بسم الله الرحمن الرحيم

أسعدَ الله أوقاتكم بالمسرّات ،
بينما كنتُ أبحث عن كتاب لقراءته في أرجاء مكتبتي المُشتتة بين غرفتي وغرفة الملابس !
وجدتُ كتابًا ناله ما قد ناله من الغبار
،

" ديمي .. حُب أول "
لا أعرف سر حُبي لهذا الكتاب ، ولا أذكر مرّات قراءتي له .. لكنها تبدو الأولى لي في كل إعادة له !
وحتى الإهداء في أولى صفحاتِ الكتاب .. أدمنُ التجول بين أحرفه والتلذذ بما فيه !

لـــها ..

هذا العمل .. مجموعة أمنيات ، محوره المرأة ، وحرّضت عليه (امرأة)..
أن تحقق لك أمنية .. شيء جميل ..!
أن يتحقق لك مجموع أمانٍ .. اعلم أنكَ كنتَ في رحلة طويلة .. طويلة ، بلغتَ مُنتهاها ..!

أهدي هذا العمل للمرأة .. الكائن الذي حرضني على (الفعل).. ولوّن حياتي بنكهته..
المرأة :
الإنسان .. الروح
المرأة الحُب ..!

لها ..
لـ (منيرة) والدتي ، (فاطمة) زوجتي ، (هديل وأروى) بناتي .. لمجموع الـ (منى) .. التي لولاها ما كان هذا العمل ليتم ..!

رحمكِ الله هديل ..
لا أعتقد أنني سبق وقرأتُ إهداءً كروعة هذا !

أثقُ جدًّا أنكم ستحبون ما اخترته من جمالِ ؛ وليس لأنني أعتقد أنني أملك ذائقة رائعة !
بل لأن أديبًا مُتميزًا كالـ د.محمد الحضيف يملكُ قدرة عجيبة على السحر بأحرفه ، وتركك مشدوهًا أمام بوح قلمه السيّال دون أن يفصح عن "السر" الذي يجعلك مُعجبًا بما يكتب !
،
الدكتور محمد الحضيف .. في سطور :

رجلٌ يعيش دون أن يبغض أحدا ..
ويرتفع دون أن يترفع على أحد ..
ويتقدم دون أن يطأ على أحد أو يحسد أحدا..
رجلٌ تعيش (القضية) في كل خلية من خلايا جسده ..
يتنفس (الهم) ويحيا (الرسالة) ..
واضح هو كالشمس ،و نقيّ كماء المزن ..
تجد في حرفه (صلابة الموقف) و (رقة الإحساس) ..
لايحرقه ظمأ إلى لقب ، أو حنين لبريق شهرة ،
إنما يحترق هو بذلاً لأمته وخدمة لدينه ومجتمعه ..
،
مما لامس شِغافَ قلبي - سيبدو طويلًا بعض الشيء ، لكن إنهاءه سيجعلك تتعطش للمزيد ! - :

( يتفرس في الوجوه )
،
أحبها .. ومنحها قلبه ..
ثم تنكرت له ..
وأنكرت أن تكون تنكرت له ..
لكنه لم يعد يراها ذلك المنهل ..
الذي كلما عذبه العطش .. رنا بروحه إليه ..
تغيرت .. لماذا تغيرت ..؟
هو لا يدري ..
هو يسمع عن قصص الحب العذري ..
بليت بين يديه ، تلك الكتب التي تتحدث عن أخبار (المجنون) وصاحبته ..
قرأ عليها مرة ، (الأطلال) .. لإبراهيم ناجي .. وقال :
- هذه (تعويذتي) ..
وبكى ..
في ليلة باردة .. شديدة ظلمتها ..
أخذ القلم .. ناجى نفسه ..
وكتب :
- كيف أفرض نفسي على إنسان لفظني ..؟ يمكن أن (يتسول) المرء أي شيء ، لكنه لا يستطيع أن يتحول إلى (شحّاذ) حب ..!
حينما يصبح الحب تسولًّا .. يكون أي شيء .. إلا الحب .
العواطف لا (تستجدى) ..!
إذا كان السؤال ذلا .. فأذل الذل أن (تتسول) الحب .
أذل الذل أن تقول لإنسان : أرجوك .. أحبني ..
وأكثر الذل قسوة وتوحشًا ، أن تتشبث بإنسان يدفعك بقدمه ، وليس بيده . تتشبث به ، ظنا منك .. أنه قد أحبك يومًا ما .. مفجع أن تتوهم الحب عند إنسان آخر .. وتظل تنتظر .. وتنتظر .
تنتظر .. ولا تجني إلا وهمًا .. وعذابًا .. وانتظارًا ..
أن تظل تطرق باب قلبه ، بحثًا عن حُب .. تظنه موجودًا ..
بحثًا عن حب .. تظن أنه يحمله لك ..
تطرق .. تطرق ، ولا تسمع إلا صدى ، يشبه عويل الريح .. في ليلة باردة .
كنت أقول :
- لا أريد أن أتقدم ..
قلبي يصرخ بي :
- لا تقترب تحترق ..
قلت لك :
- أنا خائف أن تكون فورة عاطفة ..
وقلتِ لي :
- لا .. ما أحمله لك شيء لا يمكن أن تتصوره !
كنت أقول :
- أنا قلبي موجوع .. لا يتحمل الصدمات .. أخاف أن تتركيه ..
كان ردكِ علي :
- أنا أحبك ( وبس ) ..
وصدقتك ..
كنت أحاول أن أقف عند حد معين .. لم أكن طالب جسد ..
بل جائع لروح تضمه إليها .. وكنتِ تتقدمين نحوي كالطوفان ..
فغرقت ..
خائفًا من نهاية مثل هذه .. كنت ..
تملكني شعور بأن صراخ الجسد كان أعلى من نداء الروح ..
لكني انجذبت إليك بسحر لا أعرفه ..
مزيج من الروح والجسد .. لا أدري ..!
لم أنتبه .. أن صراخ الجسد ، مثل أي شيء محسوس .. سوف ينتهي .
لم أنتبه .. أن ما اعتقدته روحًا .. كان سرابًا ..
فأنا الآن أقتات مرّ الذكريات .. وأجترّ مرّ الأسى ..
وأعيش على (وهم) روح .. ما خلقت لي ..
لقد كان ضجيج الجسد عاليًا .. فلم أتبين ..
أكانت الروح تهمس لي .. إن كان ثمة روح ..
أم كان الجسد يجرني لجحيمه .. لأحترق ..؟
أكان نداء الجسد .. أم شوق الروح ..
ذلك الذي جعلكِ تصرّين على أن أبقى ..
كلما آذنتكِ بالفراق ..؟
لا تقولي أنكِ الآن أصبحتِ مشغولة .. تمر الأيام والأسابيع ولا أسمع صوتكِ ..
لا تقولي أنكِ مشغولة ..
لم يتغير شيء .. قلبكِ فقط ..
إن كان قلبكِ .. هو الذي أملى عليك ، أن تبدئي قصة ثم تنهيها ..
ماذا صنعتِ بي ..؟
كنت خائفًا أتوجس .. أن تكون لعبة .. نزوة عابرة ..
وأنا أحمل قلبًا لا يعرف اللعب .. ولا يريد أن يلعب ..
كنت تسحبينني أكثر .. إلى أعماق عالمكِ ..
كطفل بريء ، اسلم لكِ القياد ..
كلما أردت الخروج .. فتحتِ لي بابا جديدًا ..
تذكرين .. أني كنت أقول لكِ :
- أنا كل يوم أكتشف فيك شيئًا ، جديدًا ، جميلًا ..
أكتشفه في روحكِ ، التي كنت أمد إليها حبال شوق فأزداد ارتباطًا .
حدثتني عن كل شيء ..
عن (جنونك) ..
هل تعلمين ما صنع بي جنونكِ ..؟
هل تعتقدين أني نسيت همسكِ القاتل ..؟
رأيت فيك إنسانًا مُذهلا .. روحًا خلاقة .. وملاذًا .. و ..
كتبت فيك أجمل الكلمات ..
دخلت عالمكِ .. وأنا الجريح ، الذي يبحث عن يد تمسح جراحه ..
عذبته التجارب الفاشلة ..
مشبع بالخيبات ..
وأوغلت في هذا العالم .. أوغلت ..
وأنتِ تمنحينني فضاءً هائلًا .. لأحلق .. وأحلق ..
حتى أصبحت معلقا بينك وبين الفراغ .. حيث لاشيء تحتي .. سوى الدمار .. أو أنتِ .. طوق النجاة الذي تمثل بك ..
ثم أطلقتني ..
فأنا أتردى في هوة أنت دفعتني إليها ..
وكلما أمعنت سقوطًا .. يتطاير قلبي مزقًا .. و .. أراك هناك .. في برجكِ العاجي ، مشغولة .. ( بتقليم أظافركِ .. ربما ) ..
غير آبهة ..
بجراحي .. وأنيني ، ودمائي ..
التي ملأت رائحتها الفضاء ..
أنا أصبحت خطيرا .. لأني جريح .. والجريح تسكره رائحة الدماء ، فيأكل بعضه أحيانا .. وقد تكونين بعضي ..
كنت أقول لك ، أول ما رأيت صدودك .. وكررتها كثيرا : ـ هل أنت نادمة ..؟
كانت إجابتك : ـ لا ..
كنت أريد أن أنسحب ، قبل أن توغل سكين الخديعة في قلبي … لكنك رفضت .. كأنك تتلذذين بإذلالي … وأنا الجائع لفتات حب .. كنت أريد أن أنسحب بالبقية الباقية من حطام قلبي .. الذي مزقتيه .. حينما يختنق الحب .. تموت كل الاحاسيس والمشاعر .
منهك .. محزون .. موجوع .. أبحث عن من يسمعني كلمة طيبة .. تداوي جراحي .. تخفف أحزاني .. تطفئ الألم الذي يشتعل في قلبي … أبحث عنك .. فلا أجدك ..
أنا ألذي وهبتك كل شئ .. قلبي .. وروحي .. ووقتي .. ومالي .. لم تكن تهمني في شئ من قبل .. لأنها من أجلك ..
أما الآن فإني أتأسف على كل شئ .. ليس لأنك لا تستحقين … بل لأني كنت أدفع ثمن خديعتي … وسذاجتي ..
إذ صدقتك .. أليس هذا منتهى الغباء ..؟ غامرت بنفسي ، دون أن أحسب للنتائج … لأنك كنت نفسي كلها .. كنت الدنيا بأكملها لي .. إذا تذكرت أنك كنت تقولين أن لديك الاستعداد .. لأن تضحي بكل شئ من أجلي .. شعرت بمثل حد السكين ، يحز قلبي حزا : ” أهذه هي المرأة ، التي زعمت في يوم من الأيام أنها ستتخلى عن كل شئ من أجلي ..؟ أهذه هي المرأة التي حدثتها .. أنها هي الروح .. وليس الجسد ، الذي عذبني البحث عنها ..؟ فعلت هذا .. لأني أحببتها حبا صادقا .. لأني وثقت بها الثقة .. العمياء … أهذه هي المرأة التي كنت سأبيع الدنيا من أجلها .. وأقف ضد العالم كله من أجلها ..؟ ”
آه ه ه ه ه ه .. كم تملأ المرارة حلقي ، والغيظ قلبي .. كم تتراقص شياطين الانتقام أمام عيني ..
أهذا جزاء الذي منحك كل شئ .. ولم يطلب منك إلا روحك .. قلبك .. مشاعر صادقة … تعاملينه ، هذه المعاملة ..؟ تدمرينه هذا الدمار .. تهملينه .. وهو الذي أنتشلك من الإهمال .. ورأى فيك إنسانا جميلا .. يستحق أن يعامل .. ويحتفى به .. كما يحتفى بالأشياء الجميلة . .
لم يدخل الحب قلبك أبدا .. لا تزعمي غير ذلك .. الحب إذا دخل قلبا .. لا يموت .. أما أنت .. ما أنت ..؟
هل تذكرين حينما قلت لك ، يوم رأيت صدودك .. والوجع يمزق قلبي : ـ أنا لا أريد منك إلا الروح ..
قلت لي بكل قسوة : ـ هذا كلام سخيف .. إما أن أكون جسدا وروحا .. أو لا أكون ..
مازلت أنزف من كلمتك هذه .. وحاولت أن أتناساها .. بغباء .. لكن هيهات .. هيهات .. ما جاء بعدها أكدها … خفق قلبي ( سخيف ) .. نبض مشاعري ( سخيف ) ..؟ لم يدخل الحب قلبك ..أبدا . . امرأة كانت تعيش تجاهلا .. وإهمالا .. وحرمانا .. وبحثت عن من يعوضها .. من تنتقم من خلاله .. من ذلك الواقع الذي تعيشه .. من ذلك الذي أهملها .. وتجاهلها .. وألغى إنسانيتها .. من ذلك الذي لم يثمن هذا الشئ الجميل الذي بين يديه .. فرمت شباكها .. بحثا عن لعبة تلهو بها .. لا بحثا عن حب .. فوقعت على إنسان رأس ماله قلبه .. قلبه الذي سَمَت فيه الروح على الجسد .. فأقام محرابا للإخلاص فيه .. إنسان لا يرى المرأة متاعا رخيصا للذة .. إنسان آمن بالروح دليلا إلى الجمال ..
أنا عشقتك روحا … يدوى حنين في أعماقي شوقا إليها .. أحببتك حبا لا يخطر لك على بال .. والله ما أشتهيت شيئا .. إلا تمنيت أن تشاركينني فيه ..
وماذقت لقمة ، ووجدت حلاوة طعمها في ريقي .. إلا عذبني الحنين .. أن تكوني معي تقاسمينني إياها .. وأتذكرك .. ( جنونك ) .. عينيك .. لون شعرك ..
صدى صوتك .. حب مجنون ، مثل هذا .. ماذا تسمينه ..؟ أغبى الغباء .. أليس كذلك ..؟ أحببتك ، ولا أدري لماذا ..؟ لم تكوني أجمل إمرأة عرفت .. لكنك اخترقتني .. كالسهم المسموم . . وأشرعت لك أبواب قلبي .. وأذبتك في دمي ، تكونين مني حيث شئت .. فأنت في قلبي .. وأنت في عيني .. وأنت في سمعي .. وصرت الهواء الذي أتنفسه . وما زلت أتعجب .. كيف كنت أصد النساء عني .. وكيف استسلمت لك ..؟ قدري أن أعيش بقلب .. وألغي الجسد من حساباتي .. أنا لا أستعطفك .. ولا أطلب شفقتك .. الحب لا يستجدى .. الحب لا تعود له الحياة بهذه الطريقة .. أي حب سوف يخرج من بين الحطام ..؟
الحب لا ( يتسول ) .. أنا عرفت أني متسول حب .. ساذج .. وأن لا مكان لي في قلبك .. كل ما في الأمر أنك تشعرين أنك ( تورطت ) معي .. تخافين أن تطردينني ، هكذا مباشرة .. تخافين ، لأنك تعتبرينني ( ورطة ) .. وليس حبيبا .. اعتقد يوما أنك ملاذ .. الغمامة التي ظل ينتظرها طويلا .. في صحرائه المقفره .. أنه . . سيطفئ عطشه .. فى ( روحك الجميلة ) .. وهذه حقيقة .. أقولها .. رغم ظلمك لي .. رغم الدمار .. الذي تحقق على يديك .. لقلبي الموجوع ..
تخافين أن أنتقم منك .. إن طردتني .. أن أبتزك .. أنا لن أبتزك .. لأني لم أطلب جسدا .. حتى أساوم عليه .. والحب لا يأتي ابتزازا ..
أنا مفجوع بغدر النساء .. والمغدور يختار الطريقة التي تناسبه للإنتقام .. لا أحد يستطيع أن يتنبأ .. ماذا سيفعل .. هو وحده الذي يقرر .. هو وحده الذي يختار الطريقة التي يحاسب فيها من غدر به .. من عذبه .. وأشقى قلبه ..
أنا سأرحل .. بكل جروحي .. وفشلي .. وآثار الغدر .. الذي يمزقني .. إنسان أحبك بمثل هذا العنفوان .. وهذا الجنون . . إنسان يبكي حينما يسمع صوتك .. ويبكي حينما يبطئ عليه صوتك .. ويبكي حينما تصله رسالة منك .. ماذا تتوقعين منه ..؟ أنا الآن أدوس على قلبي .. أدربه على كرهك .. حتى يصل إلى النتيجة التي أريد .. أن يكرهك بنفس العنفوان الذي أحبك فيه .. عند ذلك .. حينما يصل تلك المرحلة .. أي شئ سيفعله .. سيكون ( مقبولا ) .. و ( منطقيا ) .. ولا مكان للضمير فيه .. صار حينما يرد إلى خاطري شئ يثير جروحي .. اسمك .. أشياء محددة تحبينها .. تقفز المرارة إلى حلقي .. ويخفق قلبي .. وتقفز الدمعة إلى عيني .. ماذا أصنع ..؟ صرت الآن أستدعي شياطين الحقد والانتقام .. وأطلب منها محاصرة القلب الغبي .. لقد بدأت أنجح .. ولا بد أن أنجح .. فافرحي ..
افرحي أنك ستتخلصين من هذه ( الورطة ) . . من هذا ( العبء الثقيل ) .. الذي عبثت به ، عبث الطفل بلعبته .. ثم رميته كالنفايات .. افرحي أنك لن تسمعي صوتي المبحوح .. الذي يذكرك بالطيبة .. والسذاجة .. وربما الغباء .. وعدم فهم قوانين ( اللعبة ) .. افرحي أنك لن تتلقى مني أي رسائل .. تلتمس عطفك .. ثم تقرأينها .. وتقولين : ـ متى يكف هذا الغبي ..؟ سَيَكف … سيكف ..
أنا أعلم أن أي شيء أفعله .. بما في ذلك تدمير حياتك .. بالطريقة التي أحددها .. بالطريقة التي تعيد الإعتبار لقلبي المجروح .. الذي وقع ضحية .. طهرة .. ونقائه .. وصدقه .. كل ذلك .. لن يضمد جراح قلبي المغدور ، ولن يوقف نزيفه .. ولا أن يجمع حطامه .. ولا أن يسكت بكاءه … أو أن يخفف من لهيب الكراهية الذي يشتعل فيه . . قلت لك كثيرًا .. أنك لن تجدي على وجه الأرض من يحبك أكثر مني .. سأصل إلى مرحلة أقول فيها .. لن تجدي على وجه الأرض من يسعى إلى دمارك .. ويكرهك أكثر مني .. أنا حزين أني وصلت إلى هذه النتيجة . . أنت دفعتني إليها ..
أنــا .. ســأرحل .. الحب علاقة بوجهين .. حب خالص .. أو .. بغض أعمى ليس فيه منطقة وسط .. ولا مكان للنسيان فيها .. ولا يمكن أن يدفع الثمن فيها طرف دون آخر .. ولا يمكن أن تنتهي دون خسائر .. للطرفين ..
وهي ليست لعبة .. ينهيها أحد الأطراف متى ما أراد .. وليس عدلا أن يتحمل طرف ، ثمنها الباهض لوحده .. لا يستطيع حتى لو حاول … لا يستطيع .. لأن الدمار هائل .. أعظم من أن ينسى .. له رائحة الحزن .. وطعم الفجيعة .. ومرارة الغدر .. وذل الخديعة ..
هل تدركين معنى أن تنزعي طفلا من أمه .. وترميه في الزحام ..؟ إنه التيه .. والضياع .. والفقد .. والقلب الفارغ من كل أمل ..
إنه الليل الأظلم .. يقبل .. يراه قادما .. وهو ما زال يفتش في الزحام .. يتفرس في الوجوه .. بحثا عن ( وجه واحد ) .. والليل يقترب ..
إنها الوحشة بلا مدى .. إنها الوحشة بلا مدى ..
سألتني مرة : ـ كيف حالك ؟ قلت : ـ قبل أن أجدك ، كنت .. تائها يبحث عن تائهة .. أذكر أن الاجابة أعجبتك ، فناديتني نداء رقيقا .. مازلت أحسه في قلبي : ـ يا عمري ..
ها أنذا في دوامة التيه من جديد .. . . . . . .!!
صف الوريقات ، ثم ثناها برفق ، ووضعها في ظرف . . وكتب : العنــــوان :
المرسل اليه : ~~~~~~~~~~~ ص . ب : ~~~~~~~~~~~ المرســل : ~~~~~~~~~~~~
قرر أن يخرج من النافذة ، لأن الباب من الجهة الغربية . الغرب لايأتي بالأمل . . حدث نفسه .. الشمس تشرق من الجهة المخالفة . ( الغــرب ) كذلك .. أكثر ظلمة .. وقسوة .. وغدرا . رمى الظرف في أول صندوق بريد صادفه . جمع موظف البريد الرسائل وبدأ يفرزها . عثر على الرسالة .. بلا معلومات . . بدأ بتعبئة البيانات . .
المرسل إليه : مجهول …… المرســل : مجهول ….. ص . ب : فــارغ ..
كانت هناك مساحة فارغة … قلب الظرف بين يديه ، ثم . . قذفــه . . في الفراغ …… إلى المجهول ..
،
أعتقد .. من الأفضل لأحرفي أن تبقى خرساء بعد كُلّ هذا !
لا أذاقكم المولى كمدًا ،
في أمان الله ~

× جويندا سابقًا .. وطَيْفْ الآن :)