أهلاً بكم مجدداً في صفحات براقة من حملتنا المتواضعة التي نسأله تعالى أن ينفع بها
موضع حملتنا اليوم يتابع وصف حال النبى صلى الله عليه وسلم في رمضان
بقلم د / جمال المراكبى
فهلموا بنا نرى ونتمتع بنفحات إيمانية من سيرة خير البشرية
6- وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يُقبل نساءه وهو صائم، ويباشر وهو صائم، وشبه القبلة
بالمضمضة بالماء في عدم التأثير على الصوم، وكان كما قالت عائشة: أملك الناس لإربه.
7- وكان صلى الله عليه وسلم يصب الماء على رأسه وهو صائم، ويتمضمض ويستنشق وهو
صائم، وينهى الصائم عن المبالغة في الاستنشاق، وكان يتسوك وهو صائم، ولم يرد عنه كراهية
السواك للصائم بعد الزوال، كما يقول بعض الفقهاء.
8- وكان صلى الله عليه وسلم يحث على قيام رمضان ويرغب فيه، قال ابن شهاب : عن أبي
سلمة بن عبد الرحمن: أنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يرغب في قيام رمضان من غير
أن يأمربعزيمة، فيقول: "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه".
قال ابن شهاب: فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك، وكان الأمر على ذلك
في خلافة أبي بكر وصدرًا من خلافة عمر.
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد ذات ليلة فصلى
بصلاته ناسٌ، ثم صلى من القابلة فكثر الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة، فلم يخرج
إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما أصبح قال: "رأيت الذي صنعتم فلم يمنعني من
الخروج إليكم إلا خشية أن يُفرض عليكم". قالت: وذلك في رمضان. متفق عليه.
وعن عبد الرحمن بن عبدٍ القارِيِّ أنه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة في رمضان إلى
المسجد، فإذا الناس أوزاعٌ متفرقون، يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجلُ فيصلي بصلاته الرهط
فقال عمر: لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد كان أمثل- أي أفضل- فجمعهم على أبي بن كعب،
قال: ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم، فقال عمر: نعمت البدعة هذه،
والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون. يريد عمر صلاة آخر الليل، وكان الناس يقومون
أوله. رواه البخاري.
وقيام رمضان جماعة سنة غير بدعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم :
"فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي".
وإنما قصد عمر بالبدعة؛ البدعة اللغوية لا الشرعية؛ لأن الابتداع
في الدين ضلالة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "وكل بدعة ضلالة"،
وقوله: "من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد". متفق عليه.
وإنما ترك النبي صلى الله عليه وسلم المداومة على قيام رمضان في المسجد خشية أن يُفرض
كما صرح بذلك في الحديث، وقام بهم في المسجد ليالي معدودة لبيان أنه سنة.
9- وكان صلى الله عليه وسلم لا يزيد في قيام الليل عن إحدى عشرة ركعة في رمضان وفي غير
رمضان، وكان يطيل في الصلاة حتى خافوا أن يفوتهم السحور.
وكان يحث على صلاة النافلة في البيوت ويقول: "لا تجعلوا بيوتكم قبورًا، اجعلوا في صلاتكم من
بيوتكم ولا تتخذوها قبورًا". متفق عليه.
ويقول: "صلاتكم في بيوتكم أفضل من صلاتكم في مسجدي هذا إلا المكتوبة". رواه أبو داود.
10- وكان صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان، ويجتهد فيها ما لا يجتهد في
غيرها، واعتكف نساؤه معه ومن بعده، وكان يدخل المعتكف إذا صلى الغداة- الفجر- واستأذنته
عائشة في أن تعتكف فأذن لها، فضربت فيه قبة- خباء أو خيمة- فسمعت حفصة فضربت قبة،
وسمعت زينب بها فضربت قبة أخرى، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغداة
أبصر أربع قباب، فقال: "ما هذا؟" فأخبر خبرهن، فقال: "ما حملهن على هذا البر، انزعوهن فلا
أراها"، فنزعت.
وهذا دليل على أن العمل ينبغي أن يبتغي به وجه الله، ولا يُفعل على وجه التقليد للغير، أو مجرد
مصاحبته دون قصد البر والقربة، وكان يخرج من المعتكف لقضاء الحاجة.
وكان يحرص على إدراك ليلة القدر ويتحراها ويأمر بتحريها في العشر الأواخر، وربما كان
اعتكافه لهذا الغرض، فإنه صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الوسطى من رمضان فاعتكف
عامًا حتى إذا كان ليلة إحدى وعشرين وهي الليلة التي يخرج في صبحها من اعتكافه، قال: "من
كان اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر، وقد رأيت هذه الليلة ثم أنسيتها، وقد رأيتني أسجد في
صبيحتها في ماء وطين، فالتمسوها في العشر الأواخر، والتمسوها في كل وتر".
قال أبو سعيد الخدري: فأمطرت السماء تلك الليلة، وكان المسجد على عريش فوكف المسجد،
فأبصرت عيناي رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف علينا وعلى جبهته وأنفه أثر الماء
والطين. {متفق عليه}
وربما أذن النبي صلى الله عليه وسلم في اعتكاف ليلة فقد جاءه رجل، فقال: إني أكون بباديتي،
وإني بحمد الله أصلي بهم، فمرني بليلة من هذا الشهر أنزلها إلى المسجد فأصليها فيه، فقال:
"انزل ليلة ثلاث وعشرين فصلها فيه فإن أحببت أن تستتم آخر الشهر فافعل، وإن أحببت فكف".
رواه مسلم .
11- وكان صلى الله عليه وسلم يتدارس القرآن مع جبريل في رمضان في كل سنة مرة، فلما
كانت السنة التي قبض فيها دارسه القرآن مرتين. وكان يكثر من الصدقة والجود والنفقة، وكان
أجود ما يكون في رمضان حين يأتيه جبريل.
وكان يأمر بإخراج زكاة الفطر من رمضان صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من
طعام، ولم يأمر بإخراج القيمة ولا فعل ذلك أحد أصحابه إلا قول معاوية: أرى مدين من سمراء
الشام يعدل صاعًا من تمر، فجعل معاوية نصف صاع من قمح يعدل صاعًا من تمر أو من
شعير، وهو اجتهاده رضي الله عنه
لنا لقاء آخر بإذن الله تعالى .. وإلى ذلك الحين .. نلقاكم على خير ..
المفضلات