وأنت توضب الصندوق الكرتوني الأثيري لديك بعناية
لا تنسَ أن تفرد مكاناً لكل الأشياء التي تحبها وتود لو أنها ترافقك إلى المنزل الجديد
إحبس رائحة الصالة .. في مجسم فلسطين ولُفَه جيداً بورق الجرائد
لست تريد كسر التمثال وفقدان البصمات الأخيرة لهم .. أو تسرب الرائحةِ من شقِ نكبة !!
ياااااااااه ... كم تبغض الأماكن التي بلا رائحة ... بلا هوية !!
وبالقرب من زجاجيات المكتبة .. ترفق بأرجوحة السماء التي إحتضنتك ليالي الصيف
كحيلةَ الثوب ... موشحة بالنجمات
لا يشوبها ضوء مصابيح الدروب الأصفر .. لا يشوهُ وجه فستان سهرتها بعناده البغيض
ترفق بها ... خذها إليك قبل وضعها هناك .. إحتضنها بقوة وابكِ كما لم تفعل
فها هي ترفلُ بثوبها ... آخر ليالي التصوف والإعتزال
في ركن الصندوق .. تمهل على أنفاس أركانِ المنزل
تلك التي إنخلع قلبها من مكانه .. عندما شعرت بأنكَ تمسحُ عنها الغبار
لتمحي أثرك
هي التي ما وشت بك .. ولا بأي مناجاةٍ رفعتها وقد إدلّهم وجه الدنيا في وجهك " مهما كانت سخيفة "
هي التي ردت عليكَ تلاواتك .. وأتت إليكَ بالمنضدة لأنها ترى فيكَ عنترة .. وقيس وشوقي !!
هذا .. عندما تعثرت بسجعكِ الأول
ثم ... ما انفكت تسحب السجادة من تحت أقدامك
لأنك ... أسوأ شاعر مر بالعربان
ورنات الضحكات الماجنة .. الطاعنةِ في السن
تلك التي بعد أن تقيأت الغرف ما بها .. أصبحت أشد هزالاً
بكل أنواعها .. لياليهم الأخيرة
اللمات الفريدة
ضحكتك .. وأنتَ تنتصر في لعبة الكلودو
شيطنتك .. وأنت تنصب الفخ .. ليقع فيه أولاد العمومة
الآن ... بدأت مجاعتها
ويبدو من نشرةِ الأخبار .. أن الأمور لا تُبَشر بخير
انتبه للبنيات التي تتراكض حول الصندوق .. اللحظـات الأولى من كلِ شيء
وظيفتك الاولى .. لقاؤكم الأول .. توبتك الأولى ..........
كل اللحظات الأولى
تحاول أن تحشر نفسها .. الغصة تخنق ذاكرتك
لا مكان لها معك ... كما أن لا لحظات أولى هناك !!
تنظر من نافذة الغرفة ... لترى مقبرةَ طيورك خارجاً بلا شواهد وبلا حدود ... أنتَ الوحيد الذي يدرك وجودها هناك
هذه أيضاً .. لن تغادر المكان .. إنها ملتصقةْ
كتميمة جدتي بعنق خالتي .. لن تغادر بسهولة
إمتلأ الصندوق بلا شيء مهم .. وكل الأشياء المهة التي تراها والدتك صالحةً لمنزلٍ جديد
ينادونك
صوت الرحيل متعبٌ نشاز .. أنتَ ترى آلاف الاشياء التي تحتاج إلى صناديق من نوعٍ خاص
يستوعب ترفها البيولوجي .. إختلافها الفهمي
هم يهزون رأسهم أن : تمام
إنتهينا .. لم يبقَ شيء
وهي ترى بك .. منقذاً خسيساً لا يحفظ الود
مع ذلك .. وهبتك حضناً أخيراً
كسرَ فيكَ ضلع لهفة
لا حاجة لك الآن بصناديق أهلك
لا حاجةَ لك ْ
المفضلات