**** الـــــضـــب والــــجـــوريـــــة والــــمـــحـــقـــق****
هناك في وسط إحدى البلدان الواسعة, وفي قلب منطقة من مناطق تلك البلاد؛ كان هذا المنزل الجميل, الفسيح, الهادئ.
وكان ساكنوه من أهل التواضع, والرضا,والقناعة, فلم يتضجّروا من منزلهم القديم جداً, الخالي من كل أنواع الرفاهية, و الدّلع, والتطور!!
أهل هذا المنزل لم يهتموا لشئٍ مثل اهتمامهم بإيجاد الراحة, والسكون فيه؛ فكان هذا المنزل مثالاَ يُقتَدَى به, وَتحْسِدُه كل المنازل المجاورة!!
فإذا ما أدت الدخول فيه قابلك باب لا يُغلق أبداً طوال العام, ثم إذا دخلته رأيت ُزقاقاً[ممر] طويلاً جداً, فإذا مشيت فيه شاهدت غُرفاً عن يمينك, ويسارك, وفي كل غرفة يسكن فيها أحدهم !!!.
وإياك! ثم إياك! أن تمشي فيه؛ فلربما أصابتك لسعةٌ من عقرب, أو قَرْصَةٌ من أفعى, أو نملة, أو عضة من ضَبٍ!!! أتدري لماذا؟ لأن هذا المنزل يَقْطُنُ في قلب الصحراء القاحلة!
تُريدُ أن تعرف لمن هذا البيت الهادئ, الساكن, و في نفس الوقت موحشٌ, ومخيفٌ؟!؛ سأخبرك: إنه بيت ("الضّبُ": مُرعب الخكاري و الناعمين!! ها ها ها) نعم! ما سبق أن وصفته لكم هو بيت[الضب]انتبه! لا تدخله فيعضك [الضب]!! و أبناء عُمُومته وقبيلته: أهل الفزعات؛ من الأفاعي, والعقارب, والنمل الأحمر, والأبيض!! انتبه! فأنا أُحذّرك! وأحذرك! من الدخول لهذا المنزل ولو كانت عندك مُهِمة تحقيق في قضيه!! بل إذا رأيت مثل هذا المنزل؛ فتعوذ بالله, ثم أخبر صيادي الضبان(ابو عرب)عن هذا البيت ورح لبيتكم واترك (البَرْبَسَةُ) و (و المَرْجَلَة) لا تسوي فيها(فاهم) ها ها ها!!!
والآن بعد أن حذرناكم من هذا البيت؛ لنذهب إلى البيت الذي جرت فيه أحداث قصتنا يقع البيت في الشارع؛ ((أول ما تلف يسار تلقاه يمينك واقف "يَسُولف" مع شلته من البيوت المجاورة, وسترى "قواطي الببسي" و"البيرة" مُرماة حولهم, و "الفصفص" و"القريض" موجود في محلات"باجة": (محل فصفص مشهور بالرياض) يعني ماعندهم شي مطفرين)) ها ها ها
لا يهمكم أين يقع المنزل؟ اتهتموا بالقصة التي جرت فيه!! ولكن إن كنتم مشتاقين لمعرفة مكان المنزل سأخبركم أني لن أُخبركم ولا حتى بحلم الليل !!هاهاها.
خلاص لن أُشَخْمِط ثانية سأدخل في صُلب القصة:-
كان هذا القصر كبيراً جداً وكانوا يسمونه "قصر الطبيعة" لأن أصحابه الذين بَنَوه قد أكثروا من تجميله بالأشجار, والسواقي, والفواكه, والورود, وكل فرد منهم يهتم بشئٍ من هذه الأشجار؛ فالأكبر منهم يعتني بشجر التين والرمان؛ والأوسط يهتم بالأشجار الباسقة (الطويلة) ويحب أن يستظل ويرتاح بينها؛ والأصغر كان(عَربَجِيّاً) يحب أن يعتني بزراعة "الكُراث", و "الفِجِل", و"البَقْدُونس", و"العَلَف", و يحب أيضاً شجر
(العِبْرِي)
المهم كانت أُختهم الكبرى تُحِبُ زِراعة الورد حُباً شديداً وكانت تُزيّنُ مَدْخَل بيتهم بهذا الورد, وكانت صاحبة مبادئ, وصاحبة ذوق رفيع, وصاحبة مشاعر رقيقة, وكانت على وشك الزواج, ومن حُسْنِ ذَوْقِها, وبَراعة اختيارها؛ أن جعلت تصنيف الورد كالتالي :-
حوض متوسط الحجم على شكل دائري قسمته إلى ثلاث دوائر:-
الدائرة الأولى: دائرة من الماء الصافي؛ والدائرة الثانية: من ثيل أخضر ((شُجيرات صغيرات جداً))
تليها الدائرة الثالثة: دائرة من وَردِ الأقحوان الأبيض, ثم في وسط الدائرة وردة كبيرة حمراء جميلة جداً من نوع [الجُورِيّ] ومن جمال هذه الوردة أنها تتفتح عند شروق الشمس, وعند الغروب تَتَكمّش.
وكانت الفتاة بعد أن تصلي الفجر, وتقرأ الأوراد, وجزءاً من القرآن, وقبل أن يتنفس الصبح؛ تأخُذُ كأساً من الماء, ثم تأخُذ بيدها ماءاً من هذا الكأس؛ فَتَرُشُ هذه الوردة بلطفٍ, ورقةٍ؛ حتى إذا ما بدأت الشمس تَنْشُر خُيوطها الذهبية على هذا الحوض بدأت هذه الجُوريّة تَتَفَتّح؛ فيتساقط منها الماء الذي رُشّت به فلا يبقى على هذه الجورية سوى قطراتٍ من النَدى مُتناثرةٌ على أوراق الجوريّة؛ فتصبح هذه[الجوريّة] مع قطرات الندى كأنها دُموعُ فرحٍ على خدِّ أُمٍّ رأت صغيرها بين يديها بعد طولِ عناءٍ من الحمل والولادة !!
آه!! آه !! ما أروع هذه [الجوريّة] حين تَتَفتّح وخيوط الشمس تَحْتَضِنُهَا بأشعتها؛ لتزيدها لمعاناً, وإبهاراً, ورونقاً.
جميل هذا الحوض وما فيه من ماء ينساب بصفاء كأنه مرآة, و لا يزيده جمالاً إلا هذا الأقحوان الأبيض الفائق الجمال!!
وإذا أَردتم كيف يَكتَمِلُ جَمال هذا الحوض؛ فشاهدوه حين تَهُبُ نَسْمَةً عَلِيلَةً تُحرّك الورد الأقحواني؛ فيتراقص يَمْنَة ويَسرَة مع هذه النسمة العَلِيَلة!!
وأما [الجوريّة] فلا تسألوا عن حُسنها حين تقف كالملكة أمام هذا الأقحوان الراقص مع النّسيم المُعلاّ!!
ما أجمل, وأحسن ذوق هذه الفتاة حين ابتكرت هذا الحوض الرائع!!
لقد كانت ولا تزال هذه الفتاة تعتني بهذ ا الحوض, وبهذه[الجورّية] أيما اعتناء؛ فمع أنها تَتعب وتَتكلّف؛ إلا أن الآمها تَزول حين ترى جمال, و روعة هذا الحوض.
كانت لا تُفوت -((ساعات الصبح الأولى, و عند غروب الشمس))- البَقَاءَ بالقُربِ من الحوض, والنَظر, والتأمل فيه؛ فتنسى الدنيا و ما فيها؛ في هذه الساعات, و اللحظات الجميلة, أَصبحت تَرى هُمومها, والآَمَها تتلاشى وكأنها لم تكن؛ حين تكون أمام هذا الحوض.
وظلّت تَعتني وتُحافظ على هذا الحوض و [جوريّته] منذ بلوغها وحتى الآن وهي ابنة الثانية والعشرين؛ حتى أُشْتُهر هذا الحوض بين الناس و صار مَضرِبَ المثل في الجمال بين الناس فيقولون: ( ولا جمال حوض قصر الطبيعة) والغريب أن هذا الحوض مع شهرته لم تكن أَعْيُن الناس قادرة على رؤيته مما زاد في رغبتهم مشاهدته!! فقد كان في حديقة المنزل قرب مدخل البيت, وكان مُحاطاً بسياجٍ من الحديد الذهبي حتى لا تصل الأيدي العابثة إليه, ومع ذلك كانت هذه الفتاة من شِدة عِنايتها بهذا الحوض؛ أنها رُبما جَلست أَمامه الساعات الطِوال تَحرُسه إذا كان الأطفال في البيت يلعبون خَشيَة أن تمتد يَد أحدهم إليه!.
قلنا بأن الفتاة استمرت عنايتها بهذا الحوض و جوريّته قُرابة السبع سنوات وفي أحد الأيام وكعادتها خَرجت بعد الفجر إلى حوضها وكان بَعض إخْوتها يَلعبون في الحديقة كعادتهم؛ لأن هذه الأيام أيام إجازة صيفية وهي في طريقها للحوض مَرت بالقرب من أخيها الأصغر(العربجّي) وكان كعادته في يده اليسرى حذاء(الزبيرية) وفي يمينه كذلك؛ يَستَعد لِرميها على شجرته(العبري) وهذه المرة لم يَخف أو يَرتبك؛ لأن الحِذاء الذي معه لم يكن لأحد من إخوته حتى يَخافُ أو يَهرب كعادته - يبدو أن عنده اكتفاء ذاتي من حذاء [الزبيرية] فلم يعد (يُلطّش) يسرق من أحد حذاءه- ها ها ها ها !!!!
وبعد أن تجاوزته واقتربت من حوضها بدأت تُدخل يدها في الكأس لتَأخذ قطرات من الماء لتَرُشّه على الجوريّة وحين اقتربت قليلاً من حوضها، وكانت تتغنى ببعض الأشعار, توقفت فجأة! وتغير وجهها! وتحولت ابتسامتها إلى بؤس! وانقلب وجهُها إلى الاصفرار!، و تغيرت مِشْيَتُها بل توقفت في مكانها ولم تقدر على الحركة! وأَحست كأن روحها تَخرج منها, وأحست بِضيق في التَنفس!! ما الذي تراه أمامها؟ أين [جوريّتها] إنها لا تراها، هل هي في كابوس أم في حقيقة؟ يا لهول هذا الأمر!! أين جوريتها؟؟ لقد اختفت! أين هي؟ أين أين ؟ وأحسّت بِحمل ثقيل جداً في نفسها لا تقدر على كتمانه! أو إخفائه! وحين هَمّت بالصراخ! و العويل! والصياح؛ لأجل هذا الضيق في نفسها؛ تذكرت أن الصراخ, والعويل, ورفع الصوت, ولطم الخدود: حين المُصِيبة؛ يُعتبر من كبائر الذنوب بل من نَاحت, وصَرخت عند مُصِيبتها؛ فعقوبتها يوم القيامة؛ لِباسٌ من نارٍ تَلبَسه على رأسها حتى أَخْمُص قدميها!!؛ فَكَتمت صُراخها وعَويلها وبدأت تَنهَال دُموعها وتَذكرت تلك السنين؛ من تعبها, وعنايتها بهذه الجوريّة , كيف تَضيِع في هذه اللحظة؟؟ وازداد بُكاؤها, وانهَارت دُموعها بغزارة؛ حتى سالت على صدرها!! وهنا شَعَر بِها الأخ (العَرْبجيّ) فاقترب منها فقال: مالكِ أَصَببتِ كأس الماء على وجهك؟ ألا تعلمين أن هذا الماء غَير نقي ربما تصابين في بشرتك بالجراثيم!!!
يا لهذا الأخ العربجي! عديم الإحساس! لا يُفرّق بين البكاء والماء!!
وبعد ذلك جاء الأخ الأكبر؛ فسأل هذا العَربجيّ: ماذا جرى لكم؟ فقال العربجيّ: لا أدري بالضبط ماذا بها؟ و لكن أظن أنها غَسّلت وجهها بالماء, وقد نصحتها؛ بأن هذا الماء فيه جراثيم قد تَضُرّ بِوجهِها!!!؛ وعندي احتمال آخر أنها قد أَرادَتْ أَن تَشربْ الماءَ؛ فنامت في أثناء شُربها فانسكب على وجهها!!! وعندي احتمال ثالث-وحين أراد أن يُكمل هذا العربجيّ- قاطعه ذلك الأخ- وكان قد رأى الجوريّة مفقودة!- وقال: كُلّ من على وجه الأرض يَمْلك إحساساً, وفهماً إلا أنتَ؛ يا عربجي! يا فائق الفهم!! أُنظر حولك ألا ترى جوريّتها قد فقدت؟؛ أُخْتُك تَبكي؛ لأجلها!!!!!!!
-فقال: تبكي كل هذا البكاء لأجل جوريّة!! يا لهؤلاء الفتيات؟! لا تُوجد فيهن((مَرْجَلَة)) أبداً أو ((علوم رجال))!!, أتدري يا أخي! أن صديقي الذي يُلقبونه بأبي (سِلْسِلَه) أراد أن يَتَضارب مع من يُلقّب بأبي(قُوطِيّ) ؛ حين رآه في سوق بيع الحَمَام ((بَس حَسَّ)) أنها فِشِيلة عند زُملائه يَضرِبه ((ويُصَفّقهُ)) وهو لوحده!! وقال: لو كان معه زُملاءه الباقين كان ((أَورّيه شغله!!)) ومع ذلك لم أرى لا في ابو(سلسلة) ولا في ابو(قوطي) أَيُّ دُموعٍ أو بُكاءٍ!! أنا أَشْهد أنهما رَجُلان ((يَنْشَدُّ بهما الظهر)) ((مو)) ((إختك)) تَصِيحُ عَشان ورده!!!!!!!!!!!
-فقال له الأخ الأكبر: إلم تذهب الآن لأُرينّك شيئاً يُزعجك!
-فقال العربجيّ: ((كِنْ وَدّك تَضَارب)) يا لله كانك رجال(( إِطْلَعْ لِيْ بالطّلِعَة أو الفُسْحَة أو خارج القصر))!!!؟؟؟ هاهاهاها
فتركه الأخ الأكبر واتجه نحو أُخته لِيواسيها بِمُصِيبتها.
بعد ذلك توجهت الفتاة إلى غُرفَتها وأمسكت بجوالها وبدأت تتصل واتصلت بخمسة
بخمسة
بخمسة
بخمسة
يخمسة
بخمسة
من هم هؤلاء الخمسة؟ ولماذا اتصلت بهم؟ وماذا جرى؟
هذا ما سنعرفه في الجزء الثاني!
**قاعدة " إذا فيه شئ ما أعجبكم مما كتبت فتكلّموا و أُنقدوا, و فنّدوا, و((حِشّوا)) كما تشاؤون وإن وصل للسباب ولكن إن سببت فلك مثلها!!
وآمل من المشرفين ألا يحذفوا شيئاً مما يُقال فيَّ!! والله عادي! عادي! عادي!
إذا ما أعجبتكم خبّروني لأجل أن آتي بشئ آخر , , , , , , ,!!!
القصه ماخذها من اخوي
**((((زُبْــــــــــــــــــــ الل ـــــــــــــــــــــــــــــــــرَقَـــــــــــــ ـــــــــــ يل ـــــــــــــــــــــــــــــــــانُ)))**
المفضلات