المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عبدالرحمن الغافقي و بلاط الشهداء



ThA CaLiPh
29-2-2008, 11:30 AM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


اخواني الأعزاء من هو الذي دخل إلى عمق فرنسا أو بلاد الفرنجة كما كانت تسمى و كانت عينيه على باريس في شمال فرنسا ستقولون لي عنبسة فأقول لكم لا فعنبسة لم يرد فت باريس رغم انه لم يبقى على باريس إلا 30 كم نعم 30 كم و لكنه عاد أدراجه ستقولون لي السمح فأقول لكم لا فالسمح أصلا لم يصل لما وصل إليه عنبسة إذا هو عبد الرحمن الغافقي نعم هو ذلك القائد المجاهد الفذ.


بعد استشهاد عَنْبَسَةُ بْن ُسُحَيْم رحمه الله (والي الأندلس) بدأت الأمور في التغيّر؛ فقد
تولّى حكم الأندلس من بعده مجموعة من الولاة على غير عادة السابقين، كان آخرهم رجل يدعى الهيثم الكلابي، وكان عربيًا متعصبًا لقومه وقبيلته.


ومن هنا بدأت الخلافات تدبُّ بين المسلمين، فالمسلمون العرب من جهة والمسلمون البربر من جهة أخرى، خلافات بحسب العرق وبحسب العنصر، وهو أمر لم يحدث في تاريخ المسلمين منذ فتح المسلمون هذه المناطق حتى هذه اللحظة.


لم تمرّ خلافات العصبيات هذه مرور الكرام، وإنما دارت معارك ومشاحنات بين المسلمين العرب وبين المسلمين البربر، حتى منّ الله على المسلمين بمن قضى عليها ووحّد الصفوف من جديد، و بدأ يبثّ في الناس روح الإسلام الأولى التي جمعت بين البربر وبين العرب، والتي لم تفرّق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى، ذلك هو عَبْدُ الرّحْمَن الغَافِقِيُّ رحمه الله.


عَبْدُ الرَّحْمَن الغَافِقِيّ:


هو عبد الرحمن بن عبد الله بن بشر بن الصارم الغافقي العكي، ينتسب إلى قبيلة (غافق) وهي فرع من قبيلة (عك) باليمن، ويكنى أبو سعيد، أمير الأندلس، من كبار القادة الغزاة الشجعان، وهو أحد التابعين رحمه الله..


مولده:


ربما يكون ولد في اليمن ورحل إلى إفريقية. ثم وفد على سليمان بن عبد الملك الأموي، في دمشق. وعاد الى المغرب، فاتصل بموسى بن نصير وولده عبد العزيز، أيام إقامتهما في الأندلس، وولي قيادة الشاطئ الشرقي من الأندلس...



فكر الغافقي العسكري:


يتميز القائد عبد الرحمن الغافقي من الناحية العسكرية بالحسم، وهو مبدأ في غاية الأهمية، ويحتاج إليه القائد حتى لا تتشتت الأمور ويبعد الهدف في ظل التراخي عن اتخاذ القرار وتأخير ذلك عن وقته..
أيضا تميز أسلوبه العسكري النابع من فكره الصائب بالتوازن بين ما يملك من قوى وما يريد من أهداف، إضافة إلى اعتماد مبدا الإعداد قبل التلاقي أي إعداد الجنود والشعب كله قبل المعركة إعدادً قويًا من كافة النواحي، والتأكد من توافر كل أنواع القوة، بداية من قوة الإيمان بالله، مرورًا بقوة التماسك والأخوة بين أفراد الجيش جميعًا، بل وأفراد الشعب، وانتهاءًا بقوة الساعد والسلاح، وهي القوة المادية وعدم الاستهانة أو التقليل من شأن أي نوع من أنواع هذه القوى، فإن أي قصور في أي نوع منها كفيل بجلب الهزيمة على الجيش كله...


الأخلاقيات:


كان التابعي الجليل والقائد العظيم عبد الرحمن الغافقي، من أحسن الناس خلقًا، وكانت إنسانيته هذه تنبع من تربيته الإسلامية الصحيحة على يد صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، فلا عجب إذن إذا رأينا منه حسن السيرة في أخلاقه مع رعيته، لاعجب إذا رأينا العدل والورع والصبر على الرعية وإسداء المعروف للناس دون انتظار أي مقابل فهو ليس بحاجة إلى أحد من الناس فهو أمير وقائد ويمتلك مقومات كثيرة غير أنه ينتظر الأجر من الله سبحانه وتعالى...


قالوا عن عبد الرحمن الغافقي:


قال عنه ابن الأثير المؤرخ:
اشتهر عبد الرحمن الغافقي بورعه وتقواه وصلاحه وإيمانه القوي...


وقال عنه الذهبي في تاريخ الإسلام:
عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي أمير الأندلس وعاملها لهشام بن عبد الملك. روى عن ابن عمر. وعنه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، وعبد الله بن عياض.


وذكره عبد الواحد المراكشي فيمن دخل الأندلس من التابعين قال:
ومنهم عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي يروي عن عبد الله بن عمر بن الخطاب.


وقال عنه الحميدي في كتابه "جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس":


وعبد الرحمن الغافقي هذا من التابعين يروى عن عبد الله، عمر بن عبد العزيز، وعبد الله بن عياض، استشهد في قتال الروم بالأندلس سنة خمس عشرة ومائة، ذكر ذلك غير واحد، وكان رجلاً صالحاً جميل السيرة في ولايته، كثير الغزو للروم، عدل القسمة في الغنائم، وله في ذلك خبر مشهور؛ أخبرنا به في الإجازة لفظاً وكتابة أبو القاسم عبد الرحمن بن المظفر بالقسطاط بسنده قال: غزا عبد الرحمن يعنى ابن عبد الله العكى إفرنجه، وهم أقاصي عدو الأندلس، فغنم غنائم كثيرة، وظفر بهم، وكان فيما أصاب رجل من ذهب مفصصة بالدر والياقوت والزبرجد، فأمر بها فكسرت، ثم أخرج الخمس وقسم سائر ذلك في المسلمين الذين كانوا معه، فبلغ ذلك عبيدة يعنى بن عبد الرحمن القيسي الذي هو من قبله فغضب غضباً شديداً، وكتب إليه كتاباً يتواعده فيه، فكتب إليه عبد الرحمن: إن السموات والأرض لو كانتا رتقاً لجعل الرحمن للمتقين منها مخرجًا.


بعد أن وحّد عبد الرحمن الغافقي المسلمين وتيقن أن قوة الإيمان قد اكتملت، توجّه بهم ناحية فرنسا ليستكمل الفتح من جديد، ودخل مناطق لم يدخلها السابقون، فوصل إلى أقصى غرب فرنسا، وأخذ يفتح المدينة تلو المدينة، ففتح مدينة "آرل" ثم مدينة "بودو" (وهي موجودة الآن) ثم مدينة "طلوشة" ثم مدينة "تور" ثم وصل إلى "بواتيه"، وهي المدينة التي تسبق باريس مباشرة، والفارق بينها وبين باريس حوالي مائة كيلو متر تقريبًا إلى الغرب منها، وبينها وبين "قُرْطُبَة" حوالي ألف كيلو متر، أي أنه توغّل كثيرًا جدًا في بلاد فرنسا في اتجاه الشمال الغربي.


وفي مدينة "بواتيه" عسكر عبد الرحمن الغافقي في منطقة تسمى البلاط (البلاط في اللغه الأندلسية تعني القصر)، عند قصر قديم مهجور كان بها، ثم بدأ في تنظيم جيشه لملاقاة جيش النصارى، وكان عدد جيشه يصل إلى خمسين ألف مقاتل؛ ولذا تُعدّ حملة عَبْدُ الرّحْمَن الغَافِقِيُّ هي أكبر حملة تدخل إلى بلاد فرنسا.

ThA CaLiPh
29-2-2008, 11:39 AM
الكثرة والغنيمة من عوامل الهزيمة:


رغم ضخامة حملة عَبْدُ الرّحْمَن الغَافِقِيُّ تلك إلا إنه كانت هناك مشكلة كبيرة تكاد تفتك بها، وهي أن هذه الحملة كانت قد فتحت مدنًا كثيرة حتى وصلت إلى بواتيه، ومن ثم فقد جمعت من الغنائم الكثير الذي زاد وثقل في أيدي المجاهدين، وهنا بدأ المجاهدون ينظرون إلى هذه الغنائم ويُفتنون بهذه الأموال الضخمة التي حصّلوها.


ونتيجة هذا فقد اشتهر بين الناس فكرة العودة إلى بلاد الأندلس لحفظ هذه الغنائم هناك حتى لا يحصل عليها الفرنسيون، لكن عَبْد الرّحْمَن الغَافِقِيّ رحمه الله جمع الناس وقال مخاطبا إياهم: ما جئنا من أجل هذه الغنائم، وما جئنا إلا لتعليم هؤلاء الناس هذا الدين، ولتعبيد العباد لرب العباد سبحانه وتعالى، وأخذ يحفزّهم على الجهاد والموت في سبيل الله، ثم انطلق بالجيش إلى "بواتيه" رغمًا عن أنف الجنود.

عندما وصل عَبْدُ الرّحْمَن الغَافِقِيُّ بالجيش إلى "بواتيه" ظهرت ثمة أمور أخرى جديدة؛ فقد تجددت العصبيات التي كانت قد اندحرت في بلاد الأندلس بين العرب والبربر من جديد؛ وذلك بسبب كثرة الغنائم، فقد اختلفوا في توزيعها رغم أنه أمر معروف ومتفق عليه، أخذ كلّ ينظر إلى ما بيد الآخر، وكلّ يريد الأكثر، يقول العرب أنهم أحق لأفضليتهم، ويقول البربر نحن الذين فتحنا البلاد، ونسي الجميع أن الفاتحين الأوائل ما فرقوا أبدًا بين عرب وبربر، بل ما فرّقوا بينهم وبين من دخل الإسلام من الأندلسيين بعد ذلك، وإضافة إلى العصبية وحب الغنائم والحرص عليها فقد اجتمع إلى جوارهما الزهو والاغترار بالكثرة والعدد الضخم، فخمسون ألفًا من المجاهدين عدد لم يسبق في تاريخ الأندلس، فأخذتهم العزة، وظنوا أنهم لن يغلبوا بسبب كثرتهم هذه، ومن بعيد تلوح في الأفق حُنينًا جديدة قال الله تعالى:[وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ] {التوبة:25} فالمسلمون لم ينتصروا أبدًا بعددهم ولا عتادهم، وإنما كانوا ينتصرون بطاعتهم لله ومعصية عدوهم له سبحانه وتعالى، وللأسف الشديد فرغم وجود هذا القائد الرباني التقيّ الورِع عَبْدُ الرّحْمَن الغَافِقِيُّ إلا أن عوامل الهزيمة داخل الجيش الإسلامي كانت أقوى منه.


يقول الدكتور/ عبد الحليم عويس في كتابه دراسة لسقوط ثلاثين دولة إسلامية القسم الأول: تحت عنوان من قصص سقوطنا في أوروبا.
آخر خطواتنا في أوربا
قصة " الغنيمة " في تاريخنا غريبة، والدرس الذي تلقيه علينا - كذلك - أغرب!!
لقد بدأت أولى هزائمنا بسبب الغنيمة، ولقد وقفنا مرغمين - عند آخر مدى وصلت إليه فتوحاتنا، بسبب الغنيمة - كذلك!!
فقصة الغنيمة.. هي قصة الهزيمة في تاريخنا.
كان قائد المعركة الأولى هو الرسول عليه الصلاة والسلام.. وخالف الرماة أمره، وخافوا من أن تضيع فرصتهم في الغنيمة.. فكانت " أحد " وشهد الجبل العظيم استشهاد سبعين رجلا من خيرة المسلمين.. بسبب الغنيمة.. نعم بسبب الغنيمة!!
وكان قائد المعركة الأخيرة " عبدالرحمن الغافقي " آخر مسلم قاد جيشا إسلاميا منظما لاجتياز جبال البرانس، ولفتح فرنس، وللتوغل - بعد ذلك - في قلب أوروبا.
وهزم الغافقي.. سقط شهيدا في ساحة " بلاط الشهداء " إحدى معارك التاريخ الخالدة الفاصلة.. وتداعت أحلام المسلمين في فتح أوربا، وطووا صفحتهم في هذا الطريق.. وكان ذلك لنفس السبب الذي استفتحنا به دروس الهزيمة.. أعني بسبب الغنيمة.


ومنذ تم الاستقرار في المغرب العربي، وإسبانيا الإسلامية، وهم يطمحون إلى اجتياز جبال البرانس وفتح ما وراءه، هكذا أراد " موسى بن نصير " لكن الخليفة الوليد بن عبد الملك " خشي أن يغامر بالمسلمين في طريق مجهولة ثم فكر على نحو جدي " السمح بن مالك الخولاني " والي الأندلس ما بين عامي ( 100 - 102 هجرية )، وتقدم فاستولى على ولاية ( سبتماية ) إحدى المناطق الساحلية المطلة على البحر الأبيض المتوسط جنوب فرنس، وعبر - بذلك - " السمح " جبال البرانس، وتقدم فنزل في أرض فرنسا منعطفا نحو الغرب حيث مجرى نهر الجارون، مستوليا في طريقه على ما يقابله من البلدان، حتى وصل إلى - تولوز - في جنوب فرنسا - لكن لم يستطع أن يستقر فيه، وقتل السمح، وتراجعت فلول جيشه تحت قيادة أحد قواده ( عبد الرحمن الغافقي ) فكأن السمح لم ينجح إلا في الاستيلاء على سبتماية.

اخواني هذه كانت مجرد لمحة بسيطة عن حياة عبد الرحمن الغافقي و معركة بلاط الشهداء و لكنال كلام عن بلاط الشهداء يطول لذلك سأدعه في موضوع آخر