أ. عمر
16-1-2025, 11:39 PM
الشمعة المحتضرة!
في صفحات بعيدة، في ثنايا الذاكرة المحطمة كمرآة بلا أنثى...
هنالك، العين المطفأة تتذكر أضواء شاحبة لشمعة تلفظ آخر الأنفاس...
لكنْ، كيف للضعيف المتهالك الذي يحاول عبثًا الفرار من التابوت أن يرسلك إليه؟!
كانت صغيرتي تحدق في شمعتها المحتضرة، وهي تغنِّي أغنية الحبِّ والحياة...
كانت طفلتي تزهو في ألقها وبريقها، تنظر إلى شمعتها كأنما تنظر إلى روحها المنعكسة في مرآة من العسل الصافي!
وإذ بالسِّحر السَّاحر ينقلب كابوسًا، وإذ بالقلب يشتعل نيرانًا كاوية!
أين طفلتي؟ كانت منذ قليل ترقص أمام الشمعة بفستانها الأحمر...
والآن ترقص وقد باتت في لون فستانها، كتلة نيرانية مرعبة!
لكن ما لم تستوعبه الأذهان، كيف ترقص وهي تصرخ من الرعب؟
كانت صغيرتي سعيدة جدًا، كانت فَرِحة فعلًا، وفي كلمة واحدة كانت ساحرة صغيرة!
خطفَت فؤادي في شقاوتها وحركاتها، في ابتساماتها ودموعها...
فهل تبقَّى لي من الفؤاد شيئًا، وصغيرتي قد رحلت؟
الشمعة تحتضر، وطفلة قلبي نابضة بالحياة، وإذ بكِ يا ضياء عيني جثة بلا روح!
وما تزال الشمعة تحتضر!!
لكنها إليَّ تنظر في عطف، وبأخواتها توصيني!
أيتها الشمعة الحمقاء، أنسيتِ أيام الدم والنار؟
وإذ بها تهمس في ألم حشرجة الصدور تقول: إنني أحبُّك!
قد قتلْتُ طفلتَك لأنِّي أحبُّك! أفلا تقدِّر لي هذا المعروف؟
أنا شمعتُك، أنا روحُك، أما طفلتُك فما هي إلا وهم وسراب!
انظر إلى كلِّ مكان، وابحث في كلِّ زمان، فلن تجد لها اسمًا!
فما هي إلا وهم رسمه لك قلبُكَ رسمًا!
أنا هي حياتُك، أنا هي روحُك، افهم كلماتي تفهم حياتك كلها!
شمعتي المحتضرة تتكلم، وقلبي يحيا في تناقض منطقي، وتجانس متفكك!
أهي صادقة؟ قلبي يقول إن طفلتي كانت هنا في رحم شمعتي منذ لحظات، وهي من قتلتها بلا رحمة...
أما عيني، فتنظر حائرة في مسارب الزمان ولا محدودية المكان، عن صغيرتي تبحث، ولا تجد لها وجودًا، ولا حتى طيفًا عابرًا في همسات ثواني الأيام...
وإذ بالقلب ينتفض حيرة وقلقًا، وإذ به يغضب، وإذ به يرسل نبضات نارية تزهق الأنفاس حالًا وتوًا...
وبينما تزول هذه الأنفاس في سرعة البرق، أدركت الأذهان الحقيقة المخفيَّة...
إن طفلتي هنا، وإن شمعتي صادقة في مزاعمها كل الصدق!
وها هي الشمعة المحتضرة تعود من الموت وتستعد لدورة حياة جديدة...
أأحبُّها؟ وإذًا سأمنحها فرصة الحياة، وربما تحرق طفلات بريئات من جديد...
أو أني أكرهها؟ هذا آخر نفس عندي، أفأرسله إليها لنموت معًا في آن واحد، ونلحق بطفلتنا محبوبة قلبنا؟
سؤال واضح، لم تجد له القلوب الحائرة في كياني أدنى إجابة!
د. عمر قزيحه
طرابلس/لبنان
16-1-2025
الساعة: 10:37 دقيقة مساء
في صفحات بعيدة، في ثنايا الذاكرة المحطمة كمرآة بلا أنثى...
هنالك، العين المطفأة تتذكر أضواء شاحبة لشمعة تلفظ آخر الأنفاس...
لكنْ، كيف للضعيف المتهالك الذي يحاول عبثًا الفرار من التابوت أن يرسلك إليه؟!
كانت صغيرتي تحدق في شمعتها المحتضرة، وهي تغنِّي أغنية الحبِّ والحياة...
كانت طفلتي تزهو في ألقها وبريقها، تنظر إلى شمعتها كأنما تنظر إلى روحها المنعكسة في مرآة من العسل الصافي!
وإذ بالسِّحر السَّاحر ينقلب كابوسًا، وإذ بالقلب يشتعل نيرانًا كاوية!
أين طفلتي؟ كانت منذ قليل ترقص أمام الشمعة بفستانها الأحمر...
والآن ترقص وقد باتت في لون فستانها، كتلة نيرانية مرعبة!
لكن ما لم تستوعبه الأذهان، كيف ترقص وهي تصرخ من الرعب؟
كانت صغيرتي سعيدة جدًا، كانت فَرِحة فعلًا، وفي كلمة واحدة كانت ساحرة صغيرة!
خطفَت فؤادي في شقاوتها وحركاتها، في ابتساماتها ودموعها...
فهل تبقَّى لي من الفؤاد شيئًا، وصغيرتي قد رحلت؟
الشمعة تحتضر، وطفلة قلبي نابضة بالحياة، وإذ بكِ يا ضياء عيني جثة بلا روح!
وما تزال الشمعة تحتضر!!
لكنها إليَّ تنظر في عطف، وبأخواتها توصيني!
أيتها الشمعة الحمقاء، أنسيتِ أيام الدم والنار؟
وإذ بها تهمس في ألم حشرجة الصدور تقول: إنني أحبُّك!
قد قتلْتُ طفلتَك لأنِّي أحبُّك! أفلا تقدِّر لي هذا المعروف؟
أنا شمعتُك، أنا روحُك، أما طفلتُك فما هي إلا وهم وسراب!
انظر إلى كلِّ مكان، وابحث في كلِّ زمان، فلن تجد لها اسمًا!
فما هي إلا وهم رسمه لك قلبُكَ رسمًا!
أنا هي حياتُك، أنا هي روحُك، افهم كلماتي تفهم حياتك كلها!
شمعتي المحتضرة تتكلم، وقلبي يحيا في تناقض منطقي، وتجانس متفكك!
أهي صادقة؟ قلبي يقول إن طفلتي كانت هنا في رحم شمعتي منذ لحظات، وهي من قتلتها بلا رحمة...
أما عيني، فتنظر حائرة في مسارب الزمان ولا محدودية المكان، عن صغيرتي تبحث، ولا تجد لها وجودًا، ولا حتى طيفًا عابرًا في همسات ثواني الأيام...
وإذ بالقلب ينتفض حيرة وقلقًا، وإذ به يغضب، وإذ به يرسل نبضات نارية تزهق الأنفاس حالًا وتوًا...
وبينما تزول هذه الأنفاس في سرعة البرق، أدركت الأذهان الحقيقة المخفيَّة...
إن طفلتي هنا، وإن شمعتي صادقة في مزاعمها كل الصدق!
وها هي الشمعة المحتضرة تعود من الموت وتستعد لدورة حياة جديدة...
أأحبُّها؟ وإذًا سأمنحها فرصة الحياة، وربما تحرق طفلات بريئات من جديد...
أو أني أكرهها؟ هذا آخر نفس عندي، أفأرسله إليها لنموت معًا في آن واحد، ونلحق بطفلتنا محبوبة قلبنا؟
سؤال واضح، لم تجد له القلوب الحائرة في كياني أدنى إجابة!
د. عمر قزيحه
طرابلس/لبنان
16-1-2025
الساعة: 10:37 دقيقة مساء