|| ليتني كنت مكانه || قصة بقلمي × حزب المواضيع النثرية ×

[ منتدى قلم الأعضاء ]


النتائج 1 إلى 14 من 14

مشاهدة المواضيع

  1. #1

    الصورة الرمزية dream flower

    تاريخ التسجيل
    Jan 2011
    المـشـــاركــات
    4,871
    الــــدولــــــــة
    العراق
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي || ليتني كنت مكانه || قصة بقلمي × حزب المواضيع النثرية ×







    منذ متى وأنا هنا ؟ لا أعلم ...
    في كل مرة أحاول فتح عيني ما تلبث ان تغلق ,
    هذه المرة إستطعت فتحتها ولكن لماذا ؟ لماذا تعاد الي تلك الذكريات الآن ...

    ها أنا ذا أبلغ الخامسة عشر من العمر ,
    إسمي " إيدين آلستون " أقيم في إحدى ضواحي لندن ..
    - إيدي بني , العشاء جاهز
    ((
    حاضر )) ... هذا صوت أمي ,
    كم أكره الجلوس مع والديّ مع أني الإبن الوحيد لهما ,
    كيف لي أن أسامح من كانا السبب في معاناتي .
    فأنا أعاني من مرضٍ في القلب منذ صغري
    وهذا ما دفع والديّ الى حرماني من اللعب ككل الاطفال ,
    كل ما تركاه أمامي جهاز حاسوب و تلفاز .
    كنت أجلس في غرفة فارغة من أي لعبة
    و كنت لا استطيع اللعب في المتنزهات .
    لم أجد سوى أصدقاء تعرفت عليهم من الانترنيت والذين لا تربطني بهم أي علاقة .
    و يا للسخرية ! مع كل إحتياطاتهما تنتابني نوبات من مرضي .
    لا أجد من ينفعني سوى دوائي الذي لا يفارق جيب بنطالي .

    - كيف هي الدراسة يا بني ؟ هل تحتاج الى مساعدة ؟
    قالها أبي و هو يعرف الجواب مسبقاً ..
    ولكن هذه المرة أمي هي التي أجابت
    - لا داعي للقلق عليه يا عزيزي .. فولدنا ذكي جداً ..
    ذكي جداً ... مللت من سماع هذه الكلمات التي لا معنى لها ,
    أنا شخص عادي أحتاج الى حضن دافئ يؤيني في أوقات ضعفي
    أريد أن أجد بجانبي شخصاً أحبه , صديقاً أثق به .





    ذات مرة كنت أسير في طريق المدرسة ذاته الذي أسير فيه كل يوم ,
    هناك شي ما مختلف هذه المرة .
    لقد رأيت فتاةً جالسة على الرصيف ضامةً رأسها بين يديها ,
    في البداية لم اهتم لأمرها , تعديتها بخطوات عديدة ...
    لا أعلم ما الذي أعادني اليها , دون شعور مني عدت اليها قائلاً :
    هل هناك مشكلة ايتها الفتاة ؟
    نظرت اليّ والدموع تملئ وجهها ثم ما لبثت ان مسحتها قائلة : آسفة ! هل سببت لك الإزعاج ؟
    تفاجئت من ردة فعلها وقلت :
    لا ... ولكن
    لا اعلم لماذا عُقد لساني عن الكلام , فعلاً ما الذي أريده منها ! لماذا عدت إليها ؟
    فوجئت أكثر حين قالت الفتاة : لقد توفيت أمي قبل شهر , أنا حزينة فقط .
    قالت تلك الكلمات و ركضت في الطريق الآخر .
    وقفت لبرهة دون أن افهم ما الذي جرى ((
    توفيت أمي قبل شهر , أنا حزينة فقط )) ,
    ألهذه الدرجة فقدان احد الوالدين شي محزن ؟! .
    هذه هي الحقيقة التي لم أدركها مبكراً ...
    عدت الى المنزل و كأن شيئاً لم يكن ,
    ولكن كلمات تلك الفتاة لا زالت تتردد في أذني . ((
    أنا حزينة فقط )) .

    كنت أنتظر اليوم التالي بصبر ,
    فقد كان يوم عطلة . إحتجت الى الراحة بعد شعوري بالتعب
    ولكن طلب والدي كان غريباً جداً
    - إيدي ما رأيك أن نخرج في نزهة أنا و أنت فقط ؟
    ضحكت في نفسي وقلت نزهة ! منذ متى وأبي يطلب هذا الطلب ؟
    ((
    آسف , لدي إمتحان غداً ويجب أن أدرس ))
    قلت ذلك بكل برود وأنا أرى وجه والدي الحزين .
    ثم ذهبت الى غرفتي وأنا مرتاح البال
    حتى جاء ذلك المساء الذي غيّر كل شي في نفسي .
    فتحت أمي باب غرفتي بفزع قائلة ((
    إيدين , والدك في المستشفى . لقد تعرض لحادث , هيا بنا ))
    نظرت إليها وقلت ((
    آسف , لدي إمتحان غداً . لا أستطيع )) ,
    إستطعت تمييز دموعها التي إنهمرت ثم تركتني وغادرت .
    بعد عدة دقائق سمعت صوت الباب يُغلق , لقد غادرت أمي .
    من المفترض أن أشعر بالراحة لأنني سأكون وحيداً
    ولكن ما سر هذا الإحساس الغريب .
    ها قد عادت كلمات تلك الفتاة تتردد في إذني ((
    توفيت أمي قبل شهر , أنا حزينة فقط )) .





    خرجت من غرفتي وكان في نيتي الخروج لأستنشق بعض الهواء
    فقد شعرت بضيق في نفسي هذا أمر إعتدت عليه .
    نظرت في الجهة الأخرى و تحديداً الى غرفة والديّ ,
    لم أدخلها منذ بلوغي التاسعة . فضول شدّني لفتح غرفتهما .
    لم أستطع مقاومته .
    لم يكن هناك ما شّد إنتباهي سوى دفتر كان مرميّاً على الطاولة
    أخذته و بدأت أقلب بين صفحاته ... الواضح أنها مذكرات أمي ولكن ..
    إسمي مكتوب هنا .. سأقرأ

    * اليوم الرابع من مارس ,
    سأقول انه اليوم المشؤوم بالنسبة لنا...
    ففي هذا اليوم عرفنا ان إيدي مصاب بمرض في القلب وتعليمات الطبيب كانت الا يرهق نفسه ,
    ولكنه صغير ! كيف له الا يلعب كباقي الاطفال ...
    أضطررنا الى شراء حاسوب له مع أنه كان مكلفاً بالنسبة لنا , أردنا الا يشعر بالنقص ...... *

    وبدأت أقلب أكثر حتى توقفت عند جملة مكتوبة في النهاية
    أضطرتني الى قراءة الصفحة كلها

    * اليوم الحادي عشر من ديسمبر ,
    كان الجوّ بارداً جداً . وهذا أثّر على صحة إيدي ..
    صحيح أنه في العاشرة من عمره الآن ولكنه لا يزال صغيراً في نظري ويحتاج الى رعاية ولكن ...
    أشعر أنه يبتعد عني كل يوم ,
    أعلم تماماً أنه يكرهنا لأننا لم ندعه يعيش تلك الحياة
    التي كان من المفترض أن يحياها ولكنه شعور لن يفهمه الان .
    أنا و زوجي نتألم أكثر منه .
    حين اراه يتألم من مرضه أردد كلام زوجي الذي قاله منذ ان عرفنا بمرضه "
    ليتني كنت مكانه " *

    (( ليتني كنت مكانه )) ألهذه الدرجة يصل حبّ الوالدين ؟!
    لم أستطع إخفاء دهشتي الكبيرة من هذه التضحية ...
    لم أتمالك نفسي , لا ... لا يجب أن أبكي , لا أريد لدموعي ان تسقط ...
    لكني لم استطع منعها لقد بدأت أبكي دون توقف ,
    جلست في زاوية الغرفة وانا اضع رأسي بين يدي تماماً كما رأيت تلك الفتاة
    وتلك الكلمات تتردد في أذني
    ((
    توفيت أمي قبل شهر , أنا حزينة فقط ))
    ((
    ليتني كنت مكانه )) ...

    لا اعلم كم من الوقت بقيت هكذا
    لكني صحوت فجأة حين تذكرت ما قالته أمي
    ((
    إيدين , والدك في المستشفى . لقد تعرض لحادث , هيا بنا )) .
    مستحيل ... يجب أن أكون بجانبه الآن
    خرجت اركض من المنزل متوجها الى المستشفى ,
    كم أنا أحمق لا شك بانه كان حزيناً مني هذا اليوم .
    أبي ارجوك تماسك .. أبي ((
    ليتني كنت مكانك )) ..





    بدأت أركض دون توقف , بل حتى أني نسيت طلب سيارة أجرة .
    لم أشعر بنفسي حتى بدأ صدري يؤلمني ,
    يا الهي إنه الم فظيع . ألم يمنعني من الركض لابد لي من التوقف لبرهة .
    بدأت التقط انفاسي بصعوبة .. أخرجت الدواء بيدي المرتجفتين وتناولت منه .
    جلست على الرصيف لأرتاح قليلاً .. لقد فهمت الآن ,
    لماذا لم يسمحا لي باللعب حين كنت صغيراً ..
    إنه تماما كما أشعر به الان ,
    الخوف من فقدان شخص عزيز عليك . كم كنت أحمق !
    يا الهي أشعر بثقل كبير في رأسي ,
    أنا متعب جداً ,
    لم تعد الصورة امامي واضحة الآن .

    منذ متى وأنا هنا ؟ لا أعلم ...
    في كل مرة أحاول فتح عيني ما تلبث ان تغلق ,
    هذه المرة إستطعت فتحتها ,
    نعم ... إنها أمي على شفتيها ابتسامة جميلة , ما سببها يا ترى ؟
    - هل أنت بخير يا إيدي ؟
    بخير , نعم ربما أغمي عليّ وانا في طريقي الى المستشفى ,
    نعم المستشفى .. ابي !! نهضت بفزع وصرخت ((
    أين أبي ؟ ))
    - لا تقلق إنه بخير , لقد نجحت عمليته واستعاد وعيه لكنه لم يستطع القدوم لرؤيتك .
    قالتها ولا تزال محتفظة بتلك الابتسامة ,
    هذا يعني انه بخير حقاً .. الحمد لله ..
    الآن فهمت كم أحب والديّ , أنا آسف حقاً لجهلي ...
    لست مضطراً لأفقد أحدهما حتى أفهم كم أحبهما ...

    - النهاية -





    التعديل الأخير تم بواسطة هيفاء البنيان ; 2-5-2012 الساعة 10:54 PM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...