بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته.

كيف حالكم يا أهل مسومس الكرام ؟ ^^"

أنا عضوة مقلة في المنتدى. و هذا أول موضوع لي في هذا القسم XD

جئتكم بقصة قصيرة كتبتها منذ فترة قريبة. أرجو أن تمتعكم و لو قليلاً و تحوز على إعجابكم.. و أتمنى أن أحصل على النقد البناء ، سلباً و إيجاباً ^^

أترككم معها :

....::....::....::....


غــصــة

بسم الله الرحمن الرحيم

استلقت في سريرها ككل ليلة دون أن تحاول النوم.. كانت تعلم يقيناً أنها لا تستطيع النوم عندما تحاول.. تقلبت في السرير مرتين ، ثم استقر باصراها على السقف ، و تنهدت..
لقد بكت كثيراً اليوم أيضاً.. أغمضت عينيها في ضيق و انسابت دمعة من إحدى عينيها إذ تذكرت سبب بكائها.. رفعت كفيها مجدداً في جوف الليل تدعو عليه.. ربي لا توفقه و لا تسدد خطاه و لا تيسر سبيله.. ربي فطـّر قلبه كما فطر قلبي.. ربي لا تفتح له رزقاً و لا تذقه نوماً و لا راحة.. عندما انتبهت إلى أنها كانت تدعو بصوت عال و إلى أنها كانت تبكي بحرارة أثناء الدعاء.. مسحت دموعها مجدداً ، و استلقت على جنبها مغمضة عينيها منتظرة أن تستيقظ غداً لتكتشف أنها نامت دون أن تشعر.. لقد بكت اليوم كثيراً على كل حال فما من شك أنها متعبة.. يجب أن ترتاح ، و تفكر غداً في خطة جديدة للانتقام منه لتعوض فشل خطتها اليوم..


....::.....::.....::....

اسمها إيمان خلدون.. شابة في الثامنة و العشرين من عمرها.. متعلمة حتى نهاية المرحلة الثانوية.. ليست بارعة الجمال لكنها ليست قبيحة.. ثمة جاذبية ما في ملامحها مع سمرة محببة في البشرة.. هدف حياتها الحالي هو أن تذيقه الجحيم بعينه في الدنيا قبل الآخرة..

خرجت منذ الصباح الباكر لهذا اليوم و معها وسيلة جديدة لتعذيبه مناها أن تنجح.. المشكلة أن كل محاولاتها السابقة باءت بالفشل.. لكن ما من شيء يردعها عن انتقامها ، مثلها كمثل كل أنثى جريحة..خطة اليوم قائمة على أن تحتال عليه و تجعله يخسر مبلغاً كبيراً من المال.. ذلك الوغد ثري و يملك عدة مصانع في مختلف أرجاء القطر ، و لا يقوم بعمله الحالي أصلاً سوى من باب التسلية.. من الممتع في هذه البلاد أن السؤال عن الأفراد – و حتى عن معلوماتهم شديدة الشخصية – أمر بالغ السهولة.. كذا فكرت فارتسمت بسمة لعوب على شفتيها..

لقد سمعت مؤخراً أنه ينتوي الذهاب إلى ماليزيا في تاريخ يقع بعد أسبوع من الآن.. لقد اتفق مع المكتب السياحي الذي يتفق معه عادة و أتم عدداً من الحجوزات ، إلا أنه لم يقم بتسديد تكاليف الرحلة بعد.. اتجهت إلى المكتب إياه ، و درست ثياب موظفيه و أشكال بطاقاتهم و أسلوب حديثهم.. قد لا يكون تعليمها جامعياً إلا أنها كانت بارعة في استخدام الحاسب و برامج التصميم.. نجحت في أن تزور أوراقاً لها تثبت عملها في الشركة ، و زورت كذلك بطاقة تحمل اسماً مزيفاً ، و هوية شخصية مزيفة ، و انطلقت إليه مرتدية إحدى ثياب موظفي ذاك المكتب.. دقت باب مكتبه برفق.. كانت قلقة.. هل سيعرفها من وجهها أم أنه وغد أكثر من ذلك ؟

- نعم ؟
- أرجو عذرك حضرة المدير.. هنا مبعوثة من مكتب بارادايس للسياحة و السفر !
- آه.. تفضلي !
لقد اعتاد على أن يأتي الموظفون إليه لإتمام الأوراق فهو زبون دائم – و مهم – للمكتب.. ألقت عليه التحية و بسمة على وجهها.. أشار لها بيده على الكرسي :
- تفضلي..
- شكراً..! بعد إذنك..
جلست و قلبها يخفق و قد بردت أطرافها.. حقاً كم تكرهه ! حتى أنه لم يتعرف على وجهها ! كانت تشعر بحنق شديد لكنها جمعت كل مشاعرها في بسمة لم تبارح شفتيها.. سأريك – يا سيدي – نوعاً مختلفاً من الكراهية..! كذا خطر لها و هي تجبر نفسها على الابتسام..

- إذن ؟ يا آنسة..
و قرب عينيه من البطاقة على صدر السترة.. قالت في تهذيب :
- خلود..! خلود سامرائي..
- تشرفنا.. هذه أول مرة أراك فيها ! هل أنت موظفة جديدة في بارادايس ؟
- لا ، لكنني أعمل عادة في القسم الداخلي من المكتب ، القسم الذي لا تأتي حضرتك إليه كثيراً.

هذا صحيح.. فقد سألت موظفة تعمل في الأقسام الداخلية من المكتب عنه حاملة صورة له و لم تعرفه.. رغم أنه زبون مهم !

- آها.. هكذا إذن..
قالها و بسم..
- و ماذا لدينا اليوم يا آنسة خلود ؟ لا بد أنك أتيت بخصوص المكالمة الهاتفية التي تلقيتها اليوم..
- أجل.. في الواقع لقد أتممنا الإجراءات المتعلقة برحلتك المزمع القيام بها في الأسبوع المقبل إن شاء الله ، و بقي فقط أن نحصل على التكاليف كي نتمكن من إتمام الحجوزات مع الفندق و السائق و غيرها..
- جميل.. جميل.. حسناً يا آنسة خلود.. سأقوم فوراً بتحرير الشيك.. لكن هلا قمت من فضلك بإبراز بطاقتك الخاصة بالمكتب و هويتك الشخصية ريثما أفعل ؟
خفق قلبها.. لقد توقعت منه شيئاً كهذا.. قال لها مع بسمة سمجة :
- أنت تعلمين.. المبلغ كبير فلست وحدي من سيذهب في الرحلة.. كما أن عمليات النصب في ازدياد هذه الأيام..!
- كما تأمر يا سيدي.. لا مشكلة..!
قالتها و هي تفكر.. ليس السبب عمليات النصب..! السبب أن وغداً مثله لا بد أن يكون كثير الأعداء و هو يعرف ذلك..! أخرجت البطاقتين و وضعتهما في رفق على مكتبه.. تفحصهما بين أصابعه و قال باسماً :
- جميل.. جميل..
أخذت الهوية الشخصية و وضعتها في جيب السترة ، في حين أخرج دفتر شيكات و قلماً أسود فخماً.. فتح القلم و شرع يخط المبلغ المطلوب و قلبها يخفق توتراً.. هذه أول خطة تتم وجهاً لوجه.. هل ستمضي العملية هذه المرة بسلام و لا يكتشفها ؟ وقع على الشيك و قطع الورقة و هي تتخيلها في حقيبتها.. خطر لها أنها ستجري بمجرد أن تمسكها.. لكن لا.. قد يتمكن من الإمساك بها.. فلتتصرف الآن بشكل طبيعي و لتركض بمجرد أن تغادر الغرفة ، أو بمجرد أن تغادر المبنى.. مد يده لها بالشيك باسماً فمدت يدها لتلتقطه..
- أشكرك جزيل الشـ..
كادت أن تلتقط الشيك لولا أنه سحبه من بين أناملها مما فاجأها.. قال لها و هو يجلس مقطباً :
- فلنتأكد للمرة الأخيرة يا آنسة خلود..
استدار إلى الهاتف إلى جانب المكتب ممسكاً ببطاقة عضوية المكتب الخاصة بها ، و رفع السماعة و طلب رقماً..
- مرحباً.. هنا مكتب بارادايس ؟
سقط قلبها بين قدميها.. لقد أسقط بها..!! استدارت نحو الباب و أطلقت ساقيها للريح غير مبالية بـ"انتظري!!" قالها وراءها..

جرت.. جرت و جرت و كأن شياطين الدنيا تلاحقها.. جرت و هي تتخيله يجري وراءها و توشك يده على أن تمسك كتفها.. انحنت في نقطة ما تلتقط أنفاسها.. تحسست جيبها في هستيريا حتى وجدت بطاقة الهوية الشخصية و تنهدت مطمئنة لأنها لم تنسها عنده.. عقوبة تزوير هذه قد تصل إلى الإعدام أحياناً..! لكن لماذا شعر ؟ لقد كان الشيك بين أناملها للحظة ! لماذا استطاع أن يعرف أنها مزيفة ؟!

أرخت قدميها و هي تلهث و تلهث.. لن يتبعها إلى هذا المكان.. إنه بدين أصلاً و بطيء في الجري على خلافها.. لقد كانت سريعة في الجري منذ طفولتها ، و أمل و سمير كانا مثلها في ذلك..

أمل و سمير.. أمل و سمير !! انفجرت الدموع في عينها مجدداً.. لقد فشلت مرة أخرى ! لقد فشلت مرة أخرى..

عادت إلى البيت و استبدلت ثيابها على عجل.. قد تكون مخاطرة أن تراقبه اليوم أيضاً بعد أن رأى وجهها لكنه لم يره – على ما يبدو – سوى اليوم.. كما أنها ستغير شكل حجابها و تضيق على ملامحها أكثر..

وقفت تراقب باب المدرسة من بعد.. لقد حان وقت انصراف الطلاب..! هو ذا يخرج.. لم يكن منزعجاً طبعاً.. بل كان يتشدق بذكائه بعد أن كشفها للأساتذة الآخرين.. الوغد ! رغم أنه متزوج إلا أنه لا يخفي سعادته من امتداح المدرسات الشابات له.. عليه اللعنة !!
استقل سيارته و شغلها فركبت هي سيارة أجرة.. عادته في أيام الأحد و الثلاثاء و الخميس أن يذهب إلى القهوة مع رفاقه من الأساتذة المتملقين.. لكن اليوم هو الاثنين..
خفق قلبها.. ماذا يفعل عادة بعد انتهاء دوام يوم الاثنين ؟ انتبهت إلى أنها لم تطارده قبل الآن في هذا اليوم.. طلبت من سائق الأجرة بقلب خافق أن يتبع سيارته.. أبدى السائق تذمره إلا أنها لم تعره اهتماماً..

أوقف سيارته أخيراً و بعد طريق طويلة في حي راق.. فوجئت به ينزل أمام إحدى المباني و يخرج سلسلة مفاتيحه و يدخل في إحدى الشقق في الدور الأرضي.. ما معنى هذا ؟! هذا ليس بيته !! أهو متزوج من أخرى مثلاً ؟!

انتظرت في الخارج ساعة و نصف حتى خرج.. خرج و هو يواصل حديثاً ما و يضحك.. ثم فوجئت إيمان بامرأة طاعنة في السن تخرج أمامه لتودعه..!! اتجه إليها و لثم رأسها.. قال مع بسمة :

- أتوصينني بشيء أماه ؟
- انتبه على نفسك يا بني..! انتبه على صحتك و قبـّل أطفالك..!
- حاضر.. كما تأمرين..!

واتجه إلى سيارته وسط دعواتها :
- حفظك الله يا بني و رعاك و سدد خطاك و أبعد عنك أولاد الحرام !!

فبسم لها مجدداً ، و ركب سيارته و انطلق..
بعد أن رأت إيمان هذا لم تستطع أن تمنع غصة اعتصرت قلبها.. قررت أن توقف عملها لهذا اليوم عند هذا الحد..
عادت إلى بيتها محطمة القلب مجدداً ، و استبدلت ملابسها لتسمع أذان العصر.. إنه الموعد المحدد ! لقد مر الوقت بسرعة.. أخرجت طبق (المقلوبة) الصغير الذي أعدته البارحة قبل أن تنام ، و خرجت من البيت على عجل..


....::.....::.....::....


وقف محمود على باب المقبرة و تنهد.. هي زيارة مملة لكن لابد منها ، يقوم بها على أمل أن يقوم أحفاده بزيارته بشكل دوري بعد وفاته كما يفعل الآن مع جده..

دخل المقبرة و مشى باتجاه قبر جده ليلتقي بأبي علي ، بواب المقبرة.. و هو رجل مسن يسكن هنا ، مصدر رزقه الأساسي هو ما يناله من أهل الموتى بعد أن يدعو لموتاهم..

- السلام عليكم ، أبا علي..!
- و عليكم السلام أستاذ محمود.. يا أهلاً و سهلاً.. دائماً في اليوم المحدد..!
قال محمود باسماً في ابتذال :
- ليس لنا سوى أن نقوم بما علينا..!
- بالفعل.. رحم الله ميتكم و جمعكم و إياه في الجنان مع الشهداء و الصديقين ! اللهم زوجه بالحور العين و اسقه من أنهار الجنة و ابن له فيها بيوتاً من ذهب..!
دس محمود 50 ليرة في يد أبي علي كي يسكت.. يسره أن يدعو لجده لكن محمود كان يعلم أن أبا علي لا يفعل هذا إلا ليحصل على بعض المال من ذوي القلوب الجريحة..
- "أبا علي ! السلام عليكم !"
- من ؟ مدام إيمان ! يا أهلاً و سهلاً !
قفز أبو علي – بعد أن قبـّل الـ50 ليرة و دسها في جيبه – ليقف أمامها.. قال لها باسماً :
- أنت أيضاً.. في الموعد المحدد !
- تفضل..!
مدت يدها بالطبق المغلف إليه باسمة.. سألها دون أن يخفي فرحته :
- ماذا أعددت لنا اليوم يا ترى ؟
- مقلوبة.. ربما تختلف طريقة إعدادنا لها عن طريقتكم.. لكن أرجو أن تحبها !
- بل سلمت يداك مدام إيمان..! أسأل الله أن يجمعك و إياهم في الجنات و يرزقك غيرهم..!
نظرت إليه فابتلع لسانه.. حملت عيناها الكثير من الحنق و الغضب و الحرقة من كلمته الأخيرة.. قال مرتبكاً :
- أستأذنك !
و سار في طريق آخر.. لفتت إيمان نظر محمود.. من هذه و لم تقدم الطعام لبواب المقبرة ؟ اتجهت إيمان إلى قبرين متجاورين و انحنت أمامهما تمسح عليهما..
استرق محمود نظرة إلى المكتوب على القبرين.. الأول :
سمير عبد القادر
2002-2008
و الثاني :
أمل عبد القادر
2004-2008

خفق قلبه.. إنهما طفلان..!!
انحنت إيمان أمام القبرين و أخذت تمسح عليهما بكلتا يديها بحنان.. قالت بصوت حان مرتجف :
- كيف حالكما يا أحبتي ؟ أأنتما بخير اليوم أيضاً ؟
لكنها لم تحصل على جواب اليوم كذلك.. واصلت مع بسمة و الدموع تتقاطر من عينيها :
- ماما اليوم فشلت مرة أخرى في الانتقام من المدير اللعين..! لكن لا تغضبا مني أيها الغاليان.. سأنتقم منه يوماً.. صدقاني ! سـ..
لم تواصل كلامها لأنها كانت قد انهارت على ركبتيها مجهشة بالبكاء.. كانت البكاء أقوى من أن تتم جملة بعد هذا.. كانت ذراعاها متعلقتين بالشاهدين و ركبتاها على الأرض.. و كانت تبكي و تبكي و تبكي..
- يا أحبتي يا ماما ! يا أيها الغوالي.. لا سامحه الله ذاك المدير !! ربي أذقه الويل في من يحب !! ربي انتقم منه يا ربي.. يا إلهي أنا ضعيفة و لا حيل لي و لا قوة..! يا ربي.. يا ربي.. سمورة و أمول يا ربي..!! سمسم و لولو يا ربي..!!!! يا الله..
و استمرت على هذه الحال حتى أذان المغرب و محمود يراقبها بقلب مرتجف.. ثم كفكفت دموعها ، و لثمت القبرين :
- أراكما غداً يا أحبتي..! في الموعد ذاته..! لن أتأخر..!
و غادرت و هي بالكاد تبصر طريقها دون أن تتوقف عن البكاء..
ابتلع محمود ريقه.. سأل أبا علي :
- ما خطبها ؟
قال أبو علي و هو يأكل من المقلوبة باستمتاع :
- إنها المدام إيمان.. ترملت منذ ثلاث أعوام و فقدت ولديها السنة الماضية في حادث..
- حادث ؟
- أجل.. سمعت منها القصة ملايين المرات.. لقد أتت حافلة المدرسة لتأخذ الولدين من البيت ، إلا أن المدير – الذي كان يستقل الحافلة يومها لعطل في سيارته - كان غاضباً و على عجل فأهاب بالسائق أن ينطلق دون أن ينتظر الولدين.. حاول السائق أن يقنعه أن هذين الولدين لا يتأخران عادة فانفجر المدير في وجهه وهدده بالطرد و إلخ، فانطلق السائق رغماً عنه بعد أن تراجع إلى الخلف خطوة.. الذي غفل عنه كل من السائق و المدير أن الولدين كانا بالفعل موجودين و كانا خلف الحافلة يدوران كي يصلا إلى الباب من الجهة الأخرى....!!!!
تأوه محمود بعد أن تخيل المشهد و اعتصر قلبه.. واصل أبو علي و هو (ينكش) أسنانه :
- طبعاً أم الولدين التي كانت تنزل معهما لتودعهما كل صباح رأت كل شيء..! إلا أن المدير استخدم معارفه.. إحم.. أنت أدرى ! و تمكن من التهرب تماماً من المسؤولية و ألقى بها كلها على عاتق السائق المسكين !! و منذ ذلك اليوم و هذه السيدة تأتي إلى هنا كل يوم لتبكي سببها في الحياة ، و لتعتذر من ولديها علناً عن فشلها في قتل المدير..!
ثم نظر إلى محمود و بسمة عريضة على شفتيه.. واصل في رضا :
- و لتقدم لي طبقاً من الطعام مقابل اعتنائي بقبريهما..!
نظر محمود بشيء من الاحتقار إلى أبي علي.. أهذا كل ما يهمه من الموضوع ؟ لاحظ أبو علي هذا فقال و هو ينهض :
- لا تنظر إلي هكذا..! لقد رأيت الكثير خلال عملي هنا و ما من شي يحرك قلبي بعد الآن.. كل قصص الموتى شنيعة..! تخيل أنني سمعت قصصاً بعدد الموجودين هنا..! لكن أتعرف..؟ الكل يوماً ما ينسى..! البشر لا يستطيعون العيش دون النسيان.. لو أن الجميع يبكون كل يوم كيوم أتوا هنا ليودعوا أحبتهم أول مرة لما استمر أحد بالحياة.
تنهد محمود.. حقاً ، هناك في العالم الكثير مما لا نعرفه من المصائب ، و من سمع مصاب غيره علم خفة مصابه.. تنهد مرة أخرى ، و وقف أمام قبر جده ليقرأ الفاتحة ، ثم غادر المقبرة إلى بيته..

استلقت إيمان على سريرها ، فالتفتت إلى النصف الأيمن الواسع الخالي من السرير حيث كانا ينامان على ذراعها الممدودة حتى تزرق.. الآن تمد ذراعها لكنهما لن يضعا رأسيهما الصغيرين عليها..

التفتت إلى السقف مجدداُ و دمعة في عينها.. غداً بالتأكيد ستنتقم.. غداً ستريه الويل.. ذلك الوغد الذي لا يخاف الله.. ذلك الوغد الذي يقتل طفلين بريئين ثم ينام الليل.. بل و ينسى وجه أمهما !!
تذكرت وجه أمه هو و قد رفعت يديها إلى السماء تدعو له ، فأخذت تتقلب محاولة أن تنسى هذه الصورة..

تنهدت مجدداً ، و أغمضت عينيها تنتظر..
تنتظر ملـِك النوم أن يخطفها من هذا العالم و آلامه.


....::....::....::....


تمت بحمد الله ^^

أرجو أن أكون قد وفقت في كتابتها. أتمنى أن أسمع آراءكم.. و رفقاً بي فأنا جديدة هنا XD

شكراً مجدداً..

في أمان الله~.