السلام عليكم ورحمة الله وبركاته~

صبحكم الله بالخير ومساكم~
حياكم الله أخواني الأدباء وبارك فيكم..شرفتم موضوعي بوجودكم ..فأسال الله أن يُثيبكم على ذلك~

أخواني-بارك الله فيكم- أقدم لكم اليوم مقالة من كتاب سنابلٌ وقنابلٌ للشيخ الدكتور الأديب: عائض بن عبدالله القرني~

الشيخ عائض القرني لا يجهله أحد في ساحة الأدب في العصر الحاضر ..يتميز الشيخ حفظه الله بروعة الأسلوب و جمال العبارة وحسن التركيب..مما يدعك مسحوراً بهذا الجمال النادر..لم يسبق لي أن قرأت شيئاً لهذا الشيخ ومللت ..وصدق من قال "..إن من البيان لسحراً"~

أخواني ..هذه المقالات قمت بنقلها من كتاب الشيخ حفظه الله والكتاب من إصدار 1429 هـ , حقيقة هذا الكتاب صور حاضرنا المؤلم الذي نعيش فيها , وما يشدك فيه أن الشيخ -رعاه الله- جمع بين الجد و المرح , وأسلوب شيق ساحر , وكان من روائع ما قرأته في العام الماضي~
~~~~
صورة للكتاب~


~~~~
:: مختصر الكتاب ::

الكتاب كما بينتُ سابقاً يحكي واقعنا, فالشيخ تطرق فيها إلى مواضيع عدة وهو على شكلِ مقالات , تتنوع من السياسة إلى المجتمع إلى اللغة العربية , إلى الشعر إلى التعليم إلى ...~
~~~~
:: مقدمة مؤلفه ::

في هذا الكتاب( سنابل و قنابل) كل سنبلةٍ تحمل حباً و سلاماً و مودة , وكل قنبلة تحمل رداً مفحماً , وجواباً مسكتاً , وبرهاناً ساطعاً, بل إن الحياة كلها سنابل و قنابل , فهي سلمٌ و حرب , وحبٌ وبغض , و خوفٌ و رجاء , و سرور و حزن ,من هنا كانت فكرة (سنابلٌ و قنابل) , وقد حرصت في هذا الكتاب على قصد الحق وبيان الدليل و كشف اللبس , وإسداء النصح , الآية مع الحديث , والقصة بجانب القصيدة , والطرفة ترافق المَثل~
~~~~
:: من مواضيع الكتاب ::

الإسلام والعالمية , فن الحياة , الخليجيون وسوق الأسهم , نشرة الأخبار , العرب لا يقرؤون , اشكر حُسادك , الكفاءة في النسب , ...و غيرها~
~~~~
:: تــنــبــيـــه ::

بارك الله فيكم أحبتي ..في هذه السلسلة القادمة..سلسلة (سنابل و قنابل) , سأضع عدة مقالات من هذا الكتاب , ولن تكون مرتبة حسب الترتيب الذي وضعه الشيخ , بل ستكون منوعة و مفرقة , فأسأل الله لنا ولكم الفائدة~
~~~~
:: الضــــحــــك عـــلـــى الــــذقــــون ::

كثرة عدد السكان مع الجودة فضيلةٌ عند الأمم , لكن الخطأ أن يكثر العدد بلا نفعٍ و إنتاج , والإسلام يحث على طلب الذرية الطيبة الصالحة , ولكن إذا تحولت كثرة النسل إلى عبء اجتماعي صار هذا خطأ في التقدير , ونحن في الشرق أكثر الأمم نمواً سكانياً مع ضعفٍ في التربية والتعليم , فقد تجد عند الواحد عشرين ابناً لكنه أهمل تأديبهم و تعليمهم , فصار سهرهم في دبكة شعبية مع لعب البلوت و أكل الفصفص بلا إنتاج و لا عمل , بل صاروا حملاً ثقيلاً على الصرف الصحي و الطرق والمطارات و المستشفيات , بينما الخواجة ينجب طفلين فيعتني بهما فيخرج أحدهما طبيباً عالمياً و الآخر يهبط بمركبته على المريخ , وأنا ضد جلد الذات , لكن ما دام أن الخطأ يتكرر و العلاج يستعصي فالبيان واجب.


ما زال بعض العرب يرفع عقيرته عبر الشاشات و يقول: أنا ابن الجلا و طلاع الثنايا , ثم تجده في علم الشرعِ لا يحفظ آية الكرسي , وفي علم الدنيا لم يسمع بابن خلدون وابن رشد , وتجد الغربي ساكتاً قابعاً في مصنعه , أو معمله يبحث وينتج ويخترع ويبدع , أرجو من شبابنا أن يقرؤوا قصة أستاذ ثورة اليابان الصناعية "تاكيوا أوساهيرا" وهي موجودةٌ في كتاب(كيف أصبحوا عظماء؟) , كيف كان طالباً صغيراً , ذهب للدراسة في ألمانيا , فكان ينسل إلى ورشةٍ قريبة فيخدم فيها خمس عشرة ساعة على وجبة واحدة , فلما اكتشف كيف يدار المحرك وأخبر الأمة اليابانية بذلك , استقبله عند عودتهِ إلى المطار إمبرطور اليابان , فلما أدار المحرك وسمع الإمبرطور هدير المحرك قال: هذه أحسن موسيقا سمعتها في حياتي , وطالبٌ عربي في المتوسطة سأله الأستاذ: الكتاب لسيبويه من ألفه؟ قال الطالب: الله ورسوله أعلم, والتمدد في الأجسام على حساب العقول مأساة , والافتخار بالآباء مع العجز منقصة.


لن يعترف بنا أحد حتى نعمل وننتج , فالمجد مغالبة و السوق مناهبة , وإن النجاح قطراتٌ من الآهات والزفرات والعرق والجهد , والفشل زخات من الإحباط و النوم والتسويف, كن ناجحاً ثم لا تُبالِ بمن نقد أو جرح أو تهكم , إذا رأيت الناس قد رموك بأقواس النقد فاعلم أنك وصلت بلاط المجد , وأن مدفعية الشرف تطلق إحدى وعشرين طلقة احتفاءً بقدومك , ويعجبني قول صديقنا و زميلنا أبي الطيب:

لا يــدرك المجد إلا سيــــدُ فطـن,,,,لما يشق على الســــادات فعـالُ
لولا المشقة ســـــاد الناس كلهم,,,,الجود يُفقِــــر والإقــــدام قتــال



لقد هجر كثير منا الكِتاب و أصبح يعيش الأمية فلا يحفظ آية ولا حديثاً و لا بيتاً , ولم يقرأ كتاباً و لم يطالع قصةً ولا رواية , ولكنه علق في مجلس بيته شجرة الأنساب , ليثبت لنا أنه من أسرةِ آل مفلس من قبيلة الجهلة , والوحي ينادي ((إن أكرمكم عند الله أتقاكم)) , والتاريخ يُخبرك أن بلال مولى حبشي وهو مؤذن الإسلام الأول , وأن جوهو الصقلي فاتح مِصر وباني الأزهر بربري أمه تبيع الجرجير في مدينة سبتة , لكن النفس الوثابة العظيمة لا تعتمد على عظام الموتى , لأن العصامي يشرف قبيلته وأمته و شعبه و لا ينتظر أن يشرفه الناس.


لقد كان نابليون شاباً فقيراً لكنه جد و اجتهد حتى أخذ التاج من لويس الرابع عشر , وفتح المشرق وصار في التاريخ أسطورة, وهو القائل: الحرب تحتاج إلى ثلاثة : المال ثم المال ثم المال , والمجد يحتاج إلى ثلاثة: العمل ثم العمل ثم العمل.

لقد أرضينا غرورنا بمدح أنفسنا حتى سكِر القلب بخمرِ المديح على مذهب جرير : ألستم خير من ركب المطايا؟ وقد ركب الآخر بساط الريح و إف 16 و الكانكورد , ولو اجتمعنا ما انتجنا سيارة فلوكس واجن فضلاً عن كراسيدا , و رحم الله امرأ عرف تقصيره فأصلح من نفسه , ولابد أن تُقنِعَ المريض بمرضه حتى يستطيع أن يعالج نفسه , على أني أعترف أن عندنا عباقرة و نوابغ يحتاجون مراكز للبحوث و مؤسسات لرعايتهم ومعامل و مصانع لاستقبال نتاجهم , ولقد تركت اليابان الحرب وتابت إلى الله من القتال وتوجهت إلى العمل و الإنتاج فصارت آيةً للسائلين , وكدس العراق قبل الغزو السلام واشتغل بحروبٍ مع الجيران , فانتهى قادته إلى المشنقة , وجوع الشعب ثم قُتِل وسُحِق , سوف نفتخر إذا نظر الواحد منا إلى سيارته و ثلاجته و ثلفازه وجواله , فوجدها صناعةً محلية , و أرجو أن نقتصد في الأمسيات الشعرية فإن عشرة دواوين لا تنتج صاعاً من الشعير , يقول نزار قباني:

وطالعوا كُتب التاريخ واقتنعوا,,,متى البنادق كانت تسكن الكُتبا

وعلينا أن نعيد ترميم أنفسنا بالإيمان و العمل و تهذيب عقولنا بالعلم والتفكر , وهذا جوهر رسالتنا الربانية الخالدة و طريق ذلك المسجد والكتبة والمصنع , والخطوة الأولى مكتبة منزلية على مذهب الخليفة الناصر الأندلسي يوم ألزم الناس بإنشاء مكتبة في كل منزل وقراءة يومية مركزة , وهذا خيرٌ من مجالس الغيبة و القيل والقال وقتل الزمان بالهذيان ((وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون )).

~~~~


:: الخاتمة ::


وإلى هنا أحبتي وصلنا إلى ختام هذا المقالة الرائعة لهذا الشيخ الأديب, فأسأل الله أن تكون حازت على إعجابكم, وأتمنى أن تكونوا قد استمتعتم في هذه الرحلة القصيرة..إلى لقاء آخر مع سنبلة أخرى , وقنبلة أقوى

وصلى الله على محمد وآله وصبحه وسلم تسلمياً كثيراً~

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته~