مقال للكاتب العراقي "علي الكاش" . . عن الاحتلال الفارسي الإيراني للعراق في عصرنا الحاضر
(نقل بتصرف)



الدولة الصفوية الثالثة في العراق (2003 -2013م)

التاريخ يعيد نفسه أحيانا رغم تغيير الظروف والشخوص. فالإحتلال الفارسي للعراق حاليا على سبيل المثال، ليس بظاهرة جديدة بل هو حلقة في سلسلة من الإحتلالات لها بداية وليس لها نهاية كما يبدو. فأطماع الملوك الفرس من كوتارتا حونتا وريمسين وكورش وكسرى وإسماعيل الصفوي وعباس الصفوي والشاه محمد رضا بهلوي والخميني والخامنئي ومن سيليهم لم تتغير رغم تغير الزمن والأنظمة السياسية. جميعهم لديهم نفس القواسم المشتركة. كراهية العرب، التوسع الإستعماري، النزعة الشوفينية، الغطرسة والتعنت، تمجيد الملوك المجوس، إستذكار الامبراطورية الفارسية القديمة ومحاولة تجديدها.



لقد كانت اسوأ الإحتلالات للعراق بلا جدال هما الإحتلالين الفارسي والمغولي. فقد اعتمدوا سياسة المكائد والفتن وشراء الذمم ونقض العهود والفتك بمن والاهم ومن عارضهم على حد سواء.
ولأخذ صورة مبسطة عن دخول الشاه عباس للعراق عام 1623 ونقارنها بالوضع الحالي. نلاحظ إنه بعد أن عجز الشاه عن دخول بغداد رغم حصارها الشديد من قبل قواته الغازية، ولم يتمكن منها إلا بعد أن حاك مكيدة خبيثة اشترى فيها ذمة(محمد)ابن والي بغداد حينها(بكر آغا) حيث تآمر مع الإبن العاق على أبيه، بعد أغرائه بأن يحل محل أباه وأن يفتح له خزائن الدنيا، وفعلا فتح له أبواب المدينة ليلا ومكنه من إحتلالها وقتل أبيه الوالي.

أول عمل قام به الشاه عباس الصفوي بعد
نهب وتدمير المدن والقرى التي مر بها في طريقه لبغداد هو حلٌ دواوين الدولة وقتل كبار رجال الحكومة، وتصفية كبار العسكريين، ثم توجه لإغتيال رجال الدين السنة وخطباء الجوامع ثم هدم جوامع السنة وعاث فيها فسادا وخرابا.
ويذكر الأعظمي بأنه قد "فتك بالسنة فتكا ذريعا" وإستولى على أموالهم كغنائم حرب، وارتكب جنوده السلب والتخريب واغتصاب النساء. ثم حج الى كربلاء والنجف وعمرهما، وقرب اليه علماء الشيعة وأغدق عليهم بسخاء، ثم قفل راجعا بعد أن ترك(5000) جندي لحماية الأضرحة والمراجع الدينية بإمرة القائد الفارسي(صفي قلي خان)، بعدها توجه الى رؤساء العشائر العربية لشراء ذممهم، بالترغيب تارة والترهيب تارة.

نفس الأعمال الهمجية تكررت مع
الغزو الفارسي المجوسي الجديد للعراق.. تآمر ومكائد وفتن طائفية وقتل واغتيالات على الهوية المذهبية، ونهب واغتصاب واعتداء على أهل السنة وتدمير مساجدهم ومصادرة أملاكهم وغنِم أموالهم.
في الجانب المقابل أمن الشاه الصفوي حماية العتبات المقدسة بجنود فرس، (وحاليا الحرس الثوري وفيلق بدر يؤمنان الحماية للأضرحة والمراجع العليا). وعمّر العتبات المقدسة ووزع المناصب العليا على الشيعة. وجعل المراجع الدينية هي صاحبة القرار الأول والأخير في شؤون الدين والدنيا.



الإحتلال سواء كان من قبل دولة متحضرة أو بربرية تكون نتائجه واحدة. وخير شاهد على ذلك تصرقات الجنود الأمريكان في العراق ومنها فضائح سجن أبو غريب. لم نرى حضارة امريكية بل همجية وبربرية تتبع شريعة الغاب.

لكن الإحتلال الفارسي منذ العهد الصفوي تميز عن غيره بميزة خاصة، وهي إنه لم يكن عادلا في ظلم جميع العراقيين كالبقية، بل إستهدف
أهل السنة فقط. وهو نفس ما يجري حاليا في الدولة الصفوية الثالثة في العراق بعد عام 2003.



من البديهي والمنطقي إن تحمل الشعوب التي خضعت للإحتلال، الضغينة والحقد للقوى التي احتلتها، وتتناسب شدة الضغينة تناسبا طرديا مع طول فترة الإحتلال وقسوته.

أما عند الشيعة (وهنا تكمن كارثة العراق الكبرى) ، فهم يهيمون بحب الفرس رغم تاريخهم الأسود مع العراق بشكل عام منذ أول غزو وحتى الغزو الحالي! ، وهذه مفارقة تثير ألف علامة استفهام وألفي علامة تعجب.

فالمراجع الشيعية معظمهم من الفرس، كأنما أهل البيت كانوا من الفرس وليس عرب أقحاح، أو شيعة العراق يفتقرون الى مراجع دينية !!، رغم أن جميع آيات الله العظمى والصغرى من الفرس لا يحفظون سورة واحدة من القرآن الكريم، ولا يستطيعون قراءة آية من الذكر الحكيم بلسان عربي فصيح! . في حين يوجد العديد من المراجعية الشيعية العراقية، لكنهم غير محظوظين بكسب الشيعة لصفهم.

بل إن المراجع الفارسية أنفسهم وهم يعيشون مع شيعة العراق ويتسيدونهم جعلوهم كالعبيد لهم، ويستنزفون أموالهم ويعبثون بشرف نسائهم، فهم راضون عن مراجعهم كل الرضا، وهذه حالة تثير القرف!.



هذا السيستاني الذي يسمي نفسه المرجع الأعلى، هل أخرج يوما رأسه من كهفه وتحدث مع عوام الشيعة؟ هل ألقى خطبة أسبوعية أو شهرية أو سنوية أو عقدية بشيعته؟ حتى بابا الفاتيكان يزور الدول ويلتقى بشعوبه ومريديه أو يطل عليهم كل يوم أحد من شرفة الفاتيكان.
هل التقى السيستاني بوفد إعلامي عربي كان أو أجنبي؟ هل يتمكن من محاورة أي عالم سني مباشرة وعلى الهواء في أي برنامج ديني؟ أتحداه أن يفعلها هو أو بقية المراجع الأجنبية، لأن ورقة التوت الأخيرة ستسقط عنهم وتفضحهم.

هل ردّ السيستاني على دعاوي بريمر ورامسفيلد بشأن عمالته والرشاويالتي تلقاها منهم نظير خدمتهم؟ وهي فضائح تخزي ابن الشارع فكيف بمرجع ديني أعلى؟ وكيف فسر سكوته المريب عن إرجاع هيبته وكرامته المهدورة؟ هل خرج السيستاني للقاء الشيعة في مواسم عاشوراء كأبرز مناسبة للشيعة؟ وهل طبر مع المطبرين ولطم مع اللطامين وبكى مع البكائين؟ هل زار مرقد الأئمة منذ أكثر من عقدين وهم على قرب من سردابه؟

إذا كان آية الله لا يحفظ شيئا من كتاب الله ولا أحاديث رسول الله، ولا يتقن اللغة العربية، ولا يرغب بلقاء من يعيش على أموالهم وخيراتهم، ولا يزور ائمتهم، ولا يدافع عن شرفه وكرامته، ويزكي العملاء واللصوص والفاسدين، ويحمي من يعبث بشرف "الزينبيات"، ويكذب على الشعب. فهل هذ صفات لزعامة دينية أم لزعامة عصابة إجرامية؟



صحيح إن إيران دولة شيعية ولكن هذا ليس مبررا فاعلا لكي يتضامن الشيعة العرب معها حقا وباطلا، ويعملون لأجلها لا من أجل بلدانهم!.
إن موقف النظام الحاكم في إيران مع بقية الدول والشعوب ومع مواطنيها أنفسهم هو العامل الأول لتقييم نظامها.

كما إن من يُعيد صناعة الإسلام بطريقة مشوهة ويصدره كثورة إسلامية معلبة للدول الإسلامية التي هدته إلى لإسلام وأنقذته من نار المجوسية. هو فعل غير عقلاني، بل يدخل في خانة العداء للعرب، طالما إنه يقوم على صناعة الفوضى والفتن، ويتبنى صيغ التآمر على العرب والعروبة.

إيران هي نموذج الحكم الشيعي، وتمثل دولة عنصرية طائفية، راعية للإرهاب تكرهها كل دول العالم وتتعامل معها بحذر شديد. دولة مشاكسة تثير الفتن الطائفية في معظم دول العالم، لها أطماع توسعية معلنة، تتدخل في الشؤون الداخلية لبقية الدول. تزرع الخلايا السرية في مكان، تسلح الحركات المتطرفة، تأوي الإرهابيين والمجرمين، تتعامل مع شعبها سيما العرب والأكراد والبلوش والفرس ممن يعارضون حكمها بعنف وقسوة وظلم. ترتقي أعلى درجات سلم الإعدام في العالم.
وتتصف بخنق الحريات العامة وإنتهاكات حقوق الإنسان. تصرف المليارات على الصناعة النووية وشعبها يتضور جوعا. سياستها الخارجية فاشلة (بإستثناء العراق وسوريا ولبنان) . . علاقاتها الدولية متأزمة مع جميع دول العالم. وهذه الدول العربية الثلاث تخضع خضوعا تاما لإرادة الولي الفقيه وتوجيهاته. وهذا ما عبر عنه قادتها بكل صلافة ومنهم قاسم سليماني.



لذا نجزم القول بإن إيران دولة فاشلة بكل المقاييس الوطنية والإقليمية والدولية، فاشلة مع شعبها ومع محيطها الجغرافي والعالمي.

إن إنقياد الزعماء العراقيين الى ولاية الفقيه يمكن تفهمه وليس قبوله، فهم صنيعة ذلك النظام المستبد ومعظمهم يحملون جنسيته أو من ذوي التبعية الايرانية. والنظام الإيراني هو الذي أسس لهم الميليشات ودربها وسلحها ومولها وما يزال ينفق عليها بسخاء لتعبث بأمن العراق وتنفذ أجندة ولاية الفقيه.

كما إن النظام الإيراني هو الذي سلمهم الحكم في العراق بتفاهم مسبق مع الشيطان الأكبر والكيان الصهيوني.

وهذا ما عبر عنه (السير كيران برندرغلست) نائب كوفي عنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة:
"لا أعرف فيما!ذا كان الإيرانيون يركعون فعلا لله، ولكن إن كانوا فعلا يؤدون ذلك! فيجب عليهم أن يركعوا يوميا للرئيس بوش، ويبتهلوا له بالشكر لشنٌ الحرب على العراق، فقد عزز مكانة وقوة إيران في منطقة الشرق الأوسط".
وأشار الكاتب البريطاني (جون كامبفنر) بإن ايران
"هي الفائز الوحيد من الحرب على العراق".



لذا فإن حكام العراق حاليا هم إذرع الأخطبوط الفارسي في العراق، والمنفذون لأجندته. لذا لم نلاحظ زعيم أي حزب شيعي او نائب في البرلمان أو وزير منذ الغزو ولحد الآن قد وجه مجرد نقدا للنظام الأيراني رغم جسامة وخطورة تدخلها في شأن العراق.


. . . . . . .

انتهى