن أنقض على أختي الصغيرة وآخذ الشفاطة من يدها، قائلًا لها بحزم:
_ أعطيني هذه، أنا أحبها أكثر من...
لم أكمل ما أود قوله، فلقد (أتحفتني) أختي بهتاف مذهول غاضب:
_ ماذا؟ تحب الشفاطة أكثر مني؟ يا عيب الشوم! لم أتوقع ذلك منك يا أخي!
هتفت بها وقد نفد صبري، ولم أعُدْ أستطيع تحمل إبداعاتها المستمرة:
_ لا إله إلا الله! ربنا أفرغ علينا صبرًا وتوَفَّنَا مسلمين!
وانقضضت بالشفاطة على الأرض آخذ المياه التي كانت قد صبَّتْها أختي منذ قليل، يمينًا ويسارًا، أحاول جمعها في مكان واحد، ومن بعده أردها إلى مكان ثانٍ، ولا أنجح في هذا إطلاقًا، وذلك لأن المياه مغشوشة بكل تأكيد، ولكن...
يبدو أن البنات لا يعجبهن العجب يا جماعة! أختي تعترض، لا أقصد الصغيرة هذه المرة، بل ضحية مساعداتي إياها في الطبخ، وتهتف بغضب:
_ هذا لا يُسمَّى شطف أرضٍ يا أخي! إنهم لا يأخذون المياه يمينًا وشمالًا وكيفما اتفق، بل يجب أن تجعلها تنزل في فتحة مصرف المياه الموجودة في الغرفة الثانية، وإلا الشطف ليس له طعم!
وكأنما الشطف أكل نريد أن نذوق طعمه، وأنا لا أعلم! الشطف ليس له طعم! تكرم عينك يا أختي، الآن سيكون للشطف طعم، ألقيتُ بالشفاطة أرضًا، وبكل حماسة حملت سطل المياه، وأسرعت به إلى الغرفة الثانية لأفتح مصرف المياه، وأفرغ محتويات السطل فيه، قائلًا في حماسة:
_ انتهى شطف البيت يا أختي! مبارك لكِ تخفيف هذا التعب عنكِ! لا داعي لأن تشكريني، فأنا متواضع وأشعر بالتأثر بسرعة!
أخذت أختي تصرخ معترضة، وأنا أفكر في بعض الغيظ مم تتكون عقول النساء يا ترى؟ نريد أن نشطف الأرض، شطفناها، لم يعجبهنَّ ذلك، اخترعن رأيًا مفاده أنه يجب أن نرمي المياه في فتحة المصرف ففعلنا ذلك، فلم يعجبهنَّ الأمر كذلك!! لا حول ولا قوة إلا بك يا رب!
كدتُ أغادر هنا معترضًا، ولكن أختي الأكبر من جمعنا جميعًا هتفت من غرفتها الخاصة:
_ ما هذا؟ لا أسمع سوى الصراخ، أنا قادمة لأرى ما تفعل يا عمر!
وأتْبَعَتِ القول بالفعل، وأتت راكضة، وما كادت ترى أختيها وتفتح فمها، ربما للإعلان عن محبتها إياهما، حتى انزلقت قدمها بسبب المياه التي شطفْتُها منذ قليل، واندفعت أختي بسرعة فائقة تمر من جواري وهي فاتحة ذراعيها عن آخرهما تحاول استعادة توازنها، لتصطدم بأختيها ويندفع ثلاثتهن بعنف يرتطمن بالحائط ويسقطن على الكنبة ومنها على الأرض، وصرخاتهن تتوالى، وأنا أقهقه ضاحكًا لمنظرهن الظريف، وقد بدا لي أشبه بالأخطبوط، إذ لم أعد أعرف أين رأس كل منهن وذراعيها وقدميها، كنت أراهن وكأنهن في (توم وجيري) ثلاثة رؤوس غير متجانسة، تخرج منها ستة أذرع تختلط بستة أقدام! حتى أنني أعتقد أن أي واحدة منهن ما كانت لتقدر على تحديد ساقيها من قدميها، بل وأن تعرف أين رأسها ذات نفسه!
كانت ذكرى مميزة فعلًا، انتهت بعناق أخوي نادر، وكل هذا بفضلي أنا طبعًا، وبعد أخذ ورد، وهتافات مستنكرة بينهن، تمكنت المسكينات من النهوض، والدموع تسيل من أعينهن لشدة الألم، والدموع تسيل من عينيَّ لشدة الضحك الشامـ... إحم! أقصد لشدة التأثر لمشاعر الأخوة الفياضة الجياشة هذه التي لم أكن أعلم بها أو أتخيلها حتى...
وللحقيقة كنت أشعر بالتأثر فعلًا، ولكن إعجابًا بنفسي، وبأنني أستطيع (الإبداع) وأنه يمكن لي أن أكون عبقريًا فعلًا في الأعمال المنزلية، حتى لو كانت بعيدة عن الطبخ والطناجر والمقالي...
ولكنْ، ما كنت لأستطيع الابتعاد عن الإبداع المطبخي، سواء في الطبخ أم حتى في الجلي فترات طويلة...
فتابعوا معنا!

عمر قزيحة: 11/9/2019م: الساعة: 11:28 دقيقة ليلًا

Jomoon
14-9-2019, 12:22 AM
يالله!،
تشيب الرأس!!، يالله بس،
فعلاً أخواتك مساكين!!،
رحمتهم من كل قلبي!!،
لما تتذكر هذا ما يصيبك نوع من التأنيب أو الندم؟!،
لأني صراحة مرا جاني شعور من الغيظ!!،
وشعور رحمة بهم غير طبيعي!!،

بوركت يارب
جميل جداً الأسلوب والعرض والطرح
ما شاء الله تبارك الرحمن
أعجبني جداً
ربي يزيدك من فضله
في حفظ المولى،،
~

أ. عمر
14-9-2019, 03:35 PM
يالله!،
تشيب الرأس!!، يالله بس،
فعلاً أخواتك مساكين!!،
رحمتهم من كل قلبي!!،
لما تتذكر هذا ما يصيبك نوع من التأنيب أو الندم؟!،
لأني صراحة مرا جاني شعور من الغيظ!!،
وشعور رحمة بهم غير طبيعي!!،

بوركت يارب
جميل جداً الأسلوب والعرض والطرح
ما شاء الله تبارك الرحمن
أعجبني جداً
ربي يزيدك من فضله
في حفظ المولى،،
~

الحقيقة لا!
لا أشعر بأي تأنيب أو ندم حينما أستعيد هذه الذكرى تحديدًا :)
وضعتُ الحق على أختي التي قذفت المكنسة في يدي، تراني ما أفعل بها أنا!!
ثم إنني وقتها كنت صغيرًا (نسبيًا)، في الرابعة عشرة تقريبًا، وأطعْتُ تعليمات أختي في الشطف حرفيًا، لكن لم يعجبها ذلك :)
وقد أدى هذا إلى شجارنا وإلى إسراع أختي صاحبة البيت لترى ما هناك، ليحصل ما يحصل، وبالتالي المخطئة _ في وجهة نظري _ هي أختي (الضحية المعتادة) التي لم تقدِّر ألا خبرة لي نهائيًا في هذه الأمور!
بارك الله بكِ ولكِ وحفظكِ من كل سوء

أ. عمر
28-10-2019, 01:02 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

هلكافيه!


إنها مرحلة الشباب إلى حَدٍّ ما! وما أزال (أتكرم) على أختي وسواها بما (أتميز) به من الإبداع الفذ في عالم المطبخ الساحر!
اليوم، صديقي العزيز في زيارتي، ولا، لن أسقيه الشاي على حبي الشاي وإدماني إياه، فالأخ يحب النسكافيه إلى حد غير مسبوق، وسأكرمه كل الإكرام بما يحب، فإكرام الضيف واجب، وهذا لأي ضيف غريب، والضيف الصديق أولى بالتقدير والإكرام!
لم ينتظر صديقي طويلًا، إلا وكوب النسكافيه الضخم بين يديه، وطبعًا كنت قد أعْدَدْتُ لنفسي كوبًا آخر بالطريقة التي أفضلها، مراعيًا مشاعر صديقي بكل تأكيد، لذا قُمْتُ بـــ(تحلية) النسكافيه لصديقي بطريقة لن يذوق أطيب منها.
ولا أشهد لنفسي طبعًا، فها هو الصديق المسكـ... الصديق العزيز يتناول رشفة كبيرة، فوجئتُ بعدها بعينيه تدوران يمينًا ويسارًا، وبأنه يترنح كأنما شرب كوبًا من الخمر لا سمح الله!
وبعد أن أصدر (قليل الذوق) عدة أصوات مقرفة، هتف مستنكرًا:
_ ما... ما هذا؟
أجَبْتُه، وأنا أتناول رشفة كبيرة من الكوب الخاص بي:
_ نسكافيه، كما ترى!
انفجر حضرته كالديناميت يصرخ بغضب هادر:
_ كما أرى؟ آه؟ اعتبرني أعمى يا رجل! ما هذا؟ صدقني، لقد تفوقت على شركة النسكافيه شخصيًا بهذه الطريقة، أتَيْتَ بطعمٍ لا تستطيع شركة النسكافيه ذاتها الإتيان به!
قلت له بصوت يتقطع من التأثر لهذا الإطراء:
_ صدقني أنت أنني أصدقك في ما تقول، ولا أشك به إطلاقًا!
أخذ الأبله يقف ويجلس ويذهب ويرجع، كأنما فقد توازنه الفكري تمامًا، وهو يقول بصوتٍ شبه باكٍ:
_ لقد شعرت أنني أشرب شرابًا جديدًا، اسمه (هلكافيه) لا نسكافيه!
أعجبني هذا الوصف جدًا، رغم ما فيه من المبالغات، حضرته شعر بالهلاك من رشفة واحدة، وهو لا يقدِّر إبداعاتي الخاصة به، وبلهجة تمتلئ بالرجاء سألني صديقي العزيز:
_ كيف صنعْتَ هذه النسكا... عفوًا عفوًا، أقصد هذه الهلكافيه؟؟
قلت له بصوت جاد، لـ(أعلِّمه) وأفهمه، وأعطيه وبالمجان (سر المهنة):
_ اسمع يا هذا، لتصنع هلكافيـ... أقصد نسكافيه طيبة، عليك أولًا أن تبتعد من ظروف النسكافيه، لأنها مخلوطة بالحليب والسكر، وكلاهما لا أحبه أنا ولا أطيقه! أنا صنعتها لنفسي بطريقة مختلفة عن التي استخدمتها معك! لقد وضعتُ لنفسي نسكافيه خالصة فحسب، ملعقتان كبيرتان نسبيًا، ومعهما ربع ملعقة كوفي مات، فقط لكسر الطعم الحاد، من غير أن يظهر طعمه هو في الشرب، وإلا لا أستطيع شربه، أما أنت فـ...
توقفت عن الكلام، وأنا أنظر إليه بدهشة، لقد داخ!
فقد توازنه تمامًا وأخذ يترنح، حتى تعمق في نفسي الشعور بأنه تناول بعض الخمر قبل أن يأتي إليَّ، والعياذ بالله من هذا المشروب النجس!
مددت يدي أهزُّه بعنف، لينتفض هاتفًا:
_ نعم، أنا أَنَسْ!
وتضرج وجهه بحمرة الخجل بعد أن أدرك حماقته هذه، وأنا أهتف به ساخرًا:
_ عن جد؟ أنا لم أعرف أن من اتصل بي يريد المجيء إليَّ هو (أنس)! ولم أرك حينما فتحت لك الباب، ولا حينما دخلت وإياك الصالون، ولا حينما جلستَ بجانبي أمام جهاز الكومبيوتر، ولا حينما...
قاطعني بغيظ:
_ كفى! أخبرني كيف صنعْتَ النسكافيه، لي ولك!
يا ضياع الجهد والتعب مع الكسالى من أمثاله! لمن كنت أشرح (الدرس النسكافي) منذ لحظات يا هذا؟ ولكن لا بأس، يبدو أنه لا يستحق أن (يفهم) أسرار الإبداع الذاتي!
ومن هذا المنطلق قلت له بهدوء مستكملًا كلامي السابق:
_ أما أنت، فقد وضعْتُ لك ثلاثة ملاعق كبيرة من النسكافيه، وذلك زيادة في إكرامك لأني أحبك كثيرًا، مقابل ملعقة صغيرة ملأت لك ثلاثة أرباعها كوفي مات، وربع ملعقة صغيرة من السكر، وذلك لأن السكر ضار بالصحة!
أعتقد أن صديقي تعرض إلى صاعقة مدوية، إذ يسمع هذا الكلام، فلقد أخذ يحدق في وجهي، وهو صامت لا يعرف كيف يتكلم، وفوجئت بالدموع تسيل من عينيه بعد ذلك، وهو يتمتم بصوت منخفض، محدثًا نفسه:
_ ليته لا يحبني! ما كان أكرمني وعذب أمعائي التعيسة بهذا الهلكافيه التعيس البئيس! ربع ملعقة صغيرة من السكر؟ يا فرحتي يا فرحتي! أنا أضع ست ملاعق متوسطة من السكر في كوب الشاي، يضع لي هو، لأنه يحبني للأسف، ربع ملعقة صغيرة، يا سعادتي يا سعادتي!
ونهض المسكين، وهو يصفر ويزغرد كالنساء في حفلة سعيدة! نهض يريد أن يغادر، ولكني استوقفته بحزم، وأخذته معي إلى المطبخ، بعد أن أعطيتُ خبرًا لأهلي ليتركونا على راحتنا، وغليْتُ له الماء في الركوة، وأعطيته كوبًا جديدًا، ووضعْتُ أمامه المقادير ليخلطها كيف يريد، ويشرب كما يحب، لم أحب أنا أن يخرج من بيتي مكسوف البال، حتى ولو لم يكن يقدر الإبداع، للأسف!
ولا أعرف لماذا لم يقبل هذا الفتى دعوتي إياه إلى أي كوب نسكافيه آخر، حتى لو كان هو من سيصنعه بيديه، من العام 1998 وحتى اليوم! صحيح أنه زارني أكثر من مرة، سواء في بيت أهلي أم في بيتي بعدها، إلا أنه كان يرفض حتى شرب الشاي، ومرة واحدة (أخطأ) وتناول لقمة مما طبخت، فولى فرارًا، وقد كاد يفقد القدرة على النطق!
وبعيدًا من صديقي العزيز الحبيب هذا، كان لا بدَّ لأختي _ الضحية المعتادة _ من أن (تتذوَّق) فنون إبداعاتي المطبخية بين مدة ومدة، ولمَ لا؟ أليست الحياة خبرات مستمرة لا بد لنا من أن ننهلها ولا نتوقف عند لحظة معينة ندعي فيها أننا بتنا نعرف كل شيء؟
يومًا ما، وتحديدًا أمسية ما، رجعْتُ إلى البيت بعد صلاة المغرب، لأجد أختي تجلس في غرفة الجلوس، وأمامها وعاء كبير مليء بحبات الكوسا، تقوم بحفرها، فذهبت مسرعًا إلى المطبخ، وأنا أشعر بالحزن عليها، يا للمسكينة! كم تتعب من أجلنا!
أسرعْتُ، إذًا، إلى المطبخ لآتي بحفارة كوسا ثانية، وأسرع بها إلى أختي، ولقد وثبَتْ الأخيرة من موضعها صارخة برعب، بعد أن تعثَّرَت قدمي قليلًا في طرف البساط، ووجدت نفسي أندفع وحفارة الكوسا في يدي تكاد تخترق عنق أختي المسكينة والتي وقفَتْ تلهث من الرعب لحظات، لكني لم أبالِ بها، سأجعلها تشعر بالتأثر العميق بكل تأكيد، لذا أمسكت بحبة كوسا كبيرة وأولجْتُ الحفارة فيها بقوة حتى خرجت من الجهة الثانية، وأنا أشعر بانبهار تام! الكوسا تشهق شهقة قوية يا جماعة! صدقوني أنا لا أمزح معكم! ما كدْتُ أولج الحفارة فيها حتى أطلقت شهقة قوية، وقبل أن (أفهم) ما يحصل، فوجئْتُ بحبة الكوسا تتكلم، بل وترجوني بضراعة تامة:
_ أ... أرجوك! أبعدها بسرعة قبل أن تجرحني!
لم أعُدْ أعرف أأنا واعٍ أم أنني أحيا كابوسًا ما! صحيح أنني في طفولتي (ظننتُ) حبة البطاطا تُجْرَح وتولول ويسيل منها الدم، لكن ما تفسير ما يحصل الآن؟
_ ولي!
فوجئْتُ بوالدتي تتسع عيناها بعد أن دخلت غرفة الجلوس، وأخذت تركض مسرعة نحوي، لتمسك بيدي وتبعد الحفارة من بطن أختي، ولم يشغل بالي فعلًا متى جلسَتْ أختي وقد كانت واقفة، وأية سرعة (ضوئية) تتمتع بها هذه الفتاة! بل كنت مشغولًا بما هو أكثر تميزًا بما لا يُقاس!
يا جماعة، ألم تنتبهوا إلى أن الكوسا تولول كما فعلَت البطاطا من سنوات طوال؟ لقد سمعتها وهي تصرخ (ولي)! هذه معجزة حقيقية ستقلب النظريات العلمية رأسًا على عقب، بكل تأكيد، وربما أنا المهتم بالأدب العربي، ولا أطيق المواد العلمية والنظريات الكيميائية، أستلم جائزة نوبل في اكتشاف علمي رهيب يومًا ما!

وبعيدًا من كلمة (ربما) هذه، من المؤكد أن أختي هذه وقعَتْ ضحية أعمالي مرة أخرى!
مرة كانت وحدها كالمعتاد، ومرة ثانية لم تكن فيها وحدها بل كان معها...
وهذا ما سنحكيه لكم الحكاية القادمة، إن شاء الله تعالى!

عمر قزيحة في 28 _ 10_ 2018م: الساعة: 12:41 دقيقة ليلًا.

Jomoon
30-10-2019, 01:40 PM
السلامـ عليكمـ ورحمة الله وبركاته~

يالله!
اشوا أنك فعلاً وضعت السكر توقعت هببت شيء ثاني!!
صديقك المسكين لم ينسَ
كان عليه أن يحلفك بالله أن لا تصنع له شيء ثم يطمئن
أو قبل أن يشرب شيء يرشف رشفة بسيطة ليتأكد!!xD,
الأمر جنوني!!
هداك ربي،
أنا حتى تفاجأت كيف وصلت أختك ما شاء الله
الحمدلله أن أمك جاءت في الوقت المناسب _ربي يغفر لها ويرحمها_
ارحم الكوسا والبطاطا قامت تتكلم بسببك!!xD,
الجد ارحم أختك، رحمتها من جد!!
المشكلة أنك لا تحس بالذنب!!
كيف ذلك؟!!,
استغفرالله

ربي يبارك فيك
حقاً أسلوب جميل ورائع وماتع
ما شاء الله تبارك الرحمن
ربي يرزقك من فضله
ويسعدك يارب
دوماً ترسم البسمة
استمر
في حفظ المولى،،
Icon59
~

Moroboshi Dai
30-10-2019, 04:10 PM
أضحك الله سِنّك أستاذ عمر،
البيضة نُسميها عَظْمَة (وبتلك الطريقة مسلوقة ليس بالكامل لكن ليس مدة طهيها 3 دقائق بل أكثر ^^) تُسمّى عَظْمَة مْرَوْبَة وكانت أكلتنا المفضلة تُقشّر فقط من فوق ونأكلها بملعقة صغيرة
مافعلته يعتبر إبداعا من قبيل الإجتهاد والفضول الطفولي والتطفّل العنيد وشرف الإنسان في المحاولة كمايُقال
لكن أستاذ أحسن الله إليك ألا يُعدُّ ماقمت به جُرأة كبيرة في سن الخامسة توقد الغاز وهذا شيء خطر وممنوع ؟
أعجبتني بداهتك ورجاحة عقلك وأنت صغير ليس من السهل أن تكون في موقف براءة وأنت مُذنب ^^
قرأت التُحفة الأولى المُمتعة وسأُتابع البقيّة بحول الله
سلِمتَ وسلم نبض قلمك المَرِح
كل الوِد

أ. عمر
1-11-2019, 01:18 AM
السلامـ عليكمـ ورحمة الله وبركاته~

يالله!
اشوا أنك فعلاً وضعت السكر توقعت هببت شيء ثاني!!
صديقك المسكين لم ينسَ
كان عليه أن يحلفك بالله أن لا تصنع له شيء ثم يطمئن
أو قبل أن يشرب شيء يرشف رشفة بسيطة ليتأكد!!xD,
الأمر جنوني!!
هداك ربي،
أنا حتى تفاجأت كيف وصلت أختك ما شاء الله
الحمدلله أن أمك جاءت في الوقت المناسب _ربي يغفر لها ويرحمها_
ارحم الكوسا والبطاطا قامت تتكلم بسببك!!xD,
الجد ارحم أختك، رحمتها من جد!!
المشكلة أنك لا تحس بالذنب!!
كيف ذلك؟!!,
استغفرالله

ربي يبارك فيك
حقاً أسلوب جميل ورائع وماتع
ما شاء الله تبارك الرحمن
ربي يرزقك من فضله
ويسعدك يارب
دوماً ترسم البسمة
استمر
في حفظ المولى،،
Icon59
~


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الحمد لله أنني وضعت له السكر لا الملح، فقد سبق أن فعلتها من قبل مع أختي كما فعلتها لاحقًا مع صديق آخر
ولم يكن لينفع أن أحلف لصديقي، فقد اتخذ قراره ولم يتراجع عنه، ولم يجرؤ على أن يتذوق ولو رشفة بسيطة
حفظ الله أهلكِ ورحمهم، هذه المرة بلى، أحسست ببعض الذنب لأني أعلم يقينًا أنني لا أعرف أي شيء في حفر الكوسا
وحزنت على أختي لما أصابها من رعب مضاعف، مرة والحفارة على رقبتها وأخرى والحفارة في بطنها، ولم أستغرب
أنها قامت تسترحم وتولول!!
بارك الله بكِ ولكِ وأسعدكِ وأدام ابتسامتكِ، وحفظكِ من كل سوء

أ. عمر
1-11-2019, 01:25 AM
أضحك الله سِنّك أستاذ عمر،
البيضة نُسميها عَظْمَة (وبتلك الطريقة مسلوقة ليس بالكامل لكن ليس مدة طهيها 3 دقائق بل أكثر ^^) تُسمّى عَظْمَة مْرَوْبَة وكانت أكلتنا المفضلة تُقشّر فقط من فوق ونأكلها بملعقة صغيرة
مافعلته يعتبر إبداعا من قبيل الإجتهاد والفضول الطفولي والتطفّل العنيد وشرف الإنسان في المحاولة كمايُقال
لكن أستاذ أحسن الله إليك ألا يُعدُّ ماقمت به جُرأة كبيرة في سن الخامسة توقد الغاز وهذا شيء خطر وممنوع ؟
أعجبتني بداهتك ورجاحة عقلك وأنت صغير ليس من السهل أن تكون في موقف براءة وأنت مُذنب ^^
قرأت التُحفة الأولى المُمتعة وسأُتابع البقيّة بحول الله
سلِمتَ وسلم نبض قلمك المَرِح
كل الوِد



وأدام الله تعالى لك الابتسامة
غريب أن تحمل البيضة اسم عَظْمَة :)
هذه الطريقة التي تذكرها لم أرها من قبل، لكني رأيت شيئًا شبيهًا بها قليلًا، وفي قلي البيض لا سلقه
إذ لا يسوى البيض جيدًا، ويبقى صفاره بشكل سائل غير متماسك ويسمونه عندنا (بيض عيون)
لكن أذكر في طفولتنا بعض أقاربنا كانوا يأكلون البيض نيئًا تمامًا، يضربون البيضة بحافة الطاولة مثلًا ويرفعونها إلى أفواههم ليشربوا محتواها
ولا أنكر أنني جربتها مرة ولم أطق طعمها ولم أكررها مرة أخرى قط
ما فعلتُه وقتها اعتبرتُه أمرًا عاديًا فقد كنا متعودين أن نوقد الغاز في تلك المرحلة لكن بشرط ألا يكون أحدًا من والدينا موجودًا بكل تأكيد، وإلا لن ننجح حتى في الاقتراب من الغاز!
ومعظم هذه المواقف انتهت ببراءتي وإلقاء اللوم على أختي
لئن كانت قصتي تحفة ممتعة فمروك تحفة أصلية راقية أتشرف بها دومًا
سلمك الله وحفظك من كل سوء، ودمتَ بكل الود.

Moroboshi Dai
2-11-2019, 02:23 PM
هذه الطريقة التي تذكرها لم أرها من قبل، لكني رأيت شيئًا شبيهًا بها قليلًا، وفي قلي البيض لا سلقه
إذ لا يسوى البيض جيدًا، ويبقى صفاره بشكل سائل غير متماسك ويسمونه عندنا (بيض عيون)

https://i.imgur.com/3fEXyWJ.jpg

بهذه الطريقة كانت تقدم للصغار و1/4 البيضة يكون مسلوقا بداية من سنتين تُصبح نصفها مسلوقة ونحن في عمر الخمس والست سنوات نحبها على تلكم الطرق غير مسلوقة بالكامل كانت تسلق حتى يغلي الماء ثم تُزال من فوق النار وتترك تبرد3 دق وهي مغطاة.. فكنت تقدم مثل الصورة أعلاها وتأكل بملعقة
لكن أذكر في طفولتنا بعض أقاربنا كانوا يأكلون البيض نيئًا تمامًا، يضربون البيضة بحافة الطاولة مثلًا ويرفعونها إلى أفواههم ليشربوا محتواها
ولا أنكر أنني جربتها مرة ولم أطق طعمها ولم أكررها مرة أخرى قط



غريب ،قد تسبب في الموت إذا أكثروا منها نيئة!!




إحترامي
مع كل الود والتقدير

أ. عمر
4-11-2019, 03:52 PM
إحترامي
مع كل الود والتقدير



تبدو الصورة مشجعة لنا لتجربة هذه الطريقة إن شاء الله
ومن كانوا يأكلون البيض نيئًا لم أعرف ما اللذة في ذلك ربما أرادوا أن يظهروا أمام الآخرين بمظهر متميز في أكلهم، والله أعلم.
دمتَ بكل الخير، وكل الود، يا غالي.

Moroboshi Dai
6-11-2019, 01:28 AM
ومن كانوا يأكلون البيض نيئًا لم أعرف ما اللذة في ذلك ربما أرادوا أن يظهروا أمام الآخرين بمظهر متميز في أكلهم، والله أعلم.




قد يعود للجينات أستاذ والجانب الوراثي بحسب إنتمائهم وجذورهم !!

Moroboshi Dai
6-11-2019, 02:07 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

الأخت المملَّحَة!





وما زلْتُ (أبدع) في مواهبي المطبخية كل الإبداع، مهما تغيرت الظروف وتناقضت! ولا أبالغ في ما أقول طبعًا، وسأثبت لكم ذلك، إذ (ملَّحْتُ) أختي حينما كنت أحب السكر كل المحبة، كما أنني (ملَّحْتُها) بعد ذلك بسنوات طوال، وأنا أكره السكر كرهًا شديدًا!
في ذلك اليوم، من العام 1988م، وكان عمري، آنذاك، يقترب من السنوات التسع، قرَّرَت أختي، الضحية المعتادة لإبداعاتي المطبخية، أنها ستصنع لنا (البوظة) بنفسها، وستكون أطيب بوظة وألذها على الإطلاق، وربما نرفض أن نأكل البوظة من بعد ذلك، ما لم تكن من صناعتها هي، (هكذا تقول بكل تواضع)! طبعًا، قالت لنا أختي ذلك، وهي تدير عينيها في ما بيننا بفخر، وكأنها (أنجزت) ما تريده، وحصلت على النتيجة المبتغاة فعلًا، مع أنها لم تفعل شيئًا بعد، وارتفعت الهتافات السعيدة التي تهتف بأختي وحياتها، على غرار (تعيش، تعيش، تعيش)، وكان على أختي أن تنفذ وعدها، وإلا!
ولم تكذب (المسكينة) خبرًا، ما كادت حماسة تلقي بشارتها الرائعة هذه لنا تخفت، حتى انطلقت إلى المطبخ، لتعمل بأصابعها السحرية على تنفيذ ما تريده، واستغرقت في عملها، وهي لا تعلم أن عينين متلهفتين تراقبانها، وترصدان حركاتها في صناعة البوظة، وصاحبها يجري في ذهنه عملية تقييم شاملة لما تفعله أخته، ليحكم عليها بالفشل الأكيد، إذ لم تضع كمية (كافية) من السكر في الخلطة التي تقوم بإعدادها، بل اكتفَتْ بملعقة صغيرة جدًا منه، والسكر بالنسبة إلى هذا المراقب حياة ثانية من الفرحة والسعادة، وحتى فنجان الشاي الصغير يجب أن يحتوي من السكر على ما يقارب نصفه أو ثلاثة أرباعه، وبالتالي لا بد من تصحيح الخطأ، وبأسرع وقت ممكن!
وطبعًا لا داعي لإخباركم باسم هذا المراقب، أعتقد، مجرد اعتقاد، أنكم قد عرفتموه! المشكلة الحقيقية أن أختي تحمست فعلًا لعملها، وبالتالي لا يمكن أن نعتمد عليها في شيء! ستبقى تعمل في خلطتها السخيفة هذه، ولن تتركها حتى تنتهي، وكان لا بد من (الحيلة) لإبعادها من المطبخ، وبكل حماسة اندفعت نحوها أهتف بانفعال شديد: (أسرعي، أسرعي، إنهم يريدونكِ، الهاتف يرن)، وأسرعت أختي فعلًا لِتَرُدَّ على الهاتف، مع أنه لم يكن عندنا أي هاتف آنذاك، ولم نكن نحلم بوجوده، لا الهاتف المحمول ولا الهاتف الأرضي.
وإلى الآن، وقد مضت إحدى وثلاثون سنة، لا أدري كيف وقعت أختي في هذا الفخ الغريب! كنت أدرك، آنذاك، أن الوقت أمامي قليل جدًا، وأنني سأرى أختي عائدة إلى المطبخ خلال ثوانٍ، وهي تصرخ في وجهي لهذا المقلب، فحملت علبة السكر، وأفرغتها بالكامل تقريبًا في الخلطة، وانطلقت مسرعًا لأختبئ، وأنا أسمع صراخ أختي الهدار، بعد أن (فهمت) أخيرًا أنه لا يوجد في بيتنا هاتف، وبالتالي يستحيل أن يطلبها أحد عبر الهاتف!
ولم أتمالك نفسي من إطلاق الضحكات الشامتة، والتي أعتقد أنها رَجَّتْ البيت ودوَّت في أذني أختي مثل القنابل، وسمعتها، من حيث أختبئ، تتمتم بأمثال وحِكَم، ربما من وزن (العقل زينة والمجانين بالدزينة)! و(الله يجيرنا نحن البنات من عقول الصبيان)! وليتكِ تخبرينني، يا عزيزتي، أين كانت هذه الزينة العقلية التي تتحدثين عنها، وأنتِ تركضين بلا وعي لتجيبي نداء هاتف غير موجود! أما أنا فإن عقلي شغال وبقوة، رغم أنني أصغركِ سنًا، لأنني أقوم بتصحيح أخطائكِ لتقدمي بوظة طيبة، يشكركِ الناس بفضل طعمها الطيب!
تابعت أختي عملها بحماستها المعتادة، لكني لم أتابع مراقبتها، لقد أدَّيْتُ واجبي، وانتهى الأمر، فانسحبتُ مرتاح الضمير إلى غرفتي لأرتاح، ومرَّت ساعات طوال، ثم ارتفع صوت أختي تهتف بسعاة غامرة: (تجمدت البوظة تجمدت، تجمدت البوظة تجمدت، إلى البوظة، هياااااااا)!
تركت غرفتي لأتجه أنا وإخوتي نحو غرفة الجلوس، وهتافاتهم السعيدة ترتفع مرة أخرى، ودوَّت (تعيش، تعيش، تعيش) بقوة، وعادت أختي تقول فَرِحةً جَذِلةً: (ستأكلون البوظة المميزة الآن)، وارتفعت الهتافات السعيدة مرة ثالثة، ولكني لم أشارك في شيء، كنت أشعر بالسعادة نعم، لكني كنت في تلك الآونة شديد التواضع، لذا لم أعلن عن نفسي، ولم أتكلم عن إبداعي، انسحبت إلى غرفتي مرة أخرى، وقد اتخذت قرارًا (نبيلًا)، سأنسب الفضل كله إلى أختي، وذلك جبرًا بخواطرها، و...
_ أووووووووع! ياااااااااااااااء! آآآآآآآآآآآآآآآء!
انطلقت تلك الأصوات بغتة، وأحسست بإخوتي يركضون في كل اتجاه، وأصوات مثل التقيؤ تتردد، ما سبب لي شعورًا بالاستنكار، فأنا واثق كل الثقة مما قدَّمْتُه، لكن هل ارتكبت أختي خطأ غبيًا وهي تتابع عملها؟ ليتني راقبتها حتى النهاية إذًا!
_ أين أنتِ؟
_ تعالي إلى هنا حالًا يا (...)!
_ ما هذا أيتها الحمقاء؟
_ هل تمزحين معنا؟
_ ستأكلين ورغمًا عن أنفكِ!
الله المستعان فعلًا، يبدو أن إخوتي لا يعرفون (طعمة فمهم)، ولا يستحقون ما قدَّمْتُه لهم من (المعروف)، ويا له من منظر مؤثر فعلًا! لقد أمسكوا بأختي (التعيسة)، وملأوا ملعقة كبيرة من البوظة بضعف ما تحتمله، وأدخلوها فم أختي ليطعموها إياها رغمًا عنها، وتنطلق صرخة المسكينة مدوية، تحمل كل معاني القرف والاشمئزاز، وتسرع إلى المغسلة لتفرغ ما في فمها، وصوت ذلك يصل إليَّ واضحًا، وأخي يسألها غاضبًا: (من أين أتيتِ بهذا الذكاء؟ من يضع هذا الـ... مع البوظة؟ أتظنين أنكِ تصنعين لنا بوظة على نكهة طعمة البحر مثلًا)؟ ولا أعلم هل أرادت أختي الرد أم لا، إذ تابع أخي بلهجته الغاضبة ذاتها: (وسنفترض أنكِ جُنِنْتِ وفعلتِها، هل من الضروري أن تضعي لنا كل هذا الملح يا بنت)؟
شعرتُ بالغيظ هنا، ووجدتُ نفسي أندفع نحو إخوتي _ وكانت أختي المسكينة قد عاودت الانضمام إليهم _ هاتفًا بهم بغضب شديد: (ألا تعرفون طعمة أفواهكم يا أغبياء)؟ _ بدا الامتنان على وجه أختي هنا_ (يا ضياع المعروف معكم)! _ كادت عينا أختي تدمعان هنا تأثرًا _ (كل هذا السكر الذي وضعتُه لكم، وتقولون الآن إنه ملح؟! يبدو أنكم قادمون من المريخ بحق)! أعتقد أن أختي أصيبَتْ بصدمة كهربائية! صحيح أن أعين إخوتي جميعًا اتسعت دهشة لهذا الاعتراف الخطير، لكن أختي انتفضت بعنف، وشعرت بالنيران تندلع في عينيها من دون مبالغة، فأسرعت أحاول التصحيح: (أقصد الذي وضعَتْه لكم، هي وضعَتْه لكم، ولكن)... وارتفع صوت أختي هنا صارخة بصوت ربما لا يستطيع طرزان شخصيًا تقليده (مع أننا لم نكن نعرف هذا الطرزان آنذاك)، وانقضت أختي عليَّ صارخة مثل الوحوش: (كدت أتحول إلى سمكة مملحة بسببك، سترى الآن)!
هربْتُ بأقصى ما تستطيعه قدماي، وأنا أفكر في مدى قلة التركيز في ذهن أختي! ما معنى أنني سأرى (الآن)؟ هل تظنني أعمى لا يرى، وعلمَتْ أنني سأرى الآن؟ لكنْ، لم يكن هناك وقت لسؤالها، وصوت خطواتها يتردد بعنف شديد خلفي، دخلت غرفتي وأغلقت الباب، ولكن...
ارتد الباب نحوي بعنف، ودخلت أختي، وفي يدها العصا الغليظة التي يتكئ عليها والدي أحيانًا، اتسعت عيناي هنا من المفاجأة غير المتوقعة، وأختي تعيد إغلاق الباب، وتهوي بالعصا بعنف شديد، ولا أعلم لماذا شعرتُ بحرارة فظيعة في ساعدي وقتها، ودهشتْ لذلك، فالطقس معتدل، غير أن أكثر ما أثار الدهشة أن الباب نفسه صرخ بصوت متألم: (آآآآآآآآي)!! شعرتُ بالتعاطف مع الباب، لكن العصا ارتفعت مرارًا وتكرارًا، وانطلقت صرخات الباب المسكينة، وأنا أشعر كأن عظامي باتت في فرن مشتعل، والآلام تنبعث في جسدي هائلة، ولا أعرف سبب ذلك!
مرت الأيام والسنوات تباعًا، وتدريجيًا كرهت السكر _ ولا علاقة لهذا بحادثة أختي هذه _ وأخذت أشرب الشاي من دونه نهائيًا، مستطيبًا طعمه اللذيذ، ولأنني أكره السكر ولا أستخدمه، حصلت تلك الحادثة، في العام 2007م، أي بعد حوالي تسع عشرة سنة من حادثة تمليح أختي بالبوظة التي قمْتُ بــ(تصحيح) إعدادها لها في طفولتنا :)
كانت أختي، كلما دخلت البيت تسرع لِتُعِدَّ لي كوب الشاي المفضل عندي، بزجاج شفاف ومن دون سكر، وفعل (دخلت) يشملنا معًا، كلما (دخلْتُ) أنا، وهي حاضرة، أو كلما (دخلَتْ) هي، وأنا حاضر، وفي ذلك اليوم كنتُ راجعًا من التعليم، ونزلتُ عند أهلي، وقامت أختي كعادتها، فهتفت بها أن تبقى مكانها، وأنا (شخصيًا) من سأقوم بإعداد الشاي لها، ولا أعلم لماذا ظهر الامتعاض على وجهها! يجب أن تقبِّل يديها عرفانًا وامتنانًا، فهي ستتذوق الشاي (المميز) الذي كنت أشتهر بإعداده لنفسي حينما لا أطيق صبرًا على رجوعها، ولم يتذوقه أحد من أهلي وأعاد التذوق مرة ثانية بعدها، لكن ربما لأن طعمته المذهلة تجعلهم يشبعون الشاي الخاص بي إلى آخر عمرهم!
وأختي هذه تحديدًا لم يسبق لها تذوقه من قبل قط، وآن أوان رد الجميل لها الآن، وتجاهلت تمتماتها المذعورة: (كوسا)، (متبل)، (زيت)، (نعناع)، موقنًا أنها أصيبَتْ بنوبة هذيان فظيعة، لأنها لم تحتمل هذا (الحنان) المفاجئ مني، يا لها من مسكينة! تفتقد الحنان ولا تقول؟ سأحِنُّ عليها دائمًا بعد الآن!
وبكل حماسة، وامتنان، انطلقتُ نحو المطبخ، ولا أعرف لماذا وقعتْ ثلاثة طناجر كانت على حرف المجلى أرضًا، مع أنني لم ألمسها (هكذا أعتقد)، واخترت الركوة التي أريد إعداد الشاي بها، متجاهلًا سقوط (زميلتين) لها كذلك، وقمت بغلي الماء جيدًا، ولأن أختي تحب السكر، وضعتُ لها كمية جيدة في الكوب الكبير، ولم أحركه جيدًا، لأنني أعلم أن من يحبون السكر زيادة عن اللزوم، يفرحون إن رأوا بعضًا منه لم يَذُبْ تمامًا، ويتناولونه بالملعقة بعد انتهائهم من شرب الشاي.
وما إن انتهى إعداد هذا الشاي، حتى أسرعت بالكوب إلى أختي، والتي أرادت أن تشرب كعادتها، تتناول جرعة منه، وتضعه جانبًا حتى تخف سخونته قليلًا وتتابع شربه، وكنت مترقبًا متلهفًا إلى سماع رأيها في (شايي) الذي أقوم بإعداده بطريقتي التي لا أبوح بسرها لأحد، ولم تخيب أختي نظرتي فيها، تناولتُ مباشرة رشفة من الشاي، ولسان حالي يقول لي بفخر شديد:
أنا الذي هرب الأعمى من شايي ___ وأفحمَتْ محتوياتُه من به صمَمُ!

_ نياااااااااااااااااوو!!
ما هذا؟ هل تحولت أختي قطة فجأة؟ ماذا يحصل يا ترى؟ أختي تضع يدها على فمها، وصوت آخر ينطلق، يتردد صداه في الغرفة: (أووووووووووه)! بكل الألم الماحق، فهتفت بها مستنكرًا: (عيب عليكِ! إلى هذا الحد تشعرين أنكِ "مشحوتة" على الشاي؟ اشربي قليلًا قليلًا! صحيح أنني أنا من قمتُ بإعداد الشاي، ولكن)...
قاطعني صوتها مرة أخرى يتردد: (أووووووووووه)! وأختي تسرع نحو المغسلة، وعيناها تدوران في مكانهما، وأنا أهتف بها، داعيًا إياها ألا تكون (قليلة ذوق) إلى هذا الحد مرة أخرى، وأن تشرب بالتدريج، كي لا تضيع من فمها طعمة (أطيب شاي) في الكرة الأرضية كلها، وأن...
وخرجت أختي من الحمام، وأخذت تنظر إليَّ كأنها قد أصبحَتْ (تمثال الحرية) الجديد، فقلت لها واعظًا: (اشربي متمهلة المرة المقبلة، من المؤكد أن لسانكِ قد احترق من الجرعة الهائلة التي تناولتِها بكل شراهة، استحي على دمكِ)! وصرخت أختي كأنها ريح هدارة: (أتضع لي الملح في الشاي يا أخي؟ آآآآآآآآه)؟ ومع أنني لم أفهم ماذا تقصد بادئ الأمر، فأنا أشرب الشاي من دون سكر، فكيف أضع الملح لأختي؟ الإجابة المنطقية (الوحيدة) هنا أنني أخذت علبة الملح، ودلقت منها تلك الكمية في كوب أختي، ولكني لا أُلام، فأنا لا أعرف أين تضع أمي السكر أساسًا!
أردت أن أشرح لأختي هذه النظرية وتلك الفرضية، لتزيد معلوماتها (العلمية) :) لكنها لم تمهلني ولا ثانية، فهتفت متحمسًا: (أتريدين أي شيء مني يا مامااااااااااا)؟ وطبعًا الـ(ما) الثانية في كلمة (ماما) مددتها طويلًا، وأنا أسرع نحو باب المنزل لأفِرَّ بروحي المسكينة، وأسنان أختي تهدف إلى انتزاع ذراعي من مكانها! فتحت الباب وألقيت بنفسي خارجًا، وإن كنت لم أنجح في تفادي أسنان أختي تمامًا قبل ذلك، لكن على الأقل خففتُ كثيرًا من الضرر الذي كان يمكن أن يقع، ولم أهرب لأنني أخاف العض، بل لأنني فم أختي مليء بالملح، وأنا لا أحب أن أملح ذراعي، فقط لأجل ذلك، (لا) تصدقوني!


انتهت حكاية اليوم...
لكن لا بد من أذكر لكم مقصد أختي من (الكوسا) و(المتبل) و(الزيت) و(النعناع) يومًا ما...
ولا بد كذلك من الرجوع زمانيًا إلى عام 1994م، أيام كانت لي مساعدة (قيمة) لأختي المتزوجة حديثًا، أدت إلى تعانق ثلاث أخواتي لي، بمنتهى الحنان، ومن أعينهن تسيل دموع الامتنان...
تابعوا معنا.


عمر قزيحة: 15_6_2019م: الساعة: 12:50 دقيقة ليلًا.




أضحك الله سنّك أستاذ ضحكتُ حتى الثمالة
رهيبة فعلا مشاكستك
والله عن تجربة أستاذ ،في مالذي جعل أختك الفاضلة الطيبة تصغي إليك والحال أنه لاوجود لهاتف في المنزل عن تجربة منذ عامين والدتي ذهبت إلى كندا عند أخي سافرت قبل أسبوع من شهر رمضان وتركت في المنزل ذكورا أنا وأخي الأصغر ووالدي وكنت أنا من أطبخ؛ الشاهد أن عندما أدخل للمطبخ وأبدأ في إعداد الوصفات أحس أن عقلي يغيب لشدة المسؤولية فيحدث أن أضع علبة الملح في الثلاجة ثم أبحث عنها ولا أجدها هناك نواميس أخرى في المطبخ ..فمابالك بأختك الفاضلة وهي في عمرها الصغير
نحن نقول في تونس الإنسان يِتْمَهْمش يعني يضطرب فهذا تحليلي البسيط قد أكون مخطئا


طرائف ومُلح مستظرفة مرآة لصاحبها الجميل الأنيق المشاكس اللطيف
دائما تُمتعنا بحديث الذكريات والزمن الجميل
حفظك الباري أستاذ

أ. عمر
7-11-2019, 01:29 PM
قد يعود للجينات أستاذ والجانب الوراثي بحسب إنتمائهم وجذورهم !!

نعم، أظن ذلك.

أ. عمر
7-11-2019, 04:52 PM
أضحك الله سنّك أستاذ ضحكتُ حتى الثمالة
رهيبة فعلا مشاكستك
والله عن تجربة أستاذ ،في مالذي جعل أختك الفاضلة الطيبة تصغي إليك والحال أنه لاوجود لهاتف في المنزل عن تجربة منذ عامين والدتي ذهبت إلى كندا عند أخي سافرت قبل أسبوع من شهر رمضان وتركت في المنزل ذكورا أنا وأخي الأصغر ووالدي وكنت أنا من أطبخ؛ الشاهد أن عندما أدخل للمطبخ وأبدأ في إعداد الوصفات أحس أن عقلي يغيب لشدة المسؤولية فيحدث أن أضع علبة الملح في الثلاجة ثم أبحث عنها ولا أجدها هناك نواميس أخرى في المطبخ ..فمابالك بأختك الفاضلة وهي في عمرها الصغير
نحن نقول في تونس الإنسان يِتْمَهْمش يعنييضطرب فهذا تحليلي البسيط قد أكون مخطئا


طرائف ومُلح مستظرفة مرآة لصاحبها الجميل الأنيق المشاكس اللطيف
دائما تُمتعنا بحديث الذكريات والزمن الجميل
حفظك الباري أستاذ

أدام الله الابتسامة لك.
وحفظ لك أهلك بكل الخير
(يِتْمَهْمَش) مصطلح جديد سأضيفه إلى ما أتعلمه منك في اللغة التونسية
وتحليلك موفق، وأتفق وإياك به، فهو منطقي جدًا
حفظك الله تعالى للكلام الطيب، وأدامك بكل الود.

أ. عمر
11-11-2019, 06:17 PM
الكاتو المشوي!


لم تَتَرَبَّ أختي من خطئها السابق، وفشلها الذريع في إعداد البوظة، رغم كل محاولاتي (الإصلاحية) لها آنذاك، فقرَّرت أن (تتحفنا) بقالب من الكاتو، لم نَذُقْ مثل طعمه الرائع المذهل من قبل، حتى أننا سنأكل خلفه أصابعنا بكل تأكيد، وهذا (التواضع) مما تصف به أختي عملها الفذ هذا، مع أنها لم تكن قد فعلت أي شيء بعد، ولكنها تثق في نتائجها وفي أنها تجيد صنع الكاتو، أكثر من اللازم!
وكعادتي أخذت أراقبها من بعيد، وأنا أراها تضع أمامها علبًا متعددة، وبعض البيض، وما إلى ذلك، ولا أدعي أنني كنت أعرف ما هي هذه المكونات العالمية التي ستستخدمها، لكني كنت أعرف، وأرى رأي العيان، أنها تحمل في يدها ورقة تحتوي تعليمات صنع الكاتو، وبالتالي لن يكون النجاح من إبداعها، وما هي إلا مقلدة لا تجيد الابتكار الشخصي، ويجب أن أساعدها بكل خبراتي الفذة في هذا المجال!
وبدأت أختي عملها، وأنا أراقبها ممتعضًا! هناك علبة بين هذه المكونات لم يَرُقْ لي شكلها ولا وجودها لسبب ما، وقرَّرت أن أبعد أختي من المطبخ قليلًا، ولكنْ، لا! ليس الآن! لو نفذت خطتي الآن فستنتبه بعد ذلك إلى ضياع العلبة، ويجب أن أتركها تعمل قليلًا أولًا، ولكنْ، لا! ما هذا؟
مدت أختي يدها إلى هذه العلبة (التعيسة) فاندفعت نحوها هاتفًا بحماسة وانفعال، ولا أدري كيف تمكنت من إجادة دوري إلى هذا الحد:
_ أ... أ... أسرعي، بسرعة، أسرعي، بسرعة!
صاحت (المسكينة) مرعوبة:
_ ماذا هناك؟ ماذا حدث؟
أخذت ألوح بيديَّ، متظاهرًا بأنني لم أعد أستطيع الكلام، قبل أن أتمتم بأحرف متقطعة:
_ الـ... ها... تف!
فوجئتُ بأختي تركض مسرعة بالفعل، ما جعل عينيَّ تتسعان ذهولًا وإعجابًا مني بعبقريتي النادرة، ونجاحي في خدعتي إياها مرة ثانية، فنحن ليس لدينا هاتف بعد!
ولم أضع الوقت نهائيًا، بل حملت العلبة التي كرهتها وانسحبت مسرعًا، وأنا أضحك بأعلى صوتي، لا لنجاح خطتي، بل لأن صوت أختي كان يتردد من الغرف الداخلية، وهي تصرخ بصوت عالٍ:
_ أين هو؟ أين هو؟
أخذت أفكر، عمَّ تبحث أختي هذه يا ترى؟ ومن هذا الـــ(هو) الذي تسأل عنه؟

_ من هذا الـ (هو) الذي تسألين عنه؟!
ما شاء الله! يبدو أن أفكاري بات لها صوت مسموع! ولكن يبدو كذلك أن أفكاري تكلمت من قبل من دون أن أنتبه، فصوت أفكاري مألوف فعلًا، وربما يدل هذا على أنني عبقري فاق الزمان وتخطى حدود المكان، و...
_ ما هذا؟ تمزحين؟
آآآخ! هذا ليس صوت أفكاري! إنها إحدى أخواتي الأكبر تسأل أختي (الضحية المعتادة) إن كانت تمزح، ويبدو أن الأخيرة قد (أفاقت) أخيرًا إلى نفسها، و(فهمت) أنه لا يوجد لدنيا هاتف، فصرخت بصوت كاد يزلزل أركان البيت:
_ الكاااااااتو!!
صاحت بها أختها ساخرة:
_ نعم نعم؟ تبحثين عن الكااااااااااتو في غرف النوم؟؟
أسرعت المسكينة إلى المطبخ، وهي تهتف بغضب:
_ كل مرة تخدعني هذه الخدعة؟ ألم تسأم منها بعد؟
أجبتها من حيث أجلس في غرفة الصالون المتسعة، إجابة مؤثرة فعلًا:
_ هاهيهاهاهاهاهاها!
صرخت محنقة:
_ لن أرد عليك!
يا للخسارة! يا للحسرة! يا للألم! إنها لن ترد عليَّ! يبدو أنني سأحزن على نفسي إلى درجة أنني لن أتغدى اليوم ولا غدًا ولا بعده!
انسحبتُ مبتعدًا بهدوء، فليس وقتي متفرغًا بأكمله لأختي، يكفيني أنني ضحيَّتُ ببعض وقتي الثمين لأجل مساعدتها، كنت أشعر ببعض التأثر لشهامتي النادرة، ومضى بعض الوقت قبل أن يرتفع رنين ما، وفوجئنا بأختي تهتف بانفعال:
_ لقد رنَّ جرس الفرن! الكاتو انتهى، انتهى، انتهاااااااا!
وأسرعت تفتح الفرن، وهي تنادينا لنتجمع ونأكل ما لم نأكله من قبل قط في حياتنا، و...
انطلقت شهقتها بعنف، فأسرعنا جميعًا إليها، لنرى أن باب الفرن مفتوح، وفي يد أختي صينية، ولكن ليس هناك كاتو، وارتفعت أسئلة إخوتي المحتارة تتوالى:
_ ماذا حصل؟
_ هل أكلتِ القالب كله خلال ثانية واحدة؟
_ ما شاء الله!
_ مغارة علي بابا جديدة!
_ بل أنتِ...
صاحت تقاطعنا غاضبة:
_ هذا هو قالب الكاتو!
أخذنا ننظر في الهواء والأرض، وفي كل مكان، وجال في خاطرنا أن أختي أصيبت ببعض الجنون، والله أعلم! ولكن، يبدو أنها لم تُصَب به بعد!
لقد أشارت إلى الصينية بأصابع مرتجفة، لنحدق بدورنا في ذهول تام... قالب كاتو ملتصق بالصينية بشكل غريب جدًا، وحجمه ضئيل إلى حد غريب، كأنما هو قطعة كاتو أو اثنتين وتم تحميصهما وخبصهما في الصينية! وبـ(امتعاض) شديد قلتُ لأختي:
_ يبدو أنكِ فاشلة في كل شيء تقومين به، ما هذا يا بنت؟
صاحت معترضة:
_ أنا؟ ألست أنت من وضع لي الملح من قبل في البوظــ...
قاطعتها ساخرًا:
_ وماذا عن الآن؟ هل وضعتُ لكِ الملح في الكاتو حتى تقلص إلى هذا الحد وانخبص مثل الخبيصة في قعر الصينية؟
لم تُحِرْ أختي أية إجابة من أي نوع كان، بل أخذت تتلقى لوم أخواتها بصمت، وظننت أنها قد (استحت) على دمها لفشلها، ولكننا فوجئنا بها تفتح الخزانة هاتفة:
_ لقد وضعتُ كل المكونات المطلوبة كما قرأتُ في الورقة التي...
واتسعت عيناها مع استطرادها:
_ ولكنْ، هناك علبة ناقصة! أنا متأكدة من ذلك، ولكن كيف؟ أنا لا أتذكر أنه...
قاطعتها بحزم:
_ هناك علبة لا أعرف ما هي، ولا ما فيها، ولا فيمَ تُستخدَم، على الطاولة في غرفة الصالون، وربما كانت...
أسرعت المسكينة إلى هناك، من دون أن تفكر في أن تصبر قليلًا حتى تسمع كل كلامي لها، والحقيقة أنني أنا نفسي لم أكن أعرف ما الذي سأقوله بعدها!
وفي هذه اللحظات مدت إحدى أخواتي يدها تمسك بقليل من الكاتو (الدولي) هذا، لتتذوقه بحذر، قبل أن تطلق صرخة قرف مدوية:
_ يااااااااااااااء!!
وعادت أختي، وفي يدها العلبة (الضائعة)، وهي تهتف في حيرة تامة:
_ متى وضعتُها هناك؟ من دونها الكاتو لا يُعطِي لنفسه حجمًا!
صاحت بها المسكينة الأخرى، تلك التي تذوقت الكاتو:
_ ما هذا يا بنت؟ صنعتِ قالب كاتو أم دواليب سيارة مشوية؟؟
وانهالت أخواتي عليها باللوم مرة أخرى، فيما انسحبت أنا بهدوء، شاعرًا بالحسرة على أختي التي لا تتعلم من أخطائها، وما تزال تصر على أنها عبقرية في أمور الطبخ والحلوى، وهي التي لا تعرف كيف تقلي حبة بطاطا، أو تقلي بيضة واحدة!
ولكن أختي لم تستسلم رغم كل الفشل المتوالي التي تمرُّ به...
لقد قررت أن تصنع الكاتو مرة أخرى، بعد مدة بسيطة!!
وكان لا بد لي من أن (أساعدها) كالمعتاد!
فإلى الحكاية القادمة إن شاء الله، ولن تقتصر فقط على (إبداعات) أختي في الكاتو، ولا على (إبداعاتي) في معاونتها في ذلك!
وتلكم حكاية أخرى!

عمر قزيحة: 11_11_2019م: الساعة: 5:02 دقيقة مساء.

Jomoon
14-11-2019, 12:34 AM
عدت لهذا؟!،
وربي أقرا انقهر :"(,
أختك فعلاً مسكينة، الضحية دائماً!!،
يالله!،
مدري كيف جا لك قلب تعمل هذا بها!،
وربي أنا رحمتها،
كل مقطع جديد وحكاية جديدة
أتمنى أن تنتهي وأختك منتصرة
المشكلة أنها هي الملامة!!،
قلبك حجرxD,
استغفرالله
ما علي أنت السبب!،
تعلمنا بأفعالك!!،
يااااااه
لو كنت مكانك كان عوضتها بأشياء جميلة
هدايا وكلام طيب
لعل هذا يكفر أخطائي السابقة!!،
ربي يبارك فيها يارب وبعمرها

أحسنت الأسلوب رائع والتفاصيل جميلة!!،
وكل شيء في الكتابة والصياغة
الروعة تقطر قطرا
ما شاء الله تبارك الرحمن
ربي يرزقك من فضله
ويبارك فيك
في حفظ المولى،،
Icon59
~

أ. عمر
14-11-2019, 07:28 AM
عدت لهذا؟!،
وربي أقرا انقهر :"(,
أختك فعلاً مسكينة، الضحية دائماً!!،
يالله!،
مدري كيف جا لك قلب تعمل هذا بها!،
وربي أنا رحمتها،
كل مقطع جديد وحكاية جديدة
أتمنى أن تنتهي وأختك منتصرة
المشكلة أنها هي الملامة!!،
قلبك حجرxD,
استغفرالله
ما علي أنت السبب!،
تعلمنا بأفعالك!!،
يااااااه
لو كنت مكانك كان عوضتها بأشياء جميلة
هدايا وكلام طيب
لعل هذا يكفر أخطائي السابقة!!،
ربي يبارك فيها يارب وبعمرها

أحسنت الأسلوب رائع والتفاصيل جميلة!!،
وكل شيء في الكتابة والصياغة
الروعة تقطر قطرا
ما شاء الله تبارك الرحمن
ربي يرزقك من فضله
ويبارك فيك
في حفظ المولى،،
Icon59
~



في وقتها كنت أظن نفسي أفعل خيرًا لها وأساعدها :)
أختي انتصرت مرة وحيدة فحسب، حينما ثأرت لنفسها مني بعد أن أفسدتُ لها خلطة البوظة
تلك الأيام، ولم تنتصر مرة ثانية قط، للأسف :)
ثم إنني لا أدري لماذا كانت تسرع إلى تصديق أنها المخطئة وأنها هي التي وضعت العلبة في غرفة أخرى، كما فكرت في أنها هي من كسرت البيض حينما أفسدت لها عملية القلي، وربما كان ذلك يساعدني في لومها، والتصديق أنها فعلًا مخطئة...
وطبعًا عوضتها بعد ما كبرنا قليلًا بكل ما أستطيعه، فهي طيبة القلب تندفع دائمًا إلى مساعدة
من يحتاج إلى المساعدة فينا...
أشكركِ كل الشكر لدعائكِ الطيب لها، بارك الله بكِ ولكِ...
كما أشكركِ كل الشكر لرأيكِ المشرف والراقي في أسلوبنا المتواضع، ولدعائكِ الطيب...
حفظكِ الله تعالى بكل الخير والأمان.

Moroboshi Dai
15-11-2019, 11:10 PM
الكاتو المشوي!


لم تَتَرَبَّ أختي من خطئها السابق، وفشلها الذريع في إعداد البوظة، رغم كل محاولاتي (الإصلاحية) لها آنذاك، فقرَّرت أن (تتحفنا) بقالب من الكاتو، لم نَذُقْ مثل طعمه الرائع المذهل من قبل، حتى أننا سنأكل خلفه أصابعنا بكل تأكيد، وهذا (التواضع) مما تصف به أختي عملها الفذ هذا، مع أنها لم تكن قد فعلت أي شيء بعد، ولكنها تثق في نتائجها وفي أنها تجيد صنع الكاتو، أكثر من اللازم!
وكعادتي أخذت أراقبها من بعيد، وأنا أراها تضع أمامها علبًا متعددة، وبعض البيض، وما إلى ذلك، ولا أدعي أنني كنت أعرف ما هي هذه المكونات العالمية التي ستستخدمها، لكني كنت أعرف، وأرى رأي العيان، أنها تحمل في يدها ورقة تحتوي تعليمات صنع الكاتو، وبالتالي لن يكون النجاح من إبداعها، وما هي إلا مقلدة لا تجيد الابتكار الشخصي، ويجب أن أساعدها بكل خبراتي الفذة في هذا المجال!
وبدأت أختي عملها، وأنا أراقبها ممتعضًا! هناك علبة بين هذه المكونات لم يَرُقْ لي شكلها ولا وجودها لسبب ما، وقرَّرت أن أبعد أختي من المطبخ قليلًا، ولكنْ، لا! ليس الآن! لو نفذت خطتي الآن فستنتبه بعد ذلك إلى ضياع العلبة، ويجب أن أتركها تعمل قليلًا أولًا، ولكنْ، لا! ما هذا؟
مدت أختي يدها إلى هذه العلبة (التعيسة) فاندفعت نحوها هاتفًا بحماسة وانفعال، ولا أدري كيف تمكنت من إجادة دوري إلى هذا الحد:
_ أ... أ... أسرعي، بسرعة، أسرعي، بسرعة!
صاحت (المسكينة) مرعوبة:
_ ماذا هناك؟ ماذا حدث؟
أخذت ألوح بيديَّ، متظاهرًا بأنني لم أعد أستطيع الكلام، قبل أن أتمتم بأحرف متقطعة:
_ الـ... ها... تف!
فوجئتُ بأختي تركض مسرعة بالفعل، ما جعل عينيَّ تتسعان ذهولًا وإعجابًا مني بعبقريتي النادرة، ونجاحي في خدعتي إياها مرة ثانية، فنحن ليس لدينا هاتف بعد!
ولم أضع الوقت نهائيًا، بل حملت العلبة التي كرهتها وانسحبت مسرعًا، وأنا أضحك بأعلى صوتي، لا لنجاح خطتي، بل لأن صوت أختي كان يتردد من الغرف الداخلية، وهي تصرخ بصوت عالٍ:
_ أين هو؟ أين هو؟
أخذت أفكر، عمَّ تبحث أختي هذه يا ترى؟ ومن هذا الـــ(هو) الذي تسأل عنه؟

_ من هذا الـ (هو) الذي تسألين عنه؟!
ما شاء الله! يبدو أن أفكاري بات لها صوت مسموع! ولكن يبدو كذلك أن أفكاري تكلمت من قبل من دون أن أنتبه، فصوت أفكاري مألوف فعلًا، وربما يدل هذا على أنني عبقري فاق الزمان وتخطى حدود المكان، و...
_ ما هذا؟ تمزحين؟
آآآخ! هذا ليس صوت أفكاري! إنها إحدى أخواتي الأكبر تسأل أختي (الضحية المعتادة) إن كانت تمزح، ويبدو أن الأخيرة قد (أفاقت) أخيرًا إلى نفسها، و(فهمت) أنه لا يوجد لدنيا هاتف، فصرخت بصوت كاد يزلزل أركان البيت:
_ الكاااااااتو!!
صاحت بها أختها ساخرة:
_ نعم نعم؟ تبحثين عن الكااااااااااتو في غرف النوم؟؟
أسرعت المسكينة إلى المطبخ، وهي تهتف بغضب:
_ كل مرة تخدعني هذه الخدعة؟ ألم تسأم منها بعد؟
أجبتها من حيث أجلس في غرفة الصالون المتسعة، إجابة مؤثرة فعلًا:
_ هاهيهاهاهاهاهاها!
صرخت محنقة:
_ لن أرد عليك!
يا للخسارة! يا للحسرة! يا للألم! إنها لن ترد عليَّ! يبدو أنني سأحزن على نفسي إلى درجة أنني لن أتغدى اليوم ولا غدًا ولا بعده!
انسحبتُ مبتعدًا بهدوء، فليس وقتي متفرغًا بأكمله لأختي، يكفيني أنني ضحيَّتُ ببعض وقتي الثمين لأجل مساعدتها، كنت أشعر ببعض التأثر لشهامتي النادرة، ومضى بعض الوقت قبل أن يرتفع رنين ما، وفوجئنا بأختي تهتف بانفعال:
_ لقد رنَّ جرس الفرن! الكاتو انتهى، انتهى، انتهاااااااا!
وأسرعت تفتح الفرن، وهي تنادينا لنتجمع ونأكل ما لم نأكله من قبل قط في حياتنا، و...
انطلقت شهقتها بعنف، فأسرعنا جميعًا إليها، لنرى أن باب الفرن مفتوح، وفي يد أختي صينية، ولكن ليس هناك كاتو، وارتفعت أسئلة إخوتي المحتارة تتوالى:
_ ماذا حصل؟
_ هل أكلتِ القالب كله خلال ثانية واحدة؟
_ ما شاء الله!
_ مغارة علي بابا جديدة!
_ بل أنتِ...
صاحت تقاطعنا غاضبة:
_ هذا هو قالب الكاتو!
أخذنا ننظر في الهواء والأرض، وفي كل مكان، وجال في خاطرنا أن أختي أصيبت ببعض الجنون، والله أعلم! ولكن، يبدو أنها لم تُصَب به بعد!
لقد أشارت إلى الصينية بأصابع مرتجفة، لنحدق بدورنا في ذهول تام... قالب كاتو ملتصق بالصينية بشكل غريب جدًا، وحجمه ضئيل إلى حد غريب، كأنما هو قطعة كاتو أو اثنتين وتم تحميصهما وخبصهما في الصينية! وبـ(امتعاض) شديد قلتُ لأختي:
_ يبدو أنكِ فاشلة في كل شيء تقومين به، ما هذا يا بنت؟
صاحت معترضة:
_ أنا؟ ألست أنت من وضع لي الملح من قبل في البوظــ...
قاطعتها ساخرًا:
_ وماذا عن الآن؟ هل وضعتُ لكِ الملح في الكاتو حتى تقلص إلى هذا الحد وانخبص مثل الخبيصة في قعر الصينية؟
لم تُحِرْ أختي أية إجابة من أي نوع كان، بل أخذت تتلقى لوم أخواتها بصمت، وظننت أنها قد (استحت) على دمها لفشلها، ولكننا فوجئنا بها تفتح الخزانة هاتفة:
_ لقد وضعتُ كل المكونات المطلوبة كما قرأتُ في الورقة التي...
واتسعت عيناها مع استطرادها:
_ ولكنْ، هناك علبة ناقصة! أنا متأكدة من ذلك، ولكن كيف؟ أنا لا أتذكر أنه...
قاطعتها بحزم:
_ هناك علبة لا أعرف ما هي، ولا ما فيها، ولا فيمَ تُستخدَم، على الطاولة في غرفة الصالون، وربما كانت...
أسرعت المسكينة إلى هناك، من دون أن تفكر في أن تصبر قليلًا حتى تسمع كل كلامي لها، والحقيقة أنني أنا نفسي لم أكن أعرف ما الذي سأقوله بعدها!
وفي هذه اللحظات مدت إحدى أخواتي يدها تمسك بقليل من الكاتو (الدولي) هذا، لتتذوقه بحذر، قبل أن تطلق صرخة قرف مدوية:
_ يااااااااااااااء!!
وعادت أختي، وفي يدها العلبة (الضائعة)، وهي تهتف في حيرة تامة:
_ متى وضعتُها هناك؟ من دونها الكاتو لا يُعطِي لنفسه حجمًا!
صاحت بها المسكينة الأخرى، تلك التي تذوقت الكاتو:
_ ما هذا يا بنت؟ صنعتِ قالب كاتو أم دواليب سيارة مشوية؟؟
وانهالت أخواتي عليها باللوم مرة أخرى، فيما انسحبت أنا بهدوء، شاعرًا بالحسرة على أختي التي لا تتعلم من أخطائها، وما تزال تصر على أنها عبقرية في أمور الطبخ والحلوى، وهي التي لا تعرف كيف تقلي حبة بطاطا، أو تقلي بيضة واحدة!
ولكن أختي لم تستسلم رغم كل الفشل المتوالي التي تمرُّ به...
لقد قررت أن تصنع الكاتو مرة أخرى، بعد مدة بسيطة!!
وكان لا بد لي من أن (أساعدها) كالمعتاد!
فإلى الحكاية القادمة إن شاء الله، ولن تقتصر فقط على (إبداعات) أختي في الكاتو، ولا على (إبداعاتي) في معاونتها في ذلك!
وتلكم حكاية أخرى!

عمر قزيحة: 11_11_2019م: الساعة: 5:02 دقيقة مساء.




تِلك العُلبة التي لم ترق لك،،، ياإلاهي، بارع أستاذ حدسك لم يُخيّبك
معذرة مع حفظ المقام وعلى سبيل الدُّعابة من المفروض أن نُلقّبك بتأبّط شرّا ^^
كم هي رائعة تلك الأيّام بشغبها الطفولي النص أمتثله أمامي وأتصوّر ضحكاتك التي تكتمها وأنت ترى الجاتو
الله يسعدك أستاذ
متابعين بحول الله

أ. عمر
16-11-2019, 03:27 AM
تِلك العُلبة التي لم ترق لك،،، ياإلاهي، بارع أستاذ حدسك لم يُخيّبك
معذرة مع حفظ المقام وعلى سبيل الدُّعابة من المفروض أن نُلقّبك بتأبّط شرّا ^^
كم هي رائعة تلك الأيّام بشغبها الطفولي النص أمتثله أمامي وأتصوّر ضحكاتك التي تكتمها وأنت ترى الجاتو
الله يسعدك أستاذ
متابعين بحول الله

حتى الآن لم أعرف ما هي هذه العلبة، مع أنها كانت محور الحدث مرتين
وبالنسبة إلى ما تسببت به لأختي نعم ربما تكون الدعابة في موضعها لكن آنذاك لم أكن أتمتع بأي نوع من الخبرة في الحياة ولا الحكمة بكل تأكيد، وإلا ما تسببت لها بهذا الأذى نهائيًا
أسعدك الله في الدارين، ومتابعتك تشرفني، وأنا متمهل في طباعة الحلقات الأخيرة، لعل وعسى تجد وقتًا كافيًا ومريحًا لك إن أحببتَ متابعة كل ما فات قبل...
بارك الله بك ولك دومًا.