صفحة من مذكراتي :
كان اليوم ... يوماً عصيباً ومحزناً بالنسبة لي، كرهت نفسي فعلاً لانضمامي إلى "قوة الدفاع"وندمت على ذلك ، حيث عرفت اليوم أنّ هناك أمر سيء يدور من ورائنا ونحن لا نعرف عنه شيئاً ....
اليوم.. ، فقدت أعزّ شخص على قلبي ..
كنت أحسبه كوالدي دوماً وأحترمه وأقدّره كثيراً ....
كان ذا حكمة واسعة وأفكار نيرةٍ عظيمة وأخلاق كريمة يحسده الحاسدون ويغبطه الآخرون ... إلى أن جاء اليوم..
هذا اليوم الذي أنهى حياته بدون ذنب وبسبب مجهول...
كنتُ معه في لحظاته ما قبل الأخيرة أترجاه بأن يعدل عما يفكّر به لكني أعرف في قرارة نفسي أنّ ذلك محال الآن ، لا سبيل للتراجع بعد وصوله لتلك النقطة .....
لم أخالفه الرأي في حياتي أبداً .. حتى في هذا اليوم ... مع جهلي بما يفعله وجهلي إن كان صواباً أم خطأً لكني بقيت أوافقه ومستعداً لمساندته في ما يفعله...
لا أصدق أنّي كنت هناك طوال الوقت ولم يكن بوسعي فعل أي شيء... أعرف أنه لا فائدة من الندم الآن ..
دكتور صلاح...
سأبقى وفياً لك وسأعمل على وصيتك وإنهاء ما كنتَ قد بدأته حتى أعيد جزءاً من معروفك لي....
رحمكَ الله يا دكتور صلاح ...
الساعة: 3:46 فجراً، اليوم: الأربعاء، التاريخ: 7 يوليو 1999
المكان: المختبر د-555 > معامل النفط الفرعية > المنطقة ب
..
...
....
إلى ابني العزيز،
أكتبُ لك هذه الرسالة على عجل حيث أني في وضع لا أحسد عليه...
أتركُ بين يديك هذه الرسالة و ما معها و أتمنى حقاً أن تحفظه بأمان وأن تعرف كيف تستفيد منه، لأنك لا تعلم قدره وما قمتُ به في سبيل إيصاله إليك و لقياك إلا أنّ الحظ قد خذلني ولم أستطع ذلك.. وها أنا ذا أواجه مصيري ..
أرجو أن تتفهم موقفي و أنا آسف فعلاً لما سببته لك ولوالدتك وأختك الصغرى .. وأتمنى أن تكونوا جميعاً بـخير.
والدكَ المخلص
صلاح إسـ..
- " أخيراً ! ..... وجدتك!"
استدار الرجل الجالس أمام الطاولة المقلوبة فجأة وهو يقف جفلاً من الصوت الذي سمعه ليجد أمامه شاباً طويلاً نحيلاً أسود الشعر أخضر العينين ،تشوب بشرته بعض السمرة ، يرتدي بذلة عسكرية يبدو أنه في العشرين من عمره ، ممسكاً بقبضة الباب وهو يلهث من الجري ووجهه يتصبب عرقاً من حرارة المكان ...
أمسكَ الرجل عن الكتابة و طوى الورقة جيداً بيدين مرتعشتين وألقاها في مظروف بينما استأنف الشاب كلامه قائلاً:
- "دكتور صلاح، ألا تعلم أنهم يبحثون عنك في كل مكان ؟! وقد يصلون إلى هنا في أي لحظة ! ذلك الضابط المزعج أصدر أوامره فجأة بقتلك هنا ويرفض البوح بالسبب متحججاً بأنك خائن وخطر علينا !"
لم يعقّب الدكتور صلاح بأي كلمة بل جال ببصره في أنحاء المختبر المقلوب رأساً على عقب ذي النوافذ المحطمة والأدوات المتناثرة وكأنه يبحث عن شيء ما،بينما يتابعه الشاب بنظرات يغمرها الخوف والدهشة حيث أنه لم يعتد على رؤية الدكتور على هذا الوضع السيئ ..
وجهٌ يملأه التعب والغبار وقطرات العرق المنحدرة من جبينه ، عينان جاحظتان من التفكير والإرهاق ، شعرٌ أشعث ونظارة مكسورة ، ثيابه متسخة و حالته يرثى لها .
"يا إلهي، بمَ يفكر الدكتور الآن ؟" ...
توقف الدكتور عن البحث ومدّ يده الممسكة بالمظروف و التفت بسرعة ينظر إلى الشاب وقال له بصوت مبحوح:
- "هشام يا بني ، أنت الوحيد الذي أثق به بين هؤلاء القوم وأعلم أنك مختلف تماماً عنهم ،وأنا أأتمنك على ما بداخل هذا المظروف وأرجو أن تحرص عليه جيداً . لدي ابن يصغرك بعدة سنوات لكن لا أعلم أين هو ، أرجو أن تبحث عنه وتسلّمه هذا المظروف وهو يعرف ما سيفعله – أو هذا ما أرجوه".
نظر هشام إلى المظروف بدهشة وبقي عدة ثوانٍ لا يعرف ماذا يقول ثم رفع رأسه قائلاً:
- " وأنا أيضاً أثق بك تماماً يا دكتور وأعلم أنك تتصرف بحكمة وعلى صواب دائماً وأنك لن تخوننا، لكن لماذا.. لماذا كل هذا العناء وهذه المشاكل التي أنت بها ؟ أمن أجل هذا المظروف أم ماذا ؟؟ لماذا ينتهي بك الأمر بأن تُقتل لسبب مجهول في هذا المكان النائي وبكل تكتم ؟! "
- " لكل شيء وقته .. لا تستعجل بالبحث عن الإجابات الآن، دوري ينتهي هنا ما قمتُ به مجرد بداية وسأترك لك ولابني المقوَد لإكمال المشوار، خذ المظروف وأسرع بالمغادرة قبل أن يأتي زملاؤك “.
- " لكنهم سـيردمون هذه المختبرات بـ... "
توقف هشام عن الحديث بمجرد سماعه صوت خطوات وجلبة خارج المختبر فأسرع يجري نحو الباب وهو يشاهد الدكتور يقف أمام الحائط الآخر وهو يقول له:
- " إياك والتفريط به فهو مهم جداً و إن وجدت ابني فساعده واحمه وثق به في كل ما يفعله. أنت مسئول عنه يا هشام ، تذكر هذا " .
أخفى هشام المظروف في سترته و أسرع يجري نحو زملائه وهو يحثهم على الخروج من المكان لخلوه ممن يبحثون عنه ولأنه سيصبح بعد قليل هدفاً لطلقات المدفعية وشاحنات الردم.
وقف الضابط المسئول على بعد عدة كيلومترات من المكان ممسكاً بجهاز اللاسلكي وهو ينتظر الأخبار من المجموعة التي دخلت للتفتيش..
بقي يدور ويدور في مكانه وهو يفقد صبره تدريجياً إلى أن انتبه بعد عدة دقائق لخروج المجموعة وقدوم شاب طويل نحوه قائلاً:
- "سيدي الضابط تم تفتيش المختبرات كلها ولا أثر له، لكننا وجدنا بعض الأدلة التي تشير إلى ما يشبه محطة إذاعة ومن الواضح إنها مصدر الإذاعة التي كانت تبث الإشاعات. أوامرك سيدي" .
- " اجمعوا ما تستطيعون جمعه من أدلة مهمة... وماذا عنه ؟ لا أثر له ؟ هل قمتم بالتفتيش جيداً أيها الجندي هشام، لقد تم التأكد من مشاهدته يدخل هنا قبل عدة ساعات، لن تغادروا المكان حتى تخرجوا جثته أو تردموا المكان فوق رأسه! "
- " لم نترك مكاناً لم نبحث فيه، قد يكون هرب من مخارج سرية أو إنه في أحد المخازن السفلية “.
- " هه ! هرب ! وكأني سأصدق هذا، فليبدأ الإطلاق وهدم المختبرات هذه على من فيها “.
- " .... " ، " حاضر سيدي " .
تمتم الضابط قائلاً بعد ابتعاد الشاب :
- " ستنال مصيرك بهدوء يا دكتور مع ما تملكه ولن نسمح لك أبداً بالهرب “.
وقف هشام مع بقية المجموعة المكلفة بمهمة البحث عن الدكتور وقتله و ردم المختبرات القديمة النائية بمشاهدة الشاحنات وهي تنطلق باتجاه المختبرات ثم خطى متراجعاً إلى الخلف وهو يفكر في كلمات الدكتور الأخيرة وما أصبح بحوزته الآن،
بعدها توقف ملتفتاً ليرسل بنظراته الأخيرة إلى المباني وهي تتهاوى على الأرض، فتمتم بحزن وهو مقطب الحاجبين:
-" أنا آسف لعدم تمكّني من مساعدتك، دكتور صلاح".
صفحات من مذكراتي :
* الاثنين، تاريخ: 20 مارس 2000.
قبل شهرين تقريباً قدّمت استقالتي من "قوة الدفاع"، أحسست وقتها بشعور لا يوصف ! وكأنني أصبحت حراً !!
بدأت بعدها بالتركيز على قضية الدكتور صلاح والبحث عن ابنه وأسرته إذ أني كنت مقيداً بعملي في قوة الدفاع ولم أستطع المخاطرة بحياتي وجلب الأنظار إذا ما رآني أحدهم وأنا أعمل على قضية الدكتور !
مرّت أيام وأسابيع وشهور وأنا أحاول البحث عن أي خيط يوصلني لابن الدكتور صلاح، وقد قمت حتى الآن بجمع بعض المعلومات البسيطة التي تتضمن بعض البيانات عن الدكتور صلاح لكن لا شيء عن أسرته حتى الآن !
قمت بزيارة منزل الدكتور اليوم، أصبح مهجوراً موحشاً بعد ما حدث ولا أحد يقترب منه، جمعت ما استطعت جمعه من الأغراض المفيدة التي بقيت صالحة حتى لا تتعرض للسرقة أو لعوامل الطبيعة..
وجدت الكثير من الكتب والمذكرات والمستندات، يبدو لي أنها مفيدة، أخذتها مع بعض الأمور الأخرى ووضعتها في مخزن منزلي، أتمنى أن أجد أسرة الدكتور بسرعة.
يا إلهي ، أعنّي على ما أنا به !
* الجمعة، تاريخ: 1 يونيو 2001
المستجدات في قضية الدكتور صلاح : ..
مررت اليوم ليلاً على منزل الدكتور وإذا بي أجده كتلة لهب مشتعلة !
أسرعت بالاتصال بالإطفاء وأخمدوا النار، أصبح شكل المنزل مرعباً جداً بعد الحريق..
> ملاحظة مضافة في أكتوبر : اضطررت للذهاب للتحقيق لعدة شهور بما أني أعَّد شاهداً كان متواجد أثناء الحريق ، لكن حاولت جهدي إبعاد نفسي عن الأنظار حتى لا يشك بي أي شخص ، يبدو لي أن هناك من يعتقد أن هناك من يستخدم هذا المنزل أو أن الأسرة قد عادت أو هناك سبب آخر أجهله !
لدي كل الصحف التي تتحدث عن الحادثة، قمت بوضعها مع كل المقالات و قصاصات الصحف التي جمعتها طوال السنتين الماضيتين والتي تتحدث عن الدكتور ! طبعاً أشك أنها أخبار كاذبة ومعلومات واهية، لكن لا ضير في الاحتفاظ بها.
لا جديد عن الأسرة حتى الآن ! أرى القضية من منظوري و كأنني أبحث عن إبرة في كومة قش !
* الثلاثاء، تاريخ 10 ديسمبر 2002
آخر المستجدات في قضية الدكتور : ..
يبدو لي أنهم قاموا بحذف جميع البيانات عن الدكتور وعن أسرته، بالكاد جمعت معلومات جديدة عن أسرة الدكتور !
وها قد وجدتُ عنوان السكن.. لكن بعد زيارتي له تبين أنهم غادروه قبل شهر !
دخلتُ الشقة وبقيت أسأل مالكها عنهم، عرفت أنّ زوجته وابنته فقط كانتا تسكنان هنا، وكان يزورهم بين فترة وأخرى شاب... إذن هل هو ابنه ؟ وهل يسكن وحده ؟!
كانت الشقة فارغة تماماً، فقد قام المالك بتنظيفها ورمى كل المخلفات، قال إنه لم يكن هناك ما يفيد.
وعرفت أيضاً أن زوجته مريضة ويبدو أن مرضها ليس سهلاً، كان الله في عونها.
قمت بالبحث في جميع المستشفيات والمراكز الصحية عن أي معلومة توصلني إلى زوجة الدكتور المريضة، لكن يبدو أنها لا تذهب للعلاج ولا يوجد أي بيانات عنها ولا عن ابنتها.
* الخميس، تاريخ 14 أغسطس 2003
كدت أفقد الأمل مؤخراً لأنني لم أتقدم في قضية الدكتور.... لكن لولا الله ثم لولا صندوق الأدوات الكهربائية في المخزن لما كنت تقدمت أبداً في إيجاد الحل !!
قبل خروجي من المخزن شاهدت صناديق الأغراض والمستندات التي أخذتها من منزل الدكتور والتي أحتفظ بها هنا في هذا المخزن نفسه !
كيف لم أفكر طوال هذه السنوات بفتح مستندات الدكتور ومذكراته التي لدي !!!؟
صعدت مسرعاً وأنا أحمل المستندات ثم نفضت الغبار المتراكم عنها وفتحت المستندات واحداً بعد الآخر وأنا أقرأ بكل انتباه !
أمضيت 5 ساعات وأنا أقرا ، آآه ينتابني شعور بتأنيب الضمير وأنا أقرأ مذكرات الدكتور دون إذن أسرته !!
كما أنه يحزنني تذكر الدكتور صلاح و أيامه .
كان يأتي لزيارة الدكتور العديد من الشخصيات المهمة ! قام بتسجيل تاريخ كل زيارة أو مقابلة وما كانت أهم النقاط فيها ، كم أنت دقيق يا دكتور .
وأخيراً عرفت عدة أمور عن ابنه وابنته !!
اكتفى الدكتور بوضع الحرف الأول من أسماء أبنائه، يا لحرصه الشديد، يدعى ابنه ( A ) وابنته ( A) أيضاً !!!
ماذا يكون اسم الابن يا ترى ؟ أحمد –أمير – أمجد – أسعد ... يا إلهي .. هناك الكثير !
ذكر الدكتور ملاحظة عيد ميلاد ابنه العاشر في تاريخ 23/1/1991
إذن فهو يبلغ 21 من عمره الآن ! ربما يكون يدرس في إحدى الجامعات ، لن يضرني البحث فيها !
يبدو أن عيد ميلاد ابنته في نفس الشهر .. وتبلغ أربعة سنين في 1991 ! إذن فعمرها الآن 16 سنة .
اقتربت كثيراً من الوصول إلى هدفي .. !
* السبت، تاريخ 30 أكتوبر 2004
مضت سنة ولم أجد ابن الدكتور (A) في أي جامعة، ولم أجد معلومات عن زوجته أيضاً.. هل شُفيت من مرضها أم ماذا حلّ بها ؟ ..وماذا عن ابنته ؟ هل تدرس في الثانوية أم ماذا ؟
يا إلهي .. هل هم في هذه المدينة أساساً !!!؟
كلما أصلُ إلى خيط أمل ضعيف سرعان ما يتبخر ويختفي ! أراهن أنهم يعيشون بكل تكتم ويخفون أنفسهم جيداً ويغيرون محل سكنهم بين فترة و أخرى.
بدأت العمل مؤخراً كمحرر في إحدى الصحف المشهورة، أعرف أنه غريب جداً لجندي سابق في قوة الدفاع أن يعمل في صحيفة ! لكني لم أعمل هناك إلا لأنني أريد أن أكون قريباً من مصادر الأخبار وأجهزة البحث الكثيرة التي أتمنى أن تعينني حقاً في ما أعمل عليه.
عرفت أموراً كثيرة حقاً كنت أجهلها واطلعت على بيانات مهمة وسرية لا يعرفها أصحابها !
أعرف أن مراقبة أخبار الناس ودس أنفي في خصوصياتهم أمر قبيح لكني مضطر لهذا !
>ملاحظة تشدّني : قضايا الحوادث المجهولة والانتحار لبعض المشاهير زادت مؤخراً ! ويبدو لي أنها متصلة مع بعضها البعض لسبب ما ، هل أترك عملي وأبدأ بالتحري عنها ؟! لا لا، عملي يناسبني أكثر حيث يمكنني جمع الكثير من المعلومات التي تتضمن كل المجالات !
* الأحد، 10 ابريل 2005
تطور كبير جداً !! شكراً لله كثيراً ! حقاً أن الجهد المبذول لا يضيع سدىً !
أخيراً عثرت على ابنة الدكتور صلاح !
كنت جالساً في مكتبي الهادئ أعمل على بعض التقارير التي قُدّمت لي لطباعتها فجاء مسئولي وطلب مني أن أتابع وفد الطالبات اللاتي يفكرن في دراسة الصحافة ولأرشدهن حول هذا الموضوع وأريهن طريقة العمل لدينا !
كنت أكره هذا النوع من الأعمال فهو لا يناسبني إطلاقاً ! سرت معهن في أرجاء المكان وأنا أحدثهن عن فكرة العمل في الصحافة و غيره
بعدها بساعة تقريباً جلسنا في صالة الاستراحة وأنا أجيب على أسئلتهن برحابة صدر ظاهرة لكن من داخلي أفكر (متى أنتهي من هذا!!)..
عندما حان وقت المغادرة وقفت مرشدتهن تجمع أسمائهن والتقارير التي أعدتها كل طالبة ، كنت قد استدرت وابتعدت بمسافة قليلة لأشرب كوباً من الماء إلى أن وصل لمسامعي اسمٌ جعلني ألتفت بحدة نحوهن !
لم ألتقط اسم الفتاة فقد كنت سارحاً لكن سمعت اسم الأب بكل وضوح [صلاح إسماعيل ].. ! إنه اسم الدكتور !!
بقيت أفكر في طريقة لمحاولة التحدث معها وأخذ كل المعلومات عن أخيها و والدتها، تقدمت نحو المرشدة التي كانت تمسك بالتقارير بيد وتستقبل تقرير ابنة الدكتور في يد أخرى..
حسناً، ماذا أفعل، ها هي ابنة الدكتور أمامي، تفكر في دراسة الصحافة [يا لها من مصادفة ]، أذكر من المستندات أنها كانت تبلغ السادسة عشر وقتها، إذن فهي في الثامنة عشر من عمرها الآن !
ألقيت بنظري في ورقة التقرير محاولاً قراءة الاسم ( عمل الصحافة يعلّم الدناءة ! ) لكني لم أفعل هذا إلا لأتأكد من أنها ابنة الدكتور التي يبدأ اسمها بحرف (A) ! وصلت إلى نهاية الورقة و .. ها هو ! ( .. آيا صلاح إسماعيل.. )، آيا، Aya، وأخيراً وجدت خيطاً مهماً جداً !!
طلبت التقرير من المرشدة وتصنعت أني كنت أقرأه ثم قلت:
" عفواً ، لكن هناك بعض الأخطاء المذكورة هنا " ..
شعرت أني أحمق بعض الشيء لكن أعرف أن ما قمت به كان لإعطاء دفعة أمامية للقضية !
تقدمت ابنة الدكتور وعلى وجهها علامات الاستفهام ، وشرحت لها أن هناك نقاط غير صحيحة وأنه يمكنها الاستعانة ببعض المصادر المفيدة في مخزن المكتبة لدينا ، وافقت بكل بساطة على القدوم و تقدمت ثلاث طالبات أخريات معها بينما بقيت المرشدة مع الأخريات في الاستراحة .
قمت بشرح الكثير من الأمور لهن وساعدتهن لتعديل تقاريرهن وأعطيتهن بعض المصادر والكتب التي تفيد ما يبحثن عنه ، تركتهن يتجولن في المكان كما يشأن ووجدت فرصة للتحدث مع ابنة الدكتور حيث أنها بقيت جالسة تنهي التقرير ، لا أعلم لماذا أحسست أن فمي أغلق تماماً ولم أستطع التحدث عن الموضوع .. ( أعتقد أن هذا طبيعي )! ...
فقط اكتفيت بعبارة " أتمنى لكِ التوفيق في دراستكِ وأن نراك هنا يوماً ما صحفية ناجحة “، فابتسمت للتشجيع وشكرتني على ذلك.
هذا كل شيء ! أعرف أني أضعت فرصة كبيرة لكن على الأقل أعرف أين هي الآن وماذا تفعل، سأحاول أخذ المزيد من المعلومات عنها يوماً ما.
* الأربعاء، 13 سبتمبر 2006
وإضافات: الجمعة، تاريخ 20 ابريل 2007 / الخميس، 26 يوليو 2007
مرّت فترة طويلة لم أكتب بها عن قضية الدكتور ! وها أنا ذا أفرغ بكل ما في جعبتي . [ حصيلة أشهر متواصلة ] .
ابنة الدكتور الآن تدرس في كلية الإعلام القريبة منا (يمكن القول أنه كان لي يد في ذلك ! بقيت على اتصال مع مرشدتها وأقنعتها بطرقي الخاصة أن تسجل مجموعة الطالبات تلك في هذه الكلية ! )، و هي تأتي لزيارة مقر صحيفتنا بين حين وآخر مع زميلاتها للاستفادة من الخبرات وكتابة البحوث وغيرها.
أصبح لدي العديد من الفرص للتحدث معها عن القضية وعرفت بعض الأمور الجيدة والغير جيدة لكن حتى الآن لم أطلعها على تفاصيل كثيرة أو مهمة جداً (أقصد ما يتعلق بالمظروف).
× عرفت أن اسم أخيها [ عمّار ] وليس أحمد وغيره !!! يا لذكائي ، وأنا كنت أبحث عمن يبدأ اسمه بحرف الألف ، لم انتبه إلى أن حرف العين يمكن أن يكون ( A) بالإنجليزية !
× عرفتْ ابنة الدكتور أني كنت طالباً لدى والدها في الجامعة وكنت مقرباً منه جداً، لكن لم أخبرها أني تركت الدراسة لأصبح جندياً !
× توفيت زوجة الدكتور قبل أربعة شهور بسبب مرض السرطان الذي كانت تعاني منه منذ عدة سنوات > أحزنني هذا الخبر كثيراً.
× لا تعرف أي خبر عن أخوها ، آخر مرة التقت به في سنة 2002 قبل مغادرتهم الشقة التي كانوا يعيشون بها وقد اضطروا لمغادرتها فوراً بعد شكوكهم أن هناك من يراقبهم ، أما عن أخيها فآخر ما كانت تعرفه أنه كان يعيش وحده أو مع زملائه في الدراسة وقد كان يواجه مشكلة لم يخبرهم بتفاصيلها وبعدها انقطعت أخباره ، لكنها متأكدة تماماً أنه كان موجوداً في يوم وفاة والدتهما .
× كان أخوها مولعاً بكل ما يتعلق بالهندسة المعمارية والفن منذ صغره .
× حزنتْ كثيراً عند سماعها حقيقة مقتل والدها، حاولت أن أخفف التفاصيل وألا أتطرق كثيراً بالموضوع.
× أدركت ابنة الدكتور أني أعرف الكثير عن والدها أو أني مهتم بالبحث عن معلومات تخص أسرتها وأخوها بالذات وبدأت تراودها الشكوك !
× أصبحت ابنة الدكتور تعينني في مهمتي وتحاول حل قضية والدها والبحث عن خفاياها، إضافة إلى البحث عن أخاها.
× وجدنا خيطاً عن [ عمّار ]، عمله مهندس معماري ولديه عدد من المشاريع المهمة والتي نالت شهرة سريعة.
لم يتبق الآن إلا أن أجد الوقت المناسب و اجمع كل ما لدي من معلومات و أُنظّم أوراقي ثم أذهب لزيارة ابن الدكتور أخيراً الذي قضيت ثمانية سنين وأنا أبحث عنه !
كيف سألقاه ؟ وماذا سأفعل بعدها ؟ وفيمَ أساعده ؟
ما هي القضية التي يريدنا أن نكملها عنه ؟
كان الله في عوني حقاً ..
نهاية صفحات المذكرات .
نهاية الفصل الأول .
المفضلات