السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عُدت لكُم من جديد . . بعد غيابٍ دام لشهرٍ .. لم أكٌن في مكانٍ عاديّ .. بل كُنت وبعد فراق دام لسبع سنوات ..
في حضن غزّة .. !!
[ حنين ]
مذ دخلت أعتاب غزّة .. اغتالتني تلك الرائحة التي لم استنشقها مذ امدٍ بعيد .. رائحتكِ غزّة
انتعاش غير طبيعي وصل لكل خليةٍ من خلاياي .. أنا هُنا .. أنا هُنا !! هل أصّدق ؟ .. نعم أنا هُنا
مررتُ بالكثير .. ب رفح .. خان يوُنس .. الشجاعية .. حي الزيتون .. دير البلح .. و المغازي .. و
بيت جدّي !!
كانت هناك فتاة خرجت من ذلك الرواق .. وجدتني احتضنها .. لقد كبُرت .. كانت عامين .. واليوم 9 اعوام .. !!
لم تعرفنِي .. لم تتذكرني .. لكنها قادتني الى ذلك الرواق الذي وجدته ضيقاً خلاف ما رأيته قبل سبع سنوات ..
و دخلت الصالة .. و زوجة عمي تستقبلني بالدموع .. وجدتي المُقعدة .. و ياااااه !! لم يتغير شيء . .
[ تمسي كُل يومٍ مكسورة الخاطر ]
كانت غزة حزينة .. أشعرُ بها .. صور الشُهداء مُعلقة في كُل زاوية و على كُل باب ..
عبارات العزاء على كُل حائط .. ام تُراها عبارات تحميسٍ و حيّآ على الجهاآد !! .. و منازل تشوهت بآثار الرصًاص
و كُل يومٍ طائرات الاستطلاع تنذر سماء غزّة .. ان لا ترتاحي .. فأنا هنا ادندن لتمسي بقلق !!
[ أهل .. ورفاق ]
تغيروا كثيراً .. وظهر أفرادٌ غيرههم كُثر ..
أعمامي وابناءهم .. أخوالي و بناتهم .. و الفتياآت اللاتي تغيرن كثيراً .. و قُلن بأني تغيرت ..
سعِيدة .. سعيدةٌ جداً ..
في حضن من لم أرهُم مذ سبع سنوات ..
لم أستطع ان أمنع عيني من ذرف دموعهما في كُل موقف لقاء حميم .. يتخلله الاحتضاآن ..
ورفض كل من الاخر ان يدعـآ بعضيهما
وكأنها لن تذهبوا مني بعيداً ..
شعرتُ بالمنزل يرحب .. وسمعت دندنة لآثارنا تنتشي فرحاً بعودتنا لها .. !!
ولم يزل طيفٌ جدي قابعاً اراه كلما نظرتُ الى مكانه .. " رحمك الله " .. رغم كل شيءٍ اراك ..
[ قلق وخوف .. لم أعتد ]
كل يومٍ اسمع الطائرات تعكر صفو المزاج .. قلقة وخائفة .. و اسأل : لم هذهِ الطائرة ؟
يضحكون علي " يابنت عادِي .. هاي للاستطلاع ما بتعمل شي " .. !! و أجبر نفسي ان لا اقلق .. ولكن الصوت مخيف !!
[ كيف لو كُنتِ أيَام الحرب ؟ ]
سؤال سمعتُه كلما عبرت عن قلقي من سماع صوت طائرة او دبة صاروخ .. او نبأ عن قصف لمنطقة معينة ..
تلقائياً اجدُ من حولي يرددون : " كيف لو كُنتِ ايام الحرب ؟ "
رددتها ابنة عمي : " كيف لو كُنتِ ايام الحرب .. بدت وانا راجعة من المدرسة .. و طيارات و قصف و هلع في الشوارع
و كنت خايفة ع رفيقتي و عشنا رعب وكل يوم قذيفة بتكسر الشبابيك من قوة صوتها و و و "
وخالتي التي روت مأساة !!
" كيف لو كُنت ايام الحرب .. يوم كان القصف جمب داري واتصلت بالاسعاف عشان يجي ياخدني و قال :
في عائلة كانت خايفة من القصف و نقلتها الصبح .. يوم المسا رجعت نقلتهم ميتين " ..
[ دبة دبة شرقا .. و دبة غربا ]
اتابع التلفاز .. يوم ان سمعتُ صوتاً لقذيفتين شرقاً .. على شاطئ البحر حيث يتواجد اخواني وعمي و ابن عمتي !!
وقذيفة غرباً .. !!
قلقت جداً .. خفتُ جداً .. ضحكوا علي كثيراً فالامر عندهم " عادي !! " ..
[ زفافُ لا بُد يُقام ]
فرحُ و زفاف لا بُد يقام له اكثر من ليلة او اثنتين ..
فالحياة تأبى ان تتوقف .. تقاوم لتمشي .. نبأ استشهاد الغير امر عادي .. لن تُهلع الا ام الشهيد و عائلته
والحياة تمضي .. !!
[ اليوم في قصف ] !
دخلت زوجة خالي علينا تقول " نبأ اطلاق المجاهدين لصاروخ .. يعني اليوم اكيد في قصف !! " ثم عاودت تضحك !!
اما انا فوليت هاربةً ولم اعقب بيت جدي لأمي ليلتها اذ انهم في منطقة تسمع كل دبات الصواريخ !! .. ولم اكن للحق مُهيئة
[ أزف الرحيل ]
مر شهر وكان كلمحة عين ..
وكما ذُرفت دموع فرحة باللقاء .. كمثلها ذُرفت دموع الوداع ولكن أكثر حُرقة و ألم ..
و جدتي التي قطعت فؤادي حين قالت : يا تُرى أأكُون حيّة لمقدمهم لاحقاً ام يُواريني التُراب " !!
,
وانا في طريقي الى المعبر .. سمعتُها تهمس لي .. أي ابنتي .. " رغم كُل شيءٍ سأحيى "
ابتسمت والدمع يجري على الخدين .. : أي أمي غزة .. انني اعشقك رغم كُل شيء
رغم تلك المباني المهدمة .. و ضيق العيش والحصار
رغم الخوف المستمر وعدم الاطمئنان
رغم تلك الطرق المخربة و صور الشهداء التي تحزنني
وعبارات الجهاد التي تجعلني اشعر مرارا انني في ساحة حرب
اني احبك غزة .. لاني ومهما عشتُ بعيدةً عنك اظل ابنتك !!
,
فضفضة !!
لا تنسوا ذكر الله والصلاة على الحبيب

رد مع اقتباس

المفضلات