أفكار متقاطعة
الفراق الوداع الحنين والشوق.. كلمات وتعبيرات مجردة لعلها أكثر ما يُردَّد في شعرٍ أو نثر..
أَعَلِمَ أولئك الذين وصفوها عمق معناها؟ أم هل تجرعوا كأس مرارتها؟ أم أنها صارت فقط الأكثر رواجًا واستهلاكًا وبالتالي الأقل تأثيرًا؟
هل صارت المشاعر بضاعةً تستخدم في التجارة؟ أم أنني أحاول فقط احتكار هذا الألم؟
~
المشاعر لا توصف.. هل يمكنك أن تصف احتساءك لكوبٍ من الشاي؟
حلاوة السكر على طرف لسانك، والمرارة اللاذعة في نهايته؟
هل يمكنك أن تصف رائحة العطر التي لا تشمها بأنفك فحسب بل تزورك مع أوراقٍ هاربةٍ من الذاكرة دفعةً واحدة؟
~
كانت لدينا شجرة ياسمين بيضاء.. لم أكن أذكر ذلك..
عندما شممتُ الياسمين مرةً رأيتُ صورة طفلةٍ صغيرة تجمع الأزهار وتضعها في كوب ماء زجاجي وتقدمها لوالدتها.. شاهدتُها تحاول تسلق السور خلف الشجرة وتطرق الباب الحديدي بجوارها..
أتساءل إن كانت هذه الصور قد أُقفل عليها داخل صندوق محكم، مفتاحه مجرد رائحة!
~
الآن عندما أقف هناك أرى خيال الياسمينة البيضاء بوضوح.. لا يمكنني تذكر ما حدث لها.. ولكني أعلم يقينًا أنها كانت هناك..
يحدث لك هذا مع أشياء أخرى..
مع شخوصٍ أخرى..
مع نفسك أحيانًا..
لا تعلم كيف وصلتَ إلى هنا أو متى حدث ذلك..
لا تعلم كيف رحلوا أو لماذا كان عليهم ذلك..
وكلما صحوتَ من نومك صباحًا احتجتَ بعض الوقت لتدرك أنهم لم يعودوا بقربك..
~
لا تبكهم!.. تجرع الغصة بصمت.. لأنهم سيغادرون مع الدموع.. وسيبقون في القلب مع الغصة!
البكاء يجعلك تنسى وأنت لا تريد ذلك..
النسيان سنة الحياة.. والاعتياد رحمة.. ولكن هذه الحقيقة موجعة أكثر..
عش مع الألم.. فالألم يحمل معه ذكرى، ومرارته في نهاية لسانك سترافقها حلاوةٌ في طرفه..
لذلك لا تنس.. رجاءً..
~
لعلّ الأمر يشبه شالاً صوفيًا ثقيلاً.. يمنحك دفئًا في الليالي الشتوية الباردة.. جسديًا وروحيًا كذلك..
لعلك نسيت ولكن روحك لم تفعل..
فهنالك يدان غزلتا هذا الشال غرزةً غرزة..
قصصٌ سمعتها أثناء ذلك..
حماسةٌ منك لتراه مكتملًا..
وضحكاتٌ بعيدةٌ تسألك الصبر..
حياتك مثل هذا الشال.. منسوجةٌ من خيوط الذكريات.. ولكنك اعتدتَ رؤية النسيج مكتملاً فنسيتَ مم صُنع..
افتح عينيك.. أبصر التفاصيل.. ولا تنس.... رجاءً..!
~
مجرد أفكارٍ متقاطعة لن تمانع تجاهلكم لها..!
المفضلات