المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : واريد من كل عضوء قراءة هذا الكتاب



عُبيدة
20-6-2009, 08:58 PM
السلام عليكم

http://www.islamweb.net/newlibrary/BooksCover/big/Doc120.jpg

من منا لم يقرا هذا الكتاب الجميل ويتدوق ما فيه من عبر ومواعظ ويرى فيه جمال القران والحكم فى تحريم
ما يغضب الله ويذهب معه الخيرات ونعم ممن من لم يقرا فصل اثار الذنوب واريد من كل عضوء قرا هذا الكتاب يكتب لنا اثر من اثار الذنوب حتى نقرئها جميعا ونعرف ما وراء هذه الذنوب من مضار وتتضيع الخيرات كم اتمن من الله ومن جميع الاعضاء تفاعل يدخ ويكتب اثر من اثار الذنوب
ابدا على بركة الله
المعاصي تضعف في القلب تعظيم الرب

ومن عقوبات الذنوب : أنها تضعف في القلب تعظيم الرب جل جلاله ، وتضعف وقاره في قلب العبد ولا بد ، شاء أم أبى ، ولو تمكن وقار الله وعظمته في قلب العبد لما تجرأ على معاصيه ، وربما اغتر المغتر ، وقال : إنما يحملني على المعاصي حسن الرجاء ، وطمعي في عفوه ، لا ضعف عظمته في قلبي ، وهذا من مغالطة النفس ؛ فإن عظمة الله تعالى وجلاله في قلب العبد تقتضي تعظيم حرماته ، وتعظيم حرماته يحول بينه وبين الذنوب ، والمتجرئون على معاصيه ما قدروا الله حق قدره ، وكيف يقدره حق قدره ، أو يعظمه ويكبره ، ويرجو وقاره ويجله ، من يهون عليه أمره ونهيه ؟ هذا من أمحل المحال ، وأبين الباطل ، وكفى بالعاصي عقوبة أن يضمحل من قلبه تعظيم الله جل جلاله ، وتعظيم حرماته ، ويهون عليه حقه .

ومن بعض عقوبة هذا : أن يرفع الله عز وجل مهابته من قلوب الخلق ، ويهون عليهم ، ويستخفون به ، كما هان عليه أمره واستخف به ، فعلى قدر محبة العبد لله يحبه الناس ، وعلى قدر خوفه من الله يخافه الخلق ، وعلى قدر تعظيمه لله وحرماته يعظمه الناس ، وكيف ينتهك عبد حرمات الله ، ويطمع أن لا ينتهك الناس حرماته أم كيف يهون عليه حق الله ولا يهونه الله على الناس ؟ أم كيف يستخف بمعاصي الله ولا يستخف به الخلق ؟

[ ص: 70 ] وقد أشار سبحانه إلى هذا في كتابه عند ذكر عقوبات الذنوب ، وأنه أركس أربابها بما كسبوا ، وغطى على قلوبهم ، وطبع عليها بذنوبهم ، وأنه نسيهم كما نسوه ، وأهانهم كما أهانوا دينه ، وضيعهم كما ضيعوا أمره ، ولهذا قال تعالى في آية سجود المخلوقات له : ومن يهن الله فما له من مكرم (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=33&idto=33&bk_no=120&ID=34#docu)[ سورة الحج : 18 ] فإنهم لما هان عليهم السجود له واستخفوا به ولم يفعلوه أهانهم الله فلم يكن لهم من مكرم بعد أن أهانهم الله ، ومن ذا يكرم من أهانه الله ؟ أو يهن من أكرمه الله ؟
استودعكم الله

عثمان بالقاسم
20-6-2009, 09:55 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
جزاك الله خيرا أخي الكريم وبارك الله فيك، وأسأل الله أن يجعل ذلك في ميزان حسناتك.

المعصية تورث الذل

ومنها: أن المعصية تورث الذل ولا بد، فإن العز كل العز في طاعة الله تعالى، قال تعالى: { من كان يريد العزة فلله العزة جميعا } سورة فاطر الآية 10، أي فليطلبها بطاعة الله، فإنه لا يجدها إلا في طاعة الله.

وكان من دعاء بعض السلف: اللهم أعزني بطاعتك ، ولا تذلني بمعصيتك.

وقال الحسن البصري: إنهم وإن طقطقت بهم البغال وهملجت بهم البراذين إن ذل المعصية لا يفارق قلوبهم. أبى الله إلا أن يذل من عصاه.

وقال عبد الله بن المبارك:

رأيت الذنوب تميت القلوبَ***وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب***وخير لنفسك عصيانها
وهل أفسد الدين إلا الملوك***وأحبار سوء ورهبانها؟

من كلام ابن القيم رحمه الله في كتابه : الداء والدواء، أو الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي

nanaka
20-6-2009, 10:26 PM
جزاك الله خيراً على الكتاب
وإن شاء الله ستتم قراءته في الإجازة
دمت بخير

|[ رمـــآد ]|
20-6-2009, 10:35 PM
مشكور أخوي على هذا الكتاب ...

نعم قرأت هذا الكتاب ( لكن ليس كاملاً ) و فيه من الفوائد ما تكفى لتبحر في عالم التوبة ....

الذي استغربته أن كل هذا الكتاب و الجهد الذي بذل في كتابته إنما كان سببه الرئيسي سؤال بسيط فانظر إلى الهمم ....

شاكر لك أخي و وفقني الله و إياك على فعل الخيرات ...

مشكور ....

دروبي
20-6-2009, 11:17 PM
شكرا اخي
قرات النصف فاعجبني
ساكمل القراءه
بارك الله فيك
والى االامام

عُبيدة
21-6-2009, 01:46 AM
بارك الله فى الجميع

الذنوب تدخل العبد تحت لعنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

ومنها : أن الذنوب تدخل العبد تحت لعنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه لعن على معاصي والتي غيرها أكبر منها ، فهي أولى بدخول فاعلها تحت اللعنة .

فلعن الواشمة والمستوشمة ، والواصلة والمستوصلة ، والنامصة والمتنمصة ، والواشرة والمستوشرة .

ولعن آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهده .

ولعن المحلل والمحلل له .

ولعن السارق .

ولعن شارب الخمر وساقيها وعاصرها ومعتصرها ، وبائعها ومشتريها ، وآكل ثمنها وحاملها والمحمولة إليه .

ولعن من غير منار الأرض وهي أعلامها وحدودها .

ولعن من لعن والديه .

ولعن من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا يرميه بسهم .

ولعن المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء .

[ ص: 61 ] ولعن من ذبح لغير الله .

ولعن من أحدث حدثا أو آوى محدثا .

ولعن المصورين .

ولعن من عمل عمل قوم لوط .

ولعن من سب أباه وأمه .

ولعن من كمه أعمى عن الطريق .

ولعن من أتى بهيمة .

ولعن من وسم دابة في وجهها .

ولعن من ضار مسلما أو مكر به .

ولعن زوارات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج .

ولعن من أفسد امرأة على زوجها ، أو مملوكا على سيده .

ولعن من أتى امرأة في دبرها .

وأخبر أن من باتت مهاجرة لفراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح .

ولعن من انتسب إلى غير أبيه .

وأخبر أن من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه .

ولعن من سب الصحابة .

من لعنه الله

وقد لعن الله من أفسد في الأرض وقطع رحمه ، وآذاه وآذى رسوله - صلى الله عليه وسلم - .

ولعن من كتم ما أنزل الله سبحانه من البينات والهدى .

ولعن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات بالفاحشة .

ولعن من جعل سبيل الكافر أهدى من سبيل المسلم .

ولعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل .

ولعن الراشي والمرتشي والرائش ، وهو : الواسطة في الرشوة .

ولعن على أشياء أخرى غير هذه .

فلو لم يكن في فعل ذلك إلا رضاء فاعله بأن يكون ممن يلعنه الله ورسوله وملائكته لكان في ذلك ما يدعو إلى تركه .

makak
21-6-2009, 08:23 AM
مشكور اخوي ، تسلم على الموضوع

KAITO KEDO
21-6-2009, 08:52 AM
مشكور اخوي موصوع راااائع جداً

الله يجعله من مواازين حسناتك

عُبيدة
22-6-2009, 06:08 AM
العفو للجميع وبارك الله فيكم وجزاكم الجنة
المعاصي تزيل النعم ومن عقوباتها أنها تزيل النعم الحاضرة ، وتقطع النعم الواصلة ، فتزيل الحاصل ، وتمنع الواصل ، فإن نعم الله ما حفظ موجودها بمثل طاعته ، ولا استجلب مفقودها بمثل طاعته ، فإن ما عنده لا ينال إلا بطاعته ، وقد جعل الله سبحانه لكل شيء سببا وآفة ، سببا يجلبه ، وآفة تبطله ، فجعل أسباب نعمه الجالبة لها طاعته ، وآفاتها المانعة منها معصيته ، فإذا أراد حفظ نعمته على عبده ألهمه رعايتها بطاعته فيها ، وإذا أراد زوالها عنه خذله حتى عصاه بها .

ومن العجب علم العبد بذلك مشاهدة في نفسه وغيره ، وسماعا لما غاب عنه من أخبار من أزيلت نعم الله عنهم بمعاصيه ، وهو مقيم على معصية الله ، كأنه مستثنى من هذه الجملة ، أو مخصوص من هذا العموم ، وكأن هذا أمر جار على الناس لا عليه ، وواصل إلى الخلق لا إليه ، فأي جهل أبلغ من هذا ؟ وأي ظلم للنفس فوق هذا ؟ فالحكم لله العلي الكبير .

عُبيدة
23-6-2009, 11:49 PM
المعاصي توجب القطيعة بين العبد والرب

ومن أعظم عقوباتها : أنها توجب القطيعة بين العبد وبين ربه تبارك وتعالى ، وإذا وقعت القطيعة انقطعت عنه أسباب الخير واتصلت به أسباب الشر ، فأي فلاح ، وأي رجاء ، وأي عيش لمن انقطعت عنه أسباب الخير ، وقطع ما بينه وبين وليه ومولاه الذي لا غنى عنه طرفة عين ، ولا بدل له منه ، ولا عوض له عنه ، واتصلت به أسباب الشر ، ووصل ما بينه [ ص: 83 ] وبين أعدى عدو له : فتولاه عدوه وتخلى عنه وليه ؟ فلا تعلم نفس ما في هذا الانقطاع والاتصال من أنواع الآلام وأنواع العذاب .

قال بعض السلف : رأيت العبد ملقى بين الله سبحانه وبين الشيطان ، فإن أعرض الله عنه تولاه الشيطان ، وإن تولاه الله لم يقدر عليه الشيطان ، وقد قال تعالى : وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=47&idto=47&bk_no=120&ID=48#docu)[ سورة الكهف : 50 ] .

يقول سبحانه لعباده : أنا أكرمت أباكم ، ورفعت قدره ، وفضلته على غيره ، فأمرت ملائكتي كلهم أن يسجدوا له ، تكريما له وتشريفا ، فأطاعوني ، وأبى عدوي وعدوه ، فعصى أمري ، وخرج عن طاعتي ، فكيف يحسن بكم بعد هذا أن تتخذوه وذريته أولياء من دوني ، فتطيعونه في معصيتي ، وتوالونه في خلاف مرضاتي وهم أعدى عدو لكم ؟ فواليتم عدوي وقد أمرتكم بمعاداته ، ومن والى أعداء الملك ، كان هو وأعداؤه عنده سواء ، فإن المحبة والطاعة لا تتم إلا بمعاداة أعداء المطاع وموالاة أوليائه ، وأما أن توالي أعداء الملك ثم تدعي أنك موال له ، فهذا محال .

هذا لو لم يكن عدو الملك عدوا لكم ، فكيف إذا كان عدوكم على الحقيقة ، والعداوة التي بينكم وبينه أعظم من العداوة التي بين الشاة وبين الذئب ؟ فكيف يليق بالعاقل أن يوالي عدوه عدو وليه ومولاه الذي لا مولى له سواه ، ونبه سبحانه على قبح هذه الموالاة بقوله : وهم لكم عدو (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=47&idto=47&bk_no=120&ID=48#docu)[ سورة الكهف : 50 ] ، كما نبه على قبحها بقوله تعالى : ففسق عن أمر ربه (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=47&idto=47&bk_no=120&ID=48#docu)[ سورة الكهف : 50 ] ، فتبين أن عداوته لربه وعداوته لنا ، كل منهما سبب يدعو إلى معاداته ، فما هذه الموالاة ؟ وما هذا الاستبدال ؟ بئس للظالمين بدلا .

ويشبه أن يكون تحت هذا الخطاب نوع من العتاب لطيف عجيب وهو أني عاديت إبليس إذ لم يسجد لأبيكم آدم مع ملائكتي فكانت معاداته لأجلكم ، ثم كان عاقبة هذه المعاداة أن عقدتم بينكم وبينه عقد المصالحة

%هيبارا%
24-6-2009, 12:54 AM
وعليكم السلام
بارك الله فيك ع الكتاب
وجعله في ميزان حسناتك
دمت في حفظ المولى

عُبيدة
24-6-2009, 02:01 AM
العفوا جزاك الله خير
المعاصي في سجن الشيطان

ومن عقوباتها : أن العاصي دائما في أسر شيطانه ، وسجن شهواته ، وقيود هواه ، فهو أسير مسجون مقيد ، ولا أسير أسوأ حالا من أسير أسره أعدى عدو له ، ولا سجن أضيق من سجن الهوى ، ولا قيد أصعب من قيد الشهوة ، فكيف يسير إلى الله والدار الآخرة قلب مأسور مسجون مقيد ؟ وكيف يخطو خطوة واحدة ؟

وإذا قيد القلب طرقته الآفات من كل جانب بحسب قيوده ، ومثل القلب مثل الطائر ، كلما علا بعد عن الآفات ، وكلما نزل استوحشته الآفات .

وفي الحديث : الشيطان ذئب الإنسان (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=43&idto=43&bk_no=120&ID=44#docu).

وكما أن الشاة التي لا حافظ لها وهي بين الذئاب سريعة العطب ، فكذا العبد إذا لم يكن عليه حافظ من الله فذئبه مفترسه ولا بد ، وإنما يكون عليه حافظ من الله بالتقوى ، فهي وقاية وجنة ، حصينة بينه وبين ذئبه ، كما هي وقاية بينه وبين عقوبة الدنيا والآخرة ، وكلما كانت الشاة أقرب من الراعي كانت أسلم من الذئب ، وكلما بعدت عن الراعي كانت أقرب إلى الهلاك ، فأسلم ما تكون الشاة إذا قربت من الراعي ، وإنما يأخذ الذئب القاصية من الغنم ، وهي أبعد من الراعي .

وأصل هذا كله : أن القلب كلما كان أبعد من الله كانت الآفات إليه أسرع ، وكلما قرب من الله بعدت عنه الآفات .

والبعد من الله مراتب ، بعضها أشد من بعض ، فالغفلة تبعد القلب عن الله ، وبعد المعصية أعظم من بعد الغفلة ، وبعد البدعة أعظم من بعد المعصية ، وبعد النفاق والشرك أعظم من ذلك كله .

فارس الاسلام
24-6-2009, 01:54 PM
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
جزاك الله كل خير اخى
ما شاء الله موضوع مهم
اللهم تقبله منك و اجعله فى موازين حسناتك
اللهم ارزقنا توبة نصوحة

عُبيدة
25-6-2009, 06:17 AM
الذنوب تطفئ الغيرة

ومن عقوبات الذنوب : أنها تطفئ من القلب نار الغيرة التي هي لحياته وصلاحه كالحرارة الغريزية لحياة جميع البدن ، فالغيرة حرارته وناره التي تخرج ما فيه من الخبث والصفات المذمومة ، كما يخرج الكير خبث الذهب والفضة والحديد ، وأشرف الناس وأعلاهم همة أشدهم غيرة على نفسه وخاصته وعموم الناس ، ولهذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أغير الخلق على الأمة ، والله سبحانه أشد غيرة منه ، كما ثبت في الصحيح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : أتعجبون من غيرة سعد ؟ لأنا أغير منه ، والله أغير مني (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=31&idto=31&bk_no=120&ID=32#docu).

وفي الصحيح أيضا عنه أنه قال في خطبة الكسوف : يا أمة محمد ما أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=31&idto=31&bk_no=120&ID=32#docu).

وفي الصحيح أيضا عنه أنه قال : لا أحد أغير من الله ، من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، ولا أحد أحب إليه العذر من الله ، من أجل ذلك أرسل الرسل مبشرين ومنذرين ، ولا أحد أحب إليه المدح من الله ، من أجل ذلك أثنى على نفسه (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=31&idto=31&bk_no=120&ID=32#docu).

[ ص: 67 ] فجمع في هذا الحديث بين الغيرة التي أصلها كراهة القبائح وبغضها ، وبين محبة العذر الذي يوجب كمال العدل والرحمة والإحسان ، والله سبحانه - مع شدة غيرته - يحب أن يعتذر إليه عبده ، ويقبل عذر من اعتذر إليه ، وأنه لا يؤاخذ عبيده بارتكاب ما يغار من ارتكابه حتى يعذر إليهم ، ولأجل ذلك أرسل رسله وأنزل كتبه إعذارا وإنذارا ، وهذا غاية المجد والإحسان ، ونهاية الكمال .

فإن كثيرا ممن تشتد غيرته من المخلوقين تحمله شدة الغيرة على سرعة الإيقاع والعقوبة من غير إعذار منه ، ومن غير قبول لعذر من اعتذر إليه ، بل يكون له في نفس الأمر عذر ولا تدعه شدة الغيرة أن يقبل عذره ، وكثير ممن يقبل المعاذير يحمله على قبولها قلة الغيرة حتى يتوسع في طرق المعاذير ، ويرى عذرا ما ليس بعذر ، حتى يعتذر كثير منهم بالقدر ، وكل منهما غير ممدوح على الإطلاق .

وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : إن من الغيرة ما يحبها الله ، ومنها ما يبغضها الله ، فالتي يبغضها الله الغيرة من غير ريبة (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=31&idto=31&bk_no=120&ID=32#docu)وذكر الحديث .

وإنما الممدوح اقتران الغيرة بالعذر ، فيغار في محل الغيرة ، ويعذر في موضع العذر ، ومن كان هكذا فهو الممدوح حقا .

ولما جمع سبحانه صفات الكمال كلها كان أحق بالمدح من كل أحد ، ولا يبلغ أحد أن يمدحه كما ينبغي له ، بل هو كما مدح نفسه وأثنى على نفسه ، فالغيور قد وافق ربه سبحانه في صفة من صفاته ، ومن وافق الله في صفة من صفاته قادته تلك الصفة إليه بزمامه ، وأدخلته على ربه ، وأدنته منه ، وقربته من رحمته ، وصيرته محبوبا ، فإنه سبحانه رحيم يحب الرحماء ، كريم يحب الكرماء ، عليم يحب العلماء ، قوي يحب المؤمن القوي ، وهو أحب إليه من المؤمن الضعيف ، حتى يحب أهل الحياء ، جميل يحب أهل الجمال ، وتر يحب أهل الوتر .

ولو لم يكن في الذنوب والمعاصي إلا أنها توجب لصاحبها ضد هذه الصفات وتمنعه من الاتصاف بها لكفى بها عقوبة ، فإن الخطرة تنقلب وسوسة ، والوسوسة تصير إرادة ، والإرادة تقوى فتصير عزيمة ، ثم تصير فعلا ، ثم تصير صفة لازمة وهيئة ثابتة راسخة ، وحينئذ يتعذر الخروج منهما كما يتعذر الخروج من صفاته القائمة به .

والمقصود أنه كلما اشتدت ملابسته للذنوب أخرجت من قلبه الغيرة على نفسه وأهله وعموم الناس ، وقد تضعف في القلب جدا حتى لا يستقبح بعد ذلك القبيح لا من نفسه ولا من غيره ، وإذا وصل إلى هذا الحد فقد دخل في باب الهلاك .

[ ص: 68 ] وكثير من هؤلاء لا يقتصر على عدم الاستقباح ، بل يحسن الفواحش والظلم لغيره ، ويزينه له ، ويدعوه إليه ، ويحثه عليه ، ويسعى له في تحصيله ، ولهذا كان الديوث أخبث خلق الله ، والجنة حرام عليه ، وكذلك محلل الظلم والبغي لغيره ومزينه له ، فانظر ما الذي حملت عليه قلة الغيرة .

وهذا يدلك على أن أصل الدين الغيرة ، ومن لا غيرة له لا دين له ، فالغيرة تحمي القلب فتحمي له الجوارح ، فتدفع السوء والفواحش ، وعدم الغيرة تميت القلب ، فتموت له الجوارح ؛ فلا يبقى عندها دفع البتة .

ومثل الغيرة في القلب مثل القوة التي تدفع المرض وتقاومه ، فإذا ذهبت القوة وجد الداء المحل قابلا ، ولم يجد دافعا ، فتمكن ، فكان الهلاك ، ومثلها مثل صياصي الجاموس التي تدفع بها عن نفسه وولده ، فإذا تكسرت طمع فيها عدوه .