بلاغة ونقد


البلاغة ومفهومها ووظيفتها


الأديب يعيش في المجتمع يعبر عن ماضيه وحاضره , كما يتطلع إلى المستقبل , ويستشف منه بشائره ونذره , ثم يعبر عن ذلك في صور أدبية شعرية أو نثرية , مستعيناً باللغة التي هي وسيلة الاتصال بينه وبين أفراد مجتمعه الذي يعيش فيه , مستخدمها بطريقة خاصة مما يجعلها قادرة على التأثير والإمتاع مما يدعوك إلى أن تسائل نفسك عن السر في جمال التعبير , وعن المتعة التي تستشفيها من خلال النصوص أو الموضوعات التي بين يديك .
اللغة وسيلة الأديب في إمتاع القارئ والسامع :
الأديب يبني عباراته المعبرة عن مشاعره وأحاسيسه خواطره فتارة يستعمل ألفاظ اللغة في معانيها الحقيقية , وقد يلجأ إلى التعبير الخيالي فيشبه بعض الأشياء ببعض متخذاً الموهبة الفنية التي حباه الله بها لتعينه على أن يحقق قدرته عل الإمتاع في أسلوبه الذي يضعه بين يدي القارئ والسامع .
وتارة يعتمد الشاعر في تعبيره على بناء عبارته على غير المألوف في الكلام فيقدم ويؤخر , ويضيف ويحذف , ويوجز ويطنب , وتارة يعتمد على الربط بين الجمل برباط خاص , أو يفصل بينها , أو يؤكد بعض الكلام ببعض ليحقق تأثيراً خاصاً , أو وقعاً خاصاً في النفس , وسبب ذلك أن الأديب يعتمد على انتقالاته الفكرية والشعورية ,وبهذا البناء يعرض شعوره واهتماماته , ويعطي قيماً جمالية لا تعطيها العبارة إذا وردت على صورة عادية مألوفة .
أثر ذلك في استمتاع القارئ بالأعمال الأدبية :
لوقوف القارئ على ما في العمل الأدبي من جمال في الألفاظ ومعان توحي بها العبارات لابد وأن تكون مزوداً بقدر كاف من الوسائل التي تعينه على تفهم ما ورد في العمل الأدبي من متعة وجمال , وبالتالي معرفة الوسائل التي هيأت للأديب وسيلته في إيصال وتحقيق ما يسعى إليه , ومن هذه الوسائل البلاغة .



مفهوم البلاغة :
البلاغة هي : حسن استخدام ألفاظ اللغة , والقدرة على صياغة العبارة الجميلة , كما تساعد القارئ على التعرف على الأسلوب الأدبي , وتعينه على فهم الفروق بينه وبين غيره من أساليب الكلام , وأثر ذلك في بناء العمل الأدبي نجاحاً وقصوراً .
وظيفتهــا :
البلاغة هي التي تعرف القارئ والسامع بالأسلوب الأدبي وملامحه , وما يوحي به من أفكار , كما تمكن الأديب من التعبير عما يدور حوله من مظاهر الطبيعة والحياة والمجتمع , متدبراً عبر التاريخ من عصوره المختلفة , ومتطلعاً إلى المستقبل مستلهماً منه بشائره ونذره , معبراً عنها تعبيراً أدبياً مؤثراً في نفس السامع والقارئ حاملاً بين ألفاظه وعباراته المتعة وجمال الأداء .
مباحث علوم البلاغة تنقسم إلى ثلاثة أقسام :
1- قسم خاص بدراسة الصور الخيالية التي تعبر عن المعنى , مع عقد صلة بين شيئين , مع ما تثيره في الذهن من ذكريات تجارب محسوسة , وهذا خاص بعلم البيان .
2- دراسة خصائص التراكيب اللغوية من حيث دلالتها على المعنى ويدخل تحت هذا المفهوم كل ما يتعلق بحالة الكاتب أو المتكلم وموقفهما من القارئ أو السامع , والعكس . وأخيراً موقف جميع هؤلاء من الموضوع الذي يساق فيه الحديث , وهذا هو المقصود من كلام البلاغيين : مراعاة مقتضى الحال , وموافقة التركيب لمقتضى الحال – وهذا النوع خاص بعلم المعاني , وعلم المعاني يعلمنا اختيار التركيب اللغوي المناسب للموقف , أو ما يسمونه مقتضى الحال , وبذلك تتحقق لنا إصابة المعنى .
3- دراسة خصائص الألفاظ من حيث التناسق بين الصوت والمعنى , وهذا يرجع إلى التضاد تارة , والتماثل تارة أخرى – وهذا النوع خاص بعلم البديع .
وعلم البديع يعلمنا التعرف على الوجوه والمزايا التي تكسب الكلام رونقاً , وتكسوه حسناً وجمالاً , بعد مطابقته لمقتضى الحال , ووضوح دلالته .