المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : منـ أروعـ ماقرأتـ ->::.. استمـــتعـ بحياتــــــكـ ..::<-



aseeeeen
23-5-2009, 09:56 AM
بسمـ الله الرحمن الرحيمـ
سلامـ من المولى الكريمـ ... لكمـ أيها الأحبــــــاب ... ورحمة منه وبركات ...
.................................................. ........
الحياه الدنيا .. دار التعب والشقاء .. الدار التيـ لاترضيـ أحد ولا يرضى عنها الا من رحمـ ربيـ .. وعرفـ سنة الله التيـ سنها بها ..
هذه الدنيا الغريبه ..
بالامسـ ... كنا نضحكـ .. نفرحـ ..
واليومـ ترانا نبكيـ نتأفف نتضايق .. على حبيب غاب أو أمنية لمـ تتحققـ .. أو مرضـ فاجئنا .. ليذهب النومـ والراحة عنا ..
مصائب من كل الجهات ... فالحكمة التي تقول :: يومـ لكـ وعشرة عليكـ :: لمـ تأتيـ من فراغـ !!
إلهيـ .. لطفكـ ورحمتكـ مانرجوه .. فياااااربـ لطفكـ ... ياااااربـ رحمتكـ ..
.........
أكثرنا .. وربما كلنــا ... يعرفـ الشيخـ الفاضل .. محمد العريفيـ ..
وربما سمعتمـ وقرأتمـ عنـ كتابهـ الرائــــــــعـ ""استمتعـ بحياتكـ"" .. كتاب "لن يوفيه حقه أيما كلامـ"..
يجعل من يقرأه بحقـ ""يستمــــــتعـ بحياته"".. بما يحتويه من حكمـ قصصـ ومواقف .. يحكيها الشيخـ "حفظه الله"
لذا فكرت بكتابة مقتطفات مما أعجبنيـ منه ..
""والحقـ يقال بأن كل مافيه عجب عجاب""
وجميعـ الحقوقـ محفوظه لكاتب الكتاب الذيـ سأكتب منه ^^ جزاه الله ألف خير ....
ـــــــــــــــــــــــــــــــ

الكتاب بعد المقدمه يحويـ الكثير من المواضيعـ .....
وكما قلت سأحاول كتابة المفيد والنافعـ بإذنه تعالى ..
::::::::::

الموضوعـ الأول :: هؤلاء لن يستفيدوا ...

يقول الشيخـ :::: أذكر أن رسالة جاءتنيـ على هاتفيـ المحمول .. نصها : فضيلة الشيخـ .. ماحكمـ الانتحار؟

فاتصلت بالسائل .. فأجاب شاب فيـ عمر الزهور ..
قلت له : عفواً لمـ أفهمـ سؤالكـ .. أعد السؤال !!!!!
فأجاب بكل تضجر : السؤال واضحـ .. ماحكمـ الانتحار ؟
فأردت أن أفاجئهـ بجواب لا يتوقعهـ .. فضحكت وقلت : مستحب ..
صرخـ : ماذا!!
قلت : ما رأيكـ أنـ نتعاون فيـ تحديد الطريقهـ التيـ تنتحر بها؟!!
سكت الشاب ...
فقلت : طيب .. لماذا تريد أنـ تنتحر؟
قال : لأنيـ ما وجدت وظيفهـ .. والناسـ مايحبوننيـ .. وأصلاً أنا انسان فاشل .. و..
وانطلقـ يرويـ ليـ قصة مطولهـ تحكيـ فشلهـ فيـ تطوير ذاتهـ .. وعدمـ استعدادهـ للاستفادهـ بماهو متاحـ بين يديهـ من قدرات ..
وهذهـ آفة عند الكثيرين ..
لماذا ينظر أحدنا إلى نفسهـ نظرة دونيهـ ..؟؟
لماذا يلحظ ببصرهـ إلى الواقفين على قمة الجبل ويرى نفسهـ أقل من أن يصل إلى القمة كما وصلوا .. أو على الأقل أن يصعد الجبل كما صعدوا ..
ومن يتهيب صعود الجبال xxx يعشـ أبد الدهر بين الحفر
تدريـ من الذيـ لن يستفيد من هذا الكتاب؟؟
ولا من أيـ كتاب آخر من كتب المهارات ؟؟
إنهـ الشخصـ المسكين الذيـ استسلمـ لأخطائهـ وقنعـ بقدراتهـ , وقال : هذا طبعيـ الذيـ نشأت عليهـ ..
وتعودت عليهـ , ولا يمكن أن أغير طريقتيـ .. والناسـ تعودوا عليـ بهذا الطبعـ .. أما أن أكون مثل خالد فيـ طريقة القائهـ ..
أو أحمد فيـ بشاشتهـ .. أو زياد فيـ محبة الناسـ لهـ ...
فهذا محال ...
جلست يوماً معـ شيخـ كبير بلغـ من الكبر عتياً .. فيـ مجلسـ عامـ , كل من فيهـ عوامـ متواضعوا القدرات .. وكان الشيخـ يتجاذب أحاديث عامة معـ من بجانبهـ ..
لمـ يكن يمثل لمن فيـ المجلسـ إلا واحداً منهمـ لهـ حقـ الاحترامـ لكبر سنهـ .. فقط ..
ألقيت كلمة يسيرهـ .. ذكرت خلالها فتوى للشيخ العلامهـ عبدالعزيز بن باز .. فلما انتهيت ..
قال ليـ الشيخـ مفتخراً : أنا والشيخـ ابن باز كنا زملاء ندرسـ فيـ المسجد عند الشيخـ محمد بن ابراهيمـ .. قبل اربعين سنهـ ..
التفت أنظر إليهـ .. فإذا هو قد انبلجت أساريرهـ لهذهـ المعلومهـ .. كان فرحاً جداً لأنهـ صاحب رجلاً ناجحاً يوماً من الدهر ..
بينما جعلت أردد فيـ نفسيـ : ولماذا يامسكين ماصرت ناجحاً مثل ابن باز؟
مادامـ أنكـ عرفت الطريقـ لماذا لمـ تواصل؟
لماذا يموت ابن باز .. فتبكيـ عليهـ المنابر ... والمحاريب .. والمكتبات .. وتئن أقوامـ لفقدهـ ..
وأنت ستموت يوماً من الدهر .. ولعلهـ لايبكيـ عليكـ أحد .. إلا مجاملة .. أو عادة ..!!!
كلنا قد نقول يوماً من الأيامـ .. عرفنا فلاناً .. وزاملنا فلاناً .. وجالسنا فلاناً !!
وليسـ هذا هو الفخر .. إنما الفخر أن تشمخـ فوقـ القمة كما شمخـ ..
فكن بطلاً واعزمـ من الآن أن تطبقـ ما تقتنعـ بنفعهـ من قدرات .. كن ناجحاً .. اقلب عبوسكـ ابتسامة .. وكآبتكـ بشاشة .. وبخلكـ كرماً .. وغضبكـ حلماً .. اجعل المصائب أفراحاً .. والإيمان سلاحاً ..
استمتــــــعـ بحياتكـ .. فالحياة قصيرة لا وقت فيها للغمـ ..
^^
انتهى كلامهـ فيـ موضوعهـ هذا ..
.................



ـــــــــــــــــــــــــــــــ




الموضوعـ الثانيـ :: طور نفسكـ ..
يقول الشيخـ :::: تجلسـ معـ بعضـ الناسـ وعمرهـ عشرون سنهـ .. فترى لهـ أسبوباً ومنطقاً وفكراً معيناً ..
ثمـ تجلسـ معهـ وعمرهـ ثلاثون .. فإذا قدراتهـ هيـ هيـ .. لمـ يتطور فيهـ شيء ..
بينما تجلسـ معـ آخرين فتجدهمـ يستفيدون من حياتهمـ .. تجدهـ كل يومـ متطوراً عن اليومـ الذيـ قبلهـ ..



بل ما تمر ساعة إلا ارتفعـ بها ديناً أو دنيا .. إذا أردت أن تعرف أنواعـ الناسـ فيـ ذلكـ .. فتعال نتأمل فيـ أحوالهمـ واهتماماتهمـ ..
القتوات الفضائية مثلاً .. من الناسـ من يتابعـ ماينميـ فكرهـ المعرفيـ .. ويطور ذكاؤهـ ..
ويستفيد من خبرات الآخرين من خلال متابعة الحوارات الهادفهـ .. يكتسب منها مهارات رائعهـ فيـ النقاشـ ..
واللغهـ .. والفهمـ .. وسرعة البديهة .. والقدرة على المناظرهـ .. وأساليب الاقناعـ ..
ومن الناسـ من لايكاد يفوتهـ مسلسل يحكيـ قصة حب فاشلهـ .. أو مسرحية عاطفية .. أو فيلمـ خياليـ مرعب ..
أو أفلامـ لقصصـ .. افتراضية تافههـ .. لاحقيقة لها ..
تعال بالله عليكـ .. وانظر إلى حال الأول وحال الثانيـ بعد خمسـ سنوات .. أو عشر ..
أيهما سيكون أكثر تطوراً فيـ مهاراتهـ ؟.
فيـ القدرهـ على الاستيعاب ؟.
فيـ سعة الثقافهـ ؟.
فيـ القدرهـ على الاقناعـ ؟.
فيـ أسلوب التعامل معـ الأحداث ؟.
لا شكـ أنهـ الأول ..
بل تجد أسلوب الأول مختلفاً .. فاستشهاداتهـ بنصوصـ شرعية .. أو أرقامـ وحقائقـ ..
أما الثانيـ فاستشهاداتهـ بأقوال الممثلين .. والمغنين ..
حتى قال أحدهمـ يوماً فيـ معرضـ كلامهـ ... والله يقول "اسعى ياعبديـ وأنا أسعى معاكـ"!!!!!!
فنبهناهـ إلى أن هذهـ ليست آيهـ ... فتغير وجههـ وسكت .. ثمـ تأملت العبارهـ .. فإذا الذيـ ذكرهـ هو مثل مصريـ انطبعـ فيـ ذهنهـ من احدى المسلسلات !!!!!!!!!
نعمـ .. كل اناء بمافيهـ ينضحـ ..
بل تعال الى جانب آخر .. فيـ قراءة الصحف والمجلات .. كمـ همـ أولئكـ الذين يهتمون بقراءة الأخبار المفيدة والمعلومات النافعهـ التيـ تساعد على تطوير الذات .. وتنمية المهارات .. وزيادة المعارف .. بينما كمـ الذين لايكادون يلتفتون إلى غير الصفحات الرياضية والفنية ؟!!
حتى صارت الجرائد تتنافسـ فيـ تكثير الصفحات الرياضية والفنية ..على حساب غيرها ..
قل مثل ذلكـ فيـ مجالسنا التيـ نجلسها .. وأوقاتنا التيـ نصرفها ..
فأنت إذا أردت أن تكون رأساً لا ذيلاً .. احرصـ على تتبعـ المهارات أينما كانت .. درب نفسكـ عليها ..
كان عبدالله رجلاً متحمساً .. لكن تنقصهـ بعضـ المهارات ..
خرجـ يوماً من بيتهـ إلى المسجد ليصليـ الظهر ..
يسوقه الحرصـ على الصلاة ويدفعهـ تعظيمهـ للدين .. كان يحث خطاهـ خوفاً من أن تقامـ الصلاة قبل وصولهـ إلى المسجد ..
مر أثناء الطريقـ بنخلة فيـ أعلاها رجل بلباسـ مهنتهـ يشتغل باصلاحـ التمر .. عجب عبدالله من هذا الذي مااهتمـ بالصلاة .. وكأنهـ ماسمعـ أذاناً ولا ينتظر إقامهـ .. !!
فصاحـ بهـ غاضباً : انزل للصلاة ..
فقال الرجل بكل برود : طيب .. طيب ..
فقال : عجل .. صل ياحـ مـ ا ر ..!!
فصرخـ الرجل : أنا حـ مـ ا ر ..؟!! ثمـ انتزعـ عسيباً من النخلة ونزل ليفلقـ بهـ رأسهـ !!!! غطى عبدالله وجههـ بطرف غترتهـ لئلا يعرفهـ .. وانطلقـ يعدو إلى المسجد ..
نزل الرجل من النخلة غاضباً .. ومضى إلى بيتهـ وصلى وارتاحـ قليلاً .. ثمـ خرجـ إلى نخلتهـ ليكمل عملهـ ..
دخل وقت العصر وخرجـ عبدالله إلى المسجد .. مر بالنخلة فإذا الرجل فوقها .. فغير اسلوب تعاملهـ ..
قال : السلامـ عليكمـ .. كيف الحال ؟ ..
قال : الحمدلله بخير ..
قال : بشر !! كيف الثمر هذهـ السنة ..
قال : الحمدلله ..
قال عبدالله : الله يوفقكـ ويرزقكـ .. ويوسعـ عليكـ .. ولايحرمكـ أجر عملكـ وكدكـ لأولادكـ ..
ابتهجـ الرجل لهذا الدعاء .. فأمن على الدعاء وشكر ..
فقال عبدالله :
لكن يبدو أنكـ لشدة انشغالكـ لمـ تنتبهـ إلى أذان العصر !!
قد أذن العصر .. والإقامة قريبة .. فلعلكـ تنزل لترتاحـ وتدركـ الصلاة .. وبعد الصلاة أكمل عملكـ .. الله يحفظ عليكـ صحتكـ ..
فقال الرجل : إن شاءالله .. إن شاءالله ..
وبدأ ينزل برفقـ ..
ثمـ أقبل على عبدالله وصافحهـ بحرارهـ ..
وقال : أشكركـ على هذه الأخلاقـ الرائعهـ .. أما الذيـ مر بيـ الظهر فياليتنيـ أراهـ لأعلمهـ من الـ حـ مـ ا ر !!
^^
انتهى كلامهـ فيـ موضوعهـ هذا ..


:: اضاءه ::

مهاراتكـ فيـ التعامل معـ الآخرين ..
على أساسها تتحدد طريقة تعامل الناسـ معكـ .. ^^
.................


ـــــــــــــــــــــــــــــــ







الموضوعـ الثالث : أيـ الناسـ أحب إليكـ ؟
يقول الشيخـ :::: تكون أقوى الناسـ قدرة على استعمال مهارات التعامل مع الآخرين عندما تتعامل مع كل أحد تعاملاً رائعاً يجعلهـ يشعر أنه أحب الناسـ إليكـ ..







فتتعامل معـ أمكـ تعاملاً رائعاً مشبعاً بالتفاعل والأنس والاحتفاء إلى درجة أنها تشعر أن هذا التعامل الراقيـ لم يلقه أحد منك قبلها ..




وقل مثل ذلك عند تعاملكـ معـ أبيكـ ..معـ زوجتكـ .. أولادكـ .. زملائكـ .. بل قل مثلهـ عند تعاملكـ مع من تلقاهمـ مرة واحدة .. كبائع في دكان .. أو عامل في محطة وقود ..




كل هؤلاء تستطيعـ أن تجعلهم يجمعون على أنك أحب الناس إليهم إذا أشعرتهم أنهم أحب الناس إليك .. وقد كان صلى الله عليه وسلم قدوة في ذلك ..




إذ إن من تتبعـ سيرتهـ .. وجد أنه كان يتعامل بمهارات أخلاقية راقية .. فيعامل كل أحد يلقاه بمهارات من احتفاء وتفاعل وبشاشة .. حتى يشعر ذلك الشخص أنه أحب الناس إليه .. وبالتالي يكون هو أيضا صلى الله عليه وسلم أحب الناس إليهم .. لأنه أشعرهم بمحبته ..




كان عمرو بن العاص رضي الله عنه داهية من دهاة العرب .. حكمة وفطنة وذكاء .. فأدهى العرب أربعة .. عمرو واحد منهم ..




أسلم عمرو وكان رأساً في قومه .. فكان إذا لقي النبي صلى الله عليه وسلم في طريق رأى البشاشة والبشر والمؤانسة .. وإذا دخل مجلساً فيه النبي صلى الله عليه وسلم رأى الاحتفاء والسعادة بمقدمهـ .. وإذا دعاه النبي صلى الله عليه وسلم ناداه بأحب الأسماء إليه ..




شعر عمرو بهذا التعامل الراقي .. ودوام الاهتمام والتبسم أنه أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فأراد أن يقطع الشك باليقين .. فأقبل يوماً إلى النبي صلى الله عليه وسلم وجلس إليه ... ثم قال : يارسول الله .. أي الناس أحب إليك ؟




فقال صلى الله عليه وسلم : عائشة ..




قال عمرو : لا .. من الرجال يارسول الله ؟ .. لست أسألك عن أهلك ..




فقال صلى الله عليه وسلم : أبوها ..




قال عمرو : ثم من؟




قال : ثم عمر بن الخطاب ..




قال : ثم أي .. فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يعدد رجالاً .. يقول : فلان .. ثم فلان ..




بحسب سبقهم إلى الإسلام .. وتضحيتهم من أجله ..




قال عمرو : فسكت مخافة أن يجعلني في آخرهم ..




فانظر كيف استطاع صلى الله عليه وسلم أن يملك قلب عمرو بمهارات أخلاقية مارسها معه .. بل كان عليه الصلاة والسلامـ ينزل الناس منازلهم .. وقد يترك أشغاله لأجلهم .. لإشعارهم بمحبته لهم وقدرهم عنده ..




لما توسع صلى الله عليه وسلم بالفتوحات وبدأ ينتشر الإسلام .. جعل صلى الله عليه وسلم يرسل الدعاة من عنده لدعوة القبائل إلى الإسلام .. وربما احتاج الأمر أن يرسل جيشاً .. وكان عدي بن حاتم الطائي .. ملكاً ابن ملك .. أرسل النبي صلى الله عليه وسلم جيشاً إلى قبيلة "طيء" .. وكان عدي قد هرب من الحرب فلم يشهدها .. واحتمى بالروم في الشام ..




وصل جيش المسلمين إلى ديار طيء .. كانت هزيمة طيء سهلة .. فلا ملك يقود .. ولا جيش مرتب .. وكان المسلمون في حروبهم .. يحسنون إلى الناس .. ويعطفون وهم في قتال .. كان المقصود صد كيد قوم عدي عن المسلمين .. وإظهار قوة المسلمين لهم ..




أسر المسلمون بعض قوم عدي .. وكان من بينهم أخت لعدي بن حاتم .. مضوا بالأسرى إلى المدينة .. حيث رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وأخبروا النبي صلى الله عليه وسلم بفرار عدي إلى الشام ..




فعجب صلى الله عليه وسلم من فراره !! كيف يفر من الدين ؟ كيف يترك قومه ؟




ولكن لم يكن إلى الوصول إلى عدي سبيل .. لم يطب المقام لعدي في ديار الروم .. فاضطر للرجوع إلى ديار العرب .. ثم لم يجد بداً من أن يذهب إلى المدينة للقاء النبي صلى الله عليه وسلم ومصالحته .. أو التفاهم على شيء يرضيهما ..




يقول عدي وهو يحكي قصة ذهابه إلى المدينة ::




مارجل من العرب كان أشد كراهة لرسول الله صلى الله عليه وسلم مني .. وكنت على دين النصرانية .. وكنت ملكاً في قومي لما كان يصنع بي ..




فلما سمعت برسول الله صلى الله عليه وسلم كرهته كراهية شديدة .. فخرجت حتى قدمت الروم على قيصر ..




قال : فكرهت مكاني ذلك ..




فقلت : والله لو أتيت هذا الرجل .. فإن كان كاذباً لم يضرني .. وإن كان صادقاً علمت .. فقدمت فأتيته ..




فلما دخلت المدينة جعل الناس يقولون : هذا عدي بن حاتم .. هذا عدي بن حاتم .. فمشيت حتى أتيت فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد .. فقال لي : عدي بن حاتم ؟




قلت : عدي بن حاتم ..




فرح النبي صلى الله عليه وسلم بمقدمه .. واحتفى به .. مع ان عدياً محارب للمسلمين وفار من الحرب .. ومبغض للإسلام .. ولاجىء إلى النصارى ..




ومع ذلك لقيه صلى الله عليه وسلم بالبشاشة والبشر .. وأخذ بيده يسوقه معه إلى بيته .. عدي وهو يمشي بجانب النبي صلى الله عليه وسلم يرى أن الرأسين متساويين ..!!!




فمحمد (صلى الله عليه وسلم) ملك على المدينة وماحولها .. وعدي ملك على جبال طيء وماحولها ..




ومحمد (صلى الله عليه وسلم) على دين سماوي "الإسلام" .. وعدي على دين سماوي "النصرانية" ..




ومحمد (صلى الله عليه وسلم) عنده كتاب منزل "القرآن" .. وعدي عنده كتاب منزل "الإنجيل" ..




كان عدي يشعر أنه لافرق بينهما إلا في القوة والجيش ..




في أثناء الطريق وقعت ثلاثة مواقف :


!!!!!!!!!!








ـــــــــــــــــــــــــــــــ


تابعـ للموضوعـ السابقـ ^^

........

بينما هما يمشيان إذا بامرأة قد وقفت فيـ وسط الطريقـ فجعلت تصيحـ : يارسول الله .. ليـ إليكـ حاجة ..فانتزعـ النبيـ صلى الله عليه وسلمـ يده من يد عديـ ومضى إليها .. وجعل يستمعـ إلى حاجتها ..
عديـ بن حاتمـ .. الذيـ قد عرف الملوكـ والوزراء جعل ينظر إلى هذا المشهد .. ويقارن تعامل النبيـ صلى الله عليه وسلمـ معـ الناسـ بتعامل من رآهمـ من قبل من الرؤساء والسادة ..
فتأمل طويلاً ثمـ قال :: والله ماهذه بأخلاقـ الملوكـ .. هذه أخلاقـ الأنبياااااء ..
وانتهت المرأة من حاجتها فعاد النبيـ صلى الله عليه وسلمـ إلى عديـ .. ومضا يمشيان .. فبينما هما كذلكـ .. فإذا برجل يقبل على النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
فماذا قال الرجل ؟!!
هل قال :: يارسول الله عنديـ أموال زائدة أبحث لها عن فقير ؟!!
أمـ قال :: حصدت أرضيـ وزاد عنديـ الثمر .. فماذا أفعل به ؟!
ياليته قال شيئاً من ذلكـ .. لعل عدياً إذا سمعه يشعر بغنى المسلمين وكثرة أموالهمـ ..
قال الرجل :: يارسول الله .. أشكو إليكـ الفاقة والفقر ..
مايكاد هذا الرجل يجد طعاماً يسد به جوعة أولاده .. ومن حوله من المسلمين يعيشون على الكفاف ليسـ عندهمـ مايساعدونه به ..
قال الرجل هذه الكلمات وعديـ يسمعـ .. فأجابه النبيـ صلى الله عليه وسلمـ بكلمات ومضى .. فلما مشيا خطوات .. أقبل رجل آخر .. قال :: يارسول الله أشكو إليكـ قطعـ الطريقـ ؟!!
يعنيـ أننا يارسول الله لكثرة أعدائنا حولنا لا نأمن أن نخرجـ عن بنيان المدينة لكثرة من يعترضنا من كفار أو لصوصـ ..
أجابه النبيـ صلى الله عليه وسلمـ بكلمات ومضى .. جعل عديـ يقلب الأمر فيـ نفسه .. هو فيـ عز وشرف فيـ قومه .. وليسـ له اعداء يتربصون به ..
فلماذا يدخل هذا الدين الذيـ أهله فيـ ضعف ومسكنة .. وفقر وحاجة ..
وصلا إلى بيت النبيـ صلى الله عليه وسلمـ .. فدخلا .. فإذا وسادة واحدة فدفعها النبيـ صلى الله عليه وسلمـ إلى عديـ إكرامآ له .. وقال :: خذ هذه فاجلسـ عليها ..
فدفعها عديـ إليه وقال :: بل اجلسـ عليها أنت .. فقال صلى الله عليه وسلمـ :: بل أنت .. حتى استقرت عند عديـ فجلسـ عليها ..
عندها .. بدأ النبيـ صلى الله عليه وسلمـ يحط الحواجز بين عديـ والإسلامـ .. ياعديـ أسلمـ .. تسلمـ .. أسلمـ تسلمـ .. أسلمـ تسلمـ ..
قال عديـ :: إنيـ على دين ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ :: أنا أعلمـ بدينكـ منكـ ..
قال :: انت أعلمـ بدينيـ منيـ ؟
قال :: نعمـ .. ألست من الركوسية؟!
والركوسية ديانة نصرانية مشربة بشيء من المجوسية .. فمن مهارته صلى الله عليه وسلمـ فيـ الاقناعـ أنه لمـ يقل ألست نصرانيآ ..
وإنما تجاوز هذه المعلومة إلى معلومة أدقـ منها فأخبره بمذهبه فيـ النصرانية تحديدآ ..
كما لو لقيكـ شخصـ فيـ أحد بلاد أوروبا وقال لكـ :: لماذا لا تتنصر ؟
فقلت :: إنيـ على دين ..
فلمـ يقل لكـ :: ألست مسلمآ .. ولمـ يقل :: ألست سنيآ .. وإنما قال :: ألست شافعيآ أو حنليآ ..
عندها ستدركـ أنه يعرف كل شيء عن دينكـ ..
فهذا الذيـ فعله المعلمـ الأول صلى الله عليه وسلمـ معـ عديـ .. قال :: ألست من الركوسية؟
فقال عديـ :: بلى ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ :: فإنكـ إذا غزوت معـ قومكـ تأكل فيهمـ المرباعـ؟
قال :: بلى ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ :: فإن هذا لايحل لكـ فيـ دينكـ ..
فتضعضعـ لها عديـ .. وقال :: نعمـ ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ:: أما إنيـ اعلمـ الذيـ يمنعكـ من الإسلامـ ..
أنكـ تقول :: إنما اتبعه ضعفة الناسـ ومن لا قوة لهمـ ..
وقد رمتهمـ العرب ..
ياعديـ .. أتعرف الحيرة؟ "الحيرة مدينة بالعراقـ"
قلت :: لمـ أرها وقد سمعت بها ..
قال :: فو الذيـ نفسيـ بيده ليتمن الله هذا الأمر حتى تخرجـ الظعينة من الحيرة حتى تطوف بالبيت فيـ غير جوار أحد ..
أيـ سيقوى الإسلامـ إلى درجة أن المرأة المسلمة الحاجة تخرجـ من الحيرة حتى تصل إلى مكة ليسـ معها محرمـ .. من غير أحد يحميها ..
وتمر على مئات القبائل فلا يجرؤ أحد أن يعتديـ عليها أو يسلبها مالها .. لأن المسلمين صار لهمـ قوة وهيبة ..
إلى درجة أن أحدآ لايجرؤ على التعرضـ لمسلمـ خوفآ من انتصار المسلمين له ..
فلما سمعـ عديـ ذلكـ .. جعل يتصور المنظر فيـ ذهنه .. امرأة تخرجـ من العراقـ حتى تصل إلى مكة .. معنى ذلكـ أنها ستمر بشمال الجزيرة ..
يعنيـ ستمر بجبال طيء .. ديار قومه ..
فتعجب عديـ وقال فيـ نفسه :: فأين عنها ذُعّار طي الذين سعروا البلاد !!
ثمـ قال صلى الله عليه وسلمـ :: وليفتحن كنوز كسرى بن هرمز ..
قال :: كنوز ابن هرمز ؟؟
قال :: نعمـ كسرى بن هرمز .. ولتنفقن أمواله فيـ سبيل الله ..
قال صلى الله عليه وسلمـ :: ولئن طالت بكـ حياة لترين الرجل يخرجـ بملء كفه من ذهب أو فضة يطلب من يقبله منه فلا يجد أحدآ يقبله منه ..
يعنيـ من كثرة المال يخرجـ الغنيـ يطوف بصدقته لا يجد فقيرآ يعطيه إياها .. ثمـ بدأ صلى الله عليه وسلمـ يعظ عديآ ويذكره بالآخرة ..
فقال :: وليلقين الله أحدكمـ يومـ يلقاه ليسـ بينه وبينه ترجمان , فينظر عن يمينه فلا يرى إلا جهنمـ , وينظر عن شماله فلا يرى إلا جهنمـ " ..
سكت عديـ متفكرآ ..
ففاجأه صلى الله عليه وسلمـ قائلآ :: ياعديـ .. فما يفركـ أن تقول لا إله إلا الله ؟ .. أو تعلمـ من إله اعظمـ من الله ؟!!
قال عديـ :: فإنيـ حنيف مسلمـ .. أشهد أن لا إله إلا الله .. وأشهد أن محمدآ عبده ورسوله ..
فتهلل وجه النبيـ صلى الله عليه وسلمـ فرحآ مستبشرآ ..
قال عديـ بن حاتمـ :: فهذه الظعينة تخرج من الحيرة تطوف بالبيت في غير جوار ..
ولقد كنت فيمن فتحـ كنوز كسرى .. والذيـ نفسيـ بيده لتكونن الثالثة لان رسول الله صلى الله عليه وسلمـ قد قالها" ..
فتأمل كيف كان هذا الأنسـ منه صلى الله عليه وسلمـ لعديـ .. وهذا الاحتفاء الذيـ قابله به .. حتى شعر به عديـ .. تأمل كيف كان كل ذلكـ جاذبآ لعديـ للدخول فيـ الإسلامـ ..
فلو مارسنا هذا الحب معـ الناسـ .. مهما كانوا .. لملكنا قلوبهمـ ..
^^
انتهى كلامه فيـ موضوعه هذا ..
:: اضاءة ::

بالرفقـ واستعمال مهارات التعامل والإقناعـ ..
نستطيعـ أن نحققـ مانريد ..


.................



ـــــــــــــــــــــــــــــــ




الموضوعـ الخامسـ : التواضعـ ..


يقول الشيخـ :::: كنت فيـ مجلسـ فيه عدد من الوجهاء ..


فتحدث أحد من رآه استغنى ! وقال فيـ أثناء حديثه ::


ومررت بأحد العمال .. فمد يده ليصافحنيـ .. فترددت ثمـ مددت يديـ وصافحته ..


ثمـ قال بشيء من الغرور :: معـ انيـ لا اعطيـ يديـ لأيـ أحد !!


ما شاء الله يقول :: لا أعطيـ يديـ لأيـ أحد ..


أما رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. فكانت الأمَة المملوكة الضعيفة .. تلقاه فيـ وسط الطريقـ .. فتشتكيـ إليه من ظلمـ أهلها .. أو كثرة شغلها .. فينطلقـ معها إلى أهلها ليشفعـ لها ..


وكان يقول ::


"لا يدخل الجنة من كان فيـ قلبه مثقال ذرة من كبر ".. كمـ سمعنا الناسـ يرددون ::


يا أخيـ .. فلان متكبر .. فلان "شايف نفسه" .. ويبغضونه بسبب هذا الخلقـ ويذمونه ..


وتسأله :: لماذا لمـ تستعن بجاركـ فيـ كذا ؟!


فيقول :: فلان متكبر علينا .. مايعطينا وجه !!


آآآآه كمـ همـ مبغوضون أولئكـ الذين يتكبرون على الناسـ .. ويعاملونهمـ باستعلاء ..


كمـ هو منبوذ .. ذاكـ الذيـ يطغى أن رآه استغنى ..


ذاكـ الذيـ يصعر خده للناسـ ويمشيـ فيـ الأرضـ مرحآ ..


ذاكـ الذيـ يتكبر على العمال .. والخدامـ .. والفقراء ..


يتكبر على محادثتهمـ .. ومصافحتهمـ .. ومجالستهمـ ..


لما دخل صلى الله عليه وسلمـ مكة فاتحآ .. جعل يمر بطرقات مكة ..


التيـ طالما أوذيـ فيها .. واستهزئ به ..


كمـ سمعـ فيـ طرقاتها .. يامجنون .. ساحر .. كاهن .. كذاب ..


وهو اليومـ يدخلها قائدآ عزيزآ .. ممكنآ .. قد أذل الله أهلها بين يديه ..


فكيف كان شعوره وهو داخل ؟!


قال عبدالله بن أبيـ بكر رضيـ الله عنهما ::


لما وصل رسول الله صلى الله عليه وسلمـ إلى "ذيـ طوى " .. وقف على راحلته معتجرآ بقطعة بُرْدٍ حمراء ..


وإن رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ليضعـ رأسه تواضعآ لله .. حين رأى ما أكرمه الله به من الفتحـ .. حتى إن عثنونه "طرف لحيته" ليكاد يمسـ واسطة الرحل ..


وقال أنسـ رضيـ الله عنه ::


دخل رسول الله صلى الله عليه وسلمـ مكة يومـ الفتحـ وذقنه على راحلته متخشعآ ..


وقال ابن مسعود :: أقبل رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ فكلمه فيـ شيء .. فأخذته الرعدة ..


فقال صلى الله عليه وسلمـ :: هون عليكـ .. فإنما انا ابن امرأة من قريشـ تأكل القديد "اللحمـ المجفف" ..


وكان صلى الله عليه وسلمـ يقول :: اجلسـ كما يجلسـ العبد .. وآكل كما يأكل العبد ..


نعمـ ..


تواضعـ تكن كالنجمـ لاحـ لناظر *** على صفحات الماء وهو رفيعـ

ولا تكـ كالدخــــان يعلو بنفسه *** على طبقات الجو وهو وضيعـ

باختصار ::
من تواضعـ لله رفعه .. ومازاد الله عبدآ بالتواضعـ إلا عزآ ..



^^
انتهى كلامه فيـ موضوعه هذا ..

.................





ـــــــــــــــــــــــــــــــ



الموضوعـ الخامسـ : لا للعداوات ..




يقول الشيخـ :::: تجد أن الناسـ عند التعامل معهمـ لهمـ طبائعـ ..

منهمـ الغضوب ومنهمـ البارد ..




ومنهمـ الذكيـ ومنهمـ الغبيـ ..




والمتعلمـ والجاهل ..




ومنهمـ حسن الظن وسيئ الظن .. و :



من عامل الناسـ لاقى منهمـ نصابآ *** فإن سَوْسَهـــمُـ بغي وطغيـــان
فالظالمـ يغفل عن ظلمه ويرى أنه أعدل الناسـ ..


والغبيـ يرى انه أذكى الناسـ ..


والأخرقـ السفيه .. يرى أنه حكيمـ زمانه !!


أذكر لما كنت شابآ - وأظننيـ لاأزال كذلكـ -


أعنيـ لما كنت فيـ أوائل الدراسة الثانوية .. أقبل علينا ضيف ثقيل .. لاأدريـ هل أكمل دراسته الابتدائية أمـ لا؟ لكن الذيـ أجزمـ به أنه يقرأ ويكتب ..


وكنت مشغولآ وقت دخوله بمسألة شرعية لمـ أجد لها جوابآ ..


وضعت له مايوضعـ للضيف من قِرى .. ثمـ تناولت الهاتف وجعلت أكرر الاتصال بالشيخـ الإمامـ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله- لسؤاله عنها .. لمـ أجد الشيخـ ..


رآنيـ صاحبيـ منشغلآ إلى هذا الحد .. فسألنيـ :: بمن تتصل ..


قلت :: بالشيخـ ابن باز .. عنديـ استفتاء مهمـ ..


فبادرنيـ قائلآ بكل ثقة :: سبحان الله .. ابن باز .. وأنا موجود؟!!


تجد من الناسـ كثيرين كذلكـ .. فتحمل ثقلهمـ .. وعاملهمـ بلطف .. واكسبهمـ ..


حاول بقدر استطاعتكـ أن لا تكسب عداوات .. فلمـ تبعث عليهمـ وكيلآ ..


أنقذ مايمكن إنقاذه .. ولاتعذب نفسكـ ..


^^
انتهى كلامه فيـ موضوعه هذا ..


:: اضاءة ::

الحياة أقصر من أن تشغلها باكتساب عداوات ..

.................





ـــــــــــــــــــــــــــــــ





الموضوعـ السادسـ : ابتسمـ .. ثمـ ابتسمـ .. ثمـ ابتسـ .. ثمـ ابتـ .. ..



يقول الشيخـ :::: أعرفه منذ سنين ..
فهو أحد زملائيـ فيـ عمليـ .. على كل حال ..
لكن هل تصدقـ أننيـ إلى الآن لا أدريـ هل نبتت له أسنان أمـ لا؟
دائمـ التجهمـ .. والعبوسـ .. وكأنه إذا ابتسمـ نقصـ عمره .. أو قلَّ ماله !!
قال جرير بن عبدالله البجليـ :: مارآنيـ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ إلا تبسمـ فيـ وجهيـ ..
الابتسامة أنواعـ .. ومراتب ..
فمنها البشاشة الدائمة .. أن يكون وجهكـ صبوحآ مبتهجآ دائمآ ..
فلو كنت مدرِّسآ ودخلت الفصل على طلابكـ .. فالقهمـ بوجه بشوشـ ..
ركبت طائرة .. ومشيت فيـ الممر والناسـ ينظرون إليكـ كن بشوشآ ..
دخلت بقالة .. أو محطة وقود .. مددت له الحساب .. ابتسمـ ..
ولو كنت فيـ مجلسـ .. ودخل شخصـ وسلمـ بصوت عال .. ومر بنظره على الجالسين .. ابتسمـ ..
ولو دخلت على مجموعة .. وصافحتهمـ .. ابتسمـ ..
وعمومآ ::
الابتسامة لها من التأثير الكبير فيـ امتصاصـ الغضب والشكـ والتردد .. مالا يشاركها غيرها ..
البطل هو الذيـ يستطيعـ التغلب على عواطفه .. ويتبسّمـ .. حتى فيـ أحلكـ المواقف ..
كان أنسـ بن مالكـ رضيـ الله عنه يمشيـ معـ النبيـ صلى الله عليه وسلمـ يومآ ..
والنبيـ صلى الله عليه وسلمـ عليه بُرد نجرانيـ غليظ الحاشية .. فلحقهما أعرابيـ ..
أقبل هذا الأعرابيـ يجريـ وراء النبيـصلى الله عليه وسلمـ يريد أن يلحقـ به .. حتى إذا اقترب منه .. جبذه بردائه جبذة شديدة .. فتحركـ الرداء بعنف على رقبة النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
قال أنسـ :: حتى نظرت إلى صفحة عاتقـ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. قد أثرت بها حاشية البُرد من شدة جبذته ..
فماذا يرد هذا الرجل ؟!
لعل بيته يحترقـ وأقبل يريد معونة ..
أو أحاطت بهمـ غارة من المشركين .. فأقبل فزعآ يريد نصرة ..
اسمعـ ماذا يريد ..
قال :: يا محمد .. (لاحظ لمـ يقل : يارسول الله) ..
قال :: يا محمد .. مُر ليـ من مال الله الذيـ عندكـ ..
فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. ثمـ ضحكـ .. ثمـ أمر له بعطاء ..
نعمـ .. كان صلى الله عليه وسلمـ بطلآ لاتستفزه مثل هذه التصرفات .. ولا يعاقب أو تثور أعصابه على التافهات ..
كان واسعـ البطان .. قويآ يضبط أعصابه ..
دائمـ الابتسامة حتى فيـ أحلكـ الظروف .. يفكر فيـ عواقب الأمور قبل ان يفعلها .. وماذا يفيد لو انه صرخـ بالرجل او طرده !!
هل سيشفى جرحـ عنقه ! أو يصلحـ أدب الرجل ! كلا ..
إذن ليسـ مثل الصبر والتحمل ..
نعمـ بعضـ الأمور نثور عليها ونغضب .. وعلاجها بشيء آخر تمامآ .. نعالجها بالرفقـ .. واللين .. والتبسمـ .. وإحسان الظن .. وكظمـ الغيظ .. وكسب الناسـ ..
وصدقـ صلى الله عليه وسلمـ لما قال :: "ليسـ الشديد بالصُّرَعَة .. إنما الشديد الذيـ يملكـ نفسه عند الغضب" ..
كان النبيـ الكريمـ صلى الله عليه وسلمـ .. يجذب الناسـ بالتبسمـ والبشاشة ..
خرجو إلى غزوة خيبر .. وفيـ أثناء القتال .. وقعـ من حصن اليهود جراب فيه شحمـ .. قِربة كاملة مملوءة سمنآ .. التقطه عبدالله بن مغفل رضيـ الله عنهوحمله على عاتقه فَرِحآ ومضى به إلى رَحله وأصحابه ..
فلقيه الرجل المسئول عن جمعـ الغنائمـ وترتيبها .. فجذب الجراب إليه .. وقال ::
هاتِ هذا نقسمه بين المسلمين ..
فتعلقـ به عبدالله :: لا والله .. لا أعطيكه .. أنا اصبته ..
قال :: بلى .. وجعلا يتجاذبان الجراب ..
فمرّ بهما رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. فرآهما .. وهما يتجاذبان الجراب ..
فتبسمـ صلى الله عليه وسلمـ ضاحكآ .. ثمـ قال لصاحب المغانمـ :: لا أبالكـ .. خَلِّ بينه وبينه .. فتركه الرجل فيـ يد عبدالله ..
فانطلقـ به عبدالله إلى رَحله وأصحابه .. فأكلوه ..
وأخيرآ .. تبسمكـ فيـ وجه أخيكـ صدقة ..
^^
انتهى كلامه فيـ موضوعه هذا ..


:: قــدوة ::

وما رآنيـ إلا تبسمـ !





.................









ـــــــــــــــــــــــــــــــ









الموضوعـ السابعـ : الثبات على المبادئ ..


يقول الشيخـ :::: كلما كانت شخصية الشخصـ أقوى .. وثباته على مبادئه أشد .. كان أهمَّـ فيـ الحياة ..


أحيانآ يكون من مبادئكـ عدمُـ أخذ الرشوة .. مهما ملَّحوا أسمائها .. بخشيشـ .. هدية .. عمولة .. فأثبت على مبدئكـ ..


زوجة يكون من مبادئها .. عدمُـ الكذب على زوجها .. مهما زيّنوه لها .. تمشية حال .. كذب أبيضـ .. فلتثبت على مبادئها ..


من المبادئ ..


عدمـ تكوين علاقات محرمة معـ الجنسـ الآخر ..


عدمـ شرب الخمر ..


شخصـ لايدخن .. جلسـ معـ أصحابه .. ليثبُتْ على مبادئه ..


الشخصـ الثابت على مبادئه وإن انتقدهُ أصحابه أحيانآ .. واتهموه بعدمـ المرونة .. إلا أن مشاعرهمـ الداخلية تؤمن أنها أمامـ بطل ..


فتجد أن أكثرهمـ يلجأ إليه عند الشدائد .. أو ليستشيره فيـ مشاكله الشخصية .. ويشعر بأهميته أكثر من غيره ..


وليسـ هذا خاصآ بأحد الجنسين دون الآخر .. بل الرجال والنساء فيـ ذلكـ سواء .. فاثبت على مبادئكـ ولا تقدمـ تنازلات .. عندها سيرضخـ الناسـ لها ..


لما ظهر الإسلامـ فيـ الناسـ جعلت لقبائل تَفِدُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..


فجاء وفد قبيلة ثقيف وكانوا بضعة عشر رجلآ .. فلما قدموا أنزلهمـ رسول اللهصلى الله عليه وسلمـ المسجد ليسمعوا القرآن ..


فسألوه :: عن الربا والزنا والخمر ؟


فأخبرهمـ أن ذلكـ كله حرامـ ..


وكان لهمـ صنمـ ورثوا عبادته وتعظيمه عن آبائهمـ .. اسمه "الرّبّة" .. ويصفونه بـ "الطاغية" ..


وينسجون حوله القصصـ والحكايات للدلالة على قوته .. فسألوه عن "الربة" ماهو صانعـ بها ؟


فقال صلى الله عليه وسلمـ دون تردد :: اهدموها ..


ففزعوا .. وقالوا :: هيهات .. لو تعلمـ الربة أنكـ تريد أن تهدمها .. قتلت أهلها !!


وكان عمر رضيـ الله عنه حاضرآ .. فعجب من خوفهمـ من هدمـ صنمـ .. فقال :: ويحكمـ يامعشر ثقيف !! ماأجهلكمـ !! إنما الربة حجر !! لايضر ولاينفعـ ..


فغضبوا .. وقالوا :: إنا لمـ نأتكـ ياابن الخطاب ..


فسكت عمر ..


فقالوا :: نشترط أن تدعـ لنا الطاغية ثلاث سنين .. ثمـ تهدمه بعدها إن شئت ..


فرأى النبيـ صلى الله عليه وسلمـ أنهمـ يساومونه على أمر فيـ العقيدة !! وهيـ أعظمـ مبدأ فيـ حياة المسلمـ .. والتوحيد هو أصل الإسلامـ .. فما دامـ أنهمـ سيسلمون .. فما الداعيـ للتعلقـ بالصنمـ ..!!


فقال صلى الله عليه وسلمـ :: لا ..


قالوا :: فدعه سنتين .. ثمـ اهدمه ..


قال :: لا ..


قالوا :: فدعه سنة واحدة ..


قال :: لا ..


قالوا :: فدعه شهرآ واحدآ !!


قال :: لا ..


فلما رأوا أنه لمـ يستجب لهمـ فيـ ذلكـ .. علموا أن المسألة مسألة شركـ وإيمان .. لا مجال فيها للمفاوضة !!


قالوا :: يارسول الله .. فتولَّ أنت هدمها .. أما نحن فإنا لن نهدمها أبدآ ..


فقال صلى الله عليه وسلمـ :: سأبعث إليكمـ من يكفيكمـ هدمها ..


فقالوا :: والصلاة .. لانريد أن نصليـ .. فإننا نأنف أن تعلوا إست الرجل رأسة !!


يعنيـ :: لايرضون لشدة تكبرهمـ أن تكون مؤخرة أحدهمـ وقت السجود أعلى من رأسه !!


فقال صلى الله عليه وسلمـ :: أما كسر أصنامكمـ بأيديكمـ فسنعفيكمـ من ذلكـ ..


وأما الصلاة .. فلا خير فيـ دين لاصلاة فيه ..!!


فقالوا :: سنؤتيكها .. وإن كانت دناءة .. فكاتبوه على ذلكـ ..


وذهبوا إلى قومهمـ .. ودعوهمـ إلى الإسلامـ .. فأسلموا على مضضـ ..


ثمـ قدمـ عليهمـ رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلمـ لهدمـ الصنمـ .. فيهمـ خالد بن الوليد .. والمغيرة بن شعبة الثقفيـ ..


فتوجه الصحابة إلى الصنمـ ..


ففزعت ثقيف .. وخرجـ الرجال والنساء والصبيان .. وجعلوا يرقبون الصنمـ .. وقد وقعـ فيـ قلوبهمـ أنه لن ينهدمـ .. وأن الصنمـ سيمنعـ نفسه ..


فقامـ المغيرة بن شعبة .. فأخذ الفأسـ .. والتفت إلى الصحابة الذين معه وقال :: والله لأضحكنّكمـ من ثقيف !!


ثمـ أقبل المغيرة بن شعبة إلى الصنمـ .. فضرب الصنمـ بالفأسـ .. ثمـ سقط على الأرضـ وجعل يرفسـ برجله ..


فصاحت ثقيف .. وارتجوا .. وفرحوا .. وقالوا :: أبعد الله المغيرة .. قتلته الربة .. ثمـ التفتوا إلى بقية الصحابة وقالوا :: من شاء منكمـ فليقترب ..


عندها قامـ المغيرة ضاحكآ .. وقال :: ويحكمـ يامعشر ثقيف .. إنما هيـ لُكاعـ (أيـ مزحة) .. وهذا صنمـ .. حجارة ومدر .. فاقبلوا عافية الله واعبدوه ..


ثمـ أقبل يهدمـ الصنمـ .. والناسـ معه .. فما زالوا يهدمونها حجرآ حجرآ .. حتى سوّوها بالأرضـ ..



^^
انتهى كلامه فيـ موضوعه هذا ..


:: وحيـ ::

"من طلب رضا الناسـ بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناسـ ,
ومن طلب رضا الله بسخط الناسـ رضيـ الله عنه وأسخط عنه الناسـ"
صدقـ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..



.................



ـــــــــــــــــــــــــــــــ











الموضوعـ الثامن : إذا لمـ يكن ماتريد فأرد مايكون..!!


يقول الشيخـ :::: مادمت مُلزمآ فاستمتعـ ..
هكذا كنت أقول لشاب أصيب بمرضـ السكر .. فكان يشرب الشايـ من غير سكر .. ويتأسف لحاله ..
كنت أقول له :: هل إذا تأسفت وحزنت أثناء شربكـ الشايـ .. هل تنقلب المرارة حلاوة ..
قال :: لا ..
قلت :: مادمت ملزمآ .. فاستمتعـ ..
أعنيـ انّ الدنيا لا تأتيـ دائمآ على مانحب ..
وهذا يقعـ فيـ حياتنا كثيرآ ..
سيارتكـ قديمة .. مكيف لايشتغل .. مراتب ممزقة ..
ولا تستطيعـ حاليآ تغييرها ..
ما الحل ؟! مادمت ملزمآ فاستمتعـ ..
تقدمت للدراسة بالجامعة .. فقبلت فيـ كلية لاترغب فيـ الدراسة فيها .. حاولت تعديل الحال فلمـ تستطعـ .. فاضررت لمواصلة الدراسة .. وأكملت سنتين وثلاث ..


فما الحل ؟! مادمت ملزمآ فاستمتعـ ..



تقدمت لوظيفة فلمـ تقبل .. وقبلت فيـ أخرى .. وبدأت دوامكـ فيها ..
فما الحل ؟! مادمت ملزمآ فاستمتعـ ..
خطبت فتاة فرفضت .. وتزوجت آخر ..
ما الحل ؟! مادمت ملزمآ فاستمتعـ ..
كثير من الناسـ يجعل الحل هو الاكتئاب الدائمـ .. والتأفف من واقعه .. وكثرة التشكيـ إلى من عرف ومن لمـ يعرف! وهذا لايَرُدّ إليه رزقآ فاته .. ولايعجل برزقـ لمـ يكتب له ..
إذن ما الحل ؟!
إذا لمـ يكن ماتُريد فأرِدْ مايكون ..
العاقل فهو الذيـ يتكيف معـ واقعه كيفما كان .. مادامـ لا يستطيعـ التغيير إلى الأحسن ..
أحد أصدقائيـ كان يشرف على بناء مسجد .. فضاقت بهمـ النفقة .. فتوجهوا إلى أحد التجار للاستعانة به فيـ إكمال البناء ..
فتحـ لهمـ الباب .. جلسـ معهمـ قليلآ .. وأعطاهمـ ماتيسر ..
ثمـ اخرجـ دواء من جيبه وجعل يتناوله ..
قال له أحدهمـ :: سلامات .. عسى ماشر !!
قال :: لا .. هذه حبوب منوّمة .. منذ عشر سنين لاأنامـ إلا بها ..
دعوا له .. وخرجوا ..
فمروا على حفريات وأعمال طرقـ عند مخرجـ المدينة .. وقد وضعـ عندها انوار تعمل بمولد كهربائيـ قد ملأ الدنيا ضجيجآ ..
ليسـ هذا هو الغريب ..
الغريب أن حارسـ المولد هو عامل فقير قد افترشـ قصاصات جرائد .. وناااامـ ..
نعمـ عشـ حياتكـ .. لا وقت فيها لِلهمّـ .. تعامل معـ المعطيات التيـ بين يديكـ ..
خرجـ صلى الله عليه وسلمـ معـ أصحابه فيـ غزوة فقلَّ طعامهمـ .. وتعبوا .. فأمرهمـ .. أن يجمعوا ما عندهمـ من طعامـ .. وفرشـ رداءه .. وصار الرجل يأتيـ بالتمرة .. والتمرتين .. وكسرة الخبز .. وكلها تجتمعـ فوقـ هذا الرداء ..
ثمـ أكلوا .. وهمـ مستمتعون .. ربّما لمـ يشبعـ منهمـ أحد .. لكنه على الأقل أكل مايسدّ به رمقه .. والجود من الموجود .. ^^
انتهى كلامه فيـ موضوعه هذا ..
:: لمحـــة ::

ماكل مايتمنى المرء يدركه ..
تجريـ الرياحـ بما لاتشتهيـ السفن
.................






ـــــــــــــــــــــــــــــــ





الموضوعـ التاسعـ : مشاكل ليسـ لها حل ..



يقول الشيخـ :::: كمـ ترى من الناسـ غاضبآ وهو يقود سيارته .. وربما ضرب بيديه على مقودها .. وردد :: أوووه دائمآ زحمة .. زحمة!!
أو قد تراه يمشيـ فيـ الطريقـ .. ولايحتمل أن يكلمه أحد .. بل متضايقـ أشد الضيقـ .. ويردد :: أوووف حرّرر شديييد .. !!
وربما كنت زميلآ له فيـ مكتب واحد .. تبتلى برؤيته كل يومـ .. ويشغلكـ كلما جلسـ .. "ياخيـ العمل كثييير .. أوووه إلى متى مايزيدون رواتبنا" ..
ويدخل عابسآ .. ويخرجـ ساخطآ ..
وربما أكثر التشكيـ من آلامـ بدنه .. أو إعاقة ولده ..
باختصار : لابد أن نقتنعـ جميعآ أننا تواجهنا فيـ حياتنا مشاكل ليسـ لها حل .. فلابد أن نتعامل مهعا بأريحية ..

قال: السمـــاء كئيبة وتجهمــــــــــا *** قلت: ابتسم، يكفي التجهم في السما!
قال: الصبــا ولى! فقلت له: ابتسـم *** لن يرجـــع للأسف الصبا المتصــــــــرما
قال: التي كانت سمائي في الهـوى *** صارت لنفســي في الغـــرام جهنمـــــآ
خانت عهـــــودي بعدما ملكتهـــــــــا *** قلبـــــي فكيـــف أطيـــق أن أتبسمـــا
قلت: ابتسم واطرب فلو قارنتهــــــا *** قضيــت عمــــــــرك كلـــــه متألمـــــــآ
قال: العدى حولي علت صيحاتهـــم *** أَأُسَــــــرُّ والأعداء حولي في الحمـــى؟
قلت: ابتســم لم يطلبــوك بذمهـــم *** لـــو لـم تكـن منهـم أجـــلَّ وأعظمــــــا!
قال: الليـــالي جرعتنــي علقمــــــآ *** قلت ابتســم ولئــن جُرعـت العلقمــــــا
فلعـــل غيـــــرك إن رآك مُرَنِّمــــــــآ *** طرحـ الكآبــــــة خلفـــــــه وترنمــــــــا
أتــــراك تغنـــم بالترنـــــم درهمـــــآ *** أم أنت تخســــر بالبشـــاشة مغنمـــــآ
فاضحك فإن الشهب تضحك والدجى *** متلاطــــم ولذا نحــــب الأنجمـــــــــــــا



"الأبيات لإيليا أبو ماضيـ"

نعمـ استمتعـ بحياتكــ ..

انتبه أن تكون ظروفكـ مؤثرة على سلوككـ .. فيـ عملكـ .. أولادكـ .. زملاؤكـ .. فما ذنبهمـ أن يتعذبوا بأمور ليسـ لهمـ طرفآ فيها .. ولايملكون حلها ؟!
لاتجعلهمـ إذا رأوكـ .. أو ذكروكـ .. ذكروا معكـ الهمـ والحزن ..
لذا نهى صلى الله عليه وسلمـ عن النياحة على الميت .. والصراخـ .. وشقـ الجيب .. وحلقـ الشعر .. و ....
لماذا؟! لأن التعامل معـ الموت يكون بتغسيل الميت وتكفينه والصلاة عليه ودفنه .. والدعاء له ..
أما الصراخـ والعويل فلا ينفعـ شيئآ .. سوى أنه يقلب متعة الحياة إلى أحزان ..
مشى المعافى بن سليمان معـ صاحب له ..
فالتفت إليه صاحبه عابسآ وقال :: ماأشد البرد اليومـ ؟
فقال المعافى :: استدفأت الآن ؟؟
قال :: لا ..
قال :: فماذا استفدت من الذمـ ؟؟ لو سبّحت لكان خيرآ لكـ ..
ما أحسن فهمه وأحكمه ...

:: عشـ حياتكـ ::

لا تنقب عن المشكلات .. ولاتدقق فيـ صغائر الأمور ..
وإنما استمتعـ بحياتكـ ..
.................






ـــــــــــــــــــــــــــــــ






الموضوعـ العاشر : لاتقتل نفسكـ بالهمـ ..
يقول الشيخـ ::::كان سعد أحد طلابيـ فيـ الجامعة .. غاب أسبوعآ كاملآ .. ثمـ لقيته فسألته ::
سلامات .. سعد..؟
قال :: لاشيء .. كنت مشغولآ قليلآ ..
كان الحزن واضحآ عليه .. قلت :: ما الخبر ؟
قال :: كان ولديـ مريضآ .. عنده تليف فيـ الكبد .. وأصابه قبل أيامـ تسممـ فيـ الدمـ .. وتفاجأت أمسـ أن التسممـ تسلل إلى الدماغـ ..
قلت :: لاحول ولاقوة إلا بالله .. اصبر .. وأسأل الله أن يشفيه .. وإن قضى الله عليه بشيء .. فأسأل الله أن يجعله شافعآ لكـ يومـ القيامة ..
قال :: شافعـ ؟ ياشيخـ .. الولد ليسـ صغيرآ ..
قلت :: كمـ عمره ؟
قال :: سبعـ عشرة سنة ..
قلت :: أسأل الله أن يشفيه .. ويباركـ لكـ فيـ إخوانه ..
فخفضـ رأسه وقال :: ياشيخـ .. ليسـ له إخوان .. لمـ أُرْزقـ بغير هذا الولد .. وقد أصابه ماترى ..
كان حاله مؤثرآ .. لكنيـ تجلّدتُ وقلت له :: سعد .. بكل اختصار .. لاتقتل نفسكـ بالهمـ .. لن يصيبنا إلا ماكتب الله لنا ..
ثمـ خففت عنه مصابه وذهبت .. نعمـ لاتقتل نفسكـ بالهمـ .. فالهمـ لايخفف المصيبة ..
أذكر أنيـ قبل فترة .. ذهبت إلى المدينة النبوية .. التقيت بخالد ..
قال ليـ :: مارأيكـ أن نزور الدكتور : عبدالله ..
قلت :: لماذا .. ما الخير ؟
قال :: نعزيه ..
قلت :: نعزيه ؟!
قال :: نعمـ .. ذهب ولده الكبير بالعائلة لحضور حفل عرسـ فيـ مدينة مجاورة .. وبقيـ هو فيـ المدينة لارتباطه بالجامعة ..
وفيـ أثناء عودتهمـ وقعـ لهمـ حادث مروعـ .. فماتوا جميعآ .. إحدى عشر نفسآ !!
كان الدكتور رجلآ صالحآ قد جاوز الخمسين .. لكنه على كل حال .. بشر .. له مشاعر وأحاسيسـ .. فيـ صدره قلب .. وله عينان تبكيان .. ونفسـ تفرحـ وتحزن ..
تلقّى الخبر المفزعـ .. صلى عليهمـ .. ثمـ وسدهمـ فيـ التراب بيديه ..
إحدى عشر نفسآ ..
صار يطوف فيـ بيته حيران .. يمر بألعاب متناثرة .. قد مضى عليها أيامـ لمـ تحركـ .. لأن خلود وسارة اللتين كانتا تلعبان بها .. ماتتا ..
يأويـ إلى فراشه .. لمـ يرتب .. لأن أمـ صالحـ .. ماتت ..
يمر بدراجة ياسر .. لمـ تتحركـ .. لأن الذيـ كان يقودها .. مااات ..
يدخل غرفة ابنته الكبرى .. يرى حقائب عرسها مصفوفة .. وملابسها مفروشة على سريرها .. ماتت .. وهيـ ترتب ألوانها وتنسقها ..
سبحان من صبّره .. وثبت قلبه .. كان الضيوف يأتون .. معهمـ قهوتهمـ .. لأنه لا أحد عنده يخدمـ أو يُعين .. العجيب أنكـ إذا رأيت الرجل فيـ العزاء ..
حسبت أنه أحد المعزِّين .. وأن المصاب غيره ..
كان يردد .. إنا لله وإنا إليه راجعون .. لله ما أخذ ولله ما أعطى .. وكل شيء عنده بأجل مسمى ..
وهذا هو قمة العقل .. فلو لمـ يفعل ذلكـ .. لمات همآ ..
أعرف أحد الناسـ أراه دائمآ سعيدآ .. وإذا تأملت حاله وجدت :
وظيفته متواضعة ..
بيته مستأجر ضيّقـ .. إيجار ..
سيارته قديمة ..
أولاده كثيرون ..
ومعـ ذلكـ كان دائمـ الابتسامة .. محبوبآ .. يعيشـ حياته ..
صحيحـ .. لاتقتل نفسكـ بالهمـ .. ولاتكثر التشكّيـ .. فيملّكـ الناسـ ..
كرجل عنده ولد معوقـ .. فيشغلكـ كلما رآكـ .. ولديـ مريضـ .. ضاقـ صدريـ .. مسكين ولديـ ..
فتجد أنكـ تملّ منه وتودّ لو تصرخـ به قائلآ :: يا أخيـ خلاصـ فهمنا ..
أو إمرأة معـ زوجها دائمآ تردد عليه :: بيتنا قديمـ .. سيارتنا متهالكة .. ثيابيـ ليست على الموضة ..
ما الفائدة من هذا التشكيـ إلا بتجديد المواجعـ ..
أفنيت يامسكين عمركـ بالتأوه والحزن ..
وظللت مكتوف اليدين تقول حاربنيـ الزمن

إن لمـ تقمـ بالعبء انت فمن يقومـ به إذن

^^

انتهى كلامه فيـ موضوعه هذا ..


:: إضاءة ::

عشـ حياتكـ بما بين يدكـ من معطيات .. لتسعد


.................




ـــــــــــــــــــــــــــــــ



الموضوعـ الحاديـ عشر : لاتباليـ بكلامـ الخَلقـ ..
يقول الشيخـ :::: أعجبتنيـ عبارة رددها ابنيـ عبدالرحمن يومآ ..
وأظنه فيـ ذلكـ السن لمـ يكن يفقه معناها ..
كان يقول :: طنِّشـ تعِشـ تَنْتَعِشـ ..!!
تأملت فيـ هذه العبارة وأنا ألاحظ انتقادات الناسـ .. وآرائهمـ .. وأحاديثهمـ .. فوجدت أن الناسـ فيـ كلامهمـ وذمهمـ يتنوعون ..
فيهمـ الناصحـ الصادقـ الذيـ لايتقن فن النصيحة .. وبالتاليـ يحزنكـ بأسلوب نصحه .. أكثر مما يفرحكـ ..


وفيهمـ الحاسد .. الذيـ يقصد حزنكـ وهمكـ ..
وفيهمـ قليل الخبرة .. الذيـ يهذيـ بما يدريـ .. ولو سكت لكان خيرآ له ..
وفيهمـ من طبيعته الانتقاد أصلآ .. فهو ينظر للحياة بنظارة سوداء ..
وقديمآ قيل :: لو اتحدت الأذواقـ لبارت السلعـ ..
وذكروا أن جحا ركب على الحمار .. وولده يمشيـ بجانبه .. فمروا بجمعـ من الناسـ .. فقال الناسـ :: انظروا لهذا الأب الغليظ يركب مرتاحآ .. ويدعـ ولده يمشيـ فيـ الشمسـ ..
سمعهمـ جحا .. فأوقف الحمار .. ونزل .. وأركب ولده ..
ثمـ مشيا .. وجحا يشعر بنوعـ من الزهو .. فمرا بقومـ آخرين .. فقال أحدهمـ :: انظروا إلى هذا الابن العاقـ .. يركب ويدعـ أباه يمشيـ فيـ الشمسـ ..
سمعمـ جحا .. فأوقف الحمار .. ثمـ ركب معـ ولده .. ليتقيا كلامـ الناسـ وانتقاداتهمـ ..
فمرا بقومـ .. فقالوا :: انظروا إلى هذين الغليظين .. لا يرحمون الحيوان ..
فنزل جحا .. وقال :: ياولديـ .. انزل ..
فنزل الولد وجعل يمشيـ بجانب أبيه .. والحمار ليسـ فوقه أحد ..
فمرا بقومـ .. فقالوا :: انظروا إلى هذين السفيهين .. يمشيان والحمار فارغـ .. وهل خلقـ الحمار إلا ليُركب ..
فصرخـ جحا وجرّ ولده معه .. ودخلا تحت الحمار .. وحملاه ..!!
ولو أنيـ كُنت معهمـ فيـ ذاكـ الزمان .. ورأيت جحا وقتها لقلت له ::
يا حبيب القلب .. افعل ماتشاء .. ولا تبال بكلامـ الخلقـ .. رضا الناسـ غاية لاتدركـ ..
ومن الذيـ ينجو من الناسـ سالمآ *** ولو غاب عنهمـ بين خافيتيـ نسر ..
بعضـ الناسـ .. لا يفكر فيـ رأيه قبل أن يطرحه ..
يأتيكـ مثلآ بعدما تتزوجـ .. ويقول .. لماذا تخطب فلانة ؟ ولماذا تزوّجتها ؟
وكأنيـ بكـ .. تتمنى أن تصرخـ فيـ وجهه وتقول :: ياااا أخيـ تزوجت .. خلاصـ .. انتهى الموضوعـ .. ما أحد طلب منكـ اقتراحات ..
أو يأتيكـ وقد بعت سيارتكـ .. فيقول .. ليتكـ أخبرتنيـ .. فلان كان سيعطيكـ أكثر .. يا أخيـ .. بسـ!! الرجل باعـ سيارته .. خلاصـ وانتهى .. لا تشغله بالالتفات وراءه!!
وعمومآ ..
ليسـ يخلة المرء من ضد ولو *** طلب العُزْلة فيـ رأسـ جبل ..!!
فلا تعذب نفسكـ ..


^^

انتهى كلامه فيـ موضوعه هذا ..

:: تجربة ::
قال أحد السلف :: من جعل دينه عرضة للخصومات .. أكثر التنقل!!


.................



ـــــــــــــــــــــــــــــــ



الموضوعـ الثانيـ عشر : أخرجهمـ من الحفرة ..
يقول الشيخـ :::: ألمـ يقعـ مرة أن أحرجكـ شخصـ فيـ مجلسـ عامـ بكلمة جارحة ..
أو ربما سخر منكـ .. بأيـ شيء وإن كان صغيرآ .. بلباسكـ أو كلامكـ .. أو أسلوبكـ .. فظهر الاحراجـ على وجهكـ .. وامتقعـ لونكـ ..
فدافعـ عنكـ شخصـ ما .. فشعرت بامتنان عظيمـ له .. لأنه كأنما أمسكـ بطرف ثوبكـ عندما دفعكـ غيركـ إلى الهاوية ..
مارسـ هذه المهارة معـ الآخرين .. وسترى لها تأثيرآ ساحرآ ..
لو دخلت على شخصـ وأقبل ولده يحمل طبقآ فيه طعامـ .. لكنه استعجل قليلآ .. فكاد ان يقعـ الطبقـ على الأرضـ .. فانطلقـ الأب عليه ثائرآ .. يصرخـ به قائلآ ::
لماذا العجلة ؟
كمـ مرة اعلمكـ ؟
فاحمر وجه الولد واصفرَّ ..
فقلت أنت :: لا .. بل فلان بطل .. رجُل .. ماشاءالله عليه يحمل كل هذا لوحده .. ولعله استعجل لأن فيه أغراضـ أخرى أيضآ ..
الله أيـُّ امتنان سيشعر به الغلامـ لكـ ..
هذا معـ الصغار .. فما بالكـ معـ الكبار ..
لو أثنيت على زميل فيـ اجتماعـ .. بعدما صبوا عليه وابلآ من اللومـ ..
أو أثنيت على أحد إخوانكـ .. بعدما انكبَّ أفراد الأسرة عليه معاتبين ..
شاب أحرجه شخصـ بسؤال أمامـ الناسـ :: بَشِّرْ يا فلان .. كمـ نسبتكـ فيـ الجامعة ؟!
بالله عليكـ .. هل هذا سؤال يسأله عاقل أمامـ الناسـ ؟!!
فانقلب وجه الشاب متلونآ ..
فأنقذته قائلآ بلطف :: لماذا يا أبا فلان تسأله عن نتيجته فيـ الجامعة ؟ هل ستزوجه ؟!! أمـ عندكـ وظيفة له ؟! أو ......
فضحكوا ونُسيـ السؤال ..
أو :: لو عاتبه على دنوِّ معدله الدراسيـ .. فقلت :: يا أخيـ لاتلمه .. تخصصه صعب .. لكن سيكون افضل فيـ الفصل القادمـ إن شاءالله ..
كسب محبة الناسـ فرصة يقتنصها الأذكياء ..
إذا هبت رياحكـ فاغتنمها *** فإن لكل خافقة سكـــون
كان عبدالله بن مسعود رضيـ الله عنه .. يمشيـ معـ النبيـ صلى الله عليه وسلمـ .. فمرّا بشجرة فأمره النبيـ أن يصعدها .. ويحتزَّ له عودآ يتسوكـ به ..
فرقى ابن مسعود وكان خفيفآ .. نحيل الجسمـ .. فأخذ يعالجـ العود لقطعه ..
فأتت الريحـ فحركت ثوبه وكشفت ساقيه .. فإذا هما ساقان دقيقتان صغيرتان .. فضحكـ القومـ من دقة ساقيه ..
فقال النبيـ صلى الله عليه وسلمـ :: ممـّ تضحكون ؟!..
من دقة ساقه ؟!
والذيـ نفسيـ بيده إنهما اثقل فيـ الميزان من أحد ..
فماذا سيكون شعور عبدالله بن مسعود .. بعدما ضحكـ الناسـ منه .. ثمـّ دافعـ عنه النبيـ صلى الله عليه وسلمـ وأثنى عليه ..
^^
انتهى كلامه فيـ موضوعه هذا ..

:: وجهة نظر ::
كسب محبة الناسـ فرصـ يقتنصها الأذكياء ..

.................



ـــــــــــــــــــــــــــــــ








الموضوعـ الثالث عشر : الخطوط الحمر ..
يقول الشيخـ :::: كان من طلابيـ فيـ الجامعة ..
كان واسعـ الثقافة ..
حريصآ على تكوين علاقات معـ الناسـ ..
لكنه كان ثقيل الدمـ عليهمـ ..
جاءنيـ يومآ .. وقال :: يادكتور .. زملائيـ يغضبون منيـ دائمآ .. لا يتحملون مزاحيـ ..
قلت فيـ نفسيـ :: أنا لا احتملكـ ساكتآ .. فكيف أحتملكـ متكلمآ ..؟! خاصة إذا كنت تستخف دمكـ وتمزحـ ..!
سألته :: لماذا لا يحتملون مزاحكـ ؟! اعطنيـ مثالآ ..
قال :: عطسـ أحدهمـ فقلت :: الله يلعنكـ .. (ثمـ سكتُّ) .. فما غضب .. أكملت قائلآ :: يا إبليسـ .. ويرحمكـ يافلان ..!!
آآآه .. ما أثقل مزاحه !!
مسكين كان يظن نفسه بذلكـ .. خفيفَ الدمـ !!
الناسـ مهما قبِلوا مزاحكـ ومداعباتكـ .. إلا أنه تبقى هناكـ خطوط حمراء لا يحبّون أن تتعداها .. خاصة إذا كان ذلكـ امامـ الآخرين ..
بعضـ الناسـ لايراعيـ ذلكـ .. فتجد أنه يعتديـ على حاجاتهمـ ..
فمثلآ من باب (الميانة) يأخذ هاتفكـ الجوال ويتصل به كما يريد ..
أو ربما أرسل رسائل من هاتفكـ الشخصيـ إلى أشخاصـ أنت لا ترغب أن يظهر رقمـ هاتفكـ عندهمـ ..
أو يأخذ سيارتكـ بغير إذنكـ .. أو يحرجكـ بطلبها حتى تأذن على مضضـ ..
أو تجد مجموعة طلاب يسكنون فيـ شقة واحدة .. يستيقظ أحدهمـ ليذهب إلى جامعته .. فيجد أن معطفه قد لبسه فلان .. وحذاءه فيـ رجل فلان ..
ومن تعديـ الخطوط الحمر أنكـ .. تجد بعضـ الناسـ يُحْرجـ صاحبَهُ بمزحة ثقيلة أو سؤال محرجـ فيـ مجلسـ عامـ ..
والشخصـ مهما بلغـ من المحبة لكـ .. إلا انه يبقى بشرآ يرضى ويغضب .. ويفرحـ ويسخط ..
لما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلمـ إلى المدينة راجعآ من تبوكـ .. قدمـ عليه فيـ ذلكـ الشهر عروة بن مسعود الثقفيـ .. وكان سيدآ جليل القدر .. رفيعـ المكانة عند قومه ثقيف .. فأدركـ النبيـ صلى الله عليه وسلمـ قبل أن يصل المدينة .. فأسلمـ .. وسأله أن يرجعـ إلى قومه فيدعوهمـ إلى الإسلامـ ..
فخاف عليه صلى الله عليه وسلمـ من أذى قومه .. وقال له :: إنهمـ قاتلوكـ ..
وعرف صلى الله عليه وسلمـ أن قبيلة ثقيف فيهمـ نخوة الامتناعـ .. والصرامة فيـ التعامل .. حتى لو كان معـ رئيسهمـ ..
فقال عروة :: يا رسول الله .. انا أحب إليهمـ من أبكارهمـ .. وأبصارهمـ ..
وكان محببآ مطاعآ فيهمـ ..
فخرجـ يدعو قومه إلى الإسلامـ رجاء أن لا يخالفوه .. لعظمـ منزلته فيهمـ ..
فلما وصل إلى ديار قومه .. رقى على مرتفعـ وصاحـ بهمـ حتى اجتمعوا .. وهو سيدهمـ ..
فدعاهمـ إلى الإسلامـ .. وأظهر لهمـ أنه أسلمـ .. وجعل يردد :: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدآ رسول الله ..
فلما سمعوا منه ذلكـ .. صاحوا .. وثاروا أن يتركوا آلهتمـ .. ورموه بالنبل من كل جهة ..
حتى وقعـ صريعآ رضيـ الله عنه ..
فأقبل إليه أبناء عمه .. وهو ينازعـ الموت .. وقالوا :: يا عروة : ما ترى فيـ دمكـ ؟
يعنيـ :: هل نأخذ بثأركـ ونقتل من قتلكـ ؟!
فقال :: كرامة أكرمنيـ الله بها .. وشهادة ساقها الله إليـ .. فليسـ فيـَّ إلا ما فيـ الشهداء الذين قتلوا معـ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. فلا تقتلوا لأجليـ أحدآ .. ولا تأخذوا بثأريـ من أحد ..
فقيل إن النبيـ صلى الله عليه وسلمـ .. لما بلغه خبر مقتله .. قال فيه :: إن مثله فيـ قومه .. كمثل صاحب ياسين فيـ قومه .. رضيـ الله عنه ..
فانتبه !
الناسـ لهمـ أحاسيسـ مهما بلغت فيـ القرب منهمـ فلا تجترئ عليهمـ كثيرآ .. من خلال مزاحكـ .. أو تعاملكـ .. ابقـ بعيدآ عن الخط الأحمر ..
لا تجرحهمـ مهما بلغت منزلتكـ فيـ قلوبهمـ .. وإن كانوا فيـ منزلة الأخـ والولد .. لذا نبه النبيـ صلى الله عليه وسلمـ على ذلكـ .. فنهى عن ترويعـ المؤمن ..
كان صلى الله عليه وسلمـ يومآ يسير معـ أصحابه .. وكان كل واحد منهمـ معه متاعه .. سلاحه .. فراشه .. طعامه .. نزلوا منزلآ .. فنامـ رجل منهمـ .. فأقبل صاحبه إلى حبل معه فأخذه .. مازحآ .. فاستيقظ الرجل .. فوجد متاعه ناقصآ .. ففزعـ .. وأخذ يبحث عن حبله ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ :: لا يحل لمسلمـ أن يروعـ مسلمآ ..
وفيـ يومـ آخر ..
كانوا يسيرون معـ النبيـ صلى الله عليه وسلمـ فيـ مسير .. فنعسـ رجل وهو على راحلته .. فغافله صاحبه وانتزعـ سهمآ من كنانته .. فشعر الرجل بمن يعبث بسلاحه .. فانتبه فزعآ مذعورآ ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ :: لا يحل لرجل أن يروعـ مسلمآ ..
ومثله الذيـ يمزحـ معكـ ويظن أنه يسرّكـ وهو يضرّكـ بل يملأ قلْبكـ فزعآ وغمآ ..
فيراكـ أوقفت سيارتكـ عند بقالة - مثلآ - وهيـ تشتغل فيأتيـ ويقودها ويذهب بها بعيدآ .. ويوهمكـ أنها سرقت .. مازحآ .. قد يجاملكـ صاحبكـ ويضحكـ أحيانآ على مزحة مروعة .. لكنه متألمـ ..
ولربما صبر الحليمـ على الأذى *** وفؤاده من حره يتـــــــأوه
ولربما شكل الحليمـ لســـــانه *** حـــــذر الكلامـ وإنه لمفوه
^^
انتهى كلامه فيـ موضوعه هذا ..


:: وجهة نظر ::
كسب محبة الناسـ فرصـ يقتنصها الأذكياء ..
.................



الموضوعـ الرابعـ عشر : يقول الشيخـ :::: كل صاحب همـ يتفنن فيـ صيد مايريد ..
عاشقـ المال بتفنن فيـ جمعه وتنميته .. ويحرصـ على تعلمـ مهارات التجارة والربحـ .. القنوات الفضائية تتفنن فيـ اصطياد الناسـ بتنويعـ البرامجـ واختيار الأساليب المتجددة ..
وتدريب مقدميـ البرامجـ على مهارات تجذب الناسـ لمتابعتها ..
وقل مثل ذلكـ فيـ وسائل الإعلامـ المقروءة .. والمسموعة ..
ومثله مروجو البضائعـ المختلفة سواء كانت حلالآ أمـ حرامآ ..
كلهمـ يحرصون على اتقان المهارات التيـ تفيدهمـ فيـ مجالهمـ الذيـ يحبونه ..
وكسب القلوب فن من الفنون له طرقه وأساليبه .. هب أنكـ دخلت مجلسآ فيه أربعون رجلآ .. فمررت بالناسـ تصافحهمـ ..
فالأول .. مددت يدكـ إليه مسلمآ فناولكـ طرف يده .. وقال ببرود :: أهلآ .. أهلآ ..
والثانيـ .. كان مشغولآ بحديث جانبيـ .. ففاجأته بالسلامـ .. فرد ببرود أيضآ وصافحكـ دون أن ينظر إليكـ ..
والثالث .. كان يتحدث بهاتفه .. فمد يده إليكـ دون أن يتلفظ بكلمة ترحيب .. أو يبديـ لكـ أيـ اهتمامـ ..
أما الرابعـ .. فلما رآكـ مقبلآ قامـ مستعدآ للسلامـ ..
فلما التقت عينكـ بعينه ابتسمـ وأظهر البشاشة بلقياكـ ..
وصافحكـ بحرارة ..
واحتفى بقدومكـ .. وأنت لاتعرفه ولا يعرفكـ !!
ثمـ أكملت سلامكـ على الناسـ .. وجلست .. بالله عليكـ !
ألا تشعر أن قلبكـ ينجذب نحو ذلكـ الشخصـ ؟
بلى .. ينجذب إليه .. وأنت لاتعرفه .. ولاتدريـ عن اسمه .. ولاتعلمـ وظيفته ولا مركزه .. ومعـ ذلكـ استطاعـ أن يسلب قلبكـ .. لا بماله .. ولا بمنصبه .. ولا بحسبه ونسبه .. وإنما بمهارات تعامله ..
إذن القلوب لا تكسب بالقوة ولا بالمال ولا بالجمال ولا بالوظيفة .. وإنما تكسب بأقل من ذلكـ وأسهل .. ومعـ ذلكـ فقليل من يستطيعـ كسبها ..
أذكر أن أحد طلابيـ فيـ الكلية أصيب بمرضـ نفسيـ .. كان نوعآ صعبآ من الاكتئاب .. كان والده ضابطآ يشغل منصبآ عاليآ .. جاء مرارآ إلى الكلية وقابلنيـ وتعاونّا على علاجـ ابنه ..
كنت أذهب إلى بيتهمـ أحيانآ فأراه قصرآ منيفآ .. وأرى مجلسـ الأب مليئآ بالضيوف .. لا تكاد تجد فيه مكانآ فارغآ ..
كنت أعجب من محبة الناسـ لهذا الرجل وإقبالهمـ عليه ..
مضت سنوات وتقاعد الأب من منصبه .. فذهبت إليه زائرآ .. دخلت القصر .. ثمـ دلفت إلى المجلسـ وفيه أكثر من خمسين كرسيآ .. فلمـ أر فيـ المجلسـ إلا الرجل يتابعـ برنامجآ فيـ التلفاز .. وخادمآ يخدمه بالقهوة والشايـ .. جلست معه قليلآ ..
فلما خرجت جعلت أتذكر حاله لما كان فيـ وظيفته .. وحاله الآن ..
مالذيـ كان يجمعـ الناسـ فيـ ما مضى ؟ ما الذيـ كان يجعلهمـ يلتمون عليه مؤانسين متحببين ؟!
أدركت عندها أن الرجل لمـ يكسب الناسـ بأخلاقه ولطفه وحسن تعامله .. وإنما كسبهمـ بمنصبه ووجاهته وسعة علاقاته .. فلما زال المنصب زالت معه المحبة ..
فخذ من صاحبنا درسآ ..
وتعامل معـ الناسـ بمهارات تجعلهمـ يحبونكـ لشخصكـ .. يحبون أحاديثكـ وابتسامتكـ ورفقكـ وحسن معشركـ ..
يحبون تغاضيكـ عن أخطائهمـ ..
ووقوفكـ معهمـ فيـ مصائبهمـ ..
لا تجعل قلوبهمـ معلقة بكرسيكـ وجيبكـ !!
الذيـ يوفر لأولاده وزوجته المال والطعامـ والشراب لمـ يكسب قلوبهمـ .. وإنما كسب بطونهمـ .. والذيـ يغدقـ على أهله الأموال .. معـ سوء التعامل .. لمـ يكسب قلوبهمـ .. إنما كسب جيوبهمـ ..
لذلكـ لاتستغرب إذا وجدت شابآ تقعـ له مشكلة فيشكوها إلى صديقـ أو إمامـ مسجد أو مدرسـ .. ويتركـ أباه .. لأن الأب لمـ يكسب قلبه .. ولمـ يحطمـ الأسوار بينهما .. بينما كسب هذا القلب مدرسـ أو صديقـ .. وربما كسب عدو حاقد !!
وأمر آخر مهمـ ..
ألا تلاحظ معيـ أن بعضـ الناسـ إذا دخل مجلسآ مزدحمآ .. وجعل يتلفت باحثآ عن مكان يجلسـ فيه .. رأيت الجالسين يتسابقون عليه كل يناديه ليجلسـ بجانبه! .. لماذا ؟
هل دعيت يومآ إلى عشاء .. وكان بنظامـ (البوفيه المفتوحـ) .. بحيث أن كل شخصـ يأخذ طعامه فيـ طبقـ ويجلسـ على إحدى الطاولات الدائرية .. ألمـ ترى بعضـ الناسـ ما إن يملأ طبقه بالطعامـ حتى يتهافت عدد من الناسـ يشيرون إليه بوجود مكان فارغـ .. ليجلسـ معهمـ ..
بينما آخر يملأ طبقه بالطعامـ .. ويتلفت ولا أحد يناديه أو يقبل عليه .. حتى تسوقه قدماه إلى إحدى الطاولات ..
لماذا حرصـ الناسـ على الأول دون الثانيـ ..
ألا تشعر أن بعضـ الناسـ تقبل عليه القلوب أينما كان .. وكأن فيـ يده مغناطيسيآ يجذبها به جذبآ !!
عجبآ ّ!
كيف استطاعـ هؤلاء جميعآ كسب الناسـ ؟!
إنها طرقـ ذكية يستطيعـ بها الشخصـ أن يصيد بها القلوب ..
^^
انتهى كلامه فيـ موضوعه هذا ..

الموضوع الخامس عشر:::

قبل عشر سنوات.. في أيام ربيع.. وفي ليلة باردة كنت في البر مع أصدقاء..
تعطلت إحدى السيارات..فأضطررنا إلى المبيت في العراء.. أذكر أنا أشعلنا نارا تحلقنا حولها..
وما أجمل أحاديث الشتاء في دفء النار..
طال مجلسنا فلاحظت أحد الأخوة انسل من بيننا..
كان رجلاً صالحاً..
كانت له عبادات خفية..كنت أراه يتوجه إلى صلاة الجمعة مبكراً..بل أحياناً وباب الجامع لم يفتح بعد..!!
قام وأخذ إناء من ماء ظننت أنه ذهب ليقضي حاجته..
أبطأ علينا..
فقمت أترقبه..
فرأيته بعيداً عنا.. قد لف جسده برداء من شدة البرد وهو ساجد على التراب في ظلمة الليل.. وحده
يتملق ربه ويتحبب إليه.. كان واضحاً أنه يحب الله تعالى.. وأحسب ان الله يحبه أيضاً..
أيقنت ان لهذه العبادة الخفية.. عزاً في الدنيا قبل الآخرة..
مضت السنوات..
وأعرفه اليوم..قد وضع الله له القبول في الأرض.. له مشاركات في الدعوة وهداية الناس..
إذا مشى في السوق او المسجد.. رأيت الصغار قبل الكبار يتسابقوون إليه..مصافحين..ومحبين..
كم يتمنى الكثيرون من تجار.. وأمراء...ومشهورين.. أن ينالوا في قلوب الناس من المحبة مثل مانال ولكن هيهاااات..
أأبيت سهران الدجى..وتبيته نوماً! ــــــــــــــــــ وتبغي بعد ذاك لحقاي؟
نعم.. {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً} .. أي يجعل الله لهم محبة في قلوب الخلق..
إذا أحبك الله جعل لك القبول في الأرض..
قال عليه الصلاة والسلام: إن الله إذا أحب عبداً نادى جبريل.. فقال: إني قد أحببت فلاناً فأحبه..
فيحبه جبريل..
ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يحب فلاناً فأحبوه..فيحبه أهل السماء..
قال: ثم تنزل له المحبة في أهل الأرض..
فذلك قول الله: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً}..
وإذا أبغض الله عبداً..نادى جبريل: إني أبغضت فلاناً فأبغضه..
فيبغضه جبريل..
ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً فأبغضه..
فيبغضه أهل السماء.. ثم تنزل له البغضاء في الأرض..
آآآه..ما أجمل أن تعيش على الأرض..تأكل وتشرب.وتنام..والله ينادي باسمك في السماء{إني احب فلاناً فأحبوه}..
قال الزبير بن العوام رضي الله عنه: من أستطاع منكم أن يكون له خبيئة من عمل صالح فليفعل..
والعبادة الخفية أنواع.. منها:
الحفظا على صلاة الليل.. ولو ركعة واحدة وتراً كل ليلة..تصليها بعد العشاء مباشرة.. أو قبل أن تنام.. أو قبل الفجر.. لتكتب عند الله من قوام الليل..
قال عليه الصلاة والسلام: إن الله وتر يحب الوتر..فأوتروا ياأهل القرآن..ومنها:
السعي في الإصلاح بين الناس.. بين الزملاء المتخاصمين..
بين الجيران..بين الزوجين..
قال عليه الصلاة والسلام: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة؟
قالوا: بلى..
قال:إصلاح ذات البين.. وفساد ذات البين هي الحالقة.

ومنها:
الإكثار من ذكر الله .. فإن من أحب شيئاً أكثر من ذكره ..
وفي الحديث .. قال صلى الله عليه وسلم :" ألا أنبئكم بخير أعمالكم .. وأزكاها عند مليككم .. وأرفعها في درجاتكم .. وخير لكم من إعطاء الذهب والورق .. وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ..؟
قالوا: بلى يارسول الله؟
قال: ذكر الله عز وجل "..
ومنها:
صدقة السر .. فصدقة السر تطفئ غضب الرب ..
كان أبو بكر رضي الله عنه إذا صلى الفجر خرج إلى الصحراء .. فاحتبس فيها شيئاً يسيراً .. ثم عاد إلى المدينة ..
فعجب عمر رضي الله عنه من خروجه .. فتتبعه يوماً خفية بعدما صلى الفجر .. فإذا أبو بكر يخرج من المدينة ويأتي على خيمة قديمة في الصحراء .. فاختبأ له عمر خلف صخرة ..
فلبث أبو بكر في الخيمة شيئاً يسيراً ..
ثم خرج ..
فخرج عمر من وراء صخرته ودخل الخيمة .. فإذا فيها امرأة ضعيفة عمياء .. وعندها صبية صغار ..
فسألها عمر: من هذا الذي يأتيكم ..
فقالت: لا أعرفه .. هذا رجل من المسلمين .. يأتينا كل صباح .. منذ كذا وكذا ..
قال: فماذا يفعل؟
قالت: يكنس بيتنا .. ويعجن عجيننا .. ويحلب داجننا .. ثم يخرج ..
فخرج عمر وهو يقول: لقد أتعبت الخلفاء من بعدك يا أبابكر .. لقد أتعبت الخلفاء من بعدك يا أبابكر ..
ولم يكن عمر رضي الله عنه بعيداً في تعبده وإخلاصه عن أبي بكر ..
فقد رآه طلحة بن عبيدالله .. خرج في سواد الليل .. فدخل بيتاً ثم خرج منه ودخل بيتاً آخر .. فعجب طلحة .. ماذا يفعل عمر في هذه البيوت!!
فلما أصبح طلحة ذهب إلى البيت الأول .. فإذا عجوز عمياء مقعدة .. فقال لها: ما بال هذا الرجل يأتيك؟
قالت: إنه يتعاهدني منذ كذا وكذا .. يأتيني بما يصلحني ويخرج عني الأذى ..
فخرج طلحة وهو يقول: ثكلتك أمك يا طلحة .. أعثراتُ عمر تتبع؟
وخرج عمر مرة رضي الله عنه إلى ضواحي المدينة .. فإذا برجل عابر سبيل نازل وسط الطريق .. وقد نصب خيمة قديمة .. وقعد عند بابها .. مضطرب الحال ..
فسأله عمر: من الرجل؟
قال: من أهل البادية .. جئت إلى أمير المؤمنين أُصيب من فضله ..
فسمع عمر أنين امرأة داخل الخيمة .. فسأله عنه؟
فقال الرجل: انطلق رحمك الله لحاجتك ..
قال عمر: هذا من حاجتي ..
فقال: امرأتي في الطلق -يعني تلد- وليس عندي مال ولا طعام ولا أحد ..
فرجع عمر إلى بيته سريعاً ..
فقال لامرأته أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنها وعن أبيها: هل لك في خير ساقه الله إليك؟
قالت: وما ذاك؟
فأخبرها بخبر الرجل ..
فحملت امراته معها متاعاً .. وحمل هو جراباً فيه طعام .. وقِدْراً وحطباً .. ومضى إلى الرجل ..
ودخلت امرأة عمر على المرأة في خيمتها .. وقعد هو عند الرجل ..
فأشعل النار وأخذ ينفخ الحطب .. ويصنع الطعام .. والدخان يتخلل لحيته ..
والرجل قاعد ينظر إليه .. فبينما هو على ذلك .. إذ صاحت امرأته من داخل الخيمة .. يا أمير المؤمنين .. بشر صاحبك بغلام ..
فلما سمع الرجل .. كلمة "أمير المؤمنين" .. فزِع وقال: أنت الخليفة عمر بن الخطاب ..
قال: نعم ..
فاضطرب الرجل .. وجعل يتنحّى عن عمر ..
فقال له عمر: ابقَ مكانك ..
ثم حمل عمر القدر .. وقربه إلى الخيمة وصاح بامراته أم كلثوم .. أشبعيها .. فأكلت المرأة من الطعام ..
ثم أخرجت باقي الطعام خارج الخيمة .. فقام عمر فأخذه فوضعه بين يدي الرجل .. وقال له:
كل فإنك قد سهرت من الليل ..
ثم نادى عمر امرأته فخرجت إليه ..
فقال للرجل: إذا كان من الغد .. فأْتِنا نأمر لك بما يصلحك ..
فرحم الله عمر .. تواضع .. وعبادة خفية .. والغاية كسب محبة الله ..

وكان علي بن الحسين رضي الله عنهما يحمل جراب الخبز على ظهره بالليل..
فيتصدق بها..ويقول: إن صدقة السر تطفي غضب الرب..
فلما مات وجدوا في ظهره آثار سواد..
فقالوا: هذا ظهر حمال..وماعلمناه اشتغل حمالاً..
فانقطع الطعام عن مائة بيت في المدينة..من بيوت الارامل والأيتام..كان يأتيهم طعامهم بالليل..
لايدرون من يحضره إليهم..فلعموا أنه هو الذي كان يحمل الطعام إلى بيتوتهم بالليل وينفق عليهم..
وصام أحد السلف شعرين سنة..يصوم يوماً ويفطر يوماً.. وأهله لايدرون عنه..
كان له دكان يخرج إليه غذا طلعت الشمس ويأخذ معه فطوره وغداءه..
فإذا كان يوم صومه تصدق بالطعام..
وإذا كان يوم فطره أكله..
فإذا غربت الشمس.. رجع إلى أهله وتعشى معهم..
نعم..كانوا يستشعرون العبودية لله في جميع أحوالهم..
هم المتقون والله يقول:
{إن للمتقين مفازا*حدائق وأعنابا* وكواعب أترابا * وكأساً دهاقا* لايسمعون فيها لغواً ولاكذابا* جزاء من ربك عطاء عطاء حساباً}
فاطلب محبة الخالق..وهو يتكفل بزرع محبتك في قلوب خلقه..


::إضاءة..::
ليس الغاية أن تكون ظواهر الآخرين تحب..
إنما الغاية ان تحبك بوطنهم أيضاً..


الموضوع السادس عشر :


الشجاعة..

قال لي بعدما خرجنا من الوليمة:
تصدق كنت أعرف اسم الصحابي الذي ذكرتم قصته..ولم تتذكروا أسمه..
قلت: عجباً!! لماذا لم تذكره!.. وقد رأيتنا متحيرين؟!
خفض رأسه وقال: خجلت أن أتكلم..
قلت في نفسي: تباً للجبن..
وآخر كان يدرس معي في السنة الأخيرة من الثانوية..
التقيت به يوماً في ذلك الحين فقال لي:
قبل يومين دخلت الفصل..فرأيت الطلاب واجمين..والمدرس جالس على كرسيه..بدون شرح..
جلست وسألت الذي بجانبي: ما الخبر؟!
قال: زميلنا عساف مات البارحة.. رحمه الله..
كان في الفصل عدد من أصدقاء عساف..
تاركون للصلاة..
والغون في عدد من المحرمات..
كان تأثير الخبر عليهم واضحاً.. حدثتني نفسي أن ألقي عليهم كلمة وعظية أحثهم فيها على الصلاة.. وبر الوالدين..وإصلاح النفسي..
قلت له : ممتااااز..هل فعلت؟
قال: بصراحة..لا..خجلت..
سكت..وكظمت غيظي وأنا أقول في نفسي: تباً للجبن؟!!
امرأة تسألها: لماذا لم تصارحي زوجك في بالموضوع؟
فتقول: أستحي!!خفت أن يتضايق مني!!خفت أن يهجرني..خفت..
تباً للجبن.!
شاب تسأله: لم لم تخبر أباك بالمشكلة قبل أن تتفاقم؟!
فيقول: أخاف..ما أتجرأ..
أو ربما رفع أحدهم ضغطك بقوله:أستحي أن أبتسم..أخجل أن أثني عليه..
أخاف أن يقول الناس: فلان يجامل..يستخف دمه..
أسمع هذه التصرفات كثيراً.. فأتمنى أن أصرخ فيهم: ياجبناااااء..إلى متى؟!
الجبان لايبني مجداً..
هو صفر على الشمال دائماً.. إن حضرمجلساً تلحف بجبنه ولم يشارك برأي..أو ينطق بكلمة..
وإن ذكروا نكتة ضحكوا وعلقوا.. أما هو فخفض راسه وتبسم..
وإن حضر اجتماعاً..لم ينتبه أحد لوجوده..
والأعظم من ذلك إن كان أباً .. أو زوجاً..أو مديراً.. أو حتى زوجة أو أماً..
الناس يكرهون الجبان..وليس له قدر فعود نفسك على الشجاعة في الإلقاء..
الشاجعة في النصح..
الشجاعة في تطبيق مهارات التعامل مع الناس..

وجهة نظر
عود نفسك ودربها.. وإنما النصر صبر ساعة..


الموضوع السابع عشر :



العفو عن الآخرين ..



لا تخلو الحياة من عثرات تصيبنا من الناس ..
فهذه مزحة ثقيلة ..
وتلك كلمة نابية ..
وتعدٍّ على حاجات شخصية ..
خصومة بين اثنين في مجلس ..
أو اختلاف في وجهات نظر .. أو آراء ..
وبعضنا يكبر الموضوع في نفسه .. وليس عنده استعداد للعفو أو النسيان ..
أو ربما لم يملك استعداداً لقبول أعذار الآخرين والعفو عنهم ..
بعض الناس يعذب نفسه بعدم عفوه .. يملأ صدره بأحقاد تشغله تعذبه ..
ولله در الحسد ما أعدله .. بدأ بصاحبه فقتله ..
فلا تعذب نفسك .. هناك أشياء لا يمكن أن تعاقب عليها .. فكن كبيراً
اِنسَ الماضي .. وعش حياتك ..
لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فاتحاً ..
واطمأن الناس .. خرج حتى جاء الكعبة فطاف بها سبعاً على راحلته ..
فلما قضى طوافه .. دعا عثمان بن طلحة فأخذ منه مفتاح الكعبة .. ففتحت له فدخلها ..
فرأى فيه صور الملائكة وغيرهم مما كانت قريش تصوره بجهلها وكفرها..
ورأى إبراهيم عليه السلام مصوراً في يده الأزلام يستقسم بها ..
فقال صلى الله عليه وسلم : قاتلهم الله .. جعلوا شيخنا يستقسم بالأزلام !! ما شأن ابراهيم والأزلام ؟!
ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين ..
ثم أمر صلى الله عليه وسلم بتلك الصور كلها فطمست ..
ثم وجد فيها حمامة من عيدان فكسرها بيده .. ثم طرحها ..
ثم وقف على باب الكعبة ..
وقد اجتمع له الناس في المسجد مسلمين والكفار ينظرون إليه ..
ثم صلى ركعتين ثم انصرف إلى زمزم .. فاطلع فيها .. ودعا بماء فشرب منها وتوضأ ..
والناس يبتدرون وضوءه ..
والمشركون يتعجبون من ذلك .. ويقولون : ما رأينا ملكاً قط ولا سمعنا به مثل هذا ..
ثم أقبل إلى مقام إبراهيم فأخره عن الكعبة .. وكان ملصقا بها ..
ثم قام صلى الله عليه وسلم على باب الكعبة وجعل ينظر إلى الناس ـ وياليتني كنت معهم ـ ثم خطب فقال :
لا إله إلا الله ..
وحده لا شريك له ..
صدق وعده ..
ونصر عبده ..
وهزم الاحزاب وحده ..
ألا كل مأثرة .. أو دم .. أو مال يُدَّعى .. فهو موضوع تحت قدمي هاتين .. إلا سدانة البيت .. وسقاية الحاج ..
ثم جعل يقرر بعض الأحكام الشرعية فقال :
أَلَا وقتيل الخطأ شبه العمد بالسوط والعصا .. ففيه الدية مغلظة مائة من الابل .. أربعون منها في بطونها أولادها .. ومضى في خطبة مباركة..
ثم نظر إلى رؤوس قريش وساداتها .. فصاح بهم :
يا معشر قريش .. إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية .. وتعظّمها بالآباء ..
الناس من آدم .. وآدم من تراب ..ثم تلا "
{ يَاأَيُّهَاالنَّاسُ إِنَّاخَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍوَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًاوَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّأَكْرَمَكُمْ عِندَاللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّاللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}
ثم جعل يتأمل في وجوه الكفار ..
وهو في عزه وملكه عند الكعبة .. وهم في ذلهم وضعفهم ..
في مكان طالما كذبوه فيه .. وأهانوه ..
وألقوا الأوساخ على رأسه وهو ساجد ..
وكفار قريش بين يديه .. مهزومين .. أذلاء .. صاغرين ..
ثم قال : يا معشر قريش .. ما ترون أني فاعل فيكم ؟
فانتنفضوا .. وقالوا : تفعل بنا خيراً .. أنت أخ كريم .. وابن أخ كريم ..
عجباً !!
هل نسوا ما كانوا يفعلونه بهذا الأخ الكريم .. أين سبكم : مجنون .. ساحر .. كاهن ؟!
ما دام أخاً كريماً .. وأبوه أخ كريم !! فلماذا حاربتموه ؟!
أين تعذيبكم للمسلمين الضعفاء ..
هذا بلال واقف .. وآثار التعذيب لا تزال في ظهره ..
وتلك نخلة قريبة قتلت عندها أمية .. وزوجها ياسر ..
وهذا ابنهما عمار مع المسلمين يشهد ..
اليوم تقولون: أخ كريم؟ّ!
أين حبسكم له مع المسلمين الضعفاء .. ثلاث سنين في شعب بني عامر .. حتى أكلوا ورق الشجر من شدة الجوع ..؟!!
ما رحمتم بكاء الصغير ..
ولا أنين الشيخ الكبير ..
ولا حاملاً ولا مرضعاً !!
أين حربكم له في بدر .. وأحد .. وتحزبكم عليه في الخندق ؟
أين منعكم له من دخول مكة معتمراً .. لما جاءكم قبل سنين .. وتركتموه محبوساً في الحديبية .. ممنوعاًمن دخول مكة ؟
أين صدكم لعمه أبي طالب عن الإسلام وهو على فراش الموت ؟
أين ..؟ أين ..؟
شريط طويييييل من الذكريات المؤلمة يمر أمام ناظريه صلى الله عليه وسلم ..وهو ينظر إلى وجوه كفار قريش بين يديه.. ويقلب طرفه في فجاج الحرم.. وربما امتد بصره إلى جبال مكة حول الحرم.. أو إلى شوارعها وطرقاتها..
ليس هو فقط .. بل أمام ناظري أبي بكر وعمر ..
وعثمان وعلي ..
وبلال وعمر ..
فكل واحد من هؤلاء .. له مع قريش قصة حزينة ..
كان يستطيع أن ينزل بهم أقسى أنواع العقوبة .. فهم أعداء محاربون .. معتدون .. خونة ..
نعم خونة .. خانوا صلح الحديبية .. واعتدوا ..
كانوا مجرمين .. متحيرين .. لا يدرون ماذا سيُفعل بهم ..
فإذا به صلى الله عليه وسلم يدوس على الأحقاد.. ويحلق بهمته عاااالياً ..
ويقول كلمة يهتف بها التاريخ : اذهبوا .. فأنتم الطلقاء ..
فينطلقون .. مستبشرين .. تكاد أرجلهم تطير من الفرح
أحقاً عفا عنا ؟!!
ثم يتلفت صلى الله عليه وسلم ينظر حول الكعبة .. فإذا ثلثمائة وستون صنماً .. تعبد من دون الله .. عند بيته المعظّم ..!!
فجعل صلى الله عليه وسلم يضربها بيده الكريمة .. فتهوي .. وهو يقول :
جاء الحق .. وزهق الباطل .. جاء الحق .. وما يبدئ الباطل وما يعيد ..
عدد من كفار قريش العتاة البغاة .. الذين لهم تاريخ أسود مع المسلمين .. فروا من مكة قبل دخول النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إليها ..
منهم صفوان بن أمية ..
فإنه فر منها هارباً .. وقد تحير أين يذهب ..
فمضى إلى جدة ليركب منها إلى اليمن ..
فلما رأى الناس عفو رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ونسيانه للماضي الأليم ..
جاء عمير بن وهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
يا نبي الله إن صفوان بن أمية سيد قومه .. وقد خرج هارباً منك .. ليقذف نفسه في البحر .. فأّمِّنه .. صلى الله عليك ..
قال صلى الله عليه وسلم بكل بساطة : هو آمن ..
قال عمير : يا رسول الله .. فأعطني آية يعرف بها أمانك ..
فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عمامته التي دخل فيها مكة .. حتى إذا رآها صفوان .. عرفها فوثق في صدق عمير ..
خرج بها عمير حتى أدركه .. وهو يريد أن يركب في البحر ..
فقال : يا صفوان .. فداك أبي وأمي .. الله .. الله في نفسك أن تهلكها .. فهذا أمان من رسول الله صلى الله عليه وسلمقد جئتك به ..
فقال صفوان : ويحك .. أغرب عني فلا تكلمني .. فإنك كذاب ..
وكان خائفاً من مغبة ما كان فعله بالمسلمين ..
فصاح به عمير قال : أي صفوان .. فداك أبي وأمي .. رسول الله ..
أفضل الناس ..
وأبر الناس ..
وأحلم الناس ..
وخير الناس ..
وهو ابن عمك .. عزُّه عزك .. وشرفُه شرفك .. وملكُه ملكك ..
قال صفوان : إني أخافه على نفسي ..
قال عمير : هو أحلم من ذاك وأكرم ..
فرجع صفوان معه .. حتى وصلا إلى مكة .. فمضى به عمير حتى وقف به على رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
فقال صفوان : إن هذا يزعم أنك قد أمنتني ..
قال صلى الله عليه وسلم : صدق ..
قال صفوان : أما دخولي في الإسلام .. فاجعلني بالخيار فيه شهرين ..
فقال صلى الله عليه وسلم : أنت بالخيار فيه أربعة أشهر ..
ثم أسلم صفوان بعد ذلك ..
ما أجمل العفو عن الناس .. ونسيان الماضي الأليم ..
هذا خلق بلا شك لا يستطيعه إلا العظماء .. الذين يترفعون بأخلاقهم عن سفالة الانتقام .. والحقد .. وشفاء الغيظ ..
فالحياة قصيرة - على كل حال - .. نعم هي أقصر من أن ندنسها بحقد وضغينة ..
حتى في الحاجات الخاصة .. كان صلى الله عليه وسلم هيناً ليناً ..
قال المقداد بن الأسود رضي الله عنه :
قدمت المدينة أنا وصاحبان لي ..
فتعرضنا للناس فلم يضفنا أحد ..
فأتينا إلى النبي صلى الله عليه وسلم .. فذكرنا له .. فأضافنا في منزل وعنده أربع أعنز ..
فقال عليه الصلاة والسلام : احلبهن يا مقداد .. وجزئهن أربعة أجزاء .. وأعط كل إنسان جزءاً فكنت أفعل ذلك ..
فكان المقداد كل مساء .. يحلب فيشرب هو وصاحباه .. ويبقى جزء النبي عليه الصلاة والسلام .. فإن كان موجوداً شربه .. وإن كان غائباً حفظوه له حتى يرجع ..
وفي ليلة من الليالي .. تأخر النبي صلى الله عليه وسلم في المجيء إليهم ..
واضطجع المقداد على فراشه .. فقال في نفسه :
إن النبي صلى الله عليه وسلم .. قد أتى أهل بيت من الأنصار .. فأطعموه ..
فلو قمت فشربت هذه الشربة ..
فلم تزل به نفسه حتى قام فشربها .. ولم يبق للنبي صلى الله عليه وسلم شيئاً ..
قال المقداد : فلما دخل في بطني وتقار .. أخذني ما قدم وما حدث ..
فقلت : يجيء الآن النبي صلى الله عليه وسلم جائعاً ..ظمآناً .. فلا يرى في القدح شيئاً .. فيدعو علي ..
فسجيت ثوباً على وجهي .. يعني من الهم ..
فلما مضى بعض الليل ..
وجاء النبي صلى الله عليه وسلم ..
فسلم تسليمة تسمع اليقظان .. ولا توقظ النائم .. والمقداد على فراشه .. ينظر إليه ..
فأقبل صلى الله عليه وسلم إلى إنائه ..
فكشف عنه فلم ير شيئاً .. فرفع بصره إلى السماء ..
ففزع المقداد .. وقال : الآن يدعو عليَّ ..
فتسمع ماذا يقول .. فإذا به صلى الله عليه وسلم .. يقول :
اللهم اسق من سقاني .. وأطعم من أطعمني ..
فلما سمع المقداد ذلك .. قال في نفسه: أَغتنم دعوة النبي عليه الصلاة والسلام ..
قام فأخذ الشفرة السكين .. فدنا إلى الأعنز .. ليذبح إحداها .. ليطعم النبي صلى الله عليه وسلم ..
فجعل يجسهن ينظر أيتهن أسمن ليذبحها ..
فوقعت يده على ضرع إحداهن فإذا هي حافل .. مليئة باللبن ..
ونظر إلى الأخرى فإذا هي حافل ..فنظرت فإذا هي كلهن حفل .. فحلب في إناء كبير .. فملأه حتى علت رغوته ..
ثم أتى به النبي صلى الله عليه وسلم.. فقال : اشرب ..
فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم كثرة اللبن .. قال :أما شربتم شرابكم الليلة يا مقداد ؟
فقال : اشرب يا رسول الله ..
فقال : ما الخبر يا مقداد ؟
قال : اشرب ثم الخبر ..
فشرب النبي صلى الله عليه وسلم ثم ناول القدح للمقداد ..
فقال المقداد : اشرب يا رسول الله ..فشرب ثم ناوله القدح ..
قال : اشرب يا رسول الله ..
قال المقداد .. فلما عرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد روي .. وأصابتني دعوته ..
ضحكت حتى ألقيت إلى الأرض ..
فقال رسول الله : إحدى سوآتك يا مقداد ! .
فقلت : يا رسول الله .. إنك قد أبطأت علينا الليلة .. وكنت جائعاً فقلت في نفسي لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تعشى عند بعض الأنصار ..
وقص عليه القصة كلها .. وكيف أن الأعنز حلبت في ليلة واحدة مرتين .. على غير العادة ..
فتعجب النبي عليه الصلاة والسلام كيف تمتليء أضرع الأعنز حليباً بهذه السرعة!! فهي لايمكن أن تحلب مرتين في ليلة واحدة!!
فقال : ما كانت هذه إلا رحمة الله .. ألا كنت آذنتي توقظ صاحبيك هذين فيصيبان منها ..
فقلت : والذي بعثك بالحق ما أبالي إذا أصبتَها .. وأصبتُها معك من أصابها من الناس ..




وجهة نظر ..
الحياة أخذ وعطاء ..
فاجعل عطاءك أكثر من أخذك

الموضوع الثامن عشر:






قضاء الحاجات..


لما بدأت في دراسة الماجستير.. اطلعت على عدد أوسع من كتب الفرق والطوائف.. من بين هذه المذاهب..المذهب البراجماتي.. وترجمته بالعربية: المذهب النفعي..
لما تبحرت في دراسة هذا المذهب أدركت لماذا كنا نسمع في أوروبا وأمريكا.. أنه في كثير من الأحيان يهجر الابن أباه.. وإذا قابله في مطعم فكل واحد منهما يحاسب عن نفسه..
فعلاً..مادام أني لن أستفيد منك فلماذا أخدمك؟!
لماذا أنفق مالي؟!
واصرف قوتي؟!
وأبذل جهدي؟! دون مردود مادي يعود علي..
الإسلام قلب هذا الميزان..
فقال الله{وأحسنوا إن الله يحب المحسنين}
وقال صلى الله عليه وسلم: {لئن امشي مع اخي في حاجة حتى أثبتها له..أحب إلي من أن أعتكف في مسجدي هذا شهراً}..
ومن كان في حاجة أخيه..كان الله في حاجته..
وكان صلى الله عليه وسلم يمشي في الطريق فتوقفه الجارية وتقول: لي إليك حاجة..فيقف معها حتى يسمع حاجة..
وقد يمضي معها إلى بيت سيدها ليقضيها لها..
بل كان صلى الله عليه وسلم يخالط الناس ويصبر على أذاهم..
كان يعاملهم بنفس رحيمة..وعين دامعة..ولسان داع..وقلب عطوف..
كان يشعر أنه هو وهم..جسد واحد..يشعر بفقر الفقير..وحزن الحزين.. ومرض المريض..وحاجة المحتاج..
انظر إليه صلى الله عليه وسلم..وقد جلس في مسجده يحدث أصحابه.. فإذا به يرى سواداً مقبلاً عليه من بعيد..
نظر إليهم فإذا هم قوم فقراء أقبلوا عليه من مضر.. من قبل نجد..
وكانوا من شدة فقرهم قد اجتابوا النمار..
يعني يملك أحدهم قطعة قماش فلايجد ثمن الإبرة والخيط..فيخرق القماش من وسطه ثم يخرج رأسه ويسدل باقيه على جسده..
أقبلوا قد اجتابوا النمار..وتقلدوا السيوف..وليس عليهم أزر ولا شيء غيرها.. لاعمامة ولاسراويل ولارداء..
فلما رأى رسلوا الله صلى الله عليه وسلم الذي بهم من الجهد والعري والجوع..تغير وجهه.. ثم قام..فدخل بيته.. فلم يجد شيئاً يتصدق به عليهم..
فخرج..ودخل بيته الآخر..
وخرج..يبحث يلتمس شيئاً لهم.. فلم يجد..
ثم راح إلى المسجد..فصلى الظهر..ثم صعد منبره..
فحمد الله وأثنى عليه.. ثم قال: أما بعد..فإن الله عز وجل.. أنزل في كتابه:{ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً}
ثم قرأ.. {ياايها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ماقدمت لغدواتقوا الله إن الله خبير ما تعملون} ..وجعلوا يتلوا الآيات والمواعظ..ثم صاح بهم..وقال: تصدقوا قبل أن لاتصدقوا.. تصدقوا قبل أن يحال بينكم وبين الصدقة.. تصدق امرؤ من ديناره.. من درهمه.. من بره..من شعيره..
ولايحقرن أحدكم شيئاً من الصدقة..
وجعل يعدد أنواع الصدقات حتى قال: ولو بشق تمرة..
فقام رجل من الأنصار بصرة في كفه..فناولها رسول الله صلى الله عليهم وسلم وهو على منبره..
فقبضها رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعرف السرور في وجهه..
وقال: من سن سنة حسنة..فعمل بها كان له أجرها.. ومثل من أجر من عمل بها لاينقص من أجورهم شيء.. ومن سن سنة سيئة..فعمل بها..كان عليه وزرها..ومثل وزر من عمل بها لاينقص من أوزارهم شيء..
فقام الناس..فتفرقوا إلى بيوتهم..وجاءوا بصدقات.. فمن ذي دينار.. ومن ذي درهم.. ومن ذي تمر.. ومن ذي ثياب..
حتى اجتمع بين يديه صلى الله عليه وسلم كومان.. كوم من طعام.. وكوم من ثياب.. فلما رأى صلى الله عليه وسلم ذلك تهلل وجهه حتى كأنه فلقة من قمر.. ثم قسمه بين الفقراء.. رواه مسلم
نعم..كان صلى الله عليه وسلم يدخل إلى قلوب الناس..بقضاء حاجاتهم..يصرف من جهده ووقته وماله لأجلهم..
لما سئلت عائشة عن حاله صلى الله عليه وسلم في بيته..قالت: كان يكون في حاجة أهله.. أو في مهنة أهله..
أفلا تجعل من طرق دخولك إلى قلوب الناس.. قضاء حاجاتهم..
احتاج شخص إلى مستشفى فأوصلته إليه..
استعان بك في مشكلة فأعنته عليها..يراك تقضي حاجته.. وتقف معه في كربته..وهو يعلم أنك لاترجوا من ذلك جزاء ولاشكوراً فيحبك ويدعوا لك.. ويكون مستعداً لعونك لو أحتجت..
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم***فطالما استعبد الإنسان إحسان



رؤية..

من عاش لغيره فسيعيش متعباً..لكنه سيحيا كبيراً...ويموت كبيراً..



الموضوع التاسع عشر:


انتظر.. لاتعترض..!!

أذكر أن محاضراً كان يتكلم عن فن الحوار.. فعرض شيئاً من قصة يوسف عليه السلام..
فلما وصل إلى قوله تعالى: {ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إني أراني أعصر خمراً وقال الآخر إن أراني أحمل فوق رأسي خبزاً تأكل الطير منه}.. جعل يتأمل في الحاضرين ثم سألهم:
ودخل معه السجن فتيان؟! أيهما دخل قبل الآخر.. يوسف أم الفتيان؟
فصاح أحدهم: يوسف..
فصاح آخر: لا..لا..الفتيان..
فانطلق ثالث: لا..لا.. بل يوسف.. يوسف..
فاستذكى رابع وقال: دخلوا مع بعض!! وتكلم خامس.. وارتفع اللغط..حتى ضاع الموضوع الأساسي..
ويبدو أن المحاضر قصد ذلك.. فجعل يتأمل وجوههم..والوقت يمضي..ثم ابتسم ابتسامة عريضة..وأشار لهم بخفض الأصوات وقال:
وما المشكلة !! دخل قبلهم أو دخلوا قبله !! هل تستحق المسألة كل هذات الخلاف؟!
فعلاً.. لو تأملت واقعنا لوجدت أننا في أحيان كثيرة نكون ثقلاء على الآخريين بكثرة أعتراضنا على مايقولون فيكون أحدهم متحمساً في قصة يحكيها..
ثم يفاجأ بمن يعترض ويفسد عليه متعة الحديث بالاعتراض على أشياء لاتؤثر في القصة شيئاً..
نعم.. لاتكن ثقيلاً تعترض على كل شيء..
أذكر أن أخي سعود لما كان طفلاً في السابعة..دخل المسجد لصلاة العشاء.. ويبدو أنه كان مستعجلاً وتأخر الإمام في المجيء لإقامة الصلاة..
فلما ضاق بذلك ذرعاً توجه نحو المؤذن وكان شيخاً كبيراً ضعيف السمع ووقف خلفه..
ثم قبض على أنفه بيده وقال محاولاً تغيير صوته:
أقم الصلاة..ثم ولى هارباً !!
أما المؤذن فما كاد يسمع ذلك حتى تحرك ناهضاً ليقيم الصلاة.. فنبهه بعض المأمومين.. فجلس وجعل يتلفت مغضباً يتمنى رؤية الغلام لعقابه..
كان موقفاً طريفاً..
لكني لم أورده لطرافته..
وإنما لأني جلست بعدها في مجلس فذكر أحد الجالسين القصة وقال في أثنائها: وكان سعود مستعجلاً لأنه سيذهب إلى البحر مع أبيه ـ مع العلم بأن الرياض في صحراء ولاتقع على ساحل بحر ـ.. فتحيرت هل أفسد عليه قصته وأعترض.. أم أن المعلومة غير مؤثرة في القصة فلا داع للاعتراض واكتساب العداوات.. فآثرت الثاني وسكت..
وأحياناً قد تعترض على شيء أنت غير فاهمه أصلاً..لعل له عذراً وأنت تلوم..
كان زياد لطيفاً حريصاً على نصح الناس.. وقف يوماً عند إشارة مرور فإذا به يسمع صوتاً عالياً لأغان غربية.. تحير من أين هذا الصوت..وأخذ يتلفت يبحث عن مصدره..فإذا هو من السيارة المجاورة له..
وإذا صاحبها قد زاد صوت المذياع إلى أعلى درجاته..حتى أسمع البعيد والقريب..
جعل صاحبي يضرب على منبه سيارته ويحاول أن يبه ذاك الرجل إلى خفض صوت مذياعه..
لكن الرجل لايلتفت ولايرد..
يبدو أنه لشدة انسجامه مع مايسمع صار لايدري عما حوله..
حاول زياد أن يتبين وجه السائق الذي أسدل غترته على جانبي وجهه. وبعد جهد رآه فإذا لحيته تملأ وجهه!!
ازداد العجب..شخص بهذه الهيئة بدل أن يسمع إلى القرآن يستمع الأغاني!!
لا..وبصوت عالِ أيضاً!!
أضاءت الإشارة خضراء.. ومشى الجميع..
أصر زياد على مناصحة الرجل فجعل يمشي وراءه..وقف الرجل عند دكان..ونزل ليشتري منه حاجة..
أوقف زياد سيارته وراءه وصار يتأمله وهو يمشي فإذا الثوب قصير واللحية تملأ عارضيه..تسابقت إلى قلبه الوساوس.. أظنه نزل ليخرج الآن بعلبة سجائر!!
خرج الرجل فإذا في يده مجلة إسلامية!!
لم يصبر زياد..وأخذ ينادي بلطف: ياأخي.. لو سمحت.. هيه..لم يرد علي الرجل ولم يتلفت..
رفع صوته: هيه..هيه..لو سمحت..ياأخي..اسمع..
وصل الرجل سيارته وركبها..ولم يتلفت..
نزل زياد وقد غضب وأقبل إليه.. وقال: يا أخي.. الله يهديك..ما تسمع!!
نظر الرجل إليه وابتسم وشغل سيارته..فاشتغل المذياع مباشرة بصوت مزعج جداً..
فثار زياد.. وقال: ياأخي حرام عليك.. أزعجت الناس..
فجعل الرجل يزيد ابتسامته.. والأغاني بأعلى صوت.. ثار زايد أكثر.. وجعل وجهه يحمر..وصار يرفع صوته ليسمعه..
فلما رأى الرجل أن الأمر وصل إلى هذا الحد.. جعل يشير بيديه إلى أذنيه وينفضهما..
ثم أخرج دفتراً صغيراً من جيبه مكتوب على أول ورقة منه: أنا رجل أصم لا أسمع.. فضلاً اكتب ماتريد!!


لمحة..



قال الله تعلى: {وكان الإنسان عجولاً}



فانتبه لاتغلب عجلتك تؤدتك..


الموضوع العشرون :



لا تلعنه إنه يشرب الخمر.

أكثر الناس الذين نخالطهم مهما بلغ أحدهم من السوء
إلا أنه لا يخلو من خير وإن كان قليلاً
فلو استطعنا أن نعثر على مفتاح الخير لكان حسناً
اشتهر عن بعض المجرمين أنه كان يسطو على بيوت الناس ويسرق أموالهم
لينفق بعضها على ضعفاء وأيتام!! أو يبني بها مساجد!!
أو كالتي ترى أيتاماً جوعى فتزني لتحصل مالاً تسد به جوعهم
بنى مسجداً لله من غير حله.... فكان بمحمد الله غير موفّق
كمطعمة الأيتام من كدِّ عرضها...لك الويل لا تزني ولا تتصدقي
وكم من حاملسكين ليطعن بها فأستعطفه طفل أو امرأة فرقَّ قلبه وألقى سكينه عنه
إذن عامل الناس جميعاً بما تعلم فيهم من خير..قبل أن تسئ الظن بهم..
نبينا وقرة أعيننا محمدصلى الله وعليه وسلم.. بلغ من خلقه أنه كان يلتمس المعاذير للمخطئين ويحسن الظن بالمذنبين
وكان إذا قابل عاصياًينظر فيه على جوانب الإيمان قبل جوانب الشهوة والعصيان
ما كان يسئ الظن بأحد يعاملهم كأنهم أولاده وإخوانه
يحب لهم الخير كما يحبه لنفسه
كان رجلا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم قد ابتُلي بشرب الخمر..فأتوا به يوماً وقد شرب خمراً إلى رسول اللهصلى الله عليه وسلم فأمر به فجلد
ثم مرت أيامفشرب خمرا فجيء به أخرى فجلد
فلما ولى خارجاًقال رجل من الصحابة لعنة الله ما أكثر ما يؤتى به
فألتفت إليه صلى الله عليه وسلموقد تغير وجهه فقال له : لا تلعنه..
فوالله ما علمت أنه يحب الله ورسوله
فإذا تعاملت مع الناس فكن عادلا..أذكر الخير الذي فيهم وأشعرهم أن شرّهم لم يجعلك تنسى خيرهم
فهذا يقربّهم إليك


فن..


قبل أن تبدأ في نزع شجرة الشجر في الآخرين


ابحث عن شجرة الخير واسقها




الموضوع الحادي والعشرون :


الموضوع الحادي والعشرون:


الصدق


أذكر أني كنت أراقب على الطلاب يوماً في قاعة الامتحان .. وكان الامتحان يوم خميس ..
ومع أنيوم الخميس هو إجازة أصلاً إلا أننا اضطررنا أن نجعل فيه امتحاناً لزحمة المواد الدراسية ..
بعد مضي ربع ساعة من بداية الامتحان .. أقبل أحد الطلاب متأخراً .. كان المسكين يبدو عليه الاضطراب الشديد ..
قلت له : عفواً .. أتيت متأخراً ولن أسمح لك بدخول الامتحان ..فبدأ يرجوني أن أسمح له ..
قلت : ما الذي أخرك ؟!
قال : والله يا دكتور .. راحت علي نومة !!
أعجبني صدقه .. وقلت تفضل .. فدخل وامتحن ..
بعده بدقائق أقبل طالب آخر ..
قلت : ما أخرك ؟
قال : يا دكتور والله الطريق زححححمة ..
تعرف الناس في الصباح طالعين لدواماتهم ..
هذا رايح جامعته ..
وهذا لشركته ..
وهذا ..
وجعل يعدد عليَّ ليقنعني أن الطريق زحمة .. ونسي المسكين أن اليوم إجازة للموظفين .. وربما ليس في الطرق إلا طلابنا !!
قلت له : يعني الشوارع زحمة .. والسيارات تملأ الطرق ؟
قال : إي والله يا دكتور كأنك كنت معي ..
قلت : يا شاطر !! إذا أردت أن تكذب فاضبط الكذبة .. يا أخي اليوم خمييييس .. يعني ما فيه دوامات .. من أين جاءت الزحمة ؟!!
قال : آه يا دكتور .. نسيت .. " بنشر علي الكفر " .. أي تعطلت إحدى إطارات السيارة فوقف لإصلاحها ..!!
كان المسكين مضطرباً متورطاً .. فضحكت ودخل ليمتحن .. نعم ..
ما أقبح أن يكتشف الناس أنك تكذب عليهم ..
الكذب ينفر الناس عنك .. ويفقدك المصداقية عندهم ..
ويجعلهم لا يثقون فيك ..
فلو وقعت لأحدهم مشكلة .. فلن يشكوها إليك ..ولو تكلمت بشيء لن يسمعوه بتقبل ..
ما أقبح الكذب
قال صلى الله عليه وسلم : يطبع المؤمن على الخلال كلها إلا الخيانةوالكذب
وسئل صلى الله عليه وسلم .. فقيل له : يا رسول الله .. أيكون المؤمن جباناً ؟
فقال : نعم ..
فقيل : أيكون المؤمن بخيلاً ؟
فقال : نعم ..
فقيل : أيكون المؤمنكذاباً ؟
فقال : لا ..
وقال عبد الله بن عامر رضي الله عنه :
دعتني أمي يوماً .. ورسول اللهصلى الله عليه وسلمقاعد في بيتنا .. فقالت :
ها .. تعالأعطيك ..
فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم :وما أردت أن تعطيه ؟
قالت : أعطيه تمراً ..
فقال لها :أما إنك لو لم تعطيه شيئاً .. كتبت عليك كذبة
وكان صلى الله عليه وسلم إذا اطلع على أحد من أهل بيته كذب كذبة .. لم يزل معرضاً عنه ..
في كثير من الأحيان يندفع بعض الناس إلى الكذب .. لأجل إظهار أنفسهم بصورة أكبر من الحقيقة ..
فتجده يكذب في بطولات يؤلفها ..
ومواقفيخترعها ..
أو يزيد في القصص .. ليملّحها ..
أو يدعي أشياء عنده .. وهو كاذب .. فيتشبع بما لم يعط ..
أو تجد الكذاب يعد ويخلف ..
أو يتورط بأمور .. فيختلق أعذاراً متنوعة .. وسرعان ما يكتشف الناس كذبه فيها ..
وقف الإمام الزهري أمام السلطان .. فشهد على شيء ..
فقال السلطان : كذبت ..
فصاح الزهري : أعوذ بالله .. والله لو نادى منادٍ من السماء : إن الله أحلَّ الكذب .. لما كذبت .. فكيف وهو حرام!!


حقيقة..


خدعوك فقالوا:كذبة بيضاء..لأن الكذب لونه أسود..




الموضوع الثاني والعشرون :




الموضوع الثاني والعشرون:


اضبط لسانك..


إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه.
هكذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم الناس من إطلاق الكلام على عواهنه، دون النظر في العواقب.
عدم ضبط اللسان قد يؤدي إلى المهالك.

إحفظ لسانك أيها الإنسان..لا يلدغنك إنه ثعبان


كم في المقابر من قتيل لسانه..كانت تهاب لقاءه الشجعان

كم من امرأة طلقها زوجها بسبب اللسان..
يختلف معها فتردد قائلة له :
طلقني..أتحداك تطلقني.. إن كنت رجلا طلقني؟
فيأمرها بالسكوت..
ويصرخ بها..
ينهرها..
يشتد الأمر بينهما.. فينهدم البناء.. ويطلقها..
لذا أمر صلى الله عليه وسلم الشخص إذا غضب أن يسكت، نعم يسكت لأنه إن لم يضبط لسانه أرداه في المهالك..

يموت الفتى من زلةٍ بلسانه~~~وليس يموت المرء من زلة الرجل

أذكر أني دخلت مرة في مشكلة بين عائلتين للإصلاح بينهما..
وقصة الخلاف: أن رجلاً عاقلاً كبيراً في السن أظنه قد تجاوز الستين من عمره، خرج في نزهة صيد مع مجموعة من أصدقاءه، وسنهم جميعا متقاربة،
دارت بينهما أحاديث وذكريات الصبا..
ثم تكلموا عن أراض لأجدادهم بالقرية..
فثار خلاف بين اثنين منهم، حول أحد الأراضي يملكها أحدهما، وادعى الآخر أنها لجده..
اشتد بينهما النقاش حتى قال مالك الأرض لصاحبه: والله لئن رأيتك قريبا من أرضي لأفرغن هذا في رأسك..
ثم تناول بندقية الصيد التي بجانبه، ووجهها أعلى من رأس صاحبه بمرتين أو ثلاثة ثم أطلق منها رصاصة..
ثار الرجلان وكادا أن يقتتلا.. لكن أصحابهما هدؤوهما..
وتفرقوا إلى بيوتهم، لم يستطع الرجل الذي أطلق عليه الرصاصة أن ينام من شدة الغيظ..
طلع عليه الصبح إلا وقد أجمع أن يشفي غيظه من صاحبه، فحمل سلاحاً من نوع كلاشينكوف، ومضى يبحث عن صاحبه، حتى رآه في سيارته عند مدرسة بنات.. كان صاحبه متقاعداً من وظيفته، ويعمل سائقاً لسيارة خاصة لنقل المدرسات، وقد أوقف سيارته عند باب المدرسة وجلس داخلها ينتظر خروجهن..
وبجانبه مجموعة من السيارات تشبه سيارته كلها مخصصة لنقل المدرسات أو الطالبات..
اختبأ الرجل خلف شجرة بعيدة، لئلا ينتبه إليه..وكان ضعيف البصر.. فوجه سلاحه إلى السائق الذي بدا من ملامحه أنه صاحبه..وحاول جاهداً أن يسدد الطلقة إلى رأسه..
ثم ضغط على الزناد.. ودوى صوت الرصاص، وانطلقت ثلاث رصاصات، واستقرت في رأس السائق..
ثار الناس واضطربوا.. وفزعت الطالبات.. وارتفع الصراخ.. واجتمع رجال الشرطة.. وأحاطوا بالمنطقة ..والرجل قد هشمت الطلقات جمجمته.. ومات..
أما القاتل فقد توجه بكل هدوووووء إلى مخفر الشرطة، واخبرهم بالقصة وقال:
أنا قتلت فلاناً.. والآن قد شفيت صدري، فاقتلوني أو أحرقوني أو أسجنوني.. أفعلوا ماشئتم .. أدخلوه لغرفة التوقيف..
وخرج الضابط لمعاينة مكان الحادث..فلما اطلع على بطاقة المقتول، فإذا المفاجأة الكبرى!!
إذ بالقتيل ليس هو صاحبه، الذي أراد أن يشفي صدره منه، وإنما هو شخص آخر ليس له دخل بالقضية..
فأقبل الضابط يمشي بسرعة، والرجل المسن المقصود، بالقتل يمشي بجانبه.. حتى أدخله مخفر الشرطة، وأوقفه أمام الزنزانة .. وقال:
يا فلان أتدعي أنك قتلت هذا، الرصاص أصاب شخصا آخر!!
فصرخ المسكين وأصابته حالة هستيرية، ثم أغمي عليه ومكث في غيبوبته أياماً.. ثم شفي وأدخل السجن وحكم عليه القاضي الشرعي بإقامة حد القتل عليه..
وصدق أبو بكر لما قال:
ما شيء أحوج إلى طول سجن من لسان..
لا أنسى خبر ذلك الخليفة الذي جلس يوما مع نديمه..يضاحكه ويمازحه..لعب الشيطان برؤوسهما، فشربا خمراً..
فلما غابت العقول.. وسيطرت أم الخبائث..وصار الواحد منهما أضل من الحمار.. ألتفت الخليفة إلى حاجبه وأشار له إلى النديم، وقال : اقتلوه..
وكان الخليفة إذا أمر أمراً لم يراجع فيه..
فانطلق الحاجب إلى النديم وتله برجليه..وهو يصرخ..ويستغيث بالخليفة..والخليفة يضحك ويردد : أقتلوه..أقتلوه
فقتلوه..والقوه في بئر مهجورة..
فلما أصبح الخليفة..اشتاق إلى من يؤانسه..فقال أدعو لي نديمي فلان..
قالوا قتلناه!!
قال قتلتموه !!؟
من قتله؟!
ولماذا؟
ومن أمركم؟!
وجعل يدافع عباراته..
فقالوا: أنت أمرتنا البارحة واخبروه بالقصة..فسكت..وخفض رأسه متندما ثم قال: ربك كلمة قالت لصاحبها دعني..
أعود وأقول:
كم من شخص نفر الناس عن شخصه..وبغضهم في نفسه..وجر لنفسه الويلات بسبب عدم ضبطه للسانه..
قال ابن الجوزي:
ومن العجب أن من الناس من يقوى على التحرز من أكل الحرام، ومن الزنا والسرقة، لكنه لا يقوى على أن يتحرز من حركة لسانه فيتكلم في أعراض الناس، ولا يقدر على منع نفسه من ذلك


عجيبة


الحيوان لسانه طويل ولا ينطق


والإنسان لسانه قصير ولا يسكت







:: قــــرار ::
قدرتنا على أسر قلوب الآخرين ..
وكسب محبتهمـ الصادقة ..
تمنحنا جانبآ كبيرآ من المتعــــة بالحياة ..

.................



الردود القادمه ستحويـ بإذن الله الكثير من مواضيعـ هذا الكتاب ... فانتظروا ^^
ومن أراد المشاركة فيـ كتابة أية موضوعـ فليتفضل مشكورآ ..
لاحرمتمـ الأجر جميــــــــعآ ..

سجين العالمَين
24-5-2009, 10:47 AM
جميل جداً جداً :d:d
أنتظر الباقي :d
شكراً :d

صديقة وينري
24-5-2009, 11:04 AM
الســلِام عليكم ورحمة الله ..

شكراَ لكَ أخي على موضوعكَ و على كتابتكَ المتميزة ..

رحم هؤلاء الأشخاص الذين نشروا العلم والدين ..

وتعبوا من أجله لكِي يكونوا أقــرب إلى الرب ..

تم قراءة الموضوع بشكل جيد .

"شادن"
24-5-2009, 01:11 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...

جزاك الله خيراً أخى ...

جعله الله في ميزان حسناتك ...

فى انتظار الباقي ...

تقبل مروري ...

"شادن"

نور الاسلام
24-5-2009, 04:23 PM
فكن بطلاً واعزمـ من الآن أن تطبقـ ما تقتنعـ بنفعهـ من قدرات .. كن ناجحاً .. اقلب عبوسكـ ابتسامة .. وكآبتكـ بشاشة .. وبخلكـ كرماً .. وغضبكـ حلماً .. اجعل المصائب أفراحاً .. والإيمان سلاحاً ..
استمتــــــعـ بحياتكـ .. فالحياة قصيرة لا وقت فيها للغمـ ..
^^


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
فعلا موضوع راااائع ....كنت بانتظار مثله
وهذه الكلمات الجمييله رائعة..و هذا الكتاب من اروع الكتب ...جزاكم الله خيرا على وضعه..و اعتقد ان الاعضاء سيشاركون بجزء كبير فيه
و السلام عليكم

aseeeeen
25-5-2009, 05:52 PM
شكراً لكمـ جميـــعاً ..
.................


الموضوعـ الثانيـ :: طور نفسكـ ..
يقول الشيخـ :::: تجلسـ معـ بعضـ الناسـ وعمرهـ عشرون سنهـ .. فترى لهـ أسبوباً ومنطقاً وفكراً معيناً ..
ثمـ تجلسـ معهـ وعمرهـ ثلاثون .. فإذا قدراتهـ هيـ هيـ .. لمـ يتطور فيهـ شيء ..
بينما تجلسـ معـ آخرين فتجدهمـ يستفيدون من حياتهمـ .. تجدهـ كل يومـ متطوراً عن اليومـ الذيـ قبلهـ ..
بل ما تمر ساعة إلا ارتفعـ بها ديناً أو دنيا .. إذا أردت أن تعرف أنواعـ الناسـ فيـ ذلكـ .. فتعال نتأمل فيـ أحوالهمـ واهتماماتهمـ ..
القتوات الفضائية مثلاً .. من الناسـ من يتابعـ ماينميـ فكرهـ المعرفيـ .. ويطور ذكاؤهـ ..
ويستفيد من خبرات الآخرين من خلال متابعة الحوارات الهادفهـ .. يكتسب منها مهارات رائعهـ فيـ النقاشـ ..
واللغهـ .. والفهمـ .. وسرعة البديهة .. والقدرة على المناظرهـ .. وأساليب الاقناعـ ..
ومن الناسـ من لايكاد يفوتهـ مسلسل يحكيـ قصة حب فاشلهـ .. أو مسرحية عاطفية .. أو فيلمـ خياليـ مرعب ..
أو أفلامـ لقصصـ .. افتراضية تافههـ .. لاحقيقة لها ..
تعال بالله عليكـ .. وانظر إلى حال الأول وحال الثانيـ بعد خمسـ سنوات .. أو عشر ..
أيهما سيكون أكثر تطوراً فيـ مهاراتهـ ؟.
فيـ القدرهـ على الاستيعاب ؟.
فيـ سعة الثقافهـ ؟.
فيـ القدرهـ على الاقناعـ ؟.
فيـ أسلوب التعامل معـ الأحداث ؟.
لا شكـ أنهـ الأول ..
بل تجد أسلوب الأول مختلفاً .. فاستشهاداتهـ بنصوصـ شرعية .. أو أرقامـ وحقائقـ ..
أما الثانيـ فاستشهاداتهـ بأقوال الممثلين .. والمغنين ..
حتى قال أحدهمـ يوماً فيـ معرضـ كلامهـ ... والله يقول "اسعى ياعبديـ وأنا أسعى معاكـ"!!!!!!
فنبهناهـ إلى أن هذهـ ليست آيهـ ... فتغير وجههـ وسكت .. ثمـ تأملت العبارهـ .. فإذا الذيـ ذكرهـ هو مثل مصريـ انطبعـ فيـ ذهنهـ من احدى المسلسلات !!!!!!!!!
نعمـ .. كل اناء بمافيهـ ينضحـ ..
بل تعال الى جانب آخر .. فيـ قراءة الصحف والمجلات .. كمـ همـ أولئكـ الذين يهتمون بقراءة الأخبار المفيدة والمعلومات النافعهـ التيـ تساعد على تطوير الذات .. وتنمية المهارات .. وزيادة المعارف .. بينما كمـ الذين لايكادون يلتفتون إلى غير الصفحات الرياضية والفنية ؟!!
حتى صارت الجرائد تتنافسـ فيـ تكثير الصفحات الرياضية والفنية ..على حساب غيرها ..
قل مثل ذلكـ فيـ مجالسنا التيـ نجلسها .. وأوقاتنا التيـ نصرفها ..
فأنت إذا أردت أن تكون رأساً لا ذيلاً .. احرصـ على تتبعـ المهارات أينما كانت .. درب نفسكـ عليها ..
كان عبدالله رجلاً متحمساً .. لكن تنقصهـ بعضـ المهارات ..
خرجـ يوماً من بيتهـ إلى المسجد ليصليـ الظهر ..
يسوقه الحرصـ على الصلاة ويدفعهـ تعظيمهـ للدين .. كان يحث خطاهـ خوفاً من أن تقامـ الصلاة قبل وصولهـ إلى المسجد ..
مر أثناء الطريقـ بنخلة فيـ أعلاها رجل بلباسـ مهنتهـ يشتغل باصلاحـ التمر .. عجب عبدالله من هذا الذي مااهتمـ بالصلاة .. وكأنهـ ماسمعـ أذاناً ولا ينتظر إقامهـ .. !!
فصاحـ بهـ غاضباً : انزل للصلاة ..
فقال الرجل بكل برود : طيب .. طيب ..
فقال : عجل .. صل ياحـ مـ ا ر ..!!
فصرخـ الرجل : أنا حـ مـ ا ر ..؟!! ثمـ انتزعـ عسيباً من النخلة ونزل ليفلقـ بهـ رأسهـ !!!! غطى عبدالله وجههـ بطرف غترتهـ لئلا يعرفهـ .. وانطلقـ يعدو إلى المسجد ..
نزل الرجل من النخلة غاضباً .. ومضى إلى بيتهـ وصلى وارتاحـ قليلاً .. ثمـ خرجـ إلى نخلتهـ ليكمل عملهـ ..
دخل وقت العصر وخرجـ عبدالله إلى المسجد .. مر بالنخلة فإذا الرجل فوقها .. فغير اسلوب تعاملهـ ..
قال : السلامـ عليكمـ .. كيف الحال ؟ ..
قال : الحمدلله بخير ..
قال : بشر !! كيف الثمر هذهـ السنة ..
قال : الحمدلله ..
قال عبدالله : الله يوفقكـ ويرزقكـ .. ويوسعـ عليكـ .. ولايحرمكـ أجر عملكـ وكدكـ لأولادكـ ..
ابتهجـ الرجل لهذا الدعاء .. فأمن على الدعاء وشكر ..
فقال عبدالله :
لكن يبدو أنكـ لشدة انشغالكـ لمـ تنتبهـ إلى أذان العصر !!
قد أذن العصر .. والإقامة قريبة .. فلعلكـ تنزل لترتاحـ وتدركـ الصلاة .. وبعد الصلاة أكمل عملكـ .. الله يحفظ عليكـ صحتكـ ..
فقال الرجل : إن شاءالله .. إن شاءالله ..
وبدأ ينزل برفقـ ..
ثمـ أقبل على عبدالله وصافحهـ بحرارهـ ..
وقال : أشكركـ على هذه الأخلاقـ الرائعهـ .. أما الذيـ مر بيـ الظهر فياليتنيـ أراهـ لأعلمهـ من الـ حـ مـ ا ر !!
^^
انتهى كلامهـ فيـ موضوعهـ هذا ..


:: اضاءه ::
مهاراتكـ فيـ التعامل معـ الآخرين ..
على أساسها تتحدد طريقة تعامل الناسـ معكـ .. ^^
.................

صديقة وينري
25-5-2009, 11:30 PM
السلام عليكم ورحمة الله ..

شكراَ لكَ على التكمــلة
تمت القــرأة

..

الوعد القادم
26-5-2009, 12:08 AM
مختارات مهمة لدفع النفس

مشكور أخوي

نور الاسلام
26-5-2009, 11:08 AM
جزاكم الله خيرا على التكملة,,,

ابتسامه :)
26-5-2009, 11:32 AM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..



شكرا لك أخي على الموضوع الرائعة .. جعله الله في ميزان حسناتك ..



حقا أنه كتاب رائع .. يبعث السرور و الرضا في النفس .. أشتريت هذا الكتاب من



أحد أسواق مكة المكرمة .. لذا كان عزيزا على نفسي .. و قد احببته كثيرا ..



أتمنى أن ينفعنا الله به ..





و جزاك الله خيرا .

aseeeeen
26-5-2009, 01:50 PM
شكراً لكمـ جميـــعاً ..
"صديقة وينري ... نور الاسلام"
أشكركما شكراً خاصاً ..
وأتمنى لكما كثير افاده ^^
.................


الموضوعـ الثالث : أيـ الناسـ أحب إليكـ ؟
يقول الشيخـ :::: تكون أقوى الناسـ قدرة على استعمال مهارات التعامل مع الآخرين عندما تتعامل مع كل أحد تعاملاً رائعاً يجعلهـ يشعر أنه أحب الناسـ إليكـ ..
فتتعامل معـ أمكـ تعاملاً رائعاً مشبعاً بالتفاعل والأنس والاحتفاء إلى درجة أنها تشعر أن هذا التعامل الراقيـ لم يلقه أحد منك قبلها ..
وقل مثل ذلك عند تعاملكـ معـ أبيكـ ..معـ زوجتكـ .. أولادكـ .. زملائكـ .. بل قل مثلهـ عند تعاملكـ مع من تلقاهمـ مرة واحدة .. كبائع في دكان .. أو عامل في محطة وقود ..
كل هؤلاء تستطيعـ أن تجعلهم يجمعون على أنك أحب الناس إليهم إذا أشعرتهم أنهم أحب الناس إليك .. وقد كان صلى الله عليه وسلم قدوة في ذلك ..
إذ إن من تتبعـ سيرتهـ .. وجد أنه كان يتعامل بمهارات أخلاقية راقية .. فيعامل كل أحد يلقاه بمهارات من احتفاء وتفاعل وبشاشة .. حتى يشعر ذلك الشخص أنه أحب الناس إليه .. وبالتالي يكون هو أيضا صلى الله عليه وسلم أحب الناس إليهم .. لأنه أشعرهم بمحبته ..
كان عمرو بن العاص رضي الله عنه داهية من دهاة العرب .. حكمة وفطنة وذكاء .. فأدهى العرب أربعة .. عمرو واحد منهم ..
أسلم عمرو وكان رأساً في قومه .. فكان إذا لقي النبي صلى الله عليه وسلم في طريق رأى البشاشة والبشر والمؤانسة .. وإذا دخل مجلساً فيه النبي صلى الله عليه وسلم رأى الاحتفاء والسعادة بمقدمهـ .. وإذا دعاه النبي صلى الله عليه وسلم ناداه بأحب الأسماء إليه ..
شعر عمرو بهذا التعامل الراقي .. ودوام الاهتمام والتبسم أنه أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فأراد أن يقطع الشك باليقين .. فأقبل يوماً إلى النبي صلى الله عليه وسلم وجلس إليه ... ثم قال : يارسول الله .. أي الناس أحب إليك ؟
فقال صلى الله عليه وسلم : عائشة ..
قال عمرو : لا .. من الرجال يارسول الله ؟ .. لست أسألك عن أهلك ..
فقال صلى الله عليه وسلم : أبوها ..
قال عمرو : ثم من؟
قال : ثم عمر بن الخطاب ..
قال : ثم أي .. فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يعدد رجالاً .. يقول : فلان .. ثم فلان ..
بحسب سبقهم إلى الإسلام .. وتضحيتهم من أجله ..
قال عمرو : فسكت مخافة أن يجعلني في آخرهم ..
فانظر كيف استطاع صلى الله عليه وسلم أن يملك قلب عمرو بمهارات أخلاقية مارسها معه .. بل كان عليه الصلاة والسلامـ ينزل الناس منازلهم .. وقد يترك أشغاله لأجلهم .. لإشعارهم بمحبته لهم وقدرهم عنده ..
لما توسع صلى الله عليه وسلم بالفتوحات وبدأ ينتشر الإسلام .. جعل صلى الله عليه وسلم يرسل الدعاة من عنده لدعوة القبائل إلى الإسلام .. وربما احتاج الأمر أن يرسل جيشاً .. وكان عدي بن حاتم الطائي .. ملكاً ابن ملك .. أرسل النبي صلى الله عليه وسلم جيشاً إلى قبيلة "طيء" .. وكان عدي قد هرب من الحرب فلم يشهدها .. واحتمى بالروم في الشام ..
وصل جيش المسلمين إلى ديار طيء .. كانت هزيمة طيء سهلة .. فلا ملك يقود .. ولا جيش مرتب .. وكان المسلمون في حروبهم .. يحسنون إلى الناس .. ويعطفون وهم في قتال .. كان المقصود صد كيد قوم عدي عن المسلمين .. وإظهار قوة المسلمين لهم ..
أسر المسلمون بعض قوم عدي .. وكان من بينهم أخت لعدي بن حاتم .. مضوا بالأسرى إلى المدينة .. حيث رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وأخبروا النبي صلى الله عليه وسلم بفرار عدي إلى الشام ..
فعجب صلى الله عليه وسلم من فراره !! كيف يفر من الدين ؟ كيف يترك قومه ؟
ولكن لم يكن إلى الوصول إلى عدي سبيل .. لم يطب المقام لعدي في ديار الروم .. فاضطر للرجوع إلى ديار العرب .. ثم لم يجد بداً من أن يذهب إلى المدينة للقاء النبي صلى الله عليه وسلم ومصالحته .. أو التفاهم على شيء يرضيهما ..
يقول عدي وهو يحكي قصة ذهابه إلى المدينة ::
مارجل من العرب كان أشد كراهة لرسول الله صلى الله عليه وسلم مني .. وكنت على دين النصرانية .. وكنت ملكاً في قومي لما كان يصنع بي ..
فلما سمعت برسول الله صلى الله عليه وسلم كرهته كراهية شديدة .. فخرجت حتى قدمت الروم على قيصر ..
قال : فكرهت مكاني ذلك ..
فقلت : والله لو أتيت هذا الرجل .. فإن كان كاذباً لم يضرني .. وإن كان صادقاً علمت .. فقدمت فأتيته ..
فلما دخلت المدينة جعل الناس يقولون : هذا عدي بن حاتم .. هذا عدي بن حاتم .. فمشيت حتى أتيت فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد .. فقال لي : عدي بن حاتم ؟
قلت : عدي بن حاتم ..
فرح النبي صلى الله عليه وسلم بمقدمه .. واحتفى به .. مع ان عدياً محارب للمسلمين وفار من الحرب .. ومبغض للإسلام .. ولاجىء إلى النصارى ..
ومع ذلك لقيه صلى الله عليه وسلم بالبشاشة والبشر .. وأخذ بيده يسوقه معه إلى بيته .. عدي وهو يمشي بجانب النبي صلى الله عليه وسلم يرى أن الرأسين متساويين ..!!!
فمحمد (صلى الله عليه وسلم) ملك على المدينة وماحولها .. وعدي ملك على جبال طيء وماحولها ..
ومحمد (صلى الله عليه وسلم) على دين سماوي "الإسلام" .. وعدي على دين سماوي "النصرانية" ..
ومحمد (صلى الله عليه وسلم) عنده كتاب منزل "القرآن" .. وعدي عنده كتاب منزل "الإنجيل" ..
كان عدي يشعر أنه لافرق بينهما إلا في القوة والجيش ..
في أثناء الطريق وقعت ثلاثة مواقف :


!!!!!!!!!!

Dek2on
18-7-2009, 11:06 PM
مشكور .......... بأنتظار التكملة

سعود سعد
18-7-2009, 11:25 PM
أهلا aseeeeeeeeen ..!

اعذرني .. دقايق إن لم تصبح ساعات ..
وأرجع .. بعد قراءة الموضوع بدقة .. بدقة .. بدقة .. بدقة !
_____


سعود !

غرييب
19-7-2009, 04:41 AM
ما شاء الله كتااب رائع ,,

قرأت الموضوع الاول وعجبني فكتبت اسم الكتاب في قوقل وطلعت لي صفحة تحميل الكتاب ,, حبيت احمله واشوفه لكن للاسف ما حمل عندي ><" لكن قلت اضع لكم الرابط يمكن يفيدكم من موقع الدكتور العريفي نفسه
http://www.alarefe.com/play-338.html

في امان الله

ساتو ميواكو
20-7-2009, 11:15 AM
كتاب أقلُ ما يُقالُ عنه أنهُ رائع ..
و يكفي أن الشيخَ قضى في كتابتهِ العشرينَ عاماً , جُهودٌ آتت ثِمارها فجزاهُ اللهُ خيراً ..
حقيقةً أكثرُ ما أضحكني في الكتاب الطفل الذي قالَ حينَ سألهُ المُعلم ماذا تُريدُ أن تكونَ في المُستقبل فأجاب بكلِ براءة :
محمد العريفي ..!
لا ألومه فحتى أنا تمنيتُ ذاتَ الأُمنية ذاتَ مرة ^^"
جزاكَ اللهُ خيراً أخي الفاضل و جعلَ ما تضعهُ في موازينِ حسناتِك ..
فيـ أمانِ الله

جبروت ابتسامة
20-7-2009, 01:42 PM
http://www.ii1i.com/uploads4/131bd9720b.gif (http://www.ii1i.com)


سلمت يداك .. يـعطيك ألف عااااافيه خيوو..
~**~
فـعــلآ كتاب رآاآاآئــــع .. :)
من كثر ما اقرأ فيه اختفى icon114
~**~
لا حرمتـ رأيتـ وجهه الكريم

bye00

howida
20-7-2009, 07:34 PM
مـــرحــبا .. أخــوي ،
مــا شــاء الله أعــجبني المــوضوع الأول كثيـــرا ،
لــي عــودة لأكمــل الباقـــي ،
شكــرا لــكـ عـ المـــجهــود ،
دمـــت بخيـــر ~

كاكاش
21-7-2009, 04:54 AM
مشكور وماقصرت أخوي

aseeeeen
21-7-2009, 05:49 AM
اوف :d .. نسيت إنيـ كتبت موضوعـ هنا ..
حياكمـ الله جميـــــعآ

dek2on
حياكـ يارجل ^^
العفوو .. التكملة قريبة بإذن الله ..
شكرآ لمروركـ وشكرآ لرفعـ الموضوعـ .. أسعدكـ الباريـ ..

سعودي كوم
حياكـ يا سعووووووووووووووووووووووووودي ..^^
ترجعـ بالسلامة .. ولاتدققـ كثير :d .. ترى ماأنصحكـ .. كل شيـ واضحـ ..
شكريات للمرور خيو .. ربيـ يسعدكـ ..

غرييب
أهلآ بكـ ^^
شكريات على الرابط .. بسـ حتى أنا مارضيـ يحمل ليـ ><
لو بغيت أرسل لكـ الكتاب .. من عنونيـ أرسله ماعنديـ أيـ مانعـ ..
بسـ تتكفل بالتكملة :d
شكرآ لمروركـ وتنويركـ .. ربيـ يسعدكـ ..

سيما

http://fahoody.n.googlepages.com/39e0ff51c8.gif
نفسـ الصورة بسـ أضيفيـ عليها للمرور :d
أسعدكـ الله ..
^^

aseeeeen
21-7-2009, 06:02 AM
ساتو ميواكو
حياكـ الله وبياكـ ^^
بحقـ كتاب أروعـ من الروعة .. وهذه والله قليلة بحقه ..
إن شالله الموضوعـ القادمـ عن هذه القصة ..
ولا ألومكـ إذا تمنيت ذلكـ ^^
وإياكـ جزى الله ..
وشكرآ لمروركـ وتنويركـ .. أسعدكـ المولى ..

جبروت ابتسامة
أهلآ http://rlifeh.googlepages.com/La.gif .. وحياكـ الباريـ ..
سلمكـ الله وعافاكـ ^^
خخخـ حلوة :d .. وأنت كذلكـ ..
وشكرآ لمروركـ وتنويركـ .. أسعدكـ المولى ..

howida
حياكـ الله وبياكـ ^^
قراءة ماتعة .. وفقكـ الله ..
وشكرآ لمروركـ .. أسعدكـ الباريـ ..

كاكاش
أهلآ بكـ ^^
العفووو ربيـ يعافيكـ .. سلمـ على ناروت :d
شكرآ لمروركـ .. أسعدكـ الله ..
^^

دروبي
21-7-2009, 02:49 PM
بارك الله فيك
تابع والى الامام

aseeeeen
25-7-2009, 06:52 AM
دروبي
حياكـ الباريـ ..
وفيكـ باركـ الله ..
وشكرآ لمروركـ .. أسعدكـ المولى ^^
................

aseeeeen
25-7-2009, 06:56 AM
تابعـ للموضوعـ السابقـ ^^
........


بينما هما يمشيان إذا بامرأة قد وقفت فيـ وسط الطريقـ فجعلت تصيحـ : يارسول الله .. ليـ إليكـ حاجة ..
فانتزعـ النبيـ صلى الله عليه وسلمـ يده من يد عديـ ومضى إليها .. وجعل يستمعـ إلى حاجتها ..
عديـ بن حاتمـ .. الذيـ قد عرف الملوكـ والوزراء جعل ينظر إلى هذا المشهد .. ويقارن تعامل النبيـ صلى الله عليه وسلمـ معـ الناسـ بتعامل من رآهمـ من قبل من الرؤساء والسادة ..
فتأمل طويلاً ثمـ قال :: والله ماهذه بأخلاقـ الملوكـ .. هذه أخلاقـ الأنبياااااء ..
وانتهت المرأة من حاجتها فعاد النبيـ صلى الله عليه وسلمـ إلى عديـ .. ومضا يمشيان .. فبينما هما كذلكـ .. فإذا برجل يقبل على النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
فماذا قال الرجل ؟!!
هل قال :: يارسول الله عنديـ أموال زائدة أبحث لها عن فقير ؟!!
أمـ قال :: حصدت أرضيـ وزاد عنديـ الثمر .. فماذا أفعل به ؟!
ياليته قال شيئاً من ذلكـ .. لعل عدياً إذا سمعه يشعر بغنى المسلمين وكثرة أموالهمـ ..
قال الرجل :: يارسول الله .. أشكو إليكـ الفاقة والفقر ..
مايكاد هذا الرجل يجد طعاماً يسد به جوعة أولاده .. ومن حوله من المسلمين يعيشون على الكفاف ليسـ عندهمـ مايساعدونه به ..
قال الرجل هذه الكلمات وعديـ يسمعـ .. فأجابه النبيـ صلى الله عليه وسلمـ بكلمات ومضى .. فلما مشيا خطوات .. أقبل رجل آخر .. قال :: يارسول الله أشكو إليكـ قطعـ الطريقـ ؟!!
يعنيـ أننا يارسول الله لكثرة أعدائنا حولنا لا نأمن أن نخرجـ عن بنيان المدينة لكثرة من يعترضنا من كفار أو لصوصـ ..
أجابه النبيـ صلى الله عليه وسلمـ بكلمات ومضى .. جعل عديـ يقلب الأمر فيـ نفسه .. هو فيـ عز وشرف فيـ قومه .. وليسـ له اعداء يتربصون به ..
فلماذا يدخل هذا الدين الذيـ أهله فيـ ضعف ومسكنة .. وفقر وحاجة ..
وصلا إلى بيت النبيـ صلى الله عليه وسلمـ .. فدخلا .. فإذا وسادة واحدة فدفعها النبيـ صلى الله عليه وسلمـ إلى عديـ إكرامآ له .. وقال :: خذ هذه فاجلسـ عليها ..
فدفعها عديـ إليه وقال :: بل اجلسـ عليها أنت .. فقال صلى الله عليه وسلمـ :: بل أنت .. حتى استقرت عند عديـ فجلسـ عليها ..
عندها .. بدأ النبيـ صلى الله عليه وسلمـ يحط الحواجز بين عديـ والإسلامـ .. ياعديـ أسلمـ .. تسلمـ .. أسلمـ تسلمـ .. أسلمـ تسلمـ ..
قال عديـ :: إنيـ على دين ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ :: أنا أعلمـ بدينكـ منكـ ..
قال :: انت أعلمـ بدينيـ منيـ ؟
قال :: نعمـ .. ألست من الركوسية؟!
والركوسية ديانة نصرانية مشربة بشيء من المجوسية .. فمن مهارته صلى الله عليه وسلمـ فيـ الاقناعـ أنه لمـ يقل ألست نصرانيآ ..
وإنما تجاوز هذه المعلومة إلى معلومة أدقـ منها فأخبره بمذهبه فيـ النصرانية تحديدآ ..
كما لو لقيكـ شخصـ فيـ أحد بلاد أوروبا وقال لكـ :: لماذا لا تتنصر ؟
فقلت :: إنيـ على دين ..
فلمـ يقل لكـ :: ألست مسلمآ .. ولمـ يقل :: ألست سنيآ .. وإنما قال :: ألست شافعيآ أو حنليآ ..
عندها ستدركـ أنه يعرف كل شيء عن دينكـ ..
فهذا الذيـ فعله المعلمـ الأول صلى الله عليه وسلمـ معـ عديـ .. قال :: ألست من الركوسية؟
فقال عديـ :: بلى ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ :: فإنكـ إذا غزوت معـ قومكـ تأكل فيهمـ المرباعـ؟
قال :: بلى ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ :: فإن هذا لايحل لكـ فيـ دينكـ ..
فتضعضعـ لها عديـ .. وقال :: نعمـ ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ:: أما إنيـ اعلمـ الذيـ يمنعكـ من الإسلامـ ..
أنكـ تقول :: إنما اتبعه ضعفة الناسـ ومن لا قوة لهمـ ..
وقد رمتهمـ العرب ..
ياعديـ .. أتعرف الحيرة؟ "الحيرة مدينة بالعراقـ"
قلت :: لمـ أرها وقد سمعت بها ..
قال :: فو الذيـ نفسيـ بيده ليتمن الله هذا الأمر حتى تخرجـ الظعينة من الحيرة حتى تطوف بالبيت فيـ غير جوار أحد ..
أيـ سيقوى الإسلامـ إلى درجة أن المرأة المسلمة الحاجة تخرجـ من الحيرة حتى تصل إلى مكة ليسـ معها محرمـ .. من غير أحد يحميها ..
وتمر على مئات القبائل فلا يجرؤ أحد أن يعتديـ عليها أو يسلبها مالها .. لأن المسلمين صار لهمـ قوة وهيبة ..
إلى درجة أن أحدآ لايجرؤ على التعرضـ لمسلمـ خوفآ من انتصار المسلمين له ..
فلما سمعـ عديـ ذلكـ .. جعل يتصور المنظر فيـ ذهنه .. امرأة تخرجـ من العراقـ حتى تصل إلى مكة .. معنى ذلكـ أنها ستمر بشمال الجزيرة ..
يعنيـ ستمر بجبال طيء .. ديار قومه ..
فتعجب عديـ وقال فيـ نفسه :: فأين عنها ذُعّار طي الذين سعروا البلاد !!
ثمـ قال صلى الله عليه وسلمـ :: وليفتحن كنوز كسرى بن هرمز ..
قال :: كنوز ابن هرمز ؟؟
قال :: نعمـ كسرى بن هرمز .. ولتنفقن أمواله فيـ سبيل الله ..
قال صلى الله عليه وسلمـ :: ولئن طالت بكـ حياة لترين الرجل يخرجـ بملء كفه من ذهب أو فضة يطلب من يقبله منه فلا يجد أحدآ يقبله منه ..
يعنيـ من كثرة المال يخرجـ الغنيـ يطوف بصدقته لا يجد فقيرآ يعطيه إياها .. ثمـ بدأ صلى الله عليه وسلمـ يعظ عديآ ويذكره بالآخرة ..
فقال :: وليلقين الله أحدكمـ يومـ يلقاه ليسـ بينه وبينه ترجمان , فينظر عن يمينه فلا يرى إلا جهنمـ , وينظر عن شماله فلا يرى إلا جهنمـ " ..
سكت عديـ متفكرآ ..
ففاجأه صلى الله عليه وسلمـ قائلآ :: ياعديـ .. فما يفركـ أن تقول لا إله إلا الله ؟ .. أو تعلمـ من إله اعظمـ من الله ؟!!
قال عديـ :: فإنيـ حنيف مسلمـ .. أشهد أن لا إله إلا الله .. وأشهد أن محمدآ عبده ورسوله ..
فتهلل وجه النبيـ صلى الله عليه وسلمـ فرحآ مستبشرآ ..
قال عديـ بن حاتمـ :: فهذه الظعينة تخرج من الحيرة تطوف بالبيت في غير جوار ..
ولقد كنت فيمن فتحـ كنوز كسرى .. والذيـ نفسيـ بيده لتكونن الثالثة لان رسول الله صلى الله عليه وسلمـ قد قالها" ..
فتأمل كيف كان هذا الأنسـ منه صلى الله عليه وسلمـ لعديـ .. وهذا الاحتفاء الذيـ قابله به .. حتى شعر به عديـ .. تأمل كيف كان كل ذلكـ جاذبآ لعديـ للدخول فيـ الإسلامـ ..
فلو مارسنا هذا الحب معـ الناسـ .. مهما كانوا .. لملكنا قلوبهمـ ..
^^
انتهى كلامه فيـ موضوعه هذا ..


:: اضاءة ::
بالرفقـ واستعمال مهارات التعامل والإقناعـ ..
نستطيعـ أن نحققـ مانريد ..

العابره
26-7-2009, 02:16 AM
اثابك المولى الجنان ورزقك الاجر والمثوبه مجهود مبارك
كل الناس يحيا ويعيش في الدنيا ليتعلم، ولكن ليس كلهم يتعلم ما ينفعه، فمنهم من يتعلم ما يودي به إلى النار، ومنهم من يتعلم ما يؤدي به إلى الجنة، وهذا الأخير هو الفائز ليس في الدنيا فحسب بل وفي الآخرة أيضاً
بارك الله في كلمات شيخنا حفظه الله فى حله وترحاله
لي عودة بإذن الله لاستكمال القراءة http://www.mexat.com/vb/images/smilies/gooood.gif

نور الاسلام
26-7-2009, 05:14 AM
جزاكم الله خير و الله على الجهد
أن شاء الله بموازين حسناتك
و السلام عليكم

aseeeeen
26-7-2009, 07:32 AM
العابره
أهلآ بكـ ^^
اللهمـ آمين .. وأثابكـ كذلكـ ..
صدقت والله .. جعلنا الله وإياكـ وجميعـ المسلمين منهمـ ..
أتمنى لكـ قراءة مفيدة ماتعة ..
وشكرآ لمروركـ .. أسعدكـ الباريـ ..

نور الاسلام
حياكـ الله وبياكـ ^^
شكرآ لطيب متابعتكـ .. أسعدكـ المولى ..
وإياكـ جزى الله وباركـ فيكـ ..
وعليكـ السلامـ ..

aseeeeen
26-7-2009, 07:33 AM
الموضوعـ الرابعـ : التواضعـ ..
يقول الشيخـ :::: كنت فيـ مجلسـ فيه عدد من الوجهاء ..
فتحدث أحد من رآه استغنى ! وقال فيـ أثناء حديثه ::
ومررت بأحد العمال .. فمد يده ليصافحنيـ .. فترددت ثمـ مددت يديـ وصافحته ..
ثمـ قال بشيء من الغرور :: معـ انيـ لا اعطيـ يديـ لأيـ أحد !!
ما شاء الله يقول :: لا أعطيـ يديـ لأيـ أحد ..
أما رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. فكانت الأمَة المملوكة الضعيفة .. تلقاه فيـ وسط الطريقـ .. فتشتكيـ إليه من ظلمـ أهلها .. أو كثرة شغلها .. فينطلقـ معها إلى أهلها ليشفعـ لها ..
وكان يقول ::
"لا يدخل الجنة من كان فيـ قلبه مثقال ذرة من كبر ".. كمـ سمعنا الناسـ يرددون ::
يا أخيـ .. فلان متكبر .. فلان "شايف نفسه" .. ويبغضونه بسبب هذا الخلقـ ويذمونه ..
وتسأله :: لماذا لمـ تستعن بجاركـ فيـ كذا ؟!
فيقول :: فلان متكبر علينا .. مايعطينا وجه !!
آآآآه كمـ همـ مبغوضون أولئكـ الذين يتكبرون على الناسـ .. ويعاملونهمـ باستعلاء ..
كمـ هو منبوذ .. ذاكـ الذيـ يطغى أن رآه استغنى ..
ذاكـ الذيـ يصعر خده للناسـ ويمشيـ فيـ الأرضـ مرحآ ..
ذاكـ الذيـ يتكبر على العمال .. والخدامـ .. والفقراء ..
يتكبر على محادثتهمـ .. ومصافحتهمـ .. ومجالستهمـ ..
لما دخل صلى الله عليه وسلمـ مكة فاتحآ .. جعل يمر بطرقات مكة ..
التيـ طالما أوذيـ فيها .. واستهزئ به ..
كمـ سمعـ فيـ طرقاتها .. يامجنون .. ساحر .. كاهن .. كذاب ..
وهو اليومـ يدخلها قائدآ عزيزآ .. ممكنآ .. قد أذل الله أهلها بين يديه ..
فكيف كان شعوره وهو داخل ؟!
قال عبدالله بن أبيـ بكر رضيـ الله عنهما ::
لما وصل رسول الله صلى الله عليه وسلمـ إلى "ذيـ طوى " .. وقف على راحلته معتجرآ بقطعة بُرْدٍ حمراء ..
وإن رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ليضعـ رأسه تواضعآ لله .. حين رأى ما أكرمه الله به من الفتحـ .. حتى إن عثنونه "طرف لحيته" ليكاد يمسـ واسطة الرحل ..
وقال أنسـ رضيـ الله عنه ::
دخل رسول الله صلى الله عليه وسلمـ مكة يومـ الفتحـ وذقنه على راحلته متخشعآ ..
وقال ابن مسعود :: أقبل رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ فكلمه فيـ شيء .. فأخذته الرعدة ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ :: هون عليكـ .. فإنما انا ابن امرأة من قريشـ تأكل القديد "اللحمـ المجفف" ..
وكان صلى الله عليه وسلمـ يقول :: اجلسـ كما يجلسـ العبد .. وآكل كما يأكل العبد ..
نعمـ ..


تواضعـ تكن كالنجمـ لاحـ لناظر *** على صفحات الماء وهو رفيعـ
ولا تكـ كالدخــــان يعلو بنفسه *** على طبقات الجو وهو وضيعـ

باختصار ::
من تواضعـ لله رفعه .. ومازاد الله عبدآ بالتواضعـ إلا عزآ ..


^^
انتهى كلامه فيـ موضوعه هذا ..

نور الاسلام
26-7-2009, 09:12 AM
السلام عليكم
التواضع..هذا هو الجزء الذى أعجبنى جدا فى هذا الكتاب
(من تواضع لله رفعه)
جزاكم الله خير
و السلام عليكم

aseeeeen
27-7-2009, 05:48 AM
نور الاسلام
وعليكمـ السلامـ ..
جزاكـ المولى الفردوسـ الأعلى لمتابعتكـ المشجعة ..
معـ حقـ .. صحيحـ انها كلمات قليلة .. ولكن معانيها تزن الجبال وربما أكثر ..
جزيل شكريـ وامتنانيـ لكـ ..
لا حرمت الاجر ^^

aseeeeen
27-7-2009, 05:49 AM
الموضوعـ الخامسـ : لا للعداوات ..
يقول الشيخـ :::: تجد أن الناسـ عند التعامل معهمـ لهمـ طبائعـ ..
منهمـ الغضوب ومنهمـ البارد ..
ومنهمـ الذكيـ ومنهمـ الغبيـ ..
والمتعلمـ والجاهل ..
ومنهمـ حسن الظن وسيئ الظن .. و :

من عامل الناسـ لاقى منهمـ نصابآ *** فإن سَوْسَهـــمُـ بغي وطغيـــان

فالظالمـ يغفل عن ظلمه ويرى أنه أعدل الناسـ ..
والغبيـ يرى انه أذكى الناسـ ..
والأخرقـ السفيه .. يرى أنه حكيمـ زمانه !!
أذكر لما كنت شابآ - وأظننيـ لاأزال كذلكـ -
أعنيـ لما كنت فيـ أوائل الدراسة الثانوية .. أقبل علينا ضيف ثقيل .. لاأدريـ هل أكمل دراسته الابتدائية أمـ لا؟ لكن الذيـ أجزمـ به أنه يقرأ ويكتب ..
وكنت مشغولآ وقت دخوله بمسألة شرعية لمـ أجد لها جوابآ ..
وضعت له مايوضعـ للضيف من قِرى .. ثمـ تناولت الهاتف وجعلت أكرر الاتصال بالشيخـ الإمامـ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله- لسؤاله عنها .. لمـ أجد الشيخـ ..
رآنيـ صاحبيـ منشغلآ إلى هذا الحد .. فسألنيـ :: بمن تتصل ..
قلت :: بالشيخـ ابن باز .. عنديـ استفتاء مهمـ ..
فبادرنيـ قائلآ بكل ثقة :: سبحان الله .. ابن باز .. وأنا موجود؟!!
تجد من الناسـ كثيرين كذلكـ .. فتحمل ثقلهمـ .. وعاملهمـ بلطف .. واكسبهمـ ..
حاول بقدر استطاعتكـ أن لا تكسب عداوات .. فلمـ تبعث عليهمـ وكيلآ ..
أنقذ مايمكن إنقاذه .. ولاتعذب نفسكـ ..


^^
انتهى كلامه فيـ موضوعه هذا ..


:: اضاءة ::
الحياة أقصر من أن تشغلها باكتساب عداوات ..

سجين العالمَين
27-7-2009, 05:56 AM
جميل ماكتبت ياصاحبي استمر بارك الله فيك وفي جهدك

aseeeeen
28-7-2009, 06:58 AM
جيمس بوند07
ياحيالله الغاليـ ^^
الله يجمل حالكـ ويسعدكـ وين ماكنت ..
بإذن الله .. وأسئل الله الإعانة والإخلاصـ ..
ويباركـ فيكـ كذلكـ ..
لا تحرمنا من هـ الطلات الحلوة خيو :d

aseeeeen
28-7-2009, 07:02 AM
الموضوعـ السادسـ : ابتسمـ .. ثمـ ابتسمـ .. ثمـ ابتسـ .. ثمـ ابتـ .. ..
يقول الشيخـ :::: أعرفه منذ سنين ..
فهو أحد زملائيـ فيـ عمليـ .. على كل حال ..
لكن هل تصدقـ أننيـ إلى الآن لا أدريـ هل نبتت له أسنان أمـ لا؟
دائمـ التجهمـ .. والعبوسـ .. وكأنه إذا ابتسمـ نقصـ عمره .. أو قلَّ ماله !!
قال جرير بن عبدالله البجليـ :: مارآنيـ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ إلا تبسمـ فيـ وجهيـ ..
الابتسامة أنواعـ .. ومراتب ..
فمنها البشاشة الدائمة .. أن يكون وجهكـ صبوحآ مبتهجآ دائمآ ..
فلو كنت مدرِّسآ ودخلت الفصل على طلابكـ .. فالقهمـ بوجه بشوشـ ..
ركبت طائرة .. ومشيت فيـ الممر والناسـ ينظرون إليكـ كن بشوشآ ..
دخلت بقالة .. أو محطة وقود .. مددت له الحساب .. ابتسمـ ..
ولو كنت فيـ مجلسـ .. ودخل شخصـ وسلمـ بصوت عال .. ومر بنظره على الجالسين .. ابتسمـ ..
ولو دخلت على مجموعة .. وصافحتهمـ .. ابتسمـ ..
وعمومآ ::
الابتسامة لها من التأثير الكبير فيـ امتصاصـ الغضب والشكـ والتردد .. مالا يشاركها غيرها ..
البطل هو الذيـ يستطيعـ التغلب على عواطفه .. ويتبسّمـ .. حتى فيـ أحلكـ المواقف ..
كان أنسـ بن مالكـ رضيـ الله عنه يمشيـ معـ النبيـ صلى الله عليه وسلمـ يومآ ..
والنبيـ صلى الله عليه وسلمـ عليه بُرد نجرانيـ غليظ الحاشية .. فلحقهما أعرابيـ ..
أقبل هذا الأعرابيـ يجريـ وراء النبيـصلى الله عليه وسلمـ يريد أن يلحقـ به .. حتى إذا اقترب منه .. جبذه بردائه جبذة شديدة .. فتحركـ الرداء بعنف على رقبة النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
قال أنسـ :: حتى نظرت إلى صفحة عاتقـ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. قد أثرت بها حاشية البُرد من شدة جبذته ..
فماذا يرد هذا الرجل ؟!
لعل بيته يحترقـ وأقبل يريد معونة ..
أو أحاطت بهمـ غارة من المشركين .. فأقبل فزعآ يريد نصرة ..
اسمعـ ماذا يريد ..
قال :: يا محمد .. (لاحظ لمـ يقل : يارسول الله) ..
قال :: يا محمد .. مُر ليـ من مال الله الذيـ عندكـ ..
فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. ثمـ ضحكـ .. ثمـ أمر له بعطاء ..
نعمـ .. كان صلى الله عليه وسلمـ بطلآ لاتستفزه مثل هذه التصرفات .. ولا يعاقب أو تثور أعصابه على التافهات ..
كان واسعـ البطان .. قويآ يضبط أعصابه ..
دائمـ الابتسامة حتى فيـ أحلكـ الظروف .. يفكر فيـ عواقب الأمور قبل ان يفعلها .. وماذا يفيد لو انه صرخـ بالرجل او طرده !!
هل سيشفى جرحـ عنقه ! أو يصلحـ أدب الرجل ! كلا ..
إذن ليسـ مثل الصبر والتحمل ..
نعمـ بعضـ الأمور نثور عليها ونغضب .. وعلاجها بشيء آخر تمامآ .. نعالجها بالرفقـ .. واللين .. والتبسمـ .. وإحسان الظن .. وكظمـ الغيظ .. وكسب الناسـ ..
وصدقـ صلى الله عليه وسلمـ لما قال :: "ليسـ الشديد بالصُّرَعَة .. إنما الشديد الذيـ يملكـ نفسه عند الغضب" ..
كان النبيـ الكريمـ صلى الله عليه وسلمـ .. يجذب الناسـ بالتبسمـ والبشاشة ..
خرجو إلى غزوة خيبر .. وفيـ أثناء القتال .. وقعـ من حصن اليهود جراب فيه شحمـ .. قِربة كاملة مملوءة سمنآ .. التقطه عبدالله بن مغفل رضيـ الله عنهوحمله على عاتقه فَرِحآ ومضى به إلى رَحله وأصحابه ..
فلقيه الرجل المسئول عن جمعـ الغنائمـ وترتيبها .. فجذب الجراب إليه .. وقال ::
هاتِ هذا نقسمه بين المسلمين ..
فتعلقـ به عبدالله :: لا والله .. لا أعطيكه .. أنا اصبته ..
قال :: بلى .. وجعلا يتجاذبان الجراب ..
فمرّ بهما رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. فرآهما .. وهما يتجاذبان الجراب ..
فتبسمـ صلى الله عليه وسلمـ ضاحكآ .. ثمـ قال لصاحب المغانمـ :: لا أبالكـ .. خَلِّ بينه وبينه .. فتركه الرجل فيـ يد عبدالله ..
فانطلقـ به عبدالله إلى رَحله وأصحابه .. فأكلوه ..
وأخيرآ .. تبسمكـ فيـ وجه أخيكـ صدقة ..


^^
انتهى كلامه فيـ موضوعه هذا ..


:: قــدوة ::
وما رآنيـ إلا تبسمـ !!

سعود سعد
28-7-2009, 07:36 AM
أهلا أسييييييييييين ..!

اعذرني على التأخير في الرد .. كنت مشغووول ..!

::::::::::::::

صراحة كتاب رائــع ومتميز ..
ليس من أروع ما قرأت أنت .. بل من أروع ما قرأته أنا أيضاً ..

.. .. ..

قد تكون القراءة على الشاشة متعبة .. ولكن القراءة من الكتاب مباشرة ممتعة ..
.. .. .. .. .. ..

كـــــتاب رائــع ..
مؤلـــف متميز ..
محتـوى جميل ..
قصـص ممتعة ..
تنسيق رائــــع ..
فصول متميـزة ..
::
وأخيــراً :..
موضوع متميز !

.. .. ..

الشخ الداعية :.. محمد العريفي ..
أسلوبه شيق في محاضراته .. تدفعك للانسجام معه ..
لـه قصص رائعة في الدعوة .. قد أذكر إحداها لاحقاً ..

مهما تكلمت .. فلا أوفي للمشائخ الفضلاء حقهم !

:: :: :: ::


أتمنى ألا ينزل هذا الموضوع عن الصفحة الأولى ..
كما أتمنى ألا ينقطع عن كتابة القصص ..

.. .. .. .. ..




سعود !

العابره
28-7-2009, 08:35 AM
جزاك الله الفردوس الأعلى من الجنــــة ,,,,,
رحل عليه أفضل الصلاة والسلام وخلف وراءه أثرا يظل الى يو م القيامه فما أعظمه من أثر وأخلد بها من بصمه ،،،،
فطوبى لمن غرس في هذه الدنيا بذور الطاعة ليجنيها في روض الجنان ... طوبى لمن يحمل فى قلبه هم هذا الدين ... طوبى لقلوب بكت من خشية الله ... طوبى لمن لحق بركب التائبين ... طوبى لمن عاش حياته لله ..ولنا في رسول الله عليه أفضل الصلاه والسلام قدوه

مسترX
28-7-2009, 03:03 PM
شكرا لك اخي الموضوع اكثر من رائع

جعله الله في ميزان حسناتك

aseeeeen
31-7-2009, 08:20 AM
سعودي كوم
ياحيا الله سعوووووووووووووووديـ ..
ياخيـ كلها خمسـ بسـ :d
لا عاديـ .. خذ راحتكـ .. الله يحييكـ متى مابغيت ^^
معكـ حقـ ..
طيب ولاتزعل .. بسـ لو خبرتنيـ من أول كان خليت الموضوعـ "من أروعـ ما قرأت انا وسعوديـ كومـ" :d
بإذن الله ..
شكريات خيو للمرور .. أسعدكـ المولى وحفظكـ أينما حللت ..

العابره
اللهمـ صليـ وسلمـ على محمد ..
مرحبآ بعودتكـ ^^
وجزيت كذلكـ لحسن متابعتكـ .. لاحرمت الأجر ..
وأشكركـ شكرآ خاصآ على ماتخطه اناملكـ هنا ..
أسعدكـ الباريـ ^^

مسترX
أهلآ بكـ ^^
العفو أخيـ ..
وشكرآ لمروركـ .. أسعدكـ الله ..

aseeeeen
31-7-2009, 08:35 AM
الموضوعـ السابعـ : الثبات على المبادئ ..
يقول الشيخـ :::: كلما كانت شخصية الشخصـ أقوى .. وثباته على مبادئه أشد .. كان أهمَّـ فيـ الحياة ..
أحيانآ يكون من مبادئكـ عدمُـ أخذ الرشوة .. مهما ملَّحوا أسمائها .. بخشيشـ .. هدية .. عمولة .. فأثبت على مبدئكـ ..
زوجة يكون من مبادئها .. عدمُـ الكذب على زوجها .. مهما زيّنوه لها .. تمشية حال .. كذب أبيضـ .. فلتثبت على مبادئها ..
من المبادئ ..
عدمـ تكوين علاقات محرمة معـ الجنسـ الآخر ..
عدمـ شرب الخمر ..
شخصـ لايدخن .. جلسـ معـ أصحابه .. ليثبُتْ على مبادئه ..
الشخصـ الثابت على مبادئه وإن انتقدهُ أصحابه أحيانآ .. واتهموه بعدمـ المرونة .. إلا أن مشاعرهمـ الداخلية تؤمن أنها أمامـ بطل ..
فتجد أن أكثرهمـ يلجأ إليه عند الشدائد .. أو ليستشيره فيـ مشاكله الشخصية .. ويشعر بأهميته أكثر من غيره ..
وليسـ هذا خاصآ بأحد الجنسين دون الآخر .. بل الرجال والنساء فيـ ذلكـ سواء .. فاثبت على مبادئكـ ولا تقدمـ تنازلات .. عندها سيرضخـ الناسـ لها ..
لما ظهر الإسلامـ فيـ الناسـ جعلت لقبائل تَفِدُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فجاء وفد قبيلة ثقيف وكانوا بضعة عشر رجلآ .. فلما قدموا أنزلهمـ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ المسجد ليسمعوا القرآن ..
فسألوه :: عن الربا والزنا والخمر ؟
فأخبرهمـ أن ذلكـ كله حرامـ ..
وكان لهمـ صنمـ ورثوا عبادته وتعظيمه عن آبائهمـ .. اسمه "الرّبّة" .. ويصفونه بـ "الطاغية" ..
وينسجون حوله القصصـ والحكايات للدلالة على قوته .. فسألوه عن "الربة" ماهو صانعـ بها ؟
فقال صلى الله عليه وسلمـ دون تردد :: اهدموها ..
ففزعوا .. وقالوا :: هيهات .. لو تعلمـ الربة أنكـ تريد أن تهدمها .. قتلت أهلها !!
وكان عمر رضيـ الله عنه حاضرآ .. فعجب من خوفهمـ من هدمـ صنمـ .. فقال :: ويحكمـ يامعشر ثقيف !! ماأجهلكمـ !! إنما الربة حجر !! لايضر ولاينفعـ ..
فغضبوا .. وقالوا :: إنا لمـ نأتكـ ياابن الخطاب ..
فسكت عمر ..
فقالوا :: نشترط أن تدعـ لنا الطاغية ثلاث سنين .. ثمـ تهدمه بعدها إن شئت ..
فرأى النبيـ صلى الله عليه وسلمـ أنهمـ يساومونه على أمر فيـ العقيدة !! وهيـ أعظمـ مبدأ فيـ حياة المسلمـ .. والتوحيد هو أصل الإسلامـ .. فما دامـ أنهمـ سيسلمون .. فما الداعيـ للتعلقـ بالصنمـ ..!!
فقال صلى الله عليه وسلمـ :: لا ..
قالوا :: فدعه سنتين .. ثمـ اهدمه ..
قال :: لا ..
قالوا :: فدعه سنة واحدة ..
قال :: لا ..
قالوا :: فدعه شهرآ واحدآ !!
قال :: لا ..
فلما رأوا أنه لمـ يستجب لهمـ فيـ ذلكـ .. علموا أن المسألة مسألة شركـ وإيمان .. لا مجال فيها للمفاوضة !!
قالوا :: يارسول الله .. فتولَّ أنت هدمها .. أما نحن فإنا لن نهدمها أبدآ ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ :: سأبعث إليكمـ من يكفيكمـ هدمها ..
فقالوا :: والصلاة .. لانريد أن نصليـ .. فإننا نأنف أن تعلوا إست الرجل رأسة !!
يعنيـ :: لايرضون لشدة تكبرهمـ أن تكون مؤخرة أحدهمـ وقت السجود أعلى من رأسه !!
فقال صلى الله عليه وسلمـ :: أما كسر أصنامكمـ بأيديكمـ فسنعفيكمـ من ذلكـ ..
وأما الصلاة .. فلا خير فيـ دين لاصلاة فيه ..!!
فقالوا :: سنؤتيكها .. وإن كانت دناءة .. فكاتبوه على ذلكـ ..
وذهبوا إلى قومهمـ .. ودعوهمـ إلى الإسلامـ .. فأسلموا على مضضـ ..
ثمـ قدمـ عليهمـ رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلمـ لهدمـ الصنمـ .. فيهمـ خالد بن الوليد .. والمغيرة بن شعبة الثقفيـ ..
فتوجه الصحابة إلى الصنمـ ..
ففزعت ثقيف .. وخرجـ الرجال والنساء والصبيان .. وجعلوا يرقبون الصنمـ .. وقد وقعـ فيـ قلوبهمـ أنه لن ينهدمـ .. وأن الصنمـ سيمنعـ نفسه ..
فقامـ المغيرة بن شعبة .. فأخذ الفأسـ .. والتفت إلى الصحابة الذين معه وقال :: والله لأضحكنّكمـ من ثقيف !!
ثمـ أقبل المغيرة بن شعبة إلى الصنمـ .. فضرب الصنمـ بالفأسـ .. ثمـ سقط على الأرضـ وجعل يرفسـ برجله ..
فصاحت ثقيف .. وارتجوا .. وفرحوا .. وقالوا :: أبعد الله المغيرة .. قتلته الربة .. ثمـ التفتوا إلى بقية الصحابة وقالوا :: من شاء منكمـ فليقترب ..
عندها قامـ المغيرة ضاحكآ .. وقال :: ويحكمـ يامعشر ثقيف .. إنما هيـ لُكاعـ (أيـ مزحة) .. وهذا صنمـ .. حجارة ومدر .. فاقبلوا عافية الله واعبدوه ..
ثمـ أقبل يهدمـ الصنمـ .. والناسـ معه .. فما زالوا يهدمونها حجرآ حجرآ .. حتى سوّوها بالأرضـ ..


^^
انتهى كلامه فيـ موضوعه هذا ..


:: وحيـ ::
"من طلب رضا الناسـ بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناسـ ,
ومن طلب رضا الله بسخط الناسـ رضيـ الله عنه وأسخط عنه الناسـ"
صدقـ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..

سعود سعد
31-7-2009, 02:46 PM
,

..

ما أجهل النـــــاس قبل الإسلام ..!
الحمدلله على نعمة الإســلام ..

.. .. .. ..

اسمحلي أخوي أسين أن أقول قصة ذكرها الشيخ العريفي في إحدى محاضراته ..
____

كانت تلك المحاضرة في مخيم (قافلة الخير) بالدمــام ..
من القصص التي ذكرها عن الدعوة :...

يقول :.. كنت ذاهباً إلى إحدى الدول للدعوة ..
فركبت (تاكسي) أو ما يقوله البعض (ليموزين) ..
فإذا بي برجل غير مسلم .. أو بالأحرى (لا ديانة له) !!

سألته عن دينــه .. فأجاب بأنه ليس له دين >> بالانجليزية طبعاً ..
( لا أتذكر القصة جيداً .. لكني سأذكر معظمها )
بعد محاولات أن يسلم .. ومع رفضه ذلكـ..

قسألته عن صلاة دين النصرانية ..
وصلاة دين الإسلام ..
..........

سأشرح انا لكم الفرق .:..
صلاة النصرانية .. يوم الأحد فقط ! في الكنائس ! يأتي القسيس ومعه الكتاب .. ويأتون الناس بعدد قليل جدا ( يأتي الرجل مع حبيبته .. و......... ) .. ثم يقرأ لهم من الكتـــاب قليلا ويذهيون ..! وبذلك تنتهي الصلاة عندهم !!

أما صلاتنا فكل يعرف صفتها .. وكل شيء عنها .....
_____

ومع أن صلاتنا أصعب من صلاتهم .. إلا أن مساجدنا تعم بالمصلين وقت الصلاة ..!

.. .. .. ...

شرح له الشيخ ذلك بأسلوبه ...
وبعد أن اقتنع الغير مسلم بالإسلام .. قال:..
أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد ان محمداً رسول الله !!!!

........................................

اعذرني أخوي أسيين على عدم نقل القصة بشكلها .. لكني لا أتذكرها جيداً .. وكتبت الذي تذكرته منها !!

____________



سعود !

aseeeeen
2-8-2009, 07:03 AM
سعودي كوم
حياكـ الله مرة ثانية وثالثة ورابعة ....
حقآ .. الحمدلله على نعمة الإسلامـ ..
ربيـ يجزاكـ كل خير خيو .. الله يجعلها بموازين حسناتكـ ..
يكفيـ تفكيركـ بأن تضيفها لموضوعيـ المتواضعـ ..
لا حرمت الأجر ..
شكريات خيو .. أسعدكـ الباريـ ..
^^

aseeeeen
2-8-2009, 07:04 AM
الموضوعـ الثامن : إذا لمـ يكن ماتريد فأرد مايكون..!!
يقول الشيخـ :::: مادمت مُلزمآ فاستمتعـ ..
هكذا كنت أقول لشاب أصيب بمرضـ السكر .. فكان يشرب الشايـ من غير سكر .. ويتأسف لحاله ..
كنت أقول له :: هل إذا تأسفت وحزنت أثناء شربكـ الشايـ .. هل تنقلب المرارة حلاوة ..
قال :: لا ..
قلت :: مادمت ملزمآ .. فاستمتعـ ..
أعنيـ انّ الدنيا لا تأتيـ دائمآ على مانحب ..
وهذا يقعـ فيـ حياتنا كثيرآ ..
سيارتكـ قديمة .. مكيف لايشتغل .. مراتب ممزقة ..
ولا تستطيعـ حاليآ تغييرها ..
ما الحل ؟! مادمت ملزمآ فاستمتعـ ..
تقدمت للدراسة بالجامعة .. فقبلت فيـ كلية لاترغب فيـ الدراسة فيها .. حاولت تعديل الحال فلمـ تستطعـ .. فاضررت لمواصلة الدراسة .. وأكملت سنتين وثلاث ..
فما الحل ؟! مادمت ملزمآ فاستمتعـ ..
تقدمت لوظيفة فلمـ تقبل .. وقبلت فيـ أخرى .. وبدأت دوامكـ فيها ..
فما الحل ؟! مادمت ملزمآ فاستمتعـ ..
خطبت فتاة فرفضت .. وتزوجت آخر ..
ما الحل ؟! مادمت ملزمآ فاستمتعـ ..
كثير من الناسـ يجعل الحل هو الاكتئاب الدائمـ .. والتأفف من واقعه .. وكثرة التشكيـ إلى من عرف ومن لمـ يعرف! وهذا لايَرُدّ إليه رزقآ فاته .. ولايعجل برزقـ لمـ يكتب له ..
إذن ما الحل ؟!
إذا لمـ يكن ماتُريد فأرِدْ مايكون ..
العاقل فهو الذيـ يتكيف معـ واقعه كيفما كان .. مادامـ لا يستطيعـ التغيير إلى الأحسن ..
أحد أصدقائيـ كان يشرف على بناء مسجد .. فضاقت بهمـ النفقة .. فتوجهوا إلى أحد التجار للاستعانة به فيـ إكمال البناء ..
فتحـ لهمـ الباب .. جلسـ معهمـ قليلآ .. وأعطاهمـ ماتيسر ..
ثمـ اخرجـ دواء من جيبه وجعل يتناوله ..
قال له أحدهمـ :: سلامات .. عسى ماشر !!
قال :: لا .. هذه حبوب منوّمة .. منذ عشر سنين لاأنامـ إلا بها ..
دعوا له .. وخرجوا ..
فمروا على حفريات وأعمال طرقـ عند مخرجـ المدينة .. وقد وضعـ عندها انوار تعمل بمولد كهربائيـ قد ملأ الدنيا ضجيجآ ..
ليسـ هذا هو الغريب ..
الغريب أن حارسـ المولد هو عامل فقير قد افترشـ قصاصات جرائد .. وناااامـ ..
نعمـ عشـ حياتكـ .. لا وقت فيها لِلهمّـ .. تعامل معـ المعطيات التيـ بين يديكـ ..
خرجـ صلى الله عليه وسلمـ معـ أصحابه فيـ غزوة فقلَّ طعامهمـ .. وتعبوا .. فأمرهمـ .. أن يجمعوا ما عندهمـ من طعامـ .. وفرشـ رداءه .. وصار الرجل يأتيـ بالتمرة .. والتمرتين .. وكسرة الخبز .. وكلها تجتمعـ فوقـ هذا الرداء ..
ثمـ أكلوا .. وهمـ مستمتعون .. ربّما لمـ يشبعـ منهمـ أحد .. لكنه على الأقل أكل مايسدّ به رمقه .. والجود من الموجود ..

^^
انتهى كلامه فيـ موضوعه هذا ..



:: لمحـــة ::
ماكل مايتمنى المرء يدركه ..
تجريـ الرياحـ بما لاتشتهيـ السفن

العابره
2-8-2009, 09:48 AM
أنار الله قلبك و رزقك برد عفوه
الثبات على الدين و المبادئ و عدم التخلي عن أخلاقياتنا من الوسائل اللازمة لاقتطاف من ثمارالفوز و النجاح في الدنيا و الاخره
فعندما نثبت اعداءنا يتزعزعون واذا تزعزعنا هم يثبتون فقلب ينظر دوما للسماء ثابت لان الله معه , قوي لان الله ينصره مطمئن لان الله سنده , لايخاف شيئا لان الله مولاه وخالقه
اللهم انا نسالك الثبات حتى الممات

إذا لمـ يكن ماتريد فأرد مايكون..!!

لذائذ الدنيا تتقطع ومحاطة بآلامها
فلا لقاء إلا معه ألم الفراق... ولا أكل إلا ومعه ألم الشبع
بقي من الدنيا الكـــــــــــدر
ويبقى لنعيم الآخرة اللذة التي لا تتقطع ولا تكدر ، هذا لمن تأمل في العاقبة

سعود سعد
2-8-2009, 01:16 PM
.

:

ما دمت ملزما .. فاستمتع !!

ما كل ما يتمنى المرء يدركه .. تجري الرياح بما لا تشتهي السفن !!

إذا لم يكن ما تريد .. فأرد ما يكون !!

::

ارض بما قسمه الله لكـ.. تكن أغنى الناس !!

استمتــــــــــــــــع بحيــــــــــــــــاتك !!


:: :: :: :: :: :: ::


عبارات .. تعبر عن الموضوع ..
عبارات .. تعبر عن المضمون ..
عبارات .. تغير حياة بعض الناس ..
عبارات .. جميـــــلة ..
عبارات .. مؤثــــــــــرة ..
عبارات .. مفيــــــــدة ..
حقاً .. (استمــــتع بحيــــاتكـ..) ..!

.. .. .. .. .. .. .. ... . . . .


سعود !

القدس لنا
2-8-2009, 05:12 PM
مشكور وماقصرت أخوي

aseeeeen
4-8-2009, 06:35 AM
.
,
العابره
حياكـ الله ^^
جزيت كل خير عـ ماخطته أناملكـ .. آمين يارب .. اللهمـ إنا نسألكـ الثبات ..
وأشكركـ على دعواتكـ الطيبة ..
وعلى حسن متابعتكـ ..
لاحرمت الأجر .. أسعدكـ الباريـ ..

أحاسيس ضائعة
حياكـ الله وبياكـ ^^
خخخـ .. الله يكون بعونكـ .. ومادمت ملزمآ فاستمتعـ :d
نورتنا بطلتكـ خيو ..
بإذن الله .. وربما سأتوقف عند الموضوعـ العاشر .. ومن أراد أن يكمل .. فله كل الشكر .. ما رأيكـ؟!
شكريات لمروكـ .. وفقكـ الله .. وأسعدكـ ..

سعودي كوم
ياحيا الله سعودينا ^^
الكلامـ الليـ أنت كاتبه .. كأنه مر عليـ .. بسـ ماأدريـ وين :d
جزيت كل خير لمتابعتكـ الطيبة ..
لا حرمت الأجر ..

القدس لنا
أهلآ بكـ ^^
العفوو .. أسأل الله الإخلاصـ ..
شكرآ لمروركـ ..

aseeeeen
4-8-2009, 06:42 AM
الموضوعـ التاسعـ : مشاكل ليسـ لها حل ..
يقول الشيخـ :::: كمـ ترى من الناسـ غاضبآ وهو يقود سيارته .. وربما ضرب بيديه على مقودها .. وردد :: أوووه دائمآ زحمة .. زحمة!!
أو قد تراه يمشيـ فيـ الطريقـ .. ولايحتمل أن يكلمه أحد .. بل متضايقـ أشد الضيقـ .. ويردد :: أوووف حرّرر شديييد .. !!
وربما كنت زميلآ له فيـ مكتب واحد .. تبتلى برؤيته كل يومـ .. ويشغلكـ كلما جلسـ .. "ياخيـ العمل كثييير .. أوووه إلى متى مايزيدون رواتبنا" ..
ويدخل عابسآ .. ويخرجـ ساخطآ ..
وربما أكثر التشكيـ من آلامـ بدنه .. أو إعاقة ولده ..
باختصار : لابد أن نقتنعـ جميعآ أننا تواجهنا فيـ حياتنا مشاكل ليسـ لها حل .. فلابد أن نتعامل مهعا بأريحية ..

قال: السمـــاء كئيبة وتجهمــــــــــا *** قلت: ابتسم، يكفي التجهم في السما!
قال: الصبــا ولى! فقلت له: ابتسـم *** لن يرجـــع للأسف الصبا المتصــــــــرما
قال: التي كانت سمائي في الهـوى *** صارت لنفســي في الغـــرام جهنمـــــآ
خانت عهـــــودي بعدما ملكتهـــــــــا *** قلبـــــي فكيـــف أطيـــق أن أتبسمـــا
قلت: ابتسم واطرب فلو قارنتهــــــا *** قضيــت عمــــــــرك كلـــــه متألمـــــــآ
قال: العدى حولي علت صيحاتهـــم *** أَأُسَــــــرُّ والأعداء حولي في الحمـــى؟
قلت: ابتســم لم يطلبــوك بذمهـــم *** لـــو لـم تكـن منهـم أجـــلَّ وأعظمــــــا!
قال: الليـــالي جرعتنــي علقمــــــآ *** قلت ابتســم ولئــن جُرعـت العلقمــــــا
فلعـــل غيـــــرك إن رآك مُرَنِّمــــــــآ *** طرحـ الكآبــــــة خلفـــــــه وترنمــــــــا
أتــــراك تغنـــم بالترنـــــم درهمـــــآ *** أم أنت تخســــر بالبشـــاشة مغنمـــــآ
فاضحك فإن الشهب تضحك والدجى *** متلاطــــم ولذا نحــــب الأنجمـــــــــــــا "الأبيات لإيليا أبو ماضيـ"

نعمـ استمتعـ بحياتكــ ..
انتبه أن تكون ظروفكـ مؤثرة على سلوككـ .. فيـ عملكـ .. أولادكـ .. زملاؤكـ .. فما ذنبهمـ أن يتعذبوا بأمور ليسـ لهمـ طرفآ فيها .. ولايملكون حلها ؟!
لاتجعلهمـ إذا رأوكـ .. أو ذكروكـ .. ذكروا معكـ الهمـ والحزن ..
لذا نهى صلى الله عليه وسلمـ عن النياحة على الميت .. والصراخـ .. وشقـ الجيب .. وحلقـ الشعر .. و ....
لماذا؟! لأن التعامل معـ الموت يكون بتغسيل الميت وتكفينه والصلاة عليه ودفنه .. والدعاء له ..
أما الصراخـ والعويل فلا ينفعـ شيئآ .. سوى أنه يقلب متعة الحياة إلى أحزان ..
مشى المعافى بن سليمان معـ صاحب له ..
فالتفت إليه صاحبه عايسآ وقال :: ماأشد البرد اليومـ ؟
فقال المعافى :: استدفأت الآن ؟؟
قال :: لا ..
قال :: فماذا استفدت من الذمـ ؟؟ لو سبّحت لكان خيرآ لكـ ..
ما أحسن فهمه وأحكمه ...


:: عشـ حياتكـ ::
لا تنقب عن المشكلات .. ولاتدقق فيـ صغائر الأمور ..
وإنما استمتعـ بحياتكـ ..

مُذنِبةُ أنا
4-8-2009, 09:12 PM
ربي يعافيك على الموضوع الرائع

استمر بارك الله فيك

سعود سعد
4-8-2009, 11:21 PM
الكلامـ الليـ أنت كاتبه .. كأنه مر عليـ .. بسـ ماأدريـ وين :d


وش قصدكـ..؟ :d !

هذا أنا كاتبه ..
بس مدري كيف .. جا على بالي وكتبته .......

تقولي من وين جبته .. من عقلي المخضرم ! :d




نرجع للموضوع التاسع .!. ---------




لا أقول إلا :..

عش حياتك باستمتاع ..

..........................................


سعود !

ZIZO1992
4-8-2009, 11:36 PM
مشكور اخوي على الموضوع


و انا شريت الكتاب وصراحة الكتاب جدا مميز ومفيد جدا
ومشكور اخوي على الجهد في الترتيب والتنسيق المميز


وتقبلوا مروري ..,

حتى شف التوقيع كيف الاستمتاع ...XD

أميرة البحر
5-8-2009, 12:05 AM
بارك الله فيك وجزيت بضعف ما تعمل مليون مرة

sooomh
5-8-2009, 08:33 AM
جزاك الله كل خير
وجعلها في موازين حسناتك
شكرا جزيلا لك

العابره
5-8-2009, 08:46 AM
جزاك الرحمن كل خير


أمر مؤلم أن تعيش وسط الألم لا تجد من يشاطرك أحزانك وأن تحمل عبء يفوق طاقتك ….ولكن من كان مع الله كان الله معه.... فالدنيا ما هي إلا دار ابتلاء واختبار...وهل عيش بلا كدريطيب ، وان ضاقت بنا الدنيا ففوق رؤوسنا أفق رحيب
فليبقى القلب رغم الألم لاجئاً متعبداً، متعلقاً بربه ، فعند نقص مراده لا يتجه إلا لمولاه نعم المولى ونعم النصير

فراشة الرّبيع
5-8-2009, 01:30 PM
بلييييز ماهو اسم الكتاب بالكامل واين يباع وكم سعره
وجزاك الله كل خير وجعله في موازين حسناتك

ZIZO1992
5-8-2009, 02:57 PM
بلييييز ماهو اسم الكتاب بالكامل واين يباع وكم سعره
وجزاك الله كل خير وجعله في موازين حسناتك



اسم الكتاب إستمتع بحياتك
اسم المؤلف الشيخ محمد العريفي
تلقيه في إي مكتبة سعره حدود 20 ريال

للأبد
6-8-2009, 03:55 AM
حركاااااااااااااااااااااااااااااااااااااات
الكتاب اللي من زمان نفسي أقراه موجود هنا وأنا ماني دارية

داااااااائما صحباتي في المدرسة يحكوني عنو والمشكلة إني اسوي نفسي مثقفة وكل ما أسأل أحد تقرئ تقولي لا بس استمتع بحياتك مرررررررررررررررة كان نفسي فيه مشكووووووووووووور من جد الواحد لازم يعيش حياتو مبسوط مو نكد في نكد


جعله الله في ميزان حسناتك أخي
مجهود جبار

بالله انتا تقعد تكتب كل دا ؟؟
مو تعب؟؟

ms hagar ehab
6-8-2009, 01:16 PM
شكرا جزيلا لك انا اكثر شئ اكرهه هو القراءة والموضوع ماشاء الله طويل جدااااااااااااااااااااا لكن انا اخذت مقتطفات بس الكلام رائع ماشاء الله رست من القراءة وساعود لاكمل جزاك الله خيرا

aseeeeen
9-8-2009, 09:23 AM
حيـــــ^^ـــــــــــاكمـ الله جميــــــ^^ـــــــعآ
واعتذر على التأخير ..
.
,
hakrory
أهلآ بكـ ^^
ويعافيكـ .. بإذن الله ..
شكرآ لمروركـ .. أسعدكـ المولى ..

سعودي كوم
ياحياكـ الله ^^
مجرد مزحة خيو ..
ودامـ عقلكـ مخضرمآ :d
شكرياتيـ لطيب متابعتكـ .. ربيـ يسعدكـ ..

ZIZO1992
حياكـ الله وبياكـ ^^
العفوو خيو .. أتمنى لكـ كثير افادة من هـ الكتاب ..
خخخـ .. تعجبنيـ :d شكرآ لمساعدتكـ .. ربيـ يخليكـ ..
وشكرآ لمروكـ وتنويركـ .. أسعدكـ الباريـ ..

أميرة البحر
أهلآ بكـ ^^
وفيكـ باركـ الله .. آمين يارب ..
جزيت كل خير عـ هـ الدعوات الطيبة ..
أسعدكـ المولى ..

sooomh
أهلآ بكـ ^^
العفو .. وإياكـ كذلكـ ..
أسعدكـ ربيـ ..

العابره
حياكـ الله ^^
وجزاكـ المولى خير الجزاء على متابعتكـ الطيبة .. لاحرمت أجرها ..
سلمت على ماتخطه أناملكـ هنا .. كلمات معبرة ..
اللهمـ لاتشغل قلوبنا عن طاعتكـ وألسنتنا عن ذكركـ ..
جزيت الجنان .. أسعدكـ الله ..

فراشة الرّبيع
أهلآ بكـ ^^
تمت الاجابة على استفساركـ ..
آآمين .. وإياكـ وجميعـ المسلمين ..
أسعدكـ الباريـ ..

للأبد
أهلآ بكـ ^^
الحمدلله .. وأسال الله الإخلاصـ ..
العفووو .. معكـ حقـ .. وهذا مايدور حوله الكتاب ..
آمين يارب .. وفيـ ميزان حسنات من قرأه .. وانتفعـ به ..
نعمـ .. وشـ ورانا :d .. والله يتقبل بسـ ..
تعب صحـ .. بسـ الليـ يبيـ الأجر .. يهون عليه ..
قراءة ماتعة اتمناها لكـ ..
شكرياتيـ .. أسعدكـ الباريـ ..

ms hagar ehab
أهلآ بكـ ^^
العفو .. وأنا وضعت كل موضوعـ بسبويلر ..
هناكـ القصير وهناكـ الطويل ..
قراءة ماتعة مفيدة أتمناها لكـ ..
وإياكـ وجميعـ المسلمين ..
شكرآ لكـ .. أسعدكـ المولى ..

aseeeeen
9-8-2009, 09:33 AM
الموضوعـ العاشر : لاتقتل نفسكـ بالهمـ ..
يقول الشيخـ :::: كان سعد أحد طلابيـ فيـ الجامعة .. غاب أسبوعآ كاملآ .. ثمـ لقيته فسألته ::
سلامات .. سعد..؟
قال :: لاشيء .. كنت مشغولآ قليلآ ..
كان الحزن واضحآ عليه .. قلت :: ما الخبر ؟
قال :: كان ولديـ مريضآ .. عنده تليف فيـ الكبد .. وأصابه قبل أيامـ تسممـ فيـ الدمـ .. وتفاجأت أمسـ أن التسممـ تسلل إلى الدماغـ ..
قلت :: لاحول ولاقوة إلا بالله .. اصبر .. وأسأل الله أن يشفيه .. وإن قضى الله عليه بشيء .. فأسأل الله أن يجعله شافعآ لكـ يومـ القيامة ..
قال :: شافعـ ؟ ياشيخـ .. الولد ليسـ صغيرآ ..
قلت :: كمـ عمره ؟
قال :: سبعـ عشرة سنة ..
قلت :: أسأل الله أن يشفيه .. ويباركـ لكـ فيـ إخوانه ..
فخفضـ رأسه وقال :: ياشيخـ .. ليسـ له إخوان .. لمـ أُرْزقـ بغير هذا الولد .. وقد أصابه ماترى ..
كان حاله مؤثرآ .. لكنيـ تجلّدتُ وقلت له :: سعد .. بكل اختصار .. لاتقتل نفسكـ بالهمـ .. لن يصيبنا إلا ماكتب الله لنا ..
ثمـ خففت عنه مصابه وذهبت .. نعمـ لاتقتل نفسكـ بالهمـ .. فالهمـ لايخفف المصيبة ..
أذكر أنيـ قبل فترة .. ذهبت إلى المدينة النبوية .. التقيت بخالد ..
قال ليـ :: مارأيكـ أن نزور الدكتور : عبدالله ..
قلت :: لماذا .. ما الخير ؟
قال :: نعزيه ..
قلت :: نعزيه ؟!
قال :: نعمـ .. ذهب ولده الكبير بالعائلة لحضور حفل عرسـ فيـ مدينة مجاورة .. وبقيـ هو فيـ المدينة لارتباطه بالجامعة ..
وفيـ أثناء عودتهمـ وقعـ لهمـ حادث مروعـ .. فماتوا جميعآ .. إحدى عشر نفسآ !!
كان الدكتور رجلآ صالحآ قد جاوز الخمسين .. لكنه على كل حال .. بشر .. له مشاعر وأحاسيسـ .. فيـ صدره قلب .. وله عينان تبكيان .. ونفسـ تفرحـ وتحزن ..
تلقّى الخبر المفزعـ .. صلى عليهمـ .. ثمـ وسدهمـ فيـ التراب بيديه ..
إحدى عشر نفسآ ..
صار يطوف فيـ بيته حيران .. يمر بألعاب متناثرة .. قد مضى عليها أيامـ لمـ تحركـ .. لأن خلود وسارة اللتين كانتا تلعبان بها .. ماتتا ..
يأويـ إلى فراشه .. لمـ يرتب .. لأن أمـ صالحـ .. ماتت ..
يمر بدراجة ياسر .. لمـ تتحركـ .. لأن الذيـ كان يقودها .. مااات ..
يدخل غرفة ابنته الكبرى .. يرى حقائب عرسها مصفوفة .. وملابسها مفروشة على سريرها .. ماتت .. وهيـ ترتب ألوانها وتنسقها ..
سبحان من صبّره .. وثبت قلبه .. كان الضيوف يأتون .. معهمـ قهوتهمـ .. لأنه لا أحد عنده يخدمـ أو يُعين .. العجيب أنكـ إذا رأيت الرجل فيـ العزاء ..
حسبت أنه أحد المعزِّين .. وأن المصاب غيره ..
كان يردد .. إنا لله وإنا إليه راجعون .. لله ما أخذ ولله ما أعطى .. وكل شيء عنده بأجل مسمى ..
وهذا هو قمة العقل .. فلو لمـ يفعل ذلكـ .. لمات همآ ..
أعرف أحد الناسـ أراه دائمآ سعيدآ .. وإذا تأملت حاله وجدت :
وظيفته متواضعة ..
بيته مستأجر ضيّقـ .. إيجار ..
سيارته قديمة ..
أولاده كثيرون ..
ومعـ ذلكـ كان دائمـ الابتسامة .. محبوبآ .. يعيشـ حياته ..
صحيحـ .. لاتقتل نفسكـ بالهمـ .. ولاتكثر التشكّيـ .. فيملّكـ الناسـ ..
كرجل عنده ولد معوقـ .. فيشغلكـ كلما رآكـ .. ولديـ مريضـ .. ضاقـ صدريـ .. مسكين ولديـ ..
فتجد أنكـ تملّ منه وتودّ لو تصرخـ به قائلآ :: يا أخيـ خلاصـ فهمنا ..
أو إمرأة معـ زوجها دائمآ تردد عليه :: بيتنا قديمـ .. سيارتنا متهالكة .. ثيابيـ ليست على الموضة ..
ما الفائدة من هذا التشكيـ إلا بتجديد المواجعـ ..
أفنيت يامسكين عمركـ بالتأوه والحزن ..
وظللت مكتوف اليدين تقول حاربنيـ الزمن


إن لمـ تقمـ بالعبء انت فمن يقومـ به إذن


^^
انتهى كلامه فيـ موضوعه هذا ..

:: إضاءة ::
عشـ حياتكـ بما بين يدكـ من معطيات .. لتسعد

العابره
10-8-2009, 08:21 AM
بلغك الله منازل الشهداء
الألم في الدنيا لا يمكن دفعه، فكم من غالي علينا فقدناه ، فـ لله ما أخذ ولله ما أعطى ، فكل ما نفعله نحن هو التخفيف عن أنفسنا
فإذا اجتمع في قلوبناالأمل الحقيقي بأن يرضى الله عنا إذا رضينا بالبلاء ، عندها نذوق طعم الحياة الحقيقية
والبسمه الصادقه الراضية عن الله بل ويبقى الأمل مع الآلام التي نجدها
قال احد السلف : يا ابن آدم مالك تأسى على مفقود لا يرده عليك الفوت ، أوتفرح بموجود لا يتركه في يدك الموت

aseeeeen
13-8-2009, 05:49 AM
العابره
حياكـ الله ^^
أشكركـ جزيل الشكر على متابعتكـ المشجعة .. لاحرمت الأجر ..
وأشكركـ على دعواتكـ الطيبة .. ولكـ مثلها .. وفقكـ الباريـ ..
وأشكركـ أيضآ على ماتخطه أناملكـ هنا ..
أعجبتنيـ المقولة التيـ قالها أحد السلف ..
جزيت أعاليـ الجنان .. أسعدكـ المولى ..

aseeeeen
13-8-2009, 05:52 AM
الموضوعـ الحاديـ عشر : لاتباليـ بكلامـ الخَلقـ ..
يقول الشيخـ :::: أعجبتنيـ عبارة رددها ابنيـ عبدالرحمن يومآ ..
وأظنه فيـ ذلكـ السن لمـ يكن يفقه معناها ..
كان يقول :: طنِّشـ تعِشـ تَنْتَعِشـ ..!!
تأملت فيـ هذه العبارة وأنا ألاحظ انتقادات الناسـ .. وآرائهمـ .. وأحاديثهمـ .. فوجدت أن الناسـ فيـ كلامهمـ وذمهمـ يتنوعون ..
فيهمـ الناصحـ الصادقـ الذيـ لايتقن فن النصيحة .. وبالتاليـ يحزنكـ بأسلوب نصحه .. أكثر مما يفرحكـ ..
وفيهمـ الحاسد .. الذيـ يقصد حزنكـ وهمكـ ..
وفيهمـ قليل الخبرة .. الذيـ يهذيـ بما يدريـ .. ولو سكت لكان خيرآ له ..
وفيهمـ من طبيعته الانتقاد أصلآ .. فهو ينظر للحياة بنظارة سوداء ..
وقديمآ قيل :: لو اتحدت الأذواقـ لبارت السلعـ ..
وذكروا أن جحا ركب على الحمار .. وولده يمشيـ بجانبه .. فمروا بجمعـ من الناسـ .. فقال الناسـ :: انظروا لهذا الأب الغليظ يركب مرتاحآ .. ويدعـ ولده يمشيـ فيـ الشمسـ ..
سمعهمـ جحا .. فأوقف الحمار .. ونزل .. وأركب ولده ..
ثمـ مشيا .. وجحا يشعر بنوعـ من الزهو .. فمرا بقومـ آخرين .. فقال أحدهمـ :: انظروا إلى هذا الابن العاقـ .. يركب ويدعـ أباه يمشيـ فيـ الشمسـ ..
سمعمـ جحا .. فأوقف الحمار .. ثمـ ركب معـ ولده .. ليتقيا كلامـ الناسـ وانتقاداتهمـ ..
فمرا بقومـ .. فقالوا :: انظروا إلى هذين الغليظين .. لا يرحمون الحيوان ..
فنزل جحا .. وقال :: ياولديـ .. انزل ..
فنزل الولد وجعل يمشيـ بجانب أبيه .. والحمار ليسـ فوقه أحد ..
فمرا بقومـ .. فقالوا :: انظروا إلى هذين السفيهين .. يمشيان والحمار فارغـ .. وهل خلقـ الحمار إلا ليُركب ..
فصرخـ جحا وجرّ ولده معه .. ودخلا تحت الحمار .. وحملاه ..!!
ولو أنيـ كُنت معهمـ فيـ ذاكـ الزمان .. ورأيت جحا وقتها لقلت له ::
يا حبيب القلب .. افعل ماتشاء .. ولا تبال بكلامـ الخلقـ .. رضا الناسـ غاية لاتدركـ ..
ومن الذيـ ينجو من الناسـ سالمآ *** ولو غاب عنهمـ بين خافيتيـ نسر ..
بعضـ الناسـ .. لا يفكر فيـ رأيه قبل أن يطرحه ..
يأتيكـ مثلآ بعدما تتزوجـ .. ويقول .. لماذا تخطب فلانة ؟ ولماذا تزوّجتها ؟
وكأنيـ بكـ .. تتمنى أن تصرخـ فيـ وجهه وتقول :: ياااا أخيـ تزوجت .. خلاصـ .. انتهى الموضوعـ .. ما أحد طلب منكـ اقتراحات ..
أو يأتيكـ وقد بعت سيارتكـ .. فيقول .. ليتكـ أخبرتنيـ .. فلان كان سيعطيكـ أكثر .. يا أخيـ .. بسـ!! الرجل باعـ سيارته .. خلاصـ وانتهى .. لا تشغله بالالتفات وراءه!!
وعمومآ ..
ليسـ يخلة المرء من ضد ولو *** طلب العُزْلة فيـ رأسـ جبل ..!!
فلا تعذب نفسكـ ..

^^
انتهى كلامه فيـ موضوعه هذا ..


:: تجربة ::
قال أحد السلف :: من جعل دينه عرضة للخصومات .. أكثر التنقل!!

sooomh
15-8-2009, 08:05 AM
الله يجزاك خير على جهودك المبذولة
الموضوع الأخير رائع ومفيد جدا
ممكن تسمح لي اساعدك واضيف بعض المواضيع من هذا الكتاب
بعد اذنك طبعاicon088

العابره
16-8-2009, 10:08 AM
كتب اللهـ لكـ الأجر و جعلهـ في موازين حسناتكـ
- من وطن قلبه عند ربه سكن واستراح ومن ارسله في الناس اضطرب واشتد به القلق -
فليكن حظ المؤمن منا ثلاثة إن لم ننفعه فلا نضره وإن لم نفرحه فلا نغمه وإن لم نمدحه فلا نذمه

همس الذكريات
16-8-2009, 03:03 PM
أخي * aseeeeen *


سلمت أناملك ،، بارك الله في جهدك ووقتك ،، ووفقك لكل ما يحبه ويرضاه


أنا قرأت هذا الكتاب وفعلاً والله في غاية الروعة والفائدة ،،


اختيار موفق أخي الكريم وتنسيق رائع وجهد ملحوظ تشكر عليه ،،


وإذا أردت مساعدة في كتابة بعض المواضيع ،، فلنا الشرف في مساعدتك أخي الكريم ،،


جزاك الله حور الجنان ،، ورضا رب الأكوان ،،


دمت بحفظ المولى ،،

aseeeeen
17-8-2009, 06:11 AM
حيـــــ^^ـــــــــــاكمـ الله جميــــــ^^ـــــــعآ
.
,
sooomh
حياكـ الله مرة أخرى ^^
آمين .. وإياكـ كذلكـ ..
أكيـــــد .. ولو:d
الموضوعـ للجميعـ .. من احب المشاركة فيه فليتفضل مشكورآ ..
لا حرمتمـ الأجر جميعآ ..
شكرياتيـ لكـ .. أسعدكـ المولى ..

العابره
حياكـ الباريـ وبياكـ ^^
أسعدتنيـ والله بمتابعتكـ الطيبة .. أسعدكـ المولى ..
كلماتكـ بحقـ درر .. لا حرمت الأجر ..
أشكركـ شكرآ جزيلآ على دعواتكـ .. ولكـ مثلها ..
جزيل شكريـ وامتنانيـ .. جزيت أعاليـ الجنان ..

همس الذكريات
أهلآ .. وحياكـ الله ^^
آمين .. وجزيت كذلكـ كل خير ..
وأشكركـ على دعواتكـ الطيبة ..
الحمدلله على كريمـ فضله .. فما هو إلا توفيقـ منه ..
أسأل الله الإخلاصـ والقبول ..
وليـ كل الشرف بمساعدتكمـ .. متى ما أردتمـ .. وفيـ أيـ وقت يناسبكمـ ..
وسأكون بحقـ ممتنآ كثير امتنان ..
وهذا الموضوعـ منكمـ وإليكمـ ..
آمين يارب ..
شكرياتيـ لكـ .. أسعدكـ الباريـ ..

aseeeeen
17-8-2009, 06:17 AM
الموضوعـ الثانيـ عشر : أخرجهمـ من الحفرة ..
يقول الشيخـ :::: ألمـ يقعـ مرة أن أحرجكـ شخصـ فيـ مجلسـ عامـ بكلمة جارحة ..
أو ربما سخر منكـ .. بأيـ شيء وإن كان صغيرآ .. بلباسكـ أو كلامكـ .. أو أسلوبكـ .. فظهر الاحراجـ على وجهكـ .. وامتقعـ لونكـ ..
فدافعـ عنكـ شخصـ ما .. فشعرت بامتنان عظيمـ له .. لأنه كأنما أمسكـ بطرف ثوبكـ عندما دفعكـ غيركـ إلى الهاوية ..
مارسـ هذه المهارة معـ الآخرين .. وسترى لها تأثيرآ ساحرآ ..
لو دخلت على شخصـ وأقبل ولده يحمل طبقآ فيه طعامـ .. لكنه استعجل قليلآ .. فكاد ان يقعـ الطبقـ على الأرضـ .. فانطلقـ الأب عليه ثائرآ .. يصرخـ به قائلآ ::
لماذا العجلة ؟
كمـ مرة اعلمكـ ؟
فاحمر وجه الولد واصفرَّ ..
فقلت أنت :: لا .. بل فلان بطل .. رجُل .. ماشاءالله عليه يحمل كل هذا لوحده .. ولعله استعجل لأن فيه أغراضـ أخرى أيضآ ..
الله أيـُّ امتنان سيشعر به الغلامـ لكـ ..
هذا معـ الصغار .. فما بالكـ معـ الكبار ..
لو أثنيت على زميل فيـ اجتماعـ .. بعدما صبوا عليه وابلآ من اللومـ ..
أو أثنيت على أحد إخوانكـ .. بعدما انكبَّ أفراد الأسرة عليه معاتبين ..
شاب أحرجه شخصـ بسؤال أمامـ الناسـ :: بَشِّرْ يا فلان .. كمـ نسبتكـ فيـ الجامعة ؟!
بالله عليكـ .. هل هذا سؤال يسأله عاقل أمامـ الناسـ ؟!!
فانقلب وجه الشاب متلونآ ..
فأنقذته قائلآ بلطف :: لماذا يا أبا فلان تسأله عن نتيجته فيـ الجامعة ؟ هل ستزوجه ؟!! أمـ عندكـ وظيفة له ؟! أو ......
فضحكوا ونُسيـ السؤال ..
أو :: لو عاتبه على دنوِّ معدله الدراسيـ .. فقلت :: يا أخيـ لاتلمه .. تخصصه صعب .. لكن سيكون افضل فيـ الفصل القادمـ إن شاءالله ..
كسب محبة الناسـ فرصة يقتنصها الأذكياء ..
إذا هبت رياحكـ فاغتنمها *** فإن لكل خافقة سكـــون
كان عبدالله بن مسعود رضيـ الله عنه .. يمشيـ معـ النبيـ صلى الله عليه وسلمـ .. فمرّا بشجرة فأمره النبيـ أن يصعدها .. ويحتزَّ له عودآ يتسوكـ به ..
فرقى ابن مسعود وكان خفيفآ .. نحيل الجسمـ .. فأخذ يعالجـ العود لقطعه ..
فأتت الريحـ فحركت ثوبه وكشفت ساقيه .. فإذا هما ساقان دقيقتان صغيرتان .. فضحكـ القومـ من دقة ساقيه ..
فقال النبيـ صلى الله عليه وسلمـ :: ممـّ تضحكون ؟!..
من دقة ساقه ؟!
والذيـ نفسيـ بيده إنهما اثقل فيـ الميزان من أحد ..
فماذا سيكون شعور عبدالله بن مسعود .. بعدما ضحكـ الناسـ منه .. ثمـّ دافعـ عنه النبيـ صلى الله عليه وسلمـ وأثنى عليه ..
^^
انتهى كلامه فيـ موضوعه هذا ..

:: وجهة نظر ::
كسب محبة الناسـ فرصـ يقتنصها الأذكياء ..

سعود سعد
18-8-2009, 03:45 AM
مرحبـــا اسييين ..

من زمــان عنكـ .. وعن أعضاء المنتدى بعد !!

..................

حسبت انك بتوقف عن الموضوع الـ 10 ..
بس الحمد لله كملت .!
كنت أتمنى إنك تكمل ..
والحمد لله .. تحققت امنيتي .!



استــمر ..

استــمر ..

استــمر ..


....

لي عودة بعد قراءة المواضيع ....

......................



سعود !

رحيـــل
18-8-2009, 09:12 AM
جــزآكـ آللهـ خيـــر آخـــي عآلموضووع آلمفيــد...



لاآحرمت آلآجـــر...

العابره
18-8-2009, 09:52 AM
الله يرضى عليك يارب ويكتبك من اهل الله وخاصته
لن نستطيع أن نأخذ بمجامع قلوب الناس إلا إذا سلمت سرائرنا وضمائرنا من آفات القلوب
قال صلى الله عليه وسلم -إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسطة الوجه وحسن الخلق-
فالخلق الطيب من طلاقة الوجه، وبسطة الكف، وعفة اللسان، وسلامة القلب،
من أسباب كسب قلوب الناس و هي جامعة للخير كله

aseeeeen
19-8-2009, 08:05 AM
.
,
سعودي كوم
ياحياكـ الله .. وألف مليون مرحبابكـ ^^
والله بغيت صراحة اوقف .. بسـ هونت :d
وإن شالله أبحاول أكمل .. إلى ما يكتب الله ..
والأعضاء الطيبين إن شالله ماراحـ يقصرون ..
قراءة ماتعة أتمناها لكـ ..
أسعدت أينما كنت ..

رحيـــل
أهلآ بكـ ^^
وإياكـ جزى الله .. ولاحرمت كذلكـ ..
شكرياتيـ لكـ .. أسعدكـ المولى ..

العابره
أحرجت تواضعيـ والله بعبوركـ على موضوعيـ البسيط هذا ..
لا حرمت أجر العبور ولا أجر القراءة ولا أجر ماتدره أناملكـ من كلمات عجيبة ..
جزيت أعاليـ الجنان .. ومحاسن الأخلاقـ ..
اشكركـ .. أسعدكـ الباريـ وثبتكـ على الحقـ ..
^^

aseeeeen
19-8-2009, 08:08 AM
الموضوعـ الثالث عشر : الخطوط الحمر ..
يقول الشيخـ :::: كان من طلابيـ فيـ الجامعة ..
كان واسعـ الثقافة ..
حريصآ على تكوين علاقات معـ الناسـ ..
لكنه كان ثقيل الدمـ عليهمـ ..
جاءنيـ يومآ .. وقال :: يادكتور .. زملائيـ يغضبون منيـ دائمآ .. لا يتحملون مزاحيـ ..
قلت فيـ نفسيـ :: أنا لا احتملكـ ساكتآ .. فكيف أحتملكـ متكلمآ ..؟! خاصة إذا كنت تستخف دمكـ وتمزحـ ..!
سألته :: لماذا لا يحتملون مزاحكـ ؟! اعطنيـ مثالآ ..
قال :: عطسـ أحدهمـ فقلت :: الله يلعنكـ .. (ثمـ سكتُّ) .. فما غضب .. أكملت قائلآ :: يا إبليسـ .. ويرحمكـ يافلان ..!!
آآآه .. ما أثقل مزاحه !!
مسكين كان يظن نفسه بذلكـ .. خفيفَ الدمـ !!
الناسـ مهما قبِلوا مزاحكـ ومداعباتكـ .. إلا أنه تبقى هناكـ خطوط حمراء لا يحبّون أن تتعداها .. خاصة إذا كان ذلكـ امامـ الآخرين ..
بعضـ الناسـ لايراعيـ ذلكـ .. فتجد أنه يعتديـ على حاجاتهمـ ..
فمثلآ من باب (الميانة) يأخذ هاتفكـ الجوال ويتصل به كما يريد ..
أو ربما أرسل رسائل من هاتفكـ الشخصيـ إلى أشخاصـ أنت لا ترغب أن يظهر رقمـ هاتفكـ عندهمـ ..
أو يأخذ سيارتكـ بغير إذنكـ .. أو يحرجكـ بطلبها حتى تأذن على مضضـ ..
أو تجد مجموعة طلاب يسكنون فيـ شقة واحدة .. يستيقظ أحدهمـ ليذهب إلى جامعته .. فيجد أن معطفه قد لبسه فلان .. وحذاءه فيـ رجل فلان ..
ومن تعديـ الخطوط الحمر أنكـ .. تجد بعضـ الناسـ يُحْرجـ صاحبَهُ بمزحة ثقيلة أو سؤال محرجـ فيـ مجلسـ عامـ ..
والشخصـ مهما بلغـ من المحبة لكـ .. إلا انه يبقى بشرآ يرضى ويغضب .. ويفرحـ ويسخط ..
لما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلمـ إلى المدينة راجعآ من تبوكـ .. قدمـ عليه فيـ ذلكـ الشهر عروة بن مسعود الثقفيـ .. وكان سيدآ جليل القدر .. رفيعـ المكانة عند قومه ثقيف .. فأدركـ النبيـ صلى الله عليه وسلمـ قبل أن يصل المدينة .. فأسلمـ .. وسأله أن يرجعـ إلى قومه فيدعوهمـ إلى الإسلامـ ..
فخاف عليه صلى الله عليه وسلمـ من أذى قومه .. وقال له :: إنهمـ قاتلوكـ ..
وعرف صلى الله عليه وسلمـ أن قبيلة ثقيف فيهمـ نخوة الامتناعـ .. والصرامة فيـ التعامل .. حتى لو كان معـ رئيسهمـ ..
فقال عروة :: يا رسول الله .. انا أحب إليهمـ من أبكارهمـ .. وأبصارهمـ ..
وكان محببآ مطاعآ فيهمـ ..
فخرجـ يدعو قومه إلى الإسلامـ رجاء أن لا يخالفوه .. لعظمـ منزلته فيهمـ ..
فلما وصل إلى ديار قومه .. رقى على مرتفعـ وصاحـ بهمـ حتى اجتمعوا .. وهو سيدهمـ ..
فدعاهمـ إلى الإسلامـ .. وأظهر لهمـ أنه أسلمـ .. وجعل يردد :: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدآ رسول الله ..
فلما سمعوا منه ذلكـ .. صاحوا .. وثاروا أن يتركوا آلهتمـ .. ورموه بالنبل من كل جهة ..
حتى وقعـ صريعآ رضيـ الله عنه ..
فأقبل إليه أبناء عمه .. وهو ينازعـ الموت .. وقالوا :: يا عروة : ما ترى فيـ دمكـ ؟
يعنيـ :: هل نأخذ بثأركـ ونقتل من قتلكـ ؟!
فقال :: كرامة أكرمنيـ الله بها .. وشهادة ساقها الله إليـ .. فليسـ فيـَّ إلا ما فيـ الشهداء الذين قتلوا معـ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. فلا تقتلوا لأجليـ أحدآ .. ولا تأخذوا بثأريـ من أحد ..
فقيل إن النبيـ صلى الله عليه وسلمـ .. لما بلغه خبر مقتله .. قال فيه :: إن مثله فيـ قومه .. كمثل صاحب ياسين فيـ قومه .. رضيـ الله عنه ..
فانتبه !
الناسـ لهمـ أحاسيسـ مهما بلغت فيـ القرب منهمـ فلا تجترئ عليهمـ كثيرآ .. من خلال مزاحكـ .. أو تعاملكـ .. ابقـ بعيدآ عن الخط الأحمر ..
لا تجرحهمـ مهما بلغت منزلتكـ فيـ قلوبهمـ .. وإن كانوا فيـ منزلة الأخـ والولد .. لذا نبه النبيـ صلى الله عليه وسلمـ على ذلكـ .. فنهى عن ترويعـ المؤمن ..
كان صلى الله عليه وسلمـ يومآ يسير معـ أصحابه .. وكان كل واحد منهمـ معه متاعه .. سلاحه .. فراشه .. طعامه .. نزلوا منزلآ .. فنامـ رجل منهمـ .. فأقبل صاحبه إلى حبل معه فأخذه .. مازحآ .. فاستيقظ الرجل .. فوجد متاعه ناقصآ .. ففزعـ .. وأخذ يبحث عن حبله ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ :: لا يحل لمسلمـ أن يروعـ مسلمآ ..
وفيـ يومـ آخر ..
كانوا يسيرون معـ النبيـ صلى الله عليه وسلمـ فيـ مسير .. فنعسـ رجل وهو على راحلته .. فغافله صاحبه وانتزعـ سهمآ من كنانته .. فشعر الرجل بمن يعبث بسلاحه .. فانتبه فزعآ مذعورآ ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ :: لا يحل لرجل أن يروعـ مسلمآ ..
ومثله الذيـ يمزحـ معكـ ويظن أنه يسرّكـ وهو يضرّكـ بل يملأ قلْبكـ فزعآ وغمآ ..
فيراكـ أوقفت سيارتكـ عند بقالة - مثلآ - وهيـ تشتغل فيأتيـ ويقودها ويذهب بها بعيدآ .. ويوهمكـ أنها سرقت .. مازحآ .. قد يجاملكـ صاحبكـ ويضحكـ أحيانآ على مزحة مروعة .. لكنه متألمـ ..
ولربما صبر الحليمـ على الأذى *** وفؤاده من حره يتـــــــأوه
ولربما شكل الحليمـ لســـــانه *** حـــــذر الكلامـ وإنه لمفوه
^^
انتهى كلامه فيـ موضوعه هذا ..


:: وجهة نظر ::
كسب محبة الناسـ فرصـ يقتنصها الأذكياء ..

العابره
20-8-2009, 08:04 AM
موضوعيـ البسيط هذا ..




اثابك الله بكل حرف كتبت في موضوعك القيم الذي يستحق القراءة
واثلج قلبك بسكينة المؤمنين و بماء اليقين


المؤمن كالغيث أينما حلَّ نفع فلايجرح مشاعر أحد من الناس ، يجلسهم ويعاشرهم بالكلمة الطيبة التي تثلج صدورهم وتبقي له الذكر الحسن والدعوات الطيبة ، فقلب عاش يفكر بالآخرين و يحترم مشاعرهم و يعيش أشجانهم وأحزانهم، تحرر من دائرة النفس والأنــا
فعاش نبيلاً

الوهم
20-8-2009, 12:57 PM
http://www.msoms-anime.net/modsimages/1203661682_kateeb_momaiyas.gif

مبروك الوسام

aseeeeen
25-8-2009, 07:32 AM
حيــــــــــــــاكمـ الله
.
,
العابره
يا حيـــاكـ الله وبيـــاكـ ^^
وأثابكـ كذلكـ .. إلــهيـ يسعدكـ على دعواتكـ ..
جزيت الفردوسـ الأعلى من الجنان ..
معكـ حقـ .. والمؤمن يألف ويؤلــف ..
لا أستطيعـ إلا أن أشكركـ ..
فـ شكرآ بحجمـ الكون .. أسعدكـ الباريـ أينما حللت ..

الوهم
أهلآ .. وحياكـ الله ^^
خخخـ .. مين .. أنا ؟؟ لا والله ..
الليـ يستحقها .. ولو إنها قليلة بحقه ..
الليـ ألّف هـ الكتاب ..
فأنا لست سوى ناقل ..
بسـ المشكلة .. إنه موب مسجل بمسومسـ :d
شكرياتيـ لكـ .. ربيـ يسعدكـ ..

aseeeeen
25-8-2009, 07:36 AM
الموضوعـ الرابعـ عشر : 100 طريقة لكسب قلوب الناسـ ..
يقول الشيخـ :::: كل صاحب همـ يتفنن فيـ صيد مايريد ..
عاشقـ المال بتفنن فيـ جمعه وتنميته .. ويحرصـ على تعلمـ مهارات التجارة والربحـ .. القنوات الفضائية تتفنن فيـ اصطياد الناسـ بتنويعـ البرامجـ واختيار الأساليب المتجددة ..
وتدريب مقدميـ البرامجـ على مهارات تجذب الناسـ لمتابعتها ..
وقل مثل ذلكـ فيـ وسائل الإعلامـ المقروءة .. والمسموعة ..
ومثله مروجو البضائعـ المختلفة سواء كانت حلالآ أمـ حرامآ ..
كلهمـ يحرصون على اتقان المهارات التيـ تفيدهمـ فيـ مجالهمـ الذيـ يحبونه ..
وكسب القلوب فن من الفنون له طرقه وأساليبه .. هب أنكـ دخلت مجلسآ فيه أربعون رجلآ .. فمررت بالناسـ تصافحهمـ ..
فالأول .. مددت يدكـ إليه مسلمآ فناولكـ طرف يده .. وقال ببرود :: أهلآ .. أهلآ ..
والثانيـ .. كان مشغولآ بحديث جانبيـ .. ففاجأته بالسلامـ .. فرد ببرود أيضآ وصافحكـ دون أن ينظر إليكـ ..
والثالث .. كان يتحدث بهاتفه .. فمد يده إليكـ دون أن يتلفظ بكلمة ترحيب .. أو يبديـ لكـ أيـ اهتمامـ ..
أما الرابعـ .. فلما رآكـ مقبلآ قامـ مستعدآ للسلامـ ..
فلما التقت عينكـ بعينه ابتسمـ وأظهر البشاشة بلقياكـ ..
وصافحكـ بحرارة ..
واحتفى بقدومكـ .. وأنت لاتعرفه ولا يعرفكـ !!
ثمـ أكملت سلامكـ على الناسـ .. وجلست .. بالله عليكـ !
ألا تشعر أن قلبكـ ينجذب نحو ذلكـ الشخصـ ؟
بلى .. ينجذب إليه .. وأنت لاتعرفه .. ولاتدريـ عن اسمه .. ولاتعلمـ وظيفته ولا مركزه .. ومعـ ذلكـ استطاعـ أن يسلب قلبكـ .. لا بماله .. ولا بمنصبه .. ولا بحسبه ونسبه .. وإنما بمهارات تعامله ..
إذن القلوب لا تكسب بالقوة ولا بالمال ولا بالجمال ولا بالوظيفة .. وإنما تكسب بأقل من ذلكـ وأسهل .. ومعـ ذلكـ فقليل من يستطيعـ كسبها ..
أذكر أن أحد طلابيـ فيـ الكلية أصيب بمرضـ نفسيـ .. كان نوعآ صعبآ من الاكتئاب .. كان والده ضابطآ يشغل منصبآ عاليآ .. جاء مرارآ إلى الكلية وقابلنيـ وتعاونّا على علاجـ ابنه ..
كنت أذهب إلى بيتهمـ أحيانآ فأراه قصرآ منيفآ .. وأرى مجلسـ الأب مليئآ بالضيوف .. لا تكاد تجد فيه مكانآ فارغآ ..
كنت أعجب من محبة الناسـ لهذا الرجل وإقبالهمـ عليه ..
مضت سنوات وتقاعد الأب من منصبه .. فذهبت إليه زائرآ .. دخلت القصر .. ثمـ دلفت إلى المجلسـ وفيه أكثر من خمسين كرسيآ .. فلمـ أر فيـ المجلسـ إلا الرجل يتابعـ برنامجآ فيـ التلفاز .. وخادمآ يخدمه بالقهوة والشايـ .. جلست معه قليلآ ..
فلما خرجت جعلت أتذكر حاله لما كان فيـ وظيفته .. وحاله الآن ..
مالذيـ كان يجمعـ الناسـ فيـ ما مضى ؟ ما الذيـ كان يجعلهمـ يلتمون عليه مؤانسين متحببين ؟!
أدركت عندها أن الرجل لمـ يكسب الناسـ بأخلاقه ولطفه وحسن تعامله .. وإنما كسبهمـ بمنصبه ووجاهته وسعة علاقاته .. فلما زال المنصب زالت معه المحبة ..
فخذ من صاحبنا درسآ ..
وتعامل معـ الناسـ بمهارات تجعلهمـ يحبونكـ لشخصكـ .. يحبون أحاديثكـ وابتسامتكـ ورفقكـ وحسن معشركـ ..
يحبون تغاضيكـ عن أخطائهمـ ..
ووقوفكـ معهمـ فيـ مصائبهمـ ..
لا تجعل قلوبهمـ معلقة بكرسيكـ وجيبكـ !!
الذيـ يوفر لأولاده وزوجته المال والطعامـ والشراب لمـ يكسب قلوبهمـ .. وإنما كسب بطونهمـ .. والذيـ يغدقـ على أهله الأموال .. معـ سوء التعامل .. لمـ يكسب قلوبهمـ .. إنما كسب جيوبهمـ ..
لذلكـ لاتستغرب إذا وجدت شابآ تقعـ له مشكلة فيشكوها إلى صديقـ أو إمامـ مسجد أو مدرسـ .. ويتركـ أباه .. لأن الأب لمـ يكسب قلبه .. ولمـ يحطمـ الأسوار بينهما .. بينما كسب هذا القلب مدرسـ أو صديقـ .. وربما كسب عدو حاقد !!
وأمر آخر مهمـ ..
ألا تلاحظ معيـ أن بعضـ الناسـ إذا دخل مجلسآ مزدحمآ .. وجعل يتلفت باحثآ عن مكان يجلسـ فيه .. رأيت الجالسين يتسابقون عليه كل يناديه ليجلسـ بجانبه! .. لماذا ؟
هل دعيت يومآ إلى عشاء .. وكان بنظامـ (البوفيه المفتوحـ) .. بحيث أن كل شخصـ يأخذ طعامه فيـ طبقـ ويجلسـ على إحدى الطاولات الدائرية .. ألمـ ترى بعضـ الناسـ ما إن يملأ طبقه بالطعامـ حتى يتهافت عدد من الناسـ يشيرون إليه بوجود مكان فارغـ .. ليجلسـ معهمـ ..
بينما آخر يملأ طبقه بالطعامـ .. ويتلفت ولا أحد يناديه أو يقبل عليه .. حتى تسوقه قدماه إلى إحدى الطاولات ..
لماذا حرصـ الناسـ على الأول دون الثانيـ ..
ألا تشعر أن بعضـ الناسـ تقبل عليه القلوب أينما كان .. وكأن فيـ يده مغناطيسيآ يجذبها به جذبآ !!
عجبآ ّ!
كيف استطاعـ هؤلاء جميعآ كسب الناسـ ؟!
إنها طرقـ ذكية يستطيعـ بها الشخصـ أن يصيد بها القلوب ..
^^
انتهى كلامه فيـ موضوعه هذا ..


:: قــــرار ::
قدرتنا على أسر قلوب الآخرين ..
وكسب محبتهمـ الصادقة ..
تمنحنا جانبآ كبيرآ من المتعــــة بالحياة ..

sooomh
5-9-2009, 12:06 PM
جزاك الله خير على التكملة
شكرا لك
وان شاء الله اكتب موضوع << ^ــــــــ^

للأبد
6-9-2009, 06:05 AM
ما شاء الله


كنت أظن أنك لن تكمل
الحمد لله كملت


الكلام يرفع المعنويات ويخليك تحاول تكون شخص أفضل :)


جعل الله كل حرف ونقطة في ميزان حسناتك


ما عدمناك


سنا

سجين العالمَين
25-9-2009, 07:12 AM
رحمك الله ياأخي وجمعني الله بك في مستقر رحمته ولله إن القلب ليتقطع الماً على فقد كريم مثلك ماعرفت عنه إلا كل نصح وخير وعلو في الأخلاق فأسأل الله العلي العظيم ان يجعلك ممن يدنوا من الرسول عليه الصلاة والسلام فأقرب الناس مجلساً منه عليه الصلاة والسلام يوم القيامة أحسنكم اخلاقاً وأشهد الله اني لم أر منك إلا كل خلق رفيع وصادق
اللهم فألهمني الصبر على فقده.

القدس لنا
25-9-2009, 04:56 PM
رحمك الله اخي

rosy_rose
25-9-2009, 06:38 PM
ما شاء الله... لم اعرف اخي المرحوم سبقني في الاجر...
اللهم اسكنه في جنانك يا الكريم..

فراشة الرّبيع
25-9-2009, 07:05 PM
الله يرحمه يارب ويدخله فسيح جناته يـااااارب يارحمن يارحيم يارحم الراحمين
الله يعظم اجر اهله ويصبرهم يارب

~cinderella~
26-9-2009, 08:07 AM
لقد سكبت لنا دررآ http://www.osaka-dr.com/vb/images/smilies/jpsmiles/55.gif
إحتسينا به
لقد جمدت يداي عن الكتابه
وآبى قلمي عن خطـ مشاعري
سحقا لهذا القلم الأخرس
أبدعت اناملك واناملي توقفت بسبب إبداعك
عفوآ
تحياتي لـكhttp://www.osaka-dr.com/vb/images/smilies/jpsmiles/56.gif

دلوعه ساسوكي

سجين العالمَين
26-9-2009, 09:08 AM
رحمك الله وغفر لك وجعل بكل حرف كتبته حسنات كالجبال........ ولأنهين مابدأته إن شاء الله تعالى.

noor 3eny
26-9-2009, 09:31 AM
مشكوووووووووره يالحبيب عالطرح
يعطيك العآآآآآآآآآفيهــ

سجين العالمَين
27-9-2009, 06:56 AM
الموضوع الخامس عشر:::العبادة الخفية
قبل عشر سنوات.. في أيام ربيع.. وفي ليلة باردة كنت في البر مع أصدقاء..
تعطلت إحدى السيارات..فأضطررنا إلى المبيت في العراء.. أذكر أنا أشعلنا نارا تحلقنا حولها..
وما أجمل أحاديث الشتاء في دفء النار..
طال مجلسنا فلاحظت أحد الأخوة انسل من بيننا..
كان رجلاً صالحاً..
كانت له عبادات خفية..كنت أراه يتوجه إلى صلاة الجمعة مبكراً..بل أحياناً وباب الجامع لم يفتح بعد..!!
قام وأخذ إناء من ماء ظننت أنه ذهب ليقضي حاجته..
أبطأ علينا..
فقمت أترقبه..
فرأيته بعيداً عنا.. قد لف جسده برداء من شدة البرد وهو ساجد على التراب في ظلمة الليل.. وحده
يتملق ربه ويتحبب إليه.. كان واضحاً أنه يحب الله تعالى.. وأحسب ان الله يحبه أيضاً..
أيقنت ان لهذه العبادة الخفية.. عزاً في الدنيا قبل الآخرة..
مضت السنوات..
وأعرفه اليوم..قد وضع الله له القبول في الأرض.. له مشاركات في الدعوة وهداية الناس..
إذا مشى في السوق او المسجد.. رأيت الصغار قبل الكبار يتسابقوون إليه..مصافحين..ومحبين..
كم يتمنى الكثيرون من تجار.. وأمراء...ومشهورين.. أن ينالوا في قلوب الناس من المحبة مثل مانال ولكن هيهاااات..
أأبيت سهران الدجى..وتبيته نوماً! ــــــــــــــــــ وتبغي بعد ذاك لحقاي؟
نعم.. {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً} .. أي يجعل الله لهم محبة في قلوب الخلق..
إذا أحبك الله جعل لك القبول في الأرض..
قال عليه الصلاة والسلام: إن الله إذا أحب عبداً نادى جبريل.. فقال: إني قد أحببت فلاناً فأحبه..
فيحبه جبريل..
ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يحب فلاناً فأحبوه..فيحبه أهل السماء..
قال: ثم تنزل له المحبة في أهل الأرض..
فذلك قول الله: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً}..
وإذا أبغض الله عبداً..نادى جبريل: إني أبغضت فلاناً فأبغضه..
فيبغضه جبريل..
ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً فأبغضه..
فيبغضه أهل السماء.. ثم تنزل له البغضاء في الأرض..
آآآه..ما أجمل أن تعيش على الأرض..تأكل وتشرب.وتنام..والله ينادي باسمك في السماء{إني احب فلاناً فأحبوه}..
قال الزبير بن العوام رضي الله عنه: من أستطاع منكم أن يكون له خبيئة من عمل صالح فليفعل..
والعبادة الخفية أنواع.. منها:
الحفظا على صلاة الليل.. ولو ركعة واحدة وتراً كل ليلة..تصليها بعد العشاء مباشرة.. أو قبل أن تنام.. أو قبل الفجر.. لتكتب عند الله من قوام الليل..
قال عليه الصلاة والسلام: إن الله وتر يحب الوتر..فأوتروا ياأهل القرآن..ومنها:
السعي في الإصلاح بين الناس.. بين الزملاء المتخاصمين..
بين الجيران..بين الزوجين..
قال عليه الصلاة والسلام: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة؟
قالوا: بلى..
قال:إصلاح ذات البين.. وفساد ذات البين هي الحالقة.

يتبع

قلب ج ـامح ~|
27-9-2009, 07:24 AM
جزاك الله خيراً ..

صحيح كما يقال : ( قليل دائم خير من كثير منقطع ) ..

من تجربة ~

مررتُ بفترةخمول وفتور في العبادة ..

والحقيقة هي أن ظروف ألمت بيكانت سبب ذاك الفتور .. عفا الله عني ..

المهم ..

أردتُ العودة من جديد و بحماس كان أقوى من سابقه ..

فبدأتُ بالتدريج تبعاً لنصيحة قريباً لي , خوفاً منأن يأخذني الحماس فأبدء بالكثير و أُفْرط فيعاودني الفتور ..

وها أنا اليوم أحاول قيام الليلة بركعه لمدة شهر بإذن الله فأعتاد عليها ثمأزيد في الشهر التالي و هكذا في بقية الأمور ..

و أسألالله أن يكون لنا نصيب من عبادة خفيفة بيننا و بين الله ..

في الموضوع عدة نقاط آثارها الشيخ وددت التعقيب عليها ..

لكن تكسد الأعمال و الأشغال يحول بيني و بين التعقيبعليها ..



والله ينادي باسمك في السماء{إني احب فلاناً فأحبوه}..




اللهم إنا نسألك حبك و حب من أحبك وحب عملاً يقربنا إلى حبك ..


اللهم ارحم aseeeen وجعله ممن يدخل الجنة بغير حساب وحرمه عن النار ..


أبدعت ياأخي جيمس .. ~


جزاك الله خيراً ع بادرتك ..


أسأل الله أن يسخر لك الصالحين من عباده كما سخرك لـ assssen ..

و أن يجعلك ممن كُتب لهم القبول فأحبه أهل السماء و الأرض ..

و ممن قال فيهم ( يحبهم و يحبونه )

متابعه بإذن الله , مالم يحبسني حابس ..

العابره
27-9-2009, 08:55 AM
أن لله تعالى ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، أحسن الله عزائك أخي وجبر مصابك ومصبانا،،الصبر الجميل يطفئ حرارة الآلام ،، ماقضى كان , وما سطر منتظر ,وكل شىء بسبب,ولن يجد عبد طعم الايمان حتى يعلم ان ما اصابه لم يكن ليخطئه


فجزاك الله جنه عاليه قطوفها دانيه وجعل مااكملته من العلم النافع الذى قال عنه السراج المنير إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعوا له
اللهم أنزل على قبره الضياء والنور والفسحة والسرور حتى يكون في بطون الألحاد من المطمئنين وبجود رضاك من الواثقين وإلى علو درجات جنانك من السابقين اللهم آمين

العابره
27-9-2009, 08:59 AM
جزاك الرحمن كل خير


من احبه الله ملا قلبه بمعرفته ومهابته واجلاله ، فاذا نطق نطق بما يرضي الله ، وإذا بطش بيده ومشي برجله الى مايرضي الله عزوجل فهذا والله هو الحب الحقيقي حب الله لعبده المؤمن فلا يلتفت قلبك لغيره لتصل الى حبه


فإهمال الإنسان لقلبه يتشتت في محبة الدنيا فلا يجد له بعد ذلك عزمًا


يقول الجنيد في وصف المحب : عبد ذاهب عن نفسه , متصل بذكر ربه , قائم بأداء حقوقه , ناظر اليه بقلبه0 أحرق قلبه أنوار هويته وصفاء شربه من كأس وده , وانكشف له الجبار من استار غيبه0 فاذا تكلم فبالله, وان نطق فمن الله , وان تحرك فبأمر الله, وان سكت فمع الله ولله ومع الله
اللهم إرزقنا حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يقربنا إلى حبك

هلوله
27-9-2009, 09:33 AM
اللهم آغفـر له وآرحمـه وآجعل مآكتبـه

شآآفعاا لـه اللهم آنـه في ذمتك وجوارك

فقـه عذآب النار اللهم وسع مدخلـه

اللهم آغفر له وآجعل دآرهـ الفردوس الاعلى

سيبويهية
27-9-2009, 10:15 PM
icon147الله يرحمك وموتى المسلمين ....//

AL-Samurai
28-9-2009, 08:21 AM
الله يرحمك يا اخي ولله انك لم تكن تتوقع ان ستكون الصفحه الخامسة من هذا الموضوع تعزية لوفاتك

woookazo
28-9-2009, 08:52 AM
صدق الجميع ..!!


لا حول ولا قوة الا بالله ..!!


الله يجزاك كل خير يا جيمس بوند على هذه البادرة الطيبة لمساعدة واكمال المواضيع الخاصة بالمرحوم ..



الله يرحمه ويغفر له ويسدد خطاه


بالتوفيق ولا تنقطع رجاءا ..

monmona
28-9-2009, 09:01 AM
رحم الله صاحب الموضوع وجزاك الله خيرا أخي على استكمال الموضوع ..
نفعك الله ونفع بك..

مُذنِبةُ أنا
28-9-2009, 09:11 AM
رحم الله صاحب الموضوع وجزاك الله خيرا أخي على استكمال الموضوع ..
نفعك الله ونفع بك..

اللهم امين
اسال الله ان يكتب لك وله رحمه الله الاجر ....

الصياد الصامت
29-9-2009, 02:25 PM
اللهجة صعبة عليا شويه ما فهمت

بس في خطا بسيط

ومن يتهيب صعود الجبال يعش ابد الدهر بين الجحور

بالتوفيق

ciel,
30-9-2009, 01:50 AM
لا إله إلا الله
كم كان بالك طويلا .. رحمك الله
وإلا من سيصبر على كتابة كل هذا ( :
رحمك الله
جيمس : اسمح لي بالكتابة هنا ..

ciel,
30-9-2009, 08:39 AM
تابع للموضوع السابق ..


ومنها:
الإكثار من ذكر الله .. فإن من أحب شيئاً أكثر من ذكره ..
وفي الحديث .. قال صلى الله عليه وسلم :" ألا أنبئكم بخير أعمالكم .. وأزكاها عند مليككم .. وأرفعها في درجاتكم .. وخير لكم من إعطاء الذهب والورق .. وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ..؟
قالوا: بلى يارسول الله؟
قال: ذكر الله عز وجل "..
ومنها:
صدقة السر .. فصدقة السر تطفئ غضب الرب ..
كان أبو بكر رضي الله عنه إذا صلى الفجر خرج إلى الصحراء .. فاحتبس فيها شيئاً يسيراً .. ثم عاد إلى المدينة ..
فعجب عمر رضي الله عنه من خروجه .. فتتبعه يوماً خفية بعدما صلى الفجر .. فإذا أبو بكر يخرج من المدينة ويأتي على خيمة قديمة في الصحراء .. فاختبأ له عمر خلف صخرة ..
فلبث أبو بكر في الخيمة شيئاً يسيراً ..
ثم خرج ..
فخرج عمر من وراء صخرته ودخل الخيمة .. فإذا فيها امرأة ضعيفة عمياء .. وعندها صبية صغار ..
فسألها عمر: من هذا الذي يأتيكم ..
فقالت: لا أعرفه .. هذا رجل من المسلمين .. يأتينا كل صباح .. منذ كذا وكذا ..
قال: فماذا يفعل؟
قالت: يكنس بيتنا .. ويعجن عجيننا .. ويحلب داجننا .. ثم يخرج ..
فخرج عمر وهو يقول: لقد أتعبت الخلفاء من بعدك يا أبابكر .. لقد أتعبت الخلفاء من بعدك يا أبابكر ..
ولم يكن عمر رضي الله عنه بعيداً في تعبده وإخلاصه عن أبي بكر ..
فقد رآه طلحة بن عبيدالله .. خرج في سواد الليل .. فدخل بيتاً ثم خرج منه ودخل بيتاً آخر .. فعجب طلحة .. ماذا يفعل عمر في هذه البيوت!!
فلما أصبح طلحة ذهب إلى البيت الأول .. فإذا عجوز عمياء مقعدة .. فقال لها: ما بال هذا الرجل يأتيك؟
قالت: إنه يتعاهدني منذ كذا وكذا .. يأتيني بما يصلحني ويخرج عني الأذى ..
فخرج طلحة وهو يقول: ثكلتك أمك يا طلحة .. أعثراتُ عمر تتبع؟
وخرج عمر مرة رضي الله عنه إلى ضواحي المدينة .. فإذا برجل عابر سبيل نازل وسط الطريق .. وقد نصب خيمة قديمة .. وقعد عند بابها .. مضطرب الحال ..
فسأله عمر: من الرجل؟
قال: من أهل البادية .. جئت إلى أمير المؤمنين أُصيب من فضله ..
فسمع عمر أنين امرأة داخل الخيمة .. فسأله عنه؟
فقال الرجل: انطلق رحمك الله لحاجتك ..
قال عمر: هذا من حاجتي ..
فقال: امرأتي في الطلق -يعني تلد- وليس عندي مال ولا طعام ولا أحد ..
فرجع عمر إلى بيته سريعاً ..
فقال لامرأته أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنها وعن أبيها: هل لك في خير ساقه الله إليك؟
قالت: وما ذاك؟
فأخبرها بخبر الرجل ..
فحملت امراته معها متاعاً .. وحمل هو جراباً فيه طعام .. وقِدْراً وحطباً .. ومضى إلى الرجل ..
ودخلت امرأة عمر على المرأة في خيمتها .. وقعد هو عند الرجل ..
فأشعل النار وأخذ ينفخ الحطب .. ويصنع الطعام .. والدخان يتخلل لحيته ..
والرجل قاعد ينظر إليه .. فبينما هو على ذلك .. إذ صاحت امرأته من داخل الخيمة .. يا أمير المؤمنين .. بشر صاحبك بغلام ..
فلما سمع الرجل .. كلمة "أمير المؤمنين" .. فزِع وقال: أنت الخليفة عمر بن الخطاب ..
قال: نعم ..
فاضطرب الرجل .. وجعل يتنحّى عن عمر ..
فقال له عمر: ابقَ مكانك ..
ثم حمل عمر القدر .. وقربه إلى الخيمة وصاح بامراته أم كلثوم .. أشبعيها .. فأكلت المرأة من الطعام ..
ثم أخرجت باقي الطعام خارج الخيمة .. فقام عمر فأخذه فوضعه بين يدي الرجل .. وقال له:
كل فإنك قد سهرت من الليل ..
ثم نادى عمر امرأته فخرجت إليه ..
فقال للرجل: إذا كان من الغد .. فأْتِنا نأمر لك بما يصلحك ..
فرحم الله عمر .. تواضع .. وعبادة خفية .. والغاية كسب محبة الله ..


يتبع .....

سجين العالمَين
30-9-2009, 10:49 AM
جزاك الله خير اخي ciel, واعتذر عن التأخر لظرف صحي ألم بي.

العابره
1-10-2009, 08:12 AM
أنار الله قلبك بالإيمان وكتب أجرك


لله درك يا أمير المؤمنين
لا تعرضن بذكرنا في ذكرهم ليس الصحيح إذا مشى كالمقعد!!
عرفوا ربهم، فأحبوه وأحبهم وحرصوا أن يكون بينهم وبين الله أسرار
فالحياة جنتها أن تكون مع الله و عبادة الخفاء هي من أعظم أسباب الثبات

أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يتغمد أخي عادل بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته وأن يجعل ما تخطونه من علم في ميزان حسنته وأن يجزل الثواب عليها و يجعل قبره روض من رياض الجنة..اللهمَّ آميـن..

سجين العالمَين
1-10-2009, 08:44 AM
الأخوة والأخوات الأفاضل:
قلب ج ـامح ~|
العابره
هلوله
سيبويهية
AL-Samurai
woookazo
monmona
hakrory
الصياد الصامت
ciel,
جزاكم الله كل خير على الدعوات وبارك الله في مسعاكم وأجزل لكم أجر الدارين فيهما..........اللهم آمين.

سجين العالمَين
1-10-2009, 08:47 AM
تابع الموضوع الخامس عشر{الجزء الأخير من هذا الفصل}
وكان علي بن الحسين رضي الله عنهما يحمل جراب الخبز على ظهره بالليل..
فيتصدق بها..ويقول: إن صدقة السر تطفي غضب الرب..
فلما مات وجدوا في ظهره آثار سواد..
فقالوا: هذا ظهر حمال..وماعلمناه اشتغل حمالاً..
فانقطع الطعام عن مائة بيت في المدينة..من بيوت الارامل والأيتام..كان يأتيهم طعامهم بالليل..
لايدرون من يحضره إليهم..فلعموا أنه هو الذي كان يحمل الطعام إلى بيتوتهم بالليل وينفق عليهم..
وصام أحد السلف شعرين سنة..يصوم يوماً ويفطر يوماً.. وأهله لايدرون عنه..
كان له دكان يخرج إليه غذا طلعت الشمس ويأخذ معه فطوره وغداءه..
فإذا كان يوم صومه تصدق بالطعام..
وإذا كان يوم فطره أكله..
فإذا غربت الشمس.. رجع إلى أهله وتعشى معهم..
نعم..كانوا يستشعرون العبودية لله في جميع أحوالهم..
هم المتقون والله يقول:
{إن للمتقين مفازا*حدائق وأعنابا* وكواعب أترابا * وكأساً دهاقا* لايسمعون فيها لغواً ولاكذابا* جزاء من ربك عطاء عطاء حساباً}
فاطلب محبة الخالق..وهو يتكفل بزرع محبتك في قلوب خلقه..


::إضاءة..::
ليس الغاية أن تكون ظواهر الآخرين تحب..
إنما الغاية ان تحبك بوطنهم أيضاً..

ciel,
1-10-2009, 09:05 AM
الحمدلله الذي يسر وأعان: )
جيمس .. جزاك الله كل خير
ولا حرمت الأجر أيها الطيب

^ملكة الطموح^
1-10-2009, 01:45 PM
اللهم ارحمه وأدخله الجنة يارب أكتب له الأجر في كل كلمة كتبها
رحمك الله أخي

جيمس بوند07
شكرًا على إخلاصك لإسين وإكمال الموضوع نيابة عنه سيكون سعيد بالتأكيد لو علم بذلك جزاك الله ألف خير

TiGeR BoY
1-10-2009, 03:33 PM
يالله ترحمة

وتجعل مقامة عند آخر آية قرأها

وعظم أجر آخر صدقة سرها أو أعلنها الى يوم القيامة


وان تسعدة في قبرة

آمين وجميع المسلمين

قلب ج ـامح ~|
1-10-2009, 04:25 PM
برأي لو كان في العمل مشقه فلنتقاسمه معك ياأخي جيمس ..

أو إن أحببت أنت و أخي الكريم Ciel ..

فالموضوعات كثيرة , و للتخفيف عنك ..

و قد يطرأ عليك ظروف .. من يعلم .. ؟!

جزاك الله خير أخي Ciel على التتمه ..

الضوء الخافت
1-10-2009, 05:20 PM
السلامـ عليكمـ ...

رحمك الله أخي القدير ..

اللهمـ ارحمه وعافه واعف عنه واكرم نزله ووسع مدخله
واغسله بالماء والثلج والبرد اللهم وأنزل على قبره الضياء والنور والفسحة والسرور
واجعله ممن بشر بجنات ونهر اللهم اغفر ذنبه دقه وجله، ضيف وحل بك
فأكرمه فأنت المكرم ياكريم اللهم اجعله ممن قلت فيهم{سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين}..

جزاك الله الف خير أخي ( جيمس ) على متابعة الموضوع ..

ووفقك لما تحبه وترضااه ..

ciel,
2-10-2009, 07:30 AM
قلب جامح
شكرا لتشجيعك
ولا بأس بالمشاركة : )
فيد واحد لا تصفق
أعاننا الله على فعل كل خير .. وعلى اتمام مسيرة المرحوم ..
جزاه الله جنات عدن

العابره
3-10-2009, 09:38 AM
بارك الله فيك و أجزل لك الأجر والمثوبه
طوبى لقلوب عاشت حياة الاخفياء عرفت
أن المرء مع كنزه فاجعلت كنزها في السماءجعلت كنزها مع ربها فوجدت قلبها في السماء
قال ابن القيم (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=234&ftp=alam&id=1000007&spid=234): أنفع العمل أن تغيب فيه عن الناس بالإخلاص، وعن نفسك بشهود المنة، فلا ترى فيه نفسك و لا ترى الخلق


اللهم اغفر لأخي عادل ، وارفع درجته في المهديين ، واخلفه في عقبه في الغابرين ،واغفر لنا وله يا رب العالمين ،اللهم أفسح له في قبره ونور له فيه - اللهم آمين -

سجين العالمَين
3-10-2009, 10:43 PM
ciel,
وجزاك كل خير يارب.....اللهم آمين


^ملكة الطموح^
اللهم آمين.......أقل ماأقدمه لأخي أسأل الله ان يغفر لي تقصيري تجاهه.


TiGeR BoY
اللهم آمين.


قلب ج ـامح ~|
لابأس اختي......... الخاص موجود لكل من أراد المشاركة وله الأجر من الله عز وجل حتى لو وضعنا الموضوع فيما قبل النشر المشترك وأظن انه بالإمكان ان يشترك في عدة اشخاص إن شاء الله.


الضوء الخافت
عليكم السلام ورحمة الله.......اللهم آمين اللهم آمين.......... وجزاك المولى اختي كل خير.


العابره
جزاك الل كل خير على إضافتك اختي وأستجاب الله دعائك.......اللهم آمين.

سجين العالمَين
3-10-2009, 10:49 PM
الموضوع السادس عشر:

الشجاعة..

قال لي بعدما خرجنا من الوليمة:
تصدق كنت أعرف اسم الصحابي الذي ذكرتم قصته..ولم تتذكروا أسمه..
قلت: عجباً!! لماذا لم تذكره!.. وقد رأيتنا متحيرين؟!
خفض رأسه وقال: خجلت أن أتكلم..
قلت في نفسي: تباً للجبن..
وآخر كان يدرس معي في السنة الأخيرة من الثانوية..
التقيت به يوماً في ذلك الحين فقال لي:
قبل يومين دخلت الفصل..فرأيت الطلاب واجمين..والمدرس جالس على كرسيه..بدون شرح..
جلست وسألت الذي بجانبي: ما الخبر؟!
قال: زميلنا عساف مات البارحة.. رحمه الله..
كان في الفصل عدد من أصدقاء عساف..
تاركون للصلاة..
والغون في عدد من المحرمات..
كان تأثير الخبر عليهم واضحاً.. حدثتني نفسي أن ألقي عليهم كلمة وعظية أحثهم فيها على الصلاة.. وبر الوالدين..وإصلاح النفسي..
قلت له : ممتااااز..هل فعلت؟
قال: بصراحة..لا..خجلت..
سكت..وكظمت غيظي وأنا أقول في نفسي: تباً للجبن؟!!
امرأة تسألها: لماذا لم تصارحي زوجك في بالموضوع؟
فتقول: أستحي!!خفت أن يتضايق مني!!خفت أن يهجرني..خفت..
تباً للجبن.!
شاب تسأله: لم لم تخبر أباك بالمشكلة قبل أن تتفاقم؟!
فيقول: أخاف..ما أتجرأ..
أو ربما رفع أحدهم ضغطك بقوله:أستحي أن أبتسم..أخجل أن أثني عليه..
أخاف أن يقول الناس: فلان يجامل..يستخف دمه..
أسمع هذه التصرفات كثيراً.. فأتمنى أن أصرخ فيهم: ياجبناااااء..إلى متى؟!
الجبان لايبني مجداً..
هو صفر على الشمال دائماً.. إن حضرمجلساً تلحف بجبنه ولم يشارك برأي..أو ينطق بكلمة..
وإن ذكروا نكتة ضحكوا وعلقوا.. أما هو فخفض راسه وتبسم..
وإن حضر اجتماعاً..لم ينتبه أحد لوجوده..
والأعظم من ذلك إن كان أباً .. أو زوجاً..أو مديراً.. أو حتى زوجة أو أماً..
الناس يكرهون الجبان..وليس له قدر فعود نفسك على الشجاعة في الإلقاء..
الشاجعة في النصح..
الشجاعة في تطبيق مهارات التعامل مع الناس..

وجهة نظر
عود نفسك ودربها.. وإنما النصر صبر ساعة..

howida
4-10-2009, 06:07 PM
شــكــرا لكـ أخــي الكــريم جيــمس بــوند عــلى إكمــال هــذا المــوضوع الــرائع بــجد ،
رحمــك الله أخــي عــادل ~

الفجر القريب
4-10-2009, 06:14 PM
جوزيت خير جيمس
بإذن الله لي عودة

Khalid.sama
5-10-2009, 12:00 PM
رحمك الله رحمتا واسعه أخ عادل ((aseeeeen))
..
وجازى الأخ جيمس خير الجزاء لتحريك عمل أخيه المتوفى


ترحمو على أخيكم..
فهو الأن في القبر....
في أمان الله

TsHe
5-10-2009, 01:04 PM
يعطيك الف عاافيه

؛ّ نديمك ؛ّ
5-10-2009, 07:48 PM
هذه الدنيا الغريبه ..
بالامسـ ... كنا نضحكـ .. نفرحـ ..
واليومـ ترانا نبكيـ نتأفف نتضايق .. على حبيب غاب أو أمنية لمـ تتحققـ ..
والله إن البكاء يكاد يقطع عيني...الدموع تكاد تمزقه...
ما أشبه كلامك بالأمس بحالك اليوم...
رحمك الله أخونا وغفر لك...
فعلا كلام الشيخ العريفي لا يقارن بأي من غيره من الكتاب...أو الدعاة...
جزاك الله خيرا أخ عادل في دارك...ونفع بما قدمت...

العابره
6-10-2009, 10:54 AM
أثابكما الله وجعلكما مباركين
نقطة البداية والنهاية هي:قلب المؤمن فمن عفا، عفا الله عنه، ومن صفح، صفح عنه، ومن عامل الله فيما يحب، وعامل عباده بما يحبون، وينفعهم، نال محبة الله، ومحبة عباده، واستوثق له أمره ، فقلب صفح وعفا ورسم في جدار قلبه محبه خالقه قوي لان الله ينصره مطمئن لان الله سنده فعاش كبيراً عظيماً فالدنيا دار ممر و ليست دار مستقر فنعش بقلوب بيضاء لننعم في دار المستقر
أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يسبغ شأبيب الرحمات على قبر أخي عادل - اللهم اغفر له مغفرة تامة كاملة يا حي يا قيوم – اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة
..اللهم آمين..

سجين العالمَين
11-10-2009, 01:53 PM
howida
وجزاكي الله كل خير اختي الكريمة واستجاب الله دعائك وغفر له............. اللهم آمين



tamaki Suou
جزاك الله كل خير على مساعدتك لي اخوي تاماكي ولاحرمك المولى الأجر.



Khalid.sama
اللهم آمين يارب العالمين........... الشكر لأخوتي الذين يساعدوني فلست اعمل وحيداً جزاهم الله كل خير.



TsHe
عافاك الله من كل سوء وشر.



Eye Code
بحاجة لدعائنا..............رحمه الله وغفر له.



العابره
بارك الله فيك اختي إضافاتك جميلة لاحرمكِ الله الأجر.

سجين العالمَين
11-10-2009, 01:56 PM
الموضوع السابع عشر:

العفو عن الآخرين ..



لا تخلو الحياة من عثرات تصيبنا من الناس ..
فهذه مزحة ثقيلة ..
وتلك كلمة نابية ..
وتعدٍّ على حاجات شخصية ..
خصومة بين اثنين في مجلس ..
أو اختلاف في وجهات نظر .. أو آراء ..
وبعضنا يكبر الموضوع في نفسه .. وليس عنده استعداد للعفو أو النسيان ..
أو ربما لم يملك استعداداً لقبول أعذار الآخرين والعفو عنهم ..
بعض الناس يعذب نفسه بعدم عفوه .. يملأ صدره بأحقاد تشغله تعذبه ..
ولله در الحسد ما أعدله .. بدأ بصاحبه فقتله ..
فلا تعذب نفسك .. هناك أشياء لا يمكن أن تعاقب عليها .. فكن كبيراً
اِنسَ الماضي .. وعش حياتك ..
لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فاتحاً ..
واطمأن الناس .. خرج حتى جاء الكعبة فطاف بها سبعاً على راحلته ..
فلما قضى طوافه .. دعا عثمان بن طلحة فأخذ منه مفتاح الكعبة .. ففتحت له فدخلها ..
فرأى فيه صور الملائكة وغيرهم مما كانت قريش تصوره بجهلها وكفرها..
ورأى إبراهيم عليه السلام مصوراً في يده الأزلام يستقسم بها ..
فقال صلى الله عليه وسلم : قاتلهم الله .. جعلوا شيخنا يستقسم بالأزلام !! ما شأن ابراهيم والأزلام ؟!
ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين ..
ثم أمر صلى الله عليه وسلم بتلك الصور كلها فطمست ..
ثم وجد فيها حمامة من عيدان فكسرها بيده .. ثم طرحها ..
ثم وقف على باب الكعبة ..
وقد اجتمع له الناس في المسجد مسلمين والكفار ينظرون إليه ..
ثم صلى ركعتين ثم انصرف إلى زمزم .. فاطلع فيها .. ودعا بماء فشرب منها وتوضأ ..
والناس يبتدرون وضوءه ..
والمشركون يتعجبون من ذلك .. ويقولون : ما رأينا ملكاً قط ولا سمعنا به مثل هذا ..
ثم أقبل إلى مقام إبراهيم فأخره عن الكعبة .. وكان ملصقا بها ..
ثم قام صلى الله عليه وسلم على باب الكعبة وجعل ينظر إلى الناس ـ وياليتني كنت معهم ـ ثم خطب فقال :
لا إله إلا الله ..
وحده لا شريك له ..
صدق وعده ..
ونصر عبده ..
وهزم الاحزاب وحده ..
ألا كل مأثرة .. أو دم .. أو مال يُدَّعى .. فهو موضوع تحت قدمي هاتين .. إلا سدانة البيت .. وسقاية الحاج ..
ثم جعل يقرر بعض الأحكام الشرعية فقال :
أَلَا وقتيل الخطأ شبه العمد بالسوط والعصا .. ففيه الدية مغلظة مائة من الابل .. أربعون منها في بطونها أولادها .. ومضى في خطبة مباركة..
ثم نظر إلى رؤوس قريش وساداتها .. فصاح بهم :
يا معشر قريش .. إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية .. وتعظّمها بالآباء ..
الناس من آدم .. وآدم من تراب ..ثم تلا "
{ يَاأَيُّهَاالنَّاسُ إِنَّاخَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍوَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًاوَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّأَكْرَمَكُمْ عِندَاللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّاللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}
ثم جعل يتأمل في وجوه الكفار ..
وهو في عزه وملكه عند الكعبة .. وهم في ذلهم وضعفهم ..
في مكان طالما كذبوه فيه .. وأهانوه ..
وألقوا الأوساخ على رأسه وهو ساجد ..
وكفار قريش بين يديه .. مهزومين .. أذلاء .. صاغرين ..
ثم قال : يا معشر قريش .. ما ترون أني فاعل فيكم ؟
فانتنفضوا .. وقالوا : تفعل بنا خيراً .. أنت أخ كريم .. وابن أخ كريم ..
عجباً !!
هل نسوا ما كانوا يفعلونه بهذا الأخ الكريم .. أين سبكم : مجنون .. ساحر .. كاهن ؟!
ما دام أخاً كريماً .. وأبوه أخ كريم !! فلماذا حاربتموه ؟!
أين تعذيبكم للمسلمين الضعفاء ..
هذا بلال واقف .. وآثار التعذيب لا تزال في ظهره ..
وتلك نخلة قريبة قتلت عندها أمية .. وزوجها ياسر ..
وهذا ابنهما عمار مع المسلمين يشهد ..
اليوم تقولون: أخ كريم؟ّ!
أين حبسكم له مع المسلمين الضعفاء .. ثلاث سنين في شعب بني عامر .. حتى أكلوا ورق الشجر من شدة الجوع ..؟!!
ما رحمتم بكاء الصغير ..
ولا أنين الشيخ الكبير ..
ولا حاملاً ولا مرضعاً !!
أين حربكم له في بدر .. وأحد .. وتحزبكم عليه في الخندق ؟
أين منعكم له من دخول مكة معتمراً .. لما جاءكم قبل سنين .. وتركتموه محبوساً في الحديبية .. ممنوعاًمن دخول مكة ؟
أين صدكم لعمه أبي طالب عن الإسلام وهو على فراش الموت ؟
أين ..؟ أين ..؟
شريط طويييييل من الذكريات المؤلمة يمر أمام ناظريه صلى الله عليه وسلم ..وهو ينظر إلى وجوه كفار قريش بين يديه.. ويقلب طرفه في فجاج الحرم.. وربما امتد بصره إلى جبال مكة حول الحرم.. أو إلى شوارعها وطرقاتها..
ليس هو فقط .. بل أمام ناظري أبي بكر وعمر ..
وعثمان وعلي ..
وبلال وعمر ..
فكل واحد من هؤلاء .. له مع قريش قصة حزينة ..
كان يستطيع أن ينزل بهم أقسى أنواع العقوبة .. فهم أعداء محاربون .. معتدون .. خونة ..
نعم خونة .. خانوا صلح الحديبية .. واعتدوا ..
كانوا مجرمين .. متحيرين .. لا يدرون ماذا سيُفعل بهم ..
فإذا به صلى الله عليه وسلم يدوس على الأحقاد.. ويحلق بهمته عاااالياً ..
ويقول كلمة يهتف بها التاريخ : اذهبوا .. فأنتم الطلقاء ..
فينطلقون .. مستبشرين .. تكاد أرجلهم تطير من الفرح
أحقاً عفا عنا ؟!!
ثم يتلفت صلى الله عليه وسلم ينظر حول الكعبة .. فإذا ثلثمائة وستون صنماً .. تعبد من دون الله .. عند بيته المعظّم ..!!
فجعل صلى الله عليه وسلم يضربها بيده الكريمة .. فتهوي .. وهو يقول :
جاء الحق .. وزهق الباطل .. جاء الحق .. وما يبدئ الباطل وما يعيد ..
عدد من كفار قريش العتاة البغاة .. الذين لهم تاريخ أسود مع المسلمين .. فروا من مكة قبل دخول النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إليها ..
منهم صفوان بن أمية ..
فإنه فر منها هارباً .. وقد تحير أين يذهب ..
فمضى إلى جدة ليركب منها إلى اليمن ..
فلما رأى الناس عفو رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ونسيانه للماضي الأليم ..
جاء عمير بن وهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
يا نبي الله إن صفوان بن أمية سيد قومه .. وقد خرج هارباً منك .. ليقذف نفسه في البحر .. فأّمِّنه .. صلى الله عليك ..
قال صلى الله عليه وسلم بكل بساطة : هو آمن ..
قال عمير : يا رسول الله .. فأعطني آية يعرف بها أمانك ..
فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عمامته التي دخل فيها مكة .. حتى إذا رآها صفوان .. عرفها فوثق في صدق عمير ..
خرج بها عمير حتى أدركه .. وهو يريد أن يركب في البحر ..
فقال : يا صفوان .. فداك أبي وأمي .. الله .. الله في نفسك أن تهلكها .. فهذا أمان من رسول الله صلى الله عليه وسلمقد جئتك به ..
فقال صفوان : ويحك .. أغرب عني فلا تكلمني .. فإنك كذاب ..
وكان خائفاً من مغبة ما كان فعله بالمسلمين ..
فصاح به عمير قال : أي صفوان .. فداك أبي وأمي .. رسول الله ..
أفضل الناس ..
وأبر الناس ..
وأحلم الناس ..
وخير الناس ..
وهو ابن عمك .. عزُّه عزك .. وشرفُه شرفك .. وملكُه ملكك ..
قال صفوان : إني أخافه على نفسي ..
قال عمير : هو أحلم من ذاك وأكرم ..
فرجع صفوان معه .. حتى وصلا إلى مكة .. فمضى به عمير حتى وقف به على رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
فقال صفوان : إن هذا يزعم أنك قد أمنتني ..
قال صلى الله عليه وسلم : صدق ..
قال صفوان : أما دخولي في الإسلام .. فاجعلني بالخيار فيه شهرين ..
فقال صلى الله عليه وسلم : أنت بالخيار فيه أربعة أشهر ..
ثم أسلم صفوان بعد ذلك ..
ما أجمل العفو عن الناس .. ونسيان الماضي الأليم ..
هذا خلق بلا شك لا يستطيعه إلا العظماء .. الذين يترفعون بأخلاقهم عن سفالة الانتقام .. والحقد .. وشفاء الغيظ ..
فالحياة قصيرة - على كل حال - .. نعم هي أقصر من أن ندنسها بحقد وضغينة ..
حتى في الحاجات الخاصة .. كان صلى الله عليه وسلم هيناً ليناً ..
قال المقداد بن الأسود رضي الله عنه :
قدمت المدينة أنا وصاحبان لي ..
فتعرضنا للناس فلم يضفنا أحد ..
فأتينا إلى النبي صلى الله عليه وسلم .. فذكرنا له .. فأضافنا في منزل وعنده أربع أعنز ..
فقال عليه الصلاة والسلام : احلبهن يا مقداد .. وجزئهن أربعة أجزاء .. وأعط كل إنسان جزءاً فكنت أفعل ذلك ..
فكان المقداد كل مساء .. يحلب فيشرب هو وصاحباه .. ويبقى جزء النبي عليه الصلاة والسلام .. فإن كان موجوداً شربه .. وإن كان غائباً حفظوه له حتى يرجع ..
وفي ليلة من الليالي .. تأخر النبي صلى الله عليه وسلم في المجيء إليهم ..
واضطجع المقداد على فراشه .. فقال في نفسه :
إن النبي صلى الله عليه وسلم .. قد أتى أهل بيت من الأنصار .. فأطعموه ..
فلو قمت فشربت هذه الشربة ..
فلم تزل به نفسه حتى قام فشربها .. ولم يبق للنبي صلى الله عليه وسلم شيئاً ..
قال المقداد : فلما دخل في بطني وتقار .. أخذني ما قدم وما حدث ..
فقلت : يجيء الآن النبي صلى الله عليه وسلم جائعاً ..ظمآناً .. فلا يرى في القدح شيئاً .. فيدعو علي ..
فسجيت ثوباً على وجهي .. يعني من الهم ..
فلما مضى بعض الليل ..
وجاء النبي صلى الله عليه وسلم ..
فسلم تسليمة تسمع اليقظان .. ولا توقظ النائم .. والمقداد على فراشه .. ينظر إليه ..
فأقبل صلى الله عليه وسلم إلى إنائه ..
فكشف عنه فلم ير شيئاً .. فرفع بصره إلى السماء ..
ففزع المقداد .. وقال : الآن يدعو عليَّ ..
فتسمع ماذا يقول .. فإذا به صلى الله عليه وسلم .. يقول :
اللهم اسق من سقاني .. وأطعم من أطعمني ..
فلما سمع المقداد ذلك .. قال في نفسه: أَغتنم دعوة النبي عليه الصلاة والسلام ..
قام فأخذ الشفرة السكين .. فدنا إلى الأعنز .. ليذبح إحداها .. ليطعم النبي صلى الله عليه وسلم ..
فجعل يجسهن ينظر أيتهن أسمن ليذبحها ..
فوقعت يده على ضرع إحداهن فإذا هي حافل .. مليئة باللبن ..
ونظر إلى الأخرى فإذا هي حافل ..فنظرت فإذا هي كلهن حفل .. فحلب في إناء كبير .. فملأه حتى علت رغوته ..
ثم أتى به النبي صلى الله عليه وسلم.. فقال : اشرب ..
فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم كثرة اللبن .. قال :أما شربتم شرابكم الليلة يا مقداد ؟
فقال : اشرب يا رسول الله ..
فقال : ما الخبر يا مقداد ؟
قال : اشرب ثم الخبر ..
فشرب النبي صلى الله عليه وسلم ثم ناول القدح للمقداد ..
فقال المقداد : اشرب يا رسول الله ..فشرب ثم ناوله القدح ..
قال : اشرب يا رسول الله ..
قال المقداد .. فلما عرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد روي .. وأصابتني دعوته ..
ضحكت حتى ألقيت إلى الأرض ..
فقال رسول الله : إحدى سوآتك يا مقداد ! .
فقلت : يا رسول الله .. إنك قد أبطأت علينا الليلة .. وكنت جائعاً فقلت في نفسي لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تعشى عند بعض الأنصار ..
وقص عليه القصة كلها .. وكيف أن الأعنز حلبت في ليلة واحدة مرتين .. على غير العادة ..
فتعجب النبي عليه الصلاة والسلام كيف تمتليء أضرع الأعنز حليباً بهذه السرعة!! فهي لايمكن أن تحلب مرتين في ليلة واحدة!!
فقال : ما كانت هذه إلا رحمة الله .. ألا كنت آذنتي توقظ صاحبيك هذين فيصيبان منها ..
فقلت : والذي بعثك بالحق ما أبالي إذا أصبتَها .. وأصبتُها معك من أصابها من الناس ..




وجهة نظر ..
الحياة أخذ وعطاء ..
فاجعل عطاءك أكثر من أخذك

aboalwleed
13-10-2009, 12:39 AM
رحم الله الأخ الفاضل عادل ، وجعل هذا الموضوع في موازين حسناته ..

وجزى الله خيراً كل من تابع وسعى لإتمام الموضوع ...

ciel,
13-10-2009, 04:27 AM
جيمس : )
بارك الله في جهدك وعملك أخي
وأعانك وسخر لك من عنده"
اعذرني .. لن أستطيع أن أكمل معك
وإن شاء الله الأخوة هنا لن يقصروا
.
رحمك الله أيها العادل : (

جبروت ابتسامة
14-10-2009, 12:22 PM
لاحـــرمكـ الرحمــ ’ ـــن ((جيمس))
من رأيت وجههـ الكريــمـ ..

سجين العالمَين
15-10-2009, 10:12 AM
aboalwleed
اللهم آمين..اللهم آمين



ciel,
اللهم آمين
لابأس اخي..!!!..تمنيت أن تظل معي لكن لابأس.



جبروت ابتسامة

اللهم آمين وإياك أختي وجميع المسلمين.

إن شاء الله اليوم سأنزل الموضوع الجديد.

سجين العالمَين
15-10-2009, 04:25 PM
الموضوع الثامن عشر:

قضاء الحاجات..

لما بدأت في دراسة الماجستير.. اطلعت على عدد أوسع من كتب الفرق والطوائف.. من بين هذه المذاهب.. المذهب البراجماتي.. وترجمته بالعربية: المذهب النفعي..
لما تبحرت في دراسة هذا المذهب أدركت لماذا كنا نسمع في أوروبا وأمريكا.. أنه في كثير من الأحيان يهجر الابن أباه.. وإذا قابله في مطعم فكل واحد منهما يحاسب عن نفسه..
فعلاً..مادام أني لن أستفيد منك فلماذا أخدمك؟!
لماذا أنفق مالي؟!
واصرف قوتي؟!
وأبذل جهدي؟! دون مردود مادي يعود علي..
الإسلام قلب هذا الميزان..
فقال الله{وأحسنوا إن الله يحب المحسنين}
وقال صلى الله عليه وسلم: {لئن امشي مع اخي في حاجة حتى أثبتها له..أحب إلي من أن أعتكف في مسجدي هذا شهراً}..
ومن كان في حاجة أخيه..كان الله في حاجته..
وكان صلى الله عليه وسلم يمشي في الطريق فتوقفه الجارية وتقول: لي إليك حاجة..فيقف معها حتى يسمع حاجة..
وقد يمضي معها إلى بيت سيدها ليقضيها لها..
بل كان صلى الله عليه وسلم يخالط الناس ويصبر على أذاهم..
كان يعاملهم بنفس رحيمة..وعين دامعة..ولسان داع..وقلب عطوف..
كان يشعر أنه هو وهم..جسد واحد..يشعر بفقر الفقير..وحزن الحزين.. ومرض المريض..وحاجة المحتاج..
انظر إليه صلى الله عليه وسلم..وقد جلس في مسجده يحدث أصحابه.. فإذا به يرى سواداً مقبلاً عليه من بعيد..
نظر إليهم فإذا هم قوم فقراء أقبلوا عليه من مضر.. من قبل نجد..
وكانوا من شدة فقرهم قد اجتابوا النمار..
يعني يملك أحدهم قطعة قماش فلايجد ثمن الإبرة والخيط..فيخرق القماش من وسطه ثم يخرج رأسه ويسدل باقيه على جسده..
أقبلوا قد اجتابوا النمار..وتقلدوا السيوف..وليس عليهم أزر ولا شيء غيرها.. لاعمامة ولاسراويل ولارداء..
فلما رأى رسلوا الله صلى الله عليه وسلم الذي بهم من الجهد والعري والجوع..تغير وجهه.. ثم قام..فدخل بيته.. فلم يجد شيئاً يتصدق به عليهم..
فخرج..ودخل بيته الآخر..
وخرج..يبحث يلتمس شيئاً لهم.. فلم يجد..
ثم راح إلى المسجد..فصلى الظهر..ثم صعد منبره..
فحمد الله وأثنى عليه.. ثم قال: أما بعد..فإن الله عز وجل.. أنزل في كتابه:{ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً}
ثم قرأ.. {ياايها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ماقدمت لغدواتقوا الله إن الله خبير ما تعملون} ..وجعلوا يتلوا الآيات والمواعظ..ثم صاح بهم..وقال: تصدقوا قبل أن لاتصدقوا.. تصدقوا قبل أن يحال بينكم وبين الصدقة.. تصدق امرؤ من ديناره.. من درهمه.. من بره..من شعيره..
ولايحقرن أحدكم شيئاً من الصدقة..
وجعل يعدد أنواع الصدقات حتى قال: ولو بشق تمرة..
فقام رجل من الأنصار بصرة في كفه..فناولها رسول الله صلى الله عليهم وسلم وهو على منبره..
فقبضها رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعرف السرور في وجهه..
وقال: من سن سنة حسنة..فعمل بها كان له أجرها.. ومثل من أجر من عمل بها لاينقص من أجورهم شيء.. ومن سن سنة سيئة..فعمل بها..كان عليه وزرها..ومثل وزر من عمل بها لاينقص من أوزارهم شيء..
فقام الناس..فتفرقوا إلى بيوتهم..وجاءوا بصدقات.. فمن ذي دينار.. ومن ذي درهم.. ومن ذي تمر.. ومن ذي ثياب..
حتى اجتمع بين يديه صلى الله عليه وسلم كومان.. كوم من طعام.. وكوم من ثياب.. فلما رأى صلى الله عليه وسلم ذلك تهلل وجهه حتى كأنه فلقة من قمر.. ثم قسمه بين الفقراء.. رواه مسلم
نعم..كان صلى الله عليه وسلم يدخل إلى قلوب الناس..بقضاء حاجاتهم..يصرف من جهده ووقته وماله لأجلهم..
لما سئلت عائشة عن حاله صلى الله عليه وسلم في بيته..قالت: كان يكون في حاجة أهله.. أو في مهنة أهله..
أفلا تجعل من طرق دخولك إلى قلوب الناس.. قضاء حاجاتهم..
احتاج شخص إلى مستشفى فأوصلته إليه..
استعان بك في مشكلة فأعنته عليها..يراك تقضي حاجته.. وتقف معه في كربته..وهو يعلم أنك لاترجوا من ذلك جزاء ولاشكوراً فيحبك ويدعوا لك.. ويكون مستعداً لعونك لو أحتجت..
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم***فطالما استعبد الإنسان إحسان



رؤية..
من عاش لغيره فسيعيش متعباً..لكنه سيحيا كبيراً...ويموت كبيراً..

العابره
15-10-2009, 08:11 PM
جزاك الله الفردوس الأعلى من الجنــــة
أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس و صاحب المعروف لا يقع فإن وقع وجد متكئاً فللحياة بريق لا يراه إلا من ظفربقلب ممتلئ بحبه للمؤمنين فيمضي بقضاء حوائجهم ما استطاع، ويوسعَ في حوائجهم ما استطاع، فإن فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وإن أول أهل الجنة دخولاً أهل المعروف ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجة حتى يثبتها له أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام


اللهم اغفر لأخي عادل، واملأ قبره بالرضا والنور،وآنسه في وحدته وغربته ، اللهم أنزله منزلاً مباركاًوأنت خير المنزلين ، اللهم أنزله منازل الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً اللهم أكرمه كرامة السعداء
– اللهم آمين -

قلب ج ـامح ~|
15-10-2009, 08:44 PM
لي عودة حال تفرغي ..

بوركتْ ..

حبيبتي العابرة ..~

كثر الله من أمثالك .. =)

الصياد الصامت
15-10-2009, 10:45 PM
Icon-clab0Icon-clab0Icon-clab0Icon-clab0


جزاك الله الف خير

سجين العالمَين
17-10-2009, 06:18 PM
العابرة
بارك الله فيما كتبته يداك ولاحرمك الأجر يارب..استمريه أخيه


قلب جامح
اعانك الله ويسر امرك.


الصياد الصامت
اللهم آمين... اللهم اجز صاحب الموضوع خير الجزاء يارب

سجين العالمَين
17-10-2009, 06:20 PM
الموضوع التاسع عشر:
انتظر.. لاتعترض..!!

أذكر أن محاضراً كان يتكلم عن فن الحوار.. فعرض شيئاً من قصة يوسف عليه السلام..
فلما وصل إلى قوله تعالى: {ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إني أراني أعصر خمراً وقال الآخر إن أراني أحمل فوق رأسي خبزاً تأكل الطير منه}.. جعل يتأمل في الحاضرين ثم سألهم:
ودخل معه السجن فتيان؟! أيهما دخل قبل الآخر.. يوسف أم الفتيان؟
فصاح أحدهم: يوسف..
فصاح آخر: لا..لا..الفتيان..
فانطلق ثالث: لا..لا.. بل يوسف.. يوسف..
فاستذكى رابع وقال: دخلوا مع بعض!! وتكلم خامس.. وارتفع اللغط..حتى ضاع الموضوع الأساسي..
ويبدو أن المحاضر قصد ذلك.. فجعل يتأمل وجوههم..والوقت يمضي..ثم ابتسم ابتسامة عريضة..وأشار لهم بخفض الأصوات وقال:
وما المشكلة !! دخل قبلهم أو دخلوا قبله !! هل تستحق المسألة كل هذات الخلاف؟!
فعلاً.. لو تأملت واقعنا لوجدت أننا في أحيان كثيرة نكون ثقلاء على الآخريين بكثرة أعتراضنا على مايقولون فيكون أحدهم متحمساً في قصة يحكيها..
ثم يفاجأ بمن يعترض ويفسد عليه متعة الحديث بالاعتراض على أشياء لاتؤثر في القصة شيئاً..
نعم.. لاتكن ثقيلاً تعترض على كل شيء..
أذكر أن أخي سعود لما كان طفلاً في السابعة..دخل المسجد لصلاة العشاء.. ويبدو أنه كان مستعجلاً وتأخر الإمام في المجيء لإقامة الصلاة..
فلما ضاق بذلك ذرعاً توجه نحو المؤذن وكان شيخاً كبيراً ضعيف السمع ووقف خلفه..
ثم قبض على أنفه بيده وقال محاولاً تغيير صوته:
أقم الصلاة..ثم ولى هارباً !!
أما المؤذن فما كاد يسمع ذلك حتى تحرك ناهضاً ليقيم الصلاة.. فنبهه بعض المأمومين.. فجلس وجعل يتلفت مغضباً يتمنى رؤية الغلام لعقابه..
كان موقفاً طريفاً..
لكني لم أورده لطرافته..
وإنما لأني جلست بعدها في مجلس فذكر أحد الجالسين القصة وقال في أثنائها: وكان سعود مستعجلاً لأنه سيذهب إلى البحر مع أبيه ـ مع العلم بأن الرياض في صحراء ولاتقع على ساحل بحر ـ.. فتحيرت هل أفسد عليه قصته وأعترض.. أم أن المعلومة غير مؤثرة في القصة فلا داع للاعتراض واكتساب العداوات.. فآثرت الثاني وسكت..
وأحياناً قد تعترض على شيء أنت غير فاهمه أصلاً..لعل له عذراً وأنت تلوم..
كان زياد لطيفاً حريصاً على نصح الناس.. وقف يوماً عند إشارة مرور فإذا به يسمع صوتاً عالياً لأغان غربية.. تحير من أين هذا الصوت..وأخذ يتلفت يبحث عن مصدره..فإذا هو من السيارة المجاورة له..
وإذا صاحبها قد زاد صوت المذياع إلى أعلى درجاته..حتى أسمع البعيد والقريب..
جعل صاحبي يضرب على منبه سيارته ويحاول أن يبه ذاك الرجل إلى خفض صوت مذياعه..
لكن الرجل لايلتفت ولايرد..
يبدو أنه لشدة انسجامه مع مايسمع صار لايدري عما حوله..
حاول زياد أن يتبين وجه السائق الذي أسدل غترته على جانبي وجهه. وبعد جهد رآه فإذا لحيته تملأ وجهه!!
ازداد العجب..شخص بهذه الهيئة بدل أن يسمع إلى القرآن يستمع الأغاني!!
لا..وبصوت عالِ أيضاً!!
أضاءت الإشارة خضراء.. ومشى الجميع..
أصر زياد على مناصحة الرجل فجعل يمشي وراءه..وقف الرجل عند دكان..ونزل ليشتري منه حاجة..
أوقف زياد سيارته وراءه وصار يتأمله وهو يمشي فإذا الثوب قصير واللحية تملأ عارضيه..تسابقت إلى قلبه الوساوس.. أظنه نزل ليخرج الآن بعلبة سجائر!!
خرج الرجل فإذا في يده مجلة إسلامية!!
لم يصبر زياد..وأخذ ينادي بلطف: ياأخي.. لو سمحت.. هيه..لم يرد علي الرجل ولم يتلفت..
رفع صوته: هيه..هيه..لو سمحت..ياأخي..اسمع..
وصل الرجل سيارته وركبها..ولم يتلفت..
نزل زياد وقد غضب وأقبل إليه.. وقال: يا أخي.. الله يهديك..ما تسمع!!
نظر الرجل إليه وابتسم وشغل سيارته..فاشتغل المذياع مباشرة بصوت مزعج جداً..
فثار زياد.. وقال: ياأخي حرام عليك.. أزعجت الناس..
فجعل الرجل يزيد ابتسامته.. والأغاني بأعلى صوت.. ثار زايد أكثر.. وجعل وجهه يحمر..وصار يرفع صوته ليسمعه..
فلما رأى الرجل أن الأمر وصل إلى هذا الحد.. جعل يشير بيديه إلى أذنيه وينفضهما..
ثم أخرج دفتراً صغيراً من جيبه مكتوب على أول ورقة منه: أنا رجل أصم لا أسمع.. فضلاً اكتب ماتريد!!


لمحة..



قال الله تعلى: {وكان الإنسان عجولاً}



فانتبه لاتغلب عجلتك تؤدتك..

Sos_chan
17-10-2009, 07:26 PM
أخي جيمس...
جزاك الله خير الجزاء....
وألهمك القوة والعزيمة لما بدأ أخينا - غفر الله له، وأسكنه عليا جنانه -

جعله الله في ميزانك ....

العابره
18-10-2009, 06:57 AM
جزاك الرحمن كل خير و رزقك الأجر والمثوبه
لايزال المؤمن يجني من ثمرة العجلة الندامة
فكم من أناس وقفوا لأن يتحملوا المسؤولية فوقفوا في منتصف الطريق بسب العجله في حياتهم ، والمؤمن يمسك بزمام نفسه ويلزم التصبر، والمجاهدة على عدم العجلة
وإذا أدّى ما عليه فلا عليه
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن ينزل على قبر أخي عادل الرحمات ويملأه بالرضا والنور والفسحة والسرور و ينزله منازل الصديقين والشهداء والصالحين ويجعل قبره روضة من رياض الجنة
- اللهم آمين -

aboabdullah
19-10-2009, 04:11 PM
رحم الله أخانا عادل وغفر له وجعل هذا الموضوع في موازين حسناته
وهذا الموضوع هو بمثابة صدقة جارية له.. فجزا الله خيرا كل من قام عليه وجعل ذلك في موازين حسناته
وبارك الله فيك أخي العزيز جيمس لما تقوم به من أجل أخينا الحبيب رحمه الله وتجاوز عنه
ولا أنسى أخي الحبيب أبا الوليد جزاه الله كل خير
الله ارحمنا إذا صرنا إلى ماصاروا اليه
0
0
0
( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا )

سجين العالمَين
20-10-2009, 10:23 PM
Sos_chan
وجزاك ربي كل خير اختي وكتب اجرك وأعلى ذكرك وأستجاب دعائك وأعطاكِ بالمثل..........اللهم آمين.


العابره
جزاك ربي خيرات كالمطر من عنده على إضافتك اخيه وأستجيب لدعائك.......... اللهم آمين.


(HISOKA)
بارك الله فيك اخي الغالي وكتب اجرك على مابذلته وجميع الأخوة الأفاضل.... اللهم آمين.

سجين العالمَين
20-10-2009, 10:25 PM
الموضوع العشرون
لا تلعنه إنه يشرب الخمر.

أكثر الناس الذين نخالطهم مهما بلغ أحدهم من السوء
إلا أنه لا يخلو من خير وإن كان قليلاً
فلو استطعنا أن نعثر على مفتاح الخير لكان حسناً
اشتهر عن بعض المجرمين أنه كان يسطو على بيوت الناس ويسرق أموالهم
لينفق بعضها على ضعفاء وأيتام!! أو يبني بها مساجد!!
أو كالتي ترى أيتاماً جوعى فتزني لتحصل مالاً تسد به جوعهم
بنى مسجداً لله من غير حله.... فكان بمحمد الله غير موفّق
كمطعمة الأيتام من كدِّ عرضها...لك الويل لا تزني ولا تتصدقي
وكم من حاملسكين ليطعن بها فأستعطفه طفل أو امرأة فرقَّ قلبه وألقى سكينه عنه
إذن عامل الناس جميعاً بما تعلم فيهم من خير..قبل أن تسئ الظن بهم..
نبينا وقرة أعيننا محمدصلى الله وعليه وسلم.. بلغ من خلقه أنه كان يلتمس المعاذير للمخطئين ويحسن الظن بالمذنبين
وكان إذا قابل عاصياًينظر فيه على جوانب الإيمان قبل جوانب الشهوة والعصيان
ما كان يسئ الظن بأحد يعاملهم كأنهم أولاده وإخوانه
يحب لهم الخير كما يحبه لنفسه
كان رجلا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم قد ابتُلي بشرب الخمر..فأتوا به يوماً وقد شرب خمراً إلى رسول اللهصلى الله عليه وسلم فأمر به فجلد
ثم مرت أيامفشرب خمرا فجيء به أخرى فجلد
فلما ولى خارجاًقال رجل من الصحابة لعنة الله ما أكثر ما يؤتى به
فألتفت إليه صلى الله عليه وسلموقد تغير وجهه فقال له : لا تلعنه..
فوالله ما علمت أنه يحب الله ورسوله
فإذا تعاملت مع الناس فكن عادلا..أذكر الخير الذي فيهم وأشعرهم أن شرّهم لم يجعلك تنسى خيرهم
فهذا يقربّهم إليك


فن..



قبل أن تبدأ في نزع شجرة الشجر في الآخرين



ابحث عن شجرة الخير واسقها

العابره
22-10-2009, 07:27 AM
أثـقل الله موازينك ورفع درجاتك
القلوب بيد الله والمنة أولا وآخرا لله فإذا شاهدنا أحد على معصية ،، لا نحكم عليه أنه سيبقى على معصية ، فالبغض شيئ ،، والحكم شيئ آخر ،،فنحن نبغض المعصية ،لكن لانحكم عليه ، فنحن لانعرف مدى صلاحه ولامدى ماقام في قلبه ، نحن نبغض المعاصي ونكرهها ،، لكن لا نقطع الأمل في صلاح أهلها * كذلك كنتم من قبل فمن اللّه عليكم * وأقول عن تجربة أن كثير من الناس الذين في ظاهرهم بعد ،، يكون في قلوبهم صلاح ورقة ،، فلنبحث عن بذور الخير لديهم ولنصدق في لجوئنا إلى الله ان يصلح احوالهم فالقلوب أوعيه للخير، ولنسأل الوهاب الذي يملك قلوبهم ان يهب لهم أسباب الهدايه
ولانستبطئ الطريق،،
رحم الله أخي عادل برحمته الواسعه ،، ورفع درجته في المهديين ، واخلفه في عقبه في الغابرين ، اللهم آنسه في وحدته وغربته ، اللهم أفسح له في قبره ونور له فيه ، اللهم اغفر له مغفرة تامة كاملة يا حي يا قيوم
– اللهم آمين -

أَصِيلُ الحَكَايَا
23-10-2009, 01:05 AM
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ..


اللهم ارحم أخينا "آسين".. اللهم ارزقه الفردوس الأعلى ، اللهم اغفر له ،اللهم اغفر له ،اللهم اغفر له ..


اللهم وآنس وحشته،وأنر قبره،وأوسع ضيقه يا أرحم الراحمين ..


اللهم اجمعنا به في مستقر رحمتك .. اللهم اجمعنا به في مستقر رحمتك ..


اللهم ابدله دارا خيرا من داره ، وأهلا خيرا من أهله ..


اللهم ارحمه ،اللهم ارحمه ،اللهم ارحمه ..،وارحمنا إذا صرنا إلى ما صار إليه ..


اللهم ألق السكينة والصبر في قلب ذويه ..


اللهم أجب دعوانا ..فأنت على كل شيء قدير وبنا رؤوف رحيم ..


اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ..


أخي العزيز "جيمس"::.


إخلاصٌ صادق لأخينا الحبيب..


لا يسعني سوى أن أدعو الله عز وجل بخير الجزاء لكم..


وجزا الله كل الخير لجميع إخواني الأفاضل ..


سبحان الله .. كنت قد رأيت هذا الموضوع أول ما وُضع،واعتزمت الرد عليه فيما بعد ، فما خلت أبدا أن يكون هذا هو فحوى ردي ..


سبحان القادر على كل شيء ..


في أمان الله تعالى ..

sooomh
23-10-2009, 02:42 PM
رحم الله أخي عادل برحمته الواسعه ،، ورفع درجته في المهديين ، واخلفه في عقبه في الغابرين ، اللهم آنسه في وحدته وغربته ، اللهم أفسح له في قبره ونور له فيه ، اللهم اغفر له مغفرة تامة كاملة يا حي يا قيوم
– اللهم آمين -
والله إن قلبي بيتقطع من الحزن .. موب قادرة أتحمل .. الدموع تنزل غصب عني
كنت أبكتب موضوع من الكتاب .. وكنت أبيه يشوفه .. أبيه يرد علي .. أنبسط كثيير إذا شفت ردوده على العالم
بس سبحان الله .. ربك ماكتب لي T_____________T
الله يرحمه الله رحمه ويسكنه جنة الفردوس
الله يرحمه ويجزاه عنا وعن كل حرف كتب هنا خير الجزاء
والله يعلي قدرك أخ جيمس ماقصرت .. نعم الأخ لأسين

kakashii
23-10-2009, 03:03 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بالفعل استمتعت كثيرا واستفدت

جعله الله في ميزان صاحبه وجزاك الله خير الجزاء اخينا جيمس واكثر من امثالك وبارك اعمالك وايامك

سجين العالمَين
23-10-2009, 03:34 PM
العابره
أحسنتي اخيه فيما قلتي..!!.. بنبغي لنا أن لانجعل كرهنا للمعصية ان تعمينا عن ماعند الناس من صلاح وبهذا الصلاح نستطيع الولوج لقلوبهم.


لينزي
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته بارك الله فيك وأستجاب دعائك وأعطاكِ بالمثل...!!!!....اللهم آمين
أمر قدره الله قبل أن يخلق السماوات والأرضين بخمسين ألف سنة والله المستعان فالدعاء له هو مايريده.


sooomh
اللهم آمين أسأله عز وجل ان يستجيب دعائنا لأخينا
بارك الله فيك اخيه ولاحرمك الأجر


kakashii
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكِ اخيه ونفعك بما قرأتي وأستجاب دعائك........اللهم آمين

سجين العالمَين
23-10-2009, 04:04 PM
الموضوع الحادي والعشرون:



الصدق


أذكر أني كنت أراقب على الطلاب يوماً في قاعة الامتحان .. وكان الامتحان يوم خميس ..
ومع أنيوم الخميس هو إجازة أصلاً إلا أننا اضطررنا أن نجعل فيه امتحاناً لزحمة المواد الدراسية ..
بعد مضي ربع ساعة من بداية الامتحان .. أقبل أحد الطلاب متأخراً .. كان المسكين يبدو عليه الاضطراب الشديد ..
قلت له : عفواً .. أتيت متأخراً ولن أسمح لك بدخول الامتحان ..فبدأ يرجوني أن أسمح له ..
قلت : ما الذي أخرك ؟!
قال : والله يا دكتور .. راحت علي نومة !!
أعجبني صدقه .. وقلت تفضل .. فدخل وامتحن ..
بعده بدقائق أقبل طالب آخر ..
قلت : ما أخرك ؟
قال : يا دكتور والله الطريق زححححمة ..
تعرف الناس في الصباح طالعين لدواماتهم ..
هذا رايح جامعته ..
وهذا لشركته ..
وهذا ..
وجعل يعدد عليَّ ليقنعني أن الطريق زحمة .. ونسي المسكين أن اليوم إجازة للموظفين .. وربما ليس في الطرق إلا طلابنا !!
قلت له : يعني الشوارع زحمة .. والسيارات تملأ الطرق ؟
قال : إي والله يا دكتور كأنك كنت معي ..
قلت : يا شاطر !! إذا أردت أن تكذب فاضبط الكذبة .. يا أخي اليوم خمييييس .. يعني ما فيه دوامات .. من أين جاءت الزحمة ؟!!
قال : آه يا دكتور .. نسيت .. " بنشر علي الكفر " .. أي تعطلت إحدى إطارات السيارة فوقف لإصلاحها ..!!
كان المسكين مضطرباً متورطاً .. فضحكت ودخل ليمتحن .. نعم ..
ما أقبح أن يكتشف الناس أنك تكذب عليهم ..
الكذب ينفر الناس عنك .. ويفقدك المصداقية عندهم ..
ويجعلهم لا يثقون فيك ..
فلو وقعت لأحدهم مشكلة .. فلن يشكوها إليك ..ولو تكلمت بشيء لن يسمعوه بتقبل ..
ما أقبح الكذب
قال صلى الله عليه وسلم : يطبع المؤمن على الخلال كلها إلا الخيانةوالكذب
وسئل صلى الله عليه وسلم .. فقيل له : يا رسول الله .. أيكون المؤمن جباناً ؟
فقال : نعم ..
فقيل : أيكون المؤمن بخيلاً ؟
فقال : نعم ..
فقيل : أيكون المؤمنكذاباً ؟
فقال : لا ..
وقال عبد الله بن عامر رضي الله عنه :
دعتني أمي يوماً .. ورسول اللهصلى الله عليه وسلمقاعد في بيتنا .. فقالت :
ها .. تعالأعطيك ..
فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم :وما أردت أن تعطيه ؟
قالت : أعطيه تمراً ..
فقال لها :أما إنك لو لم تعطيه شيئاً .. كتبت عليك كذبة
وكان صلى الله عليه وسلم إذا اطلع على أحد من أهل بيته كذب كذبة .. لم يزل معرضاً عنه ..
في كثير من الأحيان يندفع بعض الناس إلى الكذب .. لأجل إظهار أنفسهم بصورة أكبر من الحقيقة ..
فتجده يكذب في بطولات يؤلفها ..
ومواقفيخترعها ..
أو يزيد في القصص .. ليملّحها ..
أو يدعي أشياء عنده .. وهو كاذب .. فيتشبع بما لم يعط ..
أو تجد الكذاب يعد ويخلف ..
أو يتورط بأمور .. فيختلق أعذاراً متنوعة .. وسرعان ما يكتشف الناس كذبه فيها ..
وقف الإمام الزهري أمام السلطان .. فشهد على شيء ..
فقال السلطان : كذبت ..
فصاح الزهري : أعوذ بالله .. والله لو نادى منادٍ من السماء : إن الله أحلَّ الكذب .. لما كذبت .. فكيف وهو حرام!!


حقيقة..



خدعوك فقالوا:كذبة بيضاء..لأن الكذب لونه أسود..

قلب ج ـامح ~|
23-10-2009, 07:58 PM
بارك الله فيك أخي جيمس و أثقل موازينك ..

وددت التعقيب على الموضوعات , لكن أجدني مضطرة للتوقف هناآ ..

أعانك الله أخي على إتمام الموضوع ووفقك أينما كنت ورزقك الإخلاص فيه .. =)

blue star
23-10-2009, 08:44 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خيرا اخى

شكرا على هذا الموضوعــ المميز والرائع

ولقد استفدت كثيرا مما قرأت

فجزاك الله خيرا علـــى ما تعلمته واستفده

وبالتوفيق فى مواضيعك القادمة ان شاء الله

فى حفظ المولى



اللهم ءاتنا فى الدنيا حسنة وفى الاخرة حسنة وقنا عذاب النار

العابره
24-10-2009, 08:04 PM
أثابك المولى وأجزل عليك العطاء
الصدق أصل أعمال القلوب كلها ، فالقلب الصادق ممتلئ بنور الصدق ومعه نور الإيمان فالمؤمن يتحرى الصدق، وإن رأى الهلكة فيه ؛ فإن النجاة فيه، ويجتنب الكذب، وإن رأى النجاة فيه ؛ فإن الهلكة فيه ،فمن أصلح سريرته فاح عبير فضله، فلنجعل الصدق مطيتنا في الحياه ، فالصدق أبلج، والكذب لجلج، والكذب ساعة، والصدق إلى قيام الساعة ، قال الإمام ابن شهاب الزهري (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=37&ftp=alam&id=1000320&spid=37) والله! لو نادى منادٍ من السماء أن الكذب حلال ما كذبت ، وفي يوم القيامة لا ينفع العبد وينجيه إلا صدقه
*هـٰذا يوم ينفع ٱلصـٰدقين صدقهم *
فما أجدرنا أن يكون الصدق رائدا لنا في جميع أعمالنا وأقوالنا!
اللهم بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى، يا إله الأولين والآخرين، ويا أرحم الراحمين،أسألك أن تغفر لأخي عادل مغفرة تامة كاملة يا حي يا قيوم ، وتفسح له في قبره وتزده نورا وفرحا وسرورا ، وتجعل قبره روضه من رياض الجنه – اللهم امين -

سجين العالمَين
25-10-2009, 04:50 PM
قلب ج ـامح ~|
وجزاك ربي كل خي اخيه....... ولابأس فمالايدرك كله لايترك جله أتمنى قراءة تعليقاتك ولو على بعض مواضيع نفيد بها ونثري الموضوع وجزاك المولى كل خير.


blue star
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الحمد لله على وجود الفائدة اختي ^^
بارك الله فيك وكوني من هاهنا قريبة فالجديد قادم إن شاء الله.


العابره
وجزاك يارب ورزقنا الصدق في القول والعمل اللهم آمين

سجين العالمَين
25-10-2009, 05:25 PM
الموضوع الثاني والعشرون:



اضبط لسانك..


إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه.
هكذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم الناس من إطلاق الكلام على عواهنه، دون النظر في العواقب.
عدم ضبط اللسان قد يؤدي إلى المهالك.


إحفظ لسانك أيها الإنسان..لا يلدغنك إنه ثعبان



كم في المقابر من قتيل لسانه..كانت تهاب لقاءه الشجعان

كم من امرأة طلقها زوجها بسبب اللسان..
يختلف معها فتردد قائلة له :
طلقني..أتحداك تطلقني.. إن كنت رجلا طلقني؟
فيأمرها بالسكوت..
ويصرخ بها..
ينهرها..
يشتد الأمر بينهما.. فينهدم البناء.. ويطلقها..
لذا أمر صلى الله عليه وسلم الشخص إذا غضب أن يسكت، نعم يسكت لأنه إن لم يضبط لسانه أرداه في المهالك..


يموت الفتى من زلةٍ بلسانه~~~وليس يموت المرء من زلة الرجل

أذكر أني دخلت مرة في مشكلة بين عائلتين للإصلاح بينهما..
وقصة الخلاف: أن رجلاً عاقلاً كبيراً في السن أظنه قد تجاوز الستين من عمره، خرج في نزهة صيد مع مجموعة من أصدقاءه، وسنهم جميعا متقاربة،
دارت بينهما أحاديث وذكريات الصبا..
ثم تكلموا عن أراض لأجدادهم بالقرية..
فثار خلاف بين اثنين منهم، حول أحد الأراضي يملكها أحدهما، وادعى الآخر أنها لجده..
اشتد بينهما النقاش حتى قال مالك الأرض لصاحبه: والله لئن رأيتك قريبا من أرضي لأفرغن هذا في رأسك..
ثم تناول بندقية الصيد التي بجانبه، ووجهها أعلى من رأس صاحبه بمرتين أو ثلاثة ثم أطلق منها رصاصة..
ثار الرجلان وكادا أن يقتتلا.. لكن أصحابهما هدؤوهما..
وتفرقوا إلى بيوتهم، لم يستطع الرجل الذي أطلق عليه الرصاصة أن ينام من شدة الغيظ..
طلع عليه الصبح إلا وقد أجمع أن يشفي غيظه من صاحبه، فحمل سلاحاً من نوع كلاشينكوف، ومضى يبحث عن صاحبه، حتى رآه في سيارته عند مدرسة بنات.. كان صاحبه متقاعداً من وظيفته، ويعمل سائقاً لسيارة خاصة لنقل المدرسات، وقد أوقف سيارته عند باب المدرسة وجلس داخلها ينتظر خروجهن..
وبجانبه مجموعة من السيارات تشبه سيارته كلها مخصصة لنقل المدرسات أو الطالبات..
اختبأ الرجل خلف شجرة بعيدة، لئلا ينتبه إليه..وكان ضعيف البصر.. فوجه سلاحه إلى السائق الذي بدا من ملامحه أنه صاحبه..وحاول جاهداً أن يسدد الطلقة إلى رأسه..
ثم ضغط على الزناد.. ودوى صوت الرصاص، وانطلقت ثلاث رصاصات، واستقرت في رأس السائق..
ثار الناس واضطربوا.. وفزعت الطالبات.. وارتفع الصراخ.. واجتمع رجال الشرطة.. وأحاطوا بالمنطقة ..والرجل قد هشمت الطلقات جمجمته.. ومات..
أما القاتل فقد توجه بكل هدوووووء إلى مخفر الشرطة، واخبرهم بالقصة وقال:
أنا قتلت فلاناً.. والآن قد شفيت صدري، فاقتلوني أو أحرقوني أو أسجنوني.. أفعلوا ماشئتم .. أدخلوه لغرفة التوقيف..
وخرج الضابط لمعاينة مكان الحادث..فلما اطلع على بطاقة المقتول، فإذا المفاجأة الكبرى!!
إذ بالقتيل ليس هو صاحبه، الذي أراد أن يشفي صدره منه، وإنما هو شخص آخر ليس له دخل بالقضية..
فأقبل الضابط يمشي بسرعة، والرجل المسن المقصود، بالقتل يمشي بجانبه.. حتى أدخله مخفر الشرطة، وأوقفه أمام الزنزانة .. وقال:
يا فلان أتدعي أنك قتلت هذا، الرصاص أصاب شخصا آخر!!
فصرخ المسكين وأصابته حالة هستيرية، ثم أغمي عليه ومكث في غيبوبته أياماً.. ثم شفي وأدخل السجن وحكم عليه القاضي الشرعي بإقامة حد القتل عليه..
وصدق أبو بكر لما قال:
ما شيء أحوج إلى طول سجن من لسان..
لا أنسى خبر ذلك الخليفة الذي جلس يوما مع نديمه..يضاحكه ويمازحه..لعب الشيطان برؤوسهما، فشربا خمراً..
فلما غابت العقول.. وسيطرت أم الخبائث..وصار الواحد منهما أضل من الحمار.. ألتفت الخليفة إلى حاجبه وأشار له إلى النديم، وقال : اقتلوه..
وكان الخليفة إذا أمر أمراً لم يراجع فيه..
فانطلق الحاجب إلى النديم وتله برجليه..وهو يصرخ..ويستغيث بالخليفة..والخليفة يضحك ويردد : أقتلوه..أقتلوه
فقتلوه..والقوه في بئر مهجورة..
فلما أصبح الخليفة..اشتاق إلى من يؤانسه..فقال أدعو لي نديمي فلان..
قالوا قتلناه!!
قال قتلتموه !!؟
من قتله؟!
ولماذا؟
ومن أمركم؟!
وجعل يدافع عباراته..
فقالوا: أنت أمرتنا البارحة واخبروه بالقصة..فسكت..وخفض رأسه متندما ثم قال: ربك كلمة قالت لصاحبها دعني..
أعود وأقول:
كم من شخص نفر الناس عن شخصه..وبغضهم في نفسه..وجر لنفسه الويلات بسبب عدم ضبطه للسانه..
قال ابن الجوزي:
ومن العجب أن من الناس من يقوى على التحرز من أكل الحرام، ومن الزنا والسرقة، لكنه لا يقوى على أن يتحرز من حركة لسانه فيتكلم في أعراض الناس، ولا يقدر على منع نفسه من ذلك


عجيبة



الحيوان لسانه طويل ولا ينطق



والإنسان لسانه قصير ولا يسكت

العابره
25-10-2009, 10:44 PM
أثابك الله ورزقك جنة عالية قطوفها دانية
إذا أصبح ابن آدم، فإن الأعضاءكلها تكفر اللسان ، تقول: اتق الله فينا، فإنما نحن بك: فإن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا
فقاعدة التفكير قبل الكلام ،، قاعدة عظيمة ،، قل من يتفطن لها ،، نحن نعيش في عالم قليل هم الذين يفكرون بمشاعرك يلقون بالكلمة كجمرة في قلبك وهم لايدرون ماخلفت تلك الكلمة من الآلام ،، لذلك كان حري بالمؤمن أن يشرح صدر أخيه بالكلمات الطيبه ،،وان لايتكلم إلا بما يعنيه ومايزيد إيمانه ،، فالأنس لا يكون إلا بالله و بذكره والمؤمن لسانه لا يتوقف عن الثناء على الله عز وجل ،، منشغل بربه حامداً وذاكرا ً كلما جلس فى مجلس أثنى على ربه خيراً


اللهم اغفر لأخي عادل ،، واملأ قبره بالرضا والنور،، وآنسه في وحدته وغربته ،، اللهم أنزله منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين ، اللهم أكرمه كرامة السعداء ، اللهم أجعل قبره روضة من رياض الجنة
- اللهم آمين -

Hope Tear
27-10-2009, 01:25 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
موضوعك يا أخيaseeeeen ـ رحمك الله ـ غاية نحتاج إليها في وقتنا هذا
لا أدري ماذا أقول وماذا أكتب حتى الشكر والتقدير قليل في حقك
لا أدعو لك سوى بالجنة والفردوس الأعلى منها رحمك الله وأثابك المغفرة والرحمة
كما أشكر الأخ جيمس بوند 07 على متابعته واستمراره في كتابة الموضوع
أدعو الله أن يجعل هذا في ميزان حسناتكم
فجزاكم الله كل خير عنا


ودمتم بود ^^

قطر الندى_96
29-10-2009, 09:53 AM
جزاك الله أخي كل خير على هذه المقتطفات القيمة

و الكتاب القيم و لقد اتقتنيته منذ فترة و هو كتاب رائع جداً

شكرا

سجين العالمَين
29-10-2009, 09:20 PM
العابره
وجزاك الرحمن وغفر لك ورزقك الجنة العليا مع الصطفى عليه الصلاة والسلام
إضافات جميلة اخيه لاتحرمينا منها.


zan*maya
وعليكم السلام ورحمة الله
نعم اختي زان مايا الدعاء هو ماريده منه غفر الله له ورحمه واسكنه مع الأنبياء والصديقين والصالحين....


قطر الندى_96
وجزاك الرحمن كل خير ولاتنسي صاحب الموضوع من الدعاء فقد توفاه الله منذ مدة والله المستعان.

نور الاسلام
29-10-2009, 10:03 PM
رحمك الله ياأخي وجمعني الله بك في مستقر رحمته ولله إن القلب ليتقطع الماً على فقد كريم مثلك ماعرفت عنه إلا كل نصح وخير وعلو في الأخلاق فأسأل الله العلي العظيم ان يجعلك ممن يدنوا من الرسول عليه الصلاة والسلام فأقرب الناس مجلساً منه عليه الصلاة والسلام يوم القيامة أحسنكم اخلاقاً وأشهد الله اني لم أر منك إلا كل خلق رفيع وصادق


اللهم فألهمني الصبر على فقده.

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته:
انا لله و انا اليه راجعون
اللهم اسكن هذا الاخ فسيح جناتك يارب ..
جزاك الله خير الجزاء جيمس بوند ..أعانك الله فى أكمال هذا الكتاب الرائع ووفقك,,,
و هذا هو أقل مايمكننى المساعدة به :
رابط هذا الكتاب و أن شاء الله يساعدك فى الموضوع و هذا هو الرابط

http://www.mediafire.com/?2rywz2zjnk2
فى أمان الله و السلام عليكم

ciel,
29-10-2009, 10:21 PM
الموضوع الثالث والعشرون:

كف الأذى ..

كان الناس يبغضونه .. مايكاد أحد يسلم من أذاه ..
إن سلمت من يده فلن تسلم من لسانه .. وإن فاته أن يجلدك بسوط لسانه في حضرتك فلن يفوته أن يجلدك في غيبتك ..
فعلاً .. كان رجلاً مكروهاً .. أثقل على الناس من صم الجبال الراسيات ..
وإذا تأملت أحوال الناس فسوف تصل إلى يقين بأنه لايؤذي غالباً إلا من كان عنده نعمة تفوق من يقابله ..
فالقويّ يتجرأ على إيذاء الضعيف .. يدفعه بيده .. أو يركله برجله .. يضرب ويحقّر .. فيصير أسداً عليه لكنه في الحروب نعامة!!
والغني يتعدى على الفقير .. فيهينه في المجالس .. يقاطعه في كلامه ..
أما صاحب المنصب والجاه .. فله حظ كبير من ذلك ..
وقل مثل ذلك فيمن جعل الله نسبه رفيعاً ..
وهؤلاء في الحقيقة .. إضافة إلى بغض الناس لهم .. وتمنيهم زوال عزهم .. وفرحهم بمصائبهم .. هم أيضاً مفلسون ..
وانظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وقد جلس مع أصحابه يوماً
فقال لهم: أتدرون ما المفلس؟
قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع ..
فقال: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة .. وصيام .. وزكاة ..
ويأتي قد شتم هذا ..
وقذف هذا ..
وأكل مال هذا ..
وسفك دم هذا ..
وضرب هذا ..
فيعطي هذا من حسناته .. وهذا من حسناته .. فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ماعليه .. أخذ من خطاياهم فطرحت عليه .. ثم طرح في النار ..
لذا كان يتجنب صلى الله عليه وسلم أذى الناس بشتى أشكاله ..
قالت عائشة رضي الله عنها:
ماضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً قط بيده .. ولا امرأة .. ولا خادماً .. إلا أن يجاهد في سبيل الله ..
وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه .. إلا أن ينتهك شيء من محارم الله .. فينتقم لله عز وجل ..
وعموماً .. من استعمل هذه النعم لأذى الناس أبغضوه .. وقد يبتليه الله في دنياه قبل أخراه .. فيشفي صدورهم ..
أذكر أن أحد الأصدقاء من طلبة العلم وحفظة القرآن .. كان رجلاً صالحاً .. يأتيه بعض الناس أحياناً يقرأ عليهم شيئاً من القرآن كرقية شرعية .. وقد شفى الله تعالى على يده من شاء ..
دخل عليه يوماً من الأيام رجل تبدو عليه علامات الثراء ..
جلس بين يدي الشيخ وقال: ياشيخ .. أنا عندي آلام في يدي اليسرى تكاد تقتلني .. لا أنام في ليل .. ولا أتراح في نهار ..
ذهبت إلى عدد كبير من الأطباء .. أجروا لي الفحوصات .. عملوا تمارين .. فما وجدت فائدة أبداً .. الألم يزيد ويشتد حتى انقلبت حياتي عذاباً ..
ياشيخ .. أنا تاجر وعندي عدد من المؤسسات والشركات .. فأخشى أن أكون أُصبت بعين حاسدة .. أو وضع لي أحد الأشرار سحراً ..
قال الشيخ:
قرأت عليه سورة الفاتحة .. وآية الكرسي .. وسورة الإخلاص والمعوذتين ..
لم يظهر عليه تأثر!!
خرج من عندي شاكراً .. رجع إليّ بعد أيام يشكو الألم نفسه ..
قرأت عليه .. ذهب ورجع .. وقرأت عليه .. لم يظهر عليه أي تحسن ..
قلت له لما اشتد عليه الألم:
قد يكون ما أصابك هو عقوبة على شيء فعلته .. من ظلم أحد الضعفاء .. أو أكل حقوقهم ..
أو ظلمت أحداً في ماله فمنعته حقه .. أو غير ذلك .. فإن كان هناك من شيء من ذلك فسارع إلى التوبة مما جنيت .. وأعد الحقوق إلى أهلها .. واستغفر الله مما مضى ..
التاجر لم يرق له كلامي .. وقال -بكبر- : أبداً .. ما ظلمت أحداً .. ولم أعتدِ على شيء من حقوق الناس .. وأشكرك على نصيحتك ..
وخرج .. مرت أيام وغاب الرجل عني .. خشيت أن يكون وجد عليّ في نفسه .. ولكن لا عليّ فهي نصيحة أسديتها إليه ..
تفاجأت به يوماً في مكان ما .. لقيني فأقبل إليّ مسلماً مسروراً ..
سألته: هاه .. ما الأخبار؟
قال: الحمدلله .. الآن يدي بخير .. بغير طب ولا علاج!!
قلت: كيف؟
قال: لما خرجت من عندك .. جعلت أفكر في نصيحتك .. وأستعيد شريط ذكرياتي في ذهني .. وأفكر!!
ترى هل ظلمت أحداً؟!
هل أكلت حق أحد؟!
فتذكّرت أني قبل سنوات لما كنت أبني قصري .. كان بجانبه أرض رغبت في ضمها إليه ليكون أجمل .. كانت الأرض ملكاً لامرأة أرملة توفي زوجها وخلّف أيتاماً ..
أردتها أن تبيع الأرض فأبت .. وقالت: وماذا أفعل بقيمة الأرض .. بل تبقى لهؤلاء الأيتام حتى يكبروا .. أخشى أن أبيعها ويتشتت المال ..
أرسلت إليها مراراً لشرائها .. وهي تأبى علي ذلك ..
قلت: فماذا فعلت؟
قال: انتزعت الأرض منها بطرقي الخاصة ..
قلت: طرقك الخاصة!!
قال:نعم .. علاقاتي الواسعة .. ومعارفي .. استخرجت ترخيصاً ببناء الأرض وضممتها إلى أرضي ..
قلت: وأمّ الأيتام؟!!
قال: سمعتْ بما حصل لأرضها فكانت تأتي وتصرخ بالعمال الذين يعملون لتمنعهم من البناء .. وهم يضحكون منها يظنونها مجنونة ..
وفي الواقع أنني أنا المجنون ليس هي ..
كانت تبكي وترفع يديها إلى السماء .. هذا ما رأيته بعيني .. ولعل دعاءها في ظلمة الليل كان أعظم ..
قلت: هاه .. أكمل ..
قال: رحت أسأل وأبحث عنها .. حتى عثرت عليها .. فبكيتُ واعتذرتُ .. ولا زلتُ بها حتى قبلت مني تعويضاً عن تلك الأرض .. ودعت لي وسامحتني ..
فوالله ما إن خفضت يديها .. حتى دبت العافية في بدني ..
ثم أطرق التاجر برأسه قليلاً .. ثم رفعه وقال: ونفعني دعاؤها -بإذن الله- نفعاً عجز عن طب الأطباء ..



قالـــوا
نامت عيونك والمظلوم منتبه xxx يدعو عليك وعين الله لم تنم

العابره
30-10-2009, 08:19 PM
أثابك المولى وأجزل عليك العطاء
من العجب أن المؤمن يهون عليه أخيه المؤمن فيطلق لنفسه العنان بإيذائه
كيف ذاك ؟ والمؤمن سهل العريكة ، جميل العشرة ، حسن التعامل، لين الجانب ، يبذل الندى ويكف الأذى ،كالشجرة المثمرة، كلما رُجمت بالحجارة أسقطت ثمراً طيباً
يرى أن حظ أخيه المؤمن منه إن لم ينفعه فلا يضره ، وإن لم يفرحه فلا يغمه ، وإن لم يمدحه فلا يذمه
فالدنيا كلها زهرة حائلة ونعمة زائلة فعلام التكالب عليها!!
فطـوبى ثـم طوبى لـمـن منها تـحـذر وطلـقها وفي طاعة الرحمن شمّر


اللهم أعظم أجر أخي عادل وثوابه وأجزل له العطايا في مآبه ، اللهم ارفع له الدرجات وكفر عنه السيئات ، اللهم اجعل قبره روضه من رياض الجنه وأعظم له الحسنى في الجنات برحمتك يا أرحم الراحمين
-اللهم آمين-

روَاء
20-12-2009, 12:37 AM
جزاك الله خيرا أخي ورفع درجتك وأسكنك الفردوس الأعلى

الفجر القريب
21-12-2009, 01:32 AM
قالت عائشة رضي الله عنها:
ماضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً قط بيده .. ولا امرأة .. ولا خادماً .. إلا أن يجاهد في سبيل الله

اللهم صلي وسلم على نبينا محمد .. هذه هي الأسوة الحسنة..
والأذى ذنب..والظلم ذنبه أعظم ..
روى لنا جابر رضي الل عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة )
قال الله تعالى {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) مفهوم الآية أن الذين آمنوا ولبسوا إيمانهم بظلم..
ليس لهم من الأمن شئ وماهم بمهتدين ..الله المستعان..

الفجر القريب
21-12-2009, 02:11 AM
الموضوع الرابع والعشرون


لا للعداوات ..

تجد أن الناس عند التعامل معهم لهم طبائع .. منهم الغضوب ومنهم البارد ..
ومنهم الذكي ومنهم الغبي .. والمتعلم والجاهل ..
ومنهم حسن الظن وسيء الظن .. و :من عامل الناس لاقى منهم نصباً ..
فإن سَوْسَهم بـغيٌ وطغيان فالظالم يغفل عن ظلمه ويرى أنه أعدل الناس ..
والغبي يرى أنه أذكى الناس ..والأخرق السفيه .. يرى أنه حكيم زمانه ..
أذكر لما كنت شاباً – وأظنني لا أزال كذلك – أعني لما كنت في أوائل الدراسة الثانوية ..
أقبل علينا ضيف ثقيل .. لا أدري هل أكمل دراسته الابتدائية أم لا ؟
لكن الذي أجزم به أنه يقرأ ويكتب ..
وكنت مشغولاً وقت دخوله بمسألة شرعية لم أجد لها جواباً ..
وضعت له ما يوضع للضيف من قِرى ..
ثم تناولت الهاتف وجعلت أكرر الاتصال بالشيخ ابن باز رحمه الله لسؤاله عنها ..
لم أجد الشيخ ..
رآني صاحبي منشغلاً إلى هذا الحد .. فسألني : بمن تتصل ..
قلت : بالشيخ ابن باز (رحمه الله ).. عندي استفتاء مهم ..
فبادرني قائلاً بكل ثقة : سبحان الله .. ابن باز .. وأنا موجود ؟!!
( لولا الحياء لجعلت بقية الكتاب علامات تعجب !! )


تجد من الناس كثيرين كذلك .. فتحمل ثقلهم .. وعاملهم بلطف ..واكسبهم ..
حاول بقدر استطاعتك أن لا تكسب عداوات ..
فلم تبعث عليهم وكيلاً .. أنقذ ما يمكن إنقاذه ..
ولا تعذب نفسك ..



خاطرة ..



الحياة اقصر من أن تشغلها باكتساب عداوات

العابره
21-12-2009, 07:36 AM
أسال الله العظيم رب العرش العظيم أن يتولاك في الدنيا والآخرة وأن يجعلك مباركاً اين ماكنت سعدت لرؤية الموضوع أثابك الله
بالفعل الحياة لاتستحق أن نكسب لأجلها العداوات أونبذل لأجلها الجهود فهي دار ممر وليست دار مستقر فالعيش فيها مذموم والسرور بها لايدوم ، فعلام كسب العداوات لأجلها ، فالمؤمن يغسل قلبه دوماً ويفتش بين جنباته عن كل مايعيق طريقه إلى الله من عداوات أوغير ذلك
فمن يعيش لأجل نفسه فقط عاش صغيراً و من يعيش لأجل ربه ثم نفسه ثم الآخرين عاش كبيراً عظيماً
قال بعض السلف ليس الشأن فيمن يقوم الليل إنما الشأن فيمن ينام على فراشه ثم يصبح وقد سبق الركب
اللهم اغفر لأخي عادل ، وارفع درجته في المهديين ، واخلفه في عقبه في الغابرين ، واغفر لنا وله يا رب العالمين ، اللهم أفسح له في قبره ونور له فيه - اللهم آمين -

الفجر القريب
22-12-2009, 04:14 AM
العابره
حياك الله
آمين وأسأل الله أن يجزيك خير ما دعوت به
وصدقت بكل حرف نثرتيه..يقول الإمام الشافعي
لما عفوت ولم أحقد على أحد .. أرحت نفسي من هم العداوات
آمين..آمين..جزاك الله الخيرات على دعواتك الطيبة..
...
الموضوع القادم سيكون رقمه 24 لأن موضوع " لا للعداوات مكرر" ..

قلب ج ـامح ~|
22-12-2009, 03:25 PM
من بعد أذنك أخي تاماكي ..

سأكتب الموضوع التالي ..

المواضيع مرتبه عشوائياً للأسف , لذا اخترت الموضوع بدون ترتيب ..

الموضوع الثالث و العشرون ..

1. كيف تتعامل مع "الملاقيف " ([1] (http://www.msoms-anime.net/newreply.php?do=postreply&t=94784#_ftn1)) ؟
أحياناً يتناول بعض الناس هاتفك الجوال - بدون استئذان - ويقرأ الرسائل التي فيه ..
كان صاحبي في دعوة عامة .. وليمة عشاء عند أحد القضاة .. كل من في المجلس مشايخ
جلس صاحبي بينهم .. يتجاذب أطراف الحديث معهم ..
ضايقه وجود هاتفه الجوال في جيبه فأخرجه ووضعه على الطاولة التي بجانبه ..
كان الشيخ الذي بجانبه متفاعلاً في الحديث معه ..
من باب العادة أخذ الشيخ الهاتف الجوال .. رفع إليه .. فلما نظر إلى الشاشة تغير وجهه .. وأرجعه مكانه ..
كتم صاحبي ضحكة مدوية ..
لما خرج ركبت معه في سيارته .. وقد وضع هاتفه الجوال بجانبه .. فرفعته إليَّ - كما فعل الشيخ – فلما نظرت إلى الشاشة ضحكت .. بل غرقت في الضحك ..
تدري لماذا ؟
جرت عادة بعضهم أن يكتب عبارات على شاشة الهاتف .. يكتب اسمه .. أو "اذكر الله" .. أو غيرها ..
أما صاحبي فقد كتب : " أرجع الجهاز يا ملقوف " ..
كثير من الناس من هذا النوع يتدخلون في أمور الآخرين الشخصية ..
فمن الطبيعي أن يركب معك في سيارتك ثم يفتح الدرج الذي أمامه .. وينظر ما بداخله ..!!
وامرأة تفتح حقيبة امرأة أخرى لتأخذ أحمر الشفاه أو ظل العينين ..
وقد يتصل بك فيسألك أين أنت فتقول " طالع مشوار " فيقول : أين ..؟ من معك ؟
مجموعة من الناس نخالطهم يعاملوننا بمثل هذا الأسلوب ..
فكيف نتعامل معهم ؟
أهم شيء أن لا تفقده .. حاول أن تتجنب المصادمة معه ..
حاول أن لا ( يزعل ) منك أحد ..
كن ذكياً في الخروج من الموقف .. دون أن يحدث بينك وبينه مشكلة ..
لا تتساهل بكسب الأعداء أو فقدان الأصدقاء .. مهما كانت الأسباب ..
ومن أحسن الأساليب للتعامل مع الطفيليين .. هو إجابة السؤال بسؤال .. أو الانتقال إلى موضوع آخر تماماً لينسى سؤاله الأول ..
فلو سألك مثلاً : كم مرتبك الشهري ؟
قل له بلطف وتبسم : لماذا هل وجدت لي وظيفة مغرية ..
سيقول : لا .. لكن أريد أن أعرف ..
قل : المرتبات هذه الأيام مشاكل .. ويبدو أن ذلك بسبب ارتفاع أسعار البترول !!
سيقول : ما دخل البترول ..
فقل : البترول هو الذي يتحكم فغي الأسعار .. ألا تلاحظ أن الحروب تقوم لأجله ..
سيقول : لا .. ليس صحيحاً ..
فالحروب لها أسباب أخرى .. والعالم اليوم مليء بالحروب .. و ..
وينسى سؤاله الأول ..
( هاه .. ما رأيك ألم تخرج من الموقف بذكاء ؟ ) ..
وكذلك لو سألك عن وظيفتك ..
أو أين ستسافر ..
اسأله : لماذا .. هل ستسافر معي ..
سيقول : لا أدري!! أول شيء أخبرني ..
قل : لكن إن سافرت معي .. فالتذاكر عليك ..
عندها سيدخل في موضوع التذاكر وينسى الموضوع الأصلي ..
وهكذا .. نستطيع الخروج من مثل هذه المواقف من غير وقوع مشاكل بيننا وبين ألآخرين ..
( [1] ) ملاقيف : لفظة عامية ، جمع " ملقوف " وهو المتدخل فيما لا يعنيه .. ويسميه بعضهم " حشري " متطفل ..


وقفة ..

إذا ابتليت بمتدخل فيما لا يعنيه .. فكن خيراً منه .. أحسن الخروج من الموقف من غير أن تجرحه ..

العابره
23-12-2009, 07:26 AM
كتب الله أجركِ و رزقكِ الفردوس الأعلى من الجنة
المؤمن المبارك يخالط الناس ويصبر على أذاهم فلا يجرح مشاعرهم ولا ينفرهم
يسد الثغرات فتراه تارة يغض الطرف و يكبح حظوظ النفس تارة ، تاجر مع الله فأصبح مفتاح للخير يفتح الله به قلوب عباده ، فقلبه وعاء للخير فملأ الله وعاءه للخير ، فهو كالغيث حيث وقع نفع

اللهم أعظم أجر أخي عادل وثوابه وأجزل له العطايا في مآبه .. اللهم ارفع له الدرجات وكفر عنه السيئات ..اللهم آنس وحشته واجعل قبره روضة من رياض الجنة برحمتك يا أرحم الراحمين .. اللهم آمين ..

العابره
4-2-2010, 07:10 AM
شكر الله سعيكمـ جميعاً وأجزل للجميع الأجر والمثوبة أستأذنكمـ سوف أكمل بعونٍ منـ الله

الموضوعـ الخامس والعشرون : لماذا نبحث عن المهارات؟
يقول الشيخـ :::: زرت إحدى المناطقـ الفقيرة لإلقاء محاضرة ..
جاءني بعدها أحد المدرسينـ القادمينـ منـ خارج المنطقة ..
قال لي : نود أن تساعدنا في كفالة بعض الطلابـ ..
قلت : عجباً !! أليست المدارس حكومية .. مجانية ؟!
قال : بلى .. لكننا نكفلهم للدراسة الجامعية ..
قلت : كذلك الجامعة .. أليست حكومية .. بل تصرف للطلاب مكافآت ..
قال : سأشرح لك القصة ..
قلت : هاتِ .. قال : يتخرج من الثانوية عندنا طلابـ نسبتهم المئوية لا تقل عن 99% ..
يملك من الذكاء والفهم قدراً لو وُزِّع على أمة لكفاهم ..
فإذا تخرجـ وعزمـ أن يسافر خارج قريته ليدرسـ في الطب أو الهندسة ..
أو الشريعة .. أو الكمبيوتر .. أو غيرها ..
منعه أبوه وقال : يكفي ما تعلمت .. فاجلس عندي لرعي الغنمــ ..
صرخت من غير شعور : رعي غنمـ !!
قال : نعم .. رعي غنم ..
وفعلاً يجلس المسكينـ عند أبيه يرعى الغنم ..
وتموتــ هذه القدراتــ والمهاراتــ ..
وتمضي عليه السنين وهو راعي غنمــ ..
بل قد يتزوج .. ويرزق بأولاد .. ويمارسـ معهم أسلوبــ أبيه .. فيرعون الغنم !!
قلت : والحل؟!
قال : الحل أننا نقنع الأبـ باستخدام راعي غنمـ ..
ببضع مئاتـ من الريالاتـ .. ندفعها نحن له ..
وولده النابغة يستثمر مواهبهـ وقدراتهـ ..
ونتكفل بمصاريفـ الولد أيضاً حتى يتخرج ..
ثم خفض هذه المدرسـ رأسه ..
وقال : حرام أن تموت المواهب والقدرات في صدور أصحابها ..
وهم يتحسرونـ عليها ..
تفكرت في كلامه بعدها ..
فرأيت أننا لا يمكنـ أن نصل إلى القمة إلا بممارسة مهارات .. أو اكتساب مهارات ..
نعم .. أتحدى أن تجـد أحداً من الناجحين .. سواء في علمـ .. أو دعوة .. أو خطابة .. أو تجارة .. أو طب .. أو هندسة .. أو كسب محبة الناس .. أو الناجحينـ أسرياً .. كأب ناجح مع أولاده .. أو زوجة ناجحة مع زوجها .. أو اجتماعياً .. كالناجح مع جيرانه وزملائه ..
أعني الناجحينــ .. ولا أعني الصاعدينــ على أكتاف الآخرينــ ..!!
أتحدى أن تجد أحداً من هؤلاء بلغــ مرتبة في النجاح ..
إلا وهو يمارســ مهارات معينة – شعر أو لم يشعر –
استطاع بها أن يصل إلى النجـــــــــــاح ..
قد يمارســ بعض الناس مهاراتــ ناجحة بطبيعته ..
وقد يتعلم آخرونــ مهاراتــ فيمارسونها .. فينجحونــ ..
نحن هنا نبحث عن هؤلاء الناجحين .. وندرس حياتهم .. ونراقب طريقتهم ..
لنعرف كيف نجحوا ؟ وهل يمكن أن نسلك الطريق نفسه فننجح مثلهم ..؟
استمعت قبل فترة إلى مقابلة مع أحد أثرياء العالم
الشيخ سليمان بن عبد الله الراجحي .. فوجدته جبلاً في خلقه وفكره ..
رجل يملك المليارات .. آلاف العقارات .. بنى مئات المساجد .. كفل آلاف الأيتام ..
رجل في قمة النجاح .. تكلم عن بداياته قبل خمسين سنة .. كان من عامة الناس ..
لا يكاد يملك إلا قوت يومه وربما لا يجده أحياناً !..
ذكر أنه ربما نظف بيوت بعض الناس ليكسب رزقه .. وربما واصل ليله بنهاره عاملاً في دكان أو مصرف ..تكلم كيف كان في سفح الجبل .. ثم لا زال يصعد حتى وصل القمة ..
جعلت أتأمل مهاراته وقدراته .. فوجدت أن كثيراً منا يمكن أن يكون مثله بتوفيق الله .. لو تعلم مهارات وتدرب عليها .. وثابر وثبت ..
نعم .. أمر آخر يدعونا إلى البحث عن المهارات ..
هو أن بعضنا يكون عنده قدرات على الإبداع لكنه غافل عنها ..
أو لم يساعده أحد على إذكائها ..
كقدرة على الإلقاء .. أو فكر تجاري .. أو ذكاء معرفي ..
قد يكتشف هذه القدرات بنفسه .. أو يذكي هذه المهارات مدرس ..
أو مسئول وظيفي .. أو أخ ناصح ..
وما أقلّهم .. وقد تبقى هذه المهارات حبيسة النفس حتى يغلبها الطبع السائر بين الناس ..
وتموت في مهدها ..
ونفقد عندها قائداً أو خطيباً أو عالماً .. أو ربما زوجاً ناجحاً أو أباً ناصحاً ..
نحن هنا سنذكر مهارات متميزة نذكرك بها إن كانت عندك ..
وندربك عليها إن كنت فاقداً لها ..
فهلمّ ..


:: فكرة ::
إذا صعدتـ الجبلـ فانظر إلى القمة .. ولا تلتفتـ للصخور المتناثرة حولكـ ..
اصعد بخطواتـ واثقة .. ولا تقفز فتزلـ قدمكـ

العابره
4-2-2010, 07:14 AM
الموضوعـ السادس والعشرون : لا تبكــ على اللبنــ المسكوبــ ..
يقول الشيخـ :::: بعض الناس يعتبر طبعه الذي نشأ عليهـ ..
وعرفه الناس بـه ..
وتكونتـ في أذهانهم الصورة الذهنية عنه على أساسه ..
يعتبره شيئاً لازماً له لا يمكنـ تغييره .. فيستسلمـ له ويقنع ..
كما يستسلم لشكل جسمه أو لون بشرته ..إذ لا يمكنه تغيير ذلك ..
مع أن الذكي يرى أن تغيير الطباع لعله أسهلـ من تغيير الملابس !!
فطباعنا ليست كاللبن المسكوب الذي لا يمكن تداركه أو جمعه
.. بل هي بين أيدينا ..
بل نستطيع بأساليب معينة أن نغير طباع الناس .. بل عقولهم – ربما - !!
ذكر ابن حزم في كتابه طوق الحمامة :
أنه كان في الأندلس تاجر مشهور ..
وقع بينه وبين أربعة من التجار تنافس ..فأبغضوه..
وعزموا على أن يزعجوه .. فخرج ذات صباح من بيته متجهاً إلى متجره ..
لابساً قميصاً أبيض وعمامة بيضاء ..
لقيه أولهم فحياه ثم نظر إلى عمامته
وقال : ما أجمل هذه العمامة الصفراء ..
فقال التاجر : أعميَ بصرُكــ ؟!! هذه عمامة بيضاء ..
فقال : بل صفراء .. صفراء لكنها جميلة ..
تركه التاجر ومضى ..
فلما مشى خطواتــ لقيه الآخر .. فحياه ثم نظر إلى عمامته
وقال : ما أجملكــ اليوم .. وما أحسن لباسكــ .. خاصة هذه العمامة الخضراء ..
فقال التاجر : يا رجل العمامة بيضاء ..
قال : بل خضراء ..
قال : بيضاء .. اذهب عني ..
ومضى المسكينـ يكلم نفسه ..
وينظر بين الفينة والأخرى إلى طرف عمامته المتدلي على كتفه ..
ليتأكد أنها بيضاء .. وصل إلى دكانه .. وحرك القفل ليفتحه ..
فأقبل إليه الثالث : وقال : يا فلان .. ما أجمل هذا الصباح ..
خاصة لباسكــ الجميل .. وزادت جمالكــ هذه العمامة الزرقاء ..
نظر التاجر إلى عمامته ليتأكد من لونها .. ثم فرك عينيه ..
وقال : يا أخي عمامتي بيضااااااء ..
قال : بل زرقاء .. لكنها عموماً جميلة .. لا تحزن .. ثم مضى ..
فجعل التاجر يصيح به .. العمامة بيضاء ..
وينظر إليها .. ويقلب أطرافها ..
جلس في دكانه قليلاً .. وهو لا يكاد يصرف بصره عن طرف عمامته ..
دخل عليه الرابع .. وقال : أهلاً يا فلان .. ما شاء الله !!
من أين اشتريت هذه العمامة الحمراء ؟!
فصاح التاجر : عمامتي زرقاء ..
قال : بل حمراء ..
قال التاجر : بل خضراء .. لا .. لا .. بل بيضاء .. لا .. زرقاء .. سوداء ..
ثم ضحك .. ثم صرخ .. ثم بكى .. وقام يقفز !!
قال ابن حزم : فلقد كنت أراه بعدها في شوارع الأندلس مجنوناً يحذفه الصبيان بالحصى !!
فإذا كان هؤلاء بمهارات بدائية غيروا طبع رجل .. بل غيروا عقله ..
فما بالك بمهارات مدروسة .. منورة بنصوص الوحيين .. يمارسها المرء تعبداً لله تعالى بها ..
فطبق ما تقف عليه من مهارات حسنة لتسعد ..
وإن قلت لي : لا أستطيع ..! قلت : حاول ..
وإن قلت : لا أعرف .. !! قلت : تعلم ..
قال صلى الله عليه وسلمـ : إنما العلم بالتعلم ، وإنما الحلم بالتحلم ..



وجهة نظر ..
البطل يتجاوز القدرة على تطوير مهاراته ..
إلى القدرة على تطوير مهارات الناس .. وربما تغييرها !!

إسلام 2006
5-2-2010, 08:00 AM
جزاكم الله خيرا اختي العابرة وغفر لنا ولكم وجعله في ميزان حسناتكم جميعا كل من شارك في هذا الموضوع

تذكروا اخوانكم عادل واحمد بدعائكم

وكذلك لا تنسوا أخاكم هيسوكا بالشفاء العاجل

العابره
8-2-2010, 07:12 AM
إسلام 2006


وإياك أخي .. آمين يارب .. وفي ميزان حسناته رحمه الله
أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى ، أن يغفر لهما مغفرةً تامةً كاملةً
ويفسح لهما في قبرهما ، ويجعله لهما روضة من رياض الجنة
وأسأل الله بمنه وكرمه أن يمن على أخي هيسوكا بالشفاء العاجل و يشفيه شفاء
لا يغادر سقما وأن يجمع له بين الأجر والعافية ،، اللهم آمين،،
أثابك الله .. على التذكير المبارك .. ووفقك لخيري الدنيا والآخرة
حفظك الباري من كل مكروه ..

العابره
8-2-2010, 07:15 AM
الموضوعـ السابع والعشرون : كنــ متميزاً ..
يقول الشيخـ :::: لماذا يتحاور اثنانــ في مجلس فينتهي حوارهما بخصومة ..
بينما يتحاور آخرانـ وينتهي الحوار بأنس ورضا ..
إنها مهاراتـــــ الحوار ..
لماذا يخطب اثنان الخطبة نفسها بألفاظها نفسها ..
فترى الحاضرين عند الأول ما بين متثائب ونائم ..
أو عابث بسجاد المسجد .. أو مغير لجلسته مراراً ..
بينما الحاضرون عند الثاني منشدون متفاعلون ..
لا تكاد ترمش لهم عين أو يغفل لهم قلب ..
إنها مهاراتــــــ الإلقاء ..
لماذا إذا تحدث فلان في المجلس أنصت له السامعون .. ورموا إليه أبصارهم ..
بينما إذا تحدث آخر انشغل الجالسون بالأحاديث الجانبية ..
أو قراءة الرسائل من هواتفهم المحمولة ..
إنها مهاراتــــــ الكلام ..
لماذا إذا مشى مدرس في ممرات مدرسته رأيت الطلاب حوله ..
هذا يصافحه .. وذاك يستشيره .. وثالث يعرض عليه مشكلة ..
ولو جلس في مكتبه وسمح للطلاب بالدخول لامتلأت غرفته في لحظات ..
الكل يحب مجالسته .. بينما مدرس آخر .. أو مدرسون ..
يمشي أحدهم في مدرسته وحده .. ويخرج من مسجد المدرسة وحده ..
فلا طالب يقترب مبتهجاً مصافحاً .. أو شاكياً مستشيراً ..
ولو فتح مكتبه من طلوع الشمس إلى غروبها .. وآناء الليل وأطراف النهار ..
لما اقترب منه أحد أو رغب في مجالسته .. لماذا ؟!!
إنها مهاراتـــــــ التعامل مع الناس ..
لماذا إذا دخل شخص إلى مجلس عام هش الناس في وجهه وبشوا ..
وفرحوا بلقائه .. وود كل واحد لو يجلس بجانبه ..
بينما يدخل آخر .. فيصافحونه مصافحة باردة .. عادة أو مجاملة..
ثم يتلفت يبحث له عن مكان فلا يكاد أحد يوسع له أو يدعوه للجلوس إلى جانبه .. لماذا ؟!!
إنها مهاراتـــــــ جذب القلوب والتأثير في الناس ..
لماذا يدخل أب إلى بيته فيهش أولاده له .. ويقبلون إليه فرحين ..
بينما يدخل الثاني على أولاده .. فلا يلتفتون إليه ..
إنها مهاراتــــــ التعامل مع الأبناء ..
قل مثل ذلك في المسجد .. وفي الأعراس .. وغيرها ..
يختلف الناس بقدراتهم ومهاراتهم في التعامل مع الآخرين ..
وبالتالي يختلف الآخرون في طريقة الاحتفاء بهم أو معاملتهم ..
والتأثير في الناس وكسب محبتهم أسهل مما تتصور ..!
لا أبالغ في ذلك فقد جربته مراراً ..
فوجدت أن قلوب أكثر الناس يمكن صيدها بطرق ومهارات سهلة ..
بشرط أن نصدق فيها ونتدرب عليها فنتقنها ..
والناس يتأثرون بطريقة تعاملنا .. وإن لم نشعر ..
أتولى منذ ثلاث عشرة سنة الإمامة والخطابة في جامع الكلية الأمنية ..
كان طريقي إلى المسجد يمر ببوابة يقف عندها حارس أمن يتولى فتحها وإغلاقها ..
كنت أحرص إذا مررت به أن أمارس معه مهارة الابتسامة ..
فأشير بيدي مسلماً مبتسماً ابتسامة واضحة ..
وبعد الصلاة أركب سيارتي راجعاً للبيت ..
وفي الغالب يكون هاتفي المحمول مليئاً باتصالات ورسائل مكتوبة وردت أثناء الصلاة ..
فأكون مشغولاً بقراءة الرسائل فيفتح الحارس البوابة وأغفل عن التبسم ..
حتى تفاجأت به يوماً يوقفني وأنا خارج ويقول : يا شيخ ..! أنت زعلان مني ؟!
قلت : لماذا ؟
قال : لأنك وأنت داخل تبتسم وتسلم وأنت فرحان ..
أما وأنت خارج فتكون غير مبتسم ولا فرحان !!
وكان رجلاً بسيطاً .. فبدأ المسكين يقسم لي أنه يحبني ويفرح برؤيتي ..
فاعتذرت منه وبينت له سبب انشغالي ..
ثم انتبهت فعلاً إلى أن هذه المهارات مع تعودنا عليها تصبح من طبعنا ..
يلاحظها الناس إذا غفلنا عنها ..


:: إضاءة ::
لا تكسب المال وتفقد الناس .. فإن كسب الناس طريق لكسب المال ..

العابره
8-2-2010, 07:18 AM
الموضوعـ الثامن والعشرون : استمتع بالمهاراتـــ ..
يقول الشيخـ ::::المهارات متعة حسية ..
لا أعني بها الأجر الأخروي فقط ..
لا وإنما هي متعة وفرحــ تشعر به حقيقة ..
فاستمتع بها ، ومارسها مع جميع الناس ، كبيرهم وصغيرهم ،
غنيهم وفقيرهم ، قريبهم وبعيدهم .. كلهم .. مارس معهم هذه المهاراتــ ..
إما لاتقاء أذاهم ..أو لكسب محبتهم .. أو لإصلاحهم .. نعم إصلاحهم ..
كان علي بن الجهم شاعراً فصيحاً ..
لكنه كان أعرابياً جلفاً لا يعرف من الحياة إلا ما يراه في الصحراء ..
وكان المتوكل خليفة متمكناً .. يُغدى عليه ويراح بما يشتهي ..
دخل علي بن الجهم بغداد يوماً
فقيل له : إن من مدح الخليفة حظي عنده ولقي منه الأعطياتـــ ..
فاستبشر علي ويمم جهة قصر الخلافة ..
دخل على المتوكل .. فرأى الشعراء ينشدون ويربحون ..
والمتوكل هو المتوكل .. سطوة وهيبة وجبروت ..
فانطلق مادحاً الخليفة بقصيدة مطلعها :
يا أيها الخليفة ..
أنت كالكلب في حفاظك للود .. وكالتيس في قراع الخطوب
أنت كالدلو لا عدمتك دلـــــواً .. من كبار الدلاْ كثير الذنـــوب
ومضى يضرب للخليفة الأمثلة بالتيس والعنز والبئر والتراب ..
فثار الخليفة .. وانتفض الحراس .. واستل السياف سيفه .. وفرش النطع .. وتجهز للقتل ..
فأدرك الخليفة أن علي بن الجهم قد غلبت عليه طبيعته .. فأراد أن يغيرها ..
فأمر به فأسكنوه في قصر منيف .. تغدو عليه أجمل الجواري وتروح يما يلذ ويطيب ..
ذاق علي بن الجهم النعمة .. واتكأ على الأرائك .. وجالس أرق الشعراء .. وأغزل الأدباء ..
ومكث على هذا الحال سبعة أشهر ..
ثم جلس الخليفة مجلس سمر ليلة .. فتذكر علي بن الجهم .. فسأل عنه ، فدعوه له .. فلما مثل بين يديه .. قال : أنشدني يا علي بن الجهم ..
فانطلق منشداً قصيدة مطلعها :
عيون المها بين الرصافة والجسـر .. جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
أعدن لي الشوق القديم ولم أكـــن .. سلوت ولكن زدن جمراً على جمــر
ومضى يحرك المشاعر بأرق الكلمات .. ثم شرع يصف الخليفة بالشمس والنجم والسيف ..
فانظر كيف استطاع الخليفة أن يغير طباع ابن الجهم ..
ونحن كم ضايقتنا طباع لأولادنا أو أصدقائنا فسعينا لتغييرها .. فغيرناها ..
فمن باب أولى أن تقدر أنت على تغيير طباعك .. فتقلب العبوس تبسماً .. والغضب حلماً .. والبخل كرماً .. وهذا ليس صعباً .. لكنه يحتاج إلى عزيمة ومراس .. فكن بطلاً ..
ومن نظر في سيرة محمد صلى الله عليه وسلمـ
وجد أنه كان يتعامل مع الناس بقدرات أخلاقية ، ملك بها قلوبهم
ولم يكن صلى الله عليه وسلمـ يتصنع هذه الأخلاق أمام الناس ..
فإذا خلا بأهل بيته .. انقلب حلمه غضباً .. ولينه غلظاً ..
لا .. ما كان بساماً مع الناس عبوساً مع أهل بيته ..
ولا كريماً مع الخلق إلا مع ولده وزوجه ..
لا .. بل كانت أخلاقه سجية .. يتعبد لله تعالى بها ..
كما يتعبد بصلاة الضحى وقيام الليل ..
يحتسب ابتسامته قربة .. ورفقَه عبادة .. وعفوَه ولينَه حسنات ..
إن من اعتبر حسن الخلق عبادة ..
تحلى بها في جميع أحواله ..
في سلمه وحربه .. وجوعه وشبعه .. وصحته ومرضه .. بل وفرحه وحزنه ..
نعم .. كم من الزوجات تسمع عن أخلاق زوجها.. وسعة صدره .. وابتسامته وكرمه ..
ولكنها لم تر من ذلك شيئاً ..
فهو في بيته سيئَ الخلق .. ضيقَ الصدر .. عابسَ الوجه .. صخاباً لعاناً .. بخيلاً ومناناً ..
أما هو صلى الله عليه وسلمـ فهو الذي قال: ( خيركم خيرُكم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي )..
وانظر كيف كان يتعامل مع أهله ..
قال الأسود بن يزيد : سألت عائشةرضيـ الله عنها : ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلمـ يصنع في بيته ؟
فقالت : يكون في مهنة أهله .. فإذا حضرت الصلاة يتوضأ ويخرج للصلاة ..
وقل مثل ذلك مع الوالدين .. فكم هم أولئك الذين نسمع عن حسن أخلاقهم ..
وكرمهم وتبسمهم .. وجميل معاشرتهم للآخرين .. أما مع أقرب الناس إليهم ..
وأعظم الناس حقاً عليهم .. مع الوالدين فجفاء وهجر ..
نعم .. خيركم خيركم لأهله .. لوالديه .. لزوجه .. لخدمه .. بل ولأطفاله ..
في يوم مليء بالمشاعر .. يجلس أبو ليلى رضيـ الله عنه
عند رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..فيأتي الحسن أو الحسين يمشي
إلى النبي صلى الله عليه وسلمـ ..فيأخذه صلى الله عليه وسلمـ ..
فيقعده على بطنه .. فبال الصغير على بطن رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
قال أبو ليلى : حتى رأيت بوله على بطن رسول الله صلى الله عليه وسلمـ أساريع ..
قال : فوثبنا إليه .. فقال صلى الله عليه وسلمـ : دعوا ابني .. لا تفزعوا ابني ..
فلما فرغ الصغير من بوله .. دعا صلى الله عليه وسلمـ بماء فصبه عليه ..
فلله دره كيف تروضت نفسه على هذه الأخلاق ..
فلا عجب إذن أن يملك قلوب الصغار والكبار ..


:: رأي ::
بدل أن تسب الظلام .. حاول إصلاح المصباح ..

العابره
8-2-2010, 07:24 AM
الموضوعـ التاسع والعشرون : مع الفقــــــــــراء ..
يقول الشيخـ ::::عدد من الناس اليوم أخلاقهم تجارية ..
فالغني فقط هو الذي تكون نكته طريفة فيضحكون عند سماعها ..
وأخطاؤه صغيرة .. فيتغاضون عنها ..
أما الفقراء فنكتهم ثقيلة .. يسخر بهم عند سماعها ..
وأخطاؤهم جسيمة .. يصرخ بهم عند وقوعها ..
أما رسول الله صلى الله عليه وسلمـ فكان عطفه على الغني والفقير سواء ..
قال أنس رضيـ الله عنه : كان رجل من أهل البادية اسمه زاهر بن حرام ..
وكان ربما جاء المدينة في حاجة فيهدي للنبي صلى الله عليه وسلمـ من البادية شيئاً من إقط أو سمن ..
فيُجهزه رسول الله صلى الله عليه وسلمـ إذا أراد أن يخرج إلى أهله بشيء من تمر ونحوه ..
وكان النبي صلى الله عليه وسلمـ يحبه .. وكان يقول : ( إن زاهراً باديتنا .. ونحن حاضروه )..
وكان زاهراً دميماً ..
خرج زاهر رضيـ الله عنه يوماً من باديته .. فأتى بيت رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. فلم يجده ..
وكان معه متاع فذهب به إلى السوق ..
فلما علم به النبي صلى الله عليه وسلمـ مضى إلى السوق يبحث عنه ..
فأتاه فإذا هو يبيع متاعه .. والعرق يتصبب منه ..
وثيابه ثياب أهل البادية بشكلها ورائحتها ..
فاحتضنه صلى الله عليه وسلمـ من ورائه ، وزاهر لا يُبصره .. ولا يدري من أمسكه ..
ففزع زاهر وقال : أرسلني .. من هذا ؟ ..
فسكت النبي عليه الصلاة والسلام ..
فحاول زاهر أن يتخلص من القبضة ..
وجعل يلتفت وراءه .. فرأى النبي صلى الله عليه وسلمـ .. فاطمأنت نفسه .. وسكن فزعه ..
وصار يُلصٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍق ظهره بصدر النبي صلى الله عليه وسلمـ .. حين عرفه ..
فجعل النبي صلى الله عليه وسلمـ يمازح زاهراً ..
ويصيح بالناس يقول :من يشتري العبد ؟ .. من يشتري العبد ؟ ..
فنظر زاهر في حاله .. فإذا هو فقير كسير .. لا مال .. ولا جمال ..
فقال : إذاً والله تجدني كاسداً يا رسول الله ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ : لكن عند الله لست بكاسد .. أنت عند الله غال ..
فلا عجب أن تتعلق قلوب الفقراء به صلى الله عليه وسلمـ وهو يملكهم بهذه الأخلاق ..
كثير من الفقراء .. قد لا يعيب على الأغنياء البخل عليه بالمال والطعام ..
لكنه يجد عليهم بخلهم باللطف وحسن المعاشرة ..
وكم من فقير تبسمت في وجهه .. وأشعرته بقيمته واحترامه ..
فرفع في ظلمة الليل يداً داعية .. يستنزل بها لك الرحمات من السماء ..
ورب أشعث أغبر ذي طمرين مدفوع بالأبواب لا يؤبه له .. لو أقسم على الله لأبره ..
فكن دائم البشر مع هؤلاء الضعفاء ..


:: إشارة ::
لعل ابتسامة في وجه فقير .. ترفعك عند الله درجات ..

شزووو !
8-2-2010, 03:42 PM
رآئع جدآ .

و آلشيخ عآيض آلقرني يقول : " آجعل شعآرك في آلحيآة .. لآ تحزن إن آلله معنآإ !

العابره
11-2-2010, 06:45 AM
شزووو ! (http://www.msoms-anime.net/member.php?u=1172747)


بارك الله في كلمات شيخنا .. فقد جمع بين الوقفات التربوية
و سيرة الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه
وحفظ الله شيخنا عائض القرني .. وأنعم به من شعار .. لو عاملنا الله به بصدق
لأصبحت الالام طريقاً لتحقيق الآمال
بارك الله فيكِ .. وأسعدكِ الباري بطاعته

العابره
11-2-2010, 06:48 AM
الموضوعـ الثلاثون : الصغــــــــــار ..
يقول الشيخـ :::: كم هي المواقفــ التي وقعت لنا في صغرنا
ولا تزال مطبوعة في أذهاننا إلى اليوم ..
سواء كانت مفرحة أو محزنة ..
عُد بذاكرتكــ إلى أيام طفولتكــ ..
ستذكر لا محالة جائزة كرمتــ بها في مدرستكــ ..
أو ثناء أثناه عليك أحد في مجلس عام ..
فهي مواقف تحفر صورتها في الذاكرة ..
فلا تكاد تنسى ..
وإلى جانب ذلك .. لا نزال نتذكر مواقف محزنة ..
وقعت لنا في طفولتنا ..
مدرس ضربنا .. أو خصومة مع زملاء في المدرسة ..
أو مواقف تعرضنا فيها للإهانة من أسرتنا ..
أو تعرض لها أحدنا من زوجة أبيه .. أو نحو ذلك ..
وكم صار الإحسان إلى الصغار طريقاً إلى التأثير ليس فيهم فقط ..
بل في آبائهم وأهليهم .. وكسب محبتهم جميعاً ..
يتكرر كثيراً لمدرس المرحلة الابتدائية أن يتصل به أحد أبوي طالب صغير
ويثني عليه وأنه أحبه لمحبة ولده له وكثرة ذكره بالخير ..
وقد يعبرون عن هذه المشاعر في لقاء عابر .. أو هدية أو رسالة ..
إذن لا تحتقر الابتسامة في وجه الصغير .. وكسب قلبه ..
وممارسة مهارات التعامل الرائع معه ..
ألقيت يوماً محاضرة عن الصلاة لطلاب صغار في مدرسة ..
فسألتهم عن حديث حول أهمية الصلاة ..
فأجاب أحدهم : قال صلى الله عليه وسلمـ : بين الرجل وبين الكفر أو الشرك ترك الصلاة ..
أعجبني جوابه .. ومن شدة الحماس نزعت ساعة يدي وأعطيته إياها ..
وكانت .. عموماً .. ساعة عادية كساعات الطبقة الكادحة ..!
كان هذا الموقف مشجعاً لذلك الغلام .. أحب العلم أكثر ..
وتوجه لحفظ القرآن .. وشعر بقيمته ..
مضت الأيام .. بل السنين ..
ثم في أحد المساجد تفاجأت أن الإمام هو ذلك الغلام ..
وقد صار شاباً متخرجاً من كلية الشريعة ..
ويعمل في سلك القضاء بأحد المحاكم ..
لم أذكره وإنما تذكرني هو ..
فانظر كيف انطبعت في ذهنه المحبة والتقدير بموقف عاشه قبل سنين ..
وأذكر أني دعيت ليلة لإحدى الولائم ..
فإذا شاب مشرق الوجه يسلم علي بحرارة بي ويذكرني بموقف لطيف
وقع له معي في محاضرة ألقيتها في مدرسته لما كان غلاماً صغيراً ..
وكم ترى من الناس الذين يحسنون التعامل مع الصغار من يخرج من المسجد ..
فترى أباً يجره ولده الصغير بيده ليصل إلى هذا الرجل فيسلم عليه ويبلغه بمحبة ولده له ..
وقد يقع مثل هذا الموقف في وليمة كبيرة أو عرس .. يكثر فيه المدعوون ..
ولا أكتمك أنني أبالغ في إكرام الصغار والحفاوة بهم بعض الشيء ..
بل والاستماع إلى أحاديثهم العذبة .. وإن كانت في أكثر الأحيان غير مهمة
بل أزيد الحفاوة ببعضهم أحياناً إكراماً لوالده وكسباً لمحبته ..
أحد الأصدقاء كنت ألقاه أحياناً مع ولده الصغير ..
فكنت أحتفي بالصغير وألاطفه ..
لقيني صديقي هذا يوماً في محفل كبير .. فأقبل إليَّ بولده يسلم علي ..
ثم قال : ماذا فعلت بولدي !
يسألهم مدرسهم قبل أيام عن أمنياتهم في المستقبل ..
فمنهم من قال : أكون طبيباً ..
والآخر قال : أكون مهندساً .. وولدي
قال : أكون محمد العريفي !!
ويمكنك أن تلاحظ أنواع الناس في التعامل مع الصغار ..
عندما يدخل رجل إلى مجلس عام ويطوف بالحاضرين مصافحاً ..
وولده من خلفه يفعل كفعله .. فمن الناس من يتغافل عن الصغير ..
ومنهم من يصافحه بطرف يده .. ومنهم من يهز يده مبتسماً مردداً : أهلاً يا بطل ..
كيف حالك يا شاطر .. فهذا الذي تنطبع محبته في قلب الصغير ..
بل وقلب أبيه وأمه ..
كان المربي الأول صلى الله عليه وسلمـ له أحسن التعامل مع الصغار ..
كان لأنس بن مالك أخ صغير.. وكان صلى الله عليه وسلمـ يمازحه ويكنيه بأبي عمير ..
وكان للصغير طير صغير يلعب به .. فمات الطير ..
فكان صلى الله عليه وسلمـ يمازحه إذا لقيه .. ويقول : يا أبا عمير .. ما فعل النغير ؟
يعني الطائر الصغير ..
وكان يعطف على الصغار ويلاعبهم ..
ويلاعب زينب بنت أم سلمة ويقول : ( يا زوينب .. يا زوينب .. ) ..
وكان إذا مر بصبيان يلعبون سلم عليهم ..
وكان يزور الأنصار ويُسلم على صبيانهم .. ويمسح رؤوسهم ..
وعند رجوعه صلى الله عليه وسلمـ من المعركة كان يستقبله الأطفال فيركبهم معه ..
فعند عودة المسلمين من مؤتة ..
أقبل الجيش إلى المدينة راجعاً ..
فتلقاهم النبي عليه الصلاة والسلام .. والمسلمون ..
ولقيهم الصبيان يشتدون ..
فلما رأى صلى الله عليه وسلمـ الصبيان .. قال : خذوا الصبيان فاحملوهم ..
وأعطوني ابن جعفر ..
فأُتي بعبد الله بن جعفر فأخذه فحمله بين يديه ..
وكان صلى الله عليه وسلمـ يتوضأ يوماً من ماء .. فأقبل إليه محمود بن الربيع طفل عمره خمس سنوات ..
فجعل صلى الله عليه وسلمـ في فمه ماء ثم مجه في وجهه يمازحه .. وعموماً ..
كان صلى الله عليه وسلمـ ضحوكاً مزوحاً مع الناس .. يدخل السرور إلى قلوبهم ..
خفيفاً على النفوس لا يمل أحد من مجالسته ..
أقبل إليه رجل يوماً يريد دابة ليسافر عليها أو يغزو ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ ممازحاً له : ( إني حاملك على ولد ناقة ) ..
فعجب الرجل .. كيف يركب على جمل صغير .. لا يستطيع حمله ..
فقال : يا رسول الله وما أصنع بولد الناقة ؟
فقال صلى الله عليه وسلمـ :( وهل تلد الإبل إلا النوق ).. يعني سأعطيك بعيراً كبيراً ..
لكنه .. قطعاً .. قد ولدته ناقة ..
وقال صلى الله عليه وسلمـ يوماً لأنس ممازحاً :( يا ذا الأذنين ) ..
وأقبلت إليه امرأة يوماً تشتكي زوجها ..
فقال لها صلى الله عليه وسلمـ :زوجك الذي في عينه بياض ؟
ففزعت المرأة وظنت أنه زوجها عمي بصره ..
كما قال الله عن يعقوب عليه السلام " وابيضت عيناه من الحزن " أي : عمي ..
فرجعت فزعة إلى زوجها وجعلت تنظر في عينيه .. وتدقق ..
فسألها عن خبرها ؟!
فقالت : قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلمـ إن في عينك بياض ..
فقال لها : يا امرأة .. أما أخبرك أن بياضها أكثر من سوادها ..
أي أن كل أحد في عينه بياض وسواد ..
وكان صلى الله عليه وسلمـ إذا مازحه أحد تفاعل معه .. وضحك وتبسم ..
دخل عليه عمر وهو صلى الله عليه وسلمـ غضبان على نسائه .. لما أكثرن عليه مطالبته بالنفقة ..
فقال عمر :يَا رَسُولَ اللَّهِ .. لَوْ رَأَيْتَنا وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ .. نَغْلِبُ النِّسَاءَ..
فكنا إذا سألت أحدَنا امرأتُه نفقةً قام إليها فوجأ عنقها ..
فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ إِذَا قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ ..
فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم ..
يعني فقويت علينا نساؤنا ..
فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلمـ .. ثم زاد عمر الكلام ..
فازداد تبسم النبي صلى الله عليه وسلمـ .. تلطفاً مع عمر رضيـ الله عنه ..
وتقرأ في أحاديث أنه تبسم حتى بدت نواجذه ..
إذن كان لطيف المعشر .. أنيس المجلس ..
فلو وطّنا أنفسنا على مثل هذا التعامل مع الناس ..
لشعرنا بطعم الحياة فعلاً ..



:: فكرة ::
الطفل طينة لينة نشكلها بحسب تعاملنا معه ..

العابره
11-2-2010, 06:51 AM
الموضوعـ الواحد و الثلاثون : العبيـــد و المماليكــ ..
يقول الشيخـ ::::كان صلى الله عليه وسلمـ يحسن الدخول إلى قلوبهم بما يناسب ..
لما توفي عم النبي صلى الله عليه وسلمـ .. اشتد أذى قريش عليه صلى الله عليه وسلمـ ..
فخرج صلى الله عليه وسلمـ إلى الطائف ..
يلتمس من ثقيف النصرة والمنعة بهم من قومه ..
ورجا أن يقبلوا منه ما جاءهم به من الله تعالى ..
خرج إليهم وحده ..
وصل إلى الطائف ..
وعمد إلى نفر ثلاثة من ثقيف
وهم سادة ثقيف وأشرافهم وهم إخوة ثلاثة ..
عبد يا ليل .. ومسعود .. وحبيب .. بنو عمرو بن عمير ..
فجلس إليهم صلى الله عليه وسلمـ .. فدعاهم إلى الله
وكلمهم لما جاءهم له من نصرته على الإسلام
والقيام معه على من خالفه من قومه ..
فقال أحدهم : هو يمرط ثياب الكعبة إن كان الله أرسلك ..
وقال الآخر : أما وجد الله أحداً أرسله غيرك ؟
أما الثالث فقال .. متفلسفاً ..
والله لا أكلمك أبداً !
لئن كنت رسولاً من الله كما تقول لأنت أعظم خطراً من أن أرد عليك الكلام ..
ولئن كنت تكذب على الله ما ينبغي لي أن أكلمك ..
فلما سمع صلى الله عليه وسلمـ منهم هذا الرد القبيح ..
قام من عندهم .. وقد يئس من خير ثقيف ..
لكنه خاف أن تعلم قريش بخبر ثقيف معه
فيجترئون عليه أكثر .. فقال لهم :
إذا فعلتم ما فعلتم فاكتموا على ..
فلم يفعلوا .. وأغروا به سفهاءهم وعبيدهم يسبونه ويصيحون به ..
حتى اجتمع عليه الناس
وألجئوه إلى حائط لعتبة بن ربيعة .. وشيبة بن ربيعة .. وهما فيه ..
ورجع عنه من سفهاء ثقيف ممن كان يتبعه ..
فعمد صلى الله عليه وسلمـ إلى ظل حبلة من عنب فجلس فيه ..
وابنا ربيعة ينظران إليه ويريان
ما يلقى من سفهاء أهل الطائف ..
فلما رآه ابنا ربيعة عتبة وشيبة
وما لقي تحركت له رحمهما ..
فدعوا غلاماً لهما نصرانياً يقال له عداس ..
وقالا : له خذ قطفاً من هذا العنب فضعه في هذا الطبق ..
ثم اذهب به إلى ذلك الرجل فقل له يأكل منه ..
ففعل عداس .. وجاء بالعنب ..
حتى وضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ثم قال له : كل ..
فمد رسول الله صلى الله عليه وسلمـ يده إليه وقال: " بسم الله " ثم أكل ..
نظر عداس إليه وقال :
والله إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد ..
فقال له صلى الله عليه وسلمـ :" ومن أهل أي بلاد أنت يا عداس ؟ وما دينك ؟ "..
قال : نصراني .. وأنا رجل من أهل نينوى ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ : " من قرية الرجل الصالح يونس بن متى ؟ " ..
فقال عداس : وما يدريك ما يونس بن متى ؟
فقال صلى الله عليه وسلمـ :" ذلك أخي .. كان نبياً .. وأنا نبي"..
فأكب عداس على رسول الله صلى الله عليه وسلمـ يقبل رأسه ويديه وقدميه ..
وابنا ربيعة ينظران إليهما ..
فقال أحدهما لصاحبه : أما غلامك فقد أفسده عليك ..
فلما رجع عداس لسيده ..
وقد بدا عليه التأثر برؤية رسول الله صلى الله عليه وسلمـ وسماع كلامه ..
قال له سيده : ويلك يا عداس !
ما لك تقبل رأس هذا الرجل ويديه وقدميه ؟
فقال : يا سيدي ما في الأرض شئ خير من هذا ..
لقد أخبرني بأمر ما يعلمه إلا نبي ..
فقال سيده : ويحك يا عداس لا يصرفنك عن دينك ..
فإن دينك خير من دينه ..
فهل نستطيع نحن اليوم أن نجعل تعاملنا راقياً مع الجميع ..
مهما كانت طبقاتهم ؟



:: لمحة ::
عامل البشر على أنهم بشر .. لا على أشكالهم .. أو أموالهم .. أو وظائفهم ..

كلهن ضدي
11-2-2010, 06:52 AM
رحمه الله ... ما كان عليكم أن تعيدوا إحياء الموضوع .. حفاظاً على مشاعر الأخ " جيمس بوند "

العابره
11-2-2010, 06:53 AM
الموضوعـ الثاني و الثلاثون : الحــيــوانـــاتــــ !! ..
يقول الشيخـ ::::من صارت المهارات الحسنة ديدنه ..
تحولت إلى طبع يخالط دمه وعقله .. لا ينفك عنه أبداً ..
فتجده دائماً ليناً هيناً رفيقاً متحملاً عطوفاً ..
مع كل أحد .. حتى مع الحيوانات .. والجمادات ..
كان رسول الله صلى الله عليه وسلمـ في سفر .. فانطلق ليقضي حاجته ..
فرأى بعض الصحابة حُمرة معها فرخان ..
فأخذ بعضهم فرخيها .. فجاءت الحمرة ..
فجعلت تحوم حولهم وترفرف بجناحيها ..
فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلمـ ورآها .. التفت إلى أصحابه ..
وقال :من فجع هذه بولدها ؟ ردوا ولدها إليها ..
وفي يوم آخر .. رأى صلى الله عليه وسلمـ قرية نمل قد أحرقت ..
فقال : من أحرق هذه ؟
قال بعض أصحابه : أنا ..
فغضب وقال : لا ينبغي أن يُعذب بالنار إلا رب النار ..
وكان صلى الله عليه وسلمـ من رأفته .. أنه إذا توضأ وأقبلت إليه هرة ..
أصغى لها الإناء .. فتشرب .. ثم يتوضأ بفضلها ..
ومرّ صلى الله عليه وسلمـ يوماً على رجل ملقياً شاة على الأرض ..
وقد وضع رجله على صفحة عنقها ممسكاً لها ليذبحها ..
و هو يحد شفرته .. وهي تلحظ إليه ببصرها ..
فغضب صلى الله عليه وسلمـ لما رآه ..
وقال : أتريد أن تميتها موتتين ؟ هلا حددت شفرتك قبل أن تضجعها ؟
ومر يوماً برجلين يتحدثان .. وقد ركب كل منهما على بعيره ..
فلما رآهما رحم البعيرين .. ونهى أن تتخذ الدواب كراسي ..
يعني لا تركب البعير إلا وقت الحاجة فقط ..
فإذا انتهت حاجتك فانزل ودعه يرتاح ..
ونهى صلى الله عليه وسلمـ عن وسم الدابة في الوجه ..
ومن أطرف ما ذكر ..
أنه كان للنبي صلى الله عليه وسلمـ ناقة تسمى العضباء ..
ثم إن نفراً من المشركين أغاروا على إبلٍ للمسلمين ..
كانت ترعى في أطراف المدينة ..
فذهبوا بها .. وكانت العضباء فيها ..
وأسروا امرأة من المسلمين .. واستاقوها معهم ..
وهرب المشركون .. بالمرأة والإبل ..
وكانوا إذا نزلوا أثناء الطريق .. أطلقوا الإبل ترعى حولهم ..
فنزلوا منزلاً فناموا .. فقامت المرأة بالليل لتهرب منهم ..
فأقبلت إلى الإبل لتركب إحداها ..
فجعلت كلما أتت على بعير رغا بأعلى صوته ..
فتتركه خوفاً من استيقاظهم ..
وجعلت تمر على الإبل واحداً واحداً ..
حتى أتت على العضباء ..
فحركتها فإذا ناقة ذلول مجرسة .. فركبتها المرأة ..
ثم وجهتها نحو المدينة .. فانطلقت العضباء مسرعة ..
فلما شعرت المرأة بالنجاة .. اشتد فرحها .. فقالت :
اللهم إن لك عليَّ نذراً .. إن أنجيتني عليها أن أنحرها ..!!
وصلت المرأة إلى المدينة .. فعرف الناس ناقة النبي صلى الله عليه وسلمـ ..
نزلت لمرأة في بيتها ومضوا بالناقة إلى النبي صلى الله عليه وسلمـ ..
فجاءت المرأة تطلب الناقة لتنحرها !!
فقال صلى الله عليه وسلمـ : بئس ما جزيتيها ..
أو بئس ما جزتها .. إن أنجاها الله عليها لتنحرنها !!
ثم قال صلى الله عليه وسلمـ : " لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم "..
فلماذا لا تحول مهاراتك في التعامل .. كالرفق والبشر والكرم ..
إلى سجية تلازمك على جميع أحوالك .. مع كل شيء تتعامل معه ..
حتى الجمادات والأشجار ..!!
كان النبي صلى الله عليه وسلمـ يقوم يوم الجمعة ..
فيسند ظهره إلى جذع منصوب في المسجد فيخطب الناس ..
فقالت امرأة من الأنصار :
يا رسول الله .. ألا أجعل لك شيئاً تقعد عليه .. فإن لي غلاماً نجاراً ..
قال : إن شئت ..
فعملت له المنبر ..
فلما كان يوم الجمعة ..
صعد النبي صلى الله عليه وسلمـ على المنبر الذي صنع له ..
فلما قعد صلى الله عليه وسلمـ على ذلك المنبر .. خار الجذع كخوار الثور ..
وصاحت النخلة .. حتى كادت أن تنشق .. وارتج المسجد ..
فنزل النبي صلى الله عليه وسلمـ فضم الجذع إليه ..
فجعلت النخلة تئن أنين الصبي الذي يُسكّت حتى استقرت ..
ثم قال صلى الله عليه وسلمـ : ( أما و الذي نفس محمد بيده .. لو لم ألتزمه لما زال هكذا إلى يوم القيامة .. ) ..



:: إشارة ::
الله كرّم الإنسان .. لكن ذلك لا يفتح المجال له لاضطهاد بقية المخلوقات ..

cAnAn
11-2-2010, 07:58 PM
واااااااااااااااء T__________________T
أبي أبكي .. والله العظيم أبي أبكـــــي T_____T
الله يرحمه ويسكنه جنات النعيم
الله يرحمه ويغفر له

قلب ج ـامح ~|
12-2-2010, 04:26 AM
كلهم ضدي ..

مايهمنا أن يكون هذا العمل مما ينتفع به بعد موته ..

موفق .. =)

نمر النمور
12-2-2010, 05:09 AM
كلهن ضدي
قل لي لو كنت ميت وكان لك صدقة جارية وواحد أوقفها عنك، عشان عذر غريب
أنا واثق إتك تتمنى استمرار الصدقة عليك
احنا ندعي له وربي يرحمه يارب
وعلى فكرة جيمس رفع قبل فترة موضوع لآسين في نور على نور
يعني إنه مايفكر مثل تفكيرك =)
مشكورة ياالعابرة، ماشاء الله المواضيع اللي اخترتيها مشوقة
استمري =)

العابره
15-2-2010, 06:35 AM
الموضوعـ الثالث و الثلاثون : أحسن النية.. لوجه الله ..
يقول الشيخـ :::: جعلت أتأمل أساليب تعامل بعض الأشخاص ..
وعشت معهم سنين .. لا أذكر أني رأيت منهم ابتسامة ..
بل ولا حتى مجاملة بضحك على طرفة .. أو تفاعل مع متحدث ..
كنت أظن أنهم نشئوا هكذا ولا يستطيعون غيره ..
ثم تفاجأت برؤيتهم في مواطن معينة ..
ومع بعض الناسـ من الأغنياء وأصحاب النفوذ تحديداً يحسنون الضحك والتلطف ..
فأدركت أنهم ما يفعلون ذلك إلا لمصلحة .. فيفوتهم بذلك أجر عظيم ..
إذن المؤمن يتعبد لله تعالى بأخلاقه ومهارات تعامله ..
مع جميع الناس .. لا لأجل منصب أو مال .. ولا لأجل أن يمدحه الناس ..
ولا لأجل أن يزوج أو يسلف مالاً .. وإنما ليحبه الله ويحببه إلى خلقه ..
نعم .. من اعتبر حسن الخلق عبادة ..
صار يتعامل بأحسن المهارات مع الغني والفقير .. والمدير والفراش ..
لو مررت يوماً بعامل مسكين يكنس الشارع ..
ومد يده إليك ؟ ودخلت يوماً آخر على مسئول كبير فمد يده ..
هل هما متساويان ؟ في احتفائك بهما .. وتبسمك وبشاشتك ؟
لا أدري !!
أما رسول الله صلى الله عليه وسلمـ فكانا عنده متساويين في الاحتفاء والنصح والشفقة ..
وما يدريك لعل من تزدريه وتتكبر عليه يكون عند الله
خيراً من ملء الأرض من مثل الذي تكرمه وتقبل عليه ..
قال صلى الله عليه وسلمـ ( إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً )..
وقال للأشج بن عبد قيس : ( إن فيك لخصلتين يحبهما الله ورسوله ) ..
فما هما الخصلتان : قيام الليل ! صيام النهار ؟ ..
استبشر الأشج رضيـ الله عنه .. وقال : ما هما يا رسول الله ؟
فقال عليه الصلاة والسلامـ ( الحلم .. والأناة ) ..
وسئل صلى الله عليه وسلمـ عن البر ؟.. فقال : ( البر حسن الخلق ) ..
وسئل عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال :( تقوى الله وحسن الخلق ) ..
وقال صلى الله عليه وسلمـ : ( أكمل المؤمنين إيماناً أحاسنهم أخلاقاً الموطؤون أكنافاً
الذين يألفون ويؤلفون ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف ) ..
وقال صلى الله عليه وسلمـ : ( ما شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق ) ..
وقال صلى الله عليه وسلمـ : ( إن الرجل ليبلغ بحسن خلقه درجة قائم الليل وصائم النهار ) ..
ومن حسن خلقه ربح في الدارين .. وإن شئت فانظر إلى أم سلمة رضيـ الله عنها ..
وقد جلست مع رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. فتذكرت الآخرة وما أعد الله فيها ..
فقالت : يا رسول الله .. المرأة يكون لها زوجان في الدنيا .. فإذا ماتت .. وماتا ..
فإذا ماتت وماتا ودخلوا جميعاً إلى الجنة .. فلمن تكون ؟
فماذا قال ؟ تكون لأطولهما قياماً ؟ أم لأكثرهما صياماً ؟ أم لأوسعهما علماً ؟
كلا ..
وإنما قال : تكون لأحسنهما خلقاً ..
فعجبت أم سلمة .. فلما رأى دهشتها قال صلى الله عليه وسلمـ :
ياااا أم سلمة .. ذهب حسن الخلق بخيري الدنيا والآخرة ..
نعم ذهب بخيري الدنيا والآخرة .. أما خير الدنيا فهو ما يكون له من محبة في قلوب الخلق ..
وأما خير الآخرة فهو ما يكون له من الأجر العظيم ..
ومهما أكثر الإنسان من الأعمال الصالحات .. فإنها قد تفسد عليه إذا كان سيء الخلق ..
ذُكر للنبي صلى الله عليه وسلمـ حالُ امرأة .. وذكر له أنها تصلي وتصوم وتتصدق وتفعل ..
لكنها تؤذي جيرانها بلسانها..( يعني سيئة الخلق ) .. فقال صلى الله عليه وسلمـ : ( هي في النار ) ..
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلمـ الأسوة الحسنة .. في كل خلق حميد ..
كان أكرمَ الناس .. وأشجعَهم .. وأحلمَهم .. كان أشدَّ حياءً من العذراء في خدرها ..
كان أميناً صادقاً .. يشهد له الكفار بذلك قبل المؤمنين .. والفساقُ قبل الصالحين ..
حتى قالت خديجة رضيـ الله عنها أول ما نزل عليه الوحي .. لما رأت تغير حاله .. قالت :
والله لا يخزيك الله أبداً ..( لمـــاذا ؟؟ ) ..
إنك لتصل الرحم .. وتحمل الكل .. وتكسب المعدوم .. وتقري الضيف ..
وتعين على نوائب الحق .. وتصدق الحديث .. وتؤدي الأمانة ..
بل أثنى الله عليه ثناء نتلوه إلى يوم القيامة .. فقال :( وإنك لعلى خلق عظيم ) ..
وكان صلى الله عليه وسلمـ خلقَه القرآن .. نعم خلقه القرآن .. فإذا قرأ ( وأحسنوا إن الله يحب المحسنين ) ..
أحسن .. نعم أحسن إلى الكبير والصغير .. والغني والفقير ..
إلى شرفاء الناس ووضعائهم .. وكبارهم وصغارهم ..
وإذا سمع قول الله :( فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا ).. عفا وصفح ..
وإذا تلا : ( وقولوا للناس حسناً ).. تكلم بأحسن الكلام ..
فمادام أنه صلى الله عليه وسلمـ قدوتنا .. ومنهجه منهجُنا ..
تأمل حياته صلى الله عليه وسلمـ .. كيف كان يتعامل مع الناس .. كيف كان يعالج أخطاءهم .. ويتحمل أذاهم ..
كيف كان يتعب لراحتهم .. وينصب لدعوتهم ..فيوماً تراه يسعى في حاجة مسكين ..
ويوماً يفصل خصومة بين المؤمنين ..ويوماً يدعو الكافرين ..حتى كبرت سنه .. ورق عظمه ..
ووصفت عائشة حاله فقالت :
كان أكثرُ صلاة النبي صلى الله عليه وسلمـ بعدما كبر جالساً ( لمـــاذا ؟؟ ) ..
بعدما حطمه الناس .. نعم .. حطمه الناس ..
وإذا كانت النفوس كباراً *** تعبت في مرادها الأجسام
بل بلغ من حرصه صلى الله عليه وسلمـ على الخلق الحسن ..
أنه كان يدعو الله فيقول : ( اللهم كما أحسنت خَلْقي فأحسن خُلقي )..
وكان يقول :( اللهم أهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت،
وأصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت )
فنحن نحتاج إلى أن نقتدي به صلى الله عليه وسلمـ في أخلاقه ..
مع المسلمين لكسبهم ودعوتهم ..
بل ومع الكافرين ليعرفوا حقيقة الإسلام ..



:: إشارة ::
أحسن النية .. لتكون مهارات تعاملك مع الآخرين عبادة تتقرب بها إلى الله ..

العابره
15-2-2010, 06:37 AM
الموضوعـ الرابع و الثلاثون : أســتاذ الريــاضيــاتـــ ..
يقول الشيخـ :::: كان يدرس مادة الرياضيات لطلاب المرحلة الثانوية ..
السنة الأخيرة ..
كان يلاحظ على عدد منهم الإهمال وعدم المتابعة .. فأراد أن يؤدبهم ..
دخل عليهم يوماً ..
وأول ما استقر على كرسيه
فاجأهم بقوله : كل واحد يضع كتابه جانباً ويخرج ورقة وقلماً !!
قالوا : لماذا يا أستاذ ؟!
قال :اختبار .. اختبار مفاجئ ..
بدأ الطلاب بنوع من التذمر ينفذون ما طلب ..
ويتهامسون باستياء ..
كان من بينهم طالب كبير الجسم صغير العقل ..
مشاكس كثير المشاكل سريع الغضب متهور .. صاح بأستاذه :
يا أستاذ .. لا نريد أن نختبر .. نحن بالكاد نجيب ونحن مذاكرون .. بالله كيف إذا كنا ما ذاكرنا ؟!!
قالها الطالب بنبرة حادة ..
ثار المدرس وهاج .. وقال : ما هو على كيفك .. تختبر غصباً عنك .. فاهم ؟!
إذا ما هو عاجبك اطلع بَرّا !!! ثار الطالب .. وصاح : أنت اللي تطلع بَرّا ..
توجه المدرس إلى الطالب
وهو يصيح ويردد : يا قليل الأدب .. يا عديم التربية .. يا .. ويقترب أكثر وأكثر .. نهض الطالب واقفاً .. ثم ..
كان ما كان مما لست أذكره فظن شراً ، ولا تسأل عن الخبر!!
وصل الأمر إلى إدارة المدرسة ..
عوقب الطالب بخصم درجتين وكتابة تعهد بالتزام الأدب ..
أما المدرس فصار حديث القاصي والداني .. وأصبح مضرب الأمثال ..
ومثار أحاديث الطلاب في كل المدرسة ..
يمشي في ممراتها ويسمع التعليقات والهمسات ..
حتى انتقل بعدها إلى مدرسة أخرى ..
بينما مدرس آخر وقع له الموقف نفسه لكنه أحسن التصرف معه ..
دخل على طلابه .. وفاجأهم بقوله : أخرج ورقة وقلماً .. اختبار مفاجئ ..
وكان من بينهم طالب كذاك الطالب .. صاح : يا أستاذ !! ما هو على كيفك ..
كان المدرس جبلاً يحس بثقل الرجل التي يحاول أن يصعد عليه !!..
يفهم أن العصبي لا يقابل بعصبية ..
ابتسم ونظر إلى الطالب وقال : يعني يا خالد ما تريد أن تختبر ؟
فقال .. صارخاً .. : لا ..
فقال المدرس بكل هدووووء : خلاص .. اللي ما يريد يختبر نتعامل معه بالنظام ..
اكتبوا يا شباب :
السؤال الأول : أوجد نتيجة هذه المعادلة : س + ص = ع + 15 ..
ومضى يسوق الأسئلة ..
لم يصبر الطالب المشاكس وقال : أقولك ما أريد أن أختبر ..
نظر إليه المدرس وابتسم بهدوووء .. وقال : وهل ألزمتك أن تختبر ..
أنت رجل ومسئول عن تصرفاتك ..
لم يجد الطالب ما يثير غضبه أكثر ..
فهدأ وأخرج ورقة وقلماً .. وبدأ يكتب الأسئلة مع زملائه ..
ثم بعدها تمت محاسبته على سوء أدبه عن طريق إدارة المدرسة ..
تذكرت هذه المفارقة في القدرة على التعامل مع المواقف
وأنا أتأمل في مهارات الناس على إذكاء النيران وإخمادها ..
فالتعامل مع العصبي بعصبية يؤدي إلى تفجر الموقف واحتدام الخلاف ..
فمن الأمور المسلمة عند العقلاء ..
أن من يلاقي النار بالنار يزدها شرراً واحتداماً ..
وفي الجهة المقابلة تجد أحياناً أن من يقابل البرود .. دائماً .. ببرود ..
لا تستقيم له الأمور ..
فليكن رابطك مع الناس شعرة معاوية ..
فقد سئل معاوية رضيـ الله عنه كيف استطعت أن تحكم الناس أميراً عشرين سنة ..
ثم تحكمهم خليفة عشرين سنة ؟
فقال : جعلت بيني وبينهم شعرة .. أحد طرفيها في يدي والآخر في أيديهم ..
فإذا شدوها من جهتهم أرخيت من جهتي حتى لا تنقطع ..
وإذا أرخوا من جهتهم شددت من جهتي .. صدق رضي الله عنه .. ما أحكمه !!
أظن من المسلَّمات في حياتنا أنه لا يمكن أن يهنأ بالعيش زوجان كلاهما عصبي غضوب .. كما لا يمكن أن تطول علاقة صاحبين كلاهما كذلك ..
أذكر أني ألقيت محاضرة في أحدى السجون ..
وكان قدري أن تكون المحاضرة في العنبر الخاص بمرتكبي جرائم القتل ..
ما انتهيت من محاضرتي .. تفرقوا إلى مهاجعهم وأقبل إلي أحدهم شاكراً ..
وعرفني بنفسه وأنه المسئول عن الأنشطة الثقافية في العنبر ..
سألته عن سبب ارتكاب جريمة القتل عند أكثر هؤلاء ..
فقال : الغضب .. الغضب .. والله يا شيخ
إن بعضهم قتل .. لأجل حفنة ريالات تخاصم عليها مع عامل في بقالة أو محطة وقود ..
تذكرت عندها قول النبي صلى الله عليه وسلمـ : ( ليس الشديد بالصُّرَعَة .. إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ) ..
نعم ليس البطل هو قوي البدن الذي ما يصارع أحداً إلا غلبه ..
.. لا .. فلو كان هذا هو مقياس البطولة لأصبحت الحيوانات والوحوش أفخر من الآدميين ..
إنما البطل هو العاقل الذي يعرف كيف يتعامل مع المواقف بمهارة ..
يتعامل مع زوجته .. أولاده .. مديره .. زملائه .. دون أن يفقدهم ..
وفي الحديث : لا يقضي القاضي وهو غضبان..
وأمر صلى الله عليه وسلمـ بتدريب النفس على الحلم فقال : إنما الحلم بالتحلم..
نعم بالتحلم .. يعني عند كظم الغضب في المرة الأولى
ستتعب 100% ولكن في الثانية ستتعب 90% ثم في الثالثة
إذا كظمت غضبك ستتعب 80% وهكذا حتى تتدرب ..
ويصبح الحلم والهدوء عندك طبيعة ..
ومن طرائف قصص الغضب ..
أني ذهبت يوماً لمدينة أملج ( 300ك جنوب جدة ) لإلقاء محاضرة ..
كان من بين الحاضرين شاب سريع الغضب ثائر الأعصاب جداً ..
هذا الشاب سافر مرة بسيارته
ولم يكن مستعجلاً فكان يمشي ببطء ..
كان وراءه سيارة مسرعة تريده أن يفسح لها الطريق ..
وهو يزداد بطئاً ويشير لهم بيده أن خففوا السرعة ..
ضاق صاحب السيارة الأخرى بصاحبنا ذرعاً ..
وتعداه بسرعة وانحرف عليه بسيارته مؤدباً .. ثم مضى .. ولم يصب أحد منهما بضرر ..
ثارت أعصاب صاحبنا .. وهي تثور على أقل من ذلك بكثيييير .. فزاد سرعة سيارته ..
وأخذ يصرخ ويزمجر .. ويشير لهم بأضواء السيارة مراراً حتى توقفوا ..
فألقى غترته جانباً ..
وتناول قطعة حديد .. هي في الأصل ..
مفك لفتح براغي العجلات عند الحاجة ..
ونزل من السيارة متوجهاً إليهم ..
والغضب بادٍ عليه وقطعة الحديد في يده ..
فإذا بالسيارة المقابلة ينزل منها ثلاثة شباب قد ضاقت ملابسهم بعضلاتهم ..
وتباعدت أيديهم عن جنوبهم من عرض أكتافهم ..
أقبلوا يركضون بانفعال إلى صاحبنا ..
وقد رأوه تهيأ للقتال !!
فلما رآهم انتفض .. وغص بريقه ..
وهم ينظرون إليه وإلى ما في يده ..
فلما لاحظ أنهم يحدون النظر إلى قطعة الحديد .. رفعها برفق وقال :
عفواً .. أردت أن أنبهكم إلى أن هذه سقطت منكم .. !!
فتناولها أحدهم بانفعال .. وولوا إلى سيارتهم .. وهو يشير بيده إليهم مودعاً ..!!



:: معادلة ::
عصبي + عصبي = انفجار

العابره
15-2-2010, 06:40 AM
الموضوعـ الخامس و الثلاثون : ماذا تستفيد من هذه المهارة ؟ ..
يقول الشيخـ :::: كل باب له مفتاحـ ..
والمفتاح المناسب لفتح قلوب الناس
هو معرفة طبائعهمـ ..
حل مشاكل الناس .. الإصلاح بينهم ..
الاستفادة منهم .. اتقاء شرورهم ..
كل ذلك تصبح فيه بارعاً إذا عرفت طبائعهم ..
افرض أن شاباً وقع بينه وبين أبيه خلاف ..
اشتد الخلاف حتى طرده أبوه من البيت ..
حاول الابن العودة مراراً لكن الأب كان عنيداً مصراً ..
دخلت للإصلاح بينهما ..
حدثت الأب بالنصوص الشرعية ..
خوفته من إثم القطيعة ..
لم يلتفت إليك .. كان مشحوناً غاضباً جداً ..
أردت أن تستعمل أساليب أخرى للإصلاح ..
عرفت من طبيعة هذا الأب أنه عاطفي جداً ..
جئت إليه وقلت :
يا فلان .. أما ترحم ولدك .. يفترش الأرض .. ويلتحف السماء ..!!
أنت تأكل وتشرب .. والمسكين يبيت طاوياً ويصبح جائعاً ..
أما تذكره إذا رفعت كسرة الخبز إلى فمك ..
أما تذكر مشيه في حر الشمس ..
أما تذكر لما كنت تحمله صغيراً .. وتضمه إلى صدرك ..
وتشمه وتقبله ..
أيرضيك أن يستجدي الناس وأبوه حي!! ..
تجد أن عاطفة الأب تهيج بهذا لكلام ..
ويقترب أكثر من نقطة الالتقاء ..
وإن كان أبوه بخيلاً محباً للمال ..
قلت له :
يا فلان أنتبه لا تورط نفسك ..
أرجع الولد تحت نظرك وتصرفك ..
أخشى أن يسرق أو يعتدي ..
فتلزمك المحكمة بسداد ما أخذ ..
وإصلاح ما خرب .. فأنت أبوه على كل حال .. انتبه ..
تجد أن الأب البخيل سيبدأ يعيد موازينه من جديد ..
وإن كان كلامك موجهاً إلى الابن ..
وكان جشعاً محباً للمال ..
قلت له : يا فلان .. لن ينفعك ألا أبوك ..
غداً ستحتاج أن تتزوج .. من يسدد مهرك ؟
لو تعطلت سيارتك من يصلحها ؟
لو مرضت .. من سيحاسب المستشفى ؟
إخوانك يستفيدون كما شاءوا .. مصروف .. هدايا .. وأنت جالس هكذا ..
ما يضرك أن تصلح ذلك كله بقبلة تطبعها على جبين أبيك ..
أو كلمة أسف تهمس بها في أذنه ..
وكذلك لو دخلت للإصلاح بين زوجة وزوجها ..
فعلت مثل ذلك ..
وفتحت باب كل واحد منهما بالمفتاح المناسب ..
ومثله لو أردت إجازة من مديرك في العمل ..
وعرفت أنه لا يلتفت إلى العواطف ولا ألأمور الاجتماعية ..
وإنما عمل ( وبس ! ) ..
فقلت له :
أحتاج إلى إجازة ثلاثة أيام أجدد فيها نشاطي ..
وأستعيد حيويتي .. أشعر أن إنتاجيتي مع ضغط العمل تنحدر تدريجياً ..
أعطني فرصة لإراحة ( رأسي ) فقط ثلاثة أيام .. لأعود أنشط وأقدر ..
وإن كان اجتماعياً .. تلحظ من خلال تعاملاته ..
أنه حريص على الأسرة والعائلة .. قلت له :
أريد إجازة لأرى والديَّ .. أولادي ..
أشعر أنهم في واد وأنا في واد آخر .. إلى غير ذلك ..
أتقن هذه المهارة ..
وستسمع الناس غداً يقولون : ما رأينا أبرع فلاناً في القدرة على الإقناع ..!!


:: نتيجة ::
كل إنسان له مفتاح .. ومعرفة طبيعة الإنسان تدلّك على معرفة مفتاحه المناسب

العابره
18-2-2010, 06:51 AM
الموضوعـ السادس و الثلاثون : لا تتدخل فيما لا يعنيك ..
يقول الشيخـ ::::من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ..
ما أجمل هذه العبارة وأنت تسمعها من الفم الزكي الطاهر ..
فم رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. صحيح .. تركه ما لا يعنيه ..
كم هم ثقلاء أولئك الذين يزعجونك بالتدخل فيما لا يعنيهمـ ..
يشغلك إذا رأى ساعتك .. بكم اشتريتها ..
فتقول : جاءتني هديه ..
فيقول : هدية !! ممن ؟
فتجيب : من أحد الأصدقاء ..
فيقول : صديقك في الجامعة .. أم في الحارة .. أم أين ؟!
فتقول :والله .. آآآ .. صديقي في الجامعة ..
فيقول : طيب .. ما المناسبة ؟!
فتقول : يعني .. مناسبة أيام الجامعة ..
فيقول : مناسبة إيش ؟!! نجاح .. أم كنتم في رحلة .. أو يمكن .. أأ ..
ويستمر في استجوابه لك على قضية تافهة ..!!
بالله عليك ألا تحدثك نفسك أن تصرخ به : لااااا تتدخل فيما لا يعنيك ..
وقد يزداد الأمر سوءاً لو أحرجك بالسؤال في مجلس عام فسبب لك إحراجاً ..
أذكر أني كنت في مجلس مع عدد من الزملاء .. بعد المغربـ ..
رن هاتف أحدهم .. كان جالساً بجانبي ..
أجاب : نعم ؟
زوجته : ألو .. وينك يا **** ؟!
كان صوتها عالياً لدرجة أني سمعت حوارهما ..
قال : بخير .. الله يسلمك ( !!! ) ..
( يبدو أنه كان قد وعدها أن يذهب بها بعد المغرب لبيت أهلها وانشغل بنا ) ..
غضبت الزوجة : الله لا يسلمك ..
أنت مبسوط أنك مع أصحابك وأنا أنتظر .. والله انك ثور ( !! ) ..
قال : الله يرضى عليك .. أمرُّك بعد العشاء ..
لاحظتُ أن كلامه لا يتوافق مع كلامها ..
فأدركت أنه يفعل ذلك لكيلا يحرج نفسه ..
انتهت مكالمته .. جعلت ألتفت إلى الحاضرين وأتخيل أن واحداً منهم سأله :
من كلمك ؟ وماذا يريد منك ؟ ولماذا تغير وجهك بعد المكالمة ..؟!!
لكن الله رحِمَه لأن أحداً لم يتدخل فيما لا يعنيه ..
ومثله لو زرت مريضاً .. فسألته عن مرضه .. فأجابك بكلمات عامة : الحمد لله .. شيء بسيط..
مرض صغير وانتهى .. أو نحرها من العبارات التي لا تحمل جواباً صريحاً ..
فلا تحرجه بالتدقيق عليه : عفواً .. يعني ما هو المرض بالضبط ؟
وضح أكثر ..!! ماذا تعني ..!! ونحو ذلك ..
عجباً !! ما الداعي لإحراجه ..؟
من حسن إسلام المرء تركه ما يعنيه .. يعني ..
تنتظر أن يقول لك : أنا مريض بالبواسير .. أو مصاب بجرح في .. أو ..
ما دام أنه أجاب إجابة عامة فلا داعي للتطويل معه ..
ولا أعني بهذا عدم سؤال المريض عن مرضه ؟ إنما أعني عدم التدقيق في الأسئلة ..
ومثله .. الذي ينادي طالباً أمام الناس في مجلس عام .. ويسأله بصوت عالٍ :
هاه يا أحمد .. نجحت ..
فيقول : نعم ..
فيسأله : كم نسبتك ؟ كم ترتيبك في الفصل ؟
إن كنت صادقاً في اهتمامك به فاسأله على انفراد بينك وبينه ..
ثم لا داعي للتدقيق .. كم نسبتك .. لماذا لم تذاكر ..
لماذا لم تقبل في الجامعة .. إن كنت مستعداً لإعانته فقف معه جانباً وحدثه بما تريد ..
أما نشر غسيله أمام الناس .. فلا ..
قال صلى الله عليه وسلمـ : من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ..
لكن انتبه !! لا تعط الموضوع أكبر من حجمه ..
سافرت إلى المدينة النبوية قبل مدة .. كنت مشغولاً بعدد من المحاضرات ..
فاتفقت مع شاب فاضل أن يأخذ ولدي عبد الرحمن وأخاه ..
بعد العصر إلى حلقة تحفيظ أو مركز صيفي ترفيهي .. ويعيدهم بعد العشاء ..
كان عبد الرحمن في العاشرة من عمره ..
خشيت أن يسأله ذلك الشاب من باب الفضول أسئلة لا داعي لها ..
ما اسم أمك ؟ أين بيتكم ؟ كم عدد إخوانك ؟ كم يعطيك أبوك من المال ؟
فنبهت عبد الرحمن قائلاً : إذا سألك سؤالاً غير مناسب ..
فقل له : قال صلى الله عليه وسلمـ : من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ..
وكررت عليه الحديث حتى حفظه ..
ركب عبد الرحمن وأخوه .. مع الشاب .. كان عبد الرحمن مشدوداً متهيباً ..
قال الشباب متلطفاً : حياك الله يا عبد الرحمن ..
فأجابه بحزم : الله يحييك ..
أراد الشاب المسكين أن يلطّف الجو .. فقال : الشيخ عنده محاضرة اليوم ؟!
حاول الولد أن يتذكر الحديث فلم تسعفه ذاكرته ..
فصرخ قائلاً : لا تتدخل فيما لا يعنيك !!
قال الشاب : لا .. أقصد .. بل حتى أحضر وأستفيد ..
فظن عبد الرحمن أنه يتذاكى عليه : فأعاد الجواب : لا تتدخل فيما لا يعنيك ..
قال الشاب : عفواً عبد الرحمن أعني ..
فصرخ عبد الرحمن : لااااا تتدخل فيما لا يعنيك !!
ولم يزل هذا حالهما حتى رجعا !!
أخبرني عبد الرحمن بالقصة مفتخراً .. فضحكت وفهمته الأمر مرة أخرى ..



:: ورشة عمل ::
مجاهدة النفس على التحرر من التدخل في شئون الآخرين ..
متعبة في البداية .. لكنها مريحة في النهاية ..

العابره
18-2-2010, 06:55 AM
الموضوعـ السابع و الثلاثون : اجلدني برفق ..
يقول الشيخـ :::: لا يعني ما تقدم من كلام عدمُ اللوم أبداً ..
بلى .. فقد تحتاج في أحيان متكررة أن تلوم الآخرين ..
ولدك .. زوجتك .. صديقك ..
لكن يمكن تأجيله قليلاً .. أو استخدام أساليب أخف ..
دع الملوم يحتفظ بماء وجهه ..
بعدما فتح صلى الله عليه وسلمـ مكة .. وقد قوي شأنه عند العرب ..
وكثر الداخلون في الإسلام ..
غزا صلى الله عليه وسلمـ بالناس حنيناً ..
فجاء المشركون بأحسن صفوف .. فصفت الخيل ..
ثم صفت المقاتلة .. ثم صفت النساء من وراء ذلك ..
ثم صفت الغنم .. ثم النعم ..
والمسلمون بشر كثير .. قد بلغوا اثني عشر ألفاً ..
وكان المشركون قد سبقوا إلى وادي حنين ..
واختبأت كتائب منهم في جانبيه بين الصخور ..
فما هو إلا أن ابتدأ القتال .. ودخلت جموع المسلمين في الوادي ..
حتى تفجر عليهم الكفار من كل جانب .. واضطرب الناس ..
وجعلت خيل المسلمين .. تلوذ خلف ظهورهم ..
فلم يلبثوا أن انكشفت خيلهم .. وكان أولُ من فرَّ الأعراب ..
وتسلط الكفار وظهروا .. فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. فإذا الجموع تفر ..
والدماء تسيل .. والخيل يضرب بعضها في بعض ..
فجعل يأمر العباس بأن ينادي : يا للمهاجرين يا للأنصار ؟
فرجعوا حتى ثبت صلى الله عليه وسلمـ في ثمانين أو مائة رجل ..
ثم نصر الله المسلمين .. وانتهى القتال ..
وجمعت الغنائم بين يدي النبي صلى الله عليه وسلمـ ..
فإذا الذين فروا من القتال .. وخافوا من الرماح والنبال ..
هم أول من اجتمع على رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. يريد الغنائم ..
تعلقت الأعراب .. برسول الله صلى الله عليه وسلمـ يقولون له :
اقسم علينا فيئنا .. اقسم علينا فيئنا .. يريدون الغنائم ..
عجباً ..!! يقسم فيئكم .. متى صار فيؤكم وأنتم لم تقاتلوا ..
كيف تطلبون من الغنيمة ..
وهو الذي كان يصرخ بكم لتعودوا وأنتم لا تستجيبون ..!!
لكنه صلى الله عليه وسلمـ لم يكن يدقق على مثل هذا .. فالدنيا لا تساوي عنده شيئاً ..
جعلوا يتبعونه ويرددون : اقسم علينا فيئنا ..
حتى تزاحموا عليه .. وضيقوا الطريق بين يديه ..
واضطروه إلى شجرة .. فمرّ من شدة الزحام ملاصقاً لها ..
فتعلق رداؤه بأغصانها .. حتى سقط عن منكبيه ..
وصار بطنه وظهره مكشوفاً ..
فلم يغضب .. وإنما التفت إليهم وقال .. بكل هدووووء :
أيها الناس .. ردوا علي ردائي ..
فو الذي نفسي بيده لو كان لي عدد شجر تهامة .. نَعماً لقسمته عليكم ..
ثم لا تجدوني بخيلا .. ولا جباناً .. ولا كذاباً ..
نعم .. لأنه لو كان بخيلاً لأمسك الأموال لنفسه ..
ولو كان جباناً لفرّ مع الفارين .. ولو كان كذاباً لما نصره رب العالمين ..
مواقفه صلى الله عليه وسلمـ الرائعة كثيرة ..
كان صلى الله عليه وسلمـ يمشي مع بعض أصحابه ..
فمر بامرأة تبكي عند قبر .. على صبي لها ..
فقال لها صلى الله عليه وسلمـ: اتقي الله واصبري ..
وكانت المرأة باكية مهمومة ..
فلم تعرف النبي صلى الله عليه وسلمـ ..
فقالت : إليك عني .. وما تبالي أنت بمصيبتي ..؟!
فسكت النبي صلى الله عليه وسلمـ .. وذهب وتركها .. فقد أدى ما عليه ..
وأدرك أن المرأة الآن في وضع نفسي ..
قد لا يناسب أن يزاد عليها في النصح أكثر مما سمعت ..
التفت بعض الصحابة إليها وقالوا : هذا رسول الله صلى الله عليه وسلمـ..!!
فندمت المرأة على ما قالت ..
وقامت تحاول أن تلحق بالنبي صلى الله عليه وسلمـ ..
حتى وصلت بيته ..فلم تجد على بابه بوابين ..
فقالت معتذرة : يا رسول الله .. لم أعرفك .. الآن أصبر ..
فقال إنما الصبر عند الصدمة الأولى ..


:: اقتل برفق ::
إن الله كتب الإحسان على كل شيء .. فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ..
وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح .. وليحد أحدكم شفرته .. وليرح ذبيحته .. حديث رواه مسلم

العابره
18-2-2010, 06:59 AM
الموضوعـ الثامن و الثلاثون : كن جبلاً ..
يقول الشيخـ :::: في بداية سلوكي في طريق الدعوة ..
دعيت لإلقاء محاضرة في إحدى القرى ..
استقبلني المسئول عن الدعوة هناك ..
ركبت سيارته .. كانت قديمة متهالكة ..
تحدثت معه .. أخبرني أنه حديث عهد بزواج ..
ثم اشتكى إليَّ من غلاء المهور في قريتهم ..
حتى إنه لم يستطع أن يشتري سيارة جديدة ..
أو على الأقل أحسن من سيارته ..
دعوت له بالتوفيق ..
ثم دخلت وألقيت المحاضرة .. وفي آخرها ..
قرئت عليَّ الأسئلة .. وكان من بينها سؤال عن غلاء المهور ..
ففرحت به وقلت : جاءك يا مهنا ما تتمنا !!
وانطلقت أتكلم عن غلاء المهور وتأثيره على الشباب والفتيات ..
ثم ذكرت إن رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ما زوج بناته بأكثر من خمسمائة درهم ..
ثم رفعت صوتي قائلاً : يعني بناتكم أحسن من بنات النبي صلى الله عليه وسلمـ ؟!!
فصرخ رجل مُسن من طرف الصف قائلاً : إيش فيهم بناتنا ؟
فثار آخر وقال : يتكلم على بناتنا !!
ونهض الثالث جاثياً على ركبتيه وقال : أوووه تتكلم على بناتنا ؟!!
كنت في حال لا أحسد عليه .. وكنت في أوائل طريق الدعوة .. وحديث التخرج من الجامعة ..
بقيت ساكتاً لم أنبس ببنت شفة .. نظرت إلى الأول لما تكلم وتبسمت ..
فلما تكلم الثاني .. نظرت إليه أيضاً وتبسمت .. وكذلك الثالث ..
كان بعض الشباب في آخر المسجد يتضاحكون .. وبعضهم قاموا وقوفاً ينظرون ..
وكأني بهم يقولون : وقف **** الشيخ في العقبة !!
لما رأوا هدوئي .. هدؤوا ..
ثم قام أحدهم وقال : يا جماعة .. خلوا الشيخ يوضح قصده ..
فسكتوا .. فشكرت له عمله ..
ثم اعتذرت وأثنيت عليهم .. وعلى بناتهم .. ووضحت مرادي ..
عند تعاملك مع الناس ..أنت في الحقيقة تصنع شخصيتك ..
وتبني في عقولهم تصورات عنك ..
يبنون على أساسها أساليب تعاملهم معك .. واحترامهم لك ..
تأكد أن الأشجار الثابتة لا تقتلعها الرياح .. مهما اشتدت ..
وإنما النصر صبر ساعة ..
كلما زاد عقلك .. قل جهلك .. وإذا زاد قدرك .. قل غضبك ..
كالبحر لا يحركه أي شيء .. ويا جبل ما تهزك ريح ..!
بل إنك لو استثارك شخص ما .. في مجلس .. أو بيت .. أو قناة فضائية .. أو محاضرة عامة ..
فإنك إذا بقيت هادئاً لم تغضب ولم تثر .. مال الناس معك ضده ..
كان أبو سفيان بن حرب مقبلاً بقافلة تجارة من الشام ..
فخرج إليهم المسلمون لقتالهم ..
ففر أبو سفيان بالقافلة ..
وأرسل إلى قريش فخرجت بجيش عرمرم ..
ووقعت معركة بدر بين المسلمين وقريش .. وانتصر المسلمون ..
قتل من كفار قريش سبعون .. وأُسِر منهم سبعون ..
رجع من تبقى من جيش قريش .. وهم جرحى .. وجوعى ..
ثم وصل أبو سفيان بقافلته إلى مكة ..
فمشى عبد الله بن أبي ربيعة وعكرمة بن أبي جهل وصفوان ابن أمية ..
في رجال من قريش .. ممن أصيب آباؤهم وأبناؤهم وإخوانهم يوم بدر ..
فكلموا أبا سفيان ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة ..
فقالوا : يا معشر قريش .. إن محمداً قد وتركم وقتل خياركم ..
فأعينونا بهذا المال على حربه لعلنا ندرك منه ثأراً .. ففعلوا ..
وقد قال الله فيهم :" إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله
فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون " ..
فخرجت قريش .. بحدها وحديدها .. وجدها وأحابيشها ..
وخرج معها من تابعها من بني كنانة وأهل تهامة ..
وخرجوا معهم بالنساء لئلا يفر الرجال من القتال ..
فخرج أبو سفيان بزوجته هند بنت عتبة ..
وخرج عكرمة بن أبي جهل بزوجته أم حكيم بنت الحارث ..
وخرج الحارث بن هشام بفاطمة بنت الوليد بن المغيرة ..
فأقبل الكفار .. حتى نزلوا على شفير الوادي مقابل المدينة ..
فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
استشار أصحابه .. ما رأيكم ؟‍
نبقى في المدينة فإذا دخلوها علينا ..
فقال له ناس لم يكونوا شهدوا بدراً :
نخرج يا رسول الله إليهم نقاتلهم بـ "أحد" ..
ورجوا أن يصيبهم من الفضيلة ما أصاب أهل بدر ..
فما زالوا برسول الله صلى الله عليه وسلمـ حتى لبس أداة الحرب ..
ثم ندموا .. وقالوا : يا رسول الله أقم .. فالرأي رأيك ..
فقال لهم : ما ينبغي لنبي أن يضع أداته ..
بعد ما لبسها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه ..
فلما نزل أبو سفيان والمشركون بأصل أحد ..
فرح المسلمون الذين لم يشهدوا بدراً بقدوم العدو عليهم ..
وقالوا : قد ساق الله علينا أمنيتنا ..
ثم قال النبي صلى الله عليه وسلمـ لأصحابه :
" من رجل يخرج بنا على القوم من كثب .. أي من قريب .. من طريق لا يمر بنا عليهم " ؟
فقال رجل من بني حارثة بن الحارث اسمه أبو خيثمة :
أنا يا رسول الله .. فسلك به في أرض بني حارثة وبين أموالهم ومزارعهم ..
حتى سلك به في مال لرجل اسمه : مربع ابن قيظي ..
وكان رجلاً منافقاً ضرير البصر ..
فلما سمع حِسّ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
ومن معه من المسلمين .. قام يحثي في وجوههم التراب ..
و يقول : إن كنت رسول الله فإني لا أحل لك أن تدخل في حائطي ..
ثم أخذ الخبيث حفنة من التراب في يده .. ثم قال :
والله لو أعلم أني لا أصيب بها غيرك يا محمد لضربت بها وجهك ..
فابتدره القوم .. فقال النبي صلى الله عليه وسلمـ :
" لا تقتلوه .. فهذا الأعمى .. أعمى القلب .. أعمى البصر .. "
ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. ولم يلتفت إلى ذلك المنافق ..
نعم ..
لو كل عوى ألقمته حجراً *** لأصبح الصخر مثقالاً بدينار
والكلاب تنبح .. والقافلة تسييييير ..


:: قناعة ::
الرياح لا تحرك الجبال .. لكنها تلعب بالرمال .. وتشكلها كما تشاء ..

العابره
18-2-2010, 07:03 AM
الموضوعـ التاسع و الثلاثون : اختصر و لا تجادل ..
يقول الشيخـ :::: يقولون : إن الناصح كالجلاد ..
وبقدر مهارة الجلاد في الجلد .. يبقى الألم ..
أقول : مهارة الجلد .. لا قوة الجلد !!
فالجلاد العنيف الذي يضرب بقوة ..
يتألم المضروب وقت وقوع السياط .. ثم ما يلبث حتى ينساها ..
أما الجلاد الأستاذ في صنعته ..فقد لا يضرب بقوة ..
لكنه يعلم أن يوقع السوط ..
كذلك الناصح .. ليست العبرة بكثرة الكلام .. ولا طول النصيحة ..
وإنما بأسلوب الناصح ..
فاختصر قدر المستطاع .. إذا أردت أن تنصحه فلا تلق عليه محاضرة ..!!
خاصة إذا كان الأمر متفقاً عليه .. كمن تنصحه عن الغضب ..
أو شرب الخمر .. أو ترك الصلاة .. أو عقوق الوالدين .. الخ ..
تأملت النصائح النبوية الشخصية المباشرة ..
فوجدتها لا تزيد الواحدة منها عن سطر واحد .. أو سطرين ..
اسمع : يا علي .. لا تتبع النظرة النظرة ..
فإن لك الأولى وليست لك الثانية ..
انتهى .. نصيحة باختصار ..
يا عبد الله بن عمر .. كن في الدنيا كأنك غريب .. أو عابر سبيل .. انتهى ..
يا معاذ .. والله إني أحبك .. فلا تدعن في دبر كل صلاة ..
أن تقول : اللهم أعني على ذكرك .. وشكرك .. وحسن عبادتك ..
يا عمر .. إنك رجل قوي .. فلا تزاحمن عند الحجر ..
وكذلك كان العقلاء بعده ..
لقي أبو هريرة رضيـ الله عنه الفرزدق الشاعر فقال :
يا ابن أخي إني أرى قدميك صغيرتين .. ولن تعدم لهما موضعا في الجنة ..
يعني فاعمل لها .. ودع عنك قذف لمحصنات في شعرك ..
وعمر رضيـ الله عنه .. كان على فراش الموت .. فجعلوا الناس يثنون عليه ..
وجاء شاب ..
فقال : أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله لك من صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
وقدم في الإسلام ما قد علمت .. ثم وَلِيت فعدلت .. ثم شهادة ..
فقال عمر : وددت أن ذلك كفاف لا علي ولا لي ..
فلما أدبر الشاب .. فإذا إزاره يمس الأرض .. مسبل ..
فأراد عمر رضيـ الله عنه أن يقدم النصيحة للشاب ..
فقال : ردوا علي الغلام ..
فلما وقف الشاب بين يديه ..
قال : يا بن أخي .. ارفع ثوبك .. فإنه أنقى لثوبك .. وأتقى لربك
انتهى .. باختصار .. الرسالة وصلت .. واترك الجدال قدر المستطاع ..
خاصة إذا شعرت أن الذي أمامك يكابر .. فالمقصود إيصال النصيحة إليه ..
وقد ذم الله الجدال : ( ما ضربوه لك إلا جدلاً ) ..
وقال صلى الله عليه وسلمـ : ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه .. إلا أوتوا الجدل ..
وقال : أنا زعيم لبيت في ربض الجنة لمن ترك الجدال وإن كان محقاً ..
أحياناً يقتنع الشخص بالفكرة .. لكن أكثر النفوس فيها أنفة وكبر ..
( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً ) ..
فالغاية عندك أنت أصلاً أن يعرف الخطأ ليتجنبه في المرة القادمة ..
وليس الغاية أن تنتصر أنت عليه ..
فلستما في حلبة مصارعة ..
دخل النبي صلى الله عليه وسلمـ على علي وفاطمة رضيـ الله عنها .. ليلاً ..
فقال لهما : ألا تصليان .. أي ألا تقوما الليل ..
فقال علي : أنفسنا بيد الله .. متى شاء أن يبعثنا .. بعثنا ..
فولاهما النبي صلى الله عليه وسلمـ ظهره ..
ومضى وهو يضرب بيده على فخذه ..
ويقول : وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً ..
وأحياناً قد يذكر المنصوح .. كلاماً يعتذر به ..
وهو ليس عذراً مقنعاً لكنه يقوله ..ليحفظ ماء وجهه ..فكن سمحاً ..
ولا تغلق عليه الأبواب بل أبقها مفتوحة أمامه وأنت تنصح ..
وحتى لو تكلم بكلام خاطئ ..
فيمكن أن تعالج خطأه من حيث لا يشعر ..
كأن تقول : صحيح ..
وأنا معك أن الإنسان يفقد أعصابه غصباً عنه ..
وأثن عليه ..
ثم قل : ولكن .. ثم انسف كلامه إن كان خاطئاً ..


:: وجهة نظر ::
نبه على الخطأ .. ولا تلق محاضرة ..

العابره
22-2-2010, 07:18 AM
الموضوعـ الأربعــــــــون : إغـــــــراءاتــــــ ..
يقول الشيخـ :::: قرأت أن شاباً مسلماً في بريطانيـــــــا ..
اطلــــع علـــى قرأ إعـــلان لإحدى الشركاتــ
حول حاجتها إلى موظفينـــــ يعملونـــ في الحراساتـــــ ..
أقبل إلى اللجنــــة المختصـــــة بمقابلـــــة المتقدميــن ..
فإذا جمع كبيـــــــر من الشبابــــ .. ما بين مسلمينـــ وغير مسلمينــ ..
كلما خرج شخص من المقابلـــــــة سأله الواقفونــ ..
عـــن ماذا سألوكــ ؟ وبماذا أجبتـــ ؟
كانــ من أهمــ أسئلتهم : كم كأســــاً تشربـــ من الخمــــر يوميـــــاً ؟!
جاء دور صاحبنــــا .. فدخـــل .. وتتابعـــــت عليــه الأسئلـــة ..
حتى سألوه : كم تشـــــرب مـــــن الخمــــر ؟
فقال :أنا لا أشرب الخمـــــــر ..
قالوا : لماذا !! هل أنــــــت مريـــــــض ؟!
قال :لا .. لكني مســــــلم .. والخمــــــر حـــــرام ..
قالوا : يعني لا تشربها حتى في عطلـــــة آخــــر الأسبوع ؟!!
قال : لا ..
فنظـــر بعضهم إلى بعض متعجبينــ ..
فلما ظهـــــــرت النتائــــــــج .. فإذا اسمـــــــــه في أوائل المقبولينــ ..
بدأ عملــــــه معهم .. ومضــــــى عليه أشهـــــــــر ..
وفي يوم لقي أحد المسئوليــــــــن في تلكـــ المقابلــــــة ..
وسأله : لمــاذا كنتم تكـــررون سؤالـــي عن الخمـــر ؟!
فقال : لأن الوظيفــــــــة المطلوبة هي في الحراسات ..
وكلما توظف فيها شاب .. فوجئنا به يشرب الخمر ويسكر ..
فيضيع مكانه .. ويهجم على الشركة من يسرقها ..
فلما وجدناك لا تشرب الخمر عرفنا أننا وقعنا على مبتغانا ..فوظفناك هنا !!
ما أجمل الثبات على المبادئ وإن كثرت الإغراءاتـــ ..
المشكلة أننا نعيش في مجتمعاتـــ قلَّ أن تجد فيها من يتمسك مبادئه ..
يعيش من أجلها ويموت من أجلهــــــا ..
ويثبت على الالتزام بهــــــا .. وإن كثرت الإغراءاتــــ ..
إذا مشيت على الصحيــــــح .. والتزمت بالصـــــراط المستقيــــم ..
فأصحاب المبادئ الأخرى لن يتركوكـــ ..
فعدم قبولك للرشوة يغضب زملاءك المرتشيـــــن ..
وامتنعاك عن الزنا .. يغضب الفاعليـــــــــن !!
ذُكر أن عمر بن الخطاب رضيـ الله عنه .. كان يعِسّ ليلة من الليالي ..
يراقــب وينظــــر ..
فمر بأحــد البيوت في ظلمة الليل .. فسمـع فيه رجال سكارى ..
فكره أن يطرق عليهم الباب ليــــلاً .. وخشي أن يكون ظنــــه خاطئاً ..
وأراد أن يتثبــت من الأمــر ..
فتنـــــــاول كسرة فحم من على الأرض .. ووضع بها علامــــة على الباب ..
ومضى .. سمع صاحب الدار صوتاً عن الباب .. فخرج .. فرأى العلامـــة ..
ورأى ظهر عمر مولياً .. ففهم القصــــة ..
فكان الأصل أن يمسح العلامة وينتهي الأمــــر ..
لكنن الرجل لم يفعــــل ذلكــــ ..!!
وإنما أخذ كسرة الفحـــم وأقبل إلى بيوت جيرانــــه ..
وجعل يرسم على أبوابها علامـــــات !!
وكأنه يريد أن ينزل الناس إلى مستــواه .. ويكونون مثلـــه ..
ولا يريد أن يرتفع إلى مستواهـــــم ..!!
وفي المثل : ودت الزانية لو أن النســــاء كلهن زنين ..
من التجارب في حياتنا .. أن تجد زوجــــة كثيرة الكذب على زوجها ..
تربت على ذلك .. وتعودت عليه .. فإذا رأت من تنكـــر عليها ..
وتنصحها بالصدق .. حاولت أن تجرها إلى مستنقعـــها ..
فكررت عليها : الرجال ما يصلح معهم إلا كــذا ..
ما تمشي أمورك معه إلا بالكــــذب ..
فلا تزال بها حتى تتنازل عن مبادئــه وتتغير .. أو ربما تثبت .. ولعلها ..
وقل مثل ذلك في مسئول حسن الخلــق مع موظفيه ..
ويرى أن هذا مما يفيد العمل .. ويزرث الراحـــــة في قلوبهم .. ويزيد الإنتاج ..
فيلقاه مسئول سيء الخلق .. مبغوض من قِبَــــــل موظفيه ..
فيحسده .. ربما .. أو يريد أن يقنعه بأسلوب آخــــــــر في التعامل ..
فيقول له : لا تفعل كذا .. وافعل كذا .. ولا تبتســــم .. ولا ..
أو صاحب بقالة لا يبيع السجائر .. فيحـــول أن يقنعه ..
فكن بطــــــلاً واثبت على مبادئكـــ ..
وقل بأعلى صوتكــــ : لاااااا .. مهما أغروكــــ ..
وقديماً حاول الكفار مع رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
أن يتنـازل عن مبادئـه .. فقال الله له : ( ودوا لو تُدْهن فيدهنون ) ..
يعني أنهــم لا مبادئ عندهم أصلاً ليحافظوا عليها ..
وبالتالي لا مانـــــع عندهم من التنازل عن مبادئهم ..
فانتبه أن يغروكــ بتركــ مبادئكـ ..


:: قال تعالى ::
" فلا تطع المكذبين * ودوا لو تدهن فيدهنون "

العابره
22-2-2010, 07:20 AM
الموضوعـ الحادي و الأربعــــــــون : أشعرهم أنك تحب الخير لهم ..
يقول الشيخـ :::: كلما كان قلبك مملوءاً بالمحبــــة والنصح للآخريـــن ..
كلما صـــرت صادقـــــاً في مهاراتكــ في التعامــل معهــــمـ ..
وكلما أحـس الناس بحبك لهم .. ازدادوا هم أيضاً لك محبـــة وقبـولاً ..
كانت إحدى الطبيبات تمتلئ عيادتها الخاصة دائماً بالمراجِعات ..
وكانت المريضات يرغبن في المجيء إليها دائماً وكل واحدة تشعر أنها صديقة خاصة لهذه الطبيبة..
و كانت هذه الطبيبة تمارس مهارات متعددة تسحر بها قلــوب الآخريـــــنـ ..
من ذلك .. أنها اتفقت مع السكرتيرة أنها إذا اتصلت إحدى المريضات تــــــــــــريد ..
أن تتحدث مع الطبيبة أو تسألها عن شيء يخص المرض فإن السكرتيرة تسألها عن اسمها ..
وترحب بهــا .. ثم تطلب منها التكرم بالاتصال بعد خمـس دقائـــق ..
ثم تأخذ السكرتيرة الملف الخاص بهذه المريضة .. وتناوله للطبيبة ..
فتقرأ الطبيبة معلومات المرض .. وتنظر إلى بطاقتها الخاصة ..
ومعلوماتها الكاملة بما فيها وظيفتها وأسماء أولادها ..
فإذا اتصلت المريضة .. رحبت بها الطبيبة .. وسألتها عن مرضها .. وعن فلان ولدها الصغير ..
وأخبار وظيفتها .. و .. فتشعر المريضة أن هذه الطبيبة تحبها جداً لدرجة..
أنها تحفظ أسماء أولادها وتتذكر مرضها .. ولم تنس مكان عملها ..
فترغب في المجيء إليها دائمــــاً ..
أرأيت أن امتلاكـ القلوب وأسرها سهـــل جداً ..
ولا بأس أن تعبر عن محبتك للآخرين بكل صراحة .. سواء كانوا أباً أو أماً ..
أو زوجة أو أبناء .. أو زملاء وجيران .. لا تكتم مشاعرك نحوهم ..
قل لمن تحبه : أنا أحبك .. أنت غالٍ إلى قلبي ..
حتى لو كان عاصياً قل له : إنك أحب إلي من أناس كثيييير ..
ولم تكذب فهو أحب إليك من ملايين اليهود .. أليس كذلك ..كن ذكيـــاً ..
أذكر أني ذهبت مرة لأداء العمرة .. وكنت خلال طوافي وسعيي أدعو للمسلمين جميعاً ..
بالحفظ والنصر والتمكين .. وربما قلت : اللهم اغفر لي واغفر لأحبابي وأصحابي ..
وبعد انتهائي من شعائرهـــا .. حمدت الله على التيسيــــر ..
ثم اكتريت فندقاً لأبيت فيه .. فلما وضعت رأسي على وسادتي ..
كتبت رسالة عبر الهاتف الجــــــوال أقول فيهــا :
"الآن أنهيت العمرة وتذكرت أحبابي وأنت منهم فلم أنسك من الدعاء الله يحفظك ويوفقك " ..
انتهت الرسالة .. أرسلتها إلى الأسماء المخزنة في ذاكرة الهاتف .. كانت خمسمائة اسم ..
لم أكن أتصور التأثير العجيب لهذه الرسالـــة في قلوب الآخريـــــن ..
منهم من أرسل إليّ : والله إني أبكي وأنا أقرأ رسالتك .. أشكرك أنك ذكرتني بدعائك ..
وآخر كتب : والله يا أبا عبد الرحمن ما أدري بم أرد عليك ! ولكن جزاك الله خيــراً ..
والثالث كتب : أسأل الله أن يستجيب دعاءكــ .. ونحن والله لا ننساكــ ..
نحن في الحقيقة نحتاج بين الفينة والأخرى أن نُذَكّر الناس بأننا نحبهــم ..
وأن كثرة مشاغل الدنيا لم تنسنا إياهم .. ولا بأس أن يكون ذلك بمثل هذه الرسائــــــل ..
يمكن أن تكتب إلى أحبابك : دعوت لكم بين الأذان والإقامة .. أو في ساعة الجمعة الأخيرة ..
وإذا كانت نيتك صالحة فلن يكون في هذا إظهار للعمل أو رياء ..
وإنما زيادة ألفة ومحبة بين المسلمين ..
أذكر أني ألقيت محاضرة في مخيم دعوي صيفي في مدينة الطايــــــف ..
في جبال الشفـــاء وهي متنزه يجتمع فيه أعــــداد كبيرة من الشبــاب ..
كان أكثر الحاضرين هم من الشباب الذين يظهر عليهم الخير والصلاح ..
أما الشباب الآخرون فقد بقوا في أطراف المتنزهات ما بين لهو وطرب ..انتهت المحاضــــرة ..
أقبل جمع من الشباب يسلمون ..
كان من بينهم شاب له قصة شعر غريبة ويلبس بنطال جينز ضيق ..
أقبل يصافح ويشكـــر .. فسلمت عليه بحــرارة ..
وشكرته على حضوره وهززت يده وقلت : وجهك وجه داعية .. تبسم وانصرف ..
بعدها بأسبوعين تفاجأت باتصال يقول : هاه ما عرفتني ..
يا شيخ أنا الذي قلت لي وجهك وجه داعية .. والله لأصبحن داعية إن شاء الله ..
ثم صار يشرح لي مشاعره بعد تلك الكلمات ..
أرأيت كيف يتأثر الناس بصدق العبارة .. والمحبـــة ..!
أما رسول الله صلى الله عليه وسلمـ فقد كان ياسر قلوب الناس بروعة أخلاقه ..
وقدرته على إظهار محبته الصادقة لهم .. كان أبو بكر وعمر .. أجلّ الصحابة ..
وكانا يتنافسان في الخير دوماً ..
وكان أبو بكر يسبق غالباً .. فإن بكر عمر للصلاة وجد أبا بكر سبقه ..
وإن أطعم مسكيناً وجد أبا بكر سبقه .. وإن صلى ليلة .. وجد ابا بكر قبلـــه ..
وفي يوم أمر النبيـ صلى الله عليه وسلمـ الناس بالصدقة لسد حاجة نازلة نزلت
بالمسلمين .. وافق ذلك الوقت أن عمر عنده سعة من المال ..
فقال : اليوم أسبق أبا بكـــــر .. إن سبقته يوماً ذهب عمر فجاء بنصف ماله ..
فدفعه إلى رســول الله صلى الله عليه وسلمـ فما أول كلمة قالها صلى الله عليه وسلمـ ..
لعمر لما رأى المـــال ؟
هل سأله عن مقدار المال ؟ أم سأله عن نوعه ذهب أم فضـة ؟
لا .. بل لما رأى صلى الله عليه وسلمـ كثرة المال ..
تكلم بكلمات يستنتج منها عمر أنه محبوب عند رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
قال لعمر : ( ما أبقيت لأهلك يا عمر ؟ ) ..
قال عمر :يا رسول الله .. أبقيت لهم مثله " ..
ويجلس عمر عند رسول الله صلى الله عليه وسلمـ منتشياً .. ينتظر أبا بكر ..
فيأتي أبو بكر رضيـ الله عنه بمالٍ كثير فيدفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
وعمر واقف مكانـــــه ..
يرى العطــــــاء ويسمع الحـــــــوار ..
فإذا بالنبيـ صلى الله عليه وسلمـ قبل أن يلتفت إلى ما يحتاجه من مــــــال ..
يسأل أبا بكر : ( يا أبا بكر .. ما أبقيت لأهلكــ ؟ ) ..
نعم فهو يحب أبا بكر .. ويحب أهله .. ولا يرضى بالضرر عليــــه ..
قال أبو بكر :يا رسول الله .. أبقيت لهم الله ورسوله .. أما المال فقد أتيت به جميعــــــاً ..
لم يأت بنصفه .. ولا بربعه .. وإنما أتى به كلـــه ..
فما كان من عمر رضيـ الله عنه إلا أن قال :" لا جرَم .. لا سابقت أبا بكر أبداً " ..
كان الناس يشعرون أنه صلى الله عليه وسلمـ يحبهم ..
فكانوا يهيمون به حباً .. صلى بهم صلى الله عليه وسلمـ إحدى الصلوات ..
فكأنه عجل بصلاته قليلاً حتى بدت أقصر من مثيلاتهـــــا ..
فلما انقضت الصلاة .. رأى صلى الله عليه وسلمـ تعجب أصحابـــــه ..
فقال لهم : لعلكــم عجبتم من تخفيفي للصــــلاة ؟
قالوا : نعم ! ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ : إني سمعت بكاء صبي فرحمت أمـــــه ..!!
أرأيت كيف يحب الآخرين .. ويظهر لهم هذه المحبة من خلال تعاملــــه ..


:: لست وحدك ::
أظهر عواطفك .. كن صريحاً : أنا أحبك .. فرحت بلقياك .. أنت غال إلى قلبي ..

العابره
22-2-2010, 07:22 AM
الموضوعـ الثاني و الأربعــــــــون : الرصيد العاطفي
يقول الشيخـ :::: تصورات النـــــاس عنا نحـــن الذينـ نصنعها ..
فلو لقيكـــــ شخص في الســـوق فعبــس في وجهكــ ..
ثم لقيكــ في بقالــة .. فعبس في وجهكـ أيضاً ..
ثم صادفتــــــه في عرس .. فلقيكــــ عابساً ..
لرسمت عنـــــه صورة قاتمـــة في مخيلتكــ ..
فإذا رأيت صورتــه أو سمعــــت اسمه في مكـــان تبادر إلى ذهنك ذاك الوجه العابــــس ..
ولو لقيكــــ شخـــــص بابتسامة في موقـــف .. ثم ابتســـم في لقاء آخر ..
وثالث .. لانطبع في ذهنك عنه صورة مشرقـــة ..
هذا فيمن لا يكون بينك وبينه علاقة دائمة وإنما هي لقاءات عابرة ..
أما الأشخاص الذي نلقاهم دائماً كزوجــــــة وأولاد .. وزمـــــــــلاء في مكتب ..
وجيران في حارة .. فإن تعامـــلنا معهم لن يكـــون بأســلوب واحــــد دائماً ..
نعم هم سيروننا ضاحكين لطيفيــــن .. لكنهم حتماً سيروننا تارة غاضبيـــن ..
وتارة عابسين .. أو مخاصمين .. أو شاتمين .. لأننا بشـــــر ..
وبالتالي فإن محبتهم لنا تتحدد على حسب طغيــــان حسناتنا عندهم أو سيئاتنـــا ..
أو قـــــــل بعبارة أخرى : تتحدد محبتهم لنا بحســـب..
مقدار الرصيــــد العاطفي الذي في حسابنــــا عندهم .. كـــيــــف ؟!
عندما يقع لك موقف جميل مع إنسان فإنك تضيف إلى سجل ذكرياته ذكـــــرى جميلة عنك ..
أو بعبارة أخرى تفتح لك في قلبه حساباً تودع فيه محبة لك واحتـــراماً ..
ثم تتولى بعد ذلك زيادة رصيدك العاطفي أو السحب منـــــــــه ..
فكل ابتســــــامة تقابله بها .. تزيد من رصيدك العاطفي عنــــده ..
وكل هديــــة .. تزيد رصيدكـــ العاطفي ..
وكل مجاملـــــــة .. تزيد رصيدكـــــ العاطفي ..
وكل إهانة تقع منـــك له .. أو مسبة .. أو شتم .. فإنك تسحــــب من رصيدكــ العاطفي ..
وبالتالي إذا كان رصيدكــــ العاطفي عنده كثيــــــراً ..
ووقعت يوماً ما في موقـــــف أغاظه فسحبت من رصيدكــــ العاطفي مقداراً معيناً ..
فإن هذا لن يؤثر كثيراً لأن رصيدك العاطفي عنده كثيـــــر ..
وإذا الحبيب أتى بذنب واحد *** جاءت محاسنه بألف شفيع
أما إن لم يكـــــن عنده لكــ رصيد عاطفي وجعلـــــــت تسحب من الرصيد
وليس فيه شيء أصلاً .. فإن حسابكـــ عنده سيكـــون بالناقــــــص !!
وبالتالي قد يقع في قلبـــــــه لك كره .. أو استثقال ..
لأنك تسحب من رصيدكــــ العاطفي ولا تـــــودع ..
ألم تسمع يوماً عن زوجــــــة طلقــــــــها زوجها ..
فإذا سئلت عن سبب الطلاق قالت : السبــــب تافه ..
طلب مني الذهاب معه لزيارة أخته فرفضـــــــت ..
فغضـب وجعل يسبني ويشتمني ثم طلقنـي !!
ولو تأملـــــت بذكاء في سبــــب الطلاق ..
لما وجدت السبـــب هو هذا الموقــــف التافه ..
وإنما هذا الموقف هو القشة التي قصمـــــت ظهر البعيــــــر ..
فقد ذُكر أن رجلاً كان له جمل جلــــد قوي .. فأراد سفـــراً ..
فجعل يحمل متاعه عليه .. ويربطـــه على ظهره .. والجمل متماسكـــ ..
حتى كوم على ظهره ما يحمله أربعــــــــة جمال ..
فبدأ البعير يهتز من ثقل الحمل والنـــاس يصيحــــون بالرجـــل : يكفي ما حملت عليه ..
فأخذ حزمة من تبن وقال : هذه خفيفـــة وهي آخر المتـــاع ..
فلما طرحها على ظهره سقط البعيـــــر على الأرض .. فقيــــل : قشـة قصمت ظهر بعير !!
ولو تفكرت لرأيت أن القشة مظلومة فليست هي التي قصمت ظهر البعيــــر ..
وإنما انقصم ظهر البعير بسبب تراكمات كبار صبــر البعير على أولها .. وصبر .. وصبر ..
حتى لم يطق صبـــــــراً .. فانقصم ظهره بشيء صغيـــــر ..
وهكذا المرأة التي طلقـــها زوجـــــها ..
أجزم أن السبـــب ليــــس هو تركـــها زيـــارة أختــــــه فحســـــب ..
وإنما تراكمات قبله .. من عصيان لطلباته .. عدم تحقيق لرغباته .. عدم تحببها إليــــه ..
تكبرها عليـــه .. عدم احترام رأيــــه ..
فهي تسحـــب دوماً من رصيــــدها العاطفي عنده دون أن تـــــتودع فيه شيئاً ..
وتجـــــــــــرح ولا تـــــــــــــداوي ..
وهو يحتمل ويحتمل .. حتـــى جاء هذا الموقــــف فقصــــم ظهر البعيـــــــر ..
ولو أنها اعتنت بكثرة الإيداع في رصيدها العاطفي .. من حسن لقــــــــاء له ..
وتغنج ودلال .. وتحبـــــب إليه .. وممازحـــة وخفــــــة ظل .. وعنايــــــة بطعامه ولباسه ..
واحترام لرأيه .. لصار رصيدها العاطفي كبيراً .. وملكت مليارات في قلبــــــه ..
وبالتالي لن يضر لو وقع موقــــف سحبت به من رصيدها العاطفي ..
وقل مثل ذلك في الطالب المشــــــاكس الذي يقع منه موقف صغير فيغضب المدرس غضباً..
شديداً .. وقد يضربه ويطرده من الفصـــل .. و ..
ثم يقول الطالب أنا ما فعلت شيئاً هي مجـــرد نكتة أطلقتــها من غير استئذان ..
ولا ينتبه إلى أن هذه النكتة هي القشة التي قصمت ظهر البعيــر ..
قل مثلـــــــــه في زملاء تخاصمـــوا .. أو جيـــران تنازعوا ..
إذن .. نحـــن نحتاج دائماً إلى نــــودع في قلب كل واحـــد نلقاه رصيداً عاطفياً ..
الزوج يتحين الفرص ليودع في قلـــب زوجتــه ..
ويسجل نقاطاً أكثر وأكثـــــر ..
والزوجة تحتاج أيضــــــاً ..
والولد يحتاج أن يودع في قلـــــب والده ..
والمدرس مع طلابه ..والأخ مع أخيـــــه ..
بل حتى المديرمع من هم تحت إدارتـــه .. يحتاج إلى ذلكـــ ..


:: باختصار ::
وإذا الحبيب أتى بذنب واحد .. جاءت محاسنه بألف شفيع

العابره
22-2-2010, 07:24 AM
الموضوعـ الثالث و الأربعــــــــون : لا تتكلف ما لا تطيق !!
يقول الشيخـ :::: كان صاحبي من خيار النـــــاس .. خلقاً .. وديناً .. وعقلاً ..
كان إمام مسجـــــد بجانب بيتـــــــه ..
لكني كنت أسمع ذمه على ألسنة أنـــــــاس كثيرينــ ..
كنت أتعجــــــب من ذلك .. ولا أجد له جوابـــــــــاً ..
حتى جاءني يومــــــــاً جاره .. قال : يا شيخ .. صاحبكـــ .. لا يصلي بنا .. ولا معنـــــــا !!
قلت : لــــــم ؟!!
قال : لا أدري .. لكنـــــه هو الإمـــــام .. ومع ذلكــ يغيب كثييييراً عن المسجــد ..
فجعلت ألتمس له الأعذار .. فقلت :لعله مشغول بأمر ضروري .. لعله غير موجود بالبيت ..
قال : يا شييييخ .. سيارته واقفة عند الباب .. وأنا متأكد أنه في بيته ..
جعلت أتقصى السبب لنصح صاحبي ..
حتى وجـــــــدت السبب ..
الرجل بحكم إمامته للمسجد .. يأتي إليه الناس ويلتمسون منه الإعانة في حاجاتهمـ ..
هذا عليه دين يريد أن يبحث له عمن يســـدده ..
وهذا متخرج من الثانويـــــــة ويريد شفاعـــــــة لدخول الجامعـــــــة ..
وهذا مريض يريد إعانته على دخول المستشفى الفـــلاني ..
وهذا عنده بنــــــــات كبار ويريد لهــــــــن أزواجـ ..
وهذا عليه أيجـــــــــار لبيته لم يســــــــدده ..
وهذا أعطاه ورقة استفتــــــــاء في طلاق ليذهـــب بها للمفـــــتي العـــــام ..
وهو رجل عادي ليس له قدرات كبيرة ولا علاقات الواسعة .. ولا وجاهة متميّزة ..
وكان المسكين يغلبه الحياء والخجل من كل أحد .. فلا يقدر أن يعتذر من أحد أبداً ..
بل يأخذ معروض هذا ويعده بسداد دينه ..
ويكتب رقم هاتف الثاني .. ويعده أن يقبـــــل في الجامعة ..
ويقول للثالث : تعال بعد يومين وتجد ورقة دخــــول المستشفى جاهزة ..
فيأتونه على المـــوعد .. ويعتذر .. ويعطيهم مواعيد أخرى ..
حتى صار يتهرب منهــم .. ولا يرد على هاتفــه .. بل وأحياناً لا يخرج من بيتـــه ..!!
وصار من يلقاه منهم .. إن وجده .. يسبه ويصرخ به ..
ويردد : طيــب لماذا تعدنـي .. لماذا تجعلني أبنــي الآمــال عليكــ ..
والثاني يقول : لم أكلـــم إلا أنت .. وتركـــت غيركــــ لما وعدتنــــــي ..
لما عرفت حاله .. أيقنت أنه حفر لنفسه حفـــرة .. ثم تردى فيـــــها ..
سمعته مرة يعتذر من أحدهم .. ويقول : آسف .. لم أستطع أن أفعل شيئاً في موضوعك ..
وذاك يقول بكل قوة : طيب أنـــت ضيعــت الوقت عليَّ .. ليتك أخبرتني من قبـــل ..
تذكرت عندها قول الحكيم : الاعتذار في البداية خير من الاعتذار في النهاية ..
ما أجمل أن يعرف المرء قدراته .. ويتحركـــ في حدود الدائرة المرسومة حوله ..
ولقد جربت ذلك بنفسي ..
أذكر أني ألقيت محاضرة في أحد المجمعــــات العسكرية بالرياض ..
وبعدها جاءني أحدهم وقال : يا شيخ أريدك في موضـــوع ضروري جداً ..
قلت : تفضل .. ما هـــــــو ؟
قال : لا .. ما يصلح أن أذكــــــــره الآن .. لا بدّ أن أقابلك في وقت واسع ..
جعل يُعَظّم حجم الموضوع وأنا أستــمع له بلطف ..
لكني قد علمتني الحياة أن أكثر الناس يعطون الأمور أكبر من حجمها ..
وصاحـــــب الحاجة مجنون بها حتى تقضى ..
قال لي : أظن لك محاضرة غداً في مدينة كذا .. وهي مدينة على بعد 200كم من الرياض ..
قلت : صحيــــــح ..
قال : سآتي إليك هناكــ .. وأقابلك بعد المحاضرة ..تعجبت من حرصه ..
وفعلاً .. خرجت بعد المحاضــرة فخرج الرجل وراءي مسعاً حافي القدمين ..
يحمل ورقة صغيرة في يـــــده ..
وقفت معه جانباً .. قلت : تفضــــل .. شكر الله حرصكـ .. ما حاجتكـ ؟
قال : يا شيخ .. عندي أخ يحمل الشهادة الابتدائية .. وأريدك أن تدبر له وظيفـــة ..
قلت : بس ؟!! .. قال : بس ؟!!
كان الرجل متحمساً .. ومنظره يثير الشفقة .. ويبدو أن أخاه يمر بظروف صعبة فعلاً ..
أيقنت أني لو وعدته سأخلف .. فنحن في زمن لا يكاد حامل البكالوريوس أن يجد وظيفة ..
فضلاً عن حامل الابتدائية .. وأنا أعرف حدود قــــدراتي ..
قلت : يا أخي .. والله أتمنى أن أساعدك .. وأخوكــ أخي .. وأنا أتألم له كما تتألم ..
لكني لا أستطيع مساعدتك أبداً .. أتمنى أن تتكـــرم عليَّ وتعفيني ..
قال : يا شيخ .. حاول .. قلت : لاااا أقدر ..
فناولني الورقة التي في يده .. وقال : طيب .. يا شيخ خذ هذه الورقة فيها أرقام هواتفنا ..
إذا وجدت له وظيفة فاتصل بنــــا ..
أدركت أنه يريد أن يربطني بحبل أمــــل .. وسيظل ينتظر الاتصال ..
فقلت : بل دع الورقة معك .. وخذ رقمي أنـــــــت .. وإن وجدت له وظيفة فاتصل بي ..
لعلي أن أكتب لك شفاعـــــة للمسئول فيهـــــا ..
سكت الرجل قليلاً .. انتظرت أن يودعنـي ..
لكني تفاجأت أنه قال لي : بيض الله وجهكـــ .. والله يا شيخ ..
سبق أن كلمت الأمير فلان في موضوع أخي منذ سنة فأخذ الورقة ولم يتصل بي إلى الآن
ومرة كلمت اللواء فلان .. فأخذ الورقة أيضاً .. ولم يتصل ولم يهتم ..
هؤلاء أناس ما يهتمون بالضعفاء .. الله ينتقم منهم .. الله .. وبدأ يدعو عليهم ..
فقلت في نفسي .. الحمد لله .. لو أخذت الورقة لصــــرت ثالثهم ..
نعم .. الاعتذار في البداية خير من إخلاف الوعد ..
ما أجمل أن نكون صرحاء مع الآخرين .. عارفين لحدود قدراتنـــا ..
أحياناً عند خروجك من البيت .. تصرخ بك زوجتك ..
أحضر معك حليباً .. وسكراً .. وحفائظ .. وعشاء ..
فانتبه .. لا تردد : طيب .. طيب .. وإنما اصرخ بها أنت أيضاً وقل :
مااااااا أقدر .. !! فهي خير من الاعتذار عند العودة .. ضاق وقتي ..
أقفلت المحلات .. نسيت ..
وكذلك مع زملائك .. وإخوانك .. أرجو أن تكون الفكرة وصلت ..



:: تجربة ::
الاعتذار في البداية .. خير من الاعتذار في النهاية ..

العابره
25-2-2010, 06:48 AM
الموضوعـ الرابع و الأربعــــــــون : انظر بعينين ..
يقول الشيخـ ::::نحن نبدع في أحيان كثيرة في رؤية أخطاء الناسـ ..
وملاحظتهــا .. وربما في تنبيههم عليهــا ..
ولكننا قلما نبدع في رؤية الخير الذي عندهــم ..
والانتباه إلى الصواب الذي يمارسونه .. لنمدحهم بــه ..
قل ذلك في المـــــدرس مع طلابــه ..
فكل المدرسين يذمون الطالب البليد المهمــل في واجباتــه ..
الكسول المتأخر في الحضور دائماً .. لكن قليلاً منهم من يمدح الطالــب المجــد ..
الذي يحضر مبكراً وخطه حســن وكلامه جيـــد ..
كثيراً ما ننبه أولادنا إلى أخطائهـم .. لكنهم يحسنون ولا ننتبـه إلا قليلاً ..
مما يجعلنا أحياناً نفوت فرصاً كثيرة كنا من خلالها نستطيع أن ننفذ إلى قلـوب الناس ..
فمن أبدع مهارات الكــلام .. أن تمتدح الخير الذي عند النـــاسـ ..
كان قوم أبي موسى الأشعـري رضيـ الله عنه لهم اهتمام بتلاوة القرآن وحفظــه ..
وربما فاقوا كثيراً من الصحابة في كثرة تلاوته وتحسين الصوت بــه ..
فرافقوا النبي صلى الله عليه وسلمـ يوماً في سفـــر ..
فلما أصبح النــاس .. واجتمعوا قال عليه الصــلاة والسلامـ :
إني لأعرف أصــوات رفقة الأشعرييـــن بالقرآن حين يدخلون بالليـل ..
وأعرف منازلهم .. من أصواتهم بالقرآن بالليــل ..
وإن كنت لم أر منازلهم حين نزلوا بالنهـــار ..
فكأنك بألشعريين وهم يستمعون هذا لاثناء أمام الناس ..
يتوقدون حرصاً بعدها على الخير ..
وفي ذات صبـــاح .. لقي النبي صلى الله عليه وسلمـ ..
أبا موسى .. فقال لـــه :
لو رأيتني البارحة وأنا أستمع لقراءتك .. لقد أوتيت من مزاميــــر آل داود ..
فقال أبو موسى : لو علمت أنك تستمع لقراءتي .. لحبرتها لك تحبيــــراً ..
وكان عمرو بن تغلب رضيـ الله عنه رجلاً من عامــــة الصحابــــة ..
لم يتميز بعلم كما تميز أبو بكر .. ولا بشجاعة كما تميز عمــر ..
ولا بقـــوة حفظ كأبي هريرة .. لكن قلبه كان مملوءاً إيمــاناً ..
وكـان صلى الله عليه وسلمـ يلحظ ذلكــ فيــه ..
فبينما النبــي صلى الله عليه وسلمـ جالسـاً يومـــاً ..
إذ جيء إليـه بمال فجعل يقسمــه بين بعض أصحابـــه ..
فأعطى رجـــالاً .. وترك رجـالاً ..
فكأن الذين تركهــم وجدوا في أنفسهـــم .. وعتبوا .. لماذا لم يعطنـــــا ..
فلما علم صلى الله عليه وسلمـ بذلك .. قام أمام الناس ..
فحمد الله تعالى ثم أثنى عليه .. ثم قـــال :
أما بعد .. فــوالله إني لأعطي الرجـــل .. وأدع الرجـــل ..
والذي أدع أحبُّ إلــيَّ من الذي أُعطـــي ..
ولكني أعطي أقواماً لما أرى في قلوبهـــم من الجــزع والهلـع ..
وأَكِلُ أقواماً إلى ما جعل الله في قلوبهم من الخيــر .. منهم : عمرو بن تغلب ..
فلما سمع عمرو بن تغلب هذا الثنـــاء على الملأ .. طار فرحــاً ..
وكان يحدث بهذا الحديث بعدهـــا ..
ويقول : فو الله ما أحب أن لي بكلمة رســول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
حمــر النعــــمـ ..
وفي يــوم آخــر ..
أقبـــل أبو هريرة رضيـ الله عنه.. فسأل النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
قائلاً : من أســـعد الناس بشفاعتكـــ يـوم القيامـة ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ .. مشجعاً ..
لقد كنت أظن أن لا أحد يسـأل عن هذا قبلكــ ..
لما رأيت من حرصـــكـــ على العلـــم ..
أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامـة .. من قال : لا إله إلا الله خالصاً من قلبه ..
وسلمان الفارسي .. كان مـن خيار الصحابــــة ..
لم يكن من العرب .. بل كان ابناً لأحد كبـار فـارسـ ..
وكان أبوه يحبه ويقربه .. لدرجة أنه كان يحبسه في البيت خوفاً عليــه ..
أدخل الله الإيمـــان في قلب سلمــان رضيـ الله عنه ..
خرج من بيت أبيـته .. سافر إلى الشام باحثاً عن الحـــــق ..
احتال بعض الناس عليه وباعوه إلى يهـودي على أنه عبد مملوكــــ ..
وحصلت له قصة طوييييلة .. حتى وصل إلى رسـول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فكـــان النبي صلى الله عليه وسلمـ يقــدر له ذلكــــ ..
فبينما كان صلى الله عليه وسلمـ جالسـاً بين أصحابه يومـاً ..
إذا أنزلت عليه سورة الجمعـــــة ..
فجعل صلى الله عليه وسلمـ يقرؤها على أصحابـه .. وهم يستمعــونـ ..
وهو يقرأ :"هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ
وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ "..
فلما قرأ :"وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّايَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " ..
قال رجل من الصحابة : من هؤلاء يا رســــول الله ؟
فسكت النبي صلى الله عليه وسلمـ ..
فأعاد الرجل السؤال .. من هؤلاء يا رســــــول الله ؟
فلم يرد عليه ..
فأعاد .. من هؤلاء يا رســــول الله ؟
فلتفت النبيـ صلى الله عليه وسلمـ إلى سلمـان ..
ثم وضع يده عليـه ..
وقال : لو كان الإيمان عنـد الثريا .. لناله رجال من هـؤلاء ..


:: وجهة نظر::
تفاءل وأحسن الظن بالناس .. وشجعهم .. لينطلقوا أكثر

العابره
25-2-2010, 06:50 AM
الموضوعـ الخامس و الأربعــــــــون : فن الاستماع ..
يقول الشيخـ ::::مهارات جذب الناس وكسب قلوبهــــمـ ..
بعضها يكون بفعل الشــــيء ..
وبعضها يكون بتركه ..فالابتسامة تجذب ..
كما أن ترك العبوس يجذبــــهم ..
والأحاديث الجميلة والنكات واللطائف تجذب الناس ..
كما أن الاستماع إليـــــهم والتفاعل مع أحاديثهم ..
يجذبهم .. فما رأيك أن أتكلم معك هنا عن : الهدووووء الجــــــذاب !!
نعم .. بعض الناس لا يتكلم كثيراً .. ولا تكاد تسمع صوته في المجالس والمتجمعات ..
بل لو راقبته في جلسة أو نزهة .. لرأيته لا يتحرك منه إلا رأسه وعيناه ..
نعم قد يتحركـــــ فمه أحياناً بالتبســـــــم .. لا بالكـــــــلام !!
ومع ذلك يحبه النــــــاس .. ويأنسون بمجالستـــــــــــه ..
تـــــــــدري لمـــــــاذا ؟!
لأنه يمارس الهدووووء الجذااااب ..
فن الاستماع له مهـــارات متعــددة ..
بل حدثني أحد المهتمين أنه حضر أكثر من خمس عشرة ..
دورة تدريبية في مهارات الاستماع ..
قارن بين اثنين :
رجل إذا تكلمــــت بين يديه بقصة وقعت لكـــــ ..
قاطعكـــــ في أولــــها .. وقال : وأنا أيضاً وقــــع لي شيء مشابه ..
فتقول : له اصبـــر حتى أكمــــل ..
فيسكت قليلاً .. فإذا انسجمـــــت في قصتكــــ ..
قاطعك قائلاً : صحيح .. صحيح .. نفس القصة التي وقعت لي ..
وهو أنني ذات مرة ذهبت ..
فتقول له : أخي انتظر .. فيسكت ..
ثم ما يصبر فيقاطعك قائلاً : عجل .. عجل .. هذا الأول .. الثاني ..
كان وأنت تتحدث معه أو معهــــم .. يتلفت يميــــــناً ويســــاراً ..
وقد يخرج جهاز هاتفه من جيبه .. ويكتب رســــالة أو يقرأ شيئاً مـــــن الرســـائل ..
أو من يدري لعله يلعب بالألعـــــاب الالكتــــرونية الموجودة فيـــــه !!
أما الثالث .. فيملك مهارات الاستماع .. تجد أنك تتحدث وقد ركز عينيه برفق ينظر إليك ..
وتشعر بمتابعته .. فهو تارة يهز رأسه موافقاً .. وتارة يتبســــــم ..
وتارة يضمّ شفتيه متعجباً .. وربما ردد : عجيب .. سبحـــــــــان الله ..
أي هؤلاء ستكون راغباً دائماً في مجالسته .. وتفرح بزيارتــــــــه ..
وتنبلج أساريرك في الحديث معه ..؟ .. لا أشك أنه الأخيــــــــر ..
إذن جذب قلوب الناس .. لا يكون فقط بإسماعهم ما يحبون ..
بل وبالاستماع منهم لما يحبون ..
أذكر أن أحد الدعاة البارزين ممن أوتي منطقاً ولساناً ..
كان يتنقل متحدثاً دائماً ..
ما بين منبر جمعة .. وكرسي فتوى .. ومحاضرة في جامعة ..
فهو دائماً يتكلم .. ويتكلم .. ويتكلم ..
وكان الناس يرونه على المنابر والقنوات الفضائية ..
ويحبونه ويرغبون في استماع حديثه .. إلا زوجته .. فهو معها في البيت دائماً ..
ولا يكاد يستمع منها حديثاً أو قصة .. بل على عادته يتكلـــم .. ويتكلــم ..
كانت كثيرة التذمر منه دون أن ينتبه إلى سبــــب ذلكــ ..
كان كل الناس يكرمونه ويمدحــــونه إلا هي ..
فقرر أن يصطحبها معه يوماً إلى إحدى محاضراته لترى ما لم تر ..
قال لها يوماً : ترافقيني ؟
قالت : إلى أين ؟ قال : محاضرة لأحد الدعاة .. نستفيد منها ..
ركبت معه في سيارته .. مشيا .. وقفا عند المسجد ..
كانت الجماهير غفيرة .. كلهم جاؤوا يستمعون إلى هذا المحاضر الفذ ..
دخلت هي إلى قسم النساء .. ودخل هو وسط جمهرة الناس ..
واعتلى الكرسي وبدأ محاضرته ..كان الناس ينصتون معجبين ..
حتى زوجته يبدو أنها كانت معجبة ..! انتهت المحاضرة ..
خرج إلى سيارته وسط نشوة النجاح .. وأقبلت زوجته وركبت السيارة بجانبه ..
.لم يدع لها فرصة .. بدأ يتكلم فوراً عن زحمة الناس .. وجمال المسجد ..
و .. ثم سألها : ما رأيك في المحاضــــرة ؟
فقالت : كانت جميلة ومؤثرة ..ولكن من المحاضــــر ؟
قال : عجباً لم تعرفي صوته .. قالت : مع زحمة الناس ..
وضعف سماعات الصوت لم أنتبه كثيراً ..فقال .. منتشياً .. : أنا .. أنا المحاضــــر ..
فقالت : آآآ .. وأنا أقول في نفسي طوال جلوسي : ما أكثر كلامــــه ..
إذن .. الاستمــــاع إلى الناس فن ومهـــــارة ..
بعض الناس ينسى أن الله جعـــل لك فماً واحداً وأذنين .. ليستمع أكثر مما تكلم ..
وأظنه لو استطاع لقلب المعادلة .. من شدة محبتــــــه للحديث ..
فعود نفسك على الإنصات .. حتى لو كان لك على الكلام ملاحظـــة ..
في أوائل بعثة النبي صلى الله عليه وسلمـ .. كان عدد المسلمين قليلاً ..
وكان الكفار يكذبونه ونفرون الناس عنه ..
ويشيعون أنه صلى الله عليه وسلمـ كاهن وكذاب ..
وربما أشاعوا أنه مجنون أو ساحر ..
في يوم من الأيام قدم إلى مكة رجل اسمه ضماد ..
وهو حكيم له علم بالطب والعلاج .. يعالج المجنون والمسحور ..
فلما خالط الناس سمع سفهاء الكفار ..
يقولون عن رسول الله صلى الله عليه وسلمـ : جاء المجنون ورأينا المجنون ..
فقال ضماد : أين هذا الرجل ؟ لعل الله أن يشفيه على يدي ؟
فدله الناس على رسول الله .. صلى الله عليه وسلمـ فلما لقيه ..
قال ضماد : يا محمد .. إني أرقى من هذه الرياح ..
وإن الله يشفي على يدي من شاء ..
فهلم أعالجك .. وجعل يتكلم عن علاجه وقدراته ..
والنبيـ صلى الله عليه وسلمـ ينصت إليه .. وذاك يتكلم ..
والنبيـ صلى الله عليه وسلمـ ينصت ..
أتدري ينصت إلى ماذا ؟ ينصت إلى كلام رجل كافر ..
جاء ليعالجه من مرض الجنون !!
آآآه ما أحكمه صلى الله عليه وسلمـ ..
حتى إذا انتهى ضماد من كلامــه ..
قال صلى الله عليه وسلمـ بكل هدوووء : إن الحمد لله ..
نحمده ونستعينه .. من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ..
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ..
فانتفض ضماد وقـــــال : أعد علي كلماتكـ هؤلاء ..
فأعادها صلى الله عليه وسلمـ عليــــه ..
فقال ضماد : والله لقد سمعت قول الكهنة ، وقول السحرة ، وقول الشعراء ،
فما سمعت مثل هؤلاء الكلمات .. فلقد بلغن ناعوس البحر ..
فهلم يدك أبايعك على الإسلام ..
فبسط النبي صلى الله عليه وسلمـ يده ..
وأخذ ضماد يخلع ثوب الكفـــــر ..
ويردد : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ..
فعلم صلى الله عليه وسلمـ أن له عند قومه شرفاً ..
فقال له : وعلى قومكــ ؟ أي تدعوهم إلى الإسلام ؟
فقال ضماد : وعلى قومي .. ثم ذهب إلى قومه هادياً داعيــــاً ..
إذن لتكون مستمعاً ماهراً ..أنصت .. هز رأسك متابعــــاً ..
تفاعل بتعابير وجهك كتقطيب الجبين حيناً .. ورفع الحاجبين حيناً آخـــــر ..
والتبســــم .. وتحريك الشفتين بتعجـــــب ..
وانظر إلى أثر ذلك فيمن يتكلم معك .. سواء كان صغيـــــراً أو كبيــــراً ..
ستجد أنه يركز نظره عليكــ .. ويقبل بقلبــــه إليكــ ..


:: نتيجة ::
براعتنا في الاستماع إلى الآخرين .. تجعلهم بارعين في محبتنا والاستئناس بنا ..

العابره
25-2-2010, 06:51 AM
الموضوعـ السادس و الأربعــــــــون : اقطع الطريق على المعترضين ..
يقول الشيخـ :::: من أكثر ما يوغر صدور بعض النـــــاس ..
على بعـــض ما يجنيه اللسان من مفاســـد ..
ومن ذلك استعـــــجال بعض النـــــــاس ..
بالاعتـــراض على الحديث ومقاطعة المتكلم دون تروٍّ ونظر ..
فيثــور عند ذلك جـــــــدال عقيم يوغر الصدور ويفســـد النفـــوس ..
لن تستطيع إصلاح جميع الناس وتأديبهم بالآداب الشرعية ..
أو تدريبـــهم على مهــــارات متميـــــزة ..
ودعنا نتجـــــاوز مرحلة التنظير التي تحلو لبعض النــــاس ..
أن يدندن عليها دائماً بقوله : المفروض الناس يفعـــلون كذا ..
والمفروض يتعـــودون على كذا .. دعكــ من هذا ..
وأدِّ الصـــلاة على الميت الحاضـــــر .. كما يقـــال ..
أعني أننا ينبغي عند تعاملنا مع الأخـــطاء أن لا ننشغــــل ..
ببحث ما يجب على الآخرين أن يفعلوه بل ماذا يجب علينا نحن أن نفعله ..
عندما تريد أن تتكلم بشيء غريب قد يستعجل الآخرون الاعتراض عليه ..
ينبغــي عليك أن تغلق عليهم أبواب الاعتراض بمقــــدمات ..
تجيبهم فيها عن أسئلتهم قبل أن يطرحوها .. بل وتزيل بها استغرابهم قبل أن يتكلموا به ..
وبعض الناس يحسن فعلاً أن يغلق الأبــــواب ..
على المعترض قبل أن يشعره باعتراضه ..
أذكر أن شيخاً كبير السن جلــــــس ..
في مجلس فتكلم عن حادثة خصومة رآها بين اثنين في محطة وقود ..
وكيف أن شجارهما زاد واشتد حتى حملا إلى مخفـــر الشرطة ..
فقفز أحد الجالسين .. من الثرثارين .. مشاركاً في القصة ..
فقال : نعم صحيح .. وحصل بينهما كذا .. وفلان هو المخطئ ..
وبدأ يذكر تفاصيل لم تحدث .. فالتفت إليه الشيخ وكأني به يكاد ينفجر ..
لكنه تماسك وقـــــــــــال بكل هدووووء :
أنت هل حضرت الحادثة ؟ قال : لا
قال : فهل حدثك أحد ممن حضروها ؟ قال : لا
قال : فهل اطلعت على محاضر التحقيق ؟ قال : لا
عندها صاح الشيخ وقال : طيب يا ... كيف تكذبني وأنت لا تــدري عن شيء ..
فأعجبتني مقدماتـــه قبل اعتراضه ..
ولو أنه اعترض دون أن يذكر مقدمات يغلق بها الأبواب على صاحبه ..
لكان لصاحبه مجال واسع للخروج من الموقف ولو بالكذب ..
فنحــــن أحياناً نحتاج عندما نريــــــد ..
أن نقرر أشياء أن نقدم بمقدمات نقنع بها المخالفين قبل أن يعترضوا ..
لما خرجت قريش لقتال النبيـ صلى الله عليه وسلمـ وأصحــابه في بدر ..
كان بعض العقلاء فيها لا يريدون الخروج .. لكن قومهم أكرهوهم عليه ..
فعلم النبــيـ صلى الله عليه وسلمـ بهم ..
وتأكد أنهم وإن حضروا المعركة فلن يقع منهم قتال للمسلميــــن ..
فلما اقترب صلى الله عليه وسلمـ من ميدان المعركة .. أراد أن ينبـه أصحابه لذلك ..
وأن ينهاهم عن قتلهم .. لكنه يعلم أنه سيقع في قلوب بعض الناس ..
سؤال : كيف لا نقتلهم وهم خرجوا لحربنا !! لماذا استثنى هؤلاء بالــذات ؟!
فقدم مقدمة أزال بها الاعتراضــات ثم ذكر التوجيه ..
قام صلى الله عليه وسلمـ في أصحابه وقال : إنـــي قد عرفت ..
أن رجالاً من بني هاشم وغيرهم قد أخرجوا كرهاً لا حاجة لهم بقتالنا ..
انتهـــى هذه مقدمة ..
ثم قال : فمن لقي منكم أحداً من بني هاشم فلا يقتله ..
ومن لقي أبا البختري بن هشام بن الحارث بن أســـد فلا يقتله ..
ومن لقي العباس بن عبد المطلب .. عم رســــول الله صلى الله عليه وسلمـ فلا يقتله ..
فإنه إنما خرج مستكــرها ..
فمضى الصحابة على ذلك .. وبدؤوا يتحدثون في مجالســهم بذلك ..
فقال أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة :
أنقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا ونتــــرك العباس ..
والله لئن لقيته لألحمنــــه بالسيف ..
فبلغت الكلمة رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فالتفت إلى عمر فقال : " يا أبا حفـــــص " ..
قال عمر : والله إنه لأول يوم كنانـي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلمـ بأبي حفص ..
قال صلى الله عليه وسلمـ يا أبا حفص :( أيضرب وجه عم رسول الله بالسيف ! ) ..
فاستبشع ذلك .. وانتفض ..
كيف يرد أمر رســـول الله صلى الله عليه وسلمـ .. أليس مسلماً .. فصاح قال :
يا رسول الله دعنـي فلأضرب عنقه بالسيف .. فوالله لقد نافق ..
فندم أبو حـــذيفة رضيـ الله عنه .. على ما تكلم به .. وقال :
ما أنا بآمــــن من تلك الكلمة التي قلت يومئذ ..
و لا أزال منــــها خائفاً إلا أن تكفرها عني الشهــــادة ..
فقتل يوم اليمامــة شهيداً رضيـ الله عنه..

:: نصيحة ::
كن ذكياً وتغدَّ بهم قبل أن يتعشوا بك !

العابره
25-2-2010, 06:53 AM
الموضوعـ السابع و الأربعــــــــون : انتظر .. لا تعترض ..!!
يقول الشيخـ :::: أذكر أن محاضراً كان يتكلم عن فن الحــــوار ..
فعرض شيئاً من قصة يوســـف عليه الســـلامـ ..
فلما وصل إلى قوله تعالى :
( ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إني أراني أعصر خمراً
وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزاً تأكل الطير منه ) ..
جعل يتأمـــل في الحاضــرين ثم سألهم :
ودخل معه السجن فتيان ؟! أيهما دخل قبل الآخــر .. يوسف أم الفتيان ؟
فصاح أحدهم : يوسف ..
فصاح آخر : لا .. لا .. الفتيان ..
فانطلق ثالث : لا .. لا .. بل يوسف .. يوسف ..
فاستذكى رابع وقال : دخلوا مع بعض !!
وتكلم خامس .. وارتفع اللغط .. حتى ضاع الموضوع الأساســي ..
ويبدو أن المحاضـــــر قصد ذلك ..
فجعل يتأمل وجوههم .. والوقت يمضــــي ..
ثم ابتسم ابتسامة عريضة .. وأشار لهم بخفــــض الأصوات وقال :
وما المشكلة !! دخل قبلهم أو دخلوا قبله !! هل تستحق المسألة كل هذا الخلاف ؟!
فعلاً .. لو تأملت واقعنا لوجدت أننا في أحيان كثيرة نكون ثقلاء على الآخرين
بكثرة اعتراضنا على ما يقولون فيكون أحدهم متحمساً في قصة يحكيــــــها ..
ثم يفاجأ بمن يعترض ويفسد عليه متعة الحديـــث ..
بالاعتراض على أشيــاء لا تؤثر في القصة شيــــــئاً ..
نعم .. لا تكن ثقيلاً تعتــــرض على كل شيء ..
أذكر أن أخي الأصغر سعود لما كان طفلاً في السابعة .. دخل المسجد لصلاة العشاء ..
ويبدو أنه كان مستعجلاً وتأخر الإمام في المجيء لإقامة الصـــلاة ..
فلما ضاق بذلك ذرعاً توجه نحو المؤذن وكان شيخاً كبيراً ضعيف السمع ووقف خلفه ..
ثم قال محاولاً تغيير صوته : أقم الصلاة .. وكان قد قبض على طرف أنفــــه بيده ..
ثم ولى هارباً ..أما المؤذن فما كاد يسمع ذلك حتى تحرك ناهضاً ليقيم الصلاة ..
فنبهه بعض المأمومين .. فجلــــس ..
كان موقفاً طريفاً .. لكني لم أورده لطرافتــــه ..
وإنما لأني جلست بعدها في مجلس فذكر أحد الجالسين القصة ..
وقال في أثنائها : وكان سعود مستعجــلاً لأنه سيذهب إلى البحر مع أبيه ..
مع العلم بأن الرياض في صحـــراء ولا تقع على ساحل بحر ..
فتحيرت هل أفسد عليه قصته وأعترض .. أم أن المعلومة ..
غير مؤثرة في القصة فلا داعٍ للاعتراض واكتساب العداوات .. فآثرت الثانـي وسكتـ ..
وأحياناً قد تعترض على شيء أنت غير فاهمــــه أصلاً ..
لعل له عذراً وأنت تلـــــوم ..
كان زيـــاد لطيفاً حريصاً على نصح النـــاسـ ..
وقف يوماً عند إشارة مرور فإذا به يسمع صوتاً عالياً لأغانـــي غربية ..
تحير من أين هذا الصوت وأخذ يتلفت يبحث عن مصدره .. فإذا هو من السيارة المجاورة له ..
وإذا صاحبها قد زاد صوت المذياع إلى أعلى درجاته .. حتى أسمع البعيد والقريب ..
جعل صاحبي يضرب على منبه سيارتــــه ..
ويحاول أن ينبه ذاك الرجل إلى خفض صوت مذياعــــه ..
لكن الرجل لا يلتفت ولا يرد .. يبدوا أنه لشدة انسجامه مع ما يسمع صار لا يدري عما حوله ..
حاول زياد أن يتبين وجه السائق الذي أســــــدل غترته على جانبي وجهه ..
وبعد جهد رآه فإذا لحيته تملأ وجهـــــه !!
ازداد العجب .. شخص بهذه الهيئة بدل أن يستمع إلى القرآن يستمع الأغاني !!
لا وبصوت عــــالٍ أيضاً !!
أضاءت الإشارة خضراء .. ومشى الجميــــع ..
أصرّ زياد على مناصحة الرجل فجعل يمشي وراءه .. وقف الرجل عند دكــــــــــــان ..
ونزل ليشتري منه حاجـــــة ..
أوقف زياد سيارته وراءه وصار يتأمله وهو يمشي فإذا الثوب قصير .. واللحية تملأ عارضيه ..
تسابقت إلى قلبه الوساوس .. أظنـــه نزل ليخرج الآن بعلبة سجائر !!
خرج الرجل فإذا في يده مجلة إسلاميـــــة !!
لم يصبر زياد .. وأخذ ينادي بلطف : يا أخـي .. لو سمحت .. هيه ..
لم يرد عليه الرجل ولم يلتفـــت ..
رفع صوته : هيه .. هيه .. لو سمحت .. يا أخي .. اسمع ..
وصل الرجل سيارته وركبها .. ولم يلتفـــت ..
نزل زياد وقد غضب وأقبل إليه .. وقال : يا أخي .. الله يهديك .. ما تسمـــع ..
نظر الرجل إليه وابتسم وشغل سيارته .. فاشتغل المذياع مباشرة بصوت مزعج جداً ..
فثار زياد .. وقال : يا أخي حرام عليك .. أزعجت النــــاس ..
تريد تسمع الأغاني اسمعها لوحدك .. بدل ما تسمع قرآن تسمع أغـــانٍ ؟!
فجعل الرجل يزيد ابتسامته .. والأغاني بأعلــى صوت ..
ثار زياد أكثر .. وجعل وجهه يحمرّ .. وصار يرفع صوته ليســــمعه ..
فلما رأى الرجل أن الأمر وصل إلى هذا الحــــــــد ..
جعل يشير بيديه إلى أذنيــــه وينفضـــهما ..
ثم أخرج دفتراً صغيراً من جيبه ومكتـــوب على أول ورقة منه :
أنا رجــل أصم لا أسمـــع .. فضلاً اكتب ما تريـــــد !!


:: لمحة ::
قال الله تعالى : "وكان الإنسان عجولاً " فانتبه لا تغلب عجلتك تؤدتك ..

العابره
25-2-2010, 06:55 AM
الموضوعـ الثامن و الأربعــــــــون : ليس مهماً أن تنجح دائماً ..
يقول الشيخـ :::: كان فهد يمشــي مع صاحبه .. العنيد المكابــــر ..
في صحراء فرأيا سواداً رابضاً على التراب .. تخفيه الريح تــارة وتظهره تــــارة ..
التفت فهد إلى صاحبه وسأله : تتوقع .. ما هـــذا ؟!
فقال صاحبه : هذه عنــــز !!
قال فهد : بل غـــراب ..
قال صاحبه : أقول لك : عنز .. يعني عنـــــز ..
قال فهد : طيب نقتـــــرب ونتأكد ..
اقتربا .. وجعلا يركزان النظر أكثر وأكثــــــر ..
كان واضحاً أن الذي أمامهما غـــــراب !!
قال فهد : يا أخـــــي .. والله غـــــراب ..
هز صاحبه رأسه بكل حزام وقال : عنــــــززززز ..
سكت فهد .. واقتربا أكثر .. فشعر الغراب باقترابهما فطااار ..
فصاح فهد : الله أكبر .. غراب .. أرأيت غراب .. طار ..فقال صاحبه : عننننـز .. لو طــــار !!
لمــــــاذا أوردت هذه القصــــــة ؟
أوردتها لأجل أن أبين : أن هذه المهارات التي تقدمت فيما مضى من صفحات ..
تصلــــح مع النــــاس عمومـــاً ..
لكن مع ذلك يبقى أن بعض الناس مهما مارست معه مهارات لا يتفاعل معك ..
فلو مارست معه مهارة اللمح .. فقلت : ما شـــاء الله ما أجمل ثيابكـــــ ..
كأنك عريس .. وأنت تتوقع منه أن يتبسم ويشكركـــــ على لطفكـــــ ..
فإنه لا يفــــعل ذلكــ .. وإنما ينظر إليك شـــزراً ..
ويقول : طيب .. طيب .. لا تجـــامل .. لا تستخف دمكـ ..
ونحو ذلك من العبارات السامجة التي تدل على عدم خبرته في التعامل مع الناس ..
ومثله المرأة التي قد تمارس مع زوجها مهارات .. كمهـــــارة التفاعل مثلاً ..
فيحكي نكتــــة باردة .. فتتفاعل معه ضاحكـــــة ..
فيقول : طيب .. لا تغصبــــي نفسك على الضحكـــــ ؟!!
إذا واجهت هذه النوعيات من الناس فاعلم أنهم لا يمثلون المجتمع ..
ولقد جربت هذه المهــــارات بنفسي ..
نعم والله جربتها بنفسي فرأيت آثارها في الناس ..
كباراً وصغاراً .. بسطاء وأذكياء .. وأصحــــاب مناصب عليا ..
وطلاب عندي في الكلية .. ومع أولادي .. فــــرأيت لها أعاجيب ..
بل جربتها مع مختلف الأجنـــــاس والجنسيــــات .. فـــرأيت آثارها ..
والله إني لكـــــ ناصـــــح ..


:: باختصار::
هل أنت جاد في التغيير ؟

العابره
1-3-2010, 07:04 AM
الموضوعـ التاسع و الأربعــــــــون : أشعرهم أنك تحب الخير لهم ..
يقول الشيخـ :::: وهذا من الاهتمام بالناس ..
ما أجمل أن تقابل شخصاً ما في موقف عارض ..
كلقاء عند بنك .. أو في طائرة .. أو في وليمة عامة ..
فتتعرف على اسمـــه .. ثم تراه في موقف آخر ..
فتقبل عليه قائلاً : مرحباً يا فلان ..
لا شك أن ذلك يطبع في قلبه لك محبة وتقديراً ..
حفظك لاسم الشخص الذي أمامك يشعره باهتمامكـــ به ..
فرق بين المدرس الذي يحفظ أسماء طلابه .. والذي لا يحفـــــظ ..
قولك للطالب : قم يا فلان .. أحســن من : قم يا طالـــب .. حتى في الرد على الهاتف ..
أيهما أحب إليك .. أن يجيبك من تتصل به بقوله : نعم ..أو ألو ..
أو يقول محتفياً : مرحباً يا خالد .. هلا أبـو عبد الله ..
بلا شك ان استماعك لاسمك له في القلب رنة قبل الأذن ..
جرت العادة بعد المحاضرات العامة أن يزدحم علي بعض الشباب يصافحون ويشكــــرون ..
كنت أحرص على ترديد كلمة : الاسم الكريم ؟ حياك الله من الأخ ؟ ..
أقولها لكل واحد أسلم عليه لأبدي له اهتمامي به ..
فكان كل واحد يجيبني مستبشراً : أخوك زياد .. ابنكــــ ياسر ..
وأذكر يوماً أنه بعدما سلم عدد كبير منهم ومضوا .. عاد أحدهم ليسأل ..
فأول ما أقبل عليَّ قلت له : حياك الله يا خالد .. فابتهج وقال : ما شاء الله !! تعرف اسمي !!
النـــــــــاس عمومــــــاً يحبون مناداتــــــهم بأسمائهــــــــم ..
من المعروف أن الموظف العسكري يعلق لوحة صغيرة على صدره فيها اسمه ..
فأذكر أني ألقيت محاضرة في إحدى المناطق العسكرية ..
فازدحم أكثرهم مسلماً بعد المحاضرة .. كان أحدهم يقترب ويبتعد ..
وكأنه يريد السلام لكنه يخجل من مزاحمة الآخرين ..
التفت إليه ولمحت لوحة اسمه .. فمددت يدي إليه وقلت : مرحباً فلان !!
فتغير وجهه وتعجب ومد يده مصافحاً وهو يتبسم ويقول : هاه !! كيف عرفت اسمـــي ؟
فقلت : يا أخي الذين نحبهم .. لازم نعرف أسماءهم .. فكان لهذا تأثير كبير عليـــه ..
كثير من النـــاس يقتنع بهذا ويتمنى لو استطــــاع حفظ أسماء الآخريــــن ..
أما أسباب عدم حفظ الأسماء .. فهي كثيرة .. منها .. عدم الاهتمام بالأشخاص أثناء مقابلتهم
ومنها .. التشاغل وقت التعارف وعدم التركيز أثناء استماع الاسم ..
ومنها .. موقفك تجاه الشخص المقابل ..كاعتقادك بأنك لن تقابله مرة أخرى ..
فتقول في نفسك : لا داعي لحفظ الاسم .. أو كان إنساناً بسيطاً لا يستثير اهتمامكـ ..
أو عندما لا تسمع الاسم جيداً وتشعر بحرج من طلب إعادة اسمه ..
فهذه أسباب تجعل الناس لا يحفظون الأســـــماء ..
أما العلاج لحفظ الأسماء .. فله طرق .. منها :
الاقتناع بأهمية تذكر الاسم واستشعارك أنك بسماعك له ستسأل عنه بعد دقائق ..
ومنها .. التركيز على وجه الشخص أثناء الاستمــــاع إلى اسمه ..
حاول أن تلاحظ الشخص المقابل وطبيعة حديثه وابتسامته لينطبع في ذاكرتك ..
أثناء حديثك معه ناده باسمه مراراً .. صحيح يا فلان ..؟ سمعت يا فلان ..؟
أنت معي يا فلان ..؟ وكرره أكثر من مـــرة ..


:: باختصار ::
أشعرني باهتمامك بي .. بحفظك اسمي .. ونادني به .. لأحبك ..

العابره
1-3-2010, 07:07 AM
الموضوعـ الخمســـــون : الترقيـــــــــــع !!
يقول الشيخـ :::: أحياناً عند ممارستنا لبعض المهارات مع الآخريـــنـ ..
نكتشف بأننا أخطأنا تقدير المهارة المناسبــــة للشخـــص ..
أو قد نكون وضعناها في غير موضعـــها .. مثل من رأى شاباً وسيـــماً ..
فأراد أن يمارس معه مهارة " كن لماحاً " فقال له : ما شاء الله ما هذه الثياب الجميلة ..
والرونق البهي والوجه المسفـــر .. ثم بدل أن يقول : ما أسعد زوجتك بك..
قال : يا ليتك بنتاً حتى أتزوجكــ !!!
مزحة ثقييييلة جداً .. أليس كذلك ؟!
قال أحد الزملاء : في الجامعة
كان لدي طالب بليد لكن الله تعالى عوضـــــــــه عن بلادته بشيء من الوسامة ..
وكان يجلس في آخر القاعة دائماً .. ويســــرح بفكره بعييييداً ..
كنت أطلب منه دائماً أن يجلس في الأمام ليتابع .. وهو يتغافـــل عن ذلك ..
كنت أتجنب إحراجه أو إحراج غيره من الطلاب فهم كبار في المرحــلة الجامعية ..
دخلت يوماً فإذا هو منشغل آخر القاعة كعادته ..
فلما جلســــت على الكرسي قلت له : يا عبد المحسن ..
تعال في الأمام.. فقال : يا دكتور مكاني مناسب وسأنتبه معكـــ ..
فقلت : " يا أخي اقترب قليلاً خلنا نشوف خدودك الحلوة "..
التفت بعض الطلاب إليه معلقين .. فانقلب وجهه أحمر ..
شعرت أني وقعت في حفرة .. فقلت .. مرقعاً : " الله يا هي بتنبسط البنت اللي بتتزوجك ..
أما هؤلاء فسيتعبون ليجدوا من توافق على الزواج بهم !!"..
ثم بدأت في شرح الدرس فوراً دون أن أترك فرصة لأحد ليفكر في الموقـــف أصلاً ..
تبسم الطالب وانبلجت أساريره وجلس في المقدمــــة ..
وإن كانت هذه الأخطاء قد تقع في بداية التــــدرب ..
على ممارسة المهارات لكنها ســـــرعان ما تــــــزول ..
وأحياناً يكون تصرفك المحرج للآخرين أو المحزن لهم ليس خاطئاً ..
لكن الموقف يفرضه علينا ..
مثل أن يختلف اثنان من زملائك .. فترى أن الحق مع أحدهما فتقف معه ..
وقد تعاتب الآخر ..أو قد يقع ذلك بين اثنين من أولادك أو طلابك أو جيرانك .. أو غيـــرهم ..
فما الحل ؟ .. هل نسمح لهذه المواقف أن تفقدنا الناس واحداً تلو الآخــــــر ..
ونحن نتعب في استقطابهم والتحبب إليهم ..
كــلا .. إذن ما التصرف الصحيـــــح ؟
الجواب : أنك إذا أحسست أن أحداً ضاق صدره من كلمة منك ..
أو تضايق من تصرف معين فسارع فوراً إلى مداواة الجرح قبل أن يلتهب ..
باستعمال أي مهارة أخرى مناسبة ..
كيــــــف ؟! خــــذ مثـــــالاً ..
كانت مكة قبل أن يفتحها المسلمون تحت قبضة كفار قريـــــش ..
وكانوا قد ضيقوا على المسلمين المستضعفين فيها ..
وسيطروا على أبناء المسلمين الذين هاجروا ..
ولم يستطيعوا أخذ أبنائهم معهم .. فعلاً كانت حال المسلمين عصيبة ..
أقبل النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة معتمراً فردته قريـــــش ..
وكان ما كان من قصة الحديبية .. وكتب صلى الله عليه وسلمـ ..
بينه وبين قريش صلحـــــاً .. واتفق نعهم أن يرجع إلى المدينة من غير عمرة ..
على أن يأتي في العام القادم ويعتمر ..
ومضى صلى الله عليه وسلمـ إلى المدينة ..
وبعد سنة أقبل صلى الله عليه وسلمـ مع الصحابة محرمين ملبين ..
ودخلوا مكة .. واعتمــــروا .. لبث صلى الله عليه وسلمـ فيها أربعة أيام ..
فلما توجه خارجاً منها إلى المدينة ..
تبعته طفلة صغيرة هي ابنة حمزة رضيـ الله عنه ..
وكان قد قتل في معركة أحد ..
وبقيت ابنته يتيمة في مكـــــــــة ..
أخذت الصغيرة تنادي رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
تقول : يا عم يا عم .. وكان علي يسير بجانب النبي صلى الله عليه وسلمـ ..
مع زوجته فاطمة بنت رســــول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فتناولها علي رضيـ الله عنه فأخذ بيدها وناولها لفاطمة وقال : دونك ابنة عمك ..
فحملتها فاطمة ..فلما رآها زيد رضيـ الله عنه ..
تذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
قد آخى بينه وبين حمزة لما هاجر إلى المدينة ..
فأقبل زيد إليها ليأخذها وهو يقول : بنت أخي .. أنا أحــق بها ..
فأقبل جعفر وقال : ابنة عمي وخالتها تحتي .. يعني أسماء بنت عميس زوجته ..
وأنا أحق بها .. فقال علي : أنا أخذتها وهي ابنة عمــــــي ..
فلما رأى صلى الله عليه وسلمـ اختلافهم ..
قضى بها لخالتها ودفعها إلى جعفر ليكفلها .. وقال : " الخالة بمنزلة الأم " ..
ثم خشي صلى الله عليه وسلمـ أن يجد علي أو زيد في نفسيهما .. لما نزعها منهما ..
فقال مواسياً لعلي :" أنت مني و أنا منك " ..
وقال لزيد : " أنت أخونا و مولانا " ..
ثم التفت إلى جعفر وقال : " أشبهت خلقي وخلقي " ..
فانظر كيف كان صلى الله عليه وسلمـ حكيماً ماهراً في غسل قلوب الآخرين وكسب محبتهم ..
طيب ما رأيك أن نعود إلى قصة صاحبنا الذي قال : يا ليتك بنتاً حتى أتزوجك !! كيف يرقع ما خرّق ؟!!
بين يديه عدة أبواب للهرب ..
منها أن يدخل في موضوع آخر مباشرة .. لئلا يترك للسامع فرصة ليفكر في الجملة الجارحة..
التي سمعها منه .. فيقول مثلاً : الله يرزقك حورية أجمل منك .. قل : آميــــنـ ..
أو يطرح موضوعاً بعيداً تماماً .. كأن يسأله عن أخيه المسافر .. أو سيارته الجديدة ..
أو نحوها .. لئلا يترك له أو لغيره من السامعين حوله أي فرصة للوقوع في الحرجـ ..



:: تجربة ::
ليس العيب أن تخطئ إنما الخطأ أن تصر عليه

العابره
1-3-2010, 07:10 AM
الموضوعـ الحادي و الخمســـــــين : انتبه .. كن لمّـّاحاًًًً للجمال فقط ..
يقول الشيخـ :::: بعض الناس يتحمس كثيراً لأنْ يكون لماحــــاً ..
فلا يكاد يسكـــت عن الملاحظة والثنـــــاء ..
لكنهم قالوا قديماً : الشيء إذا زاد عن حده .. انقلب إلى ضـــده ..
ومن تعجل الشيء قبل أوانه .. عوقب بحـــرمانه ..
فكن لماحاً للأشياءالجميلة الرائعة .. التي يفرح الشخص برؤية النـــاس لها ..
وينتظر ثناءهم عليها .. ويطرب لسماع ألفـــاظ الإعجاب بها ..
أما الأشياء التي يستحي من رؤيتها .. أو يخجل من ملاحظتها فحاول أن تتعامى عنها ..
مثـــــلاً : دخلت بيت صاحبك فرأيت الكراسي قديمـــــة ..
فانتبه من أن تكون من الثقلاء الذي لا يكفون عن تقديم اقتراحات لم تطلب منهم ..
انتبه من أن يفرط لسانك بقول : لماذا ما تغير الكراســــي ؟!
الثريات نصفها ما يشتغــــل .. !!
لماذا لا تشتري ثريــــات جديــــدة !!
دهان الجــــدار قديييييم .. لماذا ما تدهنـــــه بألوان جديـــــدة !!
يا أخي هو لم يطلب منك اقتراحـــــات ..
ولست مهندس ديكور اتفق معك على أن يستفيد من آرائك .. ابق ساكــــتاً ..
لعله لا يستطيـــــع تغييرها .. لعله يمر بضـــائقة ماليـــــة ..
لعلــــــه .. ليس أثقل على الناس ممن يحرجهم بالنظر إلى ما يستحـــون منه ..
ثم يثيره ويبدأ في التعليق عليــــه ..
ومثل ذلك .. لو كان ثوبه قديماً .. أو مكيف سيارته متعطل .. قل خيراً أو اصمت ..
ذكروا أن رجلاً زار صاحباً له فوضع له خبزاً وزيتاً ..
فقال الضيف : لو كان مع هذا الخبز زعتر !!
فدخل صاحب الدار وطلب من أهله زعتراً للضيف فلم يجــــد ..
فخرج ليشتري ولم يكن معه مـــال ..!
فأبى صاحب الدكان أن يبيعه بالآجل ..
فرجع وأخذ مطهرته ( وهي الإناء الذي يضع فيه الماء ليتوضأ منه ) ..
فخرج بها ودفعها إلى صاحب الدكان .. رهناً ..
حتى إذا لم يسدد له قيمة الزعتر يبيع صاحب الدكان المطهرة ..
ويستوفي الثمن لنفسه .. ثم أخذ الزعتر ورجع به إلى ضيفه .. فأكــــل ..
فلما انتهى الضيف من الطعام قال : الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا .. وقنعنا بما آتانا ..
فتأوَّه صاحب الدار تأوُّه الحزين وقال : لو قنّعَك الله بما آتاك .. لما كانت مطهرتي مرهونة !!
وكذلك لو زرت مريضاً فلا تردد عليه :
أووووه .. وجهكـــ أصفر .. عيناك زائغتــــان .. جلدك يابـــــس ..
عجباً !! هـــل أنـــــت طبيبــــه ؟ قــــل خيراً أو اصمت ..
ذكروا أن رجلاً زار مريضاً .. فجلس عنده قليلاً ..
ثم سأله عن علته .. فأخبره المريض بها .. وكانت علة خطيرة ..
فصــــــــرخ الزائــــــــر :
آآآآ .. هذه العلة أصابت فلاناً صاحبي فمـــات منها ..
وأصابت فلاناً صديق أخي ولا يزال مقعداً منها أشهـــراً ثم مات ..
وأصابت فلاناً جار زوج أختــي ومــــات ..
والمريـــض يستمع إليه ويكـــاد أن ينفجر ..
فلما أنهى الزائر كلامه وأراد الخروج التفت إلى المريض
وقال : هـــاه .. توصيني بشـــــــيء ؟
قال المريض : نعم .. إذا خرجت فلا تـــرجع إلي َّ ..
وإذا زرت مريضاً فلا تذكر عنده الموتى ..
وذكروا كذلك أن امرأة عجوزاً مرضــــت عجوز صديقة لها ..
فجعلت هذه العجــــوز تلتمــــس من أبنائها واحداً وَاحداً
أن يذهبوا بها لتلك المريضة لزيارتها وهم يتعللون ويعـــــــتذرون ..
حتى رضي أحد أبنائها على مضض .. وذهب بها بسيارته ..
فلما وصل بيت العجوز المريضة نزلت أمه وجعل ينتظرها في سيارته ..
دخلت الأم على المريضة فإذا هي قد تمكّن منها المرض .. فسلـــــمت عليها ودعت لها ..
فلما مشت خارجة مرت ببنات المريضة وهن يبكين في صالـــــة البيت ..
فقالت بكل براءة : أنا لا يتيسر لي المجيء أليكن كلمـــــا أردت ..
و أمكم مريضة ويبدو لي أنها ستموت .. فأحسن الله عزاءكــــــم من الآن ..!!
فانتبه يا لبيب .. كن لماحاً لما يفرح ويسر .. لا لما يحــــــزن ..



:: مشكلة ::
إذا اضطررت للمح سيء .. كوسخ ثوبه .. أو رائحة سيئة .. فأحسن التنبيه .. كن لطيفاً ذكياً ..

العابره
1-3-2010, 07:12 AM
الموضوعـ الثاني و الخمســـــــين : أقنعه بخطئه ليقبل النصح ..
يقول الشيخـ :::: بعض الناس يشغل الآخرين بكثرة التوجيهات والملاحظات ..
حتى يوصلهم إلى مرحلة الملل والاستثقال .. خاصة إذا كانت النصائح والتوجيهات ..
مبنية على آراء وأمزجة شخصية .. كمن ينصحك بعد وليمة دعوت الناس إليها وتعبت في إعدادها ..
وتعب معك أهلك ومالك ! ثم يقول لك هذا الناصح ..
يا أخي الوليمة ما كانت مناسبة .. وتعبك ذهب هدراً ..
وكنت أظن أنها ستكون بمستوى أعلى من هذا .. فتقول لماذا ؟
فيقول : يا أخي أكثر اللحم كان مشوياً .. وأنا أحب اللحم المسلوق !!
والسلطات كانت حامضة بسبب اللليمون .. وأنا لا أحب ذلك ..
وكذلك الحلويات كانت مزينة بالكريمة .. وهذا يجعل طعمها غير مقبول ..
ثم يقول لك : وعموماً أكثر الناس أيضاً تضايقوا ..
وما أكلوا إلا مجاملة .. أو لأنهم اضطروا إليه ..
فقطعاً .. أنت هنا ستنظر إلى هذا الناصح نظرة ازدراء وإعراض ..
ولن تقبل منه نصيحته ؛ لأنها مبنية على آراء وأمزجة شخصية ..!!
قل مثل ذلك فيمن ينصح آخر حول طريقة تعامله مع أولاده ..
أو مع زوجته .. أو طريقة بنائه لبيته .. أو نوع سيارته .. بناء على ذوقه الخاص ..
انتبه دائماً أن تكون هذه النصائح والانتقادات مبنية على مجرد أمزجة شخصية ..
نعم لو طلب رأيك .. أبده له واعرضه عليه ..
أما أن تتكلم معه وتنصح كما تنصح المخطئ ..
فلا .. وأحياناً .. المنصوح لا يشعر أنه مخطئ ..
فلا بد أن تكون حجتك قوية عند نصحه ..
جلس أعرابي صلف مع قوم صالحين .. فتكلموا حول بر الوالدين ..
والأعرابي يسمع ..فالتفت إليه أحدهم وقال : يا فلان .. كيف برك بأمك ..
فقال الأعرابي : أنا بها بار .. قال : ما بلغ من برك بها ؟
قال : والله ما قرعتها بسوط قط !!
يعني إن احتاج إلى ضربها .. ضربها بيده أو عمامته ..
أما السوط فلا يضربها به .. من شدة البرّ!!
فالمسكين ما كان ميزان الخطأ والصواب عنده مستقيماً ..
فكن رفيقاً لطيفاً .. حتى يقتنع الذي أمامك بخطئه ..
كان في عهده صلى الله عليه وسلمـ امرأة من بني مخزوم تستلف المتاع من النساء ..
وتتغافل عن رده فإذا سألوها عنه جحدته .. وأنكرت أنها أخذت شيئاً ..
حتى زاد أذاها في الجحد والسرقة فرفع أمرها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فقضى فيها أن تقطع يدها ..
فشق على قريش أن تقطع يدها وهي من قبيلة من كبار قبائل قريش ..
فأرادوا أن يكلموا النبي صلى الله عليه وسلمـ ..
ليخفف هذا الحكم إلى حكم آخر .. كجلد أو غرامة مال .. أو نحو ذلك ..
وكلما توجه رجل منهم لنقاش النبي صلى الله عليه وسلمـ ..
في هذا الأمر .. تردد ورجع ..
فقالوا لن يجترئ على رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
إلا أسامة بن زيد .. حِبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. وابن حِبِّه ..
تربى هو وأبوه في بيت النبي صلى الله عليه وسلمـ حتى صار كولده ..
فكلموا أسامة .. أقبل أسامة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فرحب به وأجلسه عنده ..
جعل أسامة يكلم النبي صلى الله عليه وسلمـ ليخفف الحكم ..
ويبين أن هذه المرأة من أشراف الناس ..
وأسامة يواصل الكلام والنبي صلى الله عليه وسلمـ يستمع ..
كان أسامة يحاول إقناع النبي صلى الله عليه وسلمـ برأيه ..
نظر النبي صلى الله عليه وسلمـ إلى أسامة .. فإذا هو يحاول ويناقش ..
بكل قناعة .. ولا يدري أنه يطلب منه ما لا يجوز ..!!
فتغير النبي وغضب صلى الله عليه وسلمـ .. وكان أول كلمة قالها ..
أن بين له خطأه فقال : أتشفع في حد من حدود الله يا أسامة ؟
فكأنه يبين سبب غضبه لأسامة .. وأن حدود الله تعالى التي ..
أوجب على عباده إقامتها لا تجوز الشفاعة فيها .. فانتبه أسامة..
وقال فوراً : استغفر لي يا رسول الله ..
فلما كان الليل .. قام صلى الله عليه وسلمـ ..
فخطب في الناس وأثنى على الله بما هو أهله ..
ثم قال : " أما بعد .. فإنما أهلك الذين من قبلكم :أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ..
وإذا سرق فيهم الضعيف .. أقاموا عليه الحد .. وإني والذي نفسي بيده ..
لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها .."
ثم أمر بتلك المرأة التي سرقت فقطعت يدها ..
قالت عائشة رضيـ الله عنها : فحسنت توبتها بعدُ .. وتزوجت ..
وكانت تأتيني بعد ذلك .. فأرفع حاجتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
أسامة رضيـ الله عنه له مواقف متعددة مع رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
كلها تفيض بالرحمة والتعامل الراقي ..
قال أسامة بن زيد : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
إلى الحرقات من جهينة ..
فهزمناهم وخرجنا في آثارهم .. فلحقت أنا ورجل من الأنصار رجلاً منهم ..
فلاذ منا بشجرة ..فلما أدركناه .. ورفعنا عليه السيف .. قال : لا إله إلا الله ..
فأما صاحبي الأنصاري فخفض سيفه ..
وأما أنا فظننت أنه يقولها فرقاً من السلاح .. فحملت عليه فقتلته ..
فعرض في نفسي من أمره شيء ..
فأتيت النبي صلى الله عليه وسلمـ .. فأخبرته ..
فقال لي : أقال لا إله إلا الله .. ثم قتلته ؟!
قلت : إنه لم يقلها من قِبَلِ نفسه .. إنما قالها فرقاً من السلاح ..
فأعاد علي : أقال لا إله إلا الله .. ثم قتلته ؟!
فهلا شققت عن قلبه .. حتى تعلم أنه إنما قالها فرقاً من السلاح ..
سكت أسامة .. فهو لم يشق عن قلب الرجل فعلاً ..!!
لكنه كان في ساحة حرب .. والرجل مقاتل !!
فأعاد عليه صلى الله عليه وسلمـ السؤال مستنكراً ..
أقال لا إله إلا الله .. ثم قتلته ؟!
يا أسامة قتلت رجلاً بعد أن قال لا إله إلا الله !! كيف تصنع بلا إله إلا الله يوم القيامة ؟!
فما زال يقول ذلك حتى وددت إني لم أكن أسلمت إلا يومئذ ..
فتأمل كيف تدرج معه ببيان الخطأ وإقناعه به .. ثم وعظه ونصحه ..
ولأجل أن يقتنع المنصوح بما تقول .. ناقشه بأفكاره ومبادئه هو قدر المستطاع ..
نعم فكر من وجهة نظره .. بينما رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
في مجلسه المبارك .. يحيط به أصحابه ألأطهار ..
إذ دخل شاب إلى المسجد وجعل يتلتفت يميناً وشمالاً كأنه يبحث عن أحد ..
وقعت عيناه على رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..فأقبل يمشي إليه ..
كان المتوقع أن يجلس الشاب في الحلقة ويستمع إلى الذكر .. لكنه لم يفعل ..!
إنما نظر الشاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
وأصحابه حوله .. ثم قال بكل جرأة ..
يا رسول الله .. ائذن لي بـ .. بطلب العلم ؟! لا .. لم يقلها .. ويا ليته قالها ..
ائذن لي بالجهاد .. لا .. ويا ليته قالها .. أتدري ماذا قال ؟
قال : يا رسول الله .. ائذن لي بالزنا .. عجباً !! هكذا بكل صراحة ؟!!
نعم .. هكذا : ائذن لي بالزنا ..
نظر النبي صلى الله عليه وسلمـ إلى الشاب ..
كان يستطيع أن يعظه بآيات يقرؤها عليه ..
أو نصيحة مختصرة يحرك بها الإيمان في قلبه ..
لكنه صلى الله عليه وسلمـ سلك أسلوباً آخر ..
قال له صلى الله عليه وسلمـ بكل هدوء : أترضاه لأمك ؟
فانتفض الشاب وقد مرَّ في خاطره أن أمه تزني .. فقال : لا .. لا أرضاه لأمي ..
فقال له صلى الله عليه وسلمـ بكل هدوء : كذلك الناس لا يرضونه لأمهاتهم ..
ثم فاجأه سائلاً : أترضاه لأختك ؟!
فانتفض الشاب أخرى .. وقد تخيل أخته العفيفة تزني ..
وقال مبادراً : لا .. لا أرضاه لأختي ..فقال صلى الله عليه وسلمـ ..
كذلك الناس لا يرضونه لأخواتهم .. ثم سأله : أترضاه لعمتك ؟! أترضاه لخالتك ؟!
والشاب يردد : لا .. لا .. فقال صلى الله عليه وسلمـ ..
فأحب للناس ما تحب لنفسك ..واكره للناس ما تكره لنفسك ..
أدرك الشاب عند ذلك أنه كان مخطئاً .. فقال بكل خضوع ..
يا رسول الله .. ادعُ الله أن يطهر قلبي ..
فدعاه صلى الله عليه وسلمـ .. فجعل الشاب يقترب .. ويقترب ..
حتى جلس بين يديه .. ثم وضع يده على صدره ..
وقال : اللهم اهد قلبه .. واغفر ذنبه .. وحصن فرجه ..
فخرج الشاب وهو يقول : والله لقد دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
وما شيء أحب إليَّ من الزنا .. وخرجت من عنده وما شيء أبغض إليَّ من الزنا ..
ثم انظر إلى استعمال العواطف .. دعاه .. وضع يده على صدره .. دعا له ..
يعني استعمل جميع الأساليب لإصلاح من أمامه ..
بعدما جعله يقتنع بشناعة الفعل ليتركه عن قناعة .. فلا يفعله أبداً .. لا أمامه ولا خلفه ..



:: قاعدة ::
إذا شعر المخطئ ببشاعة خطئه اقتنع بحاجته للنصيحة .. وصار قبوله أكثر .. وقناعته أكبر ..

العابره
1-3-2010, 07:16 AM
الموضوعـ الثالث و الخمســـين : تأكد من الخطأ قبل النصيحة ..
يقول الشيخـ :::: كان واضحاً من نبرة صوته لما اتصل بي ..
أنه كن غضباناً يكتم غيظه قدر المستطاع ..
ليست هذه هي النبرة التي تعودت عليها من فهد ..شعرت أن عنده شيئاً ..
بدأ كلامه .. متحدثاً عن الفتن وتعرض الناس لها ..
ثم احتدت النبرة .. وجعل يكرر : أنت داعية .. وطالب علم .. وأفعالك محسوبة عليك ..
قلت : أبا عبد الله ليتك تدخل في الموضوع مباشرة ..
قال : المحاضرة التي ألقيتها في .. وقلت ..تعجبت ..
قلت : متى كان ذلك ؟ قال : قبل ثلاثة أسابيع ..
قلت : لم أذهب لتلك المنطقة منذ سنة .. قال : بلى .. وتحدثت عن كذا ..
ثم تبين لي أن صاحبي .. بلغته إشاعة فصدقها .. وبنى على أساسها مناصحته ..
وموقفه .. وكلامه .. صحيح أنني لا أزال أحبه .. لكن نظرتي إليه قصرت ..
لأنني اكتشفت أنه متسرع .. ومثل ما يقولون ( يطير في العجّة ) ..!!
كم هم أولئك الذين يبنون مواقفهم ونظراتهم على إشاعات ..
قليل منهم من يأتيك مناصحاً .. ليكتشف بعدها أنه كان يجري وراء إشاعة ..
وكثير منهم من تنطبع هذه الإشاعة في قلبه .. ويكوّن على أساسه تصوره عنك ..
وهي كذبة ..أحياناً يشاع أن فلاناً فعل كذا وكذا ..
فلأجل أن تحتفظ بقدرك عنده .. تأكد من الخبر قبل الكلام عنه ..
وهذا منهج النبي صلى الله عليه وسلمـ ..
أتى رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلمـ. .
فنظر النبي صلى الله عليه وسلمـ إليه ..
فإذا رجل رث الهيئة .. مغبر الشعر .. فأراد صلى الله عليه وسلمـ ..
أن ينصحه ليصلح من هيئته .. لكنه خشي أن يكون الرجل فقيراً أصلاً .. ليس ذا مال ..
فقال له : هل لك من مال ؟ قلت : نعم .. قال : من أي المال ..؟
قال : من كل المال .. من الإبل .. والرقيق .. والخيل .. والغنم ..
قال : فإذا آتاك الله مالاً .. فليُر عليك .. ثم قال : تنتج إبل قومك صحاح آذانها ..
فتعمد إلى الموسى .. فتقطع آذانها .. فتقول : هذه بحيرة .. وتشقها ..
أو تشق جلودها .. وتقول :هذه صرم .. فتحرمها عليك وعلى أهلك ..
قال : نعم .. قال : فإن ما أعطاك الله لك حل .. موسى الله أحد ..
وفي عام الوفود .. كان بعض الناس يأتي مسلماً ..
ويبايع النبي صلى الله عليه وسلمـ .. وبعضهم يأتي كافراً .. ويسلم أو يعاهد ..
فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلمـ مع أصحابه يوماً .. إذ جاء وفد الصّدِف ..
وهم بضعة عشر راكبا .. فأقبلوا إلى مجلس النبي صلى الله عليه وسلمـ ..
فجلسوا و لم يسلموا .. فسألأهم : " أمسلمون أنتم ؟ "
قالوا : نعم .. قال : " فهلا سلمتم ؟ " ..
فقاموا قياماً فقالوا : السلام عليك أيها النبيـ ورحمة الله وبركاته ..
فقال : " وعليكم السلام .. اجلسوا " .. فجلسوا .
ثم سألوه صلى الله عليه وسلمـ عن أوقات الصلوات ..
وفي عهد عمر رضيـ الله عنه.. توسعت بلاد الإسلام ..
فعين عمر سعد بن أبي وقاص أميراً على الكوفة ..
كان أهل الكوفة حينذاك مشاغبين على ولاتهم ..
أرسل نفر منهم رسالة إلى الخليفة عمر رضيـ الله عنه .. يشتكون إليه من سعد ..
وذكروا عيوباً كثيرة .. حتى إنهم قالوا : ولا يحسن أن يصلي !!
فلما قرأ عمر الكتاب .. لم يتسرع باتخاذ قرار .. ولا كتابة نصيحة ..
وإنما أرسل محمد بن مسلمة إلى الكوفة معه كتاب إلى سعد ..
وأمره أن يسير مع سعد ويسأل الناس عنه ..
جعل محمد بن مسلمة يصلي مع سعد في المساجد .. ويسأل الناس عن سعد ..
ولم يدع مسجد إلا سأل عنه .. ولا يذكرون عن سعد إلا معروفاً ..
حتى دخلا مسجداً لبني عبس ..
فقام محمد بن مسلمة .. وسأل الناس عن أميرهم سعد ؟؟
فأثنوا عليه خيراً ..
فقال محمد : أنشدكم بالله .. هل تعلمون منه غير ذلك ؟
قالوا : لا نعلم إلا خيراً .. فكرر عليهم السؤال ..
عندها قام رجل في آخر المسجد .. اسمه أسامة بن قتادة .. فقال :
أما إذ نشدتنا بالله .. فاسمع : إن سعداً كان لا يسير بالسوية .. ولا يعدل في القضية ..
فعجب سعد وقال : أنا كذلك ؟
قال الرجل نعم ..
فقال سعد : أما والله لأدعون بثلاث :
اللهم إن كان عبدك هذا كاذباً .. وقد قام رياء وسمعة ..
اللهم فـ أطل عمره .. وأطل فقره .. وعرضه للفتنـ ..
ثم خرج سعد من المسجد ..
ومضى إلى لمدينة ومات بعدها بسنوات ..
أما ذلك الرجل فلا زالت دعوة سعد تلاحقه ..
حتى كبرت سنه ورق عظمه واحدودب ظهره وطال عمره
حتى مل من حياته واشتد فقره ..
فكان يجلس وسط الطريق يسأل الناس .. وقد سقط حاجباه على عينيه من شدة الكبر ..
فإذا مرت به النساء مد يده يغمزهن ويتعرض لهن ..
فكان الناس يصيحون به .. ويسبونه .. فيقول ..
وماذا أفعل !! شيخ كبير مفتون .. أصابتني دعوة الرجل الصالح سعد بن أبي وقاص ..



:: حديث ::
بئس مطية الرجل زعموا .. وكفى بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما سمع ..

العابره
4-3-2010, 07:03 AM
الموضوعـ الرابع و الخمســـــــين : اعترف بخطئك .. لا تكابر ..
يقول الشيخـ :::: كثير من المشاكل التي ربما تستمر العداوة بسببها ..
سنة وسنتين .. وربما العمر كله .. يكون حلها ..
أن يقول أحدهما للآخر : أنا أخطأت .. وأعتذر ..موعد أخلفته ..
أو مزحة ثقيلة ..أو كلمة نابية .. سارع إلى إطفاء شرارها قبل أن تضطرم النار بسببها ..
أنا آسف .. حقك عليَّ .. ما يصير خاطرك إلا طيب ..
ما أجمل أن نتواضع ونسمع الناس هذه العبارات ..
وقعت خصومة بين أبي ذر وبلال .. رضي الله عنهما .. وهما صحابيان .. لكنهما بشر ..
فغضب أبو ذر .. وقال لبلال : يا ابن السوداء ..
فشكاه بلال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فدعاه النبي صلى الله عليه وسلمـ فقال : أساببت فلاناً ؟
قال : نعم .. قال : فهل ذكرت أمه ؟
قال : من يسابب الرجال .. ذُكر أبوه وأمه يا رسول الله ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ : إنك امرؤ فيك جاهلية ..
فتغير أبو ذر .. وقال : على ساعتي من الكبر ..؟ قال : نعم ..
ثم أعطاه النبي صلى الله عليه وسلمـ منهجاً يتعامل به مع من هم أقل منه ..
فقال : إنما هم إخوانكم .. جعلهم الله تحت أيديكم .. فمن كان أخوه تحت يده ..
فليطعمه من طعامه وليلبسه من لباسه .. ولا يكلفه ما يغلبه ..
فإن كلفه ما يغلبه فليعنه عليه .. فماذا فعل أبو ذر رضيـ الله عنه؟!
مضى أبو ذر حتى لقي بلالاً .. ثم اعتذر .. وقعد على الأرض .. بين يدي بلال ..
ثم جعل يقرب من الأرض حتى وضع خده على التراب وقال : يا بلال .. طأ برجلك على خدي ..
هكذا كان الصحابة رضيـ الله عنهمـ في حرصهم على إطفاء نار العداوة قبل اشتعالها ..
فإن اشتعلت منعوها من الامتداد .. وقعت بين أبي بكر وعمر رضيـ الله عنه محاورة. .
فأغضب أبو بكر عمرَ .. فانصرف عنه عمرُ مغضباً ..
فلما رأى أبو بكر ذلك .. ندم .. وخشي أن يتطور الأمر ..
فانطلق يتبع عمر .. ويقول : استغفر لي يا عمر .. وعمر لا يلتفت إليه ..
وأبو بكر يعتذر .. ويمشي وراءه حتى وصل عمر إلى بيته .. وأغلق بابه في وجهه ..
فمضى أبو بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلمـ مقبلاً من بعيد .. رآه متغيراً ..
فقال : أما صاحبكم هذا فقد غامر .. جلس أبو بكر ساكتاً .. فلم تمض لحظات ..
حتى ندم عمر على ما كان منه .. وكانت قلوبهم بيضاء ..
فأقبل إلى مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلمـ..
فسلم وجلس بجانب النبي صلى الله عليه وسلمـ .. وقص عليه الخبر ..
وحكى كيف أعرض عن أبي بكر ولم يقبل اعتذاره ..
فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. فلما رأى أبو بكر غضبه ..
جعل يقول : والله يا رسول الله .. لأنا كنت أظلم .. أنا كنت أظلم ..
وجعل يدافع عن عمر ويعتذر له ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ : هل أنتم تاركون لي صاحبي ؟
هل أنتم تاركون لي صاحبي ؟ إني قلت : يأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً ..
فقلتم : كذبت .. وقال أبو بكر : صدقت ..
وانتبه أن تكون ممن يصلح الناس ويفسد نفسه .. يدور بها كما يدور الحمار في الرحى ..
فإذا كنت في موضع توجيه أو اقتداء .. كمدرس مع طلابه ..
وأب مع أولاده .. أو أم .. وكذلك الزوجان مع بعضهما ..
وزع عمر رضيـ الله عنه ثياباً على الناس .. فنال كل واحد قطعة قماش تكفيه إزاراً أو رداءً ..
ثم قام يخطب الناس يوم الجمعة ..
فقال في أول خطبته : إن الله كتب لي عليكم السمع والطاعة ..
فقام رجل من القوم وقال : لا سمع لك ولا طاعة ..
فقال عمر : لمه ؟ قال : لأنك قسمت علينا ثوباً .. ثوباً .. وأنت تلبس ثوبين جديدين ..
أي إزارك ورداؤك .. كلاهما نلحظ أنه جديد ..
فقال عمر : قم يا عبد الله بن عمر .. فقام .. فقال : ألست دفعت لي ثوبك لأخطب به ..؟
قال : نعم .. فقعد الرجل وقال : الآن نسمع ونطيع .. وانتهت المشكلة ..
عزيزي لا تعجل عليَّ .. أنا معك أن أسلوب الرجل لما اعترض على عمر .. غير مناسب ..
لكن العجب هو من قدرة عمر على استيعاب الموقف .. وإطفاء النار ..
وأخيراً .. إذا أردت أن يقبل الناس منك ملاحظتك .. ونصحك .. أياً كانوا .. زوجة .. ولداً .. أختاً ..
فكن أنت متقبلاً للنصح أصلاً .. غير متكبر عنه ..
كان كثيراً ما يقول لها : اعتن بأولادك أكثر .. اطبخي جيداً .. إلى متى أقول : رتبي غرفة النوم
وكانت تردد دائماً بكل أريحية : أبشر .. إن شاء الله .. أمرك ..
قالت له يوماً .. ناصحة .. الأولاد في أيام اختبارات ويحتاجون وجودك بينهم ..
فلا تتأخر إذا خرجت لأصحابك .. فما كاد يسمع منها ذلك حتى صاح بها ..
لست متفرغاً لهم .. أتأخر أو لا أتأخر .. ليس شغلك .. ليس لك دخل فيَّ ..
فبالله عليك قل لي : كيف تريدها أن تقبل منه نصحاً بعد ذلك !!
وأخــــيراً ..
الذكي .. هو الذي يسد الفتحات في جداره حتى لا يستطيع الناس أن يسترقوا النظر ..
بمعنى : أن لا تفتح مجالاً لشك الناس فيك ..
أذكر أن إحدى الجمعيات الدعوية استدعت مجموعة من الدعاة لعقد محاضرات في ألبانيا ..
كان رئيس المراكز الدعوية في ألبانيا حاضراً الاجتماع ..
نظرنا إليه .. فإذا ليس في خديه شعرة واحدة ..
فنظر بعضنا إلى بعض مستغرباً ..!!
فقد جرت العادة أن يكون الداعية ملتزماً بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلمـ معفياً لحيته..
ولو بعضها .. فكيف برئيس الدعاة ؟!
فلما ابتدأ الاجتماع قال لنا ضاحكاً : يا جماعة .. أنا أمرد .. أصلاً لا ينبت لي لحية ..
لا تعملوا لي محاضرة إذا انتهينا ..
تبسمنا وشكرناه .. وإن شئت فارحل معي إلى المدينة ..
وانظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
وقد كان معتكفاً في مسجده في ليالي رمضان ..
فأقبلت إليه زوجه صفية بنت حيي رضيـ الله عنها زائرة ..
فمكثت عنده قليلاً ..ثم قامت لتعود لبيتها ..فلم يشأ النبي صلى الله عليه وسلمـ ..
أن تعود في ظلمة الليل وحدها ..
فقام معها ليوصلها .. فمشى معها في الطريق .. فمر به رجلان من الأنصار ..
فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلمـ والمرأة معه .. أسرعا ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ لهما : على رسلكما إنها صفية بنت حيي ..
فقالا : سبحان الله يا رسول الله أي : أيُعقل أن نشك فيك أن يكون معك امرأة أجنبية عنك ..!!
فقال صلى الله عليه وسلمـ : إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم ..
وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شراً .. أو قال شيئاً ..


:: شجاعة ::
ليست الشجاعة أن تصر على خطئك .. وإنما أن تعترف به .. ولا تكرره مرة أخرى ..

العابره
4-3-2010, 07:06 AM
الموضوعـ الخامس و الخمســـــــين : فَـكِّك الحزمة ..!!
يقول الشيخـ :::: إذا كان الخطأ واقعاً من مجموعة .. فالأصل أن تنصحهم وهم مجتمعون ..
ولكن قد تحتاج أحياناً أن تفكك الحزمة .. أعني ..
أن تكلم كل واحد على حدة .. وتنصحه. .
مثال :مررت بمجلس منزلكم .. وسمعت أخاك يتحدث مع أصدقائه ..
وكانوا ضيوفاً عنده .. ويخططون أن يسافروا إلى بلد كذا ..
وهذا البلد لا يسلم من يذهب إليه غالباً من التعرض للمحرمات الكبار ..
كالزنا وشرب الخمر .. أردت أن تنصح ..
من الأساليب أن تدخل عليهم وتنصحهم بكلمتين .. وتخرج ..
لكن نتيجة ذلك قد لا تكون ناجحة كثيراً ..
فما رأيك أن تفكك الحزمة .. وتكسر كل عود على حدة ..
كيف ؟!
إذا تفرقوا اجلس مع من تظنه أعقلهم .. وقل : يا فلان .. بلغني أنكم ستسافرون ..
وأنت أعقلهم .. وتعلم أن هذا البلد لا يسلم المسافر إليه من البلايا والفتن ..
وقد يعود مريضاً أو مبتلى .. فما رأيك أن تكسب أجرهم ..
وتقترح عليهم أن يسافروا إلى بلد آخر .. تستمتعون فيه بالأنهار والبحار ..
واللعب والأنس .. من غير معصية .. لا شك أنه إذا سمع منك هذا الكلام بالأسلوب الحسن
.. سيقل حماسه إلى النصف .. اذهب إلى آخر .. وقل له مثل ذلك ..
ثم قل للثالث مثله .. دون أن يشعر كل منهم بحديثك لصاحبه ..
فتجد أنهم إذا اجتمعوا .. وتشجَّع أحدهم واقترح تغيير البلد .. وجد من يعاونه ..
أو لو اكتشفت يوماً أن أولادك يجتمعون في غرفة أحدهم ..
وينظرون إلى شريط فيديو خليع .. أو مقاطع ( بلوتوث ) فيها صور خليعة .. أو نحو ذلك ..
فقد يكون من المناسب أن تنصح كلاً منهم على حدة .. لكيلا تأخذهم العزة بالإثم ..
هل لهذا شاهد من السيرة ؟ نعــم ..
لما اشتد الخلاف بين رسول الله صلى الله عليه وسلمـ وبين قريش ..
اجتمعت قريش وقاطعت النبي وجميع أقاربه من بني هاشم ..
وكتبت صحيفة أن بني هاشم لا يُشترى منهم .. ولا يُباع عليهم .. ولا يُزوَّجون .. ولا يُتزوَّج منهم ..
وحُبس النبي صلى الله عليه وسلمـ مع أصحابه في وادٍ غير ذي زرع ..
واشتدت الكربة على الصحابة حتى أكلوا الشجر ..
بل مضى أحدهم يوماً ليبول .. فسمع صوتاً تحته ..
فنظر فإذا قطعة من جلد بعير .. فأخذها .. وغسلها وشواها بالنار .. ثم فتّـتَـتها ..
وخلطها بالماء .. وجعل يتموَّن بها ثلاثة أيام !!
فقال صلى الله عليه وسلمـ يوماً لعمه أبي طالب .. وكان محبوساً معهم في الشعب ..
يا عم إن الله قد سلط الأَرَضة على صحيفة قريش ..
فلم تدع فيها اسماً هو لله إلا أثبتته فيها . ونفت منها الظلم والقطيعة والبهتان ..
أي إن دابة الأرضة أكلت صحيفة قريشس فلم يبق منها إلا عبارة : باسمك اللهم !!
فعجب أبو طالب وقال : أربك أخبرك بهذا ؟ قال : نعم ..
قال : فوالله ما يدخل عليك أحد .. حتى أخبر قريشاً بذلك ..
ثم خرج إلى قريش فقال :
يا معشر قريش .. إن ابن أخي قد أخبرني بكذا وكذا .. فهلمَّ صحيفتكم ..
فإن كانت كما قال فانتهوا عن قطيعتنا وانزلوا عنها ..
وإن كان كاذباً .. دفعت إليكم ابن أخي فافعلوا به ما شئتم ..
فقال القوم : قد رضينا .. فتعاقدوا على ذلك ..
ثم نظروا فإذا هي كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. فزادهم ذلك شراً ..
وظل بنو هاشم وبنو المطلب في واديهم .. حتى كادوا أن يهلكوا ..
وكان من كفار قريش رجال رحماء ..
منهم : هشام بن عمرو .. وكان ذا شرف في قومه ..
فكان يأتي بالبعير قد حمله طعاماً .. وبنو هاشم وبنو المطلب في الشعب ليلاً ..
حتى إذا بلغ به فم الشعب .. خلع خطامه من رأسه ثم ضرب على جنبه فدخل الشعب عليهم ..
ومضت اليام ورأى هشام .. أنه لا طاقة له بإطعامهم كل ليلة .. وهم كثير ..
فقرر أن يسعى لنقض الصحيفة الظالمة .. ولكن أنى له ذلك وقريش قد أجمعت عليها ..
فاتبع أسلوب تفكيك الحزمة ..
مشى إلى زهير بن أبي أمية .. وكانت أمه عاتكة بنت عبد المطلب ..
فقال : يا زهير أرضيت أن تأكل الطعام وتلبس الثياب وتنكح النساء ..
وأخوالك حيث علمت ؟ لا يباع لهم ولا يبتاع منهم .. ولا يُنَكَّحون ولا يُنكحُ إليهم ؟!
أما إني أحلف بالله لو كانوا أخوال أبي الحكم بن هشام .. يعني أبا جهل ..
وكان أشدهم عداوة للمؤمنين وتعصباً للمقاطعة .. ما تركهم على هذا الحال ..
قال : ويحك يا هشام .. فماذا أصنع ؟
إنما أنا رجل واحد والله لو كان معي رجل آخر لقمت في نقضها ..
قال : قد وجدت رجلاً ..
قال : من هو ؟
قال : أنا ..
قال زهير : أبغنا ثالثاً ..
قال هشام : فاكتم عني ..
فذهب إلى المطعم بن عدي .. وكان رجلاً عاقلاً .. فقال له : يا مطعم ..
أرضيت أن يهلك بطنان من بني عبد مناف .. وأنت شاهد على ذلك .. موافق لقريش فيه ؟!
قال : ويحك فماذا أصنع ؟ إنما أنا رجل واحد ..
قال : وجدت لك ثانياً ..
قال : من ؟ قال : أنا ..
قال : أبغنا ثالثاً ..
قال : قد فعلت .. قال : من هو ؟
قال : زهير بن أبي أمية ..
قال : أبغنا رابعاً ..
قال : فاكتم عني ..
فذهب إلى أبي البختري بن هشام .. فقال له ما قال لصاحبيه ..
فتحمس لذلك .. وقال : وهل تجد أحدا يعين على هذا ؟
قال : نعم ..
قال : من هو ؟
قال : زهير بن أبي أمية والمطعم بن عدي وأنا معك ..
قال : أبغنا خامساً ..
فذهب هشام إلى زمعة بن الأسود .. فكلمه وذكر له قرابتهم وحقهم ..
فقال له : وهل على هذا الأمر الذي تدعوني إليه من أحد ؟
قال : نعم .. فلان وفلان ..
فاتفقوا جميعاً على هذا الرأي .. وتوعدوا عند "حطم الحجون " ليلاً بأعلى مكة ..
فاجتمعوا هنالك ..وأجمعوا أمرهم وتعاقدوا على القيام في الصحيفة حتى ينقضوها ..
وقال زهير : أنا أبدؤكم فأكون أول من يتكلم .. ثم تقموا أنتم فتتكلمون ..
فلما أصبحوا غدوا إلى مجالسهم حول الكعبة .. حيث يجتمع الناس ويتبايعون ..
وغدا زهير بن أبي أمية عليه حلة ..
فطاف بالبيت سبعاً .. ثم أقبل على الناس وصرخ :
ياااا أهل مكة أنأكل الطعام ..؟ ونلبس الثياب ..؟ وبنو هاشم هلكى !!
لا يباع لهم ولا يبتاع منهم .. والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة ..
فصرخ أبو جهل ..وكان في مجلس مع أصحابه .. قال : كذبت .. والله لا تشق ..
فقام زمعة بن الأسود وصرخ : بل أنت والله أكذب .. ما رضينا كتابتها حين كتبت ..
فالتفت إليه أبو جهل ليرد عليه .. ففاجأه البخترى قائماً يقول : صدق زمعة ..
لا نرضى ما كتب فيها ولا نقر به .. فالتفت أبو جهل إلى البخنري ..
فإذا بالمطعم بن عدى يصرخ : صدقتما وكذب من قال غير ذلك ..
نبرأ إلى الله منها ومما كتب فيها .. وقام هشام بن عمرو وقال مثل قولهم ..
فتحير أبو جهل .. وسكت هنية ثم قال : هذا أمر قُضِي بليل .. تشوور فيه بغير هذا المكان ..
ثم انطلق المطعم بن عدي إلى الكعبة .. وتوجه إلى الصحفية ليشقها ..
فوجد دابة الأرضة قد أكلتها .. إلا باسمك اللهم ..


:: كن ذكياً ::
الطبيب الحاذق يتلمس أولاً بأصابعه .. فيختار الموضع المناسب قبل غرز الإبرة ..

العابره
4-3-2010, 07:08 AM
الموضوعـ السادس و الخمســـــــين : جلد الذات !!
يقول الشيخـ:::: من الذكريات ..
أنا خرجنا مرة للبر .. وكان معنا أبو خالد .. صديق لنا نظره ضعيف جداً ..
كنا نخدمه .. نقرب إليه الماء .. التمر .. القهوة .. وهو يردد : لا بد أن أساعدكم ..
أريد أن أشتغل معكم .. كلفوني بأي عمل ..
ونحن ننهاه عن ذلك ..
ذبحنا شاة معنا .. وقطعناها ووضعناها في القدر .. تمهيداً لطبخها ..
ولم نشعل النار بعد ..وانشغلنا بنصب الخيمة .. وترتيب الأغراض ..
تحركت الشهامة في أبي خالد .. ويا ليتها لم تفعل .. فقام وتوجه إلى القدر ..
فرأى اللحم .. فأدرك أن أول شيء سنفعله هو أن نصب الماء على اللحم ..
فتوجه إلى الأغراض في السيارة .. وجعل يتلمس الأغراض .. مولد كهرباء ..
أسلاك .. مصابيح .. أربع مطارات بلاستيك فيها ماء .. وبنزين .. وأغراض أخرى ..
فالتقط أقرب مطارة إليه .. وأقبل بها مبتهجاً إلى القدر .. وأفرغ نصفها فيه ..
لمحه أحدنا .. فصرخ به .. لا .. لا .. أبو خالد ..
وهو يردد : خلوني أشتغل .. خلوني ..
فسحبنا المطارة منه فوراً .. وغرقنا في الضحك الذي يغالبه البكاء ..
لأننا اكتشفنا أنها مطارة البنزين .. وليست مطارة الماء ..!!
وتغدينا على خبز وشاي .. لم تفسد الرحلة .. بل كانت من أمتع الرحلات ..
ولماذا نعذب أنفسنا بأمر قد انتهى ..
وأذكر أيضاً :لما كنت في الثانوية خرجت مع بعض الزملاء في رحلة ..
تعطلت بطارية إحدى السيارات .. أقبلنا بسيارة أخرى وأوقفاناها أمامها ..
لنوصل ببطاريتها البطارية المتعطلة ..أقبل طارق ووقف بين السيارتين ..
وشبك الأسلاك في بطارية السيارة الأولى .. ثم شبكها في البطارية المتعطلة ..
ثم أشار لأحد الشباب .. شغل السيارة ..
ركب صاحبنا .. وكان ناقل الحركة ( القير ) على رقم واحد ..
فما إن شغل السيارة حتى قفزت السيارة إلى الأمام وصكت ركبتي طارق ..
بين صدامي السيارتين .. ووقع على الأرض مصاباً ..
وصاحبنا في السيارة يردد : أشغل مرة ثانية ؟!!
أبعدنا السيارتين .. وساعدنا طارق على المشي .. كان يعرج ويتألم من ركبتيه بشدة ..
لكنه أعجبني أنه لم يزد ألمه بصراخ أو سبّ .. أو توبيخ .. بل ابتسم وأظهر الرضى ..
وما فائدة الصراخ ؟ والأمر قد انتهى .. وصاحبنا أدرك خطأه ..
إذا أردت أن تستمتع بحياتك .. فاعمل بهذه القاعدة ..
لا تهتم بصغائر الأمور ..نحن أحياناً نعذب أنفسنا .. ونجلدها ..
ونضيق ونتألم .. والألم لا يحل المشكلة ..
افرض أنك دخلت إلى حفل عرس .. وقد لبست ثوباً حسناً ..
ووضعت فوق رأسك غترة وعقالاً .. حتى صرت أجمل من العريس !!
وبدأت تصافح الناس واحداً واحداً .. وفجأة أقبل طفل من ورائك ..
وتعلق بطرف غترتك .. وسحبها فسقطت الغترة والعقال .. والطاقية ..
وصار شكلك مضحكاً .. كيف تتصرف؟
كثير منا يتعامل مع هذه المشكلة بأسلوب هو ليس حلاً لها ..
يركض وراء الصغير .. يصرخ .. يسب .. يلعن ..
والنتيجة : أنه حقق ما كان يريده الطفل من جذب انتباه .. وضجة .. وأضحك الناس عليه ..
وربما صوره بعضهم وصار بلوتوثاً يتناقلونه ..!!
أنت هنا .. حقيقة .. لا تعذب الطفل إنما تعذب نفسك ..
أو افرض أنك ..لبست ثوباً جديداً .. ربما لم تسدد قيمته بعد ..
وذهبت إلى شركة لتقدم على وظيفة .. مررت بأحد الأبواب كان مدهوناً بالطلاء للتوّ ..
وبجانبه لوحة تحذيرية لم تنتبه لها ..
وفجأة مسحت نصف الطلاء بثوبك .. وطفق عامل الطلاء يصرخ بك ساباً غضباباً ..
كيف تتعامل مع هذه المشكلة ؟
نحن في كثير من الأحيان أيضاً نتعامل معها بأسلوب ليس حلاً لها ..
نثور ..نسبُّ العامل .. لِمَ لم تضع لوحة واضحة .. فيرد عليك بغضب ..
وقد تكون النتيجة أن تتلطخ بتراب الأرض أكثر مما تلطخت بطلاء الباب !!
على رسلك .. تدري أنت الآن ماذا تفعل ؟! إنك تعذب نفسك .. تجلد ذاتك ..
وقل مثل ذلك لو تزينت وذهبت خاطباً .. فمرت بك سيارة وأنت خارج من البيت ..
ورشت عليك من ماء كان مجتمعاً على الأرض ..
هل ستعذب نفسك فتصرخ وتزعق بالسيارة وركابها .. وهي قد ولَّتك ظهرها ..
وكذلك .. لا داعي لنتذكر دائماً الآلام التي مستنا في حياتنا ..
محمد صلى الله عليه وسلمـ مرت به لحظات حزينة في حياته ..
حتى جلس يوماً مع زوجه الحنون عائشة رضيـ الله عنها .. في لحظة ساكنة .. فسألته :
هل أتى عليك يوم أشد عليك من يوم أحد ؟
مرَّت تلك المعركة في ذاكرة النبي صلى الله عليه وسلمـ ..
آآآه .. ما أقسى ذلك اليوم .. يوم قُتل عمه حمزة وهو من أحب الناس إليه ..
يوم وقف ينظر إلى عمه وقرة عينه .. وقد جُدع أنفه .. وقطعت أذناه ..
وشُقَّ بطنه .. ومُزِّق جسده ..
يوم كسرت أسنانه صلى الله عليه وسلمـ .. وجُرح وجهه .. وسالت منه الدماء ..
يوم قتل أصحابه بين يديه ..
يوم عاد صلى الله عليه وسلمـ إلى المدينة .. وقد نقص سبعون من أصحابه ..
فرأى النساء الأرامل والأطفال اليتامى .. يبحثون عن أحبابهم وآبائهم ..
فعلاً .. كان ذلك اليوم قاسياً ..
كانت عائشة تنتظر الجواب .. فقال صلى الله عليه وسلمـ :
ما لقيت من قومك كان أشد منه .. يوم العقبة .. إذ عرضت نفسي ..
ثم ذكر لها قصة استنصاره بأهل الطائف .. وتكذيبهم له ..
ورمي سفهائهم له بالحجارة حتى أدموا قدميه ..
ومع وجود هذه الآلام في تاريخ حياته صلى الله عليه وسلمـ ..
إلا أنه كان لا يسمح لها أن تنغص عليه استمتاعه بالحياة ..
لا تستحق الالتفات إليها .. وقد مضت آلامها وبقيت حسناتها ..
إذن لا تقتل نفسك بالهمّ ..
وكذلك لا تقتل الناس بالهم واللوم ..
نحن أحياناً نتعامل مع بعض المشاكل بأساليب هي في الحقيقة ليست حلاً لها ..
كان الأحنف بن قيس سيد بني تميم ..
لم يكن ساد قومه بقوة جسد .. ولا كثرة مال .. ولا ارتفاع نسب ..
وإنما سادهم بالحلم والعقل ..حقد عليه قوم ..
فأقبلوا إلى سفيه من سفهائهم وقالوا له :
هذه ألف درهم على أن تذهب إلى سيد بني تميم .. الأحنف بن قيس ..
فتلطمه على وجهه .. مضى السفيه ..
فإذا الأحنف جالس مع رجال .. محتبياً بكل رزانة ..
قد ضم ركبتيه إلى صدره .. وجعل يحدث قومه ..
اقترب السفيه منه .. ودنا .. ودنا .. فلما وقف عنده ..
مدَّ الأحنف إليه رأسه ظاناً أنه سيسرّ إليه بشيء ..
فإذا بالسفيه يرفع يده ويلطم الأحنف على وجهه لطمة كادت تمزق خده !!
نظر الأحنف إليه .. ولم يحلّ حبوته .. وقال بكل هدوووء :
لماذا لطمتني ؟!!
قال : قوم أعطوني ألف درهم على أن ألطم سيد بني تميم ..
فقال الأحنف .. آآآه .. ما صنعت شيئاً .. لست سيد بني تميم ..!
قال : عجباً !! فأين سيد بني تميم ..
قال : هل ترى ذاك الرجل الجالس وحده .. وسيفه بجانبه ؟
وأشار إلى رجل اسمه حارثة بن قدامة .. امتلأ غضباً وغيظاً ..
لو قُسِّم غضبه على أمةٍ لكفاهم ..
قال : نعم أراه .. الجالس هناك ..
قال : فاذهب والطمه لطمة .. فذاك سيد بني تميم ..
مضى الرجل إليه : واقترب من حارثة .. فإذا عينا حارثة تلتمع شرراً ..
وقف السفيه عليه .. ورفع يده ولطمه على وجهه ..
فما كادت يده تفارق خده حتى التقط حارثة سيفه .. وقطع يده ..!!
وقديماً قيل : الفائز هو الذي يضحك في النهاية !!


:: قناعة ::
التعامل مع المشكلة بأساليب ليست حلاً لها .. يعذبك .. ولا يحل المشكلة !!

العابره
4-3-2010, 07:10 AM
الموضوعـ السابع و الخمســـــــين : ماذا سنتعلم ؟
يقول الشيخـ :::: يشترك الناس غالباً في أسباب الحزن والفرح ..
فهم جميعاً يفرحون إذا كثرت أموالهم .. ويفرحون إذا ترقوا في أعمالهم ..
ويفرحون إذا شفوا من أمراضهم ..ويفرحون إذا ابتسمت الدنيا لهم ..
فتحققت لهم مراداتهم .. وفي الوقت نفسه ..
هم جميعاً يحزنون إذا افتقروا .. ويحزنون إذا مرضوا ..
ويحزنون إذا أُهينوا ..فما دام ذلك كذلك ..
فتعال نبحث عن طرق نديم فيها أفراحنا .. ونتغلب بها على أتراحنا ..
نعم .. سنة الحياة أن يتقلب المرء بين حُلوةٍ ومُرةٍ .. أنا معك في هذا ..
ولكن لماذا نعطي المصائب والأحزان في أحيان كثيرة أكبر من حجمها ..
فنغتم أياماً .. مع إمكاننا أن نجعل غمنا ساعة ..
ونحزن ساعات على ما لا يستحق الحزن .. لماذا ..؟!
أعلم أن الحزن والغم يهجمان على القلب ويدخلانه من غير استئذان ..
ولكن كل باب هم يفتح فهناك ألف طريقة لإغلاقه .. هذا مما سنتعلمه ..
تعال إلى شيء آخر ..كم نرى من الناس المحبوبين ..
الذين يفرح الآخرون بلقائهم .. ويأنسون بمجالستهم ..
أفلم تفكر أن تكون واحداً منهم ..؟
لماذا ترضى أن تبقى دائماً معجَـباً ( بفتح الجيم ) ولا تسعى لأن تكون معجِـباً ( بكسرها ) !!
هنا سنتعلم كيف تصبح كذلك ..
لماذا إذا تكلم ابن عمك في المجلس أنصت له الناس وملك أسماعهم ..
وأعجبوا بأسلوب كلامه .. وإذا تكلمت أنت انصرفوا عنك ..
وتنازعتهم الأحاديث الجانبية ؟! لماذا ؟ ..
مع أن معلوماتك قد تكون أكثر .. وشهادتك أعلى .. ومنصبك أرفع ..
لماذا إذن استطاع ملك أسماعهم وعجزت أنت ؟!!
لماذا ذاك الأب يحبه أولاده ويفرحون بمرافقته في كل ذهاب ومجيء ..
وآخر لا يزال يلتمس من أولاده مرافقته وهم يعتذرون بصنوف الأعذار ..
. لماذا ؟! أليس كلاهما أب ؟!! ولماذا .. ولماذا ..
سنتعلم هنا كيفية الاستمتاع بالحياة .. أساليب جذب الناس .. والتأثير فيهم ..
تحمل أخطائهم ..التعامل مع أصحاب الأخلاقيات المؤذية .. إلى غير ذلك .. فمرحباً بك ..


:: كلمة ::
ليس النجاح أن تكتشف ما يحب الآخرون .. إنما النجاح أن تمارس مهارات تكسب بها محبتهم ..

العابره
8-3-2010, 08:08 AM
الموضوعـ الثامن و الخمســـــــين : لا تنتقد !!
يقول الشيخـ :::: ركب سيارة صاحبه .. فكانت أول كلمة قالها : ياااه !! ما أقدم سيارتك !!
ولما دخل بيته .. رأى الأثاث فقال : أووووه .. ما غيرت أثاثك ؟!
ولما رأى أولاده .. قال : ما شاء الله .. حلوين لكن لماذا ما تلبسهم ملابس أحسن من هذه !!
ولما قدّمت له زوجته طعامه .. وقد وقفت المسكينة في المطبخ ساعات ..
رأى أنواعه فقال : ياااا الله .. لماذا ما طبختي رزّ ؟ أوووه ..
الملح قليل ! لم أكن أشتهي هذا النوع !!
دخل محلاً لبيع الفاكهة .. فإذا المحل مليء بأصناف الفواكه ..
فقال : عندك مانجو ؟ قال صاحب المحل : لا .. هذه في الصيف فقط ..
فقال : عندك بطيخ ؟ قال : لا .. فتغير وجهه وقال : ما عندك شيء ..
ليش فاتح المحل ! وخرج .. ونسي أن في المحل أكثر من أربعين نوعاً من الفواكه ..
نعم ..بعض الناس يزعجك بكثرة انتقاده .. ولا يكاد أن يعجبه شيء ..
فلا يرى في الطعام اللذيذ إلا الشعرة التي سقطت فيه سهواً ..
ولا في الثوب النظيف إلا نقطة الحبر التي سالت عليه خطئاً ..
ولا في الكتاب المفيد إلا خطئاً مطبعياً وقع سهواً ..
فلا يكاد يسلم أحد من انتقاده .. دائم الملاحظات .. يدقق على الكبيرة والصغيرة ..
أعرف أحد الناس .. زاملته طويلاً في أيام الثانوية والجامعة .. ولا تزال علاقتنا مستمرة ..
إلا أني لا ذكر أنه أثنى على شيء .. أسأله عن كتاب ألفته..
وقد أثنى عليه أناس كثيراً وطبع منه مئات الآلاف ..
فيقول ببرود : والله جيد .. ولكن فيه قصة غير مناسبة ..
وحجم الخط ما أعجبني .. ونوعية الطباعة أيضاً سيئة ..
وأسأله يوماً عن أداء فلان في خطبته .. فلا يكاد يذكر جانباً مشرقاً ..
حتى صار أثقل علي من الجبل .. وصرت لا أسأله أبداً عن رأيه في شيء لأني أعرفه سلفاً
قل مثل ذلك فيمن يفترض المثالية في جميع الناس ..
فيريد من زوجته أن يكون بيتها نظيفاً 24ساعة 100% ..
ويريدها أيضاً أن يبقى أطفالها نظيفين متزينين على مدى اليوم ..
وإن زاره ضيوف افترض أن تطبخ أحسن الطعام ..
وإن جالسها افترض أن تحدثه بأجمل الأحاديث ..
وكذلك هو مع أولاده .. يريدهم 100% في كل شيء ..
ومع زملائه .. ومع كل من يخالطه في الشارع والسوق .. و ..
وإن قصّر أحد من هؤلاء أكله بلسانه وأكثر عليه الانتقاد وكرر الملاحظات ..
حتى يمل الناس منه .. لأنه لا يرى في الصفحة البيضاء إلا الأسودَ ..
من كان هذا حاله عذب نفسه في الحقيقة .. وكرهه أقرب الناس إليه واستثقلوا مجالسته..
إذا أنت لم تشرب مراراً على القذا **** ظمئت , وأي الناس تصفو مشاربه؟!
إذا كـنت فـي كل الأمور معاتباً **** رفـيقك لن تلـق الـذي ستعاتبه
قالت أمنا عائشة رضيـ الله عنهاوهي تصف حال تعامله صلى الله عليه وسلمـ معهم :
ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلمـ طعاماً قط .. إن اشتهاه أكله وإلا تركه..
نعم ما كان يصنع مشكلة من كل شيء ..
وقال أنس رضيـ الله عنه : والله لقد خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلمـ تسع سنين ..
ما علمته قال لشيء صنعته : لم فعلت كذا وكذا ؟ ولا عاب عليّ شيئاً قط ..
ووالله ما قال لي أفَّ قط .. هكذا كان .. وهكذا ينبغي أن نكون ..
وأنا بذلك لا أدعو إلى ترك النصيحة أو السكوت عن الأخطاء ..
ولكن لا تكن مدققاً في كل شيء .. خاصة في الأمور الدنيوية .. تعود أن تمشّي الأمور ..
لو طرق بابك ضيف فرحبت به وأدخلته غرفة الضيوف فلما أحضرت الشاي تناول الفنجان ..
فلما نظر إلى الشاي بداخله قال : لـمَ لم تملأ الفنجان ؟ فقلت : أزيدك ؟ قال : لا .. لا .. يكفي
فطلب ماء فأحضرت له كأس ماء فشكرك وشربه .. فلما انتهى قال : ماؤكم حار ..
ثم التفت إلى المكيف وقال : مكيفكم لا يبرّد !! وجعل يشتكى الحر .. ثم ..
ألا تشعر بثقل هذا الإنسان .. وتتمنى لو يخرج من بيتك ولا يعود ..
إذن الناس يكرهون الانتقاد .. لكن إن احتجت إليه فغلفه بغلاف جميل ثم قدمه للآخرين ..
قدمه في صورة اقتراح .. أو بأسلوب غير مباشر .. أو بألفاظ عامة ..
كان رسول الله صلى الله عليه وسلمـ إذا لاحظ خطئاً على أحد لم يواجهه به ..
وإنما يقول : ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا .. يعني : إياكِ أعني واسمعي يا جارة ..
في يوم من الدهر أقبل ثلاثة شباب متحمسين .. إلى المدينة النبوية ..
كانوا يريدون معرفة كيفية عبادة النبيـ صلى الله عليه وسلمـ وصلاته ..
سألوا أزواج النبيـ صلى الله عليه وسلمـ عن عمله في السر ..
فأخبرتهم زوجات النبي صلى الله عليه وسلمـ ..
أنه يصوم أحياناً ويفطر أحياناً .. وينام بعضاً من الليل ويصلي بعضه..
فقال بعضهم لبعض : هذا رسول الله صلى الله عليه وسلمـ قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه ..
ثم اتخذ كل واحد منهم قراراً ..!
فقال أحدهم : أنا لن أتزوج .. أي سأبقى عزباً .. متفرغاً للعبادة ..
وقال الآخر : وأنا سأصوم دائماً .. كل يوم ..
وقال الثالث : وأنا لا أنام الليل .. أي سأقوم الليل كله ..
فبلغ النبي صلى الله عليه وسلمـ ما قالوه ..فقام على منبره ..
فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : ما بال أقوام !! ( هكذا مبهماً ، لم يقل ما بال فلان وفلان ) ..
ما بال أقوام قالوا : كذا وكذا .. لكني أصلي وأنام .. وأصوم وأفطر .. وأتزوج النساء ..
فمن رغب عن سنتي فليس مني وفي يوم آخر .. لاحظ النبي صلى الله عليه وسلمـ
أن رجالاً من المصلين معه .. يرفعون أبصارهم إلى السماء في أثناء صلاتهم ..
وهذا خطأ فالأصل أن ينظر أحدهم إلى موضع سجوده ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ : ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم ..
فلم ينتهوا عن ذلك واستمروا يفعلونه .. فلم يفضحهم أو يسمهم بأسمائهم ..
وإنما قال : لينتهُنَّ عن ذلك .. أو لتخطفن أبصارهم..
وكانت بريرة جارية أمةً مملوكة في المدينة .. أرادت أن تعتق من الرق ..
فطلبت ذلك من سيدها .. فاشترط عليها مالاً تدفعه إليه ..
فجاءت بريرة .. إلى عائشة تلتمس منها أن تعينها بمال ..
فقالت عائشة : إن شئت أعطيت أهلك ثمنك .. فتعتقين .. لكن يكون الولاء لي ..
فأخبرت الجارية أهلها فأبوا ذلك .. وأرادوا أن يربحوا الأمرين .. ثمن عتقها .. وولاءها !!
فسألت عائشة النبي صلى الله عليه وسلمـ ..
فعجب صلى الله عليه وسلمـ من حرصهم على المال .. ومنعهم للمسكينة من الحرية !!
فقال لعائشة : ابتاعيها .. فأعتقيها .. فإنما الولاء لمن أعتق ..
أي الولاء لك ما دام أنك دفعت المال .. ولا تلتفتي إلى شروطهم فهي ظالمة ..
ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلمـ على المنبر فقال :
ما بال أقوام ( ولم يقل آل فلان ) .. يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله ..
من اشترط شرطاً ليس في كتاب الله .. فليس له .. وإن اشترط مائة شرط ..
نعم هكذا .. لوّح بالعصا من بعيد ولا تضرب بها ..
فما أجمل أن تقول لزوجتك المهملة في نظافة بيتها : البارحة تعشينا عند صاحبي فلان ..
وكان الجميع يثني على نظافة منزله .. أو تقول لولدك المهمل للصلاة في المسجد ..
أنا أعجب من فلان ابن جيراننا ما نكاد نفقده في المسجد أبداً ..!!
يعني .. إياك أعني واسمعي يا جارة !! ويحق لك أن تسأل : لماذا يكره الناس الانتقاد ؟
فأقول : لأنه يشعرهم بالنقص .. فكل الناس يحبون الكمال ..
ذكروا أن رجلاً بسيطاً أراد أن يكون له شيء من التحكم ..
فعمد إلى ترمسي ماء أحدهما أخضر والثاني أحمر .. وعبأهما بالماء البارد ..
ثم جلس للناس في طريقهم .. وجعل يصيح : ماء بارد مجاناً ..
فكان العطشان يقبل عليه ويتناول الكأس ليصب لنفسه ويشرب ..
فإذا رآه صاحبنا قد توجه للترمس الأخضر ..
قال له : لا .. اشرب من الأحمر .. فيشرب من الأحمر ..
وإذا أقبل آخر .. وأراد أن يشرب من الأحمر .. قال له : لا .. اشرب من الأخضر ..
فإذا اعترض أحدهم .. وقال : ما الفرق ؟!
قال : أنا المسئول عن الماء .. يعجبك هذا النظام أو دبر لنفسك ماءً ..
إنه شعور الإنسان الدائم بالحاجة إلى اعتباره والاهتمام به ..


نحلة .. وذباب !!
كن نحلة تقع على الطيب وتتجاوز الخبيث .. ولا تك كالذباب يتتبع الجروح !!

العابره
8-3-2010, 08:10 AM
الموضوعـ التاسع والخمســـــــون : استعمل الطُّعم المناسب !!
يقول الشيخـ :::: الناس بطبيعتهم يتفقون في أشياء كلهم يحبونها ويفرحون بها ..
ويتفقون في أشياء أخرى كلهم يكرهونها ..
ويختلفون في أشياء منهم من يفرح بها .. ومنهم من يستثقلها ..
فكل الناسـ يحبون التبسم في وجوههم .. ويكرهون العبوس والكآبة ..
لكنهم إلى جانب ذلك .. منهم من يحب المرح والمزاح .. ومنهم من يستثقله ..
منهم من يحب أن يزوره الناس ويدعونه .. ومنهم الانطوائي ..
ومنهم من يحب الأحاديث وكثرة الكلام .. ومنهم من يبغض ذلك ..
وكل واحد في الغالب يرتاح لمن وافق طباعه ..
فلماذا لا توافق طباع الجميع عند مجالستهم .. وتعامل كل واحد بما يصلح له ليرتاح إليك ؟
ذكروا أن رجلاً رأى صقراً يطير بجانب غراب !! فعجب ..
كيف يطير ملك الطيور مع غراب !! فجزم أن بينهما شيئاً مشتركاً جعلهما يتوافقان ..
فجعل يتبعهما ببصره .. حتى تعبا من الطيران فحطا على الأرض فإذا كلهما أعرج !!
فإذا علم الولد أن أباه يؤثر السكوت ولا يحب كثرة الكلام ..
فليتعامل معه بمثل ذلك ليحبه ويأنس بقربه ..
وإذا علمت الزوجة أن زوجها يحب المزاح .. فلتمازحه .. فإن علمت أنه ضد ذلك فلتتجنب ..
وقل مثل ذلك عند تعامل الشخص مع زملائه .. أو جيرانه .. أو إخوانه ..
لا تحسب الناس طبعاً واحداً فلهم طبائع لست تحصيهن ألوان ..
أذكر أن عجوزاً صالحة .. وهي أم لأحد الأصدقاء .. كانت تمدح أحد أولادها كثيراً ..
وترتاح إذا زارها أو تحدث معها .. مع أن بقية أولادها يبرون بها ويحسنون إليها ..
لكن قلبها مقبل على ذاك الولد ..كنت أبحث عن السرّ .. حتى جلست معه مرة فسألته عن ذلك ..
فقال لي : المشكلة أن إخواني لا يعرفون طبيعة أمي ..
فإذا جلسوا معها صاروا عليها ثقلاء .
فقلت له مداعباً : وهل اكتشف معاليكم طبيعتها .. !!
ضحك صاحبي وقال : نعم .. سأخبرك بالسرّ ..
أمي كبقية العجائز .. تحب الحديث حول النساء وأخبار من تزوجت وطلقت ..
وكم عدد أبناء فلانة .. وأيهم أكبر .. ومتى تزوج فلان فلانة ؟ وما اسم أول أولادهما ..
إلى غير ذلك من الأحاديث التي أعتبرها أنا غير مفيدة .. لكنها تجد سعادتها في تكرارها ..
وتشعر بقيمة المعلومات التي تذكرها .. لأننا لن نقرأها في كتاب ولن نسمعها في شريط ..
ولا تجدها .. قطعاً .. في شبكة الإنترنت !!
فتشعر أمي وأنا أسألها عنها أنها تأتي بما لم يأت به الأولون ..
فتفرح وتنبسط .. فإذا جالستها حركت فيها هذه المواضيع فابتهجت .. ومضى الوقت وهي تتحدث ..
وإخواني لا يتحملون سماع هذه الأخبار .. فيشغلونها بأخبار لا تهمها ..
وبالتالي تستثقل مجلسهم .. وتفرح بي !! هذا كل ما هنالك ..
نعم أنت إذا عرفت طبيعة من أمامك .. وماذا يحب وماذا يكره .. استطعت أن تأسر قلبه ..
ومن تأمل في تعامل النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
مع الناس وجد أنه كان يعامل مع كل شخص بما يتناسب مع طبيعته ..في تعامله مع زوجاته..
كان يعامل كل واحدة بالأسلوب الذي يصلح لها ..
عائشة كانت شخصيتها انفتاحية .. فكان يمزح معها .. ويلاطفها ..
ذهبت معه مرة في سفر .. فلما قفلوا راجعين واقتربوا من المدينة ..
قال صلى الله عليه وسلمـ للناس ..
تقدموا عنا .. فتقدم الناس عنه .. حتى بقي مع عائشة ..
وكانت جارية حديثة السن .. نشيطة البدن ..
فالتفت إليها ثم قال : تعاليْ حتى أسابقك .. فسابقته .. وركضت وركضت .. حتى سبقته ..
وبعدها بزمان .. خرجت معه صلى الله عليه وسلمـ في سفر ..
بعدما كبرت وسمنت .. وحملت اللحم وبدنت ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ للناس : تقدموا .. فتقدموا ..
ثم قال لعائشة : تعاليْ حتى أسابقك .. فسابقته .. فسبقها ..
فلما رأى ذلك .. جعل يضحك ويضرب بين كتفيها .. ويقول : هذه بتلك .. هذه بتلك ..
بينما كان يتعامل مع خديجة تعاملاً آخر .. فقد كانت تكبره في السن بخمس عشرة سنة ..
حتى مع أصحابه .. كان يراعي ذلك .. فلم يلبس أبا هريرة عباءة خالد ..
ولم يعامل أبا بكر كما يعامل طلحة .. وكان يتعامل مع عمر تعاملاً خاصاً ..
ويسند إليه أشياء لا يسندها إلى غيره ..
انظر إليه صلى الله عليه وسلمـ وقد خرج مع أصحابه إلى بدر ..
فلما سمع بخروج قريش .. عرف أن رجالاً من قريش سيحضرون إلى ساحة المعركة كرهاً ..
ولن يقع منهم قتال على المسلمين ..
فقام صلى الله عليه وسلمـ في أصحابه وقال ..
إني قد عرفت رجالاً من بني هاشم وغيرهم قد أخرجوا كرهاً .. لا حاجة لهم بقتالنا ..
فمن لقي منكم أحداً من بني هاشم فلا يقتله ..
ومن لقي أبا البختري بن هشام فلا يقتله ..
ومن لقي العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلمـ فلا يقتله ..
فإنه إنما خرج مستكرهاً ..
وقيل إن العباس كان مسلماً يكتم إسلامه .. وينقل أخبار قريش ..
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. فلم يحب النبي صلى الله عليه وسلمـ ..
أن يقتله المسلمون .. ولم يحب كذلك أن يظهر أمر إسلامه ..
كانت هذه المعركة أول معركة تقوم بين الفريقين .. المسلمين وكفار قريش ..
وكانت نفوس المسلمين مشدودة .. فهم لم يستعدوا لقتال .. وسيقاتلون أقرباء وأبناء وآباء ..
وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلمـ يمنعهم من قتل البعض ..
وكان عتبة بن ربيعة من كبار كفار قريش .. ومن قادة الحرب ..
وكان ابنه أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة .. مع المسلمين .. فلم يصبر أبو حذيفة ..
بل قال : أنقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا ونترك العباس !! والله لئن لقيته لألحمنه بالسيف ..
فبلغت كلمته رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فالتفت النبي عليه الصلاة والسلام .. فإذا حوله أكثر من ثلاثمائة بطل ..
فوجه نظره فوراً إلى عمر .. ولم يلتفت إلى غيره ..
وقال : يا أبا حفص .. أيضرب وجه عم رسول الله بالسيف ؟!
قال عمر : والله إنه لأول يوم كناني فيه رسول الله صلى الله عليه وسلمـ بأبي حفص ..
وكان عمر رهن إشارة النبي صلى الله عليه وسلمـ ..
ويعلم أنهم في ساحة قتال لا مجال فيها للتساهل في التعامل مع من يخالف أمر القائد ..
أو يعترض أمام الجيش ..
فاختار عمر حلاً صارماً فقال : يا رسول الله دعني فلأضرب عنقه بالسيف ..
فمنعه النبيـ صلى الله عليه وسلمـ .. ورأى أن هذا التهديد كاف في تهدئة الوضع ..
كان أبو حذيفة رضيـ الله عنه رجلاً صالحاً .. فكان بعدها يقول : ما أنا بآمن من تلك الكلمة التي قلت يومئذ ..
ولا أزال منها خائفاً إلا أن تكفرها عني الشهادة .. فقتل يوم اليمامة شهيداً رضيـ الله عنه ..
هذا عمر .. كان رضيـ الله عنه يعلم بنوع الأعمال التي يسندها إليه .. فليس الأمر متعلقاً بجمع صدقات ..
ولا بإصلاح متخاصمين .. ولا بتعليم جاهل ..
وإنما هم في ساحة قتال فكانت الحاجة إلى الرجل الحازم المهيب أكثر منها إلى غيره ..
لذا اختار عمر .. واستثاره : أيضرب وجه عم رسول الله بالسيف ؟!
وفي موقف آخر ..
يقبل النبيـ صلى الله عليه وسلمـ على خيبر .. ويقاتل أهلها قتالاً يسيراً ..
ثم يصالحهم ويدخلها .. واشترط عليهم أن لا يكتموا شيئاً من الأموال ..
ولا يغيبوا شيئاً .. ولا يخبئوا ذهباً ولا فضة .. بل يظهرون ذلك كله ويحكم فيه ..
وتوعدهم إن كتموا شيئاً أن لا ذمة لهم ولا عهد ..
وكان حيي بن أخطب من رؤوسهم .. وكان جاء من المدينة بجلد تيس مدبوغ ومخيط ووملوء ذهباً وحلياً ..
وقد مات حيي وترك المال .. فخبئوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ لعم حيي بن أخطب : ما فعل مسك حيي الذي جاء به من النضير ؟
أي الجلد المملوء ذهباً .. فقال : أذهبته النفقات والحروب ..
فتفكر صلى الله عليه وسلمـ في الجواب .. فإذا موت حيي قريب والمال كثير ..
ولم تقع حروب قريبة تضطرهم إلى إنفاقه ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ : العهد قريب .. والمال أكثر من ذلك ..
فقال اليهودي : المال والحلي قد ذهب كله ..
فعلم النبيـ صلى الله عليه وسلمـ أنه يكذب .. فنظر صلى الله عليه وسلمـ ..
إلى أصحابه فإذا هم كثير بين يديه .. وكلهم رهن إشارته ..
فالتفت إلى الزبير بن العوام وقال : يا زبير .. مُسَّه بعذاب .. فأقبل إليه الزبير متوقداً ..
فانتفض اليهودي .. وعلم أن الأمر جد .. فقال : قد رأيت حُيياً يطوف في خربة ها هنا ..
وأشار إلى بيت قديم خراب .. فذهبوا فطافوا فوجدوا المال مخبئاً في الخربة ..
هذا في حاله صلى الله عليه وسلمـ مع الزبير .. يعطي القوس باريها ..
وكان الصحابة يتعامل بعضهم مع بعض على هذا الأساس ..
لما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلمـ مرض الموت .. واشتد عليه الوجع ..
لم يستطع القيام ليصلي بالناس ..
فقال وهو على فراشه : مروا أبا بكر فليصل بالناس ..
وكان أبو بكر رجلاً رقيقاً .. وهو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
في حياته وبعد مماته .. وهو صديقه في الجاهلية والإسلام ..
وهو أبو زوجة النبيـ صلى الله عليه وسلمـ عائشة .. وهو ..
وكان يحمل في صدره جبلاً من حزن بسبب مرض النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
فلما أمر النبي صلى الله عليه وسلمـ أن يبلغوا أبا بكر ليصلي بالناس ..
قال بعض الحاضرين عند النبي صلى الله عليه وسلمـ ..إن أبا بكر رجل أسيف .. أي رقيق ..
إذا قام مقامك لم يستطع أن يصلي بالناس .. أي من شدة التأثر والبكاء ..
وكان النبيـ صلى الله عليه وسلمـ يعلم ذلك عن أبي بكر .. أنه رجل رقيق يغلبه البكاء ..
خاصة في هذا الموطن ..
لكنه صلى الله عليه وسلمـ كان يشير إلى أحقية أبي بكر بالخلافة من بعده ..
يعني : إذا أنا غير موجود فأبو بكر يتولى المسئولية ..
فأعاد صلى الله عليه وسلمـ الأمر : مروا أبا بكر فليصل بالناس .. حتى صلى أبو بكر ..
ومع رقة أبي بكر .. إلا أنه كان ذا هيبة .. وله حدة غضب أحياناً تكسوه جلالاً ..
وكان رفيق دربه عمر رضيـ الله عنه يراعي ذلك منه ..
انظر إليهم جميعاً رضيـ الله عنهمـ .. وقد اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة ..
بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلمـ .. ليتفقوا على خليفة ..
اجتمع المهاجرون والأنصار .. وانطلق عمر إلى أبي بكر واصطحبا إلى السقيفة ..
قال عمر : فأتيناهم في سقيفة بني ساعدة .. فلما جلسنا تشهد خطيب الأنصار ..
وأثنى على الله بما هو له أهل ثم قال ..
أما بعد فنحن أنصار الله .. وكتيبة الإسلام .. وأنتم يا معشر المهاجرين رهط منا ..
وقد دفت دافة من قومكم وإذا هم يريدون أن يحتازونا من أصلنا .. ويغصبونا الأمر ..
فلما سكت أردت أن أتكلم ، وقد زورت في نفسي مقالة قد أعجبتني ..
أريد أن أقدمها بين يدي أبي بكر .. وكنت أداري منه بعض الحِدّة ..
فقال أبو بكر : على رسلك يا عمر .. فكرهت أن أغضبه ..
فتكلم وهو كان أعلم مني وأوقر .. فوالله ما ترك من كلمة أعجبتني من تزويري إلا قالها في بديهته ..
أو قال مثلها .. أو أفضل منها حتى سَكَتَ ..
قال أبو بكر : أما ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل ..
ولن تعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش .. هم أوسط العرب نسباً وداراً ..
وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم ..
وأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح وهو جالس بيننا ..
ولم أكره شيئا مما قاله غيرها .. كان والله أن أقدم فتضرب عنقي لا يقرّبني ذلك إلى إثم ..
أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر ..
سكت الناس .. فقال قائل من الأنصار : أنا جذيلها المحكك .. وعذيقها المرجب ..
منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش ..
قال عمر : فكثر اللغط وارتفعت الأصوات حتى تخوفت الاختلاف ..
فقلت : ابسط يدك يا أبا بكر فبسط يده فبايعته ، ثم بايعه المهاجرون ، ثم بايعه الأنصار ..
نعم .. كل واحد من الناس له مفتاح تستطيع به فتح أبواب قلبه .. وكسب محبته والتأثير عليه ..
وهذا تلاحظه في حياة الناس .. أفلم تسمع زملاء عملك يوماً يقولون : المدير .. مفتاحه فلان ..
إذا أردتم شيئاً فاجعلوا فلاناً يطلبه لكم .. أو يقنع المدير به ..
فلماذا لا تجعل مهاراتك مفاتيح لقلوب الناس .. فتكون رأساً لا ذيلاً ..
نعم كن متميزاً .. وابحث عن مفتاح قلب أمك وأبيك وزوجتك وولدك ..
اعرف مفتاح قلب مديرك في العمل .. زملائك ..
ومعرفة هذه المفاتيح تفيدنا حتى في جعلهم يتقبلون النصح الذي يصدر منا لهم ..
إذا أحسنا تقديم هذا النصح بأسلوب مناسب .. فهم ليسوا سواء في طريقة النصح ..
بل حتى في إنكار الخطأ إذا وقع منهم ..
وانظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ وقد جلس يوماً في مجلسه المبارك يحدث أصحابه ..
فبينما هم على ذلك .. فإذا برجل يدخل إلى المسجد ..
يتلفت يميناً ويساراً .. فبدل أن يأتي ويجلس في حلقة النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
توجه إلى زاوية من زوايا المسجد .. ثم جعل يحرك إزاره !!
عجباً !! ماذا سيفعل ؟!
رفع طرف إزاره من الأمام ثم جلس بكل هدوء .. يبول ..!!
عجب الصحابة .. وثاروا .. يبول في المسجد !!
وجعلوا يتقافزون ليتوجهوا إليه .. والنبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
يهدئهم .. ويسكن غضبهم .. ويردد : لا تزرموه .. لا تعجلوا عليه .. لا تقطعوا عليه بوله ..
والصحابة يلتفتون إليه .. وهو لعله لم يدر عنهم .. لا يزال يبول ..
والنبيـ صلى الله عليه وسلمـ يرى هذا المنظر .. بول في المسجد .. ويهدئ أصحابه !!
آآآه مااااا أحلمه !!
حتى إذا انتهى الأعرابي من بوله .. وقام يشد على وسطه إزاره ..
دعاه النبيـ صلى الله عليه وسلمـ بكل رفق ..
أقبل يمشي حتى إذا وقف بين يديه .. قال له صلى الله عليه وسلمـ بكل رفق ..
إن هذه المساجد لم تبن لهذا .. إنما بنيت للصلاة وقراءة القرآن ..
انتهى .. نصيحة باختصار ..
فَهِم الرجل ذلك ومضى .. فلما جاء وقت الصلاة أقبل ذاك الأعرابي وصلى معهم ..
كبر النبيـ صلى الله عليه وسلمـ بأصحابه مصلياً .. فقرأ ثم ركع ..
فلما رفع صلى الله عليه وسلمـ من ركوعه قال : سمع الله لمن حمده ..
فقال المأمومون : ربنا ولك الحمد ..
إلا هذا الرجل قالها وزاد بعدها : اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً !!
وسمعه النبيـ صلى الله عليه وسلمـ .. فلما انتهت الصلاة ..
التفت صلى الله عليه وسلمـ إليهم وسألهم عن القائل .. فأشاروا إليه ..
فناداه النبي صلى الله عليه وسلمـ فلما وقف بين يديه فإذا هو الأعرابي نفسه ..
وقد تمكن حب النبيـ صلى الله عليه وسلمـ من قلبه حتى ود لو أن الرحمة تصيبهما دون غيرهما ..
فقال له صلى الله عليه وسلمـ معلماً : لقد تحجرت واسعاً !!
أي إن رحمة الله تعالى تسعنا جميعاً وتسع الناس .. فلا تضيقها علي وعليك ..
فانظر كيف ملك عليه قلبه .. لأنه عرف كيف يتصرف معه .. فهو أعرابي أقبل من باديته ..
لم يبلغ من العلم رتبة أبي بكر وعمر .. ولا معاذ وعمار .. فلا يؤاخذ كغيره ..
وإن شئت فانظر أيضاً إلى معاوية بن الحكم رضيـ الله عنه .. كان من عامة الصحابة ..
لم يكن يسكن المدينة .. ولم يكن مجالساً للنبيـ عليه الصلاة والسلام ..
وإنما كان له غنم في الصحراء يتتبع بها الخضراء ..
أقبل معاوية يوماً إلى المدينة فدخل المسجد ..
وجلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ وأصحابه ..
فسمعه يتكلم عن العطاس .. وكان مما علم أصحابه أن إذا سمع المسلم أخاه عطس فحمد الله
فإنه يقول له : يرحمك الله .. حفظها معاوية .. وذهب بها ..
وبعد أيام جاء إلى المدينة في حاجة .. فدخل المسجد ..
فإذا النبيـ عليه الصلاة والسلامـ يصلي بأصحابه .. فدخل معهم في الصلاة ..
فبينما هم على ذلك إذ عطس رجل من المصلين ..
فما كاد يحمد الله .. حتى تذكر معاوية أنه تعلم أن المسلم إذا عطس فقال الحمد لله ..
فإن أخاه يقول له يرحمك الله .. فبادر معاوية العاطس قائلاً بصوت عالٍ : يرحمك الله ..
فاضطرب المصلون .. وجعلوا يلتفتون إليه منكرين .
فلما رأى دهشتهم .. اضطرب وقال : وااااثكل أُمِّياه !!.. ما شأنكم تنظرون إليّ ؟ ..
فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم ليسكت ..
فلما رآهم يصمّتونه صمت ..
فلما انتهت الصلاة .. التفت صلى الله عليه وسلمـ إلى الناس ..
وقد سمع جلبتهم وأصواتهم وسمع صوت من تكلم .. لكنه صوت جديد لم يعتد عليه ..
فلم يعرفه .. فسألهم : من المتكلم .. فأشاروا إلى معاوية ..
فدعاه النبي عليه الصلاة والسلام إليه ..
فأقبل عليه معاوية فزعاً لا يدري بماذا سيستقبله .. وهو الذي أشغلهم في صلاتهم ..
وقطع عليهم خشوعهم ..قال معاوية رضيـ الله عنه: فبأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلمـ ..
والله ما رأيـت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه .. والله ما كهرني .. ولا ضربني .. ولا شتمني ..
وإنما قال : يا معاوية .. إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ..
إنما هي التسبيح والتكبير .. وقراءة القرآن .. انتهى .. نصيحة باختصار .. ففهمها معاوية ..
ثم ارتاحت نفسه .. واطمأن قلبه .. فجعل يسأل النبيـ عليه الصلاة والسلامـ عن خواصّ أموره ..
فقال : يا رسول الله .. إني حديث عهد بجاهلية .. وقد جاء الله بالإسلام ..
وإن منا رجالاً يأتون الكهان ( وهم الذين يدعون علم الغيب ) .. يعني فسألونهم عن الغيب ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ : فلا تأتهم .. يعني لأنك مسلم .. والغيب لا يعلمه إلا الله ..
قال معاوية : ومنا رجال يتطيرون ( أي يتشاءمون بالنظر إلى الطير ) ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ : ذاك شيء يجدونه في صدورهم .. فلا يصدنهم ..
( أي لا يمنعهم ذلك عن وجهتهم .. فإن ذلك لا يؤثر نفعاً ولا ضراً ) ..
هذا تعامله صلى الله عليه وسلمـ مع أعرابي بال في المسجد .. ورجل تكلم في الصلاة ..
عاملهم مراعياً أحوالهم .. لأن الخطأ من مثلهم لا يستغرب ..
أما معاذ بن جبل فقد كان من أقرب الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
ومن أكثرهم حرصاً على طلب العلم ..
فكان تعامل النبي صلى الله عليه وسلمـ مع أخطائه مختلفاً عن تعامله مع أخطاء غيره ..
كان معاذ يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلمـ العشاء ..
ثم يرجع فيصلي بقومه العشاء إماماً بهم في مسجدهم .. فتكون الصلاة له نافلة ولهم فريضة ..
رجع معاذ ذات ليلة لقومه ودخل مسجدهم فكبر مصلياً بهم ..
أقبل فتى من قومه ودخل معه في الصلاة .. فلما أتم معاذ الفاتحة قال " ولا الضالين " فقالوا " آمين " ..
ثم افتتح معاذ سورة البقرة !!
كان الناس في تلك الأيام يتعبون في العمل في مزارعهم ورعيهم دوابهم طوال النهار ..
ثم لا يكادون يصلون العشاء حتى يأوون إلى فرشهم ..
هذا الشاب .. وقف في الصلاة .. ومعاذ يقرأ ويقرأ ..
فلما طالت الصلاة على الفتى .. أتم صلاته وحده .. وخرج من المسجد وانطلق إلى بيته ..
انتهى معاذ من الصلاة ..
فقال له بعض القوم : يا معاذ .. فلان دخل معنا في الصلاة .. ثم خرج منها لما أطلت ..
فغضب معاذ وقال : إن هذا به لنفاق .. لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
بالذي صنع فأبلغوا ذلك الشاب بكلام معاذ .. فقال الفتى ..
وأنا لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلمـ بالذي صنع ..
.فغدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلمـ فأخبره معاذ بالذي صنع الفتى ..
فقال الفتى : يا رسول الله .. يطيل المكث عندك ثم يرجع فيطيل علينا الصلاة ..
والله يا رسول الله إنا لنتأخر عن صلاة العشاء مما يطول بنا معاذ ..
فسأل الله النبي صلى الله عليه وسلمـ معاذاً : ماذا تقرأ ؟!
فإذا بمعاذ يخبره أنه يقرأ بالبقرة .. و .. وجعل يعدد السور الطوال ..
فغضب النبي صلى الله عليه وسلمـ لما علم أن الناس يتأخرون عن الصلاة بسبب الإطالة ..
وكيف صارت الصلاة ثقيلة عليهم .. فالتفت إلى معاذ وقال : أفتان أنت يا معاذ ..؟!
يعني تريد أن تفتن الناس وتبغضهم في دينهم ..
ناقرأ بـ "السماء والطارق" ، "والسماء ذات البروج" ، "والشمس وضحاها" ، "والليل إذا يغشى" ..
ثم التفت صلى الله عليه وسلمـ إلى الفتى وقال له متلطفاً : كيف تصنع أنت يا بن أخي إذا صليت ؟
قال : أقرأ بفاتحة الكتاب .. وأسأل الله الجنة .. وأعوذ به من النار ..
ثم تذكر الفتى أنه يرى النبيـ صلى الله عليه وسلمـ يدعو ويكثر ..
ويرى معاذاً كذلك ..فقال في آخر كلامه : وإني لا أدري ما دندنتك ودندنة معاذ ..
أي دعاؤكما الطويل لا أعرف مثله !!
فقال : إني ومعاذ حول هاتين ندندن .. يعني دعاؤنا هو فيما تدعو به .. حول الجنة والنار ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ للشاب : ولكن سيعلمـ معاذ إذا قدم القوم وقد خبروا أن العدو قد أتوا ..
ما أصنع .. يعني في الجهاد في سبيل الله ..
سيتبين لمعاذ إيماني وهو الذي يصفني بالنفاق !
فما لبثوا أياماً .. حتى قامت معركة فقاتل فيها الشاب .. فاستشهد رضيـ الله عنه ..
فلما علم به صلى الله عليه وسلمـ .. قال لمعاذ : ما فعل خصمي وخصمك ؟..
يعني الذي اتهمته يا معاذ بالنفاق ..
قال معاذ : يا رسول الله ، صدق الله وكذبتُ .. لقد استشهد ..
فتأمل الفرق في طبائع الرجال .. ومقاماتهم ..
وكيف أدى إلى اختلاف تعامل النبي صلى الله عليه وسلمـ معهم بل ..
انظر إلى تعامله صلى الله عليه وسلمـ مع أسامة بن زيد ..
وهو حبيب رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
وقد تربى في بيته ..بعث النبي صلى الله عليه وسلمـ أصحابه إلى الحرقات من قبيلة جهينة ..
وكان أسامة بن زيد رضيـ الله عنه من ضمن المقاتلين بالجيش ..
ابتدأ القتال .. في الصباح ..
انتصر المسلمون وهرب مقاتلو العدو ..
كان من بين جيش العدو رجل يقاتل .. فلما رأى أصحابه منهزمين ..
ألقى سلاحه وهرب فلحقه أسامة ومعه رجل من الأنصار .. ركض الرجل وركضوا خلفه ..
وهو يشتد فزعاً ..حتى عرضت لهم شجرة فاحتمى الرجل بها ..
فأحاط به أسامة والأنصاري .. ورفعا عليه السيف ..
فلما رأى الرجل السيفين يلتمعان فوق رأسه .. وأحسَّ الموت يهجم عليه ..
انتفض وجعل يجمع ما تبقى من ريقه في فمه .. ويردد فزعاً : أشهد أن لا إله إلا الله ..
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .. تحير الأنصاري وأسامة .. هل أسلم الرجل فعلاً ..
أم أنها حيلة افتعلها ..كانوا في ساحة قتال .. والأمور مضطربة ..
يتلفتون حولهم فلا يرون إلا أجساداً ممزقة..وأيدي مقطعة..قد اختلط بعضها ببعض ..
الدماء تسيل..النفوس ترتجف ..الرجل بين أيديهما ينظران إليه ..
لا بد من الإسراع باتخاذ القرار .. ففي أي لحظة قد يأتي سهم طائش أو غير طائش ..
فيرديهما قتيلين ..لم يكن هناك مجال للتفكير الهادئ ..فأما الأنصاري فكف سيفه ..
وأما أسامة فظن أنها حيلة فضربه بالسيف حتى قتله ..
عادوا إلى المدينة تداعب قلوبهم نشوة الانتصار ..وقف أسامة بين يدي النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
وحكى له قصة المعركة .. وأخبره بخبر الرجل وما كان منه ..
كان قصة المعركة تحكي انتصاراً للمسلمين .. وكان صلى الله عليه وسلمـ يستمع مبتهجاً ..
لكن أسامة قال : .. ثم قتلته ..
فتغير النبي صلى الله عليه وسلمـ ..وقال : قال لا إله إلا الله .. ثم قتلته ؟!!
قلت : يا رسول الله لم يقلها من قبل نفسه .. إنما قالها فرقا من السلاح ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ :قال لا إله إلا الله .. ثم قتلته !!
هلا شققت عن قلبه حتى تعلم أنه إنما قالها فرقاً من السلاح ..
وجعل صلى الله عليه وسلمـ يحد بصره إلى أسامة ويكرر : قال لا إله إلا الله ثم قتلته ..!!
قال لا إله إلا الله ثم قتلته ..!! ثم قتلته ..!!
كيف لك بلا إله إلا الله إذا جاءت تحاجك يوم القيامة !!
وما زال صلى الله عليه وسلمـ يكرر ذلك على أسامة ..
قال أسامة : فما زال يكررها علي حتى وددت أني لم أكن أسلمت إلا يؤمئذ ..


:: رأي::
لا تحسب الناس نوعاً واحداً فلهم طبائع لست تحصيهن ألوان

العابره
8-3-2010, 08:19 AM
الموضوعـ الستـــــــــــون : مع المخالفين ..
يقول الشيخـ :::: الكفار .. كان صلى الله عليه وسلمـ يعاملهم بالعدل ..
ويستميت في سبيل دعوتهم وإصلاحهم .. ويتحمل أذاهمـ ..
ويتغاضى عن سوئهم .. كيف لا .. وقد قال له ربه : ( وما أرسلناك إلا رحمة ) ..
لمن ؟! للمؤمنين ؟! لا .. ( إلا رحمة للعالمين ) ..
وتأمل حال اليهود .. يذمونه ويبتدئون بالعداوة .. ومع ذلك يرفق بهم ..
وعن عائشة قالت : إن اليهود مروا ببيت النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
فقالوا : السام عليكم ( أي : الموت عليك ) .. فقال صلى الله عليه وسلمـ :وعليكم ..
فلم تصبر عائشة لما سمعتهم .. فقالت : السام عليكم .. ولعنكم الله وغضب عليكم ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ : مهلاً يا عائشة .. عليك بالرفق .. وإياك والعنف والفحش ..
فقالت : أو لم تسمع ما قالوا ؟ فقال : أو لم تسمعي ما قلت ؟!
رددت عليهم فيستجاب لي .. ولا يستجاب لهم فيّ ..نعم ..
ما الداعي إلى مقابلة السباب بالسباب ! أليس الله قد قال له :( وأعرض عن الجاهلين ) ..
وفي يوم .. خرجـ صلى الله عليه وسلمـ مع أصحابه في غزوة ..
فلما كانوا في طريق عودتهم .. نزلوا في واد كثير الشجر ..فتفرق الصحابة تحت الشجر وناموا ..
وأقبل صلى الله عليه وسلمـ إلى شجرة فعلق سيفه بغصن من أغصانها ..
وفرش رداءه ونام ..في هذه الأثناء كان رجل من المشركين يتبعهم ..
فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ خالياً .. أقبل يمشي بهدوء ..
حتى التقط السيف من على الغصن .. وصاح بأعلى صوته :يا محمد .. من يمنعك مني ؟
فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
والرجل قائم على رأسه .. والسيف صلتاً في يده .. يلتمع منه الموت ..
الرسول صلى الله عليه وسلمـ وحيداً .. ليس عليه إلا إزار .. أصحابه متفرقون عنه ..
نائمون .. والرجل يعيش نشوة القوة والانتصار ..
ويردد : من يمنعك مني ؟ من يمنعك مني ؟
فقال صلى الله عليه وسلمـ بكل ثقة : الله .. فانتفض الرجل وسقط السيف ..
فقام صلى الله عليه وسلمـ والتقط السيف وقال : من يمنعك مني ؟
فتغير الرجل .. واضطرب .. وأخذ يسترحم النبي صلى الله عليه وسلمـ ..
ويقول : لا أحد .. كن خير آخذ ..
فقال له صلى الله عليه وسلمـ : تسلم ؟
قال : لا .. ولكن لا أكون في قوم هم حرب لك ..
فعفا عنه صلى الله عليه وسلمـ .. وأحسن إليه !!
وكان الرجل ملكاً في قومه .. فانصرف إليهم فدعاهم إلى الإسلام .. فأسلموا ..
نعم .. أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم ..
بل حتى مع الأعداء الألداء كانـ صلى الله عليه وسلمـ له خلق عظيمـ ..
كسب به نفوسهم .. وهدى قلوبهم .. ودحر به كفرهم ..
لما ظهر صلى الله عليه وسلمـ بدعوته بين الناس .. جعلت قريش تحاول حربه بكل سبيل ..
وكان مما بذلته أن تشاور كبارها في التعامل مع دعوته صلى الله عليه وسلمـ ..
وتسارع الناس للإيمان به ..
فقالوا : أنظروا أعلمكم بالسحر والكهانة والشعر فليأت هذا الرجل الذي فرق جماعتنا ..
وشتت أمرنا .. وعاب ديننا .. فليكلمه ولينظر ماذا يرد عليه ..
فقالوا : ما نعلم أحدا غير عتبة بن ربيعة ..فقالوا : أنت يا أبا الوليد ..
وكان عتبة سيداً حليماً .. فقال : يا معشر قريش .. أترون أن أقوم إلى هذا فأكلمه ..
فأعرض عليه أموراً لعله أن يقبل منها بعضها ..قالوا : نعم يا أبا الوليد ..
فقام عتبة وتوجه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. دخل عليه ..
فإذا صلى الله عليه وسلمـ جالس بكل سكينة ..
فلما وقف عتبة بين يديه .. قال : يا محمد ! أنت خير أم عبد الله ؟!
فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلمـ تأدباً مع أبيه عبد الله ..
فقال : أنت خير أم عبد المطلب ؟ فسكت صلى الله عليه وسلمـ ..
تأدباً مع جده عبد المطلب .. فقال عتبة : فإن كنت تزعم أن هؤلاء خير منك..
فقد عبدوا الآلهة التي عِبْتَ .. وإن كنت تزعم أنك خير منهم ..
فتكلم حتى نسمع قولك .. وقبل أن يجيب النبي صلى الله عليه وسلمـ بكلمة ..
ثار عتبة وقال ..
إنا والله ما رأينا سخلة قط أشأم على قومه منك !!.. فرقت جماعتنا .. وشتت أمرنا ..
وعبت ديننا .. وفضحتنا في العرب .. حتى لقد طار فيهم أن في قريش ساحراً ..
وأن في قريش كاهناً .. والله ما ننتظر إلا مثل صيحة الحبلى ..
أن يقوم بعضنا إلى بعض بالسيوف حتى نتفانى ..
كان عتبة متغيراً غضباناً .. والنبي صلى الله عليه وسلمـ ساكت يستمع بكل أدب ..
وبدأ عتبة يقدم إغراءات ليتخلى النبي صلى الله عليه وسلمـ عن الدعوة ..
فقال :أيها الرجل إن كنت جئت بالذي جئت به لأجل المال ..
جمعنا لك حتى تكون أغنى قريش رجلاً وان كنت إنما بك حب الرئاسة ..
عقدنا ألويتنا لك فكنت رأساً ما بقيت ..وإن كان إنما بك الباه والرغبة في النساء ..
فاختر أيَّ نساء قريش شئت فلنزوجك عشراً ..!!وان كان هذا الذي يأتيك رئياً من الجن تراه ..
لا تستطيع رده عن نفسك .. طلبنا لك الطب .. وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه ..
فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يتداوى منه ..
ومضى عتبة يتكلم بهذا الأسلوب السيء مع رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
ويعرض عليه عروضاً ويغريه .. والنبي عليه الصلاة والسلام ينصت إليه بكل هدوء ..
وانتهت العروض .. ملك .. مال .. نساء .. علاج من جنون !! سكت عتبة .. وهدأ .. ينتظر الجواب..
فرفع النبي عليه الصلاة والسلام بصره إليه وقال بكل هدووووء : أفرغت يا أبا الوليد ؟
لم يستغرب عتبة هذا الأدب من الصادق الأمين .. بل قال باختصار : نعم ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ : فاسمع مني .. قال : أفعل ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ : بسم الله الرحمن الرحيم " حم * تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ *
كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًاعَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * بَشِيرًاوَنَذِيرًافَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَايَسْمَعُونَ "
ومضى النبي عليه الصلاة والسلام .. يتلوا الآيات وعتبة يستمع ..
وفجأة جلس عتبة على الأرض .. ثم اهتز جسمه .. فألقى يديه خلف ظهره .. واتكأ عليهما ..
وهو يستمع .. ويستمع .. والنبي يتلو .. ويتلو ..حتى بلغ قوله تعالى ..
( فَإِنْ أَعْرَضُوافَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةًمِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍوَثَمُودَ ) .. فانتفضـ عتبة لما سمع التهديد بالعذاب ..
وقفز ووضع يديه على فم رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. ليوقف القراءة ..
فاستمر صلى الله عليه وسلمـ يتلو الآيات .. حتى انتهى إلى الآية التي فيها سجدة التلاوة فسجد ..
ثم رفع رأسه من سجوده .. ونظر إلى عتبة وقال : سمعت يا أبا الوليد ؟
قال : نعم .. قال :فأنت وذاك ..
فقام عتبة يمشي إلى أصحابه .. وهم ينتظرونه متشوقين ..
فلما أقبل عليهم .. قال بعضهم لبعض : نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به ..
فلما جلس إليهم .. قالوا : ما وراءك يا أبا الوليد ؟
فقال : ورائي أني والله سمعت قولاً ما سمعت مثله قط .. والله ما هو بالشعر ..
ولا السحر .. ولا الكهانة .. يا معشر قريش : أطيعوني واجعلوها بي ..
خلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه .. فوالله ليكونن لقوله الذي سمعت منه نبأ عظيم ..
يا قوم !! قرأ بسم الله الرحمن الرحيم " حم * تنزيل من الرحمن الرحيم " حتى بلغ .. "
فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود " فأمسكته بفيه .. وناشدته الرحم أن يكف ..
وقد علمتم أن محمداً إذا قال شيئاً لم يكذب .. فخفت أن ينزل بكم العذاب ..
ثم سكت أبو الوليد قليلاً متفكراً .. وقومه واجمون يحدون النظر إليه ..
فقال :والله إن لقوله لحلاوة .. وإن عليه لطلاوة .. وإن أعلاه لمثمر .. وإن أسفله لمغدق ..
وإنه ليعلو وما يعلى عليه .. وإنه ليحطم ما تحته .. وما يقول هذا بشر .. وما يقول هذا بشر ..
قالوا : هذا شعر يا أبا الوليد .. شعر ..
فقال : والله ما رجل أعلم بالأشعار مني .. ولا أعلم برجزه ولا بقصيده مني .. ولا بأشعار الجن ..
والله ما يشبه هذا الذي يقول شيئاً من هذا ..
ومضى عتبة يناقش قومه في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
صحيح أن عتبة لم يدخل في الإسلام .. لكن نفسه لانت للدين .. فتأمل كيف أثر هذا الخلق الرفيع ..
ومهارة حسن الاستماع في عتبة مع أنه من أشد الأعداء وفي يوم آخر ..
تجتمع قريش .. فينتدبون حصين بن المنذر الخزاعي .. وهو أبو الصحابي الجليل عمران بن حصين ..
ينتبونه لنقاش النبيـ عليه الصلاة والسلام ورده عن دعوته ..
يدخل أبو عمران على النبيـ صلى الله عليه وسلمـ وحوله أصحابه ..
فيردد عليه ما تردده قريش دوماً .. فرقت جماعتنا .. شتت شملنا ..
والنبيـ صلى الله عليه وسلمـ ينصت بلطف ..حتى إذا انتهى ..
قال له صلى الله عليه وسلمـ بكل أدب ..أفرغت يا أبا عمران ..قال : نعم ..
قال : فأجبني عما أسألك عنه ..
قال : قل .. أسمع ..فقال صلى الله عليه وسلمـ :يا أبا عمران .. كم إلهاً تعبد اليوم ؟
قال : سبعة ..!! ستة في الأرض .. وواحداً في السماء ..!!
قال :فأيهم تعد لرغبتك ورهبتك ؟ قال : الذي في السماء ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ بكل لطف : يا حصين أما إنك لو أسلمت علمتك كلمتين ينفعانك ..
فما كان من حصين إلا أن أسلم في مكانه فوراً ..
ثم قال : يا رسول الله .. علمني الكلمتين اللتين وعدتني ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ :قل : اللهم ألهمني رشدي .. وأعذني من شر نفسي ..
آآآه ما أروع هذا التعامل الراقي ! وشدة تأثيره في الناس عند مخالطتهم ..
وهذا التعامل الإسلامي الدعوي يفيد في دعوة الكفار وجذبهم إلى الخير ..
سافر أحد الشباب للدراسة في ألمانيا فسكن في شقة ..
وكان يسكن أمامه شاب ألماني ، ليس بينهما علاقة ، لكنه جاره ..
سافر الألماني فجأة .. وكان موزع الجرائد يضع الجريدة كل يوم عند بابه ..
انتبه صاحبنا إلى كثرة الجرائد .. سأل عن جاره .. فعلم أنه مسافر ..
لَـمَّ الجرائد ووضعها في درج خاص .. وصار يجمعها كل يوم ويرتبها ..
لما رجع صاحبه بعد شهرين أو ثلاثة .. سلم عليه وهنأه بسلامة الرجوع ..
ثم ناوله الجرائد وقال له : خشيت أنك متابع لمقال .. أو مشترك في مسابقة ..
فأردت أن لا يفوتك ذلك .. نظر الجار إليه متعجباً من هذا الحرص ..
فقال : هل تريد أجراً أو مكافأة على هذا ؟
قال صاحبنا : لا .. لكن ديننا يأمرنا بالإحسان إلى الجار .. وأنت جار فلا بد من الإحسان إليك ..
ثم ما زال صاحبنا محسناً إلى ذلك الجار ..
حتى دخل في الإسلام .. هذه والله هي المتعة الحقيقية بالحياة ..
أن تشعر أنك رقم على اليمين .. تتعبد لله بكل شيء حتى بأخلاقك ..
وكم صدَّ أعداداً كبيرة من الكفار عن الدخول في الإسلام تعاملات فريق من المسلمين معهم..
فيظلمونهم عمالاً .. ويغشونهم متسوقين .. ويؤذونهم جيراناً ..
فهلمَّ نبدأ من جديد معهم ..

:: إضاءة ::
خير الداعين من يدعو بأفعاله قبل أقواله ..

العابره
8-3-2010, 08:21 AM
الموضوعـ الحادي و الستـــــــــــون : اختر الكلام المناسب ..
يقول الشيخـ :::: يتبع ما سبق أيضاً طريقة الكلام مع الناس ..
ونوعية الأحاديث التي تثار معهم ..
فإذا جلست مع أحد فأثر الأحاديث المناسبة له ..
وهذا من طبيعة البشر ..
فالأحاديث التي تثيرها مع شاب تختلف عن الأحاديث مع الشيخ ..
ومع العالم تختلف عن الجاهل .. ومع الزوجة تختلف عن الأخت ..
لا أعني الاختلاف التام .. بحيث إن القصة التي تحكيها للأخت لا يصح أن تحكيها للزوجة !
أو التي تذكرها للشاب لا يصح أن يسمعها الشيخ !! لا ..
وإنما أعني الاختلاف اليسير الذي يطرأ على أسلوب عرض القصة وربما كيانها كله..
وبالمثال يتضح المقال ..
لو جلست مع ضيوف كبار في السن جاوزت أعمارهم الثمانين أقبلوا زائرين لجدك ..
فهل من المناسب أن تقص عليهم وأنت ضاحك مستبشر قصتك لما ذهبت مع زملائك للبر ؟!
وكيف أن فلاناً سجل هدفاً أثناء لعب الكرة .. وكيف ثبت الكرة برأسه ثم ضربها بركبته ..
لا شك أنه غير مناسب .. وكذلك لو تحدثت مع أطفال صغار ..
من غير المناسب أن تذكر لهم قصصاً تتعلق بتعامل الأزواج مع زوجاتهم ..
أظننا نتفق على ذلك ..
إذن من أساليب جذب الناس اختيار الأحاديث التي يحبونها .. وإثارتها ..
كأب له ولد متفوق .. من المناسب أن تسأله عنه ..
لأنه بلا شك يفخر به ويحب أن يذكره دائماً ..
أو رجل فتح دكاناً وكسب منه أرباحاً .. فمن المناسب أن تسأله عن دكانه وإقبال الناس عليه ..
لأن هذا يفرحه .. وبالتالي يحبك ويحب مجالستك ..
وقدكان النبي صلى الله عليه وسلمـ يراعي ذلك ..
فحديثه مع الشاب يختلف عن حديثه مع الشيخ .. أو المرأة .. أو الطفل ..
جابر بن عبد الله رضيـ الله عنه الصحابي الجليل .. قتل أبوه في معركة أحد ..
وخلف عنده تسع أخوات ليس لهن عائل غيره .. وخلف ديناً كثيراً ..
على ظهر هذا الشاب الذي لا يزال في أول شبابه ..
فكان جابر دائماً ساهم الفكر .. منشغل البال بأمر دَينه وأخواته ..
والغرماء يطالبونه صباحاً ومساءً ..
خرج جابر مع النبيـ صلى الله عليه وسلمـ في غزوة ذات الرقاع ..
وكان لشدة فقره على جمل كليل ضعيف ما يكاد يسير .. ولم يجد جابر ما يشتري به جملاً ..
فسبقه الناس وصار هو في آخر القافلة ..
وكان النبيـ صلى الله عليه وسلمـ يسير في آخر الجيش ..
فأدرك جابراً وجمله يدبُّ به دبيباً .. والناس قد سبقوه ..
فقال النبيـ صلى الله عليه وسلمـ :مالك يا جابر ؟
قال : يا رسول الله أبطأ بي جملي هذا ..
فقال النبيـ صلى الله عليه وسلمـ :أنخه ..
فأناخه جابر وأناخ النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ناقته ..
ثم قال : أعطني العصا من يدك أو اقطع لي عصا من شجرة ..فناوله جابر العصا ..
برَكَ الجمل على الأرض كليلاً ضعيفاً ..
فأقبل صلى الله عليه وسلمـ إلى الجمل وضربه بالعصا شيئاً يسيراً ..
فنهض الجمل يجري قد امتلأ نشاطاً .. فتعلق به جابر وركب على ظهره ..
مشى جابر بجانب النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..فرحاً مستبشراً ..
وقد صار جمله نشيطاً سابقاً ..
التفت صلى الله عليه وسلمـ إلى جابر .. وأراد أن يتحدث معه ..
فما هي الأحاديث التي اختارها النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ليثيرها مع جابر ..
جابر كان شاباً في أول شبابه ..
هموم الشباب في الغالب تدور حول الزواج .. وطلب الرزق ..
قال صلى الله عليه وسلمـ : يا جابر .. هل تزوجت ..؟
قال جابر : نعم ..
قال : بكراً .. أم ثيباً ..
قال : بل ثيباً ..
فعجب النبي صلى الله عليه وسلمـ كيف أن شاباً بكراً في أول زواج له ..
يتزوج ثيباً .. فقال ملاطفاً لجابر : هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك ..
فقال جابر : يا رسول الله .. إن أبي قتل في أحد .. وترك تسع أخوات ليس لهن راعٍ غيري ..
فكرهت أن أتزوج فتاة مثلهن فتكثر بينهن الخلافات ..
فتزوجت امرأة أكبر منهن لتكون مثل أمهن .. هذا معنى كلام جابر ..
رأى النبيـ صلى الله عليه وسلمـ أن أمامه شاب ضحى بمتعته الخاصة لأجل أخواته..
فأراد صلى الله عليه وسلمـ أن يمازحه بكلمات تصلح للشباب .. فقال له ..
لعلنا إذا أقبلنا إلى المدينة أن ننزل في صرار .. فتسمع بنا زوجتك فتفرش لك النمارق ..
يعني وإن كنت تزوجت ثيباً إلا أنها لا تزال عروساً تفرح بك إذا قدمت وتبسط فراشها ..
وتصف عليه الوسائد .. فتذكر جابر فقره وفقر أخواته ..
فقال : نمارق !! والله يا رسول الله ما عندنا نمارق ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ : إنه ستكون لكم نمارق إن شاء الله ..
ثم مشيا .. فأراد صلى الله عليه وسلمـ أن يهب لجابر مالاً ..
فالفت إليه وقال : يا جابر .. قال : لبيك يا رسول الله ..
فقال : أتبيعني جملك ؟ تفكر جابر فإذا جمله هو رأس ماله ..
هكذا كان وهو كليل ضعيف .. فكيف وقد صار قوياً جلداً !!
لكنه رأى أنه لا مجال لرد طلب رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
قال جابر : سُمْه يا رسول الله .. بكم ؟
فقال صلى الله عليه وسلمـ :بدرهم !!
قال جابر : درهم !! تغبنني يا رسول الله ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ : بدرهمين ..
قال : لا .. تغبنني يا رسول الله ..
فما زالا يتزايدان حتى بلغا به أربعين درهماً .. أوقية من ذهب ..
فقال جابر : نعم .. ولكن أشترط عليك أن أبقى عليه إلى المدينة ..
قال صلى الله عليه وسلمـ : نعم ..
فلما وصلوا إلى المدينة .. مضى جابر إلى منزله وأنزل متاعه من على الجمل
ومضى ليصلي مع النبي صلى الله عليه وسلمـ وربط الجمل عند المسجد ..
فما خرج النبي صلى الله عليه وسلمـ قال جابر : يا رسول الله هذا جملك ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ : يا بلال .. أعط جابراً أربعين درهماً وزده ..
فناول بلال جابراً أربعين درهماً وزاده ..
فحمل جابر المال ومضى به يقلبه بين يديه .. متفكراً في حاله !! ماذا يفعل بهذا المال ؟!
أيشتري به جملاً .. أم يبتاع به متاعاً لبيته .. أم ..
وفجأة التفت رسول الله صلى الله عليه وسلمـ إلى بلال وقال : يا بلال .. خذ الجمل وأعطه جابراً ..
جبذ بلال الجمل ومضى به إلى جابر .. فلما وصل به إليه .. تعجب جابر ..
هل ألغيت الصفقة ؟! قال بلال : خذ الجمل يا جابر .. قال جابر : ما الخبر !!..
قال بلال : قد أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلمـ أن أعطيك الجمل .. والمال
فرجع جابر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ وسأله عن الخبر ..
أما تريد الجمل !! .. فقال صلى الله عليه وسلمـ : أتراني ماكستك لآخذ جملك ..
يعني أنا لم أكن أطالبك بخفض السعر لأجل أن آخذ الجمل
وإنما لأجل أن أقدر كم أعطيك من المال معونة لك على أمورك ..
فما أرفع هذه الأخلاق .. يختار ما يناسب الشاب من أحاديث ..
ثم لما أراد أن يحسن إليه ويتصدق عليه .. غلف ذلك باللطف والأدب ..
وفي أحد الأيام يجلس إلى النبيـ صلى الله عليه وسلمـ شاب اسمه جليبيب ..
من خيار شباب الصحابة .. لكنه كان فقيراً معدماً ..
وكان رضيـ الله عنه في وجهه دمامة ..
جلس يوماً عند رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فما هي الأحاديث التي حرص النبيـ صلى الله عليه وسلمـ على إثارتها معه ؟
شاب في ريعان شبابه .. أعزب ..
هل يتحدث معه عن أنساب العرب والرفيع منها والوضيع ؟
أم يتحدث عن الأسواق وأحكام البيوع ؟
لا .. فهذا شاب له نوع خاص من الأحاديث يفضله على غيره ..
أثار معه صلى الله عليه وسلمـ موضوع الزواج والحديث حوله ..
فلطالما طرب الشباب لهذه المواضيع .. ثم عرض عليه رسول الله التزويج ..
فقال : إذن تجدني كاسداً ..
فقال :غير أنك عند الله لست بكاسد ..
فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلمـ يتحين الفرص لتزويج جليبيب ..
حتى جاء رجل من الأنصار يوماً يعرض ابنته الثيب ..
على رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. ليتزوجها ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ : نعم يا فلان .. زوجني ابنتك ..
قال : نعم ونعمين .. يا رسول الله ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ : إني لست أريدها لنفسي ..
قال : فلمن ؟! قال : لجليبيب ..
قال الرجل متفاجئاً : جليبيب !! جليبيب !! يا رسول الله !! حتى استأمر أمها ..
أتى الرجل زوجته فقال : إن رسول الله يخطب ابنتك ..
قالت : نعم .. ونعمين .. زوِّج رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
قال : إنه ليس يريدها لنفسه .. قالت : فلمن ؟ قال : يريدها لجليبيب ..
فتفاجأت المرأة أن تُزف ابنتها إلى رجل فقير دميم ..
فقالت : حَلْقَى !! لجليبيب ..؟ لا لعمر الله لا أزوج جليبيباً .. وقد منعناها فلاناً وفلاناً ..
فاغتم أبوها لذلك .. وقام ليأتي رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فصاحت الفتاة من خدرها بأبويها : من خطبني إليكما ؟
قالا : رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
قالت : أتردان على رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
أمره ؟ ادفعاني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. فإنه لن يضيعني ..
فكأنما جلَّت عنهما .. واطمأنّا ..
فذهب أبوها إلى النبيـ صلى الله عليه وسلمـ فقال : يا رسول الله ..
شأنك بها فزوِّجها جليبيباً .. فزوجها النبيـ صلى الله عليه وسلمـ جليبيباً ..
ودعا لها وقال : اللهم صب عليهما الخير صباً .. ولا تجعل عيشهما كداً كداً ..
فلم يمض على زواجه أيام .. حتى خرج النبيـ صلى الله عليه وسلمـ في غزوة ..
وخرج معه جليبيب .. فلما انتهى القتال .. وبدأ الناس يتفقد بعضهم بعضاً ..
سألهم النبيـ صلى الله عليه وسلمـ : هل تفقدون من أحد قالوا : نفقد فلاناً وفلاناً ..
فسكت قليلاً ثم قال : هل تفقدون من أحد ؟
قالوا : نفقد فلانا وفلانا .. فسكت ثم قال : هل تفقدون من أحد ؟
قالوا : نفقد فلاناً وفلاناً .. قال : ولكني أفقد جليبيباً ..
فقاموا يبحثون عنه .. ويطلبونه في القتلى .. فلم يجدوه في ساحة القتال ..
ثم وجدوه في مكان قريب .. إلى جنب سبعة من المشركين قد قتلهم ثم قتلوه ..
فوقف النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ينظر إلى جثته .. ثم قال : قتل سبعة ثم قتلوه ..
قتل سبعة ثم قتلوه .. هذا مني وأنا منه ..
ثم حمله رسول الله صلى الله عليه وسلمـ على ساعديه .. وأمرهم أم يحفروا له قبره ..
قال أنس : فمكثنا نحفر القبر ..
وجليبيب ماله سرير غير ساعدي رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
حتى حفر له ثم وضعه في لحده .. قال أنس : فوالله ما كان في الأنصار أيم أنفق منها ..
أي تسابق الرجال إليها كلهم يخطبها بعد جليبيب ..
هكذا كان صلى الله عليه وسلمـ يختار لكل أحد ما يناسبه من أحاديث ..
حتى لا تمل مجالسه .. جلس صلى الله عليه وسلمـ يوماً مع زوجه عائشة ..
فما الأحاديث المناسب إثارتها بين الزوجين ..؟
هل كلمها عن غزو الروم ؟ ونوع الأسلحة التي استخدمت في القتال ؟
كلا فليست هي أبو بكر !! أم حدثها عن فقر بعض المسلمين وحاجتهم ؟ كلا فليست عثمان !!
إنما قال لها بعاطفة الزوجية : إني لأعرف إن كانت راضية عني وإذا كنت غضبى ..!!
قالت : كيف ؟
قال :إذا كنت راضية قلت : لا ورب محمد ( صلى الله عليه وسلمـ ) ..
وإذا كنت غضبى قلت : لا ورب إبراهيم ( صلى الله عليه وسلمـ ) ..
فقالت : نعم .. والله يا رسول الله لا أهجر إلا اسمك .. فهل نراعي هذا نحن اليوم ؟



:: وجهة نظر ::
تحدث مع الناس بما يستمتعون هم باستماعه .. لا بما تستمتع أنت بحكايته ..

العابره
8-3-2010, 08:24 AM
الموضوعـ الثاني و الستـــــــــــون : كن لطيفاً عند أول لقاء ..
يقول الشيخـ :::: انتشر في بعض أرياف مصر برهة من الزمن أن الرجل العروس ..
قبيل ليلة عرسه يخبئ في غرفته قطاً .. فإذا دخل بزوجته إلى مكان فراش الزوجية ..
حرك كرسياً ليخرج ذلك القط .. فإذا خرج أقبل العروس يستعرض قواه أمام زوجته ..
وقبض على القط المسكين .. ثم خنقه وعصره .. حتى يموت بين يديه ..!! أتدري لماذا ؟!
لأجل أن يطبع صورة الرعب والهيبة منه في ذهن زوجته من أول لقاء ..
وأذكر أني لما تخرجت من الجامعة .. وتعينت معيداً في إحدى الكليات ..
أوصاني معلم قديم قائلاً : في أول محاضرة لك عند الطلاب ..
شُدَّ عليهم .. وانظر إليهم بعين حمراء !! حتى يخافوا منك وتفرض قوة شخصيتك من البداية ..
تذكرت هذا .. وأنا أكتب هذا الباب .. فأيقنت أن من الأمور المقررة عند جميع الناس ..
أن اللقاء الأول في الغالب يطبع أكثر من 70% من الصورة عنك .. وهي ما يسمى بالصورة الذهنية ..
أذكر أن مجموعة من الضباط سافروا إلى أمريكا في دورة تدريبية ..
كانت الدورة في التعامل الوظيفي ..
في أول يوم .. حضروا إلى القاعة مبكرين .. جعلوا يتحدثون .. ويتعارفون ..
دخل عليهم المدرس فجأة فسكتوا .. فوقعت عين المدرس على طالب لا يزال متبسماً ..
فصرخ به : لماذا تضحك ؟ قال : عذراً .. ما ضحكت ..
قال : بلى تضحك ..
ثم جعل يؤنبه : أنت إنسان غير جاد .. المفروض أن تعود لأهلك على أول رحلة طيران ..
لا أتشرف بتدريس مثلك ..
والطالب المسكين قد تلون وجهه .. وجعل ينظر إلى مدرسه .. ويلتفت إلى زملائه ..
ويحاول حفظ ما تبقى من ماء وجهه ..
ثم حدق المدرس فيه النظر عابساً وأشار إلى الباب وقال : أخرج ..
قام الطالب مضطرباً .. وخرج ..
نظر المدرس إلى بقية الطلاب وقال : أنا الدكتور فلان .. سأدرسكم مادة كذا ..
ولكن قبل أن أبدأ الشرح .. أريدكم أن تعبئوا هذه الاستمارة .. دون كتابة الاسم ..
ثم وزع عليهم استمارة تقييم للمدرس .. فيها خمسة أسئلة :
ما رأيك بأخلاق مدرسك ؟ .. ما رأيك بطريقة شرحه ؟ .. هل يقبل الرأي الآخر ؟ ..
ما مدى رغبتك في الدراسة لديه مرة أخرى ؟ .. هل تفرح بمقابلته خارج المعهد ؟ ..
كان أمام كل سؤال منها .. اختيارات : ممتاز .. جيد .. مقبول .. ضعيف ..
عبأ الطلاب الاستمارة وأعادوها إليه ..
وضعها جانباً .. وبدأ يشرح تأثير فن التعامل في الجو الوظيفي ..
ثم قال : أوه !.. لماذا نحرم زميلكم من الاستفادة ..
فخرج إليه .. وصافحه وابتسم له .. وأدخله القاعة ..
ثم قال : يبدو أنني غضبت عليك قبل قليل من غير سبب حقيقي ..
لكني كنت أعاني من مشكلة خاصة .. أدت بي أن أصب غضبي عليك ..
فأنا أعتذر إليك .. فأنت طالب حريص ..
يكفي في الدلالة على حرصك تركك لأهلك وولدك ومجيؤك هنا ..
أشكرك .. بل أشكركم جميعاً على حرصكم .. ومن أعظم الشرف لي أن أدرس مثلكم ..
ثم تلطف معهم وضحك قليلاً ..
ثم أخذ مجموعة جديدة من الاستمارات وقال :
ما دام أن زميلكم فاته تعبئة الاستمارة فما رأيكم أن تعبئوها كلكم من جديد ..
ووزع عليهم الأوراق .. فعبئوها وأعادوها إليه ..
فأخرج الاستمارات التي عبئوها في البداية .. وأخرج الأخيرة وجعل يقارن بينها ..
فإذا الخانة الخاصة بـ ضعيف في التعبئة الأولى كلها مليئة ..
أما الثانية فليس فيها ضعيف ولا مقبول .. أبداً ..
فضحك وقال لهم :
كان ما رأيتم دليلاً عملياً على تأثير التعامل السيء على بيئة العمل بين المدير وموظفيه ..
وما فعلته بزميلكم كان تمثيلاً أردت أن أجريه أمامكم .. لكن المسكين صار ضحية ..
فانظروا كيف تغيرت نظرتكم بمجرد تغير تعاملي معكم ..
هذا من طبيعة الإنسان .. فلا بد من مراعاته .. خاصة مع من تلتقي بهم لمرة واحدة فقط ..
كان المعلم الأول يأسر قلوب الناس من أول لقاء ..
بعد فتح مكة .. تمكن الإسلام ..
وبدأت الوفود تتسابقـ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ في المدينة ..
قدم وفد عبد القيس .. على رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فلما رآهم وهم على رحالهم قبل أن ينزلوا .. بادرهم قائلاً : مرحباً بالقوم .. غير خزايا .. ولا ندامى ..
فاستبشروا .. وتواثبوا من رحالهم .. وأقبلوا إليه يتسابقون للسلام عليه ..
ثم قالوا :
يا رسول الله .. إن بيننا وبينك هذا الحي من المشركين من مضر ..
وإنا لا نصل إليك إلا في الشهر الحرام .. حين يقف القتال ..
فحدثنا بجميل من الأمر .. إن عملنا به دخلنا الجنة .. وندعو به من وراءنا ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ: آمركم بأربع .. وأنهاكم عن أربع ..
آمركم بالإيمان بالله .. وهل تدرون ما الإيمان بالله ؟
قالوا : الله ورسوله أعلم ..
قال : شهادة أن لا إله إلا الله .. وإقام الصلاة .. وإيتاء الزكاة .. وأن تعطوا الخمس من الغنائم ..
وأنهاكم عن أربع : عن نبيذ في الدباء .. والنقير والحنتم .. والمزفت ..
وفي موقف آخر ..
كان صلى الله عليه وسلمـ مسافراً مع أصحابه ليلة .. فساروا في ليلهم مسيراً طويلاً ..
حتى إذا كان آخر الليل .. نزلوا في طرف الطريق ليناموا ..
فغلبتهم أعينهم حتى طلعت الشمس وارتفعت ..
فكان أول من استيقظ من منامه أبو بكر .. ثم استيقظ عمر ..
فقعد أبو بكر عند رأسه صلى الله عليه وسلمـ .. فجعل يكبر ويرفع صوته ..
حتى استيقظ النبي صلى الله عليه وسلمـ .. فنزل وصلى بهم الفجر ..
فلما انتهى من صلاته التفت فرأى رجلاً من القوم لم يصل معهم ..
فقال : يا فلان .. ما يمنعك أن تصلي معنا ؟
قال : أصابتني جنابة .. ولا ماء ..
فأمره صلى الله عليه وسلمـ أن يتيمم بالصعيد .. ثم صلى ..
ثم أمر صلى الله عليه وسلمـ أصحابه بالارتحال ..
وليس معهم ماء .. فعطشوا عطشاً شديداً .. ولم يقفوا على بئر ولا ماء ..
قال عمران بن حصين :
فبينما نحن نسير فإذا نحن بامرأة على بعير .. ومعها مزادتان ( قربتان ) ..
فقلنا لها :أين الماء ؟!
قالت : إنه لا ماء ..
فقلنا :كم بين أهلك وبين الماء ؟
قالت : يوم وليلة ..
فقلنا : انطلقي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
قالت :وما رسول الله ..!!
فسقناها معنا طمعاً أن تدلنا على الماء ..
حتى أقبلنا بها إلى النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
فسألها عن الماء .. فحدثته بمثل الذي حدثتنا به .. غير أنها شكت إليه أنها أم أيتام ..
فتناول صلى الله عليه وسلمـ مزادتها .. فسمى الله .. ومسح عليها ..
ثم جعل صلى الله عليه وسلمـ يفرغ من قربتيها في آنيتنا .. فشربنا عطاشاً أربعين رجلاً ..
حتى روينا ..وملأنا كل قربة معنا ..
ثم تركنا قربتيها .. وهما أكثر ما تكون امتلاءً ..
ثم قال صلى الله عليه وسلمـ .. هاتوا ما عندكم .. أي طعام ..
فجمع لها من كسر الخبز والتمر ..
فقال لها : اذهبي بهذا معك لعيالك .. واعلمي أنا لم نرزأك من مائك شيئاً ..
غير أن الله سقانا .. ثم ركبت المرأة بعيرها .. مستبشرة بما حصلت من طعام ..
حتى وصلت أهلها .. فقالت : أتيت أسحر الناس .. أو هو نبي كما زعموا ..
فعجب قومها من قصتها مع رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فلم يمر عليهم زمن حتى أسلمتـ وأسلموا .. نعم .. أعجبت بتعامله وكرمه معها من أول لقاء ..
وفي يوم أقبل رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فسأله مالاً .. فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلمـ قطيعاً من غنم بين جبلين ..
فرجع الرجل إلى قومه .. فقال :
يا قوم .. أسلموا فإن محمداً يعطي عطاء من لا يخاف الفاقة ..
قال أنس : وقد كان الرجل يجيء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ما يريد إلا الدنيا ..
فما يمسي حتى يكون دينه أحب إليه .. وأعز عليه .. من الدنيا وما فيها ..



:: اقتراح ::
أول لقاء يطبع 70% من الصورة عنك فعامل كل إنسان على أن هذا هو اللقاء الأول والأخير بينكما

ندووري
8-3-2010, 11:27 AM
أشكرك كثيرا على هذا الموضوع المتميز
وعلى المجهود الرائع
تحياتي

العابره
11-3-2010, 08:24 AM
الموضوعـ الثالث و الستـــــــــــون : الناس كمعادن الأرض ..
يقول الشيخـ :::: لو تأملت في الناس لوجدت أن لهم طبائع كطبائع الأرضـ ..
فمنم الرفيق اللين .. ومنهم الصلب الخشن .. ومنهم الكريم كالأرض المنبتة الكريمة ..
ومنهم البخيل كالأرض الجدباء التي لا تمسك ماءً ولا تنبت كلأً ..
إذن الناس أنواع .. ولو تأملت لوجدت أنك عند تعاملك ..
مع أنواع الأرض تراعي حال الأرض وطبيعتها .. فطريقة مشيك على الأرض الصلبة ..
تختلف عن طريقتك في المشي على الأرض اللينة .. فأنت حذر متأنِّ في الأولى ..
بينما أنت مرتاح مطمئن في الثانية .. وهكذا الناس ..
قال صلى الله عليه وسلمـ ( إن الله تعالى خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرضـ ..
فجاء بنو آدم على قدر الأرض فجاء منهم :
الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك والسهل والحزن والخبيث والطيب ) ..
فعند تعاملك مع الناس انتبه إلى هذا .. وانتبهي .. سواء تعاملت مع ..
قريب كأب وأم وزوجة وولد .. أو بعيد كجار وزميل وبائع .. ولعلك تلاحظ أن طبائع الناس ..
تؤثر فيهم حتى عند اتخاذ قراراتهم .. وحتى تتيقن ذلك .. اعمل هذه التجربة ..
إذا وقعت بينك وبين زوجتك مشكلة .. فاستشر أحد زملائك ممن تعلم أنه صلب خشن ..
قل له : زوجتي كثيرة المشاكل معي .. قليلة الاحترام لي .. فأشر عليَّ ..
كأني به سيقول : الحريم ما يصلح معهن إلا العين الحمراء !! دقَّ خشمها !
خل شخصيتك قوية عليها !! كن رجلاً !!
وبالتالي قد تثور أنت ويخرب عليك بيتك بهذه الكلمات .. أكمل التجربة ..
اذهب إلى صديق آخر تعرف أنه هين لين لطيف .. وقل له ما قلت للأول ..
ستجد حتماً أنه يقول : يا أخي هذه أم عيالك .. وما فيه زواج يخلو من مشاكل ..
اصبر عليها .. وحاول أن تتحملها .. وهذه مهما صار فهي زوجتك .. وشريكتك في الحياة ..
فانظر كيف صارت طبيعة الشخص تؤثر في آرائه وقراراته ..
لذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلمـ أن يقضي القاضي بين اثنين وهو عطشان !
أو جوعان ! أو حابس لبول أو غائط ! لأن هذه الأمور قد تغير نفسيته ..
وبالتالي قد تؤثر عليه في اتخاذ قراره في الحكم ..
كان في الأمم السابقة رجل سفاح !! سفاح ؟! نعم سفاح ..
لم يقتل رجلاً واحداً ولا اثنين .. ولا عشرة .. وإنما قتل تسعاً وتسعين نفساً ..
لا أدري كيف نجا من الناس وانتقامهم .. لعله كان مخيفاً جداً ..
إلى درجة أنه لا أحد يجرؤ على الاقتراب منه .. أو أنه كان يتخفى في البراري والمغارات ..
لا أدري بالضبط .. المهم أنه ارتكب 99 جريمة قتل !!
ثم حدثته نفسه بالتوبة .. فسأل عن أعلم أهل الأرض فدلوه على عابد في صومعته ..
لا يكاد يفارق مصلاه .. يمضي وقته ما بين بكاء ودعاء .. هين لين عاطفته جياشة ..
دخل هذا الرجل على العابد .. وقف بين يديه ثم فجعه بقوله .. أنا قتلت تسعاً وتسعين نفساً ..
فهل لي من توبة ؟
هذا العابد .. أظنه لو قتل نملة من غير قصد لقضى بقية يومه باكياً متأسفاً ..
فكيف سيكون جوابه لرجل قتل بيده 99 نفساً ..انتفض العابد ..
ولم يتخيل 99 جثة بين يديه يمثلها هذا الرجل الواقف أمامه ..
صاح العابد : لا .. ليس لك توبة .. ليس لك توبة .. ولا تعجب أن يصدر هذا الجواب ..
من عابد قليل العلم .. يحكم في الأمور بعاطفته .. هذا القاتل لما سمع الجواب ..
وهو الرجل الصلب الخشن .. غضب واحمرت عيناه ..
وتناول سكينه ثم انهال طعناً في جسد العابد حتى مزقه ..
ثم خرج ثائراً من الصومعة ..ومضت الأيام .. فحدثته نفسه بالتوبة مرة أخرى ..
فسأل عن أعلم أهل الأرض .. فدله الناس على رجل عالمـ ..
مضى يمشي حتى دخل على العالم .. فلما وقف بين يديه ..
فإذا به يرى رجلاً رزيناً يزينه وقار العلم والخشية ..
فأقبل القاتل إليه سائلاً بكل جرأة : إني قتلت مائة نفس !!
فهل لي من توبة فأجابه العالم فوراً : سبحاااان الله ..!! ومن يحول بينك وبين التوبة ؟!!
جواب رائع .. فعلاً من يحول بينه وبين التوبة ؟!
فالخالق في السماء لا تستطيع أي قوة في العالم ان تحول بينك وبين الإنابة إليه ..
والانكسار بين يديه .. ثم قال العالم الذي كان يتخذ قراراته بناء على العلم والشرع ..
لا بناء على طبيعته ومشاعره .. أو قل على عاطفته وأحاسيسه ..
قال العالم : لكنك بأرض سوء ..
عجباً ! كيف علم ؟ عرف ذلك بناء على كبر الجرائم وقلة الـمُدافع له الـمُنكِر عليه ..
فعلم أن البلد أصلاً ينتشر فيها القتل والظلم إلى درجة أنه لا أحد ينتصر للمظلوم ..
قال : إنك بأرض سوء .. فاذهب إلى بلد كذا وكذا ..
فإن بها قوماً يعبدون الله فاعبد الله معهم .. ذهب الرجل يمشي تائباً منيباً ..
فمات قبل أن يصل إلى البلد المقصود نزلت ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ..
فأما ملائكة الرحمة فقالت : أقبل تائباً منيباً وأما ملائكة العذاب ..
فقالت : لم يعمل خيراً قط .. فبعث الله إليهم ملكاً في صورة رجل ليحكم بينهم ..
فكان الحكم أن يقيسوا ما بين البلدين .. بلد الطاعة وبلد المعصية ..
فإلى أيتهما كان أقرب فإنه لها .. وأوحى الله تعالى إلى بلد الرحمة أن تقاربي ..
وإلى بلد المعصية أن تباعدي .. فكان أقرب إلى بلد الطاعة فأخذته ملائكة الرحمة ..
حتى المفتين في المسائل الشرعية تجد مع الأسف أن بعضهم تغلبه عاطفته أحياناً ..
أذكر أن أحد جيراني كان كثير الخلافات مع زوجته .. اشتد الخلاف يوماً فطلقها تطليقه ..
ثم راجعها .. ثم اشتد أخرى .. فطلقها ثانية .. ثم راجعها ..
وكنت كلما قابلته أحذره وأوصيه .. وأذكره بأبنائه الصغار ..
وأهمية اعتبارهم والعناية بهم .. وأكرر عليه ..
لم يبق لك إلا طلقة واحدة .. الثالثة .. فإن أوقعتها لم تحل لك مراجعتها..
إلا بعد زواجها من آخر وتطليقه لها .. فاتق الله .. ولا تخرب بيتك ..
حتى جاءني يوماً متغير الوجه وقال : يا شيخ تخاصمنا وطلقتها الثالثة !!
وهذا الكلام منه ليس غريباً .. إنما الغريب أنه قال بعدها ..
ما تعرف لي شيخاً حبيباً يفتيني الآن أراجعها !!
فعجبت منه .. ثم تأملت في الحال فاكتشفت ما تقرر قبل قليل ..
أن كثيراً من الناس تختلف آراؤهم وربما اختياراتهم الفقهية تأثراً بعاطفته وطبيعته ..
وبعض الناس تعلم من طبيعته أنه شديد الحب للمال .. فلا تعجب إذا رأيته يذل نفسه..
لأرباب الأموال .. يهمل أولاده وبيته لأجل جمعه .. يقتر على من يعول ..
لا تعجب فهو طماع .. بل إن اتخاذه لقراراته وتبنيه لقناعاته ينبني كثيراً على هذه الطبيعة ..
فإذا أردت أن تتعامل معه أو تطلب منه شيئاً فضع في نفسك قبل أن تتكلم أنه محب للمال ..
فحاول أن لا تعارض هذه الطبيعة فيه حتى تحصل على ما تريد منه ..
ولأن الأمثلة مفاتيح الفهوم .. خذ مثالاً .. نفرض أنك زرت مستشفى ..
وقابلت مصادفة صديقاً قديماً كان زميلاً لك أيام الجامعة ..
فدعوته إلى وليمة غداء في بيتك .. فوافق ..فذهبت إلى السوق واشتريت حاجات ..
ثم رجعت إلى البيت لتستعد وجعلت تتصل بعدد من زملائكم السابقين ..
تدعوهم لمشاركتكم الوليمة ورؤية صاحبك .. من بين هؤلاء صديق من البخلاء
الذين استولى حب المال على قلوبهم .. اتصلت به فرحب وحيَّا ..
فلما أخبرته عن الوليمة .. قال : آآه .. يا ليتني أستطيع الحضور ورؤية فلانـ ..
لكني مرتبط بشغل هااام .. فبلغه سلامي .. ولعلي أراه في وقت آخر ..
فأدركت أنت من معرفتك بطبيعته أنه يخشى أن يجيء ..
فيضطر إلى أن يدعو الضيف إلى بيته ويصنع له وليمة تكلفه مبلغاً وقدره .. !!
وهو يريد التوفير ..
فقلت له : عموماً هذا الضيف لن يبقى في البلد سيسافر بعد الغداء مباشرة ..
فقال : آآآ .. إذن سأؤجل شغلي وآتي لرؤيته !!
وبعض من تخالطهم من الناس يكون اجتماعياً أسرياً .. يحب أسرته ..
لا يصبر على فراقهم .. اطلب منه أي شيء إلا أن يبتعد عن أولاده بسفر أو نحوه ..
فلا تكلفه ما لا يطيق ..إلى غير ذلك من طبائع الناس ..
يعجبني بعض الناس الذي يملك فن اصطياد جميع القلوب ..
فإذا سافر مع بخلاء اقتصد حتى لا يحرجهم فأحبوه .. وإن جالس عاطفيين ..
زاد من نسبة عاطفته فأحبوه ..
وإن مشى مع فكاهيين مرحين ضحك ومزح وجاملهم فأحبوه ..
يلبس لكل حالة لبوسها .. إما نعيمها وإما بؤسها ..وعُد بذاكرتك قليلاً معي ..
وانظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ وقد أقبل بالكتائب لفتح مكة ..
كان أبو سفيان قد خرج إلى النبيـ صلى الله عليه وسلمـ قبل أن يدخل مكة ..
فأسلم .. في قصة طويلة .. الشاهد منها أنه لما أسلمـ ..
قال العباس : يا رسول الله .. إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فاجعل له شيئاً ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ ..نعم .. من دخل دار أبي سفيان فهو آمنـ ..
ومن أغلق عليه بابه فهو آمن .. ومن دخل المسجد فهو آمن ..
فلما ذهب أبو سفيان لينصرف إلى مكة .. نظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فإذا هو الذي استنفر قريشاً لحربه في بدر .. واستنفرها لحربه في أحد ..
ثم استنفرها لحربه في الخندق .. وإذا رجل قائد .. قد طحنته الحرب وطحنها ..
وإذا هو حديث عهد بإسلام ..فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
أن يريه قوة الإسلام .. فقال صلى الله عليه وسلمـ ..
يا عباس ..قال : لبيك يا رسول الله .. قال : احبس أبا سفيان بمضيق الوادي ..
عند خطم الجبل حتى تمر به جنود الله فيراها .. أي أوقفه على طريق الجيش ..
وهو يدخل مكة .. فخرج العباس بأبي سفيان .. حتى وقف معه بمضيق الوادي ..
حيث تتدفق الكتائب كالسيل إلى مكة .. وجعلت الكتائب تمر عليه براياتها ..
فلما مرت الكتيبة الأولى قال : يا عباس من هؤلاء ؟
قال العباس : سليم .. قال : مالي ولسليم ..!! ثم مرت به الثانية ..
قال : يا عباس من هؤلاء ؟ قال : مزينة .. قال : مالي ولمزينة ..!!
حتى نفدت الكتائب .. وهو ما تمر كتيبة إلا سأل العباس عنها ..
فإذا أخبره .. قال : مالي ولبني فلان ..
حتى مر رسول الله صلى الله عليه وسلمـ في كتيبته الخضراء ..
وفيها المهاجرون والأنصار .. قد غطوا أجسادهم بالحديد ..
فلا يرى منهم إلا عيونهم ..
فقال : سبحان الله يا عباس ! من هؤلاء ؟
فقال العباس .. هذا رسول الله صلى الله عليه وسلمـ في المهاجرين والأنصار ..
قال : هذا الموت الأحمر .. والله ما لأحد بهؤلاء من قبل ولا طاقة ..
ثم قال : والله يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيماً !
قال العباس : يا أبا سفيان .. إنها النبوة .. فقال أبو سفيان .. فنعم إذن ..
فلما تجاوزتهم الخيل .. صاح به العباس .. النجاءَ إلى قومك ..
فمضى أبو سفيان سريعاً إلى مكة .. وجعل يصرخ بأعلى صوته ..
يا معشر قريش .. هذا محمد قد جاءكم فيما لا قبل لكم به ..
فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ..قالوا : قاتلك الله ! وما تغني عنا دارك ؟
قال : ومن أغلق عليه بابه فهو آمن .. ومن دخل المسجد فهو آمن ..
فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد ..
فلله در نبيه صلى الله عليه وسلمـ كيف أثر في نفس أبي سفيان بما يصلح له ..
ومما يحسن ههنا .. أن تعرف طبيعة الشخص ونفسيته قبل أن تتكلم معه ..
فإن معرفة طبيعته .. وماذا يناسبه .. يفيدك عند التعامل أو الكلام معه ..
في غزوة الحديبية . .خرج رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
بمن معه من المهاجرين والأنصار ومن لحق به من العرب .. كانوا ألفاً وأربع مائة ..
ساقوا معهم الهدى وأحرموا بالعمرة ليعلم الناس أنهم إنما خرجوا زائرين ..
لهذا البيت معظمين له .. وساق صلى الله عليه وسلمـ معه سبعين من الإبل ..
هدياً إلى البيت الحرام .. وصلوا مكة .. فمنعتهم قريش من دخولها ..
عسكر النبيـ صلى الله عليه وسلمـ بأصحابه في موضع اسمه الحديبية ..
جعلت قريش ترسل إليه الرجل تلو الرجل للتفاوض معه ..فبعثوا إليه أولاً مكرز بن حفص ..
كان مكرز رجلاً من قريش .. لكنه لا يلتزم بعهد ولا ميثاق .. بل هو فاجر غادر ..
فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلمـ مقبلاً قال .. هذا رجل غادر ..
لما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. كلمه بما يصلح لمثله ..
وأخبره أنه ما جاء يريد حرباً .. إنما جاء معتمراً ..
ولم يكتب معه عهداً لأنه يعلم أنه ليس أهلاً لذلك ..
رجع مكرز إلى قريش فأخبرهم ..فبعثوا حليس بن علقمة .. سيد الأحابيش ..
وكان الأحابيش قوم من العرب سكنوا مكة تعظيماً للحرم وعناية بالكعبة ..
فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلمـ قال : إن هذا من قوم يتألهون ..
أي يتعبدون .. فابعثوا الهدي في وجهه حتى يراه ..
فلما رأى الهدي من إبل وغنم .. تسيل عليه من عرض الوادي ..
في قلائده وحباله مربوطاً مهيئاً ليذبح في الحرم ..
قد أكل أوباره من طول الحبس عن محله .. قد أضناه الجوع والعطش ..
لما رأى سيد الأحابيش ذلك .. انتفض .. ولم يقابل رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
إعظاماً لما رأى .. وكيف يمنع المعتمرون عن البيت الحرام !!
رجع إلى قريش .. فقال لهم ذلك .. فقالوا له : اجلس فإنما أنت أعرابي لا علم لك ..
فغضب الحليس .. وقال : يا معشر قريش .. والله ما على هذا حالفناكم ..
ولا على هذا عاهدناكم ..
أيصد عن بيت الله من جاءه معظماً له ؟
والذي نفس الحليس بيده .. لتخلن بين محمد وبين ما جاء له من العمرة ..
أو لأنفرن بالأحايش نفرة رجل واحد ..
قالوا : مَهْ .. كُفَّ عنا .. حتى نأخذ لأنفسنا ما نرضى به .. ثم أرادوا ..
أن يبعثوا رجلاً شريفاً .. فاختاروا عروة بن مسعود الثقفي ..
فقال : يا معشر قريش إني قد رأيت ما يلقى منكم من بعثتموه إلى محمد إذ جاءكم ..
من التعنيف وسوء اللفظ .. وقد عرفتم أنكم والد وأني ولد ..
قالوا : صدقت ما أنت عندنا بمتهم .. فخرج عروة .. وكان ملكاً في قومه ..
له شرف ومكانة .. وله ترفع على الناس ..
فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ جلس بين يديه ..
ثم قال يا محمد !! أجمعت أوشاب الناس ثم جئت بهم إلى بيضتك لتفضها بهم ؟
إنها قريش .. قد خرجت معها العوذ المطافيل .. قد لبسوا جلود النمور ..
يعاهدون الله لا تدخلها عليهم عنوة أبداً .. وأيم الله لكأني بهؤلاء قد انكشفوا عنك غداً ..
وكان أبو بكر خلف النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
واقفاً .. فقال أبو بكر : امصص بظر اللات ! أنحن ننكشف عنه ؟
تفاجأ ملك قومه بهذا الجواب .. فلم يتعود على مثله ..
لكنه في الحقيقة كان يحتاج إلى جرعة كهذه تخفض ما في رأسه من كبرياء ..
فقال عروة متأثراً : من هذا يا محمد ؟ قال : هذا ابن أبي قحافة ..
قال : أما والله لولا يد كانت لك عندي لكفأتك بها .. ولكن هذه بهذه ..
وجعل عروة يلين العبارات بعدها .. ويكلم النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
ويلمس لحية النبي .. والمغيرة بن شعبة الثقفي ..
واقف وراء رأس رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. قد غطى وجهه الحديد ..
فكان كلما قرب عروة يده من لحية رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
قرعها شعبة بطرف السيف .. ثم يمدها ثانية .. فيقرعها شعبة بطرف السيف ..
فلما مدها الثالثة .. قال شعبة : اكفف يدك عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
قبل ألا تصل إليك يدك .. أي أقطعها !!
فقال عروة : ويحك ما أفظك وأغلظك ! ومن هذا يا محمد ؟
فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. وقال ..
هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة الثقفي ..
فقال عروة : أي غدر وهل غسلت سوأتك إلا بالأمس !
ثم قام عروة من عند النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
وعاد إلى قريش .. فاسمع ما قال ..
قال : يا معشر قريش .. والله لقد رأيت كسرى وقيصر والنجاشيـ ..
والله ما رأيت ملكاً يعظمه أصحابه كما يعظم أصحاب محمد محمداً ..
فوقع في قلب قريش من الرهبة ما لم يقع من قبل .. فأرسلت قريش سهيل بن عمرو ..
فمضى يمشي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. قال : سهل أمركمـ ..
ثم كتبوا بينهم صلح الحديبية .. هذا جانب من معرفته صلى الله عليه وسلمـ ..
لأنواع الناس .. واستعمال المفتاح المناسب في التعامل مع كل أحد ..
وهذه الأنواع من طباع الناس تلاحظها حتى في إلقاء الكلمات أو السواليف معهم ..
ويمكنك أن تشاهد دليل ذلك بنفسك ..
حاول أن تلقي قصة مبكية أمام جمع من الناس .. وانظر إلى أنواع تأثرهم ..
أذكر أني ألقيت يوماً خطبة ضمنتها قصة مقتل عمر رضيـ الله عنه ..
ولما وصلت إلى كيفية طعن أبي لؤلؤة المجوسي لعمر رضيـ الله عنه ..
قلت بصوت عالٍ : وفجأة خرج أبو لؤلؤة من المحراب على عمر ..
ثم طعنه ثلاث طعنات .. وقعت الأولى في صدره والثانية في بطنه ..
ثم استجمع قوته وطعن بالخنجر تحت سرته ..
ثم جررررر الخنجر حتى خرجت بعض أمعائه ..
لاحظتُ وأنا أنظر في الوجوه أن الناس تنوعوا في كيفية تأثرهم ..
فمنهم من أغمض عينيه فجأة وكأنه يرى الجريمة أمامه ..
ومنهم من بكى ..
ومنهم من كان يستمع دون أدنى تأثر وكأنه ينصت إلى حكاية ما قبل النوم !!
قل مثل ذلك لو عرضت قصة حمزة رضيـ الله عنه لما وقع شهيداً في معركة أحد ..
وكيف شقوا بطنه فأخرجوا كبده .. وقطعوا أذنيه .. وجدعوا أنفه ..
وهو سيد الشهداء وأسد الله ورسوله .. وعموماً ..
علمتني الحياة أن الناس لا يخلون من أن يوجد من بينهم غليظ ..!!
لا يحسن ضبط عباراته .. ولا مجاملة السامعين ..
أذكر أن رجلاً من هذا الصنف جلس مرة في مجلس عام ..
فذكر قصة وقعت له مع أحد البائعين ..
فقال في معرض حديثه : وهذا البائع ضخم جداً كأنه **** ..
ثم قال : يشبه خالد !! وأشار إلى رجل بجانبه !!
فلا أدري كيف صار يشبه خالداً .. وهو كأنه **** !!
وقبل الختام .. هنا سؤال كبير ..
هل يمكنك تغيير طباعك لتتناسب مع طباع من تخالطه ..؟
نعم .. كان عمر رضيـ الله عنه مشهوراً بين الناس بقوته وصرامته ..
وفي يوم من الأيام .. اختلف رجل مع زوجته .. وجاء يسأل عمر كيف يتعامل معها ..
فلما وقف عند بيت عمر وكاد أن يطرق الباب سمع زوجة عمر تصرخ به ..
وعمر ساكت .. لم يصرخ .. لم يضرب ..
فولى الرجل ظهره للباب وكرّ راجعاً متعجباً ..
أحس عمر بصوت عند الباب فخرج ونادى الرجل .. ما خبرك ؟
قال : يا أمير المؤمنين .. جئت أشتكي إليك امرأتي فسمعت امرأتك تصرخ بك !!
فقال عمر : يا رجل إنها امرأتي .. حليلة فراشي .. وصانعة طعامي ..
وغاسلة ثيابي .. أفلا أصبر منها على بعض السوء ..
وعموماً : بعض الناس لا علاج له فلا بد من التكيف معه ..
يشتكي إليَّ بعض الناس من شدة غضب أبيه .. أو بخل زوجته .. أو ..
فأَعْرضُ عليه بعض طرق العلاج فيفيدني أنه جربها كلها ولم تنفع ..
فما الحل ..؟! الحل أن يصبر على أخلاقهم .. ويغمرَ سيء أخلاقهم في بحر حَسَنِها ..
ويتكيف مع واقعه قدر المستطاع .. فبعض المشاكل ليس لها حل ..


:: نتيجة ::
معرفتك بطبيعة الشخص الذي تخالطه تجعلك قادراً على كسب محبته ..

العابره
11-3-2010, 08:26 AM
الموضوعـ الرابع و الستـــــــــــون : مراعاة النفسيات ..
يقول الشيخـ :::: تتقلب أمزجة الناس في حياتهم بين حزن وفرح ..
وصحة ومرض .. وغنى وفقر .. واستقرار واضطراب ..
وبالتالي يتنوع تقبلهم لبعض الأنواع من التعاملات ..
أو ردهم لها بحسب حالتهم الشعورية وقت التعامل ..
فقد يقبل منك النكتة والطرفة ويتقبل المزاح في وقت استقراره وراحة باله ..
لكنه لا يتقبل ذلك في وقت حزنه ..
فمن غير المناسب أن تطلق ضحكة مدوية في عزاء ..!!
لكنها تحتمل منك في نزهة برية ..
وهذا أمر مقرر عند جميع العقلاء وليس هو المقصود بحديثي هنا ..
إنما المقصود هو مراعاة النفسيات والمشاعر الشخصية عند الحديث مع الناس ..
أو التصرف معهم .. افرض أن امرأة طلقها زوجها وليس لها أب ولا أم ..
قد ماتا .. وجعلت تجمع أغراضها لتعيش مع أخيها وزوجته ..
فبينما هي كذلك إذ دخلت عليها جارتها في الضحى زائرة .. فرحبت المطلقة بها ..
ووضعت لها القهوة والشاي .. فجعلت الزائرة تبحث عن أحاديث لتؤانسها ..
فسألتها المطلقة .. بالأمس رأيتكم خارجين من المنزل ..
فقالت الجارة : إي والله .. أبو فلان أصر علي أن نتعشى خارج البيت فذهبت معه ..
ثم مر السوق واشترى لي فستاناً لعرس أختي ..
ثم وقف عند محل ذهب ونزل واشترى لي سواراً ألبسه في العرس ..
ولما رجعنا إلى البيت رأى الأولاد في ملل فوعدهم آخر الأسبوع أن يسافر بهم ..
والمطلقة المسكينة تستمع إلى ذلك وتتخيل حالها بعد قليل في بيت زوجة أخيها !!
السؤال : هل يناسب إثارة هذا النوع من الأحاديث مع امرأة فشلت في مشروع الزواج ؟!!
هل تظن أن هذا المطلقة ستزداد محبة لهذه الجارة ؟.. ورغبة في مجالستها دائماً ؟..
وفرحاً بزيارتها لها ؟.. نتفق جميعاً على جواب واحد نصرخ به قائلين : لاااااا ..
بل سيمتلئ قلبها حقداً وقهراً .. إذن ما الحل ؟ هل تكذب عليها ؟
لا .. ولكن تتكلم باختصار .. كأن تقول : والله كان عندنا بعض الأشغال قضيناها ..
ثم تصرف الكلام إلى موضوع آخر تصبرها به على كربتها ..
أو افرضـ .. أن صديقين اختبرا نهاية المرحلة الثانوية .. فنجح أحدهما وتخرج بتفوق ..
والثاني رسب في عدد من المواد ..
أو تخرج بنسبة ضعيفة لا تؤهله للقبول في شيء من الجامعاتـ ..
فهل تَرَى من المناسب عندما يزور المتفوقُ صاحبه أن يسهب في الحديثـ ..
حول الجامعات التي تم قبوله فيها .. والميزات التي ستمنح له ..؟
قطعاً جوابنا جميعاً : لا .. إذن ما الحل ؟
الحل أن يذكر له عموميات يخفف بها عنه ..
كأن يشتكي من كثرة الزحام في الجامعات .. وقلة القبول ..
وخوف كثير من المتقدمين إليها من عدم القبول .. حتى يخفف عن صاحبه مصابه ..
فيرغب عند ذلك في مجالسته أكثر .. ويحبه ويأنس بقربه .. ويشعر أنه قريب من قلبه ..
وقل مثل ذلك لو التقى شابان أحدهما أبوه كريم يغدق عليه الأموال ..
والآخر أبوه بخيل لا يكاد يعطيه ما يكفيه ..
فمن غير المناسب أن يتحدث ابن الكريم بإغداق أبيه عليه .. وكثرة المال لديه .. و ..
لأن هذا النوع من الكلام يضيق به صدر صديقه .. ويذكره بمأساته مع أبيه ..
ويستثقل الجلوس مع هذا الصديق ويشعر ببعده عنه في همه ..
لذلك نبه النبي صلى الله عليه وسلمـ إلى مراعاة مشاعر الآخرين ونفسياتهم ..
فقال : لا تطيلوا النظر إلى المجذوم .. والمجذوم هو المصاب بمرض ظاهر في جلده ..
قد جعله مشوهاً في منظره .. فمن غير المناسب أنه إذا مر بقوم أن يطيلوا النظر إلى جلده ..
لأن هذا يذكره بمصيبته فيحزن .. وفي موقف غاية في المراعاة واللطف ..
يتعامل صلى الله عليه وسلمـ مع والد أبي بكر رضيـ الله عنه ..
فإنه صلى الله عليه وسلمـ لما أقبل بجيوش المسلمين إلى مكة لفتحها ..
قال أبو قحافة أبو أبي بكر رضيـ الله عنه .. وكان شيخاً كبيراً .. أعمى ..
قال لابنة له من أصغر ولده ..
أي بنية .. اظهري بي على جبل أبي قبيس لأنظر صدق ما يقولون ..
هل جاء محمد ؟.. فأشرفت به ابنته فوق الجبل .. فقال : أي بنية ماذا ترين ؟
قالت : أرى سواداً مجتمعاً مقبلاً ..
قال : تلك الخيل ..
قالت : وأرى رجلاً يسعى بين يدي ذلك السواد مقبلاً ومدبراً ..
قال : أي بنية ذلك الوازع الذي يأمر الخيل ويتقدم إليها ..
ثم قالت : قد والله يا أبتِ انتشر السواد ..
فقال : قد والله إذاً دفعت الخيل ووصلت مكة .. فأسرعي بي إلى بيتي ..
فإنهم يقولون من دخل داره فهو آمن ..
فانحطت الفتاة به مسرعة من الجبل ..
فتلقته خيل المسلمين .. قبل أن يصل إلى بيته ..
فأقبل أبو بكر إليه .. فاحتفى به مرحباً ..
ثم أخذ بيده يقوده .. حتى أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلمـ في المسجد ..
فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. فإذا شيخ كبير .. قد ضعف جسمه ..
ورق عظمه .. واقتربت منيته ..
وإذا أبو بكر رضيـ الله عنه .. ينظر إلى أبيه .. وقد فارقه منذ سنينـ ..
وانشغل عنه بخدمة هذا الدين ..
التفت إلى أبي بكر رضيـ الله عنه فقال مطيباً لنفسه .. ومبيناً قدره الرفيع عنده ..
هلا تركت الشيخ في بيته حتى أكون أنا آتيه فيه ؟!
كان أبو بكر يعلم أنهم في حرب .. قائدهم رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
وأن وقته أضيق .. وأشعاله أكثر من أن يتفرغ للذهاب لبيت شيخ يدعوه للإسلامـ ..
فقال أبو بكر شاكرا ً.. يا رسول الله .. هو أحق أن يمشي إليك .. من أن تمشي أنت إليه ..
فأجلس النبي عليه الصلاة والسلام .. أبا قحافة بين يديه .. بكل لطف وحنان ..
ثم مسح على صدره .. ثم قال : أسلم ..
فأشرق وجه أبي قحافة .. وقال : أشهد أن لا إله إلا الله ..
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .. انتفض أبو بكر منتشياً مسروراً .. لم تسعه الدنيا فرحاً ..
تأمل النبي صلى الله عليه وسلمـ في وجه الشيخ .. فإذا الشيب يكسوه بياضاً ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ :غيروا هذا من شعره .. ولا تقربوه سواداً ..
نعم كان يراعي النفسيات في تعامله ..
بل إنه صلى الله عليه وسلمـ لما دخل مكة قسم جيشه إلى كتائب ..
وأعطى راية إحدى الكتائب .. إلى الصحابي البطل سعد بن عبادة رضيـ الله عنه ..
كانت الراية مفخرة لمن يحملها .. ليس له فقط بل له ولقومه ..
جعل سعد ينظر إلى مكة وسكانها ..
فإذا هم الذين حاربوا رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
وضيقوا عليه .. وصدوا عنه الناس .. وإذا هم الذين قتلوا سمية وياسر ..
وعذبوا بلالاًُ وخباباً .. كانوا يستحقون التأديب فعلاً .. هز سعد الرايية ..
وهو يقول : اليوم يوم الملحمة ** اليوم تستحل الحرمة ..
سمعته قريش فشق ذلك عليهم .. وكبر في أنفسهم .. وخافوا أن يفنيهم بقتالهم ..
فعارضت امرأة رسول الله صلى الله عليه وسلمـ وهو يسير ..
فشكت إليه خوفهم من سعد .. وقالت :
يا نبي الهدى إليك لجائيُّ ***** قريش ولات حين لجـــــاء
حين ضاقت عليهم سعة الأرض **** وعاداهم إله السماء
إن سعداً يريد قاسمة الظهـر **** بأهل الحجون و البطحاء
خزرجي لو يستطيع من الغيـظ **** رمانا بالنسر والعواء
فانهينه إنه الأسد الأسـود **** والليث والغٌ في الدماء
فلئن أقحم اللواء ونادى **** يا حماة اللواء أهل اللواء
لتكونن بالبطاح قريش **** بقعةَ القاع في أكف الإماء
إنه مصلت يريد لها القت صموت كالحية الصماء ..
فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. هذا الشعر ..
دخله رحمة ورأفة بهم .. وأحب ألا يخيبها إذ رغبت إليه ..
وأحب ألا يغضب سعداً بأخذ الراية منه بعد أن شرفه بها ..
فأمر سعداً فناول الراية لابنه قيس بن سعد .. فدخل بها مكة..
وأبوه سعد يمشي بجانبه ..
فرضيت المرأة وقريش لما رأت يد سعد خالية من الراية ..
ولم يغضب سعد لأنه بقي قائداً لكنه أريح من عناء حمل الراية وحملها عنه ابنه ..
فما أجمل أن نصيد عدة عصافير بحجر واحد .. حاول أن لا تفقد أحداً ..
كن ناجحاً واكسب الجميع .. وإن تعارضت مطالبهم ..


:: اتفاق ::
نحن نتعامل مع القلوب .. لا مع الأبدان ..

العابره
11-3-2010, 08:28 AM
الموضوعـ الخامس و الستـــــــــــون : اهتم بالآخرينــ ..
يقول الشيخـ :::: الناس عموماً يحبون أن يشعروا بقيمتهم ..
لذا تجدهم أحياناً يقومون ببعض التصرفات ليلفتوا النظر إليهم ..!
وقد يخترعون قصصاً وبطولات لأجل أن يهتم الناس بهم ..
أو يعجبوا بهم أكثر لو رجع رجل إلى بيته قادماً من عمله متعباً ..
فلما دخل صالة البيت رأى أولاده الأربعة كل منهم على حال ..
أكبرهم عمره أحدى عشرة سنة .. يتابع برنامجاً في التلفاز ..
والثاني يأكل طعاماً بين يديه ..
والثالث يعبث بألعابه .. والرابع يكتب في دفاتره ..
فسلم الأب بصوت مسموع .. السلام عليكمـ ..فلم يلتفت إليه أحد ..
ذاك منهمك مع برنامجه .. والثاني مأخوذ بألعابه .. والثالث مشغول بطعامه ..
إلا الرابع .. فإنه لما التفت فرأى أباه .. نفض يده من دفاتره وأقبل مرحباً ضاحكاً ..
وقبل يد أبيه .. ثم رجع إلى دفاتره .. أي هؤلاء الأربعة سيكون أحب إلى الأب ؟
أجزم أن جوابنا سيكون واحداً .. أحبهم إليه الرابع .. ليس لأنه يفوقهم جمالاً أو ذكاءً ..
وإنما لأنه أشعر أباه بأنه إنسان مهم عنده .. كلما أظهرت الاهتمام بالناس أكثر ..
كلما ازدادوا لك حياً وتقديراً ..
كان سيد الخلق صلى الله عليه وسلمـ يراعي ذلك في الناسـ ..
يشعر كل إنسان أن قضيته قضيته .. وهمه همه ..
قام صلى الله عليه وسلمـ على منبره يوماً يخطب الناس ..
فدخل رجل من باب المسجد .. ونظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
ثم قال : يا رسول الله .. رجل يسأل عن دينه .. ما يدري ما دينه ؟!
فالتفتـ صلى الله عليه وسلمـ إليه .. فإذا رجل أعرابيـ ..
قد لا يكون مستعداً أن ينتظر حتى تنتهي الخطبة ..
ويتفرغ له النبي صلى الله عليه وسلمـ ليحدثه عن دينه ..
وقد يخرج الرجل من المسجد ولا يعود إليه .. وقد بلغ الأمر عند الرجل أهمية عالية ..
لدرجة أنه يقطع الخطبة ليسأل عن أحكام الدين !!
كان صلى الله عليه وسلمـ يفكر من وجهة نظر الآخر لا من وجهة نظره هو فقط ..
نزل من على منبره الشريف .. ودعا بكرسي فجلس أمام الرجل ..
وجعل يلقنه ويفهمه أحكام الدين .. حتى فهم ..ثم قام من عنده ..
ورجع إلى منبره وأكمل خطبته ..
آآآه ما أعظمه وأحلمه .. تربى أصحابة في مدرسته ..
فكانوا يظهرون الاهتمام بالآخرين .. والاحتفاء بهم ..
ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم ..
ومن ذلك ما فعله طلحة مع كعب رضيـ الله عنه ..
كعب بن مالك رضيـ الله عنه شيخ كبير .. نجلس إليه .. بعدما كبر سنه ..
ورق عظمه .. وكف بصره .. وهو يحكي ذكريات شبابه .. في تخلفه عن غزوة تبوك ..
وكانت آخر غزوة غزاها النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
آذن النبيـ صلى الله عليه وسلمـ الناس بالرحيل وأراد أن يتأهبوا أهبة غزوهم
وجمع منهم النفقات لتجهيز الجيش .. حتى بلغ عدد الجيش ثلاثين ألفاً ..
وذلك حين طابت الظلال الثمار .. في حر شديد .. وسفر بعيد ..
وعدو قوي عنيد ..
كان عدد المسلمين كثيراً .. ولم تكن أسماؤهم مجموعة في كتاب ..
قال كعب : وأنا أيسر ما كنت .. قد جمعت راحلتين ..
وأنا أقدر شيء في نفسي على الجهاد
وأنا في ذلك أصغي إلى الظلال .. وطيب الثمار ..
فلم أزل كذلك .. حتى قام رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
غادياً بالغداة .. فقلت : أنطلق غدا إلى السوق فأشتري جهازي .. ثم ألحق بهم ..
فانطلقت إلى السوق من الغد .. فعسر علي بعض شأني .. فرجعت ..
فقلت : أرجع غدا إن شاء الله فألحق بهم .. فعسر عليَّ بعض شأني أيضاً ..
فقلت : أرجع غدا إن شاء الله .. فلم أزل كذلك ..حتى مضت الأيام ..
وتخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. فجعلت أمشي في الأسواق ..
وأطوف بالمدينة .. فلا أرى إلا رجلاً مغموصاً عليه في النفاق .. أو رجلاً قد عذره الله ..
نعم تخلف كعب في المدينة .. أما رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فقد مضى بأصحابه الثلاثين ألفاً .. حتى إذا وصل تبوك .. نظر في وجوه أصحابه ..
فإذا هو يفقد رجلاً صالحاً ممن شهدوا بيعة العقبة ..
فيقول صلى الله عليه وسلمـ : ما فعل كعب بن مالك ؟!
فقال رجل : يا رسول الله .. خلّفه برداه والنظر في عطفيه ..
فقال معاذ بن جبل : بئس ما قلت .. والله يا نبي الله ما علمنا عليه إلا خيراً ..
فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
قال كعب : فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلمـ غزوة تبوك ..
وأقبل راجعاً إلى المدينة .. جعلت أتذكر .. بماذا أخرج به من سخطه ..
وأستعين على ذلك بكل ذي رأي من أهلي ..
حتى إذا وصل المدينة .. عرفتُ أني لا أنجو إلا بالصدق ..
فدخل النبي صلى الله عليه وسلمـ المدينة .. فبدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين ..
ثم جلس للناس .. فجاءه المخلفون .. فطفقوا يعتذرون إليه ..
ويحلفون له .. وكانوا بضعة وثمانين رجلاً ..
فقبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلمـ علانيتهم .. واستغفر لهم ..
ووكل سرائرهم إلى الله .. وجاءه كعب بن مالك .. فلما سلم عليه ..
نظر إليه النبي صلى الله عليه وسلمـ .. ثم تبسَّم تبسُّم المغضب ..
أقبل كعب يمشي إليه صلى الله عليه وسلمـ .. فلما جلس بين يديه ..
فقال له صلى الله عليه وسلمـ .. ما خلفك ..
ألم تكن قد ابتعت ظهرك ؟ يعني اشتريت دابتك ..
قال : بلى .. قال : فما خلفك ؟!
لرأيت أني أخرج من سخطه بعذر .. ولقد أعطيت جدلاً ..
ولكني والله لقد علمت .. أني إن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به علي ..
ليوشكن الله أن يسخطك علي .. ولئن حدثتك حديث صدق .. تجد عليَّ فيه ..
إني لأرجو فيه عفوَ الله عني ..
يا رسول الله .. والله ما كان لي من عذر .. والله ما كنت قط أقوى ..
ولا أيسر مني حين تخلفت عنك .. ثم سكت كعب ..
فالتفت النبي صلى الله عليه وسلمـ إلى أصحابه ..
وقال : أما هذا .. فقد صدقكم الحديث .. فقم .. حتى يقضي الله فيك ..
قام كعب يجر خطاه .. وخرج من المسجد .. مهموماً مكروباً ..
لا يدري ما يقضي الله فيه .. فلما رأى قومه ذلك .. تبعه رجال منهم ..
وأخذوا يلومونه .. ويقولون ..
والله ما نعلمك أذنبت ذنباً قط قبل هذا .. إنك رجل شاعر أعجزت ألا تكونـ ..
اعتذرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ بما اعتذر إليه المخلفون ! ..
هلا اعتذرت بعذر يرضى عنك فيه .. ثم يستغفر لك ..
فيغفر الله لك .. قال كعب .. فلم يزالوا يؤنبونني ..
حتى هممت أن أرجع فأكذب نفسي ..
فقلت : هل لقي هذا معي أحد ؟ قالوا : نعم .. رجلان قالا مثل ما قلت ..
فقيل لهما مثل ما قيل لك .. قلت : من هما ؟ قالوا : مرارة بن الربيع ..
وهلال بن أمية .. فإذا هما رجلان صالحان قد شهدا بدراً .. لي فيهما أسوة ..
فقلت : والله لا أرجع إليه في هذا أبداً .. ولا أكذب نفسي ..
ثم مضى كعب رضيـ الله عنه .. يسير حزيناً .. كسير النفس ..
وقعد في بيته .. فلم يمضِ وقت .. حتى نهى النبي صلى الله عليه وسلمـ ..
الناس عن كلام كعب وصاحبيه ..
قال كعب .. فاجتنبنا الناس .. وتغيروا لنا .. فجعلت أخرج إلى السوق ..
فلا يكلمني أحد .. وتنكر لنا الناس .. حتى ما هم بالذين نعرف ..
وتنكرت لنا الحيطان .. حتى ما هي بالحيطان التي نعرف .. وتنكرت لنا الأرض ..
حتى ما هي بالأرض التي نعرف ..
فأما صاحباي فجلسا في بيوتهما يبكيان .. جعلا يبكيان الليل والنهار ..
ولا يطلعان رؤوسهما .. ويتعبدان كأنهما الرهبان ..
وأما أنا فكنت أشَبَّ القوم وأجلدَهم .. فكنت أخرج فأشهد الصلاة مع المسلمين ..
وأطوف في الأسواق .. ولا يكلمني أحد ..
وآتي المسجد فأدخل ..وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فأسلم عليه ..فأقول في نفسي : هل حرك شفتيه برد السلام علي أم لا ؟
ثم أصلي قريباً منه .. فأسارقه النظر .. فإذا أقبلت على صلاتي .. أقبل إلي ..
وإذا التفتُّ نحوه .. أعرض عني .. ومضت على كعب الأيام .. والآلام تلد الآلام ..
وهو الرجل الشريف في قومه ..بل هو من أبلغ الشعراء .. عرفه الملوك والأمراء ..
وسارت أشعاره عند العظماء .. حتى تمنوا لقياه .. ثم هو اليوم ..
في المدينة .. بين قومه .. لا أحد يكلمه .. ولا ينظر إليه ..
حتى .. إذا اشتدت عليه الغربة .. وضاقت عليه الكربة ..
نزل به امتحان آخر :فبينما هو يطوف في السوق يوماً ..
.إذا رجل نصراني جاء من الشام ..
فإذا هو يقول : من يدلني على كعب بن مالك .. ؟
فطفق الناس يشيرون له إلى كعب .. فأتاه .. فناوله صحيفة من ملك غسان ..
عجباً !! من ملك غسان ..!!إذن قد وصل خبره إلى بلاد الشام ..
واهتم به ملك الغساسنة .. عجباً !! فماذا يريد الملك ؟!! فتح كعب الرسالة فإذا فيها ..
" أما بعد .. يا كعب بن مالك .. إنه بلغني أن صاحبك قد جفاك وأقصاك ..
ولست بدار مضيعة ولا هوان .. فالحق بنا نواسك "..
فلما أتم قراءة الرسالة .. قال رضيـ الله عنه .. إنا لله .. قد طمع فيَّ أهل الكفر ..!!
هذا أيضاً من البلاء والشر .. ثم مضى بالرسالة فوراً إلى التنور ..
فأشعله ثم أحرقها فيه ..ولم يلتفت كعب إلى ***** الملك ..
نعم فُتح له باب إلى بلاط الملوك .. وقصور العظماء ..
يدعونه إلى الكرامة والصحبة ..والمدينة من حوله تتجهمه ..
والوجوه تعبس في وجهه .. يسلم فلا يرد عليه السلام ..ويسأل فلا يسمع الجوابـ ..
ومع ذلك لم يلتفت إلى الكفار .. ولم يفلح الشيطان في زعزعته ..
أو تعبيده لشهوته ..ألقى الرسالة في النار .. وأحرقها ..
ومضت الأيام تتلوها الأيام .. وانقضى شهر كامل .. وكعب على هذا الحال ..
والحصار يشتد خناقه .. والضيق يزداد ثقله ..
فلا الرسول صلى الله عليه وسلمـ يُمضي .. ولا الوحي بالحكم يقضي ..
فلما اكتملت أربعون يوماً .. فإذا رسول من النبي صلى الله عليه وسلمـ ..
يأتي إلى كعب .. فيطرق عليه الباب .. فيخرج كعب إليه .. لعله جاء بالفرج ..
فإذا الرسول يقول له ..
إن رسول الله صلى الله عليه وسلمـ يأمرك أن تعتزل امرأتك ..
قال : أُُطَلِّقها .. أم ماذا ؟
قال : لا .. ولكن اعتزلها ولا تقربها .. فدخل كعب على امرأته
وقال : الحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر ..
وأرسل النبيـ صلى الله عليه وسلمـ إلى صاحبي كعب بمثل ذلك ..
فجاءت امرأة هلال بن أمية .. فقالت : يا رسول الله .. إن هلال بن أمية شيخ كبير ضعيف ..
فهل تأذن لي أن أخدمه ..؟ قال : نعم .. ولكن لا يقربنك ..
فقالت المرأة : يا نبي الله .. والله ما به من حركة لشيء ..
ما زال مكتئباً .. يبكي الليل والنهار .. منذ كان من أمره ما كان ..
ومرت الأيام ثقيلة على كعب .. واشتدت الجفوة عليه .. حتى صار يراجع إيمانه ..
يكلم المسلمين ولا يكلمونه .. ويسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلمـ فلا يرد عليه ..
فإلى أين يذهب ..!! ومن يستشير !؟
قال كعب رضيـ الله عنه : فلما طال عليَّ البلاء ..
ذهبت إلى أبي قتادة .. وهو ابن عمي .. وأحب الناس إليَّ ..
فإذا هو في حائط بستانه .. فتسورت الجدار عليه ..
ودخلت .. فسلمت عليه .. فوالله ما رد علي السلام ..
فقلت : أنشدك الله .. يا أبا قتادة .. أتعلم أني أحب الله ورسوله ؟
فسكت .. فقلت : يا أبا قتادة .. أتعلم أني أحب الله ورسوله ؟
فسكت ..فقلت : أنشدك الله .. يا أبا قتادة .. أتعلم أني أحب الله ورسوله ؟
فقال : الله ورسوله أعلم .. سمع كعب هذا الجواب ..
من ابن عمه وأحب الناس إليه .. لا يدري أهو مؤمن أم لا ؟
فلم يستطع أن يتجلد لما سمعه .. وفاضت عيناه بالدموع ..
ثم اقتحم الحائط خارجاً .. وذهب إلى منزله .. وجلس فيه ..
يقلب طرفه بين جدرانه .. لا زوجة تجالسه .. ولا قريب يؤانسه ..
وقد مضت عليهم خمسون ليلة ..
من حين نهى النبيـ صلى الله عليه وسلمـ الناس عن كلامهم ..
وفي الليلة الخمسين .. نزلت توبتهم على النبي صلى الله عليه وسلمـ ..
في ثلث الليل ..
وكان صلى الله عليه وسلمـ في بيت أم سلمة .. فتلا الآيات ..
فقالت أم سلمة رضيـ الله عنها ..
يا نبي الله .. ألا نبشر كعب بن مالك .. قال : إذاً يحطمكم الناس ..
ويمنعونكم النوم سائر الليلة . .فلما صلى النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
الفجر .. آذن الناس بتوبة الله عليهم.. فانطلق الناس يبشرونهم ..
قال كعب .. وكنت قد صليت الفجر على سطح بيت من بيوتنا ..
فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله تعالى .. قد ضاقت علي نفسي ..
وضاقت عليَّ الأرض بما رحبت .. وما من شيء أهم إليّ .. من أن أموت ..
فلا يصلي عليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلمـ ..
أو يموت .. فأكون من الناس بتلك المنزلة .. فلا يكلمني أحد منهم .. ولا يصلي عليَّ ..
فبينما أنا على ذلك .. إذ سمعت صوت صارخ .. على جبل سلع بأعلى صوته يقول ..
ياااااا كعب بن مالك ! .. أبشر .. فخررت ساجداً .. وعرفت أن قد جاء فرج من الله ..
وأقبل إليَّ رجل على فرس .. والآخر صاح من فوق جبل ..
وكان الصوت أسرع من الفرس ..
فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني .. نزعت له ثوبيَّ فكسوته إياهما ببشراه ..
والله ما أملك غيرهما .. واستعرت ثوبين .. فلسبتهما ..
وانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. فتلقاني الناس فوجاً ..
فوجاً .. يهنئوني بالتوبة .. يقولون : ليهنك توبة الله عليك ..
حتى دخلت المسجد .. فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلمـ جالس بين أصحابه ..
فلما رأوني والله ما قام منهم إليَّ إلا طلحة بن عبيد الله .. قام فاعتنقني وهنأني ..
ثم رجع إلى مجلسه .. فوالله ما أنساها لطلحة ..
فمشيت حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلمـ فسلمت عليه ..
وهو يبرق وجهه من السرور .. وكان إذا سُرَّ استنار وجهه .. حتى كأنه قطعة قمر ..
فلما رآني قال : أبشر بخير يوم مرَّ عليك منذ ولدتك أمك ..
قلت : أمن عندك يا رسول الله .. أم من عند الله ؟
قال :لا .. بل من عند الله .. ثم تلا الآيات .. فجلست بين يديه ..
فقلت : يا رسول الله ! إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله ..
وإلى رسوله .. فقال : أمسك عليك بعض مالك .. فهو خير لك ..
فقلت : يا رسول الله ! إن الله إنما نجاني بالصدق ..
وإن من توبتي ألا أحدث إلا صدقاً ما بقيت .. نعم .. تاب الله على كعب وصاحبيه ..
وأنزل في ذلك قرءاناً يتلى .. فقال عز وجل :
] لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ
مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَاب َ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ *
وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ
وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [ ..
والشاهد من هذه القصة .. أن طلحة رضيـ الله عنه ..
لما رأى كعباً قام إليه واعتنقه وهنأه .. فزادت محبة كعب له ..
حتى كان يقول بعد موت طلحة .. وهو يحكي القصة بعدها بسنين ..
فوالله لا أنساها لطلحة .. وماذا فعل طلحة حتى يأسر قلب كعب ؟ فعل مهارة رائدة ..
اهتمَّ به .. شاركه فرحته .. فصار له عنده حظوة ..
الاهتمام بالناس ومشاركتهم في مشاعرهم يأسر قلوبهمـ ..
لو كنت في زحمة الامتحانات .. ووصلت إلى هاتفك المحمول رسالة مكتوب فيها ..
بشرني عن امتحاناتك والله إن بالي مشغول عليك وأدعو لك ، صديقك : إبراهيم ..
أليس ستزداد محبتك لهذا الصديق ؟ بلى .. ولو كان أبوك مريضاً في المستشفى ..
فبقيت معه في غرفته وأنت مشغول البال عليه ..
واتصل بك صديق وسألك عنه .. وقال : تحتاج مساعدة ؟
نحن في خدمتك .. فشكرته .. ثم في المساء اتصل
وقال : إذا الأهل يحتاجون أي شيء أشتريه لهم .. فأخبرني .. فشكرته ودعوت له ..
ألا تشعر أن قلبك ينجذب إليه أكثر ..؟
بينما لو اتصل بك آخر وقال : فلان .. نحن خارجون إلى نزهة في البحر ..
هاه تذهب معنا ؟ فقلت : والله والدي مريض ولا أستطيع ..
فبدل أن يدعو له ويعتذر أن لم يسأل عن حاله ..
قال لك : أدري أنه مريض لكن هو في المستشفى وعنده ممرضون ..
ولن يستفيد من بقائك تعال معنا استمتع واسبح و .. قالها وهو يمازحك ضاحكاً ..
وكأن مرض والدك لا يعنيه .. كيف ستكون نظرتك إليه ؟
بلا شك أن قدره في قلبك ينخفض لأنه لم يهتم بهمومك ..
من أحرج ما وقع لي من مواقف ..
أني كنت مسافراً إلى جدة لعدة أيام .. كنت مشغولاً جداً ..
وصلتني رسالة خلالها على هاتفي من أخي سعود كتب فيها ..
أحسن الله عزاءك في ابن عمنا فلان توفي في ألمانيا ..
اتصلت بأخي فأخبرني أن ابن عمنا هذا .. وهو شيخ كبير ..
ذهب قبل يومين لعلاج القلب في ألمانيا وتوفي أثناء إجراء العملية ..
وأن جثمانه سيصل قريباً إلى مطار الرياض .. دعوت له وترحمت عليه ..
وأنهيت المكالمة .. بعدها بيومين انتهت أعمالي في جدة وذهبت إلى المطار
أنتظر وقت إقلاع رحلتي للرياض ..
في هذه الأثناء كان يمر بي عدد من الشباب فإذا رأوني عرفوني ..
وأقبلوا مسلمين وكانوا أحياناً من الشباب المراهقين لهم قصات شعر غريبة ..
ومع ذلك كنت أمازحهم وأطلق التعليقات عليهم تحبباً وتلطفاً ..
انشغلت بمكالمة هاتفية .. فلما أنهيتها فإذا شاب يلبس بنطالاً وقميصاً ..
يراني فيقبل مسَلّماً مصافحاً ..
رحبت به وقلت مازحاً : ما هذه الأناقة .. أنت اليوم كأنك عريس .. ونحو هذه العبارات ..
سكت الشاب قليلاً ثم قال ..
ما عرفتني .. أنا فلان .. الآن وصلت من ألمانيا معي جثمان أبي ..
وأنا متوجه إلى الرياض الآن على أقرب رحلة ..في الحقيقة ..
كأنما صب علي برميل ماء بارد .. صرت محرجاً جداً .. أبوه مات ..
وجثمانه معه في الطائرة وأنا أمازحه وأضحك .. إن هذا لشيء عجاب !!
سكتُّ قليلاً ثم قلت : آآآآسف .. والله ما انتبهت إليك .. فأنا هنا منذ أيام ..
فأحسن الله عزاءك وغفر لوالدك .. وإن كنتُ في الحقيقة معذوراً ..
في عدم انتباهي إلى شخصه .. فقد كنت لا أقابله إلا قليلاً ..
وأراه بثوبه وغترته .. فلما لبس البنطال وجاءني فجأة في زحمة شباب من جدة ..
لم يقع في نفسي أنه فلان ..
فمن الاهتمام بالناس مشاركتهم في مشاعرهم وإشعارهم أن همهم هو همك ..
وأنك تحب الخير لهم ..
ومن هذا المنطلق تجد أن الشركات المتطورة يكون عندها إدارة للعلاقات العامة ..
مهمتها إرسال التهاني والتبريكات في المناسبات .. وتقديم الهدايا .. ونحو ذلك ..
الناس كلما أشعرتهم بقيمتهم وأظهرت الاهتمام بهم ملكت قلوبهم وأحبوك ..
خذ أمثلة سريعة من الواقع : لو دخل شخص إلى مكان مليء بالناس ..
فلم يجد مكاناً يجلس فيه .. فتفسحت قليلاً .. وأوسعت له مكاناً وقلت ..
تفضل يا فلان .. تعال هنا .. لشعر باهتمامك وأحبك ..
أو لو كنتم في حفل عشاء ..
وأقبل يحمل طعامه يتلفت يبحث عن طاولة فيها مكان فارغ ..
فجهزت له كرسياً وقلت : حياك الله يا فلان .. تفضل هنا .. لشعر باهتمامك أيضاً ..
عموماً أشعر الناس بقيمتهم .. يحبوك ..
كان رسول الله صلى الله عليه وسلمـ يحرص على ذلك أيما حرص ..
انظر إليه وقد قام يخطب على منبره يوم جمعة ..
وفجأة فإذا بأعرابي يدخل إلى المسجد ويتخطى الصفوف ..
وينظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
ويصيح قائلاً : يا رسول الله .. رجل لا يدري ما دينه ! فعلمه دينه ..
فنزل النبي صلى الله عليه وسلمـ من منبره ..
وتوجه إلى الرجل وطلب كرسياً فجلس عليه ..
ثم جعل يتحدث مع الرجل ويشرح له الدين إلى أن فهم .. ثم عاد إلى منبره ..
قمة الاهتمام بالناس .. ومن يدري ربما لو أهمله لخرج الرجل ..
وبقي جاهلاً بدينه إلى أن يموت ..
ولو نظرت في شمائله صلى الله عليه وسلمـ ..
لوجدت من بينها أنه كان إذا صافحه أحد لم ينزع صلى الله عليه وسلمـ ..
يده من يد المصافح .. حتى ينزع ذاك يده أولاً ..
وكان صلى الله عليه وسلمـ إذا كلمه أحد التفت إليه جميعاً ..
أي التفت بوجهه وجسمه إليه يستمع وينصت ..

:: اتفاق ::
نحن نتعامل مع القلوب .. لا مع الأبدان ..

العابره
11-3-2010, 08:33 AM
الموضوعـ السادس و الستـــــــــــون : كن لماحاً..
يقول الشيخـ :::: قسم كبير من الأشياء التي نمارسها في الحياة ..
نفعلها لأجل الناس لا لأجل أنفسنا ..
عندما تُدعى لوليمة عرس .. فتلبس أحسن ثيابك ..
إنما تفعل ذلك لأجل لفت انتباه الناس وجذب إعجابهم .. لا لأجل لفت انتباه نفسك ..
وتفرح إذا لاحظت أنهم أُعجبوا بجمال هيئتك .. أو رونق ثيابك ..
وعندما تؤثث مجلس ضيوفك .. وتتكلف في تزويقه والعناية به ..
إنما تفعل ذلك أيضاً لأجل نظر الناس .. لا لأجل نظر نفسك ..
بدليل أنك تعتني بغرفة استقبال الضيوف أكثر من عنايتك بالصالة الداخلية ..
أو بحمام أطفالك !!
عندما تدعو أصحابك إلى طعام .. ألا ترى أن زوجتك .. وربما أنت ..
تعتني بترتيب الطعام وتنويعه أكثر من العادة .. بلى ..
وكلما زادت أهمية هؤلاء الأصحاب .. زادت العناية بالطعامـ ..
وكم تكون سعادتنا غامرة عندما يثنيـ أحد على لباسنا أو ديكورات بيوتنا ..
أو لذة طعامنا .. وقد قال صلى الله عليه وسلمـ : " وليأت إلى الناس الذي يحب أن يأتوا إليه "
أي عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به ..
كيف ..؟!
رأيت على صاحبك ثوباً جميلاً ..
انتبه له .. أثن عليه .. أسمعه كلمات رنانة ..
ما شاء الله !! ما هذا الجمال !! اليوم كأنك عريس !!
زارك يوماً فشممت من ثيابه عطراً فواحاً جميلاً .. أثن عليه .. تفاعل معه ..
كن لماحاً .. فهو ما وضع الطيب إلا لأجلك .. ردد عبارات جميلة ..
ما هذه الروائح .. ما أحسن ذوقك ..
دعاك شخص لطعام .. أثن على طعامه ..
فإنك تعلم أن أمه أو زوجته أو أخته وقفت ساعات في المطبخ لأجلك ..
أو لأجل المدعويين عموماً .. وأنت منهم ..
أو أنه على الأقل تعب في إحضاره من المطعم ومحل الحلويات .. و ..
فأسمعه كلمات تجعله يشعر أنك ممتن له بما قدم لك .. وأن تعبه لم يذهب سُدَى ..
دخلت بيت أحد أصدقائك .. أو دخلتي بيت إحدى صديقاتك .. فرأيت أثاثاً جميلاً ..
فأثن على الأثاث .. والذوق الرفيع .. ( لكن انتبه لا تبالغ حتى لا يشعر أنه استهزاء ) ..
حضرت في مجلس عام .. فسمعت حمد يتكلم مع الحاضرين بانطلاق ..
وقد أحيا المجلس .. وأسعد الحاضرين .. أثن عليه .. خذ بيده إذا قمتم ..
قل له : ما شاء الله ..!! ما هذه القدرات !! بصراحة ما ملَّح المجلس إلا حضورك ..
جرب افعل ذلك .. فسوف يحبك ..رأيت موقفاً جميلاً لولد مع أبيه .. قبَّل يدَه ..
قرَّبَ إليه نعليه .. أثن على الولد .. كن لماحاً ..لبس ثوباً جديداً .. أثن عليه .. كن لماحاً ..
زرت أختك .. رأيت عنايتها بأولادها .. كن لماحاً .. أثن عليها ..
رأيت عناية صاحبك بأولاده .. أو روعة ترحيبه بضيوفه .. كن جريئاً .. لماحاً ..
أثن عليه .. أخرج ما في صدرك من الإعجاب به ..
ركبت مع شخص في سيارته .. أو استأجرت تاكسي .. لاحظت نظافة سيارته ..
حُسنَ قيادته .. كن لماحاً .. أثن عليه ..
قد تقول : هذه أمور عادية .. صحيح لكنها مؤثرة ..
لقد جربت ذلك بنفسي .. ومارست هذه المهارة مع أعداد من الناس ..
كباراً وصغاراً .. وعمالاً بسطاء .. ومدرسين ..
بل مارستها مع أشخاص يشغلون مناصب عليا .. ورأيت من تأثرهم أعاجيب ..
خاصة في الأشياء التي ينتظرها الناس منك .. كيف ؟
عريس .. رأيته بعد زواجه بأسبوع .. رجل حصل على شهادة عليا ..
شخص سكن بيتاً جديداً ..
كلهم بلا شك ينتظرون منك كلمات .. كن كما يتوقعون ..
كان عبد المجيد ابن عمي .. شاباً في المرحلة الثانوية ..
بعد تخرجه طلب مني الذهاب معه للجامعة لتسجيله فيها .. اتصلت به ..
ذات صباح ومررت على بيته بسيارتي ليرافقني للجامعة ..
كانت المشاعر تتزاحم في قلبه .. فهو ينتقل إلى مرحلة جديدة ..
ويفكر في الكلية التي ستقبله ..أول ما ركب سيارتي شممت رائحة عطره ..
كانت رائحة نفاثة جداً .. ويبدو أنه قد أفرغ العلبة كلها ذلك اليوم على ملابسه ..
بصراحة خنقني بالرائحة .. فتحت النوافذ لأتنفس ..
شعرت أن المسكين تكلف في تزويق ثيابه .. وتطييبها ..
ثم التفتُّ إليه وابتسمت وقلت :
ماااا شاااااء الله !!.. إيش هالروائح الحلوة !!
أخاف عميد الكلية أول ما يشم هالرائحة الحلوة يصرخ بأعلى صوته
يقول : مقبوووووول ..
لا تتصور مدى السرور الذي غطى على قلبه .. والبشر الذي طفح على وجهه ..
التفت إليَّ .. وقال بحماس : أشكرك يا أبا عبد الرحمن ..
أشكرك .. والله إنه عطر غااال .. وأضعه دائماً والناس ما يلاحظونه ..
ثم بدأ يشمه من طرف غترته ويقول : بالله عليك : ذوقي حلو ..؟!
آآآه .. مر على هذا الموقف أكثر من عشر سنوات ..
فقد تخرج عبد المجيد من الجامعة وتعين في وظيفة منذ سنوات ..
إلا أن ذلك الموقف لا يزال عالقاً في أذنه .. ربما ذكرني به مازحاً في بعض اللقاءات ..
نعم .. كن لماحاً .. التحكم بعواطف الناس وكسب محبتهم سهل جداً ..
لكننا في أحيان كثيرة نغفل عن ممارسة مهارات عادية نكسبهم بها ..
ولا تعجب إن قلت إن صاحب الخلق العظيم صلى الله عليه وسلمـ ..
كان يمارس هذه المهارات .. وأحسن منها ..
في أول سنين الإسلامـ .. لما ضيق على المسلمين في دينهم بمكة ..
هاجروا إلى المدينة ..تركوا ديارهم وأموالهم ..
قدم عبد الرحمن بن عوف المدينة مهاجراً .. وكان في مكة تاجراً ممكناً ..
لكنه جاء المدينة فقيراً معدماً .. كحل سريع للمشكلة ..
آخى النبيـ صلى الله عليه وسلمـ بين المهاجرين والأنصار ..
آخى بين عبد الرحمن بن عوف وبين سعد بن الربيع الأنصاري ..
كانت نفوسهم سليمة .. وقلوبهم صافية ..
فقال سعد لعبد الرحمن : أي أُخيَّ .. أنا أكثر أهل المدينة مالاً .. فأقسم مالي نصفين ..
فخذ نصفه وأبق لي نصفه .. ثم خشي سعد أن عبد الرحمن يريد أن يتزوج ..
ولا يجد زوجة ..فعرض عليه أن يزوجه ..
فقال عبد الرحمن : بارك الله لك في أهلك ومالك .. دُلّني على السوق ..!!
صحيح .. عبد الرحمن ترك ماله في مكة واستولى عليه الكفار ..
لكنه كان ذا عقل راجح .. وخبرة تجارية واسعة .. دله سعد على السوق ..
فذهب فاشترى وباع فربح .. يعني اشترى بضاعة بالآجل ثم باعها حالة ..
فصار عنده رأس مال تاجر فيه ..
وكان يتقن فن البيع والشراء والمماكسة .. حتى جمع مالاً فتزوج ..
ثم جاء إلى النبي عليه الصلاة والسلامـ .. وعليه ودْعُ زعفران .. أي أثر طيب نساء ..!!
ليس غريباً فهو ( عريس ) ..النبي صلى الله عليه وسلمـ طبيب النفوس ..
كان لماحاً .. يترقب الفرص لاصطياد القلوب .. أول ما رآه .. انتبه لهذا التغير ..
وجعل ينظر إلى أثر الطيب ويقول لعبد الرحمن : " مهيم ؟ " .. أي ما الخبر ؟
ابتهج عبد الرحمن .. وقال : يا رسول الله .. تزوجت امرأة من الأنصار ..
عجب النبي صلى الله عليه وسلمـ .. كيف استطاع أن يتزوج وهو حديث عهد بهجرة ..!!
فقال : " فما أصدقتها ؟" ..
فقال : وزن نواة من ذهب .. فأراد صلى الله عليه وسلمـ ..
أن يزيد من فرحته .. فقال " أولِمْ ولو بشاة " ..
ثم دعا له النبي صلى الله عليه وسلمـ .. بالبركة في ماله وتجارته ..فحلت البركة عليه ..
قال عبد الرحمن وهو يصف كسبه وتجارته : فلقد رأيتني ..
ولو رفعت حجراً لرجوت أن أصيب ذهباً و فضة ..
وكان صلى الله عليه وسلمـ لماحاً حتى مع الضعفاء والمساكين ..
يشعرهم بقيمتهم .. يجعلهم يحسون أنه منتبه لهم .. وأنهم مهمون عنده ..
وأنه يقدر لهم أعمالهم التي يقومون بها مهما كانت متواضعة ..
فإذا افتقدهم .. ذَكَرهم بالخير .. وتلمّح أعمالهم .. فتشجع الآخرون أن يفعلوا كفعلهم ..
كان في المدينة امرأة سوداء .. مؤمنة صالحة .. كانت تكنس المسجد ..
كان صلى الله عليه وسلمـ يراها أحياناً .. فيعجب بحرصها .. مرت أيام ..
ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. فسأل عنها ؟
فقالوا : ماتت يا رسول الله .. فقال : أفلا كنتم آذنتموني ..
فصغّروا أمرها .. وأنها مسكينة مغمورة لا تستحق أن يخبر عنها ..
رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. وقالوا أيضاً : ماتت بليل ..
فكرهنا أن نوقظك .. فحرصـ صلى الله عليه وسلمـ ..
على أن يصلي عليها .. فعملها وإن رآه الناس صغيراً فهو عند الله كبير ..
ولكن كيف يصلي عليها وقد ماتت ودفنت ؟!
قال صلى الله عليه وسلمـ : دلوني على قبرها ..
فمشوا معه حتى أوقفوه على قبرها .. دلوه فصلى عليها ..
ثم قال صلى الله عليه وسلمـ .. إن هذه القبور .. مملوءة ظلمة على أهلها ..
وإن الله عز وجل ينورها لهم بصلاتي عليهم ..
فبالله عليك .. ما هو شعور من رأوه صلى الله عليه وسلمـ ..
ينتبه إلى هذا العمل الصغير من امرأة ضعيفة ..
كيف سيكون حماسهم للقيام بمثل فعلها وأعظم ..
دعني أهمس في أذنك ..
نحن في مجتمع لا يقدر أحياناً مثل هذه المهارات .. فانتبه !!
لا يطفئْ حماسَك فريق من الثقلاء الغلاظ الذين مهما لمحت ما عندهم من لطائف ..
وأثنيت عليهم بالكلمات الرقيقة الرنانة .. لم يتأثروا ..
أو ردوا على تلطفك بكلمات سامجة ممجوجة .. لا طعم لها .. بل ولا لون ولا رائحة !!
ومن لطائف هؤلاء .. أن شاباً .. أعرفه .. ُعي إلى وليمة كبيرة .. فيها أشخاص مهمون ..
مر على السوق في طريقه ..
ودخل محل عطور وأظهر أنه سيشتري فجعل الموظف يحتفي به ..
ويرش عليه من أنواع العطور ما غلا ثمنه وزكا ريحه .. ليختار من بينها ما يناسبه ..
فلما امتلأت ثياب صاحبنا طيباً .. قال للبائع بلطف : أشكرك ..
وإن أعجبني شيء منها فقد أعود إليك ..
ذهب سريعاً إلى الوليمة متداركاً رائحة العطر قبل أن تزول ..
جلس على العشاء بجانب صديقه خالد .. لم يلاحظ خالد الرائحة .. ولم يعلق بكلمة ..
فقال له صاحبنا باستغراب : ما تشم رائحة عطر جميلة ؟!
قال خالد : لا ..
فقال صحبنا : أكيد أنفك مسدود ..!!
فأجاب خالد فوراً : .. لو كان أنفي مسدوداً .. ما شممت رائحة عرقك ..!!


:: اعتراف ::
مهما بلغ الشخص من النجاح .. إلا أنه يبقى بشراً يطرب للثناء ..

العابره
15-3-2010, 07:18 AM
الموضوعـ السابع و الستـــــــــــون : النســـــــــاء ..
يقول الشيخـ :::: كان جدي يستشهد بمثل قديم : " من غاب عن عنزه جابت تيس " ..
بمعنى أن من لم تجد عنده زوجته .. ما يشبع عاطفتها .. ويروي نفسها ..
فقد تحدثها نفسها بالاستجابة لغيره .. ممن يملك معسول الكلام ..
وليس مقصودهم بهذا المثل تشبيه الرجل والمرأة بالتيس والعنز .. معاذ الله ..
المرأة شقيقة الرجل .. ولئن كان الله قد وهب الرجل جسماً قوياً ..
فقد وهبها عاطفة قوية ..
وكم رأينا سلاطين الرجال وشجعانهم تخور قواهم عند قوة عاطفة امرأة ..
ومن مهارات التعامل مع المرأة أن تعرف المفتاح ..
الذي تؤثر من خلاله فيها .. العاطفة .. تقاتلها بسلاحها ..
كان النبيـ صلى الله عليه وسلمـ يوصيك بالإحسان إلى المرأة ..
واحترام عاطفتها .. لأجل أن تسعد معها ..
وأوصى الأب بالإحسان إلى بناته .. فقال :
( من عال جاريتين حتى تبلغا .. جاء يوم القيامة أنا وهو وضم أصابعه ) ..
وأوصى بها أولادها فقال فإنه لما سأله رجل فقال : من أحق الناس بحسن صحابتي ؟
قال : أمك .. ثم أمك .. ثم أمك .. ثم أبوك ..
بل أوصى صلى الله عليه وسلمـ بالمرأة زوجها ..
وذمّ من غاضب زوجته أو أساء إليها ..
وانظر إليه صلى الله عليه وسلمـ وقد قام في حجة الوداعـ ..
فإذا بين يديه مائةُ ألف حاج ..
فيهم الأسود والأبيض .. والكبير والصغير .. والغني والفقير ..
صاحـ صلى الله عليه وسلمـ بهؤلاء جميعاً وقال لهم :
ألا واستوصوا بالنساء خيراً .. ألا واستوصوا بالنساء خيراً ..
وفي يوم من الأيام أطاف بأزواج رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
نساء كثير يشتكين أزواجهن .. فلما علم النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
بذلك .. قام .. وقال للناس :
لقد طاف بآل محمد صلى الله عليه وسلمـ ..
نساء كثير يشتكين أزواجهن .. ليس أولائك بخياركمـ ..
وقال صلى الله عليه وسلمـ : ( خيرُكم خيرُكم لأهله وأنا خيركم لأهلي ) ..
بل .. قد بلغ من إكرام الدين للمرأة .. أنها كانت تقوم الحروب .. وتسحق الجماجم ..
وتتطاير الرؤوس .. لأجل عرض امرأة واحدة ..
كان اليهود يساكنون المسلمين في المدينة ..
وكان يغيظهم نزولُ الأمر بالحجاب .. وتسترُ المسلمات ..
ويحاولون أن يزرعوا الفساد والتكشف في صفوف المسلمات .. فما استطاعوا ..
وفي أحد الأيام جاءت امرأة مسلمة إلى سوق يهود بني قينقاع ..
وكانت عفيفة متسترة .. فجلست إلى صائغ هناك منهم ..
فاغتاظ اليهود من تسترها وعفتها .. وودوا لو يتلذذون بالنظر إلى وجهها ..
أو لمسِها والعبثِ بها .. كما كانوا يفعلون ذلك قبل إكرامها بالإسلام ..
فجعلوا يريدونها على كشف وجهها .. ويغرونها لتنزع حجابها ..
فأبت .. وتمنعت ..
فغافلها الصائغ وهي جالسة .. وأخذ طرف ثوبها من الأسفل ..
وربطه إلى طرف خمارها المتدلي على ظهرها ..
فلما قامت .. ارتفع ثوبها من ورائها .. وتكشفت أعضاؤها .. فضحك اليهود منها..
فصاحت المسلمة العفيفة .. وودت لو قتلوها ولم يكشفوا عورتها ..
فلما رأى ذلك رجل من المسلمينـ .. سلَّ سيفه .. ووثب على الصائغ فقتله ..
فشد اليهود على المسلم فقتلوه ..
فلما علم النبيـ صلى الله عليه وسلمـ بذلك .. وأن اليهود قد نقضوا العـهد ..
وتعرضوا للمسلمات .. حاصرهم .. حتى استسلموا ونزلوا على حكمه ..
فلما أراد النبيـ صلى الله عليه وسلمـ أن ينكل بهم .. ويثأر لعرض المسلمة العفيفة ..
قام إليه جندي من جند الشيطان ..
الذين لا يهمهم عرض المسلمات .. ولا صيانة المكرمات ..
وإنما هم أحدهم متعة بطنه وفرجه ..
قام رأس المنافقين .. عبد الله بن أُبيّ ابن سلول ..
فقال : يا محمد أحسن في موالي اليهود وكانوا أنصاره في الجاهلية ..
فأعرض عنه النبيـ صلى الله عليه وسلمـ .. وأبـَى ..
إذ كيف يطلب العفو عن أقوام يريدون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا !!
فقام المنافق مرة أخرى .. وقال : يا محمد أحسن إليهمـ ..
فأعرض عنه النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
صيانة لعرض المسلمات .. وغيرة على العفيفات ..
فغضب ذلك المنافق .. وأدخل يده في جيب درع النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
وجرَّه وهو يردد : أحسن إلى مواليّ .. أحسن إلى مواليّ ..
فغضب النبيـ صلى الله عليه وسلمـ والتفت إليه وصاح به وقال : أرسلنيـ ..
فأبى المنافق .. وأخذ يناشد النبيـ صلى الله عليه وسلمـ العدول عن قتلهمـ ..
فالتفت إليه النبيـ صلى الله عليه وسلمـ وقال : هم لكـ ..
ثم عدل عن قتلهم .. لكنه صلى الله عليه وسلمـ أخرجهم من المدينة ..
وطرَّدهم من ديارهم .. نعم المرأة العفيفة تستحق أكثر من ذلك ..
كانت خولة بنت ثعلبة رضيـ الله عنها من الصحابيات الصالحات ..
وكان زوجها أوس بن الصامت شيخاً كبيراً يسرع إليه الغضب ..
دخل عليها يوماً راجعاً من مجلس قومه .. فكلمها في شيء فردت عليه ..
فتخاصما .. فغضب فقال : أنت علي كظهر أمي .. وخرج غاضباً ..
كانت هذه الكلمة في الجاهلية إذا قالها الرجل لزوجته صارت طلاقاً ..
أما في الإسلام فلا تعلم خولة حكمها ..
رجع أوس إلى بيته .. فإذا امرأته تتباعد عنه ..
وقالت له : والذي نفس خويلة بيده لا تخلص إلي وقد قلت ما قلت ..
حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكمه ..
ثم خرجت خولة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فذكرت له ما تلقى من زوجها .. وجعلت تشكو إليه ما سوء خلقه معها ..
فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
يصبرها ويقول : يا خويلة ابن عمك .. شيخ كبير .. فاتقي الله فيه ..
وهي تدافع عبراتها وتقول : يا رسول الله .. أكل شبابي .. ونثرت له بطني ..
حتى إذا كبرت سنيـ .. وانقطع ولدي .. ظاهر منيـ .. اللهمـ إني أشكو إليكـ ..
وهو صلى الله عليه وسلمـ ينتظر أن ينزل الله تعالى فيهما حكماً من عنده ..
فبينما خولة عند رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
إذ هبط جبريل من السماء على رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
بقرآن فيه حكمها وحكم زوجها ..
فالتفت صلى الله عليه وسلمـ إليها وقال : يا خويلة .. قد أنزل فيك ..
وفي صاحبك قرآناً .. ثم قرأ "قد سمع الله قول التي تجادلك
في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير "
إلى آخر الآيات من أول سورة المجادلة ..
ثم قال لهاصلى الله عليه وسلمـ مُريه فليعتق رقبة ..
فقالت : يا رسول الله .. ما عنده ما يعتق ..
قال :فليصم شهرين متتابعين ..
قالت : والله إنه لشيخ كبير ما له من صيام ..
قال : فليطعمـ ستين مسكيناً وسقاً من تمر ..
قالت : يا رسول الله .. ما ذاك عنده ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ .. فإنا سنعينه بعرق من تمر ..
قالت : والله يا رسول الله .. أنا سأعينه بعرق آخر ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ ..قد أصبت وأحسنت ..
فاذهبي فتصدقي به عنه ..ثم استوصي بابن عمك خيراً ..
فسبحان من وهبه اللين والتحمل مع الجميع ..
حتى في مشاكلهم الشخصية .. يتفاعل معهم .. وقد جربت بنفسي ..
التعامل باللين والمهارات العاطفية مع البنت والزوجة .. وقبل ذلك الأم والأخت ..
فوجدت لها من التأثير الكبير .. ما لا يتصوره إلا من مارسه ..
فالمرأة لا يكرمها إلا كريم .. ولا يهينها إلا لئيمـ ..


::لمحة ::
ما كل ما يتمنى المرء يدركه .. تجري الرياح بما لا تشتهي السفن

العابره
15-3-2010, 07:22 AM
الموضوعـ الثامن و الستـــــــــــون : لا تكن أُستاذيّاً !!..
يقول الشيخـ :::: قارن بين ثلاثة آباء .. رأى كل واحد ولده جالساً ..
عند التلفاز في أيام الامتحانات ..
فقال الأول لولده : يا محمد .. ذاكر دروسك ..
وقال الثاني : ماجد .. إذا ما ذاكرت دروسك والله لأضربك .. وأحرمك من المصروف .. و ..
أما الثالث فقال : صالح .. لو تذاكر دروسك .. أحسن لك من التلفاز .. صح ؟!
أيهم أحسن أسلوباً ..؟
لا شك أنه الثالث .. لأنه قدم أمره على شكل اقتراح ..
وكذلك في التعامل مع زوجتك .. سارة ليتك تعملين شاي ..
هند أتمنى أتغدى مبكراً اليوم .. وكذلك ..
عندما يخطئ إنسان .. عالج خطأه بأسلوب يجعله يشعر أن الفكرة فكرته هو ..
ولدك يغيب عن الصلاة في المسجد ..
قل له .. مثلاً .. سعد .. ما تريد تدخل الجنة .. بلى .. إذن حافظ على صلاتك ..
في يوم من الأيام .. وفي خيمة أعرابي في الصحراء ..
جعلت امرأة تتأوه تلد .. وزوجها عند رأسها ينتظر خروج المولود ..
اشتد المخاض بالمرأة حتى انتهت شدتها وولدت ..
لكنها ولدت غلاماً أسود !!
نظر الرجل إلى نفسه .. ونظر إلى امرأته فإذا هما أبيضان ..
فعجِبَ كيف صار الغلام أسود !! أوقع الشيطان في نفسه الوساوس ..
لعل هذا الولد من غيرك !!
لعلها زنى بها رجل أسود فحملت منه !! لعل ..
اضطرب الرجل وذهب إلى المدينة النبوية ..
حتى دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلمـ وعنده أصحابه ..
فقال : يا رسول الله .. إن امرأتي ولدت على فراشي غلاماً أسود !!
وإنا أهل بيت لم يكن فينا أسود قط !!
نظر النبيـ صلى الله عليه وسلمـ إليه .. وكان قادراً على أن يسمعه موعظة ..
حول حسن الظن بالآخرين .. وعدم اتهام امرأته ..
لكنه أراد أن يمارس معه في الحل أسلوباً آخر ..
أراد أن يجعل الرجل يحل مشكلته بنفسه .. فبدأ يضرب له مثلاً يقرب له الجواب ..
فما المثل المناسب له ..؟ هل يضرب له مثلاً بالأشجار ؟ أم بالنخل ؟ أم بالفُرْس والروم ؟
نظر إليه صلى الله عليه وسلمـ فإذا الرجل عليه آثار البادية ..
وإذا هو مضطرب تتزاحم الأفكار في رأسه حول امرأته ..
فقال له صلى الله عليه وسلمـ : هل لك من إبل ؟
قال : نعم ..
قال : فما ألوانها ؟ قال : حمر ..
قال : فهل فيها أسود ؟ قال : لا ..
قال : فيها أورق ؟ قال : نعم ..
قال : فأنى كان ذلك ؟!
يعني : ما دام أنها كلها حمر ذكوراً وإناثاً .. وليس فيها أي لون آخر ..
فكيف ولدت الناقة الحمراء ولداً أورق .. يختلف عن لونها ولون الأب ( الفحل ) ..
فكر الرجل قليلاً .. ثم قال : عسى أن يكون نزعه عرق ..
يعني قد يكون من أجداده من هو أورق .. فلا زال الشبه باقياً في السلالة ..
فظهر في هذا الولد ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ .. فلعل ابنك هذا نزعه عرق ..
سمع الرجل هذا الجواب ..فكر قليلاً فإذا هو جوابه هو .. والفكرة فكرته ..
فاقتنع وأيقن .. ومضى إلى امرأته ..
وفي يوم آخر .. جلسـ صلى الله عليه وسلمـ مع أصحابه .. فجعل يحدثهم عن أبوب الخير ..
وكان مما ذكره .. أن قال : وفي بضع أحدكم صدقة .. أي وطء أحدكم امرأته له فيه أجر ..
فعجب الصحابة وقالوا : يا رسول الله .. يأتي أحدنا شهوته .. ويكون له أجر ؟!!
فأجابهم صلى الله عليه وسلمـ بجواب يشعرون به أن الفكرة فكرتهم ..
فلا يحتاجون لنقاش لإقناعهم بها ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ : أرأيتم لو وضعها في حرام .. أكان عليه وزر .. قالوا : نعم ..
قال : فكذلك لو وضعها في حلال كان له أجر .. بل حتى أثناء الحوار مع الآخر ..
تدرج معه عند النصح في الأشياء التي أنتما متفقان عليها ..
خرج صلى الله عليه وسلمـ .. إلى مكة معتمراً في ألف وأربعمائة من أصحابه ..
فمنعتهم قريش من دخول مكة ..
ووقعت أحداث قصة الحديبية المشهورة ..في آخر الأمر وبعد مشاورات طويلة ..
بين النبيـ صلى الله عليه وسلمـ وقريش .. اتفقوا على صلح ..
كان الذي تولى الاتفاق على بنود الصلح من جانب قريش هو سهيل بن عمرو ..
اتفق النبيـ صلى الله عليه وسلمـ مع سهيل على شروط ..
منها : أن يعود المسلمون أدراجهم إلى المدينة من غير عمرة ..
وأن من دخل في الإسلام من أهل مكة وأراد أن يهاجر إلى المدينة ..
فإن المسلمين في المدينة لا يقبلونه ..
أما من ارتد عن إسلامه وأراد الذهاب إلى المشركين في مكة فإنه يقبل ..!!
إلى غير ذلك من الشروط التي في ظاهرها أنها هزيمة للمسلمين وإذلال لهم ..
كانت قريش في الواقع خائفة من هذا العدد الكبير من المسلمين ..
وتعلم أن المسلمين لو شاءوا لفتحوا مكة .. ولهذا كانت قريش تضطر ..
إلى التلطف والمصانعة .. وكأني بهم .. ما كانوا يحلمون أن يظفروا ولا بربع هذه الشروط ..
كان أكثر الصحابة متضايقاً من شروط العقد ..لكن أنى لهم أن يعترضوا ..
والذي يكتب العقد ويمضيه رجل لا ينطق عن الهوى ..كان عمر متحفزاً ..
ينظر يميناً وشمالاً .. يتمنى لو يستطيع عمل شيء .. فلم يصبر ..
وثب عمر فأتى أبا بكر .. وأراد أن يناقشه ..
فمن حكمته .. لم يبدأ بالاعتراض .. وإنما بدأ بالأشياء التي هما متفقان عليها ..
وجعل يسأل أبا بكر أسئلة جوابها .. بلى .. نعم .. صحيح ..
فقال :يا أبا بكر .. أليس برسول الله ..؟!قال : بلى ..
قال : أولسنا بالمسلمين ؟! قال : بلى ..
قال : أوليسوا بالمشركين ؟! قال :بلى ..
قال : أولسنا على الحق ؟ قال : بلى ..
قال :أوليسوا على الباطل ؟قال : بلى ..
قال : فعلام نعطي الدنية في ديننا ؟!
فقال أبو بكر :يا عمر .. أليس هو رسول الله .؟
قال : بلى .. قال : فالزم غِرْزه .. فإني أشهد أنه رسول الله ..
أي كن وراءه تابعاً لا تخالفه أبداً .. كما أن غرزات الخيط في الثوب تكون متتابعة ..
قال عمر : وأنا أشهد أنه رسول الله .. مضى عمر .. حاول أن يصبر .. فلم يستطع ..
فذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فقال : يا رسول الله .. ألست برسول الله ؟! قال : بلى ..
قال : أولسنا بالمسلمين .. ؟قال : بلى ..
قال : أوليسوا بالمشركين .. ؟! قال : بلى ..
قال : فعلام نعطي الدنية في ديننا ؟! فقال صلى الله عليه وسلمـ : أنا عبد الله ورسوله ..
لن أخالف أمره .. ولن يضيعني ..
سكت عمر .. ومضى الكتاب .. ورجع المسلمون إلى المدينة ..
ومضت الأيام .. ونقضت قريش العهد .. وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فاتحاً مكة .. مطهراً البيت الحرام من الأصنام ..
وأدرك عمر أنه كان في اعتراضه حينذاك على غير السبيل ..
فكان رضيـ الله عنه يقول : ما زلت أصوم .. وأتصدق .. وأصلي .. وأعتق ..
من الذي صنعت يومئذ .. مخافة كلامي الذي تكلمته يومئذ ..
حتى رجوت أن يكون خيراً .. فلله در عمر .. ودر رسول الله صلى الله عليه وسلمـ قبله ..
كيف نستفيد أكثر من هذه المهارة ؟
لو كان ولدك لا يعتني بحفظ القرآن .. وتريده أن يزداد حرصاً ..
ابدأ بالأشياء التي أنتما متفقان عليها .. ألا تريد أن يحبك الله ..
ألا تريد أن ترتقي في درجات الجنة .. سيجيبك حتماً : بلى ..
عندها قدم النصيحة على شكل اقتراح .. إذن فلو أنك شاركت في حلقة تحفيظ القرآن ..
وكذلك أنتِ : لو رأيتِ امرأة لا تعتني بحجابها ..
ابدئي معها بالأشياء التي أنتما متفقتان عليها ..
أنا أعلم أنك مسلمة .. وحريصة على الخير .. ستقول : صحيح .. الحمد لله ..
وامرأة عفيفة .. وتحبين الله .. ستقول : إي والله .. الحمد لله ..
عندها قدمي النصيحة على شكل اقتراح : فلو أنك اعتنيت بحجابك أكثر ..
وحرصت على الستر ..
هكذا يمكننا أن نحصل على ما نريد من الناس من غير أن يشعروا ..



:: بارقة ::
تستطيع أن تأكل العسل دون تحطيم الخلية ..

العابره
15-3-2010, 07:26 AM
الموضوعـ التاسع و الستـــــــــــون : أمسك العصا من النصف !!
يقول الشيخـ :::: أشكرك على اختيارك مهنة التدريس .. وقد آتاك الله أسلوباً حسناً ..
وطلابك يحبونك كثيراً .. ولكن .. ليتك ما تتأخر على الدوام في الصباحـ ..
أنت جميلة والبيت مرتب ولا أنكر أن الأولاد متعبون ..
ولكن .. أتمنى أن تهتمي بملابسهم أكثر هكذا كان أسلوب صالح مع الناس ..
يذكر الجوانب المشرقة عند المخطئ ثم ينبهه على أخطائه .. ليكون عادلاً ..
عندما تنتقد حاول أن تذكر جوانب الصواب في المخطئ .. قبل غيرها ..
حاول دائماً أن تشعر الذي أمامك أن نظرتك إليه مشرقة ..
وأنك عندما تنبهه على أخطائه لا يعني ذلك أنه سقط من عينك ..
أو أنك نسيت حسناته ولا تذكر إلا سيئاته ..
لا .. بل أشعره أن ملاحظاتك عليه تغوص في بحر حسناته ..
كان النبيـ صلى الله عليه وسلمـ محبوباً بين أصحابه ..
وكان يمارس أساليب رائعة في التعامل معهم ..
وقف مرة بينهم .. فشخص ببصره إلى السماء .. كأنه يفكر أو يترقب شيئاً ..
ثم قال : هذا أوانُ يختلس العلم من الناس .. حتى لا يقدروا منه على شيء ..
أي : يُعرض الناس عن القرآن وتعلمه .. وعن العلم الشرعي ..
فلا يحرصون عليه ولا يفهمونه ..
فيُختلسُ منهم .. أي : يرفع عنهم ..فقام صحابي جليل ..
هو زياد بن لبيد الأنصاري وقال بكل حماس : يا رسول الله ، وكيف يختلس منا ؟!
وقد قرأنا القرآن ! فوالله لنقرأنه ، ولنقرئنه نساءنا وأبناءنا ..
فنظر إليه النبيـ صلى الله عليه وسلمـ .. فإذا شاب يتفجر حماساً وغيرة على الدين ..
فأراد أن ينبهه على فهمه .. فقال :ثكلتك أمك يا زياد ،إني كنت لأعدك من فقهاء أهل المدينة ..
وهذا ثناء على زياد .. أن يقول له رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
أمام الناس إنه من فقهاء المدينة ..
هذا ذكر لجوانب الصواب والصفحات المشرقة لزياد .. ثم قال صلى الله عليه وسلمـ ..
هذا التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى فماذا يغني عنهم ؟! ..
أي ليست العبرة يا زياد بوجود القرآن ..
وإنما العبرة بقراءته ومعرفة معانيه والعمل بأحكامه ..
هكذا كان تعامله رائعاً .. وفي يوم آخر .. يمر صلى الله عليه وسلمـ ..
ببعض قبائل العرب يدعوهم إلى الإسلامـ ..
وكان يختار أحسن العبارات لأجل ترغيبهم في الاستجابة له والدخول في الإسلام ..
فمر بقبيلة منهم .. اسمهم : بنو عبد الله .. فدعاهمـ إلى الله ..
وعرض عليهم نفسه .. وجعل يقول لهم : يا بنيـ عبد الله .. إن الله قد أحسن اسم أبيكم ..
يعني لستم ببني عبد العزى .. أو بني عبد اللات .. وإنما أنتم بنو عبد الله ..
فليس في اسمكم شرك فادخلوا في الإسلام ..
بل كان من براعته صلى الله عليه وسلمـ .. أنه كان يرسل رسائل غير مباشرة إلى الناس ..
يذكر فيها إعجابه بهم .. ومحبته الخير لهم .. فإذا بلغتهم هذه الرسائل ..
عملت فيهم من التأثير أكثر مما تعمله .. ربَّما .. الدعوة المباشرة ..
كان خالد بن الوليد رضيـ الله عنه بطلاً .. ولم يكن بطلاً عادياً ..
بل كان بطلاً مغواراً .. يضرب له ألف حساب .. وكان النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
يتشوق لإسلامه .. لكن أنى له ذلك .. وخالد ما ترك حرباً ضد المسلمين إلا خاضها ..
بل كان هو من أكبر أسباب هزيمة المسلمين في معركة أحد ..
قال فيه النبيـ صلى الله عليه وسلمـ يوماً .. لو جاءنا لأكرمناه .. وقدمناه على غيره ..
فكيف كان تأثير ذلك ؟
خذ القصة من أولها .. كان خالد من أشداء الكفار وقادتهم ..
لا يكاد يفوت فرصة إلا حارب فيها رسول الله صلى الله عليه وسلمـ أو ترصّد له ..
فلما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلمـ مع المسلمين إلى الحديبية ..
وأرادوا العمرة ..خرج خالد في خيل من المشركين ..
فلقوا النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
وأصحابه بموضع يقال له : عسفان ..فقام خالد قريباً منهم يتحين الفرصة ..
ليصيب رسول الله صلى الله عليه وسلمـ برمية سهم أو ضربة سيف ..
جعل يترصد ويترقب .. فصلى النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
بأصحابه صلاة الظهر أمامهمـ .. فهموا أن يهجموا عليهم .. فلم يتيسر لهمـ ..
فكأن النبيـ صلى الله عليه وسلمـ علم بهمـ ..
فصلى بأصحابه صلاة العصر صلاة الخوف ..
أي قسم أصحابه إلى فريقينـ .. فريق يصلي معه وفريق يحرسـ ..
فوقع ذلك من خالد وأصحابه موقعاً .. وقال في نفسه : الرجل ممنوع عنا ..
أي هناك من يحميه ويمنع عنه الأذى !!
ثم ارتحل صلى الله عليه وسلمـ وأصحابه .. وسلكوا طريقاً ذات اليمين ..
لئلا يمروا بخالد وأصحابه ..
وصل صلى الله عليه وسلمـ إلى الحديبية ..
صالح قريشاً على أن يعتمر في العام القادم .. ورجع إلى المدينة ..
رأى خالد أن قريشاً لا يزال شأنها ينخفض في العرب يوماً بعد يوم ..
فقال في نفسه : أي شيء بقي ؟ أين أذهب ؟ إلى النجاشي ؟ ..
لا .. فقد اتبع محمداً وأصحابه عنده آمنون ..فأخرج إلى هرقل ؟.. لا ..
أخرج من ديني إلى نصرانية ؟.. أو يهودية ؟ وأقيم في عجم ؟..
فبنما خالد يفكر في شأنه .. ويتردد .. والأيام والشهور تمضي عليه ..
إذ جاء موعد عمرة المسلمين .. فأقبلوا إلى المدينة ..
دخل صلى الله عليه وسلمـ مكة معتمراً ..
فلم يحتمل خالد رؤية المسلمين محرمين .. فخرج من مكة ..
وغاب أياماً أربعة وهي الأيام التي قضاها النبيـ صلى الله عليه وسلمـ في مكة ..
قضى النبيـ صلى الله عليه وسلمـ عمرته ..
وجعل ينظر في طرقات مكة وبيوتها .. ويستعيد الذكريات ..
تذكر البطل خالد بن الوليد .. فالتفت إلى الوليد بن الوليد .. وهو أخو خالد ..
وكان الوليد مسلماً قد دخل مع النبيـ صلى الله عليه وسلمـ معتمراً ..
وأراد صلى الله عليه وسلمـ أن يبعث إلى خالد رسالة غير مباشرة ..
يرغبه فيها بالدخول في الإسلام ..
قال صلى الله عليه وسلمـ للوليد : أين خالد ؟ فوجئ الوليد بالسؤال ..
وقال : يأتي الله به يا رسول الله ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ : " مثله يجهل الإسلام !!
ولو كان جعل نكايته وَحَدَّه مع المسلمين .. كان خيراً له ..
ثم قال : ولو جاءنا لأكرمناه .. وقدمناه على غيره ..
استبشر الوليد .. وجعل يطلب خالداً ويبحث عنه في مكة .. فلم يجده ..
فلما عزموا على الرجوع للمدينة ..كتب الوليد كتاباً إلى أخيه ..
بسم الله الرحمن الرحيم .. أما بعد .. فإني لم أر أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام ..
وعقلك عقلك ! ومثل الإسلام يجهله أحد ؟
وقد سألنيـ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
عنك وقال : أين خالد ؟ فقلت : يأتي الله به ..
فقال : مثله جهل الإسلام !! ولو كان جعل نكايته وَحَدَّه مع المسلمين ..
كان خيراً له .. ولو جاءنا لأكرمناه .. وقدمناه على غيره ..
فاستدرك يا أخي ما قد فاتك من مواطن صالحة ..
قال خالد : فلما جاءنيـ كتابه .. نشطت للخروج .. وزادني رغبة في الإسلام ..
وسرني سؤال رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
عني .. وأرى في النوم كأني في بلاد ضيقة مجدبة .. فخرجت إلى بلاد خضراء واسعة ..
فقلت : إن هذه لرؤيا حق ..
فلما أجمعت الخروج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
قلت : من أصاحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ؟!
فلقيت صفوان بن أمية .. فقلت : يا أبا وهب أما ترى ما نحن فيه ؟
إنما نحن كأضراس يطحن بعضها بعضاً ..وقد ظهر محمد على العرب والعجم ..
فلو قدمنا على محمد واتبعناه .. فإن شرف محمد لنا شرف ؟
فأبى أشد الإباء .. وقال : لو لم يبق غيري ما اتبعته أبداً ..
فافترقنا .. وقلت في نفسي : هذا رجل مصاب .. قتل أخوه وأبوه بمعركة بدر ..
فلقيت عكرمة بن أبي جهل .. فقلت له مثل ما قلت لصفوان بن أمية ..
فقال لي مثل ما قال لي صفوان بن أمية .. قلت : فاكتم علي خروجي إلى محمد ..
قال : لا أذكره لأحد .فخرجت إلى منزلي .. فأمرت براحلتي فخرجت بها ..
إلى أن لقيت عثمان بن طلحة .. فقلت : إن هذا لي صديق ..
فلو ذكرت له ما أرجو .. ثم ذكرت من قتل من آبائه في حربنا مع المسلمين ..
فكرهت أن أذكِّره .. ثم قلت : وما علي أن أخبره .. وأنا راحل في ساعتي هذه !..
فذكرت له ما صار أمر قريش إليه .. وقلت ..
إنما نحن بمنزلة ثعلب في جحر .. لو صُب عليه ذنوب من ماء لخرج ..
وقلت له نحواً مما قلت لصاحبَيْ ..
فأسرع الإستجابة وعزم على الخروج معي للمدينة !..
فقلت له : إني خرجت هذا اليوم .. وأنا أريد أن أمضي للمدينة ..
وهذه راحلتي مجهزة لي على الطريق ..
قال : فتواعدنا أنا وهو في موضع يقال له "يأجج " ..
إن سبقني أقام ينتظرني .. وإن سبقته أقمت أنتظره ..
فخرجت من بيتي آخر الليل سَحَراً .. خوفاً من أن تعلم قريش بخروجنا ..
فلم يطلع الفجر حتى التقينا في "يأجج" .. فغدونا حتى انتهينا إلى الهدة ..
فوجدنا عمرو بن العاص على بعيره .. قال : مرحباً بالقوم .. إلى أين مسيركم ؟
فقلنا : وما أخرجك ؟ فقال : وما أخرجكم ؟
قلنا : الدخول في الإسلام .. واتباعـ محمد صلى الله عليه وسلمـ ..
قال : وذاك الذي أقدمني .. فاصطحبنا جميعاً حتى دخلنا المدينة ..
فأنخنا بظهر الحرة ركابنا .. فأُخبر بنا رسول الله صلى الله عليه وسلمـ فسر بنا ..
فلبست من صالح ثيابي .. ثم توجهت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فلقيني أخي فقال :
أسرع .. فإن رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. قد أُخبر بك فسُرَّ بقدومك وهو ينتظركم ..
فأسرعنا السّير .. فأقبلت إلى رسول الله أمشي ..
فلما رآني من بعيد تبسّم .. فما زال يتبسم إليَّ حتى وقفت عليه ..
فسلمت عليه بالنبوة .. فرد على السلام بوجه طلْق ..
فقلت : إني أشهد أن لا إله إلا الله .. وأنك رسول الله ..
فقال : " الحمد لله الذي هداك .. قد كنت أرى لك عقلاً .. رجوت ألا يسلمك إلا إلى خير " ..
قلت : يا رسول الله .. إني قد رأيت ما كنت أشهد من تلك المواطن عليك ..
معانداً للحق .. فادع الله أن يغفرها لي ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ .. " الإسلام يجب ما كان قبله " ..
قلت : يا رسول الله .. على ذلك .. فاستغفر لي ..
قال : " اللهم اغفر لخالد بن الوليد .. كل ما أَوْضع فيه .. من صد عن سبيل الله " ..
ومن يعدها كان خالد رأساً من رؤوس هذا الدين ..
أما إسلامه فكان برسالة غير مباشرة وصلت إليه من رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فما أحلمه صلى الله عليه وسلمـ وأحكمه ..
فلنتبع مثل هذه المهارات في التأثير في الناس ..
فلو رأيت شخصاً يبيع دخاناً في بقالة فأردت تنبيهه ..
فأثن أولاً على بقالته ونظافتها .. وادعُ له بالبركة في الربح ..
ثم نبهه على أهمية الكسب الحلال .. ليشعر أنك لم تنظر إليه بمنظار أسود ..
بل أمسكت العصا من النصف ..كن ذكياً ..
ابحث عن أي حسنات فيمن أمامك تغمر فيها سيئاته ..
أحسن الظن بالآخرين .. ليشعروا بعدلك معهم فيحبوك ..


:: لمحة ::
عندما يقتنع الناس أننا نلحظ حسناتهم .. كما نلحظ سيئاتهم .. يقبلون منا التوجيه ..

العابره
15-3-2010, 07:27 AM
الموضوعـ السبعــــــــــون : فهم الأخطاء ..
يقول الشيخـ :::: كما أن الناس يختلفون في طباعهم وأشكالهمـ ..
كذلك هم يختلفون في وجهات نظرهم .. وفي قناعاتهم وتصرفاتهمـ ..
فإذا شعرت أن أحداً خالف الصواب .. ونصحته وحاولت إصلاح خطئه ولم يقتنع ..
فلا تصنف اسمه من بين أعدائك .. وخذ الأمور بأريحية قدر المستطاع ..
فلو حاولت إصلاح خطأ عند أحد زملائك فلم يستجب .. فلا تقلب الصداقة عداوة ..
وإنما استمر في التلطف فلعله أن يبقى على خطئه ولا يزيد ..
وقد قيل : حنانيك بعض الشر أهون من بعضـ ..
إذا تعاملت مع الناس بهذه الأريحية .. فلم تغضب على كل صغيرة وكبيرة .. عشت سعيداً ..
قالت عائشة رضيـ الله عنها .. ما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلمـ لنفسه قط ..
وما ضرب شيئاً قط بيده .. ولا امرأة .. ولا خادماً ..
إلا أن يجاهد في سبيل الله .. وما نيل منه شيء قط .. فينتقم من صاحبه ..
إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله ..
إذن .. كان صلى الله عليه وسلمـ يغضب .. لكنه غضبه لله .. لا يغضب لنفسه ..
وحتى نفهم الفرق بين الغضبين :
افرض أن ولدك الصغير جاءك ذات صباح وطلب ريالاً أو ريالين مصروفاً للمدرسة ..
فبحثت في محفظة نقودك .. فلم تجد إلا فئة الخمسمائة ريال .. فأعطيتها له ..
وقلت : هذه خمسمائة ريال .. اصرف منها ريالين .. وأرجع الباقي ..
وأكدت عليه وكررت .. فلما رجع بعد الظهر فإذا المال كله قد صرفه ..
فماذا ستفعل ؟.. وكيف سيكون غضبك ..؟ قد تضرب وتعنف وتمنعه من مصروفه أياماً ..
ولكن لو رجعت مرة من صلاة العصر ووجدته يلعب بالكمبيوتر .. أو عند التلفاز ..
ولم يصل في المسجد .. فهل ستغضب كغضبك الأول ؟
أظننا نتفق أن غضبنا الأول سيكون أشد وأطول وأكثر تأثيراً من غضبنا الثاني ..
أما رسول الله صلى الله عليه وسلمـ فكان غضبه لله ..
وكان يعرض النصيحة أحياناً ولا تقبل .. فياخذ الأمر بهدووووء .. فالهداية بيد الله ..
قدم رسول الله صلى الله عليه وسلمـ إلى تبوك على حدود الشام ..
اقترب من مملكة الروم .. فبعث دحية الكلبي رضيـ الله عنه رسولاً إلى هرقل ملك الروم ..
وصل دحية رضيـ الله عنه إلى هرقل .. دخل عليه ..
ناوله كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فلما أن رأى هرقل الكتاب دعا قسيسي الروم وبطارقتها ..
ثم أغلق عليه وعليهم الدار فقال :
" قد نزل هذا الرجل حيث رأيتم .. وقد أرسل إليَّ أن يدعوني إلى ثلاث خصال ..
يدعوني : أن أتبعه على دينه ..أو على أن نعطيه مالنا على أرضنا والأرض أرضنا ..
أو نلقي إليه الحرب .. ثم قال هرقل :والله لقد عرفتم فيما تقرأون من الكتب ليأخذن أرضنا ..
فهلمَّ فلنتبعه على دينه .. أو نعطيه مالنا على أرضنا .. فلما سمع القساوسة ذلك ..
ورأوا أنه يدعوهم لترك دينهم ! غضبوا .. ونخروا نخرة رجل واحد حتى خرجوا من برانسهم ..
أي سقطت أرديتهم من شدة الغضب والانتفاض !!
وقالوا : تدعونا إلى أن نذر النصرانية .. أو نكون عبيداً لأعرابي جاء من الحجاز .!!
أسقط في يد هرقل .. وأيقن أنه تورط بعرضه عليهم ..
وكان هؤلاء القساوية لهم سطوة وجمهور قوي ..
فعلم هرقل أنهم إن خرجوا من عنده .. أفسدوا عليه الروم ..
فجعل يهدئهم .. ويقول : إنما قلت ذلك لأعلم صلابتكم على أمركم ..
كان هرقل يعلم أن النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
هو الرسول الذي بشر به عيسى صلى الله عليه وسلمـ ..
فأراد أن يتأكد من ذلك ..
دعا هرقل رجلاً من عرب قبيلة "تجيب" .. كان من نصارى العرب ..
وقال له : ادع لي رجلاً حافظاً للحديث .. عربيَّ اللسان .. أبعثه إلى هذا الرجل بجواب كتابه ..
مضى ذاك التجيبي .. وجاء برجل من بني تنوخ .. من نصارى العرب ..
دفع هرقل كتاباً لهذا التنوخي ليوصله لرسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
وقال له : اذهب بكتابي إلى هذا الرجل ..
فما سمعت من حديثه فاحفظ لي منه ثلاث خصال ..
انظر هل يذكر صحيفته إلى التي كتب بشيء ..؟
وانظر إذا قرأ كتابي فهل يذكر الليل ؟ وانظر في ظهره هل به شيء يريبك ؟
مضى التنوخي كفارقاً للشام .. حتى وصل إلى تبوك ..
فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلمـ جالس بين ظهراني أصحابه ..
محتبياً على الماء .. فوقف التنوخي عليهم .. وقال : أين صاحبكم ؟
قيل : ها هو ذا .. فأقبل يمشي حتى جلس بين يديه ..
فناوله كتاب هرقل ..
فأخذه صلى الله عليه وسلمـ .. فوضعه في حِجْره .. ثم قال : " ممن أنت " .. ؟
قال : أنا أخو تنوخ ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ : " هل لك إلى الإسلام .. الحنيفية .. ملة أبيك إبراهيم ؟
كان صلى الله عليه وسلمـ راغباً في دخول هذا الرجل في الإسلام ..
في الحقيقة لم يكن هناك ما يمنع التنوخي من اتباع الحق ..
إلا التعصب لدين قومه .. فحسب !!
فقال التنوخي بكل صراحة : إني رسول قوم .. وعلى دين قومي ..
لا أرجع عنه حتى أرجع إليهم ..
فما رأى صلى الله عليه وسلمـ هذا التعصب .. لم يغضب .. ولم يعمل مشكلة ..
وإنما ضحك وقال :
" إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين " ..
ثم قال صلى الله عليه وسلمـ بكل هدوء :
يا أخا تنوخ .. إني كتبت بكتاب إلى كسرى فمزقه والله ممزقه وممزق ملكه ..
وكتبت إلى النجاشي بصحيفة فخرقها والله مخرق ملكه ..
وكتبت إلى صاحبك بصحيفة فأمسكها ..
فلن يزال الناس يجدون منه بأساً ما دام في العيش خير ..
تذكر التنوخي وصية هرقل .. وقال في نفسه : هذه إحدى الثلاث التي أوصاني بها صاحبي ..
فخشي أن ينساها .. فأخذ سهماً من جعبته فكتبها في جنب سيفه ..
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ناول الصحيفة رجلاً عن يساره ..
فقال التنوخي : من صاحب كتابكم الذي يقرأ لكم ؟
قالوا : معاوية ..
بدأ معاوية رضيـ الله عنه يقرأ .. فإذا هرقل قد كتب إلى النبي صلى الله عليه وسلمـ ..
تدعوني إلى جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين !! فأين النار ؟
فقال صلى الله عليه وسلمـ : " سبحان الله ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍!‍ أين الليل إذا جاء النهار " .
فانتبه التنوخي أن هذه الثانية التي أمره هرقل بترقبها ..
فأخذ سهماً من جعبته فكتبه في جلد سيفه ..
فلما أن فرغ معاوية من قراءة الكتاب ..
التفت صلى الله عليه وسلمـ إلى التنوخي .. الذي لم يقبل النصح ..
ولم يدخل في الدين .. وقال له متلطفاً :
إن لك حقاً وإنك لرسول .. فلو وجدت عندنا جائزة جوزناك بها .. إنا سِفْر مُرمِلون ..
يعني أتمنى أن أعطيك هدية .. لكننا كما ترانا مسافرين جالسين على الرمال !!
فقال عثمان رضيـ الله عنه : أنا أجوزه يا رسول الله ..
ثم قام عثمان ففتح رحله .. فأتى بحلة ولباس فوضعها في حجر التنوخي ..
ثم قال صلى الله عليه وسلمـ الكريم : " أيكم ينزل هذا الرجل ؟ " ..
يعني يقوم بحق ضيافته !! فقال فتى من الأنصار : أنا ..
فقام الأنصاريـ وقام التنوخي يمشي معه ..
وباله مشغول بالأمر الثالث الذي أمره هرقل أن يتأكد له منه ..
وهو خاتم النبوة بين كتفي النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
مشى التنوخي خطوات .. وفجأة .. إذا برسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
يصيح به : " تعال يا أخا تنوخ " ..!!
فأقبل التنوخي يهوي مسرعاً .. حتى قام بين يدي النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
فحل صلى الله عليه وسلمـ حبوته .. ثم أسقط رداءه عن ظهره .. فانكشف ظهره للتنوخي ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ :" هاهنا امض لما أمرت به " ..
قال التنوخي : فنظرت في ظهره .. فإذا أنا بخاتم في موضع غضون الكتف ..
مثل الحجمة الضخمة ..


:: فكرة ::
المقصود أن يدرك الناس أخطاءهم .. وليس شرطاً أن يصححوها أمامك .. فلا تغضب ..

العابره
18-3-2010, 08:22 AM
الموضوعـ الحادي و السبعــــــــــون : اجعل معالجة الخطأ سهلة ..
يقول الشيخـ :::: تتنوع الأخطاء التي تقع من الناس كبراً وصغراً ..
ومهما كان حجم الخطأ فإنه يمكن علاجه ..
نعم قد لا يفيد العلاج في إصلاح ما أفسده الخطأ 100% ..
لكنه على الأقل يصلح أكثر الفاسد .. عدد غير قليل من الناس لا يسعى ..
إلى إصلاح أخطائه لشكه في قدرته أصلاً على علاجها ..
وأحياناً تكون طريقتنا في التعامل مع الأخطاء هي جزء من الخطأ نفسه ..
يقع ولدي في خطأ فألومه وأحقره وأعظِّم عليه الخطأ حتى يشعر بأنه ..
سقط في بئر ليس له قاع !! فييأس من الإصلاح .. ويبقى على ما هو عليه ..
وقد تقع في الخطأ زوجتي أو يقع فيه صديقي ..
فإذا أشعرته أنه أخطأ ولكن الطريق لم ينقطع بعد فمعالجة الخطأ سهلة ..
والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل ..
جاء رجل إلى النبيـ صلى الله عليه وسلمـ يبايعه على الهجرة ..
وقال : إني جئت أبايعك على الهجرة .. وتركت أبوي يبكيان ..
فلم يعنفه صلى الله عليه وسلمـ .. أو يحقر فِعْله .. أو يصغر عقله ..
فالرجل جاء بنية صالحة ويرى أنه فعل الأصلح ..
أشعره صلى الله عليه وسلمـ أن معالجة الخطأ سهلة ..
فقال له بكل بساطة : ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما وانتهى الأمر ..
كان صلى الله عليه وسلمـ يتعامل مع الناس بأساليب تربي فيهم الرغبة في الخير ..
وتشعرهم أنهم إلى الخير أقرب .. حتى وإن وقعوا في أخطاء ..
وبين يدي حادثة مروّعة .. الشاهد منها آخرُها ..
لكني سأوردها من أولها رغبة في الفائدة ..
كان رسول الله صلى الله عليه وسلمـ إذا أراد أن يخرج سفراً أقرع بين نسائه ..
فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه .. فلما أراد الخروج إلى غزوة بني المصطلق ..
أقرع بينهن فخرج سهم عائشة .. فخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
وذلك بعدما أنزل الحجاب .. وكانت تحمل في هودج .. فإذا نزلوا نزلت من هودجها ..
وقضت حاجاتها .. فإذا أرادوا الارتحال ركبت فيه ..
فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ من غزوته ..
توجه قافلاً إلى المدينة .. حتى إذا كان قريباً من المدينة نزل منزلاً فبات به بعض الليل ..
ثم آذن الناس بالرحيل .. فبدأ الناس يجمعون متاعهم للرحيل ..
فخرجت عائشة لبعض حاجتها .. وفي عنقها عقد لها فيه جزع ظفار ..
فلما فرغت من حاجتها .. انسل العقد من عنقها وهي لا تدري ..
فلما رجعت العسكر .. وأرادت الدخول في هودجها .. لمست عنقها فلم تجد العقد ..
وقد بدأ الناس في الرحيل .. فرجعت سريعاً إلى مكانها الذي قضت فيه حاجتها ..
فأخذت تبحث عنه .. وأبطأت .. وجاء القوم فحملوا هودجها وهم يظنون أنها فيه ..
فاحتملوه .. فشدوه على البعير .. ثم أخذوا برأس البعير فانطلقوا به ..
وسار الجيش .. أما عائشة فبعد بحث طويل .. وجدت العقد .. فعادت إلى مكان الجيش ..
قالت عائشة :فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب .. قد انطلق الناس ..
فتيممت منزلي الذي كنت فيه وظننت أن القوم سيفقدوني فيرجعون إلي ..
فتلففت بجلبابي .. فبينما أنا جالسة في منزلي إذ غلبتني عيني فنمت ..
فوالله إني لمضطجعة إذ مرَّ بي صفوان بن المعطل ..
وكان قد تخلف عن العسكر لبعض حاجاته .. فلم يبت مع الناس ..
فرأى سواد إنسان نائم .. فأتاني فعرفني حين رآني ..
وقد كان يراني قبل أن يضرب الحجاب علينا ..
فلما رآني قال : إنا لله وإنا إليه راجعون .. ظعينة رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ؟
فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت وجهي بجلبابي ..
ووالله ما كلمني كلمة .. ولا سمعت منه غير استرجاعه ..
حتى أناخ راحلته .. فوطئ على يديها ..
فركبت وأخذ برأس البعير فانطلق سريعاً يطلب الناس ..
فوالله ما أدركنا الناس وما افتقدوني حتى أصبحنا .. فوجدناهم نازلين ..
فبينما هم كذلك .. إذ طلع الرجل يقود بي البعير ..
فقال أهل الإفك ما قالوا .. وارتجَّ العسكر .. ووالله ما أعلم بشيء من ذلك ..
ثم قدمنا المدينة .. فلم ألبث أن مرضت واشتكيت شكوى شديدة ..
وأنا لا يبلغني من كلام الناس شيء ..
وقد انتهى الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ وإلى أبويَّ ..
وهم لا يذكرون لي منه قليلاً ولا كثيراً ..
إلا أني قد أنكرت من رسول الله صلى الله عليه وسلمـ بعض لطفه بي ..
كنت إذا اشتكيت رحمني ولطف بي .. فلم يفعل ذلك بي في شكواي تلك ..
بل كان إذا دخل علي وعندي أمي تمرضني قال : كيف تيكم ؟ لا يزيد على ذلك ..
حتى وجدت في نفسي .. فلما رأيت جفاءه لي قلت ..
يا رسول الله .. لو أذنت لي فانتقلت إلى أمي فمرضتني .. قال : لا عليك ..
فانتقلت إلى أمي ولا علم لي بشيء مما كان ..
حتى نقهت من وجعي بعد بضع وعشرين ليلة ..
فخرجت ليلة لبعض حاجتي ومعي أم مسطح بنت خالة أبي بكر رضيـ الله عنه ..
فوالله إنها لتمشي معي إذ تعثرت في مِرطها .. وسقطت أو كادت ..
فقالت : تعس مسطح .. قلت : بئس لعمر الله ما قلت .. تسبين رجلاً قد شهد بدراً ؟
فقالت : أي هنتاه .. أولم تسمعي ما قال ؟ أوما بلغك الخبر يا بنت أبي بكر ..
قلت : وما الخبر ؟ فأخبرتني بالذي كان من قول أهل الإفك ..
قلت : أوقد كان هذا ؟ قالت : نعم والله لقد كان ..
فوالله ما قدرت على أن أقضي حاجتي ورجعت .. فازددت مرضاً إلى مرضي ..
فوالله ما زلت أبكي .. حتى ظننت أن البكاء سيصدع كبدي ..
وقلت لأمي : يغفر الله لك .. تحدث الناس بما تحدثوا يه .. ولا تذكرين لي من ذلك شيئاً ..
قالت :أي بنية خففي عليك الشأن .. فوالله لقلَّ ما كانت امرأة حسناء عند رجل يحبها ..
ولها ضرائر إلا كثّرن .. وكثّر الناس عليها ..
قلت : سبحان الله وقد تحدث الناس بهذا ؟
فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت .. لا يرقأ لي دمع .. ولا أكتحل بنومـ ..
ثم أصبحت أبكي ..هذا حال عائشة ..
تتهم بذلك وهي الفتاة التي لم يتجاوز عمرها خمس عشرة سنة .. تتهم بالزنا ..
وهي العفيفة الشريفة .. زوجة أطهر الناس .. التي ما كشفت سترها .. ولا هتكت عرضها ..
هذا حالها تبكي في بيت أبويها ..
أما حال رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. فلا يبعد حزناً وهماً .. عن عائشة ..
فلا جبريل يرسل .. ولا القرآن ينزل .. ويبقى صلى الله عليه وسلمـ متحيراً في أمره ..
وقد كبر عليه اتهام المنافقين .. وكلام الناس في عرضه زوجه ..
فلما طال الأمر عليه .. قام صلى الله عليه وسلمـ في الناس فخطبهم ..
فحمد الله .. وأثنى عليه .. ثم قال :
أيها الناس ما بال رجال يؤذونني في أهلي .. ويقولون عليهم غير الحق ..
والله ما علمت عليهم إلا خيراً .. ويقولون ذلك لرجل .. والله ما علمت منه إلا خيراً ..
ولا يدخل بيتاً من بيوتي إلا وهو معي ..
فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلمـ تلك المقالة ..
قام أمير الأوس سعد بن معاذ فقال : يا رسول الله إن يكونوا من الأوس نكفك إياهم ..
وإن يكونوا من إخواننا من الخزرج فمرنا أمرك فوالله إنهم لأهل أن تضرب أعناقهم ..
فلما سمع ذلك أمير الخزرج سعد بن عبادة قام .. وكان رجلاً صالحاً ..
لكن أخذته الحمية ..قام فقال : كذبت لعمر الله .. ما تضرب أعناقهم ..
أما والله ما قلت هذه المقالة إلا أنك قد عرفت أنهم من الخزرج ؟
ولو كانوا من قومك ما قلت هذا ..
فقال أسيد بن حضير : كذبت لعمر الله .. والله لنقتلنه ..
ولكنك منافق تجادل عن المنافقين ..
ثم ثار الناس بعضهم إلى بعض .. حتى كادوا أن يقتتلوا ..
ورسول الله صلى الله عليه وسلمـ قائم على المنبر ..
فلم يزل يخفضهم حتى سكتوا .. وسكت ..
فلما رأى صلى الله عليه وسلمـ ذلك .. نزل فدخل بيته ..
ولما رأى أن الأمر لا يمكن حله من جهة عموم الناس ..
أراد أن يجد حلاً من جهة أهل بيته .. وأخص الناس به ..
فدعا علياً وأسامة بن زيد .. فاستشارهما ..
فأما أسامة فأثنى على عائشة خيراً وقال : يا رسول الله ..
أهلك وما نعلم منهم إلا خيراً .. وهذا الكذب والباطل ..
وأما علي فإنه قال : يا رسول الله إن النساء لكثير .. وإنك لقادر على أن تستخلف ..
وسل الجارية فإنها ستصدقك .. فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلمـ بريرة ..
فقال : أي بريرة .. هل رأيت من شيء يريبك من عائشة ؟
فقالت بريرة : لا .. والذي بعثك بالحق نبياً ..
والله ما أعلم إلا خيراً .. وما كنت أعيب على عائشة شيئاً ..
إلا أنها جارية حديثة السن .. فكنت أعجن عجيني .. فآمرها أن تحفظه فتنام عنه ..
فتأتي الشاة فتأكله .. نعم .. كيف ترى الجارية على عائشة ريبة ..
وهي الفتاة الصالحة التي رباها صديق الأمة أبو بكر .. وتزوجها سيد ولد آدم ..
بل كيف تقع في ريبة .. وهي أحب الناس إلى رسول الله ..
ولم يكن صلى الله عليه وسلمـ يحب إلا طيباً ..
فهي البريئة المبرأة .. ولكن الله يبتليها ليعظم أجرها .. ويرفع ذكرها ..
وتمضي على عائشة الأيام .. والآلام تلد الآلام.. وهي تتقلب على فراش مرضها ..
لا تهنأ بطعام ولا شراب .. وقد حاول رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
أن يحل المشكلة .. بخطبة على رؤوس الناس فكادت أن تقع الحرب بين المسلمين ..
وحاول أن يحلها في بيته ويسأل علياً وزيداً .. فلم يخرج بشيء ..
فلما رأى ذلك .. أراد أن ينهي الأمر من جهة عائشة ..
قالت رضي الله عنها : وبكيت يومي ذلك لا ترقأ لي دمعه .. ولا اكتحل بنوم ..
ثم بكيت ليلتي المقبلة لا ترقأ لي دمعه ولا أكتحل بنوم ..
وأبواي يظنان أن البكاء فالق كبدي .. فأقبل يحث الخطى إلى بيت أبي بكر ..
فاستأذن .. ودخل عليها وعندها أبوها وأمها .. وامرأة من الأنصار ..
وهي أول مرة يدخل فيها بيت أبي بكر .. منذ قال الناس ما قالوا ..
وما رأى عائشة منذ قرابة الشهر ..
وقد لبث شهراً لا يوحى إليه في شيء في شأن عائشة ..
دخل صلى الله عليه وسلمـ على عائشة .. فإذا طريحة الفراش ..
وكأنها فرخ منتوف من شدة البكاء والهم ..
وإذا هي تبكي .. والمرأة تبكي معها .. لا يملكان من الأمر شيئاً ..
فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. فحمد الله وأثنى عليه ..
ثم قال : أما بعد يا عائشة فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا .. وذكر صلى الله عليه وسلمـ ..
خبر الإفك .. وما أشيع من وقوعها في خطأ كبير .. ثم أراد صلى الله عليه وسلمـ ..
أن يبين لها أن الإنسان مهما وقع في خطأ فإن معالجة هذا الخطأ ليست صعبة ..
فقال لها : فإن كنت بريئه فسيبرئك الله عز وجل .. وإن كنت ألممت بذنب ..
فاستغفري الله عز وجل وتوبي إليه .. فإن العبد إذا اعترف بذنب ثم تاب .. تاب الله عليه ..
هكذا .. حل سهل للخطأ .. إن كان قد وقع .. دون تعقيد وتطويل ..
قالت عائشة : فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
مقالته .. قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة ..
وانتظرت أبويَّ أن يجيبا عني رسول الله صلى الله عليه وسلمـ فلم يتكلما ..
فقلت لأبي : أجب عني رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فيما قال .. فقال : والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فقلت لأمي : أجيبي عني رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فقالت : والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلمـ !
ووالله ما أعلم أهل بيت دخل عليهم ما دخل على آل أبي بكر في تلك الأيام ..
فلما استعجما علي .. استعبرت فبكيت ؟
ثم قلت : لا .. والله لا أتوب إلى الله مما ذكرت أبداً ..
إني والله قد عرفت أنكم قد سمعتم بهذا حتى استقر في أنفسكم وصدقتم به ..
ولئن قلت لكم إني بريئة .. والله عز وجل يعلم إني بريئة .. لا تصدقوني ..
وإن اعترفت لكم بأمر .. والله يعلم أني منه بريئة .. تصدقوني ..
وإني والله لا أجد لي ولكم مثلاً إلا كما قال أبو يوسف :
] فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون [ ..
قالت : ثم تحولت فاضطجعت على فراشي ..
وأنا والله أعلم أني بريئة وأن الله مبرئي ببراءتي ..
ولكن والله ما كنت أظن أن يَنزِلَ في شأني وحيٌ يتلى ..
ولشأني كان أحقرَ في نفسي من أن يتكلم الله فيَّ بأمر يتلى ..
ولكن كنت أرجو أن يرى رسولُ الله صلى الله عليه وسلمـ ..
في النوم رؤيا يبرئني الله عز وجل بها ..
فوالله ما برح رسول الله صلى الله عليه وسلمـ مجلسه .. ولا خرج من أهل البيت أحد ..
حتى تغشاه من الله ما كان يتغشاه .. وأنزل الله على نبيه ..
فأما أنا حين رأيته يوحى إليه .. فوالله ما فزعت .. وما باليت ..
قد عرفت أني بريئة .. وأن الله غير ظالمي .. وأما أبواي فوالذي نفس عائشة بيده ..
ما سُرّي عن رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
حتى ظننت لتخرجن أنفسهما .. فرقاً من أن يأتي من الله تحقيق ما قال الناس ..
فلما سُرّي عنه صلى الله عليه وسلمـ .. فإذا هو يضحك ..
فجعل يمسح العرق عن وجهه .. وكان أول كلمة تكلم بها ..
أن قال .. أبشري يا عائشة قد أنزل الله عز وجل براءتك .. فقلت : الحمدلله ..
وأنزل الله تعالى : ] إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْأِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ
لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْأِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عظيم *
لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ *
لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ [ ..
وتوعد الله أولئك بقوله :] إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا
لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [ ..
ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلمـ إلى الناس .. فخطبهم ..
وتلا عليهم ما أنزل الله من القران في ذلك .. ثم أقام حد القذف على من قذف ..
إذن .. ينبغي أن تتعامل مع المخطئ على أنه مريض يحتاج إلى علاج ..
لا أن تبالغ في كبته وتعنيفه .. لأنه قد يصل إلى درجة يشعر معها أنك فرحٌ بهذا الخطأ
والطبيب الناصح هو الذي يهتم بصحة مرضاه أكثر من اهتمامهم هم بأنفسهم ..
قال صلى الله عليه وسلمـ : إنما مثلي ومثل الناس .. كمثل رجل استوقد ناراً ..
فلما أضاءت ما حوله .. جعل الفَرَاشُ وهذه الدواب التي تقع في النار يقعن فيها ..
فجعل ينزعهن .. ويغلبنه فيقتحمن فيها !!
فأنا آخذٌ بحجَزِكُم عن النار .. وأنتم تقحمون فيها ..


:: رأي ::
أحياناً تكون طريقتنا في التعامل مع الأخطاء أكبر من الخطأ نفسه ..

العابره
18-3-2010, 08:24 AM
الموضوعـ الثاني و السبعــــــــــون : قابل الإساءة بالإحسان ..
يقول الشيخـ :::: عندما تتعامل مع الناس فإنهم يعاملونك في الغالب على ما يريدون هُمـ ..
لا على ما تريد أنت فليس كل من قابلته ببشاشة بادلك بشاشة مثلها ..
فبعضهم قد يغضب ويسيء الظن ويسألك : مم تضحكـ ؟!
ولا كل من أهديت له هدية .. رد لك مثلها ..
فبعضهم قد تهدي إليه ثم يغتابك في المجالس ويتهمك بالسفه وتضييع المال ..!!
ولا كل من تفاعلت معه في كلامه .. أو أثنيت عليه وتلطفت معه في عباراتك قابلك بمثلها ..
فإن الله قسم الأخلاق كما قسم الأرزاق ..
والمنهج الرباني هو : ( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن
فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ) ..
وبعض الناس لا حل له ولا إصلاح إلا أن تتعامل معه بما هو عليه .. فتصبر عليه أو تفارقه ..
ذُكر أن أشعب سافر مع رجل من التجار ..
وكان هذا الرجل يقوم بكل شيء من خدمة وإنزال متاع وسقي دوابـ ..
حتى تعب وضجر .. وفي طريق رجوعهما .. نزلا للغداء ..
فأناخا بعيريهما ونزلا .. فأما أشعب فتمدد على الأرض ..
وأما صاحبه فوضع الفرش .. وأنزل المتاع ..
ثم التفت إلى أشعب وقال : قم اجمع الحطب وأنا أقطع اللحم ..
فقال أشعب : أنا والله متعب من طول ركوب الدابة ..
فقام الرجل وجمع الحطب .. ثم قال : يا أشعب ! قم أشعل الحطب ..
فقال : يؤذيني الدخان في صدري إن اقتربت منه .. فأشعلها الرجل ..
ثم قال : يا أشعب ! قم أمسك علي لأقطع اللحم ..
فقال : أخشى أن تصيب السكين يدي .. فقطع الرجل اللحم وحده ..
ثم قال : يا أشعب ! قم ضع اللحم في القدر واطبخ الطعام ..
فقال : يتعبني كثرة النظر إلى الطعام قبل نضوجه ..
فتولى الرجل الطبخ والنفخ .. حتى جهز الطعام وقد تعب ..
فاضجع على الأرض .. وقال : يا أشعب ! قم جهز سفرة الطعام ..
وضع الطعام في الصحن ..
فقال أشعب :جسمي ثقيل ولا أنشط لذلك ..
فقام الرجل وجهز الطعام ووضعه على السفرة ..
ثم قال : يا أشعب ! قم شاركني في أكل الطعام ..
فقال أشعب :قد استحييت والله من كثيرة اعتذاري وها أنا أطيعك الآن ..
ثم قام وأكل !! فقد تلاقي من الناس من هو مثل أشعب .. فلا تحزن .. وكن جبلاً ..
كان المربي الأول صلى الله عليه وسلمـ يتعامل مع الناس بعقله لا بعاطفته ..
كان يتحمل أخطاء الآخرين ويرفق بهم ..
وانظر إليه صلى الله عليه وسلمـ وقد جلس في مجلس مبارك يحيط به أصحابه ..
فيأتيه أعرابي يستعينه في دية قتيل .. قد قتل .. هو أو غيره .. رجلاً ..
فأقبل يريد من النبيـ صلى الله عليه وسلمـ أن يعينه بمال .. يؤديه إلى أولياء المقتول ..
فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلمـ شيئاً .. ثم قال تلطفاً معه : أحسنت إليك ؟
قال الأعرابي : لا .. لا أحسنت ولا أجملت ..
فغضب بعض المسلمين وهموا أن يقوموا إليه ..
فأشار النبيـ صلى الله عليه وسلمـ إليهم أن كفوا ..
ثم قام صلى الله عليه وسلمـ إلى منزله .. ودعا الأعرابي إلى البيت ..
فقال له : إنك جئتنا فسألتنا فأعطيناك .. فقلت ما قلت ..
ثم زاده صلى الله عليه وسلمـ شيئاً من مال وجده في بيته ..
فقال : أحسنت إليك ؟
فقال الأعرابي : نعم فجزاك الله من أهل وعشيرة خيراً ..
فأعجبه صلى الله عليه وسلمـ هذا الرضى منه .. لكنه خشي أن يبقى ..
في قلوب أصحابه على الرجل شيء .. فيراه أحدهم في طريق أو سوق ..
فلا يزال حاقداً عليه .. فأراد أن يسلَّ ما في صدورهم ..
فقال له صلى الله عليه وسلمـ : إنك كنت جئتنا فأعطيناك .. فقلت ما قلت ..
وفي نفس أصحابي عليك من ذلك شيء ..
فإذا جئت فقل بين أيديهم ما قلت بين يدي .. حتى يذهب عن صدورهم ..
فلما جاء الأعرابي .. قال صلى الله عليه وسلمـ : إن صاحبكم كان جاءنا فسألنا فأعطيناه ..
فقال ما قال .. وإنا قد دعوناه فأعطيناه .. فزعم أنه قد رضي ..
ثم التفت إلى الأعرابي وقال : أكذاكـ ؟
قال الأعرابي : نعم فجزاك الله من أهل وعشيرة خيراً ..
فلما هم الأعرابي أن يخرج إلى أهله ..
أراد صلى الله عليه وسلمـ أن يعطي أصحابه درساً في كسب القلوب ..
فقال لهمـ : إن مثلي ومثل هذا الأعرابي كمثل رجل كانت له ناقة فشردت عليه ..
فاتبعها الناس .. يعني يركضون وراءها ليمسكوها ..
وهي تهرب منهم فزعاً .. ولم يزيدوها إلا نفوراً ..
فقال صاحب الناقة : خلوا بيني وبين ناقتي .. فأنا أرفق بها وأعلم بها ..
فتوجه إليها صاحب الناقة فأخذ لها من قشام الأرض .. ودعاها ..
حتى جاءت واستجابت .. وشد عليها رحلها .. واستوى عليها ..
ولو أني أطعتكم حيث قال ما قال .. دخل النار ..
يعني لو طردتموه .. لعله يرتدّ عن الدين .. فيدخل النار ..
وما كان الرفق في شيء إلا زانه .. وما نزع من شيء إلا شانه ..
( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه
عداوة كأنه ولي حميم ) ..
ذُكر أنه صلى الله عليه وسلمـ لما فتح مكة .. جعل يطوف بالبيتـ ..
فأقبل فضالة بن عمير .. رجل يظهر الإسلام ..
فجعل يطوف خلف النبي صلى الله عليه وسلمـ ..
ينتظر منه غفلة .. ليقتله ..!!
فلما دنا من النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
انتبه صلى الله عليه وسلمـ إليه .. فالتفت إليه وقال : أفضالة !!
قال : نعم .. فضالة يا رسول الله .. قال : ماذا كنت تحدث به نفسكـ ؟
قال : لاشيء .. كنت أذكر الله ..!!
فضحك النبيـ صلى الله عليه وسلمـ .. ثم قال : أستغفر الله ..
قال فضالة .. : ثم وضع رسول الله صلى الله عليه وسلمـ يده على صدري ..
فسكن قلبي .. فوالله ما رفع رسول الله صلى الله عليه وسلمـ يده عن صدري ..
حتى ما خلق الله شيء أحب إلي منه ..
ثم رجع فضالة إلى أهله .. فمر بامرأة كان يجالسها .. ويتحدث إليها ..
فلما رأته .. قالت : هلم إلى الحديث ..
فقال : لا .. ثم قال ..
قالت هلم إلى الحديث فقلت لا ** يأبى عليك الله و الإسلام
لو ما رأيت محمداً وقبيله ** بالفتح يوم تكسَّر الأصنامُ ..
لرأيت دين الضحى بينا ** والشرك يغشى وجهه الإظلام
وكان فضالة بعدها من صالحي المسلمين ..
كان صلى الله عليه وسلمـ يملك قلوب الناس بالعفو عنهمـ ..
يتحمل الأذى في سبيل التأثير فيهم .. وجرهم إلى الخير ..
كان أبو طالب يكف عن النبي ، صلى الله عليه وسلمـ كثيراً من أذى قريش ..
فلما مات أبو طالب .. ضيقت قريش كثيراً على النبيـ صلى الله عليه وسلمـ في مكة ..
ونالت من الأذى ما لم تكن نالته منه في حياة عمه أبي طالب ..
فجعل صلى الله عليه وسلمـ يفكر في مكان آخر يلجأ إليه .. يجد فيه النصرة والتأييد ..
فخرج إلى الطائف يلتمس من قبيلة ثقيف النصرة والمنعة .. دخل الطائف ..
فتوجه إلى ثلاثة رجال هم سادة ثقيف وأشرافهم .. وهم أخوة ثلاثة ..
عبد ياليل بن عمرو .. وأخوه مسعود ..وحبيب ..
جلس اليهم .. دعاهم إلى الله .. كلمهم لما جاءهم له من نصرته على الإسلام ..
والقيام معه على من خالفه من قومه ..
فكان ردهم بذيئاً !! أما أحدهم فقال : أنا أمرط ثياب الكعبة .. إن كان الله أرسلك !!
وقال الآخر : أما وجد الله أحداً يرسله غيرك ؟!
وجعل الثالث يبحث متحذلقاً عن عبارة يرد بها .
. حرص على أن تكون أبلغ من كلام صاحبيه ..
فقال : والله لا أرد عليك أبداً .. لئن كنت رسولاً من الله كما تقول ..
لأنت أعظم خطراً من أن أرد عليك الكلام .. ولئن كنت تكذب على الله ..
فما ينبغي لي أن أكلمك ..
فقام صلى الله عليه وسلمـ من عندهم وقد يئس من خير ثقيف ..
وخشي أن تعلم قريش أنهم ردوه .. فيزدادون أذى له ..
فقال لهم : إن فعلتم ما فعلتم .. فاكتموا عليَّ ..
فلم يفعلوا .. بل أغروا به سفهاءهم وعبيدهم ..
فجعلوا يركضون وراء رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
يسبونه ويصيحون به .. وقد اصطفوا صفين .. وهو يسرع الخطى بينهم ..
وكلما رفع رجلاً رضخوها بالحجارة ..وهو صلى الله عليه وسلمـ يحاول ..
أن يسرع فيخطاه ليتقي ما يرمونه به من حجارة ..
وجعلت قدماه الشريفتان صلى الله عليه وسلمـ تسيلان بالدماء ..
وهو الكهل الذي جاوز الأربعين .. فأبعد عنهم .. ومشى .. ومشى ..
حتى جلس في موضع آمن يستريح ..
تحت ظل نخلة ..وهو منشغل البال .. كيف ستستقبله قريش .. كيف سيدخل مكة ..
فرفع طرفه إلى السماء وقال : اللهم اليك أشكو ضعف قوتي ..
وقلة حيلتي .. وهواني على الناس .. يا أرحم الراحمين .. أنت رب المستضعفين ..
وأنت ربي .. إلى من تكلني ! إلى بعيد يتجهمني .. أم إلى عدو ملكته أمري !
إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي .. ولكن عافيتك هي أوسع لي ..
أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات .. وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة ..
من أن تنزل بي غضبك .. أو تحل عليَّ سخطك .. لك العتبى حتى ترضى ..
ولا حول ولا قوة الا بك .. فبينما هو كذلك ..
فإذ بسحابة تظله صلى الله عليه وسلمـ .. وإذا فيها جبريل عليه السلام ..
فناداه : يا محمد .. إن الله قد سمع قول قومك لك .. وما ردوا عليك ..
وقد بعث لك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم ..
وقبل أن ينطق صلى الله عليه وسلمـ بكلمة .. ناداه ملك الجبال ..
السلام عليك يا رسول الله .. يا محمد .. إن الله قد سمع قول قومك لك ..
وأنا ملك الجبال .. قد بعثني اليك ربك لتأمرني ما شئت ..
ثم قبل أن ينطق صلى الله عليه وسلمـ .. أو يختار .. جعل ملك الجبال يعرض عليه ويقول ..
إن شئت تطبق عليهم الأخشبين .. وهما جبلان عظيمان في جانبي مكة ..
وجعل ملك الجبال ينتظر الأمر ..فإذا به صلى الله عليه وسلمـ ..
يطأ على حظوظ النفس وشهوة الانتقام .. ويقول
بل .. أستأني بهم .. فإني أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله لا يشرك به شيئاً ..



:: كن بطلاً ::
وإن الذي بيني وبين بني أبي **** وبين بني عمــي لمخـتـلف جداً
فإن أكلوا لحمـي وفرت لحومهم **** وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجداً
وليســوا إلى نـصــري سراعـــاً **** وإن همدعوني إلى نصر أتيتهم شداً
ولا أحمـل الحقــد القديــم عليهم **** وليس رئيـس القوم من يحمل الحقد

العابره
18-3-2010, 08:26 AM
الموضوعـ الثالث و السبعــــــــــون : لا تلمني !! انتهى الأمر .. ؟
يقول الشيخـ :::: يظن بعض الناس أنه عندما يلوم الآخرين على أخطائهمـ ..
التي ربما تكون لا ترى إلا بالمجهر .. يظن أنه يتقرب منهم أكثر ..
أو أنه يقوي شخصيته بذلك .. الحق أنه ليس الذكاء والفطنة أن تستطيع اللوم ..
وإنما هو أن تتجنبه قدر المستطاع .. وتسعى إلى إصلاح الأشخاصـ ..
بأساليب لا تجرح .. ولا تحرج .. أحياناً تحتاج في بعض الأمور أن تتعامى ..
خاصة الأشياء الدنيوية .. والحقوق الخاصة ..
ليس الغبي بسيد في قومه *** لكن سيد قومه المتغابي
والملوم يعتبر اللوم سهماً حاداً يوجه إليه .. لأنه يشعره بنقصه ..
هذا أولاً .. ثانياً .. تجنب النصح في الملأ قدر المستطاعـ ..
تغمدني بنصحك في انفرادي *** وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصـــح بين النـاس نــوع *** من التوبيخ لا أرضى استـماعـه
بل .. إذا انتشر خطأ معين .. واضطررت إلى النصح العام ..
فاعمل بقاعدة : ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا .. كما تقدم معنا .. إذنـ ..
اللوم كالسوط الذي يجلد به اللائم ظهر الملومـ ..
وبعض الناس ينفر الآخرين إما بكثرة لومه ..
أو بلومه على أمور انتهت ولا يقدم اللوم أو يؤخر فيها شيئاً ..
أذكر أن رجلاً فقيراً .. تغرب عن أهله إلى بلد آخر .. واشتغل سائق شاحنة ..
كان في أحد الأيام متعباً لكنه ركب الشاحنة ومضى بها في طريق طويل بين مدينتينـ ..
غلبه النوم أثناء الطريق .. فجعل يصارعه وأسرع قليلاً ..
فتجاوز سيارة أمامه دون أن ينتبه إلى الطريق فإذا أماه سيارة صغيره فيها ثلاثة أشخاصـ ..
حاول أن يتفاداها .. لم يستطع .. فاصطدم بها وجهاً لوجه .. ثار الغبار ..
وجعل المارة يوقفون سياراتهم ويتفرجون على الحادثـ ..
نزل سائق الشاحنة .. ونظر إلى السيارة المصدومة ..
وإلى من بداخلها فإذا هم موتى .. أنزلهم الناس واتصلوا بالإسعافـ ..
قعد سائق الشاحنة ينتظر وصول الإسعاف ..
ويفكر فيما سيحصل له بعد الحادث من سجن ودية ..
ويفكر في أولاده الصغار .. وزوجته ..
مسكين .. هموم انهدت عليه كالجبال ..!! جعل الناس يمرون به ويلومونه ..
عجباً ..!! أهذا وقت اللوم .. ألا يمكن أن يؤجل قليلاً ؟
قال أحدهم : لماذا تسرع ؟ هذه عواقب السرعة ..
وقال آخر : أكيد أنك كنت نعسان ومع ذلك استمريت في القيادة ..!
لم توقف سيارتك وتنام ..؟
وقال ثالث : المفروض أن مثلك لا تصرف لهم رخص قيادة !!
كانوا يقولون هذه العبارات بأسلوب حاد .. فيه تعنيف وصراخـ ..
كان الرجل واجماً .. جالساً على صخرة ساكتاً .. متكئاً برأسه على يديه ..
وفجأة هوى على جنبه .. و .. و ..
مااات ..قتلوه بلومهم .. ولو صبروا قليلاً لكان خيراً له ولهمـ ..
ضع نفسك موضع الملوم .. المخطئ .. وفكر من وجهة نظره ..
فأحياناً لو كنت مكانه قد تقع في خطأ أكبر من خطئه ..
كان رسول الله صلى الله عليه وسلمـ يراعي ذلك كثيراً ..
لما انصرفـ صلى الله عليه وسلمـ من خيبر .. أطالوا المسير حتى تعبوا ..
فلما أقبل الليل .. نزلوا في موضع في الطريق ليناموا ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ : من رجل يحفظ علينا الفجر لعلنا ننامـ ؟
كان بلال رضيـ الله عنه متحمساً فقال : أنا يا رسول الله أحفظه عليك ؟
فاضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. ونزل الناس فناموا ..
وقام بلال يصلي حتى تعب .. وقد كان متعباً من طول الطريق قبل ذلك ..
فقعد واستند إلى بعيره مستريحاً .. واستقبل الفجر يرمقه .. فغلبته عينه .. فناااام ..
كان الجميع في تعب شديد .. فطال نومه ونومهم .. ومضى الليل ..
وطلع الصبح .. والكل نيام .. ولم يوقظهم إلا حر الشمسـ ..
استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. وهبَّ الناس من نومهم ..
فلما رأوا الشمس اضطربوا .. وكثر لغطهم ..
الكل ينظر إلى بلال .. التفتـ صلى الله عليه وسلمـ ..
إلى بلال وقال : ماذا صنعت بنا يا بلال ؟
فأجاب بلال بجواب مختصر .. لكنه موضح للواقع تماماً ..
قال : يا رسول الله .. أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك ..يعني أنا بشر ..
حاولت أن أقاوم النوم .. فلم أستطع .. غلبني النوم كما غلبكم !!
فقال صلى الله عليه وسلمـ :صدقت .. وسكت عنه ..نعم فما فائدة اللوم هنا ..
فلما رأى صلى الله عليه وسلمـ اضطراب الناسـ ..
قال صلى الله عليه وسلمـ : ارتحلوا .. فارتحلوا .. فمشى شيئاً يسيراً ..
ثم نزل ونزلوا .. فتوضأ وتوضئوا .. ثم صلى بالناس .. فلما سلم ..
أقبل على الناس فقال : إذا نسيتم الصلاة .. فصلوها إذا ذكرتموها ..
فلله دره ما أعقله وأحكمه صلى الله عليه وسلمـ ..
كان مدرسة لكل قائد ..
ليس مثل بعض الرؤساء اليوم لا تكاد عصا اللوم والتقريع تنزل من يده ..
بل كان صلى الله عليه وسلمـ يضع نفسه مكان من تحته ويفكر بعقولهمـ ..
ويتعامل مع القلوب قبل الأجساد .. يعلم أنهم بشر .. وليسوا آلات !!
في السنة الثامنة من الهجرة .. جمع الروم جيشاً .. وأقبل من جهة الشام ..
لقتال النبيـ صلى الله عليه وسلمـ .. وأصحابه .. وقيل إنه صلى الله عليه وسلمـ ..
جمع جيشاً لغزوهم ابتداءً ..بدأ صلى الله عليه وسلمـ يجهز جيشاً لإرساله إليهم ..
فلم يزل يحث الناس حتى جمع ثلاثة آلاف .. فزودهم بما وجد من سلاح وعتاد ..
قال لهم : أميركم زيد بن حارثة .. فإن أصيب زيد ..
فجعفر بن أبي طالب على الناسـ ..
فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة .. وخرج معهم صلى الله عليه وسلمـ يودعهم ..
وخرج الناس يودعون الجيش ..
ويقولون : صحبكم الله ودفع عنكم وردكم إلينا صالحينـ ..
كان عبد الله بن رواحة مشتاقاً إلى الشهادة فقال :
لكنني أسأل الرحمن مغفرةً **** وضربةً ذات فرغ تقذف الزبدا
أو طعنة بيدي حران مجهزة **** بحربة تنفذ الأحشــاء والكبدا
حتى يقال إذا مروا على جدثي ياأرشد الله من غازٍوَقد رشدا ..
ثم مضى الجيش حتى نزلوا "معان" من أرض الشام ..
فبلغهم أن هرقل ملك الروم قد نزل من أرض البلقاء في مائة ألف من الروم ..
وانضم إليه من القبائل حوله مائة ألف .. فصار جيش الروم مائتي ألف ..
فلما تيقن المسلمون من ذلك .. أقاموا في "معان" ليلتين ينظرون في أمرهم ..
فقال بعضهم : نكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ نخبره بعدد عدونا ..
فإما أن يمدنا بالرجال .. أو يأمرنا بما يشاء فنمضي له .. وكثر كلام الناس في ذلك ..
فقام عبد الله بن رواحة .. ثم صاح بالناس
وقال : يا قوم .. والله إن التي تكرهون هي التي خرجتم تطلبون ..
الشهادة في سبيل الله .. تفرون منها !!
وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة .. ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به ..
فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين .. إما ظهور وإما شهادة ..
فمضى الناس .. يسيرون .. حتى إذا دنوا من جيش الرومـ ..
في موقعة "مؤتة" فإذا أعداد عظيمة لا قبل لأحد بها ..
قال أبو هريرة رضيـ الله عنه : شهدت يوم مؤتة .. فلما دنا منا المشركون ..
رأينا ما لا قبل لأحد به من العدة .. والسلاح .. والكراع .. والديباج .. والحرير .. والذهب ..
فبرق بصري .. فقال لي ثابت بن أرقم : يا أبا هريرة .. كأنك ترى جموعاً كثيرة ؟
قلت : نعم .. قال : إنك لم تشهد بدراً معنا .. إنا لم ننصر بالكثرة ..
ثم التقى الناس فاقتتلوا .. فقاتل زيد بن حارثة براية رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
حتى كثرت عليه الرماح وسقط صريعاً شهيداً رضيـ الله عنه ..
فأخذ الراية جعفر بكل بطولة .. فاقتحم عن فرس له شقراء فجعل يقاتل القوم ..
وهو يقول :
يا حبـذا الجنــة واقـترابها **** طيبة وبارد شرابها
والروم روم قد دنا عذابها **** كافرة بعيدة أنسابها
علي إن لاقيتها ضرابها أن جعفر أخذ اللواء بيمينه فقطعت ..
فأخذ اللواء بشماله فقطعت .. فاحتضنه بعضديه حتى قتل وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة ..
قال ابن عمر : وقفت على جعفر يومئذ .. وهو قتيل ..
فعددت به خمسين بين طعنة وضربة ليس منها شيء في دبره ..
فأثابه الله بذلك جناحين في الجنة يطير بهما حيث يشاء ..
إن رجلاً من الروم ضربه يومئذ ضربة فقطعته نصفين .. فلما قتل جعفر ..
أخذ عبد الله بن رواحة الراية ثم تقدم بها وهو على فرسه ..
فجعل يستنزل نفسه ويتردد بعض التردد ويقول :
أقسـمــــت يا نفــس لتنزلنه **** لتنزلنـ أو لتكـرهنـه
إن أجلب الناس وشدوا الرنة **** مالي أراك تكرهين الجنة
ثم قال :
يا نفس إلا تقتلي تموتي **** هذا حمام الموت قد صليت
وما تمنيـت فقد أعطيــت **** إن تفعلي فعلهما هديت
ثم نزل .. فلما نزل أتاه ابن عم له بعرق من لحم ..شد بهذا صلبك ..
فإنك قد لقيت في أيامك هذه ما لقيت .. فأخذه من يده فانتهش منه نهشة ..
ثم سمع الحطمة في ناحية الناسـ ..
فقال : وأنت في الدنيا ! فألقاه من يده .. ثم أخذ سيفه ثم تقدم ..
فقاتل حتى قتل رضيـ الله عنه .. فوقعت الراية .. واضطرب المسلمون ..
وابتهج الكافرون .. والراية تطؤها الخيل .. ويغلوها الغبار ..
فأقبل البطل ثابت بن أرقم .. ثم رفعها .. وصاح ..
يا معاشر المسلمين .. هذه الراية .. فاصطلحوا على رجل منكم ..
فتصايح من سمعه وقالوا : أنت .. أنت .. قال : ما أنا بفاعل ..
فأشاروا إلى خالد بن الوليد .. فلما أخذ الراية .. قاتل بقوة ..
حتى إنه كان يقول : لقد اندقَّ في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف ..
فما بقي في يدي إلا صفيحة يمانية ..
ثم انحاز خالد بالجيش .. وانحاز الروم إلى معسكرهم ..
خشي خالد أن يرجع بالجيش إلى المدينة من ليلته .. فيتبعهم الروم ..
فلما أصبحوا .. غير خالد مواقع الجيش .. فجعل مقدمة الجيش .. في المؤخرة ..
وجعل مؤخرة الجيش مقدمة .. ومن كانوا يقاتلون في يمين الجيش ..
أمرهم بالانتقال إلى يساره .. وأمر من في الميسرة أن يذهبوا للميمنة ..
فلما ابتدأ القتال .. وأقبل الروم ..
فإذا كل سرية منهم ترى رايات جديدة .. ووجوهاً جديدة ..
فاضطرب الروم .. وقالوا : قد جاءهم في الليل مدد .. فرعبوا في القتال ..
فقتل المسلمون منهم مقتلة عظيمة .. ولم يقتل من المسلمين إلا اثنا عشر رجلاً ..
وانسحب خالد بالجيش .. آخر النهار من ساحة القتال ..
ثم واصل مسيره نحو المدينة ..
فلما أقبلوا إلى المدينة .. لقيهم الصبيان يتراكضون إليهمـ ..
ولقيتهم النساء .. فجعلوا يحثون التراب في وجوه الجيش ..
ويقولون : يا فرار .. فررتم في سبيل الله ..
فلما سمع النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ذلكـ ..
علم أنهم لم يكن أمامهم إلا ذلك ..وأنهم فعلوا ما بوسعهم ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ مدافعاً عنهم : ليسوا بالفرار ولكنهم الكرار ..
إن شاء الله عز وجل نعم انتهى الأمر .. وهم أبطال ماقصروا ..
لكنهم بشر والأمر كان فوق طاقتهم ..
إذن الصلاة على الميت الحاضر .. أحياناً انتهى الأمر فلا فائدة من اللومـ ..
كان هذا منهجه صلى الله عليه وسلمـ دائماً ..
لما سمع الكفار برسول الله صلى الله عليه وسلمـ قادماً بجيشه إلى مكة فاتحاً ..
دخلهم الرعب .. فأرسل إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلمـ..
من يقول لهم : من دخل داره وأغلق عليه بابه فهو آمنـ ..
ومن دخل المسجد فهو آمن .. ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ..
فبدأ الناس يفرون من بين يديه صلى الله عليه وسلمـ ..
فاجتمع بعض فرسان قريش .. وأردوا أن يحاربوا .. فأبى عليهم قومهم ..
فاجتمع نفر منهم في مكان يقال له الخندمة .. اجتمع صفوان بن أمية ..
وعكرمة بن أبي جهل .. وسهيل بن عمرو .. وجمعوا ناساً معهم بالخندمة ليقاتلوا ..
وكان حماس بن قيس .. يعد سلاحاً قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلمـ ..
ويصلحه .. فقالت له امرأته : لماذا تعد ما أرى ؟ قال : لمحمد وأصحابه ..!!
كانت امرأته تعلم بقوة المسلمين ..
فقالت : والله ما أرى يقوم لمحمد وأصحابه شيء !
قال : والله إني لأرجو أن أخدمك بعضهم .. يعين ياسر بعضهم ويجيء بهم إليها خدماً ..
ثم قال مفتخراً :
إن يقبلوا اليوم فما لي علة .. هذا سلاح كامل وأله .. وذو غرارين سريع السلة ..
ثم خرج من عندها .. إلى موقع "الخندمة" .. حيث اجتمع أصحابه ..
فما هو إلا أن لقيهم المسلمون .. يتقدمهم سيف الله خالد بن الوليد ..
فابتدأ القتال .. وصال الأبطال ..فقتل في لحظة واحدة ..
أكثر من اثني عشر أو ثلاثة عشر .. من الكفار ..فلما رأى حماس بن قيس ذلك ..
التفت إلى صفوان وعكرمة .. فإذا هما يفران إلى بيوتهما ..فانهزم معهمـ ..
وذهب يعدو إلى بيته .. فدخله سريعاً ..
وأخذ يصيح بامرأته فزعاً :أغلقي علي بابي فإنهم يقولون من دخل داره وأغلق بابه فهو آمن ..
فقالت : فأين ما كنت تقول ؟ أن تهزمهم .. وتخدمني بعضهم ..!!
فقال :
إنك لو شهدت يـوم الخندمة **** إذ فر صفوان وفر عكرمة
وأبـو يزيــد قائــم كـالمؤتمة **** واستقبلتهم بالسيوف المسلمة
يقطعن كل ساعد وجمجمة **** ضرباً فلا يسمع إلا غمغمة
لهم نهيـت خلفنــا وهمهمة **** لم تنطقي في اللوم أدنى كلمة
صحيح .. لو رأت امرأته ما رأى من شدة القتال .. ما نطقت في لومه كلمة ..
وفي موقف آخر ..لما دخل النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
مكة فاتحاً .. فقد كان يعلم عظمة البلد الحرام .. فقاتل قتالاً يسيراً ..
ثم قال : إن الله حرم هذا البلد يوم خلق السموات والأرض .. وإنما حلَّ لي ساعة من نهار ..
فقيل له : يا رسول الله .. أنت تنهى عن القتل ..
وهذا خالد بن الوليد في كتيبته .. يقتل من لقيه من المشركين ؟
فقال صلى الله عليه وسلمـ : قم يا فلان .. فأت خالد بن الوليد ..
فقل له : فليرفع يده من القتل .. هذا الرجل يعلم أنهم الآن يعيشون حالة حرب ..
وأن النبيـ صلى الله عليه وسلمـ أمرهم قريشاً بالبقاء في بيوتهم لئلا يقتلوا ..
فمن كان في غير بيته استحق المقاتلة ..
ففهم من قول النبي صلى الله عليه وسلمـ : يرفع يده من القتل ..
أي يقتل كل من وقف أمامه .. حتى يرفع يده بالسيف لأنه لا يجد من يقتل ..!!
فأتى الرجل خالداً فصاح به : يا خالد .. إن رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
يقول : اقتل من قدرت عليه ! فقتل خالد سبعين إنساناً ..
فأتي رجل النبيـ صلى الله عليه وسلمـ .. قال : يا رسول الله .. هذا خالد يقتل ..
فعجب النبيـ صلى الله عليه وسلمـ .. كيف يقتل وقد نهاه ..؟ !فأرسل إلى خالد ليأتيه ..
فأتاه .. فقال صلى الله عليه وسلمـ : " ألم أنهك عن القتل ؟ "
فعجب خالد وقال : يا رسول الله .. جاءني فلان فأمرني أن أقتل من قدرت عليه ..
فأرسل النبي صلى الله عليه وسلمـ إلى ذاك الرجل .. فجاء ورأى خالداً ..
فقال له صلى الله عليه وسلمـ :" ألم أقل يرفع يده من القتل ؟ "
فأدرك الرجل خطأه .. لكن الأمر انتهى .. فقال : يا رسول الله .. أردتَّ أمراً ..
وأراد الله أمراً .. فكان أمرُ الله فوق أمرك .. وما استطعتُ إلا الذي كان ..
فسكت عنه النبيـ صلى الله عليه وسلمـ وما ردَّ عليه شيئاً ..
من تأمل في مسيرة الحياة .. وجد هذا الأمر ظاهراً ..
أحياناً يكون الشخص قد فعل أحسن ما يستطيع ..
ركبت مع أحد الشباب في سيارته .. فإذا قيادته جيدة ..
وكنت أعلم أنه وقع له حادث تصادم قبل اسبوع .. فسألته : ألاحظ أن قيادتك جيدة ..
فلماذا صدمت قبل أسبوع ؟!قال : كان لا بد أن أصدم !! قلت عجباً !!
قال : نعم .. كان لا بد أن أصدم .. أتدري لماذا ؟ قلت : لماذا ؟!
قال : أقبلت بسيارتي على جسر .. وكنت مسرعاً ..
فلما نزلت منه فإذا السيارات أمامي متوقفة صفوفاً ..
لا أدري ما السبب .. حادث في الأمام .. أو نقطة تفتيش .. لا أدري ..
المهم أني تفاجات بها ..
كان أمامي أربعة مسارات كلها مليئة بالسيارات ..
وكنت مخيراً بين أن أنحرف عنها كلها وأسقط من فوق الجسر ..
أو أمسك فرامل بأقوى ما أستطيع وعندها ستلعب بي السيارة في الطريق ..
أو الاختيار الثالث .. وهو أهونها ..
قلت : وما هو ؟! قال : أن أصدم إحدى السيارات الأربع الواقفة أمامي ..
ضحكت .. وقلت .. هاه وماذا فعلت ؟ قال : خففت سرعتي قدر استطاعتي ..
واخترت أرخص السيارات التي أمامي .. و .. و .. صدمتها ..فكرت فيما قال ..
فرأيت أنه لا يستحق اللوم كثيراً .. وذلك أن الاختيارات التي كانت أمامه محدودة ..
يعني بعض المشاكل ليس لها حل شخص أبوه عصبي نصحه بجميع الأساليب ما نفع ماذا يفعل ؟


:: لفتة ::
ضع نفسك موضع الملوم وفكر من وجهة نظره .. ثم احكم عليه ..

العابره
18-3-2010, 08:29 AM
الموضوعـ الرابع و السبعــــــــــون : فِرَّ من المشاكل !!
يقول الشيخـ :::: أظنه لو أجرى تحليلاً في مستشفى بدائي ..
لاكتشف في جسمه عشرة أنواع من الأمراض .. أهونها الضغط والسكر ..
كان المسكين يعذب نفسه كثيراً لأنه يطالب الناس بالمثالية التامة ..
دائماً تجده متضايقاً من زوجته .. كسرت الصحن الجديد .. نسيت كنس الصالة ..
أحرقت ثوبي الجديد بالمكواة .. وأولاده .. خالد إلى الآن لم يحفظ جدول الضرب ..
وسعد .. لم يظفر بتقدير ممتاز .. وسارة .. وهند ..هذا حاله في بيته ..
أما بين زملائه .. فأعظم .. أبو عبد الله قصدني لما ذكر قصة البخيل ..!
والبارحة أبو أحمد يعنيني لما تكلم عن السيارات القديمة .. نعم يقصد سيارتي ..
نعم .. كان ينظر إليَّ ..إلى آخر مواقف وتفكيرات هذا الرجل المسكين ..
قديماً قالوا في المثل : إن أطاعك الزمان وإلا فأطعه ..
أذكر أن أعرابياً .. من أصدقائي .. كان يردد مثلاً حفظه من جده ..
كان يسمعني إياه كثيراً إذا بدأت أتفلسف عليه ببعض المعلومات ..
فكان يخرج زفيراً طوييييلاً من صدره ثم يقول : ياااا شيخ ..
اليد اللي ما تقدر تلويها صافحها ..!! .. وإذا تفكرت في هذا وجدته صحيحاً ..
فنحن إذا لم نعود أنفسنا على التسامح وتمشية الأمور .. أو بمعنى آخر التغابي ..
وعدم الإغراق في التفسيرات والظنون .. وإلا فسوف نتعب كثيراً ..
ليس الغبي بسيد في قومه **** لكن سيد قومه المتغابي
وأذكر أن شاباً متحمساً أقبل إلى شيخه يريده أن يساعده ..
في اختيار زوجة تكون رفيقة دربه حتى الممات ..
فقال الشيخ : ما هي الصفات التي ترغب وجودها في زوجتك ؟
فقال : منظرها جميل .. وقوامها طويل .. وشعرها حرير.. ورائحتها عبير ..
لذيذة الطعام .. عذبة الكلام .. إن نظرت إليها سرتني .. وإن غبت عنها حفظتني ..
لا تخالف لي أمراً .. ولا أخشى منها شراً .. لها دين يرفعها .. وحكمة تنفعها ..
وراح يسرد من صفات الكمال المتفرقة في النساء ويجمعها في امرأة واحدة ..
فلما أكثر على الشيخ .. قال له : يا ولدي .. عندي طلبك ..
قال : أين ؟ قال : في الجنة بإذن الله .. أما في الدنيا فعود نفسك التسامح ..
نعم في الدنيا عود نفسك التسامح .. لا تعذب نفسك بالبحث عن مشاكل لإثارتها ..
والنقاش حولها .. فيوماً تصرخ في وجه جليس : أنت تقصدني بكلامك ؟
ويوماً في وجه ولدك : أنت تريد أن تحزنني بكسلك ؟
ويوماً في وجه زوجتك : أنت تتعمدين إهمال بيتك ؟ ...
وقد كان منهج النبيـ صلى الله عليه وسلمـ .. التسامح عموماً .. فكان يستمتع بحياته ..
كان يدخل صلى الله عليه وسلمـ على أهله أحياناً .. في الضحى .. وهو جائع ..
فيسألهم : هل عندكم من شيء .. عندكم طعام ..
فيقولون : لا .. فيقول صلى الله عليه وسلمـ : إني إذا صائم ..
ولم يكن يصنع لأجل ذلك مشاكل .. ما كان يقول : لِمَ لم تصنعوا طعاماً ..
لِم لم تخبروني لأشتري .. إني إذا صائم .. وانتهى الأمر ..
وكان في تعامله مع الناس .. يتعامل بكل سماحة ..
قال كلثوم بن الحصين .. كان من خيار الصحابة ..
قال : غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلمـ غزوة تبوك ..
فسرت ذات ليلة معه ونحن بوادي "الأخضر" .. أطالوا المشي .. فجعل يغلبه النعاس ..
وجعلت ناقته تقترب من ناقة النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
ويستيقظ فجأة .. فيبعدها ..
خوفاً من أن يصيب رحل ناقته رجل النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
حتى غلبته عينه في بعض الطريق .. فزاحمت راحلته راحلة النبي صلى الله عليه وسلمـ ..
وضرب رحله رجل النبيـ صلى الله عليه وسلمـ .. فآلمه ..
فقال النبيـ صلى الله عليه وسلمـ من حر ما يجد : " حسّ " ..
فاستيقظ كلثوم .. فاضطرب وقال يا رسول الله .. استغفر لي ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ بكل سماحة : سِرْ .. سِرْ ..
نعم : سِرْ .. ولم يعمل قضية .. لماذا تضايقني ؟ الطريق واسع ! ما الذي جاء بك بجانبي ؟!
لا .. لم يتعب نفسه .. ضربة رجل .. وانتهت ..
كان هذا أسلوبه صلى الله عليه وسلمـ دائماً ..
جلس يوماً بين أصحابه .. فأقبلت إليه امرأة ببردة ..
قطعة قماش فقالت :يا رسول الله .. إني نسجت هذه بيدي.. أكسوكها ..
فأخذها النبيـ صلى الله عليه وسلمـ .. وكان محتاجاً إليها .. وقام ودخل بيته .. فلبسها ..
ثم خرج إلى أصحابه وهي إزاره ..
فقال رجل من القوم : يا رسول الله .. اكسنيها .. فقال صلى الله عليه وسلمـ : نعم ..
ثم رجع صلى الله عليه وسلمـ .. فخلعها وطواها ..
ولبس إزاراً قديماً .. ثم أرسل بها إلى الرجل ..
فقال الناس للرجل : ما أحسنت .. سألته إياها وقد علمت أنه لا يرد سائلاً ؟!
فقال الرجل : والله ما سألته .. إلا لتكون كفني يوم أموت ..
فلما مات الرجل .. كفنه أهله فيها .. ما أجمل احتواء الناس بهذه التعاملات ..
قام صلى الله عليه وسلمـ يوماً يؤم أصحابه في صلاة العشاء ..
فدخل إلى المسجد طفلان .. الحسن والحسين .. ابنا فاطمة رضيـ الله عنها ..
فأقبلا إلى جدهما رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. وهو يصلي ..
فكان إذا سجد ..وثب الحسن والحسين على ظهره .. فإذا أراد صلى الله عليه وسلمـ ..
أن يرفع رأسه .. تناولهما بيديه من خلفه تناولاً رفيقاً ..
ووضعهما عن ظهره .. فجلسا جانباً ..فإذا عاد لسجوده .. عادا فوثبا على ظهره ..
حتى قضى صلى الله عليه وسلمـ صلاته ..فأخذهما بكل رفق .. وأقعدهما على فخذيه ..
فقام أبو هريرة رضيـ الله عنه.. فقال : يا رسول الله .. أردُّهما ..؟ يعني أعيدهما لأمهما ..؟
فلم يعجل صلى الله عليه وسلمـ عليهما ..ثم لبث قليلاً .. فبرقت برقة من السماء ..
فقال لهما صلى الله عليه وسلمـ : الحقا بأمكما .. فقاما فدخلا على أمهما .. وفي يوم آخر ..
خرج النبي صلى الله عليه وسلمـ .. على أصحابه في إحدى صلاتي الظهر أو العصر ..
وهو حامل الحسن أو الحسين .. فتقدم إلى موضع صلاته .. فوضعه ..
ثم كبر مصلياً بالناس .. فسجد رسول الله صلى الله عليه وسلمـ سجدة .. أطالها ..
حتى خشي عليه أصحابه أن يكون قد أصابه شيء ..
ثم رفع من سجوده .. وبعد انتهاء الصلاة .. سأله أصحابه .. قالوا : يا رسول الله ..
لقد سجدت في صلاتك هذه سجدة ما كنت تسجدها ..!! أشيء أمرت به ؟ أو كان يوحى إليك ؟
فقال صلى الله عليه وسلمـ : كل ذلك لم يكن .. ولكن ابني ارتحلني .. فكرهت أن أعجله ..
حتى يقضي حاجته ودخل صلى الله عليه وسلمـ ..
يوماً على أم هانئ بنت أبي طالب رضيـ الله عنه .. وكان جائعاً ..
فقال : هل عندك من طعام نأكله ؟
فقالت : ليس عندي إلا كسر يابسة .. وإني لأستحي أن أقدمها إليك ..
فقال : هلمي بهن .. فأتته بهن .. فكسرهن في ماء .. وجاءت بملح فذرته عليه ..
فجعل صلى الله عليه وسلمـ .. يأكل هذا الخبز مخلوطاً بالماء ..
فالتفت إلى أم هانئ وقال : هل من إدام ؟
فقالت : ما عندي يا رسول الله إلا شيء من "خلٍّ" .. فقال : هلميه ..
فجاءته به .. فصبه على طعامه .. فأكل منه ..
ثم حمد الله عز وجل .. ثم قال : نعم الإدام الخل .. نعم .. كان يعيش حياته كما هي ..
يتقبل الأمور بحسب ما هي عليه ..
وفي رحلة الحج ..خرج صلى الله عليه وسلمـ مع أصحابه .. فنزلوا منزلاً ..
فذهب النبيـ صلى الله عليه وسلمـ فقضى حاجته .. ثم جاء إلى حوض ماء فتوضأ منه ..
ثم قام صلى الله عليه وسلمـ ليصلي .. جاء جابر بن عبد الله رضيـ الله عنه ..
فوقف عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
وكبّر مصلياً معه .. فأخذ النبيـ صلى الله عليه وسلمـ بيده .. فأداره حتى أقامه عن يمينه ..
ومضيا في صلاتهما ..فجاء جبار بن صخر رضيـ الله عنه .. فتوضأ ..
ثم أقبل فقام عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فأخذ صلى الله عليه وسلمـ بأيديهما جميعاً .. بكل هدوء .. فدفعهما حتى أقامهما خلفه ..
وفي يوم كان صلى الله عليه وسلمـ جالساً ..
فأقلبت إليه أم قيس بنت محصن بابن لها حديث الولادة ..
ليحنكه ويدعو له ..فأخذه صلى الله عليه وسلمـ فجعله في حجره ..
فلم يلبث الصغير أن بال في حجر النبي صلى الله عليه وسلمـ ..
وبلل ثيابه بالبول فلم يزد النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
على أن دعا بماء فنضحه على أثر البول .. وانتهى الأمر .. لم يغضب .. ولم يعبس ..
فلماذا نعذب نحن أنفسنا ونصنع من الحبة قبة ..
ليس شرطاً أن يكون كل ما يقع حولك مرضياً لك 100% ..
وإن تجد عيباً فسدَّ الخللا **** جل من لا عيب فيه وعلا
بعض الناس يحرق أعصابه .. ويكبر القضايا .. وبعض الآباء والأمهات كذلك ..
وربما بعض المدرسين والمدرسات كذلك ..ولا تفتش عن الأخطاء الخفية ..
وكن سمحاً في قبول أعذار الآخرين .. خاصة من يعتذرون إليك حفاظاً على محبتهم معك ..
لا لأجل مصالح شخصية ..
اقبل معاذير من يأتيـك معتــذراً **** إن برَّ عندك فيما قال أو فجرا
فقد أطاعك من يرضيـك ظاهره **** وقد أجلّك من يعصيك مستتراً
وانظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. وقد رقى منبره يوماً ..
وخطب بأصحابه فرفع صوته حتى أسمع النساء العواتق في خدورها داخل بيوتهن ..!!
فقال صلى الله عليه وسلمـ : يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان إلى قلبه ..
لا تغتابوا المسلمين .. ولا تتبعوا عوراتهم .. فإنه من يتبع عورة أخيه ..
يتبع الله عورته .. ومن يتبع الله عورته .. يفضحه ولو في جوف بيته ..
نعم لا تتصيد الأخطاء .. وتتبع العورات .. كن سمحاً ..
وكان صلى الله عليه وسلمـ حريصاً على عدم إثارة المشكلات أصلاً ..
في مجلس هادئ مع بعض أصحابه .. صفت فيه النفوس .. واطمأنت القلوب ..
قال صلى الله عليه وسلمـ لأصحابه : ألا لا يبلغني أحد منكم عن أحد من أصحابي شيئاً ..
فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر ..


:: لا تعذب نفسك ::
لا تثر على نفسك الغبار ما دام ساكناً .. وإن ثار فسدَّ أنفك بِكُمِّك .. واستمتع بحياتك ..

العابره
22-3-2010, 08:07 AM
الموضوعـ الخامس و السبعــــــــــون : مفاتيح الأخطاء!
يقول الشيخـ :::: التعامل مع الأخطاء فن .. فلكل باب مفتاح .. وللقلوب دروب ..
إذا وقع أحد في خطأ كبير .. وانتشر خبره في الناسـ ..
وبدأ الناسـ يترقبون ماذا تفعل فأشغلهم بشيء ..
حتى يكون عندك وقت لدراسة الأمر .. حتى لا يتجرّأ أحد على مثل فعله ..
أو يتعودوا على مثل هذا الخطأ ..
خرج صلى الله عليه وسلمـ مع أصحابه في غزوة بني المصطلق .. وأثناء رجوعهمـ ..
نزلوا يستريحونـ .. فأرسل المهاجرون غلاماً لهم اسمه : جهجاه بن مسعود ..
ليستقي لهم من البئر ماءً .. وأرسل الأنصار غلاماً لهم اسمه سنان بن وبر الجهني ..
ليستقي لهم أيضاً .. فازدحم الغلامان على الماء ..
فكسع أحدهما صاحبه .. أي ضربه على مؤخرته ..
فصرخ الجهني : يااااا معشر الأنصار ..وصرخ جهجاه : يااااا معشر المهاجرينـ ..
فثار الأنصار .. وثار المهاجرون ..واشتد الخلاف .. والقوم قادمون من حرب ..
ولا يزالون بسلاحهم !! فانطلق صلى الله عليه وسلمـ ..
حتى اطفأ ما بينهمـ .. فتحركت الأفاعيـ ..
غضب عبد الله بن أبي بن سلول .. وعنده رهط من قومه الأنصار ..
فقال : أوقد فعلوها !! قد نافرونا .. وكاثرونا في بلادنا ..
والله ما أعدُّنا وجلابيب قريش هذه .. إلا كما قال الأول : سَـمِّن كلبك يأكلك ..
وجوِّع كلبك يتبعك !! ثم قال الخبيث : أما والله لئن رجعنا الى المدينة ..
ليخرجن الأعزُّ منها الأذلَّ ..ثم أقبل على من حضره من قومه فقال : هذا ما فعلتم بأنفسكم ..
أحللتموهم بلادكمـ .. وقاسمتموهم أموالكمـ ..
أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكمـ .. لتحولوا إلى غير داركمـ ..
وجعل الخبيث يهدد ويتوعد .. والذين عنده من أنصاره المنافقين ..
يؤيدونه ويشجعونه ..كان من بين الجالسين غلام صغير .. اسمه زيد ابن أرقمـ ..
فمضى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ فأخبره الخبر ..
وكان عمر بن الخطاب جالساً عند النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
فثار .. كيف يجرؤ هذا المنافق على رسول الله بهذا الأسلوب القبيح ..
ورأى عمر أن قتل الأفعى أولى من قطع ذيلها ..
ورأى أن قتل ابن سلول صلى الله عليه وسلمـ .. يقضي على الفتنة في مهدها ..
ولكن أن يقتله رجل من قومه الأنصار .. أسلم من أن يقتله رجل من المهاجرين ..
فقال عمر : يا رسول الله ..من مر به عباد ابن بشر الأنصاري فليقتله ..
لكن رسول الله كان أحكمـ ..فهم قادمون من حرب .. والناس بسلاحهمـ ..
والنفوس مشحونة .. وليس من المناسب إثارتهم أكثر ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ : فكيف يا عمر اذا تحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه ؟!
لا يا عمر .. ولكن آذن الناس بالرحيل .. وكان الناس قد نزلوا للتوّ واستظلوا ..
فكيف يأمرهم بالرحيل .. في شدة الحر والشمس ..
ولم تكن عادته صلى الله عليه وسلمـ أن يرتحل في شدة الحر ..
ارتحل الناسـ ..وبلغ عبد الله بن سلول أن رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
أخبره زيد بن أرقم بما سمع منه ..
فأقبل ابن سلول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
وجعل يحلف بالله .. ما قلت .. ولا تكلمت به .. كذب عليَّ الغلامـ ..
وكان ابن سلول رئيساً في قومه .. شريفا عظيما ..
فقال الأنصار : يا رسول الله .. عسى أن يكون الغلام أوْهمَ في حديثه ..
ولم يحفظ ما قال الرجل .. وجعلوا يدافعون عن ابن سلول ..
فأقبل سيد من سادة الأنصار .. أسيد بن حضير .. فحياه بتحية النبوة وسلمـ عليه ..
وقال : يا رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. والله لقد رحت في ساعة منكرة ..
ما كنت تروح في مثلها !!
فالتفت إليه وقال : أو ما بلغك ما قال صاحبكم ؟ قال : أي صاحب يا رسول الله ؟
قال : عبد الله بن أبي .. قال : وما قال ؟
قال :زعم أنه ان رجع الى المدينة أخرج الأعزُّ منها الأذلَّ ..
فثار أسيد وقال : فأنت والله يا رسول الله تخرجه إن شئتـ ..
هو والله الذليل .. وأنت العزيز ..ثم قال أسيد مخففاً على رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
يا رسول الله .. ارفق .. لقد جاءنا الله بك وإن قومه لينظمون له الخرز ليتوجوه ..
فإنه ليرى أنك قد استلبته ملكاً ..
فسكت النبيـ صلى الله عليه وسلمـ .. ومضى براحلته ..
والناس منهم من يجمع متاعه .. ومنهم من يرحل راحلته .. وجعلت الحادثة تنتشر ..
وصارت أحاديث الجيشـ .. لماذا ارتحلنا في هذا الوقت ..
ماذا قال ؟ كيف تعامل معه ؟ صدق ابن سلول .. لا بل كذب ..
وبدأت الشائعات تزيد .. والكلام يزاد فيه ويُنقَص .. واضطرب الجيش ..
وهم في طريقهم من قتال .. ويمرون بقبائل أعداء يتربصون بهم ..
فشعر صلى الله عليه وسلمـ أن الجيش بدأ ينقسمـ ..
فأراد أن يشغلهم عن المشكلة .. وعن النقاش فيها .. لأنهم يزيدون أوارها ..
ويشعلون الفتنة بين المهاجرين والأنصار ..
وصار الناسـ يترقبون متى ينزلون حتى يجتمع بعضهم إلى بعض ويتحدثوا في الأمر ..
فمشى صلى الله عليه وسلمـ بالناس يومهم ذلك والشمس فوقهمـ ..
ومشى ومشى حتى غابت الشمسـ .. فظن الناس أنهم سينزلون للصلاة ويرتاحون ..
فلم ينزل إلا دقائق معدودات .. صلوا ثم أمرهم فارتحلوا ..
وواصل المشيـ ليلتهم حتى أصبح .. ثم نزل فصلى الفجر .. ثم أمرهم فارتحلوا ..
ومشوا صباحهمـ حتى تعبوا .. وآذتهم الشمس ..
فلما شعر أن الإرهاقـ والتعب سيطر عليهمـ .. فليس فيهم جهد للكلامـ ..
أمرهم فنزلوا .. فما كادتـ أجسادهم تمس الأرضـ ..
حتى وقعوا نياما .. وإنما فعل ذلك ليشغل الناس عما حدث ..ثم أيقظهمـ ..
وارتحل بهم .. وواصل حتى دخل المدينة .. وتفرق الناس في بيوتهم عند أهليهمـ ..
وأنزل الله تعالى سورة المنافقينـ : ( هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَاتُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ
حَتَّى يَنفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَايَفْقَهُونَ * يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا
إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُوَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَايَعْلَمُونَ ) ..
فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
ثم أخذ بأذن الغلام زيد بن أرقم .. وقال : هذا الذي أوفى لله بأذنه ..
وبدأ الناس يسبون ابن سلول .. ويلومونه .. فالتفت صلى الله عليه وسلمـ ..
إلى عمر وقال : أرأيت يا عمر .. لو قتلته يوم ذكرتـ ذلكـ ..
لأرعدت له أنوف لو أمرتها اليوم بقتله لقتلته ..
ثم سكت عنه صلى الله عليه وسلمـ .. فلم يتعرض له بشيء ..
وأحياناً إذا وقع الخطأ أمام الناس قد تحتاج أن تنكر عليه بأسلوب مناسبـ ..
وإن كان أمام الناسـ .. بينما رسول الله صلى الله عليه وسلمـ جالساً يوماً مع أصحابه ..
وكانوا في أيام قحط .. واحتباس مطر .. وقلة زرع .. إذ أتاه أعرابيـ ..
فقال : يا رسول الله جهدت الأنفس .. وضاعت العيال .. ونهكت الأموال ..
وهلكتـ الأنعام ..فاستسقـ الله لنا .. فإنا نستشفعـ بك على الله ..
ونستشفع بالله عليك .. فتغير رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
لما سمعه يقول نستشفع بالله عليك .. فالشفاعة والواسطة تكون من الأدنى إلى الأعلى ..
فلا يجوز أن يقال إن الله يشفع عند خلقه .. بل يأمرهم جل جلاله ..
لأنه أعلى وأرفع .. فقال صلى الله عليه وسلمـ .. ويحك !! أتدري ما تقول ؟!!
ثم جعل صلى الله عليه وسلمـ يقدس الله .. ويردد .. سبحااان الله .. سبحااان الله ..
فما زال يسبح حتى عُرف ذلك في وجوه أصحابه .. ثم قال ..
ويحك !! إنه لا يُسْتَشفعُ بالله على أحد من خلقه .. شأنُ الله أعظم من ذلكـ ..
ويحك !! أتدري ما الله ؟! إن عرشه على سماواته لهكذا ..
وقال بأصابعه مثل القبة عليه .. وإنه ليئط به أطيط الرحل بالراكبـ ..
ولكن إذا وقع الخطأ من الشخص لوحده قد يكون هناك شيء من اللين ..
أتى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ إلى بيت عائشة صريعآ رضيـ الله عنها في ليلتها ..
فوضع نعليه من رجليه .. ووضع رداءه .. واضطجع على فراشه .. فلبث كذلك ..
حتى ظن أن عائشة قد رقدت فقام من على فراشه ولبس رداءه ونعليه رويداً ..
ثم فتح الباب رويداً .. وخرج .. وأغلقه رويداً .. فلما رأت عائشة ذلك ..
دخلتها غَيْرةُ النساء .. وخشيت أنه ذهب إلى بعض نسائه ..
فقامت .. ولبست درعها .. وخمارها .. وانطلقت في إثره .. تمشي وراءه ..
دون أن يشعر بها فانطلق صلى الله عليه وسلمـ .. يمشي في ظلمة الليل ..
حتى جاء مقبرة البقيع .. فوقف عندها .. ينظر إلى قبور أصحابه ..
الذين عاشوا عابدين .. وماتوا مجاهدين ..
واجتمعوا تحت الثرى .. ليرضى عنهم من يعلم السرَّ وأخفى ..
أخذ صلى الله عليه وسلمـ ينظر إلى قبورهم .. ويتذكر أحوالهمـ ..
ثم رفع يديه فدعا لهم .. ثم أخذ ينظر إلى القبور .. ثم رفع يديه ثانية فدعا لهمـ ..
ثم لبث ملياً .. ثم رفعها فاستغفر لهم ..وأطال القيام .. وعائشة تنظر إليه من بعيد ..
ثم التفت صلى الله عليه وسلمـ وراءه راجعاً .. فلما رأت ذلك عائشة ..
انحرفت إلى ورائها راجعة .. خشية أن يشعر بها ..
فأسرع صلى الله عليه وسلمـ مشيه .. فأسرعت عائشة ..
فهرول .. فهرولتْ .. فأحضرَ .. أي جرى مسرعاً - فأحضرتْ وجرتـ ..
حتى سبقته إلى البيت فدخلت ..ونزعت درعها وخمارها ..
وأقبلت إلى فراشها فاضطجعت عليه .. كهيئة النائمة .. ونفَسها يتردد في صدرها ..
فدخل صلى الله عليه وسلمـ البيت .. فسمع صوت نَفَسها ..
فقال : مالك يا عائش .. حشياً رابية ..
قالت : لا شيء .. قال : لتخبرني .. أو ليخبرني اللطيف الخبير ..
فأخبرته بالخبر .. وأنها غارت عليه .. فانطلقت تنظر أين يذهبـ ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ : أنت الذي رأيتُ أمامي ؟ قالت : نعمـ ..
فدفعها في صدرها .. دفعة .. ثم قال :أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله ..
فقالت عائشة : مهما يكتمِ الناسُـ .. يعلمه الله عز وجل ..؟
قال : نعم .. ثم قال صلى الله عليه وسلمـ ..
مبيناً لها خبر خروجه : إن جبريل عليه السلام .. أتاني حين رأيتـ ..
ولم يكن يدخل عليك وقد وضعت ثيابك ..فنادانيـ ..
فأخفى منك فأجبته وأخفيته منكـ .. وظننت أنك قد رقدت .. فكرهت أن أوقظكـ ..
وخشيت أن تستوحشي .. فأمرني أن آتي أهل البقيع فأستغفرَ لهم .. نعم ..
كان صلى الله عليه وسلمـ .. سهلاً لـيِّناً لا يكبر الأخطاء ..
بل كان يرددها في الناس ويقول كما عند مسلم : لا يفرك مؤمن مؤمنة ..
إن كره منها خلقاً .. رضي منها آخر ..
أي لا يبغضها بغضاً تاماً .. لأجل خلق عندها .. أو طبعٍ يلازمها ..
بل يغفر سيئتها لحسنتها .. فإذا رأى خطأها تذكر صوابها ..
وإذا شاهد سوءها تذكر حسنها .. ويتغاضى عما يكرهه من خلقها .. وما لا يرضاه من تعاملها ..


:: إضاءة ::
ليس اللوم على من لا يقبل النصيحة .. وإنما على من يقدمها بأسلوب غير مناسب ..

العابره
22-3-2010, 08:10 AM
الموضوعـ السادس و السبعــــــــــون : ارض بما قسم الله لك ..
يقول الشيخـ :::: كنت في رحلة إلى أحد البلدان لإلقاء عدد من المحاضراتـ ..
كان ذلك البلد مشهوراً بوجود مستشفى كبير للأمراض العقلية ..
أو كما يسميه الناس "مستشفى المجانين" ..
ألقيت محاضرتين صباحاً .. وخرجت وقد بقي على أذان الظهر ساعة ..
كان معيـ عبد العزيز .. رجل من أبرز الدعاة ..التفت إليه ونحن في السيارة ..
قلت : عبد العزيز .. هناك مكان أود أن أذهب إليه ما دام في الوقت متسعـ ..
قال : أين ؟ صاحبك الشيخـ عبد الله .. مسافر .. والدكتور أحمد اتصلت به ولم يجبـ ..
أو تريد أن نمر المكتبة التراثية .. أو ..قلت : كلا .. بل : مستشفى الأمراض العقلية ..
قال : المجانين !! قلت : المجانينـ ..
فضحك وقال مازحاً : لماذا .. تريد أن تتأكد من عقلكـ ..
قلت : لا .. ولكن نستفيد .. نعتبر .. نعرف نعمة الله علينا ..
سكت عبد العزيز يفكر في حالهم .. شعرت أنه حزينـ ..
كان عبد العزيز عاطفياً أكثر من اللازم أخذني بسيارته إلى هناكـ ..
أقبلنا على مبنى كالمغارة .. الأشجار تحيط به من كل جانب .. كانت الكآبة ظاهرة عليه..
قابلنا أحد الأطباء .. رحب بنا ثم أخذنا في جولة في المستشفى ..
أخذ الطبيب يحدثنا عن مآسيهم .. ثم قال : وليس الخبر كالمعاينة ..
دلف بنا إلى أحد الممراتـ .. سمعت أصواتاً هنا وهناك ..
كانت غرف المرضى موزعة على جانبي الممر ..
مررنا بغرفة عن يميننا .. نظرت داخلها فإذا أكثر من عشرة أسرة فارغة ..
إلا واحداً منها قد انبطح عليه رجل ينتفض بيديه ورجليه ..
التفتُّ إلى الطبيب وسألته : ما هذا !!
قال : هذا مجنون .. ويصاب بنوبات صرع .. تصيبه كل خمس أو ست ساعاتـ ..
قلت : لا حول ولا قوة إلا بالله .. منذ متى وهو على هذا الحال ؟
قال : منذ أكثر من عشر سنوات ..كتمت عبرة في نفسي .. ومضيت ساكتاً ..
بعد خطوات مشيناها .. مررنا على غرفة أخرى .. بابها مغلقـ ..
وفي الباب فتحة يطل من خلالها رجل من الغرفة .. ويشير لنا إشارات غير مفهومة ..
حاولت أن أسرق النظر داخل الغرفة .. فإذا جدرانها وأرضها باللون البنيـ ..
سألتـ الطبيب : ما هذا ؟!! قال : مجنون ..
شعرت أنه يسخر من سؤالي .. فقلت : أدري أنه مجنون ..
لو كان عاقلاً لما رأيناه هنا .. لكن ما قصته ؟
فقال : هذا الرجل إذا رأى جداراً .. ثار وأقبل يضربه بيده .. وتارة يضربه برجله ..
وأحياناً برأسه .. فيوماً تتكسر أصابعه .. ويوماً تكسر رجله .. ويوماً يشج رأسه ..
ويوماً .. ولم نستطع علاجه .. فحبسناه في غرفة كما ترى ..
جدرانها وأرضها مبطنة بالإسفنجـ .. فيضرب كما يشاء .. ثم سكت الطبيبـ ..
ومضى أمامنا ماشياً ..أما أنا وصاحبي عبد العزيز ..
فظللنا واقفين نتمتم : الحمد لله الذي عافانا مما ابتلاك به ..
ثم مضينا نسير بين غرف المرضى ..
حتى مررنا على غرفة ليس فيها أسرة .. وإنما فيها أكثر من ثلاثين رجلاً ..
كل واحد منهم على حال .. هذا يؤذن .. وهذا يغني .. وهذا يتلفت ..
وهذا يرقص ..وإذا من بينهم ثلاثة قد أُجلسوا على كراسي ..
وربطت أيديهم وأرجلهم .. وهم يتلفتون حولهم .. ويحاولون التفلت فلا يستطيعون ..
تعجبت وسألت الطبيب : ما هؤلاء ؟ ولماذا ربطتموهم دون الباقين ؟
فقال : هؤلاء إذا رأوا شيئاً أمامهم اعتدوا عليه .. يكسرون النوافذ ..
والمكيفاتـ .. والأبواب ..لذلك نحن نربطهم على هذا الحال .. من الصباح إلى المساء ..
قلت وأنا أدافع عبرتي : منذ متى وهم على هذا الحال ؟
قال : هذا منذ عشر سنوات .. وهذا منذ سبع .. وهذا جديد ..
لم يمض له إلا خمس سنين !! خرجت من غرفتهم .. وأنا أتفكر في حالهم ..
وأحمد الله الذي عافاني مما ابتلاهم .. سألته : أين باب الخروج من المستشفى ؟
قال : بقي غرفة واحدة .. لعل فيها عبرة جديدة .. تعال ..
وأخذ بيدي إلى غرفة كبيرة .. فتح الباب ودخل .. وجرني معه ..
كان ما في الغرفة شبيهاً بما رأيته في غرفة سابقة .. مجموعة من المرضى ..
كل منهم على حال .. راقص .. ونائم .. و .. و .. عجباً ماذا أرى ؟؟
رجل جاوز عمره الخمسينـ .. اشتعل رأسه شيباً .. وجلس على الأرض القرفصاء ..
قد جمع جسمه بعضه على بعضـ .. ينظر إلينا بعينين زائغتين .. يتلفت بفزعـ ..
كل هذا طبيعي .. لكن الشيء الغريب الذي جعلني أفزع .. بل أثور ..
هو أن الرجل كان عارياً تماماً ليس عليه من اللباس ولا ما يستر العورة المغلظة ..
تغير وجهي .. وامتقع لوني .. والتفت إلى الطبيب فوراً .. فلما رأى حمرة عيني ..
قال لي .. هدئ من غضبكـ .. سأشرح لك حاله ..هذا الرجل كلما ألبسناه ثوباً
عضه بأسنانه وقطعه .. وحاول بلعه ..
وقد نلبسه في اليوم الواحد أكثر من عشرة ثيابـ .. وكلها على مثل هذا الحال ..
فتركناه هكذا صيفاً وشتاءً .. والذين حوله مجانين لا يعقلون حاله ..
خرجت من هذه الغرفة .. ولم أستطع أن أتحمل أكثر ..
قلت للطبيب : دلني على الباب .. للخروج .. قال : بقي بعض الأقسامـ ..
قلت : يكفي ما رأيناه .. مشى الطبيب ومشيت بجانبه ..
وجعل يمر فيـ طريقه بغرف المرضى .. ونحن ساكتانـ ..
وفجأة التفت إليّ وكأنه تذكر شيئاً نسيه ..
وقال : يا شيخ .. هنا رجل من كبار التجار .. يملك مئات الملايين ..
أصابه لوثة عقلية فأتى به أولاده وألقوه هنا منذ سنتين ..
وهنا رجل آخر كان مهندساً في شركة .. وثالث كان ..
ومضى الطبيب يحدثني بأقوام ذلوا بعد عز .. وآخرين افتقروا بعد غنى .. و ..
أخذت أمشي بين غرف المرضى متفكراً ..
سبحان من قسم الأرزاق بين عباده .. يعطي من يشاء .. ويمنع من يشاء ..
قد يرزق الرجل مالاً وحسباً ونسباً ومنصباً .. لكنه يأخذ منه العقل ..
فتجده من أكثر الناس مالاً .. وأقواهم جسداً ..
لكنه مسجون في مستشفى المجانين ..
وقد يرزق آخر حسباً رفيعاً .. ومالاً وفيراً .. وعقلاً كبيراً .. لكنه يسلب منه الصحة ..
فتجده مقعداً على سريره .. عشرين أو ثلاثين سنة .. ما أغنى عنه ماله وحسبه ..!!
ومن الناسـ من يؤتيه الله صحة وقوة وعقلاً ..
لكنه يمنعه المال فتراه يشتغل حمال أمتعة في سوق أو تراه معدماً فقيراً ..
يتنقل بين الحرف المتواضعة لا يكاد يجد ما يسد به رمقه ..
ومن الناس من يؤتيه .. ويحرمه .. وربك يخلق ما يشاء ويختار .. ما كان لهم الخيرة ..
فكان حرياً بكل مبتلى أن يعرف هدايا الله إليه قبل أن يعد مصائبه عليه ..
فإن حرمك المال فقد أعطاك الصحة .. وإن حرمك منها .. فقد أعطاك العقل ..
فإن فاتك .. فقد أعطاك الإسلام .. هنيئاً لك أن تعيش عليه وتموت عليه ..
فقل بملء فيك الآن بأعلى صوتكـ : الحممممدلله ..
وكذلك كان الصحابة الكرام رضيـ الله عنهمـ ..
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. عمرو بن العاص رضيـ الله عنه..
جهة الشامـ .. في غزوة ذات السلاسل .. فلما صار إلى هناك رأى كثرة عدوه ..
فبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ يستمده ..
فبعث إليه صلى الله عليه وسلمـ أبا عبيدة بن الجراح .. أميراً على مدد ..
فيه المهاجرون الأولون .. وفيهم أبو بكر وعمر .. وقال صلى الله عليه وسلمـ ..
لأبي عبيدة حين وجهه : لا تختلفا .. فخرج أبو عبيدة ..
حتى إذا قدم على عمرو قال له عمرو : إنما جئت مدداً لي ..
فقال له أبو عبيدة : لا ولكنـ على ما أنا عليه وأنت على ما أنت عليه ..
وكان أبو عبيدة رجلاً ليناً سهلاً .. هيناً عليه أمر الدنيا ..
فقال له عمرو : بل أنت مددي ..
فقال له أبو عبيدة : يا عمرو إن رسول الله صلى الله عليه وسلمـ قد قال لي :
لا تختلفا .. وإنك إن عصيتني أطعتك ..
فقال له عمرو .. فإني أمير عليك .. وإنما أنت مدد لي ..
قال : فدونك .. فتقدم .. عمرو بن العاص رضيـ الله عنه .. فصلى بالناس ..
وبعد الغزوة .. كان أول من وصل المدينة .. عوف بن مالك رضيـ الله عنه ..
فمضى إلى رسول صلى الله عليه وسلمـ ..
فلما رآه .. قال له صلى الله عليه وسلمـ .. أخبرني ..
فأخبره عن الغزوة .. وما كان بين أبي عبيدة وعمرو بن العاص ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ : يرحم الله أبا عبيدة بن الجراحـ ..
نعم .. يرحم الله أبا عبيدة رضيـ الله عنه ..

:: فكرة ::
انظر للجوانب المشرقة من حياتك .. قبل أن تنظر للمظلمة .. لتكون أسعد ..

العابره
22-3-2010, 08:16 AM
الموضوعـ السابع و السبعــــــــــون : نختلف ونحن إخوانـ !
يقول الشيخـ :::: ذُكر أن الشافعيـ رحمه الله تناظر يوماً مع أحد العلماء ..
حول مسألة فقهية عويصة .. فاختلفا .. وطال الحوار .. حتى علت أصواتهما ..
ولم يستطعـ أحدهما أن يقنع صاحبه ..وكأن الرجل تغير وغضبـ ..
ووجد في نفسه ..فلما انتهى المجلس وتوجها للخروجـ ..
التفت الشافعيـ إلى صاحبه .. وأخذ بيده وقال :
ألا يصح أن نختلف ونبقى إخواناً ..! وجلس بعض علماء الحديث يوماً .. عند الخليفة ..
فتكلمـ رجل في المجلس بحديث ..فاستغرب العالم منه ..
وقال :ما هذا الحديث !! من أين جئت به ؟
تكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ؟ ..
فقال الرجل : بل هذا حديث .. ثابتـ ..
قال العالم : لا .. هذا حديث لم نسمع به .. ولم نحفظه ..
وكان في المجلسـ وزير عاقل ..
فالتفت إلى العالم وقال بهدوء : يا شيخـ ..
هل حفظت جمييييع أحاديثـ النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..؟
قال : لا .. قال : فهل حفظتـ نصفها ؟ قال : ربما ..
فقال : فاعتبر هذا الحديث من النصف الذي لم تحفظه ..وانتهت المشكلة ..
كان الفضيل بن عياض وعبد الله بن المبارك صاحبين لا يفترقانـ ..وكانا عالمين زاهدينـ ..
عنَّ لعبدالله بن المبارك فخرج للقتال والرباط في الثغور ..
وبقي الفضيل بن عياض في الحرم يصلي ويتعبد ..
وفي يوم رق فيه القلب .. وأسبلت الدمعة ..
كتب الفضيل إلى ابن المبارك كتاباً يدعوه فيه إلى المجيء والتعبد في الحرم ..
والاشتغال بالذكر وقراءة القرآنـ ..
فلما قرأ ابن المبارك الكتاب .. أخذ رقعة وكتب إلى الفضيل :
ياعــابد الحرميــن لو أبصرتنـــا *** لعلمت أنك في العبادة تلعـب
من كان يخضــب خده بدموعه ***فنحــــورنا بدمائنـــا تتـخـضـب
أو كان يتعب خيلــه في باطـل *** فخيولنا يوم الصبيحة تتـعــب
ريح العبير لكــم ونحن عبيــرنا *** رهج السنابك والغبار الأطيـب
ولقد أتانا من مـقـال نبـيــــــنـا *** قول صحيح صــادق لا يكــذب
لا يستوي وغبار خيل الله في *** أنف امريء ودخان نار تلهــب
هذا كتــاب الله ينـطـق بيننـــا *** ليس الشهيد بميت لا يكــذب
ثم قال : إن من عباد من فتح الله في الصيام .. فيصوم ما لا يصومه غيره ..
ومنهم من فتح له في قراءة القرآن .. ومنهم من فتح له في طلب العلم ..
ومنهمـ من فتح في الجهاد .. ومنهمـ من فتح له في قيام الليل ..
وليس ما أنت عليه بأفضل مما أنا عليه ..
وما أنا عليه .. ليسـ بأفضل مما أنت عليه .. وكلانا على خير ..
وهكذا كان منهج الصحابة .. اجتمع الكفار وتألبوا لحرب المسلمين في المدينة ..
وجاؤوا في جيش لم تشهد العرب مثله كثرة وعتاداً ..
فحفر المسلمون خندقاً لم يستطع الكفار أن يتجاوزوه لدخول المدينة ..
فعسكر الكفار وراء الخندق .. وكان في المدينة قبيلة بني قريظة ..
وهم يهود يتربصون بالمؤمنينـ ..فأقبلوا إلى الكفار يمدونهمـ ..
ويعيثون في المدينة فساداً ونهباً ..
وقد انشغل المسلمون عنهم بالرباط عند الخندقـ ..
ومضت الأيام عصيبة .. حتى أرسل الله على الكفار ريحاً وجنوداً ..
من عنده فتمزق جيشهم .. وانقلبوا خائبين ..
يجرون أذيال هزيمتهم في ظلمة الليل ..
فلما أصبحـ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
انصرفـ عن الخندق راجعاً إلى المدينة ..
ووضع المسلمون السلاحـ .. ورجعوا إلى بيوتهمـ ..
ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلمـ بيته .. ووضع السلاح واغتسل ..
فلما كانت الظهر .. جاءه جبريل ..
فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. من خارج البيت ..
فقام رسول الله صلى الله عليه وسلمـ فزعاً ..
فقال له جبريل عليه السلام : أوقد وضعت السلاح يا رسول الله ؟
قال : نعم ..
قال جبريل : ما وضعت الملائكة السلاح بعد .. وما رجعت الآن إلا من طلب القوم ..
طلبناهمـ حتى بلغنا حمراء الأسد ..
إن الله يأمرك بالمسير إلى بني قريظة .. فإني عامد إليهم فمزلزل بهمـ ..
فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلمـ مؤذناً فأذن في الناسـ ..
" من كان سامعاً مطيعاً .. فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة " ..
فتسابق الناس إلى سلاحهم .. وسمعوا وأطاعوا .. ومضوا إلى ديار بني قريظة ..
فدخل عليهم وقت العصر وهم في الطريقـ ..
فقال بعضهم لا نصليـ العصر إلا في بني قريظة ..
وقال بعضهم : بل نصلي لم يرد منا ذلك .. يعني إنما أراد الإسراع إليهم ..
فصلوا العصر وأكملوا مسيرهمـ ..
وأخرها الآخرون .. حتى وصلوا بني قريظة .. فصلوها ..
فذكر ذلك للنبيـ صلى الله عليه وسلمـ فلم يعنف واحداً من الفريقين ..
فحاصرهم النبيـ صلى الله عليه وسلمـ .. حتى نصره الله عليهم ..


:: وجهة نظر::
ليست الغاية أن نتفق .. لكن الغاية أن لا نختلف ..

العابره
22-3-2010, 08:18 AM
الموضوعـ الثامن و السبعــــــــــون : الرفق .. إلا زانه ..
يقول الشيخـ :::: تكرر على ألسنتنا كثيراً عندما نعجب بشخص ما ..
أن نصفه قائلينـ .. فلان رزين .. فلان ثقيل .. فلان راكد ..
وإذا أردنا مذمة شخصـ قلنا : فلان عجول .. فلان خفيّفـ ..
أما رسول الله صلى الله عليه وسلمـ فيقول : ما كان الرفق في شيء إلا زانه ..
وما نزع من شيء إلا شانه .. هل تستطيع تحريك طن الحديد بأصبع ؟
نعم : إذا أحضرت رافعة .. ثم ربطته برفق .. وأحكمت ربطه ..
ثم رفعته .. فإذا تعلق في الهواء .. حركه بأصغر أصابعكـ ..
اتفقـ صديقان على أن يتقدما لرجل لخطبة ابنتيه .. كانت إحداهما أكبر منـ الأخرى ..
قال أحدهما للآخر : أنا آخذ الصغيرة .. وأنت تأخذ الكبيرة ..
فصاح صاحبه : لااااا .. بل أنت خذ الكبيرة .. وأنا آخذ الصغيرة ..
فقال الأول : طيب .. أنت تأخذ الصغيرة .. وأنا آخذ التي أصغر منها ..قال : موافقـ ..!!
ولم يدرك أن صاحبه ما غير قراره .. سوى أنه غير أسلوب الكلام برفقـ ..
وفي الحديث : إذا أراد الله بأهل بيت خيراً أدخل عليهم الرفق ..
وإذا أراد الله بأهل بيت شراً . نزع منهم الرفق .. وفيه : إن الله رفيق يحب الرفق ..
ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف .. وما لا يعطي على ما سواه ..
الرفيقـ .. الهين اللين .. محبوب عند الناس .. تطمئن إليه النفوسـ .. وتثق فيه ..
خاصة إذا صاحبـ ذلك وزن للكلام .. وقدرة على التعامل الرائعـ ..
من أشهر طلابـ علماء الحنفية الإمام أبو يوسف القاضيـ ..هو أشهر طلابـ أبي حنيفة ..
كان أبو يوسف في صغره فقيراً .. وكان أبوه يمنعه من حضور درس أبي حنيفة ..
ويأمره بالذهاب للسوق لتكسب كان أبو حنيفة حريصاً عليه .. وإذا غاب عاتبه ..
فاشتكى أبو يوسف يوماً إلى أبي حنيفة حاله مع والده ..
فاستدعى أبو حنيفة والد أبي يوسف وسأله : كم يكسب الولد كل يومـ ؟
قال : درهمان .. قال : أنا أعطيك الدرهمين .. ودعه يطلب العلمـ ..
فلازم أبو يوسف شيخه سنين .. فلما بلغ أبو يوسف سن الشباب .. ونبغ على أقرانه ..
أصابه مرض أقعده ..فزاره أبو حنيفة .. وكان المرض شديداً متمكناً منه ..
فلما رآه أبو حنيفة حزن .. وخاف عليه الهلاكـ ..
وخرج وهو يكلم نفسه قائلاً : آآآه يا أبا يوسف .. لقد كنت أرجوك للناس من بعدي !!
ومضى أبو حنيفة يجر خطاه حزيناً إلى حلقته وطلابه ..
ومضت يومان .. فشفي أبو يوسف .. واغتسل ولبس ثيابه ليذهب لدرس شيخه ..
فسأله من حوله : إلى أين تذهب ؟ قال : إلى درس الشيخ ..
قالوا : إلى الآن تطلب العلم ؟ أنت قد اكتفيت .. أما بلغك ما قال فيك الشيخ ؟
قال : وما قال ؟! قالوا : قد قال : كنت أرجوك للناس من بعدي ..
أي أنك قد حصلت كل علم أبي حنيفة .. فلو مات الشيخ اليوم جلست مكانه ..
فأعجبـ أبو يوسف بنفسه ..ومضى إلى المسجد ورأى حلقة أبيـ حنيفة في ناحية ..
فجلس في الناحية الأخرى .. وبدأ يدرس ويفتي ..
التفتـ أبو حنيفة إلى الحلقة الجديدة .. فسأل : حلقة من هذه ؟
قالوا : هذا أبو يوسف .. قال : شُفي من مرضه ؟!
قالوا : نعم .. قال : فلم لم يأت إلى درسنا ؟!
قالوا :حدثوه بما قلت .. فجلس يدرس الناس واستغنى عنك ..
ففكر أبو حنيفة كيف يتعامل مع الموقف برفق .. وجعل يفكر ثم قال :
يأبى أبو يوسفـ إلا أن نقشِّر له العصا !! ثم التفت إلى أحد طلابه الجالسينـ ..
وقال : يا فلان .. اذهبـ إلى الشيخ الجالس هناك .. يعني أبا يوسف ..
فقل له : يا شيخ .. عنديـ مسألة .. فسيفرح بك ويسألك عن مسألتك .. فما جلس إلا ليسأل !!
فقل له : رجل دفع ثوباً له إلى خياط ليقصره .. فلما جاءه بعد أيام يريد ثوبه جحده الخياط ..
وأنكر أنه أخذ منه ثوباً .. فذهب الرجل إلى الشرطة فاشتكاه فأقبلوا واستخرجوا الثوب من الدكان ..
والسؤال : هل يستحق الخياط أجرة تقصير الثوب أم لا يستحقـ ؟
فإن أجابك وقال : يستحقـ .. فقل له : أخطأت ..
وإن قال : لا يستحق .. فقل له : أخطأتـ ..
فرح الطالب بهذه المسألة المشكلة .. ومضى على أبي يوسف وقال : يا شيخ .. مسألة ..
قال : ما مسألتك ؟ قال : رجل دفع ثوباً إلى خياطـ ..
فأجاب أبو يوسف على الفور قائلاً : نعم يستحق الأجرة .. ما دام أتم العمل ..
فقال السائل : أخطأتَ ..فعجب أبو يوسف .. وتأمل في المسألة أكثر ..
ثم قال :لا .. لا يستحق الأجرة ..فقال السائل : أخطأتـ ..
فنظر أبو يوسف إليه .. ثم سأله : بالله من أرسلكـ ..
فأشار إلى أبي حنيفة .. وقال : أرسلني الشيخ ..
فقام أبو يوسف من مجلسه .. ومضى حتى وقف على حلقة أبي حنيفة ..
وقال : يا شيخ .. مسألة ..فلم يلتفت أبو حنيفة إليه ..
فأقبل أبو يوسف حتى جثى على ركبتيه بين يدي الشيخ .. وقال بكل أدب : يا شيخ .. مسألة
قال : ما مسألتك ؟ .. قال : تعرفها ..
قال : مسألة الخياط والثوب ؟ .. قال : نعم ..
قال : اذهب وأجب .. ألست شيخاً .. قال : الشيخ أنت ..
فقال ابو حنيفة : ننظر في مقدار تقصير الخياط للثوب .. فإن كان قصره على مقاس الرجل ..
فمعنى ذلك أنه قام بالعمل كاملاً .. ثم بدا له أن يجحد الثوب ..
فيكون قام بالعمل لأجل الرجل .. فيستحق عليه الأجرة ..
وإن كان قصره على مقاس نفسه .. فمعنى ذلك أنه قام بالعمل لأجل نفسه ..
فلا يستحق على ذلك أجرة .. فقبل أبو يوسف رأس أبي حنيفة .. ولازمه حتى مات أبو حنيفة ..
ثم قعد أبو يوسف للناسـ من بعده .. فلو استعمل الزوجان الرفق مع بعضهما ..
وكذلك الأبوان .. والمدراء .. والمدرسونـ ..
نستعمل الرفق دائماً .. في سواقة السيارة .. في التدريس .. في البيع والشراء ..
وإن كان المرء قد يحتاج الشدة أحياناً .. حتى في النصح .. وهذا هو الحكمة في النصيحة ..
وهي وضع الأمور في مواضعها ..وقد كان غضبه صلى الله عليه وسلمـ دائماً ..
إن غضب .. في الأمور الدينية ..
فما غضب رسول الله صلى الله عليه وسلمـ لنفسه قط .. إلا أن تنتهك حرمة من محارم الله ..
قابل عمر بن الخطاب رضيـ الله عنه يوماً رجلاً من اليهود ..
فأطلعه على كلام في التوراة .. فأعجبه .. فأمره فنسخه له ..
ثم جاء عمر بهذه الصحيفة من التوراة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فقرأها عليه .. فلاحظ النبيـ صلى الله عليه وسلمـ أن عمر معجب بما معه ..
وأن التلقي عن الديانات السابقة .. إن فُتح المجال له ..
اختلط ذلك بالقرآن .. والتبس الأمر على الناس .. وكيف يفعل عمر ذلك ..
وينسخ .. ويكتب .. دون استئذان النبي صلى الله عليه وسلمـ .. !!
فغضب صلى الله عليه وسلمـ .. وقال : أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب ؟!
أي شاكّون في شريعتي ..والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية ..
لا تسألوهم عن شيء .. فيخبروكم بحق فتكذبوا به .. أو بباطل فتصدقوا به ..
والذي نفسي بيده لو أن موسى حياً ما وسعه إلا أن يتبعنيـ ..
والله يا معشر قريش لقد جئتكم بالذبحـ ..
في أوائل بعثة النبي صلى الله عليه وسلمـ .. كان صلى الله عليه وسلمـ ..
يأتي عند الكعبة وقريش في مجالسهم .. ويصلي .. ولا يلتفت إليهم ..
وكانوا يؤذونه بأنواع الأذى .. وهو صابر ..
وفي يوم .. اجتمع أشرافهم في الحجر .. فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فقالوا : ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من هذا الرجل قط .. سفّهَ أحلامنا .. وشتم آباءنا ..
وعاب ديننا .. وفرق جماعتنا .. وسب آلهتنا .. وصرنا منه على أمر عظيمـ ..
فبينما هم في ذلك .. إذ طلع رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فأقبل يمشي حتى استلم الركن .. ثم مر بهم طائفاً بالبيت . .فغمزوه ببعض القول ..
فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. فرفق بهم .. وسكت عنهمـ .. ومضى ..
فلما مر بهم الثانية .. غمزوه بمثلها ..فتغير وجهه أيضاً .. فسكت عنهم .. ومضى في طوافه
فمر بهم الثالثة .. فغمزوه بمثلها .. فرأى أن الرفق لا يصلح مع أمثال هؤلاء ..
فوقف عليهم وقال : أتسمعون يا معشر قريش !! أما والذي نفسي بيده لقد جئتكم بالذبح ..
ووقف أمامهمـ فلما سمع القوم هذا التهديد .. الذبح .. وهو الصادق الأمينـ ..
انتفضوا .. حتى ما منهم من رجل إلا وكأنما على رأسه طائر وقع ..
حتى أن أشدهم عليه ليتلطف معه .. وصاروا يقولون : انصرف أبا القاسم راشدا ..
فما كنت جهولاً ..فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلمـ عنهم .. نعمـ ..
إذا قيل : حلم ، قل : فللحلم موضع .. وحلم الفتى في غير موضعه جهل
وإن كان المتتبع لسيرة النبيـ صلى الله عليه وسلمـ يجد أنه كان يغلب ..
الرفق دائماً .. انتبه !! ليس الضعف والجبن .. وإنما الرفقـ ..
ومن مواقف الرفقـ .. أنه بعد وقعة بدر بشهر ..
أراد أبو العاص زوج زينب بنت النبيـ صلى الله عليه وسلمـ أن يرسلها إلى المدينة عند أبيها ..
فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلمـ زيد بن حارثة .. ورجلاً من الأنصار ..
فقال : كونا ببطن يأجح حتى تمر بكما زينب فتصحباها فتأتياني بها ..
فخرجا مكانهما .. فأمرها أبو العاص بالتجهز .. فبدأت في جمع متاعها ..
فبينما هي تتجهز .. لقيتها هند بنت عتبة .. زوجة أبي سفيانـ ..
فقالت : يا ابنة محمد .. ألم يبلغني أنك تريدين اللحوق بأبيك ؟
قالت : ما أردت ذلك .. فقالت : أي ابنة عم .. أن أردت أن تفعلي ..
فإن كان لك حاجة بمتاع مما يرفق بك في سفرك .. أو بمال تتبلغين به إلى أبيك ..
فإن عندي حاجتك فلا تضطني مني .. أي لا تخجليـ ..
فإنه لا يدخل بين النساء ما بين الرجال ..
قالت زينب : والله ما أراها قالت ذلك إلا لتفعل .. ولكني خفتها فأنكرت أن أكون أريد ذلكـ ..
فلما أتمت جهازها .. قدّم إليها أخو زوجها كنانة بن الربيع بعيراً ..
فركبته و أخذ قوسه و كنانته ..
ثم خرج بها نهاراً يقود بها و هي في هودج لها ..
فرآها الناس .. و تحدث بذلك رجال من قريش .. كيف تخرج إليه ابنته وقد فعل بنا ما فعل في بدر ..
فخرجوا في طلبها حتى أدركوها بذي طوى ..
وكان أول من سبق إليها هبار بن الأسود .. فروعها بالرمح و هي في الهودج ..
فقيل : إنها كانت حاملاً ففزعت .. وطرحت ولدها ..
وأقبل الكفار يتسابقون إليها .. ومعهم السلاح ..وهي ليس معها إلا أخو زوجها كنانة ..
فلما رأى ذلك .. وبرك على الأرض .. ثم نثر كنانته وصف رماحه بين يديه .. ثم قال ..
و الله لا يدنو مني رجل إلا وضعت فيه سهما .. وكان رامياً ..
فتكركر الناس عنه وتراجعوا ..وأخذوا ينظرون إليه من بعيد ..
لا هو يقدر على الذهاب .. ولا هم يجترئون على الاقتراب منه
حتى بلغ أبا سفيان أن زينب خرجت إلى أبيها ..
فأقبل في جلة جمع من قريش .. فلما رأى كنانة قد تجهز بنبله ..
ورأى القوم قد استوفزوا لقتاله ..صاح به وقال : يا أيها الرجل .. كف عنا نبلك حتى نكلمك ..
فكف نبله .. فأقبل أبو سفيان حتى وقف عليه .. فقال :
إنك لم تصب .. خرجت بالمرأة على رؤوس الناس علانية ..
وقد عرفت مصيبتنا ونكبتنا في بدر .. و ما دخل علينا من محمد .. قتل أشرافنا .. ورمل نساءنا
فإذا رآك الناس .. وتسامعت القبائل .. أنك خرجت بابنته علانية ..
على رؤوس الناس من بين أظهرنا .. أن ذلك عن ذل أصابنا .. وأن ذلك ضعف منا ووهنـ ..
ولعمري مالنا بحبسها من أبيها من حاجة .. ومالنا من ثأر عليها ..
ولكن ارجع بالمرأة .. حتى إذا هدأت الأصوات .. وتحدث الناس أن قد رددناها ..
فسُلّها سراً .. وألحقها بأبيها .. فلما سمع كنانة ذلك .. اقتنع به .. وعاد بها ..
فأقامت ليالي في مكة .. حتى إذا هدأت الأصوات .. خرج بها ليلة من الليالي .. فمشى بها ..
حتى أسلمها إلى زيد بن حارثة وصاحبه ..فقدما بها ليلاً على رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..


:: وحي ::
ما كان الرفق في شيء إلا زانه .. وما نزع من شيء إلا شانه ..

العابره
25-3-2010, 08:00 AM
الموضوعـ التاسع و السبعــــــــــون : بين الحي .. والميت ..
يقول الشيخـ :::: كانـ ثقيلاً على الناسـ على زملائه جيرانه ..
إخوانه .. حتى على أولاده .. نعمـ .. كان ثقيل الدمـ ..
طالما سمعهمـ مراراً يقولون : يا أخي ما عندك مشاعر !!
لم يكن يتفاعل معهمـ أبداً .. أتاه ولده يوماً فرحاً مستبشراً ..
يلوّح بدفتر الواجبـ .. وقد وقع المدرس فيه كلمة " ممتاز " .. لم يلتفت الأب إليه ..
وإنما قال : طيبـ .. عاديـ .. والله لو أنك جايب شهادة الدكتوراه !!
كان المنتظر غير ذلك .. طالب عنده في الفصل .. كان خفيف الدمـ ..
لاحظ ثقل الدرس ( والمدرس !!) فلطف الجوَّ بنكتة أطلقها ..
فلم تتحركـ تعابير وجه المدرس وإنما قال : تستخف دمكـ ؟!
كنت أتمنى أن يكونـ تصرفه غير ذلك .. دخل إلى البقالة ..
فقال له العامل البسيط : الحمدلله جاءتني رسالة من أهلي ..
لم يتفاعل .. هلا سأل نفسه لماذا أخبره أصلاً .. ليشاركه فرحته ..
زار أحد زملائه .. فوضع له القهوة والشاي ..
ثم دخل البيت وجاء بطفله الأول حديث لاولاده .. قد لفه في مهاده ..
ولو استطاع أن يلفه بجفون عينيه لفعل .. ثم وقف به بين يديه
وقال : ما رأيك في هذا البطل ؟
فنظر إليه ببرود .. وقال .. ما شاء الله .. الله يخلي لك إياه ..
ثم رفع فنجال الشاي ليشرب .. كان المنتظر أن يتفاعل أكثر .. يأخذ الغلام بين يديه ..
يقبله .. يمدح جماله .. وصحته .. لكن صاحبنا كان ( غبياً ) عندما تتعامل مع الناسـ ..
قسـ الأمور بأهميتها عندهم .. لا عندك أنت ..
فكلمة "ممتاز" بالنسبة لولدك أغلى عنده من شهادة الدكتوراه عند الدكتور ..
وهذا المولود عند صاحبك أغلى عنده من الدنيا .. كلما رآه ودَّ أن يشق قلبه ويسكنه فيه ..
أفلا يستحق منك حبك لصاحبك أن تشاركه ولو بعض شعوره ..
أحياناً يكون بعض الناسـ متحمساً لشيء معينـ ..
لذلك تجد الذينـ لا يتفاعلون مع الناسـ يشتكيـ أحدهم دائماً ..
لماذا أولادي لا يحبونـ ( السوالف ) معي ..
فنقول : لأنهم يحكون لك النكتة فلا تتفاعل .. ويروون قصصهم في مدارسهمـ ..
وكأنهم يكلمونـ جداراً .. حتى ذكر لك شخصـ قصة .. أنت تعرفها .. فلا مانع من التفاعل معه ..
قال عبدالله ابن المباركـ : والله إن الرجل ليحدثنيـ بالحديث ..
وأنا أعرفه من قبل أن تلده أمه فأسمعه منه .. وكأني أول مرة أسمعه .. ما أجمل هذه المهارة ..
قبيل معركة الخندقـ .. عمل المسلمون في حفر الخندق حتى أحكموه ..
وكان من بينهمـ رجل اسمه جعيل ..
فغيره النبيـ صلى الله عليه وسلمـ إلى عمرو .. فكان الصحابة يشتغلون ..
ويعملون .. ويرددون قائلين :
سماه من بعد جعيل عمراً ***وكان للبائس يوماً ظهراً
فكانوا إذا قالوا : عمراً .. قال معهمـ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ : عمراً ..
وإذا قالوا : ظهراً .. قال لهم : ظهراً .. فيتحمسونـ أكثر .. ويشعرون أنه معهمـ ..
والله لولا الله ما اهتدينا .. ولما أقبل الليل عليهمـ اشتد البرد .. واستمروا يحفرونـ ..
فخرجـ عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..فرآهم يحفرون بأيديهم راضينـ ..
مستبشرين .. فلما رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلمـ قالوا ..
نحن الذين بايعوا محمداً **** على الجهاد ما بقينا أبدا
فقال مجيباً لهمـ : اللهم إن العيش عيش الآخرة ، فاغفر للأنصار والمهاجرة ..
ويستمر تفاعله معهمـ .. طوال الأيامـ .. فسمعهمـ وقد علاهم الغبار .. وهم يرددون ..
والله لولا الله ما اهتدينا **** ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا **** وثبت الأقدام إن لاقينا
إن الألى قد بغوا علينا **** إذا أرادوا فتنة أبينا
فكان يرفعـ صوته متفاعلاً معهمـ قائلاً : أبينا .. أبينا ..
وكانـ صلى الله عليه وسلمـ إذا مازحه أحد تفاعل معه .. وضحك وتبسمـ ..
دخل عليه عمر وهو صلى الله عليه وسلمـ غضبان على نسائه ..
لما أكثرن عليه مطالبته بالنفقة ..فقال عمر : يَا رَسُولَ اللَّهِ ..
لَوْ رَأَيْتَنا وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍـ .. نَغْلِبُ النِّسَاءَ ..
فكنا إذا سألت أحدَنا امرأتُه نفقةً قام إليها فوجأ عنقها ..
فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ إِذَا قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ .. فطفقـ نساؤنا يتعلمنـ من نسائهمـ ..
فَتَبَسَّمَـ النَّبِيّـُ صلى الله عليه وسلمـ .. ثم زاد عمر الكلامـ ..
فازداد تبسمـ النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
وتقرأ في أحاديث أنه تبسم حتى بدت نواجذه ..
وكانـ صلى الله عليه وسلمـ يتعامل مع أنواع من الناس لا يقدرون التعامل الراقيـ ..
ولا يتفاعلون معه .. بل ينغلقون ويتعجلونـ .. ومع ذلك كان يصبر عليهمـ ..
كانـ صلى الله عليه وسلمـ .. يوماً نازلاً بموضعـ يقال له "الجعرانة " بين مكة والمدينة ..
ومعه بلال .. فجاءه صلى الله عليه وسلمـ أعرابي ..
يبدو أنه كان قد طلبـ من النبيـ صلى الله عليه وسلمـ حاجة فوعده بها ولم تتيسر بعد ..
وكان الأعرابي مستعجلاً .. فقال : يا محمد .. ألا تنجز لي ما وعدتني ؟
فقال له صلى الله عليه وسلمـ متلطفاً : أبشر .. وهل هناك كلمة أرق منها ..!!
فقال الأعرابيـ بكل صلافة : قد أكثرت علي من أبشر !
فغضب النبيـ صلى الله عليه وسلمـ من عبارته .. لكنه كتم غيظه ..
والتفت إلى أبيـ موسى وبلال وكانا جالسين بجانبه ..
فقال : رد البشرى فاقبلا أنتما .. فاستبشرا ..
ثم دعا صلى الله عليه وسلمـ بقدح فيه ماء فغسل يديه ووجهه فيه ومجَّ فيه ..
ثم قال : اشربا منه وأفرغا على وجوهكما ونحوركما وأبشرا .. أي ببركة هذا الماء ..
فأخذا القدح ففعلا ..وكانت أم سلمة رضيـ الله عنها قريبة منهم .. جالسة وراء ستار ..
فأرادت أن لا تفوتها البركة .. فنادت من وراء الستر : أفضلا لأمكما .. أي أبقيا لها منه ..
فأفضلا لها منه طائفة .. إذن كان لطيف المعشر .. أنيس المجلس .. متحملاً ..
لا يعمل قضية وخلافاً من كل شيء .. جلسـ صلى الله عليه وسلمـ يوماً مع عائشة ..
فأخذت تحدثه بأحاديث نساء .. وهو يتفاعل معها .. وهي تفصل الكلام وتطيل ..
وهو على كثرة مشاغله يستمع ويتفاعل ويعلق ..
حتى قضتـ حديثها .. فحدثته أنه جلستـ إحدى عشرة امرأة .. في أيام الجاهلية ..
فتعاهدن وتعاقدن أن لا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئاً ..
فجعلنـ يتذاكرن أزواجهن بما فيهم ولا يكذبنـ !!
قالت الأولى : زوجي لحم جمل غث على رأس جبل .. لا سهل فيرتقى ولا سمين فينتقل ..
تشبه زوجها بالجبل الوعر الذيـ وضعوا فوقه لحم جمل كبير غير جيد ..
فلا يحرصـ أحد للوصول إليه لصعوبة الوصول إليه .. وهو لا يستحقـ التعب لأجله ..
أي : لسوء خلقه .. وأنه يتكبر .. مع أنه ليس عنده ما يتكبر بسببه فهو بخيل فقير ..
قالت الثانية : زوجي لا أبث خبره .. إني أخاف أن لا أذره .. إن أذكره أذكر عجره وبجره ..
أي : زوجها كثير العيوبـ .. وتخشى إذا ذكرت ما فيه أن يبلغه ذلك فيطلقها ..
وهي متعلقة به بسبب أولادها .. لكنها لم تمدحه فإن له عُجَر وبُجَر !!
والعجر : أن تنعقد العروقـ في الجسد حتى تصير منتفخة .. فتؤلمـ ..
والبُجَر انتفاخ عروقـ في البطنـ .. !!
قالت الثالثة :زوجي العَشَنَّق إن أنطقـ أطلقـ وإن أسكت أُعلَّق وهو على حد السِّنان الـمُذَلَّقـ ..
أي : زوجها طويل قبيح .. سيء الخلق .. ولا يتسامح معها بل على مثل حد السيفـ !!
فهي مهددة بالطلاق كل لحظة .. لا يحتمل كلامها ..
ومتى اشتكتـ إليه شيئاً طلقها .. ولا يعاملها معاملة الأزواجــ .. فهي عنده كالمعلقة ..
قالت الرابعة :زوجي كـ لَـيْـلِ تِهامة .. لا حَرٌ ولا قَرٌ .. ولا مخافة ولا سآمة ..
ليل تهامة لا رياح فيه فيطيب لأهله .. فوصفت زوجها بجميل العشرة ..
واعتدال الأخلاقـ .. فلا أذى عنده ..
قالت الخامسة :زوجي إن دخل فَـهِد .. وإن خرجـ أَسِد .. ولا يسأل عما عَـهِد ..
أي : إذا دخل بيته صار كالفهد وهو الحيوان المعروف وهو كريم نشيطـ ..
وغذا خرج من البيتـ وخالط الناسـ فهو أسد لشجاعته ..
وهو أيضاً سمحٌ لا يدققـ في السؤال عن ما يأخذه أهله أو يصرفونه ..
قالت السادسة :زوجي إن أكل لفَّ .. وإن شرب اشتفَّ ..وإن اضطجع التفَّ ..
ولا يُولِج الكفَّ .. ليعلم البثَّ .. أي : إن زوجها يكثر الأكل حتى يلفه لفاً فلا يبقي لهم شيئاً ..
والشراف يشفّه شفاً .. يشربه كله .. وإذا نام التفَّ باللحاف ولم يدع لزوجته شيئاً ..
وإذا حزنت لم يقرب كفه إليها أو يلاطفها ليعلم سبب حزنها ..
قالت السابعة : زوجي غياياء أو عياياء ( أي غبي !! ) طباقاء ( أحمق !)
كل داء له داء جميع العيوب فيه ! إن حدثته سبك .. لا يقبل حديثاً ولا مؤانسة ..
بل يسب ويلعن دوماً .. وإن مازحته : شجًك .. ضرب رأسك فجرحه ! ..
أو فلًك .. ضرب الجلد فجرحه ..أو جمع كلاًّ لكِ .. يضرب كل المواضع الرأس والجسد ! ..
قالت الثامنة : زوجي .. المس مس أرنب .. أي ناعم رقيق .. والريح ريح زرنب ..
وهو نباتـ طيبـ الرائحة ..وأنا اغلبه والناس يغلبـ ..
أي سهل معها ينصاعـ لما تريد .. لكنه بطل يغلب الناسـ وشخصيته أمامهم قوية ..
قالت التاسعة :زوجي رفيع النجاد .. بيته واسع مفتوح للضيوف .. عظيم الرماد ..
كثير إشعال النار استقبالاً للضيوفـ وطبخاً لهمـ ..
قريب البيت من الناد .. المجلس الذي يجلس فيه مع أصحابه ..
وهو النادي قريب من بيته لحرصه على أهله
..لا يشبع ليله يضاف .. لا يأكل كثيراً عند الناسـ ..
ولا ينام ليلة يُخَاف .. إذا كان هناكـ خطر بالليل من عدو أو غيره ..
يظل مستيقظاً يحرس ويراقب ..قالت العاشرة : زوجي مالك .. وما مالكـ ؟! ..
مالك خير من ذلك ..له إبل كثيرات المبارك ..قليلات المسارح ..وإذا سمعنـ المزهر ..
أيقنَّ أنهن هوالك .. زوجها اسمه مالك .. مهما وصفته لن تحيط بأوصافه الجميلة ..
إبله دائماً قريبة منه وقل ما تسرح أي تذهب للرعيـ ..
لتكون جاهة للحلب منها ونحرها للضيوفـ ..
وإذا سمعتـ افبل صوت المزهر السكين تُحَدّ وتجهّز ..
أبي زرع ؟! فما بن أبي زرع !!مضجعه كمسل شطبة .. ينام نوماً رفيقاً بأدب ..
ويشبعه ذراع الجفرة .. لا يأكل كثيراً ..بنت أبي زرع ؟! فما بنت أبي زرعـ !!
طوع أبيها وطوع أمها ..وملء كسائها .. متسترة ..وغيظ جارتها ..
تغار جاراتها من جمالها ولذة عيشها ..جارية أبي زرع ؟! فما جارية أبي زرعـ !!
الخادمة !! لا تبث حديثنا تبثيثاً .. لا تنشر أسرار البيتـ .. ولا تنفث ميرتنا تنفيثاً ..
لا تبدد طعام البيتـ وتعبث به .. ولا تملأ بيتنا تعشيشاً ..
لا تهمل البيت فيمتلأ بالأوساخـ ..
ثمـ قالتـ : خرج أبو زرع والأوطاب تمخضـ .. خرج من بيته يوماً في وقت ربيعـ ..
فلقى امرأة معها ولدان لها كالفهدين .. رأى امرأة جالسة حولها طفلان جميلان قويا البنية ..
يلعبان من تحت خصرها برمانتين .. يلعبان بثدييها .. فطلقني ونكحها ..
أعجبته .. فطلق أم زرع وتزوجها !! .. فنكحت بعده رجلا سرياً ..
تزوجت ام زرع رجلاً كريماً ..ركبـ شرياً .. ركب خيلاً سابقاً ..وأخذ خطياً ..
وأراح علي نعماً ثرياً .. أكرمها وأهداها لأنه ثري .. وأعطاني من كل رائحة زوجاً ..
أكثر لها من الأطياب ويعطيها اثنين من كل شيء لتستعمل وتهدي إن شاءتـ ..
وقال : كليـ أم زرع ..وميري أهلكـ .. أهدي لأهلك وأعطيهمـ ..
ثم قالت : فلو جمعت كل شيء أعطانيه ..ما بلغ أصغر آنية أبي زرع ..
لا يزال قلبها معلقاً بأبي زرع ..!! ما الحب إلا للحبيب الأول ..
كان صلى الله عليه وسلمـ يستمع بكل غنصات إلى عائشة وهي تحدثه ..
ولم يظهر لها ضجراً ولا مللاً .. مع تعبه وكثرة مشاغله .. وتراكم همومه ..
حتى إذا انتهتـ عائشة من حديثها ..
قال صلى الله عليه وسلمـ : كنت لك كأبي زرع لأم زرع .. إذن .. اتفقنا ..
على أهمية إظهار اللطف والاهتمام بالناس .. فإذا جاءك ولدك متزيناً بثوبـ جميل ..
ما رأيك يا أبيـ ؟ .. تفاعل ..
ابنتك .. زوجتك .. زوجك .. ولدك .. زميلتك ..كل من تخالطهم كنـ حياً متفاعلاً ..
أحياناً تكون ناسياً الموضوع .. قال لك .. مثلاً : أبشرك الوالد شُفي من مرضه ..
فلا تقل : أصلاً .. متى مرض ؟!!أو : أخي خرج من السجنـ ..
لا تقل : والله ما دريت أصلاً أنه دخل السجنـ .. وأخيراً .. يا جماعة ..
التشجيعـ والتفاعل ينفع حتى مع الحيوانات ..
قال أبو بكر الرقيـ : كنت بالبادية ..فوافيت قبيلة من قبائل العرب ..
فأضافني رجل منهم وأدخلني خباءه ..فرأيت في الخباء عبدا أسود مقيداً بقيد ..
ورأيت جِمالا قد ماتتـ بين يدي البيتـ ..
وقد بقى منها جمل وهو ناحل ذابل كأنه ينزع روحه ..
فقال لي الغلامـ : أنت ضيف .. ولك حقـ .. فتشفع فيَّ إلى مولايـ ..
فإنه مكرم لضيفه .. فلا يرد شفاعتكـ في هذا القدر .. فعساه يحل القيد عنيـ ..
فسكت عنه .. ولم أدر ما جرمه ..فلما أحضروا الطعام .. امتنعتـ ..
وقلت : لا آكل .. ما لم أشفع في هذا العبد .. فقال السيد : إن هذا العبد قد أفقرني ..
وأهلَكَ جميعَ ماليـ ..فقلت : ماذا فعل ؟!فقال : إن له صوتاًً طيباً ..
وإني كنتـ أعيشـ من ظهور هذه الجمال .. فحمَّلها أحمالاً ثقالاً ..
وكان ينشد الأشعار ويحدو بها .. حتى قطعت مسيرة ثلاثة أيام في ليلة واحدة من طيب نغمته ..
فلما حطت أحمالها .. ماتت كلها .. إلا هذا الجمل الواحد ..
ولكن أنت ضيفيـ .. فلكرامتك قد وهبته لك .. وأطلق الغلامـ من قيده ..
فاشتقتـ إلى سماع هذا الصوتـ ..
فلما أصبحنا أمره أن يحدو على جمل يستقى الماء من بئر هناك ..
لينشط الجمل للعمل .. فانطلقـ الغلامـ بصوت حسن .. فلما رفع صوته ..
سمعه الجمل فهام وهاج ونسي نفسه .. حتى قطع حباله ..
ووقعت أنا على وجهي من حسن الصوتـ .. فما أظن أني سمعت قط صوتاً أطيبـ منه ..


:: طور نفسك بالتدريب ::
كن حياً لا ميتاً .. تفاعل بكلامك .. بتعبيرات وجهك .. حتى يأنس الآخرون بك ..

العابره
25-3-2010, 08:01 AM
الموضوعـ الثمانــــــــون : اجعل لسانك عذباً ..
يقول الشيخـ :::: لا تخلو حياتنا من مواقف نحتاج فيها إلى تقديم توجيهات ونصائح للآخرين ..
الولد .. الزوج .. الصديق .. الجار .. الأبوين ..تختلف نهايات النصائح .. باختلاف بداياتها ..
أعني : إن كانت البداية بأسلوب مناسب .. ومدخل لطيف .. انتهت كذلك ..
وإن كانت بأسلوب جاف .. ومدخل عنيف .. انتهت كذلك ..
عندما ننصح الناس .. فنحن في الواقع نتعامل مع قلوبهم .. لا أجسادهم ..
لذلك تجد بعض الأبناء يتقبل من أمه ولا يتقبل من أبيه .. أو العكس ..
والطلاب يتقبلون من مدرس .. دون الآخر وأول البراعة في النصيحة ..
أن لا تكثر منها وتدقق على كل صغير وكبير ..
حتى لا يشعر الآخرون أنك مراقب لحركاتهم وسكناتهم .. فتثقل عليهم ..
ليس الغبي بسيد في قومه *** لكن سيد قومه المتغابي
وإن استطعت أن تقدم النصيحة على شكل اقتراح .. فافعل ..
لو قللت الملح في الطعام .. لكان أحسن ..لو تغير ملابسك بثياب أجمل ..
لو ما تتأخر عن مدرستك مرة أخرى .. أفضل ..ما رأيك لو فعلت كذا ..
أقترح عليك كذا وكذا ..أحسن من قولك ..
يا قليل الأدب .. كم مرة قلت لك .. أنت ما تفهم .. إلى متى أعلمك ؟!!
اجعله يحتفظ بماء وجهه .. ويشعر بقيمته حتى وهو مخطئ ..
لأن المقصود علاج أخطائه لا الانتقام منه أوإهانته يعني يا جماعة بالعبارة الصريحة ..
لا أحد يحب أن يتلقى الأوامر ..
أراد صلى الله عليه وسلمـ يوماً أن يوجه عبد الله بن عمر للتعبد بصلاة الليل ..
فما دعاه وقال : يا عبد الله قم الليل ..وإنما قدم النصيحة على شكل اقتراح ..
وقال : نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم الليل ..
وفي رواية قال : يا عبد الله لا تكن مثل فلان .. كان يقوم الليل ..
بل إن استطعت أن تلفت نظره إلى الأخطاء من حيث لا يشعر فهو أولى ..
عطس رجل عند عبدالله بن المبارك .. فلم يقل الحمدلله ..
فقال عبدالله : ماذا يقول العاطس إذا عطس ؟
قال : الحمدلله .. فقال : عبدالله : يرحمك الله ..
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلمـ كذلك ..كان إذا انصرف من صلاة العصر ..
دخل على نسائه واحدة واحدة ..
فيدنو من إحداهن .. ويتحدث معها ..فدخل على زينب بمن جحش ..
فوجد عندها عسلاً .. وكان صلى الله عليه وسلمـ يحب العسل والحلواء ..
فاحتبس عندها أكثر ما كان يحتبس عند غيرها ..
فغارت عائشة وحفصة .. وتواصتا من دخل عليها تقول له ..
أجد منك ريح مغافير .. وهو شراب حلو يشبه العسل .. ولكن له رائحة سيئة ..
وكان صلى الله عليه وسلمـ يشتد عليه أن يوجد منه الريح من بدنه أو فمه ..
لأنه يناجي جبريل .. ويناجي الناس ..
فلما دخل على حفصة .. سألته ماذا أكل ؟ فقال : شربت عسلاً عند زينب ..
فقالت : إني أجد منك ريح مغافير .. فقال : لا بل شربت عسلاً .. ولن أعود له ..
ثم قام ودخل على عائشة .. فقالت له عائشة مثل ذلك ..
ومضت الأيام .. وكشف الله له القضية كلها .. وبعد أيام ..
أسر إلى حفصة رضيـ الله عنها حديثاً .. فأظهرته .. فدخل عليها يوماً ..
وعندها الشفاء بنت عبدالله .. وكانت صحابية تتعلم الطب .. وتعالج الناس ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ للشفاء : ألا تعلمين هذه رقية النملة كما علمتيها الكتابة ..
ورقية النملة كلام كانت نساء العرب تقوله .. يعلم كل من سمعه أنه كلام لا يضر ولا ينفع ..
ورقية النملة التي كانت تعرف بينهن أن يقال : العروس تحتفل ..
وتختضب وتكتحل .. وكل شيء تفتعل .. غير أن لا تعصي الرجل ..
فأراد بهذا المقال تأنيب حفصة والتأديب لها تعريضاً بأن تردد جملة ..
غير أن لا تعصي الرجل .. أحد السلف استلف منه رجل كتاباً فرده إليه بعد أيام ..
وعليه آثار طعام ً فسكت صاحب الكتاب وبعد أيام جاءه صاحبه يستعير منه كتاباً
آخر فأعطاه الكتاب في طبق ..!! فقال الرجل : إنما أريد الكتاب .. فما بال الطبق ؟!
فقال : الكتاب لتقرأ فيه والطبق لتحمل عليه طعام فأخذ الكتاب ومضى فقد وصلت الرسالة..
وأذكر أن أحدهم كان يعود إلى بيته ليلاً .. وينزع ثوبه .. يعلقه على الشماعة .. وينام ..
فتأتي زوجته .. وتفتح محفظة النقود .. ثم تأخذ الصرف الموجود ..
من فئة الريال .. والخمسة .. فإذا استيقظ صباحاً وذهب إلى عمله ..
واحتاج أن يحاسب في بقالة ونحوها .. لم يجد صرفاً فراقبها .. حتى فهم القضية ..
فرجع إلى بيته يوماً .. وقد جعل في جيبه ضفدعاً ..
ونزع ثوبه كالعادة .. واضطجع كهيئة النائم .. وأخذ يشخر ..
وهو يراقب الثوب ..فأقبلت زوجته لتأخذ ما يتيسر ..كالعادة !!
أقبلت إلى الثوب تمشي رويداً .. أدخلت يدها بهدوووء ..
فلمست الضفدع .. فتحرك فجأة .. فصرخت : آآآآه.. يدي ..
ففتح الزوج عينيه .. وقال : وأنا .. آآآه .. جيبي ..ليتنا نستعمل هذا الأسلوب ..
مع جميع الناس ..أولادنا إذا وقعوا في أخطاء .. ومع طلابنا ..
نايف أحد الأصدقاء كان له أم صالحة لا ترضى أن يبقى في البيت صور أبداً لأن الملائكة لا تدخل بيتاً ..
فيه *** ولا صورة .. كان عندها طفلة صغيرة .. عندها ألعاب متنوعة إلا الدُّمى ..
أهدت إليها خالتها دُمية .. عروسة .. وقالت لها : العبي بها في غرفتك ..
واحذري أن تراها أمك ..وبعد يومين .. علمت الأم ..
فأرادت أن تقدم النصيحة بأسلوب مناسب ..
جلسوا على الطعام .. فقالت أم نايف : يا أولاد ..!! من يومين ..
وأنا أشعر أن البيت ليس فيه ملائكة !! لا أدري لماذا خرجت .. لا حول ولا قوة إلا بالله ..
والبنت الصغيرة تسمع وهي ساكته .. وبعد الغداء رجعت الصغيرة إلى غرفتها ..
فإذا بين يديها ألعاب كثيرة .. والعروسة من بينها .. فالتقطتها ..
وجاءت بها إلى الأم وقال : ماما .. هذه التي طردت الملائكة افعلي بها ماشئت !!
يعني دع المنصوح يحتفظ بماء وجهه .. ويمكن أن تأكل العسل من غير أن تحطم الخلية ..
لا تنصحه كأنه قد كفر بفعله ..بل وأحسن الظن به ..
واعتبر أنه وقع في الخطأ من غير قصد .. أو من غير أن يعلم ..
كانت الخمر في أول الإسلام لم تحرم بعد .. وفي يوم أقبل عامر بن ربيعة ..
الصحابي الجليل من سفر .. فأهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلمـ راوية خمر ..
جرة كاملة مملوءة خمراً ..
نظر النبيـ صلى الله عليه وسلمـ إلى الخمر مستغرباً .. والتفت إلى عامر بن ربيعة ..
وقال : أما علمت أنها قد حرمت ..؟ قال :حرمت ؟! لا .. ما علمت يا رسول الله ..
قال : فإنها قد حرمت .. فحملها عامر .. فأسرَّ إليه بعضهم بأن يبيعها ..
فسمعه النبيـ صلى الله عليه وسلمـ فقال : لا .. إن الله إذا حرم شيئاً .. حرم ثمنه ..
فأخذها رضيـ الله عنه فاهراقها على التراب ..
وانتبه أن تمدح نفسك وأنت تنصح .. فترفع نفسك وتسحب المنصوح إلى القاع ..
لا أحد يرضى بذلك ..بعض الآباء .. مثلاً .. إذا نصح ولده بدأ يذكر أمجاده ..
أنا كنت وكنت .. ولعل الولد يعلم تاريخ والده .. !!


:: باختصار ::
الكلمة الطيبة .. صدقة ..

العابره
25-3-2010, 08:04 AM
الموضوعـ الحادي والثمانــــــــــــين : حفظ السر ..
يقول الشيخـ :::: اشتهر قديماً : كل سرٍ جاوز الإثنين .. شاعـ ..
ومن اللطائفـ أن أحدهم سئل : من الإثنين ؟ فأشار إلى شفتيه .. وقال : هذانـ !!
لا أذكر أني همستـ في أذن أحد من الناس بسرّ .. واستأمنته إياه ..
ثم فاجأني قائلاً : يا محمد .. اسمحـ لي لا أستطيع أن أكتمه ..
بل كل شخصـ يضرب بيده صدره .. ويقول : والله لو وضعوا الشمس في يمينيـ ..
والقمر في شماليـ .. أو السيف على رقبتيـ .. على أن أخبر بسرك .. ما أخبرتـ !!
ثم إذا اطمأننت ووثقت .. وكشفت له أسرارك .. تصبّر شهرين أو ثلاثة ..
ثم حدث به .. فلا يزال يُتناقل حتى يصلكـ ..
فوجدتـ أن سرك لا ينبغي أن يجاوز شفتيكـ .. فلا تكلف الناسـ ما لا يطيقونـ ..
إذا ضاقـ صدر المرء عن سر نفسه فصدر الذي يستودع السر أضيقـ ..
جربت كثيراً من الناسـ .. فوجدتهم كذلكـ ..
والمشكلة أنك تأتيهم على سبيل الاستشارة .. فيشيرون عليك .. ثم يفضحون سركـ ..
فيسقطون من عينكـ .. ويصبحون من أبغض الناس إليكـ ..
ومن أعجبـ ما في التاريخ ..أنه قبل معركة بدر ..
لما سمع النبيـ صلى الله عليه وسلمـ .. بقافلة قريش مقبلة وأراد قتالها ..
خرج صلى الله عليه وسلمـ إليها مع أصحابه .. فلما شعر بهم أبو سفيانـ ..
استأجر رجلاً اسمه ضمضم بن عمرو الغفاري .. وقال اذهب وأخبر قريشاً بالخبر ..
فمضى ضمضمـ .. مسرعاً إلى مكة .. كان وصوله مكة يحتاج أن يسير أياماً ..
وأهل مكة لا يدرون عن شيء من ذلكـ ..
وفي ليلة من الليالي رأت عاتكة بنت عبد المطلب .. رؤيا أفزعتها ..
فلما أصبحتـ بعثت إلى أخيها العباس بن عبد المطلبـ ..
فقالت له .. يا أخي .. والله لقد رأيت الليلة رؤيا أفظعتني ..
وتخوفت أن يدخل على قومك منها شر ومصيبة .. فاكتم عليَّ ما أحدثك ..
ولا تحدث به أحداً .. قال لها : نعم .. وما رأيتـ ؟
قالت : رأيت راكباً أقبل على بعير .. حتى وقف بوادي "الأبطح" ..
ثم صرخ بأعلى صوته : ألا انفروا يا آل غدر إلى مصارعكم في ثلاث ..!
فأرى الناسـ قد اجتمعوا إليه .. ثم مضى فدخل المسجد والناس يتبعونه ..
فبينما هم حوله .. إذ صعد به بعيره فوق الكعبة ..
ثم صرخ بمثلها : انفروا يا آل غدر إلى مصارعكم في ثلاثـ ..
ثم صعد به بعيره على رأس جبل أبي قبيس .. فصرخ بمثلها ..
انفروا يا آل غدر إلى مصارعكم في ثلاثـ ..
ثم أخذ صخرة فقذفها من أعلى الجبل .. فأقبلت تهوي من فوق الجبل ..
حتى إذا كانتـ بأسفل الجبل تكسرتـ ..
فما بقي بيتـ من بيوت مكة إلا دخلته كسرة من الصخرة ..
فاضطرب العباس وقال : والله إن هذه لرؤيا ! ثم خشي أن تنتشر فيصيبه أذى ..
فقال لها محذراً : وأنت فاكتميها لا تذكريها لأحد ..
ثم خرج العباسـ منشغل البال بأمر هذه الرؤيا .. فلقي الوليد بن عتبة وسط الطريقـ ..
وكان له صديقاً .. فحدثه بالرؤيا .. وقال له : اكتمها .. فلا تخبر بها أحداً ..
فمضى الوليد ..فلقي ابنه عتبة فحدثه بها .. ثم لم يمض سويعاتـ ..
حتى حدث بها عتبة .. ثم تناقلها الناسـ .. وفشا الحديث بها في أهل مكة ..
حتى تحدثت بها قريش في مجالسها .. وفي الضحى ذهب العباس ليطوف بالكعبة ..
فإذا أبو جهل جالس في رَهْط من قريش .. في ظل الكعبة .. يتحدثون برؤيا عاتكة !!
فلما رأى أبو جهل العباسَ قال : يا أبا الفضل .. إذا فرغت من طوافك فأقبل إلينا ..
فلما أقبل إليه العباسـ وجلس معهمـ ..
قال له أبو جهل :يا بني عبد المطلب .. متى حدثت فيكم هذه النبية ؟
قال : وما ذاك ؟ قال : تلك الرؤيا التي رأت عاتكة .. قال العباس : وما رأتـ ؟
قال : يا بني عبد المطلب .. أما رضيتم أن يتنبأ رجالكم حتى تتنبأ نساؤكمـ ؟
قد زعمتـ عاتكة في رؤياها أنه قال : انفروا في ثلاثـ ..
فسننتظر بكم ثلاثة أيامـ .. فإن يك حقاً ما تقول .. فسيكونـ ..
وإن تمضـ الثلاث ولم يكن من ذلك شئ نكتب عليكمـ كتاباً أنكم أكذب أهل بيت العرب ..
فاضطرب العباسـ .. وما رد عليه شيئاً .. وجحد الرؤيا .. وأنكر أن تكونـ رأت شيئاً ..
ثم تفرقوا .. فلما أقبل العباسـ إلى بيته ..
لم تبق امرأة من بني عبد المطلبـ .. إلا جاءت إليه غاضبة ..
تقول : أقررتم لهذا الفاسقـ الخبيث أن يقع في رجالكم ..ثم قد تناول النساء وأنت تسمع ..
أما فيكم حمية .. فاحتمى العباسـ .. وثار .. وقال : والله ..
لئن عاد أبو جهل إلى مثل كلامه .. لأفعلن وأفعلن .. فلما كان اليوم الثالثـ .. من رؤيا عاتكة ..
ذهب العباسـ إلى المسجد .. وهو مغضبـ ..
فلما دخل المسجد رأى أبا جهل .. فمشيـ نحوه يتعرضه ليعود لبعض ما قال فيقع به ..
فإذا بأبي جهل يخرجـ من باب المسجد يشتد مسرعاً ..
فعجب العباس من سرعته ..!! فقد كان مستعداً لخصومة وعراك ..
فقال العباسـ في نفسه : ماله لعنه الله ؟! أكلّ هذا خوفٌ مني أن أشاتمه ؟!
وإذا أبو جهل قد سمع صوت ضمضم بن عمرو الغفاري الذي أرسله أبو سفيان ليستعين بأهل مكة ..
وإذا ضمضم يصرخ في الوادي واقفاً على بعيره ..
قد جدع أنف بعيره .. والدم يسيل على وجه البعير ..
وقد شق ضمضمـ قميصه وهو يقول : يا معشر قريش اللطيمة .. اللطيمة ..
أموالكمـ مع أبي سفيان قد عرض لها محمد في أصحابه لا أرى أن تدركوها ..
ثم صاح بأعلى صوته : الغوث .. الغوث ..
عندها تجهزتـ قريش وخرجت .. وكان من أمرها في معركة بدر ما كان ..
فتأمل كيف انتشر السر في لمحة عين .. مع قوة الحرص وشدة الاستئمانـ ..!!
ومن نشر السر أيضاً ..أن عمر رضيـ الله عنه لما أسلم .. أراد أن ينشر الخبر ..
فأقبل إلى رجل منهم .. هو أعظمهم نشراً للإشاعة ..
فقال : يا فلان .. إني محدثك بسرٍ .. فاكتم عنيـ ..!
قال : ما سركـ ؟ .. قال : أشعرتـ أني قد أسلمتـ .. فانتبه .. لا تخبر أحداً ..
ثم تولى عنه عمر .. فما كاد يغيب عنه ..
حتى جعل الرجل يطوف بالناس ويردد : أعلمتَ أن عمر أسلمـ ..!!
أعلمتَ أن عمر أسلمـ ..!! عجباً !! وكالة أنباء متنقلة ..
وفي يوم من الأيام بعث النبيـ صلى الله عليه وسلمـ أنساً رضيـ الله عنه في حاجة ..
فمرَّ بأمه .. فسألته .. إلى ماذا أرسلك النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ؟
فقال : والله .. ما كنت لأفشيـ سرّ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
هكذا كانـ أنس وهو صغير .. في شدة حفظه للسر ..
وأنى لك اليومـ أن تجد مثل أنس ..
قالت عائشة رضيـ الله عنه .. أقبلت فاطمة تمشيـ ..
كأن مشيتها مشية النبيـ صلى الله عليه وسلمـ .. فقال النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
مرحباً بابنتي .. ثم أجلسها عن يمينه .. أو عن شماله ..
ثم أسرَّ إليها حديثاً .. فبكتـ .. فقلت لها : لم تبكينـ ..
ثم أسرَّ إليها حديثاً .. فضحكتـ فقلت : ما رأيت كاليوم .. فرحاً أقرب من حزنـ ..
فسألت فاطمة عما قال لها النبيـ صلى الله عليه وسلمـ؟
فقالت : ما كنتـ لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
حتى قبض النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..فسألتها ؟
فقالتـ : أسر إليَّ : إن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة وإنه عارضني العام مرتينـ ..
ولا أراه إلا حضر أجليـ .. وإنك أول أهل بيتي لحاقاً بي .. فبكيتـ ..
فقال : أما ترضينـ أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة .. أو نساء المؤمنينـ .. فضحكت لذلكـ ..


:: قالوا ::
من عرف سرك أسرك ..

العابره
25-3-2010, 08:06 AM
الموضوعـ الثاني والثمانــــــــــــين : من ركل القطة ؟!
يقول الشيخـ :::: قبل أن تجيب على السؤال .. اسمع القصة كاملة ..
كان يعمل سكرتيراً لمدير سيء الأخلاقـ ..
لا يطبقـ مهارة واحدة من مهارات التعامل مع الناسـ ..
كانـ هذا المدير يراكم الأعمال على نفسه .. ويحملها ما لا تطيقـ ..
صاح بسكرتيره يوماً .. فدخل ووقف بين يديه ..
قال : سَمْـ .. تفضل ؟ صرخ به : اتصلت بهاتف مكتبك .. ولم ترد ..
قال : كنت في المكتب المجاور .. آسفـ ..
قال بضجر : كل مرة آسفـ .. آسفـ .. خذ هذه الأوراقـ .. ناولها لرئيس قسم الصيانة ..
وعد بسرعة .. مضى متضجراً .. وألقاها على مكتب رئيس قسم الصيانة ..
وقال : لا تؤخرها علينا قال : طيبـ ضعها بأسلوب مناسبـ ..
قال : مناسبـ .. غير مناسبـ .. المهم خلصها بسرعة .. تشاتما .. حتى ارتفعت أصواتهما ..
ومضى السكرتير إلى مكتبه .. بعد ساعتينـ أقبل أحد الموظفين الصغار في الصيانة ..
إلى رئيسه وقال : سأذهب لأخذ أولادي من المدرسة وأعود ..
صرخ الرئيس : وأنت كل يوم تخرجـ ..
قال : هذا حاليـ من عشر سنوات .. أول مرة تعترض عليَّ ..
قال : أنت ما يصلح معك إلا العين الحمراء .. ارجع لمكتبكـ ..
مضى المسكين إلى مكتبه .. وتولى أحد المدرسين إيصالهمـ ..
لما طال وقوفهم في الشمس .. عاد هذا الموظف إلى بيته غاضباً ..
فأقبل إليه ولده الصغير معه لعبة ..
وقال : بابا .. هذه أعطانيها المدرس لأننيـ ..
صاح به الأب : اذهب لأمك .. ودفعه بيده ..
مضى الطفل باكياً .. فأقبلت إليه قطته الجميلة تتمسح برجليه كالعادة ..
فركلها برجله فضربت بالجدار .. السؤال : من ركل القطة ؟
أظنك .. تبتسمـ .. وتقول : المدير ..صحيح المدير ..
لماذا لا نتعلم فنَّ توزيع الأدوار ..
والأشياء التي لا نقدر عليها نقول بكل شجاعة .. هذه ليست في أيدينا .. لا نقدر ..
خاصة أن تصرفاتك قد يتعدى ضررها إلى أقوام لم يكونوا طرفاً في المشكلة أصلاً ..
وانتبه أن يستثيرك الآخرونـ .. ويحرجونك فتضطر لوعود .. قد لا تستطيع تنفيذها ..
انتقل معي إن شئت إلى المدينة .. وانظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
وقد جلسـ في مجلسه المباركـ .. بعدما انتشر الدينـ .. ووُحِّد رب العالمينـ ..
جعل رؤساء القبائل يأتون إليه مذعنين مؤمنينـ .. ومنهم من كانوا يأتون صاغرين حاقدينـ ..
وفي يوم أقبل رئيس من رؤساء العرب .. له في قومه ملك ومنعه ..
أقبل عامر بن الطفيل .. وكان قومه يقولون له لما رأوا انتشار الإسلامـ ..
يا عامر إن الناسـ قد أسلموا فأسلم .. وكان متكبراً متغطرساً ..
فكان يقول لهم : والله لقد كنت أقسمت ألا أموت حتى تملِّكني العرب عليهم وتتبعَ عقبي ..
فأنا أتبع عقب هذا الفتى من قريش !!
ثم لما رأى تمكن الإسلامـ .. وانصياع الناسـ لرسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
ركب ناقته مع بعض أصحابه ومضى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
دخل المسجد على رسول الله صلى الله عليه وسلمـ وهو بين أصحابه الكرام ..
فلما وقفـ بين يدي النبيـ عليه الصلاة والسلامـ قال : يا محمد خالني ..
أي قف معي على انفراد .. وكان صلى الله عليه وسلمـ حذراً من أمثال هؤلاء ..
فقال : لا والله حتى تؤمن بالله وحده ..
فقال : يا محمد خالنيـ ..
فأبى النبيـ صلى الله عليه وسلمـ .. فلا زال يكرر .. يا محمد قم معي أكلمْك ..
يا محمد قم معي أكلمْك .. حتى قام معه رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فاجتر عامر إليه أحد أصحابه اسمه إربد ..
وقال : إني سأشغل عنك وجهه فإذا فعلت ذلك فاضربه بالسيف ..
فجعل إربد يده على سيفه واستعد ..
فانفرد الاثنان إلى الجدار .. ووقف معهما رسول الله صلى الله عليه وسلمـ يكلمـ عامراً ..
وقبض أربد بيده على السيف .. فكلما أراد أن يسله يبست يده .. فلم يستطع سل السيف ..
وجعل عامر يشاغل رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. وينظر إلى إربد ..
وإربد جامد لا يتحرك .. فالتفت صلى الله عليه وسلمـ ..
فرأى أربد وما يصنع .. فقال : يا عامر بن الطفيل .. أسلمـ ..
فقال عامر : يا محمد ما تجعل لي إن أسلمت ؟
فقال صلى الله عليه وسلمـ لك ما للمسلمين وعليك ما عليهم ..
قال عامر : أتجعل لي الملك من بعدك إن أسلمتـ ؟
لم يشأ النبيـ صلى الله عليه وسلمـ أن يعد عامراً بوعد قد لا يتحققـ ..
فكان صريحاً جريئاً معه .. وقال : ليس ذلك لك ولا لقومكـ ..
فخفف عامر الطلب قليلاً .. وقال : أسلم على أن لي الوبر ولك المدر ..
أي أكون ملكاً على البادية وأنت على الحاضرة ..
فإذا به صلى الله عليه وسلمـ .. أيضاً لا يريد أن يلزم نفسه بوعود .. لا يدري تتحقق أم لا ..
فقال : لا ..عندها غضبـ عامر وتغير وجهه .. وصاح بأعلى صوته ..
والله يا محمد .. لأملأنها عليكـ خيلاً جرداً .. ورجالاً مرداً .. ولأربطن بكل نخلة فرساً ..
ولأغزوك بغطفانـ بألف أشقر وألف شقراء .. ثم خرجـ يزبد ويرعد ..
فجعل صلى الله عليه وسلمـ ينظر إليه وهو مولٍّ ..
ثم رفع صلى الله عليه وسلمـ بصره إلى السماء وقال : اللهم اكفني عامراً .. واهْدِ قومه ..
خرج عامر مع أصحابه حتى إذا فارق المدينة .. تعب من المسير ..
فصادف امرأة من قومه يقال لها سلولية وكانت في خيمة لها .. وكانت امرأة فاجرة ..
يذمها الناسـ ويتهمون من دخل بيتها ..فلم يجد مأوى آخر ..
فنزل عن فرسه مضطراً ونام في بيتها ..
فاخذته غدة وانتفاخ في حلقه كما يظهر في أعناق الإبل فيقتلُها .. ففزع واضطربـ ..
وجعل يتلمس الورم ويقول : غدة كغدة البعير .. وموت في بيت سلولية ..
أي : لا موتـ يشرّف .. ولا مكانـ يشرّف ..
كان يتمنى أن يموتـ في ساحة قتال .. بسيوف الأبطال ..
فإذا به يموت بمرض حيوانات .. في بيت فاجرة !!
تباً .. للذل والمهانة ..
فأخذ يصيح بهم : قربوا فرسيـ ..
فقربوه .. فوثب على فرسه .. وأخذ رمحه .. وصار يجول به الفرسـ ..
وهو يصيح من شدة الألمـ .. ويتحسس عنقه بيده ..
ويقول : غدة كغدة البعير وموت في بيت سلولية ..
فلم تزل تلك حاله يدور به فرسه .. حتى سقط عن فرسه ميتاً ..
تركه أصحابه .. ورجعوا إلى قومهمـ ..
فلما دخلوا ديارهم .. أقبل الناس إلى إربد يسألونه : ما وراءك يا أربد ؟
فقال : لا شيء .. والله لقد دعانا محمد إلى عبادة شيء ..
لوددت لو أنه عندي الآن فأرميه بالنبل حتى أقتله ..
فخرج بعد مقالته بيوم أو يومين معه جمل له ليبيعه ..
فأرسل الله عليه وعلى جمله صاعقة فأحرقتهما .. وأنزل الله عز وجل في حال عامر وأربد ..
" اللّهُ يَعْلَمُ مَاتَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَاتَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَاتَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ * عَالِمُ الْغَيْبِ
وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ * سَوَاء مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ
وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ * لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِاللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَيُغَيِّرُ مَابِقَوْمٍ
حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَابِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَمَرَدَّ لَهُ وَمَالَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ * هُوَ الَّذِي
يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَ طَمَعًا وَيُنْشِىءُ السَّحَابَ الثِّقَالَ * وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ
وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاء وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ * لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ
وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَيَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاء لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَاهُوَ بِبَالِغِهِ
وَمَادُعَاء الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ " ..
نعمـ .. لا تلتزمـ إلا بما تثق أنه يمكنك الوفاء به .. بعونـ الله ..
قام صلى الله عليه وسلمـ مرة خطيباً في الناس .. فتكلم عن الآخرة وأحوالها ..
ثم صاح قائلاً : يا فاطمة بنت محمد .. سليني من مالي ما شئتـ ..
فإني لا أغنيـ عنك من الله شيئاً ..
وأخيراً .. مع التأكيد على أهمية عدم الالتزامـ بالشيء إلا وأنت قادر عليه ..
إلا أنه ينبغي عند الاعتذار أن نستعمل أسلوباً ذكياً ..
فمثلاً : جاء إليك لتبحثـ لأخيه عن وظيفة .. لأن أباك مسؤول كبير .. أو أخاك .. أو أنتـ ..
فاعتذر بأسلوب يحفظ ماء وجهه ويجعله يشعر أنك تشاركه الهم .. قل .. مثلاً ..
يا فلان .. أنا أشعر بمعاناتكـ .. وأخوك أعتبره أخيـ ..
ولئن كان إخواني خمسة فهو السادس .. لكن المشكلة أنني لا أستطيع أن أفعل شيئاً الآن فاعذرني ..
وأسأل الله أن يوفق أخاك .. مع ابتسامة لطيفة .. وتعبيراتـ وجه مناسبة ..
فكأنك بهذا الرد الجميل قضيت له ما يريد .. أليس كذلكـ ..؟


:: وجهة نظر ::
كن صريحاً مع نفسك .. جريئاً مع الناس .. واعرف قدراتك والتزم بحدودها ..

العابره
29-3-2010, 07:57 AM
الموضوعـ الثالث والثمانــــــــــــين : الاهتمامـ بالمظهر ..
يقول الشيخـ :::: كان أبو حنيفة جالساً يوماً بين طلابه في المسجد يدرسـ ..
وكان به ألمـ في ركبته .. وقد مد رجله .. واتكأ على جدار ..
في هذه الأثناء .. أقبل رجل عليه لباسـ حسنـ .. وعمامة حسنة .. ومظهر مهيبـ ..
كان وقوراً في مشيته .. جليلاً في خطوته ..
أفسحـ له لطلاب حتى جلس بجانب أبي حنيفة ..
فلما رأى ابو حنيفة مظهره .. ورزانته .. ورتابة هيئته ..
استحى من طريقة جلسته وثنى رجله .. وتحمل ألم ركبته لأجله ..
استمر أبو حنيفة في درسه والرجل يسمعـ .. فلما انتهى من الدرسـ ..
بدأ الطلابـ يسألون .. فرفع ذلك الرجل يده ليسأل ..
التفت إليه الشيخـ .. وقال : ما سؤالكـ ؟
فقال :يا شيخـ .. متى وقت صلاة المغربـ ؟
قال : إذا غربت الشمسـ .. !!
قال : وإذا جاء الليل والشمسـ لمـ تغرب .. فماذا نفعل ؟!
فقال أبو حنيفة : آن لأبي حنيفة أن يمد رجليه .. ومد رجله كما كانتـ ..
وسكتـ عن هذا السؤال المتناقض !!.. إذ كيف يأتي الليل والشمس لم تغربـ ؟!!
يقولون إن النظرة الأولى إليك تكوِّن في ذهن المقابل أكثر من 70% من تصوره عنك ..
ويبدو أنه عند التأمل ستجد أن النظرة الأولى تكون أكثر من 95% عنك ..
حتى تتكلمـ .. أو تعرِّف بنفسكـ ..
ولو مشيت في ممر في مستشفى أو شركة وبجانبك شخص عليه ثياب حسنة ..
وعليه وقار في مشيته .. لرأيتـ أنك .. ربما لا شعورياً ..
إذا وصلتـ إلى باب في الممر التفتَّ إليه وقلت له : تفضل .. طال عمركـ !!
ولو ركبت سيارة أحد أصدقائك فرأيتها فوضى .. هنا فردة حذاء مرمي ..
وهنا روق شاورما .. وهما منديل .. وأشرطة كاسيت متناثرة ..
لكونتـ فكرة عن الشخص مباشرة أنه فوضوي .. غير مبال بالترتيبـ ..
وكذلكـ في لباسـ الناسـ .. ومظهرهم العام ..
والذي أعنيه هنا هو الاهتمام بالمظهر لا الإسراف في اللباس أو السيارة ..
أو الأثاث .. أوغيرها ..
كان رسول الله صلى الله عليه وسلمـ يعتني بهذه النواحي كثيراً ..
فكانـ له حلة حسنة يلبسها في العيدين والجمعة ..
وكانتـ له حلة يلبسها في استقبال الوفود ..
كانـ يعتنيـ بمظهره ورائحته ..وكان يحب الطيبـ ..
قال أنسـ رضيـ الله عنه .. كانـ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
أزهر اللون كأن عرقه اللؤلؤ .. إذا مشا تكفأ ..
وما مسستـ ديباجاً ولا حريراً ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
ولا شممتـ مسكاً ولا عنبراً أطيب من رائحة النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
وكانتـ يدُه مطيبةً كأنما أخرجت من جؤنة عطار ..
وكانـ صلى الله عليه وسلمـ .. يعرف بريح الطيبـ إذا أقبل ..
وقال أنسـ رضيـ الله عنه ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلمـ لا يرد الطيب ) ..
قال أنسـ : ما مسست حريراً ولا ديباجاً ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
وكانـ صلى الله عليه وسلمـ أحسنـ الناسـ وجهاً .. كان وجهه مستنيراً كالشمسـ ..
وكانـ إذا سُرّ استنـار وجهه .. حتى كأن وجهه قطعة قمر ..
قال جابر بن سمرة رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلمـ في ليلة مضيئة مقمرة ..
فجعلتـ أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ وإلى القمر .. وعليه حلة حمراء ..
فإذا هو عندي أحسنـ من القمر ..
وكان يأمر المسلمينـ بذلك يأمر المسلمينـ بمراعاة صلى الله عليه وسلمـ المظهر ..
عن أبي الأحوص عن أبيه رضيـ الله عنه .. قال : أتيت النبيـ وعليّ ثوب دون ( أي ردئ ) ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ : ألك مال ؟ قلت : نعمـ ..
قال : منـ أي المال ؟ قلت : من الإبل والبقر والغنم والخيل والرقيقـ ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ .. فإذا آتاك الله مالاً .. فلُيرَ أثرُ نعمة الله عليك وكرامتِه ..
وقال صلى الله عليه وسلمـ : ( من أنعمـ الله عليه نعمة .. فإنـ الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده ) ..
وعن جابر بن عبدالله رضيـ الله عنه قال : أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
زائراً في منزلنا فرأى رجلاً شعثاً قد تفرق شعره ..
فقال : أما كان يجد هذا ما يُسكن به شعره ؟ ورأى رجلاً آخر وعليه ثياب وسخة..
فقال : أما كان هذا يجد ماء يغسل به ثوبه ؟ ..
وقال : ( من كانـ له شعر فليكرمه ) .. وكانـ يحرّص على حسن السمتـ ..
وجمال الشكل .. واللباس .. وطيب الرائحة ..
وكانـ يردد في الناسـ قائلاً : ( إن الله جميل يحبـ الجمال ) ..


:: تجربة ::
النظرة الأولى إليك تطبع في ذهن المقابل 70% من تصوره عنك ..

العابره
29-3-2010, 08:01 AM
الموضوعـ الرابع والثمانــــــــــــين : الكرمـ ..
يقول الشيخـ :::: قال لهمـ : من سيدكم ؟ قالوا : سيدنا فلانـ .. على أننا نبخِّله ..
فقال : وأي داء أدوأُ من البخل ؟!! بل سيدكمـ الأبيض الجعد فلانـ ..
هكذا جرى النقاشـ بين إحدى القبائل وبين رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
لما أسلموا فسألهمـ عن سيدهم ليقره عليهم بعد إسلامهمـ أو يغيره ..
نعمـ وأي داء أدوأ من البخل .. ما أقبح البخل وما أعرض الناسـ عنه .. وما أثقله عليهمـ ..
لا يكاد يقيمـ في بيته وليمة يتحبب بها إليهمـ .. ولا يكاد يهديـ هدية ..
ولا يكاد يعتني بجمال مظهره .. ولا يهتم بزكاء برائحته .. توفيراً للمال .. ورضاً بالدون ..
أما الكريمـ فهو مفضال على أصحابه .. قريبـ من أحبابه ..
إن اشتاقوا للاجتماع والأنس ففي بيته .. وإن نقص على أحدهم شيء تفضل عليه به ..
فيأسر نفوسهمـ بكرمه .. ويستعبد قلوبهمـ بإحسانه ..
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم **** فطالما استعبد الإنسان إحسان
وينبغيـ عند إكرامـ غيرك أن تكون نيتك حسنة .. للتآلف مع إخوانك المسلمينـ ..
وكسبـ مودتهمـ .. والتقربـ إلى الله بالإحسانـ إليهمـ ..
لا لأجل شهرة أو رئاسة أو كسبـ مديحهم وثنائهمـ ..
قال صلى الله عليه وسلمـ : أول من تسعر بهم النار ثلاثة ..
وذكر منهمـ رجلاً كان ينفق ليقال جواد أي كريمـ ..
فلمـ يعمل ابتغاء وجه الخالقـ وإنما ابتغى وجه المخلوقـ .. رياءً وسمعة ..
وإليك الحديثـ كاملاً : قال سفيان : دخلت المدينة .. فإذا أنا برجل قد اجتمع الناسـ عليه ..
فقلتـ : من هذا ؟ قالوا : أبو هريرة .. فدنوتـ منه حتى قعدت بين يديه .. وهو يحدث الناسـ ..
فلما سكتـ وخلا .. قلت : أنشدكـ الله .. بحقـ وحقـ ..
لما حدثتنيـ حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. وعلمته ..
فقال أبو هريرة : أفعل .. لأحدثنك حديثاً حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
عقلته وعلمته .. ثم نشغ أبو هريرة نشغة ( شهق ) .. فمكث قليلاً .. ثمـ أفاقـ ..
فقال : لأحدثنك حديثاً حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
وأنا وهو في هذا البيت .. ليس فيه أحد غيري وغيره .. ثم نشغ أبو هريرة نشغة أخرى ..
فمكث بذلك .. ثم أفاق .. ومسح وجهه ..
فقال ..أفعل .. لأحدثنك بحديث حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
وأنا وهو في هذا البيتـ .. ليسـ فيه أحد غيري وغيره ..
ثم نشغـ أبو هريرة نشغة أخرى .. ثمـ مال خارّاً على وجهه .. وأسندته طويلاً ..
ثم أفاق .. فقال : حدثنيـ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
إن الله عز وجل إذا كان يومـ القيامة .. نزل إلى العباد ليقضي بينهمـ .. وكل أمة جاثية ..
فأول منـ يدعو به : رجل جمع القرآنـ .. ورجل يقتل في سبيل الله .. ورجل كثير المال ..
فيقول الله للقارىء : ألم أعلمكـ ما أنزلت على رسوليـ ؟
قال : بلى يا رب .. قال : فماذا عملت فيما علمتـ ؟
قال : كنت أقوم به آناء الليل وآناء النهار ..
فيقول الله له : كذبت .. وتقول الملائكة له : كذبتـ ..
فيقول الله عز وجل : أردت أن يقال : فلان قارىء .. فقد قيل ..
ويؤتى بصاحب المال فيقول : ألمـ أوسع عليك حتى لمـ أدعك تحتاج إلى أحد ؟
قال : بلى .. قال : فماذا عملت فيما آتيتكـ ؟
قال : كنتـ أصل الرحم .. وأتصدقـ ..
فيقول الله : كذبتـ .. وتقول الملائكة : كذبتـ ..
ويقول الله : بل أردت أن يقال : فلان جواد .. فقد قيل ذلك ..
ويؤتى بالرجل الذي قتل في سبيل الله .. فيقال له : فيم قتلتـ ؟
فيقول : أمرت بالجهاد في سبيلك .. فقاتلت حتى قتلتـ ..
فيقول الله : كذبتـ .. وتقول الملائكة له : كذبتـ ..
ويقول الله : بل أردت أن يقال : فلان جريء .. فقد قيل ذلكـ ..
ثمـ ضربـ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ على ركبتيـ فقال : يا أبا هريرة ..
أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة..
فإذا أحسنتـ النية في كرمك فأبشر بالخير ..
وأولى من تحسنـ إليهم ليحبوك ويكرموك .. أهل بيتكـ .. الأمـ .. الأب .. الزوجة .
الأولاد .. ثمـ الأقرب قالأقرب .. ابدأ بنفسكـ ثم بمن تعول ..
وكفى بالمرء إثماً أن يضيعـ من يعول ..
ولا بد من التفريقـ بين الكرم والإسرافـ ..
دلف رجل في شارع قديم فمر ببيت متهالكـ ..
فإذا فتاة صغيرة قد جلست على عتبة الباب بثياب رثة .. وهيئة فقيرة .. فسألها : من أنتـ ؟
قالت : أنا ابنة حاتم الطائيـ ..
فقال : عجباً !! ابنة حاتم الطائي الكريم الجواد .. على هذا الحال ؟!!
فقالت : كرم أبي صيرنا إلى ما ترى !!
كانـ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ أكرم الناسـ ..
ولمـ يكنـ جشعاً ينظر في مصلحة نفسه ولا يلتفتـ إلى غيره كلا .. قال ابو هريرة رضيـ الله عنه ..
والله الذي لا إله إلا هو إن كنت لأعتمد على الأرض من الجوعـ ..
وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوعـ ..
ولقد قعدت يوماً على طريقهم الذي يخرجون منه .. فمر أبو بكر ..
فسألته عن آية من كتاب الله .. ما سألته إلا ليستتبعني .. فلم يفعل ..
ثمـ مرَّ عمر .. فسألته عن آية من كتابـ الله .. ما سألته إلا ليستتبعني .. فمر فلمـ يفعل ..
ثمـ مرَّ بيـ أبو القاسمـ صلى الله عليه وسلمـ .. فتبسم حين رآنيـ ..
وعرفـ ما في وجهي وما في نفسيـ ..
ثمـ قال : أبا هر .. قلتـ : لبيكـ يا رسول الله .. قال : اِلْحَقْـ ..
ومضى .. فاتبعته .. فدخل .. فاستأذن .. فأذن ليـ .. فدخلتـ ..
فوجد لبناً فيـ قدحـ .. فقال : من أين هذا اللبنـ ؟
قالوا : أهداه لك فلان .. أو فلانة .. قال : أبا هر .. قلت : لبيك يا رسول الله ..
قال : اِلْحَقْ أهل الصفة .. فادعهم ليـ ..
قال : وأهل الصفة أضياف الإسلام .. لا يأوون إلى أهل ولا إلى مال ..
إذا أتته صدقة بعث بها إليهمـ ولم يتناول منها شيئاً .. وإذا أتته هدية أرسل إليهمـ ..
وأصاب منها وأشركهم فيها .. فساءني ذلكـ ..
وقلت : وما هذا اللبن في أهل الصفة !! كنت أحق أن أصيب من هذا اللبن شربة أتقوى بها ..
فإذا جاءوا .. أمرني .. فكنت أنا أعطيهم .. وما عسى أن يبلغني من هذا اللبنـ ..
ولم يكنـ من طاعة الله .. وطاعة رسوله بدٌ .. فأتيتهم .. فدعوتهمـ ..
فأقبلوا .. فأذن لهمـ .. وأخذوا مجالسهم من البيت .. فقال : يا أبا هر ..
قلت : لبيكـ يا رسول الله .. قال : خذ .. فأعطهمـ ..
فأخذت القدحـ .. فجعلت أعطيه الرجلَ فيشرب حتى يروى .. ثم يرد عليَّ القدحـ ..
فأعطيه الآخر .. فيشربـ حتى يروى .. ثم يرد علي القدحـ ..
فأعطيه الآخر فيشربـ حتى يروى .. ثم يرد علي القدحـ ..
حتى انتهيت إلى النبيـ صلى الله عليه وسلمـ .. وقد روي القوم كلهمـ ..
فأخذ القدح فوضعه على يده .. فنظر إليَّ فتبسمـ فقال : أبا هر ..
قلت : لبيك يا رسول الله .. قال بقيت أنا وأنت ؟
قلت : صدقت يا رسول الله .. قال : اقعد فاشربـ .. فقعدت فشربتـ ..
فقال : اشرب .. فشربتـ فما زال يقول : اشربـ .. حتى قلت : لا ..
والذي بعثك بالحقـ .. ما أجد له مسلكاً ..
قال : فأرنيـ .. فأعطيته القدحـ .. فحمد الله وسمَّى .. وشربـ الفضلة ..
وللكرمـ أسرار ..أحياناً لا تتكرمـ على الشخص مباشرة ..
وإنما تتكرمـ على من يحبهمـ .. فيحبك زارني أحد الأصدقاء يوماً ..
وكان يحمل كيساً فيه عدد من الحلويات والألعاب ..
أظنها لم تكلفه بضعة ريالات .. وضعها بجانب الباب لما دخل .. وقال : هذه للأولاد ..
فرح بها الصغار .. وفرحت بها أنا لأنه أشعرني أنه يحب إدخال السرور على أولادي ..
كان أحد السلفـ عالماً .. لكنه كان فقيراً ..
فكانـ طلابه يهدون إليه بين فترة وأخرى .. أنواعاً من الهدايا .. تمر .. دقيقـ ..
وكان الطالبـ إذا أهدى إليه .. لم يزل الشيخ مكرماً مقبلاً عليه .. ما دامتـ هديته باقية ..
فإذا انتهتـ .. رجع إلى طبعه الأول ..
ففكر أحد طلابه بهدية يحملها إلى الشيخ .. تكون معقولة الثمن .. وتطول مدة بقائها ..
فأهدى إليه كيسـ ملحـ ..ولو استشرتنيـ فيـ هديتينـ ستهديـ إحداهما إلى صديقـ ..
أولهما زجاجة عطر رائع .. ثمينـ ..
أو ساعة حائطية تكتب عليها إهداءً باسمه .. لاخترت الساعة .. لأنها يطول بقاؤها ..
ويراها دائماً .. وأذكر أن أحد طلابيـ أهديته ساعة حائطية فيها إهداء باسمه ..
وتخرجـ من الكلية .. ومرت السنينـ ..
ثم زرت إحدى المدن فتفاجأت به يحضر المحاضرة ويدعونيـ إلى بيته ..
فلما دخلتـ مجلسـ الضيوف فإذا به يشير إلى الساعة معلقة على الحائط ..
ويقول : هذه أغلى هدية عندي .. وقد مر على تخرجه سبع سنينـ ..
بقي أن تعلمـ أن هذه الساعة لمـ تكلف إلا شيئاً يسيراً .. لكنـ قيمتها المعنوية أعلى وأكبر ..


:: وجهة نظر ::
كسب قلوب الناس فرص قد لا تتكرر

العابره
29-3-2010, 08:05 AM
الموضوعـ الخامس والثمانــــــــــــين : اللسان .. ملكـ !!
يقول الشيخـ :::: تأملت فيما يحدث التباغض والشقاقـ بين الناسـ ..
ويجعل بعضهمـ أثقل من الجبل على الآخرينـ .. فلا يحبون رؤيته ولا مجالسته ..
ولا السفر معه .. ولا حضور وليمة هو مدعو إليها ..
وجدتـ أن أكثر يوصل الشخصـ إلى هذا المستوى البغيضـ هو اللسانـ ..
فكمـ من خصومات وقعتـ بين إخوان .. وأزواج .. و .. بسببـ مسبة أو غيبة أو شتمـ ..!!
لسانـ الفتى نصف ونصف فؤاده .. فلم يبق إلا صورة اللحم والدمـ ..
ذُكر أن ملكاً معظماً رأى في منامه أن أسنانه تساقطت ..
فاستدعى أحد المعبرينـ .. وقص عليه الرؤيا وسأله عن تعبيرها ؟!
فتغير المعبر لما سمعها .. وجعل يردد : أعوذ بالله .. أعوذ بالله ..
تمضيـ عليك السنينـ .. ويموت أولادك وأهلك جميعاً .. وتبقى في ملكك وحدكـ ..
فصاحـ الملك .. وغضبـ .. وسبـ ولعن .. وأمر بالمعبر أنـ يسحبـ ويجلد ..
ثمـ دعا بمعبر آخر .. وقص عليه الرؤيا .. وسأله عن تعبيرها ..
فاستهل ذاك المعبر .. وتبسمـ .. وأظهر البشاشة .. وقال : أبشر .. خير .. خير .. أيها الملكـ ..
هذا معناه أنك سيطول عمرك جداً .. حتى تكون آخر أهلك موتاً ..
وتبقى طول عمركـ ملكاً .. فاستبشر الملكـ وأمر له بالأعطيات .. وبقي راضياً عليه ..
ساخطاً على الآخر !! مع أنك لو تأملتـ لوجدتـ أن التعبيرين متماثلان متطابقانـ ..
لكنـ الأول عبر بأسلوبـ والآخر عبر بأسلوب آخر .. نعمـ .. اللسان سيد الأعضاء ..
وفي الحديث .. قال صلى الله عليه وسلمـ : إذا أصبح ابنـ آدمـ فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان ..
فتقول : اتقـ الله فينا .. فإنما نحنـ بك .. فإن استقمت استقمنا .. وإن اعوججت اعوججنا ..
نعمـ .. والله إنه لسيد .. سيد في خطبة الجمعة .. وسيد فيـ الإصلاح بين الناسـ ..
وسيد في التسويق .. وسيد في المحاماة ..
ولا يعني هذا أنه إذا فقده الإنسان .. انتهت حياته .. كلا بل صاحب الهمة يبقى بطلاً ..
لمـ يكنـ أبو عبد الله يختلف كثيراًُ عن بقية أصدقائي ..
لكنه والله يشهد ..من أحرصهم على الخير ..
له عدة نشاطات دعوية من أبرزها ما يقوم به أثناء عمله ..
فهو يعمل مترجما في معهد الصمـ البكمـ ..
اتصل بي يوما وقال : ما رأيك أن أحضر إلى مسجدك اثنين من منسوبيـ معهد الصمـ ..
لإلقاء كلمة على المصلينـ ..
تعجبتـ !! وقلت : صمـ يلقون كلمة على ناطقينـ ؟
قال : نعمـ .. وليكن مجيئنا يوم الأحد ..انتظرت يومـ الأحد بفارغ الصبر ..
وجاء الموعد ..وقفتـ عند باب المسجد أنتظر .. فإذا بأبي عبد الله يقبل بسيارته ..
وقف قريباً من الباب .. نزل ومعه رجلان .. أحدهما كان يمشي بجانبه ..
والثاني قد أمسكه أبو عبد الله يقوده بيده ..
نظرتـ إلى الأول فإذا هو أصمـ أبكمـ .. لا يسمعـ ولا يتكلمـ .. لكنه يرى ..
والثاني أصمـ .. أبكمـ .. أعمى .. لا يسمع ولا يتكلم ولا يرى ..
مددت يديـ وصافحتـ أبا عبد الله .. كانـ الذي عنـ يمينه .. وعلمتـ بعدها أن اسمه أحمد ..
ينظر إليّ مبتسماً .. فمددت يديـ إليه مصافحاً ..
فقال ليـ أبو عبد الله .. وأشار إلى الأعمى ..
سلمـ أيضاً على فايز .. قلت : السلامـ عليكمـ .. فايز ..
فقال أبو عبد الله : أمسك يده .. هو لا يسمعكـ ولا يراكـ ..
جعلتـ يدي في يده .. فشدني وهز يديـ ..
دخل الجميع المسجد .. وبعد الصلاة جلس أبو عبد الله على الكرسي ..
وعن يكينه أحمد .. وعن يساره فايز ..
كان الناسـ ينظرون مندهشينـ .. لم يتعودوا أن يجلس على كرسي المحاضرات أصمـ ..
التفتـ أبو عبد الله إلى أحمد وأشار إليه .. فبدأ أحمد يشير بيديه .. والناسـ ينظرونـ ..
لم يفهموا شيئاً .. فأشرت إلى أبي عبد الله .. فاقترب إلى مكبر الصوتـ ..
وقال : أحمد يحكي لكم قصة هدايته .. ويقول لكم .. ولدت أصم .. ونشأت في جدة ..
وكانـ أهلي يهملونني .. لا يلتفتون إليّ .. كنتـ أرى الناس يذهبون إلى المسجد ..
ولا أدريـ لماذا ! أرى أبي أحياناً يفرش سجادته ويركعـ ويسجد .. ولا أدري ماذا يفعل ..
وإذا سألتـ أهلي عن شيء .. احتقروني ولم يجيبونيـ ..
ثم سكتـ أبو عبد الله والتفت إلى أحمد وأشار له ..
فواصل أحمد حديثه .. وأخذ يشير بيديه .. ثم تغير وجهه .. وكأنه تأثر ..
خفض أبو عبد الله رأسه .. ثمـ بكى أحمد .. وأجهش بالبكاء .. تأثر كثير من الناسـ ..
لا يدرون لماذا يبكيـ .. واصل حديثه وإشاراته بتأثر .. ثم توقفـ ..
فقال أبو عبد الله : أحمد يحكي لكم الآن فترة التحول في حياته ..
وكيفـ أنه عرفـ الله والصلاة بسببـ شخصـ في الشارعـ عطفـ عليه وعلمه ..
وكيفـ أنه لما بدأ يصليـ شعر بقدر قربه من الله .. وتخيل الأجر العظيم لبلائه ..
وكيفــ أنه ذاق حلاوة الإيمانـ ..
ومضى أبو عبد الله يحكي لنا بقية قصة أحمد ..
كان أكثر الناس مشدوداً متأثراً ..
لكنيـ كنتـ منشغلاً .. أنظر إلى أحمد تارة .. وإلى فايز تارة أخرى ..
وأقول في نفسيـ .. هاهو أحمد يرى ويعرف لغة الإشارة .. وأبو عبد الله يتفاهم معه بالإشارة ..
ترى كيفـ سيتفاهمـ معـ فايز .. وهو لا يرى ولا يسمعـ ولا يتكلمـ ..!!
انتهى أحمد من كلمته .. ومضى يمسحـ بقايا دموعه ..
التفتـ أبو عبد الله إلى فايز .. قلتـ في نفسيـ : هه ؟؟ ماذا سيفعل ؟!!
ضربـ أبو عبد الله بأصابعه على ركبة فايز .. فانطلقـ فايز كالسهمـ .. وألقى كلمة مؤثرة ..
تدري كيفـ ألقاها ؟بالكلامـ ؟ كلا .. فهو أبكمـ .. لا يتكلمـ ..
بالإشارة ؟ كلا .. فهو أعمى .. لم يتعلم لغة الإشارة ..
ألقى الكلمة بـ ( اللمس ) .. نعمـ باللمسـ .. يجعل أبو عبد الله ( المترجم ) يده بين يدي فايز ..
فيلمسه فايز لمسات معينة .. يفهم منها المترجم مراده ..
ثم يمضيـ يحكي لنا ما فهمه من فايز .. وقد يستغرقـ ذلك ربع ساعة ..
وفايز ساكن هادئ لا يدريـ هل انتهى المترجم أم لا .. لأنه لا يسمع ولا يرى ..
فإذا انتهى المترجمـ من كلامه .. ضربـ ركبة فايز .. فيمد فايز يديه ..
فيضعـ المترجمـ يده بين يديه .. ثم يلمسه فايز للمسات أخر ..
ظل الناسـ يتنقلون بأعينهم بين فايز والمترجمـ .. بين عجب تارة .. وإعجاب أخرى ..
وجعل فايز يحث الناس على التوبة .. كان أحياناً يمسك أذنيه .. وأحياناً لسانه ..
وأحياناً يضعـ كفيه على عينيه .. فإذا هو يأمر الناسـ بحفظ الأسماع والأبصار عن الحرامـ ..
كنتـ أنظر إلى الناسـ .. فأرى بعضهمـ يتمتمـ : سبحان الله ..
وبعضهمـ يهمسـ إلى الذي بجانبه .. وبعضهمـ يتابع بشغف .. وبعضهم يبكيـ ..
أما أنا فقد ذهبت بعيييييداً ..
أخذتـ أقارن بين قدراته وقدراتهمـ .. ثم أقارن بين خدمته للدين وخدمتهمـ ..
الهمـ الذي يحمله رجل أعمى أصمـ أبكمـ .. لعله يعدل الهم الذي يحمله هؤلاء جميعاً ..
والناس ألف منهم كواحد **** وواحد كالألف إن أمر عنا
رجل محدود القدراتـ .. لكنه يحترقـ في سبيل خدمة هذا الدينـ ..
يشعر أنه جنديـ من جنود الإسلامـ .. مسئول عنـ كل عاصـ ومقصر ..
كانـ يحرك يديه بحرقة .. وكأنه يقول يا تاركـ الصلاة إلى متى ..؟
يا مطلق البصر فيـ الحرامـ إلى متى ..؟ يا واقعاً في الفواحشـ ؟ يا آكلاً للحرام ؟
بل يا واقعاً في الشركـ ؟ كلكمـ إلى متى .. أما يكفيـ حرب الأعداء لديننا .. فتحاربونه أنتم أيضاً !!
كانـ المسكينـ يتلونـ وجهه ويعتصر ليستطيعـ إخراجـ ما في صدره ..
تأثر الناسـ كثيراً .. لمـ ألتفت إليهمـ .. لكنيـ سمعتـ بكاء وتسبيحاتـ ..
انتهى فايز من كلمته .. وقامـ .. يمسك ابو عبد الله بيده ..
تزاحمـ الناسـ عليه يسلمونـ ..كنت أراه يسلمـ على الناسـ ..
وأحسـ أنه يشعر أن الناسـ عنده سواسيه ..يسلمـ على الجميع ..
لا يفرقـ بين ملك ومملوك ورئيسـ ومرؤوسـ .. وأمير ومأمور ..
يسلمـ عليه الأغنياء والفقراء .. والشرفاء والوضعاء .. والجميعـ عنده سواء ..
كنتـ أقول في نفسيـ ليت بعضـ النفعيينـ مثلك يا فايز ..
أخذ أبو عبد الله بيد فايز .. ومضى به خارجاً من المسجد ..
أخذتـ أمشيـ بجانبهما .. وهما متوجهان للسيارة ..
والمترجمـ وفايز يتمازحانـ في سعادة غامرة ..
آآآه ما أحقر الدنيا ..كمـ من أحد لم يصبـ بربع مصابكـ يا فايز ولم يستطعـ أن ينتصر على الضيقـ والحزنـ ..
أينـ أصحابـ الأمراض المزمنة .. فشل كلويـ .. شلل ..
جلطاتـ .. سكريـ .. إعاقاتـ .. لماذا لا يستمتعون بحياتهمـ .. ويتكيفون مع واقعهمـ ..
ما أجمل أن يبتليـ الله عبده ثم ينظر إلى قلبه فيراه شاكراً راضياً محتسباً ..
مرت الأيامـ .. ولا تزال صورة فايز مرسومة أمامـ ناظريـ ..


:: حقيقة ::
الإنسان لا لحمه يؤكل .. ولا جلده يلبس .. فماذا فيه غير حلاوة اللسان !!

العابره
29-3-2010, 08:10 AM
الموضوعـ السادس والثمانــــــــــــين : المفتاحـ ..
يقول الشيخـ :::: المدحـ .. هو مفتاحـ القلوبـ ..
نعمـ .. من أجمل مهارات الكلامـ أن تكون مبدعاً في تعويد نفسكـ على اكتشافـ صواب الآخرينـ ..
ومدحهمـ والثناء عليهمـ به .. قبل الانتباه إلى خطئهمـ ..
ويتأكد ذلك عندما تريد أنـ تنبه شخصاً إلى خطأ ما ..
كثير منـ الناسـ يرد النصيحة لا لأجل تكبره عنها .. أو عدم اقتناعه بخطئه ..
وإنما لأن الناصحـ لمـ يسلك الطريقـ الصحيحـ لتقديم النصيحة ..
هبـ أنك ذهبت إلى مستشفى حكوميـ لعلاجـ ..
فلما أقبلتـ إلى موظفـ الاستقبال فإذا وراء الزجاجـ شابـ مراهق يقلبـ جريدة بين يديه ..
وبيده سيجاره .. غير مبال بما حوله ..
وإذا شيخـ كبير أعمى يقف متعباً في يده اليمنى طفل صغير ..
وفيـ الأخرى ورقة مراجعة ينتظر أن يحوله الموظفـ إلى الطبيبـ ..
وإذا بجانبه عجوز كبيرة بيدها طفلة تبكيـ وقد تمكنتـ الحمى من جسدها ..
وتنتظر أيضاً الموظفـ أنـ يفرغـ من قراءة أخبار ناديه المفضل ليحولها لطبيبـ الأطفال ..
لما رأيتـ هذا المنظر ثارتـ أعصابك .. ولا نلومك على ذلكـ ..
فصرختـ بالموظفـ : هيه !! أنتـ جالسـ فيـ مستشفى أو فيـ ... ما تخاف الله ؟!!
المرضى يئنونـ من الألمـ وأنت تقرأ جريدة !! لا وتدخنـ أيضاً !! والله عجبـ ..
مثلكـ ما يربيه إلا شكوى لمدير المستشفى .. أو المفروضـ أن تفصل من عملكـ ..
وبدأت تهيل هذه العبارات كالبرق عليه ..هبـ أنه .. لم يرد عليكـ .. ولم يقابل صراخكـ بصراخـ ..
هبـ فعلاً أنه ألقى جريدته .. وأنهى تحويل المرضى إلى الأطباء ..
هل تعتبر نفسكـ نجحتـ في حل المشكلة .. كلا ..
أنتـ هنا عالجتـ الموقفـ لكنكـ لم تعالجـ المشكلة ..
لأنه وإن استجابـ إليك الآن إلا أنه سيعود إلى تصرفه المشينـ غداً وبعد غدٍ ..
إذن كيفـ أتصرفـ ؟!!
تعال إليه واكظمـ غيظكـ .. تعامل مع الموقف بعقل لا بعاطفة ..
لا تدعـ المناظر المؤذية تؤثر في تصرفاتك ..
ابتسمـ .. وإن كنت مغضباً .. وإن كانت الابتسامة صفراء لا مشكلة ..
ابتسمـ .. وقل : السلامـ عليكمـ ..
سيقول وهو ينظر إلى لاعبه المفضل : عليكمـ السلامـ .. انتظر لحظة ..
قل أي كلمة تجعله يلتفت إليكـ .. كأن تقول : كيف الحال ؟ .. مساكـ الله بالخير ..
سيرفع رأسه .. حتماً .. إليك ويقول : الحمد لله بخير ..
في هذه المرحلة تكون قد قطعت نصف المشوار ..
تلطف إليه بأي عبارة تمدحه بها .. قل له مثلاً : تصدق !
المفروض مثلك ما يعمل في استقبال مستشفى .. سيتغير ويقول : لماذا ؟
قل : لأنـ هذا الوجه المنير إذا رآه المريضـ زال مرضه فلا يحتاجـ إلى طبيبـ ..
سيبتسمـ متعجباً من جرأتك .. يا بطل .. وتنبلج أساريره ..
وقد صار الآن مهيئاً لقبول لنصيحة .. ويقول : ماذا عندكـ ؟
عندها قل : يا أخيـ الحبيبـ ترى هذا الشيخـ الكبير .. وهذه العجوز المسكينة ..
ليتكـ تنهي لهما إجراءات الدخول على الطبيبـ ..
سيتناول أوراقهما .. ويحولهما للطبيبـ .. ثمـ يتناول ورقتكـ ..
فإذا انتهى منكـ وسلمكـ الورقة .. فقل له : سبحان الله .. هذه أول مرة أراكـ ..
ومع ذلك فقد دخلتـ إلى قلبي ..
لا أدري كيفـ !! والله إنكـ أحب إليَّ من آلافـ الناسـ ..
( وفعلاً أنت صادق فهو مسلمـ أحب إليك حتماً من ملايينـ غير المسلمين ) ..
سيفرحـ ويشكر لك لطفك .. فقل : وعندي كلمات أود أن تسمعها لكنيـ أخاف أن تغضبك ..
سيقول : لا .. لا .. تفضل .. عندها قدم له النصيحة .. أنتـ قد منّ الله عليك بهذه الوظيفة ..
وفي واجهة المستشفى .. وأنتـ قدوة لغيركـ ..
فليتكـ تتلطف قليلاً مع المراجعين .. وتهتم بهمـ ..
لعل دعوة صالحة ترفعـ لك في ظلمة الليل منـ فمـ عجوز عابدة .. أو شيخـ زاهد ..
أجزمـ أنه سيخفضـ رأسه وأنت تتكلمـ .. ويردد : أشكركـ .. جزاك الله خيراً ..
وكذلكـ استعمل هذه الأساليب مع كل شخص تعالج سلوكه ..
مثل شخص يتهاون بالصلاة .. أو أب يهمل بناته فيتكشفنـ .. ويتساهلن بالحجابـ ..
أو شابـ عاق لوالديه .. لأجل أن يقبلوا منكـ لا بد أن تمارس المهارات المناسبة ..
نعمـ .. استخدمـ العبارات اللطيفة في إصلاحـ خطأ الآخر .. كن مؤدباً .. محترماً لرأيه ..
قل له : أنا ما أنصحكـ إلا لأني أعلم .. أنك تقبل النصح ..
وفيـ التنزيل العزيز يقول الله : ( إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ) ..
وقد كان المربي الحكيم صلى الله عليه وسلمـ ..
يستعمل طرقاً ومهارات تجعل من يعدل سلوكهم لا يملكون إلا أن يقبلوا منه ..
أراد يوماً أن يعلم معاذ بن جبل ذكراً يقوله بعد الصلاة ..
فأقبل إلى معاذ وقال : يا معاذ .. والله إني أحبكـ ..
فلا تدعنـ في دبر كل صلاة أنـ تقول : اللهمـ أعني على ذكركـ وشكركـ وحسنـ عبادتكـ ..
بالله عليكـ .. ما علاقة المقطع الأول من الكلام "والله إني أحبك " ..
بالمقطعـ الثاني " لا تدعن أن تقول اللهم أعني على ذكرك "..
قد يكون الأنسبـ لقوله إني أحبك أن يقول بعدها وأريد أن أزوجك ابنتيـ .. مثلاً ..
أو أعطيك مالاً .. أو أدعوك إلى طعامـ ..
ولكنـ أن يتبع خبر المحبة تعليمه ذكراً منـ أذكار الصلاة ..!! فهذا يحتاج إلى تأمل ..
أتدريـ ما موقع قوله : " والله إني أحبك " ؟ إنه التهيئة لقبول النصيحة ..
فإذا ارتاحتـ نفسـ معاذ واستبشر ، أعطاه النصيحة ..
وفيـ موقفـ آخر .. قبضـ صلى الله عليه وسلمـ يد عبد الله بن مسعود بيده اليمنى ..
ثمـ وضعـ يده اليسرى فوقها .. كنوعـ من العطفـ والتهيئة ..
ثم قال : يا عبد الله .. إذا جلستـ في التشهد ..
فقل : التحياتـ لله والصلولات والطيبات السلامـ عليك أيها النبيـ ورحمة الله وبركاته ..
ومضتـ السنينـ وماتـ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. فكان عبد الله يفخر بذلك ..
ويقول علمنيـ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ التشهد وكفيـ بينـ كفيه ..
وفيـ يوم آخر لاحظ صلى الله عليه وسلمـ أن عمر رضيـ الله عنه ..
إذا طاف بالكعبة وحاذى الحجر الأسود .. زاحم الناسـ وقبله .. وكان صلباً قوي البدن ..
وربما زاحم الضعفاء .. فأراد صلى الله عليه وسلمـ أن يعدل سلوكه ..
فقال .. على سبيل التهيئة لقبول النصيحة : يا عمر إنك رجل قويـ ..
فرحـ عمر بهذا الثناء .. فقال صلى الله عليه وسلمـ : فلا تزاحمن عند الحجر ..
ومرة أراد أن ينصح ابن عمر بقيام الليل .. فقال : نعمـ الرجل عبد الله لو كانـ يقومـ الليل ..
وفيـ رواية قال : يا عبد الله لا تكنـ مثل فلانـ .. كانـ يقومـ الليل ..
لا تكنـ مثل فلان .. كان يقومـ الليل .. فترك قيامـ الليل ..
نعم .. كانـ صلى الله عليه وسلمـ يستعمل هذا الأسلوبـ الرائع مع جميع الناسـ ..
ومع الوجهاء خاصة ..في بداية بعثة النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
كانـ الناسـ ما بين مقبل ومدبر .. وكان رجل في المدينة اسمه سويد بن الصامت ..
وكانـ رجلاً شريفاً فيـ قومه .. عاقلاً شاعراً .. يحفظ كلامـ الحكماء ..
حتى قيل إنه كانـ يحفظ كل ما روي عنـ لقمان الحكيمـ ..
حتى بلغ من إعجاب الناسـ به أنهم كانوا يسمونه : الكامل .. لجلده وشعره ..
وشرفه ونسبه .. وهو الذي يقول :
ألا رب من تدعو صديقاً ولو ترى **** مقالته بالغيب ساءك ما يفري
مقالته كالشهد ما كان شاهـداً **** وبالغيب مأثور على ثغرة النحر
يســرك بـاديـه وتـحـت أديمـه **** نميمة غش تبتري عقب الظهر
تبيـن لـك العـينان مـا هـو كاتـم**** من الغل والبغضاء بالنظر الشزر
قدمـ سويد بن الصامت يوماً إلى مكة حاجاً .. أو معتمراً ..
فتحدث الناسـ بدخوله مكة .. وأقبلوا لرؤيته .. فسمع النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
به فأقبل عليه .. فدعاه إلى الله .. وإلى الإسلامـ ..
وجعل يحدثه بالتوحيد والرسالة وأنه نبيـ يوحى إليه قرآنـ ..
وأن هذا القرآنـ هو كلامـ الله تعالى .. فيه عبر وأحكامـ ..
فقال له سويد : فلعل الذي معكـ مثل الذي معيـ ؟
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلمـ : ما الذي معكـ ؟
قال : معيـ مجلة لقمان .. يعني حكمة لقمانـ ..
فلمـ يعنفه صلى الله عليه وسلمـ أو يحقره .. مع أنه يضاهيـ كلامـ الله بكلام البشر ..
وإنما تلطف معه .. وقال صلى الله عليه وسلمـ : اعرضها عليـ ..
فشرعـ سويد يقرأ ما يحفظ منـ كلامـ لقمان وحِكَمِه ..
ورسول الله صلى الله عليه وسلمـ يستمعـ إليه بكل هدوووء ..
فلما انتهى سويد .. قال صلى الله عليه وسلمـ له : إن هذا لكلامـ حسن ..
ثمـ قال مشوقاً لسويد : والذيـ معيـ أفضل من هذا ..
قرآنـ أنزله الله تعالى علي .. هو هدى ونور ..
ثمـ تلا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلمـ القرآنـ .. ودعاه إلى الإسلامـ ..
وسويد يستمعـ منصتاً .. فلما فرغـ صلى الله عليه وسلمـ من كلامه ..
ظهر على سويد التأثر .. وقال : إن هذا لقول حسنـ ..
ثمـ انصرفـ سويد عنـ النبيـ صلى الله عليه وسلمـ .. ولا يزال متأثراً بما سمع ..
فقدمـ المدينة على قومه .. فلمـ يلبثـ أن وقعـ قتال بينـ قبيلتيـ الأوسـ والخزرجـ ..
وكانـ من قبيلة الأوس فقتلته الخزرجـ ..
وذلك قبل أن يهاجر النبيـ صلى الله عليه وسلمـ إلى المدينة ..
ولا يدرى هل أسلمـ أمـ لا ؟ وإن كانـ رجل من قومه ليقولونـ : إنا لنراه قد قتل وهو مسلمـ ..


:: باختصار ::
أسرف في المديح .. واقتصد في النقد ..

العابره
1-4-2010, 09:04 AM
الموضوعـ السابع والثمانــــــــــــين : الساحر ..
يقول الشيخـ :::: الكلامـ ببلاشـ .. يا أخيـ سَمِّعنا كلمة حلوة ..
هكذا بدأتـ المسكينة تعاتبـ زوجها ..
صحيحـ هو ما قصر معها في طعامـ ولا لباسـ .. ولكنه لمـ يكنـ يسحرها بمعسول الكلامـ .. !!
يجمعـ العقلاء أن أهمـ صفات البائعـ الماهر أن يكونـ ساحراً في كلامه ..
فيردد : من عيونيـ .. تفضل .. خل الحساب علينا .. تعبكـ راحة ..
وتزيد قيمة البائعـ كلما زادت عباراته جمالاً ..
فإنـ أضافـ إلى حسنـ العبارة جودة في وصفـ السلعة .. وقدرة على إقناعـ الزبونـ بالشراء ..
صار قد اكتسب نوراً على نور ..
ويجمعـ المجربونـ أنـ من أهمـ صفاتــ السكرتير أنـ يكونـ لسانه عذباً .. وعباراته حلوة ..
فيطربـ الأسماعـ بقوله : سَمْـ .. أبشر .. نحنـ ( خدّامينك ) ..
وربما شغفتـ زوجة بزوجها حباً .. وهو كثير البخل قليل الجمال .. لكنه يسحرها بعباراته ..
أذكر أنـ شاباً مراهقاً كانـ مغرماً بمغازلة الفتيات ..
وكانـ له قدرة عجيبة على الإيقاعـ بهنـ .. وكمـ منـ مسكينة صارتـ متيمة بحبه ..
عالقة بشراكه .. ومن العجبـ أنه لمـ يكنـ يملكـ سيارة فارهة يغريهنـ بركوبها ..
ولمـ تكنـ جيبه مليئة بالمال ليغدق عليهنـ الهدايا .. ولا تظننـ أنه أوتيـ وسامة أو جمالاً ..
كلا فإنيـ أسأل الله لكـ أن لا تبتلى بالنظر إلى وجهه !!
لكنه كانـ يغلقـ فمه على لسانـ .. لو تكلمـ مع حجر لفلقه .. ولو سمعه نهر لدفّقه ..
فكانـ يصطاد الفتياتـ بلسانه اصطياداً .. بل يسحرهنـ سحراً ..
وحـديثهـا السحـر الحـلال لـو أنـه **** لم يجن قتل المسلم المتحرز
إن طال لم يملل وإن هي أوجزت**** ود المحـدث أنـهـا لـم توجـز
أقبل يوماً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ثلاثةُ رجال سادة في قومهمـ ..
قيسـ بن عاصم .. والزبرقانـ بن بدر .. وعمرو بنـ الأهتمـ ..وكلهمـ من قبيلة تميمـ ..
فبدؤوا يتفاخرونـ .. فقال الزبرقان : يا رسول الله .. أنا سيد تميمـ .. والمطاعـ فيهمـ ..
والمجابـ فيهمـ .. أمنعهمـ من الظلمـ .. فآخذ لهمـ بحقوقهمـ ..
ثمـ أشار إلى السيد الآخر عمرو بن الأهتمـ .. وقال : وهذا يعلم ذاك ..
فأثنى عمرو عليه وقال : والله يا رسول الله .. إنه لشديد العارضة .. مانع لجانبه ..
مطاعـ فيـ ناديه ..ثمـ سكتـ عمرو ..
فغضبـ الزبرقانـ .. وودَّ لو لأن عمرواً زاد في الثناء .. وظنـ أنه حسده على سيادته ..
فقال الزبرقان : والله يا رسول الله .. لقد علم ما قال .. وما منعه أن يتكلم به إلا الحسد ..
فغضب عمرو .. وقال :أنا أحسدك ؟!! فوالله إنك لئيم الخال .. حديث المال ..
أحمق الموالد .. مضيع في العشيرة .. والله يا رسول الله لقد صدقتـ فيما قلت أولاً ..
وما كذبتـ فيما قلتـ آخراً .. لكنيـ رجل رضيتـ فقلتـ أحسنَـ ما علمتـ ..
وغضبتـ فقلتُـ أقبحـ ما وجدتـ .. ووالله لقد صدقتـ في الأمرينـ جميعاً ..
فعجبـ صلى الله عليه وسلمـ منـ سرعة حجته .. وقوة بيانه .. ومهارات لسانه ..
فقال : إنـ منـ البيانـ لسحراً .. إنـ منـ البيانـ لسحراً ..
فكنـ مبدعاً فيـ مهارات لسانكـ .. فلو قال لكـ : ناولنيـ القلمـ .. قل : منـ عيونيـ .. تفضل ..
ولو قال .. لكن يا فلانـ عندي طلبـ : اطلبـ عيونيـ .. سَمْـ ..
أريد منكـ خدمة : تفضل .. خدمنا أناساً ما يساوونـ أثر رجليكـ ..
مارسـ هذا الأسلوبـ الذي يدغدغـ المشاعر .. مع أمكـ .. نعمـ أسمعها كلماتـ رقيقة لينة ..
مع أبيكـ .. زوجتكـ .. أولادكـ .. زملائكـ ..
فهذا الأسلوبـ لا يخسركـ شيئاً .. وتسحر به الآخرين .. وتزيل ما فيـ نفوسهمـ ..
وانظر إلى حال الأنصار رضيـ الله عنهمـ بعد معركة حنينـ ..
الأنصار الذين قاتلوا مع النبيـ صلى الله عليه وسلمـ في بدر ثم قتلوا في أحد ..
وحوصروا فيـ الخندقـ .. ولا زالوا معه يقاتلونـ ويُقتَلونـ .. حتى فتحوا معه مكة ..
ثمـ مضوا إلى معركة حنينـ .. ففي الصحيحينـ ..
أنـ القتال اشتد أول المعركة .. وانكشفـ الناسـ عن رسول الله ..
فإذا الهزيمة تلوحـ أمامـ المسلمينـ .. فالتفتـ صلى الله عليه وسلمـ إلى أصحابه ..
فإذا همـ يفرون من بين يديه ..فصاحـ بالأنصار ..
يا معشر الأنصار .. فقالوا : لبيكـ يا رسول الله ..
وعادوا إليه .. وصفوا بينـ يديه ..ولا زالوا يدفعونـ العدو بسيوفهمـ ..
ويفدونـ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ بنحورهمـ .. حتى فر الكفار وانتصر المسلمونـ ..
وبعدما انتهتـ المعركة.. وجمعتـ الغنائمـ بينـ يدي النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
أخذوا ينظرون إليها ..وأحدهم يتذكر أولاده الجوعى ..
وأهلَه الفقرا .. ويرجو أنـ يناله من هذه الغنائمـ شيء يوسع به عليهمـ ..
فبينما همـ على ذلك ..فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
يدعو الأقرعـ بن حابس .. ما أسلمـ إلا قبل أيامـ فيـ فتحـ مكة .. فيعطيه مائة من الإبل ..
ثمـ يدعو أبا سفيانـ ويعطيه مائة منـ الإبل ..ولا يزال يقسمـ النعمـ ..
بين أقوامـ .. ما بذلوا بذل الأنصار .. ولا جاهدوا جهادهمـ ..
ولا ضحوا تضحيتهمـ .. فلما رأى الأنصار ذلك ..
قال بعضهمـ لبعض : يغفر الله لرسول الله .. يعطي قريشاً ويتركنا .. وسيوفنا تقطر من دمائهمـ ..
فلما رأى سيدهمـ سعد بن عبادة رضيـ الله عنه ذلك ..
دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فقال : يا رسول الله .. إنـ أصحابكـ منـ الأنصار وجدوا عليك فيـ أنفسهمـ .. قال : وما ذاكـ ؟!!
قال : لما صنعتـ في هذا الفئ الذي أصبتـ .. قسمتـ في قومكـ .. وأعطيتـ عطاياً عظاماً ..
فيـ قبائل العرب .. ولمـ يكنـ فيـ الأنصار منه شئ ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ : فأين أنت من ذلك يا سعد ؟
قال : يا رسول الله .. ما أنا إلا امرؤ منـ قوميـ ..
فقال : فاجمعـ لي قومكـ .. فلما اجتمعوا .. أتاهمـ رسول الله ..
فحمد الله وأثنى عليه .. ثمـ قال : يا معشر الأنصار .. ما قالة بلغتني عنكمـ ؟
قالوا : أما رؤساؤنا يا رسول الله فلم يقولوا شيئا وأما ناس منا حديثة أسنانهم ..
فقالوا يغفر الله لرسول الله يعطيـ قريشـ ويتركنا وسيوفنا تقطر منـ دمائهمـ ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ : يا معشر الأنصار .. ألم تكونوا ضلالاً فهداكمـ الله بي ..
قالوا : بلى ولله ورسوله .. المنة الفضل ..
قال : ألمـ تكونوا عالة فأغناكمـ الله .. وأعداءً فألف بينـ قلوبكمـ ..
قالوا : بلى ولله ورسوله .. المنة الفضل ..
ثمـ سكتـ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. وسكتوا .. وانتظرَ .. وانتظروا ..
فقال : ألا تجيبونيـ يا معشر الأنصار ..
قالوا : وبماذا نجيبكـ يا رسول الله .. ولله ولرسوله المنة والفضل ..
قال : أما والله لو شئتم لقلتم .. فلصَدَقتم ولصُدِّقتم ..
لو شئتم لقلتم : أتيتنا مكذباً فصدقناك .. ومخذولاً فنصرناك .. وطريداً فآويناك ..
وعائلاً فواسيناك .. ثم قال : يا معشر الأنصار ..
أوجدتمـ على رسول الله في أنفسكمـ .. في لعاعة من الدنيا .. تألفتـ بها قوماً ليسلموا ..
ووكلتمـ الى إسلامكمـ .. إن قريشاً حديثوا عهد بجاهلية ومصيبة ..
وإنيـ أردت أن أجبرهمـ .. وأتألفهمـ .. ألا ترضونـ يا معشر الأنصار ..
أنـ يذهبـ الناسـ بالشاة والبعير .. وترجعون برسول الله صلى الله عليه وسلمـ إلى بيوتكمـ ..
لو سلكـ الناسـ وادياً أو شعباً .. وسلكتـ الأنصار وادياً أو شعباً .. لسلكتـ وادي الأنصار ..
أو شعبـ الأنصار .. فوالذي نفس محمد بيده .. إنه لولا الهجرة ..
لكنتـ امرءاً من الأنصار .. اللهمـ ارحمـ الأنصار .. وأبناء الأنصار .. وأبناء أبناء الأنصار ..
فبكى القومـ حتى أخضلوا لحاهمـ .. وقالوا : رضينا برسول الله قَسْماً وحظاً..
ثمـ انصرفـ رسول الله وتفرقوا .. بل إنك بالعبارات الجميلة تستطيع أن تخدر الناس أحياناً ..
ذكر أنه كان فيـ صعيد مصر رجل غني متسلط يسمونه " الباشا " ..
كانـ يملك فدادينـ منـ المزارعـ .. كانـ متغطرساً يمارسـ أصنافـ الإذلال على المزارعين الصغار ..
دارت الزمان دورته فأصاب أرضه ما أتلفها .. فأصبح فقيراً بعد غنى .. كسيراً جاع أولاده ..
وهو ليسـ عنده مصدر يتكسبـ منه .. ولا يعرفـ صنعة غير الزراعة .. لكنـ أرضه تالفة ..
فخرجـ يبحثـ عنـ عمل .. أي عمل ..
أقبل على مزرعة لأحد الفلاحينـ الضعفاء الذينـ ذاقوا من إذلاله قديماً ..
دخل عليه .. وقال بكل مذلة : هل أجد عنكـ عملاً .. أقطف الثمر .. أو أنقي الحبوبـ ..
أو أقلم الأشجار .. أو ..فثار المزارع في وجهه
وقال : أنت تعمل عندي !! أنت المتكبر المتغطرس ..
الحمد لله أنـ استجابـ دعاءنا عليكـ وأذلكـ .. ثمـ طرده من بستانه ..
مضى يجر قدميـ خيبته .. حتى دخل بستاناً آخر .. فإذا بفلاحـ له معه ذكريات أليمة ..
فطرده كما طرده الأول ..مضى الباشا ( !! ) المسكينـ لا يلوي على شيء ..
ولا يريد أن يرجعـ إلى أولاده خالياً .. مر على مزرعة لفلاحـ ثالثـ .. فدخل ليجربـ حظه معه ..
رآه الفلاح فانبهر .. وقد ذاق أيضاً من إذلاله من قبل .. قال الباشا : أنا أبحثـ عنـ عمل ..
أولادي جوعى .. فأراد الفلاحـ أن يذله .. وأن ينتقمـ منه بأسلوبـ ذكيـ ..
فقال له : أهلاً أيها الباشا !! نورتـ بستانيـ !! منـ مثليـ اليوم الباشا الكبير يدخل أرضي !!
أنتـ الباشا الكبير .. أنتـ الباشا الوجيه !! أنتـ ..
وجعل يخدّره بهذه العباراتـ .. حتى صار الباشا منوماً تنويماً مغناطيسياً !!
ثمـ قال الفلاحـ : مرحباً وأهلاً .. عنديـ عمل .. لكني لا أدري هل يناسبك أم لا ؟
قال الباشا : وما هو ؟
قال : اليوم سوف أحرثـ الأرض .. وعندي محراثـ يجره ثورانـ .. ثور أبيض وثور أسود ..
والثور الأسود اليوم مريضـ ولا يستطيعـ أنـ يعمل .. والثور الأبيضـ لا يطيق جر الحراثة وحده ..
فأريدكـ أن تقوم اليومـ بوظيفة الثور الأسود .. فأنت قوي أيها الباشا ..
أنتـ قائد .. أنتـ رئيسـ .. تسير في الأمام دائماً ..
توجه الباشا بكل كبرياء إلى الحراثة .. ووقف بجانب الثور الأبيض ..
أقبل المزارع إليه وبدأ بالثور الأبيض وربطه بالحبال ليجر المحراث ..
ثمـ توجه إلى الباشا وهو يردد قائلاً : يا أحسنـ باشا فيـ العالمـ .. يا قويـ .. يا بطل ..
والباشا يتلفتـ في زهو .. ثمـ ربط الحبال فيـ كتفيـ الباشا ..
وركبـ هو على الحراثة معه السوط !! وصاحـ : امشـ .. وضربـ ظهر الثور فتحرك ..
وتحركـ الباشا يجر المحراثـ .. والفلاحـ يردد : جميل يا باشا .. ممتاز يا ملكـ ..
ويضربـ ظهر الثور .. ويصيحـ أقوى يا باشا .. أحسنـ يا باشا ..
والباشا المسكينـ لم يتعود على ذلكـ .. لكنه كان يجر بكل قوته ..
منـ الصباحـ حتى غابتـ الشمسـ .. وكأنه غائبـ العقل ..
فلما انتهى فك الفلاحـ عنه الحبال .. وهو يقول : والله شغلكـ جميل يا باشا ..
هذا أحسنـ يومـ مر عليـ يا باشا .. ثمـ بضع جنيهات .. ومضى الباشا إلى بيته ..
دخل على أولاده .. وقد تقرحتـ كتفاه .. وسالتـ الدماء من أسفل قدميه ..
والعرقـ يغرق ثيابه .. و .. لكنه لا يزال منتشياً مخدراً ..
سأله أولاده : هاه .. هل وجدت عملاً ..
فقال بكل فخر : نعمـ .. أنا الباشا .. كيف لا أجد عملاً ..
فقالوا : فماذا اشتغلتـ ؟!
فقال : اشتغلت .. هاه !! اشتغلت !!
وبدأ يصحو منـ تخديره .. ويدرك ما أصابه ..
قال : اشتغلتـ ثوراً !!!


:: قرار ::
اختر أطيب الكلام كما تختار أطيب الثمر ..

العابره
1-4-2010, 09:06 AM
الموضوعـ الثامن والثمانــــــــــــين : الدعاء ..
يقول الشيخـ :::: لا أعنيـ هنا الكلامـ عنـ فضل الدعاء .. وآدابه وشروط إجابته ..
فهذا ليسـ له علاقة مباشرة بما نناقشه هنا وهو مهارات التعامل مع الناسـ ..
وإنما أعنيـ : كيفـ تجعل الدعاء مهارة في كسبـ الناسـ ؟..
ومنـ ذلكـ أن تدعو الله أيضاً أنـ يهديكـ إلى أحسنـ الأخلاقـ ..
كما كانـ الحبيبـ صلى الله عليه وسلمـ يدعو قائلاً :
(اللهم لك الحمد .. لا إله إلا أنت .. سبحانك وبحمدك .. ظلمت نفسي .. واعترفت بذنبي ..
فاغفر لي ذنوبي .. لا يغفر الذنوب إلا أنت .. اهدني لأحسن الأخلاق .. لا يهدي لأحسنها إلا أنت ..
واصرف عني سيئها .. إنه لا يصرف سيئها إلا أنت .. لبيك وسعديك والخير بيديك .. ) ..
نعود إلى أصل كلامنا .. كيف تجعل الدعاء مهارة فيـ كسبـ قلوبـ الناسـ ..؟..
الناسـ عموماً يحبون الدعاء لهمـ .. حتى عند السلامـ عليهمـ ولقائهمـ يفرحون إن دعوت لهمـ ..
فمعـ قولكـ : كيفـ الحال وما الأخبار ؟ أضف إليها : الله يحرسكـ ..
الله يجعلكـ مباركاً .. الله يثبت قلبكـ ..
ولا تكنـ عباراتـ دعائكـ مستهلكة أو اعتيادية مثل : الله يوفقك .. الله يحفظك ..
نعمـ هي دعاء حسن لكنـ السامع اعتاد عليه حتى لم يعد يرنـ فيـ أذنه عند سماعه ..
وإنـ قابلتـ أحداً معه أولاده .. فادعـ لهمـ وهو يسمعـ .. الله يقر بهمـ عينكـ ..
الله يجمعـ شملكمـ .. الله يرزقكـ برهمـ .. ونحو ذلكـ ..
أنا أحكي هذا عن تجربة .. لقد جربته كثيراً كثيراً .. فرأيته يسلبـ قلوبـ الناسـ سلباً ..
دعيتـ في ليلة من ليالي شهر رمضان قبل سنتينـ إلى لقاء مباشر في إحدى القنوات الفضائية ..
كانـ اللقاء حول أحوال العبادة في رمضانـ ..
وكانـ انعقاد اللقاء في مكة المكرمة في غرفة بأحد الفنادق مطلة على الحرمـ ..
كنا نتحدثـ عنـ رمضانـ .. والمشاهدونـ يرونـ منـ خلال النافذة ..
التي خلفنا المعتمرينـ والطائفينـ خلفنا على الهواء مباشرة ..
كانـ المنظر مهيباً .. والكلامـ مؤثراً .. حتى إنـ مقدمـ البرنامجـ رق قلبه وبكى أثناء الحلقة ..
كان الجو إيمانياً .. ما أفسده علينا إلا أحد المصورين !! كان يمسك كاميرا التصوير بيد ..
واليد الثانية فيها سيجارة .. وكأنه يريد أنـ لا تضيع عليه لحظة منـ ليل رمضانـ ..
إلا وقد أشبعـ رئتيه سيجاراً !! أزعجنيـ هذا كثيراً .. وخنقنيـ وصاحبيـ الدخانـ ..
لكن لم يكن بد من الصبر .. فاللقاء مباشر .. وما حيلة المضطر إلا ركوبها !!
مضتـ ساعة كاملة .. وانتهى اللقاء بسلامـ ..
أقبل إليّ المصور .. والسيجارة فيـ يده .. شاكراً مثنياً .. فشددتـ على يده وقلتـ ..
وأنتـ أيضاً أشكركـ على مشاركتكـ في تصوير البرامج الدينية ..
ولي إليك كلمة لعلك تقبلها .. قال : تفضل .. تفضل ..
قلت : الدخانـ والسجا .. فقاطعنيـ : لا تنصحنيـ .. والله ما فيه فائدة يا شيخ ..
قلت : طيبـ اسمعـ مني .. أنتـ تعلمـ أن السجاير حرامـ وأن الله يقول ..
فقاطعني مرة أخرى : يا شيخـ لا تضعـ وقتكـ ..
أنا مضى لي أكثر من أربعين سنة وأنا أدخن .. الدخان يجري في عروقي .. ما فيه فااائدة ..
كانـ غيرك أشطر !! قلت : يعني ما فيه فائدة ؟!! فأحرجـ مني وقال : ادع ليـ .. ادع ليـ ..
فأمسكتـ يده وقلت : تعال معيـ .. قلتـ تعال ننظر إلى الكعبة ..
فوقفنا عند النافذة المطلة على الحرم .. فإذا كل شبر فيه مليء بالناسـ ..
ما بينـ راكعـ وساجد .. ومعتمر وباكـ .. كانـ المنظر فعلاً مؤثراً ..
قلت : هل ترى هؤلاء ؟ قال : نعم ..
قلت : جاؤوا من كل مكانـ .. بيضـ وسود .. عربـ وأعاجمـ .. أغنياء وفقراء ..
كلهمـ يدعون الله أن يتقبل منهمـ ويغفر لهمـ ..
قال : صحيحـ .. صحيحـ .. قلتـ أفلا تتمنى أنـ يعطيكـ الله ما يعطيهمـ ؟ قال : بلى ..
قلت : ارفعـ يديكـ .. وسأدعو لكـ .. أمن على دعائيـ ..
رفعت يدي وقلت : اللهم اغفر له .. قال : آمين ..
قلت : اللهمـ ارفع درجته واجمعه مع أحبابه في الجنة .. اللهمـ ..
ولا زلتـ أدعو حتى رق قلبه وبكى .. وأخذ يردد : آمين .. آمين ..
فلما أردتـ أنـ أختمـ الدعاء ..
قلت :اللهم إن ترك التدخين فاستجب هذا الدعاء وإن لم يتركه فاحرمه منه ..
فانفجر الرجل باكياً .. وغطى وجهه بيديه وخرج من الغرفة ..
مضتـ عدة شهور .. فدعيت إلى مقر تلكـ القناة للقاء مباشر ..
فلما دخلتـ المبنى فإذا برجل بدينـ يقبل عليّـَ ثمـ .. يسلمـ عليـ بحرارة ..
ويقبل رأسيـ .. وينحني على يدي ليقبلها .. وهو متأثر جداً ..
فقلت له : شكر الله لطفكـ .. وأدبكـ .. وأقدر لك محبتكـ .. لكنـ اسمحـ لي فأنا لمـ أعرفكـ ..
فقال : هل تذكر المصور الذي نصحته قبل سنتينـ ليترك التدخينـ ؟!
قلت : نعمـ .. قال : أنا هو .. والله يا شيخـ إني لم أضع سيجارة في فميـ منذ تلك اللحظة ..
ما أجمل الذكرياتـ إذا كانتـ سارة ..
فيـ موسمـ الحجـ قبل ثلاث سنواتـ .. ذهبتـ لإلقاء كلمة فيـ إحدى حملاتـ الحجـ الكبرى ..
في صلاة العصر ..بعد الكلمة ازدحمـ الناسـ يسألونـ ويسلمونـ ..
حاولتـ التخلصـ السريعـ لارتباطيـ بمحاضرة بعدهمـ فوراً في حملة أخرى ..
لاحظتـ منـ بينهمـ شابـ يقدمـ رجلاً ويؤخر أخرى .. مستحٍـ أنـ يزاحمـ الناسـ ..
التفت إليه .. ومددت يديـ نحوه فصافحنيـ .. ثمـ سألته فيـ وسط الزحامـ .. : عندك سؤال ؟
قال : نعمـ .. فجررته إليَّ والناسـ مزدحمونـ .. حتى اقتربـ ..
قلت : ما سؤالكـ ؟
فقال وهو مستعجل : ذهبت لرمي الجمراتـ .. معيـ جدتيـ وأختيـ .. وكان زحاماً شديداً ..
و انتهى من سؤاله .. فأجبته عليه .. شممتـ منه خلال ذلك رائحة دخانـ ..
فتبسمتـ وسألته : تدخنـ ؟..قال : نعمـ ..
قلت : أسأل الله أن يغفر لكـ .. ويتقبل حجكـ .. إنـ تركتـ التدخينـ منـ هذه اللحظة ..
سكتـ الشابـ .. كانـ واضحاً من وجهه أنه تأثر بالكلام ..
مضتـ ثمانية أشهر .. فذهبتـ لإلقاء محاضرة فيـ إحدى المدنـ ..
أقبلتـ إلى المسجد .. فإذا شابـ وقور ينتظرنيـ عند بابه .. تفاجأتـ به لما رآنيـ ..
يقبل عليّ متحمساً ويسلم بحرارة ..
لمـ أعرفه .. لكني بادلته السلامـ والترحيبـ .. قال : هل عرفتنيـ ..
قلت : أشكر لكـ لطفكـ .. ومحبتكـ .. لكني لم أعرفكـ ..
قال : هل تذكر الشابـ المدخنـ الذي قابلته في الحج .. ونصحته بتركـ التدخينـ ؟
قلت : نعمـ .. نعمـ .. قال : أنا هو .. أبشركـ ولله الحمد أنيـ ما وضعتـ السيجارة في فميـ ..
منذ تلكـ اللحظة .. تركتـ التدخينـ .. فصلحتـ كثير من أمور حياتيـ ..
هززتـ يده مشجعاً .. ومضيتـ .. وقد أيقنتـ أن الدعاء للناسـ فيـ وجوههمـ ..
وهمـ يسمعونـ .. ربما يكونـ أكثر تأثيراً منـ النصحـ المباشر ..
ومثله لو رأيتـ شاباً باراً بأبيه .. فقلت له : جزاكـ الله .. الله يوفقكـ ..
الله يجعل أولادكـ بارين بكـ ..بلا شكـ أن هذا الدعاء سيكونـ دافعاً له أكثر ..
كانـ النبيـ الكريمـ .. عليه أفضل الصلاة والتسليمـ ..
مبدعاً فيـ استعمال الدعاء لدعوة الناسـ وكسبهمـ والتأثير فيهمـ لتقريبهمـ للدين ..
كانـ الطفيل بن عمرو سيداً مطاعاً في قبيلته دوسـ ..
قدمـ مكة يوماً فيـ حاجة .. فلما دخلها .. رآه أشرافـ قريشـ .. فأقبلوا عليه ..
وقالوا : منـ أنتـ ؟ قال : أنا الطفيل بن عمرو .. سيد دوس ..
فقالوا : إن ههنا رجل فيـ مكة يزعمـ أنه نبيـ .. فاحذر أنـ تجلسـ معه أو تسمعـ كلامه ..
فإنه ساحر .. إن استمعتـ إليه ذهب بعقلكـ ..
قال الطفيل : فو الله ما زالوا بي يخوفوننيـ منه .. حتى أجمعتـ ألا أسمع منه شيئاً ..
ولا أكلمه .. بل حشوتـ فيـ أذنيَّ كرسفا .. وهو القطنـ خوفاً منـ أنـ يبلغنيـ شيء منـ قوله ..
وأنا مارّ به .. قال الطفيل : فغدوتـ إلى المسجد ..
فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلمـ قائمـ يصليـ عند الكعبة ..
فقمتـ منه قريباً .. فأبى الله إلا أنـ يسمعنيـ بعضـ قوله ..
فسمعتـ كلاماً حسناً .. فقلتـ في نفسي : واثكل أمي ! والله إنيـ لرجل لبيبـ ..
ما يخفى عليَّـ الحسنُـ منـ القبيحـ .. فما يمنعنيـ أنـ أسمعـ منـ هذا الرجل ما يقول ..
فإن كان الذي به حسناً قبلته .. وإن كان قبيحاً تركته .. فمكثت حتى قضى صلاته ..
فلما قامـ منصرفاً إلى بيته تبعته ..
حتى إذا دخل بيته دخلتـ عليه .. فقلت : يا محمد .. إن قومكـ قالوا ليـ كذا وكذا ..
ووالله ما برحوا يخوفوننيـ منكـ حتى سددتـ أذنيـ بكرسف لئلا أسمعـ قولكـ ..
وقد سمعتـ منك قولاً حسناً .. فاعرضـ عليَّ أمركـ ..
فابتهجـ النبيـ عليه الصلاة والسلامـ .. وفرحـ .. وعرضـ الإسلامـ على الطفيل ..
وتلا عليه القرآن .. فتفكر الطفيل في حاله .. فإذا كل يوم يعيشه يزيده من الله بعداً ..
وإذا هو يعبد حجراً .. لا يسمعـ دعاءه إذا دعاه .. ولا يجيب نداءه إذا ناداه ..
وهذا الحقـ قد تبين له .. ثمـ بدأ الطفيل يتفكر في عاقبة إسلامه ..
كيفـ يغير دينه ودين آبائه !!.. ماذا سيقول الناسـ عنه ؟!
حياته التيـ عاشها .. أمواله التيـ جمعها .. أهله .. ولده .. جيرانه .. خلانه ..
كل هذا سيضطربـ .. سكتـ الطفيل .. يفكر .. يوازن بين دنياه وآخرته ..
وفجأة إذا به يضربـ بدنياه عرضـ الحائط .. نعمـ سوفـ يستقيمـ على الدينـ ..
وليرضـ من يرضى .. وليسخط من يسخط .. وماذا يكون أهل الأرض ..
إذا رضيـ أهل السماء .. ماله ورزقه بيد من في السماء ..
صحته وسقمه بيد منـ في السماء .. منصبه وجاهه بيد منـ فيـ السماء ..
بل حياته وموته بيد منـ فيـ السماء .. فإذا رضي أهل السماء .. فلا عليه ما فاته منـ الدنيا ..
إذا أحبه الله .. فلبيغضه بعدها منـ شاء .. وليتنكر له منـ شاء .. وليستهزئ به منـ شاء ..
فليتك تحلو والحياة مريــــرة **** وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر **** وبيني وبين العالمين خراب
إذا صح منك الود فالكل هين **** وكل الذي فوق التراب تراب
نعمـ .. أسلمـ الطفيل في مكانه .. وشهد شهادة الحقـ ..
ثمـ ارتفعتـ همته .. فقال : يا نبي الله .. إني امرؤ مطاعـ فيـ قوميـ ..
وإنيـ راجعـ إليهمـ وداعيهمـ إلى الإسلامـ .. ثمـ خرجـ الطفيل من مكة ..
مسرعاً إلى قومه .. حاملاً همَّـ هذا الدين ..
يصعد به جبل .. وينزل به واد .. حتى وصل ديار قومه .. فلما دخلها .. أقبل إليه أبوه ..
وكانـ شيخاً كبيراً .. فقال الطفيل : إليكـ عنيـ يا أبتـ .. فلستـ منكـ ولستـ منيـ ..
قال : ولمـ يا بني ؟ قال : أسلمتـ وتابعتـ دينـ محمد صلى الله عليه وسلمـ ..
قال : أي بني ديني دينكـ ..قال : فاذهب فاغتسل وطهر ثيابك ..
ثم ائتني حتى أعلمك مما علمت ..
فذهب أبوه واغتسل وطهر ثيابه .. ثمـ جاء فعرضـ عليه الإسلامـ فأسلمـ ..
ثمـ مشى الطفيل إلى بيته .. فأتته زوجته مرحبة ..
فقال : إليك عنيـ .. فلستـ منكـ ولستـ منيـ ..
قالت : ولمـ ؟ بأبيـ أنت وأميـ .. قال : فرَّقـ بيني وبينك الإسلام ..
وتابعتـ دين محمد صلى الله عليه وسلمـ ..
قالت : فدينيـ دينكـ .. قال : فقلتـ فاذهبيـ فتطهريـ .. ثمـ ارجعيـ إليّـَ ..
فواّته ظهرها ذاهبة ثمـ خافتـ منـ صنمهمـ أن يعاقبها فيـ أولادها إن تركتـ عبادته ..
فرجعتـ إليه وقالت : بأبيـ أنت وأميـ .. أما تخشى على الصبية منـ ذي الشرى .. ؟
وذو الشرى صنمـ عندهمـ يعبدونه .. وكانوا يرون أن من ترك عبادته أصابه أو أصاب ولده بأذى
فقال الطفيل : اذهبيـ .. أنا ضامنـ لكـ أن لا يضرهمـ ذو الشرى ..
فذهبت فاغتسلت .. ثم عرض عليها الإسلام فأسلمت ..
ثمـ جعل الطفيل يطوفـ فيـ قومه .. يدعوهمـ إلى الإسلامـ بيتاً بيتاً ..
ويقبل عليهمـ فيـ نواديهمـ .. ويقفـ عليهمـ فيـ طرقاتهمـ ..
لكنهمـ أَبَوْا إلا عبادة الأصنامـ .. فغضبـ الطفيل .. وذهبـ إلى مكة ..
فأقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. فقال : يا رسول الله ..
إنـ دوساً قد عصتـ وأبتـ .. يا رسول الله .. فادع الله عليهم ..
فتغير وجه النبي عليه الصلاة والسلام .. ورفعـ يديه إلى السماء ..
فقال الطفيل في نفسه .. هلكت دوْس .. فإذا بالرحيمـ الشفيقـ صلى الله عليه وسلمـ..
يقول : اللهمـ اهد دوساً .. اللهمـ اهد دوساً ..
ثمـ التفتـ إلى الطفيل وقال : ارجعـ إلى قومكـ .. فادعُهمـ .. وارفق بهمـ ..
فرجعـ إليهمـ .. فلمـ يزل بهمـ .. حتى أسلموا ..نعمـ .. ما أحسنـ قرعـ أبواب السماء ..
ليسـ الطفيل وقومه فقط .. وإنما غيرهمـ كثير ..
كانـ المسلمون في بداية الدعوة النبوية قلة .. لمـ يتعدوا ثمانية وثلاثين رجلا ..
فألـحّـَ أبو بكر يوماً على رسول الله في صلى الله عليه وسلمـ ..
الظهور أمامـ الناسـ بالدعوة والجهر بالإسلام ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ : يا أبا بكر .. إنا قليل .. كانـ أبو بكر رضيـ الله عنه متحمساً ..
فلمـ يزل يلحّ على رسول الله صلى الله عليه وسلمـ حتى اجتمعوا فخرجوا ..
يتقدمهمـ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
توجهوا إلى المسجد .. تفرقوا فيـ نواحي المسجد .. كل رجل فيـ عشيرته ..
وقامـ أبو بكر فيـ الناسـ خطيباً .. يدعو إلى الإسلامـ .. ويذم آلهتهمـ ..
وثار المشركونـ على المسلمينـ .. فضربوهمـ في نواحي المسجد ضرباً شديداً ..
كانـ المشركونـ كثير .. فتفرقـ المسلمونـ .. أقبل جمعـ منهمـ إلى أبي بكر ..
وضربوه ضرباً شديداً ..فوقعـ على الأرضـ في شدة الرمضاء ..
فدنا منه الفاسقـ عتبة بن ربيعة .. فجعل يضربه بنعلينـ مخصوفينـ ..
ويفركهما على وجهه .. ثمـ قامـ على بطن أبيـ بكر .. حتى سالتـ الدماء من وجه أبي بكر ..
وتمزقـ لحم وجهه .. حتى ما يعرف فمه من أنفه .. وجاء بنو تيم قبيلة أبي بكر .. يتعادون ..
وأبعدوا الناسـ عنـ أبي بكر .. وحملوه فيـ ثوب حتى أدخلوه منزله ..
وهمـ لا يشكونـ أنه ميت .. ثمـ رجع قومه بنو تيم .. فدخلوا المسجد ..
وجعلوا يصرخونـ فيـ المشركين .. يقولونـ : والله لئنـ ماتـ أبو بكر لنقتلنـ عتبة بن ربيعة ..
ثمـ رجعوا الى أبي بكر .. وهو مغمى عليه .. لايدرونـ .. حي أو ميت !!
ظل أبو قحافة والد أبي بكر .. مع قومه .. واقفين عند أبي بكر .. يكلمونه ..
فلا يجيبهمـ ..وأمه تبكيـ عند رأسه .. فلما كان آخر النهار ..
فتحـ عينيه .. فكان أول كلمة قالها : ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلمـ. ؟!
رضيـ الله عن أبيـ بكر .. كان يهيمـ برسول الله صلى الله عليه وسلمـ حباً ..
يخافـ عليه أكثر مما يخافـ على نفسه ..كانـ كل من حوله .. أبوه أمه ..
قومه .. مشركين ..فغضبوا .. وجعلوا يسبون رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
ثمـ قاموا .. وقالوا لأمـ أبي بكر : أطعميه شيئاً أو اسقيه ..
فجعلتـ أمه تلحـ عليه .. وهو يردد قائلاً : ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..؟
فقالتـ : والله ماليـ علم بصاحبكـ .. فقال : اذهبيـ إلى أمـ جميل بنت الخطابـ .. فسليها عنه ..
وكانتـ أمـ جميل مسلمة تكتمـ إسلامها ..خرجتـ أمه حتى جاءتـ أمـ جميل ..
فقالت : إنـ أبا بكر يسألكـ عنـ محمد بن عبد الله ..
فقالت : ما أعرفـ أبا بكر .. ولا محمد بن عبد الله .. لكنـ أتحبينـ أنـ أمضيـ معكـ إلى ابنكـ ؟
قالت : نعمـ .. فمضت معها .. حتى دخلتـ على أبي بكر .. فوجدته صريعاً دنفاً ..
ممزقـ الوجه .. مرهقـ الجسد .. فلما رأته أمـ جميل صاحتـ ..
وقالت : والله إن قوماً نالوا هذا منكـ لأهل فسق وكفر .. وإني لأرجو أن ينتقمـ الله لك منهمـ .
قال : فما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
وكانتـ أم أبيـ بكر بجانبها .. فخافتـ أمـ جميل أنـ يفضحـ أمر إسلامها .. فيؤذونها ..
فقالت : يا أبا بكر .. هذه أمكـ تسمـ .. قال : فلا شيء عليكـ فيها ..
قالت : أبشر .. فرسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. سالمـ صالحـ .. قال : فأين هو ؟
قالت : فيـ دار أبي الأرقمـ ..
فقالت أمه : قد علمتـ خبر صاحبكـ .. فقمـ فأكل طعاماً .. أو اشربـ ..
قال : فإنـ لله عليَّ أن لا أذوقـ طعاماً أو شراباً ..
حتى أرى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ بعينيـ .. فانتظرتا .. حتى إذا هدأ الناسـ ..
خرجتا به يتكيء عليهما .. فذهبتا به إلى بيت أبي الأرقم ..
حتى أدخلتاه على رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. فلما دخل فإذا وجه جريحـ ..
ودماء تسيل .. وثياب ممزقة .. فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فأكب عليه النبيـ صلى الله عليه وسلمـ يقبله .. وأكب عليه المسلمونـ يقبلونه ..
ورقَّ له رسول الله صلى الله عليه وسلمـ رقة شديدة ..
حتى ظهر التأثر على وجهه الشريف صلى الله عليه وسلمـ ..
فأراد أبو بكر أن يخفف عليه .. فقال : بأبيـ وأميـ يا رسول الله .. ليسـ من بأسـ ..
إلا ما نال الفاسقـ من وجهيـ ..
ثمـ قال أبو بكر .. البطل الذي يحمل هم الدعوة .. ويحسن استثمار المواقف ..
كانـ جريحاً .. جائعاً عطشاناً .. ومعـ ذلك .. قال : يا رسول الله .. هذه أمي برة بوالديها ..
وأنت مبارك .. فادعها الى الله عز وجل .. وادع الله لها .. عسى الله أن يستنقذها بك من النار ..
فدعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..ثمـ دعاها الى الله عز وجل ..
فأسلمتـ فوراً في مكانها .. كانـ الدعاء أصلاً منـ الأصول التي يتعاملون بها ..
أسلمـ أبو هريرة رضيـ الله عنه .. وبقيت أمه كافرة .. كانـ يدعوها إلى الإسلامـ فتأبى ..
فدعاها يوماً .. وألـحَّ فأسمعته في رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. ما يكره ..
فضاقـ صدر أبي هريرة بذلكـ .. وذهبـ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ وهو يبكيـ ..
فقال : يا رسول الله .. إني كنت أدعو أميـ إلى الإسلام فتأبى علي ..
وإنيـ دعوتها اليومـ فأسمعتنيـ فيكـ ما أكره ..
فادعـ الله يا رسول الله أن يهديـ أمـ أبيـ هريرة إلى الإسلامـ ..
فدعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. فرجعـ أبو هريرة إلى أمه ..
فلما كانـ على البابـ .. فإذا هو مغلقـ .. فحركه ليدخل .. فإذا بأمه تفتح له البابـ ..
وتقول : أشهد أن لا إله إلا الله .. وأنـ محمداً رسول الله ..
فرجعـ أبو هريرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ وهو يبكيـ من الفرحـ ..
وجعل يقول : أبشر يا رسول الله .. قد استجابـ الله دعوتكـ ..
وهدى الله أمـ أبي هريرة إلى الإسلامـ ..
ثمـ قال أبو هريرة : يا رسول الله .. أدعـ الله أن يحببنيـ وأميـ إلى عباده المؤمنينـ ..
ويحببهمـ إلينا . . فقال صلى الله عليه وسلمـ ..
اللهمـ حببـ عبيدكـ هذا وأمه إلى عبادكـ المؤمنينـ .. وحببهمـ إليهما ..
قال أبو هريرة : فما على الأرضـ مؤمن ولا مؤمنة .. إلا وهو يحبنيـ وأحبه ..


:: إضاءة ::
( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم )

العابره
1-4-2010, 09:08 AM
الموضوعـ التاسعـ والثمانــــــــــــين : قبل نجواكمـ .. صدقة ..
يقول الشيخـ :::: الطلباتـ الكبيرة تحتاجـ إلى تهيئة المطلوبـ منه قبل طلبها ..
لئلا يسارعـ إلى الرفضـ .. وهذا عامـ فيـ الطلباتـ الشفهية والمكتوبة ..
فلو أردتـ أن تكتبـ إلى غنيـ تطلبـ منه حاجة .. لناسبـ أنـ تكتبـ قبل حاجتكـ ..
شيئاً منـ الثناء على جوده وكرمه ومحبته للخير .. ثمـ بعد ذلك تكتبـ حاجتكـ ..
ومثله لو أردتـ حاجة من أبيكـ أو أخيكـ أو .. من يدريـ ربما .. زوجتكـ ..
يناسبـ أنـ تقدمـ قبلها بمقدمة ..فلو دعوتـ نفراً منـ أصدقائكـ إلى مأدبة غداء ..
وأردتـ أنـ تخبر زوجتكـ لتعد الطعامـ وتهيئ البيتـ .. لناسبـ أنـ تقول قبل ذلكـ ..
بصراحة طعامكـ لذيذ .. جميعـ أصدقائيـ يفرحونـ إذا دعوتهمـ لأجل أن يأكلوا منـ عمل يدك ..
تصدقينـ !! لقد أكلتـ فيـ أرقى المطاعمـ .. وما ذقتـ لذة كلذة طعامك أبداً ..
وبصراحة رأيتـ البارحة صديقاً لي جاء منـ سفر .. ومنـ بابـ المجاملة قلتـ له تغد معي غداً ..
فتفاجأتـ به أن وافقـ ..!! فدعوتـ معه بعضـ الأصدقاء .. فليتكـ تعملينـ لنا طعاماً ..
هذا الأسلوبـ أحسنـ منـ صراخكـ إذا دخلتـ بيتكـ : يا فلانة .. فلانة ..
فتجيبكـ : لبيكـ .. أنا قادمة .. وهي تظنـ أنك ستدعوها إلى نزهة ..
فتقول : بسرعة .. بسرعة .. المطبخ .. المطبخ .. عنديـ رجال سيأتون ..
لا تتأخريـ بالغداء .. وانتبهيـ أثناء إعداده .. و ..
ومثله لو أردتـ أنـ تطلبـ إجازة من مديرك ..أو تخبر أمكـ أو أباك بخبر ..
وقد قرأتـ في سيرة النبيـ الأكرمـ صلى الله عليه وسلمـ .. ما يدل على ذلك ..
كانـ النبي صلى الله عليه وسلمـ قد رضعـ في صغره قريباً منـ ديار هوازنـ ..
وكانـ يرجو أنـ يسلموا .. فبلغه .. أنـ هوازنـ قد جمعتـ جموعها .. فخرجـ إليهمـ .. وقاتلهمـ ..
فنصر الله نبيه صلى الله عليه وسلمـ عليهمـ .. فساقـ الغنائمـ ..
فأقبل بعضهمـ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. وهو نازل بالجعرانة ..
وقد قتل من قتل منـ رجالهمـ .. وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
النساء والأطفال في مكانـ .. فقامـ منهمـ خطيبهمـ زهير بن صرد فقال ..
يا رسول الله إنما فيـ الحظائر منـ السبايا خالاتكـ .. وحواضنكـ .. اللاتي كن يكفلنكـ ..
ولو أنا ملحنا لابن أبي شمر .. أو النعمان بن المنذر ..
ثمـ أصابنا منهما مثل الذي أصابنا منك .. رجونا عائدتهم وعطفهم ..
وأنتـ رسول الله خير المكفولينـ .. ثمـ أنشأ يقول :
امنن علينا رسول الله في كـــرم **** فإنك المرء نرجوه و ننـــتظــــر
امنن على نسوة قد كنت ترضعها **** إذ فوك تملؤه من محضها الدرر
لا تجعلنــــا كمن شالت نعامـتـــه **** و استبق منا فإنا معشر زهــر
إنا لنشــكـــر آلاء و إن كـفـــــــرت ****وعندنا بعد هذا اليوم مدخـــــر
وقد أدبـ الله المؤمنين ..
فقال : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً" ..
وكانتـ العرب .. إذا أرادتـ أنـ تستنجد بأحد .. أو تطلبـ عونه ..
أول ما تلجأ إلى الكلامـ والأشعار .. فتحدثـ فيـ النفوسـ مالا تفعله السيوفـ ..
لما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. يريد العمرة .. خافتـ قريشـ ..
وكاد النبي صلى الله عليه وسلمـ أن يقاتلهم .. لولا أنهم .. ألحوا عليه حتى كتب بينه
وبينهم .. هدنة لمدة عشر سنوات .. وقف للقتال .. وكان في صلح الحديبية .. لما كتب ..
أنه منـ شاء منـ القبائل أنـ يدخل فيـ عقد محمد وعهده دخل ومنـ شاء أنـ يدخل فيـ عقد
قريشـ وعهدهمـ دخل .. فتواثبتـ خزاعة وقالوا : نحن ندخل في عقد محمد وعهده ..
وتواثبتـ بنو بكر وقالوا : نحنـ ندخل فيـ عقد قريشـ وعهدهمـ ..
وكانـ بينـ هذينـ الحيينـ دماء وقتال ..
واشتدتـ ضغينة قريشـ على خزاعة .. لكنهمـ خافوا أنـ يصيبوهمـ بشيء ..
فينتصر لهمـ النبي صلى الله عليه وسلمـ ..
فلما مضى منـ هدنة الحديبية .. نحو السبعة أو الثمانية عشر شهراً ..
وثبـ بنو بكر على خزاعة .. ليلاً بماء يقال له الوتير .. وهو قريبـ منـ مكة ..
وطلبوا الإعانة منـ قريشـ .. فقالتـ قريشـ : ما يعلمـ بنا محمد وهذا الليل وما يرانا منـ أحد ..
فأعانوهمـ عليهمـ بالكراعـ والسلاحـ .. وقاتلوهمـ معهمـ ..
ففزعتـ خزاعة .. وقتل منـ قتل منـ رجالهمـ ونسائهمـ وذراريهمـ ..
فلما رأى رجل منهمـ وهو عمرو بن سالمـ .. ما حل بقومه .. ركبـ بعيره .. وهربـ منـ يد قريشـ
حتى قدمـ على رسول الله صلى الله عليه وسلمـ فيـ المدينة .. فدخلها فزعاً .. مصاباً
مكروباً .. ثمـ أقبل إلى المسجد .. عليه أثر الطريق ووعثاء السفر ..
ووقفـ بينـ يدي رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. فقال :
يا رب إني ناشـــد محمــــــداً ****حلف أبيه وأبيـنــا الأتــلــدا
قد كنتم وِلْداً وكنــــا والـــــداً ****ثمت أسلمنا فلم ننزع يـــدا
فانصر رسول الله نصراً أبـــدا ****وادع عباد الله يأتوا مــــددا
فيهم رسول الله قــد تجـــردا****إن سيما خسفاً وجهه تربدا
في فيلق كالبحر يجري مزبدا****إن قريشاً أخلفوك الموعـدا
ونقّضوا ميثاقــــــك المؤكـــدا****وجعلوا لي في كداء رصـداً
وزعموا أن لست أدعـــو أحدا ****فهم أذل وأقــــــل عــــدداً
هم بيتونا بالوتيــر هجـــــــدا **** وقتلونـــــا ركعاً وسجــــــدا
فلما سمعـ النبيـ صلى الله عليه وسلمـ هذا الكلامـ .. والشعر .. والنداء .. انتفضـ ..
وغضبـ .. وقال :" نصرتـ يا عمرو بن سالمـ " ..
ثمـ قامـ .. مسرعاً .. وأمر الناسـ بالتجهز للخروجـ للقتال ..
ففزعـ الناسـ يتجهزون .. وهمـ لا يعلمونـ أينـ سيكونـ القتال ..
وقد خشيـ صلى الله عليه وسلمـ أنـ يخبر بوجهته .. فيصل الخبر إلى قريشـ ..
وسأل الله أنـ يعميـ على قريشـ خبره حتى يبغتهمـ فيـ بلادهمـ ..
ورسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. قد اشتد غضبه على قريشـ لخيانتهمـ ..
فكانـ يتجهز ويقول : كأنكمـ بأبيـ سفيانـ قد جاءكمـ يشد فيـ العقد ويزيد في المدة " ..
ثمـ أقبل نفر منـ خزاعة آخرينـ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فيهمـ بديل بن ورقاء .. حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فأخبروه بما أصيبـ منهمـ .. ومظاهرة قريشـ بنيـ بكر عليهمـ ..
فوعدهمـ النبيـ صلى الله عليه وسلمـ بالنصر ..
وقال لهمـ : " ارجعوا فتفرقوا فيـ البلدان " .. وخشيـ أنـ تعلمـ قريشـ بخبرهمـ معه ..
فتقاتلهمـ .. قبل وصوله إليهمـ .. فانصرفوا راجعينـ إلى ديارهمـ ..
فلقوا أبا سفيانـ بعسفانـ .. قد بعثته قريشـ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
يشد العقد ويزيد فيـ المدة .. وقد رهبوا أن يكونـ بلغه ما فعلوا .. فلما لقيـ أبو سفيان بديلاً ..
خشيـ أن يكونـ أقبل منـ عند رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فقال : منـ أينـ أقبلت يا بديل ؟
فقال بديل : سرتـ فيـ خزاعة فيـ هذا الساحل فيـ بطنـ هذا الوادي ..
فسكتـ أبو سفيانـ .. فلما جاوزه بديل .. أقبل أبو سفيانـ إلى مبركـ ناقة بديل ..
فأخذ من بعرها ففته بيده .. فرأى فيه نوى التمر .. فعلمـ أنـ الناقة كانتـ بالمدينة ..
فهمـ الذينـ يطعمونـ دوابهمـ نوى التمر .. فقال أبو سفيانـ : أحلف بالله لقد جاء بديل محمداً ..
ثمـ مضى أبو سفيان ..حتى وصل المدينة ..
فتوجه إلى بيتـ ابنته أمـ حبيبة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فلما دخل أقبل ليجلسـ على فراشـ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فطوته منـ تحته .. فقال : يا بنية ما أدريـ أرغبتـ بي عنـ هذا الفراشـ .. أو رغبتـ به عنيـ ؟
فقالت : بل هو فراشـ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ وأنتـ مشركـ نجسـ ..
فلمـ أحبـ أنـ تجلسـ على فراشه .. فعجبـ منها ..
وقال : يا بنية والله لقد أصابكـ بعدي شر !
ثمـ مضى أبو سفيانـ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فقال : يا محمد اشدد العقد وزدنا فيـ المدة ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ : ولذلكـ قدمتـ ؟ هل كانـ منـ حدثـ قبلكمـ ؟!
قال : معاذ الله ! نحنـ على عهدنا وصلحنا يومـ الحديبية لا نغير ولا نبدل ..
فسكتـ عنه النبي صلى الله عليه وسلمـ .. فكرر عليه أبو سفيانـ ..
ورسول الله صلى الله عليه وسلمـ لا يجيبه ..
فخرجـ منـ عند رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
وأتى أبا بكر فقال : اشفعـ ليـ عند محمد .. أنـ يجدد العقد .. ويزيد فيـ المدة ..
أو امنعنيـ وقوميـ .. فقال أبو بكر : جواريـ فيـ جوار رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
ولا أمنعـ أحداً منه .. وأما أنا فوالله لو وجدتـ الذر تقاتلكمـ لأعنتها عليكمـ ..
فخرجـ أبو سفيانـ .. فأتى عمر بنـ الخطاب فكلمه ..
فقال عمر بنـ الخطابـ : أنا أشفعـ لكمـ عند رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ؟
بل ما كان من حلفنا جديداً فأخلقه الله ..وما كان منه مثبتاً فقطعه الله ..
وما كانـ منه مقطوعاً فلا وصله الله !
فلما سمعـ أبو سفيانـ ذلك .. تغير .. فكأنما لُطِمـ ..
فخرجـ أبو سفيانـ وهو يقول : جزيتـ من ذيـ رحمـ شراً ..
فلما يئسـ مما عندهم دخل على علي ..
فقال له : يا عليـ أنتـ أقربهم بي نسباً .. فاشفعـ لي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
فقال له علي : يا أبا سفيانـ .. إنه ليسـ أحد منـ أصحابـ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
يفتاتـ على رسول الله صلى الله عليه وسلمـ بجوار ..
أيـ لا يستطيعـ أحد منعه عن أحد إن أراده .. فهو لا ينطقـ عنـ الهوى ..
وأنتـ سيد قريشـ .. وأكبرها .. وأمنعها .. فأجر بينـ عشيرتكـ .. وامنعـ نفسكـ ..
يعني : صحـ بالناسـ إنيـ قد منعتـ نفسيـ .. ثمـ الحقـ بأرضكـ ..
قال أبو سفيان : أو ترى ذلكـ يغنيـ عنيـ شيئاً ..
قال : لا .. ولكنـ هو رأي أراه ..
فخرجـ أبو سفيانـ إلى الناسـ فيـ المدينة ثمـ صاحـ ..
ألا إنيـ قد أجرتـ بينـ الناسـ .. ولا والله ما أظنـ أنـ يخفرنيـ أحد ..
فقامـ أبو سفيانـ فيـ المسجد فقال : أيها الناسـ إنيـ قد أجرتـ بين الناسـ ..
ثمـ ركبـ بعيره فانطلقـ إلى مكة ..
فلما أنـ قدمـ على قريشـ قالوا : ما وراءكـ ؟
هل جئتـ بكتابـ من محمد أو عهد ؟ قال : لا والله لقد أبى عليـ ..
وقد تتبعتـ أصحابه فما رأيتـ قوماً لملكـ عليهمـ أطوعـ منهمـ له ..
ولقد جئتـ محمداً فكلمته .. فوالله ما رد علي شيئاً ..
ثمـ جئتـ ابن أبيـ قحافة فوالله ما وجدتـ فيه خيراً ..
ثمـ جئتـ عمر فوجدته أعدى عدو .. ثمـ جئت علياً فوجدته ألين القوم ..
وقد أشار علي بأمر صنعته .. فوالله ما أدري هل يغني عنا شيئاً أم لا ؟
قالوا : بماذا أمركـ ؟ قال : أمرنيـ أن أجير بينـ الناسـ ففعلتـ ..
قالوا : هل أجاز ذلكـ محمد ؟ قال : لا ..
قالوا : ويحكـ ما زادكـ الرجل على أنـ لعبـ بكـ .. فما يغنيـ عنا ما قلتـ ..
فقال : لا والله ما وجدتـ غير ذلكـ ..
فاغتمـ أبو سفيانـ .. ودخل على امرأته فحدثها الحديثـ ..
فقالت : قبحكـ الله منـ وافد قومـ ! فما جئتـ بخير ..
ثمـ أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. إلى مكة فاتحاً ..


:: بالإشارة يفهمُ ::
اللقمة الكبيرة تحتاج لمضغ جيد قبل ابتلاعها

العابره
1-4-2010, 09:09 AM
الموضوعـ التسعـــــــــــــون : فليسعد النطقـ إنـ لمـ تسعد الحال !!
يقول الشيخـ :::: منـ أحرجـ المواقفـ أنـ يقصدكـ صاحبـ حاجة ..
ثمـ يرجعـ خائباً غير مقضية حاجته .. نعمـ قضاء حاجاتـ الناسـ طاعة عظيمة ..
ولو لمـ يكنـ فيها إلا قوله صلى الله عليه وسلمـ ..
لئنـ أمشي مع أخي في حاجة حتى أثبتها له ، أحب إلي من أن أعتكف في مسجدي هذا شهراً "..
لكفى فيـ فضلها .. لكنـ بعض الحاجاتـ يصعب قضاؤها ..
فليسـ كل منـ طلبـ منكـ أنـ تسلفه مالاً قدرتـ على إعطائه ..
ولا كل منـ طلب منكـ مرافقته فيـ سفر قدرت على تلبية طلبه ..
ولا كل منـ طلبـ حاجة معكـ كقلمـ أو ساعة أو غيرها .. استطعتـ إعطاءها له ..
والمشكلة أنـ أكثر الناسـ إذا لمـ تلبِّـ حاجاتهمـ وجدوا عليكـ فيـ أنفسهمـ ..
وقد يذمونكـ فيـ المجالسـ .. ويتهمونكـ تارة بالبخل .. وتارة بالأنانية .. وتارة ..إذنـ ما العمل ؟!
كنـ ماهراً فيـ الخروجـ منـ الموقفـ .. فإذا طلبـ منكـ أحد شيئاً ..
ولمـ تستطعـ قضاءه فعلى الأقل رده بعبارات جميلة .. كما قال ..
لا خيل عندك تهديها ولا مال *** فليسعد النطق إن لم تسعد الحال
فلو علمـ شخصـ بأنكـ ستسافر إلى مدينة معينة .. فحاءكـ وقال : أريدكـ أنـ تشتريـ لي حاجة
منـ المدينة التيـ أنتـ مسافر إليها .. وأنتـ لا رغبة لكـ فيـ قضاء حاجته لأي سببـ ..
فكيفـ تجيبـ ؟ .. فليسعد النطقـ إنـ لمـ تسعد الحال ..
قل له : والله يا فلانـ أخدمكـ بعيونيـ .. وأنتـ أحبـ إليّ منـ أناسـ كثير ..
لكنيـ أخشى أنـ يضيقـ وقتيـ .. وعنديـ بعضـ الظروفـ تمنعنيـ منـ إحضارها .. و ..
ولو دعاكـ إلى وليمة وأردتـ أنـ تعتذر وخشيتـ أن يجد فيـ نفسه عليكـ .. فقدمـ مقدماتـ ..
قل مثلاً أنا ما أعتبركـ إلا كواحد منـ إخوانيـ .. وأنتـ منـ أغلى الناسـ إلى قلبيـ ..
لكنيـ مشغول الليلة .. وأنتـ لمـ تكذبـ فقد يكونـ شغلكـ هذا جلسة معـ أولادكـ ..
أو قراءة فيـ كتابـ .. أو نومـ !! فهيـ كلها أشغال ..
وقد كانـ محمد صلى الله عليه وسلمـ يملكـ الناسـ بأخلاقـ يأسر بها قلوبهمـ ..
انظر إليه عليه السلام .. وقد جلسـ معـ أصحابه الكرامـ .. فحدثهمـ عنـ البيتِـ الحرامـ ..
وفضلِ العمرة والإحرامـ .. فطارتـ أفئدتهمـ شوقاً إلى ذاكـ المقامـ ..
فأمرهمـ بالتجهز للرحيل إليه .. وحثهمـ على التسابقـ عليه ..
فما لبثوا أنـ تجهزوا .. وحملوا سلاحهمـ وتحرزوا ..
فخرجـ صلى الله عليه وسلمـ معـ ألفـ وأربعمائة منـ أصحابه ..
مهلينـ بالعمرة ملبينـ .. يتسابقونـ إلى البلد الأمينـ ..
فلما اقتربوا من جبال مكة .. بركت القصواء .. ناقة النبي عليه السلام ..
فحاول أنـ يبعثها لتسير .. فأبتـ عليه ..فقال الناسـ : خلأتـ القصواء .. ( أيـ عصتـ ) ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ : ما خلأتـ القصواء .. وما ذاكـ لها بخلقـ ..
ولكنـ حبسها حابسـ الفيل ( يعني فيل أبرهة لما أقبل به معـ جيشـ منـ اليمنـ
يريد هدمـ الكعبة فحبسهمـ الله عنـ ذلك ) ..
ثمـ قال : والذيـ نفسيـ بيده لا يسألونيـ خطة يعظمونـ فيها حرماتـ الله .. إلا أعطيتهمـ إياها
ثمـ زجرها فوثبتـ .. فتوجه إلى مكة .. حتى نزل بالحديبية قريباً منـ مكة ..
فتسامعـ به كفار قريشـ .. فخرجـ إليه كبارهمـ ليردوه عنـ مكة .. فأبى إلا أن يدخلها معتمراً ..
فما زالتـ البعوثـ بينه وبينـ قريشـ ..حتى أقبل عليه سهيل بن عمرو ..
فصالحـ النبي صلى الله عليه وسلمـ على أنـ يعودوا إلى المدينة..
ويعتمروا فيـ العامـ القادمـ .. ثمـ كتبوا بينهمـ صلحاً عاماً ..
وفيه : اشترطـ سهيل : أنه لا يخرجـ منـ مكة مسلمـ مستضعفـ يريد المدينة ..
إلا رُدَّ إلى مكة.. أما منـ خرجـ منـ المدينة وجاء إلى مكة مرتداً إلى الكفر .. فيُقبل فيـ مكة ..
فقال المسلمون : سبحانـ الله !! من جاءنا مسلماً نرده إلى الكافرينـ !!
كيفـ نرده إلى المشركينـ وقد جاء مسلماً .. فبينما همـ كذلكـ إذ أقبل عليهمـ ..
شابـ يسير على الرمضاء .. يرفل فيـ قيوده .. وهو يصيحـ : يا رسول الله ..
فنظروا إليه .. فإذا هو أبو جندل ولد سهيل بن عمرو ..
وكانـ قد أسلمـ فعذبه أبوه وحبسه .. فلما سمعـ بالمسلمينـ ..
تفلتـ منـ الحبسـ وأقبل يجر قيوده .. تسيل جراحه دماً ..
وتفيضـ عيونه دمعاً ..ثمـ رمى بجسده المتهالكـ ..
بينـ يديـ النبيـ صلى الله عليه وسلمـ .. والمسلمونـ ينظرون إليه ..
فلما رآه سهيل .. غضبـ !! كيفـ تفلتـ هذا الفتى منـ حبسه ..
ثمـ صاحـ بأعلى صوته : هذا يا محمد أول منـ أقاضيكـ عليه أن ترده إليـ ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ : إنا لم نقض الكتاب بعد .
قال : فوالله إذاً لا أصالحكـ على شيء أبداً ..
فقال صلى الله عليه وسلمـ : فأجزه ليـ .. قال : ما أنا بمجيزه لكـ ..
قال : بلى فافعل .. قال : ما أنا بفاعل .. فسكتـ النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
وقامـ سهيل سريعاً إلى ولده يجره بقيوده .. وأبو جندل يصيحـ ويستغيثـ بالمسلمينـ ..
يقول : أيـ معشر المسلمينـ أرد إلى المشركينـ وقد جئتـ مسلماً .. ألا ترونـ ما قد لقيتـ منـ
العذابـ .. ولا زال يستغيثـ بهمـ حتى غابـ عنهمـ ..والمسلمونـ تذوبـ أفئدتهمـ حزناً عليه ..
فتى فيـ ريعانـ الشبابـ .. يُشدد عليه العذابـ ..
وينقل منـ العيشـ الرغيد .. إلى البلاء الشديد .. وهو ابنـ سيد منـ الساداتـ ..
طالما تنعمـ بالملذاتـ .. وتلذذ بالشهواتـ .. ثمـ يجر أمامـ المسلمينـ بقيوده ..
ليعاد إلى سجنه وحديده ..وهمـ لا يملكونـ له شيئاً ..
مضى أبو جندل إلى مكة وحيداً .. يسأل ربعـ الثباتـ على الدينـ ..
والعصمة واليقينـ .. أما المسلمونـ فقد رجعوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلمـ ..
إلى المدينة .. وهم فيـ حنقـ شديد على الكافرينـ .. وحزنـ على المسلمينـ المستضعفينـ ..
ثمـ اشتد العذابـ على الضعفاء في مكة .. حتى لمـ يطيقوا له احتمالاً ..
فبدأ أبو جندل .. وصاحبه أبو بصير .. والمستضعفونـ في مكة .. يحاولونـ التفلتـ منـ قيودهمـ ..
حتى استطاعـ أبو بصير رضيـ الله عنه أنـ يهربـ منـ حبسه ..
فمضى منـ ساعته إلى المدينة .. يحمله الشوق .. ويحدوه الأمل ..
فيـ صحبة النبيـ صلى الله عليه وسلمـ وأصحابه .. مضى يطوي قفار الصحراء ..
تحترقـ قدماه على الرمضاء ..
حتى وصل المدينة .. فتوجه إلى مسجدها .. فبينما النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
فيـ المسجد معـ أصحابه .. إذ دخل عليهمـ أبو بصير .. عليه أثرُ العذابـ .. ووعثاءُ السفر ..
وهو أشعثـ أغبر ..فما كاد يلتقطـ أنفاسه ..
حتى أقبل رجلان منـ كفار قريشـ فدخلا المسجد .. فلما رآهما أبو بصير ..
فزعـ واضطربـ .. وعادتـ إليه صورة العذاب .. فإذا هما يصيحانـ .. يا محمد ..
رده إلينا .. العهدُ الذي جعلتـ لنا .. فتذكر النبيـ صلى الله عليه وسلمـ
عهده لقريشـ أنـ يرد إليهمـ منـ يأتيه منـ مكة .. فأشار إلى أبي بصير ..
أنـ يخرجـ منـ المدينة .. فخرجـ معهما أبو بصير .. فلما جاوزا المدينة .. نزلا لطعامـ ..
وجلسـ أحدهما عند أبيـ بصير .. وغابـ الآخر ليقضيـ حاجته ..
فأخرجـ القاعد عند أبيـ بصير سيفه .. ثمـ أخذ يهزه ..
ويقول مستهزءاً بأبيـ بصير : لأضربنـ بسيفيـ هذا فيـ الأوسـ والخزرجـ يوماً إلى الليل ..
فقال له أبو بصير : والله إنيـ لأرى سيفكـ هذا يا فلانـ جيداً ..
فقال : أجل والله إنه لجيد لقد جربتـ به .. ثمـ جربتـ ..
فقال أبو بصير : أرنيـ أنظر إليه .. فناوله إياه .. فما كاد السيفـ يستقر فيـ يده ..
حتى رفعه ثمـ هوى به على رقبة الرجل فأطار رأسه .. فلما رجع الآخر منـ حاجته
رأى جسد صاحبه ممزقاً .. مجندلاً ممزقاً .. ففزعـ .. وفرَّ حتى أتى المدينة ..
فدخل المسجد يعدو ..فلما رآه صلى الله عليه وسلمـ مقبلاً .. فزعاً ..
قال : لقد رأى هذا ذعراً .. فلما وقفـ بينـ يديه صلى الله عليه وسلمـ ..
صاح من شدة الفزع .. قال : قُتِل والله صاحبيـ .. وإني لمقتول ..
فلمـ يلبثـ أنـ دخل عليهمـ أبو بصير .. تلتمعـ عيناه شرراً .. والسيفـ فيـ يده يقطر دماً ..
فقال : يا نبيـ الله .. قد أوفى الله ذمتكـ .. قد رددتنيـ إليهمـ ثمـ أنجانيـ الله منهمـ ..
فضمنيـ إليكمـ .. قال : لا .. فصاحـ أبو بصير بأعلى صوته ..
قال : أو .. يا رسول الله .. أعطنيـ رجالاً أفتحـ لك مكة ..
فأعجبـ النبيـ صلى الله عليه وسلمـ بشجاعته .. لكنه لا يستطيع أنـ ينفذ له طلبه فبينه ..
وبينـ أهل مكة عهد .. لكنه صلى الله عليه وسلمـ أراد أن يرده بلطفـ ..
فليسعد النطقـ إنـ لمـ يسعد الحال .. التفتـ صلى الله عليه وسلمـ ..
إلى أصحابه وقال مادحاً لأبيـ بصير : ويل أمه !!
مسعِّر حربـ لو كان معه رجال .. فكانتـ هذه الكلماتـ بمثابة التخفيفـ والاعتذار من أبيـ بصير ..
وظل أبو بصير واقفاً عند بابـ المسجد ينتظر إذنـ النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
له بالمكوثـ فيـ المدينة .. لكنه صلى الله عليه وسلمـ ..
تذكر عهده معـ قريشـ فأمر أبا بصير بالخروجـ منـ المدينة .. فسمعـ أبو بصير وأطاعـ ..
نعمـ .. وما حمل في نفسه على الدينـ .. ولا انقلبـ عدواً للمسلمين ..
فهو يرجو ما عند الحليمـ الكريمـ .. منـ الثوابـ العظيمـ .. الذي منـ أجله تركـ أهله ..
وفارقـ ولده .. وأتعبـ نفسه .. وعذبـ جسده .. خرجـ أبو بصير منـ المدينة ..
فاحتار أينـ يذهبـ .. ففيـ مكة عذاب وقيود .. وفيـ المدينة مواثيقـ وعهود ..
فمضى إلى سيفـ البحر قريباً منـ جدة .. فنزل هناكـ .. فيـ صحراء قاحلة ..
لا أنيسـ فيها ولا جليسـ .. فتسامعـ به المسلمونـ المستضعفونـ بمكة ..
فعلموا أنه بابـ فرجـ انفتحـ لهمـ .. فالمسلمونـ فيـ المدينة لا يقبلونهمـ ..
والكفار فيـ مكة يعذبونهمـ .. فتفلت أبو جندل منـ قيوده .. فلحقـ بأبيـ بصير ..
ثمـ جعل المسلمونـ يتوافدونـ إليه فيـ مكانه .. حتى كثر عددهمـ ..
واشتدتـ قوتهمـ .. فجعلتـ لا تمر بهمـ قافلة تجارة لقريشـ .. إلا اعترضوا لها ..
فلما كثر ذلكـ على قريشـ .. أرسلوا إلى النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
ناشدونه بالله أنـ يضمهمـ إليه .. فأرسل النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
إليهمـ أنـ يأتوا المدينة ؟ فلما وصل إليهمـ الكتابـ .. استبشروا وفرحوا ..
لكنـ أبا بصير كانـ قد ألمـ به مرضـ الموتـ .. وهو يردد قائلاً : ربيـ العليـ الأكبر منـ ينصر الله ..
فسوفـ ينصر .. فلما دخلوا عليه وأخبروه أنـ النبيـ صلى الله عليه وسلمـ ..
أذنـ لهمـ بسكنى المدينة .. وأنـ غربتهمـ انتهتـ .. وحاجتهمـ قضيتـ .. ونفوسهمـ أمنتـ ..
فاستبشر أبو بصير .. ثمـ قال وهو يصارعـ الموتـ ..
أرونيـ كتابـ رسول الله صلى الله عليه وسلمـ .. فناولوه إياه ..
فأخذه فقبله .. ثمـ جعله على صدره .. وقال : أشهد أن لا إله إلا الله ..
وأشهد أن محمداً رسول الله .. أشهد أن لا إله إلا الله .. وأشهد أن محمداً رسول الله ..
ثمـ شهقـ وماتـ .. فرحمـ الله أبا بصير .. وصلى على نبيـ الرحمة وسلمـ تسليماً كثيراً ..
ومنـ الإسعاد بالنطقـ والسحر بالكلامـ .. أن تراعي من معكـ إذا جاملكـ .. وتتلطفـ معه ..
ذكر أنـ امرأة فقيرة اضطجعتـ بجانبـ زوجها على فراشـ عتيق .. فيـ كوخـ قديمـ ..
جدرانه مرقعة .. وسقفه منـ جذوعـ النخل .. فجالتـ ببصرها تنظر إلى جدرانـ بيتها ..
ثمـ ركّزت بصرها إلى السقفـ .. وسرحتـ بفكرها بعيداً ..
ثم قالت : تدريـ ماذا أتمنى ؟ قال : هاه !! ماذا تتمنينـ ؟
قالت : أتمنى أنـ نملكـ بيتاً كبيراً تسعد فيه مع أولادك .. وتدعو إليه أصدقاءك ..
ونملكـ سيارة فارهة .. ترتاحـ إذا سقتها .. ويزيد راتبك ضعفين حتى تسدد ديونكـ .. و ..
ومضتـ المسكينة تسرد له بحماسـ أسبابـ السعادة التيـ تتمناها له ..
والرجل غارقـ فيـ أحلامـ خيبته .. يائسـ منـ صلاحـ حاله ..
لا يملكـ أية مهارة منـ مهاراتـ الكلامـ ..
فلما تعبتـ قالت له : وأنتـ ماذا تتمنى ؟! فنظر إلى السقفـ طويلاً ..
ثم قال : أتمنى أنـ ينطلقـ جذعـ منـ هذا السقفـ ويقعـ على رأسكـ فيقسمه نصفينـ ..


:: حديث ::
سألوه صلى الله عليه وسلمـ : ما أكثر ما يدخل الناس النار ؟ فقال : هذا وهذا .. يعني الفرج واللسان

العابره
1-4-2010, 09:12 AM
الموضوعـ الحادي و التسعـــــــــــون : كنـ بطلاً وابدأ الآنـ ..
يقول الشيخـ :::: أذكر أنيـ ألقيت دورة فيـ مهاراتـ التعامـــــل معـ النـــاسـ ..
كانـ عبد العزيز منـ بينـ الحضــور .. كانـ تأثره واضحـــاً ..
لاحظته يكتبـ كل شـاردة وواردة ..
مضتـ أيــامـ الدورة الثلاثة .. وتفرقنــا ..
بعدها بشهر ألقيتـ الدورة نفســها مرة أخرى ..
فلما نظرتـ إلى الحضــور ..
فإذا عبد العزيز يجلسـ فيـ الصـــفـ الأول !!
تملكنـــي العجبـ !!
لماذا يحضرها مرة أخرى وهو يعلـــمـ أني سأعيد الكلامـ نفسه !
لما أذنـ للصلاة .. أخذته ومشيـــتـ به جانباً ..
وسألته : عبد العزيز .. لماذا تحضـــر مرة أخرى ..
وأنتـ تعلمـ أني سأعيد الكــــلامـ نفسه .. !!
والمذكرة التيـ بين يديكـ هيـ نفسها المذكــــرة السابقــــة !!
والشهادة التيـ ستحصل عليها هيـ الشهادة نفسها !!
يعنيـ لنـ تستفيد شيئــــاً ..
فقــــال لي :تصـــدقـ !!
والله إن أصحــــابيـ وزملائـــيـ ..
يقولون ليـ : يا عبد العزيــز أنتـ تغيرتـ فيـ تعاملكــ معنا منذ شهـــــر ..
ففكرتـ فيـ ذلك فإذا أنا أطبــــقـ ..
ما تعلمته منـ مهـــارات فيـ الدورة السابقـة ..
فجئتـ لأحضر الدورة مرة أخرى لتأكيد ما تعلمته منـ مهـــاراتـ ..


إذا كنت جـــــــــــــــاداً في التغيير فكن بطـــــــــــــــلاً
وابدأ الآآآآن ..

العابره
1-4-2010, 09:13 AM
::: الحمدلله الذيـ بنعمته تتمـ الصالحاتـ :::


يقول شيخـنا حفظه الله ::: أني أجد أن أحب كتبي إليَّ وأغلاها إلى قلبي .. وأكثرها فائدة


عملية .. فيما أظن .. هو هذا الكتاب .. كتبت كلماته بمداد خلطته بدمي .. سكبت روحي بين


أسطره .. عصرت ذكرياتي فيه .. جعلتها كلمات من القلب إلى القلب .. وأقسم أنها خرجت


من قلبي مشتاقة أن يكون مستقرها قلبكـ .. فرحماك بها .. ما أعظم سروري لو علمت أن


قارئاً أو قارئة لهذه الورقات طبق ما فيه .. فشعر وشعر غيره بتطور مهاراته .. وازدادت متعته في حياته


ليست الغاية أن تقرأ كتاباً .. بل الغاية أن تستفيد منه


أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعل هذا العلم نوراً لأخي في قبره ورحمة


له يوم البعث والنشور .. اللهم اسبغ شآبيب الرحمات على قبره


اللهم أعظم أجره وثوابه وأجزل له العطايا في مآبه .. اللهم ارفع له الدرجات وكفر عنه


السيئات وأعظم له الحسنى في الجنات برحمتك يا أرحم الراحمين


لايقف الموضوع عندك أخي وأختي .. انشر موضوع أو أكثر بقدر استطاعتك .. فكم من عبد


مرهون في قبره لايستطيع الخروج منه ليقدم أو ليؤخر ونحن أفسح لنا في الأجل ومد لنا


في العمل فلا نبخل على أخينا بالأجر رحمه الله وأسكنه فسيح جناته ..


سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

Marshen Guy
2-7-2010, 02:17 PM
رحمك الله يا أسين وأنار قبرك