المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : -[ سيرة السلطان العابد ألب أرسلان من سير الأعلام للذهبي]-



-[ كـودو ]-
7-2-2009, 02:56 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له.
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله.
-( يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته و لا تموتنّ إلا و أنتم مسلمون )-
-( يا أيها الذين ءامنوا اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ و خلق منها زوجها و بث منهما رجالاً كثيرا و نساء و اتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحامَ إن الله كان عليكم رقيباً )-
-( يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله و قولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم و من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزاً عظيماً )-
أما بعد:فيسرني أن أقدم لكم سيرة إمام و عالم جليل من علماء الإسلام كما أنه سلطان فريد مثاله و نادر أمثاله ،
إنه السلطان ألب أرسلان
معاً دعونا نقرأ و نقرأ سيرة هذا العلم الجليل القدر ، بقلم ذهبي عصره الإمام مؤرخ الاسلام شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز بن عبد الله الذهبي [ 673هـ ــ 748 هـ ] ، في كتابه الجميل جداً :

: سير أعلام النبلاء ، تحقيق جماعة من الأساتذة منهم الأستاذ بشار عواد ، و شعيب الآرناؤوط ، و آخرين
المجلد الثامن عشر ، من الصفحة 414 إلى 418
قال الإمام الذهبي رحمه الله :
210 - ألب آرسلان * السلطان الكبير، الملك العادل، عضد الدولة، أبو شجاع، ألب آرسلان (1)، محمد بن السلطان جغريبك داود بن ميكائيل بن سلجوق بن تقاق ابن سلجوق التركماني، الغزي.
من عظماء ملوك الاسلام وأبطالهم.
ولما مات عمه [طغرلبك] ، عهد بالملك إلى [سليمان] أخي ألب آرسلان، فحاربه ألب آرسلان وعمه قتلمش ، فتلاشى أمر سليمان، وتسلطن ألب آرسلان (2).
وقيل: نازعه في الملك أيضا قتلمش، وأقبل في تسعين ألفا، وكان ألب آرسلان في اثني عشر ألفا، فهزم فتلمش، ووجد بعد الهزيمة ميتا.
قيل: رمته الدابة (3).
وحمل فدفن بالري، وكان حاكما على الدامغان وغيرها.
وعظم أمر السلطان ألب آرسلان، وخطب له على منابر العراق والعجم وخراسان، ودانت له الامم، وأحبته الرعايا، ولا سيما لما هزم العدو، فإن الطاغية عظيم الروم أرمانوس حشد، وأقبل في جمع ما سمع بمثله، في نحو من مئتي ألف مقاتل من الروم والفرنج والكرج وغير ذلك وصل إلى منازكرد (4)، وكان السلطان بـ خـوي (5) قد رجع من الشام في خمسة عشر ألف فارس، وباقي جيوشه في الاطراف، فصمم على المصاف، وقال: أنا التقيهم - وحسبي الله - فإن سلمت، وإلا فابني ملكشاه ولي عهدي.
وسار، فالتقى يزكه (6) ويزك القوم، فكسرهم يزكه، وأسروا مقدمهم، فقطع السلطان أنفه.
ولما التقى الجمعان، وتراءى الكفر والايمان، واصطدم الجبلان، طلب السلطان الهدنة، قال أرمانوس: لا هدنة إلا ببذل الري، فحمي السلطان، وشاط، فقال إمامه: إنك تقاتل عن دين وعد الله بنصره، ولعل هذا الفتح باسمك، فالقهم وقت الزوال - وكان يوم جمعة - قال: فإنه يكون الخطباء على المنابر، وإنهم يدعون للمجاهدين.
فصلوا، وبكى السلطان، ودعا وأمنوا، وسجد، وعفر وجهه، وقال: يا أمراء ! من شاء فلينصرف، فما هاهنا سلطان.
وعقد ذنب حصانه بيده، ولبس البياض وتحنط، وحمل بجيشه حملة صادقة، فوقعوا في وسط العدو يقتلون كيف شاؤوا، وثبت العسكر، ونزل النصر، وولت الروم، واستحر بهم القتل، وأسر طاغيتهم أرمانوس، أسره مملوك لكوهرائين، وهم بقتله، فقال إفرنجي: لا لا، فهذا الملك.
وقرأت بخط القفطي أن ألب آرسلان بالغ في التضرع والتذلل، وأخلص لله.
وكيفية أسر الطاغية أن مملوكا وجد فرسا بلجام مجوهر وسجر مذهب مع رجل، بين يديه مغفر من الذهب، ودرع مذهب، فهم الغلام، فأتى به إلى بين يدي السلطان، فقنعه بالمقرعة، وقال: ويلك ! ألم أبعث أطلب منك الهدنة ؟ قال: دعني من التوبيخ.
قال: ما كان عزمك لو ظفرت بي ؟ قال: كل قبيح.
قال: فما تؤمل وتظن بي ؟ قال: القتل أو تشهرني في بلادك، والثالثة بعيدة: العفو وقبول الفداء.
قال: ما عزمت على غيرها.
فاشترى نفسه بألف ألف دينار وخمس مئة ألف دينار، وإطلاق كل أسير في بلاده، فخلع عليه، وبعث معه عدة، وأعطاه نفقة توصله.
وأما الروم فبادروا، وملكوا آخر، فلما قرب أرمانوس، شعر بزوال ملكه، فلبس الصوف، وترهب، ثم جمع ما وصلت يده إليه نحو ثلاث مئة ألف دينار، وبعث بها، واعتذر، وقيل: إنه غلب على ثغور الارمن.
وكانت الملحمة في سنة ثلاث وستين (7).
وقد غزا بلاد الروم مرتين، وافتتح قلاعا، وأرعب الملوك، ثم سار إلى أصبهان، ومنها إلى كرمان وبها أخوه حاروت (8)، وذهب إلى شيراز، ثم عاد إلى خراسان، وكاد أن يتملك مصر.
ثم في سنة خمس عبر السلطان بجيوشه نهر جيحون، وكانوا مئتي ألف فارس، فأتي بعلج يقال له: يوسف الخوارزمي.
كانت بيده قلعة (9)، فأمر أن يشبح في أربعة أوتاد، فصاح: يا ************: مثلي يقتل هكذا ؟ فاحتد السلطان، وأخذ القوس، وقال: دعوه.
ورماه، فأخطأه، فطفر (10) يوسف إلى السرير، فقام السلطان، فعثر على وجهه، فبرك العلج على السلطان، وضربه بسكين، وتكاثر المماليك، فهبروه (11)، ومات منها السلطان، وذلك في جمادى الآخرة سنة خمس وستين وأربع مئة، وله أربعون سنة (12).
قال مؤيد الدولة ابن منقذ: سمعت أبا جعفر النجار رسول ناصر الدولة ابن حمدان المتغلب على مصر إلى ألب آرسلان يستدعيه، ويطلب عساكره ليتسلم ديار مصر، لما وقع بينه وبين السودان، وكانت المراسلة في سنة 463، فوردت عليه بخراسان، فجهز جيشا كثيرا، ووصل هو إلى ديار بكر، ثم نازل الرها، وحاصرها، وسير رسوله إلى متولي حلب محمود (13) بن نصر، يستمده، ويأمره أن يطأ بساطه أسوة غيره من الملوك، فلم يفعل وخاف، فأقبل هو، فنازل حلب، وانتشرت عساكره بالشام، ثم خرج محمود إلى خدمته، فأكرمه، وصالحه (14)، ثم فتر السلطان عن مصر، فحركه طاغية الروم أرمانوس، ومات أبوه صاحب خراسان بسرخس في رجب في سنة إحدى وخمسين وأربع مئة، وله سبعون سنة، وكان في مقابلة أولاد محمود بن سبكتكين، وكان ينطوي على بعض عدل ودين، وينكر على أخيه طغرلبك (15) ظلمه.
ومات معه في السنة آرسلان البساسيري الامير (16)، صاحب الفتنة العظمى، الذي أخذ بغداد، وخطب بها لصاحب مصر المستنصر الرافضي، وهرب خليفة بغداد، واستجار بالعرب (17).
__________

(*) المنتظم 8 / 276 - 277 و 279، الكامل لابن الاثير 10 / 64 - 67 و 73 - 75، مختصر تاريخ دولة آل سلجوق: 30، 33، 39، 40 - 44، 47 - 49، وفيات الاعيان 5 / 69 - 71، المختصر 2 / 188 - 189، دول الاسلام 1 / 274، العبر 3 / 258، تتمة المختصر 1 / 565 - 566، الوافي بالوفيات 2 / 308 - 309، البداية والنهاية 12 / 106 - 107، النجوم الزاهرة 5 / 92 - 93، شذرات الذهب 3 / 318 - 319.
============
قال ابن خلكان: وألب ارسلان، بفتح الهمزة وسكون اللام وبعدها باء موحدة، وبقية الاسم معروفة فلا حاجة لتفسيرها، وهو اسم تركي معناه شجاع أسد، فألب شجاع، وآرسلان أسد.
وآرسلان وردت في الاصل بالمد، وفي " المعجم الذهبي " للدكتور التونجي أرسلان بالهمزة.
(1) في " الوافي ": ألب آرسلان.
(2) انظر هذه الحادثة في ترجمة قتلمش المتقدمة برقم (54).
(3) وفي ترجمة قتلمش، فيقال: مات خورا ورعبا.
(4) قال ياقوت: منازجرد، بعد الالف زاي ثم جيم مكسورة وراء ساكنة ودال، وأهله يقولون: منازكرد بالكاف، بلد مشهور بين خلاط وبلاد الروم، يعد في أرمينية وأهله أرمن وروم.
وقد تحرفت في " الكامل " 10 / 65 إلى: ملازكرد.
(5) خوي: بلد بأذربيجان.
(6) اليزك: كلمة فارسية، معناها: مقدمة الجيش.
(7) وقد تقدم الخبر في ترجمة القائم بأمر الله، ص: 315 - 316، وانظر " المنتظم " 8 / 260 - 265، و " الكامل " 10 / 65 - 67، و " مختصر تاريخ دولة آل سلجوق ": 40 - 44، و " دول الاسلام " 1 / 272 - 273.
(8) في " المنتظم " 8 / 277، و " الكامل " 10 / 76: قاورت بك، وفي " مختصر دولة آل سلجوق " و " النجوم الزاهرة " قاوردبك.
(9) في " المنتظم ": فلما وصل شتمه السلطان، وواقفه على أفعال قبيحة كانت منه، وفي " وفيات الاعيان ": وكان قد ارتكب جريمة في أمر الحصن.
(10) طفر، أي: وثب في ارتفاع.
(11) يقال: هبره بالسيف: قطعه.
(12) الخبر في " المنتظم " 8 / 276 - 277، و " الكامل " 10 / 73 - 74، و " وفيات الاعيان " 5 / 69 - 70، و " دول الاسلام " 1 / 274، و " مختصر تاريخ دولة آل سلجوق ": 47 - 48.
(13) تقدمت ترجمته برقم (172).
(14) انظر " الكامل " 10 / 64، و " مختصر تاريخ دولة آل سلجوق ": 39، و " وفيات الاعيان " 5 / 69.
(15) انظر ترجمته المتقدمة برقم (52).
(16) تقدمت ترجمته برقم (70).
(17) انظر ترجمة الخليفة القائم بأمر الله المتقدمة برقم (146).

-[-]- إضافة -[-]-
هذه كلمة لفضيلة الشيخ محمد صالح المنجد يتحدث فيها عن بعض العبر من سيرة السلطان ألب أرسلان
^$^ للتحميل من هنا رجاءً (http://arabsh.com/62j12thsg2yj.html)^$^
نسأل الله تعالى أن نعتبر بمن سبقنا ، و أن ييسر لنا جميعاً العمل الصالح بالعلم النافع .
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .

aboalwleed
11-2-2009, 12:08 AM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..

بارك الله فيك على مواضيعك القيمة في القسم أخ [كودو]

قصة ذهبية نقلها إمام المحدثين .. شمس الدين الذهبي رحمه الله وجزاه الله عنا خيراً

وإن كان لي من نقاط تعليقية على هذه القصة المباركة فهي في هذه الجزئية :



فصلوا، وبكى السلطان، ودعا وأمنوا، وسجد، وعفر وجهه، وقال: يا أمراء ! من شاء فلينصرف، فما هاهنا سلطان.

ونستفيد من هذه النقطة أن النصر على الأعداء لا يكون إلا بعد أن ننصر الله أولاً في نفوسنا

( إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ) وقال الله ( إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم )

وبالتالي فلا يهم سواء كثرت الفئة الباغية أو زادت عدتها فقد قال الله : ( كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله )

وأحيي فيك نقلك الدقيق للمصادر ..

رفع الله قدرك ، وأعلى منزلتك

وجعلك مباركاً أينما كنت

أبــ عبد الملك ــو
11-2-2009, 08:27 PM
جزيت خيرا أخي الحبيب
اشتاقت أعيننا لمواضيعك

السرماري
13-2-2009, 07:58 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

بارك الله فيك على هذا الموضوع الذي يدعو إلى رفع الهمة

لافض فوك...

-[ كـودو ]-
13-2-2009, 01:03 PM
جزاكم الله خيراً .

Kaito.Kid
13-2-2009, 11:13 PM
شكرااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا

-[ كـودو ]-
14-2-2009, 08:59 AM
تم إضافة رابط صوتي أرجوا منكم الإستماع إليه للفائدة ^_^

INTER_LOVER
14-2-2009, 09:31 AM
جميل ورائع ولكن يحتاج الي أكثر تنسيق وتوضيح

روَاء
17-2-2009, 09:05 AM
جزاك الله خيرا ..

زادك علما وفهما ..
ونفعك ونفع بك ..



سدد الله خطاك على دروب الخير ..

Mss.lonLy
17-2-2009, 04:48 PM
جزاك الله خيرا على هذا الموضوع المتميز وننتظر جديدك