المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : غرناطة أخرى أنتِ يا غزة العز



محـارب
31-12-2008, 10:10 PM
وَ صِرْنَا غِرْنَاطَةً كَبِيرَةً

أصنام .. أزلام .. أقزام .. لئام ..

هكذا كانوا في غرناطةَ الصغيرة , أبو عبد الله الصغير , و الوزيران الخائنان , يتفنّنون في خَلْقِ الخيانات , و يتلذذون بذلك أيما تلذذ , لا دينَ يردعهم , و لا مروءةً و لا نخوة , بل حتى الأنفة و الشهامة التي يتغنى بها الجاهليّ و هو يُقارفُ الكبائر , و ينادِمُ الشركَ بكلِّ صوَره و ألوانه , غدتْ كومةً من الخيالات و الهرطقات , و ضرباً من ضروبِ المستحيلات الممتنعات , إذ هي قد ذبلت و ذوت , بعد أن كانتْ أُملوداً ناعماً , مُشرباً بالحياةِ , مُتْرعاً بماءِ الكرامة .
و في خضمّ تلكَ الخيانات المتعاقبة مِن قِبل أولئك الأرجاس الثلاثة , وُلِدتْ حالاتٌ من الكرامةِ , قدّمت في سبيل أمتها كلّ ما تملك , خرجتْ بنفسها , و بذلتِ الغالي و النفيس , لتذود عن أمةٍ هزيلةٍ ضعيفةٍ موبوءةٍ بالهوان .

يقول أبو سليمان :

فاجتمع أبو عبدالله الصغير في قصر الحمراء , مع كبار رجالات غرناطة , من العلماء و الوجهاء و التجّار و القادة , فاستشارهم في الأمر , و الكل يبصبص في صاحبه عسى أن يتكلم , فأطرقَ القوم , و العدوّ على أسوار المدينة , ينتظر قرار الوزراء و الوجهاء , خصوصاً مع حلول الشتاء القارس , فالبقاء خارج الأسوار مع ثلوج غرناطةَ شيءٌ لا يُطاق بالنسبةِ لقومٍ ترعرعوا مع الترف و الإخلاد .

قال أبو سليمان :

و بينما الوجهاء و الوزراء سادرون في خيانتهم , يُشجّعُ بعضُهُم بعضاً على الخيانةِ و الاستسلام , إذا بوقعِ أقدامٍ يشقّ صمتَ المكان , زاغَ من أبي عبدالله الصغير عيناه , و كأنه أحسّ بخطَرٍ يقترب , يريد أن يُفشلَ مشروع الخيانةِ العظمى , و ما إن اقترب الصوتُ حتى تنحنح صاحبُه , فالتفتَ القومُ فإذا هو رجلٌ عظيمُ البنيةِ , شاكي السلاح , متسربلٌ بالحديد , فتفرّسَ القوم في وجهه فإذا هو قائد الجيش موسى بن أبي غسّان , فرحّبَ به الجميع , و لمَ لا يرحبون به ؟ و هو الضرغام الذي فلّ جموع النصارى في غير ما معركة , بيْد أن أبا عبد الله الصغير بدا ممتعضَ الوجه لمرآه , و كأنه يعرفُ موسى جيّداً , بل إنه يعرفه جيّدا ..
حينها صَرَخَ أبو عبد الله قائلاً : [ الله أكبر لا إله إلا الله محمد رسول الله ، و لا رادّ لقضاء الله ، تالله لقد كتب لي أن أكون شقياً ، وأن يذهب الملك على يديّ ] .

الله أكبر ..
الآن عرفتَ العقيدةَ أيها الخائن ؟!!
الآن آمنتَ بالله !!؟
و ما تقول في أمةٍ قدمتَ لها الخيانةَ في أبشعِ صورها !؟!
غير أن هناك رأيٌ آخر , يعرفُ من أينَ تؤتى العزّة , و من أين يُصعدُ إلى جوزاء الفخْر ..

قال أبو سليمان :

فما كان من الرئبال الغضنفر موسى إلا أن قال بصوتٍ غاضبٍ أجشٍّ جهوَريّ , و كلّهُ روحٌ تُقارعُ السماء , و تناطحُ النجوم :
[ اتركوا العويل للنساء والأطفال ، فنحن رجال لنا قلوب لم تخلق لإرسال الدمع ، ولكن لتقطر الدماء ، وإني لأرى روح الشعب قد خبت حتى ليستحيل علينا أن ننقذ غرناطة ، وسوف تحتضن أمنا الغبراء أبناءها أحراراً من أغلال الفاتح و عسفه ، ولئن لم يظفر أحدنا بقبر يستر رفاته فإنه لن يعدم سماء تغطيه ، وحاشا لله أن يقال إن أشراف غرناطة خافوا أن يموتوا دفاعا ًعنها , لا تخدعوا أنفسكم ، ولا تظنوا أن النصارى سيوفون بعهدهم ، ولا تركنوا إلى شهامة ملكهم ، إن الموت أقل ما نخشى ، فأمامنا نهب مدننا وتدميرها ، وتدنيس مساجدها ، وتخريب بيوتنا ، وهتك نسائنا وبناتنا ، وأمامنا الجور الفاحش ، والتعصب الوحشي ، والسياط والأغلال ، وأمامنا السجون و الأنطاق والمحارق ، هذا ما سوف نعاني من مصائب الموت الشريف ، أما أنا فوالله لن أراه , و ليعلم ملك النصارى أن العربي قد ولد للجواد والرمح ، فإذا طمح إلى سيوفنا فليكسبها ، وليكسبها غالية ، أما أنا فخير لي قبر تحت أنقاض غرناطة في المكان الذي أموت فيه مدافعاً عنه ، من أفخر قصور نغنمها بالخضوع لأعداء الدين ] .

الله أكبر !!
لله بطنٌ حواكَ أيها الشهمُ الغطارف !!

يقول أبو سليمان :

ثم إن القائد موسى شقّ بهوَ الأسود عابساً مغضباً , يثورُ حنقاً و غيظاً , ثم اتجه إلى بيته في حيّ البيازين أحد أرقى أحياء غرناطة , و أعدّ نفسَه للقتال , لكن هذه المرة بدون جيشٍ إنما لوحده , فقد جُرّد الجيش كلُّه من السلاح , و صودرت كلُّ قطعةِ سلاح بالقوّة و القهر , إرضاءً للصليب و من يمشي خلف رايته , ودّع موسى زوجته , و قبّل ابنته الصغيرة , التي أخذتْ في البكاء و العويل , و أبوها يحكي لها فضل الصبر و الشهادة , و أنها أول من سيشفع لها يوم العرض الأكبر , أما الزوجةُ فانسحبتْ بخفيةٍ و دخلت في نوْبةٍ شديدةٍ من البكاء .
و عندمّا همّ القائد بالخروج , علا صوتُ عائشةَ الصغيرة بالبكاء , فالتفت إليها , و قد غالبَ دمعته و هو متوشّحٌ بالحديد قائلا : إنها الكرامةُ يا بُنيّة تأبى عليَّ القعود , نلتقي هناك في الفردوس الأعلى بإذن الله .
ثم أغلق الباب , و اعتلا جوادهُ المطّهم , و مضى يشقّ شوارع غرناطة , يتأمّلُ كلّ شيءٍ فيها , يتأمل البيوت التي خلدتْ إلى نومٍ عميق , و الثلوج التي تكسو المكان , و منارةَ الجامع الكبير , الذي لطالما صلى الفجرَ فيه مع وجهاء غرناطة , و ما أكثر ما تخلف الملك و الوزيران , أما إمام الجامع الذي يُدعى عالم غرناطة زوراً و إفكاً , فقد ارتضى بالفتات الذي يرميه الملك للكلاب , فصارَ الخائن الأكبر , و عليه التبعةُ الكبرى ..
كان كلُّ شيءٍ في غرناطةَ يطالبُ موسى بالتعقّلِ و الرجوع , لا شيء سيجدي , واحد في مقابلِ ثمانين ألفاً .. ماذا سيصنع ؟!!!
الصغيرُ يناديه , و الوزيران الخائنان يلوحان في مخيّلته يطلبانه بالرجوع و تحكيم العقل , العالمُ المزوَِّر يدبّجُ له الفتاوى , مرصعةً بالآيات و الأحاديث , حتى زوجته و ابنته الأبيّة يتعالى صراخهما..
كذلك شجرُ الرمّان , بل و حيّ البيّازين برمّته يناديه , و خيله يمشي بطيئاً وئيدا , و كأنه تكاسل هو الآخر , يودّ الرجوع و الاستمتاع بالدفء , و لا مانع من الذلّ بعد ذلك , هنا أدرك القائد موسى أن للشيطان صولةٌ تُغلبُ بالعزيمة ..فالتفت بفرسه إلى غرناطة و قال و الحزنُ يلفُّ دثاره عليه : وداعاً أيتها الدرّة السليبة ..
ثم ثنى عنان فرسه و انطلق مُسرعاً يمخر صمتَ الليل , و الثلجُ يتساقط , و كأنها دموعُ السماء تودّعُ غرناطة و داعاً .. ربما لا لقاء بعده , انطلق قاصداً فلول النصارى , فهو قائدُ المعركة المُطاع , و هو الجندي المطيع , و هو حاملُ الرايةِ المُستهدف , و هو الميمنة و الميسرة و القلب و المقدمة و الساقة , إنهُ سيغدو معركةً في رجل .

يقول أبو سليمان :

فلما اقتربَ من معسكرِ النصارى , استوقفته كتيبةٌ نصرانية , تستطلعُ المكان , فطلبوا منه التوقف , فانقضّ عليهم , و جالدهم جلادَ المتعطشينَ للدّم القاني , حتى فنيَ سيفه , ثم أثقلته الجراح بعد أن أباد أكثرهم , فاستلّ سكيناً و ناضل عن نفسه و دينه و أمته , ثم نزل عن جواده , و انسحبَ إلى النهر القريب نهر (شنيل) , لا يودُّ أن تكون ميتته على أيديهم , فقفز في النهر , فأثقله الحديد و أتعبته الجراح .. ثم .. مات غرقاً .
لقد كان آخر نَفَسِ عزةٍ هناك ..ا.هـ

أردتُ بعد كلِّ ما مضى أن أقول : ... وصرنا غرناطةً كبيرة , فمن لنا بمثلك يا موسى ..؟

/// رسالة من البريد ///

هيفاء البنيان
31-12-2008, 10:53 PM
إنها الكرامةُ يا بُنيّة تأبى عليَّ القعود , نلتقي هناك في الفردوس الأعلى بإذن الله .
http://images.msoms-anime.com/26/b26d484676f7754e5a78855e42404ae0.jpg
أما أبو عبد الله الصغير فصار عندنا عبد الشيطان الحقير
و الوزيران الخائنان صارا الوزراء الخونة

جزاك الله خير يا فاعل خير
و جعلك ممن يمن عليهم بالشهادة

آمـــــال
31-12-2008, 10:56 PM
!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!


لاتعليق

فما فائدة الكلام
فهو لا يجدي

abdo333
2-1-2009, 11:07 AM
حسبنا الله و نعم الوكيل
اللهم ارحمهم واغفر لهم
هذا الذي نراه ما أخبر به النبي صلي الله عليه و سلم ولا يوجد شيء أصدق من كلام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يصف حالنا في حديثه :
( سيأتي زمان تتكالب عليكم الأمم كما تتكالب الأكلة على القصعة , فقيل له صلى الله عليه وسلم : أعن قلة يا رسول الله ؟ فقال عليه الصلاة و السلام : لا أنتم كثر ولكن كغثاء السيل .)

قال رسول الله صلي الله عليه و سلم :
((إذا تبايعنم بالعينة و أخذتم أذناب البقر و رضيتم بالزرع و تركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لن يرفعه حتي ترجعوا إلي دينكم)) السلسلة الصحيحة :11فالداء قاله رسول الله و وصف لنا الدواء
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:



فقد شرح الحديث الإمام المناوي في فيض القدير فقال: إذا تبايعتم بالعينة بكسرالعين المهملة وسكون المثناة تحت ونون: وهو أن يبيع سلعة بثمن معلوم لأجلثم يشتريها منه بأقل ليبقى الكثير في ذمته، وهي مكروهة عند الشافعية، والبيع صحيح، وحرمها غيرهم تمسكاً بظاهر الخبر، سميت عينة لحصول العين أي النقد فيها، (وأخذتم أذناب البقر) كناية عن الاشتغال عن الجهاد بالحرث،(ورضيتم بالزرع) أي بكونه همتكم ونهمتكم (وتركتم الجهاد) أي غزو أعداء الرحمن ومصارعة الهوى والشيطان، (سلط الله) أي أرسل بقهره وقوته (عليكم ذلاً) بضم الذال المعجمة، وكسرها ضعفاً واستهانة (لا ينزعه) لا يزيله ويكشفه عنكم (حتى ترجعوا إلى دينكم) أي الاشتغال بأمور دينكم، .




والله أعلم.


و هذا شرح العلامة محمد ناصر الدين الألباني للحديث رحمه الله رحمة
واسعة



zSHARE - hn_08_02_.doc (http://vb.9haty.com/redirector.php?url=http://www.zshare.net/download/5342235467fc20b2/)




هذا هو حال غزه وحالنا اليوم.....