العباقرة... مقالة بقلمي أ. عمر

[ منتدى قلم الأعضاء ]


النتائج 1 إلى 4 من 4

مشاهدة المواضيع

  1. #1


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,309
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي العباقرة... مقالة بقلمي أ. عمر

    بسم الله الرحمن الرحيم

    للعبقرية أهلها المتميزون، وإن كنتُ؛ بعد سماعي قصص كثير منهم، وتعاملي الشخصي مع كثير منهم، أتمنى؛ أحيانًا؛ ألا أقابلهم في حياتي!
    نعم للعبقرية مكانها ومجالاتها، ولكنْ لكل شيء حدوده، فبعضهم يُصِرُّ على إبداء عبقريته هذه في ما يلزم، وما لا يلزم، من الأمور!
    ومن ذلك حادثة بسيطة حصلت منذ سنين طوال، ربما يقترب عددها من منتصف عمري الآن، كنتُ؛ آنذاك؛ في منطقة أخرى غير منطقتي، أشتري غرضًا ما، وإذ بصديق قديم لي يبرز فجأة، وما كاد الأخ يراني حتى أراد الترحيب بي بطريقة (المفاجأة)، فتسلل من خلفي ليحتضنني بغتة بقوة، كادت تمزق أوتار بطني، وجعلت الغرض الذي اشتريته؛ وهو كناية عن شريط كاسيت فيه أناشيد للأطفال، لأجل طفلة في عائلتنا، يسقط أرضًا وينكسر بيت الشريط الزجاجي، والحمد لله أن شيئًا من الزجاج لم يدخل في ساقي!
    وليت الأمر توقف هنا، فقد صرخ الأخ الرائع بحماسة شديدة: (حبيبي)! وبغض النظر عن هذه (المحبة الافتراضية) إلا أن صرخته كادت تمزق أذني، إذ إن فمه كان في أذني تمامًا، ولا أعلم لماذا لم يتحمس الأخ ليعض أذني في طريقه!!
    المصيبة أن الأخ العبقري أراد أن (يدعوني)، لأنه من المعيب في حقه أن أكون في (منطقته) ولا يدعوني لنتناول زجاجتين من البيبسي، الأمر الذي كاد يدفع بي إلى الظن أن البيبسي قد انقرض إلا من منطقة الأخ، وليت الأمر توقف هنا، فالعبقرية يجب أن تكون في أدق التفاصيل، والأخ لا يشرب البيبسي إلا محل (يثق به) كما قال! وكانت نتيجة هذه الثقة أن نسير ما يقارب ثلث ساعة حتى نصل إلى المحل (الموثوق)، وكأن البيبسي تحول إلى سندويش من اللحم، لا يجب أن نأكله إلا من محل موثوق!
    صحيح أنني شعرتُ وقتها أن صديقي هذا أحمق، في غاية الغفلة، لأنه يريد أن يشرب البيبسي من محل موثوق، لكنني أدركتُ؛ لاحقًا؛ أن هذا النوع من العبقريات ليس مقتصرًا عليه وحده، فبعد ذلك بحوالي ثماني سنوات، وفي أحد أعوامنا الدراسية، وبعد انتهاء العام الدراسي للتلاميذ، كنا في المدرسة كالعادة، إذ إن الأساتذة يداومون حوالي شهر في المدارس رغم انصراف التلاميذ، وفي إحدى تلك الأيام الميمونة، ما كدتُ أغادر المدرسة حتى التقيتُ بزميل لي، وهو أستاذ في التعاقد في المدرسة نفسها، أي أنه لا يستطيع المداومة بخلافنا نحن أساتذة الملاك، وما كاد يراني الأخ حتى هتف بي، داعيًا إياي إلى تناول زجاجة من البيبسي برفقته، وكان بمواجهة المدرسة دكان، فطلبتُ إليه أن نشربها هناك سريعًا، فما كان منه إلا أن هتف مستنكرًا: "أنا لا أشرب البيبسي من أي محل، فقط من محل أثق به"!
    شعرتُ هنا أنني أمام مقولة جديدة ستغير وجه العالم، مفادها أن (التاريخ يعيد نفسه)، خلافًا لكل ما درسناه قبل ذلك من أن (التاريخ لا يعيد نفسه)، ولعل رفيقي فوجئ بلهجتي المتهكمة، إذ أسأله: "وهل يجب أن نمشي ثلث ساعة حتى نصل إلى هذا المحل العالمي"؟
    ولكن، لا، لم يُعِد التاريخ نفسه حرفيًا هنا، فزميلي كان لديه سيارته والحمد لله، وهكذا انطلقنا بها إلى المحل الثقة هذا، ليطلب الأخ زجاجتي بيبسي، فناولنا إياهما صاحب المحل، أردتُ أن أدفع، لكن زميلي أسرع بالمبادرة فدفع قبلي، مناولًا صاحب المحل مبلغ خمسة آلاف ليرة لبنانية، ليفاجأ بصاحب المحل يرد إليه ألف ليرة فقط!
    وشعر زميلي بالصاعقة! فسعر زجاجة البيبسي آنذاك كان 250 ليرة لبنانية، إلا في المطاعم كان سعرها 500 ليرة، وهذا محل عادي لا مطعم، أي أنه يحتسب زجاجة البيبسي الواحدة بثمانية أضعاف سعرها، وجمد المسكين مكانه لا يدري ما يقول، وتجرأت أنا لأطالب بحقه، فهتفت بصاحب المحل: "كم سعر زجاجة البيبسي"؟!
    رد الرجل ببرودة أعصاب: "سعر الزجاجة ألف، وهاتان زجاجتان، أي ألفا ليرة، وتأمين كل زجاجة ألف، وهاتان زجاجتان، أي ألفا ليرة، وألفا ليرة زائد ألفي ليـ..."
    قاطعته محاولًا محاكاة أسلوبه: "شكرًا لدرس الحساب هذا، لكن أي تأمين هذا؟ نحن نشرب في المحل"!
    رد الرجل باللهجة ذاتها، وكأنه شخص آلي يتكلم: "ماذا لو وقعت زجاجة وانكسرت؟ وماذا؟"...
    قاطعته قبل أن يبكي على زجاجاته التي ستنكسر: "لا تحمل همًا، لن نشرب عندك شيئًا، سنعيدهما إليك".
    ولكن رفيقي العبقري لم يستطع السكوت هنا، فصاح معترضًا: "لا، من قال ذلك، سنشرب".
    وأسرع يتناول فتاحة الزجاجات من يد صاحب المحل ليفتح زجاجته ويفرغ نصفها في جوفه دفعة واحدة، فسألته عن سبب فعلته، مع أننا أمام حالة نصب واضحة، أن يتم بيع الزجاجة بأربعة أضعافها، فكان رَدُّه أنه من (العيب) أن يدعوني، ثم لا نشرب! ولم يعد يفهم أنه من الممكن أن نتمَّ الدعوة في أي محل آخر، أو أنه فهم، ولكن عبقريته منعته من التنفيذ!
    ولنترك البيبسي وعبقريات بعض الأصدقاء في شربه جانبًا، لننتقل إلى موضوع يسيطر على تفكير الكثير من الناس، موضوع المنامات، وماذا رأى كل واحد في منامه، وما تفسير ذلك، وهل يحمل إليه الخير أم الشر.
    هذا الاهتمام لا ننكره، ولكن حين يمزجه بعضهم بعبقريته الفذة، فتلك مصيبة ما بعدها من مصيبة، وأذكر أنني في أحد الأعوام، كنت عائدًا من مدرستي، بعد إصابتي بنوبة ميغران حادة آنذاك (الميغران = الصداع النصفي)، كادت تفقدني وعيي، واضطرت بي إلى التزام الراحة طيلة وقت الفسحة وجزء من الحصة الرابعة، ولم أعرف كيف تمكنت من متابعة التدريس ذلك اليوم، وها أنذا عائد إلى بيتي، ها أنذا أصل إليه، ها هو ذا! ليس بيتي طبعًا، بل صديق عزيز، وهو تلميذ في المرحلة الثانوية، شعرتُ كأنه قد نَبَتَ فجأة أمامي، ليخبرني متحمسًا أنه يريد أن يسألني عن منام (مهم جدًا جدًا جدًا) قد رآه، ويتعلق بمستقبله كما وصفه، حاولت أن أخبره بأنني مستعجل، وكل ما أريده بضع ساعات من الراحة، ولكنه لم يمنحني لحظة واحدة، وانطلق يروي منامه الخطير الذي يتعلق بمستقبله!
    ومع سماعي هذا المنام، أدركت أنه ليس (مهمًا جدًا جدًا جدًا) كما وصفه رفيقي، بل إن الأخير (عبقري جدًا حقًا فعلًا)، فكل المنام كان عن زميلته في المدرسة، والتي يحبها وهي لا تعلم، ولا يوجد أدنى ترابط بين مفردات المنام وأحداثه ووقائعه، وانطلق الصديق يروي منامه بسرعة خيالية ولا يكاد يأخذ نفسًا للراحة، حتى شعرت بأنني لا أستطيع الوقوف، عدا عن الملل الحاد الذي أصابني، وأتحدى صاحب المنام، بل ربما أتحدى جهاز التسجيل نفسه أن يستطيع إعادة المنام بما فيه من التفاصيل والأحداث!
    فتارة الصديقة ترتدي (الأخضر)، وهو يعلم أن اللون الأخضر في المنام دلالته جيدة جدًا، وبعد ذلك ترتدي (الأبيض)، وهو يعلم أن اللون الأبيض في المنام دلالته جيدة جدًا، ثم إنها ترتدي؛ فجأة؛ (الأزرق)، وهو يعلم أن اللون الأزرق في المنام دلالته جيدة جدًا، ثم إن هذه المحبوبة (قوس قزح فيما يبدو لكثرة ألوانها) قد تحولت إلى (السبع المدهش في رحلة حول العالم)، إذ إنه رآها في الصف، وفي الملعب، وخارج المدرسة، وفي الجبل، وقرب شاطئ البحر، وفي محل تجاري، وفي منطقتنا، وفي منطقة مجاورة، و... وإذ انتهى المنام، ألقيتُ نظرة على ساعتي، لأرى أن حكاية المنام قد استغرقت حوالي خمسين دقيقة (فقط)!!
    وبما أن هذا الفتى عبقري، فإنني أردتُ أن أثبتَ له أنني لا أقل عبقرية عنه بأي حال من الأحوال، فابتسمتُ له ابتسامة عريضة، جعلته يبتسم بدوره من شدة السعادة، وبعبقريتي المدهشة فسرتُ له منامه الذي استغرق كل هذه المدة بكلمتين لا ثالث لهما، قائلًا بمنتهى الهدوء: (أضغاث أحلام)!
    كاد المسكين يقع من فرط المفاجأة، وأخذ ينظر إليَّ كأنه قد نسي الكلام، واغتنمتُ الفرصة لأدير له ظهري وأصعد الدرج إلى بيتي، فصرخ هنا في عصبية شديدة: "انتظر، انتظر، أخبرني، بعد هذا المنام، إن تقدمتُ لطلب يد زميلتي هذه، هل ستوافق"؟!
    أجبته بكل جدية، من دون أن أتوقف لحظة: "احتمال كبير، خاصة أنك بمواصفات مميزة، أبرزها أنك لا تعمل، وأنك لا تمتلك بيتًا أو حتى القدرة على استئجار بيت"!
    فتحت باب بيتي ودخلته، وصوت المسكين يصلني من الأسفل متسائلًا عن (تفسير المنام)، فخرجت إليه من الشرفة، لأقول له مبتسمًا متحمسًا: "هل تريد أن تعرف التفسير حقًا"؟
    وما كاد المسكين يجيب بالإيجاب، حتى أخبرته مجددًا بالتفسير، وأنا مستغرب فعلًا، كيف حفظ منامًا كاملًا بأحداثه وحواراته وكل تفاصيله الخلفية، ما يستغرق خمسين دقيقة تقريبًا لروايته، ونسي كلمتين فحسب! أم أن هذا من صفات العباقرة، ونحن لا نعلم!
    وبالكلام عن المنامات، الشيء بالشيء يُذكَر، فقد أخطأتُ مرة في منتدى معين، وأعلنتُ أن لي خبرة محدودة بتفسير المنامات، ففوجئتُ برسالة مباركة من إدارة المنتدى، بأن قسم تفسير المنامات تحول إلى اسمي أنا، وأنا بين أخذ ورد معهم انهمرت المنامات كالمطر، وليس هنا موضع العبقرية، بل ربما كان تصرفًا متعجلًا من الإدارة، لكن العبقرية الحقيقية تجلت في عشرات المنامات التي تصلني على الخاص، وبعضها بالعامية المحلية لدولة ما، لا أستطيع قراءة كلماتها حتى، عدا عن فهمها، وبعضها يدل على عبقرية أصحابه الفذة، وسأكتفي بمثالين اثنين، تخفيفًا من التطويل، كانت تلك رسالة خاصة بعنوان عاجل (جدًا جدًا جدًا جدًا جدًا)، حتى كدتُ أظن أننا سنشهد زلزالًا مدمرًا مثلًا يُفني البشرية، أو أن أحدًا ما يدعوني لاستلام وزارة معينة!
    فتحتُ الرسالة، لأرى أنها منام من سيدة ترسله إليَّ، طالبة التفسير بسرعة قصوى لأهمية وخطورة المنام، وذلك لأنها لا تنام من شدة رعبها، كل ذلك والمنام لم تَرَه هي، بل رآه ابنها صاحب السبع سنوات، رأى أن زوج خالته يلقي به من الطائرة، علمًا بأن ابنها لم يركب طائرة في حياته، وأن علاقته بزوج خالته ليست على ما يرام!!!!!!!!! (علامات التعجب هذه ليست من عندي أنا، بل من عند صاحبة المنام، وقد وضعت عددًا كبيرًا منها)، لم أعلم؛ إزاء هذه العبقرية؛ إلا أن أقول (لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، إنا لله وإنا إليه راجعون)!!
    ومع سخافة هذا المنام، وانفعال الأم تجاه أحداثه، إلا أنه كان هينًا لينًا إزاء رسالة بعنوان (منام والدتي عاجل جدًا جدًا)، ولا أعرف ما وجوب هذه الـ(جدًا جدًا)، ولماذا لا نكتفي بـ(جدًا) واحدة لو أن المنام خطير فعلًا، ولكن لا علينا، يبدو أننا لا نقدر عبقرية العباقرة حق قدرها، فهذا المنام كان مضمونه إن والدتها رأت في المنام أنها عند جارتها، وجارتها في المنام هي جارتها في الواقع، ولكنها لا تذكر باقي التفاصيل، فهل من تفسير جزاكم الله خيرًا؟!
    نعم يا حضرة الأخت الكريمة، تفسيره أنكِ؛ والسيدة والدتكِ؛ تتميزان بعبقرية ندر مثيلها وانقطع نظيرها في الكرة الأرضية، عبقرية نقف في مواجهتها عاجزين، بل إننا لا نستطيع حتى مواجهتها، لما فيها من الذكاء والدهاء!

    وكل عبقرية قد تهون، إلا عبقرية الشعر والشعراء، ولا أقصد كل الشعراء بالتأكيد، فأنا شخصيًا أنظم الشعر، ولكني أتحدث عن رديء الشعر، الذي يُصِرُّ صاحبه على أن يُسْمِعَه كل الناس، وأذكر هنا أننا كنا في احتفال معين، ونحن صغار، وبعد كلمة فلان، وكلمة فلان، وكلمة فلان، انبرى مقدم الحفل يصيح بحماسة، ووجهه يحتقن انفعالًا، أننا سنسمع شعرًا من الشاعر الفلاني، الشاعر المتألق المبدع الفنان الراقي الكبير الـ....
    ولكن مقدم الحفل نسي الصفة الأبرز هنا، صفة الشاعر العبقري، فمن دون أدنى مزاح، تقدم الشاعر الرائع حاملًا ديوانًا شعريًا من تأليفه، يبدو أنه لم يستطع بيع النسخ التي طبعها، وانطلق يقرأ لنا قصيدة تلو الأخرى!
    وبعد مرور وقت طويل، أتى مقدم الحفل ليهمس في أذن الشاعر العبقري ببضع كلمات، وما كاد الرجل يبتعد، حتى نظر إلينا الشاعر قائلًا بوجه محمَّر من الانفعال: "أنا آسف جدًا"!
    شعرنا بالسعادة لأن الذوق هبط على رأس الشاعر، ولكننا ظلمناه فعلًا، فما كان للعبقرية أن تنتهي هنا، إذ تابع الشاعر بلهجة آسفة: "لأن وقت الحفل لن يسمح لي بأن أجعلكم تسمعون، بل تستمتعون بكل القصائد الرائعة التي ألفتُها، لذا سأكتفي بنماذج محدودة منها".
    وقبل أن يتسع الوقت لنا لفهم ما قال، انطلق يتابع غناء أشعاره، ولم تسمح له عبقريته بأن يصدق أن صافرات الاستهجان التي تنطلق من أفواه الحضور، يُقصد بها أن يتوقف عن أشعاره!
    وما زلنا نتحدث عن الشعر والشعراء، وكانت هذه الحادثة منذ سنين قليلة، آنذاك كنتُ في زيارة صديق عزيز لي في طرابلس، وذهبنا نصلي في مصلى قريب من بيته، على أن نرجع بعد الصلاة لنتناول الغداء في منزله.
    هذا كان قرارنا آنذاك، ولكن (عبقريًا) كان في انتظارنا بعد الصلاة، هذا العبقري كنتُ قد التقيتُ به في كلية معينة قبل سنوات، وكان كل منا في اختصاص، ولم أره إلا لمامًا، ولم أعرف كيف تذكرني! ولكنه أخبرنا بأنه قد بات شاعرًا، ولكنه لا ينشر أشعاره لأنه لا يثق في الذائقة الأدبية للناس، وبالتالي (يا ضياع شعره الثمين في الجهلة)، ولكن الأخ يعرف أنني من أبرع الناس في اللغة العربية، وبالتالي سأقدر أشعاره الرائعة!
    وهذا الكلام كان نفاقًا واضحًا، إذ لم أكن قد بلغت في تلك المرحلة ما بلغته الآن من التمكن في اللغة العربية، بل إنني؛ الآن؛ أرى نفسي أنني لم أحظ سوى بجزء بسيط يسير من اللغة العربية، وما زلتُ أبحث عن المزيد من العلم والمعرفة، ولكن الشاعر العبقري ظن أنه سينال رضانا بنفاقه، ولكن ليس هذا مكمن العبقرية على الإطلاق.
    فالشاعر انطلق في أشعار لا حصر لها، وهو يلوح بيديه وينفعل، وأحيانًا ينزل ريقه من فمه، فيمسحه بيده ويتابع، حتى لفت الأنظار إلينا، وأعتقد أن الكثيرين ظنوا أنه يصرخ في وجوهنا شارحًا لنا مشكلته التي لا يجد لها حلًا!
    وأمام هذه العبقرية نسينا الذوق بما فيه، وانطلقنا في طريقنا، فلحق بنا العبقري متابعًا إلقاء الأشعار! خرجنا من المسجد ومشينا في الطريق ووصلنا بناية رفيقي ثم دخلناها وتوجهنا إلى المصعد وطلبناه، ثم فتحنا بابه ودخلنا، فتفتق ذهن العبقري عن فكرة تدل على مدى قلة الذو... أقصد على مدى العبقرية النادرة، إذ أمسك بباب المصعد ليتابع إنشاد الأشعار!!
    وأعتقد أنه لو لم يختنق هذا الشاعر أخيرًا، والحمد لله على هذا، ليخفت صوته لحظة لما تمكنا من الخلاص منه، إذ هتف به رفيقي هنا محاولًا إنهاء هذه المسخرة: "تفضل معنا للغداء"، ولكني رأيتُ أن هذا لن ينهي المسخرة، فالشاعر استرجع أنفاسه، ويبدو أنه سيتابع أشعاره، فهتفت به متحمسًا: "لقد نظمتُ قصيدة، فهل تحب أن تسمعـ..." واختفى الشاعر هنا، والحمد لله تعالى!


    ونكتفي بهذا القَدْر، فلن يسعفنا الوقت للمتابعة،
    فإلى اللقاء في الجزء الثاني، بإذن الله عزَّ وجلَّ


    عمر رياض قزيحة:
    29/10/2017: الساعة: 8:25 ليلًا.





    التعديل الأخير تم بواسطة أ. عمر ; 13-6-2018 الساعة 09:48 PM

  2. 3 أعضاء شكروا أ. عمر على هذا الموضوع المفيد:


المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...