ليتهم يتحسسون ضجيجاً قام بهم ! ~

[ منتدى قلم الأعضاء ]


النتائج 1 إلى 9 من 9

مشاهدة المواضيع

  1. #1


    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المـشـــاركــات
    1,564
    الــــدولــــــــة
    مغترب
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    Pen Icon ليتهم يتحسسون ضجيجاً قام بهم ! ~




    في خضم هذه الحياة، ولد ضجيج من أم لم أعرفها، ولم يسبق لي أن ألتقيتها، تركت ابنها في طريقي، ولا أدري أي مسلك سلكت حين رحيلها .

    وكأنها بلغت أقصى حدود تحملها، فكان صعب عليها أن تضيف فرداً آخر لعائلتها، لستُ واثقة ما إن كان اختيارها لي عشوائياً، لكنها بالتأكيد ظنت أنني على مقدرة على الاعتناء بالضجيج ابنها !

    من أين أبدأ ؟، وكيف سأختار الأسلوب لحكاية الفوضى العارمة التي أحدثت في حياتي !
    امرأة مصروعة في داخلي تتخبط هنا وهناك، تصرخ وتبكي وتنوح !، وتوجعني كثيراً .


    في الصبح الذي عزمت فيه على ترك المسار الطبي للأبد، لا أدري حتى إن كنت أرغب بإكمال الجامعة، لكنني لم أعد أطيق اسمها فجأة ولسبب أجهله .
    جهزت خطابي الليلة الماضية، وكان مكتوباً بأسوأ أسلوب .
    صحيح ! فقد بدأت أشعر وكأنني أفقد عربيتي فجأة، فصارت الكتابة أصعب من ذي قبل، من الجيد أنني أكتب الآن شيئاً أظنه مفهوماً ! .


    وعدت نفسي أن يكون صبحي الأخير في الجامعة !
    وبعد أن انتهيت من ارتداء ما علي، طرق باب الغرفة فجأة ودخل أحدهم دون أن أعطيه الإذن !
    لقد كان أبي .


    تجاهلت وجوده ورحت أمام المرآة أتصنع الانشغال، فلست بحاجة لوصف مزاجي حينها، لا أريد التخاطب مع أحد كي لا أخطئ في شيء ما .


    تقدم بخطواته لداخل الغرفة، وقف بجانب السرير وإلتقطه من هناك . لقد كان معطفي الأبيض .
    وقف به خلفي ليلبسني إياه، تعجبت قليلاً لكنني جاريته، وارتديت المعطف من يديه .


    سألني" كيف يبدو ؟ "
    فأجبت " ثقيل، يعزل الجسد عن الهواء، وكأنك ترتدي خمسة طبقات من الملابس، يظهرك بمظهر البدين، ولونه الأبيض يصيبك بالغثيان "


    فقال" هكذا إذن ". ثم انصرف




    غادرت المنزل برفقة السائق، قطعنا ذلك الطريق ذا الساعتين !
    أجل، كلية الطب خارج حدود المدينة !


    وصلنا، ودخلت، توجهت للمحاضرة الأولى، انتهت، خرجت قاصدة مبنى الإدارة وبيدي الخطاب !
    سرت مرتعدة وأنا أنظر للأشجار الجرداء من حولي، مررت بالمشرحة، وقد كانت مكاني المفضل، توقفت عندها قليلاً، فكرت بالتسلل لآخر مرة، حتى رأيتها تخرج من هناك !


    " نسيم كادي "كان لاسمها الصدى الأكبر في الجامعة، تخرجت قبل خمس سنوات من قسم الجراحة، وهاهي الآن تزور الجامعة من حين لآخر ..


    حاولت الاختباء فلم أشأ أن ألتقي بها، وكما هو معروف عن دقة ملاحظتها، بصرها الذي كان أسرع مني .


    " ميرآل ! "


    التفت بعد أن أيقنت أنه لا مفر من محادثتها قليلاً .


    " مرحباً آنسة نسيم "
    " إنها أنتِ فعلاً، خشيت أن أخطأكِ "
    " مثلكِ لا يجب أن تخطيء في المرة الثانية "
    " ههههههههـ إذن أنتِ تصدقين ما يقال عني هنا "
    " أليس الأمر وكأنك البطلة التي كافحت حتى نجحت في التحرر من قيود هذا المكان !، أتعجب مالذي تشتاقينه تحديداً لتزوري الجامعة من حين لآخر ؟! "
    " يبدو أن حديثنا سيطول، تعالي لنجلس في المقهى "


    وبعد أن جلسنا أكملت قائلة : " راودني ذلك الحزن العميق عندما تركت الثانوية، كدت أفقد عقلي كيف خرجت من تلك الجنة لأنتقل للجحيم هنا .
    مرت الأيام حتى بدأت بالرضوخ لواقعي، بالرغم من أنني أعيش أقصى أحلامي وهي دراسة الطب، إلا أنني لم أشعر بتلك الأمنية الكبيرة حين تحققت حتى ارتديت المعطف الأبيض لأول مرة .
    عندما شاهدت نفسي أمام المرآة به، تغيرت نظرتي للأمور كثيراً .
    تذكرت حينها كيف كنت أبكي الليالي راجية أن يكتبني الله مع الذين سيكون لهم نصيب من الدراسة هنا، ثم ولم أدرس فقط !، بل تخرجت بامتياز، واستلمت أفضل الوثائق للعمل، واكتسبت هذه الشهرة التي عرفتك بي الآن "


    اقشعر بدني وأنا أستمع إليها، لا عجب أنها ذكية وتعلم كيف تثير عواطف وقناعة الشخص الذي أمامها بكلامها.


    " ميرآل !، أهناك خطب ما ؟ "
    " لا شيء، فقط كنت أتأمل كلامك مع نفسي، لا أدري بما أعلق "
    " ما نوع المشكلة التي تواجهينها ؟ "
    " أي مشكلة ! ، لا أواجه أية مشاكل على الإطلاق ! "
    " يمكنني معرفة ذلك من الاهتزاز في عينك اليسرى، يبدو وكأنها تستعد للبكاء، مهلاً أنتِ عسراء أليس كذلك ؟! "


    حدقت إليها مدهوشة، لا تفوتها فائتة أبداً .



    " متعبة قليلاً، فالوضع هنا ليس بسهلٍ علي "
    " هذا طبيعي، ستعتادين قريباً، كلنا مررنا بمرحلة الضغط هذه "
    " أما آن لها أن تزول !، فلم أعد في عامي الأول ! "
    " انظري حولك، كم عدد الطلبة برأيك ؟ "
    " لا أدري، لكنني أظنه في تناقص "
    " هنا البقاء للأقوى فقط ! "
    " وماذا إن لم أمتلك تلك القوة ؟! "
    " أتتحدثين عن نفسك ؟! "
    " أتحدث بافتراض "
    " ميرآل، أظنه يعني الغزال الصغير الذي بات قادراً على ترك أمه وخوض الحياة وحيداً، أليس كذلك ؟ "
    " يجدر بي أن أكون ذلك الغزال إذن "
    " بالرغم من أنني أعلم، إلا أنني أريد سماع الإجابة منكِ شخصياً، لماذا اخترتي المسار الطبي في البداية ؟ "
    " لا أدري، ربما لم أختلف كثيراً عن الذي كان يبحث لنفسه عن منصب في هذه المدينة "
    " أمتأكدة ؟! "
    " قلت لا أدري "
    " عدم تأكدك يعني أن هناك سبب آخر، ربما هو غائب عن ذهنك الآن، أتحبين أن أذكرك به ؟ "
    " أتعلمين السبب حقاً، مهلاً يا آنسة، لكن كيف لا يفوتك شيء، هل تتحرين حولنا هنا ؟ "
    " أتذكرين المرة الأولى التي تقابلنا فيها !
    كنتِ في الثانوية حينها، عندما كنت ألقي كلمتي لفتي نظري بين حشود الناس، طالبة صغيرة يافعة، تملك عين يسرى براقة، لم أستوعب وقتها أنها كانت تهتز وبها شيء من الدموع، تفاصيل وجهك تلك التي لن أنساها، عندما تنبع الرغبة صافية وصادقة من القلب، بغض النظر عما يكون الهدف، فقد كانت رغبتك بأخذ مكاني وقتها حقيقية .
    ولا أخفيكِ أنكِ جذبتِ اهتمامي عندما قدمتِ للتكلم معي، وقد حرصت على وجود تواصل بيننا لأنني أردت معرفة الذي ستصلين إليه .
    فوجدتك بارعة، لكِ حسكِ باختيار الأشياء، هواياتك غريبة لكنها جميلة، اهتماماتك مثيرة، والأهم من كل هذا أسلوبك المتفرد في الكتابة .
    ميرآل، في هذه الحياة قلة من البشرية تدرك أهدافها، فلا يكفي أن يكون عندك هدف، بل يجب أن تصل إليه ليكون الهدف ذا معنى .
    انظري إلى نفسك، حتى هذه اللحظة أظن الأمور مضت كما أردتِ، فكري بمستقبل أولئك الذين ينتظرون مساعدتك لهم، فكري في تلك الأرواح التي سيكتب لها الله أن تحيا على يديكِ .
    فكري في تلك الطيور التي قد تغادر الدنيا كما غادرت أختك ! "



    صفعتني ! ، أجل، صفعتني بكلامها، وكانت صفعتها مؤلمة، زاد الاهتزاز في كلتا عيني، وأظنها ترى ذلك الآن .
    أخرجت منديلاً ووضعته أمامي، لا أظنني ذرفت الدموع بعد لكنها توشك على السقوط .
    غادرت، وتركتني وحدي على الطاولة مع منديلها .





    حملت نفسي أنا أيضاً وغادرت للخارج، أتأمل الأشجار الجرداء في مشهد حزين، يؤلمني خفق قلبي، لا أدري إلى أين سأسير الآن ..
    فرحلة الكفاح هنا تشبه قضية " إما أن تبقى حياً أو تسير على خطى الانتحار، ومن درب الانتحار إما أن تبقى حياً أو تذهب ضحية انتحارك هذا ! "


    وقد أدركت المغزى العميق لتلك العبارة .


    " تجاهل جزء من نفسك لتعيش "

    .....


    ميرال خلَف
    Winter









    التعديل الأخير تم بواسطة أَصِيلُ الحَكَايَا ; 18-1-2014 الساعة 02:02 AM سبب آخر: مذهلةٌ أنتِ،ألا أفاء الرحمن عليكِ مزيدا ~

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...