المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ومضة من نور بارد! (د. عمر قزيحه)



أ. عمر
16-2-2025, 08:00 PM
ومضة من نور بارد!

في أعماق الليل الساكن، هنالك تصمت الأصوات وتخبو الأضواء، هناك في ركن مهمل من الذاكرة، توجد شمعة وحيدة تحتضر. ضوءها الخافت يتراقص كأنفاس أخيرة تتشبث بالبقاء، محاولًا قطع الطريق على الظلام المتربص. تتسلل خيوط الضوء الشاحبة لتلامس جدران الغرفة، تصنع من الزوايا مهربًا للذكريات الهاربة.
بين ظلال الليل الداكنة، جلست فتاة صغيرة تراقب الشمعة بعينين مليئتين بالحيرة. كانت ترتدي قلبًا حزينًا يبعث اليأس في ظلام الغرفة، وكان شعرها يتمايل مع كل نفس تلتقطه. كانت تغني بلحن حزين، تجسد في نبراتها كل حكايات الحب والألم التي اختبرتها روحها الصغيرة. بينما كانت الكلمات تتناثر في الهواء، تتراقص على إيقاع الشمعة المتلاشية.
في تلك اللحظة، تداخلت في ذاكرتها أحداث الزمان، حتى لم تعد تميز زوايا المكان، وتحولت تلك اللحظات إلى رحلة في فضاء الذاكرة. صرخت الطفلة بصوت مبحوح، كأنها تهمس لنفسها: "أين ذهبت الألوان؟ لماذا تتحول الحياة لوحة باهتة مثل حياتي البائسة؟" كانت تبحث عن إجابات في عيون الشمعة المرهقة، وكأنها تبحث عن روحها التائهة في غياهب الزمن، حينما وقفت ذلك الموقف الحزين، موقف أبوين يتصايحان، كل منهما يتهم الآخر بقلة المسؤولية وانعدام الوعي والإدراك، ثم ينفصلان بلا رجوع، والطفلة باتت حائرة سجينة عند جدتها، لا أمها عنها تسأل، ولا أبوها يذكر وجودها.
بينما كانت الطفلة تسعى لفهم ما يجري، كانت الشمعة تحاول سرد قصتها بصمت. في لهيبها الراقص، كان هناك حكايات ماضٍ مضى وحاضر يتلاشى، وكانت تلك الحكايات تروي لها قصص الأحلام التي لم تتحقق والآمال التي تحطمت. لكن، على الرغم من ذلك، لم تفقد الطفلة بريق الأمل في عينيها.
وفي لحظة مؤلمة، تنفست الشمعة أنفاسها الأخيرة، وأغلقت عينيها على عالم قد مضى. اختفى الضوء، وحلَّ الظلام مكانه، تاركًا الطفلة وحيدة في عتمة الليل. لم تعد ترى شيئًا، لكن كان قلبها ينبض بالحنين والذكريات، تبحث عن نور جديد يشق طريقه في الظلام.
في تلك العتمة، بدأت الطفلة تروي قصتها، تكتب بأصابعها الرقيقة على صفحة من ضوء متلاشٍ. كانت الكلمات تتدفق مثل نهر صغير يبحث عن مصبٍّ، تحمل في طياتها حكايات الحب والألم، الأمل واليأس. كانت تعلم أن الحياة ليست سوى سلسلة من اللحظات المتشابكة، وأن كل لحظة تحمل في طياتها بذرة أمل جديد.
بينما كانت الطفلة تغوص في أعماق ذكرياتها، تذكرت وجهًا عزيزًا اختفى منذ زمن بعيد. كان هناك شخص ما في حياتها، شخص كان يجعل الأيام تضيء حتى في أحلك اللحظات. لكن ذلك الوجه، مثل الشمعة، تلاشى مع مرور الزمن. كلما تذكرت ملامحه، شعرت بوخزة في قلبها، كأنها تلمس جرحًا قديمًا لم يلتئم، لكن أهو وجه أبيها القوي الحازم؟ أو أنه وجه أمها الحاني؟ لا تدرك ذلك، فما هذا الوجه سوى طيف يتألق لحظات ويتلاشى بلا رجوع...
بينما كانت تروي قصتها، أدركت الطفلة أن الحياة ليست فقط النهايات، بل هي البدايات الجديدة التي تأتي بعد كل نهاية. كانت الشمعة قد رحلت، لكن نورها ظل محفورًا في ذاكرتها، يضيء طريقها نحو المستقبل. أدركت أن الحياة تمنحنا الفرصة لنبدأ من جديد، لنكتب قصصًا جديدة ونعيش أحلامًا جديدة.
في نهاية تلك الليلة، كانت الطفلة قد نمت برعمًا من الأمل في قلبها. وعلى الرغم من الظلام الذي يحيط بها، كانت تعرف أن هناك نورًا ينتظرها في مكان ما. كانت تعلم أن الحياة رحلة مليئة بالاختبارات، وأن كل لحظة تحمل في طياتها درسًا يمكن أن نتعلمه. وبينما كانت تتهيأ للنوم، ابتسمت لنفسها، متيقنة بأن الشمعة التي رحلت قد أضاءت طريقها إلى فجر جديد.
في ذلك الفجر، ستنهض الطفلة بشجاعة، وستواصل رحلتها بين صفحات الحياة. ستكتب قصصها الخاصة، وتعيش أحلامها بكل قوة وإصرار. وبينما تتقدم في مسيرتها، ستبقى دائمًا تتذكر تلك الليلة، وتلك الشمعة، وتلك الذكريات التي منحتها القوة لمواجهة كل ما هو آت، بيد أن السؤال يطرح نفسه في ثنايا القلب وخفايا الوجدان، هل يكفي الأمل لطفلة منعزلة وحيدة لتنهض بروحها المحطمة من جديد؟ أو أن خناجر الأيام ستكون أشد وأقسى منها؟ ومن تنتصر منهما في معركة الجروح بلا هوادة؟
وعجزت العقول، ثم القلوب، عن الإجابة!

د. عمر قزيحه
16-2-2025
الساعة: 6:59 مساء

Jomoon
17-2-2025, 03:06 PM
السلامـ عليكمـ ورحمة الله وبركاته~

مؤلم تركوها وحيدة!،
وكأنهم ليسوا مسئولين عنها!!،
سبحان الله،
هناك أحاديث تشيب لها الرأس!،
وعجبًا كثيرًا في خلق الله،
يارب لا تزغ قلوبنا ولا أبصارنا عن هداك وارحمنا برحماتك،
الحمدلله على نعمه والحمدلله الذي عافانا!،

اللهم اهدي ضال المسلمين وفرج كرب المكروبين،
واغثنا يارب العالمين،

بوركت يارب
دام قلمك نابضًا،
استمر،
في حفظ المولى،،
~

أ. عمر
19-2-2025, 06:18 PM
السلامـ عليكمـ ورحمة الله وبركاته~

مؤلم تركوها وحيدة!،
وكأنهم ليسوا مسئولين عنها!!،
سبحان الله،
هناك أحاديث تشيب لها الرأس!،
وعجبًا كثيرًا في خلق الله،
يارب لا تزغ قلوبنا ولا أبصارنا عن هداك وارحمنا برحماتك،
الحمدلله على نعمه والحمدلله الذي عافانا!،

اللهم اهدي ضال المسلمين وفرج كرب المكروبين،
واغثنا يارب العالمين،

بوركت يارب
دام قلمك نابضًا،
استمر،
في حفظ المولى،،
~


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
كثيرة هي هذه الحالات، ومن يدفع الثمن سوى الأولاد المساكين؟
ربما بعضهم يصمد ويتحدى نفسه وآلامه، لكن بعضهم لن يستطيع ذلك، والله المستعان دومًا