بِسْمِ الله الرَّحمنِ الرَّحيمِ

السَّلامُ عليكُم و رحمة الله و بركاته
كيف حالكم جميعاً ؟ أتمنى أن تكونوا بخير =)

،

راقني كثيراً هذا الشَّاعرُ، فأشعاره تحملُ كمّاً هائلاً من المشاعر الصادقة، المُطربةِ بحق..
قيْسُ بن الملوّح، لكَ الله !

:

اسمه،،
قيس بن الملوّح بن مزاحم بن عدس بن ربيعة العامري، لُقّبَ بـ مجنون ليلى..
شاعر غزل عربي، من أهل نجد، لم يكُن مجنوناً إنما لقّب بذلك لعشقه الشديد و هيامه بليلى العامريّة.
التي نشأ و عاش معها، لكن أهلها رفضوه كزوجٍ لها، فأصيب بحزنٍ و وحدةٍ شديدين، فكان يُرى حيناً في الشام،
و حيناً في نجد، و حيناً في الحجاز، حتّى فاضت روحهُ.

،

حكايةُ قيس مع ليلى،،
قرأتُ مرةً بأنّ قيس هو ابنُ عمِّ ليلى، و حتّى معظم التراجم و السير أجمعت على ذلك، و قد تربّيا معاً في صغرهما،
و كانا يرعيانِ المواشي و يلعبان، كانا عصافير حبٍ سعيدة.
و كما هي عادةُ أهل البادية، حين كبرت ليلى حجبتْ عنه، و لم يعُد قادراً على رؤيتها، حينها صار قيس حزيناً كئيباً، يذكرُ أيّام الطفولةِ السعيدة، و يتذكرُ كيف كان يلعبُ معها و يراها ليل مساء، باتَ يتمنّى عودة تلك الأيام ليأنسَ بجوارها.
قيل أيضاً بأنّ قيس قد تقدّم لطلب يد ابنة عمّه ليلى و بذل لها خمسين ناقةً حمراء !
لكن حيثُ كانت عادات العرب ترفضُ قطعياً تزويج من ذاع صيتهم بالحبّ؛ و رفضهُ عمّه أيضاً بسبب الخلاف الذي شبّ بينه و بين والد قيس، ظناً منه بأن والد قيس قد سرق أموال العائلة (عائلة ليلى)، و زوّجها لفتى من ثقيف يُدعى ورد بن محمد العقيلي، الذي بذل لها عشراً من الإبل و راعيها.
رحلت ليلى بعيداً عن مجنونها إلى الطائف، و يُقال أنّه حين تقدم لها الخطيبين قال أهلُها: "نحنُ مخيّروها بينكما".
فدخلوا عليها و قالوا: "والله لئن لم تختاري ورداً لنمثلنّ بكِ !!". فاختارتهُ على كرهٍ منها، و عاشت حياتها تقبّل الحزن ليل نهار، و تأسفُ على حالها و حالِ مجنونها قيْس.

،

من صور حبّ قيس،،
"قيل في قصة حبه إنه مر يوما على ناقة له بامرأة من قومه وعليه حلتان من حلل الملوك، وعندها نسوة يتحدثن، فأعجبهن، فاستنزلته للمنادمة، فنزل وعقر لهن ناقته وأقام معهن بياض اليوم، وجاءته ليلى لتمسك معه اللحم، فجعل يجز بالمدية في كفه وهو شاخص فيها حتى أعرق كفه، فجذبتها من يده ولم يدر، ثم قال لها: "ألا تأكلين الشواء ؟"، قالت: "نعم". فطرح من اللحم شيئا على الغضى، وأقبل يحادثها، فقالت له: "أنظر إلى اللحم، هل استوى أم لا ؟"، فمد يده إلى الجمر، وجعل يقلب بها اللحم، فاحترقت، ولم يشعر، فلما علمت ما داخله صرفته عن ذلك، ثم شدت يده بهدب قناعها.
روي أن أباه ذهب به الى إلحج حتى يدعو الله أن يشفيه مما ألمَّ به من حب ليلى وقال له: "تعلق بأستار الكعبة و ادعو الله أن يشفيك منها !"، فتعلق المجنون بأستار الكعبة وقال: "اللهم زدني لليلى حباً وبها كلفاً ولا تنسني ذكرها ابداً".".

،

بعضٌ من أبياته،،
-
أَلَيسَ اللَيلُ يَجمَعُني وَلَيلى..كَفاكَ بِذاكَ فيهِ لَنا تَداني
تَرى وَضَـحَ النَهارِ كَمـــــا أَراهُ..وَيَعلوها النَهارُ كَما عَلاني
-
وقالوا لو تشاء سلوت عنها..فقلتُ لهمْ فإنِّي لا أشَـاءُ
وكيف وحبُّها عَلِقٌ بقلْبـــي..كما عَلِقَتْ بِأرْشِــيَة ٍ دِلاءُ
لها حب تنشأ في فـــؤادي..فليس له-وإنْ زُجِرَ- انتِهاءُ
وعاذلة تقطعني ملامــــــــاً..وفي زجر العواذل لي بلاءُ
-
إليــــــكَ عَنِّــــيَ إنِّي هائِــــمٌ وَصِبٌ..أمَا تَرَى الْجِسْمَ قد أودَى به الْعَطَــبُ
لِلّه قــلبِـــيَ مــاذا قـــــد أُتِيــــحَ لــه..حر الصبـــابة والأوجــاع و الوصــــــبُ
ضاقت علـيَّ بـــلاد الله مــا رحـــبت..ياللرجال فهل في الأرض مضــــطربُ
البيـــن يؤلمني والشوقُ يجرحــني..والدار نازحةٌ والشـــمل منشــــــعبُ
كيف السَّبيلُ إلى ليلى وقد حُجِبَتْ..عَهْدي بــها زَمَــــناً ما دُونَهَا حُـــجُبُ
-
فؤادي بين أضلاعي غريــبٌ..يُنادي مَن يُحــبُّ فلا يُجيـبُ
أحـاط به البــــلاءُ فكــلُّ يـومٍ..تقارعـــهُ الصــبابة و النحيبُ
لقد جَلبَ البَلاءَ عليّ قلـبي..فقلبي مذ علمتُ له جلوبُ
فإنْ تَكنِ القُلوبُ مثـالَ قلبي..فلا كــــانَتْ إذاً تِلكَ القُـلوبُ
-
حبيبٌ نأى عنِّي الزَّمـــانُ بِقُرْبِهِ..فَصَيَّرنِي فَرْداً بغيْــرِ حَبــــيبِ
فلي قلب محزون وعقل مدلـــه..وَ وَحْشَة ُ مَهجُورٍ وَذُلُّ غَريبِ
فيا حقب الأيام هل فيك مطمع..لِرَدِّ حـــبيبٍ أوْ لِــدَفْعِ كُــرُوبِ
-
لَقد هَمَّ قيسٌ أنْ يَزجَّ بِنفْسِـــهِ..ويَرْمِي بها مِنْ ذُرْوَة ِ الجَبَلِ الصَّــــعْبِ
فلا غرو أن الحُــب للــــمرء قاتلٌ..يقلِّبُهُ مـا شــاءَ جَنْبَـــاً إلـــى جَنْــــبِ
أنَاخَ هَوَى لَيْــــلَى بِهِ فَأذابَــــــهُ..ومن ذا يطيق الصبر عن محمل الحب
فيسيقه كأسَ الموتِ قبل أوانه..ويُورِدُهُ قَبْـــلَ المَمــــاتِ إلــــــى التُّرْبِ
-
،

توفيّ العاشقُ المجنونُ قيس، و قد وُجد ملقىً بين الأحجار وهو ميت، فحُمل إلى أهلهِ، و رويَ أن امرأةً من قبيلته كانت تحمل له الطعام إلى البادية كلَّ يوم، و تتركه.. فإذا عادت في اليوم التالي لم تجد الطعام فتعلم أنه ما زال حياً، و في أحد الأيام لم ترَ أنه مسَّ الطعام فأبلغت أهله بذلك فذهبوا يبحثون عنه حتي وجدوه في وادي كثير الحصي وقد توفي؛ و وجدوا بيتين من الشعر عند رأسه خطهما بإصبعه هما:
-
توسد أحجار المهامة والكـــفر..ومات جريح القلــــب مندمـــــــــل الصدر
فياليت هذا الحب يعشق مره..فيرى ويعرف ما يلاقي الحبيب من الهجر
-
أتساءلُ هل يوجدُ رجالٌ مثله في هذا الزّمن !
،
قدّمتُ نبذةً مُبسّطة -جداً- عن هذا الشاعر المجنون، أملاً بأن يحوز موضوعي على إعجابكم =)
في حفظ الرحمن ~