سنكرس
17-5-2009, 09:41 AM
يحكى أنّه كان هناك شيخٌ صينيٌ حكيم، كان يعدّ كعمدة قريته، وفي ذات يوم فقد الشيخ حصانه، فأتى الناس له فرادىً وجماعات لتعزيته وتصبيره، فقد كان الحصان يعادل السيارة في تلك الأيام، ولكن الشيخ كان رابط الجأش مبتسماً هادئاً، وقد قال لهم: “ولماذا الحزن، ربّما كان فقدي لحصاني مجلبةً لخير عظيم” وبالفعل حصل ما توقّعه الحكيم، فقد عاد الحصان ومعه خمسةُ خيولٍ برية استطاع حصانه أن يكون قائداً لها ومن ثـمّ عاد إلى صاحبه الشيخ. وعندما رأى الناس ذلك ذهبوا إلى الحكيم يهنّئونه بعودة الحصان وبالثروة التي اكتسبها بامتلاكه لهذا العدد من الأحصنة، فتفاجأ الناس بأن الشيخ لا تبدو عليه سمات البهجة إطلاقاً، وأنه مستغرقٌ في تفكيرٍ عميق، فسألوه عمّا دهاه، فقال لهم أنه ربّما تكون تلك الخيول البرية وبالاً عليه، ومصيبة من مصائب الزمن، فتعجّب الناس من منطق العجوز الذي يفرح في موطن الحزن، ويحزن في موطن الفرح، وانصرفوا عنه وهم يضربون أكفّهم بعضها ببعض. وفي ذات يوم كان ابن الحكيم يقوم بترويض أحد الأحصنة البرية، وفجأة جفل الحصان، فما كان منه إلاّ أن ألقى بابن الشيخ من على ظهره فسقط على رجله فكسرها، فانتشر الخبر في القرية وجاء الناس للمرة الثالثة لتعزيته في مصاب ابنه، وتفاجؤوا أيضاً بأن الشيخ لا تبدو عليه مخايل الحزن، فسألوه عن ذلك، فقال أنّ كسر ساق ابنه ربّما يكون فيه خيرٌ له ولابنه، فسألوه أن كيف تكون كسر الساق خيراً، فقال لهم لا أدري، فلكلّ أمرٍ وجهان، سواءً كان خيراً أم شراً في ظاهره، أحدهما خير والآخر شر، فلم يفهم القوم الجملة الأخيرة وآثروا الذهاب والابتعاد عن هذا الشيخ التي أخفّت عقله السنون. وبعد تلك الحادثة بأيامٍ معدودة، جاء حرس أمير البلاد ليقوموا بجمع شباب الريف من القرى لتزجّ بهم في حربٍ لا ناقة لهم فيها ولا جمل، فما كان من الحرس إلاّ أن استثنوا ابن الشيخ وذلك لكونه معطوب القدم. وهكذا تستمر القصة التي يمكننا اختصارها بآية من الذكر الحكيم: {وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبّوا شيئاً وهو شرٌ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.
منقول للفائده
منقول للفائده