المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مع خواطر ابن الجوزي رحمه الله(متجدد)



عثمان بالقاسم
5-4-2009, 05:26 AM
السلام عليكم ، كيف حالكم، أحب أن أقدم بين يديكم هذه السلسلة من خواطر ابن الجوزي المليئة بالحكم والمواعظ من كتابه صيد الخاطر:


ضع الموت نصب عينيك

الواجب على العاقل أخذ العدة لرحيله، فإنه لا يعلم متى يفجؤه أمر ربه، ولا يدري وإني رأيت خلقا كثيرا غرهم الشباب، ونسوا فقد الأقران، وألهاهم طول الأمل.
وربما قال العالم المحض لنفسه: أشتغل بالعلم اليوم ثم أعمل به غدا، فيتساهل في الزلل بحجة الراحة، ويؤخر الأهبة لتحقيق التوبة ، ولا يتحاشى من غيبة أو سماعها، ومن كسب شبهة يأمل أن يمحوها بالورع.
وينسى أن الموت قد يبغت(أي يأتي بغتة وفجأة). فالعاقل من أعطى كل لحظة حقها من الواجب عليه، فإن بغته الموت رئي مستعدا، وإن نال الأمل ازداد خيرا.


السمع والبصر

قرأت هذه الأية:{قل أرءيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم من إله غير الله يأتيكم به} الأنعام:46، فلاحت لي فيها إشارة كدت أطيش منها.
وذلك أنه إن كان عني بالآية نفس السمع والبصر، فإن السمع آلة لإدراك المسموعات، والبصر آلة لإدراك المبصرات، فهما يعرضان ذلك على القلب، فيتدبر ويعتبر.
فإذا عرضت المخلوقات على السمع والبصر، أوصلا إلى القلب أخبارها من أنها تدل على الخالق، وتحمل على طاعة الصانع، وتحذر من بطشه عند مخالفته.
وإن عنى معنى السمع والبصر، فذلك يكون بذهولهما عن حقائق ما أدركا، شغلا بالهوى، فيعاقب الإنسان بسلب معاني تلك الآلات، فيرى وكأنه ما رأى، ويسمع كأنه ما سمع، والقلب ذاهل عما يتأدى به، لا يدري ما يُرادُ به، ولا يؤثِر عنده أنه يَبلى، ولا تنفعه موعظة تجلى، ولا يدري أين هو، ولا المراد منه، ولا إلى أين يُحمل، وإنما يلاحظ بالطبع مصالح عاجلته ولا يتفكر في خسران آجلته، لا يعتبر برفيقه، ولا يتعظ بصديقه، ولا يتزود لطريقه كما قال الشاعر:

الناس في غفلة والموت يوقظهم---وما يفيقون حتى ينفذ العمُر
يشيعون أهاليهم بجمعهــــــــــــمُ---وينظرون ما فيه قد قُبٍــــــــروا
ويرجعون إلى أحلام غفلتــــــهـــم---كأنهم ما رأوا شيئا ولا نظـروا

وهذه حالة أكثر الناس، فنعوذ بالله من سلب فوائد الآلات، فإنها أقبح الحالات.


آثار الذنوب

لا ينال لذة المعاصي إلا سكران بالغفلة.

فأما المؤمن فإنه لا يلتذ، لأنه عند التذاذه يقف بإزائه علم التحريم، وحذر العقوبة.

فإن قويت معرفته رأى بعين علمه قُربَ الناهي، فيتنغص عيشه في حال التذاذه.

فإن غلب سكر الهوى كان القلب متنغصا بهذه المراقبات، وإن كان الطبع في شهوته.

وما هي إلا لحظة، ثم خذ من غريم ندم ملازم، وبكاء متواصل، وأسف على ما كان من طول الزمان.

حتى إنه لو تيقن العفو وقف بإزائه حذار العتاب، فأف للذنوب ما أقبح آثارها وما أسوأ أخبارها، ولا كانت شهوة لا تُنال إلا بمقدار قوة الغفلة.


دمتم في رعاية الله، وإلى خواطر أخرى مع هذه السلسلة المباركة إن شاء الله تعالى

قمر الكون
7-4-2009, 01:32 PM
شكرا اخي عثمان ع الموضوع الرائع ..
وإلى الامام دائما..
وبانتظار المزيد بإذن الله..

عاصفة الاقنعة
7-4-2009, 08:19 PM
جزاك الله خير .....

هيتومي
8-4-2009, 10:01 AM
بارك الله فيييييييييييييييييييييييييييييييييييك

KIIIX
8-4-2009, 12:12 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاك الله كل خير أخوي عثمان بالقاسم والله يعطيك العافيه ما قصرت...
خواطر قيمه... الله يغفرله يرحمه وجميع موتى المسلمين ..آمين..
وشكرررررررااااا...

so0so0 dala
8-4-2009, 03:03 PM
بارك الله فيك وزادك علما

رحم الله ابن الجوزي واسكنه فسيح جناته

السندباد2
8-4-2009, 03:11 PM
جزاك الله الف خير
كعادتك مبدع

aboabdullah
8-4-2009, 08:59 PM
جزاك الله أخي عثمان كل خير
خواطر مفيدة
أسأل الله أن ينفع بها كل قارئ
تقبل مروري

عثمان بالقاسم
9-4-2009, 12:57 AM
شكرا اخي عثمان ع الموضوع الرائع ..

وإلى الامام دائما..

وبانتظار المزيد بإذن الله..


بارك الله فيك، ووفقك الله لكل خير



جزاك الله خير .....

وجزاكم وبارك الله فيك




بارك الله فيييييييييييييييييييييييييييييييييييك


وإياك ، وشكرا على المرور



وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاك الله كل خير أخوي عثمان بالقاسم والله يعطيك العافيه ما قصرت...
خواطر قيمه... الله يغفرله يرحمه وجميع موتى المسلمين ..آمين..
وشكرررررررااااا...

وأنت من أهل الجزاء.
آمين .
ومشكور على المرور


بارك الله فيك وزادك علما

رحم الله ابن الجوزي واسكنه فسيح جناته

جزاك الله خيرا ، وبارك الله فيك


جزاك الله الف خير
كعادتك مبدع
وجزاكم،ونورت الموضوع بمرورك العطر




جزاك الله أخي عثمان كل خير

خواطر مفيدة
أسأل الله أن ينفع بها كل قارئ

تقبل مروري


وأنت من أهل الجزاء يا أخي.
ومشكور على مرورك ، وبارك الله فيك

عثمان بالقاسم
9-4-2009, 01:16 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وما زلنا مستمرين مع خواطر ابن الجوزي رحمه الله :


لا تأخذك العزة بالإثم

أعظم المعاقبة ألا يحس المعاقب بالعقوبة.وأشد من ذلك وقوع السرور بما هو عقوبة، كالفرح بالمال الحرام، والتمكن من الذنوب. ومن هذه حاله، لا يفوز بطاعة. وإني تدبرت أحوال أكثر العلماء والمتزهدين فرأيتهم في عقوبات لا يحسون بها ومُعظمُها من قِبَل طلبهم للرياسة.
فالعالم منهم، يغضب إن رد عليه خطؤه، والواعظ متصنع بوعظه، والمتزهد منافق أو مُراء.فأول عقوباتهم، إعراضهم عن الحق شغلا بالخلق. ومن خفي عقوباتهم، سلب حلاوة المناجاة، ولذة التعبد، إلا رجال مؤمنون، ونساء مؤمنات، يحفظ الله بهم الأرض، بواطنهم كظواهرهم، بل أجلى، وسرائرهم كعلانيتهم، بل أحلى، وهممهم عند الثريا، بل أعلى.
إن عُرفوا تنكروا، وإن رؤيت لهم كرامة، أنكروا. فالناس في غفلاتهم، وهم في قطع فلاتهم، تحبهم بقاع الأرض، وتفرح بهم أملاك السماء. نسأل الله عز وجل التوفيق لاتباعهم ، وأن يجعلنا من أتباعهم.


كمال العقل

من علامة كمال العقل: علو الهمة، والراضي بالدون دنيء.

ولم أر في عيوب الناس عيبا --- كنقص القادرين على التمام


يحبهم ويحبونه

سبحان من سبقت محبته لأحبائه، فمدحهم على ما وهب لهم، واشترى منهم ما أعطاهم، وقدم المتأخر من أوصافهم، لموضع إيثارهم، فباهى بهم في صومهم، وأحب خلوف أفواههم. يا لها من حالة مصونة لا يقدر عليها كل طالب، ولا يبلغ كنه وصفها كل خاطب

وانتظروا المزيد إن شاء الله

بَلْسَم،،
9-4-2009, 02:50 AM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..

جميل بالفعل بل رائع ..

جزاك الله خيراً أخي ..
وبارك فيك المولى ..

اتحفنا بالجديد ..
لي عودة ان شاء الله ..
*_*

عثمان بالقاسم
13-4-2009, 02:36 AM
secret_88

جزاك الله خيرا، وبارك الله فيك

ومستمرين مع خواطر ابن الجوزي رحمه الله:

متاع الغرور

من تفكر بعواقب الدنيا ، أخذ الحذر، ومن أيقن بطول الطريق تأهب للسفر. ما أعجب أمرك يا من يوقن بأمر ثم ينساه، ويتحقق ضرر حال ثم يغشاه، وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه.

تغلبك نفسك على ما تظن، ولا تغلبها على ما تستيقن. أعجب العجائب، سرورك بغرورك، وسهوك في لهوك عما قد خبئ لك. تغتر بصحتك وتنسى دنو السقم، وتفرح بعافيتك، غافلا عن قرب الألم. لقد أراك مصرعُ غيرك مصرعَك، وأبدى مضجع سواك- قبل الممات- مضجعَك. وقد شغلك نيل لذاتك، عن ذكر خراب ذاتك:

كأنك لم تسمع بأخبار من مضى*** ولم تر في الباقين ما يصنع الدهر
فإن كنت لا تدري فتلك ديارهـــم*** محاها مجال الريح بعدك والقبــــــر

كم رأيت صاحب منزل ما نزل لحده، حتى نزل، وكم شاهدت واليَ قصر وَلِيَه عدوه لما عُزل، فيا من كل لحظة إلى هذا يسري، وفعله فعل من لا يفهم لو لا يدري.

وكيف تنام العين وهي قريرة؟*** ولم تدر من أي المحلين تنزل؟

الحذر طريق السلامة


من قارب الفتنة بَعُدت عنه السلامة. ومن ادعى الصبر، وُكِل إلى نفسه.
ورب نظرة لم تناظر، وأحق الأشياء بالضبط والقهر: اللسان والعين. فإياك إياك أن تغتر بعزمك على ترك الهوى، مع مقاربة الفتنة، فإن الهوى مكايد.

وكم من شجاع في صف الحرب اغتيل، فأتاه ما لم يحتسب ممن يأنف النظر إليه واذكر حمزة مع وحشي ( سشير هنا إلى مقتل سيدنا حمزة عم النبي صلى الله عليه وسلم على يد وحشي في غزوة أحد.

فتبصر ولا تشم كل بــــــــــــــــرق*** رُب برق فيه صواعق حيــــن
واغضض الطرف تسترح من غرام*** تكتسي فيه ثوب ذل وشيــــــن
فبلاء الفتى موافقة النفـــــــــــــــس*** وبدء الهوى طموح العيـــــــن

البصر في العواقب

من عاين بعين بصيرته تناهي الأمور في بداياتها، نال خيرها، ونجا من شرها، ومن لم ير العواقب غلب عليه الحس، فعاد عليه بالألم ما طلب منه السلامة، وبالنصب ما رجا منه الراحة.

وبيان هذا في المستقبل، يتبين بذكر الماضي، وهو أنك لا تخلو، أن تكون عصيت الله في عمرك، أو أطعته. فأين لذة معصيتك؟ وأين تعب طاعتك؟ هيهات رحل كل بما فيه.

فليــــــــت الذنــــــــــــوب إذ*** تخلــــــــــــــت خلـــــــــــت

وأزيدك في هذا بيانا مثل ساعة الموت، وانظر إلى مرارة الحسرات على التفريط ، ولا أقول كيف تغلب حلاوة اللذات، لأن حلاوة اللذات استحالت حنظلا، فبقيت مرارة الأسى بلا مقاوم، أتراك ما علمت أن الأمر بعواقبه؟ فراقب العواقب تسلم، ولا تمل مع هوى الحس فتندم.

دمتم في رعاية الله، وانتظروا المزيد إن شاء الله عز وجل

فارس الاسلام
13-4-2009, 02:50 AM
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
جزاك الله كل خير اخى
اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون احسنه

rakan_018
13-4-2009, 06:32 AM
جزاك الله خير اخوي عثمان قاسم بانك ذكرتنا بالموت و عدم

الغفله يوم ياتي لامال و لا بنون الا من اتى الله بقلب سليم الله

يحسن خاتمتنا و لا تجعلنا عظه و عبره لغيرنا و ادخلنا الجنة مع

الابرار

امين

مشكور اخوي و الى الامام دوما و نسمع من جديدك

عثمان بالقاسم
17-4-2009, 06:54 AM
فارس الإسلام

rakan_018

جزاكم الله خيرا ، وبارك الله فيكم، وإليكم المزيد:

من أعمالكم سلط عليكم

خطرت لي فكرة فيما يجري على كثير من العالم من المصائب الشديدة، والبلايا العظيمة، التي تتناهى إلى نهاية الصعوبة، فقلت: سبحان الله، إن الله أكرم الأكرمين، والكرم يوجب المسامحة. فما وجه هذه المعاقبة؟

فتفكرت، فلرأيت كثيرا من الناس في وجودهم كالعدم، لا يتصفحون أدلة الوحدانية، ولا ينظرون في أوامر الله تعالى، ونواهيه، بل يجرون.على عاداتهم كالبهائم.

فإن وافق الشرع مرادهم وإلا فَمُعَولُهم على أغراضهم( يعني أنه يدور مع هواه، سواء وافقه الشرع أم لا.). وبعد حصول الدينار، لا يبالون ، أمن حلال كان أم من حرام. وإن سهلت عليهم الصلاة فعلوها، وإن لم تسهل تركوها. وفيهم من يبارز بالذنوب العظيمة، مع نوع معرفة الناهي. وربما قويت معرفة عالم منهم، وتفاقمت ذنوبه، فعلمت أن العقوبات، وإن عظمت دون إجرامهم. فإذا وقعت عقوبة لتمحص ذنبا صاح مستغيثهم: ترى هذا بأي ذنب؟ وينسى ما قد كان، مما تتزلزل الأرض لبعضه.

وقد يُهان الشيخ في كبره حتى ترحمه القلوب، ولا يدري أن ذلك لإهماله حق الله تعالى في شبابه. فمتى رأيت مُعاقبا، فاعلم أنه لذنوب.

فضول الدنيا

تأملت أحوال الفضلاء، فوجدتهم-في الأغلب- قد بخسوا من حظوظ الدنيا، ورأيت الدنيا- غالبا- في أيدي أهل النقائص.

فنظرت في الفضلاء، فإذا هم يتأسفون على ما فاتهم مما ناله أولو النقص، وربما تقطع بعضهم أسفا على ذلك. فخاطبت بعض المتأسفين فقلت له: ويحك تدبر أمرك، فإنك غالط من وجوه:

أحدها: أنه إن كانت لك همة في طلب الدنيا، فاجتهد في طلبها تربح التأسف على فوتها، فإن قعودك- متأسفا على ما ناله غيرك، مع قصور اجتهادك- غاية العجز.

الثاني: أن الدنيا إنما تراد لِتُعبَرَ لا لِتُعمَر، وهذا هو الذي يدلك عليه علمك ويبلغه فهمك.

وما يناله أهل النقص من فضولها يؤذي أبدانهم وأديانهم. فإذا عرفت ذلك ثم تأسفت على فقد ما فقده أصلح لك، كان تأسفك عقوبة لتأسفك على ما تعلم المصلحة في بعده، فاقنع بذلك عذابا عاجلا إن سَلِمتَ من العذاب الآجل.

والثالث: أنك قد علمت بخس حظ الآدمي في الجملة، من مطامع الدنيا ولذاتها بالإضافة إلى الحيوان البهيم، لأنه لا ينال ذلك أكثر مقدارا، مع أمن، وأنت تناله مع خوف، وقلة مقدار.

فإذا ضوعف حظك من ذلك كان ذلك لاحقا بالحيوان البهيم، من جهة أنه يشغله ذلك عن تحصيل الفضائل. وتخفيف المؤن يحث صاحبه على نيل المراتب. فإذا آثرت الفضول مع قلة الفضول. عدت على ما علمت بالإزاء، فشنت علمك( الشين: العيب والنقص)، ودللت على اختلاط رأيك

وانتظروا المزيد إن شاء الله تعالى

فارس الاسلام
17-4-2009, 01:14 PM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
جزاك الله كل خير اخى
اللهم اعنا على انفسنا و اعنا على ترك كل ما يغضبك عنا
اللهم اغفر لنا ذنوبنا و تقصيرنا فى امرنا و كفر عنا سيئاتنا

قمر الكون
17-4-2009, 05:40 PM
جزيت خيرا اخي وبارك الله فيك

اسال الله العظيم ان يغفر لنا إسرافنا في امرنا

وان ينفعنا بما سمعنا ويزدنا علما

AbuUbayda
19-4-2009, 02:49 AM
و عليكم السلام ورحمة الله و بركاته




ضع الموت نصب عينيك


الواجب على العاقل أخذ العدة لرحيله، فإنه لا يعلم متى يفجؤه أمر ربه، ولا يدري وإني رأيت خلقا كثيرا غرهم الشباب، ونسوا فقد الأقران، وألهاهم طول الأمل.
وربما قال العالم المحض لنفسه: أشتغل بالعلم اليوم ثم أعمل به غدا، فيتساهل في الزلل بحجة الراحة، ويؤخر الأهبة لتحقيق التوبة ، ولا يتحاشى من غيبة أو سماعها، ومن كسب شبهة يأمل أن يمحوها بالورع.
وينسى أن الموت قد يبغت(أي يأتي بغتة وفجأة). فالعاقل من أعطى كل لحظة حقها من الواجب عليه، فإن بغته الموت رئي مستعدا، وإن نال الأمل ازداد خيرا.




أعتقد أن هذا ما ضاع اليوم ولا حول ولا قوة
ثبتنا الله على طريق الحق


جزاك الله كل خير أخي عثمان على هذه الخواطر الرائعة
جعله الله في ميزان حسناتك
اللهم اعنا على انفسنا و اعنا على ترك كل ما يغضبك عنا
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك


أخوكم في الله
G.A.S

عثمان بالقاسم
24-4-2009, 02:03 AM
فارس الإسلام

قمر الكون

والأخ G.A.S

جزاكم الله خيرا، وبارك الله فيكم، وما زلنا مستمرين مع خواطر ابن الجوزي رحمه الله، وإليكم المزيد:

من يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه

تأملت إقدام العلماء على شهوات النفس المنهي عنها، فرأيتها مرتبة تزاحم الكفر، لولا تلوح معنى: هو أن الناس عند مواقعة المحظور ينقسمون:

فمنهم: جاهل بالمحظور ، أنه محظور، فهذا له نوع عذر.

ومنهم: من يظن المحظور مكروها لا محرما، فهذا قريب من الأول. وربما دخل في هذا القسم آدم صلى الله عليه وسلم ( أي في أكله للشجرة).

ومنهم: من يتأول فيغلط، كما يقال: إن آدم عليه الصلاة والسلام. نُهي عن شجرة بعينها، فأكل من جنسها، لا من عينها.

ومنهم: من يعلم التحريم، غير أن غلبات الشهوة أنسَته تذكر ذاك. فشغله ما رأى عما يعلم. ولهذا لا يذكر راكب الفاحشة الفضيحة ولا الحد، لأن ما يرى يُذهله عما يعلم.

ومنهم: من يعلم الخطر ويذكر... غير أن الأخذ بالحزم أولى بالعاقل، كيف وقد علم أن هذا الملك الحكيم قطع اليد في ربع دينار، وهدم بناء الجسم المحكم بالرجم بالحجارة، لالتذاذ ساعة. وخَسَفَ، ومسخ، وغَرَقَ.....

ميزان العدل لا يُحابي

من تأمل أفعال الباري سبحانه، رآها على قانون العدل، وشاهد الجزاء مراصدا، ولو بعد حين.

فلا ينبغي أن يغتر مُسامَحٌ ، فالجزاء قد يتأخر . ومن أقبح الذنوب التي أعد لها الجزاء العظيم، الإصرار على الذنب، ثم يُصانع صاحبه باستغفار، وصلاة، وتعبد، وعنده أن المصانعة تنفع.

وأعظم الخلق اغترارا، من أتى ما يكرهه الله تعالى، وطلب منه ما يحبه هو، كما في الحديث ( والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني) ضعيف: أخرجه الترمذي، انظر ضعيف سنن الترمذي 2459.

ومما ينبغي للعاقل: أن يترصد وقوع الجزاء، فإن ابن سيرين قال: عيرت رجلا فقلت: يا مفلس، فأفلست بعد أربعين سنة.

وقال ابن الجلا: رآني شيخ لي وأنا أنظر إلى أمرد ، فقال: ما هذا؟ لتجدن غبتها( أي سوف ترى أثر هذه النظرة) ، قال : فنسيت القرآن بعد أربعين سنة.

وبالضد من هذا، كل من عمل خيرا أو صحح نية، فلينتظر جزاءها الحسن وإن امتدت المدة.

قال الله عز وجل: { إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين} يوسف 90.
وقال عليه الصلاة والسلام: " من غض بصره عن محاسن امرأة أثابه الله إيمانا يجد حلاوته في قلبه" ضعيف: وانظر مشكاة المصابيح حديث رقم 3124.
فليعلم العاقل أن ميزان العدل لا يحابي.

مصير النفس بعد الموت

قد أشكل على الناس أمر النفس وماهيتها، مع إجماعهم على وجودها، ولا يضر الجهل بذلتها مع إثباتها. ثم أشكل عليهم مصيرها بعد الموت. ومذهب أهل الحق أن لها وجودا بعد موتها، وأنها تُنعم وتعذب. قال أحمد بن حنبل: أرواح المؤمنين في الجنة، وأرواح الكفار في النار.

وقد جاء في أحاديث الشهداء: " أنها في حواصل طير خضر تعلق من شجر الجنة"أخرجه الترمذي، كتاب فضائل الجهاد، باب ما جاء في ثواب الشهداء، برقم: 1641.
وقد أخذ بعض الجهلة بظواهر أحاديث النعيم، فقال: إن الموتى يأكلون في القبور، وينكحون.

والصواب من ذلك أن النفس تخرج بعد الموت إلى نعيم أو عذاب، وأنها تجد ذلك إلى يوم القيامة، فإذا كانت القيامة، أعيدت إلى الجسد ليتكامل لها التنعم بالوسائط.

وقوله : " في حواصل طير خضر"، دليل على أن النفوس لا تنال لذة إلا بوساطة. إلا أن تلك اللذة لذة مطعم ومشرب، فأما لذات المعارف والعلوم فيجوز أن تنالها بذاتها، مع عدم الوسائط.
والمقصود من هذا المذكور أني رأيت بعض الإنزعاج من الموت. وملاحظة النفس بعين العدم عنده فقلت لها: إن كنت مصدقة للشريعة فقد أخبرت بما تعرفين ولا وجه للإنكار، وإن كان هناك ريب في أخبار الشريعة، صار الكلام في بيان صحة الشريعة.

فقالت: لا ريب عندي.

قلت: فاجتهدي في تصحيح الإيمان، وتحقيق التقوى، وأبشري حينئذ بالراحة من ساعة الموت، فإني لا أخاف عليكإلا من التقصير في العمل. واعلمي أن تفاوت النعيم بمقدار درجات الفضائل، فارتفعي بأجنحة الجد إلى أعلى أبراجها، واحذري من قانص هوى، أو شرك غِرة ( أي احذري من هوى تقعين فيه أو غفلة تكون لك كالشبكة يقع فيها الصيد)، والله الموفق.

أقول : لا حول ولا قوة إلا بالله، أين نحن من هؤلاء، اللهم اغفر لنا ذنوبنا وخطايانا الكثيرة، ووفقنا لطاعتك، وثبتنا على دينك.
ودمتم في رعاية الله، وانتظروا المزيد إن شاء الله.
لا تبخلوا علينا بردودكم

فارس الاسلام
24-4-2009, 01:06 PM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
جزاك الله كل خير اخى
اللهم اجعل هذه السلسة فى موازين حسناتك
اللهم انفعنا بها و اعنا على العمل بها

أنا وأختي
25-4-2009, 09:52 PM
جزاك الله خير أخوي عثمان =)

أحب خواطره -رحمه الله- حبا عظيما

شكرًا لك, وأنصحك أن تبتعد عن كتاب بحر الدموع لأنه محرّف, من قبل الشيعة عليهم من الله ما يستحقون.

وكم أتمنى رؤية كتابه هذا بدون تحريف !_!

oma66r
25-4-2009, 10:06 PM
ابن الجوزي خواطر رائعة تدل عن قلب مؤمنّّّ

عثمان بالقاسم
30-4-2009, 02:23 AM
فارس الإسلام

أنا وأختي

و oma66r

جزاكم الله خيرا، وشكرا لمروركم، وما زلنا مستمرين مع خواطر ابن الجوزي رحمه الله:


الممنوع مرغوب

تأملت حرص النفس على ما مُنِعت منه. فرأيت حرصها يزيد على قدرة المنع.

ورأيت في الشِرب الأول ، أن آدم عليه السلام لما نُهي عن الشجرة، حرص عليها مع كثرة الأشجار المغنية عنها.

وفي الأمثال: المرء حريص على ما مُنع، وتواق إلى ما لم يَنَل.

ويقال: لو أمِر الناس بالجوع لصبروا، ولو نُهوا عن تفتيت البعر لرغبوا فيه.

وقالوا: ما نهينا عنه إلأا لشيء.وقد قيل:
أحب شيء إلى الإنسان ما مُنِعا فلما بحثت عن سبب ذلك، وجدت سببين:

أحدهما: أن النفس لا تصبر على الحصر، فإنه يكفي حَصرها في صورة البدن. إذا حصرت في المعنى بمنع زاد طيشها.
ولهذا لو قعد الإنسان في بيته شهرا، لم يصعب عليه.

ولو قيل له: لا تخرج من بيتك يوما، طال عليه.

والثاني: أنها يَشق عليها الدخول تحت حكم، ولهذا تستلذ الحرام، ولا تكاد تستطيب المباح.
ولذلك يسهل عليها التعبد على ما ترى، وتؤثره لا على ما يؤثر.


خيركم من عمل بما علم

تأملت المراد من الخلق، فإذا هو الذل، واعتقاد التقصير والعجز.

ومثلت العلماء والزهاد العاملين صنفين، فأقمت في صف العلماء مالكا وسفيان وأبا حنيفة والشافعي وأحمد، وفي صف العباد مالك بن دينار ورابعة ومعروفا الكرخي وبشر بن الحارث.

فكلما جد العباد في العبادة، وصاح بهم لسان الحال: عباداتكم لا يتعداكم نفعها وإنما يتعدى نفع العلماء، وهم ورثة الأنبياء، وخلفاء الله في الأرض، وهم الذين عليهم المُعول، ولهم الفضل، إذا أطرقوا وانكسروا وعلموا صدق تلك الحال، وجاء مالك بن دينار إلى الحسن يتعلم منه ويقول : الحسن أستاذنا.

وإذا رأى العلماء أن لهم بالعلم فضلا، صاح لسان الحال بالعلماء: وهل المراد من العلم إلا العمل؟

وقال أحمد بن حنبل: وهل يراد بالعلم إلا ما وصل إليه معروف؟

وصح عن سفيان الثوري قال: وددت أن قطعت ولم أكتب الحديث.

وقالت أم الدرداء لرجل: (هل عملت بما علمت) ؟ قال: لا. قالت: فلِم تستكثر من حجة الله عليك؟).

وقال أبو الدرداء: ويل لمن يعلم ولم يعمل مرة، وويل لمن علم ولم يعمل سبعين مرة.

وقال الفضيل: يُغفر للجاهل سبعون ذنبا، أن يغفر للعالم ذنب واحد.

فما يبلغ من الكل قوله تعالى:{ هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون} الزمر9.

وجاء سفيان إلى رابعة: فجلس بين يديها ينتفع بكلامها، فدل العلماء العلم على أن المقصود منه العمل به، وأنه آلة فانكسروا واعترفوا بالتقصير.

فحصل الكل على الإعتراف والذل فاستخرجت المعرفة منهم حقيقة العبودية باعترافهم، فذلك هو المقصود من التكليف.


إذعان العقل لحكمة الله

تأملت حالا عجيبة، وهي أن الله سبحانه وتعالى قد بنى هذه الأجسام متقنة على قانون الحكمة.
فدل بذلك المصنوع على كمال قدرته، ولطيف حكمته.
ثم عاد فنقضها، فتحيرت العقول بعد إذعانها له بالحكمة، في سر ذلك الفعل.
فأعلِمت أنها ستُعاد للمعاد وأن هذه البنية لم تخلق إلا لتجوز في مجاز المعرفة، وتتجر في موسم المعاملة، فسكنت العقول لذلك.
ثم رأت أشياء من هذا الجنس أظرف منه، مثل اخترام شاب ما بلغ بعض المقصود وأعجب من ذلك أخذ طفل من أكف أبويه يتململان . ولا يُظهر سر سلبه، والله الغني عن أخذه، وهما أشد الخلق فقرا إلى بقائه.
وأظرف منه ( أي وأعجب من ذلك) إبقاء هرم لا يدري معنى البقاء، وليس له فيه إلا مجرد أذى.
ومن هذا الجنس تقتير الرزق على المؤمن الحكيم، وتوسعته على الكافر الأحمق.
وفي نظائر لهذه المذكورات يتحير العقل في تعليلها، فيبقى مبهوتا.
فلم أزل أتلمح جملة التكاليف، فإذا عجزت قوى العقل عن الإطلاع على حكمة ذلك، وقد ثبت لها حكمة الفاعل، علمت قصورها عن دَرَك جميع المطلوبات، فأذعنت مقرة بالعجز. وبذلك تؤدي مفروض تكليفها.

فلو قيل للعقل: قد ثبت عندك حكمة الخالق بما بنى أفيجوز أن ينقدح في حكمته أنه نقض؟ لقال: لأني عرفت بالبرهان أنه حكيم، وأنا أعجز عن إدراك علله فأسلم على رغمي مقرا بعجزي.

وانتظروا المزيد من الخواطر بإذن الله تعالى.
ولا تبخلوا علينا بردودكم

batwoman
30-4-2009, 02:56 PM
شكراااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا

عثمان بالقاسم
2-5-2009, 01:49 AM
batwoman
جزاك الله خيرا، وبارك الله فيك، وشكرا لمرورك

-[ كـودو ]-
2-5-2009, 03:24 AM
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
جزاك الله خيراً أخي عثمان و لولا ضيق الوقت و كثرة الإنشغال لساعدك بكتابة روائع خواطر ابن الجوزي رحمه الله ^_^

عثمان بالقاسم
16-5-2009, 03:59 AM
جزاك الله خيرا أخي كودو على مرورك، وبارك الله فيك.

وما زلنا مستمرين مع خواطر ابن الجوزي رحمه الله، وإليكم المزيد:


غوامض تحير الضال


تفكرت يوما في التكليف، فرأيته ينقسم إلى سهل ، وصعب. فأما السهل فهو أعمال الجوارح، إلا أن منه ما هو أصعب من بعض، فالوضوء والصلاة أسهل من الصوم، والصوم ربما كان عند قوم أسهل من الزكاة. وأما الصعب فيتفاوت، فبعضها أصعب من بعض. فمن المستصعب، النظر والإستدلال، المُوصلان إلى معرفة الخالق. فهذا صعب عند من غلبت عليه أمور الحس، سهل عند أهل العقل.

ومن المستصعب غلبة الهوى، وقهر النفوس، وكف أكف الطباع عن التصرف فيما يؤثره.

وكل هذا يسهل على العاقل النظر في ثوابه، ورجاء عاقبته، وإن شق عاجلا.

وإنما أصعب التكاليف وأعجبها: أنه قد ثبثت حكمة الخالق عند العقل، ثم نراه يُفقر المتشاغل بالعلم ، المُقبل على العبادة، حتى يعضه الفقر بناجذيه، فيذل للجاهل في طلب القوت. ويُغني الفاسق مع الجهل، حتى تفيض الدنيا عليه.

ثم نراه ينشئ الأجسام ثم ينقض بناء الشباب في مبدأ أمره، وعند استكمال بنائه، فإذا به قد عاد هشيما. ثم نراه يؤلم الأطفال ، حتى يرحمهم كل طبع . ثم يقال له : إياك أن تشك في أنه أرحم الراحمين . ثم يسمع بإرسال موسى إلى فرعون، ويقال له : اعتقد أن الله تعالى أضل فرعون، واعلم أنه ما كان لآدم بد من أكل الشجرة وقد وُبخ بقوله: { وعصى ءادم ربه} طه121.

وفي مثل هذه الأشياء تحير خلق، حتى خرجوا إلى الكفر والتكذيب.

ولو فتشوا عن سر هذه الأشياء، لعلموا أن تسليم هذه الأمور، تكليف العقل ليذعن

وهذا أصل، إذا فُهم، حصل منه السلامة والتسليم.

نسأل الله عز وجل أن يكشف لنا الغوامض، التي حيرت من ضل، إنه قريب مجيب.

المحافظة على الوقت

ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه، وقدر وقته، فلا يضيع منه لحظة في غير قربة. ويقدم الأفضل فالأفضل من القول والعمل. ولتكن نيته في الخير قائمة، من غير فتور ربما لا يعجز عنه البدن من العمل، كما جاء في الحديث " نية المؤمن خير من عمله" ضعيف : أخرجه الطبراني في الكبير ( 6/5942)، وأخرجه البيهقي في الشعب( 5/343)، وقال: إسناده ضعيف.وانظر الضعيفة( 2216).
وقد كان جماعة من السلف، يبادرون اللحظات . فنقل عن عامر بن عبد قيس ، أن رجلا قال له: كلمني، فقال له : أمسك الشمس.

وقال ابن ثابث البناني: ذهبت ألقن أبي ( أي عند الموت) ، فقال: يا بني دعني ، فإني في وردي السادس.

ودخلوا على بعض السلف عند موته، وهو يصلي، فقيل له ( أي قيل له: استرح فأنت مريض مجهد). فقال: الآن تطوى صحيفتي ( أي أريد أن يختم لي بخير).

فإذا علم الإنسان- وإن بالغ في الجد - بأن الموت يقطعه عن العمل ، عمل في حياته ما يدوم له أجره بعد موته. فإن كان له شيء من الدنيا وقف وقفا، وغرس غرسا ، وأجرى نهرا، ويسعى في تحصيل ذرية تذكر الله بعده، فيكون الأجر له. أو أن يصنف فينقل من فعله ما يقتدي الغير به . فذلك الذي لم يمت.

قد مات قوم وهم في الناس أحياء.

حقا إنه كلام من ذهب، وانتظروا المزيد بإذن الله مع هذه الخواطر القيمة لابن الجوزي رحمه الله .

دروبي
24-5-2009, 11:42 AM
جزاك الله خيرا
تسلم يمناك

yami oni
25-5-2009, 11:57 PM
جزاك الله ألف خير
و جعله الله في موازين حسناتك

yami oni

عثمان بالقاسم
30-5-2009, 04:46 AM
دروبي

yami oni

جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم، وشكرا لمروركم.

وما زلنا مستمرين بإذن الله عز وجل مع خواطر ابن الجوزي رحمه الله، وإليكم المزيد:


لا يخفى على الله شيء

نظرت في الأدلة على الحق سبحانه وتعالى فوجدتها أكثر من الرمل ، ورأيت من أعجبها أن الإنسان قد يُخفي ما لا يرضاه الله عز وجل ، فيُظهرُه الله سبحانه عليه وحده ولو بعد حين ، ويُنطق الألسنة به وإن لم يشاهده الناس.

وربما أوقع صاحبه في آفة يفضحه بها بين الخلق، فيكون جوابا لكل ما أخفى من الذنوب، وذلك ليعلم الناس أن هنالك من يُجازي على الزلل، ولا ينفع من قَدَره وقدرته حجاب ولا استتار، ولا يُصاغ لديه عمل ( أي لا يُزين عليه عمل باطل).

وكذلك يخفي الإنسان الطاعة فتظهر فتظهر عليه، ويتحدث الناس بها وبأكثر منها، حتى إنهم لا يعرفون له ذنبا ولا يذكرونه إلا بالمحاسن، ليعلم أن هنالك ربا لا يضيع عمل عامل.

وإن قلوب الناس لتعرف حال الشخص وتحبه، أو تأباه، وتذمه، أو تمدحه وفق ما يتحقق بينه وبين الله تعالى، فإنه يكفيه كل وهم ، ويدفع عنه كل شر.

وما أصلح عبد ما بينه وبين الخلق دون أن ينظر الحق ، إلا انعكس مقصوده وعاد حامده ذاما.


السخط على البلايا

من نزلت به بلية، فأراد تمحيقها، فليتصورها أكثر مما هي: تهُن.
وليتخايل ثوابها وليتوهم نزول أعظم منها ، يرى الربح في الإقتصار عليها وليتلمح سرعة زوالها ، فإنه لولا كُرب الشدة، ما رُجيت ساعات الراحة.

وليعلم أن مدة مقامها عنده كمدة مقام الضيف فليتفقد حوائجه في كل لحظة ، فيا سرعة انقضاء مقامه، ويا لذة مدائحه وبشره في المحافل، ووصف المضيف بالكرم.

فكذلك المؤمن في الشدة ينبغي أن يراعي الساعات، ويتفقد فيها أحوال النفس.

ويتلمح الجوارح ، مخافة أن يبدو من اللسان كلمة، أو من القلب تسخط. فكأن قد لاح فجر الأجر، فانجاب ليل البلاء، ومُدح الساري بقطع الدجى فما طلعت شمس الجزاء، إلا وقد وصل إلى منزل السلامة.

وانتظروا المزيد إن شا ء الله تعالى ، مع خواطر ابن الجوزي رحمه الله.

عثمان بالقاسم
12-6-2009, 08:45 AM
وما زلنا مستمرين بإذن الله عز وجل مع خواطر ابن الجوزي رحمه الله، وإليكم المزيد:

في قوة قهر الهوى لذة كبرى

رأيت ميل النفس إلى الشهوات زائدا في المقدار حتى إنها إذا مالت ، مالت بالقلب والعقل والذهن، فلا يكاد المرء ينتفع بشيء من النصح.

فصِحتُ بها يوما وقد مالت بكليتها إلى شهوة: ويحك، ففي لحظة أكلمك كلمات ثم افعلي ما بدا لك.

قالت: قل أسمع.

قلت: قد تقرر قلة ميلك إلى المباحات من الشهوات، وأما جل ميلك فإلى المحرمات.

وأنا أكشف لك عن الأمرين، فربما رأيت الحلوين مرين.

أما المباحات من الشهوات:، فمطلقة لك ولكن طريقها صعب، لأن المال قد يعجز عنها ، والكسب قد لا يُحصل معظمها، والوقت الشريف يذهب بذلك.

ثم شغل القلب بها وقت التحصيل، وفي حالة الحصول، وبحذر الفوات.

ثم ينغصها من النقص ما لا يخفى على مميز، وإن كان مطعما فالشبع يُحدث آفات، وإن كان شخصا فالملل أو الفراق ، أو سوء الخلق. ثم ألذ النكاح أكثره إهانا للبدن، إلى غير ذلك مما يطول شرحه.

وأما المحرمات:فتشتمل على ما أشرنا إليه من المباحات وتزيد عليها بأنها آفة العرض ومظنة عقاب الدنيا وفضيحتها، وهناك وعيد الآخرة، ثم الجزع كلما ذكرها التائب.

وفي قوة قهر الهوى لذة تزيد على كل لذة. ألا ترى إلى كل مغلوب بالهوى كيف يكون ذليلا؟ لأنه قُهر. بخلاف غالب الهوى فإنه يكون قوي القلب، عزيزا لأنه قَهر.

فالحذر الحذر من رؤية المشتهى بعين الحسن، كما يرى اللص لذة أخذ المال من الحرز (الوعاء الحصين يحفظ فيه الشيء) ، ولا يرى بعين فكره القطع( أي تعرضه لقطع يده إذا ثبتت سرقته).

وليفتح عين البصيرة لتأمل العواقب واستحالة اللذة نغصة، وانقلابها عن كونها لذة، إما لملل أو لغيره من الآفات، أو لانقطاعها بامتناع الحبيب. فتكون المعصية الأولى كلقمة تناولها جائع، فما ردت ********* الجوع، بل شهت الطعام.

وليتذكر الإنسان لذة قهر الهوى، مع تأمل فوائد الصبر عنه.

فمن وقف لذلك، كانت سلامته قريبة منه..

وانتظروا المزيد إن شاء الله تعالى، مع خواطر ابن الجوزي رحمه الله.
لا تنسونا من صالح دعائكم.

^^sola^^
12-6-2009, 04:21 PM
ما شاء الله كلام حكيم

بارك الله فيك اخى الكريم على الموضوع القيم

وجزاك الله كل الخير

ღ ليـــان ღ
12-6-2009, 05:19 PM
وعليكم السلام ورحمة الله

بارك الله فيك أخي عثمان ..
حقاً كتاب صيد الخاطر مفيد جداً .. ورائــــــع ..
وما زاده روعة اسلوبه [ الامام ابن الجوزي ]
السلس والغير متكلف ..
ألف شكر .. وجزاك الله خــــــــــيراً ..

عثمان بالقاسم
21-7-2009, 02:49 AM
sola

Layan 201

جزاكم الله خيرا على مروركم.

وما زلنا مستمرين مع خواطر ابن الجوزي رحمه الله:


شغل الحياة


خطر لي خاطر والمجلس قد طُيب، والقلوب قد حضرت، والعيون جارية، والرءوس مُطرقة، والنفوس قد ندمت على تفريطها، والعزائم قد نهضت لإصلاح شئونها، وألسنة اللوم تعمل في الباطن على تضييع الحزم وترك الحذر، فقلت لنفسي: ما بال هذه اليقظة لا تدوم فإني أرى النفس واليقظة في المجلس متصادقين متصافيين، فإذا قمنا عن هذه التربة، وقعت الغربة.

فتأملت ذلك فرأيت أن النفس ما تزال متيقظة، والقلب ما يزال عارفا، غير أن القواطع كثيرة، والفكر الذي ينبغي استعماله في معرفة الله سبحانه وتعالى قد كَل مما يُستعمل في اجتلاب الدنيا، وتحصيل حوائج النفوس، والقلب منغمس في ذلك، والبدن أسير مُستخدم.

وبينا الفكر يجول في اجتلاب الطعام والشراب والكسوة، وينظر في صدد ذلك، وما يدخر لغده وسنته، اهتم بخروج الحدث، وتشاغل بالطهارة، ثم اهتم بخروج الفضلات المؤذية، ومنها المني فاحتاج إلى النكاح، فعلم أنه لا يصح إلا باكتساب كسب الدنيا فتفكر في ذلك واعمل بمقتضاه.

ثم جاء الولد فاهتم به وله، وإذا الفكر عامل في أصول الدنيا وفروعها. فإذا حضر الإنسان المجلس فإنه لا يحضر جائعا ولا حاقنا ( الذي يحبس بوله عند الخروج من مخرجه) . بل يحضره جامعا لهمه، ناسيا ما كان من الدنيا على ذكره فيخلو الوعظ بالقلب فيذكره بما ألف، ويجذبه بما عرف، فينهض عمال القلب في زوارق عرفانه. فيحضرون النفس إلى باب المطالبة بالتفريط، ويؤاخذون الحس بما مضى من العيوب، فتجري عيون الندم، وتنعقد عزائم الإستدراك.

ولو أن هذه النفس خلت عن المعهودات التي وصفتها، لتشاغلت بخدمة باريها.

ولو وقعت في سَورة حبه، لاستوحشت عن الكل شغلا بقربه.

ولهذا سكن الزهاد الخلوات، وتشاغلوا بقطع المعوقات، وعلى قدر مجاهدتهم في ذلك نالوا من الخدمة مرادهم، كما أن الحصاد على مقدار البذر.

غير أن تلمحت - في هذه الحالة. دقيقة، وهو أن النفس لو دامت لها اليقظة لوقعت فيما هو شر من فَوت ما فاتها ، وهو العجب بحالها، والإحتقار لجنسها.

وربما ترقت بقوة علمها وعرفانها، إلى دعوى قولها: لي ، وعندي، وأستحق. فتركها في حومة ذنوبها تتخبط.

فإذا وقفت على الشاطئ قامت بحق ذلة العبودية، وذلك أولى لها.

هذا حكم الغالب من الخلق، ولذلك شُغلوا عن هذا المقام ، فمن بذر فصلح له فلا بد له من هفوة تراقبها عين الخوف: بها تصح عبوديته، وتَسلم له عبادته .

وإلى هذا المعنى أشار الحديث الصحيح : " لو لم تُذنبوا لذهب الله بكم وجاء بقوم يُذنبون فيستغفرون فيغفر لهم" أخرجه مسلم، كتاب التوبة ، باب: سقوط الذنوب بالإستغفار والتوبة، برقم (2749) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

وانتظروا المزيد إن شاء الله تعالى إن كنا من أهل الدنيا.
لا تنسونا من صالح دعائكم.

Coby Ninja
21-7-2009, 11:27 AM
مشكووور اخوي وبارك الله فيك

جعله الله في موازين حسناتك

في امان الله

اخوك

Coby Ninja

المجهول
21-7-2009, 02:47 PM
السلام عليكم...
ماشاء الله على الخواطر الثمينـــة..
كـــلام عطــر,جميـــل,حكيــــــــــم..
بارك الله فيك اخي ورحمه الله الشيخ وادخلكم الجنة مع الحبيب...
والسلام عليكم..

العابره
21-7-2009, 09:04 PM
بارك الله في جهودك وأجزل لك الأجر والمثوبة
مواعظ رائعه ما أحوجنا اليها في زمن قست فيه القلوب، وظهرت الذنوب، و لم يستحي الكثير
من علام الغيوب
فالناس كلهم تحتاج إلى المواعظ و التذكير صغيرهم و كبيرهم جاهلهم و عالمهم فاجرهم و تقيهم، و لو كان احد في غنية عنها لكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم، فقد كان عليه الصلاة و السلام يتعهدهم بالمواعظ و يهذب نفوسهم بما يرقق قلوبهم

عثمان بالقاسم
7-10-2009, 01:17 AM
Coby Ninja

جزاك الله خيرا ، وشكرا لمرورك

المجهول

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وفيك بارك الله، آمين وإياكم وجميع المسلمين
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

العابرة

وفيك بارك الله، آمين يا رب.
صدقت والله ما أحوجنا لمثل هذه المواعظ

ونعود مرة أخرى بعد طول غياب لنستمر ونعيش مع هذه الخواطر الرائعة لابن الجوزي رحمه الله:

الإنسان والشهوة

تأملت في شهوات الدنيا فرأيتها مصائد هلاك، وفخوخ تلف.

فمن قوي عقله على طبعه وحكم عليه، سَلِمَ، ومن غلب طبعه فيا سرعة هلكته.

ولقد رأيت بعض أبناء الدنيا كان يتوق إلى التسري. ثم يستعمل الحرارات المهيجة للباه ( أي الأطعمة والأعشاب التي تُهيج عليه شهوته) فما لبث أن انحلت حرارته الغريزية وتلف.

ولم أر في شهوات النفس أسرع هلاكا من هذه الشهوة، فإنه كلما مال الإنسان إلى شخص مستحسن أوجب ذلك حركة الباه زائدا عن العادة.

وإذا رأى أحسن منه زادت الحركة وكَثُر خروج المني زائدا عن الأول، فيفنى جوهر الحياة أسرع شيء.

وبالضد من هذا أن تكون المرأة مستقبحة فلا يوجب نكاحُها خروج الفضلة المؤذية كما ينبغي ، فيقع التأذي بالإحتباس وقوة التوق إلى المنكوح.

وكذلك المفرط في الأكل فإنه يجني على نفسه كثيرا من الجنايات، والمقصر في مقدار القوت كذلك، فعلمت أن أفضل الأمور أوسطها.

والدنيا مفازة، فينبغي أن يكون السابق فيها العقل، فمن سلم زمام راحلته إلى طبعه وهواه، فيا عجلة تَلَفه. هذا فيما يتعلق بالبدن والدنيا. فَقِس عليه أمر الآخرة فافهم.

جهاد النفس

تأملت جهاد النفس فرأيته أعظم الجهاد، ورأيت خلقا من العلماء والزهاد لا يفهمون معناه، لأن فيهم من منعها حظوظها على الإطلاق، وذلك غلط من وجهين:

أحدهما: أنه رُب مانع لها شهوة أعطاها بالمنع أوفى منها.

مثل أن يمنعها مباحا فَيُشتَهر بمنعه إياها ذلك، فترضى النفس بالمنع، لأنها قد استبدلت به المدح.

وأخفى من ذلك أن يرى بمنعه إياها ما منع . أنه قد فضل سواه ممن لم يمنعها ذلك وهذه دفائن تحتاج إلى منقاش فهم يخلصها.

والوجه الثاني: أننا قد كلفنا حفظها ، ومن اسباب حفظها ميلها إلى الأشياء التي تقيمها، فلا بد من إعطائها ما يقيمها، وأكثر ذلك أو كله ما تشتهيه.

ونحن كالوكلاء في حفظها، لأنها ليست لنا بل هي وديعة عندنا، فمنعها حقوقها على الإطلاق: خطر.

ثم رُب شد أوجب استرخاء، ورُب مضيق على نفسه فرت منه فصعب عليه تلافيها.

وإنما الجهاد لها كجهاد المريض العاقل، يحملها على مكروهها في تناول ما ترجو به العافية، ويُذوب في المرارة قليلا من الحلاوة، ويتناول من الأغذية مقدار ما يصفه الطبيب. ولا تحمله شهوته على موافقة غرضها من مطعم ربما جر جوعا، ومن لقمة ربما حرمت لقمات.

فكذلك المؤمن العاقل لا يترك لجامها، ولا يهمل مقودها، بل يُرخي لها في وقت ، والطول بيده ( أي زمام أمرها بيده).

فما دامت على الجادة لم يضايقها في التضييق عليها.

فإذا رآها مالت : ردها باللطف ، فإن ونت وأبت فبالعنف.

ويحبسها في مقام المداراة، كالزوجة التي مبني عقلها على الضعف والقلة، فهي تُدارى عند نشوزها بالوعظ، فإن لم تصلح فبالهجر، فإن لم تستقم فبالضرب.

وليس فس سياط التأديب أجود من سوط عزم.

هذه مجاهدة من حيث العمل ،فأما من حيث وعظها وتأنيبها، فينبغي لمن رآها تسكن للخلق، وتتعرض بالدناءة من الأخلاق أن يُعرفها تعظيم خالقها فيقول:

ألست التي قال فيك: خلقتك بيدي، وأسجدت لك ملائكتي، وارتضاك لخلافة أرضه، واقترض منك واشترى.

فإن رآها تتكبر، قال لها: هل أنت إلا قطرة من ماء مهين، تقتلك شرقة، تؤلمك بقة؟

وإن رأى تقصيرها عرفها حق الموالي على العبيد.

وإن ونت في العمل، حدثها بجزيل الأجر.

وإن مالت إلى الهوى، خوفها عظيم الوزر. ثم يحذرها عاجل العقوبة الحسية، كقوله تعالى: { قل أرءيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم} الأنعام 46، والمعنوية كقوله تعالى: { سأصرف عن ءاياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق} الأعراف146. فهذا جهاد بالقول ، وذاك جهاد بالفعل.


والسلام مسك الختام ، ولا تنسونا من صالح دعائكم، وانتظروا المزيد بإذنه سبحانه إن كنا من أهل الدنيا.

[ اللــيـــث ]
7-10-2009, 02:20 AM
احسنت الإختيار


جزاك الله خير وبارك الله فيك اتحفتنا بهذه الدرر التي

لا تثمن بثمن

اثابك الله

اخوك

ســـــــــــــــامـــــــــــــــــر

أبو رويم
7-10-2009, 05:14 PM
جزيت خيرا أخى على هذه الخواطر وننتظر منك المزيد

ŚuρєЯ
7-10-2009, 07:04 PM
السلام عليكم

جزيت خيراً اخي

ووفقك الله في الدنيا والاخرة


بأنتظار جديدك الرائع

ABBOSE -7
7-10-2009, 08:00 PM
جعلكـ اللــهـ ذخرا للإسلام والمسلمين ,, وأعانكـ وثبتكـ ,,
واصــل بـارك اللــهـ فيكـ ,,

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ