" مصارحة "

[ منتدى قلم الأعضاء ]


النتائج 1 إلى 14 من 14

الموضوع: " مصارحة "

مشاهدة المواضيع

  1. #1

    الصورة الرمزية أنا وأختي

    تاريخ التسجيل
    Feb 2008
    المـشـــاركــات
    935
    الــــدولــــــــة
    جزر القمر
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي " مصارحة "

    "مصارحة"





    منذ صغري كنت أواجه مشكلة , قد لا تبدو لأيٍّ من الناس مشكلة ذات بال , ولكنها باتت تشغل تفكيري مع الوقت .

    سأخبركم بمثال , خرجت أمّي من البيت ذات يوم وتركتني برفقة بعض المربيات بصحبة أطفال الجيران في منزلنا – حتى يسلّونني- , المهم في الأمر:

    كسرت آنية عزيزة على والدتي جدًّا..وعند عودتها فجعت, بل صرخت صرخة مدوّية وتعابير الصدمة على وجهها , توجّهت نحوي ثم رفعت ذقني بيدها الناعمة : "حمّودي كسرتها صح؟"

    ولحسن الحظّ فقد وهبني الله وجهًا بريئًا منذ الطفولة وحتى الآن – حسب رأيي- , قلت لها : "كلا يا أمّاه !"
    فصدقتني بلا سؤال آخر وذهبت لسؤال آخرين .


    قد يقول البعض حسنًا وما الغريب في الأمر ! طفل خائف .. ولكن صدّقوني المشكلة أكبر بكثير ..


    * *

    في مرحلة ما بين الطفولة والمراهقة , أعجبت فجأة بابنة الجيران , ولا أقصد بهذا سارة , التي تقضي معظم وقتها معي , ولكن فتاة أخرى .. كانت هادئة جدًا ودائمًا ما تنعزل وحدها و تلعب , أو تقرأ أو تحلّ لغزًا ..
    وكنت أرى كل حركة من حركاتها , وكل شبر منها ليس سوى قطعة من الجنّة ..
    هذا جنون , ولكن هذا ما كنت أشعر به حينذاك, وكنت أشكّ أحيانًا إن كانت قد لحظت وجودي من قبل !
    كم تمنّيت لو أخبرها : "أحبّك " , "أنا معجب بكل جزء منك"
    أو حتى : "أحبّ حتى نظاراتك " , "أحب الأرض التي تمشين عليها "

    بدلًا من هذا كنت أكتم هذه المشاعر في أعماق قلبي ! أو أكتبها أحيانًا شعرًا ...


    * *

    باختصار , يصعُب عليّ أن أصارح أحدًا .
    حتى في أتفه أموري .
    بل حتى في أتفه ملاحظاتي عليهم .

    أما الملاحظات فحدّث ولا حرج , ماذا لو كان بإمكاني إخبار صديق جديد : "أنت غير مريح بالنسبة لي"

    أو حتّى معلمّ أكرهه : "أنا أكرهك" , أو أي شخص يتملّقني : "عزيزي صدّقني أنا أعلم أنّك تتملقني الآن" .

    في الحقيقة , كلنا نعجز عن قول أشياء كهذه !

    ولكن, في لحظة مضيئة في حياتي, قرّرت التوقف عن الحياة بالكذب وإخفاء المشاعر ..
    وأدركت أن هذا هراء ..

    من ذا الذي يحبّ شخصًا لا يمتاز بالـ "الشفافية" ..

    ومن ذا يثق برأي شخص "مجامل" مثلي.

    والآن , مرت بضع سنوات قضيتها بوضوح وأتذكّر جيدًا كل يوم منها , لأنه بالطبع لم يكن يومًا مزيّفًا .. بل كانت كل دقيقة فيه "حقيقيّة تمامًا " .

    في البداية , قلت لنفسي: عليك أن تبدأ بالتدريج , فهكذا تتم التغييرات العظيمة .


    * *


    كنت أتشارك غرفتي مع أخي صالح , وهو بالمناسبة يشخر كثيرًا أثناء نومه , ويزعجني بألعاب الفيديو حال استيقاظه!

    كان جحيمًا ..

    ولكن , لم أخبره مسبقًا بأي شيء .

    ذات يوم قلت : "صالح.."

    رد عليّ وهو ممسك بيد التحكم : "نعم "

    - أوقف اللعبة قليلاً أريد أن أخبرك أمرًا .

    فأوقفها والتفت إليّ : "هات ما عندك"

    - حسنًا عزيزي وأخي صالح , في الحقيقة أنت تزعجني في كل أحوالك , نائم كنت أم مستيقظ .

    سادت لحظة من الصمت .

    - قهقهة عالية من أخي –

    ثم قال لي بصوت يخالطه الضحك : "حسنًا يا "عزيزي!" وما المطلوب منّي؟ "

    شعرت بصدمة , إذ كنت أتوقّع لمصارحتي أثرًا أكبر , جديًا أكثر !

    فخرجت من الغرفة مخفيًا غيظي .


    وما إن ابتعدت حتى بدأت أعاتب نفسي وأوبّخها ..

    "يا للتفاهة ! " , "يا لهذا الأسلوب" !

    ولكنّي ما زلت في بداية الطريق , ومن بدأ طريقَ الحق لا يثنيه عن إكماله شيء.


    * *


    في المحاضرة الأخيرة في الجامعة , دخل الدكتور أحمد , بعد أن انتهت المحاضرة وقفت واستأذنته في السماح لي بالكلام , فأذن لي :

    "تفضل يا .. ما اسمك ذكّرني؟ "

    "محمد"

    - نعم تفضّل هل لديك إضافة ما أو تعليق؟

    - لا يا دكتور !

    - حسنًا إذن ؟
    - أنا أكرهك ..

    - وضّح ما تقول , فسمعي ثقيل!

    - قلت لك إنّي أكرهك , هل تفهم ؟ أنا أ ك ر ه ك !

    بصوت لا مبالٍ , في وسط نظرات الدهشة من الطلاب قال لي:
    - اخرج حالاً !

    ولست بحاجة لإخباركم أنّي وجدت أمام مادته حرفًا غريبًا !

    "F" ?




    * *

    بعد المصارحة تختلط المشاعر عليّ , أرتاح .. ثم أغضب , أهدأ ثمّ أثور .

    أخبرت الكثيرين بمشاعري تجاههم , سواء الإيجابية أو السلبية ولأذكر لكم مثالًا على الإيجابية :
    "زهرة" !

    نعم , محبوبتي القديمة , صحيح أنّها لا تعني شيئًا لي الآن ..

    ولكن لأن الشفافية صارت تسري في دمي , توجهت بغير شعور منّي إلى منزلهم وكنت أعلم أن أخوها الصغير هو من يفتح الباب دائمًا , قلت له : "نادِ أختك زهرة, وخذ هذه الحلوى لك !"


    ولو تسمعون دقّات قلبي في اللحظة التي مثُلت فيها أمام ناظري!

    عدت من جديد ذلك الصبي الطائش ..
    رأيت الملاك واقفًا أمامي !
    وتعابير الدهشة على محيّاها اللطيف , قبل أن تتحدث صرخت : "أحبّك يا زهرة ! أحبّك أكثر من نفسي!"

    تدراكت نفسها وغطّت وجهها عنّي هاربة .

    بعد هذا الموقف الشفاف , العاطفي , الشاعري ....


    حُرمت من الدخول لبيتهم الكريم , والأدهى من ذلك ضربت مرة وأنا متجه إلى المكتبة , من قبل رجل عجوز ... يشبه بطريقة ما "زهرة" لو كانت عجوزًا !


    ..

    بعد فترة من ممارسة "العفوية" ! والتلقائية , صرت صادقًا حتى بخصوص أفكاري العابرة!


    وأنا جالس بين أصدقائي – الذين بالمناسبة يتناقصون مؤخرًا لأسباب أجهلها – قلت لفارس ( وهو الفتى الهادئ بيننا) : "أشعر أحيانًا أنّك معقّد ومملّ !"

    نظر إليّ بهدوء كعادته , ولم يردّ بكلمة واحدة .

    شعرت بالإهانة في واقع الأمر .


    ..

    والآن , مر وقت طويل من سلوكي لهذا الطريق , لم يبقَ لي صديق واحد!

    وعلاقتي بأخي صالح أصبحت متوتّرة بعض الشيء!

    واستمرّيت بالرسوب في مادة دكتور نسيت اسمه!


    لا يهمّ ...

    خسرت الجميع , ولكنّي ربحت نفسي .


    - النهاية -

    * شكرًا للصديقة الجميلة : غصن البان على تشجيعها لي ~


    التعديل الأخير تم بواسطة أَصِيلُ الحَكَايَا ; 17-2-2013 الساعة 11:42 PM سبب آخر: بوركتِ أنا وأختي،وسدد الرحمن خطاكِ ~

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...