// رحلة قلم في عالم الأساطير [::] عالم مجنون //

[ منتدى قلم الأعضاء ]


النتائج 1 إلى 12 من 12

مشاهدة المواضيع

  1. #1

    الصورة الرمزية Hercule Poirot

    تاريخ التسجيل
    Oct 2006
    المـشـــاركــات
    3,514
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    Book Icon // رحلة قلم في عالم الأساطير [::] عالم مجنون //



    التجربة الأولى

    هنا لن يزعجني أحد! لم يمكن لعقولهم المتحجرة أن تتفهم عبقريتي الفذة، وقيّدتهم مخاوفهم الخرقاء عن أن يطلقوا العنان لروحي الجريئة، لا وبل هددوني بسحب منصبي وجوائزي العلمية مني، وكأني أعبأ بهم أو أحتاج إلى اعترافهم بي! تبوأتُ لنفسي مختبرًا منعزلًا، لا يعرف بأمره قريب ولا غريب، حيث أستطيع أن أعمل بهدوء وحرية، وأخوض في عمق المجاهل التي يخشون حتى طرق بابها. وعلى ذكر الهدوء، فقد قصدتُ الهدوء من جلبة البشر وغوغائهم، لكن حبذا لو امتدّ الهدوء فشمل فئران التجارب... أو لعلّ من الأدق القول ذئاب التجارب، بَيْدَ أنّ لكل تجربة علمية ضريبة وتضحية.

    نقلتُ العينة رقم 1 من ذئاب التجارب لإخضاعها لعملية ستكون الأولى من نوعها في هذا العصر. قرون قضاها البشر في محاولة لتحويل المعادن الرخيصة إلى ذهب، واليوم أكمل في طريقهم محاولًا تحويل أساطير الخرافات إلى حقيقة. لم يكن هذا ممكنًا قبل سنوات قليلة، بل كان مجرد حديث صحف وقصص خيال علمي، لكن العلم يحتاج إلى عمالقة يخطون به إلى الأمام دون خوف أو وجل من المجهول. وبالعودة إلى عينة التجربة المحبوسة في قفص متين شفاف من الكوارتز، فليس من اللباقة أن أجعلها تنتظر أكثر. ضغطتُ زرًا على الحاسوب أمامي فانطلقت منه الأوامر إلى شبكة دقيقة من موجّهات أضواء الليزر، فتسلّطت على العينة الذئبية وبدأت بمحاولة إعادة كتابة رموز حمضها النووي على صعيد خلوي صُغريّ. استغرقت العملية ساعات قليلة امتلأت بعواء صارخ مزعج تحملته على مضض، ثم غدت النتيجة أمام ناظري...

    ناتج التجربة 1: فشل. مجرد كومة قبيحة عشوائية من الأنسجة الحيوانية. لم أشعر بخيبة أمل، فقد كان متوقعًا أن لا تنجح التجربة من أول مرة بأية حال.

    التجربة الثانية

    إني معجب بسرعة تقدمي، فقد أصلحتُ الكثير من الأخطاء التي ظهرت في التجربة الأولى، ومع ذلك يبقى احتمال... هممم، فلأجرب على أي حال. لا... فشل آخر.

    التجربة العاشرة

    خطر لي أن إضافة خليط كيماوي معين من شأنه أن يسهل عملية تماسك الأنسجة الجسدية ويحافظ على شكل الصورة الخارجية ويحفظها من كثير من التشويه. كانت فكرة مثمرة، فقد بدأ الشكل النهائي للعينة بعد التجربة يتحسن، غير أن العينة ما زالت تقضي نحبها بعد ساعات من العواء المؤلم عقب انتهاء التجربة.

    التجربة 17

    وأخيرًا، تمكنتُ من إبقاء العينة على قيد الحياة بعد انتهاء عملية التحويل. ونتيجة لذلك، صار لدي عدد من العينات الحية المشوهة التي لا فائدة منها.

    التجربة 26

    أعتقد أنني أستحق أن أربّت بعض الشيء على كتفي. صحيح أن العينة ما تزال تحت تأثير الألم والوجع، لكنها تقف على قدمين اثنتين الآن، ويبدو في عينيها بصيص من ذكاء، لكنها لا تستطيع النطق ولا يبدو عليها أي استجابة للأوامر التي أطلبها منها.

    التجربة 41

    ها أنذا أتفوق على نفسي مجددًا. العينة صارت تحمل عددًا أكبر من الصفات البشرية، لا سيما في جزئية الشعر ونصف الجسد السفلي، ولكن وحشيتها ازدادت نسبيًا. لربما ازدادت فيها إفرازات هرمونات الغضب أكثر من اللازم. من الجيد أن لا أحد غيري مطّلع على هذه النتائج، وإلا لتحول هذا المشروع العلمي إلى مشروع سلاح عسكري سرّيّ!

    التجربة 57

    يبدو أنني - وأجدني مضطرًا إلى قولها - ارتكبتُ خطأ في مكان ما. وحشية العينات تزداد تجربة إثر تجربة، حتى إني عدتُ أشك في قدرة الأقفاص الكريستالية على احتوائها وردعها.

    التجربة 63

    حدث المحذور، وتمكنت العينة من تحطيم قفصها وحاولت مهاجمتي ومن بين أنيابها يخرج صوت أقرب للزئير منه إلى العواء. حاولتُ صعقها بتيار عالٍ الجهد لكنه لم يحُل دون تقدمها ولم يشلّ حركتها. ولكني لستُ من يترك أموره للحظ والصدف، ويعتمد على الخطة ب فحسب، فهناك الخطة ج والخطة د وخطط بعدد الحروف الأبجدية أو تزيد. المهم أني أخرجتُ مسدسًا صغيرًا من درج بجانبي وأطلقتُ منه رصاصة تجاه قلب العينة فخرت صريعة ميتة بلا حراك. تجربة أخرى فاشلة، ولكني مدين لهذا المسدس الفضي الجميل الذي ابتعته من إحدى سفراتي من الخارج. إن لم تخني الذاكرة، فكل شيء فيه دخلت الفضة في صناعته، حتى الطلقات، وهذا يجرّ إلى ذهني ذكرى قديمة أخرى لم أتمكن من استحضارها، لكن لا أحسبها مهمة بأي حال!

    التجربة 88

    صارت عندي عادة أن تكون إصبعي على الزناد عند اقتراب انتهاء كل تجربة، وعادة أخرى بضغط الزناد حالما تنتهي التجربة لدى سماع مزيج مرعب من العويل والنشيج والزئير وتحطم القفص. ازداد عدد الجثث وتلونت الجدران بلطخات متفرقة من الأحمر الداكن، ولكني لم أيأس بعد.

    التجربة 103

    أحيانًا يدفع المرء ثمن طموحاته وأحلامه غاليًا. كانت التجربة ما تزال في منتصفها حين انقطع التيار الكهربائي فجأة وانطفأت الأضواء فجأة. حصل كل شيء بسرعة! عواء عالٍ فصوت زجاج متناثر فصوت ثقيل لأقدام حافية مسرعة... عادت الأنوار بغتة بفضل مولد الكهرباء الاحتياطي، فرأيتُ لشدة هلعي أنيابًا كبيرة تنقض بسرعة صاروخية نحو عنقي... رفعتُ يدي اليسرى بشكل عفوي آلي إلى عنقي، فكان هذا آخر عهدي بها، إذ خلّصني منها فكّاه بقضمة واحدة، امتزجت بعدها صرخات المتألمة بزمجرته المتوحشة... ثم ما لبثت تلك الزمجرة أن خفتت تدريجيًا وتحولت إلى فحيح عجيب. التفتّ رغم تأوهاتي فإذا جسد العينة في تضاؤل ويخرج منها بخار كثيف حتى استحالت عظامًا ساخنة في دقائق معدودة. نظرتُ إلى المكان الذي كانت تقبع فيه يدي من جسدي، وقد تمكنتُ من وقف النزيف بأعجوبة، وتذكرتُ الخاتم الفضي الكبير الذي كان يزيّن إصبعي فيها. لعلّ للفضة تأثيرًا سمّيًا خاصًا على هذه العينات...

    التجربة 120

    لم أعد إلى التجارب على الذئاب بعد تلك الحادثة، وصرتُ أكتفي بالتجارب على الفئران الصغيرة، فمشاكلها بالمقارنة أخف وأقل. إذا استثنينا حزني على يدي الضائعة، فقد عدتُ إلى طبيعتي السابقة، واستكملتُ عملي دون أثر نفسي لذلك الهجوم المفجع. ينتابني شك أن هناك آثارًا نفسية قد فاتتني ملاحظتها، لكنها غالبًا سطحية ولا تستحق الاهتمام؛ فعلى سبيل المثال تنتابني أحيانًا أحلام غريبة عن الذئاب والتجوال، وأمر بفترات تترك فجوات في ذاكرتي. البارحة تحديدًا ليلة اكتمال البدر، كنت أعزم على قضاء الليل في قراءة كتاب معين، لكنني وجدتُ نفسي نائمًا على الأرض في الحديقة في الصباح التالي، وكأني قضيتُ الليلة متجولًا حافي القدمين. أمر غريب فعلًا، ولكن حسب حساباتي التي لا يمكن أن تخطئ، فليس بالأمر المهم حتمًا!

    تمّت








    التعديل الأخير تم بواسطة بوح القلم ; 22-2-2016 الساعة 08:47 PM


المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...