سؤالٌ يتبادرُ إلى ذهني كلما ذهبتُ إلى عيادة الأسنان..
لماذا أرتبطُ بطبيب الأسنان هكذا..
منذُ الطفولة..وأنا أتردد على طبيب الأسنان بشكلٍ أو بآخر..
أذكر في كلّ مرة تأخذني بها أمي إليه..
أنني أقوم بتلميع بلاط العيادة..
وأنا أبكي هنا وهناك..
و لا أذكر بأنني ذهبتُ إلى الطبيب نفسه أكثر من مرة..
ربما لأنني إن ذهبت إلى الطبيب نفسه مرة أخرى..فلن أحصل على موعد..!!
بعد أن كبرت وأصبحت واعية..
لم اعد أخافُ طبيب الأسنان..
ولم تعد تلك الرهبة تراودني عند سماع كلمة طبيب أسنان..
لكنني وحتى الآن لا أحبذ ابداً الذهاب إلى طبيب الأسنان..
بالرغم من ذلك أجدني اضطررت للذهاب مراراً وتكراراً..
وجربت معظم ما يمكنني تجربته..
حشوة..
سحب عصب..
تقويم..
خلع أسنان دائمة..
ماذا بقي..؟؟
أكثرُ ما يحيرني بخصوص هذا الأمر..
هو أنني إنسانةٌ تهتم بأسنانها بشكلٍ جيد..
أتناول الألبان بشكلٍ جيد..
وغذائي صحي..فأنا آكل معظم الأشياء..
فلماذا أضطر للذهاب دوماً لطبيب الأسنان..؟؟!

البارحة..ذهبتُ إلى الطبيب..بعد أن أخبرني ضرسي المسكين أنه ضاق ذرعاً بالسوس الذي يعيثُ فساداً على أرضه..
ولم يسمح لي بالنوم طيلة الليل..أتقلبُ كالمحمومة..غير قادرة على تهدئة هذا الألم..
وانتهى بي مستسلمةً للواقع المر..وذاهبةً لأبي في الصباح معلنةً وصول صبري نهايته..
أخبرني والدي بأن أهاتف العيادة التي ذهبتُ إليها آخر مرة لآخذ موعداً لدى الطبيبة..
أظنني أفضل الذهاب إليها فهي تمتلك يداً (خفيفة) كما يقال..
وكانت هي من خلعت لي 4 أسنان عندما أردتُ عمل تقويم لأسناني منذ مدة..
....................................
_(المعذرة لكن الطبيبة...غادرت العيادة منذ وقت...)
!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
يمكنكم تصور الإحباط الذي ملئني عندما سمعتُ تلك الكلمات..
_(هل ترغبين بأخذ موعدٍ عند طبيبةٍ أخرى؟....)
_كلا شكراً..
انتهى الأمر بأن ذهبنا إلى عيادة أخرى وطبيبةٍ أخرى..

لكن الأمر الأكثر ظرافة أنني ذهبتُ برفقة شقيقتي الصغرى..التي تبلغ حوالي الرابعة من عمرها..
(بما أنه لم يسبق لها الذهاب إلى طبيب أسنان..)
لم أكن أرغبُ بالتورط في عملية تهدئتها و إقناعها بالجلوس هادئة ريثما تنتهي الطبيبة من العمل على أسنانها..
فهي ومنذ أن كنت أساعدها على ارتداء ملابسها..تتحايلُ عليّ طالبةً مني أن أكون أنا أول من يعالج أسنانه لا هي..
باختصار تريد أن ترى مالذي ستفعله الطبيبة لي..لتقرر ما إذا كانت ستقبلُ الجلوس بدورها أم لا..!!
حسناً بما أنني من النوع الهادئ والذي يجلسُ بهدوءٍ تام حتى تنهي الطبيبة عملها..فلا مشكلة..(سبحان مغير الأحوال..>.>..)
لن ينتابها الرعب كما لو ذهبت مع شخصٍ لديه فوبيا من طبيب الأسنان..
عند الطبيبة أخبرتني بأنني في حاجة لسحب عصب..(كنتُ أعلم على أي حال..)..
وبما اننا ذهبنا بدون موعد سابق..فلم يكن هنالك وقتٌ لكلتانا..
لذلك قررت أن تقوم بالبدء بمعالجة ضرسي الذي يئن..وتأتي شقيقتي في يوم آخر..
تركتُ شقيقتي تذهب مع والدي إلى الإستراحة..
لا أريدها أن تغير رأيها وترفض المجيء المرة القادمة..فهي تظن بأن الأمر سيسيرُ بالبساطة التي سار بها اليوم..وستكتفي الطبيبة بإدخال مرآتها المدورة الصغيرة في فمها..وتلك الأداة المعدنية التي تنتهي بإبرة معقوفة..لتلمس بها أسنانها..ثم ينتهي الأمر..

حقيقة أكثر ما يزعجني في أمر الذهاب لطبيب الأسنان حالياً.. هو اضطراري لفتح فمي وقتاً طويلاً..
والانتظار حتى تنهي الطبيبة عملها..الانتظار يقتــلني بشدة..
والشعور بأن آلاف الأشياء قد دخلت إلى فمي وخرجت..يثيرُ فضولي..
فقط أرغبُ بوضع مرآة أمامي لأرى مالذي تفعله داخل فمي..أظنه سيكون أكثر متعةً من الانتظار بملل ريثما تنتهي..
على الأقل سأتعرف على أشياء جديدة..وسأعرفُ بالضبط مالذي تفعلهُ بكل تلك الادوات العجيبة..
بما انه كان سحب عصب..فلابد من إبرة البنج..لكنني وبما أنني محظوظة جداً..أخذتُ إبرتين ..لأن السن كان ملتهباً..
أداةُ الحفر كم هي بغيضة..صوتها مزعجٌ جداً..والآن تلك الأشياء التي أشبهها بدبابيس تثبيت الأوراق على الحائط..لكنها بحجمٍ مصغر..
كم هي اشياء تثير الفضول..
أحدها اخضر..والآخر أسود..وهذا أصفر..بيج..
الآن أحمر..منذ أن رأيت هذا الاحمر راودني إحساسٌ سيء..
ولم يخب ظني..فما أن بدأت تعملُ به الطبيبة..حتى تفجرت آلام عجيبة..
وبما أنني كما قلت إنسانة محظوظة..فقد كانت حالةُ سني متأزمة..حتى أن الطبيبة أخبرتني بأن الدم الذي نزفه الضرس..عجيبٌ وأكثر من العادة..وأنني سأتألم أكثر من المعتاد لأن الأعصاب ملتهبة..
جميلٌ جداً..ألم أقل بأنني محظوظة..
ما يزعجني بجانب ذلك هو أنني لا أعرف بأي اتجاهٍ علي أن أنظر.على يميني الطبيبة..وعلى يساري..الممرضة..
وأمام ناظري بالضبط ذلك المصباح البغيض..أكرهه بشدة..وكلما نظرتُ إليه شعرتُ وكأنني أنظر إلى وجه روبوتٍ بارد..(لا أعلمُ ما وجه الشبه..!!) لكن النظر إليه يثيرث غضبي..
أظن الافضل هو النظرُ إلى حيثُ تضعُ الطبيبةُ أدواتها..ومراقبة ما تُدخلهُ إلى فمي..

بعد حوالي ساعة ..ولا أعلم إن كانت أكثر أم أقل..
انتهت الطبيبة..ووضعت لي حشوة مؤقتة..
أشعر بصعوبةٍ في إغلاق فمي..وكأن مفصل الفك قد تصلب..(مالذي تتوقعينهُ بعد أن بقي فمُك مفتوحاً حوالي ساعة بأكملها..!!)
الأكثرُ ظرافةً هو ذلك الإحساس بالخدر في فمي..أشربُ ماءً بارداً..فأشعر به بارداً في الجزء السليم..ولا أشعر به في الجزء الذي خُدّر..
أما الأكثرُ سوءً هو ذلك الطعم الذي في فمي و الذي بقي حتى اليوم..أتسائل أهي مخيلتي أم أنه موجودٌ حقاً..كم هو مزعج..
ما يجعلني متفائلة بأنه في الجلسة القادمة أيضاً..ستتابع الطبيبة تنضيف السن للتأكد من أن عدم بقاء أثرٍ للعصب..كم هذا جميل..!!
عمليةُ إزالة العصب تثيرُ الفضول..رؤيةُ تلك الأشياء التي تشبه الدبابيس تدخلُ نظيفة لامعة إلى فمي..لتخرج ملوثةً بالدماء..من يتخيل بأن داخل ذلك الضرس الصلب الابيض..توجدُ أعصابٌ ودماء بهذا القدر..!!

أعتقدُ بأنني تعلمتُ أن لا أهمل بداية التسوس..فأنا لاحظتُ تسوس ضرسي هذا منذ بدايته ومنذ وقتٍ طويل لكنني تجاهلتُ الأمر..وعندما شعرتُ بأنه بدأ يتمدد أخبرتُ والدي أن يأخذني للطبيب..
لكنّهُ بطبيعة الحال..و بما أنني لستُ من النوع اللحوح..لم ألح عليه .. نســـــــي..
أعتقدُ بانني يجبُ ان أصبح لحوحةً احياناً,,في مثل هذه الأمور.
بهذا القدر أكون قد انتهيتُ من سرد قصتي مع طبيب الأسنان..بانتظار موعدي القادم..على مضض..
وبانتظار آرائكم القيمة..ومشاركاتكم المشجعة حول مواعيد الأسنان..!!
دمتم بحفظ الرحمن.